Professional Documents
Culture Documents
الإعتراض على كراس الشروط
الإعتراض على كراس الشروط
لئن كان لهذه الطريقة في تحديد الثمن اﻹفتتاحي إيجابياتها فإنها لم تخل من سلبيات ,فعرض العقار للبيع بثمن إفتتاحي
يكون مساويا لقيمته الحقيقية يتعارض مع أساس البيع بالمزاد الذي يفترض إنطﻼق المزايدة من مبلغ يكون أدنى من قيمة
المبيع وإﻻ فإن المزايد سيجد نفسه في جميع الحاﻻت خاسرا باعتباره اشترى عقارا بثمن يفوق قيمته الحقيقية فضﻼ عما
سيضاف لذلك الثمن من مصاريف وأجور متعلقة بالبتة ومصاريف تسجيل الحكم ومصاريف التحوز بالعقار وغيرها.
ولئن لم يتعرض المشرع التونسي صراحة إلى إمكانية الطعن في تقدير الخبير لقيمة العقار وبالتالي للثمن اﻹفتتاحي
للتبتيت فإن إمكانية المنازعة في ذلك تبقى ممكنة من خﻼل ما اقتضاه الفصل 434من م م م ت من إمكانية القيام بدعوى
معارضة تهدف إلى اﻹعتراض على كراس الشروط بغاية إدخال تعديﻼت عليه أو إدراج ملحوظات واحترازات به
باعتبار أن الثمن اﻹفتتاحي يعد من التنصيصات الواجب ذكرها في كراس الشروط تطبيقا ﻷحكام الفصل من 412م م م
ت]].33
ويمكن أن يصدر اﻹعتراض عن كل من له مصلحة في ذلك ,كالمعقول عنه سواء كان مدينا أصليا أو ضامنا عينيا,
وأصحاب الرهون وغيرهم ممن لهم حقوق موظفة على العقار المعقول وقد تختلف طلباتهم في اتجاه الترفيع أو التخفيض
من الثمن اﻹفتتاحي بحسب ما تقتضيه مصالحهم ,كما يمكن أن يصدر اﻹعتراض على الثمن اﻹفتتاحي عن الدائن القائم
بالتتبع نفسه الذي يريد الترفيع فيه إن كان دون مقدار دينه حتى تكون حظوظه في استخﻼص كامل دينه أوفر.
وتبقى إمكانية الطعن في كراس الشروط من قبل القائم بالتتبع نظرية باعتبار أنه بإمكانه في حال عدم رضاه بتقديرات
الخبير أن يعيد اﻹختبار بموجب إذن على عريضة آخر قبل مواصلة إجراءات التبتيت.
إﻻ أنه يمكن أن يكون اعتراض القائم بالتتبع على كراس الشروط بغاية تعديل الثمن اﻹفتتاحي مبررا في صورة تغير قيمة
العقار باﻹرتفاع أو باﻹنخفاض بعد إيداع كراس الشروط واقتضت مصلحة طالب التبتيت قيامه باﻹعتراض.
ولم يميز المشرع التونسي دعوى ادخال تعديﻼت على كراس الشروط بإجراءات وآجال خاصة بل جعلها خاضعة ﻷحكام
الفصل 437من م م م ت الذي يضبط آجال القيام بالدعاوى العارضة والذي نص على أنها تبتدئ من تاريخ إيداع كراس
الشروط بكتابة المحكمة لتنتهي قبل انعقاد جلسة التبتيت بعشرة أيام على أن يقع استدعاء المدعى عليه للحضور أمام دائرة
البيوعات العقارية التي سيقع أمامها البيع] [34قبل خمسة أيام على اﻷقل من تاريخ جلسة التبتيت مع تحديد أجل الحضور
بثﻼثة أيام على اﻷقل وقد رتب نفس الفصل على مخالفة هذه اﻵجال جزاء سقوط حق القيام.
ويصدر الحكم في الدعوى العارضة الرامية إلى تعديل الثمن اﻹفتتاحي المنصوص عليه في كراس الشروط إما برفض
الدعوى أو بعدم سماعها وإما بتعديل الثمن اﻹفتتاحي واﻹذن لكاتب المحكمة بنسخ الحكم بذيل كراس الشروط]].35
ويكون الحكم غير قابل لﻺستئناف عمﻼ بأحكام الفقرة اﻷخيرة من الفصل 441من م م م ت لكنه يبقى قابﻼ للتعقيب وهذا
ما استقر عليه فقه قضاء محكمة التعقيب التونسية التي أكدت على أنه ” عمﻼ بالفصل 441من م م م ت الذي ولئن نصت
أحكامه على أن اﻷحكام الصادرة في الدعاوى العارضة المندرجة في إطار الفصل 438من م م م ت غير قابلة لﻺستئناف
فإنها لم تحجر الطعن فيها بالتعقيب مما يجعل اﻷحكام الصادرة في تلك الدعاوى العارضة قابلة للطعن بالتعقيب وعلى
سبيل القياس فقد اقتضى الفصل 144من مجلة التجارة البحرية أن الدعاوى العارضة المقدمة ضد إجراءات عقلة السفن
والتي تخضع لنفس اﻹجراءات المتعلقة بعقلة العقارات وتخضع لنفس اختصاص دائرة البيوعات العقارية ﻻ يمكن الطعن
في الحكم الصادر فيها إﻻ بالتعقيب وبناء على ذلك يتجه الحكم بقبول مطلب التعقيب شكﻼ “]].36
وبالمقارنة مع طلب ادخال تعديل على كراس الشروط الرامي إلى تعديل حدود العقار أو مساحته أو مكوناته أو مشموﻻته
والذي ﻻ يشكل صعوبة عملية خاصة باعتبار أن التحقق من وجاهة الطلب ﻻ يستوجب زمنا طويﻼ فإن اﻷمر يختلف
بالنسبة لطلب التعديل الرامي إلى إدخال تغيير على الثمن اﻹفتتاحي المقدر من الخبير والذي يفترض أن يكون مساويا
للقيمة الحقيقية للعقار فباستثناء الحاﻻت التي يكون فيها سبب اختﻼف الثمن اﻹفتتاحي المذكور صلب كراس الشروط عن
قيمة العقار مجرد خطإ في الحساب والذي يمكن تداركه بيسر فإن باقي الحاﻻت التي يطعن فيها القائم بالدعوى في
تقديرات الخبير يستوجب النظر فيها إما إعادة اﻹختبار من قبل خبير آخر أو تكليف نفس الخبير بالقيام باختبار تكميلي
وفي كلتا الحالتين يستغرق اﻹجراء وقتا قد يتجاوز تاريخ البتة المحدد بكراس الشروط.
ويكون من المتجه في هذه الحالة تطبيق أحكام الفصل 433من م م م ت] [37الذي يسمح بتأخير البتة لسبب خطير ومبرر
وتعيين موعد ﻻحق لها يكون مسبوقا بالقيام باﻹشهارات القانونية.
وفي هذا اﻹطار عرف الفقيه الفرنسي BERINGUIERالسبب الخطير بأنه كل أمر له تأثير حقيقي على ثمن البتة أو
يعطي اﻷمل لخﻼص القائم بالتتبع والدائنين المرسمين وكذلك تسديد مصاريف التتبع]].38
ومما يقلل من جدوى القيام بدعوى تأخير القضية ﻻنتظار تحديد القيمة الحقيقية للعقار أن اﻵجال التي يمنحها الفصل 433
قصيرة نسبيا وﻻ تترك متسعا من الوقت للخبير ﻻنجاز اﻹختبار ثم للقائم بالتتبع من بعده للقيام باﻹشهارات.
ويستشف مما سبق عرضه أن مسألة تحديد الثمن اﻹفتتاحي تكتسي أهمية بالغة لما لها من تأثير على نزاهة العقلة العقارية
من جهة وعلى نجاعتها من جهة أخرى ،فتحديد ثمن إفتتاحي منخفض يشجع الدائنين في غياب راغبين في الشراء على
شراء العقار بثمن بخس وفي ذلك هدر لمصالح المدين المعقول عنه ،كما أن تحديد ثمن إفتتاحي مرتفع ﻻ يعكس القيمة
الحقيقية للعقار ينفر المتزايدين من المشاركة في البتة ويحط من حظوظ الدائن في الخﻼص