Professional Documents
Culture Documents
ضوابط الرقابة على دستورية القوانين في الفقه الدستوري المقارن (النموذج المصري)
ضوابط الرقابة على دستورية القوانين في الفقه الدستوري المقارن (النموذج المصري)
�إن
http://search.mandumah.com/Record/743653 ﺭﺍﺑﻂ:
الهدف الأ�سا�سي للرقابة على د�ستورية الق�ضاء الد�ستوري وازده���اره في تحقيق هذا
القوانين ،على اختالف النظم القانونية الهدف ترجع في حقيقة الأمر �إلى تقيده والتزامه
التي تقررها ،يتمثل ف��ي تحقيق مفهوم بعدد من ال�ضوابط التي تكفل ممار�سة الرقابة في
الدولة القانونية ،ب�إخ�ضاع ال�سلطات العامة في �إطارها القانوني ال�صحيح ،تالفيا لل�صراعات
الدولة -خا�صة ال�سلطة الت�شريعية -للرقابة على ال�سيا�سية مع ال�سلطات العامة� ،سواء ال�سلطة
ت�صرفاتها للت�أكد من التزامها بحدود الد�ستور ،الت�شريعية �أو ال�سلطة التنفيذية ،وتجنبا للدخول
وعدم انتهاكها للحقوق والحريات التي يكفلها مع �أيهما في معركة غير متكافئة قد ت�ؤدي للنيل
ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .للحكم من هذه الرقابة وتقلي�صها.2 للأفراد ،و�إال �أ�صبحت ت�شريعاتها عر�ضة
© 2021ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ .ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ
الد�ستوريﺗﺤﻤﻴﻞ الق�ضاء
ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ ��ر���صﺍﻟﻨﺸﺮ
ﺣﻘﻮﻕ ﺟﻤﻴﻊ ح
م�صر، ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ،وف��ي
ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ال�صواب.1
ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ جادة تنكبت
ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺑﻨﺎﺀإذاﻋﻠﻰ
د�ستوريتها � بعدم
ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻫﺬﻩ
م�ســـالـــك
ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ
على ت�أكيد التزامه بممار�سة رقابته، نجاحﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ
الم�صري
ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ. ��ىﺣﻘﻮﻕ ﻣﻦؤدي �إل
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺧﻄﻲ ت���
أ�سباب التي
ال ﺗﺼﺮﻳﺢ
ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ(��مﺩﻭﻥ
ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ولعل �أه
101 العدد 38/37
�إن الرقابة على د�ستورية القوانين لي�ست مجرد مقابلة
حرفية بين كل من ن�صو�ص الد�ستور ون�صو�ص القانون ،حيث
�إنه لو اقت�صرت هذه الرقابة على تلك المقابلة الحرفية
لفقدت كثيرا من جدواها ومن �أهميتها؛ فال�سلطة الت�شريعية
ال تذهب عادة فيما ت�سنه من ت�شريعات �إلى حد المخالفة
ال�صريحة الوا�ضحة لن�صو�ص الد�ستور ،لأنها ال تعد الو�سيلة
لإخفاء تلك المخالفة داخل ن�صو�ص القوانين ب�أ�سلوب يظهرها
في ثوب الد�ستورية؛ فالرقابة الحقيقية هي التي ت�ؤدي
�إلى ك�شف ذلك التعار�ض الخفي .لكن �إ�شكاالت �أخرى تطرح
بخ�صو�ص حدود و�ضوابط هذه الرقابة؛ فما هي �إذن
مختلف �ضوابط وحدود الرقابة على الد�ستورية
في الفقه المقارن؛ م�صر نموذجا؟
الم�صري على ت�أكيد التزامه بممار�سة رقابته، ولعل �أه��م الأ�سباب التي ت���ؤدي �إل��ى نجاح
101 العدد 38/37
المن�صوري عبد اهلل
للف�صل في الم�س�ألة الد�ستورية �إال �إذا كان ذلك في �إط��ار عدد من ال�ضوابط التي فر�ضها على
�ضروريا للف�صل في الخ�صومة الأ�صلية ،لي�س نف�سه ،حتى تظل تلك الرقابة ملتزمة بمجالها
�إال نتيجة طبيعية العتبار الرقابة على د�ستورية الطبيعي ،كي ال تكون مفرطة في مداها �أو قا�صرة
القوانين جزء من الوظيفة الق�ضائية؛ فالمهمة عن الإحاطة بموجباتها .وتنبثق هذه ال�ضوابط
الأ�صلية للمحكمة هو الو�صول �إلى حل ما يعر�ض من قاعدة كلية؛ حا�صلها �أن المحكمة ال تتدخل
عليها م��ن ال��خ�����ص��وم��ات ب��ب��ي��ان ح��ك��م القانون لح�سم الم�س�ألة الد�ستورية ما لم يكن تدخلها
فيها .وعلى ذلك ،ف�إنه ال يجوز لها �أن تت�صدى الزم��ا للف�صل في ال��ن��زاع المو�ضوعي المت�صل
للبحث في د�ستورية القانون� ،إال �إذا كان هذا بها ،ويكون ذل��ك من خ�لال خ�صومة ق�ضائية،
البحث م�س�ألة �أولية يتوقف الف�صل في مو�ضوع ت��ت��واف��ر لرفعها م�صلحة �شخ�صية مبا�شرة،
الخ�صومة على الف�صل فيها .4ويعتبر ذلك، وتت�صل بالمحكمة ات�صاال مطابقا للأو�ضاع
من وجه �آخر ،تطبيقا للقرينة الم�ست�صحبة في المقررة قانونا ،وب��م��راع��اة قرينة الد�ستورية
الق�ضاء الد�ستوري ،حيث �إن الأ�صل في الت�شريع ل�صالح الت�شريعات ،وبمراعاة ال�سلطة التقديرية
�أن يكون د�ستوريا ،ومن ثم ،ف�إن بحث د�ستوريته للم�شرع ،وعدم البحث عن الدوافع الكامنة وراء
من عدمه �أم��ر ال تتطوع فيه المحكمة؛ فتقرير الن�صو�ص القانونية التي �أقرها� ،أو مناق�شة كيفية
تطبيقها �أو مالءمة �إ�صدارها.3
عدم د�ستورية ن�ص قانوني دواء ،ال ي�صح الرجوع
وترتيبا على ما تقدم ،نتناول ا�ستعرا�ض
�إليه� ،إال �إذا كانت الحاجة �إليها ملحة و�ضرورية.
ه��ذه ال�ضوابط -ح�سب الم�ستقر عليه فقها
وبالنظر �إل��ى واق��ع م�صر الت�شريعي ،ف�إنه
وق�ضاء -من خالل �أربعة �ضوابط �أ�سا�سية هي
يبقى التزام المحكمة ،على هذا الأ�سا�س� ،أمرا
كالتالي:
في غاية الأهمية ،حيث �إنه يعمل على حمايتها -عدم التعر�ض للم�شكلة الد�ستورية� ،إال
من �أي محاولة للنيل منها �أو تحجيم دورها.5 �إذا كان �ضروريا للف�صل في مو�ضوع الخ�صومة
ولقد التزمت المحكمة العليا في م�صر بهذا الأ�صلية.
القيد (ال�ضابط) ،حيث ق�ضت ب�أن "الم�شرع قد -وجود قرينة د�ستورية؛ م�ؤداها �أن الأ�صل
فرق بين طريقة رفع الدعوى الد�ستورية وميعاد في الت�شريع د�ستوري.
رفعها ،و�أوج���ب على محكمة المو�ضوع � -إذا -ع��دم ال��خ��و���ض ف��ي ب��واع��ث الت�شريع �أو
ر�أت �ضرورة الف�صل في د�ستورية الت�شريع وقبل مالءمته.
الف�صل ف��ي مو�ضوع ال��دع��وى � -أن تقرر وقف -الرقابة داخل �إطار الد�ستور ال خارجه.
الف�صل في الدعوى الأ�صلية وتحدد ميعادا لرفع المطلب الأول
الدعوى الد�ستورية �أمام المحكمة العليا".6 عدم التعر�ض للم�شكلة الد�ستورية �إال �إذا كان
ويت�ضح من ذلك الحكم �أن المحكمة العليا �ضروريا للف�صل في مو�ضوع الخ�صومة الأ�صلية
م�ســـالـــك
تعمل قاعدة عدم تدخل المحكمة لح�سم الم�س�ألة ف��ي الحقيقة� ،إن ع��دم تعر�ض المحكمة
العدد 38/37 102
�ضوابط الرقابة على د�ستورية القوانين في الفقه الد�ستوري المقارن -النموذج الم�صري -
التف�سير الذي يجعله موافقا للد�ستور. الد�ستورية� ،إال �إذا كان تدخلها هذا الزما لزوما
و���س��وف نبين ه��ذي��ن الأم��ري��ن ب�شيء من حتميا للف�صل في النزاع.7
التف�صيل على النحو الآتي: ولذلك ،ق�ضت المحكمة العليا �أي�ضا بعدم
الأمر الأول؛ يعني �أنه مادام �أن الت�شريع قد قبول الدعوى ،لأن الت�شريع الطعين -قرار بقانون
�صدر ،ف�إنه مطابق للد�ستور ،و�أن على من يدعي رقم (� )162سنة 1958م ب�ش�أن حالة الطوارئ والأمر
عدم د�ستوريته �إثبات ذل��ك؛ فالت�شريع ينطوي الع�سكري رقم ( )3ل�سنة 1974م– ال ينطبق على
على قرينة ب�أنه �صدر مطابقا للد�ستور ،وبالتالي حالة المدعي وال عالقة له بها �إطالقا ،ومن ثم،
ف�إن القا�ضي الد�ستوري يلتزم بهذه القرينة وال تنتفي الم�صلحة في الطعن".8
ي�صدر الحكم بعدم د�ستورية الت�شريع �إال �إذا كان المطلب الثاني
ذلك وا�ضحا و�ضوحا تاما وقاطعا ،بحيث ينتفي قرينة الد�ستورية لم�صلحة القوانين
لدى القا�ضي الد�ستوري �أي مجال معقول لل�شك م���ؤدى ه��ذه القاعدة �أن الأ�صل في كل ما
في احتمال د�ستورية هذا الت�شريع.10 ي�صدر عن ال�سلطة الت�شريعية من قوانين �أنه
�أما الأمر الثاني من القاعدة؛ فيعني �أنه �إذا �صحيح و�صادر في الحدود التي ر�سمها الد�ستور
�أمكن تف�سير الت�شريع على �أكثر من وجه وكان لتلك ال�سلطة ،9ومن ثم ،فالواجب على القا�ضي
�أحد الوجوه يجعله متفقا مع الد�ستور ،ف�إن على عند فح�صه د�ستورية القوانين �أن يالحظ هذا
المحكمة �أن تلتزم هذا التف�سير ،ما دامت عبارة الأثر ،فال يخرج عن مقت�ضى تلك القرينة �إال �إذا
الت�شريع تحتمله دون �أن تكلف نف�سها البحث في كان التعار�ض بين الت�شريع والد�ستور تعار�ضا
نية الم�شرع الحقيقة ،وفي المدلول ال��ذي �أراد وا���ض��ح��ا �صريحا ،بحيث ينعدم معه ال�سبيل
�أن يمنحه للت�شريع ،حيث �إنه من واجب القا�ضي �إلى التوفيق بينهما .وهكذا ،ف�إن هذه القاعدة
ال��د���س��ت��وري �أن يعطي للت�شريع تف�سيرا عاما تت�ضمن �أمرين:
�أو مطلقا ،وعلى الق�ضاء الد�ستوري �أن يحمل �أولهما� :أن القا�ضي الد�ستوري ال يق�ضي
عموم الت�شريع ال��ذي �أراد � -ضمنا � -أن يجعل ب��ع��دم ال��د���س��ت��وري��ة �إال �إذا ك���ان ذل���ك وا�ضحا
ن�صه الت�شريعي داخال في الحدود التي ر�سمها وقطعيا ،بحيث ال يبقي مجال معقول الحتمال
له الد�ستور؛ وبهذه الو�سيلة ،تتجنب المحكمة د���س��ت��وري��ة ال��ق��ان��ون ،وب��ال��ت��ال��ي ،ف����إن القا�ضي
الق�ضاء بعدم د�ستورية القوانين.11 الد�ستوري ال يعدل عن مقت�ضى هذه القرينة� ،إال
لكن ،ي�شترط -بطبيعة الحال � -أن يكون �إذا كان مخالفة القانون للد�ستور وا�ضحة �شديدة
تف�سير المحكمة ،وهي ب�سبيلها لهذا التوفيق، الو�ضوح.
م��ق��ب��وال وم��ع��ق��وال؛ ف�����إذا ك���ان ال��ق��ان��ون وا�ضحا وثانيهما� :أن القا�ضي الد�ستوري يجب عليه
و�صريحا وال تحتمل �ألفاظه �إال مدلوال واحدا، عند التف�سير � -إذا كان هناك �أكثر من تف�سير-
م�ســـالـــك
فلي�س للمحكمة ف��ي �سبيل التوفيق بينه وبين �أن يختار للت�شريع المطعون بعدم د�ستوريته
103 العدد 38/37
المن�صوري عبد اهلل
يجعله متفقا مع الد�ستور ،فعلى المحكمة �أن الد�ستور� ،أن تعطي تف�سيرا يتعار�ض مع �صريح
تلتزم هذا الوجه في تف�سير القانون ،ما دامت هذه الألفاظ.12
عباراته تحتمله ،دون تكليف نف�سها عناء البحث وال��واق��ع �أن ه��ذه ال��ق��اع��دة ال��ت��ي و�ضعتها
عن نية ال�شارع والمدلول ال��ذي �أراد �أن ينحله المحكمة العليا الأم��ري��ك��ي��ة ،ل��م تلتزمها كل
للت�شريع".14 االلتزام ،و�إنما �أدخلت عليها معاني غريبة ،قد
ولقد �أعلمت المحكمة الد�ستورية العليا ت���ؤدي �إل��ى هدم فكرة قرينة الد�ستورية ذاتها،
مقت�ضى هذه القرينة في العديد من �أحكامها، وف�ضال عن ذلك ،ف�إن المحكمة قد طبقت هذه
ومنها حكمها في الق�ضية الد�ستورية رقم ()1 القرينة بمرونة �شديدة ،ت�ؤدي �إلى ات�ساع �سلطتها
ل�سنة 15الق�ضائية بجل�سة 7ماي 1994م ،والذي التقديرية في مجال الرقابة ،ال �إلى ت�ضييق هذه
ج��اء فيه "�أن الأ�صل في الن�صو�ص الت�شريعية ال�سلطة؛ وهو الهدف من هذه القاعدة ،وغيرها
ه��و حملها على قرينة الد�ستورية ،بافترا�ض من قواعد التقييد الذاتي للرقابة .كما يرى جانبا
مطابقتها للد�ستور ،وم��ن ثم ال يجوز �أن يكون من الفقه الم�صري �أن المحكمة العليا ت�ستطيع
�سريانها متراخيا ،بل يكون �إنفاذها -واعتبارا بوا�سطة تف�سيرها لقاعدة القرينة تف�سيرا مرنا
من تاريخ العمل بها -الزما ،وال يجوز بالتالي �أن وغام�ضا ومتعار�ضا �أحيانا� ،أن تقرر انطباق
يكون مجرد الطعن عليها موقفا لأحكامها� ،أو القرينة على قانون ترغب في �إبقائه و�أن تقرر
مانعا من فر�ضها على المخاطبين بها ،ذلك �أن عدم انطباقها على قانون �آخر ترغب في التو�صل
�إبطالها ال يكون �إال بقرار من المحكمة الد�ستورية �إلى عدم د�ستوريته.13
العليا� ،إذا ما قام لديها الدليل على مخالفتها وف���ي م�����ص��ر ،وج���دت ق��ري��ن��ة الد�ستورية
للد�ستور ،ف�إن هي انتهت �إلى براءتها من العيوب اهتماما من الق�ضاء الد�ستوري الم�صري ،عبر
ال�شكلية والمو�ضوعية ،ك��ان ذل��ك ا�ست�صحابا عنه الم�ست�شار بدوي �إبراهيم حمودة �أول رئي�س
لأ�صل �صحتها لنزول ال�شبهة التي كانت عالقة للمحكمة العليا بقوله "� ...إن الأ�صل فيما ي�صدر
بها ،والزم ذلك �أن الن�صو�ص الت�شريعية التي عن الهيئة الت�شريعية من قوانين �أنها �صادرة في
ال تبطلها المحكمة الد�ستورية العليا ،وال يجوز �ضوء الد�ستورية ،ومن ثم ،يجب على القا�ضي
بحال وق��ف تنفيذها ،ب��ل يجب �إع��م��ال �آثارها عند فح�ص د�ستورية القوانين �أن يالحظ هذا
كاملة دون ان��ق��ط��اع ب��وق��ف �سريانها ،و�إال عد الأم��ر ،فال يخرج عن مقت�ضى هذه القرينة �إال
ذل��ك عدوانا على الوالية التي �أثبتها الد�ستور �إذا كان التعار�ض بين القانون والد�ستور وا�ضحا
لل�سلطة الت�شريعية ،و�إ�سباغا الخت�صا�ص منتحل بينا و�صريحا ،بحيث ي�ستحيل التوفيق بينهما؛
على المحكمة الد�ستورية العليا ،دون �سند من وبعبارة �أخ���رى ،ف���إن المحكمة ال تق�ضي بعدم
الد�ستور �أو القانون.15" ... د�ستورية الت�شريع� ،إال �إذا كانت مخالفته للد�ستور
ونخل�ص -مما تقدم� -أنه ال يمكن الت�سليم فوق م�ستوى كل �شك معقول ...و�إذا �أمكن تف�سير
م�ســـالـــك
بتلك ال��ق��اع��دة ،فهي تت�سم ب��ع��دم المعقولية، ال��ق��ان��ون على �أك��ث��ر م��ن وج��ه وك���ان بينها وجه
العدد 38/37 104
�ضوابط الرقابة على د�ستورية القوانين في الفقه الد�ستوري المقارن -النموذج الم�صري -
الفرع الأول :ع��دم ام��ت��داد الرقابة �إلى الخروج على �أحكامه� ،سواء �أك��ان هذا الخروج
105 العدد 38/37
المن�صوري عبد اهلل
في مفهوم الرقابة على د�ستورية القوانين �أو البحث في �ضرورة الت�شريع �أو عدم �ضرورته
يقدر القا�ضي االعتبارات التي قدرتها ال�سلطة من الم�سلم به �أن ال�سلطة الت�شريعية هي
الت�شريعية ،وقدرت على �أ�سا�سها مالءمة و�ضع التي تقرر وحدها الحاجة �إلى �إ�صدار الت�شريع
ت�شريع معين �أو عـدم و�ضعه ،حيث �إن ــه لو كان ومدى �ضرورته ،ويعتبر ذلك من �أخ�ص مظاهر
الأمر بهذه ال�صورة لأ�صبحت الرقابة م�صادرة ال�سلطة التقديرية للم�شرع ،بحيث يعتبر تدخل
للم�شرع ف��ي ت��ق��دي��ره ،وح��رم��ان��ا م��ن وظيفته الق�ضاء في هذه الناحية وتقدير مدى الحاجة
الد�ستورية التي يمار�سها داخ��ل ال��ح��دود التي �إل��ى الت�شريع �أو ع��دم الحاجة �إليه تدخال في
حددها له الد�ستور ،من حرية في وزن منا�سبات �صميم عمل ال�سلطة الت�شريعية ،وخروجا على
ال��ت�����ش��ري��ع��ات ال��ت��ي ي�����ض��ع��ه��ا وت��ق��دي��ر مالءمة مبد�أ الف�صل بين ال�سلطات؛ فتقدير الحاجة �إلى
و�ضعها.22 الت�شريع وم��دى �ضرورته يدخل في اخت�صا�ص
وفي هذا ال�صدد ،ذهب ر�أي في الفقه �إلى البرلمان وح��ده ،باعتباره عن�صرا من عنا�صر
�أنه �إذا تدخل الم�شرع و�سن ت�شريعه الذي ينظم
ال�سيا�سة الت�شريعية التي يمتنع على المحاكم
م�س�ألة ما ،ف�إن تقديره في المفا�ضلة بين البدائل
التدخل فيها.20
المختلفة واخ��ت��ي��اره �إح��داه��ا ،يخ�ضع للرقابة
الفرع الثاني :ع��دم امتداد الرقابة �إلى
ال��د���س��ت��وري��ة ل��ل��وق��وف ع��ل��ى م��دى تحقيق الحل
مالءمة الت�شريع وال �إلى حكمته
الذي اختاره الم�شرع للم�صلحة العامة ،ومدى
وفاءه للمتطلبات التي تقت�ضيها هذه الم�صلحة ومعنى ذل��ك �أن تتجنب المحكمة �إ�صدار
في خ�صو�ص المو�ضوع الذي تناوله بالتنظيم، حكم تقويمي على القانون من ناحية مالءمته
وتلك هي منطقة رقابة الغلط البين في التقدير، �أو مدى �صالحيته ال�سيا�سية واالجتماعية� ،إذ
تو�سيعا لنطاق الرقابة الق�ضائية على مالءمة �أن ه��ذه المالءمة هي �أخ�ص مظاهر ال�سلطة
الت�شريع ،والوقوف بدقة على توافقه والمبادئ التقديرية التي تتمتع بها الهيئة الت�شريعية.
الد�ستورية ،ف�ضال عن مدى مالءمته �سيا�سيا فمالءمة الت�شريع م�س�ألة تتعلق بالباعث
واجتماعيا.23 ال���ذي دف��ع الم�شرع �إل���ى �إ����ص���داره ،بموجب ما
الفرع الثالث :ع��دم امتداد الرقابة �إلى يتمتع به الم�شرع من �سلطة تقديرية؛ فهو قد
الخو�ض في بواعث الت�شريع يختار �أح��د الحلول ،دون الحلول الأخ��رى ،وهو
�إذا كان الت�شريع في ظاهره ،وكما يت�ضح يختار التوقيت الذي ي�صدر فيه الت�شريع ،وذلك
من ن�صو�صه ،داخ�لا في ال�سلطات التي ي�سمح من المالئمات التي ال يمكن �أن تخ�ضع لرقابة
بها الد�ستور لل�سلطة الت�شريعية بممار�ستها ،ف�إنه الق�ضاء الد�ستوري.21
ال يجوز للمحاكم التنقيب وراء ن�صو�صه للبحث كما تخت�ص ال�سلطة الت�شريعية بتقدير
عن البواعث الم�شروعة� ،أو غير الم�شروعة التي م�لاءم��ة الت�شريع ،م��ن حيث م��دى �صالحيته
م�ســـالـــك
ع�ساها تكون قد دفعت الهيئة الت�شريعية �أو بع�ض للأحوال االجتماعية وال�سيا�سية ،بحيث ال يدخل
العدد 38/37 106
�ضوابط الرقابة على د�ستورية القوانين في الفقه الد�ستوري المقارن -النموذج الم�صري -
رقابة الم�شروعية؛ ف���إذا تجاوز الق�ضاء رقابة �أع�ضائها �إلى �سن ذلك القانون.24
الم�شروعية �إلى رقابة المالءمة �أو لم يقت�صر على ولقد ذهب جانب من الفقه �إلى �أن القا�ضي
الناحية الفنية القانونية عند النظر في م�س�ألة هو قا�ضي م�شروعية ولي�س قا�ضي مالءمة ،بحيث
مخالفة �أو ع��دم مخالفة القانون للد�ستور ،بل يمتنع عن البحث في بواعث الت�شريع ،25وذلك لأن
جعل من اخت�صا�صه� -أي�ضا -النظر في الناحية البواعث التي تدفع الم�شرع �إلى �سن ت�شريع معين
ال�سيا�سية� ،أي النظر في مبلغ مالءمة القانون في وقت معين �أو عدم �سنه تعد من المالءمات
لظروف االجتماعية وال�سيا�سية ،ف���إن الق�ضاء المتروكة للم�شرع ،وال��ت��ي ال يمكن �أن تخ�ضع
يخرج في هذه الحالة عن مهمته في الرقابة على للرقابة الق�ضائية على د�ستورية القوانين.26
د�ستورية القوانين.28 و�إذا كان عدم الخو�ض في بواعث الت�شريع
وف��ي م�صر ،يكاد يجمع الفقه الد�ستوري �أمرا م�سلما به وال يثير �صعوبة ،وذلك �أن الدوافع
على �أن الرقابة على د�ستورية الت�شريعات هي الذاتية التي قد ت�ؤثر على بع�ض �أع�ضاء الهيئة
رقابة فنية ،ذات طابع قانوني مجرد ،تقت�صر
الت�شريعية من ال�صعب التدليل عليها ،وقلما
على الم�سائل الد�ستورية ،وتتم ممار�ستها في
ت�ستولي على الهيئة الت�شريعية كلها �أو على جانب
�إطار احترام ال�سلطة التقديرية للم�شرع ،بحيث
كبير منها ،بحيث يمكن القول �أن الت�شريع قد
تنح�صر تلك ال��رق��اب��ة ع��ن التعر�ض لمناق�شة
�ضرورة الت�شريع �أو عدم �ضرورته �أو البحث عن �صدر عن باعث غير �شريف �أو غير م�شروع �سيطر
مالءمته وحكمته� ،أو البحث عن نوايا الم�شرع على الهيئة التي �أ�صدرته.
وبواعث �إ�صداره للت�شريع؛ فتقدير هذه الأمور ول��ك��ن ،الم�شكلة الحقيقية تكمن عندما
يقت�صر االخت�صا�ص ب�ش�أنه على �سلطة الت�شريع،29 ي�سعى البرلمان �إل��ى ممار�سة ن�شاط ت�شريعي
باعتباره من عنا�صر ال�سيا�سة الت�شريعية التي محظور فيلب�سه ثوبا غير حقيقي ،وينحله �صورة
يمتنع على جهات الرقابة التدخل فيها ،كما ن�شاط ت�شريعي �آخر ،مما يدخل في اخت�صا�صاته
�أنها تعد من �أخ�ص مظاهر ال�سلطة التقديرية الد�ستورية.
للم�شرع ،و�أن تدخل جهات الرقابة فيها ي�شكل و�أخ��ي��را ،ذه��ب ج��ان��ب م��ن الفقه �إل���ى �أن
خروجا على مبد�أ الف�صل بين ال�سلطات. القا�ضي الد�ستوري في رقابته لل�سلطة الت�شريعية
ولقد ق�ضت المحكمة العليا -بعد �إن�شائها ال تمتد رقابته لل�سلطة التقديرية للم�شرع ،وال
�سنة 1969م -ب�أن "واليتها ال تمتد �إلى مناق�شة يحاول الحد منها �أو مجادلة ال�سلطة في خياراتها
ومالءمة الت�شريع �أو البواعث التي حملت ال�سلطة الكامنة وراء الن�صو�ص القانونية التي �أقرتها �أو
الت�شريعية على �إقراره ،لأن ذلك كله مما يدخل تناق�ش كيفية تطبيقها �أو مالءمة �إ�صدارها.27
ف��ي �صميم اخت�صا�ص ال�سلطة الت�شريعية، فهذه رقابة المالءمة �أو رقابة �سيا�سة الت�شريع،
وتقديرها المطلق".30 وه���ي ال ت��ن��ط��وي -ب�����أي ���ش��ك��ل م��ن الأ���ش��ك��ال-
م�ســـالـــك
كما ق�ضت المحكمة الد�ستورية العليا- تحت ل��واء الرقابة على د�ستورية القوانين �أو
107 العدد 38/37
المن�صوري عبد اهلل
دون خ�ضوع هذين الت�شريعين للرقابة الد�ستورية. بعد �إن�شائها �سنة 1979-ب�أن "مالءمة الت�شريع
والواقع �أن هذا القول في غير محله ،لأن كل من وال��ب��واع��ث على �إ���ص��داره تعتبر م��ن �إطالقات
هذين القانونين قد تعر�ض للملكية الخا�صة التي ال�سلطة الت�شريعية وتخرج بالتالي عن رقابة
�صانها الد�ستور وو�ضع لحمايتها �ضوابط وقواعد المحكمة الد�ستورية".31
محددة".35 ولقد حر�ص الق�ضاء الد�ستوري الم�صري-
المطلب الرابع ���س��واء ف��ي ذل���ك المحكمة العليا وم���ن بعدها
الرقابة تكون داخل �إطار الد�ستور ال خارجه المحكمة الد�ستورية العليا -على ت�أكيد �أن تقييد
الرقابة على د�ستورية القوانين هي رقابة �سلطته في الرقابة على مالءمة الت�شريع م�شروطة
فنية ذات ط��اب��ع ق��ان��ون��ي ،حيث تتمثل وظيفة ب�أال يكون هناك خروج على �أحكام الد�ستور.32
القا�ضي في حل التعار�ض بين الن�ص الت�شريعي ل��ق��د ق�ضت المحكمة العليا ف��ي حكمها
وال��ن�����ص ال��د���س��ت��وري ،ب���إه��م��ال الأدن���ى و�إعمال ال�صادر في 1976 /7 /3م ب�أنه "و�إن كانت الرقابة
الأع��ل��ى� -أي الد�ستور -عند مخالفة القانون الق�ضائية على د�ستورية الت�شريع ال تمتد �إلى
له.36 مالءمة �إ���ص��داره ،باعتبار �أن مالءمة الت�شريع
وم��ن ث��م ،ف�إنه يتعين على القا�ضي ،عند من �أخ�ص مظاهر ال�سلطة التقديرية لل�شارع،
ممار�سة رقابته على الد�ستورية� ،أال يتجاوز �إطار �إال �أن ذلك ال يعنى �إطالق هذه ال�سلطة في �سن
الد�ستور �إلى ما يعلوه من مبادئ غير مكتوبة ،و�إال القوانين دون تقييد بالحدود وال�ضوابط التي
كان متجاوزا لمفهوم الرقابة نف�سها بحلوله محل ن�ص عليها الد�ستور ،والتي يتعين التزامها ،و�إال
الم�شرع العادي ،بل والم�شرع الد�ستوري نف�سه، كان الت�شريع مخالفا للد�ستور.33
حال ا�ستخال�صه لتلك المبادئ وممار�سة الرقابة كما ق�ضت المحكمة الد�ستورية العليا في
باال�ستناد �إليها.37 حكمها ال�صادر في 1980 /2 /16م ب���أن "مالءمة
فالرقابة على د�ستورية القوانين يجب �أن الت�شريع والبواعث على �إ���ص��داره من �إطالقات
تتم في �إطار ن�صو�ص الد�ستور وال تتعداها �إلى ال�سلطة الت�شريعية ما لم يقيدها الد�ستور بحدود
�أي �شيء خارج عنها. و�ضوابط معينة".34
ود�ستور الدولة هو قانونها الأ�سا�سي �أو هو وق�ضت المحكمة الد�ستورية العليا� -أي�ضا–
قانون القوانين� ،سواء كان ذلك الد�ستور عرفيا في حكمها ال�صادر في 1981 /5 /16ب�أن "القانون
�أو مكتوبا ،مرنا �أو جامدا .،وب�صدد الرقابة على رقم ( )52ل�سنة 1972م والقانون رقم ( )69ل�سنة
د�ستورية القوانين ،ف�إننا نكون ب�صدد د�ستور 1974م قد ت�ضمنا تعوي�ض الخا�ضعين للحرا�سة
بالمعنى المو�ضوعي ،بحيث يعتبر ذلك الد�ستور عن �أموالهم وممتلكاتهم ،وتذهب الحكومة �إلى
هو قمة النظام القانوني في ال��دول��ة وال يمكن �أن تقدير ه��ذا التعوي�ض يعد م��ن المالءمات
م�ســـالـــك
تعديله بنف�س الطريقة التي تو�ضع وتعدل بها ال�سيا�سية التي ي�ستقل بها الم�شرع ،مما يحول
العدد 38/37 108
�ضوابط الرقابة على د�ستورية القوانين في الفقه الد�ستوري المقارن -النموذج الم�صري -
حيث �إنها م�ستخل�صة من ن�صو�صه المدونة، القوانين العادية ،بل يقت�ضى التعديل �إجراءات
كما �أن الم�شرع �إذا لم يلتزم بهذه المبادئ عند �أ�شد تعقيدا؛ فعندما تتوفر هذه المقدمات يثار
�سن القوانين وخرج عليها خروجا م�ستترا ،ب�أن مو�ضوع الرقابة على د�ستورية تقديرية ،بحيث
ا�ستعمل �سلطته التقديرية بق�صد تحقيق غايات �إنه �إذا �صدر ت�شريع يتعار�ض مع هذه المبادئ
�شخ�صية ،ف���إن��ه ب��ذل��ك ي��ك��ون ق��د ان��ح��رف في العليا ،ف�إنه يكون باطال لما ينطوي عليه من
ا�ستعمال �سلطته الت�شريعية .ومن هذه المبادئ انحراف في ا�ستعمال ال�سلطة الت�شريعية.38
-مثال -مبد�أ ا�ستقالل ال�سلطة الق�ضائية؛ ف�إذا غير �أن من الفقه ما ذهب �إل��ى �أن هناك
�أ�صدر الم�شرع -مثال -ت�شريعا عاما مجردا في فارقا بين روح الد�ستور وبين المبادئ العليا ،و�أن
منا�سبة ق�ضية معينة منظورة �أم��ام المحاكم، هذا الفارق يبدو جليا عندما يتعر�ض القا�ضي
ويكون الت�شريع ال ينطبق �إال على هذه الق�ضية لتف�سير الن�ص ال��د���س��ت��وري؛ فعندما يتعر�ض
ب��ال��ذات ،ف����إذا ك��ان ذل��ك وا�ضحا وق��ت �إ�صدار القا�ضي لتف�سير ن�ص د�ستوري غام�ض ،ف�إنه
البرلمان للت�شريع ،ك��ان الت�شريع ف��ي حقيقته يحاول التعمق في فهم ه��ذا الن�ص على �ضوء
قرارا �إداري��ا فرديا �أ�صدره البرلمان في �صورة الرابطة العامة التي تجمع بين ن�صو�ص الد�ستور
ت�شريع عام ،وهذا ما يجعله م�شوبا باالنحراف جميعها ،وتجعل منها وحدة متنا�سقة ،ال تعار�ض
في ا�ستعمال ال�سلطة الت�شريعية.39 بين �أج��زائ��ه��ا ،وتلك الرابطة التي تربط بين
وف��ي ال��واق��ع� ،أن ه��ذه النظرية التي نادى الن�صو�ص هي ما يمكن ت�سميتها بروح الد�ستور.
بها العميد ديجيه ،Duguitعلى نبل الغاية التي وم��ن خ�لال فهم ال���روح ،تتي�سر للقا�ضي
هدفت �إليها ،لم تنل ر�ضا الكثير من الفقه40؛ مهمة فهم الن�ص الد�ستوري الغام�ض ،وال �شك
فهذه النظرية تفتقد �إلى �ضوابط مو�ضوعية �أو �أن القا�ضي ،حين يقوم بذلك ،ف�إنه يقوم بوظيفته
من�ضبطة ،ثم ما هو المعيار الذي ت�ستطيع عن الطبيعية والعادية في تف�سير الن�صو�ص ،دون �أن
طريقه �أن ت�ستدل على ه��ذه ال��م��ب��ادئ العليا، يعني ذلك �أن ي�ستخل�ص مبادئ عليا� ،أو دون �أن
وك��ي��ف يمكن لل�سلطة الق�ضائية �أن تتعـرف يعني ذلك �أي�ضا ارتباط تلك المبادئ العليا � -أو
عليها وتطبقها ،ثـم م��ا ه��و ال��ج��زاء على عدم عدم ارتباطها -بالن�صو�ص الد�ستورية.
احترامها؟ وفي الواقع ،ن�ست�أذن القول ب�أن ما ذهب �إليه
ن�ست�أذن القول في هذا ال�صدد ب�أن القا�ضي الر�أي ال�سابق ،ب�أن هناك فارقا بين روح الد�ستور
الد�ستوري لي�س من حقه رقابة مالءمة الت�شريع، والمبادئ العليا �أو المبادئ الد�ستورية العامة
من حيث البحث عن الحاجة �أو عدم الحاجة �إلى لي�س ل��ه – ف��ي نظرنا � -أهمية عملية ،وذلك
الت�شريع و�ضرورة �إ�صداره ،فتلك من المالءمات لأنه �أيا كانت الت�سمية التي تطلق على المبادئ
المتروكة للم�شرع -في هذه الحالة -ف�إنه بذلك الم�ستخل�صة من ن�صو�ص الد�ستور ،ف�إن القا�ضي
م�ســـالـــك
يكون قد �أحل تقديره محل تقدير الم�شرع ،وهذا الد�ستوري يلتزم بها ،كما �أنها تلزم الم�شرع،
109 العدد 38/37
المن�صوري عبد اهلل
وذلك لأن البواعث �أو الغايات مخالفة للد�ستور، ما ال يجب ،حيث �إن��ه يعتبر بذلك متدخال في
وما ذلك �إال للت�أثير الكبير لعامل النية �أو الغر�ض ال�سيا�سة الت�شريعية وم��ت��ج��اوزا نطاق رقابته
في الأعمال الإدارية ومنها الت�شريع ،فال يمكن �أن لم�شروعية ال��ق��ان��ون �إل���ى ال��ب��ح��ث ف��ي مالءمة
نبطل التزاما �أو عقدا لوجود غر�ض غير م�شروع �إ�صداره.
ون�سمح ب�صدور قانون يحقق �أغرا�ضا ينهى عنها و�إذا كان الأمر كذلك ،ف�إن الم�شرع قد ي�سن
الد�ستور ،ومن هنا ،ف�إن البحث عن �صحة غاية قانونا ما ،منظما لحق �أو حرية مثال ،ويذهب تحت
الم�شرع هي واج��ب تمليه طبيعة عمل القا�ضي �ستار من هذا التنظيم �إلى تحقيق غايات غير
الد�ستوري ،41وذلك �صونا للد�ستور وحمايته من م�شروعة ،فما هو الحل في هذه الحالة؟ هل تقف
الخروج على �أحكامه خروجا م�ستترا ،حماية الرقابة الد�ستورية عند مجرد المقابلة الحرفية
لحقوق الأفراد وحرياتهم. بين ن�صو�ص الت�شريع ون�صو�ص الد�ستور� ،أم �إنه
وجدير بالذكر� ،أن بحث القا�ضي الد�ستوري يجب على القا�ضي الد�ستوري البحث في نوايا
ع��ن ال��غ��اي��ة الحقيقية للم�شرع ي��ع��د بحثا في الم�شرع ليك�شف عن الغايات الحقيقية من وراء
االنحراف الت�شريعي ،وذلك لأن عيب االنحراف �إ�صدار الت�شريع؟
الت�شريعي يتعلق �أ�سا�سا بالغاية من الت�شريع، في حقيقة الأمر ،ال يمكن الوقوف بالرقابة
لكي يحقق م�صلحة فردية �أو م�صلحة حزب من على د�ستورية القوانين عند م��ج��رد المقابلة
الأحزاب �أو مجموعة من الأ�شخا�ص ،وكان ذلك الحرفية بين ن�صو�ص الت�شريع ون�صو�ص الد�ستور،
كله لغير هدف الم�صلحة العامة �أو كان ذلك كله و�إال لفقدت تلك الرقابة الد�ستورية �أهميتها.
�أو �أي منه ي�ستهدف الإ�ضرار بفرد �أو مجموعة ولذلك ،يجب على القا�ضي الد�ستوري البحث في
�أفراد بدواتهم �أو فئة معينة من النا�س ،على غير نوايا الم�شرع للك�شف عن الغاية الحقيقية من
ما تقت�ضيه الم�صلحة العامة ،ف�إن الت�شريع في وراء �إ�صدار الت�شريع ،ورقابة القا�ضي الد�ستوري
كل هذه ال�صور والحاالت ينطوي على انحراف في هذه الحالة لي�ست من قبيل رقابة المالءمة،
بال�سلطة الت�شريعية لغير ما �أقامها الد�ستور و�إنما من قبيل رقابة الم�شروعية "الد�ستورية"؛
عليه.42 فهو ال يراقب �ضرورة الت�شريع �أو عدم �ضرورته
فالم�شرع ،في ا�ستعماله ل�سلطته التقديرية وال يتدخل في ال�سيا�سة الت�شريعية للم�شرع ،و�إنما
في اختيار وترجيح �أي من هذه الو�سائل والبدائل فقط يبحث عن غاية الم�شرع الحقيقة من وراء
والخيرات ،يتعين عليه �أن يتغيا الم�صلحة العامة �إ�صداره لت�شريع ما.
دون �سواها؛ ف�إن هو انحرف عنها وتغيا غيرها، وف��ي ه��ذا ال�صدد ،ذه��ب البع�ض �إل��ى �أن
لحقه عيب االن��ح��راف ف��ي ا�ستعمال ال�سلطة البواعث ت���ؤث��ر على ال��غ��اي��ات ،وم��ن هنا ،كانت
الت�شريعية .ومن هنا؛ ف�إن غاية الت�شريع تخ�ضع قاعدة عدم جواز الخو�ض في بواعث الت�شريع؛
م�ســـالـــك
لرقابة القا�ضي الد�ستوري .43وعلى ذلك ،ف�إنه وه��ي م�شكلة تتعلق بركن الغاية ف��ي القانون،
العدد 38/37 110
�ضوابط الرقابة على د�ستورية القوانين في الفقه الد�ستوري المقارن -النموذج الم�صري -
التي �أ�ضمرها ،وكان ي�سعى �إلى تحقيقها من وراء يجب عدم الوقوف عند ظاهر الن�ص الت�شريعي،
�إ�صداره للت�شريع. و�إنما يجب على القا�ضي الد�ستوري البحث في
نوايا الم�شرع ،للك�شف عن الغايات الحقيقية
هوام�ش:
- 1د� .شعبان �أحمد رم�ضان�" :ضوابط و�آثار الرقابة على د�ستورية القوانين" ،درا�سة مقارنة ،دار النه�ضة العربية� ،2000 ،ص .511
- 2د .عادل عمر �شريف" :ق�ضاء الد�ستورية" ،ر�سالة الدكتوراه ،جامعة عين ال�شم�س� ،1994 ،ص .135 - 134
- 3الم�ست�شار محمد علي بليغ" :تقديم مجموعة �أحكام المحكمة الد�ستورية العليا -الجزء الثالث -الأحكام التي �أ�صدرتها المحكمة من يناير 1984
حتى دي�سمبر � ،"1986ص 4و .5
- 4راجع في ذلك :د� .أحمد كمال �أوب المجد" :الرقابة على د�ستورية القوانين في الواليات المتحدة الأمريكية ،والإقليم الم�صري" ،ر�سالة الدكتوراه،
جامعة القاهرة� ،1960 ،ص .4041
-د .عادل عمر �شريف" :ق�ضاء الد�ستورية" المرجع ال�سابق� ،ص .137 – 136
-د .عبد العزيز محمد �سالمان" :رقابة د�ستورية القوانين" ،ر�سالة الدكتوراه ،جامعة عين ال�شم�س� ،1994 ،ص .105
- 5د .جابر جاد ن�صار" :الأداء الت�شريعي لمجل�س ال�شعب والرقابة على د�ستورية القوانين في م�صر" ،دار النه�ضة العربية ،ط� ،1999 ،1.ص .113
- 6حكم المحكمة العليا في الدعوى رقم ( )10ل�سنة ( )1ق�ضائية عليا "د�ستورية" جل�سة 1972 /4 /1م ،مجموعة �أحكام وقرارات المحكمة العليا،
الجزء الأول� ،ص .271
- 7د .عادل عمر �شريف ،ر�سالة الدكتوراه ،جامعة عين �شم�س� ،1988 ،ص .138
- 8حكم المحكمة العليا في الدعوى رقم ( )18ل�سنة ( )7ق�ضائية عليا "د�ستورية" جل�سة 1978 /4 /1م ،مجموعة �أحكام وقرارات المحكمة العليا،
الجزء الثاني� ،ص .179
- 9د� .أحمد كمال �أبو المجد ،المرجع ال�سابق� ،ص .447
- 10د� .أحمد كمال �أبو المجد ،المرجع ال�سابق� ،ص .448
- 11د� .أحمد كمال �أبو المجد ،المرجع ال�سابق� ،ص .448
- 12د� .أحمد كمال �أبو المجد ،المرجع ال�سابق� ،ص .273 –272
- 13د .علي ال�سيد الباز" :الرقابة على د�ستورية القوانين في م�صر" ،ر�سالة الدكتوراه ،جامعة الإ�سكندرية� ،ص .638
- 14الم�ست�شار بدوي �إبراهيم حمودة" :تقديم مجموعة �أحكام وقرارات المحكمة العليا في الدعاوى الد�ستورية من �سنة � 1970إلى ،1976الجزء
الأول" ،مرجع �سابق.
- 15مجموعة �أحكام المحكمة الد�ستورية العليا بم�صر ،الجزء ال�ساد�س� ،ص .277
- 16د .عبد العزيز محمد �سالمان ،المرجع ال�سابق� ،ص .107
- 17رائد �صالح �أحمد قنديل" :الرقابة على د�ستورية القوانين -درا�سة مقارنة –" ،دار النه�ضة العربية ،القاهرة� ،2012 ،ص .147
18 - Tunc (A. Ets.), "Le système constitutionnel des Etat-Unis d’Amérique ", T. II, Paris, 1951, 291 Ets.
- 19د� .أحمد كمال �أبو المجد" :الرقابة على د�ستورية القوانين" ،المرجع ال�سابق� ،ص .461 - 460
- 20د� .أحمد كمال �أبو المجد ،المرجع ال�سابق� ،ص .461
-د .عادل عمر ال�شريف " :ق�ضاء الد�ستورية" ،المرجع ال�سابق� ،ص .152
- 21د .نبيلة عبد الحليم كامل" :الرقابة الق�ضائية على د�ستورية القوانين" ،الق�ضاء الد�ستوري ،دار النه�ضة� ،2002 ،ص .222 - 221
- 22د .على ال�سيد الباز ،المرجع ال�سابق� ،ص .0610
- 23د .زكي محمد النجار" :فكرة الغلط البين في التقدير في الق�ضاء الد�ستوري درا�سة مقارنة" ،دار النه�ضة العربية 1997 ،م� ،ص .211 - 210
- 24د� .أحمد كمال �أبو المجد ،مرجع �سابق� ،ص .463
-د .على ال�سيد الباز ،المرجع ال�سابق� ،ص .610
م�ســـالـــك
- 25راجع في ذلك :د� .أحمد �أبو المجد ،المرجع �سابق� ،ص .463
-د .عبد الغني ب�سيوني عبد اهلل" ،النظم ال�سيا�سية والقانون الد�ستوري" ،من�ش�أة المعارف ،الإ�سكندرية � ،1970ص .810
-د .على ال�سيد الباز ،المرجع ال�سابق� ،ص .610
-د .عبد العزيز محمد �سالمان ،المرجع ال�سابق�،ص .110
- 26د .يحي الجمل" :الق�ضاء الد�ستوري في م�صر ،درا�سة مقارنة" ،دار النه�ضة العربية� ،2008 ،ص .208
- 27راجع في ذلك الر�أي:
-د .عزيزة �شريف" :الق�ضاء الد�ستوري الم�صري" ،دار النه�ضة العربية� ،1990 ،ص .310
-د� .صالح الدين فوزي" :الدعوى الد�ستورية " ،دار النه�ضة العربية� ،1994 ،ص .178
-د .عبد العزيز �سالمان ،المرجع ال�سابق�،ص .110 - 109
- 28د .عبد الحميد متولي" :الو�سيط في القانون الد�ستوري" ،الطبعة الأولى ،دار الطالب لن�شر الثقافة الجامعية ،الإ�سكندرية� ،1956 ،ص .668
- 29راجع في ذلك :د .عادل عمر �شريف ،المرجع ال�سابق� ،ص .151
-د .محمد ال�سنارى" :ال�شريعة الإ�سالمية و�ضوابط رقابة د�ستورية القوانين في م�صر" ،عالم الكتب� ،1986 ،ص .258
- 30حكم المحكمة العليا في الدعوى رقم ( )11ل�سنة ( )1ق�ضائية عليا "د�ستورية " بجل�سة �أول �أبريل ،1972مجموعة �أحكام وقرارات المحكمة
العليا ،الجزء الأول� ،ص .75
وراجع �أي�ضا �أحكام المحكمة العليا التالي:
-حكمها في الدعوى رقم ( )4قي عليا "د�ستورية " جل�سة .1972 /5 /1
-مجموعة �أحكام وقرارات المحكمة العليا ،الجزء الأول� ،ص .108
-وحكمها في الدعوى ( )5ل�سنة ( )7ق عليا "د�ستورية " بجل�سة .1978 /4 /1
-مجموعة �أحكام وقرارات المحكمة العليا ،الجزء الثاني� ،ص .1469
- 31حكم المحكمة الد�ستورية العليا في الدعوى رقم ( )26ل�سنة ( )4ق " د�ستورية " ،جل�سة ،1983 /4 /1مجموعة �أحكام المحكمة الد�ستورية
العليا ،الجزء الثاني� ،ص .67
وراجع �أي�ضا حكمها في الدعوى رقم ( )67ل�سنة ( )4ق "د�ستورية " ،جل�سة ،1985 /2 /2مجموعة �أحكام المحكمة الد�ستورية العليا ،الجزء الثالث،
�ص .122
- 32د .عزيزة ال�شريف" :الق�ضاء الد�ستوري" ،دار النه�ضة العربية� ،1990 ،ص .62
- 33حكم المحكمة العليا في الدعوى رقم ( )5ق�ضائية عليا "د�ستورية" ،جل�سة ،1976 /4 /3مجموعة �أحكام وقرارات المحكمة العليا ،ج� ،1.ص .414
- 34حكم المحكمة الد�ستورية العليا في الدعوى رقم ( )13ل�سنة ( )1ق�ضائية "د�ستورية " ،جل�سة ،1980 /2 /16مجموعة �أحكام المحكمة الد�ستورية
العليا ،الجزء الأول� ،ص .151
- 35حكم المحكمة الد�ستورية العليا في الدعوى رقم ( )5ل�سنة ( )1ق "د�ستورية" جل�سة ،1981 /5 /16مجموعة �أحكام المحكمة الد�ستورية العليا،
الجزء الأول� ،ص .195
- 36د .وهيب عياد �سالمة" :مبادئ القانون الد�ستوري وتحليل النظام الد�ستوري الم�صري" ،مكتبة الآالت الحديثة ب�أ�سيوط� ،1999 ،ص .128
- 37د .محمد ال�سنارى" :ال�شريعة الإ�سالمية و�ضوابط د�ستورية القوانين في م�صر" ،المرجع ال�سابق� ،ص .233 - 232
- 38د� .أحمد عبد الرزاق ال�سنهورى" :مخالفة الت�شريع للد�ستور واالنحراف في ا�ستعمال ال�سلطة الت�شريعية" ،مجلة مجل�س الدولة ،ال�سنة الثالثة ،يناير
� ،1952ص .102
- 39د� .أحمد عبد الرزاق ال�سنهورى" :مخالفة الت�شريع للد�ستور واالنحراف في ا�ستعمال ال�سلطة الت�شريعية" ،المرجع ال�سابق� ،ص .71
- 40راجع في ذلك :د� .سليمان الطماوي" :النظرية العامة للقرارات الإدارية" ،المرجع ال�سابق� ،ص .38 - 37
-د .عبد الحميد متولي" :الو�سيط في القانون الد�ستوري" ،المرجع ال�سابق� ،ص 66وما بعدها.
-د� .أحمد كمال �أبو المجد ،المرجع ال�سابق� ،ص .600 - 599
-د .عبد العزيز �سالمان ،المرجع ال�سابق� ،ص .59
- 41د .محمد ماهر �أبو العينين" :االنحراف الت�شريعي والرقابة على د�ستوريته" ،ر�سالة دكتوراه ،جامعة القاهرة� ،ص .536 - 535
- 42د .يحيى الجمل" :الق�ضاء الد�ستوري في م�صر" ،دار النه�ضة العربية� ،2008 ،ص .207
م�ســـالـــك
- 43د .يحيى الجمل" :الق�ضاء الد�ستوري في م�صر" ،المرجع ال�سابق� ،ص .209 208-