Professional Documents
Culture Documents
تنحية مرسي ضربة شديدة لـ
تنحية مرسي ضربة شديدة لـ
تنحية مرسي ضربة شديدة لـ
"عن "يديعوت
قبل بضعة أسابيع فحص منسق العمليات في "المناطق" المزاج العام السياسي في "يهودا" و"السامرة" ،وكانت االستنتاجات مقلقة ،فقد
تبين ان مكانة زعيم "حماس" لدى الجمهور الفلسطيني أقوى كثيرا مما اعتقدوا .فلو ُأجريت اليوم في الضفة انتخابات حرة كما قّدر
عنصر أمني رفيع المستوى جدًا في اسرائيل ،فمن المحتمل جدا ان يتفوق خالد مشعل على أبو مازن .ولم يبُد طموح "حماس" الى
.االستيالء على المؤسسات الوطنية الفلسطينية وعلى السلطة الفلسطينية كلها آخر االمر داحضا
قبل أكثر من شهر كان مشعل ،ابن بيت في القصر الرئاسي في القاهرة ،وكان على يقين أنه راهن على الحصان الصحيح الذي ُدعي
محمد مرسي .وكان التحالف بين "حماس" وحكم "االخوان المسلمين" جزءًا من مسار استراتيجي هو االنفصال عن ايران وسورية
و"حزب هللا" واالقتراب من مصر وتركيا وقطر واألردن .وقد ألزم هذا "حماس" من جهة أن تستعمل توجهًا أكثر اعتداًال .ومنح االبتعاد
عن "محور الشر" المنظمة من جهة اخرى دعما من الغرب وقّو ى مشروعيتها .وتابعوا في اسرائيل اتصاالت "حماس" بممثلين اوروبيين
.واميركيين في مستوى منخفض في الحقيقة تحدثوا فيها بصراحة عن اخراج "حماس" من قائمة المنظمات االرهابية
لكن كل شيء تغير في غضون بضعة ايام .فقد تركت تنحية الرئيس مرسي الخاطفة "حماس" فجأة يتيمة ووحيدة بعد أن فقدت الظهر
العريض الذي كان لها في السنة االخيرة في القاهرة .وسُت صفق األبواب المفتوحة في القصر الرئاسي في القاهرة اآلن في وجه مشعل
.ورفاقه ،وستكون "حماس" مرة اخرى على يد اجهزة االمن المصرية آخر الشركاء ،كما كان االمر زمن حكم مبارك
ليس "االخوان المسلمون" وحدهم هم الذين ُض ربوا ،فـ "حماس" ايضا تلقت ضربة شديدة .وال يدور الحديث فقط عن ضربة سياسية بل
عن ضربة ايديولوجية أيضًا ،ألن هذه المحاولة ،وهي محاولة انشاء نظام اسالمي في أكبر دولة عربية ،فشلت وستؤثر بال شك في الدولة
.االسالمية المصغرة لـ "حماس" في غزة
إن الزلزال في مصر أصاب "االخوان المسلمين" في العالم كله بصدمة ،لكن "حماس" هي االولى التي ستدفع الثمن :في الساحة الدولية
وفي الساحة الفلسطينية الداخلية .إن الدول الغربية التي كانت تراود "االخوان المسلمين" وكأنهم "الشيء القادم" في العالم العربي ،ستفقد
االهتمام اآلن ،أما معارضة حكم "حماس" داخل غزة فسترفع رأسها وتكون تحديًا أكبر للحكم .ليست هذه بالضرورة بشرى خير؛ ألن
ضعف "حماس" قد يقوي التيارات التي هي أكثر تطرفا في القطاع مثل "الجهاد االسالمي" والمنظمات السلفية .إن "حماس" ،التي
اجتهدت جدا في الحفاظ على الهدوء على حدود القطاع ،ستفعل اآلن كل شيء كي ال تعطي اسرائيل ذريعة لتوجه العمل ضدها حتى لو
.كان ثمن ذلك مواجهة تلك المنظمات عسكريا
أبعد مرسي القيادة السياسية المصرية عن كل اتصال باسرائيل ،وهو شيء أسهم في العالقات بين العسكريين وأجهزة االمن المصرية
وبين نظرائهم االسرائيليين .إن عودة الجيش المصري الى صورة الحكم في مصر لن تجعل عالقات اسرائيل بمصر أكثر سخونة علنا،
لكن من المنطق ان نفترض ان يرتفع مستوى التحادث والتعاون من وراء الستار بسبب المصلحة المشتركة في الحفاظ على سيناء هادئة.
وكان يمكن ان نرى التباشير االولى على ذلك قبل اسبوع حينما ضرب الجيش المصري حصارا وثيقا على غزة ووضع كتيبة دبابات
بالقرب من حدود القطاع بموافقة اسرائيل .وتم وقف إمداد القطاع بالوقود ومواد البناء من مصر ،وتوجه تجار غزيون الى اسرائيل
".طالبين الحصول على محروقات حتى "بأسعارنا المرتفعة جدا
تأثير رمضان
بيد أن األمواج االرتدادية لالنقالب في مصر لم تقف عند قطاع غزة ،ويتوقع ان تصل سريعا جدا الى الضفة الغربية أيضا .فاذا كان
عشرات آالف الشباب العاطلين في "يهودا" و"السامرة" والذين أحبطهم الوضع االقتصادي السيئ وعدم التقدم السياسي قد ُجذبوا الى اآلن
الى زعماء ذوي حضور قوي مثل مشعل ،فان خيارهم اليوم هو السلطة الفلسطينية .فقد بقي أبو مازن في الحقيقة الالعب الوحيد في
.الملعب ،وهذه بالطبع أنباء مشجعة
إن التغيير المتوقع لمكانة "حماس" هو فرصة السرائيل ،فهي تستطيع ان تتجه الى مسار سياسي مع أبو مازن ،الذي يتوقع ان تقوى
مكانته جدا اآلن ،وتستطيع ان تستغل ضعف "حماس" كي ُت ضر بها .ويمكن أن نفترض ان تختار حكومة نتنياهو الطريق الثالث ،وهو ان
.تقعد وال تفعل شيئا
وهنا بالضبط يدخل الى الصورة وزير الخارجية االميركي ،جون كيري ،الذي سجل ،هذا االسبوع ،محاولة فاشلة اخرى لُيحرك من جديد
التفاوض بين اسرائيل والفلسطينيين .في واحد من األحاديث أجراه كيري مع العاملين معه ُقبيل انتهاء زيارته للمنطقة ارتفعت نغمات
خيبة أمل قوية من واشنطن .فقد اقتبس المساعدون على مسامعه مقاطع صحافية غير ُمطرية ،اذا لم نشأ المبالغة ،فقد تحدثت المقالة
االفتتاحية في صحيفة "نيويورك تايمز" مثال عن ان جهات رسمية في البيت االبيض ال تمتدح في الحقيقة استثمار كيري في الشرق
االوسط ،وان احتمال ان يتدخل الرئيس اوباما في التفاوض االسرائيلي -الفلسطيني ،ضئيل .وجاء في مقالة اخرى في الصحيفة نفسها انه
.في الوقت الذي يحترق العالم فيه ُيضيع وزير الخارجية االميركي وقته في الشأن الفلسطيني الذي ال يعني أحدا
اشتملت رحلة كيري المكوكية الحالية على سبع دول في غضون اسبوعين .كل دولة وأزمتها االقليمية .إن الشرق االوسط قد احتل عنده
اربعة ايام "فقط" ،لكنها كانت بالنسبة لكيري أهم االيام .يصعب على المتهكمين في االدارة االميركية ان يفهموا وسواسه بتفاوض
اسرائيلي فلسطيني ،وُس معت في اسرائيل ايضا مقاالت وخز بعضها من مسؤولين كبار جدا في الحكومة .فقد سأل أحد الوزراء من في
العالم العربي يثير الفلسطينيون اهتمامه .هل رأى أحد الفتات تتناول الشأن الفلسطيني في ميدان التحرير أو في بيروت أو في دمشق.
.أربما كان على أنقاض القصير في سورية الفتة تأييد ما؟ وسأل مسؤول كبير آخر في تهكم :ماذا يريد كيري هذا؟ هل يريد جائزة نوبل؟
يبدو ان الوحيدة في القيادة االسرائيلية العليا التي تبذل كل جهد لتنجح مبادرة كيري هي وزيرة القضاء تسيبي لفني .وحينما ُتحذر من
عزلة اسرائيل الدولية اذا لم يوجد تفاوض يتساءل رفاقها في الحكومة :عن أي عزلة تتحدث؟ إن مكتب وزير الدفاع فقط يأتيه مرة في
االسبوع على األقل شخصية أمنية أو سياسية رفيعة المستوى للزيارة ،فالجميع يريدون المجيء والحديث واالستماع ،وال يقطع أحد مع
.أحد .هل يتم الحديث عن قطيعة سلع؟ هذا ضرر هامشي .ليس قطيعة دولية وال تسونامي ،فكل شيء هراء
سمع كيري االنتقاد في البالد وفي الواليات المتحدة ،وشعر بالرياح الباردة التي تهب من قبل السلطة الفلسطينية أيضًا ،وأرسل العاملين
معه الى األرشيف قائال اذهبوا واقرأوا الصحافة التي صاحبت رحالت وزير الخارجية ،جيمس بيكر ،الى الشرق االوسط قبل مؤتمر
مدريد في العام .1991ما الذي لم ُيقل هناك؟ قيل إنه اضاعة وقت وإن كل شيء ترهات وانه غير جدي ،وكان ذلك ايضا في فترة ما
بعد انهيار االتحاد السوفييتي وحرب الخليج االولى .وقد كان العالم العربي كله ساجدا للواليات المتحدة آنذاك ،وبرغم ذلك احتاج بيكر الى
ثمانية اشهر الى ان جّر الجميع الى مؤتمر مدريد ،وفي السنتين بعد ذلك ُو لد اتفاق اوسلو في هدوء .ووعدنا كيري بأن هذا سيستغرق وقتا
.أقل ،فنحن نشتغل بالشأن االسرائيلي -الفلسطيني منذ شهرين أو ثالثة فقط ،وسيمر شهران آخران أو ثالثة الى ان نعلم ما هو االتجاه
في مطلع االسبوع بحثوا في قيادة المركز في تأثيرات زيارة وزير الخارجية االميركي االخيرة في المزاج العام في الضفة .إن الجمهور
الفلسطيني كاالسرائيلي ايضا ال يعلم ما الذي أحرزه أو لم يحرزه كيري ،وما الذي تخلوا عنه إن تخلوا باسمه .وُتقدر جهات امنية أنه ال
ُيتوقع منذ بدء الصيام في االسبوع القادم الى انتهائه في منتصف آب حدوث شيء هناك .ومن وجهة نظر الجيش االسرائيلي و"الشاباك"
فان زيارة كيري وصوم رمضان يمنحان الطرفين مهلة اخرى ليزنا خطواتهما .وتدل تجربة الماضي على ان شهر رمضان هادئ نسبيا،
لكن ال شيء مؤكد هنا ايضا ،فالسلطة الفلسطينية ال تدعم بسبب االزمة االقتصادية إال جزءا من مخيمات الصيف ،وسيتجول آالف
األوالد ممن ال عمل لهم في اثناء العطلة الطويلة في الشوارع ليحتكوا بالجيش والمستوطنين .ويرى الجيش ان هذه نقطة احتكاك اخرى
.فيها قدرة كامنة على تفجير الوضع
قبل بضعة اسابيع تحدث قائد منطقة الوسط ،نتسان ألون ،عن خيار تفجر عنيف في الضفة اذا انهارت بعثة كيري .وفي كل شهر يقع ما
بين 120 – 100حادثة "تخريب" .وُأضيف الى عنف الشارع ومحاوالت القيام بعمليات في االشهر االخيرة عنصر جديد – قديم هو
"التنظيم" .ويقوم بهذا في هذه المرة شباب من مخيمات الالجئين في نابلس وجنين لهم صلة بـ "فتح" .ويظهر عدد أكبر من المجموعات
المسلحة من شباب فتح تحت رادار "الشاباك" على خلفية عمليات سرية تشمل ارهابا موجها على اسرائيل واسرائيليين .ويصعب على
.السلطة الفلسطينية ان ُتجابههم ألنهم عضو فيها
وقّد رت جهة أمنية في اسرائيل ،هذا االسبوع ،أنه ما لم ُيعلن عن فشل البعثة فان زيارات وزير الخارجية االميركي هي نوع من "حبة
دواء لتهدئة" الميدان .لكن اذا تم االعالن عن الفشل فقد تصبح حبة ُس م .وإن تأثيرات هذا الفشل في الميدان قد تكون اسوأ من وضع عدم
.وجود هذه المبادرة أصال
وصل الى عمان في مطلع االسبوع الماضي ممثلون عن جهات امنية اسرائيلية وفلسطينية لالعداد لمؤتمر قمة .ولم ُيعقد المؤتمر في نهاية
االمر ،وانتهت الزيارة الى موافقة أبو مازن ونتنياهو على أن يوحي وزير الخارجية االميركي بالتفاؤل ويذكر كيري ان الفروق في
المواقف قد تضاءلت ،ويعلن انه سيعود الى المنطقة قريبا .وهذه هي العناصر الوحيدة في االعالن التي نجح أبو مازن ونتنياهو في
.االتفاق عليها
كان واضحا قبل ان يأتي كيري الى هنا ان المطالب الفلسطينية أوسع كثيرا مما كانت في الماضي .فقد أكدت السلطة الفلسطينية تفضالت
وتنازالت اسرائيلية في مجاالت تتعلق بصالحيات الحكم تأكيدا أكبر ،والفلسطينيون يريدون توسيع تأثيرهم في المنطقة ج التي تبلغ
مساحتها 62في المائة من مساحة الضفة .وهم في هذه االثناء يعلمون اسرائيل في كل يوم درسا في "االستيطان الفلسطيني" في المنطقة
.ج بحيث توجد عنزة اخرى ودونم آخر .فقد كان لهم معلمون جيدون هم جيرانهم اليهود
عّر ف شخص اسرائيلي رفيع المستوى جون كيري في الجولة الخامسة بأنه أكثر وعيا وأقل حماسة مما كان في الماضي .وقد انقضت
تلك االيام التي أبلغ فيها الجانبين أنه يريد ان يتلقى أجوبة في غضون اسبوعين ،وهو لم يعد يعمل اآلن على ردم الفجوات بل على
.تضييقها
وقد ترك كيري هذه المرة في البالد بخالف زياراته السابقة مساعديه اللذين كانا منذ فترة خدمته في مجلس الشيوخ .أكبرهما شأنا هو
فرانك ليبنشتاين ،الذي سيكون المسؤول كما يبدو عن التفاوض االسرائيلي -الفلسطيني في وزارة الخارجية االميركية ،ويحل محل ديفيد
هيل (الذي حل محل جورج ميتشل – وهو ذلك الدبلوماسي صاحب الخبرة وكثير النجاح الذي نجح الشرق االوسط في تحطيمه).
المساعد الثاني هو جونثان شفارتس .وقد ترك لهما كيري ُح لة بال بطانة وبال ُك ّمين ،وهما اآلن يعُدوان بين القدس ورام هللا ليخيطا ما
بقي .ويأمالن ان تكون لديهما الى أن يعود وزير الخارجية الى هنا مرة اخرى ُح لة تناسب جسمي الطرفين .أصبح كيري يعلم أنه لن
يستطيع ان ُيحدث تفاهمات بين اسرائيل والفلسطينيين ال على االجراء وال على التفضالت وال على "بطاقات دخول" (وهي شروط بدء
المحادثات) وال على البرنامج العام .والُحلة التي ُت خاط هي في الحقيقة اعالن نوايا اميركي يحدد اطار االتصاالت التي يستطيع الطرفان
.االجتماع تحتها
ُأضيف في هذه االثناء عدد من الدروز الصغيرة الى هذه الُح لة .يريد الفلسطينيون االفراج عن أكثر من 100سجين في السجون
االسرائيلية منذ قبل اتفاق اوسلو .ووافقت اسرائيل على االفراج عن 40 – 30سجينا كهؤالء .بيد ان الفلسطينيين يريدونهم اآلن قبل
.المحادثات ،أما االسرائيليون فيقولون :فلنجلس ولنتحادث ولنفرج بحسب التقدم .وفي هذه الحال يؤيد االميركيون الجانب االسرائيلي
لكن بقيت فروق جوهرية اخرى ليس واضحا هل ستتضاءل وكيف .يريد أبو مازن ان يرى سريعًا جدًا خرائط على الطاولة .ويحث
الفلسطينيون االميركيين ويتفق هؤالء معهم على أن الشأن االول يجب ان يكون الحدود واألمن .بيد ان نتنياهو غير مستعد ألن ُيري أي
خريطة في هذه المرحلة الحالية .وتزعم اسرائيل انه ينبغي الحديث عن كل الشؤون الجوهرية على التوازي ويشمل ذلك اعالنا فلسطينيا
بانهاء الصراع ،والفلسطينيون غير مستعدين العطاء هذا .ويجب ان يكون التنفيذ في مقابل هذا من وجهة نظر اسرائيل متدرجا ،فنتنياهو
.ال يؤمن بأن شيئا من الموضوعات الجوهرية ناضج للحل .أما أبو مازن في المقابل فغير مستعد لالستماع الى حديث عن مسار تدريجي
إن احدى سبل ثني االميركيين للطرفين هي الجيب .فهم يعرفون الشهوة االسرائيلية للوسائل القتالية التي تعتمد على تقنيات متقدمة ،وهم
عالمون بالضائقة االقتصادية الحرجة للسلطة الفلسطينية .ففي الوقت الذي يهدد فيه االوروبيون بمضاءلة مساعدة السلطة يؤخر
االميركيون تحويل مبلغ 480مليون دوالر التزم الرئيس اوباما بأن يعطيها للفلسطينيين في زيارته االخيرة للمنطقة .وربما يكون هذا هو
.الذي سيساعد على مضاءلة الفروق ،وربما تساعد الرياح الجديدة التي تهب من القاهرة ايضا في تخليص العجلة العالقة في الوحل