L'Etat Gendarme Interventionistre L'Etat

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 7

‫مقدمة‬

‫إن قيام الدولة بوظائفها التقليدية المعروفة على أكمل وجه‪ ،‬يستلزم حتما تملكها‬
‫إضافة إلى العنصر البشري العنصر المالي‪ ،‬هذا األخير الذي يتمثل في أموال‬
‫عقارية أو منقولة‪ ،‬تكون ما يعرف بثروات الدولة‪ ،‬عن طريق تسييرها وتوظيفها لهذه‬
‫األموال‪ ،‬حتى يتسنى لها تقديم مختلف الخدمات المتعلقة بالمرافق االقتصادية‬
‫واالجتماعية على السواء‪ ،‬بهدف تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫إن ضيق و اتساع وعاء األمالك التابعة للدولة‪ ،‬ينبع بوجه عام من السياسة أو‬
‫الفلسفة القانونية القائمة فيها‪ ،‬وكذا األسس االجتماعية‪ ،‬واالقتصادية المتبناة في هذه‬
‫الدولة‪ ،‬فكل تقليص في الوظيفة االقتصادية يزداد معه حجم أمالك الدولة وتصبح‬
‫ذات أهمية بالغة ‪.‬‬

‫لقد تجسدت هذه الفكرة بشكل واضح في الفقه القانوني الحديث‪ ،‬في االنتقال‬
‫من مرحلة الدولة الحارسة (‪ )L’Etat gendarme‬إلى مرحلة الدولة المتدخلة‬
‫الذي أحدث تغييرات عميقة في‬ ‫)‪ ،)L’Etat interventionistre‬هذا االنتقال‬
‫مفهوم الملكية العمومية وأمالك الدولة بصفة عامة‪ ،‬وتطورت بعد ذلك المفاهيم‬
‫والتسميات حول الدولة المتدخلة‪ ،‬فأصبحت أيضا تسمى بدولة التنمية‪ ،‬دولة الرفاهية‬
‫ودولة اإلدارة‪ ،‬ذلك ألنها دائما تسعى لتحقيق التنمية الشاملة عبر مختلف القطاعات‪،‬‬
‫وتوفير األمن والسلم االجتماعي بتعبئة كل طاقاتها المادية والبشرية في سبيل ذلك‪.‬‬

‫شهدت الجزائر بعد االستقالل مرحلة وحدة واتساع مفهوم األمالك الوطنية‪،‬‬
‫بالرغم م ن أن النظام القانوني الذي كانت تسير به هذه األمالك قد بقي على حاله‬
‫باستثناء بعض التعديالت الطفيفة التي أملتها السيادة الوطنية والظروف السياسية‬
‫الجديدة أنداك‪ .‬وكان االختيار االشتراكي هو النهج الذي اتبعته الدولة الجزائرية في‬
‫تلك الفترة من تاريخها‪ ،‬تماشيا مع ما جاء في برنامج طرابلس ‪ ،2691‬الذي نص‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫على أن تطور الجزائر حتى يكون سريعا‪ ،‬وهادفا إلى إرضاء احتياجات الجميع‪ ،‬في‬
‫إطار جماعي‪ ،‬ال بد أن ينصب في قالب اشتراكي‪.‬‬

‫استمر العمل بالتشريع الفرنسي الموروث عن المرحلة االستعمارية إلى سنة‬


‫‪ ،2691‬تاريخ إلغاء العمل بهذا التشريع‪ ،‬وبعده تم تقديم دستور ‪ 2699‬لينظم‬
‫األحوال السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬بشكل يتماشى والواقع السياسي‬
‫المفروض أنداك‪ .‬وتبعا لهذه التوجهات السياسية تم إصدار العديد من التشريعات‬
‫الهامة والتي كان من بينها تشريع االمالك الوطنية‪ ،‬الذي قدم متأخ ار نوعا ما في‬
‫سنة ‪ ،2691‬ولم يصادق عليه إال في سنة ‪ ،2611‬وصدر تحت رقم ‪11‬ـ ‪29‬‬
‫بتاريخ‪03 :‬ـ ‪39‬ـ‪ .2611‬ومن أهم المحاور التي ارتكز عليها هذا القانون هو إلغاءه‬
‫لفكرة التمييز بين األمالك الوطنية العمومية ‪ Domaine public‬واألمالك الوطنية‬
‫الخاصة ‪ ،Domaine privé‬بحجة عدم تطابق هذه الفكرة مع النظرة االشتراكية‬
‫لمفهوم األمالك الوطنية‪ .‬هذه المرحلة تميزت بإفرازها لنظم تسيير ورقابة شامل‪.‬‬

‫بعد اإلصالحات السياسية واإلقتصادية التي شهدتها البالد والتوجه اإليديولوجي‬


‫الجديد مع صدور دستور ‪ 2616‬حيث التوجه الرأسمالي حدثت هناك انعكاسات‬
‫هامة على القواعد التي تخضع لها الملكية العمومية أو األمالك الوطنية‪( .‬ال سيما‬
‫ضمن مادتيه ‪ ، )21 ،29‬اعتمد التقسيم إلى أمالك عمومية وأمالك خاصة للدولة‪.‬‬

‫ونظ ار للفصل القانوني والمادي بين النوعين‪ ،‬فإن كل فئة من هذه األمالك‪،‬‬
‫تخضع لقواعد قانونية خاصة في إطار التشريع العام‪ ،‬على أن وجود نظامين‬
‫قانونيين مختلفين ألمالك الدولة‪ ،‬ال يعني استقالال تاما‪ ،‬ذلك أن تملك الدولة ألمالك‬
‫خاصة من شأنه أن يؤدي بطبيعة الحال إلى أن يتضمن النظام القانوني لهذه‬
‫األمالك بعض القواعد التي تخرج عن نطاق القانون الخاص‪ .‬وبوجه عام فإن هذه‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬

‫األمالك ـ الخا صة التابعة للدولة ـ تخضع ألحكام الملكية الخاصة شأنها في ذلك‬
‫شأن األشياء المملوكة لألفراد‪.‬‬

‫فاألمالك الخاصة لها خصوصيتها ومضامينها المادية والقانونية‪ ،‬التي تكفل‬


‫لها المرونة الالزمة عند تسييرها واكتسابها والتنازل عنها‪ ،‬مما يصبغ عليها قواعد‬
‫حماية خاصة‪.‬‬

‫موضوع بحثنا هذا يتمحور أساسا حول هذه الفئة من أمالك الدولة‪ ،‬أي‬
‫األمالك الخاصة‪ ،‬كما جاءت به النصوص التشريعية والتنظيمية الجديدة التي‬
‫صدرت في هذا المجال خاصة منها القانون رقم ‪63‬ـ‪ 03‬المؤرخ في ‪32‬ـ‪21‬ـ‪،2663‬‬
‫المتضمن لقانون األمالك الوطنية المعدل والمتمم بالقانون ‪ 21-31‬المؤرخ في ‪13‬‬
‫يوليو ‪ 1331‬والمرسوم ‪62‬ـ‪ 111‬المؤرخ في ‪10‬ـ‪22‬ـ‪ 2662‬الذي يحدد شروط إدارة‬
‫األمالك الخاصة والعامة التابعة للدولة‬

‫‪ ‬أهمية البحث‬

‫مما تقدم تبرز أهمية دراسة موضوع تخصيص األمالك الوطنية في إطار‬
‫الخدمة العمومية ذات أهمية بالغة من الناحيتين النظرية والعملية‪.‬‬

‫‪ ‬فمن الناحية النظرية‪ :‬تتمثل في‬

‫_ اإلحاطة واإللمام بمختلف جوانب الدراسة من نصوص قانونية وتنظيمية‬


‫حول الموضوع‪.‬‬

‫أما من الناحية العملية‪:‬تتمثل في مدى معرفة مختلف القواعد القانونية التي‬


‫تحكم تسيير وتخصيص األمالك الوطنية واإلجراءات التي تخضع لها‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬

‫‪ ‬دوافع إختيار الموضوع‪:‬‬

‫ويرجع اختيارنا لهذا الموضوع لعدة أسباب أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬األسباب الذاتية‪:‬‬

‫موضوع الدراسة الموسوم بتخصيص األمالك الوطنية في إطار الخدمة‬


‫العمومية كان البث فيه ضمن المواضيع التي تراودنا في الدراسة الرتباط الموضوع‬
‫بمجال التخصص‬

‫الرغبة في التعرف على األحكام الخاصة التي تحكم مثل هذا النوع من األمالك‬

‫الرغبة في إلقاء الضوء على جديد األحكام القانونية والنصوص التنظيمية‬


‫المنظمة لتسيير األمالك الوطنية الخاصة‬

‫‪ ‬األسباب الموضوعية‪:‬‬

‫ـ أهمية موضوع األمالك الخاصة التابعة للدولة‪ ،‬من حيث المفهوم الجديد‬
‫لتسمية األمالك الخاصة‪ ،‬وكذا الحقوق التي منحها المشروع لألفراد على هذه‬
‫األمالك والتي تتميز عن تلك الممنوحة لهم على األمالك العامة‪ ،‬من جهة‪.‬‬

‫ـ كما نرى كذلك أن هذا الموضوع لم ينل فعال حققه من الدراسة والبحث كما‬
‫هو الشأن بالنسبة لألمالك العمومية‪ ،‬والسبب يعود أساسا إلى حداثة التميز والتسمية‬
‫من جهة اخرى‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬

‫ـ معرفة مكانة األمالك الوطنية في تدعيم اقتصاد الدولة تكفي للبحث فيها من‬
‫اجل ابراز أهميتها ‪ ،‬إضافة الى ان لها نضرة واسعة في مجال األمالك الوطنية فال‬
‫تختص بإدارة نوع واحد من األمالك الوطنية ولها خاصية الجبائية والمردودية ‪.‬‬

‫‪ ‬اإلشكالية‬

‫وبناءا على ما تقدم عرضه تتضح لنا أهمية الموضوع وبالتالي فإن اإلشكالية‬
‫التي يمكن طرحها تكون على النحو التالي ‪:‬‬

‫مامدى فعالية األجهزة والقواعد التي اعتمدها المشرع الجزائري في كيفيات‬


‫تخصيص األمالك الوطني ّة ؟‬

‫‪ ‬منهج البحث‬

‫لمعالجة الموضوع اعتمدنا المنهج الوصفي الذي يقوم على جمع المعلومات‬
‫ووصف حاالت من خالل واقع معاش عن طريق تعليمات المديرية العامة لألمالك‬
‫الوطنية ‪.‬‬

‫سالكين في ذلك أداة التحليل الذي يقوم على عمليات تفسير ونقل واستنباط‬
‫أليات للمعالجة‪.‬‬

‫وظفنا هذا المنهج بالخصوص في تفسير وتحليل التعريفات التشريعية والفقهية‬


‫وكذالك تحليل الجوانب التقنية لعمليات إدارة األمالك الوطنية‪.‬‬

‫‪ ‬أهداف الدراسة‬

‫‪5‬‬
‫مقدمة‬

‫محاولة جمع مختلف العمليات التي تقوم بها المصالح التابعة للدولة على‬
‫أمالكها الخاصة سواء كانت عقارية أو منقولة‪ ،‬نظ ار لوجود جل األحكام المتعلقة‬
‫بهذه العمليات‪ ،‬متفرقة ومبعثرة في نصوص تشريعية وتنظيمية شتى‪.‬‬

‫محاولة اإللمام والتعرف أكثر وبنوع من التفصيل‪ ،‬على الكيفيات والطرق التي‬
‫وضعتها هذه التنظيمات‪ ،‬فيما يتعلق باكتساب الدولة لألمالك المختلفة وضمها إلى‬
‫أمالكها الخاصة ‪ ،‬وكذا عمليات تخصيص وبيع وتأجير الدولة ألموالها‪.‬‬

‫‪ ‬دراسات سابقة‪:‬‬

‫وهذه الدراسة تعد األولى فيما يخص موضوع تخصيص األمالك الوطنية في‬
‫اطار الخدمة العمومية ‪ ،‬فهناك دراسات أخرى تصب في جانب موضوع األمالك‬
‫الوطنية العامة‪ ،‬ومنها من عالجت األمالك الوطنية الخاصة‪ ،‬ومنها من تناولت‬
‫حماية األمالك الوطنية نذكر منها‬

‫‪ -‬شرفي حسان‪ ،‬األمالك الوطنية الخاصة في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة مقدمة‬


‫لنيل شهادة الماجستير في القانون فرع الدولة والمؤسسات العمومية‪ ،‬جامعة‬
‫بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪1339/1331 ،‬‬
‫‪ -‬فارة عبد الحفيظ‪ ،‬تسيير وادارة األمالك المحلية‪ ،‬مذكرة تخرج مقدمة لنيل‬
‫قسنطينة‪،‬‬ ‫منتوري‬ ‫‪،‬جامعة‬ ‫المتخصصة‬ ‫العليا‬ ‫الدراسات‬ ‫شهادة‬
‫‪1331/1339‬‬
‫‪ -‬سلطاني عبد العظيم‪،‬تسيير وادارة األمالك الوطنية في التشريع الجزائري‪،‬‬
‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص‪ ،‬فرع القانون‬
‫العقاري‪ ،‬جامعة تبسة‪1336/1331 ،‬‬
‫‪ ‬صعوبات البحث ‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫مقدمة‬

‫ال يخلو أي عمل أو بحث من الصعوبات والعوائق ومن بين هذه الصعوبات‬
‫والعراقيل التي إعترضت هذا الموضوع نجد‪:‬‬

‫‪ -‬قلة المراجع والدراسات السابقة في موضوع تخصيص األمالك الوطنية ‪،‬‬


‫من جهة ومن جهة أخرى تعتمد اغلب الدراسات على النصوص التشريعية‬
‫‪ ،‬التي تكون في الغالب ترمي الى نصوص عديدة لقطاعات و ازرية مختلفة‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬تشعب الموضوع وصعوبة اإللمام بعناصره ‪.‬‬

‫‪ ‬تقسيمات البحث ‪:‬‬

‫من اجل معالجة هذه اإلشكالية تم تقسيم الدراسة الى خطة ثنائية الفصول والمباحث‬
‫كالتالي‬

‫‪ ‬الفصل األول‪ :‬تعريف وتسيير األمالك الوطنية الخاصة‬

‫تضمن هذا الفصل مبحثين تطرقنا إلى ماهية األمالك الوطنية الخاصة ومعايير‬
‫تمييزها عن األمالك الوطنية العامة ثم تسيير األمالك الوطنية الخاصة ‪.‬‬

‫‪ ‬الفصل الثاني ‪:‬إستعمال األمالك الخاصة التابعة للدولة‬

‫هو اآلخر به مبحثين تطرقا إلى طرق واجراءات تخصيص ملك من األمالك‬
‫الوطنية ثم إجراءات إلغاء تخصيص ملك من األمالك الوطنية ‪.‬‬

‫‪7‬‬

You might also like