Professional Documents
Culture Documents
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد
إن كلمة اقتصاد في اللغة العربية مشتقة من فعل قصد ولها عدة معان والقصد هو
االعتدال في السلوك كله ،كما جاء في لسان العرب قديما القصد في الشيء أي
عدم االفراط وهو مابين االسراف والبخل في المعيشة.
اما في اللغة الفرنسية ECONOMIEفهو من اصل الكلمة االغريقية OIKOS
اي المنزل و NOMOSاي التدبير وبالتالي تصبح تجبير شؤون المنزل فعي
تعبير عن القواعد والطرق في ادارة المال ،وعند اضافة POLITICتصبح تدبير
شؤون العامة او المدينة ،ولم يستخدم مصطلح االقتصاد السياسي اال في القرن
71من قبل المفكر الفرنسي انظوان دي مون كريتان في كتابه مطول في
االقتصاد السياسي.
يمكن تعريف االقتصاد السياسي (علم االقتصاد) بأنه علم إدارة الموارد النادرة حث
يدرس الصور التي يتخذها التصرف اإلنساني في تدبير هذه الموارد .فهو يحلل
ويشرع الصيغة التي يقوم الفرد أو الجماعة طبقاً لها بتخصيص الموارد المحدودة
إلشباع الحاجات المتعددة غير المحددة.
وهذا التعريف يثير المالحظات اآلتية:
-7يدرس علم االقتصاد كل أشكال التصرف اإلنساني في مقاومته للندرة .وادارة
الموارد النادرة ال ترتد إلى مجرد المبادلة الحرة بمقابل ،وانما تشمل أيضاً
استخدام الجبر أو اإلكراه العام والخاص الذي تمارسه الدولة أو بعض األفراد
أو الجماعات ذات السلطة أو السطوة ،كما تتضمن االلتجاء إلى المنح أو
التحويالت دون مقابل للمنتجات أو النقود مثل اإلعانات االجتماعية.
1
-2يدرس علم االقتصاد العالقات بين غايات النشاط اإلنساني والوسائل
المستخدمة لتحقيق هذه الغايات ،ولكنه علم محايد بالنسبة للغايات .فهذه
األخيرة متعددة ومتباينة ،وال يدخل في مهمة علم االقتصاد شرحها أو
تقويمها .ومع ذلك فإن من مهام علم االقتصاد أن يبين كيفية حكم الغايات
للنشاط االقتصادي لإلنسان وكيف أن تحولها وتغيرها يؤثر على صيغ هذا
النشاط .وينتمي إلى علم االقتصاد البحث عن الغايات المتعددة للفعل لتحديد
المالئم والقابل للتحقيق من بينها ،والطرق االقتصادية األنسب لتحقيقها.
ومن هذا التعريف يمكن أن يحدد موضوع علم االقتصاد:
-7يهتم علم االقتصاد في المقام األول بوصف طرق إدارة الموارد النادرة التي
تظهر في الزمان والمكان .فهو يالحظ ويصنف المعلومات الناتجة عن
التجارب اإلنسانية.
-2يهتم علم االقتصاد في المقام الثاني بتنظيم الوقائع على نحو يظهر الوحدة
والدورية التي تطبع التصرفات اإلنسانية .فمن مهام النظرية االقتصادية أو
التحليل االقتصادي تأسيس األفكار ،والبحث عن محددات الظواهر وآثارها،
وايضاح العالقات العامة الثابتة التي تقوم بينها .فالنظرية االقتصادية تستنبط
من الواقع شرحا مبسطا لتشغيل اقتصاد معين ،وتقيم نظما منطقية تشكل
نماذج شارحة للحقيقة االقتصادية.
-3يساهم علم االقتصاد ويبين لنا كيف تتكون وتوزع وتستهلك الثروات بمعنى
البحث في طبيعة الثروة وكل ما يتصل بها.
-4يدرس السلوك االنساني عند العالقة بين الغايات والوسائل وعامل الندرة.
-5هو علم المبادلة.
-6يساهم علم االقتصاد في توجيه السياسة االقتصادية .فهو ال يقترح أهدافا
سياسية أو اجتماعية ،ولكنه يسعى إلى تحديد السياسة االقتصادية المتكاملة
2
التي تالئم تحقيق أهداف سياسية واجتماعية معينة .ويبين مدى التناسق بين
األهداف وامكانية تحقيقها من الناحية االقتصادية والوسائل التي تستجيب
لتحقيق هذه األهداف وأفضل هذه الطرق.
-1في مواجهة أهداف معينة وفي إطار ظروف عملية محددة ،يقدم علم
االقتصاد قواعد االستخدام األمثل للموارد االقتصادية وصيغ تحقيق الرفاهية
المادية.
من جهة أخرى ،وامتدادا لبيان محتوى علم االقتصاد ،يعرف الفريد مارشال
( )7224 -7442علم االقتصاد أو علم االقتصاد السياسي بالقول” إن االقتصاد
السياسي ،أو علم االقتصاد هو دراسة للبشرية في ممارسة شئون حياتها العادية”.
وعلى الرغم من شمول التعريف لمسائل غير اقتصادية ،أو تخرج عن نطاق علم
االقتصاد ،إال أنه يرد على ذلك بأنه ال يوجد في السلوك البشرى أو اإلنساني
الكثير الذي يمكن استبعاده من نطاق علم االقتصاد ،وباعتباره منبت الصلة
بالموضوع .غير أنه ألغراض عملية ،تدور اهتمامات علم االقتصاد السياسي
حول اإلجابة على األمور واألسئلة المحورية التالية ،مع األخذ في االعتبار أن
هذه األسئلة تتغير بدرجة كبيرة من حيث إلحاحها مع تغير البيئة المحيطة التي
تحدد اإلجابة عليها محتوى علم االقتصاد ،وتتمثل هذه االهتمامات في:
السؤال المحوري األول هو :التساؤل عما يحدد أسعار السلع والخدمات ،وكيفية
توزيع حصيلة هذا النشاط االقتصادي ،والعوامل واالعتبارات التي تحدد حصة كل
عامل من عوامل اإلنتاج ،أو بتعبير آخر الحصة التي تذهب إلى األجور والفائدة
واألرباح وريع األرض واألشياء الثابتة وغير القابلة للتغيير المستخدمة في اإلنتاج.
3
المحاضرة رقم 30
عالقة االقتصاد السياسي بالعلوم االخرى
يعتبر سلوك اإلنسان و تصرفاته المختلفة موضوع الدراسة المشترك لكل فروع
العلوم االجتماعية المتعددة التي يتعلق موضوعها بمختلف مظاهر النـشاط اإلنساني
داخــل المجتمع ( االقتصاد السياسي ،علم السياسة ،الجغرافيا ،التاريخ ،علم النفس،
علم االجتماع…) ،فكل تخصص معرفي يدرس هذا السلوك من زاوية معينة ويحاول
أن يفهم طبيعة العالقات بين األفراد داخل المجتمع و في سياق تطورها وتغيرها عبر
الزمن ،وال يمكن دراسة أي مجال لنشاط اإلنسان دون الرجوع إلى المجاالت األخرى.
و لكن رغم هذا الترابط بين مختلف الظواهر االجتماعية ،و جد الباحثون أنه
لتسهيل عملية البحث العلمي و التوصل إلى النتائج األكثر دقة كان البد من وجود
تقسيم منهجي للعالقات االجتماعية ،و بناءا على ذلك تتولى كل مجموعة من
الباحثين جانـب من جوانب هذه العالقات و تدرسها منفردة ،و لكن تبقى الحدود بين
هذه الفروع االجتـماعية مــتداخلة إلى حد كبير و التي تحاول كلها تفسير و فهم
طبيعة العالقات بين األفراد داخل المجتمعات في إطارها المكاني و الزماني المتغير.
و على اعتبار علم االقتصاد السياسي أحد هذه العلوم االجتماعية الذي حقق
قدر من االستقاللية بموضوعه و مناهجه و قوانينه ونظرياته ،غير أننا نجد الباحثين
االقتصاديين ال يستعينون بما تم التوصل إليه في الحقول االجتماعية األخرى من
طرق و مناهج و مواضيع تساعد على اكتمال البناء المعرفي لهذا العلم ،وسنحاول
من خالل هذا العنصر فهم طبيعة العالقة بين علم االقتصاد السياسي وبين باقي
فروع العلوم االجتماعية األخرى و إبراز االعتماد المتبادل فيما بين االقتصاد و هذه
العلوم.
1
-1عالقة االقتصاد السياسي بالقانون:
تتمثل العالقة بين االقتصاد و القانون في المجتمعات البشرية في أن القانون
هو اإلطار التنظيمي المحدد لمختلف التفاعالت االقتصادية ،فالعالقة بينهما عالقة
وطيدة إذ أن القانون يدرس القوانين التي اختارها مجتمع ما لنفسه ،و ما كانت هذه
القوانين سوى ترجمة لواقع البنيات االقتصادية التي تفرضها على المجتمع.
فالقانون قد يكون رأسماليا في الدول الديمقراطية ،و قد يكون اشتراكيا ضمن
الدول االشتراكية ،أو إسالميا أو إقطاعيا ،فالهيكل أو الشكل يعتبر من أهم المعايير
المعتمدة للتفريق بين نظام اقتـصادي و آخر ،و المقصود بالشكل اإلطار القانوني
والحقوقي الذي ينظم العالقات االقتصادية داخل كل نظام اقتصادي .فكل دولة لها
جزء من تشريعاتها القانونية المتعلقة بالشق االقتصادي مثل :القانون التجاري،
وتسيير المشاريع الخاصة أو العامة ،و قوانين المالية العامة ،و قانون التأمين…الخ.
8
المحاضرة رقم 20
مفاهيم اقتصادية :المشكلة االقتصادية
هناك تفرقة جرى عليها الكتاب منذ القرن الثامن عشر بين العلوم الطبيعية
والعلوم اإلنسانية أو االجتماعية .فالعلوم الطبيعية (مثل الجيولوجيا والفيزياء
والكيمياء) تهتم بالبحث في العالقات بين األشياء والظواهر الطبيعية ،بينما تهتم
العلوم اإلنسانية (مثل االجتماع والتاريخ والقانون واالقتصاد) بدراسة أفعال اإلنسان
وعالقاته مع غيره من بنى جنسه ومع األشياء التي تحيط به .وقد عرفت كل العلوم
اإلنسانية في القرن العشرين تطو ار سريعاً وهائالً .ويبحث االقتصاديون في توجيه
النشاط الفردي والجماعي بقصد استخدام الظروف المادية لتحقيق احتياجات وحاجات
األشخاص.
وتحتل المشكالت االقتصادية في الوقت الحاضر أهمية كبيرة على المستويين
القومي والدولي .ومن الثابت أن لهذه المشكالت انعكاسات سياسية واجتماعية ال
يمكن إنكارها ،حيث يصعب إهمال دور التطورات االقتصادية في فهم الجوانب
السياسية واالجتماعية ألي جماعة من الجماعات .فالواقع االجتماعي حقيقة معقدة،
وكل علم من العلوم اإلنسانية ال يعبر إال عن وجه واحد من وجوه هذا الواقع وال
يتعلق إال بزاوية من زوايا النظر إلى النشاط اإلنساني.
وتتمركز المشكلة االقتصادية حول فهم العناصر التالية:-
أوالً :الحاجات االقتصادية والحاجات اإلنسانية األخرى.
ثانياً :األموال أو الموارد االقتصادية المحدودة.
ثالثاً :القوانين االقتصادية.
رابعاً :النشاط االقتصادي
1
أوالً :الحاجات االقتصادية والحاجات اإلنسانية األخرى:
ويكون العمل اإلنساني نشاطاً اقتصادياً عندما يسعى إلى مقاومة الندرة النسبية
للموارد .فكل إنسان له حاجات أو رغبات تتمثل في إحساس باألم يريد إزالته أو
إحساس بالراحة يريد زيادته.
وهناك وسائل قادرة على إشباع هذه الحاجات بإيقاف اإلحساس باأللم أو عدم
الرضا أو جلب اإلحساس باالرتياح أو زيادته.
-وهذه الحاجات اإلنسانية حاجات شخصية ،فكل فرد هو الذي يقرر دون تدخل من
جانب غيره ما إذا كان لديه حاجة يريد إشباعها ومدى هذه الحاجة .فالحاجة
االقتصادية تختلف عن الحاجة الطبيعية وعن الحاجة االجتماعية وعن الحاجة
األخالقية .فالحاجة االقتصادية تختلف عن الحاجة الطبيعية التي تعبر عن عدد
السعرات الح اررية الالزمة للفرد.
-وتختلف أيضاً عن الحاجة االجتماعية التي تأخذ في الحسبان المستوى الحضاري
واألوساط التي ينتمي إليها الفرد.
-كما تختلف عن الحاجة بمعناها األخالقي والتي تعتمد على معيار النافع والضار
والى بعض القيم الخلقية أو الدينية.
-حقيقة أن الحاجات التي يشعر بها اإلنسان تحكمها عوامل طبيعية ونفسية
وأخالقية ،ولكنها تعتمد قبل كل شيء على المتطلبات الخاصة لصاحب الحاجة،
فال يوجد كما زعم بعض الكتاب حاجات حقيقية وحاجات خيالية.
تنوع الحاجات االقتصادية:
-وتقسم الحاجات إلى الحاجات الضرورية والحاجات الكمالية ،والحاجات الفردية
المستقبلية. والحاجات الحاضرة والحاجات الجماعية، والحاجات
فالحاجة الضرورية ،هي الحاجة التي تتوقف حياة الفرد على إشباعها كالحاجة
إلى الشراب والعالج والطعام .أما الحاجة الكمالية ،فهي تلك التي تزيد من متعه
الحياة ولذتها كاالستماع إلى الموسيقى والتنويع في المالبس والمعرفة.
2
-أما الحاجة الفردية ،فهي تلك التي تتصل مباشرة بشخصية اإلنسان وحياته
الخاصة كالحاجة إلى المأوى وتأسيس المسكن والعالج .أما الحاجة الجماعية،
فهي التي تولد وتظهر بوجود الجماعة وحياة الفرد وسط هذه الجماعة ،مثل
الحاجة إلى األمن والدفاع عن الجماعة وممتلكاتها ومكافحة األم ارض وغيرها من
الحاجات التي تباشرها الدولة عادة بواسطة أجهزة تمثل الصالح العام.
-وأخي اًر ،فالحاجة المستقبلية هي تلك المتوقع ظهورها مستقبالً كما لو قامت الدولة
باستصالح األراضي واقامة السدود وذلك بغية إشباع حاجة مستقبلية وهى خلق أو
زيادة الرقعة الزراعية الالزمة إلشباع الحاجة إلى الطعام أو إقامة المساكن وغيرها
من استخدامات األرض العديدة .أما الحاجة الحالة أو الحاضرة فهي تلك
اإلحساس أو الشعور الحال باأللم مثال ذلك استهالك المزارع ما ينتجه من غلة.
علماً بأن التقسيمات المختلفة السابقة للحاجات والفروق بينها جميعاً نسبية إلى حد
بعيد بل ولفظية إلى حد ما.
خصائص الحاجات االقتصادية:
وتتسم الحاجات اإلنسانية االقتصادية بتقسيماتها المتعددة السابق ذكرها،
بمجموعة من الخصائص ،والتي يمكن إجمالها فيما يلي:
-1قابلية الحاجة لإلشباع :إذا كانت الحاجة هي الشعور بالضيق أو األلم فهذا
اإلحساس تتراوح حدته ونوعه وفقاً لظروف الحال ،وتقل حدة هذا الشعور إذا
أشبع اإلنسان حاجاته ،فكلما استرسل في اإلشباع تناقصت حدة األلم حتى
يتالشى أو يزول كل ضيق أو ألم ،على األقل في حدود الفترة الواحدة ،وهذا ما
يعبر عنه علم االقتصاد بظاهرة تناقص المنفعة الحدية.
-2ال نهائية الحاجات :إن حاجات اإلنسان ال تنتهي ،فإذا ما أشبع حاجة ،سرعان
ما تظهر له حاجة أخرى ،واذا ما أشبع األخيرة سرعان ما تجد له ثالثة وهكذا،
في سلسلة ال تنتهي .وهذه الخصيصة للحاجات اإلنسانية إذ لم يرضى عنها أهل
الزهد والقناعة لكنها الشك من أهم دوافع الرقى والتقدم االجتماعي ،فلوالها لبقى
3
اإلنسان في مستويات غير مقبولة من المعيشة ،قنوعا بما لديه مادام قاد اًر على
إشباع حاجاته البسيطة.
-3نسبية الحاجات :إن الحاجات التي يسعى اإلنسان إلى إشباعها اليوم ليست هي
التي كانت باألمس وهذه الخاصية انعكاساً لضرورات حيوية أو نفسية بقدر ما
هي تعبير عن أوضاع اجتماعية تحكمها ظروف الزمان والمكان التي يشعر بها
باإلنسان في مجتمع متمدين ،أو في تعبير آخر ليست حاجات األجداد مثل
حاجاتنا والتي سوف تختلف بالطبع عنها حاجات األحفاد.
-4قابيلة الحاجات لالستبدال :أي يستخدم سلعا كتعويض لحاجته لسلع اخرى او
خدمة.
-5قابلية الحاجات للقياس :أي ترتيبها حسب االهمية تصاعديا او تنازليا كما يمكن
ان يصنفها حسب الظروف واالولويات.
7
-ومضمون قانون التكرار هو أن اإلحساس المريح عندما يتكرر تتناقص درجة حدة
الرغبة ومدتها .وتتناقص حدة الرغبة ومدتها بسرعة كلما كان التكرار متعاقباً على
فترات قصيرة.
10
وباإلضافة إلى سلع االستهالك المعمرة أو غير المعمرة المخصصة لإلشباع
عن طريق استنفاذ ما فيها من منفعة ،توجد سلع المتعة كاللوحات والتحف ،وهى
بطبيعتها سلع دائمة تساهم في إشباع جانب من حاجات اإلنسان.
-4التوزيع:
يتطلب بعد كل عملية انتاج نهائية للسلع والبضائع توزيعها وفق السياسة
االقتصادية الممنهجة من طرف المجتمع والتي ترسمها الدولة من خالل النظام
االقتصادي المتبع ولهذا تتم عملية التوزيع بناء على طابع الملكية لوسائل االنتاج
وهو ما يختلف فيه االنظمة االقتصادية من مرحلة الخرى او في وقت واحد إال أن
الشيء الذي تتقاطع فيه االنظمة االقتصادية هو توجيه السلع والمنتجات لالستهالك
عبر التوزيع بآليات مختلفة كالتسويق والمكافأة مقابل الجهد.
-5التبادل:
تعتبر عملية التبادل سلوكا اقتصاديا قديما أملته الحاجة االقتصادية بين الناس
في المجتمع الواحد بحكم أن االفراد يتوزعون في عدة قطاعات انتاجية وما يشكل
فائضا لمجموعة ما يشكل ندرة لمجموعة اخرى ثانية وفي ظروف ال يستطيع
المجتمع أن يتخصص في انتاج كل السلع والبضائع التي يحتاجها وهو ما يدفعه
للبحث خارج محيطه من خالل اخراج الفائض من االنتاج واستبداله بما يحتاجون
اليه من سلع ومنتجات في مجتمعات لها نفس المشكلة.
وكخالصة القول :إن تحليل المشكلة االقتصادية بشكل معمق يوحي بضرورة
استجابة المجتمع االقتصادي لتشكيل حلوال للتساؤالت التي تطرحها المشكلة
االقتصادية مهما كانت طبيعة النظام االقتصادي المنتهج في الدولة وعليه فإن
للمشكلة االقتصادية ابعادا هي الحاجات المتعددة والموارد المحدودة وضرورة
االختيار في استخدم هذه الموارد الشباع الحاجات كما يمكن اضافة عنصر
اقتصادي والمتمثل في افتقاد المجتمع للتقنيات والتكنولوجيا من اجل استغالل الموارد
11
الطبيعية والثروات المعدنية الن ما تطلبته االنشطة االقتصادية في العصور الماضية
من وسائل االنتاج ليس بنفس الحجم والتطور الذي هو عملية النشاط االقتصادي
اليوم.
12
المحاضرة رقم 50
1
نظرية متكاملة عن النشاط االقتصادي ،مبنية على دراسة اإلنسان وعالقته بالعالم الطبيعي
والفيزيوقراطيون أو الطبيعيون هم جماعة من النبالء و المالك الزراعيين ،و العلماء و الذين
انضموا تحت راية االقتصادي الطبيب فرانسوا كيناي ،الذي يعود له الفضل في وضع أسس
المدرسة الفيزيوقراطية و علم االقتصاد السياسي الحديث ،بعد إصداره كتابه الشهير الذي
عنونه ب"الجداول االقتصادية" سنة ، 1551و هيمن على األفكار االقتصادية في فرنسا
إلى غاية قيام الثورة الفرنسية .1571
لقد ولدت الفيزيوقراطية في عهد اتسم باالضمحالل االقتصادي ،وبأزمة طويلة كونت
الواقع الموضوعي الذي هيأ الثورة الفرنسية ،فجاءت بأفكار اقتصادية ذات طابع ثوري تمردي
واضح ،نادت من خاللها إلى ضرورة الرجوع إلى األرض و الطبيعة باعتبارها مصدر كل
الخيرات و التخلي في المقابل على سياسات التجاريين التصنيعية التي دعا إلى تطبيقها
كولبير الذي اتهمته بتفقير البالد ،و نادت باإلصالح و تغيير األوضاع و الرجوع إلى القيم
الطبيعية و األصيلة لإلنسان .و يعتبر كيناي (.أشهر الفيزيوقراطيون الذين دعوا للرجوع إلى
الطبيعة و اعتبر أن األرض هي مصدر ) وتميز بـ ـ ـ:
-1إنه آخر المفكرين االقتصاديين الذي تعرض لمشكلة التفضيل بين أنواع النشاط
االقتصادي و البحث عن أفضل المهن.
-2إنه أول المفكرين االقتصاديين الذي بحث بطريقة منظمة عن أفضل النظم االقتصادية.
(التي تحقق الرفاهية ،و طالب باألخذ بنظام الملكية الخاصة و ضرورة الحرية الفردية)
-3أول من اعتقد بوجود قوانين موضوعية تحكم العالقات االقتصادية ،و تبقى وظيفة
الباحث هي كشف هذه القوانين.
مبادئ و مرتكزات المدرسة الفيزيوقراطية:
يمكن تلخيص أهم مبادئ و نظريات المدرسة الفيزيوقراطية في النقاط التالية:
أ -النظام الطبيعي أساس الحرية االقتصادية :يقول " دي نيمور" " :إن الفيزيوقراطية هي
علم القانون الطبيعي" ،لكم ما المقصود بالنظام الطبيعي؟ و ما هو تعريفه؟ كيف العمل
للوصول إلى معرفته؟ ما هي الطرق الواجب اتباعها لتطبيقه؟
تعريف النظام الطبيعي:
2
اعتقد الطبيعيون في ضرورة وجود نظام طبيعي باعتباره" :نظاما مثاليا يحقق التوافق بين
المصالح المتعددة في المجتمع" ،أو بأنه ":النظام الذي يؤمن الملكية و األمن والحرية" ،أو
بصورة أدق و أعمق "هو النظام الذي أراده اهلل لسعادة البشر ...هو النظام اإللهي" ،و أن
القوانين التي ترعى هذا النظام هي "قوانين ال مرد لحكمها ألنها من طبيعة البشر و
األشياء و هي التعبير الحي عن إرادة اهلل" .و إذا ابتعد الناس عن تطبيق هذه القوانين
التي تحكم هذا النظام اإللهي فإنه بالضرورة سيعرفون (.التعاسة و الحرمانو يتكون
النظام الطبيعي من مجموعة أنظمة التي تحقق الرخاء للجماعة و بما يساعد على ازدهار
الزراعة ،و يستند هذا النظام الطبيعي إلى فكرة الملكية في صورها المتعددة ،و يترتب
على ذلك ضرورة احترام هذه الملكية باعتبارها جزء من النظام الطبيعي ،و هي تشمل:
-1الملكية الشخصية :و هي حق الشخص في استغالل ملكاته الذهنية و العضلية
والحصول على مقابل إنتاجه ،أي الحق في الحرية.
-2الملكية المنقولة :و هي حق الشخص في ملكية ثمرة عمله.
-3الملكية العقارية :و هي تتعلق بصفة خاصة بملكية األراضي الزراعية
بناءا على مفهوم الحرية التي يكفلها النظام الطبيعي لألفراد ،فمن حق اإلنسان حسب
الطبيعيين أن يملك ما يشاء و يختار المهنة التي يشاء ،باعتبار أن المصلحة الذاتية ال
تتعارض مع المصلحة العامة ،و يعود أصل العبارة المشهورة " دعه يعمل دعه يمر إلى
االقتصادي الفيزيوقراطي " إلى "فانسون كورني" ،و التي تبناها الحقا "آدم سميث" كأساس
لفكره االقتصادي .أما الدولة أو الملك فليس له أي دور اقتصادي أو حق في التدخل في
سير التفاعالت االقتصادية ،ألن القوانين التي تضعها اإلدارة تغير توازن العالقات
االجتماعية ،لذلك يرون أن دور الملك هو تأمين و حماية النظام الطبيعي من خالل
الدفاع عن الحرية .كما نجدهم يصرون على ضرورة تحرير التجارة الخارجية و الداخلية،
و تفسير ذلك أن حرية التجارة تكفل للزارع زيادة دخله ،ألن فرنسا كانت قادرة على
تصدير المنتجات الزراعية ،و بالتالي زيادة دخول العمال (.الزراعيين مع اتساع األسواق
أمامهم
كيف يتم التعرف قوانين النظام الطبيعي؟
3
يعتقد الطبيعيون أن هذا النظام و قوانينه يكتشفان ب"البداهة" ،فبالعقل نصل إلى هذه
الحقيقة ،يقول "ليرسييه" ":بأن البداهة هي التي توفق بين المنفعة الشخصية و النفع العام
من جهة و بين العدالة من جهة أخرى ،بأنها هي التي تضمن اتفاق المصالح بين السلطة
واألمة ،و هي التي تسمح و تفرض على اإلنسان االنصياع ألوامر هذا النظام الطبيعي.
فكرة القانون؟
كانت المدرسة الفيزيوقراطية أول من قال بفكرة وجود قوانين ترعى الشؤون االقتصادية،
فبالرغم من إرجاعها هذه القوانين إلى القدرة اإللهية .و لهذه النقطة أهمية كبيرة تجعل من
الطبيعيين أول من أعطى لالقتصاد صفة العلم الباحث عن القوانين التي تنظم شؤونه.
وحددت بذلك منهج و حدود البحث لدى المدارس التي تلتها ،الكالسيكية و الماركسية.
ب -مبدأ الريع الصافي ( الناتج الصافي) ( األرض هي مصدر الثروة) :بدأ الطبيعيون
تعريفهم للثروة باستبعاد المعدن النفيس كمصدر لها اعتقد الماركانتيليون بأن مصدر الثروة
هو الذهب و الفضة ،و أن الفرد أو الدولة التي تملك أكبر كمية من هاته المعادن هو
الثري و الغني ،لكن األمر مختلف بالنسبة للفيزيوقراط ،فهم يعتقدون بأن النقود المعدنية
ليست إال ثروة عقيمة ،و يعرفون الثروة بأنها :كمية من المنتجات التي بإمكاننا أن
نستهلك منها ما يطيب لنا و بدون حساب ،دون أن يؤدي هذا االستهالك إلى شح المنبع
الرئيسي لهذه المنتجات" ،فالثروة إذا كما يعرفها "دي الرفيير" هي":مجموعة القيم التي
يمكن استهالكها عند الرغبة دون إفقار لمصدرها" ،و لذلك نجد بأن النشاط المنتج الوحيد
هو الزراعة ،و أن غير ذلك هو مجرد تحويل عقيم لصورة المادة .فأنواع النشاط األخرى
غير قادرة على الخلق و إعطاء قيمة جديدة أو ريع صافيا ألنها من قبيل الحرف العقيمة،
يقول كيناي في هذا الصدد":إن الزراعة هي النشاط الوحيد الذي يمنح اإلنسان أكثر (.
مما يحصل عليه" ،فالزراعة تضاعف ،بينما الصناعة تحول و التجارة تنقل
-ما هو الريع الصافي الذي تمنحه لنا الزراعة؟
في كل عملية إنتاجية يقوم اإلنسان للحصول على سلعة أو رزق ال بد له من إنفاق بعض
المصاريف الضرورية إلنتاج تلك السلعة ( شراء مواد أولية ،صرف الوقت الالزم ،تسديد
أجر العمال ،)...و هذه التكاليف البد له من أن يقتطعها من السلعة المنتجة والمنجزة
حتى يحصل على ما يسمى "ريعا صافيا" لعمليته اإلنتاجية ،أو بصورة أبسط فالريع
4
الصافي هو الفرق بين ما ينفق للحصول على سلعة ما ،و بين نتيجة العملية اإلنتاجية
التي هي السلعة نفسه.
و إن هذا الريع الصافي بهذه الصورة ال تمنحه سوى الزراعة دون غيرها من الفعاليات
االقتصادية األخرى ،و سبب ذلك بنظر الفيزيوقراط بسيط :فحبة القمح مثال التي تبذر في
األرض تعطي أضعافا لها ،أي األرض وحدها هي المنتجة للريع الصافي و أن ذلك يعود
إلى عمل الخالق اإلله ،فالزراعة هبة من الطبيعة ،و يؤدي تضافر جهد اإلنسان مع عمل
الطبيعة إلى نشوء قيمة (.جديدة لم تكن موجودة و هي الناتج الصافي.
ج -مبدأ دوران الثروة و توزيع الدخل ( الجدول االقتصادي):
بعد أن بين الطبيعيون كيف أن الزراعة هي النشاط المنتج الوحيد من خالل فكرة الريع
الصافي ،يتطرقون في مستوى آخر إلى تحليل الكيفية التي يتم من خاللها توزيع الدخل
العام الناجم عن الريع الصافي على األفراد داخل المجتمع ،و ذلك من خالل استخدام
الجدول االقتصادي الذي وضعه فرانسوا كيناي مستعينا في ذلك بخبرته في ميدان الطب،
بحيث لجأ إلى تشبيه العملية التي يتم من خاللها توزيع الدخل و دوران الثروة على
طبقات المجتمع بعملية دوران الدم داخل جسم اإلنسان الدورة الدموية) ،و تعتبر نظرية
توزيع الدخل من أشهر النظريات التي قدمها الطبيعيون في دراساتهم االقتصادية .و رك از
من خاللها على دراسة االقتصاد وفق نظرة كالنية تدرس الدخل على المستوى الوطني و
ليس وفق نظرة جزئية تركز على دخل الفرد كوحدة للتحليل.
فمن خالل الجدول االقتصادي حاول كيناي أن يبين كيفية توزيع الناتج الصافي ودورانه
بين الطبقات في المجتمع ،ليقدم لنا بذلك عرض لدورة الناتج الصافي بانتقال الدخول من
طبقة إلى أخرى ،أكثر من كون قدم لنا نظرية للتوزيع بالمعنى الحديث فانطالقا من مبدأ
الريع الصافي ،و تقسيم المجتمع إلى طبقة عقيمة و أخرى منتجة ،استطاع كيناي أن
يخطط جدوال اقتصاديا يبين فيه كيفية انتقال الثروة من الطبقة المنتجة الزراعية إلى غيرها
من الطبقات العقيمة ،ثم كيف تعود هذه الثروة إلى نفس الطبقة التي انطلقت منها أي
الزراعية ،و هكذا في كل عام من اإلنتاج و قد قسم كيناي المجتمع إلى ثالثة طبقات:
-1الطبقة المنتجة :و تشمل العمال الزراعيين الذين يقومون على خلق الناتج الصافي،
و هو الزراعة.
5
-2طبقة المالك العقاريين :و هؤالء و إن لم يكونوا منتجين بالمعنى المتقدم ،إال أن
الطبيعيين رتبوا على دورهم أهمية خاصة ،و بذلك احتلوا مكانا وسطا بين طبقة المنجين
والطبقة العقيمة.
-3الطبقة العقيمة :تشمل ذوي الحرف األخرى غير الزراعة ،و يدخل فيها العاملون في
الصناعة و التجارة ،و اعتبرت هذه الطبقة عقيمة طبقا لنظرية الريع الصافي ،حيث أنها
ال تضيف إلى اإلنتاج الصافي كما هو الحال في الزراعة
و لبيان كيفية تداول الناتج الصافي بين طبقات المجتمع استخدم كيناي أمثلة حسابية
لتبسيط هذه العملية:
-افترض أن الزراعة تنتج ما قيمته 5مليار فرنك ،كيف تدور هذه القيمة؟
-الطبقة الزراعية تحتفظ ب 02مليار لمواجهة نفقاتهم الخاصة على المنتجات الزراعية
يحتفظون بجزء من منتوجهم الزراعي لالستهالك الذاتي )و سداد تكلفة اإلنتاج الزراعي (.
6
-و بذلك يعود من جديد كل قيمة اإلنتاج الزراعي إلى طبقة المنتجين الزراعيين 11
مليار من طبقة المالك العقاريين ،و 02مليار من الطبقة العقيمة= 03مليارات فرنك
ناقص الناتج الصافي ،و هكذا تتم دورة الناتج الصافي بأن تعود إلى النقطة التي بدأت
منها.
و الرسم التالي(الجدول االقتصادي) يبين هذه الطريقة في توزيع الناتج الصافي ،وفق
المعطيات السابقة:
الطبقة المنتجة الزراعية:
15مليار فرنك= قيمة االنتاج الزراعي
12مليار فرنك= مصاريف االنتاج واالستهالك
13مليار فرنك= الريع الصافي للتوزيع
الطبقة العقيمة ( التجار و الصناعيين) 11مليار فرنك= قيمة سلع طبقة المالكين العقاريين
صناعية وخدمات تجارية
8
-و فيما يتعلق بدور الطبيعة في النشاط االقتصادي ،فقد كان القياس يقتضي منهم معاملة
الصناعات االستخراجية معاملة الزراعة ،حيث أن المناجم و المحاجر تعطي أيضا أكثر
مما تأخذ ،و لكنهم عجزوا أيضا عن إدراك هذه الحقيقة.
-كما أن التطورات التي عرفتها أوربا مع ظهور الثورة الصناعية مع نهاية القرن الثامن
عشر فندت الكثير من فرضيات الفيزيوقراطيين حول اعتبار الزراعة النشاط المنتج الوحيد
القادر على تحقيق الرفاهية و التقدم للمجتمعات.
9
المحاضرة رقم 40
المدرسة التجارية (الماركنتيلية)
1
الذي أولى اهتماما كبي ار بالمعادن النفيسة “ذهب وفضة” باعتبارهما أساس ثروة األمة
ومنبع قوتها
9
-2سياسة االستيراد :من الممكن تلخيص سياسة االستيراد المركانتيلية في مبدأ هام
أال وهو محاربة السلع والخدمات االجنبية ألنها تتسبب في تسرب المعدن النفيس
خارج الدولة اما األسلوب الذي أتبع لتنفيذ هذه السياسة فقد تمثل في الضرائب
الجمركية المرتفعة و المنع المباشر لبعض السلع من الدخول اما تجارة الواردات
من المستعمرات فقد كان لها وضع خاص حيث كانت البلدان االوروبية
المركانتيلية تحصل عليها بأثمان بخسة ثم تعيد تصدير جزء كبير منها في
السوق االوروبي و من ثم يتحقق لها منها فائض صافي من الذهب .
إال أن قوانين االستيراد كانت مرنة و لينة إذا ما تعلق االمر بالمواد الخام التي ال
تتوافر عليها الدولة و الضرورية للصناعات التصديرية المهمة كونها ترفع من
قيمة الصادرات و منه فهي تدخل المعادن النفيس و تزيد في ثروة البلد.
-3سياسة التصدير :اما بالنسبة لسياسة التصدير فقد شجعت الصادرات من السلع
المصنوعة بكافة الوسائل الممكنة والعمل دائما على اكتساب أسواق خارجية
جديدة خاصة البلدان المكتشفة حديثا و الغنية بالمعادن النفيسة.
وحينما كانت بعض صناعات الصادرات تعجز عن مواجهة المنافسة االجنبية
في بعض االسواق فإن الدولة ال تتوانى عن مساعدتها مباشرة بمعونة مالية.
كما أن الدول المركانتيلية قد قامت بفرض ضرائب جمركية مرتفعة جدا على
بعض صادرات المواد الخام و السلع نصف المصنعة و التي تلزم للصناعات
القومية الهامة التي يدر تصدير منتجاتها مكاسب كبيرة من المعدن النفيس.
وهكذا تمكنت الدول من حماية صناعاتها القومية الهامة من مواجهة أية مشاكل
قد تنشأ في سبيل الحصول على مستلزمات إنتاجها .وهكذا ساهمت الدول
المركانتيلية في تقوية المركز التنافسي لصناعاتها القومية في االسواق الخارجية
ومن ثم ازدادت قدرتها على اكتساب المعدن النفيس و استطاعت ان توجه كل
طاقاتها االقتصادية نحو تصدير المنتجات و تحقيق الفائض المنشود في الميزان
التجاري و تعزيز ثروتها من المعادن النفيسة.
10
-4سياسة األجور المنخفضة لقد تنبه المركانتيليون إلى أهمية تخفيض نفقة اإلنتاج
للصادرات من السلع المصنوعة لهذا دعوا إلى سياسة الألجور المنخفضة ألنها
تساهم في بقاء نفقات اإلنتاج منخفضة.ولكن باإلضافة إلى ذلك اعتقدوا ان
االجور المنخفضة من شأنها ان تشجع العمال على بذل جهد اكبر لمضاعفة
اجرهم ومن ثم يزداد اإلنتاج المخصص للتصدير.كما انهم اعتقدوا أن االجور
المرتفعة تذهب بأكملها إلشباع الحاجات االستهالكية للطبقة العاملة و من ثم
فإن ارتفاع االجور يعني زيادة االستهالك .
-0سلبيات المذهب المركانتيلي :سيطر المذهب التجاري على الممارسات
االقتصادية األوروبية خالل القرن 16وكانت مظاهره تتجلى في كل أوجه الحياة
و إنعكساته على الشعوب كانت واضحة حيث أن مبدأ تحصيل المعادن النفيسة
وزيادتها قد أدى إلى ارتفاع األسعار بطريقة غير مسبوقة ولم يتوافق ذلك مع
مصالح األفراد الذين أهملهم المذهب وخص عنايته الكاملة للدولة أو المملكة كما
أن مبدأ تخفيض األجور يعد مبدأ ظالمة حيث يستعبد العمال وال يأبه لوضعهم
االجتماعي ومن جهة أخرى فإن السياسات المنتهجة للتجاريين كانت تؤدي إلى
عكس النتائج االقتصادية المنطقية بقولهم أن زيادة المعدن تزيد الثروة وتزيد
اإلنتاج ومن ثم فهناك زيادة أكبر في معدالت التصدير وتحقيق ميزان تجاري
موافق إال أن هذه الزيادة في المعادن في الحقيقة قد أتت بزيادة في األسعار وهذا
ما يقوض من عملية التصنيع والتصدير ،أما ما يترتب على زيادة عدد السكان
من احتمال الضغط على المواد الغذائية و انخفاض مستوى معيشة الفرد فقد
كانت بعيدة كل البعد عن أدهان التجاريين ويمكن تلخيص عيوب المذهب
المركانتيلي في:
أ -إهمال الفرد و إهمال رفاهيته
ب -تعطيل سير التجارة الدولية بالتدخالت الدائمة للدولة
ت -عدم اإلمكان المحافظة على ميزان تجاري موافق دائم
11
ث -استعمال بشع لموارد الشعوب المستعمرة وتقوية النزعة االستعمارية
ج -ارتفاع في األسعار
ح -إهمال الزراعة والتجارة الداخلية
خ -التشجيع على زيادة السكان دون مراعاة ما يترتب عن ذلك .
خــــاتمـة
النظام المركانتيلي التجاري ” ” Marcuntilismهو نظام اقتصادي نشأ في
أوروبا لتعزيز ثروة الدولة وزيادة ملكيتها من المعدنين النفيسين عن طريق التنظيم
الحكومي الصارم لكامل االقتصاد والتوجه التام للتجارة الخارجية والدولية .
لقد ساهمت المركانتيلية في تطور الفكر اإلقتصادي في العالم وقدمت مبادئ
طورت فيما بعد وقامت عليها قواعد ونظريات اقتصادية بل أن المركانتيلية هي اللبنة
األولى في بناء التفكير اإلقتصادي الرأسمالي الحديث .
لكن هذا المذهب كان مذهبا استغالليا وأعطى للحكومة الصالحيات ألن تفرض
قيودا على الشعب وأن تستغله شر استغالل لتحقيق منفعتها ومنفعة كبار التجار
وأدت السياسات التي أتبعتها إلى استعمار بلدان كاملة وتجريدها من مواردها بالقوة
واستعباد شعوبها .
إن المذهب التجاري تولد نتيجة ظروف معينة وتطور بحسبها ولكنه لم يستطع
مواكبة تطور الشعوب ووعيها بمدى أهمية رفاهية الفرد ومدى أهمية حرية التجارة
فتالشى ليترك مكانا لتصورات اقتصادية جاءت لتوافق تطور الشعوب .
13
المحاضرة رقم 70
2
ساعدت النظريات واالكتشافات الكبرى في عل الطبيعة إبان القرن التاسع عشر على
تشكيل النظرة المادية الجدلية إلى الطبيعية ،كاكتشاف بقاء الطاقة وتحولها ،ونظرية
تركيب الكائنات الحية من خاليا ،ونظرية داروين التطورية
-الفقر المذقع و االوضاع المزرية التي كان يعيشها عامة الناس ماعدا قلة منه
-االضطهاد الكنسي الذي كان يمارس شتى الضغوط على المجتمع األوروبي
نظرية كارل ماركس حول الصراع الطبقي:
يعد كارل ماركس مؤسس اتجاه الصراع الذي هو أحد االتجاهات األساسية في النظرية
االجتماعية ،و السبب في هذا الصراع هو صراع قائ على المصالح بين الطبقات
االجتماعية حيث التي اعتبرها ماركس تناقضات داخلية تظهر في المجتمع و تنسج أساسا
من تأثير عالقات اإلنتاج على حياة الناس و التي تؤثر على طريقة تفاعلها ،فالطبقات
المالكة لوسائل اإلنتاج تكون قادرة على استغالل الطبقات األخرى لصالحها و من جهة
أخرى أن الطبقات التي يقع على كاهلها نتائج االستغالل مهتمة بإحداث تغييرات أساسية في
هذا النظا ،لتضح حدا الستغالله إذا أصبح لدى تلك الطبقات وعي كافي تصبح الثورة ال
مفر منها و من نتائج هذه الثورة المزيد من التقد التكنولوجي الذي ل يكن من قبل.
يعتقد ماركس أن التطور التاريخي للجماعات البشرية ساه بشكل فعال في تطور الملكية و
قد حدد لهذه الملكية عدة أنواع فقد تكون الملكية في ظل:
النظا البدائي :تكون عالقات اإلنتاج ال تعترف بسيد أو عبد و أن وسائل اإلنتاج مملوكة
جماعيا ،وهذا ينسج بصورة رئيسية مع طابع قوى اإلنتاج في تلك الفترة .إن العمل سوية
أدى إلى الملكية العامة لوسائل اإلنتاج وكذلك لثمار اإلنتاج ،هنا ل توجد بعد فكرة الملكية
الخاصة لوسائل اإلنتاج ،فيما عدا الملكية الشخصية لبعض أدوات اإلنتاج التي كانت في
الوقت ذاته وسائل للدفاع ضد الحيوانات المفترسة ،هنا ل يكن ثمة استغالل وال طبقات.
النظا العبودي :ففي هذا النظا مالك العبيد يملك وسائل اإلنتاج؛ هو كذلك يمتلك العامل
في اإلنتاج العبد الذي يستطيع بيعه أو شراءه أو قتله كما لو كان حيوانا ،إن عالقات اإلنتاج
هذه تنسج ب صورة رئيسية مع حالة قوى اإلنتاج في تلك الفترة فبدال من األدوات الحجرية
أصبح تحت تصرف اإلنسان اآلن أدوات معدنية؛ وبدال من صورة الصيد البدائية التي ل
يكن تعرف الرعي وال الحرث ،ظهر اآلن الرعي والحرث و وتوزيع العمل بين فروع اإلنتاج
3
هذه حيث تظهر هنا إمكانية تبادل المنتجات بين األفراد وبين الجماعات ،إمكانية تراك
الثروة في أيدي القالئل من الناس بامتالكها لوسائل اإلّنتاج ،وامكانية إخضاع األقلية
عبيد ،حيث يغيب هنا العمل العا الحر ألعضاء المجتمع في عملية
لألغلبية وتحويلها إلى ّ
اإلنتاج فال توجد ملكية عامة لوسائل اإلنتاج أو لثمار اإلنتاج و حلت محلها الملكية
الخاصة ،هنا يبدو مالك العبيد مالك الثروة الرئيسي واألساسي بكل ما في العبارة من معنى،
فثمة الغني والفقير ،المستغل والمستغل ،أناس له كامل الحقوق وأناس ال حقوق له ،
وصراع طبقي ضار بينه هذه هي صورة النظا العبودي.
النظا اإلقطاعي :إن أساس عالقات اإلنتاج في هذا هي أن السيد اإلقطاعي يمتلك وسائل
اإلنتاج ولكنه ال يمتلك عامل اإلنتاج العبد امتالكا تاما ،ل يعد السيد اإلقطاعي يستطيع قتل
العبد ولكنه يستطيع شراءه أو بيعه ،إلى جانب الملكية اإلقطاعية ثمة ملكية فردية يمتلك فيها
الفالح والحرفي أدوات إنتاجه ومشروعه الخاص القائ على أساس عمله الشخصي ،إن
عالقات اإلنتاج هذه تنسج بالدرجة الرئيسية مع حالة قوى اإلنتاج في تلك الحقبة تحسينات
أخرى في صهر الحديد والعمل به ،انتشار المحراث الحديدي والمغزل ،مزيد من التطور في
الزراعة و البستنة وزراعة الكرو ،وصناعة األلبان ،ظهور الو رشات الحرفية ،حيث تتطلب
قوى اإلنتاج الجديدة إن يبدي الكادح ميال للعمل واهتماما بالعمل ،و هنا تطورت الملكية
الخاصة تطو ار إضافيا واالستغالل ما زال كما كان في ظل العبودية تقريبا لكن لقد جرى
تلطيفه بعض الشيء ،و الصراع الطبقي بين المستغلين و المستغلين هو الصفة الرئيسية
للنظا اإلقطاعي.
النظا الرأسمالي :إن المعال الرئيسية لعالقات اإلنتاج تكمن في أن الرأسمالي يمتلك وسائل
اإلنتاج ،وال يمتلك العمال في اإلنتاج بل له أجور الذين و ال يستطيع قتله وال بيعه ألنه
أحرار ،ولكنه محرومون من وسائل اإلنتاج ،ولكي ال يموتون جوعا ه مضطرون إلى بيع
قوة عمله إلى الرأسمالي وان يرزحوا تحت نير االستغالل ،إلى جانب الملكية الرأسمالية
لوسائل اإلنتاج نجد أوال نطاقا واسعا من الملكية الخاصة للفالحين وأصحاب الحرف في
ملكية وسائل اإلنتاج ،وهؤالء الفالحون وأصحاب الحرف ل يعودوا اقنانا ،وتقو ملكيته
الخاصة على أساس كدحه الشخصي ،وبدال من الو رشات الحرفية تظهر معامل ومصانع
4
مجهزة بالماكينات .و بدال من القطع الزراعية للفالح المزروعة بأدوات إنتاج بدائية ،تظهر
األن مزارع رأسمالية واسعة تدار بطرق علمية ومزودة بالماكينات الزراعية.
وهذا يعني إن عالقات اإلنتاج الرأسمالية توقفت عن االنسجا مع حالة قوى إنتاج المجتمع
وأصبحت في تناقض متعارض معها و أن الصفة األساسية للنظا الرأسمالي هي أشد أشكال
الصراع الطبقي حدة بين المستغلين وموضوع االستغالل.
النظا االشتراكي :أن أساس عالقات اإلنتاج هو الملكية االشتراكية لوسائل اإلنتاج ،هنا ال
يوجد مستغلون ومستغلون بعد اآلن توزع البضائع المنتجة وفقا للعمل المنجز وفقا لمبدأ "من
ال يعمل ال يأكل" ،هنا تتميز العالقات المتبادلة بين الناس وعملية اإلنتاج بالتعاون الجماعي
والمساعدة االشت اركية لعمال تحرروا من االستغالل و هنا تنسج عالقات اإلنتاج انسجاما
تاما مع حالة القوى المنتجة الن الطابع االجتماعي لعملية اإلنتاج يتعزز بالملكية االجتماعية
لوسائل اإلنتاج.
و من خالل ما رأينا من نماذج في انتقال الملكية فقد توصل كارل ماركس إلى أن المجتمع
ينقس إلى طبقتين األولى رأسمالية مالكة لوسائل اإلنتاج و الثانية تتمثل في طبقة البروليتاريا
الكادحة هذه األخيرة التي من شأنها القيا بالثورة ضد الطبقة األولى لتستعيد مكانتها في
المجتمع.
مبادئ النظرية الماركسية :و تقو النظرية الماركسية على عدة مبادئ أهمها:
-8أنها تعبير عن صراع طبقي ومصالح مادية
-2المه ليس فه العال بل العمل على تغييره
-3المادة توجه العال وتفسر التاريخ
-4التاريخ عند الماركسية عبارة عن صراع بين الطبقات نتيجة عوامل اقتصادية
-8االقتصاد وعالقات اإلنتاج هما أساس كل ظاهرة اجتماعية
-1الدعوة لتغير العال لصالح الكادحين (البروليتاريا) ،مع رفض قاطع للميتافيزيقا
-1تفسير األحداث والتاريخ بناء على نظا الملكية
-1محاربة األديان واعتبارها وسيلة لتخدير الشعوب ،وخادماً للرأسمالية واإلمبريالية
-9اإليمان بأزلية المادة وأن العوامل االقتصادية هي المحرك األول لألفراد والجماعات
-81األخالق نسبية وهي انعكاس آللة اإلنتاج
5
-88القضاء على االستغالل الفردي وسحق الفرد
تفسير ماركس للمادية :حيث قا تحليل ماركس على أساس الظروف المادية بعيدا عن
القوى الروحية و من ث من أسس نظريته االجتماعية على:
-8المادية الجدلية أو الديالكتيكية :هي تلك النظرية التي تقرر بأن المادة هي كل الوجود،
وان مظاهر الوجود على اختالفها ما هي إال نتيجة تطور متصل للقوى المادية ،وان ما
هو عقلي يتطور عما هو مادي والبد أن يفسر على أساس طبيعي،
أول من وضع مبادئ المادية الجدلية ،هو الفيلسوف األلماني الجنسية كارل ماركس
الذي أسسها مع صديق عمره فردريك انجلز ،8198 -8121ولكن الذي دعى إليها
ونشرها هو لينين ،8934 -8111ويطلق على هذه الفلسفة اس المادية الجدلية ،لقد
تأثر ماركس بالفلسفة األلمانية المادية التي كانت سائدة في عصره ،فأخذ عن (هيجل)
الجدل حيث يكمن محور الديالكتيك الهيجلي في أن المتناقضات تنشأ في العقل
الجمعي أوال ث تنعكس على أرض الواقع لكن هذه الجدلية ل تعجب ماركس و انجلز،
و قال بأن المذهب الهيجلي يمشي على رأسه و ال بد أن يعاد إلى توازنه و يمشي
على قد ميه و أخذ ماركس وانجلز من الديالكتيك الهيجلي نواته المعقولة نابذين قشرته
المثالية وطوراها ابعد من ذلك لكي يضفوا عليها شكال علميا .
وتقو المادية الجدلية عند كارل ماركس على قوانين ثالثة و هي كالتالي :
-قانون وحدة األضداد وصراعها :كل شيء طبيعي وكل ظاهرة تشتمل على طرفي
تضاد ،وال يمكن أن يظل هذان الطرفان في سال فمن المحت ان يتولد الصراع بينهما
وهذا الصراع بينهما ال يقضي على وحدة الشيء أو الظاهرة ،بل يقضي إلى تغلب
الطرف المعبر عن التقد على الطرف اآلخر فيحدث التحول ،وهذا هو السبيل الى
التطور ،ويرى ماركس أننا نجد التضاد في الشيء الواحد :الحار والبارد ،والصالبة
والليونة ،والحياة والموت ،واألنانية و الغيرية .
وأن التحول يحدث حينما يتغلب طرف على اآلخر دون القضاء على وحدة الشيء،
وبالتطبيق على الواقع السياسي نجد أن المجتمع الرأسمالي يشمل على البروليتاريا
والبرجوازية ،وكل طبقة منها تفترض وجود الطبقة األخرى على الرغ من تضادهما ،إذ
أنهما سيؤلفان وحدة النظا الرأسمالي .
6
-قانون االنتقال من التغير الكمي على التغير الكيفي :يوضح هذا القانون كيف يسير
التطور ،فالتغير الكمي يحدث من ناحية المقدار أما التغير الكيفي فيحدث من التحول
في الكيف أو الصفات ،ويرى ماركس انه عندما تتراك التغيرات الكمية و تتزايد ،فإن
التغير الكيفي ال يلبث أن يت ،كما يرى انه إذا اختفت الملكية الرأسمالية وهي الكيفية
األساسية للنظا الرأسمال وحلت محلها الملكية االشتراكية ،فإن نظاما جديداً يحل محل
النظا الرأسما لي وهو النظا االشتراكي ،وبينما يحدث التغير من الرأسمالية إلى
االشتراكية فجأة أي باالنقالب الثوري المباغت ،نجد أن االنتقال من االشتراكية إلى
الشيوعية ال يت فجأة بل بالتغيير المستمر البطيء .
-قانون نفي النفي :وهذا القانون يكشف عن االتجاه العا للتطور في العال المادي،
فتاريخ المجتمع اإلنساني يتألف من حلقات نفي النظ الجديدة للنظ القديمة ،فقد قضى
مجتمع الرقيق على المشاعية البدائية ،وقضى مجتمع اإلقطاع على مجتمع الرقيق،
وقضت الرأسمالية على مجتمع اإلقطاع ث قضى المجتمع االشتراكي على مجتمع
الرأسمالية .وكل نظا ي شتمل في نفسه على مبادئ كامنه في ذاته تكون هي البيت في
القضاء عليه؛ فالمجتمع الرأسمالي يحوي في ذاته على مبادئ وال يعني السلب أو
الجديد ينسج القدي كله بل الواقع انه يستبقي من القدي أفضل ما فيه فيدمجه في
الجديد ويرفعه إلى أعلى.
إن المادية الجدلية ،ال تناقش األمور الغيبية ،ألنها ال تؤمن إال بالمادة المحسوسة،
وترى المادية الجدلية أن كل ما في الوجود يضمن عناصر متناقضة ،و متصارعة،
وان التصارع بين النقيضين (الشيء وضده) ينشأ عنه شيء أرقى مرتبة منه ،وهذا ما
يوضح طبيعة التطور ويجعل منه تقدماً وهو ما يعرف بقانون نفي النفي .
-2الماديـة التاريخيــة :هي امتداد و نتاج تطبيق المنطق جدلي على التطور التاريخي
للمجتمع ،و هي عل يفسر لنا كيفية تطور القوانين االجتماعية وكذا نظرية
سوسيولوجية ،استخدمها ماركس في دراسة المجتمع لتحليل جوانبه المادية و قضية
اإلنتاج االقتصادي و هو أساس دراسته ،و مغزاها أن المادة أو الوجود هما أصل
ظهورالوعي أو الفكر ،و التي اتخذ منها ماركس محو ار لنظريته ،حيث هي إيديولوجية
واضحة المعال يمكننا معرفة األساس المادي و االقتصادي للعال و هي في تطور
7
مستمر على أساس جدلي ،فهي العال الذي يبحث عن القوانين العامة و القوى الدافعة
لتطور المجتمع اإلنساني بصورة عامة دراسة تاريخ المجتمعات و الشعوب و تاريخ تغير
و تطور النظ االقتصادية و االجتماعية ،و أيضا تدرس قوانين الحياة المعاصرة سواء
كانت رأسمالية أو اشتراكية .
ففي رأي ماركس أن المجتمع ناتج من حركة المادة التي تشكل الطبيعة و خاصة
أشكالها الطبيعية ،حيث يقول أن سلف المجتمع البشري هو قطيع حيواني ينمو و يقو
على أساس الطعا و الجنس و تحوله البيولوجي إلى مجتمع بشري كان نتاج تأثير
مباشر للعمل و النشاط المزود باألدوات و لتحقيق هدف محدد كان ال بد خلق أدوات
ضرورية بالعمل على تطوير أشياء طبيعية و كان المجتمع البشري نتاج سعي اإلنسان
إلى تغير صفاته من جهة و من جهة و كذا األدوات التي يؤثر بها في الطبيعة،
فظهرت هناك روابط في العمل ،فتفاعل الطبيعة و المجتمع شرط ضروري لقيا المجتمع
بوظائفه و تطوره و من ث تؤثر الطبيعة في المجتمع يؤثر هو عليها حسب آليات
محددة.
حسب الدراسة التاريخية لماركس رأى أن اإلنتاج المادي هو أساس وجود المجتمع فكل
من الرؤى السياسية ،األخالقية ،التشريعية و الدينية تقو على أساس اإلنتاج و هو
األساس االقتصادي للمجتمع و هذا األخير يقو على طبقات تعكسها المصالح
المت ضاربة و التي تقو على العداء و من ث قد وجود المادة على الوعي و بنى عل
االجتماع قاعدتين هما:
الوجود االجتماعي :و يتمثل في الظواهر المادية في المجتمع :نشاط ،إنتاج ،عمل،
استغالل و تأثير الطبيعة.
الوعي االجتماعي :و هو مجموعة الظاهرة الروحية من أفكار ،نظريات ،مشاعر ،تقاليد
و أعراف و التي تعكس الوجود االجتماعي للناس في مجتمع ما.
و أن جوهر المادية التاريخية يعود إلى البناء الفوقي للمجتمع الذي هو ناتج البناء
التحتي للمجتمع ،حيث أن هذا األخير هو مجموع عالقات المجتمع االقتصادية ،و
البناء الفوقي هو القوانين واألخالق والسياسات العامة ،و تعتبر الماركسية أن البناء
الفوقي للمجتمع يعكس بنائه التحتي ،فمثال في المجتمع الرأسمالي تتولد دولة تخد
8
المصالح الرأسمالية وأحزاب ال تتناقض مع الرأسمالية و تسن القوانين بما يخد
الرأسمالية.
التحليل االقتصادي للمدرسة الماركسية:
ان استناد ماركس على الواقع االقتصادي في مرحلة تحليله اكسبه مجاال واسعا
العطاء العال رؤية جديدة تستحق العمل بها والخروج من االزمات المتتالية للرأسمالية ،وفي
نظر ماركس أن الرأسمالية تواجه صراعا طبقيا وتناقضات تؤدي بها للفناء واستبدالها
باالشتراكية حيث تسيطر الطبقة العاملة البلوريتارية ويتغير الحك وملكية االرض للدولة ويت
التخطيط لالنتاج والتوزيع والغاء السوق الحرة ،كما استند ماركس في تحليله الى الفلسفة
المادية التي تعرف بالدياليكتية ليفسر به تطور التاريخ ،وهو يرى ان الصراع بين القوتين
متضادتين امر حتمي ،ومع الت صاد تنتهي مرحلة من التاريخ لتبدأ مرحلة جديدة تخلق معها
قوة جديدة مضادة لها وهكذا تتكرر نفس الظروف ليتواصل الصدا والتجديد.
ومن هنا نخلص الى ان االشتراكية في نظر ماركس هي نظا اقتصادي جماعي يتميز
بالملكية الجماعية لوسائل االنتاج بما في ذلك من تخطيط شامل يهدف الى تلبية حاجات
االنسان ،وللقضاء على الصراع الطبقي تبنت التحليل االقتصادي في النظريات التالية:
-8نظرية قيمة العمل وفائض القيمة :تتحدد قيمة أي سلعة بعدد ساعات العمل المبذولة في
صنعها ،فالعامل يبيع قوة عمله ويشتريها منه الرأسمالي طبقا لنظرية القيمة ،ويرى
ماركس أن الرأسمالي عندما يشتري من العامل قوته العاملة فإنه بتشغيل هذه القوة عددا
من الساعات اكبر من الساعات التي دفع قيمتها ي المرحلة االولى وهنا يكمن الفرق
المتمثل في فائض القيمة الذي يحصل عليه الرأسمالي وعليه فإن الفرق بين الحد االدني
والالز لبقاء العامل على قيد الحياة وبين قدرة العامل االنتاجية الفعلية يظهر على شكل
فائض القيمة.
-2قانون تارك ارس المال :يشرح ماركس عملية التارك بأنها تت من خالل حصص الدخول
التي يحصل عليها مالك وسائل االنتاج ،على ان الرأسماليين يقومون باستثمار الجزء
االكبر من االرباح في تكوين رؤوس االموال منتجة من انشاء المصانع الجديدة ،وهذا
ارجع الى نفسية وميول الرأسمالي الذي يطمح الى تحقيق الربح ومن هنا وجب أن يزيد
9
في االنتاج مع التقليل في نفقة االنتاج وذلك من خالل زيادة انتاجية عماله التي تدفعه
بها االالت والماكنات وبهذا تتارك رؤوس االموال.
كما يشير ماركس الى ان الارسمالي سيهمل علة تركيز رؤوس االموال التي بدورها تعمل
على المنافسة غير العادلة وهو ما يجعل المشروعات الكبيرة تطغى علة المشاريع
الصغيرة من السوق نهائيا وعليه سيتحول صغار المنتجين الى التجارة او العمالة.
تقييم المدرسة الماركسية:
يتفق منظروا االقتصاد على ان الماركسية قدمت نظاما فكريا متكامال لتفسير التطور
االجتماعي في كافة مرحلة ومستوياته ،وان ماركس ركز بقوة على فكرة التطور والبحث في
قوانينه واتجاهاته ومن ثمة القوانين التي تؤثر فيه ،كما توصل ايضا الى فكرة االعتماد على
التفسير المادي او االقتصادي للتاريخ افرزت منهجا يمكن تطبيقه في نطاق العلو
االجتماعية المختلقة باإلضافة الى ان ماركس ومن خالل فكره االقتصادي كشف او اظهر
عيوب الرأسمالية التي تسببت في كثير من االزمات االقتصادية فيما بعد.
وبهذا يكون قد قد خدمة للرأسماليين العادة النظر في منظومته االقتصادية وهو ما
دفع حكومات البلدان الرأسمالية الى اتخاذ التدابير الالزمة لتفادي وتدارك االخطاء واألخطار
اساسا حول نظرية القيمة وفائض القيمة بعد التسلي بها بحك ان عنصر العمل ليس هو
العنصر االنتاجي الوحيد ولهذا ال يمكن ان نعتمد على العمل فقط في تفسير قيمة السلعة،
وال يمكن قياس قيمة العمل بساعات العمل ألنها تنفي العوامل االخرى المصاحبة للسوق
كالطلب على السلعة.
10
المحاضرة رقم 80
نظرية كينزية
مفهومها :المحور األساسي لهذه المدرسة يرتكز على فكرة تدخل الحكومة لضمان
استقرار اإلقتصاد.
خالل فترة الكساد الكبير في ، 1929لم تستطع النظريات االقتصادية في ذلك الوقت
ان تفسر أسباب التدهور الشديد لالقتصاد العالمي أو أن تجد حالً للنهوض باإلنتاج و
التشغيل .وقام عدد من اإلقتصاديين بإنتقاد النظرية الكالسيكية للتوظف بعد حدوث الكساد
الكبير ،وفي عام 1991قدم اإلقتصادي اإلنجليزي "جون مينرد كينز" تفسي اًر جديداً للكيفية
التي يتم بها تحديد مستوي التوظف وذلك في كتابه "النظرية العامة للتوظف ،الفائدة والنقود"
والذي أحدث به ثورة كبيرة في الفكر اإلقتصادي فيما يتعلق بمشكلة البطالة.
وتتعارض نظرية التوظيف الحديثة بشدة مع النظرية الكالسيكية ،حيث تري النظرية
الحديثة أن النظام اإلقتصادي الرأسمالي ال يحتوي علي اآللية القادرة علي ضمان تحقق
التوظيف الكامل .فحالة التوظيف الكامل والمصحوب بإستقرار نسبي في األسعار وفق الفكر
الكنزي إنما هي حالة عرضية وليست دائمة التحقق .ولذلك يبدأ كينز نظريته برفض
اإلفتراض األساسي الذي تقوم عليه النظرية الكالسيكية والذي يقوم أن المجتمعات تسودها
حالة من التوظيف الكامل.
أهم مقومات النظرية الكينزية الحديثه :
-1عدم أرتباط خطط اإلدخار بخطط اإلستثمار :ترفض النظرية قانون ساي بتشكيكها
في مقدرة سعر الفائدة علي تحقيق التزامن بين القطاع العائلي فيما يتعلق باإلدخار
مع خطط قطاع رجال األعمال فيما يتعلق باإلستثمار .فبينما كان الكالسيك يعتقدون
بأن زيادة اإلدخار يترتب عليها زيادة في اإلستثمارات المقدمة من رجال األعمال،
فإن النظرية الحديثة تقوم بأن إدخار أكثر معناه إستهالك أقل وبالتالي طلب أقل علي
مختلف السلع والخدمات المقدمة .فكيف نتوقع أن يتوسع رجال األعمال في
أستثماراتهم في الوقت الذي ينكمش فيه الطلب علي المنتجات ؟ أى ليس بالضرورة
كل ما يدخر يستثمر.
1
-2سعر الفائدة :إن سعر الفائدة رغم تأثيره علي ق اررات الستثمرين إال أنه ليس العامل
الوحيد أو األكثر أهمية ،فالعامل الحاسم هنا هو معدل الربح الذى يتوقعه رجال
األعمال .ففي حاالت الركود وتشاؤم رجال األعمال حول المبيعات واألرباح تكون
أسعار الفائدة منخفضة ،ولكن هذا اإلنخفاض ال يشجع رجال األعمال علي زيادة
إستثمارتهم
-9معارضة فكرة مرونة األجور واألسعار :تذكر النظرية الحديثة وجود مرونة في
األسعار واألجور بالدرجة التي يمكن معها ضمان العودة إلى التوظيف الكامل ،فنظام
األسعار فى ظل النظام اإلقتصادي الرأسمالي الحديث لم يعد نظام ًا قائماً علي
المنافسة التامة .فهناك منتجون يتمتعون بسيطرة إحتكارية على أسواق أهم السلع ولن
يسمحوا بإنخفاض أسعار منتجاتهم عند إنخفاض الطلب ،كما أنه في أسواق العمل
نجد نقابات العمال القوية تعارض اإلتجاه نحو تخفيض األجور.
وبناء علي ما تقدم فقد تم رفض نظرية التوظف الكالسيكية ،نظ اًر لعدم ميكانيكية ً
النظام الرأسمالي وقدرته علي تحقيق التوظيف الكامل للموارد
النموذج الكينزي وتحديد الدخل التوازني :
يقوم النموذج الكينزي في تحديد الدخل التوازني علي بعض اإلفتراضات واألسس من
أهمها :
-1يحدد الطلب علي السلع والخدمات مستوي اإلنتاج المحلي اإلجمالي علي األقل في
األجل القصير
-2األجل القصير هو الفترة من الزمن التي ال تتغير االسعار خاللها أو تتغير بشكل
طفيف جداً ،حيث يعرض المنتجون جميع اإلنتاج المطلوب.
-9يتعدل اإلقتصاد بسرعة في األجل القصير من أجل الوصول إلي مستوي التوازن
بحيث الطلب الكلي يساوي اإلنتاج "العرض الكلي"
-4يركز كينز علي الطلب الكلي بينما يركز الكالسيك علي العرض ،أما كينز فقد
بني نظريته علي أساس أن الطلب الكلي هو األساس الذي يخلق عرضه الخاص،
فوجود الطلب علي السلعة سيدفع المنتجون إلنتاج هذه السلع لتلبية هذا الطلب
فالطلب هو الذي يحدد اإلنتاج.
2
-5أوضح كينز أن إنخفاض األجور يؤدي إلي إنخفاض الطلب الفعلي ،وعندها
يخفض المنتجون من إنتاجهم فتزيد البطالة عكس ما كانت تري المدرسة التقليدية
من أن إنخفاض األجور يؤدي إلي إرتفاع االرباح ومن هنا خلص كينز إلي أن
مستوي األجور ليس هو المحدد لمستوي التشغيل وانما يحدده الطلب الكلي.
-1يتكون الطلب الفعلي عند كينز من الطلب اإلستهالكي والطلب اإلستثماري -
إقتصاد مغلق -وأوضح أن الطلب اإلستهالكي يتحدد بعوامل موضوعية وأخري
شخصية ،وفي حين يتحدد الطلب اإلستثماري تبعاً للعائد المتوقع من قبل
المنتجين ،و مدي تغطيته لتكاليف اإلستخدام
نظرية التوازن لدي كينز :
-1التوازن الداخلي :شرط ضروري في النظرية الكينزية ،تعد المساواة بين اإلدخار و
اإلستثمار وذلك عند كل مستوي من مستويات الدخل فقد رفض كينز فكرة أن
اإلدخار يتعادل مع اإلستثمار تلقائياً علي أساس التغير في سعر الفائدة عند
الكالسيك ،كما يعتبر أن سعر الفائدة مقابل عدم اإلكتناز وليس جزء لإلدخار ،و يري
كذلك أن العالقة بين سعر الفائدة واألستثمار إنما يتحدد في ضوء العالقة بين سعر
الفائدة والكفاية الحدية لرأسمال ،وأن سعر الفائدة يتحدد بدوره عند نقطة التعادل بين
عرض النقود والطلب عليها .ونلخص في األخير من خالل دراسة التوازن الداخلي
عند كينز أن هناك نوعين من المساواة كنتيجه إلدخال عنصر الزمن في التحليل :
األول يتحقق بتوازن اإلدخار مع اإلستثمار وبالمعني المقصود عند الكالسيك ،أما
الثاني يتحقق عندما يتساوي اإلدخار المحقق فى الفترة الحالية باإلستثمار المتوقع في
الفترة الالحقة ،وهذا ما أنشغلت به النظر ية الكينزية.
-2التوزان الخارجي :يجمع اإلقتصاديين بشكل عام علي أن تحقيق التوازن اإلقتصادي
الخارجي يعد من أهم األهداف التي تسعي السياسات اإلقتصادية إلي تحقيقها .لقد
أعتمد اإلقتصادي كينز في تحليله لموضوع التوازن اإلقتصادي الخارجي علي فكرة
الطلب الفعلي إلعتبارها األساس الذي يبني عليه معظم السياسات اإلقتصادية .أما
في حالة اإلقتصاد المفتوح فإن التوازن يتحقق عندما يتساوي الفرق بين عناصر
الحقن والتسرب الداحلية ،ومع صافي التعامل مع العالم الخارجي .وهكذا عندما
3
يتحقق فائض في ميزان المدفوعات فإن عالجه يتم ضمن مستويات الدخل والتوظيف
في الدخل ،أى أن الدخل يرتفع وبما أنه من محددات الطلب الكي ،فإن الطلب
المحلي على السلع المحلية المستوردة يرتفع مما يؤدي إلي رفع حجم الواردات لكن
من ناحية أخري قد يؤدي إرتفاع الطلب إلي إرتفاع األسعار في الداخل مما يؤدي
إلى تراجع الطلب الخارجي علي الصادرات ،وهكذا حتي يصل ميزان المدفوعات إلي
نقطة التوزان وهذا حسب قيمة ومدي فعالية مضاعف التجارة الخارجية ،كما أن
حدوث عجز فى ميزان المدفوعات سيؤثر كذلك علي الوضع الداخلي ،حيث ينخفض
الدخل وتتراجع األسعار مما يؤدي إلي نقص الطلب المحلي علي الواردات وفي نفس
الوقت يتزايد الطلب الخارجي علي الصادرات وهكذا حتي يصل ميزان المدفوعات مرة
أخري إلى نقطة التوازن من جديد.
مما سبق يتضح أن كينز في تحليله للتوازن الخارجي مرونة كل من الطلب الداخلي
علي الواردات والطلب الخارجي علي الصادرات باإلضافة إلى مرونة عرض عوامل اإلنتاج،
وهكذا فإن تغيرات مستويات اإلنتاج في النظرية الكينزية تحل محل تغيرات مستويات
األسعار وأسعار الفائدة عند الكالسيك.
استقرار االقتصاد
ال يوجد هناك وصفه سحرية في المبادئ االقتصادية الثالثة لنموذج كينز .لكن ما
يميز الكينزية عن باقي المدارس االقتصادية هو إيمانها بتقليل سعة الدورة االقتصادية والتي
تصنف على أنها األهم من بين جميع المشاكل االقتصادية.
فعوضاً عن ميزانية الحكومة الخاطئة تقترح الكينزية سياسة مالية أخرى وهي مواجهة
التقلبات الدورية ) (countercyclical fiscal policiesوالتي تعمل بعكس الدورة
االقتصادية .على سبيل المثال اإلقتصاد الكينزي يقترح على الحكومة بتشغيل العماله في
بناء البنية التحتية بأعداد كبيرة وان كان على حساب العجز المالي للحكومة وذلك لتحفيز
العمالة والحفاظ على استقرار األجور أثناء فترة الركود االقتصادي وكذلك تقوم الحكومة
بفرض ضرائب دخل ع الية للحيلولة دون حدوث تضخم اقتصادي في حالة ازدياد الطلب في
األسواق .وكذلك تقترح الكينزية بتغيير السياسة المالية وكيفية استخدامها في تحفيز االقتصاد
وذلك عن طريق خفض معدل الفائدة لتشجيع االستثمار.
4
تُصر الكينزية على الحكومات بأن يكون حل المشاكل االقتصادية على المدى القصير
بدالً عن انتظار السوق ليصلح المشاكل تلقائياً على المدى البعيد وذلك حسب قول
كينز“على المدى البعيد كلنا ميتون ”.لكن الكينزية ال تدعوا الحكومات الى تعديل
السياسات كل بضعة أشهر وذلك ألنها تؤمن بأن الحكومات ليس لها القابلية لتضبط األمور
بنجاح.
تطور الكينزية
على الرغم من القبول الواسع ألفكار كينز عندما كان على قيد الحياة لكنه جوبه بالنقد
من قبل العديد من المفكرين الذين عاصروه .وتجدر اإلشارة بشكل خاص حول اختالفه مع
المدرسة النمساوية في االقتصاد والتي يؤمن أتباعها بأن الركود والنشاط االقتصادي هما جزء
من النظام الطبيعي وأن تدخل الحكومة يؤدي إلى تفاقم المشكلة في إنعاش االقتصاد.
هيمنت نظرية وسياسات االقتصاد الكينزي بين فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية الى
أوائل السبعينيات ،حيث بدأت العديد من اإلقتصادات المتقدمة تعاني من تضخم وبطيء في
النمو االقتصادي في نفس الوقت أو كما تسمى الركود التضخمي (stagflation).
وبذلك فترت شعبية النظرية الكينزية لعدم امتالكها سياسة للتعامل مع الركود
التضخمي .النقاد االقتصاديون راهنوا على قابلية الحكومات في تنظيم الدورة االقتصادية
بتطبيق السياسة الضريبية وأصروا بدال عن ذلك على حل المشكلة االقتصادية باللجوء الى
السياسة المالية وذلك ألن الحكومات لديها التحكم الكامل بصرف المال والتي يؤثر بدورها
على معدل الفائدة والتي بالنتيجة تخفف من الكارثة االقتصادية.يعتقد أصحاب المدرسة
المالية بأن األموال أو النقد له تأثير واضح على الناتج العام على المدى القصير لكن هذه
السياسة تؤدي الى التضخم على المدى البعيد وهذا حسب اعترافهم.
استغل االقتصاديون الكينزيون هذه الهفوة في المدرسة النقدية واعتبروا أن النظرية
الكينزية متكاملة حيث أنها تعالج المشاكل االقتصادية على المديين القصير والبعيد .حيث
تركز النظري ة الكينزية على أن المال له تأثير إسمي على االقتصاد من ناحية األسعار
واألجور وليس له أثر كبير على العمالة والناتج العام.
واجهت المدرسة الكينزية االنتقاد من قبل المدرسة الكالسيكية الجديدة التي ظهرت في
صناع القرار ليس لديهم تأثير على االقتصاد وأن األفراد
أواسط السبعينات .والتي تقول بأن ُ
5
لديهم التأثير على السوق وأن تصرفاتهم هي التي ستغير السياسة االقتصادية قبل أن تقوم
الحكومة بذلك.
نشأ جيل جديد من الكينزيين بين فترة السبعينات والثمانينات شكك في قابلية النظرية
التي طرحتها المدرسة الكالسيكية الجديدة حيث يقول الكينزيون الجدد على أنه حتى لو أن
بعض األفراد لهم تأثير صحيح إال أن طلب السوق ال يستجيب على المدى القصير .ولهذا
فإن سياسة الضرائب تبقى مؤثرة على المدى القصير حسب المدرسة الكينزية.
في وقت الكارثة االقتصادية العالمية بين عامي 2002و 2002عادت األفكار
الكينزية إلى الظهور .حيث اعتبرت النظرية على أنها األساس للسياسات االقتصادية
لمواجهة األزمة من قبل الحكومات حيث أتبعتها حكومتي الواليات المتحدة وبريطانيا في
مواجهة الكارثة االقتصادية .حيث كتب جريكوري مانكيو ) ( N. Gregory Mankiwوهو
ال في صحيفة نيويورك تايمز ” اذا أردت أن تصغي لعالم
أستاذ في جامعة هارفارد مقا ً
اقتصادي واحد لفهم المشاكل التي تواجه االقتصاد ،فبال شك أن هذا العالم االقتصادي هو
جون ماينارد كينز .ورغم انه مات قبل أكثر من نصف قرن إال أن تشخيصه للركود والكساد
يبقى األساس لالقتصاد الكلي الحديث .حيث قال كينز ” الرجال العمليون هم الذين يؤمنون
بأنفسهم وبأنهم معفيين تماماً من أي تأثير الفكري ،هم بالحقيقة عبيد لعالم اقتصادي ميت”.
على الرغم من ذلك ،فأن الكارثة في عام 2002-2002أظهرت أن نظرية كينز
تستوجب التحسين والتعديل لتعطي دو اًر للعملة في نظامها بعد أن كانت النظرية غافلة عنه
ودمج القطاع المالي كقطاع حقيقي يشابه قطاع االقتصاد.
6
المحاضرة رقم 60
المدرسة الكالسيكية
تمهيد:
إن الثورة الصناعية الكبرى التي بدأت في أوربا في نهاية القرن الثامن عشر ،و اتخذت
شكلها الكامل في مطلع و منتصف القرن التاسع عشر أثبتت بالوقائع المادية بأن أغلب
استنتاجات المدرسة الفيزيوقراطية كانت خاطئة و بعيدة عن الواقع العملي ،و بذلك ظهرت
الحاجة مع بزوغ فجر الصناعات الجديدة و العالقات االقتصادية الجديدة إلى مدرسة
اقتصادية جديدة تعلل و تشرح الواقع االقتصادي الجديد ،فظهرت عندها المدرسة الكالسيكية
كاستجابة لهذه التحوالت االقتصادية.
و منذ ظهور هذه المدرسة الجديدة عرف االقتصاد عهدا جديدا ،خاصة مع ظهور عدد
من المفكرين االقتصاديين و خاصة االنجليز منهم ،الذين أعطوا النظرية االقتصادية اتجاها
و حيوية جديدين ،اعتبرت الكالسيكية اإلطار الفكري للثورة الصناعية و المعبر عن االتجاه
الليبرالي الذي ساد هذه الفترة من تاريخ أوربا ،و شكلت في الوقت ذاته امتداد للمدرسة
الفيزيوقراطية فيما يتعلق باألساس الفلسفي المرتبط بمبدأ الحرية و الملكية الشخصية كأساس
للتفاعالت االقتصادية.
تعريف المدرسة الكالسيكية:
ساهمت أفكار عدد من المفكرين االقتصاديين أمثال :آدم سميث ،ريكارد ،ستيوارت
ميل ومالتوس )في ظهور اتجاه جديد في دراسة الظواهر االقتصادية و قدموا ما يعرف
بالنظرية التقليدية أو الكالسيكية اإلنجليزية).
و يتميز تفكير هذه المدرسة بمحاولة تحليل المبادئ التي تحكم النظام الرأسمالي تحليال
دقيقا و صلبا ،و متابعة التطور التاريخي الذي أدى إلى نشأة هذا النظام ،و التنبؤ بمستقبله،
و كان االعتقاد السائد لدى أنصار هذا االتجاه هو وجود قوانين تحكم الظاهرة االجتماعية.
غير أن المالحظ بالنسبة لهؤالء المفكرين هو أنهم انقسموا إلى طائفتين فيما يتعلق
بنظرتهم إلى مستقبل النظام الرأسمالي ،فكانت كتابات البعض منهم مشبعة بروح التفاؤل في
1
حين أن البعض اآلخر سلك طريق التشاؤم حول مصير النظام الرأسمالي .غير أن كل
الكالسيكيين يتفقون في نقاط مشتركة تكون األساس العلمي الفلسفي لفكرهم االقتصادي:
-1الكالسيكية تهتم بالتصرفات االقتصادية الجزئية :أي بالمشاكل المرتبطة بالمصلحة
الفردية و هي مشاكل القيمة و األسعار و المردود...إلخ ،فنظرتها" ميكرو اقتصادية" ،و هي
تعتقد أن المجموعة تتكون بعد إضافة الجزئيات بعضها ببعض.
-2الكالسيكية فلسفة سكونية:أي أن دراستها تنصب على واقع معين و في فترة
زمنية معينة ،غير أن هذا ال يعني إهمالها التام للحركية في تحليلها ،بل نجدها تهتم بقضايا
التطور المتعلقة بالسكان و تراكم رأس المال ،و لكن ذلك يعبر عن مجرد استنتاج إمكانية
وجود توازن قار و دائم بسبب تداخل المصالح الخاصة ،فالكالسيكية سكونية التحليل حركية
المضمون.
-3الكالسيكية فلسفة ليبرالية :ترى أن الحرية االقتصادية و حق الملكية الشخصية
مبادئ أساسية في الحياة االقتصادية ،باعتبارهما حق مقدس لإلنسان و هبته إياهم الطبيعة،
لذلك ال ينبغي على الدولة التدخل في توجيه األنشطة االقتصادية أو الحد من الملكية
الشخصية.
اوال :ادم سميث:
يعتبر لدى الكثيرين أب االقتصاد السياسي ،يعتبر آدم سميث أول اقتصادي يكتب في
النظرية االقتصادية و هو يشغل وظيفة أستاذ جامعي ،مما انعكس بشكل واضح في عرضه
المنظم ألفكاره سنة ، 1771و مرجعا أساسيا للفكر االقتصادي الحديث ،بحيث يعتبر كتاب
"ثروة األمم( " تلخصت فيه أفكار سميث االقتصادية ،و التي تميزت بروح التجديد و
اإلبداع ،فمعظم أفكاره جاءت مناقضة لمبادئ المدرسة الفيزيوقراطية ،و تضمنت الكثير من
النظريات االقتصادية التي اكتشفها سميث عبر احتكاكه بالواقع العملي .و أصبح علم
االقتصاد السياسي بعد صدور هذا المؤلف هو علم الثروة.
لكن بالرغم من أن هذا الكتاب يحتوي على آراء و أفكار اقتصادية جديدة غير أننا
نلتمس في طياته انتماء آدم سميث للمدرسة الطبيعية من الناحية الفلسفية ،التي تقوم على
االعتقاد بأن هناك نظاما طبيعيا ،و أن هذا النظام قادر على التوفيق بين المصالح الخاصة
2
و العامة بصورة أفضل من أي نظام آخر ،لذلك يمكن القول بأن الفلسفة العامة التي
سيطرت على أعمال الطبيعيين وجدت عند سميث ،فيما يتعلق بضرورة وجود نظام طبيعي.
عموما يمكن تلخيص أعمال سميث الفكرية في النقاط التالية:
أ -الدور األساسي للمصلحة الخاصة و الدوافع الشخصية في الحياة االقتصادية:
تشكل المصلحة الشخصية و مبدأ الحرية األساس النظري لفلسفة سميث االقتصادية ،و تقوم
هذه الفلسفة على االعتقاد في سالمة و كفاءة النظام الطبيعي ،فآدم سميث يعتقد في كتابه "
نظرية الشعور األخالقي ،" 1759بأن السلوك اإلنساني يخضع لست بواعث :حب الذات،
التعاطف ،الرغبة في الحرية ،اإلحساس بالملكية ،عادة العمل ،و الميل للمبادلة.
و قد أدى اعتقاد سميث في وجود نظام طبيعي إلى االعتقاد بأنه قادر على تحقيق
التوافق واالنسجام بين المصالح الخاصة لألفراد و بين المصلحة العامة ،وهذه هي فكرة "
اليد الخفية ،التي تعني أن :األفراد في سعيهم لتحقيق صالحهم الخاص يحققون– دون أن
يشعروا -المصلحة العامة.
فآدم سميث اعتقد بأن الدافع الشخصي هو أكبر ضمان للصالح العام ،و لكن كيف
يتحقق ذلك؟
يجيب سميث بأن :الدافع الشخصي هو مجرد وسيلة أو أداة ،و الصالح العام هو دائما
الغاية أو الهدف ،و يوضح سميث هذه العالقة و االنسجام بين المصلحة الخاصة و الصالح
العام ،بقوله" :ليس بفضل و كرم الجزار أو صانع الجعة أو الخباز ما يسمح لنا بتوفير
الطعام لعيشنا ،بقدر ما يرجع ذلك إلى نظرتهم إلى مصالحهم الخاصة ،و عندما نطلب
خدماتهم ،فإننا ال نتوسل إلى إنسانيتهم بقدر ما نستحث مصالحهم الشخصية ،و هكذا،
فعندما نتوجه إليهم فإننا ال نعرض عليهم حاجتنا ،بل إننا نستثير مصالحهم الشخصية ،فال
أحد سوى الشحاذ الذي يمكن أن يعتمد في حياته على أفضال اآلخرين.
ب -الحرية االقتصادية مبدأ ضروري الستقرار الحياة االقتصادية :بعد أن فسر سميث
أهمية الدوافع الشخصية في الحياة االقتصادية ،فإن النتيجة الحتمية لذلك هي ضرورة ترك
الحرية التامة و المطلقة للفرد في العمل كيفما يشاء و بالطريقة التي يراها هو مناسبة دون
أن تحد هذه الحرية حدود ،إال حدود المنافسة أو المزاحمة ،بمعنى أن الحرية يجب أن تنمو
في بيئة المنافسة بين األفراد دون أي احتكار الذي من شأنه أن يقضي على محاسن الحرية.
3
و استند سميث في تبريره لمبدأ الحرية إلى أن:
الفرد هو أفضل حكم على تقرير مصلحته الخاصة ،وبالتالي يجب تركه ح ار في سلوكه.
و لضمان حماية الحرية كأساس للفعاليات االقتصادية دعا سميث إلى تطبيق آليات
اقتصاد السوق الحر ،الذي يعتبر تنظيما اجتماعيا لضبط سلوك األفراد في ميدان اإلنتاج و
إشباع الحاجات ،و يتوقف قيام هذا التنظيم على مدى توافر المؤسسات االجتماعية
الضرورية و بخاصة الدولة و تطورها على النحو الذي يساعد على تدعيم السوق الحر .
عبر سن التشريعات القانونية و القضائية و توفير البيئة الثقافية و الحرية السياسية المناسبة
لنجاح مثل هذه التطبيقات االقتصادية.
و على هذا النحو فقد كانت دعوة سميث إلى الحرية االقتصادية جزء متكامل من نظرة
شاملة للجوانب السياسية و االجتماعية و القانونية ،فالدعوة إلى اقتصاد السوق في ظل
غياب هذه المؤسسات و النظم تبقى غير متكاملة.
و قد استخلص سميث أن الحكومة فيما عدا وظيفة وضع القوانين السليمة ،فإنها ال
تستطيع أن تكون أكثر فاعلية و كفاءة في تحقيق المصلحة العامة ،و أن تدخلها في النشاط
اإلنتاجي يكون ضا ار في أغلب األحيان .و طالما أن األفراد هم أقدر على التعرف على
مصالحهم الخاصة ،و طالما أن النظام الطبيعي يؤدي إلى التنسيق بين المصلحة الخاصة و
العامة ،فالنتيجة المنطقية لذلك هي عدم تدخل الدولة .ما عدا في حدود وظيفتها التي
تقتصر على سن القوانين المنظمة للحياة االقتصادية و التي تحمي الحريات و ملكيات
األفراد ،إلى جانب قيامها بمهمة الدفاع الخارجي و توفير القضاء العادل ،و إقامة بعض
المشروعات التي يعجز األفراد على القيام بها ،و اصطلح على تسمية الدولة لدى الكالسيك
ب"الدولة الحامية".
كما عارض سميث بشدة القيود التي يمكن أن يفرضها التجار و أصحاب الحرف على
حرية النشاط االقتصادي.
ج -العمل أساس القيمة /مصدر الثروة:
يبدو من خالل فكرة القيمة و أساسها حجم االختالف بين سميث و الفيزيوقراطيون ،فقد
أظهر سميث معارضته الواضحة ألساس القيمة عند الفيزيوقراط المفسرة بالطبيعة ،يقول آدم
سميث ":العمل في أمة من األمم يشكل المصدر المبدئي الذي يسمح بشراء و استهالك
4
األشياء الضرورية و الالزمة للحياة ،و هذه األشياء هي دائما أما النتيجة المباشرة للعمل أو
نتيجة لبيع عمل األمة لغيرها من األمم لشراء احتياجاتها" ،إذا فالعمل وحده عند سميث هو
مصدر القيمة ،و بما أن العمل هو من صميم اإلنسان ،فإن الثروة ز مصدرها عند سميث
إذن من اإلنسان و ليس من الطبيعة ،و أن احتكاك اإلنسان مع الطبيعة هو الذي يعطينا
اإلنتاج ،فليس هناك إذا ريعا تعطيه و تهبه الطبيعة و األرض دونما جهد و عمل اإلنسان
الذي يسيطر و يخضع الطبيعة .و يؤدي العمل و تراكمه المستمر إلى خلق رأس المال الذي
يتحقق نتيجة عملية االدخار
لكن هذا الطرح السابق لنظرية سميث حول القيمة غير كاف لفهم القيمة عند سميث
بكل جوانبها ،فالظاهر أن سميث قدم نظرية وحدة حول القيمة لخصها في أن العمل هو
مصدر القيمة وأساسها ،غير أن بعض دارسي تاريخ الفكر االقتصادي يرون بأن آدم سميث
قدم أكثر من نظرية أو تصور حول القيمة باعتبارها محددا لقيمة المبادلة ،و يرون بأن
سميث عرض على األقل ثالث نظريات للقيمة :نظرية العمل كمقياس أو أساس للقيمة ،ثم
أضاف إلى هذه النظرية بعض عناصر الطلب و العرض كمحددات للقيمة إلى جانب
العمل ،و اتجهت بعض دراساته لرأس المال إلى األخذ بنظرية نفقة أو كلفة اإلنتاج التي
تأخذ بعين االعتبار عناصر النفقة أو الكلفة األخرى من غير العمل.
و قد خلط آدم سميث بين مقياس القيمة و أساس تحديد القيمة ،بحيث استخدم العمل
في الكثير من األحيان باعتباره مقياسا للقيمة و أحيانا أخرى باعتباره أساسا لتحديد القيمة،
فذهب في أول األمر إلى اتخاذ العمل مقياسا للقيم حيث أن وحدات العمل وحدات متجانسة
بعكس النقود التي تتغير قيمها من فترة إلى أخرى ،فالنقود هي مقياس أسمى للقيمة بينما
يبقى العمل هو المقياس الحقيقي للقيم ،و هنا نجد بأن سميث استخدم العمل باعتباره مقياسا
للقيمة .لكنه ما لبث أن نظر إلى العمل باعتباره أساس لتحديد قيم األشياء ،فقيمة كل سلعة
تتحدد بما بذل فيها من عمل ،و العمل هنا يؤخذ باعتباره أساس لتحديد القيمة ،بمعنى أن
النقود هي تعبير مادي عن ساعات العمل المبذولة في إنتاج سلعة معينة ،فسلعة
يستغرق في إنتاج وحدة منها 10ساعات تقابلها دفع نقد كأجر 10دوالرات ،فقيمة
السلعة هي 10دوالرات المقدرة ب 10ساعات من العمل و المدفوعة كأجر للعامل.
5
لكن بعد تراكم رأس المال يختلف الوضع بالنسبة لقيمة السلع ،ألن األمر يختلف،
فقيمة السلعة ال تتحدد بما بذل فيها من عمل فقط ،و إنما يجب أن يؤخذ أيضا في االعتبار
رأس المال المستخدم فيها ،و بذلك يدخل الربح إلى جانب األجر في تحدد قيمة السلع .أي
أن المنتج أو صاحب المصنع عندما يريد تحديد قيمة سلعة معينة ال يعتمد فقط على األجر
المدفوع للعمال كمقابل لمجهودهم و يحدد بناءا عليه قيمة السلعة ،بل يضيف إلى هذا
المتغير ما أنفقه من رأس المال على مشروع معين ،و بالتالي يحدد قيمة السلعة بما يضمن
له تحقيق ربح الذي يحصل من خالله على فائدة باإلضافة إلى رأس المال .و من خالل هذا
انتهى سميث إلى نظرية " نفقة أو كلفة اإلنتاج "في تحديد قيمة السلع.
ثم أشار سميث الحقا إلى أن هذه القيمة قد تختلف عن ثمن السوق ،ليضيف لتصوره
حول القيمة محدد أو متغير جديد قد يتحكم في تحديدها ،فعند نزول السلعة إلى السوق
يتحدد ثمنها طبقا العتبارات قانون العرض و الطلب ،فلنفترض أن قيمة سلعة تحددت ب
10دوالرات بالرجوع إلى قاعدة الكلفة في اإلنتاج ،لكن عند نزولها إلى السوق و نتيجة
زيادة الطلب عليها و قلة العرض يؤدي هذا إلى ارتفاع ثمنها ليبلغ 12دوالر ،و هنا نجد أن
قيمة السلعة المحددة بكلفة إنتاجها 10دوالرات تختلف عن ثمن أو سعر السلعة في السوق
12دوالر.
و بالتالي نالحظ بأن سميث لم يقدم مجرد نظرية أو تصور واحد للقيمة بل استند في
تصوره ألكثر من متغير في تحديد قيمة السلع كالعمل ،الربح ،العرض و الطلب.
ثانيا :دافيد ريكاردو
طفال لعائلة يهودية
ولد دافيد ريكاردو في لندن وكان ترتيبه الثالث من بين سبعة عشر ا
سفاردية من أصل إيطالي كانت قد استقرت في هولندا ،ثم هاجرت إلى إنجلت ار
عام 1711قادمة من أمستردام .أرسلته أسرته إلى هولندا للدراسة ،ثم عاد إلى لندن
ناجحا
ا سمسار
اا عام 1771م ،وعمل وهو في الخامسة عشر من العمر مع والده الذي كان
في سوق األوراق المالية .في العام ،1771انفصل دافيد عن عائلته؛ ألنه تزوج من سيدة
مسيحية من طائفة الكويكرز ،األمر الذي أدى لطرد والده له من العمل.
ترك دافيد الديانة اليهودية واعتنق المسيحية وبدأ عمله كمضارب مستقل في
البورصة واستطاع أن يجمع ثروة كبيرة في وقت قصير وهو لم يتجاوز السادسة والعشرين
6
من عمره بعد ،وأسس “شركة تحمل اسمه جعلته من كبار األثرياء وهو لم يتجاوز الخامسة
والثالثين ،فأصبح من مالك األراضي ،كما ساعدته ثروته على عضوية مجلس اللوردات
حيث قام بشراء مقعد في البرلمان االنجليزي (كما جرت العادة حينئذ) عن مقاطعة أيرلندية
وظل في البرلمان من سنة 1717م حتى وفاته.
كان من نتاج تحقيق دافيد ريكاردو لثروته ،أن تفرغ لالطالع ،ففي عام 1777م ق أر
“ثروة األمم” آلدم سميث فتأثر به وشعر بالميل لعلم االقتصاد فبدأ في الكتابة حـول بعض
القضـايا المالية واالقتصادية الهامة في إنجلت ار آنذاك ،وفي العام 1711م ،اعتزل دافيد
البورصة وعالم المال ،واتجه إلى دراسة االقتصاد ،كما نشأت عالقة فكرية بينه وبين
االقتصاديين جيمس ميل وتوماس مالتوس ،كل هذا جعله يتجه لإلنتاج الفكري والمعرفي في
علم االقتصاد ليصبح أحد أهم مؤسسي علم االقتصاد السياسي الحديث.
أشهر مؤلفات ريكاردو
ألف ريكاردو كتابه “مبادئ االقتصاد السياسي و الضرائب” في عام 1717م ويعد
الكتاب هو المرجع األساسي لريكاردو في االقتصاد السياسي ،وهو كتاب ال يمكن لمهتم
بحقل العلوم االقتصادية تجاهله أو تجاوزه على اإلطالق .باإلضافة إلى مؤلفات أخرى منها
“الثمن الباهظ للسبائك :برهان على تلف األوراق النقدية” في عام 1711م ،و”مقالة حول
تأثير السعر المنخفض للذرة على أرباح األسهم” عام 1711م.
مبادئ االقتصاد السياسي والضرائب في عام 1781أتم ريكاردو اإلصدار الثالث من
عمله الشهير “مبادئ االقتصاد السياسي والضرائب” ،وقد لخص غرضه من تأليفه في
مقدمته “ :تتوزع ملكية خيرات األرض – التي يتم استخراجها عبر المزج بين العمل واآلالت
ورأس المال -على ثالث طبقات اجتماعية هي طبقة مالكي األراضي ،وطبقة مالكي رأس
المال المطلوب لعملية اإلنتاج ،وطبقة العمال .ويعتبر تحديد القوانين التي تنظم طريقة توزيع
الثروات المشكلة األساسية في االقتصاد السياسي”.
فصال ،يعتبر دافيد ريكاردو أن اإلشكالية األساسية فى
ا في هذا الكتاب المكون من 18
االقتصاد إنما تتعلق بمسألة تحديد القوانين التي تنظم عملية توزيع الدخل ،مختلفاا مع سميث
الذي رأى أن المشكلة في تنظيم اإلنتاج ،على الرغم من أن كالهما قد صاغ مشكلته في
إطار أن قيمة السلع تتحدد وفق ندرتها باإلضافة إلى كمية العمل المطلوبة للحصول عليها.
7
وقد حاول ريكاردو من خالل الكتاب البحث عن حلول للمشكالت المطروحة في عصره مثل
التضخم وانخفاض قيمة العملة الورقية وارتفاع أسعار الذهب في فترة كانت تعرف فيها
بريطانيا و بعض دول أوروبا ارتفاعا كبي ار في نسبة اإلنتاج نتيجة للثورة الصناعية ،وقد أدى
إلى نتيجة حتمية وهي أن نمط اإلنتاج الرأسمالي هو المحرك األساسي لعجلة النشاط
االقتصادي وال يمكن استبداله بنظام آخر.
نظريات ريكاردو االقتصادية وقد ساهم ريكاردو بالعديد من النظريات في االقتصاد
خصوصا فعلى سبيل المثال ال الحصر :نظرية التجارة الدولية،
ا عموما واالقتصاد السياسي
ا
نظرية القيمة ،نظرية السكان ،نظرية األجور،قانون اإلنتاجية المتناقصة.
وفيما يلي سنتناول أهم إسهامات ريكاردو في النظرية االقتصادية:
-1نظرية النمو عند ريكاردو:
هناك تطابق في اآلراء بين سميث وريكاردو في القيمة واالسعار في تحليلهم للنمو
االقتصادي بعدة مواقع كالناتج الكلي المعتمد على عناصر االنتاج ،لكنه اختلف مع آدم
سميث بالتجارة الخارجية بأن االرض ثابتة في مجاالت االنتاج ،كما اختلف معه بأن المكون
األساس للنمو هو تكوين رأس المال ،كما وان اهتمام آدم سميث بالقطاع الصناعي عليه
تحفظ من قبل ريكاردو ،هذه االختالفات واآلراء المنفردة لدافيد ريكاردو عن سميث يالحظ
فيها المفكر االقتصادي خصوصية ريكاردو وتميزه فهو يرى ان النمو االقتصادي يتحكم به
عامل النمو السكاني وقانون تناقص الغلة وتراكم رأس المال ،وقد اعطى ريكاردوا اهمية
كبيرة للنمو السكاني وطالب باإلقالل من عدد السكان ومن هذا المنطلق بنى نظريته في
السكان ،وبرأيه ان السباق بين السكان والتقدم الفني سيكون في غير صالح النمو السكاني ،
وبالتالي يوصل المجتمع الى حالة الركود ،وهذا الذي حدا به تشجيع القيام بأعمال التجارة
كونها تمول النمو االقتصادي حسب رأيه ومن خالل ازدهار الصناعة ،ألن التجارة تساعد
على مبدأ التخصص وتساعد على مبدأ تقسيم العمل بين العاملين ،والذي ميز دافيد
ريكاردو بشكل اكبر هو اعطاء أهمية الى االمور غير االقتصادية مثل العوامل الفكرية
التشاؤمية والثقافية واألجهزة االدارية والتنظيمية في المجتمع ،ووجود حكومة فعالة تعمل
على األمن واالستقرار السياسي داخل البلد .
8
-8نظرية التجارة الدولية:
ألن ريكاردو من تلك المدرسة التي ترى بالحرية المطلقة للسوق ،فهو من أهم
المساهمين في مفهوم “التجارة الحرة” العالمية ،والسيما عبر طرحه “نظرية الميزة النسبية ”
روج
( ،)Theory of Comparative Advantageوتأكيده على فكرة “اليد الخفية” التي ّ
لها آدم سميث.
فحرية التجارة الدولية عنده تعني أن تتم التبادالت االقتصادية بين الدول دون فرض
رسوم على الواردات والصادرات بهدف تشجيع هذه التبادالت يقول ريكاردو “ :عند اتباع
منظومة التجارة الحرة بشكل كامل ،فإن كل دولة ستحرص كل الحرص على تكريس
رأسمالها وعملها للمجاالت التي تصب في صالحها وصالح األطراف األخرى ،وبهذا الشكل
متصال على نحو وثيق بالصالح العام في كل العالم.
ا يكون هذا السعي للمصلحة الذاتية
ويتسم هذا النظام بقدرته على توزيع العمل بأفضل طريقة ممكنة وأكثرها كفاءة
اقتصاديا عبر تقديم الحوافز للقطاعات المختلفة ،ومكافأة اإلبداع واالبتكار ،وتسخير كل
ا
اإلمكانيات التي تتيحها الطبيعة ،ومن خالل زيادة اإلنتاج؛ وبذلك يساهم هذا النظام في
نظر للتداخل الوثيق بين
طا بين مختلف دول العالم المتحضر اا
نشر الخير العام ويشكل راب ا
مصالحها”.
ببساطة ،يحاول ريكاردو في االقتباس السابق أن يقول بأن التجارة الخارجية بين دولتين تعود
بالفائدة عليهما معا .لكن كيف يحدث ذلك؟
دعونا نأخذ المثال التالي لدولتين هما إنجلت ار والبرتغال ،كالهما يستطيعان إنتاج نوعين
من السلع (المنسوجات والزيوت) وتصديرهما للبلدان األخرى .بالنسبة لكل بلد من البلدين
فهي تحتاج تكلفة معينة إلنتاج السلعة ،فالوقت التي تحتاجه إنجلت ار إلنتاج متر واحد من
القماش ليس نفسه الوقت الذي تحتاجه البرتغال إلنتاج نفس السلعة ،وهذا االختالف ناتج
عن الخبرة في الصنعة لدى صانعي البلدين وكذلك األدوات المستخدمة في النسيج.
9
مالحظة هامة :في هذه الفترة الزمنية كان االقتصاديون يحسبون تكلفة إنتاج سلعة ما عن
طريق الوقت الالزم إلنتاجها:
الزيت النسيج
181ساعة /للوحدة 111ساعة /للوجدة انجت ار
71ساعة /للوحدة 71ساعة /للوحدة البرتغال
بالنسبة لدولة “إنجلت ار” :يستطيع العامل اإلنجليزي إنتاج متر من القماش خالل ساعتين بينما
يحتاج ساعة واحدة فقط إلنتاج لتر من الزيت ،نالحظ هنا أن تكلفة إنتاج متر من القماش
هي ضعف تكلفة لتر من الزيت (يمكننا القول أيضا أن تكلفة إنتاج لتر من الزيت هي
نصف تكلفة إنتاج متر من القماش) فبحسب مبدأ تكلفة الفرصة البديلة التي تعرفنا عليه
سابقا ،فإنتاج انجلت ار مت ار من القماش تكون قد ضحت بإنتاج لترين من الزيت (يمكننا القول
أيضا أن إنجلت ار إذا أرادت إنتاج لتر من الزيت فهي تضحي فقط بإنتاج نصف متر من
القماش.
بالنسبة لدولة “البرتغال” :بنفس المنطق فإن العامل البرتغالي يستهلك 1ساعات إلنتاج متر
واحد بينما يستهلك 1ساعات إلنتاج لتر واحد من الزيت ،نالحظ أيضا أن تكلفة إنتاج متر
من القماش تساوي ثالثة أرباع ( )% 71من تكلفة إنتاج لتر من الزيت ،لذا فإن أخذ
البرتغال القرار بإنتاج وحدة من المنسوجات يعني تضحيتها فقط بـ ـ (¾)وحدة من الزيت.
ومما سبق نجد أن:
البرتغال تمتلك ما يمكن أن نسميه “ميزة نسبية” في إنتاج المنسوجات حيث أن إنتاجها
للمنسوجات يعني التضحية فقط بإنتاج (¾) وحدة من الزيت ،بخالف إنجلت ار التي إذا أرادت
إنتاج وحدة من المنسوجات فهذا يعني تضحيتها بوحدتين من الزيت!
وعلى العكس ،نجد أن إنجلت ار تمتلك “الميزة النسبية” في إنتاج الزيت حيث أن إنتاجها
للزيت يعني التضحية فقط بإنتاج نصف متر من القماش ،بخالف البرتغال التي إذا أرادت
إنتاج لتر من الزيت فهذا يعني تضحيتها بما يساوي مت ار وثلث المتر تقر ايبا من المنسوجات!
وعليه؛ فحسب تحليل ريكاردو يمكن أن تقوم التجارة بين كل من دولتي إنجلت ار والبرتغال،
فتتخصص كل منهما في السلعة التي تمتلك ميزة “نسبية” فيها وتصدر تلك السلعة للدولة
األخرى.
10
المحاضرة رقم 90
النظم االقتصادية:
تقديم :البد من التفريق بين مفهوم النظام االقتصادي ومفهوم التنظيم االقتصادي من خالل
تعريف كل منهما :فالنظام االقتصادي هو مجموعة العالقات والمؤسسات التي تميز الحياة
االقتصادية لمجتمع معين في الزمان والمكان أما التنظيم االقتصادي فهو وسيلة يستخدمها
النظام االقتصادي لتنظيم النشاط االقتصادي والفعاليات االقتصادية المختلفة .وتختلف
طبيعة التنظيم االقتصادي من نظام اقتصادي آلخر .ويمكننا على سبيل المثال ذكر نوعين
من التنظيمات االقتصادية:
– 1التنظيم االقتصادي الحر ،وهو وسيلة النظام االقتصادي الرأسمالي في تنظيم
فعاليات النشاط االقتصادي التي تقوم على حرية النشاط االقتصادي .ويتصف هذا التنظيم
بالالمركزية والعفوية ،ومن أهم خصائصه :اقتصاد يقوم التوازن فيه على آلية السوق ،ويعتمد
المشروع الخاص وال تتدخل الدولة في النشاط االقتصادي إال بصورة غير مباشرة
– 2التنظيم االقتصادي الموجه ،الذي يعتمده النظام االقتصادي االشتراكي لتحقيق
أهدافه االقتصادية ،حيث يقوم التخطيط اإللزامي والمركزي والشامل بتحقيق التوازن في
النظام االقتصادي وفعالياته .ومن أهم خصائص هذا التنظيم :وجود خطة مركزية شاملة
وتتصف باإللزامية توجه كافة األنشطة والفعاليات االقتصادية لتحقيق أهداف النظام
االقتصادي االشتراكي .وتفقد آلية السوق فاعليتها في هذا التنظيم االقتصادي لتحل محلها
الخطة وتتدخل الدولة في النشاط االقتصادي من خالل ملكيتها لوسائل اإلنتاج (الملكية
العامة) .ويصبح المشروع هنا وحدة اقتصادية في جسم اقتصادي متناغم ،فالمشروع وحدة
اقتصادية منفصلة من الناحية القانونية فقط.
– تصنيف األنظمة االقتصادية :يتم تصنيف األنظمة االقتصادية باالستناد الى عدد
من المؤشرات والمعايير أهمها:
– 1التصنيف الذي يعتمد مجموعة عوامل للتفريق بين األنظمة االقتصادية أهم هذه
العوامل :دور الدولة في االقتصاد.
1
– 2التصنيف الذي اعتمد شكل الملكية على أنه العامل الوحيد الذي يتم بواسطته
التفريق بين األنظمة االقتصادية.
وعلى العموم يمكن التمييز بين ثالث انظمة اقتصادية اساسية وهي:
النظام االقتصادي الرأسمالي ،النظام االقتصادي االشتراكي والنظام االقتصادي
المختلط او االسالمي .وتختلف أساسيات هذا االخير (االقتصاد اإلسالمي) عن
االقتصاديات الوضعية رأسمالية كانت أم اشتراكية ،فتعاليم األول تستقى من مصادر التشريع
اإلسالمي ،وأهمها الكتاب والسنة ،تلك المصادر التي تتميز بثوابت ال تتغير ،صالحة لكل
زمان ومكان؛ ألنها ليست من وضع البشر وانما هي تنزيل من خالق السماوات واألرض.
عند مقارنة ذلك النظام باألنظمة الوضعية نجد أن تلك األنظمة ،فضالً ،عن
عدم وضوح الرؤية فيها ،قد تعرضت لكثير من الهزات نتيجة التخبط الذي يصاحب سن
األنظمة التي تحكم المتعاملين وتطبيقها .فغني عن البيان ما نتج عن تطبيق النظام
االشتراكي في الدول التي تبنت ذلك النظام من تدهور لبناها التحتية وقطاعاتها االقتصادية
التي الزالت تعاني ذلك التدهور ،وستظل تعانيه لعدة سنوات قادمة ،وخير دليل على ذلك
الجمهوريات السوفييتية ودول أوروبا الشرقية وغيرها من الدول التي كانت تدور في فلك
االتحاد السوفييتي التي كانت الظروف االقتصادية من األسباب الرئيسة لتفككها.
أما النظام الرأسمالي فقد كشفت األزمات المالية ،وخاصة األخيرة منها في دول
شرق آسيا عام 1991م عن إخفاقاته في معالجة تلك األزمات وأسبابها .ففي ظل النظام
الرأسمالي تعمل حرية سعر الصرف لعملة الدولة نظرياً على زيادة الكفاءة االقتصادية من
حيث استغالل الموارد االستغالل األمثل ،ولكن بعد تفجر تلك األزمة اتضح أن هناك فرصة
لبعض المستثمرين لتحقيق أرباح عالية إذا ترك سعر الصرف لعوامل العرض والطلب في
السوق المالية .ونتيجة لذلك وضعت كثير من الدول قيوداً على حركة رؤوس األموال من
الدولة المتضررة واليها؛ مما يعني إخفاق النموذج االقتصادي الرأسمالي التعامل مع تلك
الظروف عملياً.
تاريخ النظم االقتصادية :تدل دراسة التاريخ االقتصادي أن المجتمعات التي وصلت اليوم
إلى درجة عالية من التقدم الصناعي قد مرت منذ القدم بمراحل مختلفة ،إذ بدأت بنظام
2
االكتفاء الذاتي الفردي حيث كان كل فرد يعتمد على نفسه فقط في الحصول على ما يحتاج
إليه .وفي ظل هذا النظام البدائي في فترة ما قبل التاريخ ،كان اإلنسان يكافح ويجاهد لحماية
نفسه من قسوة الطبيعة ولزيادة إنتاج ما يحتاج إليه مع االقتصاد في مجهوده.
وتدل دراسة هذا النظام البدائي على أن اإلنسان كان يعتمد في صراعه مع الطبيعة
على أدوات بدائية وبسيطة .مثل العصي والحجارة المدببة والقوس والبلطة الحجرية في عدة
أغراض مثل الدفاع عن النفس وجمع الثمار.
ثم كانت بعد ذلك مرحلة أخرى من مراحل التطور تميزت بممارسة الزراعة وتربية
الماشية وااللتجاء إلى الري واختراع المحراث والمنجل والعربة ذات العجالت.
وقد ساعد اكتشاف النار والمعادن وصناعة األدوات اإلنسان في صراعه مع الطبيعة
وقسوتها.
.1النظام االقتصادي البدائي
إن الحياة المعاصرة التي نحياها ،بكل ما بها من متع وخيرات وأمن وحماية ،إنما هي
من األمور الحديثة جداً في تاريخ البشرية .ذلك أن اإلنسان عاش الجزء األكبر من تاريخه
في حالة بدائية .فمنذ بدء الخليقة قبل ماليين السنين وهو يواجه الطبيعة بكل ما بها من
قسوة ،فكان عرضة للزالزل والبراكين والفيضانات والحيوانات المتوحشة ،فظل يسعى جاهداً
لتحقيق مزيد من اإلنتاج؛ إلشباع حاجاته المتعددة.
وبدأ اإلنسان في التجمع والسكن في الكهوف والمغارات واالعتماد في سد حاجاته من
الغذاء على ثمار األشجار ،واصطياد الحيوانات واألسماك ،وكانت مرحلة اكتشاف النار
مهمة لإلنسان ،إذ جعلته يطهو طعامه وأصبح بإمكانه أن يعيش في مناطق باردة ،وحقق
لنفسه أداة جديدة يمكن االعتماد عليها في حماية نفسه من مخاطر الحيوانات المفترسة ،وقد
كان يعتمد على األحجار وأغصان الشجر في الدفاع والصيد والقنص.
وقد تمكن إلنسان البدائي من تطوير هذه األدوات واستخدامها في تعبيد األرض
ألغراض الزراعة .ومع اكتشاف الزراعة بدأت مرحلة التخصص في اإلنتاج والتبادل بين
أفراد الجماعة ،حيث كان منهم من يعمل بالصيد والرعي ،ومنهم من يعمل بالزراعة.
3
إال أن الصيد كان النشاط الرئيس الذي اعتمد عليه اإلنسان في ظل النظام البدائي،
واستطاع بعد ذلك أن يسيطر على قوى الطبيعة ،وانتقل من مزاولة نشاط الصيد البدائي إلى
استئناس بعض الحيوانات مثل الماعز والحصان .ثم اتجه بعد ذلك إلى تعلم الزراعة
البدائية ،واستعان بالحيوانات على حرث األرض ،وكانت الزراعة محدودة .فقد كانت ملكية
األرض على الشيوع ،والقوي من األشخاص في هذه الجماعة البدائية كان يستأثر بنصيب
األسد ،ويترك الباقي لمن هو أضعف منه .وطبيعي أن يكون اإلنسان البدائي أنانياً وشرساً
في معامالته بفعل قسوة الطبيعة التي يتعامل معها .وشيئاً فشيئاً أصبحت الملكية مقسمة بين
القبائل .حيث لكل قبيلة أراضيها سواء مخصصة للري أو مخصصة للزراعة ،وال يشاركها
فيها القبائل األخرى.
وبزيادة الجهد تمكن اإلنسان في النظام البدائي ،من تطوير أدوات إنتاجه وزيادة
إنتاجيته فأصبح في إمكانه أن ينتج أكثر من حاجته ،وبالتالي أصبح هناك فائض ادخار؛
مم ا أدى إلى تمتعه بالملكية الفردية ،وبظهور الوفرة في اإلنتاج والملكية الفردية أصبح
اإلنسان في حاجة إلى المزيد من األيدي العاملة المنتجة ،وبالتالي لم يعد ،في ظل النظام
البدائي ،يقتل عدوه األضعف منه ،ولكنه استخدمه أسير حرب في اإلنتاج .ومن هنا نشأ ما
يسمى "نظام الرق" ألول مرة.
.2نظام الرق
يرجع مفهوم الرق إلى آراء الفالسفة اليونانيين :أمثال أفالطون وأرسطو؛ إذ إنهم
الحظوا أن العمل اليدوي في مجال اإلنتاج الزراعي والحرفي كان في مرتبة أدنى وال يليق
باألحرار الذين يعملون بالفكر والحرب والدفاع ،وهكذا أصبح كل ضعيف أو مقهور أو
مغلوب على أمره ضمن الرقيق ،وأصبح كل قوى متمتعا بحقوقه وحريته ومن طبقة السادة أو
األحرار .وفي ظل نظام الرق تطورت أدوات اإلنتاج على نحو مكن اإلنسان من زراعة
نباتات جديدة كالكروم والزيتون.
في ظل هذا النظام انقسم المجتمع إلى طبقتين متميزتين هما :طبقة األحرار الذين
يتمتعون بكل الحقوق والحريات ،وطبقة األرقاء المحرومين من كل حق أو حرية ،ورغم أنهم
القوى اإلنتاجية البشرية الرئيسة لإلنتاج في المجتمع؛ انقسمت طبقة األحرار إلى فئتين :
4
السادة وهم كبار المالك العقاريين ،وهم في الوقت نفسه كبار مالك الرقيق ،والعامة وهم
صغار المنتجين من مزارعين وحرفيين ،الذين كانوا يستخدمون عدد محدوداً من الرقيق
كذلك.
باإلضافة إلى هاتين الفئتين كانت هنالك فئة ثالثة تضم األفراد العاطلين عن كل عمل
حيث تتولى الدولة إعالتهم.
وقد تميز نظام الرق بعدم العدالة في التوزيع ،ألن ما ينتجه الرق يذهب بالكامل لصالح
سيده ،وال يحصل الرقيق على ما يكفي لسد حاجته الضرورية أو لضمان استمرار حياته.
وكان األرقاء جزءاً من وسائل اإلنتاج ،فهم جزء من أشياء كاألرض والحيوانات
واآلالت.
ونتيجة للظروف السيئة التي كان يعيشها الرقيق قاموا بثورات متعددة مطالبين
بتحريرهم ،إلى أن أدرك السادة أن من األفضل تحريرهم واعطاءهم مساحات من األرض
حتى يزداد اإلنتاج ويتوفر لديهم الحماس .وهكذا انتهى نظام الرق ليتحول فيما بعد إلى نظام
اإلقطاع.
.3النظام االقتصادي اإلقطاعي
ترجع نشأة النظام اإلقطاعي إلى عهد الرومان .إال أن معالمه الحقيقة لم تظهر
بوضوح إال ابتداء من القرن التاسع الميالدي ،ووصل إلى قمته خالل القرن الثالث عشر ،ثم
بدأ بعد ذلك في االضمحالل تدريجياً .وليس هناك اتفاق بين المؤرخين حول حادث معين أو
تاريخ معين لنشأة النظام اإلقطاعي.
بدأ نظام اإلقطاع باقتطاع المالك واألمراء مساحات من األراضي إلى من يدينون لهم
بالوالء ،وذلك مدى حياتهم ،ثم أصبح ذلك أم اًر وراثياً ،ويقوم هؤالء النبالء الذين حصلوا على
األرض باقتطاع مساحات منها إلى من يدين لهم وألميرهم وملكهم بالوالء ،ومن هنا بدأ
االتجاه نحو تطبيق نظام الحكم المحلي بدالً من نظام الحكم المركزي ،إذ يمكن القول أن
الضيعة أو اإلقطاعية كانت وحدة سياسية واجتماعية واقتصادية .فهي وحدة سياسية ألن أحد
األسياد أو النبالء أو رجال الكنيسة كان يملكها ويكون له حق الحصول على دخل منها ،وله
فيها سلطات واسعة ،كسلطة جمع الضرائب وتعبئة السكان وقت الحرب .وتعد الضيعة أو
5
اإلقطاعية وحدة اجتماعية؛ ألنها تتكون من مجموعة من األفراد يعيشون معاً في قرية
صغيرة ،وتربطهم عادات خاصة بهم .وتعد الضيعة أو اإلقطاعية وحدة اقتصادية؛ ألن كل
من أفرادها كان يعتمد على مبدأ االكتفاء الذاتي ،حيث يتعاونون في زراعة األرض واعدادها
لإلنتاج ويشتركون في دفع الضرائب للسيد والكنيسة.
وتدل دراسة تاريخ أوروبا االقتصادي خالل القرون الوسطى أن المدن القديمة سقطت
تحت سلطان السادة اإلقطاعيين ،وأّرغم أهلها على فالحة األرض المحيطة بها ،وترتب على
ذلك اندثار بعض المدن ،وتحول بعضها إلى قرى .ولذلك فإن المرحلة األولى لإلقطاع قد
تميزت باندثار معالم المدنية ،وسيادة الريف وزيادة أهمية النشاط الزراعي على حساب
النشاطين الصناعي والتجاري .وهكذا أصبحت اإلقطاعية الوحدة السياسية للنظام اإلقطاعي
في أوروبا في القرون الوسطى ،كما أصبحت كذلك الوحدة االقتصادية واالجتماعية.
نخلص مما تقدم إلى أن الزراعة كانت تحتل المركز األول في اقتصاديات الدول
األوربية حتى منتصف القرن التاسع عشر .وكان الدخل من قطاع الزراعة ،حتى ذلك
التاريخ ،أكبر من الدخل من قطاع الصناعة أو من قطاع الخدمات.
وقد جرت عادة االقتصاديين على تقسيم النشاط االقتصادي إلى ثالث قطاعات هي:
الزراعة ،والصناعة ،والخدمات .واذا رجعنا إلى اإلحصاءات ،نجد أن نسبة المشتغلين
بالقطاع األول كانت أكبر من نسبة المستغلين بالقطاعين الثاني والثالث ،وذلك حتى
منتصف القرن التاسع عشر .فمنذ قيام الثورة الصناعية في النصف الثاني من القرن الثامن
عشر بدأت نسبة المشتغلين بقطاعي الصناعة والخدمات تزداد وفي الوقت نفسه قلت نسبة
المشتغلين بالزراعة ،وقد اشتهر نظام اإلقطاع بنمو الطوائف الحرفية وطبقة الصناع الذين
أخذوا على عاتقهم توفير احتياجات المجتمع من الصناعات الحرفية .ويتكون نظام الطوائف
الحرفية من عدد من (األسطوات) أو المعلمين في كل حرفة على حدة .ويقوم (األسطى) أو
المعلم بمباشرة حرفته بمساعده عدد من الحرفيين والصبية.
وقد تميز العصر اإلقطاعي كذلك بنمو التجارة والمدن التجارية؛ مما أدى إلى تكوين
طبقة من كبار التجار األغنياء داخل كل مدينة ،وقد ساهمت طبقة التجار والمدينة عموما
في تقويض نظام اإلقطاع ذاته ،فمن ناحية أصبحت المدينة مقصداً للهاربين من وطأة حكم
6
اإلقطاع وظلمه داخل الريف ،ومن ناحية أخرى كان لدى األغنياء من تجار المدن المال
الذي ساهم في نشأة النظام الرأسمالي.
خصائص النظام اإلقطاعي :تميز النظام اإلقطاعي الذي ساد أوروبا في العصور
الوسطى ،بعده خصائص يمكن تلخيصها فيما يلي:
.1كان النظام االقتصادي يقوم على اإلقطاعيات.
.2اقترن النظام اإلقطاعي بالعبودية ،وبصفة خاصة في قطاع الزراعة.
.3تميز النظام اإلقطاعي بمستوى منخفض جداً من الفن اإلنتاجي ،وبساطة تكلفة
أما تقسيم العمل فلم يكن موجوداً في ظل هذا النظام إال
أدوات اإلنتاج المستخدمة وصغرهاّ ،
في صورة بدائية.
مساوئ النظام اإلقطاعي :يمكن تلخيص مساوئ هذا النظام فيما يلي:
-1نظام تقسيم األرض إلى شرائح واعطاء المزارع عدداً منها تفصلها عن بعضها
مسافات كبيرة ،أدى إلى ضياع جزء كبير من الوقت والجهد ،ويكفي أن نذكر
هنا.
-2إن تقسيم األرض الزراعية في اإلقطاعية إلى قطع كبيرة ،ثم تقسيم كل قطعة إلى
شرائح صغيرة ،أدى إلى إسراف في استخدام األرض القابلة للزراعة نتيجة ترك
مسافات كبيرة لتكون حدوداً فاصلة بين القطع المختلفة وكذلك بين الشرائح
المتعددة.
-3أدى اتباع نظام الحقول المفتوحة إلى تبديد جزء من األرض ،نتيجة تركها بدون
زراعة ،ففي ظل نظام الحقلين كان هناك تبديد لنصف مساحة األرض الزراعية،
وفي ظل نظام الحقول الثالثة كان هناك تبديد لثلث مساحة األرض الزراعية،
ومن الواضح أنه لو طبق نظام الدورات الزراعية ألمكن االستفادة من هذه
األراضي.
-4أدى اتباع نظام الحقول المفتوحة إلى جمود التقدم الفني في أساليب الزراعة
وطرقها ،إذ كان المزارعون يزرعون الحاصالت نفسها ،بالطريقة ونفسها ،وفي
الوقت نفسه من كل عام.
7
-5من أعظم مساوئ النظام اإلقطاعي ما كان ينطوي عليه من ظلم اجتماعي يقع
على عاتق طبقة العبيد.
العوامل التي أدت إلى تالشي النظام اإلقطاعي :ومن اهمها:
.1الثورة الصناعية :ال شك أن الثورة الصناعية كانت أهم العوامل التي أدت إلى تالشي
النظام اإلقطاعي ويتفق االقتصاديون في إطالق تسمية الثورة الصناعية lairtsudn
noienituelعلى التغيرات الهائلة التي حدثت في الهيكل الصناعي إلنجلت ار في الفترة
من عام 1171حتى عام 1331م .فالواقع أن المخترعات العظيمة التي ظهرت في
فروع الصناعة المختلفة ،وخاصة صناعة الغزل والنسيج ،وصناعة التعدين ،وتوليد
القوى المحركة ...الخ .وما ترتب عليها من نتائج ،كانت سبباً في إطالق تسمية " الثورة
الصناعية".
وال يعني تحديد عام 1171م بالذات بداية للثورة الصناعية ،أنه لم يكن هناك تقدم فني
في طرق اإلنتاج الصناعي ووسائله قبل هذا التاريخ؛ فمنذ أن أصبحت الصناعة حرفة
مستقلة في القرن الثاني عشر الميالدي ،حدث تقدم ملموس في طرق الصناعة ولكن
هذا التقدم كان بطيئاً؛ إذ استغرق ستة قرون من الزمان ،بعكس ما حدث خالل الفترة
من 1171إلى 1331م؛ إذ كان التقدم سريعاً لدرجة مذهلة.
أما تحديد عام 1331م نهاية للثورة الصناعية ،فال يعنى إطالقاً نهاية التقدم الفني في
طرق اإلنتاج الصناعي ووسائله ،ولكنه يعني فقط نهاية الفترة التي شهدت التغيرات
الكبيرة في الهيكل الصناعي بإنجلت ار وما ترتب عليها من نتائج بالغة األهمية .فالتقدم
الفني سيظل مستم اًر حتى يرث اهلل األرض ومن عليها .ولعلنا نذكر في هذا المجال
التغير الكبير في طرق اإلنتاج الصناعي ووسائله في الدول الصناعية الكبرى مثل
الواليات المتحدة األمريكية ،واالتحاد السوفيتي ،وألمانيا الغربية ،وانجلترا ،وفرنسا ،إلخ
الذي حدث من عام 1951م ،فمنذ ذلك التاريخ أدخل نظام اآللية؛ إذ أصبحت اآلالت
تدار أوتوماتيكياً أي دون الحاجة إلى العمال ،إال في بعض العمليات الخاصة ،لقد كان
هذا التطور هائالً لدرجة أن البعض أطلق عليه تسمية "الثورة الصناعية الثانية" وترجع
هذه التسمية إلى صغر الفترة التي تم خاللها هذا التطور الهائل في وسائل اإلنتاج ،فهي
8
لم تزد على خمس سنوات (1951ـ1955م) ،وكذلك إلى اآلثار البالغة التي تركها هذا
التقدم الفني.
إن إطالق تسمية ثورة صناعية على التقدم الفني في طرق ووسائل الصناعة يستدعى
توافر ثالثة شروط:
-أن يكون هذا التقدم كبي اًر وهائالً.
-أن يكون هذا التقدم سريعاً ومفاجئ ًا ،أي يحدث خالل فترة قصيرة من الزمن.
-أن يكون لهذا التقدم الفني آثار ذات أهمية كبرى على الهيكل االقتصادي وعلى
العالقات االجتماعية.
ولإللمام ببعض جوانب الثورة الصناعية ينبغي دراسة النقاط اآلتية:
أ .العوامل التي ساعدت على قيام الثورة الصناعية
لم تقم الثورة الصناعية في جميع الدول في وقت واحد .فقد بدأت في إنجلت ار في عام
،1171إال أنها لم تبدأ في فرنسا إال عام 1315م .ثم تأتي بعد ذلك الواليات المتحدة
األمريكية ،إذ بدأ التطور الصناعي بها منذ منتصف القرن التاسع عشر .أما في االتحاد
السوفيتي فإن التطور لم يظهر بوضوح إال بعد عام 1371وفي ألمانيا بعد عام
1311م ويرجع ذلك الختالف الظروف االقتصادية ،واالجتماعية ،والسياسية.
وفيما يلي أهم العوامل التي ساعدت على قيام الثورة الصناعية:
-انتصار سياسة الحرية وانسحاب الدولة من الحياة االقتصادية
-توافر رأس المال
-زيادة السكان
-السيطرة على اقتصاديات بعض المستعمرات
-تقدم وسائل النقل والمواصالت
ب .نتائج الثورة الصناعية
-هجرة السكان من الريف وتركزهم في بعض المدن
-كبر حجم الوحدات اإلنتاجية
-دور النزعات االحتكارية في الصناعة
9
-ظهور المصانع واستخدام اآلالت
-ارتفاع مستويات المعيشة
-احتدام النزاع بين العمال وأصحاب األعمال
ج .الثورة الصناعية والدول النامية :هناك عالقة وثيقة بين الثورة الصناعية واالستعمار في
أفريقيا وآسيا وأمريكا الالتينية ،ومن ثم بقاء هذه المجتمعات في حالة من التخلف
االقتصادي.
( )1العالقة بين الثورة الصناعية واالستعمار:
قامت الثورة الصناعية في عدد كبير من دول أوروبا ،وكانت هذه الدول في حاجة إلى
كميات كبيرة من المواد األولية ،وعندما تقدمت الصناعة في الدول األوروبية وأصبح
اإلنتاج في كثير من هذه الدول يزيد على حاجات االستهالك فيها ،بدأت هذه الدول
تبحث عن أسواق خارجية لتصريف الفائض من إنتاجها الصناعي .فوجدت في أفريقيا
وآسيا وأمريكا الالتينية مصد اًر تحصل منه على ما تحتاجه من المواد األولية وسوقا
لتصريف الفائض من إنتاجها الصناعي ،وذلك ألن هذه الدول كانت حتى ذلك الوقت
دوالً زراعية.
وهكذا يؤكد كارل ماركس أن الدول الصناعية لجأت ـ تحت ضغط الحاجة إلى منافذ
جديدة ـ إلى غزو العالم.
( )2أثر االستعمار على اقتصاديات الدول النامية:
جعل االستعمار من المستعمرات مناطق متخصصة في إنتاج المواد األولية على أن
تقوم بتصديرها إلى دول أوروبا الصناعية ،وفي الوقت نفسه تقوم هذه المستعمرات
باستيراد المنتجات الصناعية من هذه الدول .وقد ترتب على هذا الوضع نوعا من
التخصص الدولي ،إذ أصبحت دول أفريقيا وآسيا وأمريكا الالتينية دوالً زراعية أو
ال صناعية .وليس ذلك فحسب ،بل كانت
استخراجية ،بينما أصبحت دول أوروبا دو ً
الدول األوروبية تحصل على المواد األولية بأثمان منخفضة ،وتبيع منتجاتها الصناعية
بأثمان مرتفعة ،أي أن معدل التبادل كان دائما في صالح الدول األوروبية؛ ولذلك فان
الدول األوروبية االستعمارية تمسكت باحتالل دول أفريقيا وآسيا وأمريكا الالتينية
10
واستعمارها تمسكاً شديداً ،ولم توافق على منحها االستقالل إال عندما اضطرتها الظروف
الحركات التحررية الثورية إلى ذلك.
.2قيام الملكية الخاصة :قامت في عدد كبير من الدول األوروبية حركات ثورية تحريرية
تهدف إلى القضاء على نفوذ طبقة النبالء بالقضاء على مصدر قوتهم وهو ملكية
األرض واعادة توزيعها على الفالحين.
ومن أعظم هذه الحركات التحريرية الثورة الفرنسية التي اندلعت في 14مايو عام
1139م والتي بدأت بمصادرة أراضى النبالء ورجال الكنيسة وبيعها للفالحين بأسعار
معقولة وعلى أقساط.
وفي منتصف القرن التاسع عشر صدرت في ألمانيا عدة تشريعات تهدف إلى مساعدة
الفالحين في الحصول على األرض عن طريق إنشاء بنوك تقرض الفالحين المبالغ
الالزمة لش ارء األرض مقابل رهنها للبنك حتى يتم السداد ،وكانت آجال هذه القروض
تمتد أحياناً إلى أكثر من 51سنة.
وفي الواليات المتحدة أعلن تحرير العبيد إثر قيام الحرب األهلية في الجنوب عام
1373وكان من نتائج حركة التحرير تغيير كبير في نظام الزراعة وانتشار الملكية
الصغيرة نسبيا.
.3نمو االقتصاد النقدي :إن انتعاش التبادل التجاري ونموه في أوروبا الغربية إلى ظهور
أهمية الدور الذي تؤديه النقود في الحياة االقتصادية .فقد استبدلت خدمات العمل
المدفوعات النقدية ،وسداد إيجار األرض نقدا بدالً من نظام السخرة .وقد أدى كل ذلك
إلى نمو حجم المعامالت النقدية وحجم السوق.
11
المحاضرة رقم 01
12
الخصائص هي :الملكية الفردية ،وحرية المشروع ،وحافز الربح ،والمنافسة ،وجهاز الثمن.
وفيما يلي مناقشة هذه الخصائص:
-1الملكية الفردية الخاصة :يقصد بها في النظام الرأسمالي ،إقرار المجتمع وحمايته
لحقوق األ فراد في االحتفاظ بما يحصلون عليه من ثروة ،والتصرف فيها كيفما شاءوا
عن طريق االستغالل أو التأجير أو التنازل أو البيع أو التوريث.
وال يعنى إقرار المجتمع وحمايته لحقوق األفراد في التصرف فيما يملكون بالطريقة
التي تحقق لهم مصالحهم الخاصة ،أن هذه الحماية تكون مطلقة ،بل عادة ما تكون
في حدود اإلطار القانون واالجتماعي للمجتمع ،وبالدرجة التي ال تسبب ضر اًر
لآلخرين.
-2حافز الربح :يعد حافز الربح في النظام الرأسمالي هو الدافع األساسي لزيادة اإلنتاج،
وهو المحرك الرئيسي ألي قرار يتخذه المنتجون ،فكل فرد في هذا النظام إنما
يتصرف بما تمليه عليه مصلحته الشخصية ،بما يتفق مع تحقيق أهدافه الخاصة.
وبما أن الربح هو الفرق بين اإليرادات والتكاليف فان المنتجين في النظام الرأسمالي
يختارون النشاط االقتصادي المالئم الستخدام ما في حوزتهم من موارد اقتصادية
أخذين في االعتبار إمكانية الحصول على أكبر قدر ممكن من إيرادات واقل تكاليف
لتعظيم الفرق بينهما .واذا حدث ذلك في جميع األنشطة االقتصادية فإن كل الموارد
االقتصادية تكون قد استخدمت ونظمت ،بحيث تعطي أقصى أرباح ممكنة ،والتالي
يحصل المجتمع على أقصى دخل ممكن من موارده.
والربح في النظام الرأسمالي ليس مجرد عائد يحصل عليه المنظمون فحسب ،ولكنه
يعد أحد العناصر المسيرة للنظام االقتصادي التي تعمل على تنميته ،فعلى كل من
يرغب في الحصول على المزيد من األرباح ،يزيد من إنتاجه ،األمر الذي يؤدي إلى
زيادة اإلنتاج الكلى للمجتمع.
-3المنافسة :يتنافس البائعون والمشترون في سوق السلع االستهالكية وسوق عوامل
اإلنتاج من أجل الحصول على أفضل الشروط للسلع والخدمات محل التعاقد ،فالبائع
يحاول بيع أكبر قدر ممكن من السلع سعي ًا وراء الربح ،منافساً بذلك غيره من منتجي
13
السلع المماثلة ،محاوالً تخفيض ثمن سلعته أو تحسين من جودتها ليكسب السوق
لنفسه.
-4آلية األسعار :يتميز النظام الرأسمالي بأن األثمان تتحدد فيه وفقا لرغبات المشترين
والبائعين وقدرتهم على المساومة ودون أي تدخل من جانب الحكومة .ويؤدي جهاز
الثمن دور المرشد للمنتج والمستهلك ليتقرر بناء على ذلك ما يمكن إنتاجه من سلع
وخدمات ،وكذا ما يتم استهالكه منها.
أي أن جهاز الثمن في النظام الرأسمالي من أهم العناصر التي يعتمد عليها في
التوفيق بين الموارد المتاحة في المجتمع والحاجات المطلوب إشباعها .ويتحدد الثمن
في النظام الرأسمالي بقوى العرض والطلب ،حيث تتحدد رغبات البائعين فيما يسمى
بقوى العرض ،أم ا رغبات المستهلكين فتتحدد فيما يسمى بقوة الطلب ،وبتالقي قوى
العرض والطلب يتم تحديد الثمن بالسوق ،ومن هنا جاء تسمية االقتصاد الرأسمالي
"باقتصاد السوق" أو "اقتصاد العرض والطلب".
انتقادات النظام الرأسمالي :ساد النظام الرأسمالي الحر دول العالم المتقدمة ما يقرب من
مائة وخمسين عاماً من منتصف القرن الثامن عشر حتى أواخر القرن التاسع عشر .ورغم ما
فيه من ركائز أساسية مثل :نظرية عدم التعارض بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة،
فاإلنسان لو ترك وشأنه لن يحقق مصلحته الشخصية فحسب ،بل سوف يعمل في الوقت
نفسه على تحقيق الصالح العام .ولذلك كان شعار النظام ال أرسمالي ـ اتركه يعمل ،اتركه يمرـ
وهى تعنى إطالق حرية العمل ،إطالق حرية التجارة داخل البالد وخارجها.
وفيما يلي نتناول بالشرح والتفصيل عيوب النظام الرأسمالي:
-1الحرية الوهمية
-2االحتكار واإلسراف في استخدام الموارد
-3سوء توزيع الدخل والثروة
-4التقلبات االقتصادية والدورات االقتصادية :يعتقد أنصار النظام الرأسمالي أن "جهاز
الثمن" كفيل بتحقيق التوازن التلقائي بين اإلنتاج واالستهالك .والوقع ـ كما أثبتت
التجربة ـ أن هذا التوازن ال يمكن أن يحدث بطريقة تلقائية .ويرجع ذلك إلى انه في
14
ظل النظام الرأسمالي الحر ،يتولى المنظمون وأصحاب المشروعات وضع خطط
اإلنتاج التي تعتمد إلى حد بعيد على التنبؤات والتوقعات المستقبلية .وقد أثبتت
التجربة أن المنظم الفردي وحده ال يتوفر لديه اإلمكانات لدراسة الطلب في األجل
الطويل ،والسيما لدراسة الحالة االقتصادية بصفة عامة وما ينتظر أن يط أر عليها من
تغيرات ،ويترتب على ذلك أن الطلب الفعلي على سلعة معينة قد يزيد وقد ينقص
عما كان يتوقعه المنظمون أو أصحاب المشروعات ،مما يؤدى إلى اختالل التوازن
بين اإلنتاج واالستهالك .ولذلك يمكن القول :إن التقلبات االقتصادية ـ رواج وكساد ـ
هي في الواقع سمة من سمات النظام الرأسمالي الحر .وتظل دراسة اقتصاديات
الدول الغربية التي اتبعت هذا النظام أكثر من مائة عام دليالً قاطعاً على حتمية
التقلبات االقتصادية في هذا النظام ،وما يترتب على ذلك من بطالة خالل فترات
الكساد.
خصائص التقلبات االقتصادية :أسفرت الدراسات اإلحصائية عن أن التقلبات االقتصادية
تتميز بخاصتين رئيسيتين هما صفة "الدورية" أي التكرار عبر فترات ،وصفة التوافق الزمني
لمجموعة اتجاهات اقتصادية داخل الهيكل االقتصادي.
الخاصية األولى :الدورية :تعاود التقلبات االقتصادية تعاود الظهور في فترات قد ال تكون
متساوية تماماً من حيث القياس الزمني ،ولكنها متقاربة إلى الدرجة التي تجعلنا نسلم
بخاصية الدورية أو التكرار التي تتسم بها التقلبات ،وقد ال تتشابه الدورات المتعاقبة من حيث
مداها أو الفترة التي تستغرقها ،ولعل ظاهرة الدورية هذه أصبحت موضوع دراسة رجال
األعمال واهتمامهم إلى درجة أنهم يدخلون في توقعات يتم بناء عليها تقدير الظروف
المستقبلية.
الخاصية الثانية :الشمول والتوافق الزمني :تشمل التقلبات االقتصادية معظم أجزاء الجهاز
االقتصادي .ويتأثر كل جزء من األجزاء بما يحدث في أجزاء أو قطاعات أخرى ضمن
النشاط االقتصادي القومي .وقد يمثل البعض هذه الظاهرة بذلك اإلحساس باأللم الذي
يصيب كل الجسم عندما يتعرض لصدمة أو التهاب في جزء من أجزائه ،إذا حدث ما يؤثر
في ميدان إنتاج أو قطاع أو منشأة كبرى ،فإن هذا األثر ـ سيئاً كان أم طيباً ـ سيمتد مداه
15
إلى كل هؤالء الذين يتعاملون مع "المصاب" وسيؤثرون كذلك على غيرهم ممن لهم صله
اقتصادية بهم .وهكذا يمتد األثر إلى الجهاز االقتصادي كله .ففشل بعض المنشآت يعنى
ال ،والتشاؤم يخلق التشاؤم.
فشالً آلخرين غيرهم والتفاؤل يخلق تفاؤ ً
16
وتبدأ الطلبات على شركات التشييد والبناء ،فتزداد العمالة ،ويحصل العمال على
دخل إضافي بعد أن انتقلوا من البطالة إلى التوظف ،فينفقون هذا الدخل على سلع
استهالكية ،وهذه الزيادة في اإلنفاق تبعث على تنشيط اإلنتاج في صناعات أخرى
كصناعة السلع االستهالكية فتزداد العمالة ،فالدخل ،فاإلنفاق ،وهكذا يكون المجتمع
قد تخطى ظلماك الكساد وانتقل إلى نور النشاط الطبيعي.
-3التوسع :أن تيار االنتعاش الذي بدأ يزداد قوة يجد تدعيماً من جهات متعددة،
فتنشيط االستثمار في صناعة ما يؤدى إلى التنشيط في صناعة أخرى ،وأجور
العمال في صناعة ما تخلق طلبات على منتجات صناعة أخرى ،واذا ساد تنشيط
عام في الطلب فإن األسعار ستميل نحو االرتفاع وتزداد دخول رجال األعمال،
بينما ال ترتفع األجور وأسعار الفائدة إال ببطء .وهذا يعنى اتساع الربح أو الفائض.
وهنا يبدأ التفاؤل واذا بدأ فسوف ينتشر بسرعة والى كثير من المجاالت ،فالبنوك
متأكدة أن المنظمون يربحون ،ولذلك فهي ال تمانع في اإلقراض ،فتتوسع في
االئتمان ويتمادى المنظمون في االقتراض ويتوسعون في اإلنتاج طالما أن األرباح
والمتوقعة تفوق سعر الفائدة.
إن هذا الرواج غير العادي يصيب رجال األعمال " بلوثة" من الفرح والغبطة
فيبالغون في التفاؤل ،وتصيب حمى التكالب على الكسب غالبية رجال األعمال،
وهكذا يصل المجتمع إلى "الفورة" االقتصادية التي قد تستمر عدداً من السنين.
ثانيا :االتجاه التنازلي :وبه المراحل التالية:
-1نقطة التحول التنازلي :وبما أن الكساد يولد االنتعاش ذاتياً ،فإن ظروف الرواج
الجامد تحمل بين ثناياها عوامل إيقافها ،فالمجتمع قد وصل إلى مرحلة التوظف
الكامل وبعض األجور قد أخذت في االرتفاع ،وزيادة الطلب على العمل قد أدت إلى
توظيف عناصر أقل كفاية بأجور قد تفوق إنتاجيتهم،
وقد بدأ سعر الفائدة في االرتفاع ،وارتفعت كذلك أثمان معظم الخامات ومعدات
اإلنتاج ،وبدأت نفقات اإلنتاج تسير في مرحلة تصاعدية ،ويأتي الوقت الذي تتخطى
فيه نفقات اإلنتاج في مرحلتها التصاعدية أثمان المنتجات ،فتتناقص فرص الربح،
17
ويتضاءل الفائض والربح تدريجياً ،ويختفي فائض الربح من بعض المنشآت وتلحق
منشآت أخرى خسارة.
عندما تقارب مرحلة الرواج على االنتهاء .يبدأ القلق .وقد يساور القلق البنوك ،فتلوح
بطلب رد القروض التي سبق أن قدمتها ،مما يؤدي إلى إحراج المركز المالي
للمقترضين ،األمر الذي يؤدى إلى انتشار عدوى القلق والذعر في دوائر األعمال
ويصبح الجو ملبداً بغيوم التشاؤم التي تقود إلى مرحلة النكسة.
-2مرحلة النكسة :في هذه المرحلة يصاب كل منظم بالقلق على مركزه ،ويتيقن أن
مرحلة الكسب قد أوشكت على االنتهاء ،فيتوقف المنظمون عن طلب معدات
وخامات جديدة ،ويحاول البعض منهم تخفيض معدالت القروض ،وتبدأ أخبار
اإلفالس في االنتشار ،وتزيد الشائعات وتنتشر ويزداد الذعر ،ويزداد تفضيل األفراد
للنقد السائل ،فيضيفون بذلك إلى تيار االنكماش ،واذ يقل اإلنفاق فتنخفض أرقام
المبيعات فيزيدون قلق رجال األعمال تأكيدا.
وكما أن الرواج يغذى نفسه ،فإن االنكماش يغذى نفسه كذلك ،وألن كل فرد يفكر في
نفسه ،فيحاول إنقاذ المركز المالي أو يمتنع عن اإلنفاق وسرعان ما يتجمع أثر
االمتناع عن االتفاق بالتكالب على االكتناز ،فتبدأ بوادر االنهيار ،وتنتشر أخبار
اإلفالسات ،واذا انهارت منشأة فإنها تخلف وراء انهيارها صعوبات عملية وسيكولوجية
لكل من كان يتعامل معها من المنشآت األخرى .فيطغى التشاؤم على الجميع ،ويعم
اليأس والبؤس بين العاطلين الذين ُسرحوا من المنشآت التي أفلست أو خفضت من
معدالت نشاطها ،فتؤدى البطالة إلى بطالة ،بكل ما لها من آثار انكماشية ،وبعد فترة
يجد المجتمع نفسه قد عاد إلى ظلمات الكساد مرة أخرى فترة يستمر مداها رد فعل
بقدر ما كان االنحراف شديداً خالل مرحلة التضخم التي سبقت االنهيار.
18
المحاضرة رقم 00
20
إال إلى توازن جديد ومماثل .وبحث وتحديد هذا التوازن النهائي هو جوهر علم االقتصاد
السياسي .كما أن من أساسيات النظام االقتصادي التقليدي والحديث هو وجود قاعدة ثابتة ال
تتغير ،أيا كانت االضطرابات أو األزمات التي يتعرض لها النظام ،وأن علم االقتصاد يبحث
ويثقل المعرفة بالمؤسسات الرئيسية والعالقات الجوهرية الدائمة والباقية.
من جهة ثانية ،وقع كارل ماركس تحت تأثير هيغل ،ومن الفكر اليهغلي جاءت فكرة
على أكبر قدر من األهمية ،وهى أن الحياة االقتصادية واالجتماعية والسياسية تكون دائماً
في حال تحول مستمر .وعندما يبرز كيان اجتماعي أو طبقة اجتماعية وتحتل الموقع األول
اجتماعياً ،ال تلبث أن يظهر كيان أو طبقة اجتماعية وقوة جديدة تنافسها وتتحداها .والمثال
البارز لهذه الفكرة ،هو بروز طبقة الرأسماليون أو الصناعيون الجديد مكان الطبقة الحاكمة
القديمة ،وهى مالكو األرض .ولم يكن األمر يحتاج إلى جهود لرؤية أن الصناعيين الجدد أو
البرجوازية الجديدة ،بعد أن تحدت الطبقة االجتماعية السابقة عليها وهى األرستقراطيين أو
مالك األراضي بالقدر الكافي وأنشأت تركيباً جديداً ،سوف تتعرض بدورها لتحد كيان
اجتماعي جديد وهو طبقة العمال.
من جهة ثالثة ،إذا كانت فلسفة المذهب الفردي أو فلسفة النظام الرأسمالي تطلق ،في
أحد جوانبها ،من أن الدولة إنما توجد من أجل الفرد ،نجد لكارل ماركس فلسفة أو فكر جديد
مخالف ،وهو نفس فكر األلماني جورج فريدريك ليست ،وهى أن الفرد يوجد من أجل الدولة.
فالدولة هي التي تمنحه الحماية و إمكانية الوجود بشكل متحضر ومستمر ،ومن هنا فالدولة
يجب أن تتقدم وأن يكون لها الدور األسمى.
وقد رفض ماركس مهتدياً بهيغل ،االفتراضات األساسية لالقتصاد الرأسمالي التقليدي
والحديث ،فالتوازن ليس هو النهاية ،وانما هو مجرد حدث في تغير أكبر كثي اًر ،يؤدى إلى
تغيير كامل العالقة بين رأس المال والعمل .كما أن المؤسسات االقتصادية ،ونقابات العمال،
والشركات ،والمظاهر االقتصادية للدولة وسياستها .كل ذلك في تغيير مستمر وفي حالة
حركة ،وأن صراع الطبقات هو مصدر هذه الحركة.
وقد أصدر كارل ماركس ،بالتعاون مع صديقة األلماني أيضاً فريدريك انغلز أشهر
منشور سياسي ،والذي قوبل بأكبر قدر من االعتراض والتنديد وهو البيان الشيوعي الذي
21
خاطب السخط الواسع النطاق الذي عبرت عنه الحركات الثورية للعام .1343وقد تبع ذلك
إصدار المجلد األول من كتابه ” رأس المال ” الذي راجعه وأعده للطبع صديقه انجلز،
وصدر في حياة كارل ماركس ،ثم اعتمد انجلز بعد ذلك على المذكرات وأجزاء من
المخطوطة الستكمال ونشر الجزأين األخيرين من ” رأس المال” بعد وفاة كارل ماركس.
وفي كتابة ” رأس المال “ ،أشار ماركس إلى إنجازات النظام الرأسمالي في مجال
اإلنتاج ،وأشاد بها ،وذكر أن النظام الرأسمالي ،وفي فترة لم تتجاوز المائة عام حقق قد اًر
أكبر وأضخم من كل األجيال السابقة مجتمعة .كما أشار إلى إنجازات أخرى للرأسمالية ،وان
كانت فرعية كخلق المدن الجديدة وزيادة سكان الحضر زيادة كبيرة بالقياس لسكان الريف
عالوة على األسعار الرخيصة للسلع والمنتجات .ولكن بعد هذه اإلشارة المقتضبة لمنجزات
اإلطار اإلنتاجي الجديد أو الرأسمالية ،وجه ماركس سهامه نحو جوانب الضعف في
الرأسمالية والتي أجملها في أربعة عيوب أو مشكالت رئيسية ،وهى:
-1التوزيع غير المتكافئ في السلطة :ذهب ماركس إلى أن السلطة ال مهرب منها في
الحياة االقتصادية ،ومصدر هذه السلطة هي الملكية الخاصة ،وبالتالي فالسلطة هي
ملكية طبيعية وحتمية للرأسمالي .وأن سلطة الرأسمالي ال تقتصر على مشروعه ،بل تمتد
إلى المجتمع والدولة .فالجهاز اإلداري في الدولة ما هو إال لجنة إلدارة الشئون المشتركة
للبرجوازية الحاكمة ،ويضيف ماركس بأن هذه السلطة الرأسمالية تمتد لتشمل
االقتصاديين ،ومن ثم يخضع علم االقتصاد واالقتصاديون لنفوذ سلطة الرأسمالي.
-2التوزيع غير المتكافئ في الدخل :إن الفروق الهائلة في توزيع الدخل ،كانت محل
مالحظات االقتصاديين التقليديين أنفسهم .وقد قالوا بمبررات لم تكن كافية وقوية لهذا
التفاوت .وقد وجد ماركس تبري اًر ،من جهة نظره ونظر أنصاره والتي وجد مصدرها في
نظرية ريكاردو ” العمل في القيمة “ .فقد رأى ماركس أن العامل الحدي يحصل على
مقابل أو على أجر يعكس إسهامه المضاف في مجموع إيرادات المشروع .ويتناقص هذا
اإلسهام ،وفقاً لقانون الغلة المتناقصة مع إضافة عمال جدد .واألجر الحدي يقرر األجر
للجميع .ولكن من هم بعيدون عن الحد يحصلون على األجر الحدي على الرغم من
أنهم يساهمون في المكاسب بأكثر مما يحصلون عليه من أجر ،وربما بأكثر منه كثي اًر.
22
وانهم في المراحل قبل الحدية من العائدات المتناقصة يحققون فائدة أكبر وهذه هي
القيمة المضافة أو فائض القيمة ،والتي ال يحصل عليها من يحققها أو يحققونها ،بل
يستولي عليها وبطريقة خادعة الرأسمالي.
فإذا كان ت هناك قوانين إلنتاج تفرضها الطبيعة مثل قانون الغلة المتناقصة ،فإن قوانين
التوزيع قد فرضها اإلنسان ،وليس هناك ما يجبر العمال على الخضوع لمثل هذا الترتيب
اإلنساني.
-3األزمات المتالحقة للنظام الرأسمالي :ال يمثل فقط التوزيع غير المتكافئ في السلطة،
وال التوزيع غير المتكافئ في الدخل ،عيوب الرأسمالية ،بل يهدد بقاء النظام الرأسمالي
كذلك االتجاه إلى الكساد والبطالة .فقد شهد ويشهد النظام الرأسمالي وجود دورة
اقتصادية أشبه بالموجة تسبب اختالالً .وقد نظر االقتصاديون الرأسماليون األوائل ،من
أمثال جانب باتسيت ساى ،دافيد ريكاردو إلى هذه الموجات بأنها أمر مؤقت ال تغير
األوضاع األساسية ،كما حلل جون مانيارد كينز هذه الدورات أو األزمات بفكر جديد
يخالف قانون ساى ،وهو وجوب تدخل الدول لخلق أو تنشيط الطلب الكلي أو الطلب
الفعال.
ومع الكساد الكبير وما سببه من تعاسة وشقاء ،أي اإلخفاق الذريع للنظام الرأسمالي،
كان النموذج السوفيتي أو االشتراكية أو الشيوعية هو البديل الواضح والمتاح والممكن.
إال أن ممارسات النظام الحاكم في االتحاد السوفيتي للسلطة ،السيما في عهد جوزيف
فيساريو نوفيتش ست الين ،كانت بمنزلة آفة في كل أرجاء العالم على كلمة الشيوعية أو
االشتراكية نفسها .كما كانت مصدر متاعب جسيمة في سنوات الخمسينات ،والتي
شهدت المالحقة الشرسة للمواليين للشيوعيين ،ولمن سموا بـ ” الحمر ” والتي دعا إليها
جوزيف ريموند مكارثى ،ولهذا عرفت هذه الحملة أو المالحقة للمواليين للشيوعية
“بالمكارثية” والتي تميزت بأخذ الناس بالشبهة والشائعة.
-4االحتكار :لم يقتصر األمر على نقاط الضعف السابقة ،التي ألمت وتلم بالنظام
الرأسمالي ،بل يوجد نقطة ضعف أخرى أشار إليها كارل ماركس ،وهى االحتكار .وعلى
الرغم من أن أنصار النظام الرأسمالي يعترفون بها ،إال أنهم يرونها استثناء من القاعدة
23
الحاكمة للسوق ،وهى التنافس ،ومن ثم فاالحتكار ال يمثل خط اًر على النظام في جملته.
غيران ماركس يرى المسألة من وجهة نظر أخرى ،فازدياد النشاط االقتصادي في أيدي
فئة قليلة من الرأسماليين ،هو اتجاه قوى ومستمر .وهكذا يرى كارل ماركس أن النظام
االقتصادي الرأسمالي الذي أشاد به االقتصاديين الكالسيك ،وبسبب نقاط الضعف
المذكورة آنفاً ،سيصل إلى نهايته ،كما كان يعتقد ماركس في مجال آخر ،أن الدولة بعد
استيالء الطبقة العاملة أو البروليتاريا عليها ،سوف تختفي في نهاية األمر .وهو قول لم
يصدق ،بل احتفظت الدولة الحديثة بقوتها في ظل تطبيقها للنظام االشتراكي ،كما حدث
في االتحاد السوفيتي (الذي شهد أول تطبيق للفكر االشتراكي عام )1911والصين
وبلدان وسط شرق أوروبا ودول أخرى .بل قد فشل النظام االشتراكي وتفكك االتحاد
السوفيتي سياسيا وتحوله إلى جمهوريات مستقلة ،تسعى ،وبخطي حثيثة ،ومعها دول
شرق أوروبا وبقية بلدان العالم تقريبا نحو العودة إلى النظام الرأسمالي.
الخصائص العامة للنظام االشتراكي :وهي
-1الملكية العامة لوسائل االنتاج :كانت روح النظام االشتراكي تتمثل في التخلص من
سوء التوزيع اال قتصادي واالجتماعي للرأسمالية وتحقيق عدالة تتطلب إحالل الملكية
العامة محل الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج.
فالنظام االشتراكي يقوم على مبدأ عام هو إلغاء الملكية الفردية للموارد االقتصادية
وأدوات اإلنتاج ،حيث يجب أن تتملك الدولة هذه الموارد واألدوات .فالملكية العامة تشمل
ملكية الدولة لمصادر الثروة الطبيعية وللمشروعات الصناعية والتجارية ولمشروعات
النقل والمصارف وللمشروعات الزراعية .وال يخل بمبدأ الملكية العامة إنابة السلطة
المركزية لبعض الهيئات العامة إلدارة بعض المشروعات أو تملك بعض أدوات اإلنتاج
وفقاً للخطة االقتصادية العامة.
وال يعني ذلك أن الملكية الخاصة محرمة تحريما مطلقا في النظام االشتراكي ،فالملكية
الخاصة نظام طبيعي بالنسبة ألموال االستهالك حيث ال يستطيع الفرد أن يستهلك شيئاً
قبل أن يتملكه ويكون له حرية التصرف فيه ،لذلك يسلم النظام االشتراكي بالملكية
الخاصة لسلع االستهالك .فاألفراد يملكون ما يحصلون عليه من دخول كما يملكون ما
24
يكونونه من مدخرات بشرط أال تتحول هذه المدخرات إلى رؤوس أموال عينية .ويسمح
بالملكية الخاصة للمساكن والحدائق المحيطة بها واألموال التي تخصص الستعمال
أصحابها وتنتقل هذه األشياء إلى الورثة .وال يعتبر تملك مل هذه األموال ملكية خاصة
استثناء من مبدأ الملكية العامة لوسائل اإلنتاج ألنها أموال مخصصة إلشباع الحاجات
الذاتية ألصحابها وليست مخصصة لإلنتاج ،ومع ذلك كان من الممكن تملك بعض
المشروعات الزراعية ملكية خاصة دون استغالل للغير.
ويؤدى إلغاء الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج إلى تقريب الفوارق بين الطبقات واختفاء
طبقة الرأسماليين والمالك الزراعيين .ففي المجتمع االشتراكي يتقاضى األفراد أجو اًر
نظير خدماتهم وجهودهم ،ويصبح الجهد المبذول في اإلنتاج هو أساس التفرقة في
مستوى المعيشة بين األفراد ،وتختفي بذلك الطبقة التي تحصل على دخل دون أن تساهم
في اإلنتاج بالعمل.
-2التوزيع العادل للثروات ،هذا هو الشعار الذي ترفعه االشتراكية في توزيع الثروات على
اسس العدالة والمساواة .وتعتبر عملية إعادة توزيع الدخل القومي بشكل يحقق العدالة
والمساواة في التوزيع من اهم األسس التي يقوم عليها الوجود االشتراكي .وال يقصد
بالعدالة والمساواة ان يتقاضى كل فرد نفس النصيب من الدخل القومي ،وانما ينال كل
فرد نصيبا يتالئم مع مردوده من االنتاج ومساهمته فيه .فاألشخاص المتساوون في
الكفاءة والمهارة واالنتجاية سوف ينالون نصيبا متكافئاً .ويترتب على ذلك انعدام
التفاوت الكبير في الدخول والثروة بين االفراد وطبيعة النظام االشتراكي على الغاء
الملكية الخاصة ال تسمح لفئة من المجتمع أن تقتطع أجزاء هامة من الدخل القومي
دون أن تساهم فيه بجهد فعلي .وبذلك يتحول المجتمع إلى طبقة واحدة تعمل ضمن
أهداف المجتمع وتتلقى التعويض العادل لقاء مساهمتها في االنتاج.
-3التخطيط المركزي :يعتمد النظام االشتراكي على أسلوب التخطيط المركزي الشامل في
االدارة االقتصادية ،نعني بالتخطيط عموماً العمل الواعي للسيطرة على واقع معين
وذلك بقصد تغييره في فترة زمنية محددة إلى واقع آخر .وينطوي هذا التعريف على
جملة امور أهمها:
25
أن الواقع الجديد أفضل من الواقع الحالي وأن األمور لو تركت على غابرها لما تبلور
الواقع الجديد في الفترة الزمنية المحددة .وعليه يتطلب التخطيط تحديد الواقع الحالي ،
ورسم أهداف طموحه والسعي لتحقيق هذه األهداف عن طريق حصر الموارد المتاحة
وتوجيهها توجيهاً واعياً وكفؤاً .ومن هذا المنطلق فالتخطيط علم وفن إذ أنه يقوم على
تفهم موضوعي لواقع معين ومحاولة لتغيير هذا الواقع في آن واحد وبما يتفق وطموحات
المجتمع أو السلطة السياسية وذلك عن طريق رسم وتنفيذ سياسيات محدده.
والتخطيط اال شتراكي هو محاولة جماعية وقومية لتعبئة الموارد الطبيعية والبشرية التي
يحوزها االقتصاد ،واستغاللها بطريقة علمية ومنظمة ألجل تحقيق أهداف المجتمع
االشتراكي وتنظيم االنتاج واعادة االنتاج.
وهناك مميزات أخرى يتميز بها النظام االشتراكية مثل استقرار االقتصاد القومي كنتيجة
للتخطيط االقتصادي ،وكذلك تنمية روح التعاون والمساعدة بين أفراد المجمتع
واحساسهم بالمسؤولية الوطنية ومحاولة تحقيق اكبر قدر من الكفاءة واالنتاج وعدم
االستغالل.
عيوب النظام االقتصادي االشتراكي :من الصعب أن يخلو نظام اقتصادي من العيوب،
ومهما نجح هذ ا النظام في عالج عيوب ما قبله من نظم ،إال أن هناك بعض العيوب التي
تشوب هذا النظام ومن أهمها:
-عدم وجود الدافع القومي لضمان مزيد من تشجيع العمال على اإلنتاج ،وبالتالي إمكانية
حدوث نوع من التراخي من جانب بعض المسؤولين عن إدارة أمور المشروع في ظل
النظام االشت راكي ،وكذلك ضرورة توفير جهاز إداري ورقابي ضخم ،ألن الدولة هي
المسؤول عن المشروعات في ظل النظام االشتراكي ،ويؤدى ذلك إلى زيادة تكاليف
اإلنتاج من خالل وجود مزيد من اإلجراءات الروتينية وتعطيل العمل داخل الجهاز
اإلداري للدولة.
-عدم كفاءة أسلوب التخطيط المركزي إلدارة االقتصاد القومي ،فقد أثبتت التجربة والواقع
انه رغم المزايا المتعددة التي يحققها التخطيط االقتصادي ،إال أنه يحتوي على عيوب
متعددة أهمها :أن السلطات التي تتولى التخطيط قد ال تملك المعلومات الكافية الالزمة
26
للتخطيط على النحو األكمل ،فضالً عن أن الواقع قد اثبت أن التخطيط يجر معه ذيوالً
من البيروقراطية الخانقة ،ويمهد لسيطرة الحزب الواحد في السلطة .كذلك فإن التخطيط
كان يتم كثي اًر على حساب فعالية اإلنتاج القومي وكفاءته والسلوك االقتصادي القويم.
-ومن العيوب كذلك عدم وجود الحافز الستخدام وسائل إنتاجية حديثة؛ األمر الذي أدى
ذلك إلى تخلف المعدات واآلالت المستخدمة في العمليات اإلنتاجية وما لذلك من آثار
سلبية على جودة اإلنتاج ،وكذلك عدم الخبرة الكافية في مجال العالقات التجارية
الخارجية .كذلك ضعف جودة السلع التي تنتجها الدول االشتراكية مقارنة بالدول الرأسمالية
الصناعية .وبإحالل الملكية الجماعية والتخطيط االقتصادي الشامل ،فإن أفكا اًر مثل
المنافسة وقوى العرض والطلب وجهاز األثمان لتوجيه الموارد وحافز الربح الشخصي ال
تجد لها مكاناً في االقتصاد االشتراكي .فبدالً من المنافسة بين المشروعات يكون هناك
التنسيق المتكامل بينها .ويتم تخطيط المشروعات وتنفيذها وتوجيه الموارد في المجتمع
عموماً ،وفقاً ألهداف عينية مادية وليس نقدية ،ويكون الهدف تحقيق اإلنتاج وانجازه،
وليس الربح الشخصي.
27