شرح خلاصة تعظيم العلم

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 61

‫‪1‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .

‬عثمان الخميس‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪2‬‬
‫‪3‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫المستوى األول‬

‫الفصل األول‬

‫برنامج مفاتح الطلب‬

‫خالصة تعظيم العلم‬


‫(الكتاب األول)‬

‫شرح الشيخ‪:‬‬

‫د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫‪ 1443‬هـ‬
‫‪ 2022‬م‬

‫مالحظة‪ :‬الشيخ لم يراجع التفريغ‬


‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪4‬‬

‫برنامج مفاتح الطلب‬

‫خالصة تعظيم العلم‬


‫‪5‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫برنامج مفاتح الطلب‬


‫ِ‬
‫ُخالصة َتعظيم الع ْلم (الكتاب األول)‬
‫ِ‬

‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ...‬الرحمن الرحيم‪ ...‬مالِك يوم الدِّ ين‪ ،‬والصالة والسالم على المبعوث رحم ًة‬
‫ٍ‬
‫محمد ابن عبد اهلل وعلى آله وصحابته أجمعين‪ .‬أ َّما بعد‪...‬‬ ‫ِ‬
‫للعالمين نب ِّينا وإمامنا وحبيبنا و ُق َّرة عيننا‬

‫فإن العلم هو خير ما سعى إليه العبد ِ‬


‫ليرتق َي يف الدرجات عند اهلل ‪‬؛ قال ‪ :‬ﱡﳘ‬ ‫َّ‬
‫َ َ‬

‫ﳙﳚﳛﳜﳝﳞﳟﳠﱠ [سورة المجادلة‪ ،‬من اآلية‪ ،]11:‬وجاء عن النبي الكريم ‪‬‬


‫اهلل َل ُه بِ ِه َط ِري ًقا إِ َلى ا ْل َجن َِّة»‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫أنَّه قال‪َ « :‬م ْن َس َل َك َط ِري ًقا َي ْلتَم ُس فيه ع ْل ًما َس َّه َل ُ‬

‫والتقرب إلى اهلل ‪‬؛ نسأل اهلل ‪ ‬أن يتق َّبل ذلك منَّا‪ ،‬وأن‬ ‫سويعات ِ‬
‫نقضيها يف طلب العلم‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ َْ‬
‫اللهم آمين!‬
‫َّ‬ ‫خالصا لوجهه الكريم‪ ،‬وأن يرفع لنا به الدرجات‪...‬‬
‫ً‬ ‫يجعله‬
‫حريصين َّ ِ‬
‫الحرص على ِ‬
‫تحصيل العلم‪ ،‬و َب ْذل‬ ‫ِ‬ ‫وكان الصحابة ‪ ‬والتَّابعون وأتباع الت ِ‬
‫كل ْ‬ ‫َّابعين‬ ‫ُ‬
‫تحصيله‪ ،‬والعلم –كما قِيل‪ -‬لو أع َط ْيته كل شيء أعطاك بعضه؛ فكيف‬
‫الجهد والمال والوقت ألجل ِ‬
‫ُ ْ‬
‫بمن ال يعطِي العلم شي ًئا؟!‬‫َ‬

‫بحرا»‪.‬‬
‫علي ‪« :‬نُقطة جعله الناس ً‬
‫وكذلك العلم كما قال ٌّ‬
‫والسنَّة‪ ،‬وما هذ العلوم التي يتعاطاها أهل العلم َّإال ألجل الوصول إلى‬
‫واألصل يف العلم‪ :‬علم الكتاب ُّ‬
‫ِ‬
‫كمن لم يعلم‪.‬‬ ‫َف ْهم الكتاب ُّ‬
‫والسنَّة‪ ،‬و َمن َعل َم ليس َ‬

‫ُحصله ونس َعى إليه ُح َّج ًة لنا ال ُح َّج ًة علينا!‬


‫ونسأل اهلل ‪ ‬أن يجعل هذا العلم الذي ن ِّ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪6‬‬

‫وقد اخرتنا سبعة عشر كتا ًبا لنقرأها يف هذ الفرتة المباركة إن شاء اهلل ‪ ‬من أعمارنا‪ ،‬ويف حياتنا‬
‫مجلسا إن شاء اهلل ‪ ،‬وتكون ‪-‬كما‬ ‫الزل َفى عند اهلل ‪ ‬من خالل ٍ‬
‫ستة وثالثين‬ ‫نرجو هبا ُّ‬
‫ً‬
‫َعلِمتُم‪ -‬بعد الفجر خالل تسعة أيام‪ ،‬وبعد العصر‪ ،‬وبعد المغرب‪ ،‬وبعد العشاء‪.‬‬

‫كريات ط ِّيبة يفرح هبا اسننسان‪،‬‬


‫ط‬ ‫ننتهي من ذلك؛ لكنَّها ِذ‬
‫وستكون ِذكريات إن شاء اهلل تعالى بعد أن ِ‬

‫وتتنزل عليها‬
‫َّ‬ ‫تح ُّفها المالئكة‪،‬‬
‫ويحمد اهلل ‪ ‬على أن ُو ِّف َق على حضور هذ المجالس التي ُ‬
‫فيمن عند ‪.‬‬
‫السكينة والرحمة وتغشاها‪ ،‬و َيذكُر اهلل ‪ ‬أصحاهبا َ‬

‫فنسأل اهلل ‪ ‬أال يحرمني وإ َّياكم األجر!‬

‫ونحن اليوم الثالثاء يف أول مجلس من هذ المجالس المباركة يف يوم التاسع والعشرين من شهر‬
‫ٍ‬
‫ثالث وأربعين وأربعمائة بعد األلف‪ ،‬الموافق لألول من فرباير لسنة اثن َت ْين‬ ‫ُجما َدى اآلخرة لسنة‬
‫الصدِّ يق يف مسجد خالد الياقوت‬
‫وعشرين وألفين من ميالد المسيح ‪ ،‬ونحن يف ضاحية ِّ‬
‫‪. ‬‬
‫‪7‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫المتن‪:‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫بأجل ِ‬
‫المزيد‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫محمد المخصوص ِّ‬ ‫المع َّظم للتوحيد‪ ،‬وص َّلى اهلل وس َّل َم على عبد ورسوله‬
‫الحمد هلل ُ‬
‫ِ‬
‫والرأي السديد‪.‬‬ ‫وعلى آله وصحبه ُأولي ال َف ْضل َّ‬

‫أ َّما بعد‪...‬‬
‫فهذ من كتابي [تعظِيم العلم] ُخالص طة ال َّلفظ‪ُ ،‬أ ِعدَّ ْت بالتقاطها لمقص ِد ِ‬
‫الحفظ‪ ،‬فاست ِ‬
‫ُخر َج منه للمنفعة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َّ‬
‫ويرتشحوا‬ ‫شمس النهار‪،‬‬
‫َ‬ ‫كل باب؛ ليكون يف نفوس الطلبة‬ ‫وج ِع َل فيه األُنموذج من ِّ‬‫المذكورة ال ُّلباب‪ُ ،‬‬
‫بعد إلى العمل واال ِّدكار‪.‬‬

‫والفوز بجوامع فضله العظيم‪.‬‬


‫َ‬ ‫اهلل لي ولهم لزوم معاقِ ِد التَّعظيم‪،‬‬
‫فأسأل َ‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫الحمد هلل‪ ،‬وأشهد َّأال إله َّإال اهلل‪ ،‬وأشهد َّ‬


‫أن محمدً ا عبد ورسوله ‪ ،‬وعلى آله وصحبه‬
‫عدد َمن تع َّل َم وع َّلم‪.‬‬

‫أ َّما بعد‪...‬‬

‫فمن امتأل قلبه بتعظيم العلم‬ ‫موقوف على ِّ‬


‫حظ قلبه من تعظيمه وإجالله‪َ ،‬‬ ‫ط‬ ‫فإن َّ‬
‫حظ العبد من العلم‬ ‫َّ‬
‫وإجالله َص ُل َح أن يكون ا‬
‫محال له‪ ،‬وب َقدْ ر نُقصان هيبة العلم يف القلب ين ُقص ُّ‬
‫حظ العبد منه حتَّى يكون‬
‫قلب ليس فيه شي طء من العلم‪.‬‬
‫من القلوب ط‬
‫وو َفدَ ْت ُر ُسل فنونه إليه‪ ،‬ولم ي ُكن ِ‬
‫له َّمته غاي طة َّإال َت َل ِّقيه‪ ،‬وال لنفسه‬ ‫فمن ع َّظ َم العلم َ‬
‫الح ْت أنوار عليه‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫المسماة‬
‫َّ‬ ‫فخت ََم كتاب العلم من ُسننه‬ ‫محمد الدَّ ارمِي الحافظ َل َم َح هذا المعنى؛ َ‬
‫ٍ‬ ‫أبا‬ ‫َّ‬
‫وكأن‬ ‫فيه‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫لذ طة َّإال ِ‬
‫الف ْ‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬
‫[المسنَد الجامع] ٍ‬
‫بباب يف إعظام العلم‪.‬‬ ‫بـ ُ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪8‬‬

‫َّ‬
‫الشرح‪:‬‬

‫باب يف تعظيم العلم‪ .‬نعم!‬


‫(يف إعظام العلم)؛ يعني‪ :‬يف تعظيم العلم‪ ،‬ط‬

‫المتن‪:‬‬
‫ٍ‬
‫شيء على الوصول إلى إعظام العلم وإجالله‪ :‬معرفة معاقِ ِل تعظيمه‪ ،‬وهي األصول الجامعة‬ ‫وأعو ُن‬
‫َ‬
‫ج اال له‪ ،‬و َمن ض َّيعها فلنفسه أضاع‪،‬‬ ‫المح ِّققة لعظمة العلم يف القلب‪ ،‬فمن َأ َخ َذ هبا كان مع ِّظما للعلم م ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وك َن َفخ»‪ ،‬و َمن ال ُي ِ‬
‫كر ُم العلم ال ُيكرمه‬ ‫ولِهوا أطاع؛ فال ي ُلو َم َّن ‪-‬إن َفت ََر عنه‪َّ -‬إال نفسه « َيداك َأ ْو َكتَا و ُف َ‬
‫العلم‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫األول‬ ‫ِ‬
‫الم ْعقد َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫تطهير وعاء العلم‬
‫الشرح‪:‬‬
‫(المعقد)؛ المنزلة‪ ،‬و(مع َقد اسنزار)‪ ،‬لما تقول لرجل‪( :‬أنت ِ‬
‫معقد اسنزار)؛ يعني‪ :‬قريب المنزلة‪ ،‬ويريد‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫‪َ -‬ح ِف َظ ُه اهلل‬

‫فمن‬ ‫‪ ‬وهو القلب‪ :‬وبحسب طهارة القلب ُ‬


‫يدخله العلم‪ ،‬وإذا ازدا َد ْت طهارته ازدا َد ْت قابل َّيته للعلم‪َ ،‬‬
‫جوهر لطيف‪ ،‬ال َيص ُلح َّإال للقلب‬
‫ط‬ ‫أراد حيازة العلم َف ْل ُيز ِّين باطنه‪ ،‬و ُي ِّ‬
‫طه ْر قلبه من نجاسته؛ فالعلم‬
‫النظيف‪.‬‬
‫عظيم ْين‪:‬‬
‫َ‬ ‫وطهارة القلب ترجع إلى أص َل ْين‬
‫‪ ‬أحدهما‪ :‬طهارته من نجاسة ُّ‬
‫الش ُبهات‪.‬‬
‫‪ ‬واآلخر‪ :‬طهارته من نجاسة َّ‬
‫الشهوات‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫وهذ أمراض القلوب‪ ،‬أمراض القلوب هي‪:‬‬

‫ُش ُب ط‬
‫هات‪.‬‬

‫وشهوات‪.‬‬

‫وسلِ َم قلبه من ُّ‬


‫الشبهات؛ بعد ذلك صار ِوعا ًء للعلم‪ ،‬يمكن للعلم أن‬ ‫الشهوات‪َ ،‬‬‫فمن َسلِ َم قلبه من َّ‬‫َ‬
‫يدخله‪ ،‬وأن ِ‬
‫يستفيد هذا العبد من هذا العلم‪ .‬نعم!‬ ‫ُ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪10‬‬

‫المتن‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مخلوق مثلك إلى وسخ ثوبك؛ فاستحِ من نظر اهلل إلى قلبك وفيه َ‬
‫إح طن وباليا‪،‬‬ ‫تستحي من نظر‬ ‫كنت‬
‫وإذا َ‬
‫وذنوب وخطايا‪.‬‬
‫ط‬

‫الشرح‪:‬‬

‫وهذا هو األصل يف اسننسان‪ :‬أنَّه كما أنَّه يستحيي من نظر الناس إلى حاله ال ّظاهر؛ َف ْليستحيي من اهلل ألنَّه‬
‫يعلم ما يف باطنه ‪ ،‬وذلك من انشغال قلبه عن ر ِّبه ‪.‬‬

‫المتن‪:‬‬

‫اهلل َال َينْ ُظ ُر إِ َلى ُص َو ِرك ُْم‬


‫أن النبي ‪ ‬قال‪« :‬إِ َّن َ‬
‫مسلم] عن أبي هريرة ‪َّ ‬‬ ‫ٍ‬ ‫ففي [صحيح‬
‫َو َأ ْم َوال ِ ُك ْم؛ َو َلكِ ْن َينْ ُظ ُر إِ َلى ُق ُلوبِ ُك ْم َو َأ ْع َمال ِ ُك ْم»‪.‬‬

‫طه َر قلبه فيه العلم َّ‬


‫حل‪ ،‬و َمن لم يرفع منه نجاسته َو َد َعه العلم وار َت َحل‪.‬‬ ‫َمن َّ‬
‫مما يكر اهلل ‪.»‬‬
‫يدخله النُّور وفيه شي طء َّ‬ ‫قال سهل بن عبد اهلل‪« :‬حرا طم على ٍ‬
‫قلب أن ُ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫ومنها قول َّ‬


‫الشافعي ‪ ‬تعالى‪:‬‬
‫ِ‬ ‫فأرشـدنِي إلى َت ْرك‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫سوء ِحفظِي **‬ ‫ت إلى وكي ٍع‬
‫المعاصـي‬ ‫َش ْ‬
‫كو ُ‬
‫و نور اهلل ال يؤتــا عـ ِ‬
‫ـاصــــي‬ ‫ــور **‬ ‫وأخـــربأ بـ َّ‬
‫ُ ُ‬ ‫ــأن الـــعـــلـــم نـ ط‬
‫‪11‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫الم ِ‬
‫عقد الثَّاأ‬ ‫َ‬
‫إخالص النِّيَّ ُة فيه‬
‫وس َّلم وصولها‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱡﭐﲬﲭﲮﲯﲰﲱ‬
‫أساس َقبولها‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫إن إخالص األعمال‬

‫ﲲﲳﲴﱠ [سورة البينة‪ ،‬من اآلية‪.]5:‬‬


‫أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪ْ « :‬األَ ْع َم ُال بِالنِّ َّي ِة‪َ ،‬ول ِ ُك ِّل ا ْم ِر ٍئ َما ن ََوى»‪.‬‬‫الصحيح ْين عن ُعمر ‪َّ ‬‬ ‫َ‬ ‫ويف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالمين‪.‬‬ ‫رب‬‫الس َلف الصالحين َّإال باسنخالص هلل ِّ‬ ‫وما َس َب َق َمن َس َب َق‪ ،‬وال َو َصل َمن َو َصل من َّ‬
‫قال أبو بكر المر ِ‬
‫وذ ُّي‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫وضمها‪ .‬نعم!‬ ‫الراء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ِّ‬ ‫(الم ُّروذي)؛ بتشديد َّ‬
‫والم ُّروذي)؛ َ‬
‫المروذ ُّي)؛ هما اثنان (الم ْر َوذي‪َ ،‬‬
‫( ُّ‬

‫المتن‪:‬‬
‫قال أبو بكر المر ِ‬
‫رج ًال يقول ألبي عبد اهلل ‪-‬يعني‪ :‬أحمد بن حنبل‪ -‬و َذك ََر له ِّ‬
‫الصدق‬ ‫سمعت ُ‬
‫ُ‬ ‫وذ ُّي‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫واسنخالص؛ فقال له أبو عبد اهلل‪« :‬هبذا ارتفع القوم»‪.‬‬
‫العلم على قدر إخالصه‪.‬‬
‫َ‬ ‫وإنَّما َي ُ‬
‫نال المر ُء‬
‫للمتع ِّلم إذا َق َصدَ ها‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫واسنخالص يف العلم يقوم على أربعة أصول هبا تتح َّق ُق ن َّية العلم ُ‬
‫‪ ‬األ َّول‪َ :‬ر ْف ُع َ‬
‫الج ْهل عن نفسه؛ بتعريفها ما عليها من العبوديات‪ ،‬وإيقافها على مقاصد األمر والن َّْهي‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫الج ْهل عن نفسه‪.‬‬


‫أهم أمر‪ :‬أن يرفع اسننسان َ‬ ‫نعم‪ ،‬يريد َر ْفع ْ‬
‫الجهل عن نفسه؛ هذا ُّ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪12‬‬

‫ترضى بأن تكون كعامة الناس؛‬


‫الج ْهل عن نفسك‪ ،‬أال َ‬ ‫َ‬
‫مقصدك هو أن ترفع َ‬ ‫فإذا طل ْب َت العلم َف ْليكن‬
‫ِ‬
‫يستوي الذين يعلمون والذين ال‬ ‫وإنَّما تريد أن ترتفع بنفسك وأن ُتكرمها بأن ترفع َ‬
‫الج ْهل عنها‪ ،‬وال‬
‫يعلمون‪.‬‬
‫ِ‬
‫اهلل َت َعا َلى‪َ ( :-‬ر ْف ُع َ‬
‫الج ْهل عن نفسه؛ بتعريفها ما عليها من العبوديات)؛ يقصد‪:‬‬ ‫وقول المؤ ِّلف ‪َ -‬حف َظ ُه ُ‬
‫العبادات‪ ،‬والعبادات أفصح‪ ،‬والعبود َّيات ليست فصيحة (‪)%100‬؛ ولذلك ُيقال‪ :‬العبادات أفضل من‬
‫العبود َّيات‪.‬‬

‫ف نفسه العبادات‪ ،‬أن تتع َّلم ما‬ ‫ِ‬


‫عر َ‬ ‫أن المؤ ِّلف ‪َ -‬حف َظ ُه ُ‬
‫اهلل ‪ -‬يريد العبادات‪ ،‬أن ُي ِّ‬ ‫لكن المهم َّ‬
‫يحر ُم عليها‪ .‬نعم!‬
‫يجب عليها‪ ،‬وما ُ‬

‫المتن‪:‬‬

‫الخ ْلق؛ بتعلِيمهم وإرشادهم ل ِ َما فيه صالح ُدنياهم وآخرهتم‪.‬‬


‫‪ ‬الثاأ‪َ :‬ر ْفع الجهل عن َ‬
‫وحفظه من الضياع‪.‬‬ ‫‪ ‬الثالث‪ :‬إحياء العلم‪ِ ،‬‬
‫‪ ‬الرابع‪ :‬العمل ِ‬
‫بالعلم‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬
‫ِ‬
‫نعم‪ ،‬هي أربعة أمور إ ًذا َذك ََرها المؤ ِّلف ‪َ -‬حف َظ ُه ُ‬
‫اهلل ‪ -‬وهي‪:‬‬

‫الج ْهل عن نفسه‪ .‬هذا أهم شيء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫أن اسننسان يقصد بطلب العلم أن يرفع َ‬

‫ثم بعد ذلك أن يعمل هبذا العلم‪ ،‬أن ُيمارسه‪ ،‬يعمل هبذا العلم الذي َعلِ َمه ألنَّه صار ُح َّج ًة عليه‪.‬‬

‫المنكر‪ ،‬أن ُيع ِّلم هذا العلم‪،‬‬


‫الج ْهل عن غير باألمر بالمعروف‪ ،‬والن َّْهي عن ُ‬
‫األمر الثالث‪ :‬أن يرفع َ‬
‫ابذله اآلن‪ ،‬أن ُيع ِّلم هذا العلم‪.‬‬
‫تع َّل ْم َت العلم ُ‬

‫األمر الرابع‪ :‬أن يكون هو من أوعية العلم‪ ،‬من َح َفظة العلم من الضياع يف هذ الدنيا‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫ت ا ْلع َلم ِ‬ ‫ِ‬


‫اء؛ و َلكِن بِمو ِ‬ ‫اهلل َال َينْت َِز ُع ا ْل ِع ْل َم انْتِ َزا ًعا مِ ْن ُق ُل ِ‬
‫اء»؛‬ ‫ُ َ‬ ‫وب ا ْل ُع َل َم َ ْ َ ْ‬ ‫ولذلك قال النبي ‪« :‬إِ َّن َ‬
‫ويستفيدونه‪ .‬نعم!‬ ‫ِ‬ ‫يأخذ الناس منك‬‫َف ْلتكن أنت وعا ًء للعلم ُ‬

‫المتن‪:‬‬

‫السلف ‪ ‬تعالى يخافون فوات اسنخالص يف طلبهم العلم؛ ف َيت ََو َّر ُعون عن ا ِّدعائه‪ ،‬ال‬
‫ولقد كان َّ‬
‫أنَّهم لم ُيح ِّق ُقو يف قلوهبم‪.‬‬

‫إلي فطلبته»‪.‬‬
‫ب َّ‬‫عزيز؛ ولكنَّه شي طء ُح ِّب َ‬
‫طلبت العلم هلل؟ فقال‪« :‬هلل‪ ،‬ط‬
‫َ‬ ‫ُسئِ َل اسنمام أحمد‪ :‬هل‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬وكان بعضهم يقول‪« :‬طلبنا لغير اهلل ف َأ َبى اهلل َّإال أن يكون له»؛ فال يت َِّه َم َّن أحدط نفسه بأنَّه إنَّما ُ‬
‫يحضر‬
‫الدروس‪ ،‬ويط ُلب العلم حتى ُيشار إليه بال َبنان‪ ،‬وأنَّه ضعيف اسنخالص‪ ،‬وأنَّه ن َّيته لم ُيح ِّققها تما ًما فيبتعد‬
‫عن مجالس العلم؛ هذا من الشيطان‪.‬‬

‫واحضر دروس العلم‪ .‬نعم!‬


‫ُ‬ ‫صحح الن َّية‪ ،‬واطلب من اهلل ‪ ‬أن ُيو ِّف َقك إلى ذلك‪،‬‬
‫بل ِّ‬

‫المتن‪:‬‬

‫وخير وفير‪.‬‬
‫ط‬ ‫كثير‪،‬‬
‫علم ط‬ ‫و َمن ض َّي َع اسنخالص فاته ط‬
‫ِ‬
‫وينبغي لقاصد السالمة أن يتف َّقد هذا األصل (وهو اسنخالص) يف أمور ك ِّلها‪ ،‬دقيقها وجليلها‪ِّ ،‬‬
‫سرها‬
‫و َع َلنِها‪.‬‬
‫حم ُل على هذا التَّف ُّق ِد ِشدَّ ُة ُمعالجة النِّ َّية‪.‬‬
‫وي ِ‬
‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫قال ُسفيان ال َّث ْو ِري‪« :‬ما‬
‫علي»‪.‬‬
‫ب َّ‬‫علي من ن َّيتي ألنَّها تتق َّل ُ‬
‫عالجت شي ًئا أشدَّ َّ‬
‫ُ‬

‫أتيت على بعضه تغ َّي َر ْت نِ َّيتِي‪ ،‬فإذا‬


‫واحد ولِي نِ َّيةط‪ ،‬فإذا ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بحديث‬ ‫بل قال ُسليمان الهاشمي‪ُ « :‬ر َّبما ُأحدِّ ث‬
‫ات»‪.‬‬‫الحديث الواحد يحتاج إلى نِي ٍ‬
‫َّ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪14‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫دائما أن ُيراجع موضوع ن َّيته؛ ولكن هذا لم‬


‫يقصد الحديث يف المجلس الذي يجلسه يحتاج اسننسان ً‬
‫ألن بعض الناس َيرى َّ‬
‫أن هذا سبب لالمتناع فيقول‪ :‬بس أنا غير ُمخلص‪ ،‬ون َّيتي‬ ‫يمنعه من االستمرار؛ َّ‬

‫سأترك الطلب‪ .‬ليس هكذا كان السلف ‪ . ‬نعم!‬


‫علي؛ إ ًذا ُ‬
‫تفسد َّ‬
‫ُ‬
‫‪15‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫ُ‬
‫الثالث‬ ‫الم ِ‬
‫عقدُ‬ ‫َ‬
‫َج ْمع ِه َّمة النَّ ْفس عليه‬
‫جمع ِ‬
‫اله َّمة على المطلوب بِتف ُّقد ثالثة أمور‪:‬‬ ‫إنَّما ُت َ‬
‫ِ‬
‫‪ ‬أولها‪ :‬الحرص على ما ينفع‪ ،‬فمتى ُو ِّفق العبد إلى ما ينفعه َح َر َ‬
‫ص عليه‪.‬‬
‫‪ ‬ثانيها‪ :‬االستعانة باهلل ‪ ‬يف تحصيله‪.‬‬
‫‪ ‬ثالثها‪ :‬عدم العجز عن بلوغ ال ُب ْغية منه‪.‬‬
‫وقد ُج ِم َع ْت هذ األمور الثالثة يف الحديث الذي روا مسلم عن أبي هريرة ‪َّ ‬‬
‫أن النبي‬
‫ص َع َلى ما ينْ َف ُع َك‪َ ،‬واست َِع ْن بِاهللِ َو َال َت ْع ِ‬
‫ج ْز»‪.‬‬ ‫اح ِر ْ‬
‫‪ ‬قال‪ْ « :‬‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫دق َّإال نا َل ُه‪ ،‬فإن لم َينَ ْل ُه ك َّله نال بعضه»‪.‬‬ ‫وص ٍ‬ ‫بجدٍّ ِ‬‫ب أحدط شي ًئا ِ‬ ‫الجنَ ْيد ‪« :‬ما َط َل َ‬
‫قال ُ‬
‫الهمة يف ظالم ليل البطالة‪ِ ،‬‬
‫ورد َف ُه ُ‬
‫قمر العزيمة؛‬ ‫َ‬ ‫نجم ِ َّ‬‫قال ابن الق ِّيم ‪ ‬يف كتابه [الفوائد]‪« :‬إذا َط َل َع ُ‬
‫أشر َق ْت أرض القلب بنور ر ِّبها»‪.‬‬
‫ويسمو بالنَّفس‪:‬‬
‫ُ‬ ‫مما يع ِّلي ِ‬
‫اله َّمة‬ ‫َّ‬
‫وإن َّ‬
‫‪ -‬اعتبار حال َمن َس َبق‪.‬‬
‫ِ‬
‫الماضين‪.‬‬ ‫وتعرف ِهمم القوم‬ ‫‪-‬‬
‫ُّ‬
‫الصبا‪ُ -‬ر َّبما أراد الخروج قبل الفجر إلى ِح َلق الشيوخ‪ُ ،‬‬
‫فتأخذ‬ ‫فأبو عبد اهلل أحمد بن حنبل كان ‪-‬وهو يف ِّ‬
‫ُأ ُّمه بثيابه وتقول ‪-‬رحم ًة به‪ :-‬حتَّى ُيؤ ِّذ َن الناس أو ُيصبحوا‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬
‫يحرص على أن يخرج قبل الفجر‪ ،‬فتقول له ُأمه‪ :‬اصبِر – ُت ِ‬
‫مس ُك بثيابه‪( -‬حتَّى ُيؤ ِّذ َن الناس أو‬ ‫كان ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫يدل على ِحرصه‪.‬‬ ‫تستعجل يف الخروج يف مثل هذا الوقت؛ وهذا ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ُيصبحوا)؛ يعني‪ :‬اصبِر‪ ،‬ال‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪16‬‬

‫وكان الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ‪  ‬جد الشيخ صالح آل الشيخ‪ ،‬وهو شيخ‬
‫الشيخ عبد العزيز بن باز ‪  ‬جمي ًعا كانت له دروس قبل الفجر يف آخر الليل‪ ،‬بعد أن‬
‫ي ِ‬
‫نتهي من قيام الليل تبدأ دروسه ‪ . ‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬
‫ِ‬
‫وقرأ الخطيب [صحيح البُخاري] ك َّله على إسماعيل الح ِّ‬
‫يري يف ثالثة مجالس‪ ،‬اثنان منها يف ليل َت ْين من‬
‫وقت صالة المغرب إلى صالة الفجر‪ ،‬واليوم الثالث من َض ْح َو ِة النهار إلى صالة المغرب‪ ،‬ومن‬
‫المغرب إلى طلوع الفجر‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬
‫هذ ِهمة عظيمة للخطيب البغدادي؛ لم يتيسر له َّإال هذا الوقت ف َقر َأ الصحيح على ِ‬
‫الحيري يف هذ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫األيام الثالثة [صحيح البخاري] ك َّله‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬

‫أول ابتدائه يدرس الليل ك َّله‪ ،‬فكانت ُأ ُّمه ترحمه وتنها عن القراءة بالليل؛‬
‫وكان أبو محمد ابن التَّبان َ‬
‫ٍ‬
‫ويتظاه ُر بالنوم‪ ،‬فإذا ر َقدَ ْت َ‬
‫أخر َج‬ ‫َ‬ ‫(شيء من اآلنية العظيمة)‬ ‫الجفنة‬
‫يأخذ المصباح ويجعله تحت َ‬ ‫فكان ُ‬
‫المصباح وأقبل على الدرس‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫السراج (المصباح) ويضعه تحت‬ ‫نعم‪ ،‬يعني‪ُ :‬أ ُّمه تمنعه من الدراسة بالليل عليه تريد أن ينام‪ُ ،‬‬
‫فيأخذ ِّ‬
‫القدْ ر بحيث ال ترا ُأمه‪ ،‬فإذا نام ْت ُأمه قام وأشعل المصباح‪ ،‬ما يف أنوار كاآلن؛ المصابِيح‪ ،‬في ِ‬
‫شعل‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫المصباح ويبدأ بالدراسة ‪ِ ... ‬ه َّمة عالية‪ .‬نعم!‬
‫‪17‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫المتن‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ِ‬
‫اله َّمة؛‬ ‫رج ًال ِر ْج ُله على ال َّث َرى ثابتةً‪ ،‬وهام ُة ه َّمته فوق ال ُّثر َّيا سامقة‪ ،‬وال ت ُك ْن َّ‬
‫شاب البدن أش َي َ‬ ‫ف ُكن ُ‬
‫ِ‬ ‫ف َّ ِ‬
‫الصادق ال َتش ُ‬
‫يب‪.‬‬ ‫إن ه َّمة َّ‬
‫نشدُ وهو يف الثمانِين‪:‬‬
‫كان أبو الوقاء ابن َع ِقيل ‪-‬أحد أذكياء العا َلم من ُفقهاء الحنابلة‪ -‬ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫والئي وال ِديني وال ك ََرمِي‬


‫وال َ‬ ‫شاب عزمِي وال حزمِي وال ُخ ُل ِقي **‬
‫ما َ‬
‫ب يف ِ‬
‫اله َم ِم‬ ‫الش ْي ِ‬
‫غير َّ‬ ‫ب يف َّ‬
‫الش ْعر ُ‬ ‫َّ‬
‫والش ْي ُ‬ ‫شعري َغير ِصبغته **‬
‫ِ‬ ‫اعتاض‬
‫َ‬ ‫وإنَّما‬

‫الشرح‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬يقول‪« :‬عزمِي‪ ،‬وقويت‪ ،‬وكرمِي‪ ،‬وأخالقي‪ِ ،‬‬
‫وديني؛ ُّ‬
‫كل هذا ما شاب‪ ،‬ما َك ُبر»؛ يعني‪ :‬ما َع َج َز‪ ،‬ما‬ ‫َّ‬
‫الشعر بعد أن كان أسود صار أبيض‪ ،‬بس؛ لكن ِه َّمتي هي ِه َّمتي‪ ،‬وعزمي هو‬ ‫ف‪ُّ ،‬‬
‫كل ما يف األمر َّ‬ ‫َض ُع َ‬
‫وديني هو ِديني‪ ،‬وطلبي وعزمي‪ ،‬طلب العلم؛ ما تغ َّير شيء الحمد هلل‪ ،‬ما‬ ‫عزمِي‪ ،‬وكرمِي هو كرمِي‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هتتموا بتغ ُّير لون َّ‬
‫الش ْعر؛ فقط هذا الذي تغ َّير‪ .‬نعم!‬ ‫َض ُع َف ْت ه َّمتي بسبب ك َبر ِّ‬
‫الس ِّن‪ ،‬ال ُّ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪18‬‬

‫الم ِ‬
‫عقدُ الرابع‬ ‫َ‬
‫والسنَّة‬ ‫ِ‬ ‫َص ْرف ِ‬
‫اله َّمة فيه إلى علم القرآن ُّ‬
‫كل ٍ‬
‫علم ناف ٍع مر ُّد إلى كالم اهلل وكالم رسوله ‪ ،‬وباقي العلوم‪:‬‬ ‫إن َّ‬
‫َّ‬
‫ؤخ ُذ منه ما تتح َّقق به الخدمة‪.‬‬
‫‪ -‬إ َّما خاد طم لهما؛ ف ُي َ‬
‫يض ُّر الجهل به‪.‬‬ ‫أجنبي عنهما؛ فال ُ‬
‫ٌّ‬ ‫‪ -‬أو‬
‫بي يف كتابه [اسنلماع]‪:‬‬ ‫حص‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫وما أحس َن قول ِع ٍ‬
‫ياض‬
‫ِّ‬
‫الال ِح ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫الطريق َّ‬ ‫الم ِض ُّل عن‬
‫العلم يف أص َل ْين ال يعدُ وهما ** َّإال ُ‬
‫ِ‬
‫صاحب‬ ‫** قد ُأسنِدَ ْت عن تاب ٍع عن‬ ‫ِعلم الكتاب ِ‬
‫وعلم اآلثار التي‬ ‫ُ‬

‫الال ِح ِ‬
‫ب)؛ هو الطريق الواضح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الطريق َّ‬ ‫الال ِح ِ‬
‫ب)؛ الطريق الواضح‪( ،‬‬ ‫ِ‬
‫الطريق َّ‬ ‫الم ِض ُّل عن‬
‫الشرح‪َّ (:‬إال ُ‬

‫المتن‪:‬‬
‫ِ‬
‫الس َّلف ‪َ -‬ع َل ْي ِه ْم َر ْح َم ُة اهلل‪ -‬ثم َك ُث َر الكالم بعدهم فيما ال ينفع؛ فالعلم يف َّ‬
‫السلف‬ ‫وقد كان هذا هو علم َ‬
‫فيمن بعدهم أكثر‪.‬‬
‫أكثر‪ ،‬والكالم َ‬

‫السختياأ‪ :‬العلم اليوم أكثر أو فيما تقدَّ م؟ فقال‪« :‬الكالم اليوم أكثر‪،‬‬ ‫حماد بن َز ْيد‪ُ :‬ق ُ‬
‫لت أليوب َّ‬ ‫قال َّ‬
‫والعلم فيما تقدَّ م أكثر»‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬وإذا قلنا ‪-‬قبل قليل‪ -‬قول علي ‪« :‬العلم نُقط طة فصير الناس بحرا»؛ فالعلم ليس ِ‬
‫بتقعير‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫‪19‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫الخامس‬ ‫الم ِ‬
‫عقدُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وص ِ‬
‫لة إليه‬ ‫سلوك الجادة الم ِ‬
‫ُ‬
‫َّ ُ‬
‫فمن َس َل َك جا َّد َة مطلوبة أو َق َف ْت ُه عليه‪ ،‬و َمن عَدَ َل عنها لم يظ َفر بمطلوبه‪،‬‬ ‫طريق ُي ُ‬
‫وصل إليه‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫مطلوب ط‬ ‫ِّ‬
‫لكل‬
‫تعب ٍ‬
‫كثير‪.‬‬ ‫وإن للعلم طري ًقا َمن أخط َأها َّ‬
‫ضل ولم َينَ ِل المقصود‪ ،‬ور َّبما أصاب فائد ًة قليل ًة مع ٍ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫الزبِ ُّ‬
‫يدي صاحب [تاج العروس] يف‬ ‫بلفظ جام ٍع مان ٍع محمد مرتضى بن محمد َّ‬ ‫وقد َذك ََر هذا الطريق‬
‫ٍ‬
‫السنَد» يقول فيها‪....‬‬ ‫منظومة له ُت َّ‬
‫سمى «ألف َّية َّ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫الزبِيد»‪ ،‬منطقة « ِزبِيد»‪،‬‬ ‫الزبِ ِ‬


‫يدي»‪ ،‬وألهلها ُيقال‪َّ « :‬‬ ‫يد ُّي)؛ يف اليمن‪ ،‬مكان يف اليمن‪ ،‬قرية ُيقال لها‪َّ « :‬‬‫الزبِ ِ‬
‫( َّ‬
‫يدي»‪ .‬نعم!‬‫أهلها يقال لهم‪« :‬زبِ ِ‬
‫ُ‬

‫المتن‪:‬‬

‫فخ ْذ من ِّ‬
‫كل ف ٍّن أحسنه‬ ‫شخص ُ‬ ‫ِ‬
‫ألف َسنَ ْه **‬ ‫فما َح َوى الغاية يف‬
‫ط‬

‫ٍ‬
‫ناصح‬ ‫ٍ‬
‫مفيد‬ ‫على‬ ‫تأخ ُذ‬
‫** ُ‬
‫للراجحِ‬ ‫ٍ‬
‫متن جام ٍع‬ ‫ِ‬
‫بحفظ‬
‫َّ‬

‫أخ َذ هبما كان ُمع ِّظ ًما للعلم؛ ألنَّه يطلبه من حيث ُيمكن‬ ‫فطريق العلم وجا َّد ُته مبن َّي طة على َ‬
‫أمر ْين‪َ ،‬من َ‬
‫الوصول إليه‪:‬‬
‫حفظ‪ ،‬ومن ظن أنَّه ينال العلم بال ِح ٍ‬
‫ٍ‬ ‫فظ ٍ‬ ‫‪ ‬فأما األمر األول‪ِ :‬‬
‫فح ُ‬
‫فظ فإنَّه‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫متن جام ٍع َّ‬
‫للراجح؛ فال بد من‬ ‫َّ‬
‫يط ُلب ُم ً‬
‫حاال‪.‬‬
‫الفن‪.‬‬
‫عتمدُ عند أهل ِّ‬
‫الم َ‬
‫للراجح‪ ،‬أي‪ُ :‬‬
‫المعول عليه هو المتن الجامع َّ‬
‫َّ‬ ‫والمحفوظ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪20‬‬

‫تتفهم عنه معانيه‪ ،‬يت َِّصف هبا َذ ْين‬ ‫َفزع إلى شيخٍ‬ ‫ٍ‬
‫ناصح‪ ،‬فت َ‬ ‫ٍ‬
‫مفيد‬ ‫‪ ‬وأ َّما األمر الثاأ‪ :‬ف َأ ْخ ُذ على‬
‫َّ‬
‫الو ْص َف ْين‪.‬‬
‫َ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫الس ِّن‪ ،‬احفظ َقدْ ر ما تستطيع احفظ‪ ،‬وقد كان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أول أمر‪ :‬إ ًذا اسننسان ِ‬
‫يحرص على الح ْفظ‪ ،‬خاصة يف ص َغر ِّ‬
‫مما َح ِفظنا‬ ‫ِ‬
‫مما َحفظنا‪ ،‬واستفدنا َّ‬
‫ِ‬
‫شيخنا ‪ ‬تعالى الشيخ ابن ُع َث ْيمين يقول‪ :‬قرأنا ً‬
‫كثيرا‪ ،‬بل أكثر َّ‬
‫ممن قرأنا‪.‬‬
‫مما استفدنا َّ‬
‫أكثر َّ‬

‫الحفظ‪ِ ،‬حفظ كتاب اهلل ‪،‬‬ ‫الحفظ خاصة يف ِص َغر السن يحرص على ِ‬
‫ِّ‬
‫فاسننسان يحرص على ِ‬

‫خاص ًة [ ُعمدة األحكام] أو [بلوغ المرام]‪ ،‬ويحفظ بعد ذلك متن من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حفظ أحاديث للنبي ‪َّ ‬‬
‫المتون خاص ًة يف الفقه أو يف االعتقاد أو يف النحو‪ ،‬أو يف غيرها؛ المهم‪ ...‬احرص على ِ‬
‫الحفظ َقدْ ر ما‬
‫تستطيع‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬

‫فصار ْت‬
‫َ‬ ‫أدر َك؛‬ ‫مم ْن ُع ِر َ‬
‫ف بطلب العلم وتل ِّقيه حتى َ‬ ‫وأولهما‪ :‬اسنفادة‪ ،‬وهي‪ :‬األهلي ُة يف العلم‪ ،‬فيكون َّ‬
‫‪َّ ‬‬
‫له َم َلك طة قو َّي طة فيه‪.‬‬

‫قوي عن ابن ع َّباس ‪َّ ‬‬


‫أن النبي‬ ‫ٍ‬
‫بإسناد‬ ‫[سننه]‬
‫ٍّ‬ ‫واألصل يف هذا ما أخرجه أبو داود يف ُ‬
‫‪ ‬قال‪َ « :‬ت ْس َم ُعو َن َو ُي ْس َم ُع مِنْ ُك ْم‪ ،‬و ُي ْس َم ُع مِ َّم ْن َي ْس َم ُع مِنْ ُك ْم»‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬
‫لقيه‪ ......‬وهكذا ِ‬
‫ينتق ُل العلم‪ .‬نعم!‬ ‫لقيه إلى من بعدك‪ ،‬ومن بعدك ي ِ‬
‫يعني‪ :‬هكذا العلم‪ :‬أن تسمع‪ ،‬ثم ُت ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪21‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫المتن‪:‬‬

‫المخا َطب؛ فال يزال من معالِم العلم يف هذ األُ َّمة أن ُ‬


‫يأخ ُذ‬ ‫والعربة بعموم الخطاب ال بخصوص ُ‬
‫ِ‬

‫ف‪.‬‬‫ف عن السال ِ ِ‬
‫الخال ِ ُ‬
‫َّ‬

‫الو ْصف الثاأ‪ :‬فهو النصيحة‪ ،‬وتجمع معن َي ْين اثنَ ْين‪.‬‬
‫‪ ‬أ َّما َ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫أصال حتى ُي ِفيدوك العلم الذي‬ ‫يعني‪ :‬اطلب العلم على المشايخ ً‬
‫أوال‪ ،‬المشايخ الذين طلبوا العلم ً‬
‫استفادوك؛ وهكذا ِ‬
‫ينتقل العلم من السلف إلى الخلف‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ناصحا لك‪ .‬نعم!‬


‫ً‬ ‫ثم بعد ذلك ُين َظر يف النصيحة‪ ،‬وهو‪ :‬أن يكون العالِم أو طالب العلم‬

‫المتن‪:‬‬

‫وس ْمتِه‪.‬‬
‫الشيخ لالقتداء به‪ ،‬واالهتداء هبَدْ يِه و َد ِّله َ‬
‫‪ -‬أحدهما‪ :‬صالحية َّ‬
‫فق‬ ‫المتع ِّلم‪ ،‬ويعرف ما يص ُلح له وما ُ‬
‫يض ُّر َو َ‬ ‫‪ -‬واآلخر‪ :‬معرفته بطرائق التعليم؛ بحيث ُيحسن تعليم ُ‬
‫الشاطبي تعالى يف «الموافقات»‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫الرتبية العلمية التي َذك ََرها‬
‫الشرح‪ :‬نعم‪ ،‬يعني‪ :‬األصل عندما ُ‬
‫تأخذ من الشيء‪:‬‬

‫تأخذ منه َد َّله َ‬


‫وس ْمته ووقار وطريقته‪.‬‬ ‫أوال‪ُ :‬‬
‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فتستفيد هذا منه‪.‬‬ ‫تأخذ منه طريقته يف التعليم؛ كيف ُيوص ُل المعلومة؟ وكيف ُي ِّ‬
‫درس؟‬ ‫ثم األمر الثاأ‪ُ :‬‬

‫الس ْم َت والدَّ َّل َ‬


‫والهدْ ي ‪‬‬ ‫أن شيخنا الشيخ ابن ُع َث ْي ِمين ‪ ‬تعالى ً‬
‫فعال استفدنا منه َّ‬ ‫وأذكُر َّ‬
‫يحضر درس يقول‪:‬‬ ‫واألخالق ‪ ، ‬واستفدنا منه طريقة التعليم‪ ،‬حتى َّ‬
‫إن البعض أحيانًا ُ‬
‫ألن هذ هي طريقة الشيخ‪.‬‬‫هذا أكيد من طلبة الشيخ ابن ُع َث ْي ِمين‪َّ .‬‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪22‬‬

‫ادس‬ ‫ِ‬
‫الس ُ‬
‫المعقدُ َّ‬
‫َ‬
‫هم‬ ‫رعاية فنونه يف األَ ْخذ ِ‬
‫فالم ِّ‬
‫األهم ُ‬
‫ِّ‬ ‫وتقديم‬
‫[ص ْيد خاطر ]‪« :‬جمع العلوم ممدوح»‪.‬‬
‫الج ْوزي يف َ‬
‫قال ابن َ‬
‫لع على األسـ ِ‬
‫ـــرار‬ ‫تجه ـ ْل بــه ** فـ ُ‬
‫ـالح ُّر ُم َّط ط‬ ‫من ُك ـ ِّل ف ٍّن ُخ ـ ْذ وال َ‬

‫ِ‬
‫شيخ شيوخنا محمد بن مان ٍع يف [إرشاد ال ُط َّالب]‪« :‬وال ينبغي للفاضل أن يرتُك ً‬
‫علما من العلوم‬ ‫ويقول ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قو ًة على تع ُّلمه‪ ،‬وال َي ُسوغ له أن َيع َ‬
‫يب‬ ‫ين على َف ْهم الكتاب ُّ‬
‫والسنَّة إذا كان يعلم من نفسه َّ‬ ‫النافعة التي ُتع ُ‬
‫ينبغي له أن يتك َّلم ٍ‬
‫بعلم أو يس ُكت‬ ‫فإن هذا نقص ورذيلةط؛ فالعاقل ِ‬ ‫زر َي بعالِمه؛ َّ‬
‫العلم الذي َيجهله و ُي ِ‬
‫ط‬
‫دخ َل تحت قول القائل‪:‬‬ ‫وإال َ‬
‫لم َّ‬ ‫ِ‬
‫بح ٍ‬

‫ُ‬
‫سهل‬ ‫يعرفه َّن‬
‫ُ‬ ‫ليس‬ ‫هال ** علو ًما‬
‫َج ً‬ ‫ذ َّم‬ ‫سهال‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫أتانِي‬

‫ُ‬
‫سهل‬ ‫بالجهل‬ ‫الرضا‬
‫ِّ‬ ‫قالها ** ولك َّن‬ ‫ما‬ ‫قراها‬ ‫لو‬ ‫علو ًما‬

‫انتهى كالمه‪.‬‬
‫وإنَّما تنفع رعاية فنون العلم باعتماد أص َل ْين‪:‬‬
‫المتع ِّلم يف القيا ِم بوظائف العبود َّية هلل‪.‬‬ ‫‪ ‬أحدهما‪ِ :‬‬
‫مما يفتقر إليه ُ‬ ‫فالمهم َّ‬
‫ِّ‬ ‫األهم‬
‫ِّ‬ ‫تقديم‬
‫كل ف ٍّن حتَّى إذا استكمل أنواع العلوم‬ ‫ٍ‬
‫مختصر يف ِّ‬ ‫ِ‬
‫تحصيل‬ ‫‪ ‬واآلخر‪ :‬أن يكون َق ْصد يف َّأول طلبه‬

‫النَّافعة‪َ ،‬ن َظ َر إلى ما وا َف َق طبعه منها‪ ،‬وآن ََس من نفسه ُقدر ًة عليه‪َّ ،‬‬
‫فتبحر فيه‪ ،‬سوا طء كان فناا واحدً ا أم أكثر‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫يعني‪ :‬هذا هو األصل‪َّ :‬‬


‫أن اسننسان إذا بدأ يف طلب العلم أنت ُيقدِّ م األهم فالمهم‪.‬‬
‫ودرايةً؛ فهذا طيب‪ ،‬يبدأ ِ‬
‫بحفظ‬ ‫إذا قلنا‪ :‬يبدأ بكتاب اهلل ‪ِ ‬حف ًظا‪ ،‬وإذا استطاع َفهما ودراس ًة ِ‬
‫ِّ‬ ‫ْ ً‬
‫باألهم ثم المهم‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫كتاب اهلل ‪‬؛ فيبدأ‬
‫‪23‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫فيبدأ ب ُكتب العقيدة التي اخرتناها لكم اآلن إن شاء اهلل تعالى ‪-‬ستأتيكم إن شاء اهلل تعالى يف هذ الدورة‬
‫المباركة‪ ،-‬المهم أن يختار ال ُكتب المهمة‪ ،‬األهم ثم المهم بعد ذلك‪.‬‬

‫مختصرا من كل ف ٍّن‪ ،‬ما يبدأ بالعلوم الكبار‪ ،‬ما يبدأ بــ‬


‫ً‬ ‫ثم كذلك يكون َق ْصد يف طلبه للعلم أن ُ‬
‫يأخذ‬
‫[المغنِي] البن ُقدامة‪ ،‬أو [المبسوط] أو [المجموع]‪ ،‬أو غيرها من ال ُكتُب؛ وإنَّما‬ ‫مثال‪ ،‬أو ُ‬‫[ َفتْح الباري] ً‬
‫ٍ‬
‫بمختصرات يف ِّ‬
‫طوالت‪ .‬نعم!‬ ‫كل ف ٍّن‪ ،‬حتى إذا َض َب َطها بعد ذلك له أن ينتقل إلى ُ‬
‫الم َّ‬ ‫يبدأ‬

‫المتن‪:‬‬

‫ومن ط َّيار ِشعر الشناقطة قول أحدهم‪:‬‬

‫تمم ْه ** وعن ِسوا قبل االنتهاء َم ْه‬ ‫ِ‬


‫وإن ُت ِرد تحصيل ٍّ‬
‫فن ِّ‬
‫يخرجا‬
‫ُ‬ ‫** إن توأمان استبقا لن‬
‫المن ُْع جا‬
‫ويف ترا ُدف العلوم َ‬

‫الشرح‪:‬‬
‫ِ‬
‫نعم‪ ،‬يقول‪( :‬إن ُت ِرد تحصيل ف ٍّن ِّ‬
‫تمم ْه)؛ يعني‪ :‬اضبطه وال ُتدخل عليه غير ‪.‬‬

‫علم على ٍ‬
‫علم‪ ،‬ال يشغ ُلك‬ ‫ُف عن ِسوا قبل أن ُتتِ َّمه حتى ال ُ‬
‫يدخل ط‬ ‫(وعن ِسوا قبل االنتهاء َم ْه)؛ يعني‪ :‬ك ّ‬
‫الثاأ عن األول‪.‬‬

‫المنْ ُع)؛ ُمن ِ َع لماذا؟ قال‪ :‬كالتوأ َم ْين‪ ،‬ال بد يخرج واحد واحد‪ ،‬ما‬ ‫ثم م َّثل ً‬
‫مثاال؛ قال‪( :‬ويف ترا ُدف العلوم َ‬
‫يخرجوا مع بعض‪ ،‬ال بد واحد واحد‪ ،‬كذلك العلم ُخذ واحدً ا ثم واحدً ا وال ُ‬
‫تأخذهما م ًعا‪ .‬نعم!‬ ‫ُ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪24‬‬

‫المتن‪:‬‬

‫ف من نفسه ال ُقدر َة على َ‬


‫الج ْمع َج َمع‪ ،‬وكانت حاله استثنا ًء من العموم‪.‬‬ ‫و َمن َع َر َ‬

‫الشرح‪:‬‬
‫قوة يف ِ‬
‫الح ْفظ؛ يعني‪ :‬يكون متم ِّي ًزا‪ ،‬هذ حاالت ال أقول‪:‬‬ ‫نعم‪ ،‬بعض الناس ‪-‬هذ استثناءات‪ -‬يكون ذا ٍ‬

‫نادرة‪ .‬لكن قليلة جدا ا‪.‬‬

‫تم األول‪.‬‬ ‫علما على ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فاألصل‪َّ :‬‬


‫علم حتى ُي َّ‬ ‫أن اسننسان ال ُيدخل ً‬

‫يحضر أكثر من‬


‫وقت واحد‪ ،‬أن ُ‬‫لكن بعض الناس قد يكون عند من ال ُقدرة أن يجمع أكثر من علم يف ٍ‬
‫متن يف ٍ‬
‫وقت واحد؛ هذ ُقدرات؛ لكن نحن نتك َّلم عن عا َّمة الناس‪ ،‬عامة طلبة العلم أن يبدأ ٍ‬
‫بعلم ثم‬
‫آخر؛ خاص ًة عندما نقول‪ :‬يف ابتداء الطلب‪.‬‬

‫وحتى ال َي َم ّل إذا تداخ َل ْت العلوم عليه قد ينفجر ثم يقول‪ :‬بس يكفي خالص‪ .‬فيرتُك الجميع‪.‬‬

‫فلذلك النبي ‪ ‬يقول‪« :‬إِ َّن ا ْل ُمنْ َب َّت َال َأ ْر ًضا َق َط َع‪َ ،‬و َال َظ ْه ًرا َأ ْب َقى»؛ ولذلك اسننسام ُ‬
‫يأخذ‬
‫بالتدرج‪ .‬نعم!‬
‫ُّ‬ ‫األمور‬
‫‪25‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫الساب ُع‬ ‫ِ‬


‫المعقدُ َّ‬
‫َ‬
‫الصبا َّ‬
‫والشباب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المبادرة إلى تحصيله‪ ،‬واغتنام س ِّن ِّ‬
‫ُ‬
‫فس َقط»‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫هت الشباب َّإال بشيء كان يف ك ُِّمي َ‬‫قال أحمد‪« :‬ما ش َّب ُ‬
‫وأقوى تع ُّل ًقا و ُلصو ًقا‪.‬‬
‫س‪َ ،‬‬ ‫والعلم يف ِس ِّن الشباب أسرع إلى النف ِ‬

‫الصغر كالنَّقش يف الحجر»‪.‬‬


‫قال الحسن البصري‪« :‬العلم يف ِّ‬
‫وح ِمدَ عند َم ِشيبه‬
‫فمن اغتن ََم شبابه نال ْإر َبه‪َ ،‬‬
‫كقوة بقاء النَّقش يف الحجر‪َ ،‬‬
‫الصغر‪َّ ،‬‬
‫فقوة بقاء العلم يف ِّ‬
‫َّ‬
‫ُسرا ‪.‬‬
‫الس َرى‬ ‫َأ َال اغتنِم ِسن الشباب يا َفتَى ** عند ِ‬
‫المشيب َي ْح َمدُ القوم ُّ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫لما خرج من العراق‬ ‫ِ‬


‫الس َرى»؛ قالها خالد بن الوليد ‪َّ ‬‬
‫حمد القوم ُّ‬
‫هذ حكمة عند العرب‪ ،‬وهي « َي َ‬
‫وس َل َك طري ًقا صع ًبا‪ ،‬فقال له الذي أرشد إلى الطريق‪:‬‬
‫إلى الشام لنجدة المسلمين يف معركة اليرموك َ‬
‫إن وص ْل َت إلى الشجرة الفالنية يف اليوم الفالأ فقد نجو َت ونجا من مع َك‪ ،‬وإن لم ِ‬
‫تص ْل َهل ْك َت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫وأه َل ْك َت َمن َ‬
‫معك‪.‬‬

‫ففي اليوم الفالأ هذا ُهم ناموا ثم أصبحوا ر َأى شجرة؛ قال‪ :‬ما هذ الشجرة؟ قالوا‪ :‬هذ كذا‪ .‬فإذا هي‬

‫الشجرة التي قال له‪ :‬إن وص ْل َت ينجو‪ ....‬قال‪« :‬عند الصباح َيحمد القوم َّ‬
‫الس َرى»؛ يعني‪ :‬إذا أصبحوا‬
‫الم ْش َي الذي َم َش ْو ُ ‪.‬‬
‫يحمدُ ون َ‬

‫(سر ْي َت) إذا َ‬


‫مش ْي َت يف الليل‪ .‬نعم!‬ ‫الم ْشي يف الليل‪ ،‬نقول‪َ :‬‬
‫الس َرى هو‪َ :‬‬
‫َّ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪26‬‬

‫المتن‪:‬‬

‫أن الكبير ال يتع َّلم؛ بل هؤالء أصحاب رسول اهلل ‪ ‬تع َّلموا ً‬
‫كبارا‪َ .‬ذك ََر‬ ‫مما َس َبق َّ‬
‫وال ُي َتو َّهم َّ‬
‫البخاري يف «كتاب العلم» من [صحيحه]‪.‬‬
‫ُّ‬

‫الماوردي يف [أدب الدُّ نيا والدِّ ين] ‪ -‬لكثرة َّ‬


‫الشواغل‪ ،‬وغلبة‬ ‫ُّ‬ ‫يعسر التَّع ُّلم يف الكِ َبر ‪-‬كما ب َّينَه‬
‫وإنَّما ُ‬
‫أدر َك العلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فمن َقد َر على َد ْفعها عن نفسه َ‬‫القواطع‪ ،‬وتكا َثر العالئق‪َ ،‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬هذا ك ُّله يف بيان أهمية العلم يف ِّ‬


‫الص َغر؛ يعني‪ :‬اسننسان يكون عند فراغ‪ ،‬إذا ك ُب َر وصار عند زوجة‪،‬‬
‫ِ‬
‫ينشغل عن طلب العلم‪ ،‬ال تكون أوقاته كأوقات الشباب أبدً ا؛‬ ‫وصار عند أوالد‪ ،‬وصار عند عمل؛‬
‫ولذلك يستثمر اسننسان وقت الشباب َقدْ ر ما يستطيع‪ .‬نعم!‬
‫‪27‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫الم ْع ِقدُ الثَّام ُن‬


‫َ‬
‫لزوم التَّأنِّي يف طلبه‪ ،‬و َت ْرك العجلة‬
‫وإن للعلم فيه ثِ َق ًال كثِ َقل الحجر‬ ‫إن ِ‬
‫تحصيل العلم ال يكون ُجمل ًة واحدةً؛ إذ القلب َيض ُعف عن ذلك‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬

‫يف يد حامله‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱡﱖﱗﱘﱙﱚﱠ [سورة المزمل‪ ،‬اآلية‪]5:‬؛ أي‪ :‬القرآن‪.‬‬

‫يسر كما قال تعالى‪ :‬ﱡﲎﲏﲐ ﲑﱠ [سورة القمر‪ ،‬من اآلية‪]17:‬؛ فما‬
‫الم َّ‬
‫وإذا كان هذا َو ْصف القرآن ُ‬
‫الظ ُّن بغير من العلوم؟‬

‫وقد َو َق َع تنزيل القرآن رعاي ًة لهذا األمر ُمن ََّج ًما ُم َف َّر ًقا باعتبار الحوادث والنَّوازل كما قال تعالى‪ :‬ﱡﲾ‬

‫[سورة الفرقان‪،‬‬ ‫ﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﱠ‬


‫اآلية‪.]32:‬‬
‫والتدرج فيه‪ ،‬و َت ْرك العجلة‪ .‬كما َذك ََر الخطيب البغدادي‬
‫ُّ‬ ‫وهذ اآلية ُح َّج طة يف لزوم التأنِّي يف طلب العلم‪،‬‬
‫والمتف ِّقه]‪ ،‬والراغب األصفهاأ يف مقدِّ مة [جامع التفسير]‪.‬‬
‫يف [الفقيه ُ‬
‫ومن ِشعر ابن الن ََّّحاس الحلبي قوله‪:‬‬

‫مثله ** من نُخب العلم التي ُت ْل َت َق ْط‬ ‫وغدً ا‬ ‫شي طء‬ ‫اليوم‬

‫الس ْيل اجتماع النُّ َق ْط‬


‫َّ‬ ‫ً ** وإنَّما‬
‫حكمة‬ ‫هبا‬ ‫المرء‬ ‫حصل‬
‫ُي ِّ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫ثقيال يف البداية‪ ،‬يش ُعر اسننسان بثِ َقل العلم (محفوظات‪ ،‬وكالم جديد‪ ،‬و ُي ِعيد‬
‫نعم‪ ،‬العلم قد يكون ً‬
‫ِ‬
‫يستخسر ال‬ ‫و ُيراجع‪ ،‬ويكتُب‪ ،‬ويسأل و ُيس َأل‪ ،‬وغير ذلك)؛ لكن بعد ذلك يصير ُمتعة بحيث َّ‬
‫إن اسننسان‬
‫حريصا على طلب العلم كما س َيذكُر‬
‫ً‬ ‫أقول يو ًما‪ ،‬وال ساعة؛ بل دقيقة ُيض ِّيعها وهو ال يط ُلب العلم؛ فيصير‬
‫اهلل َت َعا َلى‪ .‬نعم!‬ ‫ِ‬
‫المؤلف َحف َظ ُه ُ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪28‬‬

‫المتن‪:‬‬

‫َّدرج‪:‬‬
‫قتضى لزوم التأنِّي والت ُّ‬
‫و ُم َ‬
‫واستشراحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫المصنَّفة يف فنون العلم ِحف ًظا‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬البداء ُة بالمتون الق َصار ُ‬
‫والم ْي ُل عن ُمطالعة ال َّ‬
‫مطوالت التي لم يرتفع ال َّطالب بعدُ إليها‪.‬‬ ‫‪َ ‬‬
‫وتجاوز االعتدال يف العلم ر َّبما أ َّدى إلى تضييعه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫المطوالت فقد يجنِي على ِدينه‪،‬‬
‫َّ‬ ‫تعرض للنَّظر يف‬ ‫و َمن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن بدائع الح َكم قول عبد الكريم ِّ‬
‫الرفاعي ‪-‬أحد شيوخ العلم بدمشق َّ‬
‫الشام يف القرن الماضي‪:-‬‬
‫الصغار»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سم ِّ‬
‫«طعا ُم الكبار ُّ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫بصغار العلم قبل ِكبار ؛ ألنَّه لو بدأ بالكبار َل َضاع واستث َق َل واستش َك َل‪ ،‬ثم بعد‬
‫نعم‪ ،‬ولذا يبدأ اسننسان ِ‬

‫ذلك قد يؤ ِّدي إلى َت ْرك الطلب‪ .‬نعم!‬


‫‪29‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫الم ْع ِقدُ التَّاس ُع‬


‫َ‬
‫تحم ًال وأدا ًء‬
‫الصبْر يف العلم ُّ‬
‫َّ‬
‫طلب المعالِي‪ :‬تصبِ ُيرها‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫تتحم ُل به الن ُ‬
‫َّفس‬ ‫َّ‬ ‫شيء‬ ‫بالصرب‪ ،‬وأع َظم‬
‫درك َّإال َّ‬ ‫إذ ُّ‬
‫كل جلي ٍل من األمور ال ُي َ‬
‫ِ‬
‫ولتحصيل كماله تار ًة‬ ‫ِ‬
‫لتحصيل أصل اسنيمان تارةً‪،‬‬ ‫مأمورا هبما‬ ‫والمصابرة‬
‫ً‬ ‫الصرب ُ‬
‫عليه؛ ولهذا كان َّ‬

‫أخرى‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﱡﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽﱠ [سورة آل عمران‪ ،‬من اآلية‪ ،]200:‬وقال تعالى‪:‬‬

‫ﱡﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱡﱠ [سورة الكهف‪ ،‬من اآلية‪.]28:‬‬


‫قال يحيى بن أبي كثير يف تفسير هذ اآلية‪« :‬هي مجالس الفقه»‪.‬‬

‫العلم َّإال َّ‬


‫بالصرب‪.‬‬ ‫َ‬ ‫حصل أحدط‬
‫ولن ُي ِّ‬
‫أيضا‪« :‬ال يستطاع العلم براحة ِ‬
‫الجسم»‪.‬‬ ‫قال يحيى بن أبي كثير ً‬
‫ُ‬

‫درك َّ‬
‫لذة العلم‪.‬‬ ‫معرة الجهل‪ ،‬وبه ُت َ‬
‫خرج من َّ‬
‫فبالصرب ُي َ‬
‫َّ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫تعب لذيذ إذا استش َع َر اسننسان‬ ‫نعم‪ ،‬يعني‪ :‬ال ينال اسننسان العلم براحة ِ‬
‫الجسم أبدً ا؛ ال بد تتعب؛ ولكنَّه ط‬
‫األجر عند اهلل ‪ ،‬واستش َع َر بعد ذلك ال َف ْرق الذي سيكون بينه وبين عامة الناس حيث َر َف َعه اهلل‬

‫‪ ‬هبذا العلم‪ ،‬وحيث إنَّه يع ُبد اهلل ‪ ‬على بصيرة ﱡﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷ‬

‫نسى‬ ‫وجهدط يسير ُ‬


‫يبذله اسننسان يف هذ الحياة ثم ُي َ‬ ‫فتعب قليل ُ‬
‫ط‬ ‫ﱸﱹﱺ ﱻﱠ [سورة يوسف‪ ،‬من اآلية‪]108:‬؛‬

‫يستحق أن ُيرتَك هذا التعب إذا َعلِ َم اسننسان ماذا س ُي ِّ‬


‫حصل بعد ذلك يف‬ ‫ّ‬ ‫نسى‪ ،-‬ال‬
‫‪-‬أي‪ :‬هذا التعب ُي َ‬
‫مستقبله من ال ُق ْرب إلى اهلل ‪‬؟ ﱡﱔ ﱕﱖﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ‬

‫ﱞﱟﱠ [سورة آل عمران‪ ،‬من اآلية‪]18:‬؛ َق َر َن شهادته بشهادته وشهادة المالئكة‪.‬‬


‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪30‬‬

‫فلذلك اسننسان ال يمتنع عن هذا التعب‪ ،‬اتعب قليل يف طلب العلم وتحصيله‪ ،‬ثم بعد ذلك ستعرف‬
‫قِيمة ما تع ْب َت ألجله‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬

‫وصرب العلم نوعان‪:‬‬

‫تحمله و َأ ْخذ ؛ فالحفظ يحتاج إلى صربٍ‪ ،‬وال َف ْهم يحتاج إلى صربٍ‪ ،‬وحضور‬
‫‪ ‬أحدهما‪ :‬صربط يف ُّ‬
‫حق َّ‬
‫الش ْيخ تحتاج إلى صرب‪.‬‬ ‫مجالس العلم يحتاج إلى صرب‪ ،‬ورعاية ِّ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬كل هذ تحتاج إلى صرب‪:‬‬


‫( ِ‬
‫الحفظ يحتاج إلى صرب)؛ إعادة وتكرار‪ ...‬إعادة وتكرار‪ ...‬إعادة وتكرار؛ حتى تحفظ‪.‬‬

‫(وال َف ْهم)؛ كذلك (يحتاج إلى صرب)؛ مسألة تقرأها فال تفهمها؛ اقرأها مر ًة ثانية‪ ...‬مرة ثالثة‪ ...‬مرة‬
‫رابعة‪َّ ...‬‬
‫لعل اهلل أن يفتح عليك وتفهمها‪.‬‬

‫(حضور مجالس العلم يحتاج إلى صرب)؛ غيرك يف مثل ِسنِّك من أقرانك‪ ،‬من إخوانك‪ ،‬من أصدقائك‬
‫يلعبون ويمرحون وأنت تذهب إلى ِ‬
‫تحصيل العلم؛ فتش ُعر أ َّنهم َف ِرحوا أكثر منك؛ لكن يف النهاية ستفرح‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أنت أكثر منهم‪ ،‬و َمن َف ِر َح يف النهاية َف ِر َح أكثر‪.‬‬

‫فالقصد‪َّ :‬‬
‫أن حتى مجالس العلم اسننسان يصرب عليها‪ ،‬يصرب على تحصيل العلم فيها‪.‬‬

‫ألن الشيوخ بشر الذين تتل َّقى منهم بشر كسائر البشر‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫الشيْخ تحتاج إلى صرب)؛ َّ‬
‫حق َّ‬
‫كذلك (رعاية ِّ‬
‫المراس‪ ،‬أن يكون َخ ِش َن التعا ُمل؛ هذ أطباع يف الناس؛ لكن ما عند‬
‫قد يكون يف بعضهم ِغلظة‪ ،‬صعب ِ‬

‫ُحصل ما عند ‪.‬‬


‫نتحمل ما فيه ألجل أن ن ِّ‬
‫َّ‬ ‫من العلم ُيص ِّبرنا عليه‪،‬‬
‫‪31‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫(ع ِسر)‬
‫ألن بعض المع ِّل ِمين قد يكون هو طبيعته هكذا َ‬
‫يتحمل هذا‪ ،‬يصرب على أذى مع ِّلمه؛ َّ‬
‫َّ‬ ‫فاسننسان‬

‫فتصرب على ما عند من العسارة حتى ُت ِّ‬


‫حصل ما عند من العلم‪.‬‬

‫وص ْبرهم على طلب العلم عند وجود النَّكد أو األذى من‬
‫و َمن قرأ طريقة السلف ‪َ  ‬‬
‫ب ال ُعجاب‪.‬‬
‫العج َ‬ ‫المع ِّل ِمين منن الشيوخ َ‬
‫رأيت َ‬ ‫ُ‬

‫وممن ُذكِ َر عنه ذلك األعمش ‪ ‬تعالى فكان شديدً ا على الطلبة‪ ،‬ومع هذا ألنَّه كان وعا ًء للعلم‬
‫َّ‬
‫يخرج إليهم أحيانًا فال‬
‫ويتحملون ما عند من األذى‪ ،‬يعني‪ :‬كان ال ُ‬
‫َّ‬ ‫‪  ‬فالطلبة يأتونه‬
‫يخرج إليهم ؟؟؟ بل َذكَروا‪ :‬مر ًة أخرج لهم كل ًبا حتى ينصرفوا عنه؛ ومع هذا يأتونه ألنَّهم يجدون عند‬
‫ُ‬
‫لما‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فائدة‪ ،‬يجدون عند ع ً‬

‫ويحمد‬
‫َ‬ ‫يتحمل ِغلظة تعا ُمل شيخه‪ ،‬أو سوء أدبه‪ ،‬أو كذا ل ِ َما عند من العلم‪،‬‬
‫َّ‬ ‫فطالب العلم يجب عليه أن‬
‫اهلل أنَّه أعطا اهلل من الصرب على هذا األذى‪.‬‬

‫تصرفات غريبة بالنسبة‬


‫تصرف ثالث ُّ‬
‫ولنا يف قصة موسى ‪ ‬مع الخضر‪ ،‬وكيف أنَّه َّ‬
‫ولما َقت ََل ال ُغالم‪َّ ،‬‬
‫ولما َبنَى الجدار؛ ومع هذا َص َب َر موسى‬ ‫لما َخ َر َق السفينة‪َّ ،‬‬
‫لموسى ‪َّ ‬‬
‫‪ ،‬صحيح أن َك َر عليه هذ األشياء؛ لكن لم يمتنع عن ُمالزمته إلى أن قال له الخضر‬

‫أردت أن ُ‬
‫تأخذ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪ :‬ﱡﱶﱷﱸﱹﱠ [سورة الكهف‪ ،‬من اآلية‪]78:‬؛ ْ‬
‫أخذ َت اللي‬
‫يبذله‪ ،‬على الوقت الذي ِ‬
‫يقضيه‪ ،‬على الشيخ الذي‬ ‫الج ْهد الذي ُ‬ ‫فال َق ْصد إ ًذا‪َّ :‬‬
‫أن اسننسان يصرب على ُ‬
‫ُيؤذيه‪ ....‬وهكذا‪ .‬نعم!‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪32‬‬

‫المتن‪:‬‬

‫للمتع ِّل ِمين يحتاج إلى صربٍ‪ ،‬وإفهامهم‬ ‫ِ‬


‫‪ ‬والن َّْوع الثَّاأ‪ :‬صربط يف أدائه وب ِّثه وتبليغه إلى أهله؛ فالجلوس ُ‬
‫يحتاج إلى صربٍ‪ ،‬واحتمال َّ‬
‫زالهتم يحتاج إلى صرب‪.‬‬
‫الصرب فيهما‪ ،‬وال َّثبات عليهما‪.‬‬
‫الصرب على َّ‬ ‫وفوق َ‬
‫هذ ْين النَّو َع ْين من صرب العلم‪َّ :‬‬
‫بات‬
‫الر جال ث ُ‬
‫عزيز يف ِّ‬ ‫لكـ ٍّـل إلى َشـــــ ْأ ِو ال ُع َال و َث َب ـ ُ‬
‫ات ** ولكن ط‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬يعني‪ :‬اآلن أنت تع َّل ْم َت العلم وصرب َْت؛ اآلن ُ‬


‫ابذله‪ ،‬اآلن ُ‬
‫تبذل العلم فتصرب على الطلبة؛ يعني‪:‬‬
‫يحضر عند طالب أو طالبان أو ثالثة أو كذا ف َي ّ‬
‫مل يقول‪ :‬أين باقي الطلبة؟‬ ‫أحيانًا بعض المشايخ يأيت ُ‬
‫ِ‬ ‫فال ي ُب ُّث العلم َّإال إذا اجتمع عند‬
‫الجم الغفير‪ ،‬وهذا من الخطأ‪ ،‬أو إنَّه إذا أخطأ أحدهم َغض َ‬
‫ب ولم‬ ‫ُّ‬
‫ُيع ِّلم‪ ،‬أو ما شا َبه ذلك من األمور‪.‬‬

‫ْت على التع ُّلم اصرب على التعليم بعد ذلك‪ ،‬كيف ُّ‬
‫تبث هذا العلم‪ ،‬وتصرب على أذى‬ ‫فأيضا كما أنَّك صرب َ‬
‫ً‬
‫الناس ومشكالهتم‪ ،‬وطريقة تعا ُملهم؟ والناس كما قلنا‪ :‬أصناف ُم َّنوعة‪ .‬فاصبِر على أذى الناس وأنت‬
‫ْت وأنت تتع َّلم العلم‪.‬‬
‫ُتع ِّلم العلم كما صرب َ‬

‫لكل إلى َش ْأ ِو ال ُع َال و َث َب ُ‬


‫ات)؛ وعند التع ُّلم ال بد من الثبات‪ .‬نعم!‬ ‫ولذلك قال المؤ ِّلف هنا‪ٍّ ( :‬‬
‫‪33‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫العاشر‬
‫ُ‬ ‫الم ْع ِقدُ‬
‫َ‬
‫ُمالزمة آداب العلم‬
‫السالِكِين]‪« :‬أدب المرء عنوان سعادته وفالحه‪ ،‬وقِ َّل ُة أدبه عنوان شقاوته‬‫قال ابن الق ِّيم يف كتابه [مدارج َّ‬
‫ب حرماهنما بمثل قِ َّلة األدب»‪.‬‬ ‫ب خير الدُّ نيا واآلخرة بمثل األدب‪ ،‬وال است ُْجلِ َ‬
‫و َبوار ‪ ،‬فما استُجلِ َ‬
‫ب ون ََســـ ٍ‬
‫ب‬ ‫األدب ** وإن ي ُكن ذا َح َســـ ٍ‬
‫ِ‬ ‫والمر ُء ال يســــمو بغير‬

‫وإنَّما يص ُلح للعلم من تأ َّدب بآدابه يف نفسه ودرسه‪ ،‬ومع شيخه وقرينه‪.‬‬

‫ُ‬
‫وقليل األدب‬ ‫أهال للعلم ف ُي ُ‬
‫بذل له‪،‬‬ ‫الح َس ْين‪« :‬باألدب تفهم العلم»؛ َّ‬
‫ألن المتأ ِّدب ُي َرى ً‬ ‫قال يوسف بن ُ‬
‫عز العلم أن ُيض َّي َع عند ‪.‬‬
‫ُي ُّ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫جم األدب‬ ‫المع ِّلم الشيخ إذا رأى الطالب َّ‬ ‫يلزم باب األدب يف تع ُّلم العلم؛ َّ‬
‫ألن حتى ُ‬ ‫نعم‪ ،‬يعني‪ :‬اسننسان َ‬
‫يفرح به‪ ،‬و َيس َعد وهو يعطيه العلم؛ والعكس صحيح إذا رآ قليل األدب َن َف َر منه‪ ،‬ولم ُي ِعه َّإال الن َّْذ َر‬
‫اليسير من العلم‪.‬‬

‫فاسننسان يحرص على أن يتأ َّدب‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬

‫يهتمون بتع ُّلم العلم‪.‬‬


‫ومن هنا كان السلف ‪ ‬تعالى يعتنون بتع ُّلم األدب كما ُّ‬
‫إن طائف ًة منهم ُيقدِّ مون تع ُّلمه على تع ُّلم‬
‫الهدْ َي كما يتع َّلمون العلم»‪ ،‬بل َّ‬
‫قال ابن سيرين‪« :‬كانوا يتع َّلمون َ‬
‫العلم‪.‬‬

‫قال مالك بن أنس لفتًى من قريش‪« :‬يا ابن أخي‪ ،‬تع َّلم األدب قبل أن تتع َّل َم العلم»‪.‬‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪34‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫حريصا على تع ُّلم األدب أكثر من‬


‫ً‬ ‫جالس ُت مال ًكا عشرين سنة ف ُك ُ‬
‫نت‬ ‫ْ‬ ‫وذك ََر عبد اهلل بن وهب يقول‪:‬‬
‫ِح ِ‬
‫رصي على تع ُّلم العلم‪ .‬فاسننسان يحرص على أن يتع َّلم األدب من العلماء‪ُ ،‬‬
‫ويأخذ منهم ذلك أل َّنه‬
‫بعد ذلك سيصير هو أحد العلماء‪.‬‬

‫وكل العلماء كانوا طلبة‪ ،‬كانوا يف يوم من األيام طلبة ثم بعد ذلك تع َّلموا واجتهدوا فصاروا علماء ُيشار‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫لتحصيل العلم الذي عندهم‪ .‬نعم!‬ ‫إليهم بال َبنان‪ ،‬ويس َعى إليهم الناس‬

‫المتن‪:‬‬

‫وكانوا ُي ِ‬
‫ظهرون حاجتهم إليه‪.‬‬
‫أحو ُج منَّا إلى ٍ‬
‫كثير من العلم»‪.‬‬ ‫كثير من األدب َ‬ ‫المبارك يو ًما‪« :‬نحن إلى ٍ‬ ‫بن ال ُح َس ْين البن ُ‬‫قال َم ْخ َلد ُ‬
‫رشدون إليه‪.‬‬ ‫وكانوا يوصون به‪ ،‬وي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫مالك ‪« :‬كانت ُأ ِّمي ُت َع ِّم ُمنِي‪ ،‬وتقول لي‪ :‬اذهب إلى ربيع َة ‪-‬تعنِي‪ :‬ابن عبد الرحمن فقيه أهل‬ ‫قال ط‬
‫المدينة يف زمنه‪ -‬فتع َّل ْم من أدبه قبل ِعلمه»‪.‬‬

‫الشرح‪«:‬ربيعة الرأي»؛ هذا «ربيعة الرأي» شيخ اسنمام مالك‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬وإنَّما ُح ِر َم ط‬
‫كثير من طلبة العصر العلم بتضييع األدب‪.‬‬
‫ف ال َّلي ُث بن ٍ‬
‫سعد على أصحاب الحديث؛ فر َأى منهم شي ًئا كأ َّن ُه ك َِر َه ُه‪ ،‬فقال‪« :‬ما هذا؟! أنتُم إلى‬ ‫شر َ ْ‬ ‫أ َ‬
‫كثير من العلم»؛ فماذا يقول ال َّل ْي ُث لو رأى حال ٍ‬
‫كثير من ُط َّالب العلم‬ ‫أحو َج منكم إلى ٍ‬ ‫ٍ‬
‫يسير من األدب َ‬
‫يف هذا العصر؟! الشرح‪ :‬اهلل المستعان! نعم!‬
‫‪35‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫الم ْع ِقدُ الحادِ َي عشر‬


‫َ‬
‫ِ‬
‫ويخرمها‬ ‫مما ُيخال ِ ُ‬
‫ف المروء َة‬ ‫ِ‬
‫عما َيشي ُن َّ‬ ‫ِ‬
‫العلم َّ‬ ‫صيان ُة‬
‫أخل بالمروءة بالوقوع فيما َي ِشين فقد‬ ‫« َمن لم َي ُص ِن العلم لم ُ‬
‫يصنْ ُه العلم»‪ .‬قاله الشافعي ‪ ،‬و َمن َّ‬
‫ف بالعلم‪ ،‬فلم يع ِّظمه وو َقع يف البطالة؛ فت ِ‬
‫ُفضي به الحال إلى زوال اسم العلم عنه‪.‬‬ ‫َ‬
‫استخ َّ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫قال َو ْهب بن ُمن ِّبه‪« :‬ال يكون الب َّطال من ُ‬
‫الحكماء»‪.‬‬

‫[المحرر]‪ ،‬و َتبِ َعه حفيد يف بعض فتاويه‪.‬‬ ‫ِ‬


‫وجماع المروءة كما قال ابن تيم َّية الجدُّ يف‬
‫َّ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫الجدُّ )؛ اللي هو‪ :‬أبو الربكات بن تيمية‪ ،‬صاحب [ ُمن َت َقى األخبار]‪ ،‬وحفيد ابن تيمية شيخ اسنسالم‪،‬‬
‫( َ‬
‫وهي عائلة ك ُّلها علماء‪ ،‬هذ العائلة ُ‬
‫المباركة‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬

‫ُّب ما ُيدنِّسه و َي ِشينه»‪.‬‬


‫جمله و َي ِزينه‪ ،‬وتجن ُ‬
‫يف بعض فتاويه‪« :‬استعمال ما ُي ِّ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬بعض العلماء كان عند من العلم؛ لكن من كثرة خوارم المروءة عند َت َركهم الناس‪ ،‬ولم يحرصوا‬
‫على طلب العلم عندهم‪.‬‬

‫فلذلك اسننسان ُيز ِّين نفسه مع العلم باألدب والمروءة‪ ،‬وما شا َبه ذلك من مكارم األخالق‪ .‬نعم!‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪36‬‬

‫المتن‪:‬‬
‫ٍ‬
‫شيء؛ فأين المروءة فيه؟ فقال‪« :‬يف قوله‬ ‫استنبطت من القرآن َّ‬
‫كل‬ ‫َ‬ ‫قِيل ألبي محمد ُسفيان ِ‬
‫بن ُع َي ْينة‪ :‬قد‬

‫تعالى‪ :‬ﱡﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱠ [سورة آل عمران‪ ،‬من اآلية‪]199:‬؛ ففيه المروءة‪ُ ،‬‬


‫وح ْسن‬
‫األدب‪ ،‬ومكارم األخالق»‪.‬‬
‫حمل عليها‪ ،‬وتن ُّكبه خوارمها التي ُت ِ‬
‫خ ُّل هبا كــ‪:‬‬ ‫ومِن َأ ْل َز ِم أدب النفس لل َّطالب‪ :‬تح ِّليه بالمروءة وما ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪َ -‬ح ْلق لِحيته‪.‬‬
‫‪ -‬أو كثرة االلتفاف يف الطريق‪.‬‬
‫ٍ‬
‫داعية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ضرورة‬ ‫ٍ‬
‫حاجة وال‬ ‫الرج َليْن يف َم ْج َمع الناس من غير‬
‫‪ -‬أو مدِّ ِّ‬
‫والم َّجان والب َّطالِين‪.‬‬
‫‪ -‬أو ُصحبة األراذل وال ُف َّساق ُ‬
‫والصغار‪.‬‬
‫‪ -‬أو ُمصارعة األحداث ِّ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫اهلل ‪ -‬من خوارم المروءة التي ال تلِيق بطالب العلم‪.‬‬ ‫ِ‬


‫يعني‪ :‬هذ أمثلة َذك ََرها المؤ ِّلف ‪َ -‬حف َظ ُه ُ‬
‫نعم!‬
‫‪37‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫الم ْع ِقدُ الثَّانِي عشر‬


‫َ‬
‫الصالحة له‬
‫الصحبة َّ‬
‫انتخاب ُّ‬
‫ُ‬
‫طالب العلم إلى ُمعاشرة غير من ال ُّط َّالب؛ لت ُِعينَه‬
‫ُ‬ ‫الخ ْلق‪ ،‬فيحتاج‬ ‫ا ِّتخاذ َّ‬
‫الزميل ضرور طة الزم طة يف نفوس َ‬
‫المعاشرة على تحصيل العلم واالجتهاد يف طلبه‪.‬‬
‫هذ ُ‬

‫والزمالة يف العلم إن َسلِ َم ْت من الغوائل نافع طة يف الوصول إلى المقصود‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫ينش ِغ َل مع هذا الطالب يف اللعب‪ ،‬أو يف تضييع األوقات‪ ،‬أو أحيانًا ‪-‬أبعدنا اهلل‬
‫الغوائل كثيرة‪ ،‬وهي‪ :‬أن َ‬
‫وإ َّياكم عنه‪ -‬أن يكون هناك تع ُّلق هبذا الزميل‪ ،‬أو غير ذلك من األمور‪.‬‬

‫فإذا َسلِ َم اسننسان من هذ األمور فالزمالة مهمة جدا ا‪ ،‬يكون لك صاحب‪ ،‬صديق‪ ،‬زميل‪ ،‬قرين ُي ِعينك‬
‫على طلب العلم‪ ،‬إن ِ‬
‫يت ذك ََّر َك‪ ،‬وإن َ‬
‫تكاس ْل َت َش َّج َع َك؛ فتحرصان م ًعا على طلب العلم وتحصيله‬ ‫نس َ‬
‫والمدارسة‪.‬‬

‫وكانت طلبة العلم هكذا يحضرون درس الشيخ ثم يرجعون ُيراجعون‪ ،‬يقر ُأ أحدهم على اآلخر ما‬
‫صحح أحدهما لصاحبه؛ فوجود الزمالة مهمة جدا ا يف طلب العلم‪ .‬نعم!‬ ‫ِ‬
‫َسم َعه من الشيخ‪ ،‬و ُي ِّ‬

‫المتن‪:‬‬

‫أثرا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫صالحة ُتعينه؛ َّ‬ ‫وال يحسن بقاصد العال َّإال انتخاب ص ٍ‬
‫فإن للخليل يف خليله ً‬ ‫حبة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ين َخلِيلِ ِه؛‬
‫الر ُج ُل َع َلى ِد ِ‬
‫أن النبي ‪ ‬قال‪َّ « :‬‬ ‫ِّرمذي عن أبي ُهريرة ‪َّ ‬‬ ‫ُّ‬ ‫قال أبو داود والت‬
‫خال ِ ْل»‪.‬‬‫َف ْليَنْ ُظ ْر َأ َحدُ ك ُْم َم ْن ُي َ‬
‫الراغب األصفهاأُّ‪« :‬ليس إعداء الجليس لجليسه بمقال ِ ِه وفِعاله فقط؛ بل بالنَّظر إليه»‪.‬‬ ‫يقول َّ‬

‫العدوى‪ .‬نعم!‬
‫َ‬ ‫الشرح‪ :‬إعداؤ أي‪ :‬التأثير فيه‪ ،‬من‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪38‬‬

‫المتن‪:‬‬

‫المعاشرة ُيربَم على هذ المطالب‬ ‫عاشر للفضيلة ال للمنفعة وال ل َّل َّذ ِة؛ َّ‬
‫فإن َع ْقد ُ‬
‫وإنَّما يختار للصحبة من ي ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الثالثة‪:‬‬
‫‪ o‬الفضيلة‪.‬‬
‫‪ o‬والمنفعة‪.‬‬
‫‪ o‬وال َّل َّذة‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫المعاشرة تكون بين الناس‪:‬‬


‫هكذا ُ‬
‫‪ o‬إما أن ي ِ‬
‫عاشر للفضيلة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫‪ o‬وإ َّما أن ُيعاشر للمنفعة‪.‬‬
‫‪ o‬وإما أن ي ِ‬
‫عاشر َّ‬
‫للذة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫احرص على الفضيلة‪.‬‬ ‫يقول‪ِ :‬‬

‫عامة الناس على المنفعة‪ُ .‬يصاحبه ألنَّه ينتفع به‪.‬‬

‫ويخرج معه‪ ،‬وكذا‪.‬‬


‫ُ‬ ‫يسم َر معه‬
‫ويحب أن ُ‬
‫ُّ‬ ‫أو َّ‬
‫للذة أل َّنه ُيح ُّبه ويرتاح إليه‪،‬‬

‫أو للفضيلة؛ احرص على صاحب الفضيلة الذي ِيزيدك وال ُي ُ‬


‫قصك‪ .‬نعم!‬
‫‪39‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫المتن‪:‬‬
‫ِ‬
‫زميال؛‬ ‫َذك ََر شيخ شيوخنا محمد الخضر بن حسين يف «رسائل اسنصالح»‪ ،‬فانتَخ ْ‬
‫ب صديق الفضيلة ً‬
‫ف به‪.‬‬ ‫فإنَّك ُت َ‬
‫عر ُ‬

‫السفهاء‬ ‫وقال ابن مانع يف «إرشاد ال ُّط َّالب» وهو ي ِ‬


‫وصي طالب العلم‪« :‬و َي ْح َذر َّ‬
‫كل الحذر من ُمخالطة ُّ‬ ‫ُ‬
‫الحرمان وشقاوة‬
‫سبب ُ‬
‫ُ‬ ‫السمعة واألغبياء وال ُب َلداء؛ َّ‬
‫فإن ُمخالطتهم‬ ‫وأهل المجون والوقاحة وس ِّيئي ُّ‬
‫اسننسان»‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬ولذا ينتبه بعض الناس أنَّه من باب َّ‬


‫أن عند مجلس ديوانية يجلس فيها مع إخوته أو أصدقائه أو‬
‫الجملة إن لم تكن مضيع ًة للوقت ففيها شيء من الحرام‬
‫مع أبيه‪ ،‬أو كذا‪ ،‬ويرتكون هذ المجالس يف ُ‬
‫ِ‬
‫كالغيبة والنميمة والمعاصي‪ ،‬وغير ذلك من األمور‪.‬‬

‫ف َيحذر اسننسان‪ ،‬ال ُيع ِّلق قلبه بمثل هذ المجالس ويقول‪ :‬ال أصدقائه‪ ،‬إخواأ‪ ،‬أبي‪ ،‬جدِّ ي؛ ُ‬
‫يحضر‪ ،‬ما‬
‫يسيرا‪ ،‬و ُيعطِي ُج َّل وقته لتحصيل العلم‪ ،‬ومرافقة َمن ينفعه يف اآلخرة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يحضر؛ لكن ُيعطيها شي ًئا ً‬
‫يف مانع ُ‬
‫نعم!‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪40‬‬

‫الم ْع ِقدُ الثَّالث عشر‬


‫َ‬
‫ظ العلم‪ ،‬والمذاكرة به‪ ،‬والسؤال عنه‬ ‫ب ْذل الجهد يف تح ُّف ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫وسؤال عنه؛ فهؤالء ُتح ِّقق يف قلب طالب العلم‬ ‫ٍ‬
‫ذاكرة به‪،‬‬ ‫إذ تل ِّقيه عن الشيوخِ ال ينفع بال ِح ٍ‬
‫فظ له‪ ،‬و ُم‬
‫يمه بكمال االلتفات إليه واالشتغال به‪:‬‬ ‫ِ‬
‫تعظ َ‬
‫ِ‬
‫فالحفظ‪ :‬خلو طة بالنَّفس‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫جلوس إلى القرين‪.‬‬
‫ط‬ ‫‪ o‬والمذاكرة‪:‬‬
‫‪ o‬والسؤال‪ :‬ط‬
‫إقبال على العالم‪.‬‬
‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬فإذا لم يكن كذلك ال يحفظ‪ ،‬وال يسأل‪ ،‬وال ُيدارس؛ يضيع هذا العلم حتى يث ُبت هذا العلم‪:‬‬

‫‪ -‬تحفظ‪.‬‬
‫‪ُ -‬ت ِ‬
‫دارس أصدقاءك‪ ،‬زمال َءك‪ُ ،‬قرنا َءك‪.‬‬
‫‪ -‬وتسأل‪.‬‬
‫ولذلك ال ينال العلم مستكبِر وال مستحيي‪ ،‬ولما سئِ َل ابن عباس‪ :‬بِم نِ ْل َت هذا العلم؟ قال‪« :‬ب ٍ‬
‫لسان‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ط‬ ‫ُ‬
‫لما قيل له‪ :‬بِ َم َّ‬
‫حص ْل َت هذا العلم؟ قال‪:‬‬ ‫حص ْل ُت هذا العلم»؛ واألصل أن يقول َّ‬ ‫ٍ‬
‫وقلب ع ُقول َّ‬ ‫سؤول‪،‬‬
‫«بكثرة السؤال‪ ،‬وال َغ ْوص يف المسائل»‪.‬‬

‫عما ُيشكِل عليه‪ ،‬وكذلك ُي ِ‬


‫دارس‪ ،‬وكذلك يحفظ‪ .‬نعم!‬ ‫فالسؤال ط ِّيب‪َّ ،‬‬
‫أن اسننسان يسأل مشايخه َّ‬
‫‪41‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫المتن‪:‬‬
‫يحضون على ِ‬
‫الحفظ ويأمرون به‪.‬‬ ‫ولم يزل العلماء األعالم ُّ‬
‫قليال‪ ،‬وقرأنا كثيرا؛ فانتفعنا بما ِ‬
‫حفظنا أكثر من انتفاعنا بما‬ ‫سمعت شيخنا ابن ُعثَيْ ِمين يقول‪« :‬حفظنا ً‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫قرأنا»‪.‬‬
‫ويقوى تع ُّلقه هبا‪ ،‬والمراد بالمذاكرة‪ُ :‬مدارسة األقران‪.‬‬
‫وبالمذاكرة تدوم حياة العلم يف النَّفس‪َ ،‬‬
‫بتعاهد القرآن الذي هو أيسر العلوم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقد ُأمرنا‬
‫ب ا ْل ُقر ِ‬ ‫ِ‬
‫آن‬ ‫ومسلم‪ ،‬عن ابن ُعمر ‪ ‬أ َّن رسول اهلل ‪ ‬قال‪« :‬إِن ََّما َمثَ ُل َصاح ِ ْ‬ ‫ط‬ ‫روى ال ُبخاري‬
‫َ‬
‫المع َّق َل ِة‪ ،‬إِ ْن َع َ‬
‫اهدَ َع َليْ َها َأ ْم َس َك َها‪َ ،‬وإِ ْن َأ ْط َل َق َها َذ َهبَ ْت»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ََمثَ ِل َصاحب ْاسنبِ ِل ُ‬
‫للذكْر كاسنبل ال ُمع َّق َلة َمن‬
‫يسر ِّ‬
‫الم َّ‬ ‫قال ابن عبد الرب يف كتابه [الت ِ‬
‫َّمهيد] عند هذا الحديث‪« :‬وإذا كان القرآن ُ‬
‫تعاهدَ ها أمسكها؛ فكيف بسائر العلوم؟»‪.‬‬
‫َ‬
‫المصنَّفة –كمسائل أحمد‬
‫والسؤاالت ُ‬
‫فح ْسن المسألة نصف العلم‪ُّ ،‬‬ ‫وبالسؤال عن العلم ُت ُ‬
‫فتتح خزائنه؛ ُ‬ ‫ُّ‬
‫السؤال‪.‬‬
‫جلي على عظيم منفعة ُّ‬ ‫المرو َّي ِة عنه‪ُ -‬برها ط‬
‫ن‬
‫ٌّ‬
‫قوته ويدفع آفته‪:‬‬
‫للشجر وسقيه وتنميته بما يحفظ َّ‬‫وهذ المعاأ الثالثة للعلم بمنزلة الغرس َّ‬
‫فالحفظ‪ :‬غرس العلم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪o‬‬
‫والمذاكرة‪َ :‬س ْق ُيه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪o‬‬
‫والسؤال عنه‪ :‬تنميته‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫‪o‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫تدرس السؤال وانتقاء األسئلة؛ ولذلك كان أنس يقول‪:‬‬ ‫أيضا َّ‬
‫أن انتقاء األسئلة‪ ،‬يعني‪ُ :‬‬ ‫أيضا يتن َّبه ً‬
‫ولكن ً‬
‫ِ‬
‫فنستفيد من مسألته»‪ .‬أو كمال قال‪.‬‬ ‫الرجل من األعراب الحكيم‪ ،‬فيسأل النبي‬
‫« ُيعجبنا أن يأيت ُ‬

‫أن اسننسان حتى األسئلة ُتن َت َقى حتى ُيستفاد من علم هذا العالِم‪ .‬نعم!‬
‫فالقصد‪َّ :‬‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪42‬‬

‫الرابع عشر‬ ‫ِ‬


‫الم ْعقدُ َّ‬
‫َ‬
‫إكرام أهل العلم وتوقِيرهم‬
‫للروح كما أ َّن الوالد ط‬
‫أب‬ ‫أب ُّ‬ ‫الروح‪َّ ،‬‬
‫فالشيخ ط‬ ‫منصب ط‬
‫جليل؛ ألنَّهم آباء ُّ‬ ‫ط‬ ‫عظيم‪ ،‬ومنصبهم‬‫ط‬ ‫إ َّن َف ْضل العلماء‬
‫واجب‪.‬‬
‫ط‬ ‫حق‬‫المع ِّل ِمين ٌّ‬
‫للجسد؛ فاالعرتاف ب َف ْضل ُ‬
‫سمعت منه حديثًا فأنا له عبدط »‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الحجاج‪ُّ « :‬‬
‫كل َمن‬ ‫َّ‬ ‫قال ُشعبة بن‬

‫وي فقال‪« :‬إذا تع َّلم اسننسان من العالِم واستفاد منه‬


‫علي األ ُ ْد ُف ُّ‬ ‫َ‬
‫واستنبط هذا المعنى من القرآن محمد بن ٍّ‬
‫الفوائد؛ فهو له عبدط ‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ :‬ﱡﭐﲺﲻﲼﲽﱠ [سورة الكهف‪ ،‬من اآلية‪]60:‬؛ وهو ُيوشع بن نون‪ ،‬ولم‬
‫ِ‬
‫ي ُكن مملوكًا له؛ وإنَّما كان ُم َت ْلم ًذا له‪ ،‬متَّب ًعا له؛ َ‬
‫فج َعله اهلل فتا لذلك»‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫موسى وهارون‪ ،‬وهنا اجتمع ثالثة أنبياء‪ُ :‬ي َ‬


‫وشع‪،‬‬ ‫نبي‪ُ ،‬ي َ‬
‫وشع بن نون صار نب ايا بعد ذلك‪ ،‬بعد َ‬ ‫وهو ٌّ‬
‫ات َر ِّبي َو َس َال ُم ُه َع َل ْي ِهم‪.‬‬
‫وموسى‪ ،‬وهارون َص َل َو ُ‬
‫َ‬

‫وهو الذي كان َفتْح بيت المقدس على يديه‪ ،‬فتح بيت المقدس كان على يدَ ي ُيوشع بن نون؛ وأ َّما‬
‫حيث كانا يف التِّيه أربعين سنة ُتو ِّفيا خالل هذ السنوات موسى وهارون‬
‫موسى وهارون فتُو ِّفيا يف التِّيه ُ‬

‫‪َ -‬ع َل ْي ِه َما َّ‬


‫الس َال ُم‪ ،-‬ثم تو َّلى األمر بعدهما ُي َ‬
‫وشع بن نون‪ ،‬و َفت ََح اهلل عليه‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬

‫وإعزازا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وتوقيرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫حق العلماء؛ إكرا ًما لهم‪،‬‬ ‫وقد َأ َم َر َّ‬
‫الشرع برعاية ِّ‬
‫الصامت ‪ ‬أ َّن رسول اهلل ‪ ‬قال‪َ « :‬ل ْي َس م ِ ْن ُأ َّمتِي‬ ‫[المسند] عن ُعباد َة بن َّ‬ ‫َر َوى أحمد يف ُ‬
‫ج َّل َكبِ َيرنَا‪َ ،‬و َي ْر َح َم َص ِغ َيرنَا‪َ ،‬و َي ْع ِرف ل ِ َعال ِ ِمنَا َح َّق ُه»‪.‬‬
‫م ْن َلم ي ِ‬
‫َ ْ ُ‬
‫و َن َق َل ابن حزم اسنجماع على توقِير العلماء وإكرامهم‪.‬‬
‫‪43‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫التواضع له‪ ،‬واسنقبال عليه‪ ،‬وعدم‬ ‫ُ‬ ‫يدخل تحت هذا األصل‪-‬‬ ‫المتع ِّلم ‪َّ -‬‬
‫مما ُ‬ ‫الالزم َّ‬
‫للشيخ على ُ‬ ‫فمن األدب َّ‬
‫لئال َي ِشينه‬
‫لو؛ بل ُينز ُل ُه منزلته َّ‬
‫ث عنه ع َّظمه من غير ُغ ّ‬ ‫االلتفات عنه‪ ،‬و ُمراعاة أدب الحديث معه‪ ،‬وإذا حدَّ َ‬
‫بقول أو فعلٍ‪،‬‬‫ٍ‬ ‫ؤذ ِ‬
‫ظهر االستغناء عنه‪ ،‬وال ي ِ‬ ‫من حيث أراد أن يمدحه‪ ،‬ول َيش ُكر تعليمه ويد ُع له‪ ،‬وال ُي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ف يف تنبيهه على خطئِ ِه إذا َو َق َع ْت منه ز َّلةط‪.‬‬
‫وليتل َّط ْ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫اهلل ‪« :-‬وال يغ ُلو فيه»؛ بعضهم يغلو يف مع ِّلمه‬ ‫ِ‬


‫أيضا كما قال المؤ ِّلف ‪َ -‬حف َظ ُه ُ‬
‫ويف الوقت ذاته ً‬
‫حتى إنَّه َي َرى أنَّه ال ُيخطئ‪ ،‬أو أنَّه إذا جاء استكان بين يديه‪ ،‬وغير ذلك من األمور؛ هذا ليس كذلك‪،‬‬
‫ليس هذا هو المطلوب؛ وإنَّما المطلوب التوقِير واالحرتام واألدب مع المع ِّلم‪ ،‬وليس أن يكون له‬
‫كالعبد بين يدَ ْي س ِّيد ‪ ،‬أو غير ذلك‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬
‫باختصار ِ‬
‫وجيز‪ -‬معرفة الواجب إزا َء ز َّلة العالم‪ ،‬وهو ستَّة أمور‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ومما ُتناسب اسنشارة إليه هنا ‪-‬‬
‫َّ‬
‫الز َّلة منه‪.‬‬
‫‪ ‬األول‪ :‬التَّث ُّبت يف صدور َّ‬
‫‪ ‬والثَّاأ‪ :‬التَّثبت يف كوهنا خط ًأ‪ ،‬وهذ وظيفة العلماء الر ِ‬
‫اسخين ف ُيس َأ ُلون عنها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫‪ ‬والثَّالث‪َ :‬ت ْرك ا ِّتباعه فيها‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬التماس ال ُعذر له بتأوي ٍل سائغٍ‪.‬‬
‫‪َّ ‬‬
‫وتشه ٍير‪.‬‬
‫ِ‬ ‫طف وسر‪ ،‬ال بع ٍ‬
‫نف‬ ‫‪ ‬والخامس‪ :‬ب ْذل النُّصح له ب ُل ٍ‬
‫ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫المسلمين‪.‬‬ ‫‪ ‬والسادس‪ِ :‬حفظ َجنابه؛ فال ُتهدَ ر كرامته يف قلوب‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪44‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫ألن العالِم يف النهاية ليس نب ايا معصو ًما؛‬


‫نعم‪ ،‬هذ ستة أمور إذا وق َع ْت الز َّلة من العالِم كيف تتعا َمل معه؟ َّ‬
‫وإنَّما بشر‪ ،‬صحيح األخطاء تكون منه أقل لكن واردة «ك ُُّل ا ْب ُن آ َد َم َخ َّطاء»‪ ،‬فإذا أخطأ العالِم سوا ًء يف‬
‫مسألة‪ ،‬أو يف فِع ٍل فع َله فقال‪ :‬كيف تتعا َمل مع هذا األمر؟‬
‫ٍ‬ ‫َف ْهم‬

‫‪ ‬أول شيء‪ :‬تتث َّبت هل َو َق َع أو لم يقع؟ بعض الناس مجرد أن يسمع َن َقل‪ ،‬وهذا باطن من األمر مع‬
‫عامة الناس؛ فكيف بالعلماء؟!‬

‫أوال‪ :‬التث ُّبت هل َو َق َع هذا الشيء أو لم يقع؟ فإذا تث َّبت أنَّه و َق َع يتأكَّد هل هذا خطأ أو ليس بخطأ؟‬
‫‪ً ‬‬
‫يتعجل باسننكار؛ وإنَّما يكون إذا‬ ‫َّ‬
‫ألن اسننسان قد ُينكر ما هو صحيح‪ ،‬وهذا من أكرب الخطأ؛ فاسننسان ال َّ‬
‫َعلِ َم يقينًا َّ‬
‫أن هذا الفعل الذي َو َق َع منه هو خطأ‪.‬‬
‫‪ ‬األمر الثالث‪ :‬أال يتابعه على هذا الخطأ‪ ،‬صحيح هو شيخي وأح ُّبه ِ‬
‫وأج ُّله و ُأقدِّ ر ؛ لكن ال ُأتابعه على‬ ‫ُ‬
‫خطئِه‪.‬‬

‫أن طريقة اسننكار‪ ،‬طريقة التعلِيم‪ ،‬طريقة إرسال الرسالة تكون بدون ِ‬
‫تشهير بين الناس؛‬ ‫‪ ‬األمر الرابع‪َّ :‬‬

‫شهر به‪ ،‬يتك َّلم فيه هبذا؛ وإنَّما تكون ِّ‬


‫بالس ِّر‪ ،‬يأتيه ناصحه يقول‪ :‬كيت‪ ...‬كيت‪ ...‬وكيت‪...‬‬ ‫فال ُي َّ‬
‫‪ ‬األمر الرابع‪ :‬أن ِ‬
‫يعتذر له؛ ولذلك قال أهل العلم‪« :‬أهل العلم ُيعت ََذر لهم‪ ،‬وال ُيعت ََذر هبم‪ ،‬أو ُيستدَ ُّل‬
‫لهم وال ُيستدَ ُّل هبم‪ ،‬فيعتذر له لع َّله كذا‪ ....‬لع َّله كذا‪ ...‬لع َّله َق َصدَ كذا‪ ...‬النُّقطة لم تكن واضحة‪َّ ...‬‬
‫لعل‬
‫دخ َل ْت ُجملة على ُجملة‪ ...‬لع َّله كان شارد ِّ‬
‫الذ ْهن‪ .....‬يعتذر له بمثل هذ األمور‪.‬‬
‫‪ ‬واألمر األخير‪ :‬ال يتك َّلم عليه بين الناس‪ ،‬ي ِ‬
‫هدر كرامته ألنَّه أخطأ يف مسألة أو مسألتين‪ ،‬وما شابه‬ ‫ُ‬
‫ذلك‪ .‬نعم!‬
‫‪45‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫المتن‪:‬‬
‫حذر منه مما يتَّصل بتوقِير العلماء ما صورته التَّوقِير‪ ،‬ومآله اسنهانة والت ِ‬
‫َّحقير‪ ،‬كاالزدحام على‬ ‫ومما ُي َ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الس ُبل‪.‬‬
‫أعسر ُّ‬
‫َّضييق عليه‪ ،‬وإلجائه إلى َ‬‫العالِم‪ ،‬والت ِ‬

‫الشرح‪ :‬نعم‪ ،‬البعض يرى َّ‬


‫أن هذا من المح َّبة والمو َّدة؛ وهذا ليس كذلك‪ ،‬يعني‪ :‬أحيانًا أنت تريد أن‬
‫ُؤذيه‪ ،‬يعني‪ :‬بعض الناس إذا ذكر في ِ‬
‫ؤذي‪ ،‬يعني‪ :‬أحد المشايخ‪ ،‬أحدهم جاء يريد أن ُيق ِّبل رأسه‬ ‫كرمه فت ِ‬
‫ُت ِ‬
‫ُ‬
‫أخ َذ رقبته وأنزله‪ ،‬كان ُمصا ًبا يف رقبته‪.‬‬
‫فامتنع الشيخ‪ ،‬فهذا َ‬

‫أن هذا من التوقِير‪ ،‬أنَّه ال بد أن ُيق ِّبل رأسه‪ ،‬أو ُ‬


‫يشدَّ على يدَ ْيه‬ ‫لما ُيس ِّلم على العالِم يرى َّ‬
‫فبعض الناس َّ‬
‫التوقير؛ بل هذا قد يكون إلى اسنيذاء‬ ‫ؤذيه هبذا؛ فهذا ليس من ِ‬ ‫بالمصافحة‪ ،‬أو ما شابه ذلك من األمور‪ ،‬في ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أقرب منه إلى التوقِير‪.‬‬

‫أن شيخنا الشيخ ابن ُع َث ْي ِمين ُكنَّا يف مكة ‪َ -‬ش َّرفها اهلل‪ -‬فأحد اسنخوة أول مرة‬
‫وأذكُر منن طرائف األمور َّ‬
‫فوص َل دور‬
‫انتهى الشيخ من الدرس فجاء أناس ُيس ِّلمون عليه َ‬
‫فلما َ‬ ‫يف حياته يرى الشيخ ِ‬
‫فر َح هبذا جدا ا‪َّ ،‬‬
‫ضم الشيخ إلى نفسه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫صاحبنا‪ ،‬وهو ما شاء اهلل ضخم الجسم‪ ،‬الشيخ جسمه صغير‪ ،‬فهذا من فرحته َّ‬
‫ضم ال َف ِرح به‪ ،‬فالشيخ يدفعه ثم َت َركَه‪ ،‬فالشيخ‬
‫ضم الشيخ َّ‬
‫والشيخ يدفعه وما يقدر‪ ،‬ال يستطيع‪ ،‬وهذا َّ‬
‫سؤاال!فهذا ُص ِد َم؛ الشيخ يسألني؟! الشيخ هو الذي‬ ‫ً‬ ‫ينهج‪ ،‬فقال الشيخ لهذا الشاب‪ :‬أريد أن أسألك‬
‫سؤاال! قال‪ :‬تسألني أنا؟!قال الشيخ‪ :‬نعم‪ .‬قال‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ُيس َأل‪ ،‬اآلن أنا ُأس َأل؟! قال‪ :‬نعم‪.‬قال‪ :‬أريد أن أسألك‬
‫الض َّمة‪.‬فأحيا ًنا‬‫المصا َفحة هل ن ُِس َخ ْت؟! يا أخي‪ ،‬صافح‪ ..‬صافح‪ ،‬قتلتني هبذ َّ‬ ‫اتفضل يا شيخ!قال‪ُ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫اسننسان كما قالوا‪ :‬كــــــفــــــعــــــل ذاك الــــــدُّ ِّب ** بِـــــخـــــ ِّلـــــه الـ ُ‬
‫ــــمـــــحـــــ ِّ‬

‫ــــــــــراس‬
‫َ‬ ‫األضـ‬ ‫ـــــــر َق‬
‫وفـ َّ‬ ‫ـــــرض مــــــنـــــه الـــــرأس **‬
‫فـ َّ‬

‫أيضا ال َي ِزيد يف إظهار مح َّبته حتى تصل إلى األذى‪ .‬نعم!‬


‫حب الشيخ وكذا‪ً ،‬‬
‫أيضا كما ُي ُّ‬
‫فاسننسان ً‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪46‬‬

‫عقدُ الخامس عشر‬ ‫الم ِ‬


‫َ‬
‫ر ُّد ُمشكِلِه إلى أهله‬
‫عرض نفسه ل ِ َما ال ُتطِيق‬ ‫عول على َدهاقنته والجهابذة من أهله ِّ‬
‫لحل ُمشكالته‪ ،‬وال ُي ِّ‬ ‫فالمع ِّظم للعلم ُي ِّ‬
‫ُ‬
‫علم‪ ،‬واالفرتاء على الدِّ ين؛ فهو يخاف َس ْخطة َّ‬
‫الرحمن قبل أن يخاف َس ْوط‬ ‫خو ًفا من القول على اهلل بال ٍ‬
‫نافذ سكتوا‪:‬‬ ‫وببصر ٍ‬
‫ٍ‬ ‫فإن العلماء ٍ‬
‫بعلم تك َّلموا‪،‬‬ ‫السلطان؛ َّ‬
‫ُّ‬
‫‪ -‬فإن تك َّلموا يف ُم ْشكِ ٍل‪ :‬فتك َّل ْم بِكالمهم‪.‬‬
‫‪ -‬وإن سكتوا‪َ :‬ف ْل َي َس ْع َك ما َو ِسعهم‪.‬‬
‫أشق المشكالت‪ِ :‬‬
‫الفتن الواقعة‪ ،‬والنَّوازل الحادثة التي تتكا َثر مع امتداد َّ‬
‫الزمن‪.‬‬ ‫ومن ِّ ُ‬

‫الشرح‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حدث يف الدنيا ال بد أن ُيع ِّلق عليه‪ ،‬وال بد أن‬ ‫أن َّ‬
‫كل‬ ‫نعم‪ ،‬يرى البعض أنَّه كالناطق الرسمي للدولة‪َّ ،‬‬
‫يكون له فيه رأي؛ هذا غير صحيح أبدً ا‪.‬‬

‫تجد العلماء الكِبار يسكتون حتى تتَّضح األمور أكثر‪ ،‬ثم بعد ذلك ُيبدُ ون رأيهم‪ ،‬وال يستعج ُلون‪ ،‬بعض‬
‫وتوجه‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫اناس يستعجل يف كل شيء‪ ،‬كل شيء يرى أنَّه ال بد أن يكون له رأي‪ ،‬وال بد أن يكون له قول‬
‫وما شابه ذلك من األمور‪.‬‬

‫فاسننسان يلتزم ما يفعله العلماء فيجنِي على طريقتهم‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬
‫الفتَن‪ ،‬السالِمون من و َهج ِ‬
‫الم َحن ُهم‪َ :‬من َف ِز َع إلى العلماء و َل ِز َم قولهم‪ ،‬وإن اش َت َب َه‬ ‫والنَّاجون من نار ِ‬
‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ‬
‫عليه شي طء من قولهم أحسن ال َّظ َّن هبم؛ ف َط َر َح قوله و َأ َخ َذ بقولهم؛ فالتجربة والخربة ُهم كانوا أح َّق هبا‬
‫للسالمة؛ فالسالمة ال يعدلها شيء‪.‬‬
‫إيثارا َّ‬ ‫وأهلها‪ ،‬وإذا اخت َل َف ْت أقوالهم َلز َم قول جمهورهم َ‬
‫وسوادهم ً‬
‫‪47‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫ٍ‬
‫عاصم يف [ ُمر َت َقى الوصول]‪:‬‬ ‫وما أحسن َ‬
‫قول ابن‬
‫ِ‬
‫العلم‬ ‫ِ‬
‫تحســــينُ نا ال َّظ َّن بأ هل‬ ‫الف ْه ِم **‬ ‫ِ‬
‫ـــكالت َ‬ ‫ـب يف ُمشـ‬
‫وواجـ ط‬

‫الشرح‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬البعض يتَّهم العلماء أحيانًا إذا سكتوا عن أمر انَّهم م ِ‬
‫داهنون‪ ،‬أو أنَّهم ُجبناء‪ ،‬أو غير ذلك من‬ ‫ُ‬
‫ف بالعلماء‬ ‫ِ‬
‫تستخ َّ‬ ‫تدري ما الذي يقع‪ِ ،‬‬
‫اعتذر لهم يف مثل هذ األمور‪ ،‬وال‬ ‫اعتذر لهم‪ ،‬أنت ال ِ‬ ‫األمور؛ ِ‬

‫وتتَّهم ُج َّلهم بأنَّهم متواط ُئون‪ ،‬أو أنَّهم ُمنافقون‪ ،‬أو أنَّهم مراؤون‪ ،‬أو أنَّهم ُجبناء‪ ،‬أو غير ذلك َّ‬
‫مما ُيت ََّهم‬
‫وج َّهالهم‪.‬‬
‫به العلماء أحيانًا من عامة الناس ُ‬
‫ف عنه َّإال الخير‪ ،‬وأحيانًا وقت ِ‬
‫الفتَن‬ ‫فاسننسان يحرص على إحسان الظ َّن بأهل العلم‪ ،‬وخاص ًة أنَّه ما ُع ِر َ‬
‫تعجل بالكالم؛ فأح ِسنوا‬
‫تطِيش العقول‪ ،‬ويرى البعض من العلماء أنَّه السالمة أن يس ُكت اآلن‪ ،‬أو أال يس ِ‬

‫الظ َّن هبم‪.‬‬

‫ميسرة اآلن تستطيع أن تصل إلى أي عالِم تريد‪ ،‬تسأله ُ‬


‫وتأخذ رأيه بدل أن تتك َّلم فيه‬ ‫والحمد هلل‪ ،‬ال ُّط ُرق َّ‬
‫ِ‬
‫وتعيبه‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬
‫ت العلماء‪ ،‬والمقاالت الباطلة ألهل البِدَ ع والم ِ‬
‫خالفين؛ فإنَّما يتك َّلم فيها‬ ‫زال ِ‬
‫المشكالت ر ُّد َّ‬
‫ُ‬ ‫ومن ُجملة ُ‬
‫ِ‬
‫والح َكم]‪.‬‬ ‫[الموافقات]‪ ،‬وابن رجب يف [جامع العلوم‬ ‫الر ُ‬
‫الشاطبي يف ُ‬
‫ُّ‬ ‫اسخون‪ ،‬ب َّينهم‪:‬‬ ‫العلماء َّ‬
‫فالجادة السالمة‪َ :‬عر ُضها على العلماء الر ِ‬
‫اسخين‪ ،‬واالستمساك بقولهم فيها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َّ‬

‫الشرح‪:‬‬
‫إي نعم‪ ،‬مثل الخالفات وغيرها يرجع إلى أهل العلم الر ِ‬
‫اسخين فيه‪ ،‬يقول ابن رجب ‪ ‬تعالى‪:‬‬ ‫َّ‬
‫الر ُ‬
‫اسخون يف العلم فال يشتب ُه عليهم ذلك»؛ عندما يتشا َبه األمور على الناس كما يف قول النبي‬ ‫«وأ َّما َّ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪48‬‬

‫ات َال َي ْع َل ُم ُه َّن كَثِ طير مِ َن النَّا ِ‬


‫س»؛ إ ًذا‪...‬‬ ‫ور ُم ْشتَبِ َه ط‬
‫‪« :‬ا ْل َح َال ُل َبيِّ طن‪َ ،‬وا ْل َح َرا ُم َب ِّي طن‪َ ،‬و َب ْينَ ُه َما ُأ ُم ط‬
‫هناك القليل الذين يعلمون هذ ‪.‬‬

‫ويعمون من أي‬
‫ُ‬ ‫الراسخون يف العلم فال يشتبه عليهم ذلك‪،‬‬
‫يقول ابن رجب ‪ ‬تعالى‪« :‬وأ َّما َّ‬
‫سم ْين هي؟»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الق َ‬
‫ِ‬
‫الواضح المعنى الذي ال إشكال فيه وال اشتبا ‪ ،‬هو األُ ُّم‬ ‫المح َكم هو‬ ‫ِ‬
‫ويقول القرافي ‪ ‬تعالى‪ُ « :‬‬
‫والم ْيل‬
‫الحق‪َ ،‬‬ ‫أن ا ِّتباع المتشابه منها من شأن أهل َّ‬
‫الز ْيغ والضالل عن ِّ‬ ‫المرجوع إليه»‪ ،‬ثم أخرب َّ‬
‫ُ‬ ‫واألصل‬
‫عن الجا َّدة‪.‬‬

‫اسخون يف العلم فليسوا كذلك‪ ،‬وما ذاك َّإال با ِّتباعهم ُأ َّم الكتاب‪ ،‬و َت ْركهم اال ِّتباع‬
‫الر ُ‬
‫قال‪« :‬وأ َّما َّ‬
‫للمتشابه»‪.‬‬
‫أمور متشاهبة يرجع إلى العلماء الر ِ‬
‫اسخين يف العلم‪ .‬نعم!‬ ‫فاسننسان يف ٍ‬
‫َّ‬
‫‪49‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫السادس عشر‬ ‫ِ‬


‫المعقدُ َّ‬
‫َ‬
‫توقِير مجالس العلم‪ ،‬وإجالل أوعيته‬
‫فمجالس العلماء كمجالس األنبياء‪.‬‬
‫ِ‬
‫قال َس ْه ُل بن عبد اهلل‪َ « :‬من أراد أن ين ُظر إلى مجالس األنبياء َف ْلين ُظر إلى مجالس العلماء‪ ،‬يجي ُء َّ‬
‫الرجل‬
‫ف على امرأته بكذا وكذا؟ فيقول‪َ :‬ط َل َق ْت امرأته‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫شيء تقول يف رج ٍل َح َل َ‬ ‫أي‬
‫فيقول‪ :‬يا فالن‪ُّ ،‬‬

‫ويجيء آخر فيقول‪ :‬ما تقول يف رج ٍل َح َل َ‬


‫ف على امرأته بكذا وكذا؟ فيقول‪ :‬ليس َي ْحن َُث هبذا القول‪ ،‬وليس‬ ‫ِ‬

‫لنبي أو لعال ِ ٍم؛ فاعرفوا ل ُهم ذلك»‪.‬‬ ‫َّ‬


‫هذا إال ٍّ‬
‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬يعني‪ :‬قد تتشا َبه المسألتان؛ لكن ٍّ‬


‫لكل منهما رأي ألهل العلم‪ ،‬وأنت يف ظاهر األمر َّ‬
‫أن المسألتين‬
‫متشاهبتان؛ ولكن العالِم ين ُظر بخالف ما تن ُظر أنت كونك قليل العلم‪.‬‬
‫ِ‬
‫يحول‬ ‫ولذا نُق َل عن ابن عباس ‪ ‬أنَّه جاء ُ‬
‫رجل فسأله فقا‪ :‬هل للقاتل من توبة؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وما ُ‬
‫رجل فسأله قال‪ :‬هل للقاتل من توبة؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬ليست للقاتل توبة‪.‬‬
‫بينه وبين التوبة؟! ثم بعد أيام جاء ُ‬
‫يحول بينه وبين‬ ‫رج طل قبل يو َم ْين ف ُق َ‬
‫لت له‪ :‬ما ُ‬ ‫فاستغر َب ُج َّال ُسه فقالوا البن عباس ‪ :‬جا َءك ُ‬
‫َ‬
‫فقلت‪ :‬إنَّه ال توبة له؛ فلِ َم َّفر ْق َت والمسألة واحدة؟‬
‫َ‬ ‫رجل بعد ذلك‬
‫التوبة‪ ،‬وجاءك ُ‬

‫فرأيت الندم يف َع ْينيه يف وجهه فعلِ ُ‬


‫مت أنَّه قد و َق َع يف الخطأ؛ فلم ِآيسه من رحمة اهلل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪ :‬أ َّما األول‬

‫الش َّر يف َع ْينيه؛ فآيستُه من فِعل ما أراد‪ ،‬بأنَّه يريد أن يقتُل‪ .‬فيريد أن يقتُل ولكن يريد أن‬
‫فرأيت َّ‬
‫ُ‬ ‫وأ َّما الثاأ‬
‫يعرف هل بعد أن يقتُل له توبة أو ليست له توبة؟‬

‫رأيت؟ قال‪:‬‬
‫َ‬ ‫رأيت رؤيا‪ .‬قال‪ :‬ماذا‬
‫ُ‬ ‫رجل فقال‪:‬‬
‫وكما ُيذكَر عن ابن سيرين ‪  ‬أنَّه جاء ُ‬
‫تح ُّج هذا العام‪.‬‬
‫رأيت أنِّي أسمع األذان‪ .‬فقال‪ُ :‬‬
‫ُ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪50‬‬

‫سمعت األذان‪ .‬قال‪ :‬إنَّه سارق‪ .‬فقالوا‪:‬‬


‫ُ‬ ‫رأيت؟‬
‫رأيت رؤيا‪ .‬قال‪ :‬ماذا َ‬
‫رجل بعد أيام وسأل قال‪ُ :‬‬
‫فجاء ُ‬
‫عرفت؟‬
‫َ‬ ‫كيف‬

‫سمعت األذان تذك َّْر ُت قول اهلل ‪ :‬ﱡﱷﱸﱹﱺ‬


‫ُ‬ ‫لما جاءأ األول وقال‪ :‬إنِّي‬
‫قال‪َّ :‬‬

‫ولما جاءأ الثاأ جاء يف خاطري قول اهلل ‪ :‬ﱡﱊﱋﱌ‬


‫ﱻﱼﱠ [سورة الحج‪ ،‬من اآلية‪َّ ،]27:‬‬

‫ﱍﱎ ﱏﱠ [سورة يوسف‪ ،‬من اآلية‪.]70:‬‬

‫أن المسألة واحدة والجواب مختل ًفا‪ ،‬فبدل أن ُتشنِّع على هذا العال ِم‪ ،‬وتقول‪:‬‬
‫فأحيانًا العالِم قد َترى َّ‬
‫اخت َل َط عليه‪ .‬اسأله‪ُ ،‬قل له‪ :‬باألمس أج ْب َت بكذا‪ ،‬واليوم أج ْب َت بكذا؛ فلِ َم؟ ف ُيب ِّين لك ذلك بدل‬
‫االستعجال يف إطالق األحكام‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬

‫ف لمجالس العلم ح َّقها‪:‬‬ ‫فعلى طالب العلم أن ِ‬


‫يعر َ‬
‫‪ o‬ف َيجلِ َس فيها ِجلسة األدب‪.‬‬
‫لضج ٍة يسمعها‪.‬‬
‫َّ‬ ‫يلتفت عنه من غير ضرورة‪ ،‬وال يضطرب‬
‫ُ‬ ‫ناظرا إليه؛ فال‬
‫‪ o‬و ُيصغي إلى الشيخ ً‬
‫ِ‬

‫‪ o‬وال يع َبث بيدَ ْيه أو ِرج َل ْيه‪.‬‬


‫‪ o‬وال يستَنِدُ بحضرة شيخه‪ ،‬وال يتَّكِ ُئ على َيد ‪.‬‬
‫‪ o‬وال ُيكثِر ال َّتن َْحنُح والحركة‪.‬‬
‫‪ o‬وال يتك َّلم مع جار ‪.‬‬
‫‪ o‬وإذا َع َط َس َخ َف َض صوته‪.‬‬
‫‪ o‬وإذا تثا َء َب َست ََر فمه بعد ر ِّد جهد ‪.‬‬
‫‪51‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫الشرح‪:‬‬

‫درسا يف العلم عنوان الدرس‪« :‬آداب طلبة العلم»‪ ،‬والدرس نفسه «الجلوس»‬
‫حضرت ً‬
‫ُ‬ ‫نعم‪ ،‬أذكُر أنِّي‬
‫اهلل المستعان! الذي َمدَّ ِرجله‪ ،‬والذي أخرج مسباحه يلعب‪ ،‬والذي يعبث يف أنفه‪ ،‬والذي يع َبث يف‬
‫انتهى الدرس سألني الذي أ َّدى‬ ‫ساعته‪ ....‬المهم نصف الحضور لم ُيعطوا الدرس ح َّقه أبدً ا‪َّ ،‬‬
‫فلما َ‬
‫قلت‪ :‬أسوأ درس حضرته يف حيايت‪ .‬فظ َّن أنِّي أتك َّلم‬
‫الدرس (صاحبي) فقال لي‪ :‬ما رأيك يف الدرس؟ ُ‬
‫قلت له‪ ،‬لماذا لم‬
‫قلت‪ :‬ال؛ شفت الحضور؟ ليش ما هتاوشهم ُ‬
‫محضر ‪ُ .‬‬
‫ِّ‬ ‫عما قاله هو‪ ،‬قال‪ :‬بالعكس أنا‬
‫تزجرهم‪ ،‬هذا ما ّد ِر ْجله‪ ،‬وهذا أخرج مسبحه‪ ،‬وهذا كذا؛ المفروض أنَّك وأثناء الدرس تقول له‪ :‬اجلس‬
‫ُ‬
‫ِجلسة صحيحة‪ ،‬ال تستند‪ِ ،‬‬
‫أدخل مسبحتك يف جيبك‪ُ ،‬ض َّم ِرج َل ْيك إليك‪ .‬عملي‪ ،‬ليس فقط الشيء‬
‫وهم أبعد الناس عن آدابه‪.‬‬
‫النظري‪ ،‬اآلن تقول لهم‪ :‬آداب العلم‪ُ .‬‬

‫أن اسننسان يف مجالس العلم ال بد أن ُيعطِيها ح َّقها‪ .‬نعم!‬


‫فالقصد إ ًذا‪َّ ...‬‬

‫المتن‪:‬‬

‫فالالئق بطالب‬ ‫أوعيته التي يح َفظ فيها‪ِ ،‬‬


‫وعما ُدها ال ُكتُب؛ َّ‬ ‫إجالل ِ‬
‫ُ‬ ‫توقير مجالس العلم‪:‬‬‫وينضم إلى ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫يحشو بودائعه‪ ،‬وال يجعله ُبو ًقا‪،‬‬ ‫العلم‪ :‬صو ُن كتابه‪ِ ،‬‬
‫وحفظه وإجالله‪ ،‬واالعتناء به؛ فال يجعله صندو ًقا ُ‬ ‫َ ْ‬
‫وع ٍ‬
‫ناية‪.‬‬ ‫طف ِ‬
‫وإذا و َضعه و َضعه ب ُل ٍ‬
‫َ َ َ َ‬
‫ٍ‬
‫بكتاب كان يف يد ‪ ،‬فرآ أبو عبد اهلل أحمد ابن حنبل ف َغ َضب وقال‪« :‬أهكذا‬ ‫َر َمى إسحاق بن َر َاه َو ْيه يو ًما‬
‫ُيف َع ُل بكالم األبرار؟!»‪.‬‬
‫وح َم َله بيدَ ْيه‪.‬‬ ‫وال يتَّكِ ُئ على الكتاب‪ ،‬أو يضعه عند قد َم ْيه‪ ،‬وإذا كان يقرأ فيه على ٍ‬
‫شيخ َر َف َعه عن األرض َ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬يعني‪ :‬هذ من اآلداب مع الكتابي الذي يتع َّلم منه‪ .‬نعم!‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪52‬‬

‫السابع عشر‬ ‫ِ‬


‫المعقدُ َّ‬
‫َ‬
‫والذ ْود عن ِحياضه‬
‫الذ ُّب عن العلم‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫لجنابه بما ال َيص ُل ُح‪.‬‬ ‫إن للعلم ُحرم ًة وافرةً‪ُ ،‬ت ِ‬
‫ب االنتصار له إذا ُت ِّ‬
‫عر َض َ‬ ‫وج ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫مظاه َر‪:‬‬ ‫وقد َظ َه َر هذا االنتصار عند أهل العلم يف‬
‫للشريعة ُر َّد عليه كائنًا َمن كان؛ َح ِم َّي ًة للدِّ ين‪،‬‬
‫فمن استبان َْت ُمخالفته َّ‬
‫المخالف؛ َ‬
‫‪ ‬منها‪ :‬ال َّر ُّد على ُ‬
‫ِ‬
‫للمسلمين‪.‬‬ ‫ونصيح ًة‬

‫ؤخذ العلم عن أهل البِدَ ع؛ لكن إذا اض ُط َّر‬


‫الفراء إجما ًعا‪-‬؛ فال ُي َ‬‫بتدع ‪َ -‬ذك ََر أبو َيع َلى َّ‬
‫الم ُ‬‫‪ ‬ومنها‪َ :‬ه ْج ُر ُ‬
‫المحدِّ ِثين‪.‬‬
‫إليه فال بأس‪ ،‬كما يف ا ِّلرواية عنهم َلدَ ى ُ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫المخال ِ ِفين من رعاية العلم‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬من آداب طلب العلم‪َّ :‬‬
‫الذ ْود عن حوض العلم‪ ،‬ومنه‪ :‬الر ُّد على ُ‬

‫المبتدع هو عالج‪ ،‬دواء‪ ،‬والدواء ُيع َطى ب َقدْ ر ‪:‬‬ ‫ِ‬


‫وه ْجر ُ‬
‫المبتدع‪َ ،‬‬ ‫ثم كذلك‪َ :‬ه ْجر‬

‫إن زاد عن َقدْ ر ‪َ :‬‬


‫أض ّر‪.‬‬

‫وإن امتنع منه‪ :‬أض ّر‪.‬‬

‫ستعمل هذا الدواء‪.‬‬


‫وكذلك هو دواء يف النهاية‪ ،‬فإذا كان ال ينفع الدواء هنا ال ُي َ‬

‫هجر المبتدع‬
‫السنَّة ظاهرة‪ ،‬ف ُي َ‬
‫لما كانت ُّ‬ ‫فالقصد‪َّ :‬‬
‫أن َه ْجر المبتدع كان من َهدْ ي السلف ‪ ‬تعالى َّ‬
‫الحق الذي خا َلفه‪.‬‬
‫حتى يرجع إلى ِّ‬

‫يهتم هبذا األمر‪ ،‬وهو‪ :‬أ َّنه ال يطلب العلم عند أهل البِدَ ع‪ ،‬وهذا من َه ْجرهم أنَّه ال‬
‫فعلى المسلم أن َّ‬
‫يط ُلب العلم عند أهل البِدَ ع؛ َّ‬
‫إن اسننسان يتأ َّثر هبم‪.‬‬
‫‪53‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫يختص به‬
‫ُّ‬ ‫وإن قال‪ :‬ال أجدُ هذا العلم َّإال عندهم هذا كان غير صحيح‪ ،‬ال يوجد علم من العلوم النافعة‬

‫أهل البِدَ ع دون أهل ُّ‬


‫السنَّة‪ ،‬أبدً ا‪ ،‬ال يوجد علم‪ ،‬واسننسان يس َعد؛ قد يكون هذا المبتدع قري ًبا من بيته‪ ،‬قد‬
‫يكون هذا المبتدع أل َطف يف التعاطِي‪ ،‬قد يكون هذا المبتدع من الشيخ الذي تريد ؛ لكن يف النهاية تجد‬
‫هذا العلم عند غير ‪.‬‬

‫فال تقصد العلم عن مبتدع يؤ ِّثر فِيك‪ ،‬خاص ًة إذا أحببته وكان ل ِّين العريشة‪َ ،‬ذ ْرب اللسان‪ ،‬قد ُيؤ ِّثر يف‬
‫الناس‪ ،‬واهلل المستعان‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬

‫المتع ِّلم إذا تعدَّ ى يف بحثه‪ ،‬أو َظهر منه َلدَ طد أو سو ُء ٍ‬ ‫ِ‬
‫أدب‪.‬‬ ‫اهلل َت َعا َلى‪  :‬ومنها‪َ :‬ز ْجر ُ‬
‫قال َحف َظ ُه ُ‬

‫جرا؛ َف ْليفعل كما َف َع َل ُسفيان‪ ،‬وكما كان يفعله ُشعبة‬


‫المتع ِّلم من ُمجلسه َز ً‬
‫المع ِّلم إلى إخراج ُ‬
‫وإن احتاج ُ‬
‫ان بن ُم ٍ‬
‫سلم يف درسه‪.‬‬ ‫مع ع َّف َ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬أحيانًا قد المعلم ُيغلِظ على بعض طلبته تأدي ًبا لهم‪ ،‬وهذا ال بأس به‪ ،‬كان السلف يفعلون مثل هذا‬
‫أنَّهم يزجرون بعض المتع ِّل ِمين إذا و َق َع منهم الخطأ تأدي ًبا لهم‪.‬‬

‫يرجع إلى الدرس مر ًة‬ ‫ُ‬ ‫نعم‪ ،‬قد يكون بعض المتع ِّل ِمين إذا و َق َع هذا َّ‬
‫الزجر‪ ،‬ال‪ ،‬خالص‪ ،‬يغلق الباب وال ِ‬

‫بالح َرج‪.‬‬
‫وأحس َ‬
‫َّ‬ ‫ثانية؛ ألنَّه ُز ِج َر‬

‫يتساهل يف هذا األمر حقيق ًة خاصة يف هذا الزمان الذي أصبح المتع ِّلمون فيه قِ َّلة؛‬
‫َ‬ ‫فعلى الشيخ أن‬
‫ِ‬
‫فيراعيهم َقدْ ر ما يستطيع‪ .‬اهلل المستعان!‬

‫يهتمون أبدً ا‪ ،‬بل َذك ََر لي دكتور عبد اهلل المهنَّى ‪َّ  ‬‬
‫لما‬ ‫لكن كانت الساب ُقون يزجرون وال ُّ‬
‫يدرس األدب وكذا‪ ،‬يقول‪ :‬كان بعض مشايخنا يف مصر ‪َ -‬د َر َس يف مصر هناك‪ -‬يقول‪ُ :‬ت ِّ‬
‫حصل‬ ‫كان ُ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪54‬‬

‫علما ُ‬
‫نأخذ منه؛‬ ‫ألن عند‬ ‫عندهم علما؛ لكن ال ي ِ‬
‫ناديك َّإال بألفاظ قبيحة جدا ا يقول‪ ،‬يقول‪ :‬أنا أصبِر َّ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫المع ِّلم‪.‬‬ ‫فنصرب على ما ُيك ِّلموننا به‪.‬فالقصد‪َّ :‬‬
‫أن اسننسان يصرب على أ َذى ُ‬

‫يزجر بعض ُط َّالبه‬ ‫كما قلنا قبل قليل على ُخ ُل ِقه‪ ،‬أو غير ذلك من األمور؛ لكن ً‬
‫أيضا الشيخ ال بأس أن ُ‬
‫إذا و َق َع منه الخطأ تأدي ًبا لهم‪ .‬نعم!‬

‫جواب‪ .‬قال األعمش‪.‬‬


‫ط‬ ‫المتع ِّلم بعدم اسنقبال عليه‪ ،‬و َت ْرك إجابته؛ فالسكوت‬
‫زجر ُ‬
‫المتن‪ :‬وقد ُي َ‬

‫عما ال‬ ‫باز ‪ ‬تعالى‪ :‬فر َّبما سأله ط‬


‫سائل َّ‬ ‫العالمة ابن ٍ‬
‫كثيرا من جماعة من الشيوخ‪ ،‬منهم‪َّ :‬‬
‫ورأينا هذا ً‬
‫بخالف َق ْصد ‪.‬‬ ‫ينفعه‪ ،‬فرتك الشيخ إجابته‪ ،‬وأمر القارئ أن يواصل قراءته‪ ،‬أو أجابه ِ‬
‫ُ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫مجلسا عند الشيخ ابن ُع َث ْي ِمين ‪  ‬فسأله أحدهم عن شخص قال‪ :‬ما‬
‫ً‬ ‫نعم‪ ،‬أذكُر حضرنا‬
‫تقول يف فالن؟ فالشيخ قال‪ :‬أنا ال أتك َّلم يف األشخاص‪ ،‬ال أتك َّلم عن عمل مع َّين أقول لك‪ :‬هذا العمل‬
‫تعديال يف الناس‪.‬‬
‫ً‬ ‫جرحا وال‬
‫ً‬ ‫جائز أو ال؛ ال تسألني عن أشخاص‪ ،‬ال أتك َّلم‬

‫ٍ‬
‫مجلس آخر اللي هو مجالس الشيخ التي كان‬ ‫مختصران فانتقلنا من هذا المجلس إلى‬
‫ً‬ ‫وكان المجلس‬
‫يجلسها كل خميس‪ ،‬فجلس الشيخ فالحضور ُك ُثر اآلن‪ُ ،‬كنَّا خمسة يف المجلس األول الذي قال له‪ :‬ما‬
‫فلما حضرنا المجلس اآلخر وإذا الحضور أكثر من (‪)70‬‬
‫رأ ُيك يف فالن؟ قال‪ :‬ال تسألني عن الناس‪َّ ،‬‬
‫تقري ًبان فبعد أن َش َر َح الشيخ السورة التي يشرحها عاد ًة ‪-‬يختار سورة من جزء « َّ‬
‫عم»‪ -‬بدأ باألسئلة‪،‬‬
‫فلما جاء دور صاحبنا هذا اللي كان حاضر يف المجلس األول أعاد إليه السؤال نفسه بس أمام الحضور‬
‫َّ‬
‫غضب‪َّ ،‬‬
‫ألن اآلن سألتني‬ ‫لما سأل هذا السؤال ن َظ َر إليه الشيخ نظرة ُ‬
‫الم َ‬ ‫اآلن كأنَّه إحراج للشيخ‪ ،‬فأذكُر أنَّه َّ‬
‫وقلت لك‪ :‬ال أتك َّلم؛ ماذا تعني بسؤالك لي مر ًة ثانية أمام الناس هكذا؟!‬
‫ُ‬

‫غضب ثم الت َف َت وقال‪ :‬غير ‪.‬‬ ‫غضب لحظات هي ‪-‬أنا أن ُظر إلى وجه الشيخ‪ -‬نظرة ُ‬
‫الم َ‬ ‫الم َ‬
‫فنظر إليه نظرة ُ‬
‫َ‬
‫يزجر ؛ لكنَّه لم ُي ِج ْبه ‪ ‬تعالى‪ .‬نعم!‬
‫سؤال آخر يعني‪ ،‬ولم ُي ِج ْبه ‪ ‬تعالى‪ ،‬صحيح لم ُ‬
‫‪55‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫الم ِ‬
‫عقدُ الثَّامن عشر‬ ‫َ‬
‫التَّح ُّفظ يف مسألة العالِم‬
‫َّشغيب وإيقاظ الفتنة وإشاعة‬
‫ُ‬ ‫السؤال ما ُيراد به الت‬
‫فإن من ُّ‬ ‫له ْيبة العالِم؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫الش ْغب‪ ،‬وحف ًظا َ‬‫فرارا من مسائل َّ‬
‫ً‬
‫المتع ِّلم؛ فال بد‬ ‫ِ‬
‫السوء‪ ،‬و َمن آن ََس منه العلماء هذ المسائل َلق َي منهم ما ال ُيعجبه‪ ،‬كما َّ‬
‫مر معك يف َز ْجر ُ‬ ‫ُّ‬
‫أعم َل أربعة أصول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫من التح ُّفظ يف مسألة العالم‪ ،‬وال ُيفلح يف َت َح ُّفظه فيها َّإال َمن َ‬
‫‪َّ ‬أولها‪ :‬الفكر يف سؤاله لماذا يسأل‪:‬‬
‫فيكون َق ْصد من السؤال التَّف ُّقه والتَّع ُّلم‪ ،‬ال التعنُّت والتَّه ُّكم؛ َّ‬
‫فإن َمن ساء َق ْصد يف سؤاله ُي َ‬
‫حرم بركة‬
‫العلم‪ ،‬و ُيمنَع منفعته‪.‬‬
‫‪ ‬األصل الثاأ‪ :‬التَّف ُّط ُن إلى ما يسأل عنه‪:‬‬
‫عما ال َن ْفع فيه‪:‬‬
‫فال تسأل َّ‬
‫‪ -‬إ َّما بالنَّظر إلى حالك‪.‬‬
‫‪ -‬أو بالنَّظر إلى المسألة نفسها‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫عما لم يقع‪ ،‬أو ما ال ُيحدَّ ث به ُّ‬
‫كل أحد؛ وإنَّما ُي َخ ُّ‬
‫ص به قو طم دون قومٍ‪.‬‬ ‫ومثله السؤال َّ‬
‫‪ ‬األصل الثالث‪ :‬االنتبا إلى صالحية حال الشيخ لإلجابة عن سؤاله‪:‬‬

‫يب‬‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫فال يسأله يف ٍ‬


‫حال َتمنعه‪ ،‬ككونه مهمو ًما‪ ،‬أو ُمتف ِّك ًرا‪ ،‬أو ماش ًيا يف‬
‫طريق‪ ،‬أو راك ًبا س َّيارته؛ بل َيتح َّي ُن ط َ‬
‫نفسه‪.‬‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪56‬‬

‫الشرح‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬وحسب اآلن يقدِّ ر السائل‪ ،‬يعني‪ :‬يف بعض المشايخ ال بالعكس‪ ،‬يسأل وهو ِ‬
‫يمشي يف الطريق‪ ،‬ما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يحب أن ُيس َأل وهو يمشي‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫عند مشكلة‪ ،‬بعضهم ال‪ ،‬ما‬

‫فأنت ُتقدِّ ر هذ األمور بحسب ما ُيملِيه عليك هذا الشيخ بطريقته يف إجابة السؤال‪.‬‬

‫ً‬
‫سؤاال‪،‬‬ ‫أن شيخنا ابن ُع َث ْي ِمين ‪ ‬تعالى كاتن يف طريقه من البيت إلى المسجد ال يق َبل‬
‫وأذكُر َّ‬
‫فينطلق معه طلبة العلم‬
‫ُ‬ ‫والعكس صحيح من المسجد إلى البيت ك َّلها أسئلة‪ ،‬هذا وقت األسئلة؛‬
‫يسألونه‪ ،‬وكان الطريق قري ًبا من كيلو ونصف تقري ًبا من البيت إلى مسجد ُ‬
‫ليأخذ السبع عشرة دقيقة عاد ًة‬
‫يف الم ْشي؛ فيجعله مجال لألسئلة‪ ،‬الذي عند سؤال يمشي مع الشيخ إلى أن ِ‬
‫يص َل إلى بيته؛ لكن يف‬ ‫َ‬
‫خروجه من بيته إلى المسجد ال يقبل أحدً ا أن يسأله شي ًئا‪.‬‬
‫ِ‬
‫ويستثمر ذلك الوقت الذي يق َبل فيه السؤال‪.‬‬ ‫ينهى عنه‪،‬‬
‫فلذلك اسننسان ما يسأل يف هذا الوقت الذي َ‬
‫فالمسألة مسألة ِ‬
‫تقدير‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬

‫‪ ‬األصل الرابع‪ :‬تي ُّقظ َّ‬


‫السائل إلى كيفية سؤاله‪:‬‬

‫بج ُله يف خطابه‪ ،‬وال تكون ُمخاطبته له‬ ‫حسنة متأ ِّد ٍبة؛ ف ُيقدِّ م الدُّ عاء َّ‬
‫للش ْيخ و ُي ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صورة‬ ‫بإخراجه يف‬
‫السوق وأخالط العوا ِّم‪.‬‬ ‫كمخاطبته َ‬
‫أهل ُّ‬

‫الشرح‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬يعني‪ :‬عفا اهلل عنك‪َ ...‬ر ِح َم َك اهلل‪ ...‬غ َف َر اهلل لك‪ُ ...‬يقدِّ م بين يدَ ْي سؤاله هذا الدعاء‪ ،‬ثم بعد ذلك‬
‫يسأل‪ .‬نعم!‬
‫‪57‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫الم ِ‬
‫عقدُ التَّاسع عشر‬ ‫َ‬
‫ف القلب بالعلم و َغ َلبَتُه عليه‬
‫َش َغ ُ‬
‫ب َمح َّبته وتع ُّلق القلب به‪ ،‬وال ينال العبدُ درجة العلم حتَّى تكون َّ‬
‫لذته الكربى‬ ‫ِ‬
‫فصدْ ُق ال َّطلب له ي ِ‬
‫وج ُ‬ ‫ُ‬
‫فيه‪.‬‬
‫لذة العلم بثالثة أمور َذك ََرها أبو عبد اهلل ابن الق ِّيم‪:‬‬
‫وإنَّما ُتنال َّ‬
‫والج ْهد‪.‬‬
‫الو ْسع َ‬ ‫‪ ‬أحدها‪َ :‬ب ْذل ُ‬
‫‪ ‬وثانِيها‪ِ :‬صدْ ق ال َّطلب‪.‬‬
‫صحة النِّ َّية واسنخالص‪.‬‬
‫‪ ‬وثالثها‪َّ :‬‬
‫كل ما ُي ْش ِغ ُل عن القلب‪.‬‬
‫تتم هذ األمور الثالثة َّإال مع َد ْفع ِّ‬
‫وال ُّ‬
‫ط‬
‫أموال وفيرةط‪،‬‬ ‫نفوس كثيرةط‪ ،‬و ُت َ‬
‫بذل ألجلها‬ ‫ط‬ ‫والحكم التي تتط َّل ُع إليها‬
‫ُ‬ ‫السلطان‬ ‫لذة العلم فوق َّ‬
‫لذة ُّ‬ ‫إن َّ‬
‫َّ‬
‫و ُتس َفك دما طء غزيرةط‪.‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫لذ ًة يف قلوبنا لو َعلِ َم هبا الملوك َل َجا َلدُ ونا عليها بالسيوف‪.‬‬ ‫نعم؛ ولذلك قال ابن ُشربمة‪ :‬واهلل إنَّنا ِ‬
‫لنجدُ َّ‬
‫استمر يف ذلك‪ ،‬و َأنِ َس بالعلم‪ ،‬وأح َّبه‪ .‬نعم!‬ ‫َّ‬ ‫لمن‬
‫لذة؛ لكن َ‬ ‫تعدلها َّ‬‫لذة طلب العلم ال ِ‬ ‫فهذ ال َّل َّذة َّ‬

‫المتن‪:‬‬
‫لذة العلم‪ ،‬و ُت ِحس َفقدَ ها‪ ،‬وتط ُلب ِ‬
‫تحصيلها‪.‬‬ ‫تتوق إلى َّ‬
‫ولهذا كانت الملوك ُ‬
‫ُّ‬

‫الشرق وال َغرب‪ :-‬هل‬ ‫اسي المشهور‪ ،‬الذي كانت ممالكه تمألُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫قيل ألبي جعفر المنصور ‪-‬الخليفة الع َّب ِّ‬
‫مستو على كرس ِّيه وسرير ُم ْلكه‪َ :-‬ب ِق َي ْت َخص َلةط‪ :‬أن أق ُعدَ‬
‫ٍ‬ ‫ات الدنيا شي طء لم َتنَ ْل ُه؟ فقال ‪-‬وهو‬‫لذ ِ‬
‫َب ِقي من َّ‬
‫َ‬
‫َ ِ‬ ‫مصطبة وحولِي أصحاب الحديث ‪-‬أي‪ُ :‬ط َّالب العلم‪ -‬فيقول المستملِي‪ :‬من‬ ‫ٍ‬
‫ذكرت َرح َم َك ُ‬
‫اهلل؟‬ ‫على‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪58‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫(مِص َط َبة)؛ اللي هي الدَّ كَّة‪ ،‬المجلس المرتفع‪ ،‬يعني‪ :‬مكان مرتفع يتم َّيز به العالم عن طلبة العلم‪،‬‬
‫ف ُيحدِّ ثهم حتى يرا أكثرهم‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬
‫ِ‬
‫األحاديث المسندة‪.‬‬ ‫فالن‪ ،‬قال‪ :‬حدَّ ثنا ط‬
‫فالن‪ ،‬و َي ُسوق‬ ‫يعني‪ :‬فيقول‪ :‬حدَّ ثنا ط‬
‫ِ‬
‫تستحيل اآلال ُم َّ‬
‫لذ ًة هبذ‬ ‫وذه َلت النَّفس عنها‪ ،‬بل‬ ‫ومتى ُع ِم َر القلب َّ‬
‫بلذة العلم سق َط ْت َّ‬
‫لذات العادات‪َ ،‬‬
‫ال َّل َّذة‪.‬‬
‫‪59‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

‫الم ِ‬
‫عقدُ العشرون‬ ‫َ‬
‫ِحفظ الوقت يف العلم‬
‫قال ابن الجو ِزي يف [صيد خاطر ]‪ِ « :‬‬
‫ينبغي لإلنسان أن يعرف شرف زمانه‪ ،‬و َقدْ ر وقته‪ ،‬فال ُيض ِّيع منه‬ ‫َ ْ‬
‫لحظ ًة يف غير ُق ٍ‬
‫ربة‪ ،‬و ُيقدِّ م فيه األفضل فاألفضل من القول والعمل»‪.‬‬
‫عت ساع ًة من‬ ‫ومن هنا َع ُظ َم ْت رعاية العلماء للوقت‪ ،‬حتَّى قال محمد بن عبد الباقي َّ‬
‫البزاز‪« :‬ما ض َّي ُ‬
‫لعب»‪.‬‬ ‫مري يف ٍ‬
‫لهو أو ٍ‬ ‫ُع ِ‬
‫َّف كتاب الفنون يف ثمانمائة مج َّل ٍد‪« :-‬إنِّي ال ي ِ‬
‫ح ُّل لي أن ُأض ِّي َع‬ ‫وقال أبو الوفاء ابن ُع ِقيل ‪-‬الذي صن َ‬
‫َ‬
‫ساع ًة من ِ‬
‫عمري»‪.‬‬

‫وهم يف دار الخالء‪.‬‬ ‫و َب َل َغ ْت هبم الحال أن ُي َ‬


‫قرأ عليهم حال األكل‪ ،‬بل كان ُيقرأ عليهم ُ‬

‫الشرح‪:‬‬
‫ِ‬
‫ُنت أقرأ على أبي وهو يف الخالء‪.‬‬
‫الرازي ‪  ‬أنَّه قال‪ :‬ك ُ‬ ‫نعم‪ ،‬وهذا نُق َل عن ابن أبي حاتم َّ‬
‫يعني‪ :‬من كثرة ِحرصهم على هذ الدقائق‪ ،‬يقول‪ :‬حتى إذا َ‬
‫دخ َل الخالء أجلس يف الخارج وأقرأ عليه‬
‫وهو يسمع‪ .‬نعم!‬

‫المتن‪:‬‬

‫فاحفظ أ ُّيها الطالب وقتك؛ فلقد أب َل َغ الوزير َّ‬


‫الصالح ابن ُه َب ْيرة يف ن ُْصحك بقوله‪:‬‬
‫يع‬ ‫َ ِ‬ ‫أسه َل ما‬ ‫بحفظه ** و ُأرا‬ ‫نيت ِ‬
‫والوقت أن َف ُس ما ُع َ‬
‫عليك َيض ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫تم ْت ُ‬
‫الخالصة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬ ‫‪60‬‬

‫الشرح‪:‬‬

‫وهم يلع ُبون ال َّطاولة يف الشام‬ ‫ِ‬


‫نعم‪ ،‬وكان ُذك َر عن أحد مشايخ الشام ‪ : ‬أنَّه َّ‬
‫مر على قو ٍم ُ‬
‫ِ‬
‫الز ْهر هذ ال َّطاولة‪ -‬فذهب ليقضي حاج ًة له ثم َ‬
‫رج َع بعد ساعتين أو أكثر فإذا ُهم كما ُهم يلعبون‬ ‫‪-‬لعبة َّ‬
‫ال َّطاولة‪ ،‬فقال‪ :‬واهلل لو كان الوقت ُيشت ََرى الش َ‬
‫رت ْي ُت من هؤالء أوقاهتم‪ .‬يعني‪ :‬كيف ُيض ِّي ُعون أوقاهتم‬
‫رت ْي ُت من هؤالء‬
‫بالساعات على هذا اللعب‪ ،‬وأنا أبحث عن الدقيقة؟! يقول‪ :‬لو ُيشت ََرى الوقت الش َ‬
‫أوقاهتم‪.‬‬

‫أن اسننسان ال ُيض ِّيع وقته يف أشياء ال ت ُعود عليه بالنَّ ْفع‪.‬‬
‫فال َق ْصد إ ًذا‪َّ ...‬‬

‫ممن يستم ُعون القول فيتَّبع‬


‫أسأل اهلل ‪ ‬أن يحفظ علينا أوقاتنا‪ ،‬وأن ُيبارك لنا فيها‪ ،‬وأن يجعلنا َّ‬
‫أحسنه‪ .‬واهلل أعلى وأعلم‪...‬‬

‫وبار َك على نب ِّينا محمد‪.‬‬


‫وص َّلى اهلل وس َّلم َ‬
‫‪61‬‬ ‫برنامج مفاتح الطلب خالصة تعظيم العلم شرح الشيخ ‪ :‬د‪ .‬عثمان الخميس‬

You might also like