الدرس الرابع الازمة الروسية الاوكرانية

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 7

‫الدرس رقم (‪:)04‬‬

‫االزمة الروسية األوكرانية وتداعياتها العالمية‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫انتهجت روسيا االتحادية في شبه جزيرة القرم سياسة التوسع‪ ،‬من خالل توجيه مقاربتها نحو‬
‫االستعمال الواسع للوسائل العسكرية والسياسية و االقتصادية واإلعالمية‪ ،‬وغيرها من التدابير‬
‫الغير عسكرية‪ ،‬و ذلك الستعادة المكانة السوفياتية‪ ،‬كما أن أوكرانيا تقدم نموذجا جديدا من‬
‫الحروب لما بعد الحرب الباردة‪ ،‬حيث تشكل محو ار هاما في الصراع الدائر بين القوى الكبرى‬
‫( روسيا‪ ،‬االتحاد األوروبي‪ ،‬والواليات المتحدة األمريكية)‪ ،‬إذ أن لكل من هذه القوى أوراق‬
‫ضغط توظفها‪ ،‬والرغم من الجهود الدولية الحتوائها‪ ،‬نتيجة لتناقضاتها قد باءت بالفشل‪ ،‬ففي‬
‫ظل هذه االعتبارات سيبقى مستقبل األزمة األوكرانية مفتوح النهاية‪ ،‬ومعرض للعديد من‬
‫االحتماالت‪.‬‬

‫لقد اختلفت الحروب عن ما كانت عليه سابقا‪ ،‬حيث ط أرت عليها العديد من التحوالت‪ ،‬ويظهر‬
‫ذلك من خالل دوافع حدوثها والفاعلين فيها‪ ،‬وحتى الوسائل المستعملة‪ ،‬خاصة في ظل بروز‬
‫عالم الحروب الحديثة للقرن الحادي والعشرين‪ ،‬ومن بين المفاهيم الجديدة في عصر الحروب‬
‫الجديدة‪ ،‬نجد الحرب الهجينة‪ ،‬والتي تعني‪ ":‬تلك الصراعات‪ ،‬التي تجمع ما بين مفاهيم الحرب‬
‫التقليدية‪ ،‬ومفاهيم الحرب الغير نظامية‪ ،‬والحرب اإللكترونية"‪ ،‬و تتجلى أبرز مظاهر الحرب‬
‫الهجينة في حالة األزمة األوكرانية‪ ،‬أين لجأت روسيا العتماد نموذجا هجينا‪ ،‬فقامت بضم شبه‬
‫جزيرة القرم‪ ،‬نظ ار لألهمية التاريخية واالستراتيجية لها‪ ،‬حيث تعد أوكرانيا جزءا من التاريخ‬
‫والذاكرة‪ ،‬فهي تعتبر مكونا من مكونات الهوية الروسية‪ ،‬إضافة العتبارها ميناءا استراتيجيا‬
‫أساسيا لمصالح روسيا الحيوية ‪.‬‬

‫إن مسألة الرؤية الجديدة لالستراتيجية لروسيا‪ ،‬في إعادة بناء قوتها العالمية تكمن في جعل‬
‫أوكرانيا الخط األحمر المتداد التوسع الغربي فمن هذا المنطلق يتبادر إلى أذهاننا طرح السؤال‬
‫التالي‪ :‬فيما تتجلى مظاهر وسمات االستراتيجية الروسية في التعامل مع األزمة األوكرانية وما‬
‫موقف الجزائر من ذلك؟‬

‫‪-1‬األزمة األوكرانية واالستراتيجية الروسية اتجاهها ‪:‬‬

‫تعد األزمة األوك ارنية‪ ،‬من أبرز األزمات الجيوسياسية المعقدة‪ ،‬التي تواجه أوروبا بعد فترة‬
‫الحرب الباردة‪ ،‬في ظل سعي من جهة كل من الواليات المتحدة األمريكية واالتحاد األوروبي‬
‫لمحاصرة روسيا جغرافيا‪ ،‬عن طريق جمهورياتها السابقة‪ ،‬ومن جهة أخرى رغبة الرئيس الروسي‬
‫"بو تين" في استعادة األمجاد السوفياتية‪ ،‬حيث تسعى ادارة هذا األخير للسيطرة على أوكرانيا‪،‬‬
‫قصد حماية المصالح الحيوية الروسية‪ ،‬في الوقت الذي يسعى الغرب بدوره الحتواء أوكرانيا‪،‬‬
‫عن طريق التوسع األورو‪ -‬أطلسي‪ ،‬وعلى غرار أسباب نشوب األزمة المتعددة‪ ،‬يعد أبرزها‬
‫تعليق أوكرانيا التفاقية الشراكة مع االتحاد األوروبي عام ‪، 2013‬األمر الذي أدى بمؤيدي‬
‫االنضمام لالتحاد األوروبي للتظاهر وحدوث احتجاجات شعبية عارمة‪ ،‬وقد تسارعت األحداث‬
‫إلى غاية الوصول لحدوث االنقالب واإلطاحة بالرئيس "يانكوفيتش "الموالي لروسيا عام‬
‫‪ ،2014‬لتتبدد بذلك آمال الرئيس الروسي "بوتين" باالنضمام أوكرانيا لالتحاد الجمركي‬
‫واالقتصادي‪ ،‬ما استدعاها الستعمال سالح االنتماء القومي‪ ،‬وقامت بضم شبه جزيرة القرم‬
‫إليها‪.‬‬

‫وعند تحليل االستراتيجية الروسية‪ ،‬اتجاه أوكرانيا‪ ،‬من خالل وصف األسلوب المعتمد في‬
‫حربها التي انشرت في شبه جزيرة القرم‪ ،‬و في أوكرانيا الشرقية‪ ،‬نجد تعبي ار واحدا‪ ،‬يمكن أن‬
‫يلخص الظاهرة وهو الحرب الهجينة‪ ،‬والحقيقة أن اعتماد المصطلح من طرف الناتو أسهم في‬
‫استعماله‪ ،‬على نطاق أوسع على الرغم من تطور التعابير‪ ،‬مع مرور الوقت‪ ،‬حيث تم المز ج‬
‫بين أساليب الحرب التقليدية‪ ،‬ووسائل اإلرهاب والجريمة المنظمة‪ ،‬كذلك من المهم مالحظة‬
‫مقال "فريدمان لورانس" الصادر في شهر جانفي‪ ،‬عام ‪ 2015‬بعنوان "البقاء على قيد الحياة"‪،‬‬
‫أين صرح أن الحالة األوكرانية‪ ،‬تعبر عن حدوث حرب هجينة‪.‬‬

‫ويعود بروز النموذج الروسي الهجين في أوكرانيا إلى توظيف روسيا ألساليب هذا النوع‬
‫الجديد من الحروب‪ ،‬بينما في الحاالت السابقة كالشيشان‪ ،‬العراق‪ ،‬لبنان‪ ،‬استخدمت تلك‬
‫األدوات من طرف جهات غير حكومية‪ ،‬و باللتالي كانت عمليات روسيا في أوكرانيا‪ ،‬أوسع‬
‫وأوضح بكثير عن سابقاتها من الحاالت الهجينة األخرى‪ ،‬حيث لم تركز روسيا فقط على‬
‫أرض المعركة‪ ،‬بل ركزت أيضا على الوسائل غير العسكرية‪ ،‬ولقد أعدت األركان العامة‬
‫الروسية‪ ،‬لعمليات هجينة في أوكرانيا قبل وقت طويل من األزمة حيث كانت هناك مناورات‬
‫عسكرية في عدة مناطق عسكرية‪ ،‬خاصة ما سمي بالتمرين الثاني للجيش الروسي في عام‬
‫‪ 2013‬الذي شمل أكثر من ‪ 75.000‬جندي حيث ثبت فيما بعد أنه كان بمثابة تدريب ألجزاء‬
‫من الحملة على كما قاد الجيش الروسي الحديث الدفاع الجوي‪ ،‬اتجاه الخصم‪ ،‬وفي ظل توفر‬
‫وسائل القمع الجديدة والمتطورة التي لم تكن‪ ،‬متاحة للقوات األوكرانية‪ ،‬حيث تم اعتماد طائرات‬
‫بدون طيار‪ ،‬ومركبات أمامية‪ ،‬واستخبارات عملياتية‪ ،‬استهداف تكتيك (حرب معلوماتية) بما‬
‫في ذلك نظم الموجات الدقيقة العالية الطاقة‪ ،‬كما شوشت على االتصاالت األوكرانية‪ ،‬وعطلت‬
‫عملية المراقبة التي تديرها فرق من منظمة األمن والتعاون وأيضا استعملت الطاقة ألغراض‬
‫سياسية‪ ،‬حيث أطلقت ما يعرف الدب النشط‪ ،‬كأداة في سياستها‪ ،‬وذلك من خالل منع الدول‬
‫األخرى‪ ،‬من الوصول إلى الموارد الطبيعية‪ ،‬كما هددت أيضا بقطع خطوط أنابيب الغاز إلى‬
‫أوكرانيا‪ ،‬إضافة إلى خلق ضغوطات إنسانية‪ ،‬لألقليات الناطقة بالغة الروسية‪ ،‬من خالل زعم‬
‫أنهم يعاملون معاملة سيئة‪ ،‬ومن ثم األخذ بمبدأ "المسؤولية عن الحماية كذريعة للتدخل‪.‬‬

‫وجهت روسيا‪ ،‬رسالة واضحة في حملتها الهجينة‪ ،‬أين تبرز أن األساليب التقليدية لوحدها في‬
‫الحرب‪ ،‬ليست الطريقة المثلى‪ ،‬لتحقيق النصر على أرض المعركة‪ ،‬في عصرنا الحالي‪.‬‬
‫ولقد حققت حمالت روسيا الهجينة في أوكرانيا‪ ،‬النتائج المرجوة إلى حد كبير من خالل‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫‪/1‬إغراق المنطقة باألسلحة غير المشروعة‪ ،‬وذلك باالستعانة بالمرتزقة لتدمير البنى التحتية ‪.‬‬
‫‪ /2‬إضعاف االقتصاد المحلي الذي نتج عنه عجز الدولة في توفير الرعاية االجتماعية‪،‬‬
‫والعدالة‪ ،‬مما تسبب في تفاقم أزمة الالجئين‪ ،‬وتوظيف حرب المعلومات‪ ،‬من خالل استغالل‬
‫وسائل اإلعالم االجتماعية‪ ،‬إضافة إلى هجمات القرصنة اإللكترونية‪ ،‬واألمر المثير للدهشة‬
‫أن هذه األساليب الغير عسكرية للنموذج الروسي الهجين‪ ،‬قد عادت بثمارها‪.‬‬

‫‪ /3‬تفعيل االستثمارات الروسية في االقتصادات األوروبية الرئيسية‪ ،‬عن طريق اللجوء للرشوة‬
‫والتأثير على النخب االقتصادية ‪.‬‬

‫‪ /4‬الحصول على دعم األحزاب السياسية المناهضة‪ ،‬من خالل شراء وسائل اإلعالم ‪.‬‬

‫‪/5‬إقامة عالقات مع المؤسسات الدينية‪ ،‬واستغالل التوترات العرقية التي لم تحل‪ ،‬وشن حمالت‬
‫من أجل حقوق األقليات‪.‬‬

‫‪/6‬تمكنت روسيا من تكييف القوات غير العسكرية‪ ،‬لبلوغ أهدافها مثل استهداف المالية‬
‫البريطانية‪ ،‬ومبيعات األسلحة الفرنسية والنفط األلمانية‪ ،‬خاصة وأن وسائل اإلعالم العالمية‪،‬‬
‫تركز فقط على القدرات التقليدية والنووية الروسية‬

‫كما أظهرت الحرب الروسية ضد أوكرانيا‪ ،‬سعي الروس السترجاع اإلمبراطورية الروسية‪،‬‬
‫ويتجلى ذلك في شبكات التواصل االجتماعي (فيسبوك‪ ،‬تويتر)‪ ،‬حيث تدور التعليقات دائما‪،‬‬
‫حول الرئيس الروسي "بوتين"‪ ،‬على أنه الزعيم القوي‪ ،‬ذو اللغة الواضحة الذي يسعى من‬
‫خالل قيادته لتطوير قدرات روسيا حاليا‪ ،‬وبلوغ هدف استرجاع مكانتها العالمية‪ ،‬حيث أن‬
‫روسيا تسعى جاهدة إلعادة هيبتها والحفاظ على أمنها‪ ،‬األمر الذي يدعوها لتعزيز وضعها‬
‫العسكري في المناطق الحدودية‪.‬‬
‫‪/2‬دور القوى الدولية في إدارة األزمة األوكرانية‪:‬‬
‫يمثل موقع أوكرانيا محو ار استراتيجيا‪ ،‬وجيوبوليتيكيا في تصور المنظرين اإلستراتيجيين‪ ،‬كفاعل‬
‫أساسي فيما يسمى برقعة الشطرنج الكبرى‪ ،‬وهي تعد بالنسبة للواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬ذات‬
‫أهمية حيوية وجيو ‪-‬سياسية‪ ،‬و جيو ‪ -‬إستراتيجية‪ ،‬تبدأ بمحاصرة منطقة النفوذ الروسي‪ ،‬كما‬
‫أن موانئ أوكرانيا مهمة للحلف األطلسي عند دخولها إلى البحر األسود‪ ،‬حيث يمثل النفوذ‬
‫األمر يكي وسيلة ضغط لروسيا‪ ،‬لعدم عرقلة ‪ ،‬مشاريع أمريكا في المنطقة‪ ،‬وخاصة الشرق‬
‫األوسط المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫ونظ ار ألن أوكرانيا‪ ،‬تحتل مكانا هاما في رقعة الشطرنج الروسية وبالتالي فهي دولة محورية‬
‫جيوبوليتيكية‪ ،‬ممتدة عبر أوروبا وآسيا‪ ،‬كما تمثل أوكرانيا حجر الزاوية للدفاعات الروسية‪،‬‬
‫فهي تحتوي أكبر تجمع روسي في العالم خارج روسيا‪ ،‬وتعد امتدادا طبيعيا للصناعة والزراعة‬
‫الروسية‪ ،‬وكذلك فإن أهميتها تنبع من كونها تعطي روسيا القدرة على مد نفوذها السياسي‪،‬‬
‫والعسكري واالقتصادي‪ ،‬إلى دول شرق أوروبا والقوقاز‪ ،‬والبحر األسود‪.‬‬
‫كما ال يمكن تجاهل تأثير العالقات الطاقوية األوروبية‪ -‬الر وسية‪ ،‬في ضوء أزمة القرم‪،‬‬
‫خاصة وأن مفهوم أمن الطاقة يشكل عنص ار جوهريا في العالقات بينهما‪ ،‬حيث تمثل أوكرانيا‬
‫نقطة عبور الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا‪ ،‬وهمزة الوصل لمعظم البنى التحتية للصناعات‬
‫الروسية‪ ،‬سواء عبر خطوط األنابيب أو الطرق‪ ،‬والسكك الحديدية‪ ،‬وقد أدت عدم فعالية‬
‫العقوبات الغربية على روسيا إلى خوف أوروبا من التداعيات السلبية على اقتصادها‪ ،‬من‬
‫خالل ما سبق يظهر أن روسيا‪ ،‬تسعى إلبراز مكانتها الدولية واإلقليمية‪ ،‬من خالل الحرص‬
‫على تحقيق مصالحها الجيوستراتيجية‪ ،‬عن طريق السعي إلبقاء نفوذها الجيوسياسي‪ ،‬خاصة‬
‫على دول الخارج القريب‪ ،‬ولقد أدرك الرئيس الروسي "بوتين"‪ ،‬منذ توليه الحكم أن مستقبل‬
‫روسيا مهدد‪ ،‬لذلك سعى لوضع هدفين رئيسين‪ ،‬قصد استرجاع قوة روسيا‪ ،‬وهيبتها وقدرتها‬
‫على التأثير في العالم وهما‪:‬‬
‫‪-1‬إعادة هيبة السلطة المركزية ‪.‬‬
‫‪ -2‬وضع مخطط اقتصادي‪ ،‬طويل المدى يرفع معدل التنمية إلى أقصى مستوى ممكن ‪.‬وبغية‬
‫تحقيق الهدف األول‪ ،‬قام الرئيس "بوتين" باتخاذ إجراءات‪ ،‬للتقليل من مصادر التأثير والقوة‬
‫خارج مؤسسة الرئاسة‪ ،‬بحيث يصبح الكريملين مصدر السلطة العليا‪ ،‬كما استفاد من األداء‬
‫االقتصادي‪ ،‬الذي ميز فترته نتيجة الرتفاع االحتياطات المالية المتأتية‪ ،‬من ارتفاع أسعار‬
‫البترول‪ ،‬مما سمح له بتنفيذ إصالحاته السياسية‪ ،‬وتجاوزه لخطر التفكك‪ ،‬والفوضى‬
‫‪/3‬المساعي الدولية لحل األزمة األوكرانية ‪:‬‬
‫سعت القوى الدولية جاهدة الحتواء األزمة‪ ،‬وإلرساء السالم‪ ،‬و ذلك من خالل توقيع اتفاقية‬
‫"مينسك األولى" بين كييف واالنفصاليين‪ ،‬بتاريخ ‪ 5‬سبتمبر ‪، 2014‬ثم أعقبها اجتماع وزراء‬
‫خارجية رباعية النورماندي في برلين يوم ‪ 21‬جانفي ‪ 2015‬الذي أعقبه توقيع إتفاقية "مينسك‬
‫الثانية"‪ ،‬في ‪ 12‬فيفري ‪، 2015‬من طرف رؤساء كل من فرنسا‪ ،‬ألمانيا وروسيا‪ ،‬وأوكرانيا‪ ،‬و‬
‫لقد دخل االتفاق األول‪ ،‬وقف إطالق النار حيز التنفيذ بتاريخ ‪ 05‬سبتمبر ‪، 2014‬بعد أن أمر‬
‫الرئيس األوكراني "بورشنكو" قوات بلده‪ ،‬بوقف إطالق النار مباشرة بعد التوقيع على االتفاق‬
‫المبدئي‪ ،‬ضمن خطوة أولى لبحث ترتيبات إنهاء االقتتال‪ ،‬و تسوية األزمة بالطرق التفاوضية‬
‫كما أعلن الوزير األول األوكراني‪ ،‬أن االتفاق تضمن أيضا انسحابا جزئيا‪ ،‬للقوات الروسية‬
‫التي تدخلت إلى أوكرانيا‪ ،‬وإعادة فرض مراقبة أمنية‪ ،‬على طول الحدود أما فيما يخص "إتفاقية‬
‫مينسك الثانية"‪ ،‬فإنه كان هناك تخوف في أواسط األطراف‪ ،‬ومن المتوقع لجوء الطرفان مجددا‬
‫للتفاوض‪ ،‬وفقا لمذكرة "بودابست" لعام ‪، 1994‬حيث تعهدا كل من روسيا والواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬و بريطانيا احترام سيادة أوكرانيا واستقاللها‪ ،‬وعدم التهديد بالقوة أو استخدامها معها‪،‬‬
‫في مقابل تخليها عن السالح النووي‪ ،‬ولقد ساهمت االتفاقيات المذكورة بشكل نسبي في‬
‫التخفيف‪ ،‬من حدة التصعيد العسكري مع روسيا‪ ،‬وفتحت باب للتفاوض‪ ،‬لكن حكومة كييف‬
‫أصرت على نشر قوات حفظ السالم‪ ،‬في شرقي أوكرانيا‪ ،‬و المطالبة باستعادة أوكرانيا‪ ،‬في‬
‫حين أكدت موسكو‪ ،‬على أنه ما كان يجري في أوكرانيا شأن داخلي‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫شهدت الساحة الدولية دخول عوامل جديدة‪ ،‬أدت إلى حدوث تغييرات أفرزت بدورها ظواهر‬
‫جديدة السيما بعد بروز أجيال جديدة من الحروب التي تتميز أنها شاملة األبعاد‪ ،‬و أبرزها‬
‫ظاهرة الحرب الهجينة‪ ،‬التي تشتمل مزيجا من العناصر العسكرية والغير عسكرية‪ ،‬وعلما أن‬
‫القيادة الروسية‪ ،‬باختالف توجهاتها لها قناعة بان أوكرانيا‪ ،‬ال يمكن لها أن تكون خارج‬
‫إستراتيجية األمن القومي الروسي‪ ،‬كما أنه هناك استم اررية في الفكر اإلستراتيجي ما بين‬
‫اإلتحاد السوفياتي سابقا‪ ،‬وروسيا االتحادية حاليا‪ ،‬و لعل أن ضم شبه جريرة القرم من قبل‬
‫روسيا‪ ،‬يبرز مدى فعالية ومرونة اإلستراتيجية الروسية الجديدة التي تصبو من خاللها لبلوغ‬
‫هدفها األسمى في استرجاع هيبتها على الساحة الدولية‪.‬‬
‫المراجع‪:‬‬

‫بريجنسكي زبيغينو‪ ،‬رقعة الشطرنج الكبرى‪ :‬السيطرة األمريكية‪ ،‬و ما يترتب عليها جيوستراتيجيا‪ ،‬دمشق‪:‬‬
‫( مركز الدراسات العسكرية)‪ ،‬ط‪.1999، 2‬‬

‫بفغيني بريماكوف‪ ،‬العالم دون روسيا‪ :‬قصر النظر السياسي وعواقبه‪ ،‬ترجمة عبد هللا حسن‪( ،‬سوريا دار‬
‫الفكر)‪ ،‬ط‪2010، 1‬‬

‫أسماء حداد‪ ،‬الحروب الهجينة‪ :‬األزمة األوكرانية أنموذج‪ ،‬مجلة مدارات سياسية‪ ،‬عدد ديسمبر ‪.2017‬‬

‫قدورة عماد‪" ،‬محورية الجغرافيا والتحكم في البوابة الشرقية للغرب‪ :‬أوكرانيا‪ :‬بؤرة الصراع"‪ ،‬سياسات عربية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،9‬الدوحة‪( :‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات)‪ ،‬جويلية ‪2014‬‬

‫أسامة أبو رشيد‪" ،‬الواليات المتحدة وجدل تسليح أوكرانيا"‪ ،‬تحليل سياسات‪ ،‬الدوحة‪( :‬المركز العربي لألبحاث‬
‫ودراسة السياسات)‪.‬‬

You might also like