Professional Documents
Culture Documents
Zahra Auditia Tarjamah
Zahra Auditia Tarjamah
Zahra Auditia Tarjamah
مستوى :السادس
*طالئع التوديع
لما تكامالت الدعوة ،وسيطر اإلسالم على الموقف ،أخذت طالئع التوديع
للحياة واألحياء تطلع من مشاعرة صلى هللا عليه وسلم ،تتضح بعباراته
وأفعاله
إنه اعتكف في رمضان من السنة العاشرة عشرين يومًا ،بينها كان ال
يعتكف إال عشرة أيام فحسب ،وتدارسه جبريل القرآن مرتين ،وقال في
حجة الوداع :إني ال أدري لعلي ال ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبًد ا،
وقال وهو عند جمرة العقبة :خذوا عني مناسككم ،فلعلي ال أحج بعد
عامي هذا ،وأنزلت عليه سورة النصر في أوسط أيام التشريق ،فعرف أنه
الوداع ،وأنه نعيت إليه نفسه
وفي أوائل صفر سنة ١١ه خرج النبي صلى هللا عليه وسلم إلى أحد
فصلى على الشهداء كالمودع ألحياء و األموات ،ثم انصرف إلى المنبر
فقال :إني فرطكم ،وإني شهيد عليكم ،وإني وهللا ألنظر إلى حوضي اآلن
وإني أعطيت مفاتيح خزائن األرض ،أو مفاتيح األرض ،وإني وهللا ما
أخاف أن تشركوا بعدي ،ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها
وخرج ليلة -في منتصفها -إلى البقيع فاستغفر لهم ،وقال :السالم عليكم
يا أهل المقابر ،ليهن لكم ما أصبحتم فيه بما أصبح الناس فيه ،أقبلت الفتن
كقطع الليل المظلم ،يتبع آخرها أولها ،اآلخرة شر من األولى .وبشرهم
قائال :إنا بكم لالحقون
*بداية المرض
وفي اليوم التاسع والعشرين من شهر صفر سنة ١١ه -وكان يوم اإلثنين
-شهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم جنازة في البقيع ،فلما رجع -وهو
في الطريق -أخذه صداع في رأسه ،واتقدت الحرارة ،حتى إنهم كانوا
يجدون سورتها فوق العصابة التي تعصب بها رأسه
وقد صلى النبي صلى هللا عليه وسلم بالناس وهو مريض ١١يومًا وجميع
أيام المرض كانت ١٣أو ١٤يومًا
*األسبوع األخير
وثقل برسول هللا صلى هللا عليه وسلم المرض ،فجعل يسأل أزواجه :أين
أنا غدًا ؟ ففهمن مراده ،فأذن له يكون حيث شاء ،فانتقل إلى عائشة ،يمشي
بين الفضل بن عباس وعلي بن أبي طالب ،عاصبا رأسه تخط قدماه حتى
دخل بيتها ،فقضى عندها آخر أسبوع من حياته
روى أنس بن مالك :أن المسلمين بينا هم في صالة الفجر يوم اإلثنين
-وأبو بكر يصلي بهم -لم يفجأهم إال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم ،وهم في صفوف الصالة ،ثم تبسم
يضحك فنكص أبو بكر على عقبيه ،ليصل الصف ،وظن أن رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصالة ،فقال أنس :وهم
المسلمون أن يفتتنوا في صالتهم ،فرحًا برسول هللا صلى هللا عليه وسلم
فأشار إليهم بيده رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن أتموا صالتكم ،ثم دخل
الحجرة وأرخى الستر
ثم لم يأت على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وقت صالة أخرى
ولما ارتفع الضحى ،دعا النبي صلى هللا عليه وسلم فاطمة فسارها بشيء
فبكت .ثم دعاها ،فسارها بشيء فضحكت ،قالت عائشة ،فسألنا عن ذلك -
أي فيما بعد -فقالت :سارني النبي صلى هللا عليه وسلم أنه يقبض في
وجعه الذي توفي فيه ،فبكيت ،ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه
فضحكت
وبشر النبي صلى هللا عليه وسلم فاطمة بأنها سيدة نساء العالمين
ورأت فاطمة ما برسول هللا صلى هللا عليه وسلم من الكرب الشديد الذي
يتغشاه ،فقالت :واكرب أباه .فقال لها (( :ليس على أبيك كرب بعد اليوم
ودعا الحسن والحسين فقبلهما ،وأوصى بهما خيرًا ،ودعا أزواجه
فوعظهن وذكرهن
وطفق الوجع يشتد وزيد ،وقد ظهر أثر السم الذي أكله بخيبر حتى كان
يقول (( :يا عائشة ،ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر ،فهذا أوان
وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم
وأوصى الناس ،فقال (( :الصالة الصالة وما ملكت أيمانكم )) ،كرر ذلك
مرارًا
*االحتضار
وبدأ االحتضار فأسندته عائشة إليها وكانت تقول :إن من نعم هللا علّي أن
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري
ونحري ،وأن هللا جمع بين ريقي وريقه عند موته .دخل عبد الرحمن -بن
أبي بكر -وبيده السواك ،وأنا مسندة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
فرأيته ينظر إليه ،وعرفت أنه يحب السواك ،فقلت :آخذه لك ؟ فأشار
برأسه أن نعم ،فتناولته ،فاشتد عليه ،وقلت :ألينه لك ؟ فأشار برأسه أن
نعم ،فلينته .فأمره -وفي رواية أنه استن بها كأحسن ما كان مستنًا -وبين
يديه ركوة فيها ماء ،فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه ،يقول
الحديث – )) ال إله إال هللا ،إن للموت سكرات ((
وما عدا أن فرغ من السواك حتى رفع يده أو إصبعه ،وشخص بصره
نحو السقف ،و تحركت شفتاه ،فأصغت إليه عائشة وهو يقول (( :مع
الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ،اللهم
اغفرلي وارحمني ،وألحقني بالرفيق األعلى ،اللهم الرفيق األعلى ))
كرر الكلمة األخيرة ثالثا ،ومالت يده ولحق بالرفيق األعلى .إناهلل وإنا إليه
راجعون
وقع هذا الحادث حين اشتدت الضحى من يوم اإلثنين ١٢ربيع األول سنة
١١ه .وقد تم له صلى هللا عليه وسلم ثالث وستون سنة وزادت أربعة أيام
وتسرب النبا الفادح ،واظلمت على المدينة أرجاؤها وآفاقها .قال أنس :ما
رأيت يومًا قط كان أحسن وال أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم ،وما رأيت يومًا كان أقبح وال أظلم من يوم مات فيه
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
ولما مات قالت فاطمة :يا أبتاه أجاب ربا دعاه .يا أبتاه ،من جنة الفردوس
مأواه