Professional Documents
Culture Documents
عوارض الأهلية والحلول القانونية المقررة لها في التشريع الجزائري دراسة مقارنة - Incidents of the Capacity and Solutions Envisaged by the Algerian Legislation Comparative Study
عوارض الأهلية والحلول القانونية المقررة لها في التشريع الجزائري دراسة مقارنة - Incidents of the Capacity and Solutions Envisaged by the Algerian Legislation Comparative Study
عوارض الأهلية والحلول القانونية المقررة لها في التشريع الجزائري دراسة مقارنة - Incidents of the Capacity and Solutions Envisaged by the Algerian Legislation Comparative Study
27
الملخص:
يقصد باألهلية صالحية الشخص الكتساب الحقوق والتحمل بااللتزامات
(أهلية الوجوب) وقدرته على مباشرتها(أهلية األداء) ،وما يمكن مالحظته هو أن
أحكام األهلية متناثرة مابين القانون المدني وقانون األسرة مما خلق تباعدا
وازدواجية في األحكام بشأن غير كاملي األهلية الذين يخضعون ألحكام الوالية
أو الوصاية أو القوامة ،وسبب االزدواجية في الحكم هو اختالف مصدر
القانونين .ولم يميز المشرع الجزائري بين حالتي الجنون كما هو وارد في
التشريعات المقارنة وكذا الشريعة اإلسالمية .وتأسيسا على ما سبق يتعين توحيد
األحكام المتعلقة باألهلية والنيابة الشرعية في قانون واحد لتجنب التكرار وعدم
اإلنسجام في القواعد القانونية.
الكلمات المفتاحية :األهلية ،عوارض ،حقوق ،التزامات ،قوامة ،حجر.
27
Abstract:
The legal capacity it is the aptitude of a person for to be
holder of rights and obligations (capacity of enjoyment) and
to exert them(capacity of exercise), It is noted that the
dispositions of the capacity are scattered the ones in the civil
code and the others in the code of the family what generates
a divergence as well as a duality as for the dispositions as for
the incapables persons who are subjected to the mode of the
supervision or the testamentary supervision or trusteeship.
This distinction of the source causes the duality of the
dispositions. Noting that Algerian legislator didn’t
distinguish between the two types of insanities such as the
depositions of the law compared as well as the charia. Thus it
is necessary to unify the dispositions relating to the capacity
and the legal representation in only one law in order to avoid
the redundancy and the discordance of the legal rules.
Key words: capacity, incidents, rights, obligations,
trusteeship, interdiction.
مقدمـــة
تتسم الشخصية القانونية للشخص الطبيعي بجملة من الخصائص وثيقة
هذه، والمتمثلة أساسا في االسم والحالة والموطن والذمة واألهلية،الصلة به
األخير التي ينظم أحكامها في الحقيقة قانون األحوال الشخصية (أي قانون
إال أن المشرع الجزائري نص على بعض،)األسرة في التشريع الجزائري
وفي كل األحوال تستمد األهلية أحكامها من،أحكامها في القانون المدني
كما تنتج التصرفات القانونية التي،الشريعة اإلسالمية باعتبارها مصدرا للقانون
وتتنوع أحكام،يبرمها الشخص آثارها القانونية فيما بين المتعاقدين أو إزاء الغير
27
هذه التصرفات بحسب تدرج عمر الشخص أو بالنظر إلى حالته حين يطرأ على
أهليته عارض من عوارض األهلية فيعدمها أو ينقص منها.
إن تقرير المشرع حماية ناقصي األهلية من سفيه وذي غفلة من خالل
النصوص القانونية1ال يعني أن هذه الحماية تعنيهم وحدهم بل يتسع نطاقها
لتشمل أيضا من كانت أهليتهم منعدمة كالمجنون والمعتوه على اعتبار أن ذكر
المشرع لناقصي األهلية يدخل ضمنه فاقديها من باب أولى2وما يؤكد ذلك هو
النص الوارد في النسخة الفرنسية 3من جهة ،وهناك نصوص أخرى واردة في
القواعد اإلجرائية بنفس الصياغة كنص المادة 184من قانون اإلجراءات
المدنية واإلدارية 4من جهة أخرى ،ضف إلى ذلك نص المادة 99من قانون
األسرة التي عرفت المقدم على أنه من تعينه المحكمة في حالة عدم وجود ولي
أو وصي على من كان فاقد األهلية أو ناقصها ،5فقد وضح المشرع المراد من
مصطلح" "incapableالوارد في النسخة الفرنسية.
ومن وجهة نظرنا يبدو أن مصطلح "غير كاملي األهلية les -
"incapablesهو الصواب حسب المفهوم المعتمد في التشريعات الوضعية
بحيث يدخل ضمنه ناقصي األهلية)(partiellement incapables
وفاقديها) (complètement incapablesعلى حد سواء من صبي مميز
وغير مميز وسفيه وذي غفلة ومجنون ومعتوه كل هؤالء تثبت في حقهم الوالية
بمفهومها الواسع(النيابة الشرعية) كما سنبينه الحقا ،والذي يهمنا في هذا لمقام
هو حماية البالغين غير كاملي األهلية من الناحية الموضوعية ومدى نجاعة
النصوص القانونية الواردة في التشريع الجزائري سواء في القانون المدني أو
قانون األسرة لتقرير هذه الحماية ولو نظريا ،وبناء على ما سبق نطرح
اإلشكالية التالية :هل القواعد الموضوعية الواردة في التشريع الجزائري رغم
حداثتها كافية لتقرير الحماية القانونية المتطلبة لناقصي األهلية وفاقديها أم أنه
يتعين مضاعفة الجهود التشريعية لبلوغ المرام وتحقيق المطلوب ضمن
منظومة قانونية موحدة ومنسجمة يتمتع في ظلها هؤالء الضعفاء بحماية
الئقة؟ كإشكالية عامة تتفرع عنها التساؤالت التالية :هل أن تناثر أحكام األهلية
بين نصوص القانون المدني وقانون األسرة يرقى إلى المطلوب أم أنه يحدث
27
تعارضا بين األحكام وينافي تبعا لهذا مصلحة ناقصي األهلية وفاقديها؟ وما مدى
التقارب الحاصل بين التشريعات المقارنة والتشريع الجزائري في شأن الحماية
القانونية المقررة لهذه الفئة الضعيفة ؟ كيف السبيل لتحقيق هذه الغاية ؟
ونظرا لتشعب األحكام المنظمة لهذا الموضوع توخينا أن نقتصر على
بعض الجوانب فيه من الناحية الموضوعية ،وبناء على ما سبق نقسم هذا
الموضوع إلى مبحثين لنتناول في األول أحكام عوارض األهلية في التشريع
الجزائري ثم نعرض في المبحث الثاني إلى الوسائل التشريعية المقررة لحماية
ناقصي األهلية وفاقديها ،محاوال من خالل هذه الدراسة معالجة مختلف األحكام
التي جاء بها المشرع الجزائري للوقوف على نقاط الضعف والقوة وتقديم
االقتراحات متى أمكن ذلك.
المبحث األول :أحكام عوارض األهلية في القانون الجزائري
تُع َ َّرف األهلية لغة بأنها الصالحية والكفاية ألمر من األمور ،يقال فالن أهل
لهذا العمل أي صالح ألدائه ،6ومنه قول المولى تبارك وتعالىَ ":و َأ ْلزَ َمهُ ْم َك ِل َم َة
التَّ ْق َوى َو َكا ُنوا َأ َح َّق بِهَا َو َأ ْه َلهَا".7
وأما اصطالحا فهي الصالحية لثبوت الحقوق وااللتزامات في الذمة،8
ويعرفها الدكتور وهبة الزحيلي بأنها الصالحية لثبوت الحقوق المشروعة
للشخص وعليه وصالحيته ألداء ما وجب عليه واالعتداد بتصرفاته بحيث
تترتب عليه آثارها الشرعية.9
وقد أغفلت مختلف التشريعات تعريف األهلية بوجه عام وكذا بيان
المقصود بنوعيها على وجه الخصوص فاسحة المجال للفقه على اعتبار أن
تعريف المصطلحات من اختصاص الفقهاء وخير دليل على ذلك تشريعنا
الجزائري ،في حين أوردت بعض التشريعات هذه التعاريف وجمعت أحكامها
في تقنين موحد كما هو الشأن في مدونة األسرة المغربية أين قسم المشرع
11
ضمنها األهلية إلى نوعين وهما أهلية الوجوب وكذا أهلية األداء 10ثم عرفهما
وفصل في أحكامهما.
ما يالحظ أن المشرع المغربي تطرق إلى أحكام األهلية في مدونة األسرة
بخالف المشرع الجزائري الذي جعل أحكامها متناثرة بين القانون المدني
27
وقانون األسرة مما أحدث تعارضا في بعض األحكام إذ تكون تصرفات الصبي
المميز قابلة لإلبطال في القانون المدني 12وتكون موقوفة على إجازة الولي وفقا
ألحكام قانون األسرة في المادة 88منه ،على العكس من ذلك فالقانون
المصري يعطيها حكما واحدا وهو القابلية لإلبطال وكذا الفقه اإلسالمي الذي
يجعل التصرفات الدائرة بين النفع والضرر موقوفة على إجازة الولي ،إال أنه
في كل الحاالت يتعين وجود الولي لمباشرة التصرفات القانونية أو إلجازتها.
وأحكام األهلية وطيدة الصلة بالشخص وتؤثر فيه تأثيرا كبيرا ،ولهذا
الغرض كانت أحكامها من النظام العام ،فال يجوز ألحد أن ينزل عن أهليته وال
أن يغير في أحكامها.13
والذي يهمنا في هذا المقام هو أهلية األداء ،هذه األخيرة التي تعني قدرة
الشخص في التصرف بأمواله أو هي صالحية الشخص لمباشرة العقود ،14وهي
ال تثبت لكل شخص كما هو الشأن بالنسبة ألهلية الوجوب وإنما تثبت لمن كانت
له القدرة على إنشاء التصرفات القانونية لصالحه وفي حق غيره ،فهي تبعا لهذا
وثيقة الصلة بقدرة الشخص على التمييز ،وحسب حالة األشخاص حيث أنها
تتأثر بالسن أو بعارض من عوارض األهلية ،هذه األخير التي تعنينا في هذه
الدراسة.
وعلى خالف الفقه اإلسالمي الذي اعتمد تقسيم عوارض األهلية إلى
عوارض سماوية وأخرى مكتسبة ،15فإن فقهاء القانون الوضعي قسموها بالنظر
إلى األثر المترتب على كل عارض ولم يتوسعوا فيها واقتصروا على أربعة
عوارض ،عارضان معدمان لألهلية ويصيبا الشخص في عقله وهما الجنون
والعته ،وعارضان منقصان لألهلية ويصيبان الشخص في تدبيره وهما السفه
والغفلة.
المطلب األول :العوارض المعدمة لألهلية
وهي تلك العوارض التي تصيب الشخص في عقله ونميز بين الجنون
16
22
27
والغفلة كعارضين منقصين ألهلية األداء ،نبين أحكامهما لنخلص إلى توضيح
الفرق بينهما:
الفرع األول :السفه
الح ْلم ،وهو ضعف العقل وسوء التصرف وأصله الخفة السفه لغة ضد ِ
والطيش يقال سَ ِفه فالن سَ َفاه ًة فهو سَ ِفيه ،والجمع سفهاء قال تعالىَ ":قا ُلوا
29
27
وأما اصطالحا فهو تبذير في المال واإلسراف فيه وال أثر للفسق والعدالة
فيه ،وضده الرشد الذي يعرف على أنه إصالح المال وتنميته وعدم تبذيره وهذا
قول الجمهور ،أما الشافعية فيعرفونه على أنه التبذير في المال وفي الدين
33
معا .32فالسفيه هو الذي ينفق ماله على غير مقتضى العقل والشرع والحكمة
أي بغير ضابط من العقل ،ويعرف فقهاء القانون الوضعي السفه على أنه حالة
تعتري الشخص تدفع به إلى إنفاق ماله بدون تدبير ،ويكون السفيه خالفا
للمجنون كامل العقل ولكنه فاسد التدبير مغلوب بهواه يعمل على تبذير المال من
غير تبصر للعواقب ،34وعرفت المادة الثانية من القانون العربي الموحد لرعاية
القاصرين السفيه على أنه المبذر الذي يصرف ما له على غير مقتضى العقل.
الفرع الثاني :الغفلة
الغفلة لغة من غفل يغفل غفوال أي تركه عمدا أو عن غير عمد وأغفله
تركه عن عمد ،وأغفل غيره عن األمر أي جعله يغفل ومنه قوله تعالىَ ":و َال
تُ ِط ْع َم ْن َأ ْغ َف ْلنَا َق ْلبَهُ عَ ْن ِذ ْك ِرنَا َواتَّبَ َع ه ََواه ُ َو َكانَ َأ ْم ُره ُ ُف ُر ًطا" 35أي جعلناه يغفل
عن ذكرنا ،والغفلة صفة مذمومة كأصل عام يرد عليه استثناء في قوله تعالى":
ت ْال ُمؤْ ِمنَا ِ
ت ل ِع ُنوا فِي الدُّ ْنيَا َو ْ َ
اْل ِخ َرةِ َو َل ُه ْم ت ْالغَافِ َال ِ إ ِ َّن ا َّل ِذينَ يَ ْر ُمونَ ْال ُم ْح َ
صنَا ِ
عَ َذابٌ عَ ِظيمٌ" ،36فهنا الغفلة محمودة أي غير منتبهات لما يرميهن به الحاسدون
الكاذبون من سوء.
وأما اصطالحا فيقصد بها وقوع الشخص بسهولة في غبن بسبب سالمة
نيته وطيب قلبه وكثيرا ما يخطئ إذا تصرف ،وذو الغفلة هو الذي ال يهتدي إلى
أسباب الربح والخسارة كما يهتدي غيره فيخدع بسهولة نظرا لبساطته وسالمة
قلبه ،وعرفت محكمة النقض المصرية الغفلة بأنها (ضعف بعض الملكات
الضابطة في النفس ترد على حسن اإلدارة والتقدير ،ويترتب على قيامها
بالشخص أن يغبن في معامالته مع الغير) ،نصت المادة 2من القانون
النموذجي العربي الموحد لرعاية القاصرين على ما يلي ":من يغبن في
معامالته المالية لسهولة خداعه".
وما يميز حالة السفه عن الغفلة هو أن السفيه حين يتصرف في أمواله
يكون في الغالب مدركا بعواقب تدبيره الفاسد ،فهو ينفق ماله من غير ضابط
78
وعلى غير مقتضى العقل والشرع والحكمة ،أما ذو الغفلة فإن تصرفه يكون
بسذاجة فهو حسن النية ال يحسن التعامل في الصفقة ربحا أو خسارة ،37ويقول
الدكتور وهبة الزحيلي في هذا القبيل أن السفيه كامل اإلدراك ويرجع سوء
تصرفه إلى سوء اختياره ،وأما ذو الغفلة ضعيف اإلدراك ويرجع سوء تصرفه
إلى ضعف عقله وإدراكه للخير والشر.38
المبحث الثاني :الوسائل التشريعية المقررة لحماية البالغين غير كاملي
األهلية
نعالج في هذا المبحث أحكام الحجر باعتباره أثر من آثار عوارض
األهلية وفي ذات الوقت هو وسيلة قررها المشرع لحماية أموال من يراد الحجر
عليهم ،ومن ثم ندرس القواعد المتعلقة بمسائل القوامة على البالغين غير كاملي
األهلية ،فالحجر والقوامة وسيلتين قررهما المشرع لتغطية االختالل أو النقص
الذي يعتري ناقصي األهلية أو فاقديها إضافة إلى عدم صحة التصرفات التي
يجريها هؤالء فهي إما باطلة أو قابلة لإلبطال بحسب الحالة 39ونتناولها ضمن
أحكام الحجر ،وعليه نقسم هذا المبحث إلى المطلبين التاليين:
المطلب األول :الحجر على البالغين غير كاملي األهلية
نقسم هذا المطلب إلى فرعين نعرف في األول مصطلح الحجر ثم نعالج
في الفرع الثاني حكم تصرفات ناقصي األهلية وفاقديها وفقا لألحكام المقررة في
القانون المدني وكذا قانون األسرة الجزائري ،ومن ثم بيان نقاط االختالف بينهما
رغم تعديلهما سنة .2112
الفرع األول :تقرير الحجر على ناقصي األهلية وفاقديها
الحجر بفتح الحاء وكسرها ،معناه في اللغة المنع ،ولذا سمي العقل حجرا
ألنه يحجر صاحبه ويمنعه من فعل القبيح ،40قال تعالى":ه َْل فِي َذلِكَ َقسَمٌ ِلذِي
ِحجْر".41
وأما اصطالحا فهو صفة حكيمة يقر بها الشرع توجب منع موصوفها من
نفوذ تصرفه فيما زاد على قوته ،42ويعرف أيضا بأنه منع اإلنسان التصرف في
ماله لصغر أو جنون أو سفه ،43والحكمة منه المحافظة على مال المحجور عليه
78
من الضياع كمنع السفيه من إنفاق ماله في أوجه من أوجه البر على نحو مبالغ
فيه يهدد ذمته المالية ،ومن باب أولى منعه من إنفاق ماله في الفجور.44
نظم المشرع الجزائري أحكام الحجر في قانون األسرة وبالضبط في الفصل
الخامس منه الذي عنوانه الحجر من الكتاب الثاني المعنون بالنيابة الشرعية
ضمن المواد من 414إلى ،418كما جعل المشرع الجزائري الحجر عالمة
صر(بمفهومه الواسع) حيث نصت المادة 88من قانون األسرة على ما على ال ِق َ
يلي ":من بلغ سن الرشد ولم يحجر عليه يعتبر كامل األهلية وفقا ألحكام المادة
11من القانون المدني" ،فبمفهوم المخالفة أن من بلغ سن الرشد وأقيم عليه
الحجر يعتبر غير كامل األهلية أي فاقدها أو ناقصها بحسب األحوال.
وأكدت على هذا الحكم المادة 414من قانون األسرة بنصها" من بلغ سن
الرشد وهو مجنون أو معتوه أو سفيـه أو طرأت عليه إحدى الحاالت المذكورة
بعد رشده يحجر عليـه" وفي حال الحجر عليه ولم يكن له ولي أو وصي وجب
على القاضي أن يعين في نفس الحكم مقدما لرعاية مصالحه والقيام بشؤونه
حسب ما نصت عليه المادة 411من ق.أ ،ويستعان بأهل الخبرة إلثبات أسباب
الحجر حسب ما قررته المادة 418من ذات القانون.
ويكون الحجر بناء على طلب أحد األقارب أو ممن له مصلحة أو من
النيابة العامة وفقا لمقتضيات المادة 412من قانون األسرة ،كما تعين له
المحكمة مساعدا متى رأت في ذلك مصلحة حسب نص المادة 412من نفس
القانون ،على أن الحكم بالحجر وفقا لنص المادة 418من ذات القانون يكون
قابال لكل طرق الطعن ويتعين نشره لإلعالم.
الفرع الثاني:الحلول المقررة لتصرفات البالغين غير كاملي األهلية
نميز بين تصرفات البالغين فاقدي األهلية وكذا ناقصيها ،نفصل في
أحكامهما قبل الحكم بالحجر وبعده على النحو اْلتي بيانه:
أوال :حكم تصرفات المجنون والمعتوه
تميز المادة 412من قانون األسرة بين تصرفات الشخص المحجور عليه
الصادرة قبل الحكم بالحجر وبين تلك الصادرة بعد صدور الحكم بالحجر ،إذ
المجلد الخامس ،العدد /20أكتوبر 0202 مجلة صوت القانون
عوارض األهلية واحللول القانونية املقررة هلا يف التشريع اجلزائري -دراسة مقارنة ط .د .حمـم ــد بـشـيـ ـ ــر
77
نصت على ما يلي " :تعتبر تصرفات المحجور عليه بعد الحكم باطلة ،وقبل
الحكم إذا كانت أسباب الحجر ظاهرة وفاشية وقت صدورها" .45ونصت أيضا
المادة 414من قانون األسرة على ما يلي":من بلغ سن الرشد وهو مجنون أو
معتوه أو سفيه طرأت عليه إحدى الحاالت المذكورة بعد رشده يحجر عليه".
ما يالحظ على نص المادة 412من قانون األسرة أن تصرفات المحجور
عليهم باطلة ،غير أن المادة 82من قانون األسرة اعتبرت المحجور عليهم وهم
المجنون والمعتوه والسفيه غير نافذة متأسية بذلك ببعض التشريعات ومخالفة
القانون المدني الذي يقرر القابلية لإلبطال بشأن تصرفات السفيه باعتباره ناقص
األهلية كما هو عليه الحكم بالنسبة لذي الغفلة ،هذا األخير الذي ال وجود له في
نص المادة 82و 414من قانون األسرة بل ال أثر له في هذا القانون.
لذا نناشد المشرع الجزائري أن يزيل هذا التعارض الذي يعتري النصوص
القانونية الخاصة باألهلية والمتناثرة أحكامها في القانون المدني وقانون األسرة
في التعديالت الالحقة بأن يعدل مواد قانون األسرة أو أحكام القانون المدني
فيقرر حكم القابلية لإلبطال أو وقف نفاذ التصرف بالنسبة لتصرفات السفيه وذي
الغفلة مع فرض إدراج هذا األخير في قانون األسرة ،وذلك بحسب الفكرة التي
يحتمل أن يعتنقها المشرع مستقبال ولو أن تعديل المادة 18من القانون المدني
بموجب القانون 41-12المؤرخ في 21يونيو 2112يرجح توجه المشرع
العتناق حكم القابلية لإلبطال ،وفي كل األحوال الهدف المنشود هو تحقيق
اإلنسجام بين أحكام قانون األسرة وقواعد القانون المدني.
-0حكم تصرفات المجنون والمعتوه الصادرة قبل الحجر
األصل أن جميع تصرفات المجنون والمعتوه صحيحة رغم انعدام التمييز
بهدف تحقيق االستقرار في المعامالت ،وهذا إذا كانت حالة الجنون والعته غير
شائعة وقت التعاقد ،أما إذا كانت شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف اْلخر الذي
تعاقد مع المجنون أو المعتوه على علم بها ،فإن تصرفاتهما تكون باطلة بطالنا
مطلقا ،ويجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به وتقضي به المحكمة من تلقاء
نفسها.
77
سن الرشد وكان سفيها أو ذا غفلة يكون ناقص األهلية وفقا لما يقرره القانون"
وقد استبدل المشرع مصطلح معتوها بذي غفلة بموجب القانون السالف
الذكر( )41-12وحسنا فعل حتى ينسجم مع نص المادة 12من القانون المدني.
ما يستفاد من نص هذه المادة أن المشرع سوى بين تصرفات الصبي
المميز وكل من السفيه وذي الغفلة من حيث األثر ،ومع أن القانون المدني يحيل
إلى قانون األسرة 49إال أن األحكام تتعارض فيما بينها ،حيث تحيلنا المادة 29
من القانون المدني إلى نصوص قانون األسرة بنصها ":تسري على القصر
والمحجور عليهم وغيرهم من عديمي األهلية أو ناقصيها قواعد األهلية
المنصوص عليها في قانون األسرة" ،غير أننا نجد أن المادة 82من قانون
األسرة تنص على ما يلي " :تعتبر تصرفات المجنون والمعتوه والسفيه غير
نافذة إذا صدرت في حالة الجنون أو العته أو السفه" والمالحظ على هذه المادة
أنها لم تتعرض إلى حكم ذي الغفلة وألحق المشرع حكم السفيه بحكم المجنون
والمعتوه وجعل التصرف في حق هؤالء غير نافذ 50أي موقوفا ،ولكن هذا غير
صحيح حيث أن تصرف كل من المجنون والمعتوه باطل بطالنا مطلقا وال
تصححه اإلجازة وهذا ما ورد في النص الفرنسي من تقنين األسرة بالضبط نص
المادة 82من قانون األسرة في عبارة" "sont nulsأي باطلة.
77
لذا أملنا كبير في أن يستدرك المشرع الجزائري هذا الخطأ و يعمل على
توحيد الحكم إما باعتباره موقوفا في كال القانونين كما هو الشأن في الفقه
اإلسالمي وهكذا يكون له طابع وقائي أو باعتباره باطال في كالهما وهذا له
طابع عالجي والظاهر أن االقتراح األول هو األسلم ألن الوقاية خير من العالج.
الجدير بالذكر أن المشرع خول لناقصي األهلية بمقتضى المادة 414من
القانون المدني المعدلة الحق في إبطال العقد بعد زوال السبب الذي أدى إلى
نقص األهلية غير أن قانون األسرة لم ينص على هذا الحكم في حالة زوال أهلية
هؤالء الضعفاء ،فقرر للولي الحق في إجازة العقد أو إبطاله لمصلحتهم دون أن
يقرره لناقصي األهلية بعد زوال السبب الذي أدى إلى نقص أهليتهم.
أ -قبل توقيع الحجر
األصل أن تصرفات السفيه وذي الغفلة الصادرة قبل الحكم صحيحة ألنهما
َ
كامال األهلية في نظر الغير أما كون حالة السفه أو الغفلة شائعة أم ال فال يمكن
تصورها ذلك أن الحجر ال يكون إال بحكم وفقا لمقتضيات المادة 418من
قانون األسرة ،إال إذا تبين أنه نتيجة استغالل أو تواطؤ ،وهذا االستثناء مرجعه
في التشريع الجزائري القواعد العامة 51وليس نص صريح كما هو عليه الحال
في التشريع المصري ،52وهذا يعني أن المتعاقد مع السفيه مثال قد استغل الطيش
البين والهوى الجامح الذي يعتري هذا الشخص وحصل على مزايا فاقت الحد
المعقول ،ومعنى التواطؤ هو االحتيال على أحكام القانون.53
بعد توقيع الحجر
يكون حكم تصرفات السفيه وذي الغفلة شأنها شأن حكم تصرفات القاصر
المميز مع الفرض أن ذا الغفلة منصوص عليه في قانون األسرة ،فتكون هذه
التصرفات صحيحة إذا كانت نافعة لهما نفعا محضا كقبولهما تبرعا ماليا وتكون
باطلة بطالنا مطلقا إذا كانت ضارة لهما ضررا محضا كهبة أموالهما ،وتكون
هذه التصرفات في الحالة األخيرة قابلة لإلبطال(باطلة بطالنا نسبيا) إذا كانت
دائرة بين النفع والضرر كالتصرف الناشئ عن عقد البيع هذا إذا أخذنا بالتعديل
المقترح آنفا أي بتوحيد الحكم بين القانون المدني وقانون األسرة بالقابلية
77
لإلبطال ،أما إذا أخذنا بتوحيده اعتمادا على فكرة عدم النفاذ فإن التصرف يكون
موقوفا على إجازة الولي إذا كان دائرا بين النفع والضرر.
ويتعين أن يكون الحجر بحكم قضائي بناء على طلب األقارب أو ممن له
مصلحة أو من النيابة العامة ،وللقاضي االستعانة بأهل الخبرة في إثبات أسباب
الحجر وأن يعين مقدما لرعاية المحجور عليه والقيام بشؤونه ،كما بإمكان
المحكمة أن تعين للشخص الذي يراد التحجير عليه مساعدا إذا رأت مصلحة في
ذلك ولتمكينه من الدفاع عن نفسه.
كما يرى األستاذ دمحم سعيد جعفور بإضافة مادة أخرى رقمها 412مكرر
–تقابل المادة 442من القانون المدني المصري - 54تبين حكم تصرفات السفيه
وذي الغفلة يكون صياغتها كما يأتي " :إذا صدر تصرف من السفيه أو من ذي
الغفلة بعد تسجيل قرار الحجر ،سرى على هذا التصرف ما يسري على
تصرفات الصبي المميز من أحكام.
أما التصرف الصادر قبل تسجيل قرار الحجر ،فال يكون باطال أو قابال
لإلبطال إال إذا كان نتيجة استغالل أو تواطؤ".55
المطلب الثاني :القوامة على البالغ غير كامل األهلية
نعالج في هذا المطلب المقصود بالقوامة وتمييزها عما يشابهها من
مصطلحات ذات الصلة(فرع أول) ،ثم نبين في األشخاص الذين تثبت في حقهم
الوالية وكذا الشروط الواجب توافرها فيمن لهم حق القوامة على البالغين
ناقصي األهلية وفاقديها.
الفرع األول :المقصود بالقوامة
القوامة بفتح القاف وكسرها ،وهي مشتقة لغة من الفعل قام على الشيء
يقوم قياما بمعنى حافظ عليه وراعى مصالحه ،ومنه القيِم وهو الذي يقوم على
شأن شيء ،وقيم القوم هو الذي يقومهم ويسوس أمورهم ،وقيم المرأة هو زوجها
أو وليها ألنه يقوم بأمرها ،والقوام على وزن فعال في صيغة المبالغة من القيام
على الشيء ،واالستبداد بالنظر فيه وحفظه باالجتهاد.56
77
وأما اصطالحا فهي نيابة قانونية يتولى بمقتضاها شخص يسمى القيم أو
المقدم الوالية على مال المحجور عليه 57ألحد عوارض األهلية (سفه أو غفلة أو
جنون أو عته ).
تجدر اإلشارة إلى أن مصطلح القوامة أكثر شيوعا عند فقهاء الشريعة
اإلسالمية وكذا القوانين الوضعية في الدول العربية ،على خالف مصطلح
التقديم ،والمالحظ أن المشرع الجزائري يستخدم تارة مصطلح القوامة كما هو
الشأن في المادة 11من القانون المدني 58وتارة أخرى يستعمل مصطلح التقديم
مثلما هو وارد في عنوان المادة 99من قانون األسرة ،59ومن استقراء هذه
المادة نجد أن الخاضعون لنظام القوامة هم ناقصي األهلية من صبي مميز
وسفيه وذي غفلة وكذا فاقديها من صبي غير مميز ومجنون ومعتوه ،بخالف
المشرع المصري الذي لم يخضع القاصر نظام القوامة وإنما نص في المادة
4/82من القانون رقم 449الصادر سنة 4922المتعلق بالوالية على المال
التي تنص على ما يلي":يحكم بالحجر على البالغ للجنون أو للعته أو للسفه أو
للغفلة".
كما أنه جرى العمل على إطالق مصطلح "الوالية" على الوالية الطبيعية
أو الشرعية وهي التي تثبت لألب والجد الصحيح حسب التشريع المصري ،أو
تلك التي تثبت لألب وبعد وفاته تحل األم محله قانونا حسب ما نصت عليه
المادة 82من قانون األسرة ،أما بخصوص الوالية التي تصدر من القاضي
فيطلق عليها وصاية أو قوامة حسب السبب الذي أدى إلى فرضها ،فإن كان
السبب يتعلق بالصغر أي كون الشخص الذي تثبت في حقه الوالية قاصرا
سميت وصاية ،وإن كان السبب هو طروء عارض من عوارض األهلية على
الشخص البالغ فهي قوامة ومن يتوالها يسمى القيم أو المقدم.60
أما المشرع الجزائري فقد أعطاها مفهوما آخر في نص المادة 99من
قانون األسرة التي تنص على ما يلي ":المقدم هو من تعينه المحكمة في حالة
عدم وجود ولي أو وصي على من كان فاقد األهلية أو ناقصها بناء على طلب
أحد أقاربه أو ممن له مصلحة أو من النيابة العامة" ،وهكذا حسب هذه المادة
تتقرر القوامة لألشخاص الذين أصيبوا بعارض من عوارض األهلية كما تتقرر
72
ايضا للقاصر ،وقد أكد المشرع هذا الحكم في الفقرة األولى من المادة 189من
قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية التي تنص على ما يلي":يعين القاضي طبقا
ألحكام قانون األسرة ،مقدما من مقبل أقارب القاصر ،وفي حالة تعذر ذلك يعين
شخصا آخر يختاره".
الفرع الثاني :ثبوت القوامة وشروط القيم
نبحث في هذا الفرع على من تثبت القوامة ومن له الحق في توليها ،ثم نبين
الشروط الواجب توافرها فيمن لهم الحق في القوامة على من أصيب بعارض
من عوارض األهلية.
أوال :ثبوت القوامة(التقديم)
نشير أوال إلى أن القوامة تثبت على ناقصي األهلية وفاقديها على حد سواء
في حالة عدم وجود ولي أو وصي بناء على طلب من المعني بالتقديم حسب
نص المادة 99من قانون األسرة ،أما األشخاص الذين تثبت لهم القوامة
فأشارت هذه المادة إلى أن تعيين المقدم يكون بناء على طلب أحد أقاربه أو ممن
له مصلحة أو من النيابة العامة ،61أما المشرع المصري فقد حدد درجة القرابة
بمقتضى المادة 88من قانون الوالية على المال في مصر والتي تنص على ما
يلي ":تكون القوامة لالبن البالغ ثم لألب ثم للجد ثم للشخص الذي تعينه المحكمة
".
المالحظ على هذه المادة أنها تضمنت ترتيب أصحاب الحق في القوامة
ترتيبا ال يقبل التقديم أو التأخير على اعتبار أن المشرع المصري استعمل حرف
العطف "ثم" الذي يفيد الترتيب والتراخي ،وبهذا يتعين على المحكمة أن تراعي
هذا الترتيب وعند التعدد في الدرجة تختار األصلح منهم ،على أن هذا الترتيب
ال يعدو أن يكون قيدا في االختيار وقت التعيين أي أنه ال يجوز عزل من تعينه
المحكمة بسبب ظهور من كانت له األولوية في التعيين.62
ثانيا :شروط القيم(المقدم)
يشترط في القيم ما يشترط في الوصي ،وهذا ما أشارت إليه المادة 411
من قانون األسرة ،63ويحيلنا هذا النص إلى مقتضيات المادة 98من قانون
77
األسرة التي تفيد بأنه يشترط قي الوصي أن يكون مسلما عاقال بالغا قادرا أمينا
حسن التصرف كما يجوز للقاضي عزله إذا تخلفت هذه الشروط.
نشير إلى أن المقدم نائب قانوني عن المحجور عليه في إدارة أمواله فال
يجوز له بأي حال من األحوال أن يتجاوز حدود اإلدارة كإبرامه لعقد بيع مثال.
الخاتمة
من خالل ما تقدم في هذا البحث المتواضع نخلص إلى نتائج منها:
-4خول المشرع لناقصي األهلية بمقتضى المادة 414من القانون المدني
المعدلة الحق في إبطال العقد بعد زوال السبب الذي أدى إلى نقص األهلية غير
أن قانون األسرة لم ينص على هذا الحكم ،وجعل للولي الحق في إجازة العقد
بعد زوال هذا السبب دون أن يقرره لهؤالء الضعفاء أنفسهم.
-2أخلط المشرع في األحكام بشأن السفيه حيث اعتبره ناقص األهلية في
القانون المدني أما في قانون األسرة فسوى في الحكم بينه وبين المجنون
والمعتوه ،كما أغفل ذكر ذي الغفلة في قانون األسرة على خالف القانون المدني
الذي اعتبره ناقص األهلية.
-8ضرورة استحداث أحكام جديدة تسمح للقاضي بتعيين مشرف على القيم
وكذا تعيين مدير مؤقت يتولى إدارة أموال المطلوب الحجر عليهم إذا تطلبت
إجراءات التحقيق فترة طويلة يخشى خاللها ضياع أموالهم كما هو الشأن في
قانون الوالية المصري في نص المادة 81منه بخصوص المشرف.
-1لم يأخذ المشرع الجزائري بالتفرقة الواردة في الفقه اإلسالمي
بخصوص نوعي العته نوع ال يكون معه إدراك وتمييز وحكمه كالجنون ،ونوع
آخر يكون معه إدراك وتمييز ولكن ال يصل في الغالب إلى درجة الراشدين
وحكمه كالصبي المميز ،فقرر المشرع أن العته عارض معدم لألهلية ينطبق
عليه حكم المجنون والصبي غير المميز ،وهكذا أخذت الشريعة اإلسالمية موقفا
وسطا بين التشريعات ألن البعض اْلخر منها يدرج العته ضمن العوارض
المنقصة لألهلية كالتشريع الفلسطيني وكذا القانون النموذجي العربي الموحد
لرعاية القاصرين.
77
-2لم يميز المشرع الجزائري بين الجنون المطبق والجنون المتقطع في
حين أن الشريعة اإلسالمية فرقت بينهما حيث يعتد بتصرفات المجنون أثناء
إفاقته وتبطل وقت الجنون وهو الحكم الذي أخذ به القانون المدني المصري
القديم ألن قانون األحوال الشخصية آنذاك كان يستمد أحكامه من الفقه اإلسالمي
ثم عدل عن ذلك ولم يعد يأخذ بهذه التفرقة سعيا منه إلى توحيد األحكام بين كل
المصريين المسلمين منهم وغير المسلمين.
-8إن تقرير المشرع للبطالن والقابلية بحسب األحوال على تصرفات
ناقصي األهلية وفاقديها وتوقيع الحجر عليهم وتعيين نائب قانوني يرعى
مصالحهم كلها حلول أوردها المشرع لحماية هذه الفئة الضعيفة إال أنها ال ترقى
إلى المطلوب ما لم تتضاعف الجهود التشريعية الستحداث قانون خاص يحكم
مسائل الوالية في جانبها الموضوعي واإلجرائي حيث استحدث المشرع المواد
من 184إلى 189من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية تحت عنوان حماية
البالغين ناقصي األهلية ،كل هذه المواد الواردة في التشريع الجزائري قليلة
بالنظر إلى تلك الواردة في التشريع المصري والتي تخص مسائل الوالية64سواء
من الناحية الموضوعية أو من الناحية اإلجرائية ويحتاج بعضها إلى مراجعة
كما بينا ،ونناشد المشرع الجزائري بتوحيد األحكام الخاصة بالوالية واستدراك
النقائص الواردة في القانون المدني وقانون األسرة تعديال وإضافة وحذفا
لألحكام التي تخدم مصلحة ناقصي األهلية وفاقديها وسعيا لتحقيق الحماية
المتطلبة.
الهـوامـــش:
1تنص المادة 418من القانون المدني المعدلة التي تنص على ما يلي :يعاد المتعاقدان إلى
الحالة التي كانا عليها قبل العقد في حالة بطالن العقد أو إبطاله ،فإن كان مستحيال جاز الحكم
بتعويض معادل.
غير أنه ال يلزم ناقص األهلية ،إذا أبطل العقد لنقص أهليته ،إال برد ما عاد عليه من منفعة
بسبب تنفيذ العقد...
ذكر المشرع في الفقرة األولى حالة بطالن العقد أو إبطاله وهكذا يشمل الحكم فاقدي األهلية
وناقصيها على حد سواء ،غير أنه في الفقرة الثانية خص الحكم بناقص األهلية وحده في حين
78
كان األجدر أن يدخل معه فاقد األهلية إذ بإمكان المعتوه الذي هو معدوم األهلية إبرام عقد
ويكون حكم هذا األخير البطالن وإنما ِذ ْكر المشرع لناقص األهلية دون فاقدها يكون من باب
أولى ليس إال ،ضف إلى هذا أن بعض التشريعات تعتبر العته عارض منقص لألهلية
كالقانون الفلسطيني مثال.
2حتى ولو سلمنا بهذا اإلقتراح فإنه فال يسلم من اإلنتقاد على اعتبار هذا يدخل في باب
المجاز ،ومعلوم أن المشرع الجزائري يتأسى بالقوانين الالتينية وفي مقدمتها القانون الفرنسي
التي تلتزم بحرفية النص ،هذا األخير الذي يحترمه أنصار مدرسة الشرح على المتون إلى
درجة التقديس ،فالبد هنا من استظهار النية الحقيقية لواضع التشريع وقت وضعه بحسب ما
تكشف عنه ألفاظ نصوصه وفي حال عدم وجود نص يحكم الواقعة يتعين هنا البحث عن نية
واضع التشريع المفترضة ،هذه األخيرة التي نستشفها من حكمة التشريع واألعمال
التحضيرية حتى ال يخرج القاضي أو الفقيه عن معاني نصوص التشريع وتبعا لهذا ال ينسب
لواضع التشريع ما لم يقله ويتعارض منطوق النص مع مفهومه.
3
)Article 103/2 du code civil algérien - (Loi N° 05-10 du 20 juin 2005
Toutefois, lorsque le contrat d’un incapable est annulé en raison de son
incapacité, ce dernier n’est obligé de restituser que la valeur du profit
qu’il a retiré de l’execution du contrat.
4تنص المادة 184من ق.إ.م .إ على ما يلي":يصرح بموجب أمر يصدره قاضي شؤون
األسرة بافتتاح أو تعديل أو رفع التقديم عن ناقصي األهلية".
Article 481 du code de procédure civile et administrative algérien-
l’ouverture, la modification ou la main-levée de la curatelle des
incapables est prononcée par ordonnance rendue par le juge aux
affaires familiales. Ce texte juridique concerne ceux qui sont
complètement ou partiellement incapables.
5وهناك احتمال آخر بخصوص ِذ ْكر المشرع لناقصي األهلية دون فاقديها غير أنني أراه
احتماال مرجوحا يتعلق األمر بكون ناقصي األهلية يمكنهم إبرام التصرفات القانونية وأن هذه
األخيرة قابلة لإلبطال في حقهم وتعيين المقدم للقيام بشؤونهم يكون على سبيل المساعدة ،أما
عديمي األهلية فتصرفاتهم باطلة بطالنا مطلقا وتعيين المقدم لتولي أمورهم يكون على سبيل
الحلول ال على سبيل المساعدة ،حتى وإن سلمنا بأن المجنون ال يمكنه إبرام التصرفات
القانونية فالمعتوه يمكنه ذلك ومعلوم أن التشريع الجزائري قرر نفس الحكم لحالتي الجنون
والعته.
78
6دمحم سراج ،أصول الفقه اإلسالمي ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية ،مصر،4998 ،
ص.22
7اْلية 28من سورة الفتح.
8دمحم سراج ،المرجع نفسه ،ص.88
9وهبة الزحيلي ،الوسيط في أصول الفقه اإلسالمي ،المطبعة العلمية ،دمشق ،ط-4928 ،2
،4929ص.81-22
10تنص المادة 218من مدونة األسرة المغربية على ما يلي":األهلية نوعان أهلية وجوب
وأهلية أداء"
11تنص المادة 212من مدونة األسرة المغربية على ما يلي":أهلية الوجوب هي صالحية
الشخص الكتساب الحقوق وتحمل الواجبات التي يحددها القانون ،وهي مالزمة له طول حياته
وال يمكن حرمانه منها" كما تنص المادة 218من نفس القانون":أهلية األداء هي صالحية
الشخص لممارسة حقوقه الشخصية والمالية ونفاذ تصرفاته ،ويحدد القانون شروط اكتسابها
وأسباب نقصانها أو انعدامها".
12تنص المادة 414من القانون المدني على ما يلي ":يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم
يتمسك به صاحبه خالل خمس سنوات( )2سنوات.
ويبدأ سريان هذه المدة في حالة نقص األهلية من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب".....
13تنص المادة 12من القانون المدني الجزائري على ما يلي ":ليس ألحد التنازل عن أهليته
وال تغيير أحكامها".
14أحمد على جرادات ،الوسيط في شرح قانون األحوال الشخصية الجديد-الوالية والوصاية
وشؤون القاصرين واإلرث والتخارج ،-دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن،2142 ،
ص .41والفرق بين األهلية والوالية هو أن هذه األخيرة ال تثبت إال لكامل األهلية أما
ناقصها فال والية له على نفسه ومن باب أولى على غيره.
15يقسم األصوليون عوارض األهلية إلى قسمين يتعلق األول بالعوارض السماوية كالجنون
والعته والنسيان ومرض الموت ،أما القسم الثاني فيختص بالعوارض المكتسبة من سكر
وهزل وسفه وخطأ وإكراه.
16أحمد نصر الجندي ،التعليق على قانون الوالية على المال ،دار الكتب القانونية ،المجلة
الكبرى ،مصر ،2111 ،ص .481
17ينص الفصل 481من قانون األحوال الشخصية التونسي على أن المجنون هو اشخص
الذي فقد عقله سواء أكان جنونه مطبقاً يستغرق جميع أوقاته أم منقطعاً تعتريه فترات يثوب
77
إليه عقله فيها .أما ضعيف العقل فهو الشخص غير كامل الوعي السيئ التدبير الذي ال يهتدي
إلى التصرفات الرابحة ويغبن في المبايعات.
18تنص المادة 242من مدونة األسرة المغربية على ما يلي...":يعتبر الشخص المصاب
بحالة فقدان العقل بكيفية متقطعة ،كامل األهلية خالل الفترات التي يؤوب إليه عقله فيها.
الفقدان اإلرادي للعقل ال يعفي من المسؤولية".
19نصت هذه المادة على ما يلي":المجنون :فاقد العقل بصورة مطبقة أو متقطعة".
20قرار رقم 22882المؤرخ في ،4988/12/48جاء في محتواه ":قضية ( مدير
مستشفى س) ضد ( فريق ب ).
من المقرر قانونا أن متولى الرقابة مسؤول عن األضرار التي يلحقها للغير األشخاص
الموضوعون تحت رقابته ،ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بمخالفة القانون غير
صحيح.
ولما كان الثابت – في قضية الحال – أن المجلس القضائي حمل المستشفى مسؤولية وفاة
الضحية نتيجة اعتداء وقع عليها من أحد المرضى المصابين عقليا واعتبر ذلك إخالال بواجب
الرقابة الملقى على عاتقها – مما يشكل خطأ مرفقيا – يستوجب التعويض طبقا للمادة 481
من القانون المدني ،وبقضائه كما فعل طبق القانون تطبيقا سليما ،ومتى كان كذلك استوجب
رفض الطعن".
21عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،مصادر االلتزام ،الجزء الثاني،
دون تاريخ النشر ،دون مكان النشر ،ص .822
22وهو الذي لم يحدد المشرع الجزائري سنه إذا تعلق األمر بمسألة الخضوع للرقابة كما هو
الشأن بالن سبة للتشريع المصري وهكذا فإن حكم المادة يمتد إلى كل شخص لم يبلغ سن الرشد
المدني المقدر بتسع عشرة سنة كاملة .انظر خليل أحمد حسن قدادة ،الوجيز في شرح القانون
المدني ،الجزء األول ،مصادر االلتزام ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الطبعة الرابعة،
الجزائر ،سنة ،2141ص .221
23بلحاج العربي ،النظرية العامة لإللتزام في القانون المدني الجزائري ،الجزء الثاني ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،بن عكنون ،الجزائر ،الطبعة الرابعة ،2112 ،ص 818وما يليها،
بتصرف.
24دمحم بن مكرم بن منظور ،لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،دون تاريخ النشر ،الجزء
الثاني ،42 ،ص.128
25علي فياللي ،نظرية الحق ،موفم للنشر ،الجزائر ،طبعة ،2144ص .221
26وهبة الزحيلي ،المرجع السابق ،ص.428
77
27نبيل إبراهيم سعد ،نبيل إبراهيم سعد ،المدخل إلى القانون ،نظرية الحق ،منشاة المعارف،
اإلسكندرية ،مصر ،2114 ،ص .489
28أحمد نصر الجندي ،المرجع السابق ،ص .481
29ابن منظور ،المرجع السابق ،الجزء الثالث ،ص. 218
30اْلية 48من سورة البقرة.
31اْلية 12من سورة النساء.
32دمحم بن مكرم بن منظور ،المرجع نفسه ،الجزء الثاني ،ص .222
33دمحم سعيد جعفــور ،تصرفات ناقص األهلية المالية في القانون المدني الجزائري والفقه
اإلسالمي ،دار هومة ،الجزائر ،2141 ،ص .24
34علي فياللي ،المرجع السابق ،ص .221
35اْلية 28من سورة الكهف.
36اْلية 28من سورة النور.
37دمحم سعيد جعفور ،المرجع السابق ،ص.22
38وهبة الزحيلي ،المرجع السابق ،ص.492
39يستعمل المشرع مصطلحي البطالن والقابلية لإلبطال في القانون المدني ويوظف
مصطلحين آخرين في قانون األسرة وهما النفاذ وعدم النفاذ(انظر المادتين 88و 82من
قانون األسرة) وهذا يخلق ازدواجية في الحكم ،ومن ثم هناك ضرورة –في تقديرنا -لتوحيد
الحكم بين القانونين .واالزدواجية في الحكم منشأها االختالف في المصدر ذلك أن جل أحكام
القانون المدني تجد مصدرها في القانون المدني الفرنسي في حين أن أحكام قانون األسرة تجد
مصدرها في الشريعة اإلسالمية.
40الرحمن الجزيري ،كتاب الفقه على المذاهب األربعة ،المجلد الثاني ،فقه المعامالت ،دار
الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،دون مكان النشر ،دون تاريخ النشر ،ص .818
41اْلية 12من سورة الفجر.
42وهو تعريف المالكية ،انظر كتاب الفقه على المذاهب األربعة لعبد الرحمن الجزيري،
المرجع نفسه ،ص.812
43السيد سابق ،فقه السنة ،المجلد الثاني-نظام األسرة – الحدود والجنايات ،دار الفكر للنشر
والتوزيع ،الطبعة الثالثة ،بيروت ،لبنان ،س ،4984ص .112وفي نفس المعنى كتاب
منهاج المسلم ألبي بكر جابر الجزائري ،بدون دار النشر ،دون مكان النشر ،4984 ،ص
.148
44دمحم سعيد جعفــور ،المرجع السابق ،ص.282
77
77
تصرفات الصبي المميز من أحكام .أما التصرف الصادر قبل تسجيل قرار الحجر فال يكون
باطال أو قابل لألبطال إال إذا كان نتيجة استغالل أو تواطؤ" .
55دمحم سعيد جعفور ،تصرفات ناقصي األهلية المالية في القانون المدني الجزائري والفقه
اإلسالمي ،مرجع سابق ،ص .21
56دمحم بن مكرم بن منظور ،مرجع سابق ،الجزء ،42ص .212
57عرفته المادة 2من القانون النموذجي العربي الموحد لرعاية القاصرين كما
يلي":المحجور عليه قانوناً :الذي يحرم بسبب الحكم عليه بعقوبة جنائية من مباشرة شؤونه
المالية طوال مدة تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه أو من تقرر المحكمة توقيع الحجر عليه".
58تنص المادة 11من القانون المدني " :يخضع فاقدو األهلية وناقصوها بحسب األحوال
ألحكام الوالية أو الوصاية أو القوامة ضمن الشروط ووفقا للقواعد المقررة في القانون" يقابل
هذه المادة في مدونة األسرة المغربية المادة .244
59تنص المادة 99من قانون األسرة" :المقدم هو من تعينه المحكمة في حالة عدم وجود ولي
أو وصي على من كان فاقد األهلية أو ناقصها بناء على طلب أحد أقاربه او ممن له مصلحة
أو من النيابة العامة".
60أحمد نصر الجندي ،المرجع السابق ،ص .48-42
61دمحم سعيد جعفــور ،مدخل إلى العلوم القانونية ،المرجع السابق ،ص.849
62أحمد نصر الجندي ،المرجع السابق ،ص .498
63تنص المادة 411من قانون األسرة على ما يلي" :يقوم المقدم مقام الوصي ويخضع لنفس
األحكام"
64القانون رقم 448لسنة 4922المتعلق بتقرير حاالت سلب الوالية على النفس وفيه 48
مادة ،وكذا القانون رقم 449لسنة 4922المتعلق بأحكام الوالية على المال وفيه 88مادة.
القانون رقم 4لسنة 2111بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في
مسائل األحوال الشخصية .قرار وزير العدل رقم 4182لسنة 2111بالمعاونين الملحقين
للعمل بنيابات األحوال الشخصية ومنحهم صفة الضبطية القضائية.