نظام الإحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 46

‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...

‬‬

‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‬


‫‪The system of referral to the conflict court‬‬
‫‪in Algerian law‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬
‫جامعة قالمة‪ ،‬جامعة تبسة‪ -‬الجزائر‬
‫‪samia.doctorat@gmail.com‬‬
‫‪mohamedelamine.nouiri@univ-tebessa.dz‬‬

‫ملخص‪ :‬يعد نظام اإلحالة على زلكمة التنازع وسيلة قانونية‪ ،‬توظف حلل مسائل التنازع الناذبة‬
‫عن توزيع االختصاص بُت جهات القضاء اإلداري وجهات القضاء العادي‪ .‬ويتمثل ىذا النظام يف‬
‫مساحو ذلذه اجلهات القضائية ذاهتا بتحريك الدعوى مباشرة أمام زلكمة التنازع‪ .‬حيث تصدر اجلهة‬
‫القضائية ادلعنية ذلذا الغرض حكما مسببا‪ ،‬يكون غَت قابل ألي طريق من طرق الطعن‪.‬‬
‫لقد وضع ادلشرع اجلزائري شروطا دلمارسة اإلحالة أمام زلكمة التنازع‪ ،‬وكذا إجراءات مباشرهتا‪ .‬غَت‬
‫أن تلك الشروط تظهر‪ ،‬من جهة‪ ،‬يف أن أغلبها يقبل الكثَت من التأويالت‪ .‬كما أن تلك‬
‫اإلجراءات صلدىا‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬متداخلة مع اإلجراءات ادلتبعة يف مادة تنازع االختصاص بُت‬
‫القضاة التابعُت لنفس النظام‪ ،‬رغم الفروقات العديدة ادلوجودة بشأن تنازع االختصاص بُت القضاة‬
‫وتنازع االختصاص بُت اجلهات القضائية التابعة للنظامُت القضائيُت ( اإلداري والعادي)‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية ‪ :‬نظام اإلحالة ‪ ،‬زلكمة التنازع‪ ،‬القضاء االداري‪ ،‬القضاء العادي‪ ،‬تنازع‬
‫االختصاص ‪.‬‬
‫‪Abstract:The system of referral to the Dispute Tribunal is considered‬‬
‫‪as a legal means, used to solve the problems which are the results of‬‬
‫‪distribution of jurisdiction between administrative jurisdictions and‬‬
‫‪ordinary courts. This system is characterized in its authorization to‬‬
‫‪these courts itself to trigger the action directly before the court of‬‬

‫‪307‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫‪conflicts. the court concerned will pronounce that effect a decision‬‬


‫‪which will not be subject to any remedy.‬‬
‫‪The Algerian legislator has demanded conditions and a‬‬
‫‪procedure for the referral to the court in the conflict court. However,‬‬
‫‪these conditions in its majority, on the one hand, it has many nuances.‬‬
‫‪This procedure is also overlapping with the procedure of conflicting‬‬
‫‪judges, despite the many differences between the conflict between the‬‬
‫‪judges and the conflict of jurisdictions belonging to the two judicial‬‬
‫‪systems (administrative and judicial).‬‬
‫‪key words: The referral system, the conflict court, the administrative‬‬
‫‪courts, the ordinary courts, the judges' dispute‬‬
‫مق ّدمة‪:‬‬
‫توجد عالقة وثيقة بُت االزدواجية القضائية وإحداث جهاز لفض إشكاالت‬
‫االختصاص اليت تطرأ بُت ىرمي القضاء العادي والقضاء اإلداري‪ .‬إذ اعترب بعض‬
‫(‪)1‬‬
‫كما أهنا‬ ‫الفقهاء أن ىذه اآللية سبثل " المكمل الطبيعي لالزدواجية القضائية‪".‬‬
‫(‪)2‬‬
‫سبثل " أساس ىذا النظام الذي يضمن لو التوازن والنجاعة‪".‬‬
‫لقد أدى انتهاج ادلشرع اجلزائري لالزدواجية القضائية إذل بروز فروض لتنازع‬
‫االختصاص بُت جهيت القضاء اإلداري والقضاء العادي‪ ،‬وأيضا ظهور تعارض بُت‬
‫تنفيذ األحكام الصادرة عن كل جهة من ىاتُت اجلهتُت القضائيتُت‪ .‬وكان من الطبيعي‬
‫أن تأخذ ادلشكلة أبعادىا وتلح يف حلوذلا بعد نشأة القضاء اإلداري على وجو‬
‫اخلصوص‪ ،‬ألن سحبو للمنازعة اإلدارية من القضاء العادي‪ ،‬يعٍت بذاتو أن أغلب‬
‫ادلنازعات ادلثارة أمام القضاء سيتواتر نظرىا بُت ىاتُت اجلهتُت بصفة أساسية‪ ،‬وىو ما‬
‫يعطي بالضرورة الحتماالت التنازع بينهما حجما ال ؽلكن إغفالو‪.‬‬

‫‪308‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫تتمثل حاالت تنازع االختصاص اليت ؽلكن أن تطرأ بُت جهات القضاء العادي‬
‫واإلداري يف كل من‪ :‬حاليت التنازع االغلايب والتنازع السليب‪ ،‬وحالة تناقض األحكام‬
‫النهائية ادلؤدية إذل إنكار العدالة‪ ،‬باإلضافة إذل التنازع على أساس اإلحالة‪ ،‬الذي يعد‬
‫(‪(3‬‬
‫تبعا لذلك يطرح التساؤل‬ ‫وسيلة وقائية يف يد القاضي إلخطار زلكمة التنازع‪.‬‬
‫حول مدى نجاعة ىذه الوسيلة وفعاليتها في درء النتائج السلبية المترتبة عن تنازع‬
‫االختصاص النوعي؟‬
‫وىي الوضعية اليت سنحاول إلقاء الضوء عليها من خالل ىذه الدراسة‪ ،‬من خالل‬
‫تسليط الضوء على مفهوم نظام اإلحالة (ادلبحث األول)‪ ،‬مث التعرض إذل شروط‬
‫وإجراءات مباشرهتا( ادلبحث الثاين)‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم نظام اإلحالة‬
‫ظهر نظام اإلحالة يف فرنسا سنة ‪ 1960‬كوسيلة سبنع تولد تنازع االختصاص‬
‫السليب‪ ،‬أو لوجود مسألة جدية تتعلق بتوزيع االختصاص بُت جهيت القضاء العادي‬
‫والقضاء اإلداري‪ ،‬تنطوي على مساس دببدأ استقاللية السلطات اإلدارية عن السلطات‬
‫القضائية‪)4(.‬‬
‫تبٌت ادلشرع اجلزائري نظام اإلحالة من خالل ادلادة ‪ 18‬من القانون العضوي رقم‬
‫‪ 03/98‬ادلؤرخ يف ‪ 8‬صفر عام ‪ 1419‬ادلوافق ل‪ 3 :‬يونيو سنة ‪ 1998‬ادلتعلق‬
‫باختصاصات زلكمة التنازع وتنظيمها وعملها‪ ،‬مع بعض اخلصوصية اليت سبيزه عن‬
‫نظَته الفرنسي‪ .‬وحىت تتجلى معادل ىذا النظام سنتناول من خالل ىذا ادلبحث مفهوم‬
‫نظام اإلحالة على زلكمة التنازع‪ .‬ويف سبيل ذلك‪ ،‬نقوم بتعريف اإلحالة وسبييزىا عما‬

‫‪309‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫يشاهبها من ادلفاىيم القانونية (ادلطلب األول)‪ .‬مث نبُت أصناف ىذا النوع من اإلحالة (‬
‫ادلطلب الثاين)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف اإلحالة على محكمة التنازع وتمييزىا عن غيرىا من‬
‫االحاالت األخرى‬
‫هتدف اإلحالة على زلكمة التنازع – كما سيتم توضيحو يف حينو‪ -‬إذل تبسيط‬
‫إجراءات التقاضي‪ ،‬وتقصَت عمر ادلنازعة‪ ،‬وتفادي ظاىرة تناقض األحكام القضائية‪.‬‬
‫غَت أنو قبل تبيان ذلك‪ ،‬البد أن نعرف اإلحالة على زلكمة التنازع وظليزىا عن أظلاط‬
‫اإلحالة األخرى ادلنصوص عليها ضمن قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪ ،‬وذلك منعا‬
‫للخلط بينها والختالف األحكام القانونية لكل نظام‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف اإلحالة‬
‫(‪)5‬‬
‫لجوء الهيئة القضائية‪،‬‬ ‫" يقصد باإلحالة كإجراء ترفع عن طريقو الدعوى‪،‬‬
‫سواء كانت تابعة للجهاز القضائي العدلي أو الجهاز القضائي اإلداري‪ ،‬مباشرة‬
‫إلى الهيئة التنازعية حتى تنظر في مسألة االختصاص وتقضي فيها"‪ .6‬فاإلحالة‬
‫ليست تنازعا بادلعٌت الدقيق‪ ،‬بل ىي إجراء يستهدف احليلولة دون حدوث تنازع زلتمل‬
‫(‪)7‬‬
‫يف االختصاص‪ ،‬سواء كان تنازعا اغلابيا أو سلبيا‪.‬‬
‫البد أن نشَت أن اإلحالة اليت نقصدىا من خالل ىذا ادلوضوع ىي اإلحالة القائمة‬
‫بُت اجلهازين القضائيُت العادي واإلداري اليت يعهد هبا إذل زلكمة التنازع‪ )8(.‬وىي‬
‫بذلك زبتلف عن اإلحالة ادلنصوص عنها يف قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪ .‬فهي‬
‫تتم داخل اذلرم القضائي الواحد بُت جهتُت قضائيتُت تابعتُت لنفس النظام القضائي‪،‬‬
‫أين يتم فض التنازع القائم بينهما داخل ىذا النظام ذاتو‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تمييز اإلحالة على محكمة التنازع عن باقي صور اإلحاالت األخرى‬
‫تنص الفقرة الثانية من ادلادة ‪ 19‬من القانون العضوي حملكمة التنازع الصادر سنة‬
‫‪1998‬على أنو‪ ":‬عند اإلحالة تطبق القواعد المنصوص عليها في قانون‬
‫(‪)8‬‬
‫اإلجراءات المدنية في مادة تنازع االختصاص بين القضاة‪" .‬‬
‫لقد أحالت ىذه ادلادة على أحكام قانون اإلجراءات ادلدنية الصادر سنة ‪1966‬‬
‫ادللغى فيما ؼلص حالة تنازع القضاة‪ .‬وبصدور قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‬
‫احلارل‪ ،‬البد أن نتطرق ألنواع اإلحالة األخرى اليت تتم داخل اذلرم القضائي الواحد‪،‬‬
‫على اعتبار أن ادلشرع يف الفقرة الثانية من ادلادة ‪ 19‬أعاله قد نص على خضوعهما‬
‫لنفس القواعد واإلجراءات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تمييز اإلحالة على محكمة التنازع عن اإلحالة لوحدة الموضوع‬
‫لقد كرس ادلشرع اجلزائري نظام اإلحالة لوحدة ادلوضوع من خالل ادلادتُت‪ 53 :‬و‬
‫‪ 54‬من قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪ ،‬ويتضح من خالذلما ضرورة توافر رلموعة‬
‫من الشروط للدفع باإلحالة لوحدة ادلوضوع‪.‬‬
‫تتمثل اإلحالة لوحدة ادلوضوع‪ ،‬باختصار‪ ،‬يف شرط‪ :‬قيام نفس النزاع أمام جهتُت‬
‫قضائيتُت‪ )9(،‬شلا يقتضي وحدة العناصر الثالث من زلل وسبب وخصوم‪ .‬باإلضافة إذل‬
‫شرط التعاصر اإلجرائي للدعويُت‪ )10(،‬بأال يكون قد فصل يف أحدعلا حبكم‪ ،‬ألن‬
‫األمر يف ىذه احلالة يقتضي الدفع حبجية األمر ادلقضي بو‪ .‬وىناك شرط ثالث‪ ،‬يتمثل‬
‫يف وحدة درجة التقاضي اليت تتبعها زلكميت دعوى نفس النزاع‪ .‬وىو ما نصت عليو‬
‫ادلادة ‪ 53‬صراحة بقوذلا " نفس الدرجة "‪ ،‬أي أنو ال غلوز الدفع باإلحالة لوحدة‬
‫ادلوضوع إذا اختلفت درجة التقاضي‪ .‬فيحدث ىذا يف القانون اجلزائري‪ ،‬عكس نظَته‬

‫‪311‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫الفرنسي الذي غليز اإلحالة لنفس النزاع ولو اختلفت الدرجة على أن تكون اإلحالة‬
‫من القضاء األدىن درجة إذل القضاء األعلى درجة‪ )11(.‬وذبدر اإلشارة إذل أن الدفع‬
‫باإلحالة لوحدة ادلوضوع قد يتم من طرف أحد اخلصوم أو قد يثَته القاضي من تلقاء‬
‫(‪)12‬‬
‫نفسو طبقا لنص ادلادة ‪ 54‬ادلذكور أعاله‪.‬‬
‫تتم اإلحالة من قبل اجلهة القضائية األخَتة اليت رفع إليها النزاع لصاحل اجلهة‬
‫األخرى اليت رفعت أمامها الدعوى بداءة‪ .‬ويبدى الدفع باإلحالة يف أي مرحلة من‬
‫مراحل الدعوى‪ .‬وػلصل ذلك‪ ،‬ألن ادلادة ‪ 54‬قد جاءت عامة ودل تقيد األطراف‬
‫بوقت معُت‪ .‬وذات األمر ينطبق على القاضي الذي ؽلكنو إحالة الدعوى تلقائيا على‬
‫اجلهة القضائية ادلختصة أثناء سَت الدعوى طادلا دل يصدر فيها حكم‪.‬‬
‫يًتتب على احلكم باإلحالة لوحدة ادلوضوع التخلي عن النظر يف النزاع لفائدة اجلهة‬
‫القضائية احملال إليها‪ .‬ويكون ىذا احلكم الصادر عن جهة اإلحالة ملزما للجهة‬
‫القضائية احملال إليها‪ ,‬فال تستطيع ىذه األخَتة أن ترفض النظر يف ىذه الدعوى‪ ،‬وال‬
‫يقبل حكم اإلحالة للجهة القضائية األوذل ألي وجو طعن وفقا لنص ادلادة ‪ 57‬من‬
‫(‪)13‬‬
‫قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪.‬‬

‫من خالل ما سبق ذكره‪ ،‬طللص إذل أن اإلحالة على زلكمة التنازع تشًتك مع‬
‫اإلحالة لوحدة ادلوضوع يف كون كليهما يعملهما القاضي من تلقاء نفسو‪ ،‬باإلضافة إذل‬
‫عدم قابلية حكم اإلحالة يف النظامُت ألي طريق من طرق الطعن‪ ،‬لكنهما ؼلتلفان يف‬
‫أوجو عدة‪.‬‬

‫‪312‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫يظهر الفرق األول يف أن اإلحالة لوحدة ادلوضوع تتم داخل نفس اذلرم القضائي‪،‬‬
‫سواء كان عاديا أم إداريا‪ .‬وذلك على اعتبار أن ادلشرع قد نظم ىذه اإلحالة ضمن‬
‫الكتاب األول ربت عنوان‪ ":‬األحكام ادلشًتكة جلميع اجلهات القضائية‪ ",‬أما اإلحالة‬
‫على زلكمة التنازع‪ ،‬فهي ترفع للوقاية من وقوع تنازع يف االختصاص بُت جهتُت‬
‫قضائيتُت تابعتُت ذلرمُت قضائيُت سلتلفُت‪.‬‬

‫زبتلف اإلحالتان ثانيا يف كون اإلحالة لوحدة ادلوضوع تتم من جهة قضائية إذل جهة‬
‫قضائية أخرى من نفس الدرجة‪ ،‬بسبب رفع نفس النزاع أمام جهتُت قضائيتُت‬
‫سلتصتُت‪ ،‬وذلك وفقا لنص ادلادة ‪ .53‬بينما تعرض اإلحالة اليت نرمي إليها من خالل‬
‫حبثنا ىذا على جهة قضائية زلايدة‪ ،‬تتمثل يف زلكمة التنازع‪ .‬وال ؽلكن بأي حال أن‬
‫تقوم هبا اجلهة القضائية ادلتخلية لصاحل اجلهة القضائية ادلتعهدة‪ .‬كما تتم اإلحالة يف‬
‫النوع الثاين لدرء تنازع اغلايب أو سليب زلتمل الوقوع بُت جهيت اذلرمُت القضائيُت دون‬
‫اشًتاط نفس الدرجة على غرار اإلحالة لوحدة ادلوضوع‪ .‬فقد يعرض النزاع األول على‬
‫زلكمة إدارية مثال‪ ،‬وتتم اإلحالة من طرف رللس قضائي‪.‬‬

‫يُضاف إذل ما سبق ذكره أعاله أن اإلحالة على زلكمة التنازع تتوالىا إحدى‬
‫جهات القضاء العادي أو القضاء اإلداري وجوبا من تلقاء نفسها‪ ،‬مىت رأت أن‬
‫فصلها يف القضية سيؤدي إذل تولد تنازع يف االختصاص‪ .‬بينما تكون اإلحالة لوحدة‬
‫(‪)14‬‬
‫ادلوضوع جوازية بالنسبة للقاضي أو بناء على دفع مقدم من ذوي الشأن‪.‬‬

‫أخَتا‪ ،‬ؼلتلف نظاما اإلحالتُت يف النتائج ادلًتتبة عنها‪ .‬إذ يًتتب عن اإلحالة‬
‫لوحدة ادلوضوع‪ :‬التخلي عن النظر يف النزاع لفائدة اجلهة القضائية احملال إليها‪ ،‬وبالتارل‬

‫‪313‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫صدور حكم واحد يف النزاعُت بعد ضمهما أمام جهة اإلحالة‪ .‬بينما يًتتب على إحالة‬
‫النزاع على زلكمة التنازع‪ :‬توقف كل اإلجراءات على مستوى جهيت القضاء العادي‬
‫واإلداري إذل حُت الفصل يف مسألة االختصاص‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تمييز اإلحالة على محكمة التنازع عن اإلحالة بسبب االرتباط‬

‫أورد ادلشرع اجلزائري القواعد العامة لإلحالة بسبب االرتباط يف الدعاوى اليت ينظرىا‬
‫القضاء العادي من خالل النص عليها يف ادلادتُت ‪ 55‬و ‪ 56‬من قانون اإلجراءات‬
‫ادلدنية واإلدارية‪ .‬كما نظم ادلشرع اإلحالة بسبب االرتباط يف ادلنازعات اإلدارية من‬
‫خالل ادلواد من ‪ 809‬إذل ‪ 812‬من نفس القانون ادلذكور‪.‬‬

‫يُشًتط إلحالة الدعوى بسبب االرتباط وفقا للمادتُت ‪ 55‬و‪ 811‬وجود عالقة بُت‬
‫قضايا مرفوعة أمام تشكيالت سلتلفة تابعة لنفس اجلهة القضائية‪ ،‬أو أمام جهات‬
‫قضائية سلتلفة‪ .‬ومن قراءة ىذين النصُت يتضح أن اإلحالة لالرتباط ال ؽلكن أن ربدث‬
‫إال بُت جهات قضائية تابعة لنفس النظام القضائي سواء كان ذلك النظام عاديا أم‬
‫إداريا‪ .‬إذ ال يتصور قيام ارتباط بُت طلبات مرفوعة على مستوى نظامُت قضائيُت‬
‫سلتلفُت‪ .‬فاالختالف يكون على مستوى اجلهات القضائية التابعة لنفس النظام‬
‫القضائي وليس على مستوى النظامُت‪ .‬عكس اإلحالة على زلكمة التنازع‪ ،‬اليت تتم‬
‫درءا لتنازع زلتمل يف االختصاص بُت جهة قضائية تابعة ذلرم النظام القضائي العادي‬
‫وأخرى تابعة ذلرم نظام القضاء اإلداري‪.‬‬

‫وقد تتم اإلحالة داخل اذلرم القضائي العادي أو اذلرم القضائي اإلداري‪ ،‬وال تثور‬
‫مشكلة مىت كانت الدعاوى ادلرتبطة مرفوعة أمام جهات قضائية من نفس الدرجة‪،‬‬
‫‪314‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫لكن السؤال يطرح عن احلل الواجب إتباعو يف حالة ما إذا كانت ىذه الدعاوى‬
‫مرفوعة أمام جهات قضائية من درجات سلتلفة‪.‬‬

‫بالنسبة لإلحالة بسبب االرتباط أمام اجلهات القضائية اإلدارية‪ ،‬أجاز ادلشرع صراحة‬
‫إحالة الدعوى من الدرجة األوذل إذل الدرجة الثانية‪ ،‬أي من احملكمة اإلدارية إذل رللس‬
‫الدولة‪ ،‬على أن يتوذل ىذه ادلهمة رئيس ىذه احملكمة اإلدارية‪ .‬وىو ما كرستو ادلادة‬
‫‪ 809‬من قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪.‬‬

‫مثال ىذه احلالة‪ ،‬أن يرفع شخص دعوى إلغاء ضد قرار مركزي وكذا طلب التعويض‬
‫عن األضرار الناذبة عن ذلك القرار وىذا بدعوى واحدة مقدمة أمام احملكمة اإلدارية‪،‬‬
‫فتجد ىذه األخَتة نفسها سلتصة للفصل يف طلب التعويض دون طلب اإللغاء الذي‬
‫يعود الختصاص رللس الدولة‪ ،‬وذلذا يأمر رئيس احملكمة اإلدارية بإحالة الطلبُت أمام‬
‫(‪)15‬‬
‫رللس الدولة‪.‬‬

‫كرس ادلشرع كذلك حالة أخرى نصت عليها الفقرة الثانية من ادلادة ‪ .809‬حيث‬
‫اشًتطت لتحقق االرتباط أن تكون ىناك دعوتُت قضائيتُت‪ ،‬واحدة مرفوعة أمام‬
‫احملكمة اإلدارية واألخرى مرفوعة أمام رللس الدولة‪ .‬وأن يتم إخطار احملكمة اإلدارية‬
‫بطلبات خبصوص الدعوى ادلرفوعة أمامها وأن تدخل ىذه الطلبات يف اختصاصها‪.‬‬
‫باإلضافة إذل ارتباط ىذه الطلبات اليت أخطرت هبا احملكمة اإلدارية بطلبات مقدمة‬
‫أمام رللس الدولة يف الدعوى ادلرفوعة أمامو‪.‬‬
‫ففي ىذه احلالة‪ ،‬ػليل رئيس احملكمة اإلدارية تلك الطلبات إذل رللس الدولة‪ .‬مع‬
‫اإلشارة إذل أن أمر اإلحالة الصادر عن رئيس احملكمة اإلدارية غَت قابل ألي طعن‪.‬‬

‫‪315‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫لكن ادلشرع سكت بالنسبة لإلحالة بسبب االرتباط أمام اجلهات القضائية‬
‫العادية عن تنظيم ىذه ادلسألة من خالل ادلادة ‪ 55‬من قانون اإلجراءات ادلدنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬شلا يًتك التساؤل قائما‪ .‬خاصة أن ادلشرع قد نص يف مواد سابقة على عدم‬
‫جواز اإلحالة لوحدة ادلوضوع كما ذكرنا سابقا إال إذا اربدت اجلهتُت القضائيتُت يف‬
‫نفس الدرجة‪ .‬وخصوصا إذا أخذنا بعُت االعتبار أن اإلحالة الرتباط الدعاوى اليت‬
‫تنظرىا جهات قضائية سلتلفة الدرجة من الدرجة الدنيا إذل الدرجة الثانية‪ ،‬أي من‬
‫احملكمة االبتدائية إذل اجمللس القضائي فيو حرمان ألحد اخلصوم من درجة من درجيت‬
‫(‪)16‬‬
‫التقاضي‪.‬‬
‫يُشًتط أيضا أن تكون الدعاوى الزالت قائمة وقت إحالة الدعوى بسبب االرتباط‪،‬‬
‫ودل يصدر يف أي منها حكم فاصل يف ادلوضوع‪ ،‬أما اإلحالة على زلكمة التنازع‬
‫فيشًتط لصحتها –كما سنوضحو يف حينو‪ -‬أن يكون القرار القضائي ادلتخذ من‬
‫إحدى جهيت القضاء العادي أو اإلداري هنائيا غَت قابل ألي وجو طعن‪.‬‬
‫حسب قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪ ،‬يبدي كل من اخلصوم الدفع باإلحالة‬
‫لالرتباط أمام القضاء العادي أو قد يثَته القاضي من تلقاء نفسو‪ )17(،‬وىو أمر جوازي‬
‫سواء بالنسبة للقاضي أو بناء على دفع مقدم من ذوي الشأن‪ .‬بينما دل ػلدد ادلشرع‬
‫اجلهة اليت ػلق ذلا إبداء الدفع باإلحالة لالرتباط يف ادلادة اإلدارية‪ .‬وذلك ألن ادلشرع‬
‫قد اكتفى بالنص على إحالة ادللف من طرف رئيس احملكمة اإلدارية مىت كانت‬
‫الدعاوى ادلرتبطة تنظرىا كل من احملكمة اإلدارية ورللس الدولة‪ ،‬أو رئيسا احملكمتُت‬
‫اإلداريتُت مىت أخطرت احملكمتان اإلداريتان يف آن واحد بطلبات مرتبطة‪.‬‬

‫‪316‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫أما اإلحالة اليت نرمي إليها من خالل حبثنا‪ ،‬فتتوالىا إحدى جهات القضاء العادي‬
‫أو القضاء اإلداري وجوبا من تلقاء نفسها‪ ،‬مىت رأت أن فصلها يف القضية سيؤدي إذل‬
‫تولد تنازع يف االختصاص‪.‬‬
‫يًتتب على إحالة الدعوى بسبب االرتباط يف ادلادة العادية التخلي عن النظر يف‬
‫النزاع لصاحل اجلهة القضائية احملال عليها‪ ،‬على أن يتم ذلك حبكم مسبب وفقا لنص‬
‫ادلادة ‪ 56‬من قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪ .‬وىو ذات الوضع الذي قرره ادلشرع‬
‫يف ادلادة اإلدارية وفقا لنص ادلادة ‪ 809‬مىت وقع االرتباط بُت الدعاوى ادلرفوعة أمام‬
‫احملكمة اإلدارية ورللس الدولة‪ .‬أما إذا كان االرتباط واقعا بُت طلبات مرفوعة أمام‬
‫زلكمتُت إداريتُت فإن رللس الدولة يف ىذه احلالة ال ؼلتص بنظر الدعوى‪ ،‬وإظلا يفصل‬
‫رئيس رللس الدولة يف االرتباط إن وجد‪ ،‬وػلدد احملكمة ادلختصة للفصل يف الطلبات‪،‬‬
‫وذلك طبقا لنص ادلادة ‪ 811‬من نفس القانون‪.‬‬
‫علما أن األحكام الصادرة باإلحالة على اجلهة القضائية األوذل لالرتباط غَت قابلة‬
‫للطعن وفقا لنص ادلادة ‪ 56‬من قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪ ،‬وذات األمر ينطبق‬
‫على أوامر اإلحالة يف ادلادة اإلدارية طبقا لنص ادلادة ‪ 812‬من ذات القانون‪ .‬ويًتتب‬
‫عليها صدور حكم واحد يف النزاعُت بعد ضمهما أمام جهة اإلحالة‪ .‬وذات األمر‬
‫ينطبق على قرار اإلحالة على زلكمة التنازع الصادر عن اجلهة القضائية ادلختصة‪ ،‬فهو‬
‫غَت قابل ألي وجو طعن‪.‬‬

‫كذلك زبتلف اإلحالة لالرتباط عن اإلحالة حملكمة التنازع‪ ،‬يف اعتبار النوع األول‬
‫ينقل الدعوى من جهة اإلحالة إذل اجلهة احملال إليها‪ ،‬شلا يًتتب عليو ضم للدعاوى‬
‫ادلرتبطة والفصل فيها حبكم واحد من اجلهة القضائية الثانية احملال إليها‪ ،‬غَت أن اإلحالة‬
‫‪317‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫بسبب االرتباط على رللس الدولة لوجود طلبات مرتبطة تنظرىا زلكمتان إداريتان‪،‬‬
‫يكتفي يف ىذه احلالة بتعيُت اجلهة القضائية ادلختصة بنظر النزاع‪ .‬وتشبو ىذه احلالة‬
‫األخَتة اإلحالة على زلكمة التنازع‪ ،‬على اعتبار أنو يًتتب على رفعها تورل ىذه‬
‫احملكمة ربديد اجلهة القضائية ادلختصة بنظر النزاع‪ ،‬دون الفصل فيو‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تمييز اإلحالة على محكمة التنازع عن اإلحالة لعدم االختصاص داخل الهرم‬
‫القضائي الواحد‬
‫نظرا لكون قواعد االختصاص النوعي من النظام العام عمال بنص ادلادة ‪ 36‬من‬
‫قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪ ،‬فإننا نتساءل عن الطبيعة القانونية لإلحالة اليت تقوم‬
‫هبا اجلهة القضائية غَت ادلختصة بنظر الدعوى داخل اذلرم القضائي الواحد لصاحل اجلهة‬
‫القضائية ادلختصة داخل نفس اذلرم(‪ .)18‬فهل تكتفي سلتلف اجلهات القضائية (العادية‬
‫واإلدارية) بالتصريح بعدم االختصاص النوعي أو اإلقليمي‪ ،‬دبا يعٍت زبليها عن نظر‬
‫الدعوى دون إحالتها على اجلهة القضائية ادلختصة للفصل فيها‪ ،‬على أن يبقى دلن لو‬
‫مصلحة فيها إعادة قيدىا لدى ىذه األخَتة لتتوذل الفصل يف موضوعها؟ أم أن ىذه‬
‫اجلهات القضائية مطالبة بإحالة الدعوى على اجلهة القضائية ادلختصة بنظرىا تفاديا‬
‫لطول ادلنازعة أو رباشيا لصدور أحكام متناقضة؟‬
‫بالنسبة جلهة القضاء العادي‪ ،‬ال يُعد توزيع القضايا بُت أقسامها دبثابة توزيع نوعي‬
‫لالختصاص‪ ،‬بل ىو توزيع تنظيمي للعمل هبا‪ .‬فاالختصاص للمحكمة وليس‬
‫لألقسام‪ ،‬لذلك نصت ادلادة ‪ 32‬من قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية على اختصاص‬
‫القسم ادلدين جبميع النزاعات باحملاكم اليت دل تنشأ فيها أقسام‪.‬‬

‫‪318‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫تبعا لذلك‪ ،‬يف حالة جدولة قضية أمام قسم غَت سلتص بالنظر فيها‪ ،‬ػلال ادللف إذل‬
‫القسم ادلعٍت باألمر عن طريق أمانة الضبط‪ ،‬بعد إخبار رئيس احملكمة مسبقا‪ .‬ومن شبة‬
‫فإن أمر اإلحالة يف ىذا ادلوضع ليس حكما صادرا عن اجلهة القضائية‪ ،‬بل ىو عمل‬
‫إداري تنظيمي‪ ،‬غرضو تنظيم العمل على مستوى احملكمة‪ ،‬فال ؽلكن الطعن فيو‪ .‬كما‬
‫أن ذلك األمر ليس ملزما للقسم احملال إليو‪ .‬فهذا التصرف يعد من قبيل اإلحالة‬
‫اإلدارية التنظيمية‪ ،‬وىو ليس من نوع اإلحالة القضائية‪.‬‬
‫ىذا على مستوى أقسام احملكمة‪ ،‬أما إذا عرض نزاع على جهة قضائية غَت سلتصة‬
‫خلطأ وقع فيو ادلدعي‪ ،‬ففي ىذه احلالة تكتفي احملكمة بالتخلي عن نظر الدعوى دون‬
‫إحالتها على اجلهة القضائية ادلختصة للفصل فيها‪ )19(،‬على أن يبقى دلن لو مصلحة‬
‫فيها إعادة قيدىا لدى ىذه األخَتة لتتوذل الفصل يف موضوعها‪ .‬ىذا على مستوى‬
‫القضاء العادي‪.‬‬
‫بالنسبة للقضاء اإلداري‪ ،‬فقد جاء قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية باجلديد يف‬
‫القسم ادلتعلق بتسوية مسائل االختصاص دبوجب ادلادين ‪ 813‬و‪ 814‬من قانون‬
‫اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪ .‬حيث خول ادلشرع للمحكمة اإلدارية‪ ،‬مىت قدرت عدم‬
‫اختصاصها بنظر نزاع ما‪ ،‬إحالة ادللف على رللس الدولة عن طريق رئيسها‪ ،‬شرط أن‬
‫يعترب ىذا النزاع داخال ضمن االختصاص احلصري جمللس الدولة‪ .‬ويف ىذه احلالة‬
‫يفصل رللس الدولة يف االختصاص‪ ،‬وػلدد عند االقتضاء احملكمة اإلدارية ادلختصة‬
‫للفصل يف كل الطلبات أو يف جزء منها‪ ،‬وذلك بإحالة القضية أمام احملكمة اإلدارية‬
‫ادلختصة‪ .‬ويعترب قرار اإلحالة يف ىذه احلالة ملزما ذلذه احملكمة اإلدارية‪ ،‬إذ ال غلوز ذلا‬
‫أن تصرح بعدم اختصاصها‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫لقد ألزمت ادلادة ‪ 813‬رئيس احملكمة اإلدارية بإحالة ادللف على رللس الدولة " يف‬
‫أقرب اآلجال"‪ .‬لكن ىذه ادلادة دل ربدد اآلجال اليت يتعُت فيها إحالة ادللف على‬
‫رللس الدولة‪ .‬كما أهنا دل ربدد اجلهة اليت تفصل فيو على مستوى رللس الدولة ىل ىو‬
‫(‪)20‬‬
‫رئيس رللس الدولة أو رئيس الغرفة الناظرة يف ادللف حسب االختصاص النوعي لو‪.‬‬
‫من ىنا‪ ،‬يظهر االختالف واضحا بُت اإلحالة لعدم االختصاص على مستوى اذلرم‬
‫القضائي الواحد‪ ،‬واإلحالة على زلكمة التنازع‪ .‬إذ ال غلد ىذا الصنف األول من‬
‫اإلحالة نظَتا لو على مستوى ىرم القضاء العادي‪ .‬ألن القاضي إذا قدر أنو غَت سلتص‬
‫بنظر النزاع سيدفع بعدم اختصاصو فقط‪ ،‬وما على ادلدعي إال أن يرفع دعواه أمام‬
‫اجلهة القضائية ادلختصة‪ .‬أما اإلحالة على زلكمة التنازع فهي وجوبية‪ ،‬إذ تكون جهة‬
‫اإلحا لة رلربة على إجرائها مىت رأت أن فصلها يف النزاع سيؤدي إذل تولد تنازع اغلايب‬
‫أو سليب يف االختصاص‪ ،‬كما سنفصلو يف حينو‪.‬‬
‫إن اإلحالة لعدم االختصاص يف ادلادة اإلدارية مشروطة بتقدير احملكمة اإلدارية أن‬
‫النزاع ؼلرج من واليتها ليدخل يف اختصاص رللس الدولة كي ينظره‪ .‬أما إذا قدرت‬
‫إحدى احملاكم اإلدارية أهنا غَت سلتصة بالفصل يف نزاع ما لكونو داخال يف اختصاص‬
‫زلكمة إدارية أخرى‪ ،‬ففي ىذه احلالة ال ؽلكنها إحالة ادللف على رللس الدولة طبقا‬
‫لنص ادلادة ‪ 813‬من قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪ .‬أما اإلحالة ادلرفوعة على‬
‫زلكمة التنازع فهدفها درء وقوع تنازع يف االختصاص‪ ،‬اغلابيا كان‬
‫أو سلبيا‪ ،‬بُت جهيت القضاء العادي واإلداري‪.‬‬

‫‪320‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫رابعا‪ :‬تمييز اإلحالة على محكمة التنازع عن أنواع اإلحالة األخرى المستحدثة‬
‫بقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫بالرجوع إذل قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪ ،‬صلد أن ادلشرع اجلزائري قد ذكر يف‬
‫الفصل الثاين من الباب السابع من الكتاب األول ادلتعلق باألحكام ادلشًتكة جلميع‬
‫اجلهات القضائية نوعُت متميزين من اإلحالة‪ .‬وعلا اإلحالة بسبب األمن العام‬
‫ادلنصوص عليها يف ادلادة ‪ 248‬واإلحالة بسبب الشبهة ادلشروعة ادلنصوص عليها يف‬
‫ادلواد من ‪ 249‬إذل ‪.254‬‬
‫حيث نص ادلشرع يف ادلادة ‪ 248‬من ادلذكور على أنو ؽلكن للنائب العام لدى‬
‫احملكمة العليا‪ ،‬إذا أخطر بطلب إحالة قضية لسبب يتعلق باألمن العام‪ ،‬أن يقدم هبذا‬
‫الشأن االلتماس إذل احملكمة العليا‪ ،‬ترمي إذل االستجابة ذلذا الطلب‪ ،‬ويتعُت على‬
‫احملكمة العليا يف ىذه احلالة الفصل فيو خالل مهلة شبانية أيام يف غرفة ادلشورة هبيئة‬
‫متكونة من الرئيس األول للمحكمة العليا ورؤساء الغرف‪ .‬ومىت صرحت بقبول‬
‫الطلب‪ ،‬يتم إحالة ملف القضية من اجلهة القضائية ادلختصة يف األصل بنظرىا إذل‬
‫جهة قضائية أخرى ىي يف األصل غَت سلتصة بالفصل فيها‪ ،‬وذلك لدواعي األمن‬
‫العمومي‪ .‬وىذه حالة يًتتب عنها اضلصار االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية‬
‫ادلختصة من حيث األصل بنظر الدعوى‪ ،‬ويف ادلقابل توسيع االختصاص اإلقليمي‬
‫للجهة القضائية اليت أحيلت إليها الدعوى‪.‬‬
‫يظهر بالتارل االختالف بُت ىذا النوع من اإلحالة واإلحالة على زلكمة التنازع يف‬
‫اجلهة اليت تتوذل اإلخطار باإلحالة‪ .‬إذ تنحصر يف النوع األول يف شخص النائب العام‬
‫لدى احملكمة العليا‪ ،‬فتقدًن االلتماسات هبدف إحالة القضية لسبب يتعلق باألمن‬

‫‪321‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫العام أمر جوازي مًتوك للسلطة التقديرية لو وحده دون سواه‪ .‬بينما تتوذل اإلحالة على‬
‫زلكمة التنازع أي جهة قضائية ترى أن فصلها يف النزاع سيؤدي إذل وقوع تنازع سليب‬
‫أو اغلايب يف االختصاص‪.‬‬
‫أما طلب اإلحالة بسبب الشبهة ادلشروعة فتهدف وفقا لنص ادلادة ‪ 249‬وما يليها‬
‫م ن قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية إذل التشكيك يف حياد اجلهة القضائية ادلعروضة‬
‫أمامها القضية‪ )21(،‬وىو طلب يقدم من قبل أحد أطراف الدعوى‪ ،‬وفقا لألشكال‬
‫ادلقررة قانونا لعرائض افتتاح الدعوى‪ ،‬إذل رئيس اجلهة القضائية ادلعنية الذي يتعُت عليو‬
‫الفصل فيو دبوجب أمر خالل مهلة شبانية أيام‪ ،‬وذلك إما بقبولو وإما باالعًتاض عليو‪.‬‬
‫يظهر االختالف أيضا بُت اإلحالة لشبهة مشروعة واإلحالة على زلكمة التنازع يف‬
‫اذلدف ادلرجو من كليهما‪ .‬إذ يهدف النوع األول إذل التشكيك يف حياد اجلهة‬
‫القضائية ادلعروضة أمامها القضية‪ ،‬بينما هتدف اإلحالة على زلكمة التنازع إذل تفادي‬
‫وقوع تنازع زلتمل يف االختصاص بُت جهتُت قضائيتُت تابعتُت ذلرمُت قضائيُت‬
‫سلتلفُت‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أصناف اإلحالة‬

‫تكون اإلحالة يف النظام القضائي الفرنسي إما إجبارية أو اختيارية‪ )22(.‬وتبعا لذلك‪،‬‬
‫سنسلط الضوء على ىذين النوعُت من اإلحاالت‪ ،‬مع تبيان موقف ادلشرع اجلزائري‬
‫منها‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلحالة الوجوبية‬


‫تتحقق اإلحالة الوجوبية بصدور حكم هنائي بعدم االختصاص يف نظر الدعوى من‬
‫جهة القضاء العادي أو اإلداري‪ ،‬مع قيام ادلدعي برفع ذات الدعوى من جديد إذل‬
‫اجلهة القضائية األخرى‪ )23(.‬فإذا رأت ىذه األخَتة أهنا غَت سلتصة بنظر النزاع‪ ،‬عندىا‬
‫تلتزم بإحالة الدعوى وجوبا إذل زلكمة التنازع دون إصدار حكم من جانبها بعدم‬
‫االختصاص‪ ،‬لتقوم زلكمة التنازع بتحديد اجلهة القضائية ادلختصة بالدعوى‪.‬‬
‫لقد تبٌت ادلشرع اجلزائري على غرار نظَته الفرنسي نظام اإلحالة الوجوبية دبقتضى‬
‫ادلادة ‪ 18‬من القانون العضوي ‪ )24(،03/98‬وذلك بغرض تبسيط إجراءات‬
‫التقاضي‪ ،‬وتقصَت عمر ادلنازعة‪ ،‬وتفادي ظاىرة تناقض القرارات القضائية‪ .‬فمىت صدر‬
‫حكم يقضي باالختصاص أو بعدم االختصاص عن جهة القضاء العادي أو اإلداري‬
‫وجلأ ادلدعي إذل اجلهة األخرى‪ ،‬وقدرت ىذه اجلهة األـخَتة أن قرارىا سيؤدي إذل‬
‫تناقض أحكام قضائية لنظامُت سلتلفُت‪ ،‬فإنو يتعُت عليها إحالة ملف القضية‪ ،‬بقرار‬
‫مسبب غَت قابل للطعن‪ ،‬أمام زلكمة التنازع من أجل لفصل يف موضوع‬
‫االختصاص‪ .‬ويف ىذه احلالة تتوقف كل اإلجراءات إذل غاية صدور قرار زلكمة‬
‫التنازع‪.‬‬

‫لكن ادلشرع اجلزائري دل يأخذ باإلحالة الوجوبية طبقا دلا ىو معمول بو يف النظام‬
‫القضائي الفرنسي‪ .‬ذلك أن ىذا األخَت رلرب على إجراء اإلحالة تفاديا لوقوع تنازع‬
‫سليب يف االختصاص فقط دون التنازع االغلايب‪ ،‬على أساس أن رفع ىذا النوع من‬
‫التنازع حكر على اإلدارة فقط دون غَتىا‪.‬‬

‫‪323‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫أما ادلشرع اجلزائري فقد جعل اإلحالة دبوجب ادلادة ‪ 18‬وجوبية درءاً لوقوع أي تنازع‬
‫سواء كان اغلابيا أو سلبيا‪ .‬وذلك ما يستشف من ىذه ادلادة اليت نصت على أنو‪" :‬‬
‫إذا الحظ القاضي المخطر في خصومة أن ىناك جهة قضائية قضت باختصاصها‬
‫أو بعدم اختصاصها‪ ....‬يتعين عليو إحالة ملف القضية‪"...‬‬
‫بالنسبة دلوقف االج تهاد القضائي حملكمة التنازع من ىذه ادلسألة‪ ،‬صلد أن ىذه‬
‫األخَتة ‪ -‬يف أغلب قراراهتا ادلنشورة أو غَت ادلنشورة اليت سبكنا من احلصول عليها‪ -‬قد‬
‫أعملت نظام اإلحالة حىت تتجنب الوقوع يف تنازع االختصاص السليب فقط دون‬
‫(‪)25‬‬
‫التنازع االغلايب‪ .‬من ذلك نذكر قرارا أصدرتو زلكمة التنازع يف ‪2007/12/9‬‬
‫بناء على حكم إحالة أمرت بو زلكمة زمورة يوم‪ 2006/01/17‬من أجل الفصل‬
‫يف االختصاص على أساس أن احلكم الذي سيصدر يف النزاع قد يتناقض مع القرار‬
‫الصادر عن الغرفة اإلدارية جمللس قضاء غليزان الصادر بتاريخ ‪ 2005/10/22‬الذي‬
‫صرحت دبوجبو ىذه اجله ة القضائية بعدم اختصاصها على أساس أن النزاع ذو طابع‬
‫ذباري‪ .‬وانتهي األمر بإسناد زلكمة التنازع االختصاص للغرفة اإلدارية جمللس قضاء‬
‫غليزان‪.‬‬
‫األمثلة على ذلك كثَتة‪ ،‬ونذكر منها كذلك قرار صدر عن زلكمة التنازع يوم‬
‫‪ )26( 20/07/04‬بناء على حكم إحالة ادلؤرخ يف‪ 2011/01/ 09‬أمرت من خاللو‬
‫زلكمة اخلروب بإحالة عناصر الدعوى على زلكمة التنازع طالبة ربديد اجلهة القضائية‬
‫ادلختصة للفصل يف النزاع‪ ،‬نظرا لتصريح الغرفة اإلدارية جمللس قضاء قسنطينة بعدم‬
‫اختصاصها‪.‬‬

‫‪324‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫(‪)27‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلحالة االختيارية‬
‫تكون ىذه اإلحالة حكرا على زلكمة النقض أو رللس الدولة فقط‪ )28(،‬إذا رأت‬
‫إحدى ىاتُت اجلهتُت القضائيتُت أثناء نظر الدعوى ادلطروحة أمامها أن ىناك مشكلة‬
‫جدية تتعلق باختصاص اجلهة القضائية اليت ترأسها من شأنو اإلخالل دببدأ الفصل بُت‬
‫السلطات‪ )29(.‬واذلدف من إعمال اإلحالة االختيارية ىو أن تقوم زلكمة التنازع‬
‫(‪)30‬‬
‫بتحديد اجلهة ادلختصة فعليا بنظر النزاع‪ ،‬ومن شبة فض التنازع احملتمل قبل حدوثو‪.‬‬
‫تتم اإلحالة يف النظام القضائي الفرنسي بناء على إخطار من أي جهة قضائية مهما‬
‫كانت درجتها إذا ما تعلق األمر خبشية وقوع تنازع اختصاص سليب‪ )31(.‬وىو األمر‬
‫الذي قلص كثَتا من حاالت تنازع االختصاص السليب ادلعروضة على زلكمة التنازع‬
‫الفرنسية‪ .‬إذ باالطالع على قرارات زلكمة التنازع الفرنسية األخَتة الصادرة سنة‬
‫‪ ، 2016‬صلد أن غالبيتها القصوى قد مت الفصل فيها بناء على إحالة من إحدى‬
‫(‪)32‬‬
‫جهات القضاء العادي أو اإلداري‪.‬‬
‫أما احلالة الثانية اليت تستدعي إعمال تقنية اإلحالة يف فرنسا‪ ،‬فهي حالة ادلسألة‬
‫اجلدية ادلتعلقة بتوزيع االختصاص‪ )33(،‬إذ فيها يكون اإلخطار حكرا على اذليئات‬
‫القضائية العليا‪ ،‬أي رللس الدولة أو احملكمة العليا دون غَتعلا(‪ )34‬من اجلهات‬
‫القضائية الدنيا‪ )35(.‬ذلك أن دور زلكمة التنازع الفرنسية يدور حول فكرة فصل‬
‫(‪)36‬‬
‫السلطات القضائية عن السلطات اإلدارية‪.‬‬
‫(‪)37‬‬
‫يف ىذا الشأن من خالل تبنيو‬ ‫أما ادلشرع اجلزائري فقد خالف نظَته الفرنسي‬
‫نظام اإلحالة اإلجبارية فقط دون اإلحالة االختيارية‪ )38( ،‬اليت من ادلفروض أن تقوم‬
‫هبا كل من احملكمة العليا ورللس الدولة كلما تبُت ألي منهما أن الدعوى ادلعروضة‬
‫‪325‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫على إحدى اجلهات القضائية التابعة لو من شأن الفصل فيها أن ؼللق إشكاالت يف‬
‫(‪)39‬‬
‫االختصاص‪.‬‬

‫ينظر إذل ذلك على أنو أمر طبيعي‪ ،‬ألن فلسفة نظام اإلحالة يف فرنسا تقوم على‬
‫ضباية مبدأ فصل السلطات القضائية عن السلطات اإلدارية‪ ،‬بينما ال غلد ىذا ادلبدأ ما‬
‫يربره يف النظام القضائي اجلزائري‪ .‬و إن كنا نرى أن ىذا النوع من اإلحالة أقرب إذل‬
‫احلكم الدستوري الوارد بنص ادلادة ‪ 171‬ف ‪ 03‬من دستور ‪ ،2016‬اليت نصت‬
‫على ضمان احملكمة العليا ورللس الدولة توحيد االجتهاد القضائي يف صبيع أضلاء‬
‫البالد‪ .‬فكان أحرى بادلشرع أن يتبناىا‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬شروط وإجراءات اإلحالة على محكمة التنازع‬

‫نستعرض ىنا الشروط الواجب توافرىا يف نظام اإلحالة على زلكمة التنازع (ادلطلب‬
‫األول)‪ .‬مث نتطرق بعد ذلك إذل اإلجراءات ادلتبعة يف ىذه اإلحالة (ادلطلب الثاين)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬شروط إعمال نظام اإلحالة على محكمة التنازع‬

‫نصت ادلادة ‪ 18‬يف فقرهتا األوذل من القانون العضوي رقم ‪ 03-98‬ادلتعلق دبحكمة‬
‫التنازع على ما يلي‪ " :‬إذا الحظ القاضي المخطر في خصومة أن ىناك جهة‬
‫قضائية قضت باختصاصها أو بعدم اختصاصها‪ ،‬وأن قراره يؤدي إلى تناقض في‬
‫أحكام قضائية لنظامين مختلفين‪ ،‬يتعين إحالة الملف بقرار مسبب غير قابل ألي‬
‫طعن إلى محكمة التنازع للفصل في موضوع االختصاص‪ ،‬وفي ىذه الحالة تتوقف‬
‫(‪)40‬‬
‫كل اإلجراءات إلى غاية صدور قرار محكمة التنازع‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫حسب نص ادلادة ‪ 18‬ادلذكور أعاله‪ ،‬فإنو يشًتط إلعمال نظام اإلحالة أمام زلكمة‬
‫التنازع ربقق عدة شروط‪ ،‬ىي‪ :‬صدور قرار عن جهة قضائية قضى باالختصاص أو‬
‫بعدم االختصاص (الفرع األول)‪ .‬وأن يتعلق األمر بنفس النزاع (الفرع الثاين)‪ .‬وأال‬
‫يكون التنازع قد وقع فعال (الفرع الثالث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬وجود قرار سابق يقضي باالختصاص أو عدم االختصاص‬
‫إن أول شرط غلب أن يتوفر لكي يتمكن القاضي من إحالة ملف القضية إذل‬
‫زلكمة التنازع ىو وجود قرار قضائي سابق يقضي باالختصاص أو بعدم االختصاص‪،‬‬
‫صادر عن جهة قضائية تابعة لنظام قضائي سلتلف عن النظام القضائي الذي ينتمي‬
‫إليو القاضي الذي قام باإلحالة‪.‬‬
‫تبعا لذلك فإن احلالة األوذل اليت أتت هبا ادلادة ‪ 18‬تتعلق دبنازعة جهة قضائية‬
‫إدارية يف اختصاص النظر بقضية تعهدت هبا جهة قضائية عادية‪ ،‬ناسبة ذلذه األخَتة‬
‫عدم اختصاصها‪ .‬وعوض أن ترد عليها اجلهة القضائية العادية أجربىا ادلشرع على‬
‫إحالة ملف القضية على زلكمة التنازع‪ .‬أو العكس من ذلك عندما يتعلق األمر دبنازعة‬
‫(‪)41‬‬
‫جهة قضائية عادية يف اختصاص جهة قضائية إدارية‪.‬‬
‫تتعلق احلالة الثانية بقضاء إحدى اجلهات القضائية بعدم اختصاصها‪ ،‬سواء كانت‬
‫تنتمي للجهاز القضائي العادي أو اجلهاز القضائي اإلداري‪ .‬وجلوء ادلدعي بنفس‬
‫الدعوى إذل اجلهة القضائية اليت تتبع اجلهاز القضائي ادلقابل‪ .‬فمىت رأت ىذه األخَتة‬
‫أيضا أن النزاع خارج عن نطاق مشموالهتا‪ ،‬عليها يف ىذه احلالة وقبل الفصل يف النزاع‬
‫بقرار قضائي تقرر فيو عدم اختصاصها‪ ،‬أن ربيل الدعوى إذل زلكمة التنازع اليت تتوذل‬
‫دون سواىا ربديد احملكمة ادلختصة‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫رغم بساطة ىذا الشرط ادلتعلق بإعمال اإلحالة على زلكمة التنازع؛ إال أن الصياغة‬
‫الغامضة أو الناقصة للمادة ‪ 18‬ادلذكورة أعاله جعلتو قابال للكثَت من التأويل‪ .‬فقد‬
‫استعمل ادلشرع عبارة "جهة قضائية" دون أن ػلدد طبيعة ىذه اجلهة إذا كانت ابتدائية‬
‫أو استئنافية أو جهة نقض‪ .‬كما أن ادلشرع دل ػلدد ما إذا كانت ىذه اجلهة القضائية‬
‫تنتمي إذل نفس النظام القضائي (القضاء اإلداري أو القضاء العادي) الذي ينتمي إليو‬
‫القاضي ادلخطر باخلصومة أو أهنا تنتمي إذل النظام القضائي اآلخر‪.‬‬
‫كما صلد ادلادة ‪ 18‬قد اكتفت باشًتاط أن تكون اجلهة القضائية قد قضت‬
‫باختصاصها أو بعدم اختصاصها‪ ،‬دون أن تذكر طبيعة احلكم الصادر ما إذا كان‬
‫حكما ابتدائيا أو حكما هنائيا‪.‬‬
‫أما على أرض الواقع‪ ،‬فقد صرح رئيس زلكمة التنازع السابق السيد‪ " :‬كروغلي‬
‫مقداد" بأن أمُت ضبط ىذه احملكمة غالبا ما غلدول القضية دون تقدًن ما يثبت بأن‬
‫القرار الصادر عن اذلرم القضائي اآلخر هنائي حائز لقوة الشيء ادلقضي بو‪ ،‬حرصا منو‬
‫(‪)42‬‬
‫على حسن سَت العدالة وعدم تأخَت أجل الفصل يف مسألة االختصاص‪.‬‬
‫لكننا نرى أن القرار القضائي ادلتخذ من إحدى جهيت القضاء العادي أو اإلداري‬
‫ينبغي أن يكون هنائيا غَت قابل ألي وجو طعن‪ )43(،‬خاصة إذا أخذنا بعُت االعتبار‬
‫مقتضيات ادلادة ‪ 17‬من القانون العضوي حملكمة التنازع اليت نصت صراحة على أن‬
‫الدعوى ترفع أمام زلكمة التنازع " يف أجل شهرين ابتداء من اليوم الذي يصبح فيو‬
‫القرار األخَت غَت قابل ألي طعن أمام اجلهات القضائية للنظام القضائي اإلداري أو‬
‫النظام القضائي العادي‪".‬‬

‫‪328‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫غَت أن ىذا األمر قد مت ذباىلو من قبل زلكمة التنازع يف أول قرار ذلا صدر بشأن‬
‫(‪)44‬‬
‫فقد جاء يف حيثيات‬ ‫القضية القائمة بُت بلدية رايس حميد والسيد (ص‪ -‬ح)‪.‬‬
‫ىذا القرار‪ ... " :‬وبا لتالي ال يمكن للجهة القضائية اإلدارية المعروض عليها النزاع‬
‫من قبل بلدية رايس حميدو أن تتمسك باختصاصها‪ ،‬وتفصل في طلبات‬
‫األطراف‪ ،‬نظرا لوجود قرار سابق نهائي صادر عن الغرفة المدنية لمجلس قضاء‬
‫الجزائر‪ ،‬ألن قوة الشيء المقضي بو تكون حجة بما فصلت فيو من الحقوق‪.‬‬
‫وض من ىذه الظروف‪ ،‬أنو كان يتعين على قضاة الغرفة اإلدارية أن يفصلوا برفض‬
‫دعوى بلدية رايس حميدو لسبق الفصل فيها من قبل الغرفة المدنية"‪.‬‬
‫من خالل قراءة ىذا القرار صلد أنو رغم عدم اختصاص الغرفة ادلدنية بنظر النزاع إال‬
‫أن زلكمة التنازع دل تستبعدىا‪ ،‬بل منحتها األولوية رغم اعًتافها بأحقية الغرفة اإلدارية‬
‫بنظر ىذه القضية‪ )45(.‬دبعٌت أن قرار الغرفة ادلدنية جمللس قضاء اجلزائر قد حاز قوة‬
‫الشيء ادلقضي بو‪ ،‬وبالتارل دل يكن ىناك زلل لإلحالة‪ ،‬بل كان على جهة القضاء‬
‫اإلداري أن تصرح برفض الدعوى‪.‬‬
‫نستشف من خالل ىذا القرار أيضا أن إعمال نظام اإلحالة أمام زلكمة التنازع‬
‫يستدعي أن يكون القرار القضائي األول الصادر عن إحدى جهيت القضاء اإلداري أو‬
‫العادي غَت موسوم بالقرار النهائي‪ .‬أي أنو دل يستنفد بعد طرق الطعن العادية‪ .‬وبالتارل‬
‫يكون القاضي يف ىذه القضية قد طبق ادلبدأ ادلعمول بو أمام القضاء العادي‪ ،‬وىو أن‬
‫احلكم غَت ادلشروع يتحصن دبجرد استنفاده طرق الطعن ادلقررة قانونا‪.‬‬
‫لكن ىذا االجتهاد القضائي الذي أتت بو زلكمة التنازع يف قضية " بلدية‬
‫الرايس ضبيدو" ال ؽلكن األخذ بو أو اعتباره حال قضائيا يستند إليو‪ ،‬ذلك أنو دل يكن‬

‫‪329‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫مستوحى من منطق االزدواجية القضائية‪ )46(،‬كما أنو اجتهاد قد أغلق الباب أمام نظام‬
‫حل تنازع االختصاص ادلتصور من قبل ادلشرع‪.‬‬
‫فضال عن ذلك صدر يف نفس السياق قرار آخر عن زلكمة التنازع يف ‪ 9‬أكتوبر‬
‫‪ )47( 2000‬يشبو إذل حد كبَت ما قررتو يف قضية " بلدية الرايس ضبيدو"‪ .‬وشلا جاء فيو‬
‫ما يلي‪ " :‬حيث أنو ال يمكن للجهة القضائية اإلدارية المعروض عليها النزاع من‬
‫قبل المسمى (أ‪.‬ج) أن تفصل في طلبات األطراف نظرا لوجود قرار سابق نهائي‬
‫صادر عن الغرفة المدنية لمجلس قضاء البليدة‪ ،‬ألن قوة الشيء المقضي بو‬
‫تكون حجة فيما فصلت فيو من الحقوق‪ ،‬السيما أن ىذا الدفع أثير أمام مجلس‬
‫الدولة وبقي دون رد‪ .‬وضمن ىذه الظروف أنو كان يتعين على قضاة مجلس‬
‫الدولة أن يقضوا برفض دعوى المسمى (أ‪.‬ج) لسبق الفصل فيها من قبل‬
‫الجهات القضائية العادية التي لم تثبت لو صفة المستأجر‪."...‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أن تتعلق اإلحالة بنفس النزاع‬
‫يشًتط لصحة اإلحالة أن يتعلق األمر بنفس النزاع الذي عرض على اذليئات‬
‫القضائية اليت أنكرت اختصاصها بنظر الدعوى أو أكدت على اختصاصها بنظرىا‪ .‬إذ‬
‫من البديهي أن يتعلق األمر بنفس سبب الدعوى‪ ،‬وبنفس موضوع الطلب‪ ،‬وكذلك‬
‫بنفس اخلصوم وبنفس صفاهتم السابقة‪ )48(.‬وإذا اختل أحد ىذه الشروط ال يعترب‬
‫النزاع واحدا‪ ،‬وبالتارل ال تكون اذليئة القضائية رلربة على إحالة ادلسألة على زلكمة‬
‫التنازع‪ )49(.‬بل يقع على ىذه األخَتة رفض اإلحالة لعدم توفر شروطها ولتعارضها مع‬
‫ادلادة ‪ 16‬من القانون العضوي ادلتعلق دبحكمة التنازع قد يبدو ىذا الشرط منطقيا إذا‬
‫قام القاضي ادلخطر باخلصومة بإحالة ملف القضية على زلكمة التنازع ألنو يرى بأن‬

‫‪330‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫احلكم أو القرار الذي سيصدره سيؤدي إذل وقوع تنازع سليب يف االختصاص‪ )50(.‬أي‬
‫أن ادلدعي قد التجأ إذل إحدى جهيت القضاء العادي أو اإلداري اليت قضت بعدم‬
‫اختصاصها‪ .‬مث قصد اجلهة القضائية ادلقابلة‪ ،‬لكن ىذه األخَتة ارتأت إحالة الدعوى‬
‫على زلكمة التنازع ألهنا ترى نفسها بأهنا ستقضي أيضا بعدم االختصاص‪ ،‬وبالتارل‬
‫فإن ادلدعي سيلتجأ للجهاز القضائي ادلقابل بنفس الصفة ولنفس السبب ولنفس‬
‫(‪)51‬‬
‫موضوع النزاع‪.‬‬
‫أما يف احلالة العكسية‪ ،‬أي إذا قام القاضي بإجراء اإلحالة خشية الوقوع يف تنازع‬
‫(‪)52‬‬
‫فإن شرط " نفس النزاع " لن يتحقق بطبيعة احلال‪ .‬ألن الطرف الذي‬ ‫اغلايب؛‬
‫اختار جهة اذلرم اإلداري مثال وفصلت لو يف طلبو‪ ،‬لن يلتجئ ثانية للجهاز القضائي‬
‫ادلقابل‪ .‬بل أن ادلدعى عليو أو الطرف الذي دل يرض دبا قضت بو اجلهة القضائية‬
‫اإلدارية ىو الذي سيقوم بذلك‪ .‬ويف ىذه احلالة لن يتقاضى بنفس الصفة أو لنفس‬
‫ادلوضوع‪ ،‬وبالتارل لن تكون اجلهة القضائية الثانية رلربة على إحالة الدعوى أمام زلكمة‬
‫التنازع لتخلف شرط من شروط اإلحالة‪.‬‬
‫إذا أخذنا قضية " بلدية الرايس ضبيدو " ادلذكورة أعاله كمثال‪ ،‬صلد أن اإلدارة أو‬
‫البل دية كانت أمام القضاء العادي ادلتمثل يف زلكمة باب الوادي مدعى عليها‪ ،‬ألن‬
‫ادلقاول قد رفع دعواه إللزامها بدفع ما بقي بذمتها‪ ،‬لكن البلدية دل تتقاض بذات‬
‫الصفة أمام القضاء اإلداري‪ ،‬إذ ربولت إذل مدعي أمام الغرفة اإلدارية جمللس قضاء‬
‫اجلزائر للمصادقة على ادلبلغ احلقيقي الذي يقع عليها دفعو‪ .‬أي أن النزاع دل يكن‬
‫نفسو‪ ،‬إذ تغَتت صفة األطراف‪ ،‬كما تغَت تبعا لذلك سبب الدعوى وموضوعها‪ ،‬شلا‬
‫غلعل اإلحالة غَت صحيحة لتخلف أىم شروطها وىو وحدة النزاع‪ .‬وذلك ما يفسر أن‬

‫‪331‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫أغلب اإلحاالت ادلقدمة أمام زلكمة التنازع تكون من الناحية العملية درءا للتنازع‬
‫السليب يف االختصاص دون االغلايب‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أال يكون التنازع قد وقع فعال‬
‫دبا أن اإلحالة ىي إجراء وقائي‪ ،‬فإنو ينبغي أال يكون تنازع االختصاص قد وقع‬
‫فعال‪ .‬وإظلا ؼلشى القاضي ادلخطر باخلصومة وقوعو ألنو يعلم بأنو سيصدر قرارا يف‬
‫القضية سيؤدي إذل وقوع تنازع يف االختصاص مع اجلهة القضائية األخرى‪ .‬ويف ىذا‬
‫الصدد قررت زلكمة التنازع اجلزائرية يف إحدى القضايا ادلعروضة عليها مبدأ مفاده أنو‪:‬‬
‫" ال يمكن لغرفة على مستوى المجلس القضائي إصدار قرار يعاين من جهة‪،‬‬
‫وجود تنازع في االختصاص بين جهة قضائية خاضعة للنظام القضائي العادي‬
‫وجهة قضائية خاضعة للنظام القضائي اإلداري‪ ،‬ومن جهة أخرى يحيل الملف إلى‬
‫محكمة التنازع‪".‬‬
‫أي أن اإلحالة ال تكون مقبولة مىت قام هبا القاضي بعد وقوع تنازع فعلي يف‬
‫االختصاص بُت جهيت القضاء العادي واإلداري‪ .‬وىو ادلبدأ ادلذكور أعاله الذي‬
‫صرحت بو زلكمة التنازع يف ادللف رقم ‪ 000160‬عندما أصدرت قرارىا ادلشار إليو‬
‫اعاله يوم ‪ ، 2014/05/12‬يف القضية القائمة بُت (ش‪-‬أ) ومديرية ديوان الًتقية‬
‫(‪)53‬‬
‫والتسيَت العقاري لوالية تيارت‪.‬‬
‫لكنو باستقراء قرار آخر حملكمة التنازع يف القضية رقم ‪ 000148‬بُت (ب‪ ،‬ع‪ ،‬ق)‬
‫و ادلستثمرة الفالحية (ب م) الصادر يف ‪ )54(،2013 /07/ 08‬صلد أهنا ذباوزت‬
‫ىذا الشرط‪ .‬حيث تتلخص وقائع القضية يف أن السيد (ب‪.‬ع‪ .‬ق) رفع دعوى ضد‬
‫ادلستثمرة الفالحية اجلماعية " ب‪.‬ر‪.‬م" أمام القسم العقاري حملكمة سعيدة مطالبا بطرد‬

‫‪332‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫ادلستثمرة الفالحية‪ ،‬وىو األمر الذي استجابت لو احملكمة‪ .‬لكن الغرفة ادلدنية جمللس‬
‫قضاء سعيدة صرحت يف ‪ 1996 /02/ 04‬بعدم اختصاصها نوعيا يف نظر‬
‫الدعوى‪ ،‬معتربة أن النزاع من اختصاص اجلهات القضائية اإلدارية‪ .‬وىو األمر الذي‬
‫دفع بالسيد (ب‪.‬ع‪ .‬ق) للجوء إذل اجلهاز القضائي ادلقابل الذي انتهى بقرار رللس‬
‫الدولة الذي صرح فيو بعدم اختصاصو نوعيا‪ ،‬معتربا أن النزاع من اختصاص اجلهات‬
‫القضائية العادية‪ .‬وىو ما دفع بالسيد (ب‪.‬ع‪ .‬ق) للجوء إذل زلكمة سعيدة يف قسمها‬
‫العقاري من جديد للنظر يف دعواه‪ ،‬لكن ىذه األخَتة أمرت يف ‪21012/10/08‬‬
‫بإحالة عناصر الدعوى أمام زلكمة التنازع طبقا للمادة ‪ 18‬من قانون زلكمة التنازع‪.‬‬
‫وقد انتهت القضية بقبول زلكمة التنازع لإلحالة من حيث الشكل واعتبارىا‬
‫"صحيحة"‪ ،‬أما من حيث ادلوضوع فقد صرحت باختصاص القضاء العادي يف نظر‬
‫(‪)55‬‬
‫النزاع على أساس أنو قائم بُت خواص‪.‬‬
‫نستخلص من وقائع ىذه القضية ادلعروضة حديثا نسبيا على زلكمة التنازع أن ىذه‬
‫األخَتة قد صرحت بقبول اإلحالة رغم زبلف أحد شروطها‪ ،‬وىو أال يكون التنازع قد‬
‫وقع فعال وإظلا ؼلشى وقوعو‪ .‬إذ باإلطالع على ادلقدمات اليت انطلقت منها زلكمة‬
‫التنازع لبناء قناعتها‪ ،‬صلدىا معًتفة بوقوع التنازع‪ .‬لكنها مع ذلك‪ ،‬اعتربت اإلحالة‬
‫قانونية وصحيحة‪ .‬إذ صرحت دبا يلي‪ " :‬حيث أنو يستخلص من عناصر الدعوى‬
‫المحالة إلى محكمة التنازع من طرف محكمة سعيدة أن السيد (ب ق) رفع‬
‫دعوى على المستثمرة الفالحية " بن ربيحة محمد" أمام الجهات القضائية‬
‫الخاضعة للقضاء العادي ثم أمام الجهات القضائية الخاضعة للقضاء اإلداري من‬
‫أجل طلب طرد ىذه األخيرة من القطعة األرضية محل النزاع‪ "...‬لكنها قررت مع‬

‫‪333‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫ذلك‪ ... :‬حيث إن قرار اإلحالة الصادر عن محكمة سعيدة بتاريخ ‪ 8‬أكتوبر‬
‫‪ 2012‬مقبول ألنو تم طبقا لمقتضيات المادة ‪ 18‬من القانون رقم ‪03-88‬‬
‫المؤرخ في ‪ 03‬جوان ‪ 1888‬المذكور أعاله"‪.‬‬
‫لقد رفع ادلدعي دعواه أمام القضاء العادي (الغرفة ادلدنية جمللس قضاء سعيدة) الذي‬
‫صرح بعدم اختصاصو يف نظر الدعوى‪ ،‬مث رفع ذات الدعوى أمام القضاء اإلداري (‬
‫رللس الدولة) الذي صرح بدوره بعدم اختصاصو بنظر الدعوى‪ ،‬علما أن كل جهاز‬
‫قضائي ينكر االختصاص زليال إياه للجهاز القضائي ادلقابل‪ .‬شلا يؤكد حصول تنازع‬
‫سليب فعلي يف االختصاص‪.‬‬
‫وعليو‪ ،‬كان على ادلدعي أن يرفع دعواه أمام زلكمة التنازع لتحقق شروط تنازع‬
‫االختصاص السليب‪ ،‬ال أن يعيد رفع دعواه أمام القضاء العادي ( القسم العقاري‬
‫حملكمة سعيدة) اليت كان يتعُت عليها رفض الدعوى لسبق الفصل فيها‪ .‬فقد كان حريا‬
‫دبحكمة التنازع أن ترفض الدعوى شكال لعدم توفر شروط اإلحالة‪ ،‬اليت يقع على‬
‫رأسها أال يكون التنازع قد وقع فعال‪ ،‬وما على ادلدعي يف ىذه احلالة سوى اللجوء‬
‫حملكمة التنازع للفصل يف تنازع االختصاص السليب الذي وقع فعال بُت جهيت القضاء‬
‫العادي واإلداري‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات اإلحالة على محكمة التنازع‬
‫تنص الفقرة الثانية من ادلادة ‪ 19‬من القانون العضوي رقم ‪ 03-98‬ادلتعلق‬
‫دبحكمة التنازع على أنو‪ " :‬يُرفع النزاع أمام محكمة التنازع بعريضة مكتوبة تودع‬
‫وتسجل بكتابة الضبط‪ .‬عند اإلحالة تطبق القواعد المنصوص عليها في قانون‬
‫اإلجراءات المدنية في مادة تنازع االختصاص بين القضاة‪".‬‬

‫‪334‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫لقد أحالت الفقرة الثانية ادلذكورة أعاله من قانون زلكمة التنازع إذل أحكام قانون‬
‫اإلجراءات ادلدنية يف مادة تنازع االختصاص بُت القضاة‪ ،‬رغم الفروقات الشاسعة بُت‬
‫تنازع االختصاص القضائي وتنازع القضاة كما وضحنا يف موضع سابق خالل ىذا‬
‫ادلقال‪ )-(.‬وتعليقا على ذلك يقول السيد رشيد خلويف‪ ،‬أستاذ القانون االداري‪ -‬وضلن‬
‫ظلضي معو يف ذلك‪ -‬ما يلي‪ ... " :‬أعتقد أن ىذه اإلحالة غَت جدية ألن كما سبق‬
‫(‪)56‬‬
‫وأشرنا إليو فإن تنازع االختصاص ؼلتلف عن التنازع بُت القضاة‪".‬‬
‫ؽلكن تقسيم اإلجراءات اليت تتم أمام زلكمة التنازع إذل إجراءات سابقة‪ ،‬تبُت كيفية‬
‫اتصال ىذه احملكمة بالدعوى ادلرفوعة أمامها عن طريق قرار اإلحالة (الفرع األول)‪،‬‬
‫وإجراءات الحقة ‪ ،‬توضخ كيفية فصل ىذه احملكمة يف قرار اإلحالة وزلتواه (الفرع‬
‫الثاين)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬إجراءات اتصال محكمة التنازع بالنزاع عن طريق اإلحالة‬
‫حسب القانون اجلزائري‪ ،‬يتم إرسال نسخة من القرار القضائي ادلصرح باإلحالة عن‬
‫طريق أمانة ضبط اجلهة القضائية ادلصرحة هبا إذل زلكمة التنازع‪ ،‬مرفقا جبميع الوثائق‬
‫وادلستندات ادلتعلقة بالقضية‪ .‬وىو ما يسهل الفصل فيها يف أقرب اآلجال خالل شهر‬
‫ابتداء من تاريخ النطق بقرار اإلحالة‪.‬‬
‫يف فرنسا يتم اإلخطار بتحويل ادللف إذل زلكمة التنازع عن طريق رسالة مضمونة مع‬
‫إشعار باالستالم‪ .‬لكن القانون اجلزائري ؼللو سباما من مثل ىذه اجلزئية‪ ،‬إذ تكتفي‬
‫ادلادة ‪ 19‬من قانون زلكمة التنازع يف فقرهتا الثانية باإلشارة إذل تطبيق اإلجراءات‬
‫ادلنصوص عليها يف قانون اإلجراءات ادلدنية ادللغى وادلعوض بقانون اإلجراءات ادلدنية‬
‫واإلدارية احلارل ادلتعلقة بتنازع االختصاص بُت القضاة‪ ،‬غَت أن كال من القانونُت‬

‫‪335‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫ادلذكورين خاليان من اإلشارة إذل تبليغ األطراف عن طريق رسالة مضمونة مع إشعار‬
‫باالستالم‪.‬‬
‫حدد ادلشرع مدة شهر حىت ترسل كتابة الضبط نسخة من قرار اإلحالة على زلكمة‬
‫التنازع وفقا للفقرة ‪ 02‬من ادلادة ‪ 18‬ادلذكورة أعاله‪ .‬وضلن نتفق مع األستاذ الدكتور‬
‫"عمار بوضياف" يف أن مهلة الشهر طويلة‪ ،‬ذلك أن الوثائق ادلتعلقة بالدعوى موجودة‬
‫يف ملف الدعوى األصلية‪ ،‬وال ربتاج وقتا جلمعها‪ .‬ومن شبة فإن مهلة ‪ 10‬أيام قد‬
‫تكون كافية إلرسال نسخة من قرار اإلحالة إذل زلكمة التنازع‪ )57(.‬كما أن تعيُت ادلدة‬
‫باألشهر عادة ما زبلق صعوبة يف ربديدىا بدقة‪ ،‬فكان أفضل أن يستعمل ادلشرع األيام‬
‫(‪)58‬‬
‫حلساب ادلدة‪ ،‬كأن تكون ‪ 30‬يوما‪.‬‬
‫إن اإلشكال الذي يطرح نفسو يف ىذه احلالة ىو مدى حلول قرار اإلحالة الذي‬
‫تصدره اجلهة القضائية ادلخطرة زلل العريضة اليت تقدم من اخلصم لرفع دعواه أمام‬
‫زلكمة التنازع‪ ،‬علما أنو ال ؽلكن ألي جهة قضائية أن تنظر الدعاوى من تلقاء‬
‫نفسها‪ ،‬بل يتم ذلك بناء على طلب يقدم من صاحب ادلصلحة‪ .‬خاصة وأننا رأينا أن‬
‫ادلادة ‪ 19‬ادلذكورة أعاله قد أحالت على القواعد ادلطبقة يف قانون اإلجراءات ادلدنية‬
‫فيما ؼلص مادة تنازع االختصاص بُت القضاة‪ .‬وبالرجوع للقواعد ادلنظمة لتنازع‬
‫االختصاص بُت القضاة وفقا للباب العاشر من الكتاب األول من قانون اإلجراءات‬
‫ادلدنية واإلد ارية ادلتعلق باألحكام ادلشًتكة جلميع اجلهات القضائية‪ ،‬صلد أن ىذا النزاع‬
‫ال يرفع إال بواسطة عريضة‪ )59(.‬وبالتارل فإن إرسال كاتب ضبط اجلهة القضائية‬
‫ادلخطرة نسخة من قرار اإلحالة ال يعٍت إعفاء صاحب ادلصلحة من رفع الدعوى أمام‬
‫زلكمة التنازع‪ .‬خصوصا إذا أخذنا بعُت االعتبار ما جاء يف ادلادة ‪ 20‬من قانون‬

‫‪336‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫زلكمة التنازع‪ ،‬اليت نصت على ما يلي‪ :‬غلب أن تكون العرائض وادلذكرات موقعا‬
‫عليها من قبل زلام معتمد لدى احملكمة العليا أو لدى رللس الدولة‪ ،‬وإيداع عدد‬
‫النسخ حسب عدد األطراف اليت غلب تبليغهم"‪.‬‬
‫تؤكد ىذه ادلادة على ضرورة رفع الدعوى أمام زلكمة التنازع بعريضة موقع عليها من‬
‫زلام مقبول أمام احملكمة العليا أو رللس الدولة‪ ،‬لكن العرائض ادلقدمة أمام احملكمة‬
‫ادلخطرة قد تكون مقدمة من زلام ال يتمتع بنفس الصفة‪ .‬وبالتبعية فإن قرار اإلحالة‬
‫يكون قد صدر بناء على عرائض غَت مقبولة أمام زلكمة التنازع‪ ،‬شلا غلعل ىذه األخَتة‬
‫سلتصة بقضية قدم عرائضها زلام غَت مقبول أمامها‪.‬‬
‫نقول يف ىذا الصدد‪ ،‬يقول األستاذ "عمر زوده" أنو يف حالة ما إذا دل يقم صاحب‬
‫ادلصلحة ‪ -‬بعد صدور قرار اإلحالة‪ -‬برفع دعواه أمام زلكمة التنازع‪ ،‬ومرت على‬
‫اخلصومة مدة سنتُت من تاريخ صدور القرار القضائي‪ ،‬فإنو غلوز للمدعى عليو أن‬
‫يطلب سقوط اخلصومة طبقا ألحكام ادلادة ‪ 223‬من قانون اإلجراءات ادلدنية‬
‫(‪)60‬‬
‫واإلدارية‪.‬‬
‫تبعا لذلك نستنتج أن قرار اإلحالة ال يعفي اخلصم من تقدًن عريضتو أمام زلكمة‬
‫التنازع‪ ،‬إذ ال ؽلكن ربريك الدعوى أمامها استنادا لقرار اإلحالة الصادر عن إحدى‬
‫جهيت القضاء العادي أو اإلداري‪ ،‬خاصة إذا أخذنا بعُت االعتبار أن العرائض ادلقدمة‬
‫من اجلهة القضائية ادلخطرة قد تكون غَت موقع عليها من زلام معتمد لدى احملكمة‬
‫العليا أو رللس الدولة‪ ،‬وىو ما يتناىف مع إجراءات رفع الدعوى أمام زلكمة التنازع‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫م ن الناحية العملية وبالرجوع إذل قرارات زلكمة التنازع‪ ،‬صلد أن ىذه األخَتة قد‬
‫فصلت يف الدعاوى احملالة عليها مباشرة‪ ،‬دون أن تشًتط إعادة رفع الدعوى أمامها‬
‫دبوجب عريضة من الطرف ادلعٍت‪ .‬بل أكثر من ذلك قضت زلكمة التنازع يف أحد‬
‫قراراهتا بعدم صحة الدعوى ادلرفوعة أمامها من قبل صاحب ادلصلحة بعد صدور قرار‬
‫اإلحالة‪ ،‬معتربة أن قرار اإلحالة يكفي لتحريك الدعوى أمامها دون احلاجة إلعادة رفع‬
‫النزاع من قبل األطراف‪ .‬وشلا جاء يف القرار‪ ... " :‬حيث أن محكمة التنازع‬
‫صرحت بقانونية حكم اإلحالة الذي أمرت محكمة زيغود يوسف تطبيقا‬
‫لمقتضيات المادة ‪ 18‬من القانون رقم ‪ 03-88‬المؤرخ في‪1888/00/03 :‬‬
‫(‪)61‬‬
‫المذكور أعاله ‪ ...‬وأنو يتعين رفض دعوى المدعين لهذه األسباب‪".‬‬
‫بادلقابل لذلك‪ ،‬فصلت زلكمة التنازع يف قرار أصدرتو ربت رقم ‪ 000100‬يوم‬
‫‪62 2011/04/04‬يف حالة تنازع مرفوعة إليها من السيد (ب‪.‬ح) دبوجب عريضة‬
‫مسجلة بتاريخ ‪ 02‬أوت ‪ ،2010‬لدى أمانة ضبط زلكمة التنازع مطالبا بتحديد‬
‫اجلهة القضائية ادلختصة للفصل يف النزاع القائم بينو وبُت البلدية ادلدعى عليها‪ ،‬والذي‬
‫كان زلل قرار إحالة مت ازباذه من طرف زلكمة زيغود يوسف بتاريخ‬
‫‪ .2010/05/10‬فقد فصلت زلكمة التنازع يف ىذه اإلحالة مصرحة بصحتها‬
‫ومطابقتها دلقتضيات ادلادة ‪ 18‬من قانون زلكمة التنازع‪ .‬كما ردت على جواب‬
‫البلدية ادلدعى عليها اليت ذكرت بأنو كان على ادلدعي أن يرفع دعواه خالل شهر منذ‬
‫صدور قرار اإلحالة‪ ،‬واعتربت زلكمة التنازع أن مدة الشهر ادلذكورة بنص ادلادة ‪18‬‬
‫فقرة ‪ 2‬خاصة باألجل الذي يتعُت على كتابة ضبط اجلهة القضائية ادلصدرة لقرار‬
‫اإلحالة احًتامو من أجل إرسال مستندات القضية إذل زلكمة التنازع‪.‬‬

‫‪338‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫لقد جاء يف أسباب قرار زلكمة التنازع ما يلي‪ " :‬حيث أنو وخالفا لما تمسك بو‬
‫السيد (ص‪.‬م) وطبقا لمقتضيات المادة ‪ 18‬فقرة ‪ 2‬من القانون العضوي رقم‬
‫‪ 03/88‬المؤرخ في ‪ 03‬جوان ‪ 1888‬المذكور أعاله‪ ،‬وفي حالة صدور قرار‬
‫باإلحالة فإنو يتعين على كاتب ضبط الجهة القضائية التي أصدرت قرار اإلحالة‬
‫إرسال نسخة من القرار مع مجمل مستندات الدعوى إلى محكمة التنازع في‬
‫أجل شهر واحد‪ .‬وأن ىذا األجل يتعلق بكاتب الضبط وليس بالمتقاضي ‪ ...‬وأن‬
‫قرار اإلحالة الصادر عن محكمة زيغوت يوسف بالتالي مطابق لمقتضيات المادة‬
‫‪ 18‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪".‬‬
‫يستشف من خالل ىذا القرار أن قرار اإلحالة يستوجب رفع دعوى التنازع من قبل‬
‫األطراف ادلعنيُت دبوجب عريضة‪ .‬لكن السؤال الذي يبقى مطروحا‪ :‬ما ىو أجل رفع‬
‫ىذه الدعوى؟ وإذا كان األجل زلددا بشهرين‪ ،‬فمن أي تاريخ ربتسب ىذه ادلدة؟‬
‫خاصة إذا أخذنا بعُت االعتبار أن قرار اإلحالة ال يبلغ إذل األطراف ادلعنية‪.‬‬
‫يشًتط كذلك أن يكون قرار اإلحالة مسببا‪ .‬أي أن يبُت فيو القاضي الذي قام‬
‫باإلحالة سبب جلوئو إليها‪ ،‬ووجو التناقض الذي قد ػلدث لو قام بالفصل يف النزاع‬
‫ادلعروض عليو‪ ،‬مع ضرورة إرفاق قرار اإلحالة بكافة النصوص القانونية اليت توضح‬
‫أحقية اجلهة اليت قامت باإلحالة بالفصل يف موضوع النزاع‪ ،‬أو العكس من ذلك‪ ،‬أي‬
‫عدم اختصاصها بنظر ىذا النزاع‪.‬‬
‫" إن ىذا أمرا طبيعيا يتماشى وموجبات العمل القضائي‪ .‬فقرار اإلحالة إلى‬
‫محكمة التنازع‪ ،‬وتجميد إجراءات الفصل في الدعوى إلى حين صدور قرار ىذه‬
‫المحكمة مسألة تحتاج بدورىا إلى تسبيب حتى يقف قضاة محكمة التنازع عند‬

‫‪339‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫األسباب التي دفعت القاضي إلى تطبيق نظام اإلحالة‪ ،‬وحتى يقف المحامون‬
‫(‪)63‬‬
‫أيضا عند ىذه األسباب ويعرفها أطراف الخصومة أو النزاع‪".‬‬
‫باإلطالع على قرارات زلكمة التنازع الصادرة بناء على اإلحالة‪ ،‬صلد يف مقدماهتا‬
‫دائما اإلشارة إذل تاريخ ورقم القرار الذي أمر باإلحالة وأن سبب ورود ذلك ىو ذبنب‬
‫وقوع تناقض بُت قرارات قضائية لنظامُت قضائيُت سلتلفُت‪ .‬نذكر على سبيل ادلثال قرار‬
‫زلكمة التنازع رقم‪ ،000126 :‬الصادر يوم ‪ 2012/04/06‬يف النزاع القائم بُت‬
‫(ب‪.‬ب‪.‬ي) و ادلؤسسة ادلركزية للبناء التابعة للجيش الوطٍت الشعيب بالبليدة‪ .‬إذ جاء‬
‫فيو ما يلي‪... " :‬ولذلك قررت إحالة القضية أمام محكمة التنازع طبقا لمقتضيات‬
‫المادة ‪ 18‬من القانون رقم ‪ 03-88‬المؤرخ في ‪ 1888/00/03‬طالبة منها‬
‫تعيين الجهة القضائية المختصة للفصل في النزاع قاصدة تجنب وقوع تناقض‬
‫(‪)64‬‬
‫قرارين قضائيين مختلفين‪"...‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات فصل محكمة التنازع في قرار اإلحالة‬
‫بعد القيام بكل اإلجراءات الصحيحة التصال زلكمة التنازع بالدعوى ادلرفوعة‬
‫أمامها عن طريق اإلحالة‪ ،‬تتصدى للفصل فيها بقرار هنائي غَت قابل ألي وجو طعن‬
‫حىت لو تعلق األمر بالطعن لتصحيح األخطاء ادلادية‪ .‬وذبدر اإلشارة إذل أن قرارات‬
‫زلكمة التنازع تشبو كثَتا قرارات رللس الدولة من الناحية الشكلية من خالل احتوائها‬
‫على حيثيات وتسبيب ومنطوق‪ ،‬وقد أوعز الفقو الفرنسي ذلك إذل أن رللس الدولة‬
‫(‪)65‬‬
‫الفرنسي إذل غاية سنة ‪ 1872‬يفصل يف حاالت تنازع االختصاص‪.‬‬
‫يبدو أنو ال زبرج النتائج اليت ينتهي إليها قرار زلكمة التنازع عن أحد االحتماالت‬
‫الثالثة اآلتية‪:) 66( :‬‬

‫‪340‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫‪ -‬رفض الدعوى شكال لعدم استيفائها لشروط اإلحالة‪.‬‬


‫‪ -‬قبول الدعوى شكال ورفضها موضوعا بتأييد اختصاص اجلهة اليت رفعت‬
‫أمامها الدعوى ألول مرة للفصل يف النزاع إذا كان التنازع إغلابيا‪ ،‬أما إذا تعلق‬
‫األمر بتنازع سليب فإن اجلهة اليت قامت باإلحالة ىي اليت تصبح سلتصة إذا مت‬
‫(‪)67‬‬
‫رفض اإلحالة‪.‬‬
‫‪ -‬تأييد قرار اإلحالة‪ ،‬وذلك دبنح االختصاص للجهة اليت قامت باإلحالة‪.‬‬
‫وبالتارل إيقاف إجراءات النزاع أو الدعوى هنائيا أمام اجلهة األوذل إذا كان‬
‫التنازع اغلابيا‪ .‬أما إذا كان التنازع سلبيا فتأييد قرار اإلحالة يًتتب عنو إيقاف‬
‫إجراءات النزاع أمام اجلهة اليت قامت باإلحالة وإحالة الدعوى على اجلهة‬
‫األوذل اليت ادعت عدم اختصاصها‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫صلد من خالل ما سبق طرحو أن لإلحالة عدة مزايا من حيث تبسيط اإلجراءات‬
‫وتقصَت عمر ادلنازعة‪ .‬ألهنا تسمح بإجهاض مسبق حلالة تنازع سليب أو اغلايب يف‬
‫االختصاص‪ ،‬وذبنب ادلتقاضي تكاليف دعوى التنازع‪ )68(.‬فإقرار ادلشرع ذلذه الطريقة‬
‫وفرض ىذا اإلجراء قد ورد " من باب التيسَت على ادلتقاضُت‪ ،‬حىت ال ينتظر ىؤالء‬
‫قرار اجلهة القضائية الثانية والذي سيخالف إن قدر القاضي ذلك قرار اجلهة األوذل‬
‫(‪)69‬‬
‫‪"...‬‬
‫غلنب نظام اإلحالة أيضا ظاىرة تناقض القرارات القضائية‪ .‬ذلك أن إلزام ادلشرع‬
‫للقاضي باإلحالة يف حالة اقتناعو بأن القرار الذي سيتوذل إصداره يتناقض مع قرار‬
‫سابق لو بإخطار زلكمة التنازع بادلوضوع حىت تتدخل وربسم األمر‪ .‬فبذلك يكون‬
‫‪341‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫ادلشرع قد اتبع طريقا أسهل وأسرع للقضاء على ىذه اإلشكالية وحسم األمر‪ ،‬من‬
‫جهة‪ .‬ولتفادي ظهور القرار القضائي الثاين وسد صبيع ادلنافذ حىت ال يظهر حليز‬
‫الوجود من جهة أخرى‪.‬‬
‫رغم صلاعة نظام اإلحالة‪ ،‬إال أن عدد القضايا اليت فصلت فيها زلكمة التنازع‬
‫اجلزائرية بناء على إحالة من جهات القضاء العادي اإلداري قليلة جدا مقارنة حباالت‬
‫التنازع األخرى‪ .‬فقد حصل ذلك عكس القضاء الفرنسي‪ ،‬أين صلد أغلب القضايا اليت‬
‫فصلت فيها زلكمة التنازع الفرنسية صدرت بناء على إحاالت من اجلهات القضائية‬
‫ادلعنية‪ ،‬شلا قلص كثَتا من حاالت تنازع االختصاص السليب ادلعروضة عليها‪ .‬إذ‬
‫باالطالع على قرارات زلكمة التنازع الفرنسية الصادرة سنة ‪ ،2016‬صلد أن الغالبية‬
‫القصوى ذلا صادرة بناء على إحالة‪ ،‬باستثناء قرارين متعلقُت حبالة تنازع االختصاص‬
‫االغلايب‪ )70(،‬وحالة وحيدة تتعلق بتنازع االختصاص السليب‪ )71(.‬فيا حبذا لو سار‬
‫القضاء اجلزائري حذو القضاء الفرنسي يف ىذا الشأن‪.‬‬
‫يف ادلقابل‪ ،‬ال ؼللو نظام اإلحالة من السلبيات‪ ،‬وذلك يف حالة ما إذا قضت زلكمة‬
‫التنازع بعدم اختصاص اجلهة القضائية اليت أحالت عليها النظر يف مسألة‬
‫االختصاص‪ ،‬شلا يدفع بادلتقاضي إذل اللجوء إذل اجلهاز القضائي ادلقابل وإعادة‬
‫اإلجراءات من جديد‪ .‬فاإلغلابيات ال تطغى إال إذا أقرت زلكمة التنازع اختصاص‬
‫احملكمة اليت أحالت عليها النظر يف مسألة االختصاص‪.‬‬
‫التهميش‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Delaubadere (A), traité de droit administratif, tome 1, 13 Emme‬‬
‫‪édition, LGDJ, 1994, Paris, p 278.‬‬

‫‪342‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- Gazier (f), in avant-propos de l’ouvrage de Chouvel, Lambert,‬‬
‫‪Pelissier, les cas de partage du tribunal des conflits, Economica, Paris,‬‬
‫‪1984, p 1.‬‬
‫‪ -3‬لق د أضاف ادلشرع اللبناين حالة جديدة من حاالت التنازع دل يؤخذ هبا يف فرنسا أو مصر‪ ،‬تتمثل يف اخلالفات‬
‫ادلثارة حول تباين االجتهاد القضائي بُت احملاكم اإلدارية والعدلية‪ ،‬وذلك من خالل ادلادة ‪ 141‬من مرسوم رللس‬
‫شورى الدولة اليت نصت على‪ " :‬تنظر زلكمة حل اخلالفات أخَتا يف التناقض الناتج عن تباين االجتهاد بُت‬
‫احملاكم اإلدارية واحملاكم العدلية"‪ .‬أنظر يف ذلك‪ :‬رشا عبد احلي‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪ -4‬مت التأسيس لنظام اإلحالة يف فرنسا دبوجب ادلرسوم رقم ‪ 728-60‬ادلؤرخ يف ‪ 25‬جويلية ‪ 1960‬ادلتضمن‬
‫تعديل إجراءات تنازع االختصاص‪ .‬أنظر يف ذلك‪:‬‬
‫‪Georges MALEVILLE : Procédure de prévention et de règlement des conflits ; Encyclopédie Dalloz,‬‬

‫‪procédure civile, fasc.209, 1988,p 3.‬‬

‫‪ -5‬ترفع الدعوى أمام زلكمة التنازع يف اجلزائر إما من طرف احد أطراف الدعوى أو عن طريق اإلحالة‪ ،‬لكن‬
‫الطريق الوحيد لرفع الدعوى أمام رللس التنازع التونسي فهو اإلحالة فقط دون األطراف " ما يدعم الصبغة‬
‫اخلصوصية جمللس تنازع االختصاص يف تونس" أنظر يف ذلك‪ :‬مالك عمري‪ ،‬تنازع االختصاص بُت القاضي العدرل‬
‫والقاضي اإلداري يف تونس‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الدراسات ادلعمقة يف القانون العام الداخلي‪ ،‬جامعة تونس‬
‫‪ ،1996 ،3‬ص ‪.225‬‬
‫‪ -6‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ -7‬عبد القادر عدو‪ ،‬ادلنازعات اإلدارية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار ىومو‪ ،‬اجلزائر‪ ، 2014 ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ -8‬أنظر يف ذلك‪:‬‬
‫‪- Kouroghli mokded, le tribunal des conflits, revue de la cour suprême,‬‬
‫‪département de la documentation, 2009, p 17.‬‬
‫‪ -9‬يشًتط أن يرفع نفس النزاع أمام جهتُت قضائيتُت وليس أمام تشكيالت سلتلفة جلهة قضائية واحدة‪ ،‬ألن الدفع‬
‫الواجب إثارتو يف ىذه احلالة ىو الدفع بالضم وليس الدفع باإلحالة لوحدة ادلوضوع‪ .‬ثابت دنيا زاد‪ ،‬الدفع باإلحالة‬
‫القضائية للدعوى يف قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪ ،‬رللة دراسات قانونية‪ ،‬العدد ‪ ،14‬دار اخللدونية‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪ ،2012‬ص ‪.29‬‬

‫‪343‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫‪ -10‬يتحقق التعاصر اإلجرائي للدعويُت أمام جهتُت قضائيتُت دبجرد انعقاد اخلصومتُت‪ ،‬وتنعقد اخلصومة بتكليف‬
‫اخلصم باحلضور إذل اجللسة‪ ،‬وقيام الدعويُت معا أمام جهتُت قضائيتُت يف نفس الوقت يتحقق معو التعاصر‬
‫اإلجرائي لنفس النزاع طادلا دل يصدر حكم يف موضوع إحداعلا‪ .‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ -11‬طبقا للمادة ‪ 102‬من قانون اإلجراءات ادلدنية الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -12‬وىو ذات األمر الذي كرسو ادلشرع الفرنسي يف ادلادة ‪ 100‬من قانون اإلجراءات ادلدنية الفرنسي‪ ،‬خالفا‬
‫للمشرع ادل صري الذي دل ينص على ذلك‪ ،‬لكن الفقو والقضاء ادلصرين يتفقان على حرمان ادلدعي من التمسك‬
‫باإلحالة أو إبداؤىا من احملكمة تلقائيا‪ ،‬فالتمسك باإلحالة وإثارة سببها حق مقصور على ادلدعى عليو لوحده‪.‬‬
‫أنظر يف ذلك‪ :‬أضبد أبو الوفا‪ ،‬نظرية الدفوع يف قانون ادلرافعات‪ ،‬الطبعة الثامنة‪ ،‬منشأة ادلعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫دون تاريخ النشر‪ ،‬ص ‪.257‬‬
‫‪ -13‬تنص ادلادة ‪ 57‬على‪ " :‬األحكام الصادرة بالتخلي بسبب وحدة ادلوضوع أو االرتباط‪ ،‬ملزمة للجهة القضائية‬
‫أو التشكيلة احملال إليها‪ ،‬وىي غَت قابلة ألي طعن"‪.‬‬
‫‪ -14‬نستشف ذلك من خالل ادلصطلحات ادلستعملة من قبل ادلشرع اجلزائري‪ ،‬فبالرجوع إذل نص ادلادة ‪348‬‬
‫مثال من ق إ م إ ادلتعلقة باإلحالة بسبب األمن العام‪ ،‬صلدىا تنص على‪ " :‬إذا أخطر بطلب إحالة‪ "....‬وتقصد‬
‫بذلك النائب العام للمحكمة العليا‪ ،‬أي أن ىذا األخَت ال يستطيع أن يقدم التماسات للمحكمة العليا هتدف‬
‫لتلبية ىذا الطلب من تلقاء نفسو‪ ،‬بل البد أن يكون ذلك بناء على طلب من صاحب ادلصلحة‪.‬‬
‫‪ -15‬بونعاس نادية‪ ،‬خصوصية اإلجراءات القضائية اإلدارية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،2014 ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ -16‬أضبد السيد الصاوي‪ ،‬الوسيط يف شرح قانون اإلجراءات ادلدنية والتجارية‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬دون دار النشر‪،‬‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.328‬‬
‫‪ -17‬وفقا للمادة ‪ 56‬من قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية اليت جاء فيها‪ ... " :‬أحد الخصوم أو تلقائيا‪"...‬‬
‫‪ -18‬لقد تفطن ادلشرع ادلصري ذلذه النقطة‪ ،‬إذ تنص ادلادة ‪ 110‬من قانون ادلرافعات ادلصري على أن احملكمة‬
‫ملزمة إذا قضت بعدم اختصاص ها أن تأمر بإحالة الدعوى حبالتها إذل احملكمة ادلختصة‪ ،‬ولو كان عدم االختصاص‬
‫متعلقا بالوالية على أن تلتزم اجلهة احملال عليها الدعوى بنظرىا‪ .‬دلزيد من التفاصيل حول ىذا ادلوضوع‪ ،‬أنظر‪ :‬أنور‬
‫طلبو‪ ،‬االختصاص واإلحالة‪ ،‬ادلكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2006 ،‬ص ‪ 554‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪ -19‬عكس ادلشرع الفرنسي الذي منع وفقا دلرسوم ‪22‬فيفري ‪ 1972‬ادلعدل سنة ‪ 2002‬اجلهات القضائية‬
‫اإلدارية من إصدار أحكام تصرح من خالذلا بعدم اختصاصها‪ ،‬بل ألزمها بإخطار رافع الدعوى بغلطو وإحالة‬
‫الدعوى على اجلهاز القضائي اإلداري ادلختص دبوجب أمر غَت مسبب وغَت قابل ألي وجو طعن‪ .‬أنظر يف ذلك ‪:‬‬

‫‪344‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫‪- David Bailleul, Le procès administratif, Lextenso édition, LGDJ, 2014,‬‬


‫‪p 56.‬‬
‫‪ -21‬علما أن طلب اإلحالة بسبب الشبهة ادلشروعة ؼلص القضاة ادلشكلُت جلهة قضائية دون سواىم‪ ،‬فهو ال يعٍت‬
‫بأي حال موظفي القضاء من أمناء الضبط‪ .‬أنظر القرار رقم ‪ 46.909‬ادلؤرخ يف ‪ ، 1988/07/11‬اجمللة‬
‫القضائية عدد ‪ ،01‬سنة ‪ ،1993‬ص ‪.103‬‬
‫‪ -22‬وىي نفس احلاالت اليت تبناىا ادلشرع التونسي‪ ،‬حيث تكون اإلحالة االختيارية حكرا على زلكمة التعقيب‬
‫واجللسة العامة للمحكمة اإلدارية‪ .‬أنظر‪ :‬مالك عمري‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.261‬‬
‫‪23‬‬
‫‪- Pascale Gonod, Quel rôle pour le tribunal des conflits au XXIème‬‬
‫‪siècle ?, Lexbase Hebdo, édition publique, n 294, le 27 juin 2013, p 02.‬‬
‫‪ -24‬ذبدر اإلشارة أن عدد القضايا اليت تنظرىا زلكمة التنازع باالعتماد على نظام اإلحالة بنوعيها يفوق بكثَت‬
‫عدد القضايا اليت تنظرىا ىذه احملكمة بناء على دعوى مرفوعة من قبل األطراف ادلعنية‪ ،‬والدليل على ذلك أن‬
‫زلكمة التنازع الفرنسية خالل العشر سنوات ادلوالية لتطبيق مرسوم ‪ 25‬جويلية ‪ 1960‬قد فصلت يف ‪ 16‬قضية‬
‫بناء على إحالة من رللس الدولة‪ ،‬و‪ 22‬قضية بناء على إحالة من زلكمة النقض‪ ،‬و ‪ 52‬إحالة من قبل احملاكم‬
‫اإلدارية‪ ،‬و ‪ 4‬حاالت إحالة فقط من قبل زلاكم القضاء العادي الدنيا‪ .‬أنظر يف ذلك‪:‬‬
‫‪- Roger Bonnard, Le contrôle juridictionnel de l’administration , Dalloz,‬‬
‫‪paris,2006 p 570.‬‬
‫‪ -25‬ملف رقم‪ ، 45 :‬قضية (ب‪.‬ك‪.‬ع) ضد بلدية زمورة‪ ،‬رللة احملكمة العليا‪ ،‬عدد خاص دبحكمة التنازع‪ ،‬قسم‬
‫الوثائق‪ ،2009 ،‬ص ‪.115‬‬
‫‪ -26‬ملف رقم‪ ،000116 :‬فهرس رقم‪ ،19 :‬قرار غَت منشور‪ .‬أنظر يف نفس السياق قرار م ت رقم‬
‫‪ ،000117‬وقرارىا رقم‪ 000133 :‬بتاريخ‪ ،2012/10/15 :‬وقرارىا رقم ‪ 000145‬ادلؤرخ ب‪ 11 :‬مارس‬
‫‪ ،2013‬و قرارىا رقم‪ 000127 :‬ادلؤرخ ب‪ 9:‬أفريل ‪ ،2012‬وقرارىا رقم‪ 000128:‬ادلؤرخ ب‪ 12 :‬جوان‬
‫‪ ،2012‬والقرار رقم‪ ،000108 :‬ادلؤرخ ب‪ ،2011/05/16 :‬والقرار قم‪ 000148 :‬ادلؤرخ ب‪ 08 :‬جويلية‬
‫‪ ،2013‬صبيع ىذه القرارات غَت ادلنشورة قد صدرت بناء على إحالة للدعوى على زلكمة التنازع نظرا لقضاء اجلهة‬
‫القضائية بعدم اختصاصها‪ ،‬أي أهنا سبت صبيعا لدرء تنازع االختصاص السليب احملتمل الوقوع‪.‬‬

‫‪345‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ...‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‬

‫ من‬8 ‫ نقال عن ادلشرع الفرنسي وفقا للفصل‬،)‫ لقد تبٌت ادلشرع التونسي ىذا الصنف من اإلحالة (االختيارية‬-27
‫ ادلتعلق بتوزيع االختصاص بُت احملاكم العدلية واحملاكم اإلدارية وإحداث رللس‬1996 ‫ لسنة‬38 ‫القانون عدد‬
.1213 ‫ ص‬،1996 ،47 ‫ عدد‬،‫ الرائد الرمسي للجمهورية التونسية‬،‫لتنازع االختصاص‬
28
-Raymond Odent, ibid, p 569.
: "‫ ويف ذلك يقول األستاذ " ديلوبادير‬-29
« Elle ne se greffe pas sur un conflit, même en formation. Son but est de
prévenir d’éventuelles divergences futures de jurisprudence entre le
conseil d’état et la cour de cassation dans les matières dont l’attribution
parait douteuse et qui sont par conséquent susceptibles de provoquer de
telles divergences ». voir : De Laubadere , traité… p 437.
‫ إذ تقرر اذليئة القضائية اليت نعتزم إجراء اإلحالة إذا كان‬،‫ علما أن اإلحالة االختيارية تتميز بطابعها التلقائي‬-30
‫ إذا ما‬،‫األمر ي ستدعي عرض مسألة االختصاص على زلكمة التنازع دون أن يكون ألطراف النزاع أي دور يف ذلك‬
:‫ أنظر يف ذلك‬.‫تبُت ذلا أن التنازع ال يشكل مسألة جدية تستدعي تدخلها‬
Petit, p 68.
‫ ادلتضمن أشكال اإلجراء أمام زلكمة التنازع‬1849 ‫ أكتوبر‬26 ‫ من مرسوم‬34 ‫ ذلك ما تضمنتو ادلادة‬-31
:‫ حيث جاء فيها‬.1960 ‫ جويلية‬26 ‫ من مرسوم‬6 ‫ادلعدلة دبوجب ادلادة‬
« lorsqu’ une juridiction de l’ordre judiciaire ou de l’ordre administratif a,
par une décision qui n’est plus susceptible de recours, décliné la
compétence de l’ordre de juridiction auquel elle appartient que le litige
ne ressortit pas à l’ ordre primitivement saisi, doit, par un jugement
motivé qui n’est susceptible d’aucun recours même en cassation,
renvoyé au tribunal des conflits le soin de décider sur la question de
compétence ainsi soulevée et surseoir à toute procédure jusqu'à la
décision de ce tribunal » source : G. MALEVILLE, op.cit., p 3.
‫ الذي صدر بناء على‬2016 ‫ جانفي‬11 ‫ ادلؤرخ ب‬4040 ‫ أنظر مثال قرار زلكمة التنازع الفرنسية رقم‬-32
‫ الصادر بناء على إحالة‬2016 ‫ جويلية‬4 :‫ ادلؤرخ ب‬4062 ‫ والقرار رقم‬،(Caen) ‫إحالة من رللس استئناف‬

346
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫من احملكمة اإلدارية ل "بو" )‪ ،(pau‬وقرارىا رقم ‪ 4063‬الصادر ب‪ 5 :‬سبتمرب ‪ 2016‬بناء على إحالة من‬
‫رللس الدولة الفرنسي‪ .‬والقرار رقم ‪ 6066‬الصادر ب ‪ 5‬سبتمرب ‪ 2016‬بناء على إحالة من احملكمة االدارية ل‬
‫"نانت" )‪...(Nante‬إخل أرجع إذل‪:‬‬
‫‪- http://www.tribunal-conflits.fr vu le : 17 octobre 2016.‬‬
‫‪ -33‬لقد نص ادلشرع الفرنسي على ىذه احلالة يف ادلادة ‪ 35‬من مرسوم ‪ 26‬أكتوبر ‪ 1849‬ادلتضمن أشكال‬
‫اإلجراء أمام زلكمة التنازع ادلعدلة دبوجب ادلادة ‪ 6‬من مرسوم ‪ 26‬جويلية ‪ .1960‬حيث جاء فيها‪:‬‬
‫‪« Lorsque le Conseil d’Etat statuant au contentieux, la Cour de cassation‬‬
‫‪ou toute autre juridiction statuant souverainement et échappant ainsi au‬‬
‫‪contrôle tant du Conseil d’Etat que de la Cour de cassation, est saisi d’un‬‬
‫‪litige qui présente à juger soit sur l’action introduite, soit sur une‬‬
‫‪exception, une question de compétence soulevant une question sérieuse‬‬
‫‪et mettant en jeu la séparation des autorités administratives et judiciaires,‬‬
‫‪la juridiction saisie peut, par décision ou arrêt motivé qui n’est‬‬
‫‪susceptible d’aucun recours, renvoyer au Tribunal des conflits le soin de‬‬
‫‪décider sur cette question de compétence. Il est alors sursis à toute‬‬
‫‪procédure jusqu’à la décision de ce Tribunal » ; source : G.‬‬
‫‪MALEVILLE, op.cit., p 3‬‬
‫‪ -34‬لعل السبب وراء ذلك ىو سبكُت اذليئات العليا من حسم بعض ادلسائل البديهية‪ ،‬إذ بالنظر دلكانة ىذه‬
‫اذليئات وسبكن القضاة القائمُت عليها‪ ،‬فإنو يفًتض فيها أن تتفطن دلختلف اإلشكاالت القانونية سواء تعلقت‬
‫باالختصاص أو بغَته‪.‬‬
‫‪ -35‬لقد تبٌت ادلشرع ادلصري نظام اإلحالة‪ ،‬لكنو جعلو من احملكمة ادلتعهدة إذل احملكمة ادلختصة وفقا لنص ادلادة‬
‫‪ 110‬من قانون ادلرافعات ادلصري اليت نصت على أن احملكمة إذا قضت بعدم اختصاصها تعُت عليها أن تأمر‬
‫باحالة الدعوى إذل احملكمة ادلختصة ولو تعلق االختصاص بالوالية‪ .‬وقد فصلت زلكمة النقض ادلصرية بأن عبارة‬
‫"األمر باحالة الدعوى حبالتها إذل احملكمة ادلختصة" ادلشار إليها يف ادلادة ‪ 110‬تنصرف إذل " مايكون قد تم من‬
‫االجراءات في الدعوى في ظل قانون المحكمة التي رفعت إليها ابتداء قبل احالتها إلى المحكمة المختصة‬
‫دون أن تنصرف إلى الحقوق أو الدفوع الموضوعية التي تنظمها القوانين الموضوعية دون قانون المرافعات‬

‫‪347‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫الذي ينظم االجراءات‪ ،‬وبما أن الدفع بالتقادم من المسائل الموضوعية التي يحكمها القانون المدني‪ ،‬فإن‬
‫الحكم المطعون فيو ‪ ...‬ال يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقو"‪ .‬أنظر يف ذلك‪ :‬أنور طلبو‪،‬‬
‫االختصاص واالحالة‪ ،‬ادلكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬االسكندرية‪ ،2006 ،‬ص ‪.569‬‬
‫أما ادلشرع الفرنسي والتونسي واجلزائري فقد جعلوه من احملكمة ادلتعهدة إذل زلكمة التنازع‪ ،‬أما ادلشرع اللبناين فلم‬
‫يتنب نظام اإلحالة فقد اكتفى حبالتُت فقط من حاالت التنازع‪ ،‬وىي التنازع السليب وحالة تناقض األحكام‪ .‬دلزيد من‬
‫التفاصيل أنظر‪ :‬زلسن خليل‪ ،‬القضاء اإلداري اللبناين‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1982 ،‬ص ‪.428‬‬
‫‪36 - Roger Bonnard, op.cit, p 174.‬‬
‫‪ -37‬سبكن اإلحالة اجلوازية يف فرنسا زلكمة التنازع من ضبط توزيع االختصاص بُت اجلهازين القضائيُت خارج أي‬
‫تنازع‪ ،‬لكن ىذا النوع من اإلحالة ال ؽلارس بصفة دورية إذ كثَتا ما تفصل اجلهات القضائية العليا يف ادلسائل اجلدية‬
‫يف االختصاص بنفسها دون أن ربيل األمر على زلكمة التنازع‪ .‬أنظر يف ذلك‪:‬‬
‫‪Charles Debbasch et Jean-Claude Ricci, contentieux administratif, 8‬‬
‫‪édition, Dalloz, Paris, 2001 , p 308.‬‬
‫‪ -38‬وذلك خالفا للمشرع التونسي الذي ساير ادلشرع الفرنسي يف ذلك‪ ،‬إذ صلد يف بيان األسباب دلشروع القانون‬
‫ادلتعلق بإحداث زلكمة تنازع أن اإلحالة يف تونس قد تكون وجوبية إذا تعلق األمر بدرء تنازع سليب يف‬
‫االختصاص‪ ،‬أو اختيارية‪.‬‬
‫‪ -39‬أنظر يف ذلك قرار زلكمة التنازع رقم ‪ 3988‬ادلؤرخ يف ‪ 15‬أفريل ‪ 2015‬الذي صدر بناء على إحالة قام‬
‫هبا رللس الدولة الفرنسي لوجود مسألة جدية حول االختصاص‪ .‬تتعلق بأساس ادلادة ‪ 35‬من مرسوم ‪ 1849‬اليت‬
‫صبعت بُت القواعد اليت ربكم منازعات تغطية الديون الضريبية مع القواعد اليت ربكم اإلجراءات اجلماعية‪ .‬شلا يطرح‬
‫إشكالية اجلهة القضائية األحق بنظر ىذه ادلنازعات فيم إذا كان قاضي اإلجراءات اجلماعية ( احملكمة التجارية) أو‬
‫القاضي اإلداري طبقا لنص ادلادة ‪ 128‬م ن قانون اإلجراءات اجلبائية الفرنسي‪ ،‬لينتهي الوضع بإسناد زلكمة التنازع‬
‫االختصاص بنظرىا للجهات القضائية اإلدارية‪.‬‬
‫‪Voir : www .tribunal-conflits.fr vu le : 17 octobre 2016 .‬‬
‫‪ -40‬لقد نظم ادلشرع الفرنسي اإلحالة الوجوبية يف صلب الفصل ‪ 34‬من أمر ‪ 26‬أكتوبر ‪ 1849‬ادلعدل بالفصل‬
‫‪ 6‬من أمر ‪ 5‬جويلية ‪ ،1960‬وشلا جاء فيها‪:‬‬
‫‪« … Toute juridiction de l’autre ordre saisie du même litige, si elle‬‬
‫‪estime que le dit litige ressorti de l’ordre de juridiction primitivement‬‬

‫‪348‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫‪saisi doit, par un jugement motivée qui n’est susceptible d’aucun recours‬‬
‫‪même en cassation au tribunal des conflits le soin de décider sur la‬‬
‫» … ‪question de compétence‬‬
‫‪41‬‬
‫‪ -‬نالحظ أن ىذه احلالة من حاالت اإلحالة ال يوجد ما يقابلها يف التشريع الفرنسي‪ ،‬على اعتبار أن ىذا‬
‫األخَت يتمتع خبصوصية يف ما ؼلص تنازع االختصاص االغلايب ألن ىذا النوع من التنازع ال يرفع يف فرنسا إال من‬
‫طرف اإلدارة (احملافظ) اليت ترى أن القضاء اإلداري ىو األحق بنظر الدعوى اليت اختص هبا القضاء العادي‪ .‬وقد‬
‫سايره يف ذلك ادلشرع التونسي دبوجب الفصل ‪ 9‬من القانون عدد ‪ 38‬لسنة ‪.1996‬‬
‫‪42 - Kouroghli Mokdad, op.cit, p 19.‬‬
‫‪ -43‬وىو ذات الشرط الذي اشًتطو ادلشرع التونسي وأكده رللس تنازع االختصاص التونسي يف العديد من‬
‫القضايا ادلعروضة عليو‪ ،‬صلد من ذك القضية رقم ‪ 21‬الصادرة بتاريخ ‪ 27‬فيفري ‪ 2001‬القائمة بُت (ب س) ووزير‬
‫الصحة العمومية‪ ،‬وشلا جاء يف حيثيات القرار‪ ... " :‬وحيث أنو باإلطالع على أوراق ادللف اتضح أهنا ال ربتوي‬
‫على ما يفيد عدم قابلية احلكم االستئنايف الصادر يف ‪ 1991/11/6‬بعدم االختصاص للطعن‪ ،‬ومن مث فقد‬
‫أضحت اإلحالة سابقة ألواهنا ومتعينة الرد على حالتها‪ .‬وىو ذات األمر الذي قضى بو يف القضية رقم‪35 :‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 10‬أفريل ‪ . 2001‬أنظر يف ذلك‪ :‬زلسن الرياحي‪ ،‬فقو قضاء رللس تنازع االختصاص‪ ،‬مركز النشر‬
‫اجلامعي‪ ،2007 ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪ -44‬قرار رقم ‪ 01‬الصادر بتاريخ ‪ 2000/05/03‬عن زلكمة التنازع‪ ،‬رللة رللس الدولة‪ ،‬العدد ‪،2002 ،1‬‬
‫ص ‪.153‬‬
‫‪ -45‬عمرو زوده‪ ،‬رللة رللس الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،.2002 ،02‬ص ‪.108‬‬
‫‪46- bouabdellah, op.cit, p 295.‬‬
‫‪ -47‬رللة رللس الدولة‪ ،‬عدد ‪ ،2001 ،1‬ص ‪.162‬‬
‫‪48- « le tribunal secondement concerné par le litige doit avoir été saisi‬‬
‫‪par les parties elles même pour renvoyer valablement au tribunal des‬‬
‫‪conflits… » Petit, p 64.‬‬
‫‪ -49‬لقد اشًتط ادلشرع الفرنسي وحدة النزاع دبوجب الفصلُت ‪ 17‬و ‪ 34‬من أمر ‪ 26‬أكتوبر ‪ ،1849‬لكن‬
‫زلكمة التنازع الفرنسية خففت من صرامة ىذا الشرط‪ ،‬حيث اعتربت من قبيل نفس النزاع فصل اجلهة القضائية‬

‫‪349‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫العادية يف ادلادة االستعجالية‪ ،‬يف حُت نظرت اجلهة القضائية التابعة للجهاز القضائي ادلقابل أثناء عرض القضية يف‬
‫أصل ادلوضوع‪ .‬أنظر دلزيد من التفاصيل حول ىذا ادلوضوع أنظر‪:‬‬
‫‪Malleville ,opcit, p 5.‬‬
‫‪ -50‬أنظر يف ذلك قرار زلكمة التنازع رقم ‪ ،000165‬فهرس رقم‪ 11 :‬ادلؤرخ ب‪ 29 :‬سبتمرب ‪ 2014‬يف‬
‫قضية الشركة ذات األسهم مؤسسة أشغال البناء ‪ E .T.B‬ضد ديوان الًتقية والتسيَت العقاري لوالية جباية‪ ،‬الذي‬
‫فصلت فيو بناء على قرار إحالة من احملكمة اإلدارية لبجاية‪ ،‬ألهنا رأت بأن قرارىا سيؤدي إذل وقوع تنازع سليب يف‬
‫االختصاص مع حكم زلكمة "أميزور" بقسمها العقاري‪ ،‬على أساس أن ىذه األخَتة قد صرحت بعدم اختصاصها‬
‫نوعيا‪ ،‬وذات األمر ارتأتو احملكمة اإلدارية لبجاية فقررت إحالة ملف الدعوى على زلكمة التنازع لتحديد اجلهة‬
‫ادلختصة بنظره‪ .‬حيث قضت باختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬على أساس أن " القاضي اإلداري بالتارل ىو ادلختص‬
‫للفصل يف النزاع احلارل القائم بُت شركة خاضعة للقانون اخلاص وبُت مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وذباري‬
‫مكلفة باصلاز مشروع شلول جزئيا من طرف الدولة دبساعلة من ادلستفيدين"‪.‬‬
‫‪ -51‬كمثال على ىذه احلالة صلد قرار زلكمة التنازع رقم ‪ 000111‬ادلِؤرخ ب‪ 2011/05/16 :‬يف قضية ورثة‬
‫(ق‪.‬م) ضد ورثة (ق‪.‬ع) أين أمرت زلكمة ميلة بإحالة ملف الدعوى على زلكمة التنازع خشية الوقوع يف تنازع‬
‫سليب‪ ،‬على اعتبار أن الغرفة اإلدارية جمللس قضاء قسنطينة قد صرحت بعدم اختصاصها نوعيا للفصل يف نفس‬
‫النزاع ادلتمثل يف طلب ابطال الدفًت العقاري كما أن ذات النزاع قد رفع من نفس األطراف وىم ورثة (ق‪.‬م) أمام‬
‫القسم العقاري حملكمة ميلة ولنفس السبب‪ .‬أنظر‪ :‬رللة احملكمة العليا‪ ،‬عدد ‪ ،2011 ،2‬ص ‪.387‬‬
‫‪ -52‬ال ذبد ىذه احلالة نظَتذلا يف التشريع الفرنسي‪ ،‬إذ أن اإلحالة الوجوبية يف فرنسا تكون فقط لتجنب تنازع‬
‫االختصاص السليب‪ ،‬ذلك أن التنازع االغلايب يف فرنسا ال يكون بُت جهتُت قضائيتُت‪ ،‬بل بُت اإلدارة شلثلة يف‬
‫احملافظ من جهة والقضاء العادي من جهة أخرى‪ ،‬ذك أن ىدف التنازع االغلايب ىو ضباية اإلدارة من الفصل يف‬
‫منازعاهتا من قبل القاضي العادي‪ ،‬وبالتارل ضباية القانون الذي فصل بُت السلطات القضائية والسلطات اإلدارية‪،‬‬
‫وىو قانون ‪ 24-16‬أوت ‪.1790‬‬
‫‪ -53‬أنظ ر رللة احملكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق والدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،02‬سنة ‪ ،2014‬ص ‪265‬‬
‫وما بعدىا‪.‬‬
‫‪ -54‬قرار غَت منشور‪.‬‬
‫‪55‬‬

‫‪350‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫‪ -56‬رشيد خلويف‪ ،‬قانون ادلنازعات اإلدارية‪ ،‬تنظيم واختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديوان ادلطبوعات‬
‫اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫‪ -57‬عمار بوضياف‪ ،‬القضاء اإلداري يف اجلزائر بُت نظام الوحدة واالزدواجية‪ ،‬دار رػلانة‪ ،‬اجلزائر‪ ،2001 ،‬ص‬
‫‪.95‬‬
‫‪ -58‬مرزوقي فهيمة‪ ،‬ص ‪.151‬‬
‫‪ -59‬واألدلة على ذلك كثَتة‪ ،‬صلد من بينها مثال الفقرة الثانية من ادلادة ‪ 401‬من ق ا م ا اليت جاء فيها‪ " :‬تقدم‬
‫عريضة الفصل يف تنازع االختصاص بُت القضاة أمام اجمللس القضائي وفقا للقواعد ادلقررة لرفع عريضة االستئناف‪.‬‬
‫وزبضع العريضة اليت تقدم أمام احملكمة العليا للقواعد ادلقررة لعريضة الطعن بالنقض"‪.‬‬
‫‪ -60‬عمر زوده‪ ،‬ادلقال السابق‪ ،‬ص ‪.105‬‬
‫‪ -61‬ملف رقم ‪ ،000113‬فهرس رقم‪ ،21 :‬قرار غَت منشور‪.‬‬
‫‪ -62‬قضية (ب‪.‬ح) ضد رئيس بلدية ديدوش مراد ومن معو ملف رقم ‪ ،053‬رللة احملكمة العليا‪ ،‬عدد ‪،1‬‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.377‬‬
‫‪ -63‬عمار بوضياف‪ ،‬دور زلكمة التنازع يف احملافظة على قواعد االختصاص النوعي‪ ،‬رللة احملكمة العليا‪ ،‬عدد‬
‫خاص باالجتهاد القضائي حملكمة التنازع‪ ،‬قسم الوثائق‪ ،2009 ،‬ص ‪.326‬‬
‫‪ -64‬قرار غَت منشور‪.‬‬
‫‪65- raymond odent, opcit, p 574.‬‬
‫‪ -66‬بوعمران عادل‪ ،‬حسم إشكاالت تنازع االختصاص بُت القضاء اإلداري والقضاء العادي يف النظام القانوين‬
‫اجلزائري‪ ،‬دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬العدد الثاين‪ ،2013 ،‬ص‪.130‬‬
‫‪ -67‬دبا أن اإلحالة الوجوبية يف فرنسا تتم دائما لتجنب الوقوع يف تنازع سليب‪ ،‬فقد نصت ادلادة ‪ 36‬من مرسوم‬
‫‪ 26‬أكتوبر ‪ 1849‬على أن قرار زلكمة التنازع الصادر بناء على اإلحالة ؼلضع لنفس إجراءات القرار الصادر من‬
‫قبلها يف حالة التنازع السليب يف االختصاص‪ .‬دلزيد من التفاصيل حول ىذه النقطة أنظر‪:‬‬
‫‪- Natalie Fricero, Les institutions judiciaires, Galino éditeur, Paris, 2004,‬‬
‫‪p 113.‬‬
‫‪ -68‬مسعود شيهوب‪ ،‬ادلبادئ العامة للمنازعات االدارية‪ ،‬نظرية االختصاص‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬ديوان‬
‫ادلطبوعات اجلامعية‪ ،‬ص ‪.188‬‬
‫‪ -69‬عمار بوضياف‪ ،‬ادلقال السابق‪ ،‬ص ‪.324‬‬

‫‪351‬‬
‫سامية نويري؛ محمد األمين نويري‬ ‫نظام اإلحالة على محكمة التنازع في التشريع الجزائري‪...‬‬

‫‪ -70‬أنظر قرارىا رقم‪ 4049 :‬الصادر يف‪ 11 :‬أفريل ‪ ،2016‬وقرارىا رقم‪ 4069 :‬الصادر يف‪ 5 :‬سبتمرب‬
‫‪.2016‬‬
‫‪ -71‬أنظر القرار رقم‪ 4047 :‬ادلؤرخ يف‪ 11 :‬أفريل ‪.2016‬‬

‫‪352‬‬

You might also like