Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 290

1

‫مقدمـة‬
‫إّن اإلنسان يبحث دوما عن مسكن مالئم يأويه‪ ،‬ويأوي أفراد عائلته‪ ،‬غير أّن حصوله‬
‫على مثل هذا المسكن‪ ،‬أصبح مطلبا عسير المنال وصعب التحقيق‪ ،‬بسبب تخلف حركة البناء‬
‫عن مواجهة الزيادة الهائلة في عدد السكان‪ ،‬وتعدد أوجه النشاط في المجتمع‪ ،1‬مما أدى إلى‬
‫وجود اختالل في التوازن بين العدد القليل من السكنات‪ ،‬والطلب المرتفع عليهـا‪.‬‬

‫وأمام ه ذا الوض ع‪ ،‬اتجهت االس تثمارات في الجزائر إلى مج ال التش ييد والبناء‪ ،‬تلبيـة‬
‫للحاجات البشرية الملحة إلى المساكن والمرافق‪ ،‬ورغبة في تحقيق المكاسب السريعـة‪.‬‬

‫واس تجابة لمتطلب ات اإلنس ان المتزاي دة‪ ،‬والتض خم الس كاني المس تمر‪ ،‬توس عت دائـرة‬
‫أعمال البناء كّم ا وكيفا‪ ،‬وظهرت أساليب حضارية وتكنولوجية جديدة‪ ،‬فتطورت أساليب الفن‬
‫المعماري‪ ،‬التي أصبحت تمّك ن من انجاز المباني والمنشآت الثابتة األخرى في وقت قصير‪،‬‬
‫كما ظهر أسلوب المباني سابقة التجهيز‪ ،‬وكل ذلك يمثل عنصرا هاما من عناصر االقتصاد‬
‫القومي للدولـة‪.‬‬

‫إّن التط ور في الكّم والكي ف في مج ال التش ييد والبن اء‪ ،‬والس رعة في انج از المب اني‬
‫والمنش آت الثابت ة‪ ،‬والرغب ة في تحقي ق أك بر كس ب ممكن‪ ،‬ق د ي أتي على حس اب متان ة البن اء‬
‫وق وة تحمل ه‪ ،‬وذل ك نتيج ة ع دم الدق ة في تنفي ذ األعم ال من ط رف المق اول‪ ،‬واإلهم ال في‬
‫اإلشراف على هذه األعمال من قبل المهندس‪ ،‬أو استعمال الغش باستخدام مواد غير مطابقة‬
‫للمواص فات الفني ة المتطلب ة‪ ،‬أو اس تعمال ط رق احتيالي ة إلخف اء الخل ل‪ ،‬أو العيب الظ اهر في‬
‫البناء‪ ،‬وما يستتبعه ذلك كله من كوارث قد يروح ضحيتها الكثيـرون‪.‬‬

‫هذا التطور في مجال التشييد والبناء‪ ،‬وما قابله من حوادث انهيار المباني وتصدعها‪،‬‬
‫بع د تس لمها ب وقت قص ير‪ ،‬ب ل وأحيان ا قب ل تس لمها‪ ،‬ومن مس اٍس بس المة األف راد‪ ،‬عن طري ق‬
‫تعريض أرواحهم وأمالكهم للعديد من المخاطر واألضرار‪ ،‬كل ذلك أدى بالمشرع الجزائري‬
‫على غ رار ب اقي التش ريعات العربي ة والغربي ة‪ ،‬إلى التشديـد من مس ؤولية ك ل من المهن دس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬وذل ك ب افتراض قرين ة المس ؤولية في جانبهم ا‪ ،‬وجعلهم ا مس ؤولين‬
‫عن األض رار ال تي تص يب رب العم ل والغ ير‪ ،‬كم ا نص على بطالن أّي ش رط يعفي من‬
‫سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬عقد اإليجار‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،1997 ،‬ص‪.237‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫الضمان الخاص أو يحد منه‪ ،‬نظرا الرتباطه بالنظام العام‪ ،‬ولم يكتف بإقرار نظام المسؤولية‬
‫العقدية للمهن دس المعم اري ومق اول البناء‪ ،‬وفق ا للنظري ة العام ة‪ ،‬بشأن إخاللهم ا بالتزاماتهم ا‬
‫العقدي ة عن الف ترة الس ابقة النج از العم ل‪ ،‬وتس لمه من رب العم ل‪ ،‬وإ نم ا عم ل على تدعيم ه‬
‫بنظام الضمان العشري الذي نص عليه في المادة ‪ 554‬من القانون المدني الجزائـري‪.‬‬

‫هذا ولقد نظم المشرع الجزائري أحكام المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول‬
‫البن اء في التق نين الم دني‪ 2‬في الم ادة المن وه عنه ا س ابقا‪ ،‬وفي ع دة نص وص تش ريعية خاص ة‬
‫تتعل ق بقط اع البن اء والتعم ير‪ ،‬س يما الق انون رقم ‪ 90/29‬الم ؤرخ في ‪ 01‬ديس مبر ‪1990‬‬
‫والمتعل ق بالتهيئ ة والتعم ير‪ ،3‬والمرس وم التنفي ذي رقم ‪ 91/175‬الم ؤرخ في ‪ 28‬م اي ‪ 1991‬ال ذي‬
‫يح دد القواع د العام ة للتهيئ ة والتعم ير والبن اء‪ ،4‬والمرس وم التنفي ذي رقم ‪ 91/176‬الم ؤرخ في ‪28‬‬
‫ماي ‪ 1991‬والذي يحدد كيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة‬
‫البناء وشهادة المطابقة ورخص ة الهدم وتسليم ذلك‪ ،5‬واألمر رقم ‪ 95/07‬المؤرخ في ‪ 25‬يناير‬
‫‪ 1995‬المتعل ق بالتأمين ات ‪ ،‬والق رار ال وزاري المش ترك الم ؤرخ في ‪ 15/05/1988‬يتض من‬
‫‪6‬‬

‫كيفيات ممارسة تنفيذ األشغال في ميدان البناء وأجـر ذلك‪.7‬‬

‫ه ذه الق وانين أنش أت نوع ا خاص ا من المس ؤولية العقدي ة‪ ،‬أو نظام ا خاص ا للض مان‬
‫مقررا لمصلحة رب العمل‪ ،‬في مواجهة المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬الذي تربطه به‬
‫الص ادر بم وجب األم ر رقم ‪ 75/58‬الم ؤرخ في ‪ 26/09/1975‬المع دل والمتمم‪ ،‬منش ور في ج ر ج ج‪ ،‬ع ‪،78‬‬ ‫‪2‬‬

‫س‪ ،12‬الصادرة في ‪.30/09/1975‬‬

‫المع دل والمتمم بالمرس وم التش ريعي رقم ‪ 94/07‬الم ؤرخ في ‪ 18/05/1994‬المتعل ق بش روط اإلنت اج المعم اري‬ ‫‪3‬‬

‫وممارسة مهنة المهندس المعماري‪ ،‬وبالقانون رقم ‪ 04/05‬المؤرخ في ‪ 14/08/2004‬المتعلق بالتهيئة والتعمير‪.‬‬

‫منشور في ج ر ج ج‪ ،‬ع ‪ ،26‬س ‪ ،28‬الصادرة في ‪.01/06/1991‬‬ ‫‪4‬‬

‫المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي رقم ‪ 06/03‬المؤرخ في ‪ 07/01/2006‬الذي يضبط القيم القصوى ومستويات‬ ‫‪5‬‬

‫اإلنذار وأهداف نوعية الهواء في حالة تلوث الجو‪ ،‬وبالمرسوم التنفيذي رقم ‪ 09/307‬المؤرخ في ‪22/09/2009‬‬
‫وال ذي يح دد كيفي ات تحض ير ش هادة التعم ير ورخص ة التجزئ ة وش هادة التقس يم ورخص ة البن اء وش هادة المطابق ة‬
‫ورخصة الهدم وتسليم ذلك‪.‬‬

‫منشور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،13‬س ‪ ،32‬الصادرة في ‪.80/03/1995‬‬ ‫‪6‬‬

‫منشور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،43‬س ‪ ،25‬الصادرة في ‪.26/10/1988‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪3‬‬
‫عالقة عقدية‪ ،‬وذلك في حدود معينة‪ ،‬وشروط خاصة‪ ،‬وفي خارج هذه الحدود‪ ،‬أو في حالة‬
‫عدم توافر هذه الشروط‪ ،‬تخضع هذه المسؤولية للقواعد العامة للمسؤولية العقدية‪ ،‬وقد تتعين‬
‫كذلك مسؤولية المهندس المعماري أو مقاول البناء تقصيريا في مواجهة الغير المضـرور‪.‬‬

‫والمعلوم أّن عملية تشييد المباني‪ ،‬وإ قامة المنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬تمر بثالثة مراح ل‪،‬‬
‫تتمث ل المرحل ة األولى في إع داد التص ميم‪ ،‬ال ذي يق وم ب ه المهن دس المعم اري‪ ،‬بن اء على عق د‬
‫مقاولة يربطه بصاحب المشروع‪ ،‬ثّم تأتي المرحلة الثانية والتي يقوم فيها مقاول بناء أو أكثر‬
‫بتنفي ذ أش غال البن اء‪ ،‬وبع د االنته اء من انج از األش غال‪ ،‬ت أتي مرحل ة تس لمها من ط رف رب‬
‫العمل‪ ،‬غير أّن هذا التسلم ال يضع حّد ا اللتزامات المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬بل يمتد‬
‫التزامهما‪ ،‬بقوة القانون‪ ،‬لضمان تهدم المباني أو المنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬تهدما كليا أو جزئي ا‬
‫أو العيوب الخفية التي قد تظهر فيها‪ ،‬خالل مدة عشر سنوات‪ ،‬تبدأ من تاريخ التسلم النهائي‬
‫لألعمـال‪.‬‬

‫وفي ك ل مرحل ة من ه ذه المراح ل‪ ،‬تث ير األض رار الناجم ة عن ته دم البن اء أو تعّيبـه‬


‫نوع ا معين ا من المس ؤولية‪ ،‬ففي مرحل ة التنفي ذ يس أل المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬إمـا‬
‫طبق ا ألحك ام المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬فتث ور مس ؤوليتهما عن األفع ال الشخص ية‪ ،‬أو عن أفعـال‬
‫الت ابعين باعتبارهم ا متب وعين‪ ،‬أو عـن األش ياء الداخل ة في الحراس ة‪ ،‬وإ مـا طبق ا ألحك ام‬
‫المس ؤولية العقدي ة‪ ،‬في مواجه ة رب العم ل‪ ،‬إذا نجمت األض رار عـن اإلخالل ب التزام ين درج‬
‫في مضمون عقد المقاولة المبرم بينهـم‪.‬‬

‫وأمـا بعـد تس ليم األش غال‪ ،‬فاألص ل أّن المس ؤولية تنعق د لص احب المش روع‪ ،‬باعتب اره‬
‫المالك الذي انتقلت إليه حراسة المباني أو المنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬إال أّن المشرع الجزائري‬
‫حّم ل استثناء‪ ،‬المهندس المعماري ومقاول البناء بالتضامن مسؤولية ضمان البناء‪ ،‬عّم ا يلحقه‬
‫من تهدم كلي أو جزئي أو عيوب تهدد متانته وسالمته‪ ،‬خالل مدة عشر سنوات‪ ،‬طبقا ألحك ام‬
‫الضمان العشـري‪.‬‬

‫ورغم م ا تتم يز ب ه القواعـد السابقـة من خصوص ية وتش دد عن القواع د العام ة فـي‬


‫المسؤولية المدنية‪ ،‬فإّن المشرع الجزائري فرض التأمين اإلجباري من المسؤولية المعمارية‪،‬‬
‫على المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬حتى يتمكن المضرور من الحصول على التعويض‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫وذل ك نظ را لت داخل العناص ر المش تركة في عمليـة البنـاء‪ ،‬وتعـّد د األش خاص المسؤوليـن‪،‬‬
‫وض خامة األض رار الناجم ة عن ته دم البن اء‪ ،‬واس تجابة لالتج اه الح ديث في ضمـان وكفالـة‬
‫حقوق المضـرور‪.‬‬

‫يبـدو لي أّن موض وع ه ذه الدراسة يكتسي أهمية بالغ ة‪ ،‬ذل ك أنه وإ ن كان الكث ير من‬
‫الفقه اء‪ ،‬ق د أعط وا أهمي ة لموض وع عق د المقاول ة بش كل ع ام‪ ،‬إال أّن موض وع دراس تي ه ذه‪،‬‬
‫والخ اص بالمس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬لم يح ظ بنفس الق در من‬
‫االهتمام‪ ،‬فلم أجد في حدود علمي مراجع قانونية جزائرية‪ ،‬تطرقت إلى هذا الموضوع‪ ،‬رغم‬
‫ما يثيره من إشكاالت قانونية‪ ،‬ومن منازعات قضائية متزايدة‪ ،‬إال بعض المحاوالت لباحثين‬
‫جزائريين‪ ،‬تناولت شقا من دراستي هـذه‪.‬‬

‫وأمام هذا النقص الذي تعرفه الدراسة القانونية فيما يخص المسؤولية المدنية للمهندس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬ارت أيت أن أتناول ه كموض وع لدراس تي‪ ،‬متبع ة في ذل ك المنهـج‬
‫الوصفـي التحليلـي للنص وص القانوني ة المنظم ة لمس ؤولية المعم اريين‪ ،‬ومس تعينة بالفقـه‬
‫والتش ريع الفرنس ي‪ ،‬باعتب اره المص در الرئيس ي ال ذي أخ ذت من ه قواع د المس ؤولية المدنيـة‬
‫للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬لالس تئناس ب الحلول التـي منحـت لبعـض اإلشكـاالت‬
‫القانوني ة‪ ،‬وإليض اح بعض المفاهيـم‪ ،‬ال س يما تل ك ال تي لـم يتط رق له ا القانـون والقضـاء‬
‫الجزائريـان‪.‬‬

‫بناء على ما سبق ذك ره‪ ،‬تنحصر إش كالية الموض وع مج ال البحث في التساؤل بدايـة‬
‫عن المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء على ض وء القواع د العام ة‪ ،‬ثّم عن‬
‫مسؤوليتهما على ضوء القواعد الخاصـة؟‬

‫لإلجابـة علـى هـذه التسـاؤالت وغيرهـا‪ ،‬قّس مـت هـذه الرسالـة إلـى مقدمـة وبابيـن‬
‫وخاتمـة‪.‬‬

‫تعرضت بالتحليل في الباب األول للمسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البن اء‬
‫على ضوء القواعد العامة وقسمته إلى فصلين‪ ،‬خصصت الفصل األول اللتزامات المهندس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء الخاص ة والمش تركة‪ ،‬وبّينت في الفص ل الث اني الطبيع ة القانوني ة‬
‫لمس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬وتن اولت ب البحث في الب اب الث اني المس ؤولية‬

‫‪5‬‬
‫المدنية للمهندس المعم اري ومق اول البناء على ض وء القواع د الخاصة‪ ،‬وقسمته في فص لين‪،‬‬
‫خصصت الفصل األول لشروط تحقق المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪،‬‬
‫وتناولت في الفصل الثاني خصائص المسؤولية العشرية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪،‬‬
‫وختمت رسالتي هذه بخاتمة عامة أوجزت فيها النتائج التي توصلت إليهـا‪.‬‬

‫الباب األول‪:‬‬

‫المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫علـى ضـوء القواعـد العامـة‬

‫‪6‬‬
‫إّن المهن دس المعم اري ومق اول البن اء يرتبط ان بعق د مقاول ة م ع ص احب المش روع‪،‬‬
‫وذل ك من أج ل إنج از المش روع ال ذي ي رغب في ه ه ذا األخ ير‪ ،‬وكك ّل العق ود‪ ،‬تنش أ عن عق د‬
‫المقاول ة باعتب اره من العق ود الملزم ة للج انبين‪ ،‬التزام ات متقابل ة على ع اتق أطراف ه‪ ،‬فيل تزم‬
‫المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بتس ليم بناي ة س ليمة‪ ،‬مطابق ة للمق اييس‪ ،‬ولرغب ات ص احب‬
‫المشروع‪ ،‬متبعين في ذلك قواعد وأحكام خاصة بمهنتهم‪ ،‬مقابل أن يلتزم صاحب المشروع‬
‫بدفع األجر لهمـا‪.‬‬

‫لكن قد يقّص ر كل من المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬لسبب أو آلخر‪ ،‬في تنفيذ‬
‫مهامهم ا على النح و المطل وب‪ ،‬فينتج عن ذل ك اإلض رار ب رب العم ل‪ ،‬ب ل وق د تتع دى تل ك‬
‫األض رار ه ذا األخ ير لتش مل غ يره من األش خاص‪ ،‬ال ذين يرتبط ون بعملي ة التش ييد والبن اء‪،‬‬
‫كالع املين فيه ا أو الق ائمين عليه ا من مهندس ين ومق اولين‪ ،‬كم ا ق د يمت د أثره ا إلى أش خاص‬
‫أجانب‪ ،‬كالجيران والمـارة‪.‬‬

‫وح دوث مث ل ه ذه األض رار‪ ،‬ي ؤدي ال محال ة إلى قي ام المس ؤولية‪ ،‬ال تي تس توجب‬
‫تعويض المضرور عّم ا أصابه من ضرر‪ ،‬نتيجة إخالل المسؤول بالتزاماته التعاقديـة‪.‬‬

‫ولتحدي د مس ؤولية ك ل من المهن دس المعم اري ومق اول البن اء على ض وء القواع د‬
‫العامة‪ ،‬ارتأينا أن نقسم هذا الباب إلى فصلين‪ ،‬نتعرض في الفصل األول إلى بيان التزامات‬
‫المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬ونبّين في الفصل الثاني الطبيعة القانونية لهذه المسؤوليـة‪.‬‬

‫الفصل األول‪:‬‬

‫التزامات المهندس المعماري ومقاول البناء الخاصة والمشتركة‬


‫تتحّد د التزامات المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬بموجب عقد المقاولة الذي يبرمانه‬
‫مع صاحب المشروع‪ ،‬فيلتزمان أساسا بتنفيذ العمل المطلوب منهما‪ ،‬مّتبعين في ذلك القواعد‬
‫واألحكام التي تفرضها مهنتهما‪ ،‬وواضعين أمام أعينهما رغبة صاحب المشروع في التنفيذ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫والقاع دة أّن ه ذه االلتزام ات ال يمكن حص رها‪ ،‬إعم اال بمب دأ س لطان اإلرادة‪ ،8‬ال ذي‬
‫يجيز للمتعاقدين‪ ،‬إنشاء ما يريدانه من التزامات‪ ،‬بشرط عدم مخالفتها للنظام العام‪.‬‬

‫وسنتناول بيان أهم االلتزامات الخاصة والمشتركة‪ ،‬التي يرتبها عقد المقاولة‪ ،‬والتي‬
‫يكل ف به ا ك ل من المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬في مواجه ة ص احب المش روع‪ ،‬في‬
‫مبحثين‪.‬‬

‫المبحث األول‪:‬‬

‫االلتزامات الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫تختل ف التزام ات المهن دس المعم اري عن التزام ات مق اول البن اء‪ ،‬ح تى ل و ثبت في‬
‫بعض األحيان‪ ،‬قيام المهندس المعماري بعمل مقاول البناء والعكس‪ ،‬وهذا ما سنتعرض إليه‬
‫في المطلبين التاليين‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬االلتزامات الخاصة للمهندس المعماري‬

‫لّم ا كان المهندس المعماري‪ ،‬يتعهد بموجب العقد الذي يبرمه مع صاحب المشروع‪،‬‬
‫بأن يؤدي لحساب هذا األخير عمال معينا يباشره بشكل مستقل‪ ،‬مقابل أجر‪ ،‬فإن هذه العالقة‬

‫يذهب أنصار هذا المذهب إلى أن اإلرادة لها السلطان األكبر في تكوين العقد‪ ،‬وفي اآلثار التي تترتب عليه‪ ،‬بل‬ ‫‪8‬‬

‫وفي جمي ع الرواب ط القانوني ة ول و ك انت غ ير عقدي ة‪ ،‬إذ أن النظ ام االجتم اعي يرتك ز على الف رد‪ ،‬والف رد ال يس تكمل‬
‫شخص يته إال بالحري ة‪ ،‬ب ل إّن مظه ر ه ذه الشخص ية هي اإلرادة الح رة المس تقلة‪ ،‬ل ذلك ك ان من ال واجب أن تك ون‬
‫روابط الفرد بغيره من أفراد المجتمع أساسها اإلرادة الحرة‪ ،‬فال يخضع لواجب ات إال إذا كان قد ارتضاها مختارا‪،‬‬
‫وما مهمة القانون إال تحقيق حرية كل فرد‪ ،‬بحيث ال تتعارض هذه الحرية مع حريات اآلخرين‪.‬‬

‫‪ -‬لتفاصيل أكثر‪ ،‬يراجع‪ :‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪،‬‬
‫المصدر‪ -‬اإلثب ات‪ -‬اآلث ار‪ -‬األوصاف‪ -‬االنتقال‪ -‬االنقضاء‪ ،‬الج زء األول‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،1966 ،‬‬
‫ص‪ 29‬وما يليها‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫بينهم ا تت وافر فيه ا ك ل خص ائص عق د المقاول ة‪ ،9‬وبم ا أن عق د المقاول ة من العق ود الملزم ة‬
‫للج انبين‪ ،‬فه و ينش ئ التزام ات متبادل ة على ع اتق ك ل من ص احب المش روع والمهن دس‬
‫المعماري‪ ،‬ومن تم م تى نشأ هذا العق د ص حيحا‪ ،‬مكتم ل األركان والشروط‪ ،‬فإنه كأّي اتفاق‬
‫تعاقدي‪ ،‬يرتب التزامات في ذمة طرفيه‪.‬‬

‫وسأقتص ر في ه ذا المطلب على بي ان التزام ات المهن دس المعم اري دون التط رق‬
‫اللتزام ات ص احب المش روع‪ ،‬كونه ا تخ رج عن نط اق دراس تي‪ ،‬فم ا هي التزام ات المهن دس‬
‫المعماري الناتجة عن عقد المقاولة؟‬

‫نّص المش رع الجزائ ري على التزام ات المهن دس المعم اري في الم ادتين ‪ 555‬و‪563‬‬
‫من الق انون الم دني‪ ،‬كم ا نص عليه ا في ع ّد ة نص وص تش ريعية خاص ة‪ ،‬تتعل ق بمج ال البن اء‬
‫والتعمير‪.10‬‬

‫فالعقد الذي يربط صاحب المشروع بالمهندس المعماري هو عقد مدني‪ ،‬متى كان صاحب المشروع يتعاقد لحاجاته‬ ‫‪9‬‬

‫الخاصة‪ ،‬إذ أّن عمل المهندس المعماري هو دائما عمل مدني‪ ،‬فال تتوافر فيه صفات التاجر‪ ،‬وقد يكون هذا العقد‬
‫مختلط ا‪ ،‬م تى ك ان ص احب المش روع ت اجرا‪ ،‬ولج أ إلى المهن دس المعم اري لغاي ة تجارت ه‪ ،‬مث ل مؤسس ات الترقي ة‬
‫العقارية التي منحها المشرع صفة التاجر‪ ،‬ألنها تبرم عقود مقاولة بناء لبيع المباني بعد انجازها قصد المضاربة‪.‬‬

‫هذه النصوص القانونية شملها‪ ،‬القانون رقم ‪ 90/29‬المؤرخ في ‪ 01/12/1990‬يتعلق بالتهيئة والتعمير‪ ،‬معدل‬ ‫‪10‬‬

‫ومتمم بالمرس وم التش ريعي رقم ‪ 94/07‬الم ؤرخ في ‪ 18/05/1994‬المتعل ق بش روط اإلنت اج المعم اري وممارس ة‬
‫مهنة المهندس المعماري وبالقانون رقم ‪ 04/05‬المؤرخ في ‪ 14/08/2004‬المتعلق بالتهيئة والتعمير‪.‬‬

‫والمرسوم التنفيذي رقم ‪ 91/175‬المؤرخ في ‪ 28/05/1991‬يحدد القواعد العامة للتهيئة والتعمير والبناء‪.‬‬

‫والمرسوم التنفيذي رقم ‪ 91/176‬المؤرخ في ‪ 28/05/1991‬يحدد كيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة‬
‫وشهادة التقسيم ورخصة البناء وشهادة المطابقة ورخصة الهدم وتسليم ذلك‪ ،‬المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي رقم‬
‫‪ 06/03‬الم ؤرخ في ‪ 07/01/2006‬ال ذي يض بط القيم القص وى ومس تويات اإلن ذار وأه داف نوعي ة اله واء في حال ة‬
‫تل وث الج و‪ ،‬وبالمرس وم التنفي ذي رقم ‪ 09/307‬الم ؤرخ في ‪ 22/09/2009‬وال ذي يح دد كيفي ات تحض ير ش هادة‬
‫التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة البناء وشهادة المطابقة ورخصة الهدم وتسليم ذلك‪.‬‬

‫والقرار الوزاري المشترك المؤرخ في ‪ 15/05/1988‬يتضمن كيفيات ممارسة تنفيذ األشغال في ميدان البن اء وأجر‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫يستخلص من كل هذه النصوص مجتمعة‪ ،‬أّن االلتزامات الرئيسية التي تقع على عاتق‬
‫المهندس المعماري‪ ،‬بموجب عقد المقاولة‪ ،‬تتمثل في وضع تصميم األعمال المراد إنشاؤها‪،‬‬
‫واإلشراف على تنفيذ هذه األعمال ورقابتها‪.‬‬

‫وس نتطرق فيم ا يلي إلى ه ذه االلتزام ات‪ ،‬آخ ذين بعين االعتب ار‪ ،‬أن تك ون مهم ة‬
‫المهن دس المعم اري ش املة‪ ،‬بحيث يق وم بوض ع تص ميم األعم ال‪ ،‬واإلش راف على تنفي ذها‪،11‬‬
‫فيك ون عندئ ذ عق د المقاول ة ال ذي يربط ه بص احب المش روع‪ ،‬عق د استش ارة فني ة ‪ ،12‬وتك ون‬
‫وظيفته شاملة لمهام التصميم‪ ،‬والدراسات‪ ،‬والمساعدة‪ ،‬والمتابعة‪ ،‬والمراقبة‪ ،‬وانجاز المباني‬
‫مهما تكن طبيعتها ووجهتها‪ ،13‬وهذا ما سنتناوله تباعا‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التزام المهندس المعماري بوضع التصميم‬

‫يعتبر تصميم األعمال في الواقع جوهر مهنة المهندس المعماري‪ ،‬وتتمثل هذه المهمة‬
‫في وض ع الرس م الهندس ي الم راد إنش اؤه‪ ،‬وإ ع داد المقايس ات ال تي س يتم تنفي ذ األعم ال على‬

‫يمكن أن تقتصر مهمة المهندس المعماري في وضع التصميم دون أن يكلف بالرقابة على التنفيذ‪ ،‬وهذا ما ينتقده‬ ‫‪11‬‬

‫المه نيون‪ ،‬إذ أنهم ي رون أن حس ن تنفي ذ أعم الهم الذهني ة فيم ا وض عوه من تص اميم‪ ،‬ال يك ون إال بمراقب ة تنفي ذ م ا‬
‫أنج زوه شخص يا‪ ،‬ألنهم أدرى به ذه التص اميم‪ ،‬وبمتطلب ات تنفي ذها‪ ،‬إذ كث يرا م ا يض ع المهن دس المعم اري تص ميما‬
‫هندسيا‪ ،‬ويكون التنفيذ والعمل النهائي له‪ ،‬مختلفا تماما عما كان منتظرا‪ ،‬وهو ما يعتبره هؤالء المهندسون مساسا‬
‫بأعمالهم األدبية‪.‬‬

‫ينظم االستشارة الفنية القرار الوزاري المشترك المؤرخ في ‪ ،15/05/1988‬الذي يتضمن كيفيات ممارسة تنفيذ‬ ‫‪12‬‬

‫األشغال في ميدان البناء وأجر ذلك‪= .‬‬

‫= إّن ه ذا الق رار ينظم عملي ة االستش ارية الفني ة في البن اء‪ ،‬لحس اب اإلدارات التابع ة للدول ة‪ ،‬والجماع ات المحلي ة‬
‫والهيئات العمومية ذات الطابع اإلداري‪.‬‬

‫وبما أّن المشرع الجزائري لم ينظم هذه العملية في المجال الخاص‪ ،‬ولم يتطرق لعالقات صاحب المشروع بصاحب‬
‫العم ل في الق انون الم دني الجزائ ري‪ ،‬رغم أن ه تط رق لعالقت ه بالمق اول‪ ،‬ف ان مح ترفي البن اء في المي دان الخ اص‬
‫يطبقون القرار المشار إليه‪ ،‬لتنظيم عالقاتهم في ميدان االستشارة الفنية‪ ،‬فأحكام هذا القرار تصلح لتنظيم الصفقات‬
‫العمومية‪ ،‬والخاصة‪ ،‬وحتى لبناء المساكن الفردية‪.‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 2‬من القرار الوزاري المشترك السالف الذكر‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪10‬‬
‫ضوئها‪ ،‬ويسلم المهندس المعماري نسخة من كل من الرسم والمقايسات لصاحب المش روع‪،14‬‬
‫وصورا منها لجهة اإلدارة للحصول على رخصة البناء‪.15‬‬

‫هذا وقد أصبح لجوء صاحب المشروع إلى مهندس معماري من أجل وضع التص ميم‪،‬‬
‫أمرا إجباريا‪ ،‬سيما بالنسبة لألعمال التي يتعين الحصول فيها على ترخيص إداري مسبق‪،16‬‬
‫فلبناء منزل‪ ،‬أو عمارة‪ ،‬أو بناية لصالح الدولة‪ ،‬أو أية بناية أخرى‪ ،‬يحتاج صاحب المشروع‬
‫لرخص ة بن اء‪ ،‬تس لمها إي اه المص الح المختص ة‪ ،‬ويتعين أن يرف ق طلب البن اء‪ 17‬بمل ف يش تمل‬
‫على مجموعة من الوثائق‪.18‬‬

‫يكون المهندس المعماري وحده‪ ،‬مؤهال لوضع المشروع المعماري‪ ،‬الذي يحتوي على‬
‫تص اميم‪ ،‬ووث ائق ت بّين موق ع المش روع‪ ،‬وتنظيم ه‪ ،‬وحجم ه‪ ،‬ومظه ر الواجه ات‪ ،‬وك ذا م واد‬
‫البناء‪ ،‬واأللوان المختارة‪.‬‬

‫صاحب المشروع (‪ )Le maitre de l’ouvrage‬هو رب العمل في عقد المقاولة‪ ،‬وهو الشخص الذي ينفذ المشروع‬ ‫‪14‬‬

‫لصالحه‪ ،‬وكقاعدة عامة يكون هو مالك األرض أو صاحب حق البناء عليها‪ ،‬كالمستأجر المرخص له قانونا‪ ،‬والذي‬
‫يله السلطة االقتصادية في عملية البناء‪ ،‬أي أنه هو من يلتزم بدفع األجر للمتعاقد اآلخر‪.‬‬

‫رخص ة البن اء هي وثيق ة إداري ة‪ ،‬تص در بم وجب ق رار إداري‪ ،‬تمنح بمقتض اه اإلدارة لطالبه ا‪ ،‬الح ق في انج از‬ ‫‪15‬‬

‫مش روعه‪ ،‬بع د التأك د من ع دم خرق ه لألحك ام المتعلق ة بالتهيئ ة والتعم ير‪ ،‬وك ذلك المخطط ات الخاص ة‪ ،‬والبيئ ة‪،‬‬
‫والمناطق المحمية‪ ،‬وعليه تعتبر رخصة البناء وسيلة تقيد الحق في البناء الذي يتمتع به المالك‪ .‬يراجع بهذا الصدد‪:‬‬
‫منصوري نورة‪ ،‬قواعد التهيئة والتعمير وفق التشريع‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص ‪.39‬‬

‫نشير هنا أن رخصة البناء ال تعد سندا إلثبات الملكية العقارية‪ .‬انظر قرار م ع غ ع‪ ،‬مل ف رقم ‪ ،413398‬الص ادر‬
‫بتاريخ ‪ ،12/09/2007‬منشور بـ م‪.‬م‪.‬ع‪ ،‬ع ‪ ،1‬س‪ ،2008‬ص‪.231‬‬

‫أي على رخص ة بن اء‪ ،‬وه و م ا نص ت علي ه ص راحة الم ادة ‪ 55/1‬من الق انون رقم ‪ 90/29‬المتعل ق بالتهيئ ة‬ ‫‪16‬‬

‫والتعم ير‪ ،‬المع دل والمتمم بالق انون رقم ‪ 04/05‬الم ؤرخ في ‪ 14/08/2004‬وال تي ج اء فيه ا‪ " :‬يجب أن يتم إع داد‬
‫مشاريع البن اء الخاضعة لرخصة البناء من طرف مهندس معماري ومهندس في الهندسة المدنية معتمدين معا‪ ،‬في‬
‫إطار عقد إدارة المشروع"‪.‬‬

‫ص احب طلب رخص ة البن اء يك ون ه و المال ك‪ ،‬أو موكل ه‪ ،‬أو المس تأجر لدي ه الم رخص ل ه قانون ا‪ ،‬أو الهيئ ة‪ ،‬أو‬ ‫‪17‬‬

‫المصلحة المخصصة لها قطعة األرض أو البناية‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 34‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 91/176‬المؤرخ في‬
‫‪ ،28/05/1991‬المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي رقم ‪ 09/307‬المؤرخ في ‪.22/09/2009‬‬

‫في محتوى ملف طلب رخصة البناء‪ ،‬يراجع نص المادة ‪ 35‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 91/176‬السالف الذكر‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪11‬‬
‫يلتزم المهندس المعماري‪ ،‬بناء على عقد المقاولة المبرم بينه وبين صاحب المشروع‪،‬‬
‫بإعداد مشروع بناء‪ ،‬ومن أج ل ذلك يقوم بوضع رسومات مبدئية لألشغال المراد انجازها‪،‬‬
‫وبمش روع تمهي دي يط ّو ره ليص بح مش روعا تنفي ذيا‪ ،‬وبمس اعدة ص احب المش روع في اختي ار‬
‫المقاول الكفء‪ ،‬األجدر لتنفيذ التصاميم التي وضعها‪.19‬‬

‫يت ولى المهن دس المعم اري مهم ة وض ع التص ميم‪ ،‬للبن اءات ال تي كلف ه به ا ص احب‬
‫المش روع‪ ،‬وفق ا لرغبات ه‪ ،‬ومن أج ل ذل ك يق وم المهن دس المعم اري بإع داد رس م مب دئي‪ ،‬ي بّين‬
‫الج انب المعم اري المق ترح‪ ،‬ويتض من البيان ات المتعلق ة بإقام ة المب نى‪ ،‬ومداخل ه‪ ،‬ومس احاته‪،‬‬
‫وظ روف الج وار‪ ،‬ويحت وي على المخط ط البي اني لك ل مس توى على ح دى‪ ،‬ويتمم ه ذا الرس م‬
‫بمذكرة‪ ،‬توضح األجزاء األساسية المعتمدة‪ ،‬وتقديرا تقريبيا لكلفة العملية‪ ،‬بموجب كشف كمي‬
‫موجز‪.‬‬

‫وتتمثل مهم ة الرس م المب دئي في إع داد مش روعين أو ثالثة منه‪ ،‬تح دد جانبا‪ ،‬أو ع دة‬
‫جوانب هندسية معمارية‪ ،‬وفي إعداد تقرير تقديمي يشتمل على الوثائق المرسومة‪ ،‬والوثائق‬
‫المكتوبة‪.20‬‬

‫إضافة للرسم المبدئي‪ ،‬يلتزم المهندس المعماري‪ ،‬بإعداد مشروع تمهيدي‪ ،‬يتمثل في‬
‫دراس ة م وجزة مبني ة على أرق ام‪ ،‬لح ل ش امل يس مح بانج از المش روع المق ترح من ط رف‬
‫صاحب المشروع‪ ،‬وتنتهي مهمة المشروع التمهيدي‪ ،‬بتقديم الملف المطابق لرب العمل قصد‬
‫الموافقة عليه‪ ،‬وبعد مصادقة هذا األخير عليه‪ ،‬يقوم المهندس المعماري بمساعدة رب العمل‬
‫في تحضير الملف المتعلق بطلب رخصة البناء‪.21‬‬

‫يق وم بع دها المهن دس المعم اري بإع داد مش روع تنفي ذي‪ ،‬يتمث ل في دراس ة وص فية‬
‫وموض حة وم بررة لألحك ام التقني ة المقترح ة‪ ،‬وال تي تتض من المل ف التق ني للمب نى أو للمب اني‬

‫‪ 19‬نّص المشرع الجزائري على هذه المهام في المادة ‪ 5‬من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في ‪،15/05/1988‬‬
‫سالف الذكر‪.‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 6‬من نفس القرار الوزاري المشترك‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 7‬من القرار الوزاري المشترك المنوه عنه أعاله‪.‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪12‬‬
‫الموزع ة لحص ص أو أج زاء‪ ،‬وتتض من ه ذه الدراس ة وث ائق مكتوب ة‪ ،22‬ووث ائق مرس ومة‪،23‬‬
‫وكل وثيقة أخرى تندرج في ح دود هذه المهمة‪ ،‬وتكون ضرورية لتق دير تصميم المشروع‪،‬‬
‫وكيفي ة عمل ه على نح و أفض ل‪ ،‬على أن يق دم مل ف التنفي ذ ه ذا لمص ادقة رب العم ل‪ ،‬قص د‬
‫الموافقة عليه حسب مخطط معد لهذا الغرض‪.‬‬

‫كم ا يجب على المهن دس المعم اري عن د وض عه التص ميم‪ ،‬اح ترام القي ود الناتج ة عن‬
‫مختل ف التنظيم ات ذات الط ابع التق ني والعم راني‪ ،‬فال ب ّد أن يتقّي د باألحك ام المس طرة في‬
‫القواع د العام ة للتهيئ ة والتعم ير والبن اء‪ ،24‬وبخاص ة م ا تعل ق بموق ع البن اءات‪ ،‬ومس احتها‪،‬‬
‫وبمظه ر البناي ات‪ ،‬من حيث حجمه ا‪ ،‬أو مظهره ا الخ ارجي‪ ،‬والمحافظ ة على آف اق المع الم‬
‫األثرية‪ ،‬واحترام مساحة الغرف‪ ،‬وعلو الجدران‪ ،‬وأحكام اإلنارة‪ ،‬وتهوية الغرف‪.‬‬

‫ويجب على المهن دس المعم اري اح ترام قواع د الق انون الم دني‪ ،‬كتل ك المتعلق ة بحق وق‬
‫االرتفاق‪ ،‬وبالقيود التي تلحق حق الملكية‪ ،25‬وبصفة عامة احترام أصول الفن والحرفة‪.‬‬

‫ينبغي على المهن دس المعم اري أن يس اعد ص احب المش روع في تحض ير المل ف‬
‫المتعل ق برخص ة البن اء‪ ،‬عن طري ق تحض ير الوث ائق التقني ة الالزم ة ل ذلك‪ ،‬وإ عالم ه بكاف ة‬
‫الوثائق التي يجب عليه أن يدرجها بملف الطلب‪.26‬‬

‫تتمث ل ه ذه الوث ائق في دف اتر المواص فات التقني ة‪ ،‬وكش فا وص فيا ش امال وحس ب ك ل حص ة‪ ،‬وكش فا كمي ا وتق ديريا‬ ‫‪22‬‬

‫شامال وحسب كل حصة مع جدول ملخص‪ ،‬ومخططا تنفيذيا ألشغال كل أقسام المشروع‪.‬‬

‫هي مجموع ة من المخطط ات التقني ة ال تي يتم بموجبه ا تش ييد البناي ة‪ .‬انظ ر في تفص يل ذل ك‪ ،‬الم ادة ‪ 8‬من الق رار‬ ‫‪23‬‬

‫الوزاري المذكور‪.‬‬

‫س يما أحك ام المرس وم التنفي ذي رقم ‪ 91/175‬الم ؤرخ في ‪ 28/05/1991‬ال ذي يح دد القواع د العام ة للتهيئ ة‬ ‫‪24‬‬

‫والتعمير والبناء‪ ،‬والقانون رقم ‪ 90/29‬المؤرخ في ‪ 01/12/1990‬المتعلق بالتهيئة والتعمير المعدل والمتمم‪.‬‬

‫المنصوص عليها في المادة ‪ 690‬وما يليها من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪25‬‬

‫يراج ع ق رار م ع غ م‪ ،‬مل ف رقم ‪ ،393987‬الص ادر بت اريخ ‪ ،14/03/2007‬منش ور بـ م‪.‬م‪.‬ع‪ ،‬ع ‪ ،1‬س‪،2007‬‬
‫ص‪.453‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 9‬من القرار الوزاري المشترك المذكور أعاله‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪13‬‬
‫وق د يتم االتف اق بين أط راف عق د المقاول ة‪ ،‬على أن ي ودع المهن دس المعم اري بنفس ه‪،‬‬
‫الملف المتضمن رخصة البناء‪ ،27‬للمصالح اإلدارية المختصة‪.28‬‬

‫ويجب على المهندس المعماري أيضا‪ ،‬مساعدة صاحب المشروع في اختيار المقاول‬
‫الكفء‪ ،‬ال ذي س ينفذ التص ميم ال ذي وض عه‪ ،‬على أحس ن وج ه‪ ،‬و في أق رب اآلج ال‪ ،‬وبأق ل‬
‫النفقات‪ ،29‬فينصحه بأن يبتعد عن أّي مقاول بناء‪ ،‬مشكوك في سمعته‪ ،‬وفي قدراته في انجاز‬
‫المشروع‪.‬‬

‫كما يساعد المهندس المعماري صاحب المشروع في تحضير ملف االستشارة الفنية‪،‬‬
‫أو طلب المناقص ة في ص فقات البن اء الهام ة‪ ،‬ويعين ه في تحلي ل وتق ييم الع روض ال تي يق دمها‬
‫المق اولون‪ ،‬كم ا يس تعين ص احب المش روع لص ياغة وض بط الص فقة ال تي تربط ه بالمق اول‪،‬‬
‫فيحدد المهندس التزامات وحقوق كل طرف‪.30‬‬

‫هذا وإ ّن توقيع الرسومات من طرف المهندس المعماري‪ ،‬يفترض أنها منسوبة إليه‪،‬‬
‫ح تى ول و لم يكن ه و من أع ّد ها بالفع ل‪ ،‬ذل ك أن ه يتعين‪ ،‬في ه ذا الف رض األخ ير‪ ،‬أن يق وم‬
‫بمراجعته ا‪ ،‬والتأك د من مطابقته ا لألص ول الفني ة‪ ،‬قب ل وض ع التوقي ع عليه ا‪ ،‬وإ ال ق امت‬
‫مسؤوليته‪.‬‬

‫يق ع ه ذا االتف اق غالب ا في الص فقات الهام ة‪ ،‬وال تي ت درج ض من بنوده ا‪ ،‬ال تزام المهن دس المعم اري بالقي ام بجمي ع‬ ‫‪27‬‬

‫اإلجراءات اإلدارية الالزمة للحصول على جميع الرخص‪ ،‬ومنها رخصة البناء‪.‬‬

‫يرسل الملف المتضمن طلب رخصة البناء‪ ،‬في خمس نسخ‪ ،‬إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي للبلدية الكائن بها‬ ‫‪28‬‬

‫العقار موضوع البناء‪ ،‬مقابل وصل إيداع‪ ،‬يوضح فيه بشكل مفصل ودقيق نوع الوثائق المقدمة‪.‬‬

‫‪ -‬لتفاصيل أكثر حول إجراءات دراسة طلب البناء وتسليم رخصة البناء‪ ،‬يراجع‪ :‬شيخ سناء‪ -‬شيخ نسيمة‪( ،‬أحكام‬
‫رخصة البناء والمنازعات المتعلقة بها)‪ ،‬الملتقى الوطني األول حول تأثير نظام الرخص العمرانية على البيئة‪15 ،‬‬
‫‪=.‬‬ ‫و‪ 16‬ماي ‪ ،2013‬مخبر القانون العقاري والبيئة‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس‪ -‬مستغانم‪ ،‬ص‬

‫= منصوري نورة‪ ،‬قواعد التهيئة والتعمير وفق التشريع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 44‬إلى ‪.47‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 9‬من القرار الوزاري المشترك سالف الذكر‪.‬‬ ‫‪29‬‬

‫حمادي جازية مجيدة‪ ،‬عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص‪،‬‬ ‫‪30‬‬

‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،2003-2002 ،‬ص‬


‫‪14‬‬
‫بع د إع داد المهن دس المعم اري الرس م الهندس ي للعم ل الم راد انج ازه‪ ،‬يت ولى إع داد‬
‫المقايسات الواجبة‪ ،‬وهي على ثالثة أنواع‪:‬‬

‫المقايسة الوصفية‬ ‫‪-‬‬

‫هي عب ارة عن بي ان كت ابي يض عه المهن دس المعم اري‪ ،‬يوض ح في ه أن واع الم واد‬
‫المختلفة الالزمة لتنفيذ التصميمات التي وضعها‪ ،‬وطبيعة كل نوع‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وخصائصه التي‬
‫تمّيزه عن غيره‪ ،‬وكيفية استخدامها‪.‬‬

‫المقايسة الكميـة‬ ‫‪-‬‬

‫تتضمن تقديرا تقريبيا ألحجام ومساحات أو مسطحات األعمال‪ ،‬وهي تختص ببيان كّم‬
‫المواد الالزمة لتنفيذ التصميم‪ ،‬سواء تعلق هذا الكّم ‪ ،‬ببيان النسب المختلفة للمواد المستخدمة‬
‫في البن اء‪ ،‬وال تي بان دماجها مع ا‪ ،‬ينتج هيك ل البن اء الم راد انج ازه‪ ،‬أو تتعل ق ببي ان الكمي ات‬
‫اإلجمالية من المواد المطلوب الحصول عليها لتشييد البناء‪.31‬‬

‫المقايسة التقديرية‬ ‫‪-‬‬

‫تتضمن تقديرا تقريبيا لتكاليف األعمال‪ ،‬وفقا للتفاصيل الواردة في المقايسة الكمية‪.‬‬

‫ويتعين على المهن دس المعم اري عن د تنفي ذه اللتزام ه بوض ع التص ميم‪ ،‬أن ي راعي‬
‫مجموع ة من الواجب ات تقتض يها قواع د الفن المعم اري وأص ول الص نعة‪ ،‬والق وانين والل وائح‬
‫المنظم ة لمج ال البن اء‪ ،‬ف إن خالفه ا‪ ،‬اعت بر مخطئ ا‪ ،‬ومن تم ت رتبت مس ؤوليته عن جمي ع‬
‫األضرار التي تلحق بالمباني والمنشآت الثابتة‪ ،‬من تهدم أو عيوب تهدد متانتها وسالمتها‪ ،‬أو‬
‫تجعلها غير صالحة لتحقيق الغرض منها‪ ،‬وهذا ما سأبحثه بشيء من التفصيل فيما يلي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬واجب احترام أصول الفن‬

‫عب د ال رازق حس ين يس‪ ،‬المس ؤولية الخاص ة بالمهن دس المعم اري ومق اول البن اء (ش روطها‪ ،‬نط اق تطبيقه ا‪،‬‬ ‫‪31‬‬

‫الضمانات المستحدثة فيها)‪ ،‬دراسة مقارنة في القانون المدني‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪.757‬‬
‫‪15‬‬
‫يقصد بأصول الفن‪ ،‬المهارة أو اللباقة المعتادة التي يمكن لصاحب المشروع انتظاره ا‬
‫من كل محترف يتدخل في عملية البناء‪ ،‬ويستحيل تحديدها نظرا لكثرتها‪ ،‬فقد تتعلق بطبيعة‬
‫األرض‪ ،‬وخصوص يات التص اميم‪ ،‬والحس ابات الخاص ة بتش ييد البناي ة‪ ،‬وبط رق التنفي ذ التقني ة‬
‫لألشغال‪ ،‬وغيرها من المعالم‪.32‬‬

‫وأص ول الفن تنش أ عن تج ارب وإ ع دادات تدريجي ة‪ ،‬فال يمكن إذن اعتب ار م واد‬
‫وتقنيات البناء الحديثة من قبيل أصول الفن‪ ،‬إال بعد أن تثبت صالحية هذه المواد والتقنيات‬
‫الحديثة‪ ،‬بعد مرور زمن معين‪ ،‬ويتم اعتمادها‪ ،‬وقبولها من طرف المحترفين المختصين في‬
‫مجال البناء‪.‬‬

‫والقول بهذا الرأي‪ ،‬ال يعني بالضرورة أّن ظهور العيب بالبناية‪ ،‬خالل فترة الضمان‪،‬‬
‫أو بع دها‪ ،‬يرج ع إلى مخالف ة المهن دس المعم اري ألص ول الفن‪ ،‬فق د ينتج العيب رغم ع دم‬
‫مخالفة هذا األخير ألصول الفن‪ ،‬وذلك بسبب أجنبي‪ ،‬كالقوة القاهرة‪ ،‬أو فعل الغير‪ ،‬أو فعل‬
‫ص احب المش روع‪ ،‬وق د ينتج العيب عن اس تعمال تقني ات جدي دة‪ ،‬ت ؤدي إلى مخ اطر غ ير‬
‫متوقعة‪ ،‬أو عن استعمال أصول فن قديمة متجاوزة‪ ،‬كما قد يرجع العيب إلى سوء التنفيذ‪.33‬‬

‫واح ترام المهن دس المعم اري ألص ول الفن‪ ،‬من ش أنه أن ي ؤدي ع ادة إلى انج از بناي ة‬
‫سليمة‪ ،‬خالية من العيوب‪ ،‬ومقاومة للزمن‪.‬‬

‫هذا ولقد نص المشرع الجزائري في المادة ‪ 21‬من القرار الوزاري المشترك الم ؤرخ‬
‫في ‪ 15‬ماي ‪ 1988‬والذي يتضمن كيفيات ممارسة تنفيذ األشغال في ميدان البناء وأجر ذلك‪،‬‬
‫على وج وب تنفي ذ المهن دس المعم اري – باعتب اره مستش ارا فني ا‪ – 34‬المه ام المس ندة إلي ه من‬
‫ط رف ص احب المش روع‪ ،‬طبق ا للش روط التعاقدي ة‪ ،‬ولقواع د الفن‪ ،‬وأع راف المهن ة‪ ،‬دون أن‬

‫‪32‬‬
‫‪H.PERINET-MARQUET, La responsabilité des constructeurs, Edition Dalloz, Paris, 1996, p 7.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪KARILA Jean-Pierre, La responsabilité des constructeurs , 2ème édition, Delmas, 1991, p32.‬‬

‫‪ 34‬عّر ف المشرع الجزائري المستشار الفني‪ -‬الذي يطلق عليه مصطلح " صاحب العمل"‪ -‬في المادة ‪ 3‬من القرار‬
‫ال وزاري المش ترك الم ؤرخ في ‪ ،15/05/1988‬بأن ه‪ " :‬ش خص ط بيعي أو معن وي‪ ،‬تت وفر في ه الش روط والم ؤهالت‬
‫المهنية والكفاءات التقنية والوسائل الالزمة في مجال البناء‪ ،‬لصالح رب العمل وذلك بالتزامه إزاء هذا األخير على‬
‫أس اس الغ رض المطل وب‪ ،‬وأج ل مح دد ومق اييس نوعي ة"‪ ،‬وذل ك تحت مس ؤوليته الكامل ة‪ ،‬وفي إط ار االلتزام ات‬
‫التعاقدية التي تربطه بصاحب المشروع طبقا للمادة ‪ 2‬من القرار سالف الذكر‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫يعطي تعريفا لهذه القواعد‪ ،‬أو يبّين ما هي هذه األصول والمقاييس التي يتعين على المهندس‬
‫المعم اري احترامه ا‪ ،‬األم ر ال ذي يجع ل المح ترفين الجزائ ريين‪ ،‬يعتم دون ع ادة عن د تنفي ذهم‬
‫اللتزاماتهم التعاقدية‪ ،‬على قواعد فـن فرنسيـة‪ ،35‬متى تـّم النص صراحة في عقد المقاولة‬

‫على ضرورة اعتمادها‪.36‬‬

‫ويكون المهندس المعماري مخال بواجب احترام أصول الفن‪ ،‬حتى لو اقتصر دوره‪،‬‬
‫على وض ع التص ميم دون اإلش راف على التنفي ذ‪ ،‬طالم ا لم يب د تحفظ ات ب ذلك‪ ،‬على أش غال‬
‫التنفيذ والتصميم عند تدخله في عملية البناء‪.37‬‬

‫ويتعين على المهن دس المعم اري في تنفي ذه له ذا ال واجب‪ ،‬أن يل تزم باألص ول الفني ة‪،‬‬
‫التي ينبغي على كل متخصص في فن المعمار‪ ،‬معرفتها واحترامها‪ ،‬وإ ال كان مخطئا‪ ،‬حتى‬
‫ول و ك ان ق د راعى في ه ذا الش أن‪ ،‬م ا تفرض ه الل وائح والق وانين المنظم ة لعملي ات البن اء من‬
‫قيود‪.‬‬

‫وق د يك ون المستش ار الف ني‪ ،‬إم ا مهندس ا معماري ا‪ ،‬م تى كل ف بمه ام التص ميم‪ ،‬ووض ع المقايس ة‪ ،‬ومراقب ة ومتابع ة‬
‫األشغال‪ ،‬وقد يكون مكتبا للدراسات‪ ،‬مختصا في مجال معين أو متعدد االختصاصات معتمدا (المادة ‪ 3/2‬من نفس‬
‫القرار الوزاري)‪.‬‬

‫أدرجت بعض أصول الفن هذه‪ ،‬ضمن وثائق تقنية موحدة (‪ ،)Document Technique Unifié‬منشورة من طرف‬ ‫‪35‬‬

‫المركز العلمي والتقني للبناء ( ‪ ،)Centre Scientifique Technique du Bâtiment‬تحّد د الشروط التقنية الختيار المواد‬
‫المستعملة وطرق البناء‪.‬‬

‫وتوجد قواعد فن أخرى‪ ،‬هي مقاييس ‪ AFNOR‬الفرنسية‪ ،‬والتي يحيل إليها عادة أطراف العقد‪ ،‬عوض تحديدهم هذه‬
‫الشروط‪ ،‬وهذه المقاييس تمت دراستها بدقة‪ ،‬فهي تضمن لألطراف السير الحسن لتنفيذ العقد‪ ،‬لذلك يتفق األطراف‬
‫غالبا على أن يتّم التنفيذ وفق مقاييس ‪ ،AFNOR‬والوثائق التقنية الموحدة لضمان احترام أصول الفن‪.‬‬

‫‪- Norme AFNOR: Association Française de Normalisation. B.BOUBLI, Contrat d’entreprise, Encyclopédie‬‬
‫‪DALLOZ, Civil IV, Editions DALLOZ, Paris, 1999, p 9.‬‬

‫‪ 36‬ال تعت بر ه ذه القواع د الفني ة إلزامي ة لم ؤجري العم ل‪ ،‬إال إذا تّم النص عليه ا ص راحة في العق د‪ ،‬وع ادة م ا ي درج‬
‫أطراف عقد المقاولة هذه القواعد ضمن القسم الخاص بدفتر التعليمات التقنية‪ ،‬لبيان االعتبارات التي يتم بموجبه ا‬
‫اختيار المواد المستعملة في البناء‪ ،‬وطريقة البناء المعتمدة‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫‪PERINET-MARQUET Huges, Architectes, Droit de la construction, éditions Dalloz, Paris, 2000, p12.‬‬
‫‪17‬‬
‫وتطبيق ا ل ذلك‪ ،‬يك ون المهن دس المعم اري مس ؤوال‪ ،‬حين يق وم بتص ميم أساس ات غ ير‬
‫كافي ة لحم ل المب اني أو المنش آت الثابت ة األخ رى‪ ،38‬ب أن تك ون غ ير مرتبط ة ببعض ها البعض‬
‫ارتباطا كافيا‪ ،‬أو غير مرتكزة على طبقة صلبة في باطن األرض‪ ،‬أو غير كافية عددا وكيفا‪،‬‬
‫كأن تكون نسب تكوينها‪ ،‬مخالفة لما تقتضيه أصول الفن وقواعده‪ ،‬جنوحا منه إلى التوفير في‬
‫كمية االسمنت‪ ،‬وحديد التسليح‪ ،‬أو غير ذلك‪.‬‬

‫كم ا يك ون مخطئ ا‪ ،‬إذا م ا ه و ص مم األعم دة‪ ،‬أو األس قف‪ ،‬أو الج دران‪ ،‬وك ل الهياك ل‬
‫الحامل ة للبن اء‪ ،‬بطريق ة تجعله ا غ ير ق ادرة على حم ل البن اءات أو المنش آت الثابت ة الم راد‬
‫إقامتها‪ ،‬أو أخطأ في قياسات األبعاد المختلفة‪ ،‬بجعلها غير متناسبة وسمك األعمدة الحاملة‪ ،‬أو‬
‫أخطأ في قياس زوايا االرتفاع واالنخفاض المختلفة‪ ،‬على خالف ما تقتضيه أصول الفن‪.‬‬

‫ويعتبر المهندس المعماري مخال بواجب احترام أصول الفن‪ ،‬إذا هو أخطأ في تصميم‬
‫المن افع العام ة للبن اء‪ ،‬كالخط أ في تحدي د أم اكن دخ ول مي اه الش رب‪ ،‬وتع يين أم اكن تص ريف‬
‫المي اه الق ذرة‪ ،‬أو مي اه األمط ار‪ ،‬ب أن يجعله ا ب القرب من أعم دة االرتك از‪ ،‬فته دد متان ة البن اء‬
‫وصالبته‪.39‬‬

‫إّن مهمة وضع المهندس المعماري للتصميمات‪ ،‬وما تقتضيه من عمل الرسوم‪،‬‬
‫والخرائط‪ ،‬والنماذج‪ ،‬والمقايسات‪ ،‬تتطلب أن يقوم المهندس المعماري بدراسة كاملة للتربة‪،‬‬
‫ومعرفة خصائصها‪ ،‬ليعرف أّي المواد أنسب للتنفيذ بها‪ ،‬وما مقدار الكميات التي سيحتاجها‬
‫التنفيذ‪ ،‬وما أثمانها‪.‬‬

‫ويقع على عاتق المهندس المعماري أن يجري دراسة للتربة‪ ،‬ولتركيبها الجيولوجي‪،‬‬
‫الختبار م دى ص البتها‪ ،‬وتحمله ا ألحم ال األعم ال الم راد إنشاؤها‪ ،40‬ومن تم يك ون المهن دس‬

‫حامدي بلقاسم العايش‪ ،‬المسؤولية العقدية للمهندس المعماري قبل تسليم األشغال‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجس تير في‬ ‫‪38‬‬

‫قانون األعمال‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ -‬باتنة‪ ،2005-2004 ،‬ص‪.27‬‬

‫عب د ال رازق حس ين يس‪ ،‬المس ؤولية الخاص ة بالمهن دس المعم اري ومق اول البن اء (ش روطها‪ ،‬نط اق تطبيقه ا‪،‬‬ ‫‪39‬‬

‫الضمانات المستحدثة فيها)‪ ،‬دراسة مقارنة في القانون المدني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.748-747‬‬

‫محم د ش كري س رور‪ ،‬مس ؤولية مهندس ي ومق اولي البن اء والمنش آت الثابت ة األخ رى‪ ،‬دارس ة مقارن ة في الق انون‬ ‫‪40‬‬

‫المدني المصري والقانون المدني الفرنسي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،1985 ،‬ص‪.57‬‬
‫‪18‬‬
‫المعم اري مس ؤوال عن ك ل م ا يص يب البن اء من ته دم أو عيب‪ ،‬يرج ع إلى خل ل في الترب ة‬
‫المقام عليها البناء‪.‬‬

‫كما يكون المهندس المعماري مخال بأصول الفن‪ ،‬إذا ما وضع التصميم بشكل يجعل‬
‫العقار دائما عرضة للتيارات العنيفة‪ ،‬كاألعاصير‪ ،‬والرياح‪ ،‬دون أن يكفل له درجة مناسبة‬
‫من المقاومة‪ ،‬وذلك بتعميق األساسات‪ ،‬وتقويتها‪ ،‬وتدعيم األربطة الخرسانية الالزمة لمواجهة‬
‫ه ذه التي ارات‪ ،‬أو إذا وض ع تص ميم البن اء على خ زان للمي اه الجوفي ة‪ ،‬أو ب القرب من ش اطئ‬
‫البحر‪ ،‬دون اتخاذ االحتياطات الكافية التي تتطلبها قواعد الفن وأصول الصنعة‪ ،‬لتوقي أخطار‬
‫ارتفاع المياه‪ ،‬أو حدوث الفيضانات‪.41‬‬

‫خالص ة م ا س بق أن ه يتعين على المهن دس المعم اري عن د وض عه للتص ميمات‪،‬‬


‫والمقايس ات‪ ،‬أن يأخ ذ بعين االعتب ار‪ ،‬حال ة المك ان الم راد انج از البن اء علي ه‪ ،‬س واء من حيث‬
‫التربة‪ ،‬أو المناخ‪ ،‬أو حجم البناء‪ ،‬أو مساحته‪ ،‬أو أحماله‪ ،‬أو أوجه استعماله‪ ،‬وأن يبذل كل ما‬
‫في وسعه لضمان متانة المباني أو المنشآت الثابتة‪ ،‬وسالمتها‪ ،‬وجعلها مقاومة للزمن‪ ،‬رغم ما‬
‫ق د يح دث من تغ يرات جوي ة أو أرض ية‪ ،‬و إال ك ان مس ؤوال عن عي وب ه ذا التص ميم‪ ،‬م ا لم‬
‫يثبت حدوث السبب األجنبي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬واجب احترام القوانين واللوائح‬

‫فضال عن التزام المهندس المعماري باحترام أصول الفن‪ ،‬عند وضعه تصاميم المباني‬
‫المزم ع إنش اؤها‪ ،‬ينبغي علي ه أن يح ترم التش ريعات والل وائح المطبق ة في مج ال البن اء‪ ،‬س يما‬
‫القواع د العام ة للتهيئ ة والتعم ير‪ ،42‬وقواع د البن اء‪ ،43‬واألحك ام العام ة المنص وص عليه ا في‬
‫القانون المدني‪ ،‬والمتعلقة بالقيود الواردة على الملكية‪.44‬‬

‫عبد الرازق حسين يس‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.748‬‬ ‫‪41‬‬

‫التي نص عليها القانون ‪ 90/29‬المؤرخ في ‪ 01/12/1990‬سالف الذكر‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫ال تي نص عليه ا المرس ومان التنفي ذيان رقم ‪ 91/175‬و‪ 91/176‬المؤرخ ان مع ا في ‪ 28/05/1991‬الم ذكوران‬ ‫‪43‬‬

‫أعاله‪.‬‬

‫التي نصت عليها المادة ‪ 690‬وما بعدها من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪19‬‬
‫يتعين على المهندس المعماري أن يراعي عند وضعه التصاميم‪ ،‬ما تفرضه القوانين‬
‫المتعلقة بالبناء‪ ،‬وذلك باحترامه العمق المعين لألساسات‪ ،‬بالنظر إلى طبيعة األرض‪ ،‬وارتفاع‬
‫البن اءات الم راد إنش اؤها‪ ،‬والس مك الالزم للج دران‪ ،‬س واء الداخلي ة منه ا أو الخارجي ة‪ ،‬وعلي ه‬
‫أيضا أن يراعي النسب المعينة للمواد الالزمة النجاز األعمدة الخرسانية‪ ،‬والركائز‪ ،‬والحدي د‪،‬‬
‫واالسمنت‪ ،‬وغيرها‪ ،‬ونوعية جودتها‪.‬‬

‫ويجب على المهن دس المعم اري أيض ا عن د وض عه التص ميم‪ ،‬أال يتج اوز االرتف اع‬
‫المسموح به قانونا‪ ،‬والمسافات المقررة للشرفات والمطالت‪ ،45‬وبوجه عام النمط المعماري‬
‫السائد في المنطقة‪.‬‬

‫ق رار م ع غ ع‪ ،‬مل ف رقم ‪ ،358696‬الص ادر بت اريخ ‪ ،13/09/2006‬م بـ م‪.‬م‪.‬ع‪ ،‬ع ‪ ،2‬س‪ ،2007‬ص ‪،369‬‬ ‫‪45‬‬

‫والذي قضي فيه بأنه‪ " :‬ال تناقض بين مقتضيات المادة ‪ 709‬من القانون المدني‪ ،‬والمادة ‪ 24‬من المرسوم التنفيذي‬
‫رقم ‪ ،91/175‬بخصوص المسافة الواجب مراعاتها عند فتح المطل"‪.‬‬

‫‪ -‬يراج ع أيض ا ق رار م ع غ ع‪ ،‬مل ف رقم ‪ 390416‬الص ادر بت اريخ ‪ ،14/02/2007‬منش ور بـ م‪.‬م‪.‬ع‪ ،‬ع ‪ ،2‬س‬
‫‪ ،2007‬ص‪ ،407‬وال ذي ج اء في ه أّن ‪ " :‬قانوني ة المط ل تتوق ف على اح ترام المس افة المق ررة قانون ا وليس على‬
‫الضرر‪.‬‬

‫حيث انه من المقرر قانونا أنه ال يجوز للجار أن يكون له على جاره مطل على مسافة تقل عن مترين وذلك بالنسبة‬
‫للمطل المواجه‪ ،‬وال أقل من ستين سنتيمترا بالنسبة للمطل المنحرف‪.‬‬

‫وحيث انه يتضح من قراءة القرار المطعون فيه أن قضاة الموضوع وإللزام الطاعن بغلق النوافذ الثالثة‪ ،‬صرحوا‬
‫أن المطالت ال تي فتحه ا الط اعن تس بب ض ررا للغ ير ومخالف ة لقواع د العم ران وه ذا دون أن ي برزوا م دى ت وفر‬
‫المسافة القانونية من عدمه عمال بالمادتين ‪ 709‬و‪ 710‬من القانون المدني‪.‬‬

‫وحيث بالت الي ف ان القض اة بقض ائهم كم ا فعل وا يكون ون ق د أع ابوا ق رارهم بالقص ور في التس بيب وعرض وه للنقض‬
‫واإلبطال"‪.‬‬

‫‪ -‬ونفس المع نى يؤك ده ق رار م ع غ ع‪ ،‬مل ف رقم ‪ ،188803‬الص ادر بت اريخ ‪ 28/07/1999‬وال ذي ورد في ه أن ه‪:‬‬
‫" من الثابت قانونا‪ -‬طبقا للمادة ‪ 709‬من القانون المدني‪ -‬أنه ال يجوز أن يكون للشخص على جاره مطل مواجه‬
‫على مسافة تقل على مترين‪. ...‬‬

‫وأن القرار المطعون فيه الذي أمر بغلق النافذة وبناء جدار يفصل بين المترين على علو مترين بعد التأكد من أن‬
‫النافذة محل النزاع لها مطل مباشر على منزل المدعى عليه في الطعن‪ ،‬قد طبق القانون تطبيقا صحيحا‪.‬‬

‫ومتى كان ذلك‪ ،‬يتعين رفض الطعن"‪.‬‬


‫‪20‬‬
‫وعليه أيضا أن يراعي في وضعه للتصاميم‪ ،‬االرتفاقات المقررة لألرض المراد إقامة‬
‫البناء عليها‪ ،‬لمنفعة عقارات مملوكة للغير‪ ،‬وما يمكن أن يكون هناك من قيود تحد من سلطة‬
‫المال ك في البن اء على أرض ه‪ ،‬مراع اة للمص لحة العام ة والمص لحة الخاص ة على ح د س واء‪،‬‬
‫وذلك طبقا ألحكام المادة ‪ 691‬وما يليها من القانون المدني‪.‬‬

‫بن اء علي ه‪ ،‬يعت بر المهن دس المعم اري مس ؤوال عن األض رار ال تي تلح ق رب العم ل‪،‬‬
‫عند وضعه تصميمات مخالفة لما تفرضه القوانين المنظمة لعملية البناء‪ ،‬ولما تستوجبه لوائح‬
‫التنظيم من قيود‪.‬‬

‫ه ذا ويجب على المهن دس المعم اري عن د وض عه التص ميم‪ ،‬أن ي راعي الغ رض من‬
‫إقام ة البن اء ال ذي ح دده ل ه رب العم ل في عق د المقاول ة‪ ،‬وإ ال ك ان مس ؤوال عن خطئ ه في‬
‫التصميم‪ ،‬غير أنه إذا كان التصميم قد وضع وفقا للمألوف من االستعمال‪ ،‬في نوع الغرض‬
‫المخص ص ل ه البن اء‪ ،‬فإن ه ال يك ون مخطئ ا‪ ،‬ومن تم ال يك ون مس ؤوال‪ ،‬طالم ا أن العق د ال‬
‫يتضمن توضيحا معينا‪ ،‬ومثال ذلك أن يذكر في عقد المقاولة أن الغرض من إقامة البن اء‪ ،‬ه و‬
‫تش ييد مس تودع للس يارات‪ ،‬دون تحدي د آخ ر‪ ،‬هن ا يج وز للمهن دس المعم اري أن يع د تص ميما‬
‫يفترض فيه الحجم العادي للسيارات‪ ،‬فال يسأل فيما بعد‪ ،‬إن كان تصميمه ال يتناسب وإ يواء‬
‫الشاحنات ضخمة الحجم‪.46‬‬

‫كم ا يل تزم المهن دس المعم اري عن د وض عه التص ميم‪ ،‬مراع اة الج انب الجم الي في‬
‫المب نى‪ ،‬ح تى يك ون ص الحا لتحقي ق اله دف ال ذي ش يد من أجل ه‪ ،‬ومث ال ذل ك أن يك ون المب نى‬
‫المطلوب تصميمه فندقا مخصصا الستقبال النزالء من ذوي االهتمامات الفنية والجمالية‪ ،‬أو‬
‫مطعما من طراز معين‪ ،‬فإذا خالف النمط أو الطراز المطلوب‪ ،‬كان مسؤوال عما شاب البناء‬
‫من عيب مصدره التصميم‪ ،‬جعله غير صالح لتحقيق الهدف المقصود من بنائه‪.‬‬

‫يتعين على المهندس المعماري أيضا‪ ،‬أن يراعي ما يكفل الراحة في استخدام المباني‪،‬‬
‫وأمن شاغليها‪ ،‬وفق الغرض المخصص له‪ ،‬وإ ال كان مسؤوال‪ ،‬ومن أمثلة ذلك عدم مراعاة‬
‫المهندس المعماري السمك الواجب احترامه في تصميم الجدران الخارجية للمبنى‪ ،‬مما يؤدي‬

‫محمد شكري سرور‪ ،‬مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.57‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪21‬‬
‫إلى تعذر عزل حرارة الجو الخارجي‪ ،‬أو ارتكابه خطأ في نظام العزل الصوتي‪ ،‬أو تكييف‬
‫الهواء‪ ،‬أو تصميم مصحة لمرضى الروماتيزم غير مزودة بعوامل التدفئة المناسبة‪.‬‬

‫يل تزم المهن دس المعم اري باإلض افة إلى وض ع الرس ومات الهندس ية للبن اء الم راد‬
‫إنشاؤه‪ ،‬أن يضع المقايسات الواجبة لذلك‪ ،‬ويجب أن يتحرى الدقة في إعداده لها‪ ،‬وأن يجري‬
‫تق ديرا معق وال ومناس با لتك اليف األعم ال‪ ،‬أم ا إذا اعتم د في المقايسة الوصفية م واد ال تص لح‬
‫بطبيعته ا إلقام ة البن اء‪ ،‬أو لم تكن بع د ق د ثبتت ص الحيتها‪ ،‬أو لم يكن وص فه له ا‪ ،‬وبيان ه‬
‫لخصائصها‪ ،‬كافيا للحيلولة دون الوقوع في الخطأ عند الحصول عليها‪ ،‬أو إذا كانت المقايسة‬
‫ال تي أع دها ال تنس جم م ع الرس م الهندس ي ال ذي س بق أن وض عه‪ ،‬فإن ه يك ون مس ؤوال عن‬
‫أخطائه هذه‪ ،‬كما يعتبر مسؤوال أيضا عن الخطأ في المقايسة الكمية إذا هو لم يلتزم بالنسب‬
‫الكافية‪ ،‬فيؤدي فساد التركيبة العضوية لالسمنت المسلح مثال‪ ،‬إلى إحداث الضرر بالمبنى‪.‬‬

‫وال يعفي المهندس المعماري من المسؤولية‪ ،‬أن يكون صاحب المشروع قد وّق ع على‬
‫الرس ومات ال تي وض عها‪ ،‬أو اعتم دتها الجه ة اإلدارية المختص ة‪ ،‬أو أنه اس تجاب لرغبة رب‬
‫العمل في خفض تكاليف البناء عند وضعه التصميم‪ ،‬الذي ثبت بعد ذلك عيبه‪ ،‬كأن يعتمد مادة‬
‫غير مألوفة االستعمال بدال من المادة المألوفة‪ ،‬مما أدى إلى تعّيب نظام العزل الحراري‪.47‬‬

‫على أن ه يج وز للمهن دس المعم اري أن ي دخل على الرس ومات ال تي وض عها‪ ،‬وال تي‬
‫س بق ل رب العم ل أن ص ادق عليه ا‪ ،‬تع ديالت بس يطة‪ ،‬م ا دامت ال تقل ل من قيم ة المب نى‪ ،‬وال‬
‫تتع ارض م ع ن وع االس تعمال ال ذي يخصص ه ل ه رب العم ل‪ ،‬ك انحراف مواض ع المطالت‪،‬‬
‫واختالف أبعاد بعض مرافق البناء‪ ،‬وتغيير موقع بعض الجدران‪.‬‬

‫أما إذا كانت التعديالت في الرسومات‪ ،‬جوهرية‪ ،‬بحيث تؤثر على التصميم‪ ،‬أو تغّي ر‬
‫من أوج ه اس تعمال المب نى الم راد انج ازه‪ ،‬فإن ه يتعين على المهن دس المعم اري استص دار‬
‫ترخيص بشأنها‪.‬‬

‫ويبقى أن نشير إلى أنه يجب أن يترك للمهندس المعماري حرية التقدير في تصميمه‬
‫لألعم ال‪ ،‬واختي اره للم واد‪ ،‬وال يمكن مس اءلته‪ ،‬إال إذا غ الى في ه ذا الش أن مغ االة واض حة‪،‬‬

‫محمد شكري سرور‪ ،‬مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪22‬‬
‫كأن يسرف في اعتماد مواد كمالية‪ ،‬أو أساليب باهظة التكاليف‪ ،‬أو يضع أعماال ال فائدة منها‬
‫أصال‪.‬‬

‫نش ير به ذا الص دد أن المهن دس المعم اري واض ع التص ميم‪ ،‬مس ؤول عن ك ل العي وب‬
‫ال تي تظه ر بتص ميمه أثن اء عملي ة التنفي ذ‪ ،‬ول و لم يكن ه و من يش رف على تنفي ذ األعم ال‪،‬‬
‫بشرط أن تكون األعمال قد نفذت طبقا للتصميمات المعيبة بالضبط‪ ،‬ذلك أن واضع التصميم‬
‫غير مسؤول عن عيوب في األعمال‪ ،‬يعود سببها‪ ،‬إلى عدم تطبيق التصاميم تطبيقا سليما‪،‬‬
‫أو إلى تعديل سيء فيها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التزام المهندس المعماري باإلشراف على األعمال وإ دارتها‬

‫انتهينا فيما سبق‪ ،‬إلى أّن االلتزام الرئيسي الذي يقع على عاتق المهندس المعماري‪،‬‬
‫هـو االلتزام بوض ع تصميم األعمال المزم ع إنشاؤها‪ ،‬إال أنه ق د يكون مكلفا فضال عن ذلك‬
‫باإلشراف على تنفيذ هذه األعمال وإ دارتها‪.‬‬

‫يجب على المهندس المعماري متابعة األشغال ومراقبتها أثناء عملية انجاز المشروع‪،‬‬
‫ذلك أنه هو الضامن ألن تكون مطابقة مع التصاميم والمقايسات التي وضعها‪.‬‬

‫وليس من السهل في الواقع‪ ،‬حصر مختلف المهام التي يتعين على المهندس المعم اري‬
‫القيام بها‪ ،‬وفاًء اللتزامه بمتابعة تنفيذ األشغال ومراقبتها‪ ،‬فهي مسألة واقع‪ ،‬ت دخل في تق ديرها‬
‫اعتبارات عديدة‪ ،‬و من تم تختلف هذه المهام بحسب ظروف كل حالة‪.‬‬

‫وس نتناول فيم ا يلي ذك ر أهم ه ذه المه ام‪ ،‬وال تي نص عليه ا المش رع الجزائ ري في‬
‫المادة العاشرة من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في ‪ 15‬ماي‪.1988‬‬

‫يتعّين على المهن دس المعم اري ف رض اح ترام المق اول لبن ود عق د المقاول ة‪ ،‬فيتأك د إن‬
‫ك ان تنفي ذ األعم ال يتم طبق ا للتص ميمات ال تي وض عها‪ ،‬ووفق ا للمقايس ات‪ ،‬وألص ول الفن‬
‫وقواع ده‪ ،‬وأن يتحق ق من ص الحية الم واد المس تعملة في البن اء‪ ،‬وم دى مطابقته ا للمواص فات‬
‫المح ددة بالمقايس ة‪ ،‬س يما إذا ك انت الم واد مقدم ة من المق اول‪ ،‬ول ه أيض ا أن يتأك د من طريق ة‬
‫تنفيذ األعمال‪ ،‬واآلجال المتفق عليها‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫يل تزم المهن دس المعم اري أيض ا‪ ،‬بمتابع ة س ير األش غال باس تمرار‪ ،‬وعق د اجتماع ات‬
‫لمناقشة الصعوبات والعوائق التي تعترض حسن سيرها‪ ،‬واثبات ذلك في محاضر‪ ،‬وعليه أن‬
‫يذلل الصعوبات‪ ،‬و يحل المشاكل التي يعرضها المقاول‪ ،‬والتي تدخل في اختصاصه‪.‬‬

‫ف إذا الح ظ المهن دس المعم اري أن مق اول البن اء انح رف عن تنفي ذ األش غال المتف ق‬
‫عليها‪ ،‬فإنه يقوم بتحرير أوامر خدمة‪ ،48‬وإ رسالها إليه‪ ،‬بعد مصادقة رب العمل على التوقيع‪،‬‬
‫باعتب اره المتح دث الوحي د م ع المق اول‪ ،‬فيم ا يخص تفس ير الدراس ات‪ ،‬وتكييف ات المش روع‪،‬‬
‫وتعديالته الموافق عليها من طرف صاحب المشروع‪ ،49‬وإ عداد جدول التسديدات‪ ،‬بحضور‬
‫مقاول البناء‪ ،‬وإ عالم صاحب المشروع كتابيا بذلك‪.‬‬

‫يعتبر المهندس المعماري مخال بالتزامه بالمراقبة‪ ،‬متى كان من الممكن توخي العيب‬
‫في المباني أو المنشآت الثابتة محل االنجاز‪ ،‬لو أنه قام بمراقبة األشغال في الورشة‪ ،‬مراقبة‬
‫دائم ة‪ ،‬فتفق د األعم ال بش كل دوري‪ ،‬ك ان س يمكنه من مالحظ ة س وء التنفي ذ‪ ،‬وع دم اح ترام‬
‫مقاول البناء ألصول الفن‪ ،‬وبالنتيجة توقي وقوع الخلل باألعمال قيد التشييد‪ ،‬على أّن مراقبة‬
‫المهن دس المعم اري لألعم ال ال يجع ل من ه حارس ا للورش ة‪ ،‬فه و غ ير مج بر على الحض ور‬
‫يوميا‪ ،‬وإ نما تكفي مراقبته المستمرة‪ ،‬لتنفيذ جيد اللتزامه بالمراقبة‪.50‬‬

‫ه ذا ويجب على المهن دس المعم اري مس اعدة رب العم ل عن د االس تالم الم ؤقت‪ ،‬ب أن‬
‫يبّين له كل العيوب الظاهرة التي يمكن أن تكون قد وقعت في البناء‪ ،‬حتى ولو كانت عيوبا‬
‫بس يطة‪ ،‬وأن يش ير علي ه ب الرأي في ش أنها‪ ،‬فإم ا أن ينص حه بتس لم األعم ال دون إب داء أي ة‬
‫تحفظ ات‪ ،‬وإ م ا أن ينص حه بالتس لم م ع التحف ظ‪ ،‬إذا ك انت العي وب ال تي اكتش فها مم ا يمكن‬
‫إص الحه‪ ،‬ويس هر في ه ذه الحال ة على رف ع ه ذه التحفظ ات بتص حيحها‪ ،‬واق تراح االس تالم‬
‫النهائي على رب العمل‪ ،‬والذي يتم بموجب محضر‪ ،‬يوقع عليه مؤجرو العمل‪.‬‬

‫تعت بر أوام ر الخدم ة وس يلة اتص ال بين المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬فهي تمّك ن المهن دس المعم اري من‬ ‫‪48‬‬

‫إعطاء أوامر بخصوص المواد المستعملة‪ ،‬أو لتقدير احترام المقاول اللتزاماته‪ ،‬وهي طريقة رد على كل التماسات‬
‫مقاول البناء‪ ،‬كما أنه يجب على المهندس المعماري إذا أراد تغيير شيء في المشروع‪ ،‬إعالم مقاول البناء بذلك عن‬
‫طريق أمر خدمة‪.‬‬

‫انظر المادة ‪ 30‬من القرار الوزاري المشترك المذكور أعاله‪.‬‬ ‫‪49‬‬

‫حمادي جازية مجيدة‪ ،‬عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪24‬‬
‫وإ ذا أخ ل المهن دس المعم اري بالمه ام المن وه عنه ا أعاله‪ ،‬فإن ه يك ون مس ؤوال تج اه‬
‫ص احب المش روع‪ ،‬عن ك ل م ا يلح ق المب اني أو المنش آت الثابت ة‪ ،‬من ته دم أو عيب‪ ،‬يه ّد د‬
‫متانتها وسالمتها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االلتزامات الخاصة لمقاول البناء‬

‫يعت بر عق د المقاول ة من العق ود الملزم ة للج انبين‪ ،‬فه و ينش ئ التزام ات متبادل ة على‬
‫عاتق كل من صاحب المشروع ومقاول البناء‪ ،‬ومن تم متى نشأ هذا العقد صحيحا‪ ،‬مكتمال‬
‫ألركان ه – من ت راض ومح ل وس بب وش كل في بعض التص رفات الخاص ة بالبن اء‪ -‬وش روط‬
‫صحته – المتمثلة في الرضا الصحيح الخالي من أّي عيب يفسده‪ ،‬يستوي في ذلك أن يكون‬
‫غلط ا أو تدليس ا أو إكراه ا أو اس تغالال‪ -‬فإن ه ك أّي اتف اق تعاق دي‪ ،‬ي رتب التزام ات في ذم ة‬
‫طرفيه‪ ،‬سواء بالنسبة لصاحب المشروع أو بالنسبة لمقاول البناء‪.‬‬

‫وسأقتص ر في دراس تي ه ذه على بي ان التزام ات مق اول البن اء‪ ،‬على ض وء القواع د‬


‫العام ة في الق انون الجزائ ري‪ ،‬دون التط رق اللتزام ات ص احب المش روع‪ ،‬كونه ا تخ رج عن‬
‫نطاق دراستي‪ .‬فما هي التزامات مقاول البناء في كل طور من أطوار عملية البناء؟‬

‫يرتب عقد المقاولة التزامات في ذمة مقاول البناء‪ ،‬تتمثل في انجاز العمل المعهود به‬
‫إلي ه‪ ،‬وتس ليم العم ل بع د انج ازه‪ ،‬وض مان العم ل بع د تس ليمه‪ ،‬وهي االلتزام ات ال تي س نتولى‬
‫التطرق لها بشيء من التفصيل على النحو التالي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التزام مقاول البناء بانجاز العمل‬

‫يعتبر التزام مقاول البناء بانجاز العمل من أهم االلتزامات التي تنشأ في ذمة المقاول‪،‬‬
‫ب ل ه و االل تزام الرئيس ي ال ذي يق ع على عاتق ه‪ ،‬إذ يل تزم ه ذا األخ ير بم وجب عق د المقاول ة‬
‫الم برم بين ه وبين رب العم ل‪ ،‬بانج از العم ل موض وع العق د‪ ،‬والمتمث ل في إقام ة مب اني أو‬
‫منش آت ثابت ة على قطع ة أرض ية مملوك ة ل رب العم ل‪ ،‬وذل ك ب احترام جمي ع المس ائل التقني ة‬

‫‪25‬‬
‫الالزم ة‪ ،‬من تنفي ذ مط ابق للتص ميمات الهندس ية والش روط التعاقدي ة‪ ،‬وأوام ر الخدم ة ال تي‬
‫يص درها المهندس المعماري‪ ،‬واح ترام قواع د الفن وأصول المهنة‪ ،‬وك ذا حسن اختيار مواد‬
‫البناء التي يستعملها‪ ،‬وصيانة تلك التي يقدمها له صاحب المشروع‪.‬‬

‫وح تى يتحق ق ال تزام مق اول البن اء بانج از العم ل‪ ،‬وت برأ ذمت ه في مواجه ة ص احب‬
‫المشروع‪ ،‬عن ك ل ما ق د يح دث في البناءات أو المنشآت الثابتة من ته دم كلي أو ج زئي‪ ،‬أو‬
‫يلحقه ا من عي وب ته دد س المتها ومتانته ا‪ ،‬يجب على مق اول البن اء مراع اة ع دة واجب ات‪،‬‬
‫نتناولها تباعا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬واجب مراعاة مقتضيات العقد‬

‫يجب على مق اول البن اء أن ينج ز العم ل الموك ل ل ه من ط رف ص احب المش روع‬
‫بالطريقة المتفق عليها في عقد المقاولة المبرم بينهما‪ ،‬ووفقا للشروط الواردة في هذا العقد‪،‬‬
‫وك ذا تنفي ذ التص اميم الهندس ية الموض وعة من ط رف المهن دس المعم اري‪ ،‬مراعي ا في ذل ك‬
‫جميع القواعد التقنية المعمول بها‪ ،‬ومحترما رغبات صاحب المشروع‪ ،‬فإذا لم يتم االتفاق في‬
‫عقد المقاولة على أّية شروط‪ ،‬وجب على مقاول البناء إتباع أصول الفن وقواعد الصنعة بهذا‬
‫الشأن‪.‬‬

‫احترام الشروط المتفق عليها في العقد‬ ‫‪-01‬‬

‫يجب على مقاول البناء‪ ،‬وهو ينجز األشغال‪ ،‬احترام شروط عقد المقاولة كاملة‪ ،‬سواء‬
‫تعلقت هذه الشروط بكيفية التنفيذ‪ ،‬أو بمواعيد االنجاز‪ ،‬أو بوجوب احترام مقاييس ‪،AFNOR‬‬
‫أو أصول الفن المقننة في الوثائق التقنية الموحدة‪ ،‬المدرجة في دفتر الشروط عادة‪ ،51‬ودفاتر‬
‫التعليمات الخاصة والتقنية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يلتزم مقاول البناء بانجاز عمله وفق ما هو متفق عليه في عقد المقاولة‪ ،‬وطبقا‬
‫للشروط الواردة فيه‪ ،‬عمال بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬وبخاصة طبقا لدفتر الشروط إن‬
‫وجد‪.‬‬

‫‪ 51‬يتّم إعداد هذا الدفتر مسبقا من طرف مقاول البناء وصاحب المشروع‪ ،‬ويتضمن شروط المقاولة بالتفصيل‪ ،‬وكيفي ة‬
‫التنفيذ‪ ،‬ومواعيد انجاز األعمال‪ ،‬وغيرها من الشروط‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫كما يجب على مقاول البناء أثناء انجازه العمل المسند إليه‪ ،‬احترام التصاميم الهندسية‬
‫التي أنجزها المهندس المعماري مبدئيا‪ ،‬بحيث إذا ورد في العقد تصميم معين‪ ،‬موضوع من‬
‫طرف المهندس المعماري‪ ،‬ومراع لجميع القواعد التقنية‪ ،‬والمعمارية‪ ،‬والجمالية‪ ،‬ولرغبات‬
‫صاحب المشروع‪ ،‬وجب على مقاول البناء أن يتبعه عند تشييد البناية‪ ،‬فال يغّير منه شيئا‪.‬‬

‫غ ير أنه إذا ت بين لمق اول البناء وج ود أخط اء في التص ميم ال ذي كل ف بتنفي ذه‪ ،‬يترتب‬
‫على تطبيقه كما هو‪ ،‬حدوث الضرر بالمباني أو المنشآت الثابتة‪ ،‬تعّين عليه‪ ،‬باعتباره رجال‬
‫فني ا وتنفي ذيا‪ ،52‬أن ينص ح ص احب المش روع أو المهن دس المعم اري وينبههم ا إلى ذل ك‪ ،‬وإ ال‬
‫ك ان مس ؤوال إلى ج انب من وض ع التص ميم عن ته دم البن اء‪ ،‬أو عن العي وب ال تي ق د ي ترتب‬
‫عليه ا تهدي د متان ة البن اء‪ ،‬وس المته م تى ك ان ذل ك الض رر ناش ئا عن خط أ في التص ميم‪ ،‬فال‬
‫يعفيه من المسؤولية االدعاء بأن دوره يقتصر على التنفيذ فقط‪.‬‬

‫‪ -02‬مراعاة أوامر الخدمة‬

‫يجب على مق اول البن اء أن ينف ذ عمل ه طبق ا ألوام ر الخدم ة ال تي يص درها المهن دس‬
‫المعماري‪ ،‬والتي يأمره بموجبها ببداية العمل موضوع عقد المقاول‪ ،‬أو بتغيير طريقة العمل‪،‬‬
‫أو بالزيادة في األشغال‪.‬‬

‫لكن يجب على مقاول البناء أن يتأكد من سالمة هذه األوامر‪ ،‬فإذا كانت تلك األوامر‬
‫تخالف أصول الفن والمهنة‪ ،‬بأن تبّين له مثال وجود عيوب‪ ،‬أو نقائص‪ ،‬أو تناقضات‪ ،‬أو أن‬
‫تجاوز األمر حدود اختصاصاته المتفق عليها بداية‪ ،‬توّج ب عليه أن يعلم المهندس المعماري‬
‫أو صاحب المشروع المالك بذلك كتابة‪.53‬‬

‫‪ -03‬احترام أصول الفن‬

‫إذا لم يتف ق المتعاق دان على ش روط معين ة في عق د المقاول ة‪ ،‬وجب على مق اول البن اء‬
‫إتباع العرف‪ ،‬وبخاصة أصول الفن والصنعة عند تنفيذه لألشغال المعهودة إليه‪ ،‬فإلقامة البناء‬

‫مقاول البناء ليس مجرد آلة صماء‪ ،‬تتولى عملية التنفيذ فحسب‪ ،‬بل هو رجل فني‪ ،‬باإلضافة إلى كونه تنفيذي‪،‬‬ ‫‪52‬‬

‫ومن تم يجب عليه إتباع أصول الفن‪.‬‬

‫ش يخ نس يمة‪( ،‬التزام ات مق اول البن اء على ض وء القواع د العام ة في الق انون الجزائ ري)‪ ،‬مجل ة الن دوة للدراس ات‬ ‫‪53‬‬

‫القانونية‪ ،‬ع ‪ ،1‬قسنطينة‪ ،2013 ،‬ص‪.114‬‬


‫‪27‬‬
‫أصول معروفة‪ ،‬وللنجارة والحدادة والسباكة والديكور أصول وقوانين يجب مراعاتها‪ ،‬دون‬
‫حاجة لذكرها في العقد‪.‬‬

‫وإ ذا ثبت أّن العم ل ال ذي أنج زه مق اول البناء غ ير مط ابق للشروط المنص وص عليها‬
‫في العق د‪ ،‬أو ع دم ب ذل المق اول العناي ة الالزم ة علي ه‪ ،‬فإن ه يك ون مخال بالتزام ه‪ ،‬ومن تم‬
‫مسؤوال عن هذا اإلخالل في مواجهة رب العمل‪ ،‬وال يجوز له نفي هذه المسؤولية إال بإثبات‬
‫السبب األجنبي‪.54‬‬

‫وإ ذا كان األصل استقالل المقاول في تنفيذه األعمال المكلف بانجازها‪ ،‬بحيث ال يجوز‬
‫ل رب العم ل الت دخل في ه ذا التنفي ذ‪ ،‬أو إص داره ل ه أوام ر وتعليم ات فيم ا يخص التنفي ذ‪ ،‬فم ا‬
‫الحكم لو تبّين لصاحب المشروع أّن المقاول يقوم بالعمل بطريقة ال تتماشى وشروط العقد‪،‬‬
‫أو تخالف المواصفات والشروط المتفق عليها؟‬

‫بالرجوع إلى المادة ‪ 553‬من القانون المدني‪ ،‬يتبين لنا أنه إذا ثبت أثناء سير العمل‪،‬‬
‫أّن مق اول البن اء يق وم ب ه على وج ه معيب‪ ،‬أو من اف لبن ود العق د‪ ،‬كم ا ل و لم ي راع األص ول‬
‫الفنية في عمله‪ ،‬أو استخدم مواد من صنف أقل مّم ا هو متفق عليه‪ ،‬فإنه ال ينتظر حتى إتمام‬
‫العمل‪ ،‬كي يرفضه‪ ،‬ثم يطالب مقاول البناء بالتعويض‪ ،‬وإ نما يطلب التنفيذ العيني متى كان‬
‫ذلك ممكنا‪ ،‬فيقوم بإنذاره بأن يصلح هذه العيوب‪ ،55‬وأن يعدل من طريقة التنفيذ‪ ،‬حتى يصبح‬
‫عمله سليما‪ ،‬متفقا مع مواصفات العقد‪ ،‬وله أن يحدد له أجال معقوال إلجراء هذه اإلصالحات‬
‫أو التعديالت‪.‬‬

‫فإن قام المقاول بما طلب به في األجل المعين لذلك‪ ،‬لم تقم مسؤوليته‪ ،‬أما إذا رفض‬
‫تعديل طريقة التنفيذ‪ ،‬ولم يصلح األعمال المعيبة في األجل المحدد‪ ،‬جاز لرب العمل أن يطلب‬
‫إما فسخ العقد‪ ،‬والمطالبة بالتعويض عن األضرار التي لحقته‪ ،‬من جراء إخالل مقاول البناء‬
‫بالتزامه‪ ،‬وبالتالي التحلل من دفع األجر‪ ،‬ولو لم يحل وقت انتهاء العمل بعد‪.‬‬

‫كالقوة القاهرة أو الحادث المفاجئ‪ ،‬أو خطأ الغير‪ ،‬أو خطأ المضرور نفسه‪.‬‬ ‫‪54‬‬

‫محمد لبيب شنب‪ ،‬شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬ط ‪ ،2‬منشأة المع ارف باإلسكندرية‪،2004 ،‬‬ ‫‪55‬‬

‫ص ‪.119‬‬
‫‪28‬‬
‫وإ ما أن يعهد إلى مقاول بناء آخر‪ ،‬بانجاز العمل الذي امتنع مقاول البناء األول عن‬
‫تنفي ذه‪ ،‬على نفق ة ه ذا األخ ير‪ ،‬غ ير أن ه ال يج وز ل ه ذل ك‪ ،‬إال إذا حص ل على ت رخيص من‬
‫القضاء‪ ،‬في غير حاالت االستعجال‪.56‬‬

‫ولق د اس تقر القض اء الجزائ ري على ه ذا الموق ف‪ ،‬بحيث قض ت المحكم ة العلي ا‪ ،‬في‬
‫الق رار الص ادر عنه ا بت اريخ ‪ 13‬ج وان ‪ 571990‬بم ا يلي‪ " :‬من المق رر قانون ا‪ ،‬أن المقاول ة‬
‫عق د يتعه د بمقتض اه أح د المتعاق دين أن يص نع ش يئا أو أن ي ؤدي عمال مقاب ل أج ر يتعه د ب ه‬
‫المتعاقد اآلخر‪ ،‬ومن تم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفا للقانون‪.‬‬

‫ولما كان ثابتا – في قضية الحال‪ -‬أن أحد طرفي العقد قصر في تنفيذ التزاماته‪ ،‬ومن تم فإن‬
‫القضاة عندما أمروا بإلغاء العقد المبرم بين الطرفين‪ ،‬بدال من أن يحكموا على الطرف المخل‬
‫بإتمام التزاماته‪ ،‬يكونوا بقضائهم كما فعلوا قد خالفوا القانون‪.‬‬

‫ومتى كان ذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه"‪.‬‬

‫وقضت أيضا في قرار آخر صادر عنها بتاريخ ‪ 11‬مارس ‪ 581998‬بما يلي‪ " :‬من‬
‫المقرر قانونا‪ ،‬أنه في االلتزام بعمل‪ ،‬إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزاماته‪ ،‬جاز للدائن أن يطلب‬
‫ترخيصا من القاضي في تنفيذ االلتزام على نفقة المدين‪ ،‬إذا كان هذا التنفيذ ممكنا‪.‬‬

‫ولم ا ك ان ثابت ا – في قض ية الح ال‪ -‬أّن الطاعن ة لج أت إلى مق اول آخ ر‪ ،‬ال ذي ق ام بتنفي ذ م ا‬
‫التزم به المطعون ضدهما‪ ،‬المتمثل في تشييد مجموعة من المساكن المتعاقد عليها‪ ،‬دون أن‬
‫تلجأ الطاعنة إلى القضاء‪ ،‬لتطلب ترخيصا لتنفيذ االلتزام حسب ما يقتضيه القانون‪ ،‬ومن تم‬
‫فان النعي على القرار المطعون فيه‪ ،‬تجاوز السلطة ومخالفة القانون غير سديد‪ ،‬ويستوجب‬
‫الرفض"‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 170‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬في االلتزام بعمل‪ ،‬إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه جاز للدائن أن يطلب‬ ‫‪56‬‬

‫ترخيصا من القاضي في تنفيذ االلتزام على نفقة المدين إذا كان هذا التنفيذ ممكنا"‪.‬‬

‫قرار م ع غ م‪ ،‬ملف رقم ‪ ،61489‬منشور في م ق‪ ،‬ع ‪ 4‬لسنة ‪ ،1991‬ص‪.65‬‬ ‫‪57‬‬

‫قرار م ع غ م‪ ،‬ملف رقم ‪ ،152934‬منشور في م ق‪ ،‬ع ‪ 1‬لسنة ‪ ،1998‬ص‪.109‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪29‬‬
‫وتع ّر ف أص ول الفن بأنه ا المه ارة أو اللباق ة المعت ادة ال تي يمكن لص احب المش روع‬
‫انتظارها من كل محترف يتدخل في عملية البناء‪ ،‬ويستحيل تحديدها نظرا لكثرتها‪ ،‬فقد تتعلق‬
‫بطبيع ة األرض وخصوص يات التص اميم‪ ،‬والحس ابات الخاص ة بتش ييد البناي ة‪ ،‬وبط رق التنفي ذ‬
‫التقنية لألشغال‪ ،‬وغيرها من المعالم‪.59‬‬

‫ف إذا خ الف مق اول البن اء الش روط والمواص فات التقني ة المتف ق عليه ا في العقـد‪ ،‬أو‬
‫الشروط التي توجبها أصول الفن والصنعة‪ ،‬وُع رفها‪ ،‬وأثبت رب العمل ذلك‪ ،‬اعتبر المقاول‬
‫مخال بالتزام ه بانج از العم ل‪ ،‬ووجب علي ه الج زاء‪ ،‬وذل ك دون حاج ة إلى إقام ة ال دليل على‬
‫إهم ال مق اول البن اء أو تقص يره من ط رف رب العم ل‪ ،‬ألن مخالف ة ه ذه الش روط تعت بر هي‬
‫ذاتها خطأ‪ ،‬ومن تم ال يستطيع المقاول أن يتخلص من المسؤولية إال بإثبات السبب األجنبي‪،‬‬
‫بأن يدعي أّن مخالفة هذه الشروط ترجع إلى قوة قاهرة أو حادث فجائي‪ ،‬أو خطأ رب العمل‬
‫نفسه‪ ،‬أو خطأ الغير‪.60‬‬

‫ويقع على مقاول البناء تقديم مادة العمل الالزمة لتنفيذ األشغال المعهودة إليه‪ ،‬ويكون‬
‫ذلك على نفقته‪ ،61‬كآالت البناء‪ ،‬وعربات النقل‪ ،‬ومستلزمات الدهان‪ ،‬وغير ذلك مما يحتاج‬
‫إليه في انجاز عمله‪ ،‬سواء اشترط ذلك في عقد المقاولة الذي يربطه بصاحب المشروع‪ ،‬أو‬
‫لم يشترط ذلك‪ ،‬ما لم يقض االتفاق أو عرف المهنة على خالف ذلك‪.‬‬

‫وقد يحتاج مقاول البناء في انجازه للعمل موضوع عقد المقاولة إلى أيـد عاملة‪ ،‬وإ لى‬
‫أشخاص يعاونونه‪ ،‬ويعملون تحت إشرافه‪ ،‬فيقع عليه واجب إحضارهم كأصل عام‪ ،‬ويكون‬
‫ذلك على نفقته‪ ،‬ما لم يقض االتفاق أو عرف الحرفة بغير ذلك‪ ،‬كما لو كان العمل الموكل‬
‫إلى مقاول البناء منظورا فيه لمهارة وخبرة هذا األخير الشخصية‪.‬‬

‫والمالحظ أن التزام مقاول البناء بانجاز العمل في عقد المقاولة‪ ،‬إما أن يكون التزاما‬
‫بتحقيق غاية‪ ،‬وإ ما أن يكون التزاما ببذل عناية‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪H.PERINET-MARQUET, La responsabilité des constructeurs, op.cit, p 7.‬‬

‫عب د ال رزاق الس نهوري‪ ،‬الوس يط في ش رح الق انون الم دني‪ ،‬نظري ة االل تزام بوج ه ع ام‪ ،‬مص ادر االل تزام‪ :‬العق د‪،‬‬ ‫‪60‬‬

‫العمل غير المشروع‪ ،‬اإلثراء بال سبب‪ ،‬القانون‪ ،‬ج ‪ ،1‬دار النشر للجامعات المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،1952 ،‬ص‪.66‬‬

‫طبقا للمادة ‪ 550/2‬من ق‪.‬م والتي جاء فيها أنه يجوز أن يتعهد المقاول بتقديم العمل والمادة معا‪.‬‬ ‫‪61‬‬

‫‪30‬‬
‫فإذا كان التزام المقاول بانجاز العمل التزاما بتحقيق غاية‪ ،‬كأن يلتزم بإقامة بناية أو‬
‫ترميمه ا أو إص الحها‪ ،‬فال ت برأ ذم ة المق اول من التزام ه‪ ،‬إال إذا تحققت تل ك الغاي ة‪ ،‬وأنج ز‬
‫العم ل المعه ود ل ه ب ه‪ ،‬ومن تم ال يكفي مج رد ب دل المق اول عناي ة الرج ل المعت اد‪ ،‬أو عناي ة‬
‫الرجل الحريص في انجازه العمل موضوع عقد المقاولة‪ ،‬للقول بانتفاء مسؤوليته‪ ،‬طالما لم‬
‫تتحقق الغاية المبتغاة‪ ،‬فالمقاول يبقى مسؤوال تجاه صاحب المشروع‪ ،‬ما دام أنه لم يتم انجاز‬
‫العمل‪ ،‬ومن تم ال تنتفي مسؤولية المقاول إال بإثباته السبب األجنبي‪ ،‬على أن انتفاء مسؤولية‬
‫المقاول في هذه الحالة راجع لنفي عالقة السببية ال لنفي الخطأ‪ ،‬وبالنتيجة إذا أنجز المقاول‬
‫العم ل المكل ف ب ه من ط رف رب العم ل‪ ،‬وفق ا للش روط والمواص فات المتف ق عليه ا في عق د‬
‫المقاول ة‪ ،‬أو طبق ا ألص ول الفن‪ ،‬وتقالي د الص نعة‪ ،‬وعرفه ا على النح و الم بين أعاله‪ ،‬ب رئت‬
‫ذمته‪ ،‬ألنه وّفى بالتزامه بانجاز العمل‪.‬‬

‫أما إذا كان التزام مقاول البناء بانجاز العمل التزاما ببذل عناية‪ ،‬كأن يلتزم المقاول‬
‫ب إدارة العم ل أو اإلش راف على تنفي ذه‪ ،‬فان ه يعت بر موفي ا اللتزام ه إذا م ا ه و ب ذل في تنفي ذه‬
‫عناية المقاول المعتاد‪ ،‬وتبرأ ذمته حتى لو لم يتحقق الغرض المقصود‪ ،‬ذلك أن المطلوب من‬
‫مقاول البناء في هذه الحالة‪ ،‬هو أن يبذل عناية من في مستواه من المقاولين‪ ،‬في إدارة العمل‬
‫أو في اإلشراف على التنفيذ‪ ،‬وليس عليه أن يحقق الغرض المقصود‪.62‬‬

‫ثانيا‪ :‬واجب اختيار المادة‬

‫تتوقف متانة البناء وسالمته من العيوب بالدرجة األولى على درجة جودة مواد البناء‬
‫المس تخدمة في عملي ة التش ييد‪ ،‬وم دى خلوه ا من العي وب‪ ،‬ال تي يمكن أن تع رض المب اني أو‬
‫المنشآت الثابتة لخطر االنهيار‪.‬‬

‫وإ ّن البناء بمواد عمل معيبة‪ ،‬قد يشكل سببا مباشرا في تهدم البناء أو المنش آت الثابتة‪،‬‬
‫ك أن تك ون م واد البن اء المس تعملة غ ير ص الحة‪ ،‬أو مخالف ة للمواص فات الفني ة‪ ،‬أو مخالف ة‬
‫للش روط المتف ق عليه ا في العق د‪ ،‬ب أن تك ون ه ذه الم واد من ن وع رديء‪ ،‬ال تس مح ب ه أص ول‬

‫عب د ال رزاق الس نهوري‪ ،‬الوس يط في ش رح الق انون الم دني‪ ،‬نظري ة االل تزام بوج ه ع ام‪ ،‬مص ادر االل تزام‪ ،‬ج ‪،1‬‬ ‫‪62‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.67‬‬

‫‪31‬‬
‫الفن والص نعة‪ ،‬كاس تعمال اس منت من ن وع س يء في أرض ية البن اء‪ ،‬أو حدي د مس لح من ن وع‬
‫رديء في سطح البناء‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫له ذه األس باب‪ ،‬أل زم المش رع الجزائ ري مق اول البن اء باعتب اره ه و من ينف ذ العم ل‪،‬‬
‫باختيار مواد البناء ورقابتها‪ ،‬فنص في المادة ‪ 550‬من القانون المدني على ما يلي‪ " :‬يجوز‬
‫للمق اول أن يقتص ر على التعه د بتق ديم عمل ه فحس ب‪ ،‬على أن يق دم رب العم ل الم ادة ال تي‬
‫يستخدمها أو يستعين بها في القيام بعمله‪.‬‬

‫كم ا يج وز أن يتعه د المق اول بتق ديم العم ل والم ادة مع ا "‪ ،‬األم ر ال ذي يس تفاد من ه أن ه يمكن‬
‫لمقاول البناء أن يتعهد في عقد المقاولة‪ ،‬بتقديم العمل دون المادة‪ ،‬فيق ّد مها رب العمل‪ ،‬أو أن‬
‫يتعهد بتقديم المادة والعمل معا‪ ،‬وسنتناول هاتين الحالتين على التوالي‪.‬‬

‫‪ -01‬تعهد مقاول البناء بتوريد المواد المستخدمة في البناء‬

‫نّص المش رع الجزائ ري في الم ادة ‪ 551‬من الق انون الم دني على م ا يلي‪ " :‬إذا تعه د‬
‫المق اول بتق ديم م ادة العم ل كله ا أو بعض ها‪ ،‬ك ان مس ؤوال عن جودته ا‪ ،‬وعلي ه ض مانها ل رب‬
‫العم ل"‪ ،‬ونص في الم ادة ‪ 552‬الفق رة الثاني ة من نفس الق انون الم ذكور على أن ه‪ " :‬وعلى‬
‫المقاول أن يأتي بما يحتاج إليه في انجاز العمل من آالت وأدوات إضافية‪ ،‬ويكون ذلك على‬
‫نفقته‪ ،‬هذا ما لم يقض االتفاق أو عرف الحرفة بغير ذلك"‪.‬‬

‫بقراءة هاتين المادتين يتضح لنا أنه‪ ،‬إذا قدم مقاول البناء مادة العمل كلها أو بعضها‪،‬‬
‫يكون مسؤوال عن جودتها‪ ،‬وعليه ضمانها لصاحب المشروع‪ ،‬ذلك أّن المقاول في هذه الحال ة‬
‫يكون بائعا للمادة‪ ،‬فيضمن ما فيها من عيوب‪ ،‬ضمان البائع للعيوب الخفية‪ ،‬فيكون المقاول‬
‫ملزما بالضمان إذا لم تتوافر في المادة الصفات التي تعهد بوجودها لرب العمل‪ ،‬أو إذا كان‬
‫بها عيب ينقص من قيمتها‪ ،‬أو من االنتفاع بها بحسب الغاية المقصودة منها‪ ،‬فكون المقاول‬
‫ضامنا لهذه العيوب‪ ،‬حتى لو لم يكن عالما بوجودها‪ ،‬في حين ال يضمن هذه العيوب إذا كان‬
‫رب العم ل يعرفه ا وقت تم ام ص نع الش يء‪ ،‬أو ك ان يس تطيع أن يتبّينه ا بنفس ه‪ ،‬ل و أن ه فحص‬
‫الشيء بعناية الرجل العادي‪ ،‬إال إذا أثبت رب العمل أّن المقاول أكد له خلو الشيء من تلك‬
‫‪32‬‬
‫العيوب‪ ،‬أو أثبت أن المقاول قد تعمد إخفاءها غشا عنه‪ ،63‬وإ ذا تسلم صاحب المشروع العمل‬
‫المتفق عليه‪ ،‬وجب عليه التحقق من حالته‪ ،‬عندما يتمكن من ذلك‪ ،‬وفق المألوف في التعامل‪،‬‬
‫فإذا كشف عيبا يضمنه المقاول‪ ،‬وجب عليه أن يخبره به في أجل مقبول عادة‪ ،‬فإن لم يفعل‬
‫اعتبر راضيا بالعمل‪.64‬‬

‫غير أنه إذا كان العيب في المادة مما ال يمكن اكتشافه بالفحص المعتاد‪ ،‬ثم كشفه رب‬
‫العمل‪ ،‬وجب عليه أن يخطر به المقاول بمجرد ظهوره‪ ،‬وإ ال اعتبر راضيا بالعمل‪ ،‬بما فيه‬
‫من عيوب‪.65‬‬

‫هذا وإ ذا أخبر رب العمل مقاول البناء بالعيوب التي اكتشفها في الوقت المناسب‪ ،‬كان‬
‫له الحق في أن يرجع عليه بالضمان وفقا للقواعد العامة‪.66‬‬

‫ومن تم‪ ،‬يجب على مق اول البن اء عن د تقديم ه م ادة العم ل‪ ،‬أن يحس ن اختي اره له ا‪،‬‬
‫ويراعي في ذل ك مالءمتها للغاية المقص ودة منه ا‪ ،‬ويراقب م دى جودته ا‪ ،‬بأن تك ون مطابقة‬
‫للمواص فات المتف ق عليه ا في العق د‪ ،‬وفي دف تر الش روط إن وج د‪ ،‬وأن تت وافر على الص فات‬
‫والمقاييس التقنية والفنية الواجب توافرها في المواد المستخدمة في البناء‪ ،‬وأن يح ترم مقاييس‬

‫تنص المادة ‪ 379‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬يكون البائع ملزما بالضمان إذا لم يشتمل المبيع على الصفات التي تعهد‬ ‫‪63‬‬

‫بوجوده ا وقت التس ليم إلى المش تري أو إذا ك ان ب المبيع عيب ينقص من قيمت ه‪ ،‬أو من االنتف اع ب ه بحس ب الغاي ة‬
‫المقص ودة من ه حس بما ه و م ذكور بعق د ال بيع‪ ،‬أو حس بما يظه ر من طبيعت ه أو اس تعماله‪ ،‬فيك ون الب ائع ض امنا له ذه‬
‫العيوب ولو لم يكن عالما بوجودها‪.‬‬

‫غير أن البائع ال يكون ضامنا للعيوب التي كان المشتري على علم به ا وقت البيع‪ ،‬أو كان في استطاعته أن يطلع‬
‫عليها لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي‪ ،‬إال إذا أثبت المشتري أن البائع أكد له خلو المبيع من تلك العيوب أو‬
‫أنه أخفاها غشا عنه"‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 380/1‬من ق‪.‬م على م ا يلي‪ " :‬إذا تسلم المشتري المبيع وجب عليه التحقق من حالته عندما يتمكن‬ ‫‪64‬‬

‫من ذلك حسب قواعد التعامل الجارية‪ ،‬فإذا كشف عيبا يضمنه البائع وجب عليه أن يخبر هذا األخير في أجل مقبول‬
‫عادة فإن لم يفعل اعتبر راضيا بالبيع"‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 380/2‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬غير أنه إذا كان العيب مما ال يظهر بطريق االستعمال العادي وجب‬ ‫‪65‬‬

‫على المشتري بمجرد ظهور العيب أن يخبر البائع بذلك و إال اعتبر راضيا بالمبيع بما فيه من عيوب"‪.‬‬

‫انظر المادة ‪ 376‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪66‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ ،AFNOR‬وتل ك المقنن ة في الوث ائق التقني ة الموح دة‪ ،‬إذا اتف ق األط راف على وج وب إتباعه ا‬
‫في العقد‪.‬‬

‫أم ا إذا لم تكن هن اك ش روط ومواص فات تخص م واد البن اء‪ ،‬متف ق عليه ا في العق د‪،‬‬
‫وجب على مق اول البن اء أن يت وخى في اختياره ا أن تك ون وافي ة للغ رض المقص ود‪ ،‬وال ذي‬
‫يستفاد مما هو مبين في العقد‪ ،‬أو مما هو ظاهر من طبيعة الشيء‪ ،‬أو الغرض الذي أعد له‪.‬‬

‫وإ ذا لم يتفق المتعاقدان على درجة جودة المادة المستعملة‪ ،‬ولم يمكن استخالص ذلك من‬
‫العرف أو من أّي ظرف آخر‪ ،‬التزم المقاول بتقديم المادة من درجة متوسطة‪.67‬‬

‫‪ -02‬تعهد رب العمل بتوريد المواد المستخدمة في البناء‬

‫تنص الم ادة ‪ 552‬الفق رة األولى من الق انون على م ا يلي‪ " :‬إذا ك ان رب العم ل ه و‬
‫الذي قدم المادة‪ ،‬فعلى المقاول أن يحرص عليها ويراعي أصول الفن في استخدامه لها‪ ،‬وأن‬
‫يؤدي حسابا لرب العمل عما استعملها فيه‪ ،‬ويرد إليه ما بقي منها‪ ،‬فإذا صار شيء من هذه‬
‫المادة غير صالح لالستعمال بسبب إهماله أو قصور كفايته‪ ،‬فهو ملزم برد قيمة هذا الشيء‬
‫لرب العمل"‪.‬‬

‫يستفاد من هذه المادة‪ ،‬أنه إذا كان صاحب المشروع هو الذي قدم مادة العمل‪ ،‬وجب‬
‫على مق اول البن اء أن يحاف ظ عليه ا‪ ،‬وذل ك بوض عها في مك ان أمين ال يص ل اللص وص إلي ه‪،‬‬
‫وأن يحرص على منع تلفها‪ ،‬وأن يبذل في ذلك عناية المقاول المعتاد‪ ،‬ومن تم إذا أهمل هذا‬
‫األخ ير في المحافظ ة على الم ادة ال تي س لمها ل ه رب العم ل‪ ،‬ك ان مس ؤوال عن هالكه ا‪ ،‬أو‬
‫تلفها‪ ،‬أو ضياعها‪ ،‬أو سرقتها‪ ،‬وفي هذه الحالة يكون ملزما برد قيمتها لرب العمل‪.68‬‬

‫وإ ذا احتاج حفظ هذه المواد إلى نفقات‪ ،‬فإّن المقاول هو الذي يتحملها‪ ،‬دون أن يكون‬
‫ل ه ح ق الرج وع بقيمته ا على رب العم ل‪ ،‬ذل ك أنه ا تعت بر ج زء من النفق ات ال واجب علي ه‬
‫مراعاتها عند تحديد األجر‪ ،‬ما لم يتم االتفاق على خالف ذلك‪.‬‬

‫نص المش رع الجزائ ري في الم ادة ‪ 94/2‬من ق‪.‬م على م ا يلي‪ ... " :‬وإ ذا لم يتف ق المتعاق دان على درج ة الش يء‬ ‫‪67‬‬

‫من حيث جودت ه ولم يمكن ت بين ذل ك من الع رف أو من أي ظ رف آخ ر‪ ،‬ال تزم الم دين بتس ليم ش يء من ص نف‬
‫متوسط"‪.‬‬

‫شيخ نسيمة‪( ،‬التزامات مقاول البناء على ضوء القواعد العامة في القانون الجزائري)‪ ،‬المقال السابق‪ ،‬ص‪.115‬‬ ‫‪68‬‬

‫‪34‬‬
‫ولما كان الغرض من تسليم المواد إلى مقاول البناء‪ ،‬هو استخدامها في العمل المعهود‬
‫له به النجازه‪ ،‬فإن المقاول يلتزم بأن يراعي أصول الفن في ذلك‪ ،‬فال يبذرها عند استعمالها‪،‬‬
‫وال يقتص د فيه ا اقتص ادا مفرط ا‪ ،‬وإ نم ا علي ه أن يس تعمل منه ا الق در الالزم النج از العم ل‬
‫المطلوب منه‪ ،‬دون زيادة أو نقصان‪.‬‬

‫ويلتزم مقاول البناء بأن يقدم حسابا لصاحب المشروع عما استعمله منها‪ ،‬وأن يرد له‬

‫ما تبقى من المادة إن وجد‪ ،‬فإن بقي من الحديد الذي تسلمه رب العمل مثال شيء‪ ،‬بعد أن أتّم‬
‫المقاول انجاز المباني أو المنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬وجب عليه رده لرب العمل‪.69‬‬

‫يتعين على مق اول البن اء ك ذلك‪ ،‬أن ي راقب ه ذه الم واد المس لمة ل ه من ط رف ص احب‬
‫المشروع‪ ،‬ويتأكد من سالمتها‪ ،‬وخلوها من العيوب التي قد تهدد سالمة المباني ومتانتها‪ ،‬فإذا‬
‫اكتشف أثناء عملية االنجاز‪ ،‬أن بهذه المواد عيوبا ال تصلح معها ألداء الغرض المرجو منها‪،‬‬
‫كما لو كان الحديد ال يصلح لوضع األساسات‪ ،‬وجب عليه أن يخطر فورا رب العمل بذلك‪،‬‬
‫وإ ال كان مسؤوال عن كل ما يترتب على إهماله من نتائج‪ ،‬أما إذا كان ال يمكن لمقاول بناء‬
‫مثله أن يكتشف العيب‪ ،‬فإنه ال يكون مسؤوال في هذه الحالة‪.‬‬

‫بناء عليه‪ ،‬إذا الحظ مقاول البناء‪ ،‬أثناء رقابته للمواد المقدمة له من طرف صاحب‬
‫المشروع‪ ،‬أنها ال توفر النوعية المرج وة للغاية المقصودة منها‪ ،‬نّب ه رب العمل بذلك‪ ،‬فإذا‬
‫أصر هذا األخير على استعمال هذه المواد المعيبة‪ ،‬كان للمقاول طبقا لمقياس ‪-03 -011‬‬
‫‪ AFNOR P‬أن يرفض استخدام هذه المواد‪ ،70‬ويمكنه في ذلك‪ ،‬االستعانة بآراء الخبراء لبيان‬
‫مدى صالحية هذه المواد لالستخدام من عدمه‪.‬‬

‫هذا وما دام التزام مقاول البناء‪ ،‬بالمحافظة على المواد التي تسلمها من رب العمل‪،‬‬
‫التزاما بوسيلة‪ ،‬فإن هذا األخير الذي يدعي اإلخالل به‪ ،‬يلتزم بإقامة الدليل على ما يدعيه‪،‬‬
‫وذلك بإثبات أن مقاول البناء‪ ،‬لم يبذل عناية المقاول المعتاد في أدائه لهذا االلتزام‪ ،‬بأن يثبت‬
‫إهمال وتقصير مقاول البناء‪ ،‬أو إثبات قصور كفايته الفنية‪ ،‬غير أنه يمكن استخالص قرينة‬

‫عب د ال رزاق الس نهوري‪ ،‬الوس يط في ش رح الق انون الم دني‪ ،‬نظري ة االل تزام بوج ه ع ام‪ ،‬مص ادر االل تزام‪ ،‬ج ‪،1‬‬ ‫‪69‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.73‬‬

‫حمادي جازية مجيدة‪ ،‬عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬ ‫‪70‬‬

‫‪35‬‬
‫قض ائية على ه ذا التقص ير‪ ،‬تعفي ص احب المش روع من عبء إثب ات خط أ مق اول البن اء‪،71‬‬
‫وبالمقابل للمقاول أن يدفع هذه القرينة بإثبات السبب األجنبي أو أنه بذل العناية الالزمة في‬
‫المحافظة على المادة‪.‬‬

‫وال يسأل مقاول البناء‪ ،‬إال عن تلك العيوب‪ ،‬التي يمكن لمق اول آخ ر في مستواه‪ ،‬وفي‬
‫نفس ظروف ه أن يكتش فها‪ ،‬بحيث ال تخفى على مق اول مج رب‪ ،‬أم ا م ا دون ذل ك من عي وب‪،‬‬
‫فال يسأل عنه المقاول‪.‬‬

‫ترتيبا على ما سبق‪ ،‬يكون مقاول البناء مسؤوال عن خطئه مسؤولية عقدية‪ ،‬إذا خالف‬
‫الشروط والمواصفات المتفق عليها‪ ،‬أو انحرف عن أصول الفن والصنعة‪ ،‬أو أساء استخدام‬
‫المادة التي استعملها في انجاز العمل‪ ،‬أو لم يبذل العناية الالزمة للمحافظة على المواد التي‬
‫قدمها له رب العمل‪ ،‬أو لم يحترم أوامر الخدمة‪ ،‬فيلتزم بتعويض رب العمل عما أصابه من‬
‫ضرر‪ ،‬بسبب إخالله بالتزاماته وفقا للقواعد العامة‪.72‬‬

‫ثالثا‪ :‬واجب انجاز العمل في األجل المعين وبالسعر المحدد في العقد‬

‫فضال عن احترام مقاول البناء واجب مراعاة مقتضيات العقد‪ ،‬وواجب اختيار المادة‪،‬‬
‫في تنفي ذ التزام ه بانج از العم ل‪ ،‬يجب عليه أيض ا‪ ،‬أن يس لم العم ل موض وع عق د المقاول ة في‬
‫الوقت المحدد‪ ،‬وباألجر المبين في العقد‪ ،‬وهذا ما سنعرضه‪.‬‬

‫االلتزام بانجاز العمل في األجل المعين بالعقد‬ ‫‪-01‬‬

‫يلتزم مقاول البناء بتسليم محل العقد في اآلجال المتفق عليها في العقد‪ ،‬ويكون التسليم‬
‫بوضع العمل تحت تصرف صاحب المشروع‪ ،‬بحيث يتمكن من االنتفاع به دون أي عائق‪،73‬‬
‫وإ ذا لم ينص العق د على أّي أج ل للتس ليم‪ ،‬وجب على مق اول البن اء انج از العم ل وتس ليمه‬

‫محمد لبيب شنب‪ ،‬شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.126‬‬ ‫‪71‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫يراجع ما سيتم شرحه في ص‬ ‫‪72‬‬

‫عب د ال رزاق الس نهوري‪ ،‬الوس يط في ش رح الق انون الم دني‪ ،‬نظري ة االل تزام بوج ه ع ام‪ ،‬مص ادر االل تزام‪ ،‬ج ‪،1‬‬ ‫‪73‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.89‬‬


‫‪36‬‬
‫لصاحب المشروع في المدة المعقولة التي تسمح بانجازه‪ ،74‬وحسب ما تقتضيه األعراف‪،75‬‬
‫وباعتباره محترفا‪ ،‬يجب عليه أن يأخذ بعين االعتبار – وقت إبرام العقد‪ -‬عدة معايير للتنفيذ‬
‫والتسليم في الوقت المناسب‪ ،‬فال يمكنه طلب مهلة أطول للتنفيذ بسبب تهاطل أمطار غزيرة‬
‫مثال‪ ،‬أو لقل ة م واد البن اء‪ ،‬أو لزي ادة األس عار وغيره ا‪ ،‬ألن ه مل تزم بتحقي ق نتيج ة‪ ،‬أال وهي‬
‫تسليم البناية في التاريخ المحدد بالعقد‪.‬‬

‫وبن اء علي ه‪ ،‬إذا أخ ّل المق اول بالتزام ه بتس ليم البناي ة في ال وقت المح ّد د في العق د رغم‬

‫اعذاره‪ ،‬اعتبر مخطئا وخارقا لشروط العقد ‪ -‬دون الحاجة إلثبات الخطأ في جانبه‪ -‬ومن تّم‬
‫يج وز لص احب المش روع أن يطلب‪ ،‬في ه ذه الحال ة‪ ،‬فس خ العق د م ع التع ويض عن األض رار‬
‫التي لحقته جّر اء التأخير‪ ،‬أو أن يطلب التعويض فقط‪ ،‬على أساس المسؤولية العقدية‪ ،‬خاصة‬
‫إذا كانت األشغال المنجزة على وشك االنتهاء‪ ،‬وعادة ما يتضمن العقد‪ ،‬جزاءات التأخر في‬
‫تنفيذ االلتزام خالل األجل المتفق عليه‪.76‬‬

‫ويظ ّل المق اول مسؤوال عن التأخير‪ ،‬ول و أثبت أّن الم دة المتف ق عليها في العق د‪ ،‬غير‬
‫كافي ة إلنج از العم ل المطل وب‪ ،‬ألن ه ك ان يت وجب علي ه وقت إب رام العق د‪ ،‬أال يح ّد د م ّد ة ال‬
‫يستطيع انجاز العمل فيها‪.77‬‬

‫كم ال محم د األمين‪( ،‬التزام ات الم رخص ل ه في م ادة البن اء والتعم ير)‪ ،‬مجل ة الحق وق والحري ات‪ ،‬ع دد تجري بي‪،‬‬ ‫‪74‬‬

‫بسكرة‪ ،‬سبتمبر ‪ ،2013‬ص‪.378‬‬

‫بلمختار سعاد‪ ،‬المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون العقود‬ ‫‪75‬‬

‫والمسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،2009-2008 ،‬ص ‪.38‬‬

‫تنص المادة ‪ 183‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليها في العقد‪،‬‬ ‫‪76‬‬

‫أو في اتفاق الحق‪ .‬وتطبق في هذه الحالة أحكام المواد ‪ 176‬و ‪."181‬‬

‫وتنص المادة ‪ 184‬من نفس القانون على ما يلي‪ " :‬ال يكون التعويض المحدد في االتفاق مستحقا إذا أثبت المدين أن‬
‫الدائن لم يلحقه أي ضرر‪.‬‬
‫ويجوز للقاضي أن يخفض مبلغ التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مفرطا أو أّن االلتزام األصلي قد نفذ في‬
‫جزء منه‪.‬‬
‫ويكون باطال كّل اتفاق يخالف أحكام الفقرتين أعاله"‪.‬‬
‫‪ 77‬محمد لبيب شنب‪ ،‬شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪37‬‬
‫هذا وتجدر اإلشارة‪ ،‬أّن التزام مقاول البناء بإنجاز العمل‪ ،‬وتسليمه في الوقت المح ّد د‬
‫بالعقد‪ ،‬التزاٌم بتحقيق نتيجة‪ ،‬فال يجوز إذن للمقاول أن ينفي مسؤوليته بعدم تنفيذ التزام ه‪ ،‬ب أن‬
‫يثبت أنه تص َر ف تص ُر ف الرجل المعتاد‪ ،‬وأنه بذل العناية الالزمة لذلك‪ ،‬بل يجب عليه أن‬
‫يثبت السبب األجنبي‪ ،‬كالقوة القاهرة‪ 78‬أو فعل صاحب المشروع‪ 79‬أو فعل الغير‪.‬‬

‫االلتزام بانجاز العمل وفق السعر المحدد‬ ‫‪-02‬‬

‫يل تزم مق اول البن اء بإنج از األش غال المتف ق عليه ا مقاب ل أج ر‪ ،‬واألص ل أن يتم تحدي د‬
‫األجر في عقد المقاولة‪ ،‬بناء على االتفاق المبرم بين مقاول البناء وصاحب المشروع‪ ،‬ووفقا‬
‫للطريق ة المتف ق عليه ا‪ ،‬فيتم تق ديره إم ا على أساس سعر ج زافي‪ ،‬أو عن طريق مقايسة على‬
‫أساس الوحدة‪ ،‬ومن تم ال يجوز لمقاول البناء مطالبة صاحب المشروع بمبالغ إضافية‪ ،‬ما لم‬
‫يتفقا على ذلك مسبقا في عقد المقاولة الذي يربطهما‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫أ‪ -‬تحديد قيمة األجر على أساس السعر الجزافي‬

‫يجب على مقاول البناء أن يتقّيد بالمقايسة‪81‬التي تّم االتفاق عليها في العقد عند إبرام ه‪،‬‬
‫فال يمكن ه مج اوزة الس عر الج زافي المتف ق علي ه‪ ،‬وإ ذا فع ل ال يس تطيع مس اءلة ص احب‬
‫المشروع بهذه الزيادة‪ ،‬بل يتحملها هو‪ ،‬ألّن صاحب المشروع ‪ -‬وفقا لهذه الطريقة‪ -‬يحدد‬
‫األجر إجماال في مقابل كل األعمال التي يعهد بها إلى المقاول‪ ،‬دون تعيين أجر مستقل لكل‬
‫عمل من األعمال الواجبة‪ ،‬ودون اعتداد بما يطرأ من حوادث تجعل التنفيذ صعبا أو مرهقا‬
‫أو أكثر كلفة‪ ،‬فيدفع السعر المتفق عليه دون زيادة أو نقصان كونه ثابتا ال يمكن تعديله وال‬
‫مراجعته‪.‬‬

‫ال يدخل ضمن القوة القاهرة مثال برودة الطقس أو كثرة المطر في فصل الشتاء‪ ،‬ألنهما أمران متوقعان‪ ،‬ك ان على‬ ‫‪78‬‬

‫المقاول أن يترقبهما وقت التعاقد و يأخذهما بعين االعتبار أثناء حساب أجل التنفيذ‪.‬‬
‫كت أخره في القي ام ب اإلجراءات اإلداري ة الالزم ة للحص ول على رخص البن اء‪ ،‬أو ت أخره في تق ديم م واد البن اء‬ ‫‪79‬‬

‫للشروع في التنفيذ‪ ،‬أو زيادة حجم األشغال عما تم االتفاق عليه بداية‪ ،‬أو عدم دفعه لإلقساط والتسبيقات المتفق عليها‬
‫مما أدى إلى وقف األشغال من طرف المقاول‪.‬‬

‫هذه الطريقة تقتضي أن يقّد ر السعر مقدما عند إبرام المقاولة‪.‬‬ ‫‪80‬‬

‫المقايس ة (‪ )DEVIS‬هي بي ان مفص ل لألعم ال ال واجب القي ام به ا‪ ،‬والم واد ال واجب اس تخدامها في ه ذه األعم ال‪،‬‬ ‫‪81‬‬

‫واألجرة الواجب دفعها عن كل عمل‪ ،‬وأسعار المواد التي تستخدم‪.‬‬


‫‪38‬‬
‫وعليه‪ ،‬إذا تّم االتفاق المسبق بين صاحب المشروع ومقاول البناء على األجرة‪ ،‬على‬
‫أساس تصميم معّين‪ ،‬فعلى مقاول البناء احترام هذا السعر‪ ،‬أثناء إنجازه العمل مح ّل المقاولة‪،‬‬
‫فإن كلف هذا اإلنجاز نفقات أكبر‪ ،‬تحّم لها هو‪ ،‬ما لم تكن هذه الزيادة في األجر‪ ،‬ناجمة عن‬
‫تع ديل أو إض افة في التص ميم‪ ،‬بن اء على خط أ ص احب المش روع‪ ،‬أو بن اء على إذن ه‪ ،‬أو إذا‬
‫انه ار الت وازن االقتص ادي بين التزام ات ك ل من ص احب المش روع ومق اول البن اء‪ ،‬بس بب‬
‫ح وادث اس تثنائية عام ة‪ ،‬لم تكن في الحس بان وقت التعاق د‪ ،‬وت داعى ب ذلك األس اس ال ذي ق ام‬
‫عليه التقدير‪ ،‬كارتفاع أسعار المواد األولية‪ ،‬أو أجور العمال‪ ،‬أو زيادة تكاليف العمل‪ ،‬جاز‬
‫للقاض ي أن يحكم بزي ادة األج رة‪ ،‬أو بفس خ العق د‪ ،‬طبق ا لمقتض يات الم ادة ‪ 561‬من الق انون‬
‫المدني‪.‬‬

‫هذا ويجب أن يكون طلب الزيادة في األجر عن األشغال اإلضافية‪ ،‬ثابتا بالكتابة‪ ،‬إال‬
‫إذا كان العقد األصلي ذاته قد اتفق عليه مشافهة‪.82‬‬

‫وتب دو فائ دة تحدي د األج ر جزاف ا بالنس بة لص احب المش روع‪ ،‬أنه ا تح دد مق دما م دى‬
‫التزامه‪ ،‬وتجعله في مأمن من ارتفاع أسعار مواد البناء األولية‪ ،‬وارتفاع أجور العمال‪ ،‬وإ ن‬
‫كان يخشى أن يؤدي تحديد األجر جزافا أن يعمد مقاول البناء إلى استخدام مواد من صنف‬
‫سيء‪ ،‬أو ال يتقن العمل الموكول إليه‪.‬‬

‫قضت المحكمة العلي ا‪ ،‬في هذا الشأن‪ ،‬في القرار الصادر عنها بت اريخ ‪ 18‬جوان ‪ ،1997‬ملف رقم ‪،144112‬‬ ‫‪82‬‬

‫منشور بـ م ق‪ ،‬ع ‪ 1‬لسنة ‪ ،1997‬ص‪ 21‬بما يلي‪ " :‬من المقرر قانونا‪ ،‬أنه إذا أبرم عقد بأجر جزافي على أساس‬
‫تصميم اتفق عليه مع رب العمل‪ ،‬فليس للمقاول أن يطالب بأية زيادة في األجر ولو حدث في هذا التصميم تعديل أو‬
‫إضافة‪.‬‬

‫ويجب أن يحصل هذا االتفاق كتابة إال إذا كان العقد األصلي ذاته قد اتفق عليه شفاهية‪.‬‬

‫ولما كان ثابتا أن قضاة الموضوع بقضائهم على الطاعنة بدفع مبلغ إضافي نظرا لتوسيع األشغال المتفق عليها في‬
‫العقد األصلي‪ ،‬في حين كان لزاما على المقاول عند توسيع تلك األشغال في وقت الحق أن يدرجها كتابة حسب العقد‬
‫األصلي‪ ،‬ومن تم فإن القضاة بقضائهم كما فعلوا قد خالفوا حكم القانون"‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫وبالنسبة لمقاول البناء‪ ،‬فانها تتيح له فرصة كبيرة للربح‪ ،‬ولكنها تحمله مسؤولية الغلط‬
‫في تق دير النفق ات الالزم ة‪ ،‬وتبع ات التغ يرات ال تي تط رأ على أس عار الم واد المس تعملة في‬
‫العمل‪ ،‬وأجور العمال الذين يستعين بهم في العمل‪.83‬‬

‫ب‪ -‬تحديد قيمة األجر على أساس الوحدة‬

‫تحديد األجر وفقا لهذه الصورة يقتضي عمل مقايسة‪ ،‬تبين األعمال المطلوبة تفصيال‪،‬‬
‫والمواد التي تستخدم في هذه األعمال‪ ،‬وأجر وحدة العمل‪ ،‬وسعر المواد المستخدمة‪.‬‬

‫ف إذا اتف ق مق اول البن اء م ع ص احب المش روع على أن يتّم حس اب األج ر على أس اس‬
‫الوحدة‪ ،‬فإّن األجر يقّد ر تبعا للعمل الحقيقي الذي ينجزه مقاول البناء‪ ،‬أي على أساس كل م تر‬
‫منجز عن كل متر من المباني‪ ،‬أو عن كل كمية منجزة عن كل صنف‪ ،‬ومثال ذلك االتفاق‬
‫على أن حس اب عملي ة ال تزليج تق در بمبل غ معين عن ك ل م تر مرب ع‪ ،‬فعن د تس لم البناي ة يتم‬
‫حساب األجر وفقا لعدد األمتار المربعة التي قام مقاول البناء بتزليجها‪.‬‬

‫ه ذا وال ال يمكن معرف ة أج ر مق اول البن اء وفق ا له ذه الطريق ة‪ ،‬إال بع د إتمام ه العم ل‪،‬‬
‫وبالتالي يزيد أج ره أو ينقص عّم ا كان ق د توقعه صاحب المشروع وقت التعاق د‪ ،‬فإذا كانت‬
‫مج اوزة المقايس ة المق درة مج اوزًة محسوس ًة‪ ،‬وجب على مق اول البن اء أن يخط ر في الح ال‬
‫صاحب المشروع بذلك‪ ،‬موضحا له مقدار ما يتوقعه من زيادة في الثمن‪ ،‬فإن لم يفعل سقط‬
‫حقه في استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة من نفقات‪.‬‬

‫أّم ا إذا كانت مجاوزة سعر المقايسة المقدرة لتنفيذ التصميم المتفق عليه جسيمة‪ ،‬جاز‬
‫لصاحب المشروع حل العقد بإرادته المنفردة‪ ،‬ووقف التنفيذ فورا‪ ،‬مع إيفاء مقاول البناء قيمة‬
‫ما أنجزه من أعمال‪ ،‬مقدرة وفقا لشروط العقد‪ ،‬دون أن يعوضه عما كان يستطيع أن يكسبه‬
‫لو أنه أتم العمل‪.84‬‬

‫وعيب ه ذه الطريق ة في حس اب األج ر‪ ،‬أنه ا ال تح دد م دى ال تزام ص احب المش روع‬


‫مق دما ول و على وج ه تقري بي‪ ،‬ألن األج ر ال ذي يل تزم ب ه ال يتح دد إال على أس اس مق دار‬
‫األعمال التي نّفذت‪.‬‬

‫محمد لبيب شنب‪ ،‬شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.80،81‬‬ ‫‪83‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 560‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪84‬‬

‫‪40‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التزام مقاول البناء بتسليم العمل‬

‫فضال عن التزام مقاول البناء بانجاز العمل محل عقد المقاولة‪ ،‬يلتزم أيضا بتسليم هذا‬
‫العمل بعد إتمامه لرب العمل‪ ،‬في اآلجال المتفق عليها في العقد‪.‬‬

‫أوال‪ :‬واجب التسليم‬

‫يك ون التس ليم بوض ع العم ل تحت تص رف ص احب المش روع‪ ،‬بحيث يتمكن من‬
‫االس تيالء علي ه واالنتف اع ب ه دون ع ائق‪ ،85‬وأن يتم التس ليم في الميع اد المتف ق علي ه النج از‬
‫العمل‪ ،‬فإذا لم يتفق مقاول البناء وصاحب المشروع عند إبرام عقد المقاولة‪ ،‬على أجل معين‬
‫للتسليم‪ ،‬كان على مقاول البناء انجاز األعمال‪ ،‬وتسليمها لصاحب المشروع‪ ،‬في مدة معقولة‪،‬‬
‫وفقا لطبيعتها‪ ،‬وحسب ما تقتضيه أعراف الصنعة‪.‬‬

‫وبم ا أن مق اول البن اء ش خص مح ترف‪ ،‬خب ير ب أمور الفن‪ ،‬يجب علي ه أن يأخ ذ بعين‬
‫االعتب ار – وقت إب رام العق د‪ -‬ع دة مع ايير لتنفي ذ األعم ال وانجازه ا‪ ،‬ومن تم تس ليمها في‬
‫الوقت المناسب‪ ،‬فال يمكنه طلب مدة أطول للتنفيذ‪ ،‬بسبب قلة مواد البناء‪ ،‬أو زيادة األسعار‪،‬‬
‫أو تهاطل أمطار غزيرة وغيرها‪ ،‬ألن التزام المقاول بتسليم البناية‪ ،‬في األجل المحدد بالعقد‪،‬‬
‫هو التزام بتحقيق نتيجة‪.‬‬

‫وإ ذا كان التسليم يقتضي وضع العمل المنجز تحت تصرف صاحب المشروع‪ ،‬لتمكينه‬
‫من االنتفاع به دون عائق‪ ،‬فإن ذلك ال يعني أن يضع صاحب المشروع يده فعال على العمل‪،‬‬
‫حتى يعتبر مقاول البناء قد نّف ذ التزامه بالتسليم‪ ،‬ألن التسلم الفعلي هو التزام يقع على عاتق‬
‫صاحب المشروع ال مقاول البناء‪.‬‬

‫ويجب أن يتم تسليم العمل محل عقد المقاولة في المكان المتفق عليه‪ ،‬فإن لم يتضمن‬
‫العق د اتفاقا في هذا الشأن‪ ،‬وجب التسليم في المكان ال ذي يح دده العرف‪ ،‬فإن لم يوج د اتفاق‬
‫وال عرف‪ ،‬وكان العمل واردا على عقار أو شيء ثابت‪ ،‬فإّن التسليم يكون في مكان وجود‬
‫هذا العقار أو الشيء‪ ،‬كما لو كان العمل المراد انجازه عمارة مثال‪ ،‬فإن تسليم هذه العمارة‬
‫يكون في مكان وجودها بداهة‪.‬‬

‫يك ون التس ليم تام ا إذا تخلى مق اول البن اء عن المب اني‪ ،‬ووض عها تحت تص رف ص احب المش روع‪ ،‬وذل ك بتس ليمه‬ ‫‪85‬‬

‫مفاتيح البناء‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫ثانيا‪ :‬جزاء إخالل مقاول البناء بالتزامه بالتسليم‬

‫بن اء على م ا س بق ذك ره‪ ،‬إذا لم يقم مق اول البن اء بتس ليم العم ل المكل ف ب ه ك امال‪ ،‬في‬
‫الوقت المحدد‪ ،‬وفي المكان الواجب تسليمه فيه‪ ،‬رغم اعذاره‪ ،‬اعتبر مخطئا‪ ،‬ومخال بالتزامه‬
‫بالتس ليم‪ ،‬ومن تم مس ؤوال في مواجه ة رب العم ل عم ا يلحق ه من أض رار‪ ،‬ويج وز في ه ذه‬
‫الحالة لرب العمل‪ ،‬طبقا للقواعد العامة‪ ،‬أن يطلب التنفيذ العيني والتعويض‪ ،86‬فيجبر المقاول‬
‫على تس ليم العم ل‪ ،‬م تى ك ان ذل ك ممكن ا‪ ،‬وإ ذا ك ان التس ليم غ ير ممكن إال بت دخل المق اول‬
‫شخصيا‪ ،‬فيجوز لرب العمل إجباره على ذلك‪ ،‬عن طريق تسليط غرامة تهديدية عليه‪ ،‬لحمله‬
‫على تنفيذ التزامه بالتسليم‪.87‬‬

‫غير أنه ال يجوز إجبار المقاول على تسليم العمل‪ ،‬إال إذا كان قد انتهى منه‪ ،‬ألنه قد‬
‫يكون في تسليم العمل ناقصا‪ ،‬إضرار بسمعة المقاول الفنية‪ ،‬وترجع مسألة تقدير ذلك للسلطة‬
‫التقديرية لقاضي الموضوع‪ ،‬باالستعانة بآراء أهل الخبرة‪.‬‬

‫هذا ويجوز لرب العمل‪ ،‬أن يطلب فسخ عقد المقاولة والتعويض‪ ،‬في حالة ما إذا أخل‬
‫مق اول البن اء بالتزام ه بالتس ليم‪ ،‬أو ت أخر في ذل ك‪ ،‬غ ير أن القض اء ليس ملزم ا بإجاب ة طلب‬
‫الفسخ‪ ،‬حتى لو تحقق من عدم وفاء مقاول البناء بالتزامه كامال‪ ،‬فله أن يرفض الفسخ بصفة‬
‫خاصة‪ ،‬إذا كان ما لم يسلمه المقاول قليل األهمية بالنسبة إلى االلتزام في مجمله‪.88‬‬

‫فمتى تمسك رب العمل في مطالبته بالتنفيذ العيني دون الفسخ‪ ،‬ال يحق لقاضي الموضوع في حالة عرض النزاع‬ ‫‪86‬‬

‫عليه‪ ،‬أن يتدخل لحل الرابطة العقدية‪ ،‬وإ ال كان حكمه مخالفا ألحكام نص المادة ‪ 549‬من ق‪.‬م‪.‬‬

‫‪ -‬يراج ع به ذا الص دد ق رار م ع غ م‪ ،‬مل ف رقم ‪ ،61489‬الص ادر في ‪ ،13/06/1990‬منش ور بـ م ق‪ ،‬ع ‪ ،4‬س‬
‫‪ ،1991‬ص‪ ،65‬أشار إليه‪ :‬مسعودة مروش‪ ،‬عقد المقاولة في القانون المدني الجزائري‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماجستير‬
‫في العقود والمسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2003-2002 ،‬ص‪.76‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 174‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪87‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 119‬من ق‪.‬م على م ا يلي‪ " :‬في العق ود الملزم ة للج انبين‪ ،‬إذا لم ي وف أح د المتعاق دين بالتزام ه ج از‬ ‫‪88‬‬

‫للمتعاقد اآلخر بعد اعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه‪ ،‬مع التعويض في الحالتين إذا اقتضى الحال ذلك‪.‬‬

‫ويجوز للقاضي أن يمنح المدين أجال حسب الظروف‪ ،‬كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين‬
‫قليل األهمية بالنسبة إلى كامل االلتزامات"‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫ويظ ل مق اول البن اء مس ؤوال عن الت أخير في التنفي ذ‪ ،‬ول و أثبت أن الم دة المتف ق عليه ا‬
‫في عقد المقاولة‪ ،‬غير كافية النجاز العمل المطلوب منه‪ ،‬ألنه كان يتوجب عليه وقت إبرام‬
‫العقد‪ ،‬أال يحدد مدة ال يستطيع انجاز العمل فيها‪.‬‬

‫ولّم ا كان التزام مقاول البناء بتسليم العمل التزاما بتحقيق نتيجة‪ ،‬فإنه ال يجوز له أن‬
‫ينفي مسؤوليته بعدم تنفيذ التزامه‪ ،‬بأن يثبت بأنه تصرف تصرف الرجل المعتاد‪ ،‬وأنه بذل‬
‫العناية الالزمة لذلك‪ ،‬بل يجب عليه أن يثبت السبب األجنبي‪ ،‬حتى ينفي عن نفسه المسؤولية‪.‬‬

‫على أنه في حالة تعدد المقاولين في ورشة عمل واحدة‪ ،‬يعتبر كل مقاول مسؤوال عن‬
‫ت أخره في انج از عمل ه‪ ،‬دون المق اولين اآلخ رين‪ ،‬ويك ون مق اول البن اء مس ؤوال تج اه ص احب‬
‫المشروع عن تأخر المقاول الفرعي في تسليم عمله‪.89‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التزام مقاول البناء بالضمان‬

‫نظم المش رع الجزائ ري ال تزام مق اول البن اء بم وجب أحك ام خاص ة‪ ،‬فلم يخض عها‬
‫لألحك ام العام ة في الض مان‪ ،‬وال تي تس ري على العق ود‪ ،‬بحيث ش ّد د من مس ؤولية المق اول‪،‬‬
‫نظرا لما قد يترتب على تهدم المباني من أضرار جسيمة‪ ،‬تصيب األرواح واألموال‪.‬‬

‫وسأقتص ر في ه ذا الف رع على دراس ة أحك ام الض مان بوج ه ع ام‪ ،‬ذل ك أن ني س أتناول‬
‫األحك ام الخاص ة بض مان مق اول البن اء والمهن دس المعم اري‪ ،‬على نح و مفص ل‪ ،‬في الب اب‬
‫الث اني من ه ذه الرس الة‪ ،‬وال تي ال أرى ب ّد ا من ذكره ا في ه ذا الف رع‪ ،‬وذل ك ح تى ال أق ع في‬
‫التكرار‪ ،‬وإ لى ذلك أحيل‪.90‬‬

‫أوال‪ :‬ضمان مقاول البناء لمادة العمل‬

‫يضمن مقاول البناء‪ ،‬في عقد المقاولة المبرم بينه وبين صاحب المشروع‪ ،‬ما في مواد‬
‫العمل التي التزم بتقديمها من عيوب‪ ،‬متى لم تتوافر في المادة الصفات التي تعهد لرب العمل‬

‫يراجع نص المادة ‪ 564‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪89‬‬

‫وما بعدها من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ص‬ ‫‪90‬‬

‫‪43‬‬
‫بوجودها فيها‪ ،‬أو كان بالمادة عيب ينقص من قيمتها‪ ،‬أو من نفعها‪ ،‬بحسب الغاية المقصودة‬
‫منها‪.91‬‬

‫ويضمن مقاول البناء أيضا العيوب التي اكتشفها‪ ،‬أو التي كان عليه اكتشافها في مادة‬
‫العمل التي قدمها له رب العمل‪ ،‬ألنه يتعين عليه إخطار هذا األخير بهذه العيوب‪.92‬‬

‫ثانيا‪ :‬ضمان مقاول البناء للعيب في الصنعة‬

‫يسأل مق اول البناء عن ك ل عيب في الص نعة‪ ،‬تقضي أصول الفن بأن يكون مسؤوال‬
‫عن ه‪ ،‬ومن تم تق وم مس ؤولية مق اول البن اء‪ ،‬إذا لم يل تزم بتنفي ذ العم ل المعه ود ب ه إلي ه‪ ،‬وفق ا‬
‫للمواصفات المتفق عليها‪ ،‬وطبقا ألصول الصنعة‪ ،‬فهو إذن يضمن عيوب عمله‪.93‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫االلتزامات المشتركة للمهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫نظرا للتطور الذي يعرفه مجال البناء والمعمار‪ ،‬اتجهت معظم التشريعات إلى توسيع‬
‫مج ال التزام ات المعم اريين‪ ،‬وبخاص ة المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬فأض اف الق انون‬
‫فض ال عن االلتزام ات الرئيس ية الخاص ة الم ذكورة أعاله‪ ،‬ال تزامين جدي دين وهم ا‪ :‬االل تزام‬
‫باإلعالم واإلرشاد‪ ،‬وااللتزام بالتأمين على المسؤولية‪ ،‬وهو ما سنتناوله بالشرح والتفصيل‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التزام المهندس المعماري ومقاول البناء باإلعـالم واإلرشـاد‬

‫تنص المادة ‪ 551‬من القانون سالف الذكر على ما يلي‪ " :‬إذا تعهد المقاول بتقديم مادة العمل كلها أو بعضها كان‬ ‫‪91‬‬

‫مسؤوال عن جودتها وعليه ضمانها لرب العمل"‪.‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 552‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪92‬‬

‫بلجبل عتيقة‪ ( ،‬الخطأ كشرط لقيام المسؤولية العقدية)‪ ،‬مجلة الحقوق والحريات‪ ،‬عدد تجريبي‪ ،‬بسكرة‪ ،‬سبتمبر‬ ‫‪93‬‬

‫‪ ،2013‬ص‪.560‬‬
‫‪44‬‬
‫أوجب الق انون على ك ل مح ترف‪ ،‬أن يعلم ويوّج ه من يتعاق د معهم‪ ،‬سيمـا الجاهليـن‬
‫بأصول مهنتهم‪ ،‬وباعتبار المهندس المعماري ومقاول البناء محترفين‪ ،‬فإنه يتعين عليهما‪ ،‬أن‬
‫يق دما لص احب المش روع‪ ،‬ك ل مس اعدة ض رورية‪ ،‬وأن يعلم اه بك ل م ا يل زم‪ ،‬ويش يرا علي ه‬
‫ب الرأي الف ني الص حيح‪ ،‬س واء قب ل الب دء في تنفي ذ األعم ال‪ ،‬أو خالل ه ذا التنفي ذ‪ ،‬أو بع د‬
‫اكتماله‪ ،‬أي عند تسليم البناء‪ ،94‬وذلك لتمكينه من اتخاذ قرارات صائبة بخصوص البناية ال تي‬
‫يريد تشييدها‪.‬‬

‫ويعتبر االلتزام باإلعالم واإلرشاد‪ ،‬المترتب في ذمة المهندس المعماري ومقاول البناء‬
‫التزاما تعاقديا‪ ،‬ناتجا عن عقد المقاولة الذي يربطهما برب العمل‪ ،‬حتى وإ ن لم ينص صراحة‬
‫على هذا االل تزام في العق د‪ ،‬ومن تم فإن ك ل إخالل من ط رف المهندس المعم اري أو مقاول‬
‫البناء بهذا االلتزام‪ ،‬يرتب مسؤوليتهما العقدية‪.‬‬

‫والمالح ظ أن القض اء الفرنس ي أك د على األس اس العق دي الل تزام المهن دس المعم اري‬
‫ومق اول البن اء ب اإلعالم‪ ،95‬باس تناده أحيان ا على الم ادة ‪ 1135‬من الق انون الم دني الفرنس ي‪،‬‬
‫والتي تقابلها المادة ‪ 107‬الفقرة الثانية من القانون المدني الجزائري التي جرى نصها كاآلتي‪:‬‬
‫" وال يقتص ر العق د على إل زام المتعاق د بم ا ورد في ه فحس ب‪ ،‬ب ل يتن اول أيض ا م ا ه و من‬
‫مس تلزماته وفق ا للق انون‪ ،‬والع رف‪ ،‬والعدال ة‪ ،‬بحس ب طبيع ة االل تزام "‪ ،‬وأحيان ا أخ رى على‬
‫المادة ‪ 1147‬مدني فرنسي والتي تقابلها المادة ‪ 176‬مدني جزائري والتي تنص على أنه‪" :‬‬
‫إذا استحال على المدين أن ينفذ االلتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ‬
‫التزامه‪ ،‬ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب ال يد له فيه‪ ،‬ويكون الحكم كذلك إذا‬
‫تأخر المدين في تنفيذ التزامه "‪.‬‬

‫مغبغب نعيم‪ ،‬عقود مقاوالت البناء واألشغال الخاصة والعامة‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،‬بدون مكان نشر‪.1997،‬‬ ‫‪94‬‬

‫يذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى فصل هذا االلتزام عن العقد وربطه بقواعد المهنة وأصول القانون‪ ،‬غير أن‬ ‫‪95‬‬

‫هذا التأسيس قد يؤدي إلى تفويت حق صاحب المشروع في اإلعالم‪ ،‬إذ يستعصي عليه استخالص هذا االلتزام من‬
‫القواعد العامة‪ ،‬و من تم من األفضل جعل هذا االلتزام داخل دائرة العقد‪.‬‬

‫‪ -‬ش هيدة ق ادة‪( ،‬ال تزام المهن دس المعم اري والمق اول ب اإلعالم والتوجي ه في عق د المقاول ة)‪ ،‬مجل ة دراس ات قانوني ة‪،‬‬
‫تصدر عن مخبر القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬ع ‪ ،2006 ،3‬ص‪.78‬‬
‫‪45‬‬
‫وتبع ا ل ذلك‪ ،‬ن رى أّن ال تزام المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ب اإلعالم واإلرش اد‪،‬‬
‫ال تزام تعاق دي‪ ،‬ن اتج عن عق د المقاول ة‪ ،‬باعتب اره من مس تلزمات ه ذا العق د‪ ،‬طبق ا للع رف‬
‫والعدالة‪.‬‬

‫وإ ذا كان االلتزام باإلعالم واإلرشاد‪ ،‬التزاما مشتركا بين المهندس المعماري ومقاول‬
‫البناء‪ ،‬باعتبارهما حرفيين مختصين في مجال البناء‪ ،‬إال أنه يختلف تبعا الختالف تدخل كل‬
‫واحد منهما في عملية البناء‪ ،‬وهو ما سنتناوله تباعا‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التزام المهندس المعماري باإلعالم واإلرشاد‬

‫نشير بداءة إلى أنه ال يمكن حصر مظاهر المساعدة التي يمكن أن يقدمها المهندس‬
‫المعم اري ل رب العم ل‪ ،‬فه ذه مس ألة واق ع‪ ،‬تختل ف ب اختالف ظ روف ك ل حال ة‪ ،‬والختالف‬
‫مستوى تخصص المهندس المعماري‪ ،‬أو درايته بفن المعمار‪.‬‬

‫كما تختلف درجة التزام المهندس المعماري باإلعالم واإلرشاد‪ ،‬بحسب اختالف صفة‬
‫صاحب المشروع‪ ،‬وكفاءاته الشخصية في مجال البناء‪ ،‬فإذا كان هذا األخير شخصا عاديا‪،‬‬
‫ج اهال لقواع د الفن وأص ول الص نعة‪ ،‬وجب على المهن دس المعم اري إعالم ه‪ ،‬وإ رش اده‪،‬‬
‫ونصحه حول كل المسائل التقنية‪ ،‬والعملية التي قد يواجهها أثناء عملية البناء‪ ،96‬أما إذا كان‬
‫صاحب المشروع شخصا مهنيا خبيرا بأصول الفن والصنعة‪ ،‬فإن التزام المهندس المعماري‬
‫ب اإلعالم‪ ،‬يك ون أق ل اعتب ارا‪ ،‬ألن ص احب المش روع‪ ،‬المف روض في ه‪ ،‬أن ه على علم مس بق‬
‫بالمعلومات التي سيقدمها له المهندس المعماري‪.‬‬

‫ويتعين على المهندس المعماري‪ ،‬باعتباره رجل فن – يعد ويوجه األعمال‪ -‬ومرشدا‬
‫‪ -‬يث ق ص احب المش روع في خبرت ه وتقنيات ه – أن يس اعد ه ذا األخ ير‪ ،‬من خالل نص حه‬
‫وإ رشاده‪ ،‬خالل كل طور من أطوار عملية البناء‪ ،‬سواء قبل البدء في تنفيذ األعمال‪ ،‬أو خالل‬
‫التنفيذ‪ ،‬أو عند تسليم البناء‪.‬‬

‫ففي مرحل ة إع داد المش روع‪ ،‬يجب على المهن دس المعم اري أن يعطي ص احب‬
‫المشروع صورة دقيقة عن التكاليف الفعلية المزمع تنفيذها‪ ،‬وأن يصحح له ما يمكن أن يثور‬

‫‪96‬‬
‫‪J.P.KARILA, La responsabilité des constructeurs, op.cit, p 51.‬‬
‫‪46‬‬
‫في ذهنه من ظن خاطئ‪ ،‬فيبصره بالتشريعات‪ ،‬واللوائح‪ ،‬وقيود البناء‪ ،97‬وينبهه مثال ببعض‬
‫القيود التنظيمية حتى يتمكن من االتصال المسبق باإلدارة للتحقق من ذلك‪.‬‬

‫ويجب عليه أيضا أن ينبه صاحب المشروع إلى كل المسائل التقنية‪ ،‬من حيث طبيعة‬
‫األرض‪ ،‬أو م دى مالءم ة البناي ات الم راد انجازه ا عليه ا‪ ،‬م ع الخص ائص الجيولوجي ة‬
‫لألرض‪ ،98‬ومن حيث مساحة قطعة األرض المراد إقامة البناء عليها‪ ،‬أو األدوار التي يمكن‬
‫انجازها‪ ،‬واالرتفاعات المسموح بها قانونا‪ ،‬وغيرها من األمور‪.‬‬

‫وعليه أيضا أن ينبه رب العمل إلى خطورة تنفيذ األعمال المراد انجازها‪ ،‬وأن يبدي‬
‫له ما يلزم في هذا الشأن من تحفظات‪ ،‬كما لو كانت األرض المراد إقامة البناء عليها غير‬
‫صالحة للبناء‪ ،‬أو كان من شأن هذه البناءات أن تسبب ضررا للملكيات المجاورة‪.‬‬

‫ويل تزم المهندس المعم اري أيضا‪ ،‬أن يق دم لرب العمل صورة دقيقة عن م دى تحمل‬
‫األساسات لألدوار المراد إقامتها‪ ،‬وينصحه بعدم التعلية‪ ،‬أو إعادة إرساء األساسات من جديد‪،‬‬
‫أو على األقل ما يلزمه من إصالحات فيها‪.‬‬

‫ويتعين على المهندس المعماري‪ ،‬أن يختار لصاحب المشروع‪ ،‬م تى طلب منه ذلك‪،‬‬
‫مق اوال كف أ النج از األعم ال وتنفي ذها‪ ،‬أو ينبه ه إلى ع دم كف اءة المق اول ال ذي اخت اره لتنفي ذ‬
‫األشغال‪.99‬‬

‫وعليه‪ ،‬يجب على المهندس المعماري في هذه المرحلة‪ ،‬إعداد تصميم يوافق رغبات‬
‫وطلب ات ص احب المش روع كله ا‪ ،‬غ ير أن ه ق د ي رى أن ه في تط بيق أوام ر ورغب ات ص احب‬
‫المش روع‪ ،‬إلح اق الض رر ب الغير‪ ،‬أو ب ه شخص يا‪ ،‬أو أن تنفي ذ التص ميم على أرض الواق ع‬
‫مستحيل‪ ،‬نظرا لعدم توافر التقنيات الالزمة لذلك‪ ،‬أو أن تنفيذ التصميم سيكلف أموال باهظة‪،‬‬
‫تفوق بكثير توقعات صاحب المشروع وقدراته المالية‪ ،‬أو أن طبيعة األرض ال تصلح لتشييد‬

‫أي قواعد المعمار والبناء والقواعد العامة في القانون المدني‪.‬‬ ‫‪97‬‬

‫شهيدة قادة‪ ( ،‬التزام المهندس المعماري والمقاول باإلعالم والتوجيه في عقد المقاولة)‪ ،‬المقال السابق‪ ،‬ص‪.78‬‬ ‫‪98‬‬

‫شهيدة قادة‪ ( ،‬التزام المهندس المعماري والمقاول باإلعالم والتوجيه في عقد المقاولة)‪ ،‬المقال السابق‪ ،‬ص‪.82‬‬ ‫‪99‬‬

‫‪47‬‬
‫هذه البناية‪ ،‬وجب عليه أن يعلم رب العمل بذلك‪ ،‬وينصحه‪ ،‬ويرشده إلى الطريقة الصحيحة‬
‫التي يتعين تنفيذ األشغال على أساسها‪.‬‬

‫ه ذا وإ ذا ك ان المهن دس المعم اري مكلف ا‪ ،‬فض ال عن عملي ة إع داد المش روع‪ ،‬بالتنفي ذ‬
‫والرقاب ة على األعم ال‪ ،‬باعتب اره ص احب عم ل‪ ،‬فان ه يل تزم أيض ا ب إعالم ص احب المش روع‪،‬‬
‫بكل ما قد يعيق تنفيذ األعمال من نقائص‪ ،‬وعوائق تقنية واقتصادية‪.‬‬

‫ومن تم يتعين على المهندس المعماري‪ ،‬تنبيه صاحب المشروع إلى المخاطر المترتبة‬
‫عن عمليات االنج از‪ ،‬بالشكل الذي يريده هذا األخير‪ ،‬وتبصيره بمدى ج ودة ونوعية المواد‬
‫المس تعملة في البن اء‪ ،‬وم دى مالءمته ا للبن اءات الم راد تش ييدها‪ ،‬س واء ك ان ه و من ق ّد م ه ذه‬
‫المواد‪ ،‬أو ق ّد مها مقاول البناء‪ ،‬ويجب عليه إعالمه أيضا بضرورة بعض األعمال اإلضافية‬
‫الواجبة‪ ،‬للمحافظة على سالمة صاحب المشروع والغير‪.‬‬

‫ه ذا ويجب على المهن دس المعم اري أيض ا‪ ،‬أن يس اعد رب العم ل في تس لم كش وف‬
‫الحسابات من المقاولين‪ ،‬ومراجعتها قبل أن ينقلها إليه‪.‬‬

‫والخالصة أن المهندس المعماري مسؤول بوجه عام‪ ،‬بأن يخطر صاحب المشروع‪،‬‬
‫بكل العقبات الهامة التي تطرأ خالل تنفيذه للمهمة المعهودة إليه‪ ،‬كتلك المخاطر التي تسببها‬
‫له أو للغير‪ ،‬وعليه أن يقدم له النصائح الضرورية في هذا الشأن‪.‬‬

‫يل تزم المهن دس المعم اري‪ ،‬بمس اعدة رب العم ل في عملي ة التس ليم ال تي تتم بين ه وبين‬
‫مق اول البن اء‪ ،‬فينبه ه ويرش ده إلى ك ل العي وب الظ اهرة‪ ،‬ال تي يمكن أن تك ون ق د وقعت في‬
‫المباني‪ ،‬حتى ولو كانت عيوبا بسيطة‪ ،‬وأن يشير عليه بالرأي في شأنها‪ ،‬وإ ذا ما كان يلزم‬
‫إص الحها قب ل التس ليم النه ائي‪ ،‬أو إمكاني ة تس لم األعم ال مؤقت ا‪ ،‬م ع التحف ظ بش أن العي وب‬
‫الظاهرة في محضر التسليم والتسلم‪ ،‬كما يتعين عليه أن يبين له مدى سالمة المباني المشيدة‪،‬‬
‫ومطابقته ا للتص اميم من عدم ه‪ ،‬وذل ك ح تى يتمكن ص احب المش روع من تس لم األش غال‪،‬‬
‫بقبولها‪ ،‬مع إبداء تحفظات‪ ،‬أو بدونها‪.‬‬

‫ف إذا أخ ل المهن دس المعم اري بواجب ه ب اإلعالم واإلرش اد‪ ،‬ولم يقم بتنبي ه ص احب‬
‫المشروع إلى العيوب الظاهرة في المباني أو المنشآت المنجزة عند التسلم‪ ،‬كان مسؤوال عن‬
‫إهمال ه ه ذا‪ ،‬مس ؤولية عقدي ة طبق ا للقواع د العام ة‪ ،‬وال يج وز ل ه بالت الي أن يتمس ك ب األثر‬
‫‪48‬‬
‫المعفي للتسليم من المسؤولية‪ ،‬عن العيوب الظاهرة التي لم يخ بر بها رب العم ل‪ ،‬سيما وأن‬
‫قبول هذا األخير لألعمال‪ ،‬وتقبلها دون إبداء تحفظات‪ ،‬يحرمه من الرجوع على مقاول البناء‬
‫بدعوى الضمان العشري كما سنرى‪.100‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التزام مقاول البناء باإلعالم واإلرشاد‬

‫يلتزم مقاول البناء باعتباره من األشخاص المتدخلين في عملية البناء‪ ،‬بإعالم صاحب‬
‫المشروع‪ ،‬وإ رشاده حول كل أوجه المشروع المكلف بتنفيذه‪ ،‬خاصة وأن رب العمل غالبا ما‬
‫تنقصه المعرفة الفنية بعملية المعمار‪.‬‬

‫إّن أس اس ال تزام مق اول البن اء ب اإلعالم واإلرش اد‪ ،‬يرج ع إلى كفاءت ه وتخصص ه في‬
‫مي دان البن اء‪ ،‬مم ا يجعل ه أدرى بمس ائل تقني ة عّم ا ه و علي ه المهن دس المعم اري ‪ ،‬ذل ك أّن‬
‫‪101‬‬

‫المق اول المكل ف بالبن اء أدرى بأص ول مهنت ه‪ ،‬وكيفي ة تنفي ذ األعم ال المكل ف بانجازه ا‪ ،‬على‬
‫نحو يطابق التصاميم الذي وضعها المهندس المعماري‪.‬‬

‫وتطبيق ا ل ذلك‪ ،‬يتعين على مق اول البن اء مس اعدة رب العم ل‪ ،‬ب أن ي بين ل ه التك اليف‬
‫المتوقع ة لألعم ال‪ ،‬كم ا يجب علي ه أن يتحق ق من حال ة الترب ة‪ ،‬وم دى ص الحيتها النج از‬
‫األش غال عليه ا‪ ،‬وأن يخط ر بعيوبه ا إن وج دت‪ ،‬كال من المهن دس المعم اري المش رف على‬
‫التنفيذ ورب العمل‪ ،‬وعليه أيضا أال ينفذ أوامر الخدمة الصادرة من المهندس المعماري‪ ،‬إذا‬
‫وجدها غير مالئمة‪ ،‬ومخالفة ألصول الفن‪ ،‬أو لمقتضيات العقد‪ ،‬بل ويرفض متابعة التنفيذ إذا‬
‫لزم األمر‪ ،‬ويبدي تحفظات كتابية بذلك‪ ،‬ويخطر صاحب المشروع في الحاالت الخطيرة‪.102‬‬

‫ويتعين على المق اول أيض ا أن يتحق ق من تص ميمات المهن دس المعم اري‪ ،‬س يما‬
‫الرس ومات اإلنش ائية قب ل أن يض عها موض ع التنفي ذ‪ ،‬وأن يعلم ه باألخط اء الموج ودة فيه ا‪،‬‬
‫ويناقشها معه‪ ،‬وله أن يرفض تنفيذها إذا اقتضى األمر‪.‬‬

‫وإ ذا كان رب العمل هو من وضع التصميم‪ ،‬فيجب على مقاول البناء أن ينبهه إلى ما‬
‫كش فه من أخط اء في التص ميم‪ ،‬ف إذا أص ر على تنفي ذه كم ا ه و‪ ،‬وك ان لص احب المش روع من‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ص‬ ‫‪100‬‬

‫‪101‬‬
‫‪J.P.KARILA, La responsabilité des constructeurs, op.cit, p 34.‬‬
‫‪102‬‬
‫‪H.PERINET-MARQUET, La responsabilité des constructeurs, op.cit, p10.‬‬
‫‪49‬‬
‫الخ برة م ا يف وق خ برة المق اول‪ ،‬ف إن إذع ان ه ذا األخ ير لتص ميمات رب العم ل‪ ،‬ينفي عن ه‬
‫مسؤولية ما قد يحدث في البناء من عيوب‪ ،‬أو تهدم نتيجة الخطأ في التصميم‪.‬‬

‫ويلتزم مقاول البناء باإلعالم واإلرشاد قبل المهندس المعماري‪ ،‬حتى لو لم توجد أية‬
‫رابط ة تعاقدي ة بينهم ا‪ ،‬ف واجب المهن ة والتخص ص يف رض علي ه ه ذا االل تزام‪ ،‬إذ يتعين على‬
‫مق اول البن اء‪ ،‬م تى اكتش ف النقص أو العيب في المب اني أو المنش آت الثابت ة ال تي ينفذهـا‪ ،‬أن‬
‫يعلم بها المهندس المعماري أو صاحب المشروع حسب األحوال‪.‬‬

‫ه ذا وإ ذا لج أ ص احب المش روع لع دة مق اولين لتنفي ذ العم ل‪ ،‬تعّين على ه ؤالء إعالم‬
‫وإ رشاد بعضهم البعض‪ ،‬حول النقائص والعيوب التي يكتشفونها‪ ،‬أثناء تنفيذ العمل‪ ،‬وما قد‬
‫ينجم عن ه ذه التص اميم أو األوام ر من خط ر‪ ،‬فمثال يجب على مق اول البن اء المختص في‬
‫الطالء‪ ،‬أن يعلم المق اول المختص بالبن اء‪ ،‬أّن عمل ه غ ير مط ابق ألص ول الفن‪ ،‬وأّن الطالء‬
‫على ذلك البناء مستحيل‪ ،‬أو لن يكون جيدا‪ ،‬ومن تم إذا لم يعلم ويرشد المقاول بذلك العيب أو‬
‫النقص‪ ،‬وقام بالطالء على الجدار غير المطابق للمقاييس‪ ،‬اعتبر مسؤوال عن هذا العيب‪.‬‬

‫ويق ع عبء إثب ات االل تزام ب اإلعالم واإلرش اد على الح رفي‪ ،‬مهندس ا معماري ا ك ان أو‬
‫مق اول بن اء‪ ،‬فه و ال ذي يجب علي ه‪ ،‬أن يثبت أن ه نّفـذ فعال ه ذا االل تزام‪ ،‬كي تنتفي عن ه‬
‫المسؤولية‪.‬‬

‫ترتيب ا على م ا تق دم‪ ،‬إذا أخ ل المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء بالتزام ه ب اإلعالم‬
‫واإلرش اد‪ ،‬ك ان مس ؤوال مس ؤولية عقدي ة قب ل ص احب المش روع‪ ،‬عن األض رار ال تي تلح ق‬
‫بالمباني أو المنشآت الثابتة األخرى من جراء التهدم أو العيب‪ ،‬وذلك في غير حالة الضرر‬
‫الناتج عن اإلخالل بااللتزام بالضمان‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التزام المهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫بالتأميـن علـى المسؤوليـة‬

‫باإلض افة إلى االل تزام ب اإلعالم واإلرش اد‪ ،‬أوجب المش رع الجزائ ري على المهن دس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬أن يكتتب ا تأمين ا لتغطي ة مس ؤوليتهما المدني ة المهني ة‪ ،‬ومس ؤوليتهما‬
‫‪50‬‬
‫العشرية‪ ،‬ولعّل السبب من فرض التأمين في مجال البناء‪ ،‬هو تغطية األضرار التي قد تنجم‬
‫عن أشغال البناء أو تجديدها‪ ،‬أو ترميمها‪ ،‬والتي قد تحدث خالل فترة البناء أو بعدها‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى التشريع الجزائري‪ ،‬نجد المشرع نظم التأمين في مجال البناء في األمر‬
‫رقم ‪ 95/07‬المتعلق بالتأمينات‪ ،103‬في المواد من ‪ 175‬إلى ‪ 185‬منه‪ ،‬وأوجب على مؤجري‬
‫العم ل اكتت اب عقـدي تأميـن على المس ؤولية‪ ،‬أح دهما عن المس ؤولية المدني ة المهني ة (الف رع‬
‫األول)‪ ،‬وثانيهما عن المسؤولية العشرية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التأمين على المسؤولية المدنية المهنية‬

‫نص المش رع الجزائ ري في الم ادة ‪ 175‬من األم ر رقم ‪ 95/07‬المتعل ق بالتأمين ات‬
‫على ما يلي‪" :‬على كل مهندس معماري ومقاول ومراقب تقني وأّي متدخل‪ ،‬شخصا طبيعيا‬
‫كان أو معنويا‪ ،‬أن يكتتب تأمينا لتغطية مسؤوليته المدنية المهنية التي قد يتعرض لها بسبب‬
‫أشغال البناء وتجديد البناءات أو ترميمها‪.‬‬

‫يع د ك ل عق د ت أمين اكتتب بم وجب ه ذه الم ادة متض منا لش رط يض من س ريان العق د لم دة‬
‫المس ؤولية الملق اة على ع اتق األش خاص الخاض عين إللزامي ة الت أمين ول و اتف ق على خالف‬
‫ذلك‪.‬‬

‫تحدد وشروط وكيفيات تطبيق هذه المادة‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬عن طريق التنظيم"‪.‬‬

‫ونص في المادة ‪ 177‬منه على ما يلي‪ " :‬يمتد التأمين بخصوص انجاز األشغال من‬
‫فتح الورشة إلى غاية االستالم النهائي لألشغال"‪.‬‬

‫يستخلص من هاتين المادتين‪ ،‬أنه يتعين على المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬وكل‬
‫مت دخل في عملي ة البن اء‪ ،‬شخص ا طبيعي ا ك ان أو معنوي ا‪ ،‬أن يكتتب تأمين ا لتغطي ة مس ؤوليته‬
‫المدنية المهنية‪ ،‬والتي قد يتعرض لها بسبب أشغال البناء‪ ،‬أو التجديد‪ ،‬أو اإلصالح‪ ،‬وتسري‬
‫مدة التأمين‪ ،‬من يوم بدء األشغال وإ لى غاية االستالم النهائي لها‪ ،‬على أّن كل اتفاق مخالف‬
‫لشرط المدة‪ ،‬يعتبر كأن لم يكن‪.‬‬

‫مؤرخ في ‪ ،25/01/1995‬منشور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،13‬س ‪ ،32‬الصادرة في ‪ 8‬مارس ‪.1995‬‬ ‫‪103‬‬

‫‪51‬‬
‫ويجب على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬أن يثبت ا أنهم ا اكتتب ا عق دا لت أمين‬
‫مسؤوليتهما المدنية المهنية‪ ،‬وقت فتح الورشة‪.104‬‬

‫ه ذا ويش مل عق د الت أمين‪ ،‬الت أمين عن األض رار ال تي تص يب األش غال والمب اني أو‬
‫المنشآت الثابتة المزمع تشييدها‪ ،‬واآلالت والمعدات الموجودة في الورشة‪ ،‬ومواد البناء سواء‬
‫ق ّد مها المقاول أو صاحب المشروع‪ ،‬كما يشمل التأمين عن األضرار المادية والجسدية التي‬
‫قد تصيب الغير أثناء تنفيذ المشروع‪.‬‬

‫وتأمين المهندس المعماري ومقاول البناء على المسؤولية المدنية المهنية‪ ،‬ال يمنع ه من‬
‫اتخ اذ اإلج راءات واالحتياط ات الالزم ة ال تي تجنب ه وق وع الح وادث‪ ،‬ومن تم إلح اق الض رر‬
‫ب الغير‪ ،‬ح تى ل و ك ان مؤمن ا عليه ا‪ ،‬ومن قبي ل ه ذه االحتياط ات حس ن اختي ار الي د العامل ة‪،‬‬
‫والمحافظ ة على حس ن س ير اآلالت والمع دات الالزم ة لتنفي ذ أش غال البن اء‪ ،‬وتط بيق القواع د‬
‫اإلدارية المتعلقة بالعمل‪ ،‬واحترام بنود عقد التأمين‪.‬‬

‫هذا وال يجوز ال لشركة التأمين‪ ،‬وال للمؤمن له‪ ،‬أن يلغي عقد التأمين على المس ؤولية‬
‫المدنية المهنية أثناء فترة سريانه‪ ،‬ما لم يتم إلغاء رخصة البناء أو األعمال‪ ،‬بمعرفة الجهات‬
‫المختصة‪.105‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التأمين على المسؤولية العشرية‬

‫باإلض افة إلى الت أمين على المس ؤولية المدني ة المهني ة‪ ،‬يل تزم ك ل من المهن دس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬باكتت اب عق د لت أمين مس ؤوليتهما العش رية‪ ،106‬ويب دأ س ريان ه ذا‬

‫يراجع نص المادة ‪ 176‬من األمر ‪ 95/07‬المذكور أعاله‪.‬‬ ‫‪104‬‬

‫محمد حسين منصور‪ ،‬المسؤولية المعمارية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1999 ،‬ص‪.292‬‬ ‫‪105‬‬

‫وثيق ة الت أمين على المس ؤولية العش رية هي وثيق ة ت أمين إلزامي ة‪ ،‬يراج ع‪ :‬ارزي ل الكاهن ة‪( ،‬ش ركات الت أمين في‬ ‫‪106‬‬

‫مواجهة نشاط الترقية العقارية)‪ ،‬مجلة الحقوق والحريات‪ ،‬عدد تجريبي‪ ،‬بسكرة‪ ،‬سبتمبر ‪ ،2013‬ص‪.101‬‬

‫‪ -‬ويه دف الت أمين على المس ؤولية العش رية إلى حماي ة المهن دس المعم اري والمق اول من الرج وع عليهم ا‪ ،‬أو على‬
‫أح دهما إذا تحققت ش روط الض مان الخ اص‪ ،‬فتح ل ش ركة الت أمين مح ل الم ؤمن ل ه في دف ع التع ويض‪ ،‬ال ذي حددت ه‬
‫الخ برة القض ائية الفني ة‪ ،‬ض مانا لحص ول رب العم ل على تع ويض ع ادل‪ ،‬عن د إص ابته ج راء عملي ة البن اء‪ ،‬راج ع‪:‬‬
‫ص بايحي ربيع ة‪ (،‬خصوص يات المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري والمق اول بع د تس ليم المب اني في الق انون‬
‫‪52‬‬
‫التأمين من تاريخ االستالم النهائي للمشروع‪ ،‬بحيث يستفيد من هذا الضمان صاحب المشروع‬
‫والمالك المتتاليون له‪ ،‬وذلك إلى غاية انقضاء أجل الضمان‪.107‬‬

‫ويغطي ه ذا الت أمين‪ ،‬األض رار المخل ة بص البة العناص ر الخاص ة بتجه يز بناي ة م ا‪،‬‬
‫عن دما تك ون ه ذه العناص ر ج زء ال يتج زأ من منج زات التهيئ ة‪ ،‬ووض ع األس اس‪ ،‬والهيك ل‪،‬‬
‫واإلحاطة‪ ،‬والتغطية‪.108‬‬

‫وح تى يتمكن المهن دس المعم اري ومق اول البن اء من اكتت اب عق د لت أمين مس ؤوليتهما‬
‫العش رية‪ ،‬يتعين عليهم ا تق ديم محض ر التس ليم النه ائي لألش غال – موقع ا علي ه من ط رف‬
‫م ؤجري العم ل‪ ،109‬ومرفق ا بش هادة المطابق ة‪ ،‬المح ررة من ط رف هي أة الرقاب ة التقني ة للبن اء‪،‬‬
‫يثبت انج از األش غال طبق ا للتص اميم المص ادق عليه ا‪ -‬إلى الم ؤمن‪ ،‬وينتهي ه ذا العق د بق وة‬
‫القانون بمضي عشر سنوات من تاريخ االكتتاب‪.‬‬

‫وإ ذا تعدد المتدخلون في عملية البناء‪ ،‬وجب على صاحب المشروع أن يشترط عليهم‬
‫عن د إب رام عق د المقاول ة‪ ،‬اكتت اب عق د تأمين مس ؤوليتهم ل دى نفس الم ؤمن‪ ،‬ويتحق ق من تنفي ذ‬
‫ه ذا الشرط‪ ،110‬ف إذا أب رم ص احب المش روع ع دة عق ود مقاول ة م ع مق اولين مختلفين‪ ،‬ك ل في‬
‫مجال تخصصه‪ ،‬وجب عليه أن يشترط عليهم جميعا‪ ،‬اكتتاب عقود تأمين مسؤوليتهم العش رية‬
‫لدى شركة تأمين واحدة‪ ،‬وذلك حتى يسهل عليه الحصول على التعويض حال تحقق الخطر‬
‫المؤمن عليه‪.‬‬

‫الجزائري)‪ ،‬مجلة الحقوق والحريات‪ ،‬عدد تجريبي‪ ،‬بسكرة‪ ،‬سبتمبر ‪ ،2013‬ص‪.343‬‬

‫انظر المادة ‪ 178‬من األمر ‪ 95/07‬سالف الذكر‪.‬‬ ‫‪107‬‬

‫يعت بر ج زء ال يتج زأ من اإلنج از ك ل عنص ر خ اص ب التجهيز ال يمكن القي ام بنزع ه أو تفكيك ه أو اس تبداله دون‬ ‫‪108‬‬

‫إتالف أو حذف مادة من مواد هذا اإلنجاز وفقا لمقتضيات المادة ‪ 181‬من نفس األمر‪.‬‬

‫وهم‪ :‬صاحب المشروع‪ ،‬وصاحب العمل‪ ،‬والمقاول‪ ،‬وممثلو بعض الهيئات‪ ،‬كهيأة الرقابة التقنية للبناء‪.‬‬ ‫‪109‬‬

‫تنص المادة ‪ 179‬من األمر المنوه عنه أعاله على ما يلي‪ " :‬يتعين على صاحب المشروع أن‪:‬‬ ‫‪110‬‬

‫‪ -‬يشترط عند إبرام العقد على المتدخلين في نفس المشروع‪ ،‬اكتتاب عقد لتأمين مسؤوليتهم لدى نفس المؤمن‪.‬‬

‫‪ -‬يتحقق من تنفيذ هذا الشرط"‪.‬‬


‫‪53‬‬
‫والمالح ظ أن إلزامي ة الت أمين عن المس ؤولية المدني ة المهني ة‪ ،‬والمس ؤولية العش رية‪،‬‬
‫تعفى منه ا الدول ة والجماع ات المحلي ة‪ ،‬واألش خاص الط بيعيون عن دما يبن ون مس اكن خاص ة‬
‫لالس تعمال الع ائلي‪ ،111‬وبعض المب اني والمنش آت المتمثل ة في الجس ور‪ ،‬واألنف اق‪ ،‬والقن وات‪،‬‬
‫والطرق‪ ،‬والطرق السريعة‪ ،‬والحواجز المائية التلية‪ ،‬والمكاسر‪ ،‬والموانئ‪ ،‬ومباني الحماية‪،‬‬
‫وقنوات نقل المياه‪ ،‬وخطوط السكك الحديدية‪ ،‬ومدرجات هبوط الطائرات‪.112‬‬

‫ف إذا تحققت ش روط المس ؤولية في ج انب المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬وجب‬
‫على الم ؤمن‪ ،‬أي ش ركة الت أمين‪ ،‬تع ويض ص احب المش روع‪ ،‬الم ؤمن علي ه‪ ،‬أو مالك ه في‬
‫ح دود المبل غ المح دد من قب ل الخب ير‪ ،‬والممث ل لتكلف ة انج از أش غال اإلص الح ال تي خلفته ا‬
‫األضرار‪.‬‬

‫ويجب على المؤمن تعيين خبير لمعاينة األضرار‪ ،‬في أجل سبعة أيام‪ ،‬تبدأ من تاريخ‬
‫اإلخط ار بالح ادث‪ ،‬على أن ي دفع التع ويض خالل ثالث ة أش هر‪ ،‬تب دأ من ت اريخ معاين ة الخب ير‬
‫لألض رار‪ ،‬وه ذا إذا تّم االتف اق بين الم ؤمن والمس تفيد على مبل غ الت أمين‪ ،‬ال ذي ح دده الخب ير‪،‬‬
‫أما إذا لم يتم االتفاق على هذا المبلغ‪ ،‬وجب على المؤمن أن يدفع ثالثة أرباع (‪ )3/4‬المبلغ‬
‫المحدد من قبل الخبير للمستفيد‪ ،‬في أجل ثالثة أشهر‪ ،‬في انتظار فصل المحكمة في النزاع‪،‬‬
‫وتحدي د المبل غ النه ائي للتع ويض‪ ،‬وذل ك وفق ا لمقتض يات الم ادة ‪ 183‬من األم ر رقم ‪95/07‬‬
‫السالف الذكر‪.‬‬

‫وأخيرا‪ ،‬إذا أخل المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬بالتزامه بالتأمين عن المسؤولية‬
‫المدني ة المهني ة‪ ،‬والمس ؤولية العش رية‪ ،‬اعت بر مس ؤوال مس ؤولية مدني ة‪ ،‬وجزائي ة‪ ،‬فيع اقب‬
‫بغرام ة مالي ة ت تراوح م ا بين ‪ 5000‬دج و ‪ 100000‬دج‪ ،‬دون اإلخالل بالعقوب ات األخ رى‬
‫وفقا للتشريع المعمول به‪.113‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 182‬من األمر المذكور أعاله‪.‬‬ ‫‪111‬‬

‫يراج ع نص الم ادة ‪ 2‬من المرس وم التنفي ذي رقم ‪ 96/49‬الم ؤرخ في ‪ 17/01/1996‬ال ذي يح دد قائم ة المب اني‬ ‫‪112‬‬

‫العمومي ة المعف اة من إلزامي ة ت أمين المس ؤولية المهني ة والمس ؤولية العش رية‪ ،‬منش ور في ج ر ج ج‪ ،‬ع ‪ 5‬لس نة‬
‫‪.1996‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 185‬من األمر ‪ 95/07‬المتعلق بالتأمينات‪.‬‬ ‫‪113‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الطبيعة القانونية لمسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء‬


‫قد يقّص ر المهندس المعماري ومقاول البناء لسبب أو آلخر في تنفيذ التزاماتهما‪ ،‬مّم ا‬
‫ينتج عنه اإلضرار برب العمل‪ ،‬بل قد تمت ّد تلك األضرار إلى غيره من األفراد الذين لهم‬
‫صلة بعملية البناء والتشييد‪ ،‬كالعاملين فيها أو القائمين عليها‪ ،‬كما قد يمتد أثرها إلى أشخاص‬
‫آخرين أجانب عن العقد‪ ،‬كالجيران والمارة‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬إذا أخل المشيد بالتزاماته‪ ،‬ثارت مسؤوليته‪ ،‬ووجب عليه تعويض المض رور‬
‫عما لحقه من ضرر‪.‬‬

‫وتكون المسؤولية المترتبة على عاتق المش ّيد المخل بالتزاماته‪ ،‬إما مسؤولية عقدية‪،‬‬
‫تسري عليها القواعد العامة في المسؤولية‪ ،‬وهي األصل‪ ،‬وإ ما أن تكون خاصة‪ ،‬تسري عليها‬
‫القواع د الخاص ة‪ ،‬فال تنطب ق ‪ -‬مثلم ا س يأتي بيان ه ‪ -‬إال بت وافر ش روط خاص ة‪ ،‬وفي ح دود‬
‫معين ة‪ ،‬وعلى س بيل االس تثناء من القواع د العام ة‪ ،‬وإ م ا أن تك ون مس ؤولية تقص يرية‪ ،‬ح ال‬
‫إلحاق الضرر بالغير‪ ،‬جراء تنفيذ عقد المقاولة‪.‬‬

‫وبالنتيج ة‪ ،‬يخض ع المهن دس المعم اري ومق اول البن اء في مس ؤوليتهما عن األض رار‬
‫المترتبة عن تهدم المباني أو المنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬أو وجود عيوب تهدد متانتها وسالمتها‬
‫إلى القواع د العامة‪ ،‬باس تثناء األض رار ال تي ورد نص خ اص بشأنها‪ ،‬وفي هذا تط بيق للمب دأ‬
‫العام الذي يقضي بأّن الخاص يقّيد العام‪.‬‬

‫وس نتولى فيم ا يلي‪ ،‬بي ان أحك ام المس ؤولية‪ ،‬ال تي يخض ع له ا المهن دس المعم اري‬
‫ومقاول البناء على ضوء القواعد العامة‪ ،‬والتي تسري عليهما مثلما تسري على غيرهم من‬
‫األشخاص‪ ،‬مهما كانت طبيعة األعمال المؤداة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫المبحث األول‪:‬‬

‫المسؤولية العقدية للمهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫ي ؤدي إخالل المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بالتزاماتهم ا التعاقدي ة‪ ،‬إلى قي ام‬
‫مس ؤوليتهما العقدي ة‪ ،‬م تى ت وافرت بعض الش روط‪ ،‬وفي ح االت معين ة‪ ،‬لكن ه ذه المس ؤولية‪،‬‬
‫هي مسؤولية خاصة‪ ،‬تنطبق بشأنها قواعد خاصة‪ ،‬وهي المسؤولية العشرية‪ ،‬غير أنه متى لم‬
‫تت وافر ش روط ه ذه المس ؤولية‪ ،‬ك أن يق ع اإلخالل قب ل التس لم النه ائي للعم ل‪ ،‬أو أن ه يق ع بع د‬
‫التسلم النهائي‪ ،‬لكن ال تتوافر فيه شروط المسؤولية الخاصة‪ ،‬فإّن القواعد العامة للمسؤولية‬
‫العقدي ة هي ال تي تس ري في ه ذه الحال ة‪ ،‬لحص ول ص احب المش روع على التع ويض عـن‬
‫الضرر الالحق به‪ ،‬جراء إخالل المهندس المعماري ومقاول البناء بالتزاماتهما التعاقدية‪.‬‬

‫وسنتناول بالدراسة في هذا المبحث‪ ،‬نطاق مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء‬
‫طبقا للقواعد العامة‪ ،‬دون التطرق ألحكام المسؤولية العشرية‪ ،‬التي ستكون موضوع دراسة‬
‫مفصلة‪ ،‬في الباب الثاني من هذه الرسالة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أسباب المسؤولية العقدية للمهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫المعل وم أّن المهن دس المعم اري ومق اول البن اء يرتبط ان م ع ص احب المش روع بعق د‬
‫مقاولة‪ ،‬وعليه فاألصل أنه إذا أخل هذان األخيران بأحد التزاماته التعاقدية‪ ،‬تقوم المسؤولية‬
‫العقدية في جانبهما‪ .‬فما هي أركان هذه المسؤولية؟ وكيف يتحّد د نطاقها؟‬

‫الفرع األول‪ :‬أركان المسؤولية العقدية‬

‫تتمث ل أرك ان المس ؤولية العقدي ة بوج ه ع ام في الخط أ‪ ،‬والض رر‪ ،‬وعالق ة الس ببية‬
‫بينهما‪ ،‬ونتناول بالدراسة والتحليل كل ركن من هذه األركان‪ ،‬فيما يخص مسؤولية المهندس‬
‫المعماري ومقاول البناء على التوالي‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫أوال‪ :‬الخطأ العقدي‬

‫يقص د بالخط أ العق دي ع دم تنفي ذ المتعاق د اللتزام ه الناش ئ من العق د‪ ،‬ذل ك أن ه طالم ا‬
‫التزم بالعقد‪ ،‬فيجب عليه تنفيذ التزامه‪ ،‬فإذا لم يقم المدين في العقد بالتزامه كان هذا هو الخطأ‬
‫العقدي‪.‬‬

‫يجب على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬تنفي ذ االلتزام ات الواجب ة عليهم ا‪ ،‬ك ل‬
‫فيم ا يخص ه‪ ،‬بمقتض ى عق د المقاول ة الم برم بينهم ا وبين ص احب المش روع‪ ،‬ومن تّم إذا أخ ل‬
‫أح دهما أو كالهم ا به ذه االلتزام ات‪ ،‬اعت بر مخطئ ا‪ ،‬ويس مى ه ذا الخط أ بالخط أ العق دي‪،‬‬
‫ويستوي أن يكون الخطأ المرتكب‪ ،‬أي اإلخالل بااللتزام العقدي‪ ،‬عن قصد أو عن إهمال أو‬
‫دونهم ا‪ ،‬ب ل يتحق ق الخط أ العق دي‪ ،‬ح تى ل و ك ان ع دم قي ام الم دين ب االلتزام‪ ،‬ناش ئا عن س بب‬
‫أجنبي ال يد له فيه‪ ،‬كالقوة القاهرة‪ ،‬كما يستوي أن يكون عدم تنفيذ االلتزام كليا أو جزئيا‪ ،‬بل‬
‫ويكفي أن يكون التنفيذ مؤخرا أو معيبا‪.114‬‬

‫ويرتبط تنفيذ أو عدم تنفيذ المهندس المعماري أو مقاول البناء اللتزاماتهما بطبيعة هذه‬
‫االلتزام ات‪ ،‬ف إذا ك ان االل تزام بتحقي ق نتيج ة‪ ،‬ف إن تنفي ذهما اللتزاماتهم ا لن يك ون إال بتحقي ق‬
‫ه ذه النتيج ة‪ ،‬وعلي ه يك ون المش يد مخطئ ا إذا ه و لم يحق ق تل ك النتيج ة‪ ،‬أم ا إذا ك ان االل تزام‬
‫ببذل عناية‪ ،‬فتنفيذ هذا االلتزام يكون ببذل هذه العناية فقط‪ ،‬والمتوقعة من شخص من أواسط‬
‫الممارس ين لمهنت ه‪ ،‬ومّم ن هم في مث ل ظروف ه‪ ،‬ومن تّم يك ون المش يد مخطئ ا إذا ه و لم يب ذل‬
‫العناية المطلوبة‪.‬‬

‫وي رى أغلب الفق ه به ذا الص دد‪ ،115‬أن تكّي ف التزام ات مق اول البن اء بأنه ا التزام ات‬
‫بتحقي ق نتيج ة ‪ -‬في مجمله ا ‪ -‬نظ را للط ابع الم ادي لألعم ال ال تي يكل ف به ا‪ ،‬أم ا التزام ات‬

‫عب د ال رزاق الس نهوري‪ ،‬الوس يط في ش رح الق انون الم دني‪ ،‬نظري ة االل تزام بوج ه ع ام‪ ،‬مص ادر االل تزام‪ ،‬ج ‪،1‬‬ ‫‪114‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.656‬‬


‫‪115‬‬
‫‪KARILA Jean-Pierre, La responsabilité des constructeurs , op.cit, p22.‬‬
‫‪57‬‬
‫المهن دس المعم اري فتكّي ف على أنه ا التزام ات بب ذل عناي ة‪ ،‬نظ را للط ابع ال ذهني ال ذي يغلب‬
‫عليها‪.‬‬

‫يرى أن كال من المهندس المعماري ومقاول البناء ملزمان‬ ‫غير أّن جانبا من الفقه‬
‫‪116‬‬

‫بتحقيق نتيجة‪ ،‬ذلك أنه حتى لو كان االلتزام في أصله التزاما ببذل عناية‪ ،‬إال أنه يتح ّو ل بعد‬
‫تس ليم البناي ة لص احب المش روع‪ ،‬إلى ال تزام بتحقي ق نتيج ة‪ ،‬فالتس ليم يس تلزم تغّي ر طبيع ة‬
‫االلتزام‪.‬‬

‫عيب على ه ذا االتج اه كون ه ينب ني على فك رة خاطئ ة غ ير س ليمة‪ ،‬ذل ك أن طبيع ة‬
‫االلتزام الواحدة ال يمكن أن تتغير من مرحلة إلى أخرى‪ ،‬فال يقبل إذن‪ ،‬تغّير االلتزام من بذل‬
‫عناية‪ ،‬إلى تحقيق نتيجة بمجرد تسليم العمل‪.‬‬

‫والواض ح أّن ه ذا ال رأي ق د وق ع في خل ط بين عبء اإلثب ات وطبيع ة االل تزام‪ ،‬ألن‬
‫المش رع منح ص احب المش روع قرين ة قانوني ة‪ ،‬تتمث ل في اف تراض المس ؤولية في ج انب‬
‫المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬متى ظهر في البناءات المش ّيدة عيوب بعد تسلمها‪ ،‬وهو‬
‫بذلك‪ ،‬مثلما سيأتي بيانه‪ ،117‬يكون قد أعفى صاحب المشروع من إثبات الخطأ في جانبهما‪ ،‬إذ‬
‫ص ار الخط أ مفترض ا كم ا ه و الح ال في االل تزام بتحقي ق غاي ة‪ ،‬حيث يك ون الم دين ملزم ا‬
‫بتحقيق نتيجة معينة‪ ،‬إذا لم تتحقق افترض خطؤه‪.‬‬

‫وعلي ه ف إّن مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬تتق ّر ر م تى ح دث خل ل في‬
‫البن اءات ال تي ش ّيداها بع د تس يلمها لص احب المش روع‪ ،‬ومن تّم يرج ع خطؤهم ا إلى اف تراض‬
‫قرينة المسؤولية الملقاة على عاتقهما‪ ،‬وليس لكون التزامهما التزاما بتحقيق نتيجة‪ ،‬فال يمكن‬
‫األخ ذ إذن باتج اه ال رأي األخ ير‪ ،‬والق ول أّن االل تزام تح ّو ل من ال تزام بب ذل عناي ة إلى ال تزام‬
‫بتحقيق نتيجة‪.‬‬

‫وإ ذا تمعن ا في االلتزام ات ال تي ت ترتب على ع اتق أط راف عق د المقاول ة‪ ،‬فإنن ا نج د‬


‫البعض منها التزامات بتحقيق نتيجة‪ ،‬والبعض اآلخر التزامات ببذل عناية‪ ،‬فيعتبر من قبيل‬

‫‪116‬‬
‫‪MALINVAUD Philippe, Responsabilité des constructeurs (droit privé), Responsabilité commun des‬‬

‫‪constructeurs, Droit de la construction, Edition Dalloz, Paris, 2000, p 1210.‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ص‬ ‫‪117‬‬

‫‪58‬‬
‫االلتزام ات األولى‪ ،‬االل تزام بإع داد التص اميم الهندس ية للمش روع‪ ،‬واالل تزام ب احترام أص ول‬
‫الفن‪ ،‬واالل تزام ب احترام أج ل التنفي ذ‪ ،‬ويعت بر من قبي ل االلتزام ات الثاني ة االل تزام ب اإلعالم‬
‫واإلرشاد‪ ،‬وااللتزام بمساعدة صاحب المشروع‪.‬‬

‫وإ ذا كان التزام المهندس المعماري أو مقاول البناء في عقد المقاولة‪ ،‬التزاما بتحقيق‬
‫نتيج ة‪ ،‬فيكفي للت دليل على قي ام مس ؤوليتهما‪ ،‬أن يثبت ص احب المش روع ع دم تحق ق تل ك‬
‫النتيج ة‪ ،118‬فيثبت عندئ ذ الخط أ العق دي فيهم ا‪ ،‬وال يمكن لهم ا نفي المس ؤولية عنهم ا‪ ،‬إال إذا‬
‫أثبت ا وج ود س بب أجن بي‪ ،‬ينفي عالق ة الس ببية بين خطئهم ا والض رر الالح ق بص احب‬
‫المش روع‪ ،‬فال يكفي أن يثبت ا أنهم ا ب ذال ك ل م ا في وس عهما‪ ،‬ولكنهم ا لم يس تطيعا تحقي ق تل ك‬
‫النتيجة لنفي المسؤولية عنهما‪.‬‬

‫أما إذا كان االلتزام الواقع على عاتق المهندس المعماري ومقاول البناء التزاما ببذل‬
‫عناي ة‪ ،‬اعت بر ه ذان األخ يران مخلين بتنفي ذ التزاماتهم ا‪ ،‬ويثبت الخط أ في جانبهم ا بمج رد أن‬
‫يثبت ص احب المش روع أنهم ا لم يتخ ذا تل ك العناي ة الالزم ة‪ ،‬فمثال يعت بر المهن دس المعم اري‬
‫مخال بهذا االلتزام‪ ،‬إذا لم يؤد واجباته وفقا للمعايير السائدة في نطاق مهنته‪ ،‬وال يمكن للمشيد‬
‫أن ينفي عنه هذه المس ؤولية‪ ،‬إال إذا أثبت وج ود سبب أجنبي منعه من ب ذل العناية المطلوبة‬
‫لذلك‪.‬‬

‫وعلي ه إذا ادعى ص احب المش روع أّن المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ق د أخال‬
‫بالتزاماتهم ا التعاقدي ة‪ ،‬فيكفي ه ل ذلك إقام ة ال دليل على وج ود عق د المقاول ة‪ ،‬ويبقى على ع اتق‬
‫المدين (المعماري) تبرئة ذمته‪ ،‬بأن يثبت قيامه بالتنفيذ‪ ،‬أو بأن يثبت أن استحالة التنفيذ ترج ع‬
‫إلى سبب أجنبي‪ ،‬ال يد له فيه‪.‬‬

‫هذا وقد يتدخل أطراف عقد المقاولة في تحديد طبيعة هذه االلتزامات صراحة في عقد‬
‫المقاولة‪ ،‬فيوضح في العقد مثال متى يلتزم المقاول بتحقيق نتيجة معينة‪ ،‬ومتى يقتصر التزامه‬
‫على بذل جهد معين‪ ،‬من خالل تحقيق نتيجة محتملة‪.119‬‬

‫كأن يلتزم المهندس المعماري بوضع التصاميم‪ ،‬فيعتبر في هذه الحالة مخطئا‪ ،‬إذا أثبت صاحب المشروع أنه لم‬ ‫‪118‬‬

‫يقدم تلك التصاميم‪.‬‬

‫فمثال ال يمكن األخذ بمسؤولية المقاول المكلف بفتح القنوات‪ ،‬بدون البحث عما إذا كان قد وعد بنتيجة‪.‬‬ ‫‪119‬‬

‫‪59‬‬
‫أم ا إذا لم يتض ح من بن ود العق د‪ ،‬تحدي د الطبيع ة القانوني ة اللتزام ات أطراف ه‪ ،‬فنلج أ‬
‫عندئ ذ لمعي ار آخ ر للتفرق ة بين ه ذين االل تزامين‪ ،‬وه و معي ار الط ابع االحتم الي للنتيج ة‬
‫المنتظرة‪ ،‬فإذا كانت النتيجة المنتظرة ال تضمن أّي احتمال موضوعي يمنع تحققها‪ ،‬فنكون‬
‫بصدد التزام بنتيجة‪ ،‬أما إذا كانت هذه األخيرة تتضمن عنصر االحتمال الموضوعي‪ ،‬فنكون‬
‫بصدد االلتزام ببذل عناية‪.120‬‬

‫ثانيا‪ :‬الضـرر‬

‫يعت بر الض رر ال ركن الث اني في المس ؤولية العقدي ة‪ ،‬فال ب ّد من وج ود ض رر ح تى‬
‫تترتب هذه المسؤولية في ذمة المدين‪ ،‬فال يفترض وجود ضرر‪ ،‬لمجرد أن المدين المتعاق د لم‬
‫يقم بتنفيذ التزامه العقدي‪ ،‬فقد ال ينفذ المدين التزامه‪ ،‬ومع ذلك ال يلحق الدائن أّي ضرر من‬
‫جراء ذلك‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن عدم وجود الضرر ال تترتب عنه أية مسؤولية‪ ،‬حتى لو ارتكب المهندس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء خط أ‪ ،‬ذل ك أن وق وع الخط أ من جانبهم ا‪ ،‬ال يكفي وح ده لقي ام‬
‫المس ؤولية العقدي ة‪ ،‬والحص ول على التع ويض‪ ،‬م ا لم ي ترتب على ه ذا الخط أ ض رر يص يب‬
‫صاحب المشروع‪.‬‬

‫والض رر إم ا أن يك ون مادي ا أو أدبي ا‪ ،‬والتع ويض عن الض رر في المس ؤولية العقدي ة‬


‫محدود المدى‪ ،‬فال تعويض إال عن الضرر المتوقع‪ ،‬فقد يصيب الدائن في المسؤولية العقدية‬
‫ضرر مادي في ماله أو في جسمه‪ ،‬أو ضرر أدبي في شعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه‬
‫أو نحو ذلك‪.‬‬

‫والضرر سواء كان ماديا أو أدبيا‪ ،‬يجب أن يكون واقعا حاال‪ ،‬أي وقع بالفعل‪ ،121‬أو‬
‫محقق الوقوع‪ ،122‬بحيث ال يقع الضرر في الحال‪ ،‬لكن يكون محقق الوقوع في المستقبل‪ ،‬كما‬
‫قد يكون الضرر محتمال‪ ، 123‬ال هو قد تحقق فعال‪ ،‬وال هو محقق الوقوع في المستقبل‪.‬‬

‫فياللي علي‪ ،‬النظرية العامة للعقود‪ ،‬المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2001 ،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪120‬‬

‫واألصل أن التعويض يكون عن الضرر الحال‪ ،‬ومن تم إذا لم يقع الضرر أصال فال تعويض‪.‬‬ ‫‪121‬‬

‫الضرر هنا يكون في المستقبل‪ ،‬وال يمكن تقدير التعويض عنه في الحال‪.‬‬ ‫‪122‬‬

‫‪60‬‬
‫ويش ترط لتع ويض الض رر في المس ؤولية العقدي ة‪ ،‬أن يك ون الض رر الواق ع مباش را‬
‫ومتوقع ا‪ ،‬م ا لم يكن هن اك غش أو خط أ جس يم‪ ،‬ذل ك أن المتعاق دين لم يتعاق دا إال على م ا‬
‫يتوقعانه من الض رر‪ ،‬فالمس ؤولية العقدية تتم يز بأنه ا تق وم على العق د‪ ،‬ف إرادة المتعاق دين هي‬
‫ال تي تح دد م داها‪ ،‬ذل ك أن الق انون اف ترض أن ه ذه اإلرادة ق د انص رفت إلى جع ل المس ؤولية‬
‫عن الضرر مقصورة على المقدار الذي يتوقعه المدين‪ ،‬وأما في حالتي الغش والخطأ الجسيم‪،‬‬
‫فإن المدين يصبح ملتزما بالتعويض عن كل الضرر‪ ،‬متوقعا كان أو غير متوقع‪.‬‬

‫إذن يشترط أن يكون الضرر الالحق بصاحب المشروع‪ ،‬مباشرا ومحققا ومتوقعا‪ ،‬ما‬
‫لم يرتكب المهندس المعماري أو مقاول البناء غشا أو خطأ جسيما‪ ،‬وأال ينتج هذا الضرر عن‬
‫المح ددة بنص المادة ‪ 554‬من القانون المدني‪،‬‬ ‫‪124‬‬
‫عيب‪ ،‬تتحقق فيه شروط الضمان الخاص‬
‫ألن اللج وء إلى أحك ام المس ؤولية العقدي ة‪ ،‬وفق ا للقواع د العام ة‪ ،‬ال ينبغي أن يس تخدم كوس يلة‬
‫للته رب من تط بيق أحك ام المس ؤولية العش رية‪ ،‬وم ا يس تتبعه من تش ديد لمس ؤولية المهن دس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬وإ نم ا المقص ود ه و كفال ة ح ق المض رور في التع ويض عن ه ذه‬
‫األضرار‪ ،‬والتي تخرج بطبيعتها عن نطاق تطبيق الضمان الخاص‪ ،‬كالتشققات السطحية التي‬
‫تص يب األعم دة المحتمل ة للبن اء أو جدران ه‪ ،‬إذا اقتص ر أثره ا على تش ويه المظه ر الخ ارجي‬
‫للمبنى‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬عالقة السببية بين الخطأ و الضرر‬

‫ال يكفي وقوع الخطأ وتحقق الضرر للقول بقيام المسؤولية العقدية في جانب المدين‪،‬‬
‫وإ نم ا يجب أن يك ون الخط أ ه و الس بب في الض رر‪ ،‬أي أن تك ون هن اك عالق ة س ببية م ا بين‬
‫الخطأ الواقع والضرر الالحق‪.‬‬

‫والمفروض أن عالقة السببية ما بين الخطأ والضرر قائمة‪ ،‬فال يكلف الدائن بإثباتها‪،‬‬
‫بل إّن المدين هو الذي يكلف بنفي هذه العالقة‪ ،‬إذا ادعى أنها غير موج ودة‪ ،‬فعبء اإلثبات‬
‫يق ع علي ه ال على ال دائن‪ ،‬وال يس تطيع الم دين نفي عالق ة الس ببية إال بإثب ات الس بب األجن بي‪،‬‬

‫يعوض المضرور هنا هن الضرر الحال فور ا‪ ،‬أما الضرر المحتمل فال يعوض عنه إال إذا تحقق‪.‬‬ ‫‪123‬‬

‫محم د ن اجي ي اقوت‪ ،‬مس ؤولية المعم اريين بع د إتم ام األعم ال وتس لمها مقبول ة من رب العم ل‪ ،‬دراس ة مقارن ة في‬ ‫‪124‬‬

‫القانونين المصري والفرنسي‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬بدون سنة النشر‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫‪61‬‬
‫وذلك بأن يثبت أن الضرر يرجع إلى قوة قاهرة أو حادث فجائي‪ ،‬أو يرجع إلى خطأ الدائن‪،‬‬
‫أو يرجع إلى فعل الغير‪.125‬‬

‫وتنعدم عالقة السببية حتى لو كان ركن الخطأ قائما‪ ،‬متى كان الضرر الناتج ال يرج ع‬
‫إلى هذا الخطأ‪ ،‬بل إلى سبب أجنبي‪ ،‬كما تنعدم عالقة السببية أيضا‪ ،‬حتى لو كان الخطأ هو‬
‫الس بب في ح دوث الض رر‪ ،‬ولكن ه لم يكن الس بب المنتج‪ ،‬أو ك ان الس بب المنتج‪ ،‬لكن ه لم يكن‬
‫السبب المباشر‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬لقيام المسؤولية العقدية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬يجب أن يرتكب هذان‬
‫األخيران خطأ عقديا‪ ،‬يرتب ضررا يلحق بصاحب المشروع‪ ،‬بمعنى أن تتحقق عالقة السببية‬
‫بين الخط أ الم رتكب والضرر الواق ع‪ ،‬فق د يرتكب المهن دس المعم اري أو مق اول البناء خطأ‪،‬‬
‫وقد يلحق صاحب المشروع ضرر‪ ،‬دون أن يكون ذلك الخطأ هو السبب في هذا الضرر‪.‬‬

‫وعالقة السببية في المقاوالت‪ ،‬تفترض وجود عالقة مباشرة‪ ،‬بين الخطأ المرتكب من‬
‫قبل المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬وبين الضرر الالحق بصاحب المشروع‪ ،‬بمعنى أن‬
‫يكون خطأ المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬هو السبب في وقوع الضرر‪.‬‬

‫المالحظ أّن تحديد قيام عالقة السببية من عدمه‪ ،‬يعد مسألة دقيقة‪ ،‬ألن الضرر قد ينتج‬
‫عن عدة أسباب مختلفة‪ ،‬وليس عن سبب واحد‪ ،‬األمر الذي يستوجب معه تحديد أّي من هذه‬
‫األسباب أدى إلى حدوث الضرر‪.‬‬

‫لق د أخ ذ المش رع الجزائ ري – به ذا الص دد‪ -‬بفك رة الس بب المنتج في عالق ة الس ببية‪،‬‬
‫بحيث اعت بر أن الس بب يك ون منتج ا‪ ،‬إذا ك ان ه و الم ألوف إلح داث الض رر ع ادة‪ ،‬حس ب‬
‫المجرى الطبيعي لألمور‪ ،‬ومن شأنه أن يؤدي إلى حدوث نتيجة‪ ،‬من نفس طبيعة النتيجة التي‬
‫حصلت‪.126‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 176‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪125‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 182/1‬من ق‪.‬م على م ا يلي‪ ":‬إذا لم يكن التع ويض مق درا في العق د‪ ،‬أو في الق انون فالقاض ي ه و‬ ‫‪126‬‬

‫الذي يقّد ره‪ ،‬ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب‪ ،‬بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم‬
‫الوفاء بااللتزام أو للتأخر في الوفاء به‪ .‬ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل‬
‫جهد معقول"‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫ولق د أكد القض اء الجزائري على نظرية الس بب المنتج‪ ،‬في تحديد قيام عالقة السببية‬
‫بين الخط أ والض رر الالح ق‪ ،‬بحيث قض ت المحكم ة العلي ا في الق رار الص ادر عنه ا بت اريخ‪:‬‬
‫بم ا يلي‪ " :‬يجب العتب ار أح د العوام ل س ببا في ح دوث الض رر‪ ،‬أن‬ ‫‪127‬‬
‫‪ 17‬نوفم بر ‪1996‬‬
‫يك ون س ببا فع اال فيم ا ي ترتب علي ه‪ ،‬وال يكفي له ذا االعتب ار‪ ،‬م ا ق د يك ون مج رد ت دخل في‬
‫إح داث الض رر‪ ،‬وأن ه يجب إثب ات الس بب الفع ال في إح داث الض رر الس تبعاد الخط أ الث ابت‬
‫ونوعه كسبب للضرر"‪.‬‬

‫بناء على ما تقدم‪ ،‬ال تتحقق مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬إال إذا أثبت‬
‫صاحب المشروع الضرر الذي لحقه من جراء عدم تنفيذ التزاماتهما‪ ،‬فعدم وجود الضرر ال‬
‫يرتب المسؤولية‪ ،‬كما أنه ال يمكن افتراض الضرر‪ ،‬لمجرد عدم تنفيذ المهندس المعماري أو‬
‫مقاول البناء اللتزامه العقدي‪ ،‬فقد ال يقوم هذان األخيران بالتزاماتهما‪ ،‬ومع ذلك ال يلحق رب‬
‫العم ل أّي ض رر‪ ،‬وعلي ه ح تى يحص ل ص احب المش روع على التع ويض عن األض رار ال تي‬
‫أص ابته‪ ،‬ج راء خط أ المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬يجب علي ه أن يثبت حجم الض رر‬
‫الذي أصابه ومداه‪ ،‬بجميع طرق اإلثبات‪ ،‬باعتبار ذلك واقعة مادية‪.‬‬

‫ومن تم م تى ثبت إخالل المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بالتزاماتهم ا‪ ،‬وه و الخط أ‬
‫ذات ه‪ ،‬ق امت عالق ة الس ببية بين خط أ المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬وبين الض رر‬
‫الحاص ل لص احب المش روع‪ ،‬وق ام ح ق ه ذا األخ ير في المطالب ة ب التعويض‪ ،‬ويبقى للمهن دس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء أن ينفي المس ؤولية عن ه‪ ،‬بنفي ه عالق ة الس ببية‪ ،‬وذل ك ب أن يثبت أّن‬
‫الض رر ال ذي لح ق رب العم ل‪ ،‬ه و نتيج ة لس بب آخ ر أجن بي عن ه‪ ،‬ك القوة الق اهرة‪ ،‬أو خط أ‬
‫صاحب المشروع‪ ،‬أو خطأ الغير‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق المسؤولية العقدية‬

‫نط اق مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء عق ديا‪ ،‬طبق ا للقواع د العام ة‪ ،‬إنم ا‬
‫يتح دد خ ارج النط اق ال ذي تس ري في ه أحك ام المس ؤولية الخاص ة‪ ،‬ومن ه تحكم القواع د العام ة‬
‫للمسؤولية العقدية أساسا‪ ،‬عالق ة رب العم ل بالمهندس المعم اري أو مق اول البناء‪ ،‬في الف ترة‬
‫السابقة على انجاز العمل‪ ،‬وتسليمه لرب العمل‪.‬‬

‫قرار م ع غ م‪ ،‬ملف رقم‬ ‫‪127‬‬

‫‪63‬‬
‫وت ترتب المس ؤولية العقدي ة في ج انب المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬إذا لم يقم‬
‫ه ذان األخ يران بتنفي ذ التزاماتهم ا التعاقدي ة الناش ئة عن عق د المقاول ة‪ ،‬قب ل التس ليم النه ائي‬
‫لألعم ال‪ ،‬ذل ك أن ه ال مج ال لتط بيق قواع د المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول‬
‫البناء‪ ،‬قبل التسليم النهائي لألعمال‪.‬‬

‫فإذا ظهرت هذه العيوب والنقائص أثناء عملية اإلنجاز‪ ،‬وقبل التسليم النهائي لألشغال‪،‬‬
‫ج از لص احب المش روع المطالب ة بتعويضه عن الض رر الالح ق ب ه‪ ،‬طبق ا للقواع د العام ة في‬
‫المسؤولية العقدية‪ ،‬أما إذا ظهرت هذه العيوب في البناءات بعد التسلم النهائي لألشغال‪ ،‬فهل‬
‫تمت د قواع د المس ؤولية العقدي ة لتحكم العالق ة بين رب العم ل والمهن دس المعم اري أو مق اول‬
‫البناء؟ وبمعنى آخر‪ ،‬هل يمكن تطبيق القواعد العامة للمسؤولية العقدية‪ ،‬في حالة قيام الضرر‬
‫الم وجب للتع ويض‪ ،‬على ال رغم من ت وافر أحك ام المس ؤولية الخاص ة المق ررة بنص الم ادة‬
‫‪ 554‬من القانون المدني الجزائري من عدمه؟‬

‫تطب ق قواع د المس ؤولية العقدي ة على العالق ة بين ص احب المش روع والمهن دس‬
‫المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬بع د تس ليم األعم ال‪ ،‬وذل ك في خ ارج الح دود ال تي تس ري عليه ا‬
‫أحكام المس ؤولية الخاصة العشرية‪ ،‬بعدم توافر شروط هذه المس ؤولية‪ ،‬سيما شرط خطورة‬
‫العيوب الالحقة بالمباني والمنشآت الثابتة‪ ،‬وشرط ظهورها خالل مدة الضمان المحددة بعشر‬
‫سنوات ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المسؤولية العقدية قبل التسليم النهائي للبناء‬

‫قب ل تس لم البن اء‪ ،‬تك ون مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء تج اه ص احب‬
‫المشروع مسؤولية عقدية‪ ،‬ومن تم ال تطبق عليهما أحكام المسؤولية الخاصة أثناء هذه الفترة‪،‬‬
‫وذلك وفقا لمقتضيات المادة ‪ 554‬من قانون المدني الجزائري‪.‬‬

‫ف إذا أخ ل المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بالتزاماتهم ا التعاقدي ة‪ ،‬على النح و ال ذي‬
‫ق دمناه‪ ،‬ف إن مس ؤوليتهما تتحق ق وتطب ق عليه ا القواع د العام ة‪ ،‬فتتحق ق مسؤولية مق اول البناء‬
‫مثال إذا أخل بالتزامه بانجاز العمل‪ ،‬وذلك بأن خالف الشروط والمواصفات المتفق عليها‪ ،‬أو‬
‫انحرف عن أصول الفن‪ ،‬أو أساء اختيار المادة التي يستخدمها في العمل‪ ،‬أو نزل عن عناية‬
‫‪64‬‬
‫الش خص المعت اد‪ ،‬في المحافظ ة على الم واد ال تي ق دمها ل ه ص احب المش روع‪ ،‬أو ثبت ع دم‬
‫كفايته وقصوره الفني‪ ،‬أو تأخر عن انجاز العمل في الموعد المحدد في العقد‪ ،‬دون أن يثبت‬
‫السبب األجنبي‪.‬‬

‫وإ ذا ك ان األص ل أن تق دير اإلخالل بتنفي ذ االل تزام التعاق دي يك ون عن د تس ليم العم ل‪،‬‬
‫ألنه بالتسليم‪ ،‬يتمكن صاحب المشروع من فحص البناء ومعاينته‪ ،‬والقول ما إذا كان مطابقا‬
‫لش روط العق د‪ ،‬وقواع د الفن وأص ول الص نعة أم ال‪ ،‬فالمقاول ة بطبيعته ا عق د موض وعه غ ير‬
‫محقق عند التعاقد‪ ،‬لذا وجب على صاحب المشروع أن يعاين مشروعه بعد انجازه‪ ،‬والموافقة‬
‫عليه قبل تسلمه‪ ،‬غير أنه قد ال ينتظر صاحب المشروع انتهاء مقاول البناء من األشغال ح تى‬
‫يفحصها ويعانها‪ ،‬فيجوز له معاينتها قبل ذلك‪ ،‬فإذا تبين له أن مقاول البناء يقوم بها على وجه‬
‫معيب‪ ،‬أو مناف لبنود العقد‪ ،‬جاز له أن يتخذ من اإلجراءات ما يكفل له توقيع الجزاء‪ ،‬دون‬
‫أن يمهل المقاول إلى نهاية المدة‪.‬‬

‫ولقد أورد المشرع الجزائري‪ ،‬تطبيقا لهذا المبدأ في المادة ‪ 553‬من القانون المدني‪،‬‬
‫والتي تنص على ما يلي‪ " :‬إذا ثبت أثناء سير العمل أن المقاول يقوم به على وجه معيب أو‬
‫من اف لش روط العق د‪ ،‬ج از ل رب العم ل أن ين ذره ب أن يص حح من طريق ة التنفي ذ خالل أج ل‬
‫معقول يعينه له‪ ،‬فإذا انقضى هذا األجل دون أن يرجع المقاول إلى الطريقة الصحيحة‪ ،‬جاز‬
‫لرب العمل أن يطلب إما فسخ العق د‪ ،‬وإ ما أن يعهد إلى مقاول آخر بانجاز العمل على نفقة‬
‫المقاول األول طبقا ألحكام المادة ‪ 170‬أعاله‪.128‬‬

‫غير أنه يجوز طلب فسخ العقد في الحال دون حاجة إلى تعيين أجل إذا كان إصالح ما في‬
‫طريقة التنفيذ من عيب مستحيال "‪.‬‬

‫يستفاد من هذا النص‪ ،‬أّن مقاول البناء‪ ،‬وإ ن كان مستقال في تنفيذ العمل المطل وب منه‬
‫بموجب عقد المقاولة‪ ،‬إال أنه يحق لرب العمل أن يتعهد العمل‪ ،‬وهو في يد المقاول‪ ،‬ليراقب‬
‫ما إذا كان يجري طبقا للشروط والمواصفات المتفق عليها‪ ،‬وأن مقاول البناء ينفذ العمل طبقا‬
‫ألص ول الص نعة وع رف أه ل الحرف ة‪ ،‬فليس لزام ا على رب العم ل‪ ،‬االنتظ ار ح تى انته اء‬

‫تنص المادة ‪ 170‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ ":‬في االلتزام بعمل‪ ،‬إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه جاز للدائن أن يطلب‬ ‫‪128‬‬

‫ترخيصا من القاضي في تنفيذ االلتزام على نفقة المدين إذا كان هذا التنفيذ ممكنا"‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫المقاول من انجاز العمل‪ ،‬وتسليمه إياه‪ ،‬ليتأكد من مدى مطابقته لشروط العقد‪ ،‬وأصول الفن‬
‫والصنعة‪ ،‬بل من األفضل لهما أن يراقب هذا العمل منذ البداية‪.‬‬

‫فإذا وجد رب العمل أن مقاول البناء يقوم بالعمل على وجه معيب أو مناف للعقد‪ ،‬كما‬
‫لو لم يراع األصول الفنية في عمله‪ ،‬أو لم يدعم األساس‪ ،‬أو يصل به إلى العمق الكافي‪ ،‬أو‬
‫لم يجعل الجدران في السمك المتفق عليه‪ ،‬أو استخدم مواد من صنف أقل مما هو متفق عليه‬
‫في العقد‪ ،‬فانه ال يلزم أن ينتظر حتى إتمام العمل‪ ،‬ثم يرفضه‪ ،‬ويطالب المقاول بالتعويض‪،‬‬
‫بوج وب إص الح ه ذه العي وب‪ ،‬أو تعديل ه طريق ة‬ ‫‪129‬‬
‫ب ل ل ه أن يطلب التنفي ذ العي ني‪ ،‬بإن ذاره‬
‫التنفيذ‪ ،‬شريطة أن يكون ذلك ما زال ممكنا‪ ،‬فإذا أصر مقاول البناء على االمتناع عن التنفيذ‪،‬‬
‫وكانت شخصيته مح ل اعتبار في العمل المراد انجازه‪ ،‬جاز لرب العمل اللج وء إلى تسليط‬
‫غرامة تهديدية إذا كانت هذه الطريقة مجدية‪ ،‬وإ ال لم يبق أمامه إال طلب الفسخ والتعويض‪.‬‬

‫أم ا إذا ك ان العم ل المطل وب انج ازه‪ ،‬ليس لشخص ية المق اول في ه اعتب ار‪ ،‬ج از ل رب‬
‫العم ل أن ين ذره بإص الح العي وب‪ ،‬أو تع ديل طريق ة التنفي ذ‪ ،‬كي تك ون متفق ة وش روط العق د‪،‬‬
‫خالل مدة معينة‪ ،‬فإن امتثل انتفت مسؤوليته‪ ،‬أما إذا أصر على رأيه‪ ،‬ورفض تعديل طريقة‬
‫التنفي ذ‪ ،‬دون الرج وع إلى الطريق ة الص حيحة‪ ،‬ج از ل رب العم ل في ه ذه الحال ة أن يطلب إم ا‬
‫فس خ العق د‪ ،‬والتحل ل من دف ع األج رة‪ ،‬وطلب التع ويض ال ذي لحق ه من ج راء إخالل مق اول‬
‫البناء بالتزامه‪ ،‬وإ ما أن يعه د إلى مقاول آخ ر بانجاز العم ل على نفقة المقاول األول‪ ،130‬أي‬
‫بتحميل هذا األخير زيادة النفقات التي يتطلبها العمل بواسطة مقاول غيره‪ ،‬عن النفقات المتفق‬
‫عليه ا في العق د الم برم بينهم ا‪ ،‬وذل ك كل ه بع د الحص ول على ت رخيص من القض اء‪ ،‬في غ ير‬
‫حاالت االستعجال‪ ،‬كما لو كان العمل المطلوب انجازه‪ ،‬هو إقامة جناح في معرض‪ ،‬وكان‬
‫ال وقت الب اقي الفتتاح ه ال يس مح باالنتظ ار ح تى استص دار ال ترخيص القض ائي المطل وب‪ ،‬أو‬
‫كما هو األمر في حالة ترميم منزل آيل للسقوط‪.‬‬

‫ه ذا وال يش ترط في اإلن ذار ش كل خ اص‪ ،‬إذ يكفي أن ين ذر رب العم ل المق اول بإص الح العيب‪ ،‬وطريق ة تنفي ذ‬ ‫‪129‬‬

‫المشروع‪ ،‬في مدة معينة‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 180‬من ق‪.‬م والتي تنص على ما يلي‪ " :‬يكون اعذار المدين بإنذاره‪ ،‬أو بما‬
‫يقوم مقام اإلنذار‪ ،‬ويجوز أن يتم االعذار عن طريق البريد على الوجه المبين في هذا القانون‪ ،‬كما يجوز أن يكون‬
‫مترتبا على اتفاق يقضي بأن يكون المدين معذرا بمجرد حلول األجل دون حاجة إلى أي إجراء آخر"‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 170‬من نفس القانون المذكور على ما يلي‪ " :‬في االلتزام بعمل‪ ،‬إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه ج از‬ ‫‪130‬‬

‫للدائن أن يطلب ترخيصا من القاضي في تنفيذ االلتزام على نفقة المدين إذا كان هذا التنفيذ ممكنا"‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫وهذا ما أكد عليه القضاء الجزائري‪ ،‬بحيث قضت المحكمة العليا في القرار الصادر‬
‫بما يلي‪" :‬حيث أنه بمراجعة أوراق الملف‪ ،‬يتبين أن قضاة‬ ‫‪131‬‬
‫عنها بتاريخ ‪ 11‬مارس ‪1998‬‬
‫الموض وع طبق وا الق انون تطبيق ا س ليما دون ارتك اب أي تج اوز ك ان في ممارس ة س لطتهم‪،‬‬
‫وأنهم لم يقص روا في تعلي ل قض ائهم‪ ،‬إذ أن الطاعن ة خ الفت أحك ام الم ادة ‪ 170‬من الق انون‬
‫الم دني ألنه ا لج أت إلى مق اول آخ ر‪ ،‬ال ذي ق ام بتنفي ذ ال تزام المطع ون ض دهما والمتمث ل في‬
‫تش ييد مجموع ة من المس اكن المتعاق د عليه ا نظ را المتناعهم ا عن ذل ك‪ ،‬وه ذا من دون أن‬
‫تطلب ص احبة الطعن من القض اء ترخيص ا له ذا الغ رض‪ ،‬م ع اإلش ارة أن من ش أن ه ذه‬
‫الطريقة المنصوص عليها في المادة السالفة الذكر حسم االدعاءات والمنازعات التي احتج بها‬
‫المطعون ضدهما في وقتها والمتعلقة بمحل العقد ذاته‪.‬‬

‫فيستنتج من ذلك أن الوسائل المثارة غير سديدة برمتها وينبغي رفض الطعن"‪.‬‬

‫غ ير أن ه إذا ك ان إخالل مق اول البن اء ب االلتزام الم ترتب في ذمت ه جس يما‪ ،‬بحيث ال‬
‫يمكن إص الحه وتداركه‪ ،‬فيكون لرب العمل في هذه الحالة‪ ،‬الح ق منذ البداية‪ ،‬في أن يطلب‬
‫فسخ العقد‪ ،‬دون حاجة إلى تعيين أجل لذلك‪ ،‬إذا كان إصالح ما في طريقة التنفيذ من عيب‬
‫مستحيال‪.132‬‬

‫ويرج ع تق دير مس ألة فس خ العق د والتع ويض إلى الس لطة التقديري ة لقاض ي الموض وع‬
‫المعروض عليه النزاع‪.‬‬

‫مل ف رقم ‪ ،152934‬أش ار إلي ه‪ :‬بن س عيد عم ر‪ ،‬االجته اد القض ائي وفق ا ألحك ام الق انون الم دني‪ ،‬ط ‪ ،1‬ال ديوان‬ ‫‪131‬‬

‫الوطني لألشغال التربوية‪ ،2001 ،‬ص ‪.65‬‬

‫تنص المادة ‪ 553/2‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬غير أنه يجوز طلب فسخ العقد في الحال دون حاجة إلى تعيين أجل‬ ‫‪132‬‬

‫إذا كان إصالح ما في طريقة التنفيذ من عيب مستحيال"‪.‬‬

‫ومث ال ذل ك أن يقيم مق اول البن اء بناي ة‪ ،‬ويعل و ب األدوار األولى منه ا‪ ،‬على خالف التص ميم الموض وع والمواص فات‬
‫المنوط إليه تنفيذها‪ ،‬هنا ال يستطيع مقاول البناء تدارك هذا الخطأ‪ ،‬إذ أن األدوار التالية ستكون على غرار األدوار‬
‫األولى معيب ة‪ ،‬فال سبيل إلى إصالح طريقة التنفيذ إال بهدم البناي ة كله ا‪ ،‬وفي هذه الحالة‪ ،‬يك ون لصاحب المشروع‬
‫منذ البداية الحق في أن يطلب فسخ العقد لمخالفة المقاول لبنود العقد وشروطه‪.‬‬

‫‪ -‬قاره فتيحة‪ ،‬أحكام عقد المقاولة‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،1992 ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪67‬‬
‫هذا وإ ذا استعان مقاول البناء بشخص يساعده في إنجاز العمل‪ ،‬أو استخدمه في ذلك‪،‬‬
‫كان مسؤوال عنه مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‪ ،‬وتكّي ف مسؤوليته في هذه الحالة‪ ،‬على‬
‫‪133‬‬
‫أنها مسؤولية عقدية وليست مسؤولية تقصيرية‪.‬‬

‫ويبقى مقاول البناء مسؤوال تجاه رب العمل أيضا عن المقاول من الباطن‪ ،134‬ولو أن‬
‫هذا األخير غير خاضع لتوجيه المقاول أو إشرافه‪ ،‬إذ يعمل مستقال عنه وال يعتبر تابعا له‪،‬‬
‫وه ذا م ا نص ت علي ه الم ادة ‪ 564‬في فقرته ا الثاني ة من الق انون الم دني‪ ،‬وال تي ج اء فيه ا‪" :‬‬
‫ولكن يبقى (المقاول) في هذه الحالة مسؤوال عن المقاول الفرعي تجاه رب العمل"‪.‬‬

‫وتطبيق ا ل ذلك‪ ،‬إذا اس تعان المق اول األص لي بمق اولين فرع يين‪ ،‬ك الحرفيين المختص ين‬
‫في مج ال الكهرب اء‪ ،‬أو ال دهان‪ ،‬أو قن وات ص رف المي اه‪ ،‬وغ يرهم‪ ،‬ك ان مس ؤوال عن حس ن‬
‫تنفيذ هؤالء اللتزاماتهم‪ ،‬وتكّي ف مسؤوليته هنا بأنها مسؤولية عقدية‪ ،‬تنشأ عن عقد المقاولة‬
‫األص لي‪ ،‬وتق وم على اف تراض أن ك ل األعم ال واألخط اء ال تي ص درت من ه ؤالء المق اولين‬
‫الفرعيين وكأنها صدرت شخصيا عن المقاول األصلي‪.135‬‬

‫وعليه‪ ،‬إذا خالف المقاول الفرعي التزامه‪ ،‬بأن لم يقم بالعمل الموكل له وفقا للشروط‬
‫والمواصفات المتفق عليها‪ ،‬اعتبر المقاول األصلي مسؤوال عن ذلك تجاه صاحب المشروع‪،‬‬
‫ومن تم يس وغ له ذا األخ ير‪ ،‬الرج وع مباش رة ب التعويض على المق اول األص لي‪ ،‬وفي ه ذه‬
‫الحال ة‪ ،‬ال يج وز له ذا األخ ير أن ينفي عن ه المس ؤولية‪ ،‬وذل ك ب أن يثبت أن الخط أ يرج ع إلى‬
‫المق اول الف رعي‪ ،‬لكن يج وز ل ه الرج وع فيم ا بع د على المق اول الف رعي المخطئ بم ا دف ع‬

‫يس تفاد ض منيا من الم ادة ‪ 178‬من ق‪.‬م‪ ،‬ال تي تج يز للم دين أن يش ترط إعف اءه من المس ؤولية‪ ،‬الناجم ة عن الغش‬ ‫‪133‬‬

‫والخطأ الجسيم الذي يقع من مستخدميه‪ ،‬في تنفيذ التزامه أّن المشرع الجزائري يقّر بوجود مسؤولية عقدية عن فعل‬
‫الغير‪.‬‬

‫يطلق المشرع الجزائري عليه مصطلح " المقاول الفرعي"‪.‬‬ ‫‪134‬‬

‫فال تعت بر ه ذه المس ؤولية بمثاب ة مس ؤولية المتب وع عن أعم ال تابع ه‪ ،‬ألن المق اول الف رعي يعم ل بك ل حري ة‬ ‫‪135‬‬

‫واستقاللية‪ ،‬وال يخضع للمقاول األصلي‪ ،‬كما أنه ليس عامال عنده‪ ،‬فال يخضع لتوجيهاته ورقابته‪.‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫‪ -‬انظر ص‬


‫‪68‬‬
‫لص احب المش روع من تعويض ات‪ ،‬له ذا غالب ا نج د المق اول األص لي عن دما يس تعين بمق اولين‬
‫فرعيين لمساعدته في عملية البناء والتشييد‪ ،‬يؤّم ن عن مسؤولية المقاول الفرعي‪.136‬‬

‫هذا ويتحمل المهندس المعماري بدوره المسؤولية عن أخطاء غيره ممن يستعين بهم‬
‫في عملي ة البن اء‪ ،‬كتحمل ه المس ؤولية الناجم ة عن أخط اء المهن دس الم دني ال ذي يختص‬
‫باألعمال التقنية‪ ،‬على أنه يجوز للمهندس المعماري‪ ،‬باعتباره صاحب العمل‪ ،‬الرجوع على‬
‫المهندس المدني بما دفعه من تعويض‪ ،‬بناء على العقد المبرم بينهما‪ ،‬طبقا للقواعد العامة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المسؤولية العقدية بعد التسليم النهائي لألعمال‬

‫بع دما ينتهي مق اول البن اء من انج از العم ل موض وع عق د المقاول ة‪ ،‬ين ذر ص احب‬
‫لحض ور عملي ة التس لم‪ ،‬والتأك د من م دى‬ ‫‪137‬‬
‫المش روع بالتس لم‪ ،‬فيجتم ع ك ل م ؤجري العم ل‬
‫مطابقة البناية للتصاميم‪ ،‬ولرخصة البناء‪.‬‬

‫ف إذا ت بين لص احب المش روع‪ ،‬بن اء على نص ائح وإ رش ادات المهن دس المعم اري‪ ،‬أن‬
‫البناية ليست مطابقة للتصاميم‪ ،‬أو أن بها عيوبا ظاهرة ال بّد من إصالحها‪ ،‬تسلم البناي ة مؤقت ا‬
‫بتحفظات لحين إصالح هذه العيوب‪.138‬‬

‫حمادي جازية مجيدة‪ ،‬عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪136‬‬

‫وهم‪ :‬مقاول البناء‪ ،‬والمهندس المعماري أو صاحب العمل‪ ،‬وصاحب المشروع‪ ،‬إضافة إلى مسؤولي الغاز والماء‬ ‫‪137‬‬

‫والكهرباء وهيئة الرقابة التقنية للبناء التي تشهد عن مدى مطابقة البناء للتصاميم ولرخصة البناء‪.‬‬

‫وبعد مرور سنة من التسلم المؤقت للبناية‪ ،‬يجتمع من جديد كل من اجتمع أثناء التسلم النهائي للبناية‪ ،‬للتأكد من‬ ‫‪138‬‬

‫إصالح المقاول للعيوب الظاهرة‪ ،‬ومن مطابقة البناية للتصاميم‪ ،‬وبذلك تصبح البناية قابلة لالستعمال للغرض الذي‬
‫شيدت من أجله‪.‬‬

‫‪ -‬يراجع‪ :‬حمادي جازية مجيدة‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.154‬‬


‫‪69‬‬
‫إّن التزام مقاول البناء بإصالح العيوب الظاهرة يكون نتيجة لقيام مسؤوليته العقدية‪،‬‬
‫ذلك ألنه لم ينفذ التزامه بتسليم بناية سليمة خالية من أّي عيب‪ ،‬ووجود هذا العيب يكفي لقيام‬
‫هذه المسؤولية‪ ،‬طالما أنه ملزم بتحقيق نتيجة‪.‬‬

‫يب دأ س ريان الض مان العش ري للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬ابت داء من التس لم‬
‫النهائي للمباني أو المنشآت الثابتة‪ ،‬متى تحققت شروطه‪.139‬‬

‫لكن إذا تسبب خطأ المهندس المعماري أو مقاول البناء في إحداث ضرر لرب العم ل‪،‬‬
‫بعد إتمام األعمال‪ ،‬وتسلمها مقبولة من هذا األخير‪ ،‬دون أن تتوافر شروط الضمان الخاص‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 554‬من القانون المدني‪ ،‬كأن يوجد عيب في البناء‪ ،‬ال يؤثر في‬
‫متانته وسالمته‪ ،‬أو أن يوجد العيب المؤثر بعد انقضاء مدة عشر سنوات‪ ،‬فإن التساؤل الذي‬
‫يثور هو‪ :‬هل يكون لرب العمل أن يحصل على تعويض هذا الضرر طبقا للقواعد العامة في‬
‫المس ؤولية المدني ة‪ ،‬أم أن تخل ف ش روط الض مان الخ اص تعفي المهن دس المعم اري ومق اول‬
‫البناء من كل مسؤولية؟‬

‫بالرجوع إلى أحكام التشريع الجزائري‪ ،‬يتبين أن المشرع لم يتطرق إلى هذه الحالة‪،‬‬
‫وتبع ا ل ذلك تطب ق – بش أنها‪ -‬القواع د العام ة للمس ؤولية العقدي ة‪ ،‬وعلى اعتب ار أن ال تزام‬
‫المهندس المعماري ومقاول البناء في عقد المقاولة هو التزام بتحقيق نتيجة‪ ،‬تتمثل في انجاز‬
‫وتس ليم بناي ة خالي ة من العي وب ومقاوم ة لل زمن‪ ،‬فان ه م تى ظه رت عي وب في المب اني‪ ،‬غ ير‬
‫العي وب الموجب ة للض مان الخ اص‪ ،‬ك ان لص احب المش روع أن يرج ع عليهم ا طبق ا للقواع د‬
‫العامة في المسؤولية العقدية‪.‬‬

‫ويبقى مقاول البناء في هذه الحالة مسؤوال عن العيوب التي قد تطرأ على المباني أو‬
‫المنشآت الثابتة‪ ،‬وذلك مدة خمس عشرة سنة طبقا للقواعد العامة‪.140‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ص‬ ‫‪139‬‬

‫تنص المادة ‪ 308‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬يتقادم االلتزام بانقضاء خمسة عشر سنة فيما عدا الحاالت التي ورد‬ ‫‪140‬‬

‫فيها نص خاص في القانون وفيما عدا االستثناءات اآلتية"‪.‬‬

‫‪ -‬يالح ظ به ذا الص دد أن المش رع الفرنس ي‪ ،‬خص ص له ذا الن وع من العي وب مس ؤولية خاص ة وهي مس ؤولية ت دوم‬
‫س نتين‪ ،‬يك ون فيه ا م ؤجرو العم ل مس ؤولين عن العي وب ال تي تمس عناص ر التجه يز‪ ،‬وبع د م رور س نتي الض مان‪،‬‬
‫يسقط حق صاحب المشروع في المطالبة بالتعويض عن أضرار تلك العيوب‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫أما الفقه والقضاء‪ ،‬فانقسم في اإلجابة على هذا التساؤل إلى اتجاهين‪:‬‬

‫يرى االتجاه األول أنه متى تسلم رب العمل المشروع وقبله‪ ،‬تقررت أحكام المس ؤولية‬
‫الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬وال مج ال لتط بيق القواع د العام ة للمس ؤولية‬
‫العقدية عندئذ على عيوب البناء‪ ،‬وعلى األضرار التي تلحق رب العمل بسببها‪ ،‬ويستوي في‬
‫ذل ك أن يؤس س رب العم ل دع واه على قواع د المس ؤولية العقدي ة‪ ،‬أو على قواع د المس ؤولية‬
‫التقصيرية‪ ،141‬ودليلهم في ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬أّن عقد المقاولة ينتهي‪ ،‬فتنتهي معه كافة ما يترتب عليه من التزامات‪ ،‬منذ لحظة‬
‫تسلم األعمال بعد تمام تنفيذها مقبولة من رب العمل‪ ،‬فإذا تخلف أح د شروط هذا الضمان‪،‬‬
‫تعّين الحكم بانعدام المسؤولية مطلقا‪.‬‬

‫‪ -‬أّن االعتراف بهذا المبدأ‪ ،‬أي برجوع رب العمل على المهندس المعماري أو مقاول‬
‫البناء بموجب القواعد الخاصة‪ ،‬يؤدي إلى نتائج عملية غير مقبولة‪ ،‬بحيث يسمح لرب العمل‬
‫ب الرجوع على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بض مان العي وب غ ير الخط يرة في البن اء‪،‬‬
‫لم دة طويل ة‪ ،‬تف وق عش ر س نوات المح ددة قانون ا‪ ،‬وه ذه نتيج ة تتن افى م ع مقتض يات المنط ق‬
‫والعدال ة‪ ،‬وتخ الف قص د المش رع الواض ح ال ذي ي وجب انطب اق الح د العش ري من ب اب أولى‬
‫على األضرار التي ال تعرض مكانة البناء للخطر‪.‬‬

‫‪ -‬أّن المس ؤولية العش رية طويل ة في ح د ذاته ا‪ ،‬وهي تثق ل كاه ل المعم اريين بض مان‬
‫األعمال التي شيدوها لمدة عشر سنوات‪ ،‬وعليه ال ينبغي إطالة هذه المدة أكثر من ذلك‪ ،‬وإ ال‬
‫صار المعماريون مهّد دين بالمسؤولية لمدة غير محددة من الزمن‪ ،‬قد تصل إلى التهدم النهائي‬
‫للبن اء‪ ،142‬وه ذا أم ر يص يب مهن ة الهندس ة المعماري ة ب الجمود‪ ،‬ومن ش أنه أن يقت ل روح‬
‫االبتكار واإلبداع والتطور في هذا المجال‪ ،‬ويضر بالتالي بالصالح العام‪ ،‬فخوف المعماريين‬
‫من ه ذه المس ؤولية المهني ة‪ ،‬ي ؤدي إلى اختف اء اس تخدام األس اليب الحديث ة في البن اء‪ ،‬ال تي‬
‫تتضمن بالضرورة نسبة ضئيلة من احتمال الخطأ‪.‬‬
‫‪- V. L’article 2270 du code civil français.‬‬

‫من أمثال رواست وسوان وكاستون‪ .‬أشار إليهم‪ :‬محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪141‬‬

‫‪.280‬‬

‫عبد الرازق حسين يس‪ ،‬المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.381‬‬ ‫‪142‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ -‬أّن خض وع المعم اريين للمس ؤولية العام ة يحملهم مس ؤوليات ثقيل ة ج دا‪ ،‬تف وق‬
‫طاق اتهم المعت ادة‪ ،‬وإ مكاني اتهم المتوقع ة‪ ،‬وي ؤدي إلى ارتف اع تك اليف أعم ال البن اء‪ ،‬مم ا ينجم‬
‫عنه إحجام رؤوس األموال عن االستثمار في قطاع البناء‪ ،‬في الوقت الذي تحتاج فيه الدولة‬
‫إلى تشجيع زيادة هذا االستثمار للمصلحة العامة‪.‬‬

‫‪ -‬أّن األخ ذ به ا المب دأ من ش أنه أن يخ ل ب التوازن ال ذي حقق ه المش رع‪ ،‬بين مص الح‬
‫رب العم ل ومص الح المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬ويجع ل بالت الي المس ؤولية العش رية‬
‫مسؤولية غير موضوعية‪.143‬‬

‫وي رى أنص ار االتج اه الث اني تط بيق القواع د العام ة للمس ؤولية العقدي ة‪ ،‬ح ال غي اب‬
‫شروط الضمان الخاص‪ ،‬وذلك للضرورة العملية‪ ،‬التي تقضي بوجوب تعويض المضرور‪،‬‬
‫ولقد استدلوا في ذلك على األسانيد التالية‪:‬‬

‫‪ -‬أّن التسلم النهائي للعمل ال يضع حدا نهائيا لعقد المقاولة‪ ،‬ألنه ال يبرئ المعماري‬
‫إال بالنسبة للعيوب الظاهرة فقط‪ ،‬وأّن الضمان الخاص ما هو إال ج زاء على اإلخالل بتنفيذ‬
‫عقـد المقاولة‪ ،‬ومن تّم يعتبر ذا طبيعة عقدية‪ ،‬وأن مجرد تحديد التشريع نطاقا محددا النطباق‬
‫ه ذا الض مان‪ ،‬ال يع ني أن المش رع أراد أن يس مح في خ ارج ح دود ه ذا النط اق ب اإلخالل‬
‫بااللتزامات العقدية‪.‬‬

‫‪ -‬أّن النص على الضمان الخاص للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬ال يفيد استبعاد‬
‫تطبيق أحكام القواعد العامة في المسؤولية العقدية‪ ،‬إذا تخلف شرط من شروطها‪ ،‬ألن انتهاء‬
‫م دة الض مان المح ددة في الق انون‪ ،‬يعفي المهن دس المعم اري ومق اول البن اء من الض مانات‬
‫المنص وص عليه ا على س بيل الحص ر في ه ذه النص وص‪ ،‬لكن ه ال يعفيهم ا من ك ل مس ؤولية‬
‫أخرى عن األعمال التي قاما بها أو أشرفا عليها‪ ،‬إعماال للقواعد العامة‪.‬‬

‫‪ -‬أّن اس تبعاد خض وع المعم اريين لقواع د المس ؤولية العقدي ة‪ ،‬ي ؤدي إلى تح ريض‬
‫ه ؤالء على اإلهم ال واالس تهتار في تأدي ة األعم ال‪ ،‬ال تي ال تخض ع عيوبه ا ألحك ام الض مان‬

‫‪ 143‬محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪ 284‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫الخ اص المق رر قانون ا‪ ،‬وبالت الي يتن افى وغ رض المش رع في توف ير الحماي ة لطائف ة أرب اب‬
‫العمل‪.‬‬

‫‪ -‬أّن األخ ذ به ذا المب دأ ي ؤدي إلى تع ويض المض رور عن األض رار المتوس طة‬
‫أيضا‪ 144،‬والتي تبقى دون تعويض في حالة األخذ باالتجاه السابق‪ ،‬وعليه يكون اللجوء إلى‬
‫القواع د العام ة في حال ة تخل ف ش روط المس ؤولية الخاص ة‪ ،‬بمثاب ة مكم ل ض روري للنق ائص‬
‫والثغرات الموجودة في الضمان الخاص‪.‬‬

‫‪ -‬أّن القول بأن مسؤولية المعماريين بعد انتهاء مدة الضمان العشري‪ ،‬تطبيقا للقواعد‬
‫العام ة‪ ،‬أم ر غ ريب يع وق فن البن اء والهندس ة‪ ،‬ويحّم ل المعم اريين م ا ال طاق ة لهم‪ ،‬غ ير‬
‫ص حيح‪ ،‬ألن ه ذه الم دة (‪ 15‬عام ا) تس ري على ب اقي المهن يين اآلخ رين‪ ،‬أمث ال المح امين‬
‫واألطب اء‪ ،‬وفق ا لمقتض يات العدال ة‪ ،‬والمنط ق أن تطب ق ه ذه الم دة على المعم اريين أك ثر من‬
‫المهنيين اآلخرين‪.‬‬

‫ه ذا وإ ن ني أرى تماش يا م ع م ا ذهب إلي ه أنص ار االتج اه الث اني‪ ،‬أن ه يج وز لص احب‬
‫المش روع أن يرج ع على المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء بم وجب القواع د العام ة في‬
‫المسؤولية‪ ،‬إذا تخلف شرط من شروط تحقق الضمان الخاص‪.‬‬

‫بناء على ما تقدم‪ ،‬ال تتحقق مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬إال إذا أثبت‬
‫صاحب المشروع أّن الضرر الذي لحقه‪ ،‬كان من جراء عدم تنفيذ التزاماتهما‪ ،‬فعدم وجود‬
‫الض رر ال ي رتب المس ؤولية‪ ،‬كم ا أن ه ال يمكن اف تراض الض رر لمج رد ع دم تنفي ذ المهن دس‬
‫المعماري أو مقاول البناء اللتزاماتهما التعاقدية‪ ،‬فقد ال يقوم هذان األخيران بالتزاماتهما‪ ،‬ومع‬
‫ذل ك ال يلح ق رب العم ل أي ض رر‪ ،‬وعلي ه ح تى يحص ل ص احب المش روع على التع ويض‪،‬‬
‫عن األض رار ال تي أص ابته‪ ،‬ج راء خط أ المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬يجب علي ه أن‬
‫يثبت حجم الضرر الذي أصابه ومداه بجميع طرق اإلثبات‪ ،‬باعتبار ذلك واقعة مادية‪.‬‬

‫يقصد بهذه العيوب‪ ،‬تلك العيوب البسيطة التي تصيب األعمال الصغيرة أو العناصر التجهيزية في البناء‪ ،‬وكذا‬ ‫‪144‬‬

‫العيوب البسيطة التي تصيب األعمال الكبيرة أو العناصر التأسيسية في المبنى‪ ،‬ومن أمثلتها التشققات السطحية التي‬
‫تصيب األعمدة الحاملة للبناء أو جدرانه‪ ،‬إذا اقتصر أثرها على تشويه المظهر الخارجي للمبنى‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫ومن تّم م تى ثبت إخالل المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بالتزاماتهم ا‪ ،‬وه و الخط أ‬
‫ذات ه‪ ،‬وثبت حص ول الض رر لص احب المش روع‪ ،‬ق امت عالق ة الس ببية بين خط أ المهن دس‬
‫المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬وبين الضرر الحاصل لصاحب المشروع‪ ،‬وقام حق هذا األخير‬
‫في المطالبة بالتعويض‪ ،‬ويبقى للمهندس المعماري‪ ،‬أو لمقاول البناء‪ ،‬أن ينفي المسؤولية عنه‪،‬‬
‫بنفي عالقة السببية‪ ،‬وذلك بأن يثبت أّن الضرر الذي لحق صاحب المشروع‪ ،‬هو نتيجة لسبب‬
‫آخر أجنبي عنه‪ ،‬كالقوة القاهرة أو خطأ رب العمل أو خطأ الغير‪.‬‬

‫وإ ذا ك ان ال تزام المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء في عق د المقاول ة التزام ا بتحقي ق‬
‫نتيج ة‪ ،‬فيكفي للت دليل على قي ام مس ؤوليتهما‪ ،‬أن يثبت ص احب المش روع ع دم تحق ق تل ك‬
‫النتيج ة‪ ،145‬فيثبت عندئ ذ الخط أ العق دي فيهم ا‪ ،‬وال يمكن لهم ا نفي المس ؤولية عنهم ا‪ ،‬إال إذا‬
‫أثبت ا وج ود س بب أجن بي‪ ،‬ينفي عالق ة الس ببية بين خطئهم ا والض رر الالح ق بص احب‬
‫المش روع‪ ،‬فال يكفي أن يثبت ا أنهم ا ب ذال ك ل م ا في وس عهما‪ ،‬لكنهم ا لم يس تطيعا تحقي ق تل ك‬
‫النتيجة لنفي المسؤولية عنهما‪.‬‬

‫أما إذا كان االلتزام الواقع على عاتق المهندس المعماري ومقاول البناء التزاما ببذل‬
‫عناية‪ ،‬اعتبر هذان األخيران مخلين بتنفيذ التزاماتهما‪ ،‬ويثبت الخطأ في جانبهما‪ ،‬بمجرد أن‬
‫يثبت ص احب المش روع أنهم ا لم يتخ ذا تل ك العناي ة الالزم ة‪ ،‬فمثال يعت بر المهن دس المعم اري‬
‫مخال بهذا االلتزام‪ ،‬إذا لم يؤد واجباته وفقا للمعايير السائدة في نطاق مهنته‪ ،‬وال يمكن للمشيد‬
‫أن ينفي عنه هذه المس ؤولية‪ ،‬إال إذا أثبت وج ود سبب أجنبي منعه من ب ذل العناية المطلوبة‬
‫لذلك‪.‬‬

‫وعلي ه إذا ادعى ص احب المش روع أن المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ق د أخال‬
‫بالتزاماتهم ا التعاقدي ة‪ ،‬فيكفي ه ل ذلك إقام ة ال دليل على وج ود عق د مقاول ة‪ ،‬ويبقى على ع اتق‬
‫المدين‪ ،‬مهندسا كان أو مقاوال‪ ،‬تبرئة ذمته‪ ،‬بأن يثبت قيامه بالتنفيذ‪ ،‬أو بأن يثبت أن استحالة‬
‫التنفيذ ترجع إلى سبب أجنبي‪ ،‬ال يد له فيه‪.‬‬

‫كأن يلتزم المهندس المعماري بوضع التصاميم‪ ،‬فيعتبر في هذه الحالة مخطئا إذا أثبت صاحب المشروع أنه لم‬ ‫‪145‬‬

‫يقدم تلك التصاميم‪.‬‬


‫‪74‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬جـزاء المسؤوليـة العقديـة‬

‫انتهينا سابقا إلى أّن وقوع الضرر بسبب إخالل كل من المهندس المعماري أو مقاول‬
‫البناء بالتزاماتهما التعاقدية‪ ،‬يجيز لصاحب المشروع أن يطلب التنفيذ العيني‪ ،‬فإذا تهدم البناء‬
‫مثال‪ ،‬كله أو بعضه‪ ،‬فله أن يطلب إعادة بناء ما تهدم‪ ،‬وله أن يطلب ترخيصا من القضاء في‬
‫أن يعي د بناء ما ته دم‪ ،‬على نفق ة المهن دس المعم اري‪ ،‬أو مق اول البناء‪ ،‬أو كليهم ا بالتضامن‪،‬‬
‫كم ا أن ل ه في حال ة م ا إذا ح دث بالبن اء عيب‪ ،‬وك ان يمكن إص الحه عين ا‪ ،‬أن يطلب من‬
‫المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء أن يج ري ه ذا اإلص الح‪ ،‬أو أن يجري ه ه و على نفقتهم ا‬
‫ب ترخيص من القض اء‪ ،‬وإ ذا ك ان في التنفي ذ العي ني إره اق للم دين‪ ،‬ج از للقاض ي أن يقتص ر‬
‫على الحكم ب التعويض فق ط‪ ،‬كم ا إذا ك ان إص الح العيب‪ ،‬يقتض ي ه دم ج زء كب ير من البن اء‪،‬‬
‫يكلف نفقات باهظ ة ال تتناسب والضرر الناتج عن العيب‪ ،‬وفي جميع أح وال التنفيذ العيني‪،‬‬
‫يج وز أيض ا الحكم ب التعويض إذا اقتض ى الح ال ذل ك‪ ،‬كم ا ل و اس تغرق إص الح العيب وقت ا‪،‬‬
‫حرم رب العمل من االنتفاع بالبناء‪ ،‬فانه يستحق تعويضا طول هذه المدة‪ ،‬أو إذا كانت عملية‬
‫اإلصالح لم تنجز كما يجب‪ ،‬فتؤدي إلى نقص في قيمة البناء‪.146‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التعويض عن المسؤولية العقدية‬

‫يل تزم المهن دس المعم اري ومق اول البن اء في عق د المقاول ة‪ ،‬بانج از مب اني أو منش آت‬
‫ثابتة سليمة‪ ،‬خالية من العيوب‪ ،‬تستمر متانتها عشر سنوات على األقل من يوم تسلمها‪ ،‬ومن‬
‫تم فإن حدوث التهدم أو ظهور العيب‪ ،‬يعتبر إخالال بهذا االلتزام‪ ،‬يستوجب تعويض صاحب‬
‫المشروع‪.‬‬
‫والتع ويض في مج ال المس ؤولية العقدي ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬ق د يتخ ذ‬
‫إحدى الصور التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التعويض العيني‬


‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪146‬‬

‫والحراسة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.126‬‬


‫‪75‬‬
‫األصل في التعويض أن يأخذ صورة التنفيذ العيني‪ ،147‬أي أن يلتزم المسؤول بإعادة‬
‫الحال ة إلى م ا ك انت علي ه قب ل وق وع الض رر‪ ،‬وإ زال ة الض رر الناش ئ عن ه‪ ،‬وعلي ه إذا ك ان‬
‫الض رر الالح ق بالبن اء‪ ،‬ته دما كلي ا أو جزئي ا‪ ،‬ج از ل رب العم ل أن يطلب إل زام المهن دس‬
‫المعماري أو مقاول البناء بإعادة بناء ما تهدم‪ ،‬أما إذا كان الضرر الالحق بالبناء عيبا‪ ،‬جاز‬
‫له أن يطلب إصالح الجزء المعيب إذا كان قابال لإلصالح‪ ،148‬وقد يقتضي األمر إعادة تشييد‬
‫البن اء بأكمل ه من جدي د‪ ،‬أو بعض األج زاء المعينة ال تي ترتبط ب األجزاء الس ليمة‪ ،‬إذا اقتض ت‬
‫ذلك طبيعة الفن المعماري‪.149‬‬

‫يعتبر هذا التعويض األفضل واألصلح للمضرور‪ ،‬يحكم به القاضي متى كان ممكنا‪،‬‬
‫دون إرهاق للمهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬وذلك إما بطلب هذين األخيرين‪ ،‬أو بطلب‬
‫من ص احب المش روع‪ ،150‬ومن ه ال يج وز ل رب العم ل المطالب ة ب التعويض النق دي‪ ،‬إذا أب دى‬
‫المعم اري اس تعداده للتنفي ذ العي ني‪ ،‬وليس لمحكم ة الموض وع س لطة الخي ار بين ن وعي‬
‫التعويض‪ ،‬إال خارج هذين الفرضين‪.151‬‬

‫ويمكن أن يجتم ع التع ويض العي ني م ع التع ويض النق دي‪ ،‬خاص ة إذا لم ت ؤد عملي ات‬
‫اإلصالح إلى إزالة كل العيوب‪ ،‬وترجع مسألة تحديد طريقة التعويض إلى السلطة التقديرية‬
‫المطلق ة لقض اة الموض وع‪ ،‬ال ذين يمكنهم في مث ل ه ذه األوض اع االس تعانة بأه ل الخ برة‬
‫والفن‪.152‬‬

‫تنص المادة ‪ 164‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬يجبر المدين بعد اعذاره طبقا للمادتين ‪ 180‬و‪ 181‬على تنفيذ التزامه‬ ‫‪147‬‬

‫تنفيذا عينيا متى كان ذلك ممكنا"‪.‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪148‬‬

‫والحراسة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.125‬‬

‫محمد حسين منصور‪ ،‬المسؤولية المعمارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.145‬‬ ‫‪149‬‬

‫ق رار م ع غ ع‪ ،‬مل ف رقم ‪ ،225843‬الص ادر بت اريخ ‪ ،20/02/2002‬منش ور بـ م ق‪ ،‬ع ‪ ،2‬س ‪ ،2002‬ص‬ ‫‪150‬‬

‫‪ ،370‬والذي جاء فيه‪ " :‬إن القضاء بفسخ العقد مع منح التعويض دون أن يطالب بذلك الطاعن الذي تمسك بتنفيذ‬
‫العقد هو تطبيق سيء للمادة ‪ 119‬من ق‪.‬م‪ ،‬إذ كان يتعين على قضاة الموضوع التقيد بالدعوى وطلباتها"‪.‬‬
‫‪151‬‬
‫‪Mazeaud L.J, Leçons de droit civil, Obligations, Tome deuxième, Editions Montchrestien, 1962, p 127-‬‬
‫‪128, note(5).‬‬
‫‪76‬‬
‫ثانيا‪ :‬التعويض النقدي‬
‫يج وز للقاض ي أن يحكم ب التعويض النق دي‪ ،‬بن اء على طلب ص احب المش روع‪ ،‬إذا لم‬
‫يع رض المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء القي ام ب التعويض العي ني‪ ،‬أو إذا ك ان في تنفي ذ‬
‫االلتزام عينا إرهاق لهما‪.153‬‬

‫ويكون التعويض النقدي األفضل بالنسبة لصاحب المشروع‪ ،‬إذا كان من شأن أعمال‬
‫اإلصالح اإلضرار بالمبنى‪ ،‬أو إذا كان إصالح العيب بناء على التعويض العيني يكلف مبالغ‬
‫باهظة ال تتناسب وحجم الضرر الناجم عن هذا العيب‪ ،‬ومثال ذلك أن يستلزم إصالح العيب‪،‬‬
‫هدم جزء كبير من البناء‪ ،‬بحيث يكلف نفقات كبيرة ال تتناسب مع الضرر الناتج عن العيب‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التعويض اإلضافي‬

‫ال يمن ع حكم القاض ي ب التعويض النق دي‪ ،‬كب ديل عن التنفي ذ العي ني‪ ،‬من أن يقض ي‬
‫باستحقاق صاحب المشروع المالك تعويضا إضافيا‪ ،‬عن األضرار التي تصيبه بسبب اإلخالل‬
‫بالض مان‪ ،‬كتل ك األض رار ال تي تنش أ عن ته دم البن اء‪ ،‬أو عن وج ود عيب في ه يه دد متانت ه‬
‫وس المته‪ ،‬مم ا يعط ل اس تغالله واالنتف اع ب ه‪ ،‬على األق ل‪ ،‬الم دة ال تي يس تغرقها اإلص الح أو‬
‫إعادة البناء‪ ،‬أو تلك األضرار التي تؤدي إلى إنقاص قيمة البناء‪ ،‬بسبب ما لحقه من عيوب‪،‬‬
‫واستحالة إصالحه بالصورة المطلوبة بداءة‪.‬‬

‫إّن التعويض في المسؤولية العقدية ال يشمل إال األضرار الناجمة مباشرة عن العيب‪،‬‬
‫ويعتبر الضرر مباشرا إذا كان نتيجة طبيعية لخطأ المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬أو إذا‬
‫لم يكن في اس تطاعته أن يتوق اه بب ذل جه د معق ول‪ ،‬ويش ترط في ه أن يك ون مم ا يمكن توق ع‬
‫سببه‪ ،‬ومق داره‪ ،‬وم داه عادة وقت التعاق د‪ ،‬أي أن يتوقعه المهندس المعماري أو مق اول البناء‬
‫وقت التعاقد مع رب العمل‪ ،‬مثلما تقضي بذلك أحكام المادة ‪ 182‬من القانون المدني‪ ،‬والتي‬
‫جاء نصها كاآلتي‪ " :‬إذا لم يكن التعويض مقدرا في العقد‪ ،‬أو في القانون‪ ،‬فالقاضي هو الذي‬
‫يقدره‪ ،‬ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب‪ ،‬بشرط أن يكون هذا‬

‫‪152‬‬
‫‪ZENNAKI Dalila, L’impacte de la réception de l’ouvrage sur la garantie des constructeurs immobiliers,‬‬
‫‪RASJEP, n° 2, 2000, p34-38.‬‬

‫محمد حسين منصور‪ ،‬المسؤولية المعمارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 148‬هـ‪.1‬‬ ‫‪153‬‬

‫‪77‬‬
‫نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بااللتزام أو للتأخر في الوفاء به‪ ،‬ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا‬
‫لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول‪.‬‬

‫غير أنه إذا كان االلتزام مصدره العقد‪ ،‬فال يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا أو خطأ جسيما‪،‬‬
‫إال بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد"‪.‬‬

‫ويشمل التع ويض النق دي لصاحب المشروع‪ ،‬فضال عن الضرر المباشر المتمثل في‬
‫ته دم البن اء‪ ،‬ته دما كلي ا أو جزئي ا‪ ،‬أو في تعيب ه‪ ،‬الض رر ال ذي يعت بر نتيج ة مباش رة ل ذلك‪،‬‬
‫كاألضرار الجسدية التي تصيب المالك بعد تسلمه البناء‪ ،‬من جراء هذا التهدم أو العيب‪.154‬‬

‫يستحق رب العمل التعويض عن الضرر الحال الذي وق ع فعال‪ ،‬وكذلك عن الضرر‬


‫المستقبل ما دام مؤكد الوقوع‪ ،155‬أما إذا كان الضرر المستقبل محتمل الوقوع‪ ،‬فإنه ال يصلح‬
‫أن يك ون محال للتع ويض‪ ،‬ألن مج رد الخ وف من احتم ال وق وع الته دم‪ ،‬أو ظه ور العيب‪ ،‬ال‬
‫يكف الستحقاق التعويض‪.‬‬

‫ويشمل التعويض القدر الذي يكفي إلعادة بناء ما تهدم‪ ،‬أو إصالح العيب‪ ،‬ومن تّم ال‬
‫ي دخل في التع ويض التع ديالت أو التحس ينات ال تي يري د المال ك إض افتها بالبن اءات‪ ،‬وه ذا م ا‬
‫أك ده المش رع الجزائ ري في الم ادة ‪ 183‬من الق انون رقم ‪ 95/07‬المتعل ق بالتأمين ات‪ ،‬وال تي‬
‫جاء فيها ضرورة وجوب تعويض صاحب المشروع المؤمن عليه‪ ،‬أو من يكتسبه‪ ،‬في حدود‬
‫تكلفة إنجاز أشغال اإلصالح التي خلفتها األضرار المحددة‪ ،‬والمقدرة من قبل الخبير‪.‬‬

‫ه ذا وترج ع مس ألة تق دير حجم الض رر الالح ق ب رب العم ل‪ ،‬إلى الس لطة التقديري ة‬
‫لقضاة الموضوع‪.‬‬

‫محمد شكري سرور‪ ،‬مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.374‬‬ ‫‪154‬‬

‫كأن يكون تهدم البناء في المستقبل أمرا مؤكدا بسبب ما ظهر فيه من عيب جسيم‪ ،‬ففي هذا المثال يجوز لرب‬ ‫‪155‬‬

‫العمل الحصول على التعويض عن التهدم قبل وقوعه فعال مادام مؤكد الوقوع‪.‬‬

‫‪ -‬محمد شكري سرور‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪.369‬‬


‫‪78‬‬
‫غير أنه يجوز ألطراف عقد المقاولة‪ ،‬أن يحددوا مقدما قيمة التعويض‪ ،‬بالنص عليها‬
‫في العقد أو في اتفاق الحق‪ ، 156‬وهو ما يسمى بالتعويض اإلتفاقي أو الشرط الجزائي‪ ،‬ويعتبر‬
‫ه ذا االتف اق ص حيحا‪ ،‬م ا لم ينط و على الح د من الض مان‪ ،‬ويرج ع إلى قاض ي الموض وع ‪-‬‬
‫الذي يدخل في سلطته تحديد مقدار التعويض ‪ -‬ما إذا كان التعويض المتفق عليه يخفف‪ ،‬أو‬
‫يشدد من الضمان‪ ،‬فإذا رأى أّن التعويض يخفف من مسؤولية المهندس المعماري أو مقاول‬
‫البناء‪ ،‬بأن كان أقل بكثير من الضرر الحاصل‪ ،‬فإّن القاضي يزيد في مقدار التعويض‪ ،‬حتى‬
‫يص بح مع ادال للض رر الواق ع‪ ،‬إذا أثبت رب العم ل أن مق اول البن اء ارتكب غش ا أو خط أ‬
‫جس يما‪ ،157‬أم ا إذا رأى أن التع ويض المتف ق علي ه يش دد الض مان‪ ،‬ب أن ك ان أك بر بكث ير من‬
‫الضرر الناجم‪ ،‬فيحكم به‪ ،‬ما لم يثبت المعماري المدين أن التقدير المتفق عليه مبالغ فيه إلى‬
‫درجة كبيرة‪ ،‬أو إذا ثبت أنه قام بتنفيذ جزء من التزاماته‪.158‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعديل قواعد المسؤولية العقدية للمهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫بمـا أّن أس اس المس ؤولية العقديـة هـو العقـد‪ ،‬وبمـا أّن العق د ولي د اإلرادة الح رة‬
‫للمتعاق دين‪ ،‬فإن ه يج وز له ؤالء االتف اق على تع ديل قواع د المس ؤولية العقدي ة‪ ،‬في ح دود م ا‬
‫يقضي به القانون‪ ،‬وقواعد النظام العام‪.‬‬

‫ولّم ـا ك انت مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء تخض ع للقواع د العامـة‬
‫للمس ؤولية‪ ،‬ج از له ذين األخ يرين إدراج ش روط ‪ -‬بعق د المقاول ة ال ذي يربطهم ا م ع ص احب‬
‫المشروع – تشدد‪ ،‬أو تخفف‪ ،‬أو تعفي من المسؤولية العقدية‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االتفاق على التشديد في المسؤولية العقدية‬

‫ص ورة ه ذا االتف اق‪ ،‬أن يتف ق طرف ا عق د المقاول ة مثال على اعتب ار المش يد‪ ،‬مهندس ا‬
‫معماريا كان أو مقاوال‪ ،‬مسؤوال عن أي ضرر قد يلحق بالبناءات التي شيدها‪ ،‬حتى لـو كان‬

‫انظر المادة ‪ 183‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪156‬‬

‫تنص المادة ‪ 185‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬إذا جاوز الضرر قيمة التعويض المحدد في االتفاق‪ ،‬فال يجوز للدائن‬ ‫‪157‬‬

‫أن يطالب بأكثر من هذه القيمة إال إذا أثبت أن المدين قد ارتكب غشا‪ ،‬أو خطأ جسيما‪.‬‬

‫محمد حسين منصور‪ ،‬المسؤولية المعمارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.153 - 152‬‬ ‫‪158‬‬

‫‪79‬‬
‫سبب الضرر أجنبيا‪ ،‬ال يد له فيه‪ ،‬كالقوة القاهرة أو الحادث المفاجئ‪.159‬‬

‫فه ذا االتف اق يعت بر ص حيحا من الناحي ة القانوني ة بص ريح نص الم ادة ‪ 178‬الفق رة‬
‫األولى من الق انون الم دني الجزائ ري‪ ،‬وال تي تنص على م ا يلي‪ " :‬يج وز االتف اق على أن‬
‫يتحمل المدين تبعية الحادث المفاجئ أو القوة القاهرة "‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االتفاق على التخفيف من المسؤولية‬

‫يجوز للمهندس المعماري أو مقاول البناء أن يحددا مسؤوليتهما في عقد المقاولة الذي‬
‫يربطهما برب العمل مسبقا‪ ،‬بغض النظر عن درجة الضرر الحقيقي الذي يلحق برب العمل‪،‬‬
‫في حالة ما إذا لم ينفذا التزاماتهما‪.‬‬

‫ويعت بر ه ذا الش رط ص حيحا‪ ،‬قانوني ا‪ ،‬ألن المش رع أج از إدراج الش رط الج زافي‪،‬‬
‫وإ دراج شرط اإلعفاء من المسؤولية كما سنرى‪ ،‬فمن باب أولى أن يجيز شرط التخفيف‪ ،‬مع‬
‫إمكانية الحكم بإبطال هذا الشرط‪ ،‬في حالتي الغش والخطأ الجسيم‪.‬‬

‫ثالثا‪ -:‬االتفاق على اإلعفاء من المسؤولية‬

‫طبقا للقواع د العامة في المسؤولية العقدية‪ ،160‬يج وز للم دين أن يتف ق على إعفائه من‬
‫أية مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي‪ ،‬إال ما صدر عن غشه أو خطئه الجسيم‪،‬‬
‫كما يجوز له االتفاق على إعفائه من المسؤولية الناجمة عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع‬
‫من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه‪.‬‬

‫وتطبيق ا ل ذلك‪ ،‬يج وز للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء االتف اق م ع رب العم ل على‬
‫إعفائهما من المسؤولية العقدية‪ ،‬المترتبة على تقصيرهما في تنفيذ التزاماتهما التعاقدية‪ ،‬ما لم‬
‫يكن الضرر الالحق برب العمل ناجما عن غشه أو خطئه الجسيم‪ ،‬لما في ذلك من سوء نية‬

‫‪ 159‬األصل أّن القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ تعفي المشيد من المسؤولية‪ ،‬إذا كانت هي التي حالت بينه وبين تنفيذ‬
‫التزامات ه العقدي ة‪ ،‬فهي تعت بر من قبي ل األس باب األجنبي ة ال تي تقط ع عالق ة الس ببية بين الخط أ والض رر الالح ق فال‬
‫تتحقق المسؤولية‪.‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 178/2‬من ق‪.‬م على م ا يلي‪ " :‬وك ذلك يج وز االتف اق على إعف اء الم دين من أي ة مس ؤولية ت ترتب‬ ‫‪160‬‬

‫على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي‪ ،‬إال ما نشأ عن غشه‪ ،‬أو عن خطئه الجسيم‪ ،‬غير انه يجوز للمدين أن يشترط إعفاءه‬
‫من المسؤولية الناجمة عن الغش‪ ،‬أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه"‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫ظاهر‪ ،‬أو إهمال بّين‪ ،‬كما ال يجوز لهما االتفاق على إعفائهما من المسؤولية العقدية‪ ،‬إذا كان‬
‫الض رر الن اجم عن غش أو خط أ جس يم ارتكب ه تابعوهم ا من ال ذين يس تخدمانهم في إنج از‬
‫العمل‪ ،‬من عمال وفنيين‪.‬‬

‫ومن قبي ل الش روط المعفي ة من المس ؤولية‪ ،‬االتف اق على إعف اء المهن دس المعم اري‬
‫ومق اول البن اء من العي وب في الص نعة كال دهان أو البالط‪ ،‬ف إذا ظه رت مثال تل ك العي وب‪،‬‬
‫وط الب رب العم ل ب التعويض عنه ا‪ ،‬ج از للمعم اري التمس ك بش رط اإلعف اء المثبت في‬
‫العقد‪.161‬‬

‫ه ذا وإ ذا ت بين للقاض ي أن الش رط المعفي من المس ؤولية العقدي ة للمهن دس المعم اري‬
‫ومقاول البناء‪ ،‬والمدرج بعقد المقاولة‪ ،‬شرط تعسفي‪ 162،‬صادر من شخص مهني‪ ،‬في عالقته‬
‫بشخص غير مهني‪ ،‬جاز له أن يقضي ببطالن هذا الشرط‪.163‬‬

‫ال يفوت ني أن أش ير به ذا الص دد‪ ،‬أن ش رط اإلعف اء من المس ؤولية العقدي ة للمهن دس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬يختل ف عن ش رط اإلعف اء من المس ؤولية الخاص ة ال تي تقتض يها‬

‫بلمختار سعاد‪ ،‬المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.76‬‬ ‫‪161‬‬

‫الش روط التعس فية هي تل ك ال تي تف رض على غ ير المهن يين أو المس تهلكين تعس فا في اس تعمال الق وة االقتص ادية‬ ‫‪162‬‬

‫للط رف المه ني وال تي تمنح ه منفع ة مبالغ ا فيه ا‪ ،‬فيح دث ع دم ت وازن ف احش في الحق وق وااللتزام ات بين المه ني‬
‫والمستهلك‪ ،‬وتجعل تنفيذه ال يتوافق مع مبدأ حسن النية والعدالة واإلنصاف‪.‬‬

‫‪ -‬ولق د ح دد المش رع الجزائ ري تل ك الش روط التعس فية بم وجب المرس وم التنفي ذي رقم ‪ 06/306‬الم ؤرخ في‪:‬‬
‫‪ 10/09/2006‬في المادة الخامسة منه‪ ،‬منشور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ 56‬لسنة ‪ 2006‬المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي‬
‫رقم ‪ 08/44‬المؤرخ في ‪ ،03/02/2008‬منشور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ 7‬لسنة ‪ ،2008‬والذي يحدد العناصر األساسية‬
‫للعقود المبرمة بين األعوان االقتصاديين والمستهلكين‪.‬‬

‫‪ -‬لتفاصيل أكثر‪ ،‬يراجع‪ :‬شهيدة قادة‪ ،‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ، ،2007‬ص ‪.270-269‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 110‬من ق‪.‬م على م ا يلي‪ " :‬إذا تم العق د بطريق ة اإلذع ان‪ ،‬وك ان ق د تض من ش روطا تعس فية‪ ،‬ج از‬ ‫‪163‬‬

‫للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها‪ ،‬وذلك وفقا لما تقضي به العدالة‪ ،‬ويقع باطال كل‬
‫اتفاق على خالف ذلك"‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫الم ادة ‪ 554‬وم ا يليه ا من الق انون الم دني الجزائ ري‪ ،‬وه و م ا س نتناوله في الب اب الث اني من‬
‫هذه الرسالة‪.164‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫المسؤولية التقصيرية للمهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫ق د ينجم عن تنفي ذ عق د مقاول ة البن اء‪ ،‬ض رر يص يب شخص ا من الغ ير‪ ،‬أي غ ير رب‬
‫العمل المرتبط عقديا بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬ففي هذه الحالة ال يجوز للمضرور‬
‫التمسك بأحكام المادة ‪ 554‬من القانون المدني‪ ،‬قبل هذين األخيرين‪ ،‬ألن أحكام هذه المادة ال‬
‫تنطبق إال عندما يك ون الضرر ناشئا عن ال تزام م ترتب على عق د المقاولة‪ ،‬وطالما ال يوج د‬
‫عق د بين الغ ير المض رور‪ ،‬وبين المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬فمن المس لم ب ه أن‬
‫مسؤولية هذين األخيرين عن الضرر الذي يصيب الغير هي مسؤولية تقصيرية‪.‬‬

‫ويجوز لصاحب المشروع‪ ،‬الرجوع على المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬استنادا‬
‫إلى أحكام المسؤولية التقصيرية‪ ،‬عندما يكون الضرر الالحق به خارجا بطبيعته عن نطاق‬
‫التزاماتهما العقدية‪.165‬‬

‫كم ا يج وز للمق اول األص لي المتعاق د م ع رب العم ل‪ ،‬الرج وع بأحك ام المس ؤولية‬
‫التقصيرية‪ ،‬على المقاولين الفرعيين‪ ،‬والذين ال يربطهم به عقد‪ ،‬عن الضرر الذي لحقه ج راء‬
‫خطأ صادر منهم‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬قيام المسؤولية التقصيرية للمهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫تقوم مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء التقصيرية‪ ،‬متى كان الضرر المدعى‬
‫بـه خارج ا بطبيعتـه عـن تنفيـذ هذيـن األخ يرين اللتزاماتهم ا التعاقدي ة‪ ،‬وتتخ ذ المس ؤولية‬
‫التقصيرية للمهندس المعماري ومقاول البناء إحدى الصور اآلتية‪:‬‬

‫انظر ص من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫‪164‬‬

‫عبد اللطيف الحسيني‪ ،‬المسؤولية المدنية عن األخطاء المهنية (الطبيب‪ ،‬المهندس المعماري‪ ،‬المقاول‪ ،‬المحامي)‪،‬‬ ‫‪165‬‬

‫الطبعة األولى‪ ،‬الشركة العالمية للكتاب‪ ،‬بيروت‪ ،1987 ،‬ص ‪.285‬‬


‫‪82‬‬
‫الفرع األول‪ :‬صور المسؤولية التقصيرية للمهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫تتمث ل ه ذه الص ور في المس ؤولية عن األفع ال الشخص ية‪ ،‬ومس ؤولية المتب وع عن‬
‫أعمال التابع‪ ،‬ومسؤولية حارس البناء‪ ،‬وسنعرض لهذه الصور في ثالثة أجزاء على التوالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المسؤولية عن األفعال الشخصية‬

‫المسؤولية عن األفعال الشخصية هي مسؤولية تقوم على خطأ واجب اإلثب ات‪ ،‬فالخط أ‬
‫هنا غير مفترض‪ ،‬بل يتعين على المضرور إثبات خطأ من يرجع إليه الضرر‪ ،‬وفقا للقواعد‬
‫العامة في المسؤولية التقصيرية‪ ،‬فما هي أركان هذه المسؤولية؟‬

‫نص ت الم ادة ‪ 124‬من الق انون الم دني على م ا يلي‪ " :‬ك ل فع ل أي ا ك ان‪ ،‬يرتكب ه‬
‫الشخص بخطئه‪ ،‬ويسبب ضررا للغير‪ ،‬يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض"‪ ،‬األمر الذي‬
‫يستفاد منه أن للمسؤولية التقصيرية أركان ثالثة‪ ،‬شأنها في ذلك شأن المسؤولية العقدية‪ ،‬وهي‬
‫الخطأ والضرر وعالقة السببية بينهما‪ ،‬وهو ما سنبحثه تباعا‪.‬‬

‫الخطأ التقصيري‬ ‫‪-01‬‬

‫الخط أ في المس ؤولية التقص يرية ه و إخالل ب التزام ق انوني‪ ،‬واالل تزام الق انوني ه و‬
‫ال تزام بب ذل عناي ة دائم ا‪ ،‬ف إذا انح رف الش خص عن س لوك اليقظ ة والتبص ر عن إدراك‪ ،‬ك ان‬
‫ه ذا االنح راف خط أ يس توجب مس ؤوليته التقص يرية‪ ،‬ومن تم يق وم الخط أ في المس ؤولية‬
‫التقص يرية على رك نين‪ ،‬أولهم ا م ادي‪ ،‬يتمث ل في التع دي‪ ،‬وثانيهم ا معن وي‪ ،‬يتمث ل في‬
‫اإلدراك‪ ،166‬وعليه إذا ارتكب المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬خطأ تقصيريا عن قصد‪،‬‬
‫أو عن غير قصد‪ ،‬ونتج عنه ضرر للغير‪ ،‬قامت مسؤوليتهما التقصيرية‪.‬‬

‫ويعتبر مقاول البناء مثال مخطئا‪ ،‬إذا لم يبذل في عمله عناية مقاول البناء المعتاد‪ ،‬فال‬
‫يشترط فيه الكفاءة والجهد غير العاديين‪ ،‬فيما يقوم به من أعمال‪ ،‬بل يكفي في إنجازه للعمل‪،‬‬
‫إظهار الحد األدنى من الخبرة المتوقعة عادة في شخص مثله‪ ،‬فيكون مخطئا في حالة ما إذا‬
‫لم يحترم حقوق ملكية الجيران‪ ،‬أو حقوق االرتفاق‪ ،‬أو القواعد الخاصة بالتهيئة والتعمير‪.167‬‬
‫لتفاصيل أك ثر‪ ،‬يراج ع‪ :‬عب د ال رزاق الس نهوري‪ ،‬الوس يط في ش رح الق انون الم دني‪ ،‬مص ادر االل تزام‪ ،‬الج زء ‪،1‬‬ ‫‪166‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.779‬‬


‫‪167‬‬
‫‪B.BOUBLI, Contrat d’entreprise, op.cit, p 77.‬‬
‫‪83‬‬
‫‪ -02‬الضرر‬

‫ال يكفي لتحق ق المس ؤولية التقص يرية أن يق ع خط أ‪ ،‬ب ل يجب أن يح دث ه ذا الخط أ‬
‫ضررا‪ ،‬ويق ع على المضرور عبء إثبات وقوع الضرر به‪ ،‬بجميع طرق اإلثبات باعتباره‬
‫واقعة مادية‪.‬‬

‫وقد يكون الضرر ماديا يصيب المضرور في جسمه أو في ماله‪ ،‬كما قد يكون أدبيا‬
‫يصيبه في شعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه‪.‬‬

‫يش ترط لتحق ق الض رر الم ادي أن يك ون هن اك إخالل بمص لحة مالي ة للمض رور‪ ،‬وأن‬
‫يكون هذا اإلخالل محقق الوقوع‪ ،‬فال يكفي أن يكون محتمال‪.‬‬

‫;بن اء علي ه‪ ،‬إذا ثبت الخط أ في ج انب المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬ونجم عن‬
‫هذا الخطأ ضرر بالغير‪ ،‬قامت المسؤولية التقصيرية في جانب هذين األخيرين‪ ،‬فال يهم حجم‬
‫الضرر‪ ،‬للقول بقيام المسؤولية التقصيرية من عدمها‪ ،‬ألن جميع األضرار ولو صغرت‪ ،‬ولو‬
‫لم تؤثر على متانة البناء وسالمته‪ ،‬تستوجب التعويض طبقا ألحكام هذه المسؤولية‪ ،168‬ومثال‬
‫ذلك أن ينفصل حجر عن البناء‪ ،‬أو تسقط عناصر أو مواد من البناء على الغير فتجرحه‪.‬‬

‫‪ -03‬عالقة السببية‬

‫ح تى تطب ق أحك ام المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬ال ب ّد أن توج د عالق ة مباش رة‪ ،‬بين الخط أ‬
‫الذي ارتكبه المسؤول‪ ،‬والضرر الذي أصاب المضرور‪ ،‬بمعنى أن يكون الخطأ الذي ارتكبه‬
‫المعم اري‪ ،‬ه و ال ذي أدى إلى وق وع الض رر بالمض رور‪ ،‬فال يكفي وج ود الخط أ والض رر‪،‬‬
‫للقول بقيام المسؤولية التقصيرية‪ ،‬ما لم تتوافر عالقة السببية بينهما‪.‬‬

‫بن اء على م ا تق دم‪ ،‬إذا تحققت أرك ان المس ؤولية التقص يرية جميعه ا‪ ،‬ق امت ه ذه‬
‫المس ؤولية في ج انب المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬عن فعلهم ا الشخص ي‪ ،‬م ا لم ينفي ا‬
‫عالق ة الس ببية بين الخط أ ال ذي ارتكب اه‪ ،‬والض رر ال ذي لح ق ب الغير‪ ،‬بإقام ة ال دليل على أن‬
‫الخطأ الذي ارتكباه غير منتج‪ ،‬أو كان منتجا ولكنه لم يكن السبب المباشر‪ ،‬أو أن الضرر نتج‬

‫على خالف المس ؤولية الخاص ة المعماري ة ال تي تق وم على األض رار الخط يرة وح دها‪ ،‬وال تطب ق أحكامه ا إال إذا‬ ‫‪168‬‬

‫وقع الضرر في األجزاء الرئيسية أو في األعمال الكبرى للبناء‪ ،‬انظر ص من هذه الرسالة‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫عن سبب أجنبي ال عالقة له بخطئهما‪ ،‬وال يد لهما فيه‪ ،‬كالقوة القاهرة أو الحادث المفاجئ‪،‬‬
‫أو خطأ المضرور أو خطأ الغير‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‬

‫ال ت ترتب المس ؤولية التقص يرية على فع ل الش خص نفس ه فق ط‪ ،‬ب ل ق د ت ترتب على‬
‫أخطاء يقوم بها أشخاص آخرون تابعون له‪ ،‬ويعتبر مسؤوال عنهم‪ ،‬وتتحقق هذه المسؤولية‬
‫متى قامت عالقة التبعية بين المتبوع والتابع‪ ،‬وارتكب التابع في حالة تأدية وظيفته أو بسببها‬
‫أو بمناسبتها خطأ ألحق ضررا بالغير‪ ،‬ومن تم حتى تتحقق المسؤولية‪ ،‬يتعين توافر شرطين‪،‬‬
‫أولهما عالقة التبعية‪ ،‬وثانيهما خطأ التابع في حال تأدية عمله أو بسببه أو بمناسبته‪.169‬‬

‫وال يشترط لقيام عالقة التبعية أن يكون هناك عقد عمل يربط المتبوع بالتابع‪ ،‬بل قد‬
‫تتحق ق ه ذه العالق ة رغم ع دم وج ود أي عق د‪ ،‬كم ا ال يش ترط أن يقبض الت ابع أج را من‬
‫المتبوع‪.‬‬

‫وتتحق ق عالق ة التبعي ة‪ ،‬ول و لم يكن المتب وع ح را في اختي ار تابع ه‪ ،‬م تى ك ان ه ذا‬
‫األخير يعمل لحساب المتبوع‪.170‬‬

‫إذن حتى تقوم مسؤولية المهندس المعماري أو مقاول البناء كمتبوع عن أعمال تابعه‪،‬‬
‫يجب أن تتحقق عالقة التبعية بينهما‪ ،‬وأن يرتكب التابع خطأ يلحق ضررا بالغير‪ ،‬أثناء أداء‬
‫عمله أو بسببه أو بمناسبته‪.‬‬

‫قرار م ع غ م‪ ،‬ملف رقم ‪ ،32817‬الصادر بتاريخ ‪ ،25/05/1983‬منشور بـ م ق‪ ،‬ع ‪ ،2‬س ‪ ،1990‬ص‪،41‬‬ ‫‪169‬‬

‫والذي جاء فيه‪ " :‬من المقرر قانونا أن المتبوع يكون مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع‪،‬‬
‫متى كان واقعا منه بمناسبة تأدية وظيفته أو بسببها‪ ،‬ومن تم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق‬
‫أحكام المادة ‪ 136‬من ق‪.‬م‪.‬‬

‫ولم ا كان قضاة الموضوع قضوا بمسؤولية المتبوع – رب العمل‪ -‬المدنية عن فعل مستخدمه الذي أخذ في غيابه‬
‫السيارة خلسة من المستودع واستعملها ألغراض شخصية ال صلة لها بالوظيفة‪ ،‬فإنهم بقضائهم هذا قد أخطؤوا في‬
‫تطبيق القانون‪.‬‬

‫ومتى كان كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه"‪.‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 136/2‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪170‬‬

‫‪85‬‬
‫وتطبيق ا ل ذلك‪ ،‬إذا لج أ مق اول البن اء إلى عم ال لمس اعدته في تنفي ذ التزام ه التعاق دي‬
‫بموجب عقود عمل ‪ ،‬فان هؤالء يعملون تحت توجيهه ورقابته‪ ،‬فإذا ما ارتكبوا أخطاء أثناء‬
‫تأدية عملهم‪ ،‬كان مقاول البناء مسؤوال عنهم باعتباره متبوعا‪ ،‬فإذا ما تسبب التابع في إلحاق‬
‫ض رر ب الغير وإ ص ابته نتيج ة خط أ من ه عن د اس تعماله آلل ة البن اء مثال‪ ،‬ك ان مق اول البن اء‬
‫مسؤوال عن ذلك ويقع على عاتقه دفع التعويض إلى المضرور‪.‬‬

‫ويكون خطأ مقاول البناء في هذه الحالة مفترضا‪ ،‬افتراضا ال يقبل إثبات العكس‪،171‬‬
‫فالعامل إذا ارتكب خطأ كان المقاول مسؤوال عنه بموجب خطأ آخر يفترض قائم ا في جانبه‪،‬‬
‫فق د يك ون مق اول البن اء ق د قص ر في اختي ار العم ال ال ذين يس اعدونه‪ ،‬أو قص ر في الرقاب ة‬
‫عليهم‪ ،‬أو قصر في توجيههم‪ ،‬ومن تم ال تنتفي مسؤولية مقاول البناء بإقامته الدليل على أنه‬
‫لم يقصر‪.‬‬

‫هذا وإ ذا أصيب أحد عمال مقاول البناء أثناء سير أشغال البناء ‪ ،‬ضرر جسدي ‪ ،‬ج از‬
‫له المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية دون إلزامه‬
‫بإقامة الدليل على خطأ المقاول‪ ،‬ألن عقد العمل الذي يربطه بالمقاول ال يرتب في ذمة هذا‬
‫األخير االلتزام بالسالمة‪ ،‬وأن الخطأ مفترض في جانب المقاول بقوة القانون‪.‬‬

‫كم ا يج وز للعام ل المض رور‪ ،‬الرج وع ب التعويض على مق اول البن اء‪ ،‬على أس اس‬
‫مس ؤولية المتب وع عن أعم ال تابع ه‪ ،‬إذا ك انت اإلص ابة س ببها خط أ زمي ل آخ ر ل ه في نفس‬
‫مكان العمل متى صدر منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها‪.172‬‬

‫ثالثا‪ :‬مسؤولية حارس البناء‬

‫تنص الم ادة ‪ 138‬الفق رة األولى من الق انون الم دني على م ا يلي‪ " :‬ك ل من ت ولى‬
‫حراسة شيء وكانت له قدرة االستعمال والتسيير‪ ،‬والرقابة يعتبر مسؤوال عن الضرر الذي‬
‫يحدثه ذلك الشيء"‪.‬‬

‫يكون الخطأ مفترضا إذا وقع الخطأ في الرقابة أو في التوجيه أو في االختيار أو خطأ فيها كلها جميعا‪.‬‬ ‫‪171‬‬

‫‪ -‬لتفاص يل أك ثر‪ ،‬يراج ع‪ :‬عب د ال رزاق الس نهوري‪ ،‬الوس يط في ش رح الق انون الم دني‪ ،‬مص ادر االل تزام‪ ،‬الج زء ‪،1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.1042‬‬

‫محمد حسين منصور‪ ،‬المسؤولية المعمارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.28‬‬ ‫‪172‬‬

‫‪86‬‬
‫يستخلص من هذه المادة أن المسؤولية التقصيرية عن األشياء‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬تستند إلى‬
‫مب دأ الحراس ة‪ ،‬وال ف رق في أن تك ون ه ذه الحراس ة مادي ة أو قانوني ة‪ ،‬ب ل يكفي أن يك ون‬
‫الشيء الذي ألحق الضرر بالغير‪ ،‬تحت سلطة الحارس الفعلية‪ ،‬سواء من حيث استعماله أو‬
‫إدارته أو توجيهه‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك‪ ،‬يعتبر مقاول البناء حارسا للورشة والمباني أو المنشآت الثابتة التي هي‬
‫في طور االنجاز‪ ،‬وذلك إلى أن يتسلمها صاحب المشروع‪ ،173‬فقبل تسليم المب اني أو المنشآت‬
‫الثابتة‪ ،‬يكون مقاول البناء هو المسؤول الوحيد عن الحوادث الناجمة عن ورشة البناء‪ ،‬على‬
‫أساس أنه هو حارس األشياء الموجودة بهذه األخيرة من آالت ومواد بناء وغيرها‪ ،‬ومن تم‬
‫يعت بر مس ؤوال عن جمي ع األض رار ال تي تلح ق الغ ير‪ ،‬وال تي ق د تق ع أثن اء تنفي ذ أش غال البناء‬
‫وذلك بسبب األشياء الموجودة في الورشة‪.174‬‬

‫ويك ون خط أ مق اول البن اء باعتب اره حارس ا للبن اء خط أ مفترض ا في جانب ه‪ ،‬ال يقب ل‬
‫إثبات العكس‪ ،‬غ ير أنه يمكنه نفي ه ذه المسؤولية‪ ،‬م تى أثبت أن الضرر ال ذي أصاب الغير‬
‫مث ل عم ل المض رور أو عم ل الغ ير أو الحال ة الطارئة والق وة‬ ‫‪175‬‬
‫ح دث بس بب لم يكن يتوقع ه‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫قرار م ع غ م‪ ،‬ملف رقم ‪ ،591169‬الصادر بتاريخ ‪ ،21/10/2010‬منشور في م‪.‬م‪.‬ع‪ ،‬ع ‪ ،1‬س ‪ ،2011‬ص‬ ‫‪173‬‬

‫‪ ،112‬وال ذي قض ي في ه أن ه‪ " :‬طبق ا للم ادة ‪ 549‬من ق‪.‬م‪ ،‬يع د المق اول مش يد البن اء‪ ،‬حارس ا ل ه‪ ،‬باعتب ار الحراس ة‬
‫داخلة في مهامه‪ ،‬في انتظار تسليمه لصاحب المشروع‪.‬‬

‫ال حق للمقاول في المبالغ المصروفة على الحراسة‪ ،‬في غياب اتفاق خاص"‪.‬‬

‫أما المهندس المعماري فال يسأل عن حوادث الورشة‪ ،‬ألنه غير مخول بالسيطرة الفعلية على موقع العمل‪ ،‬وما‬ ‫‪174‬‬

‫يحتوي ه من م واد وآالت‪ ،‬خاص ة إذا ك انت مهمت ه تقتص ر على وض ع التص ميم فق ط‪ ،‬م ا لم يثبت المق اول أن الح ادث‬
‫راجع لخطئه‪ ،‬فإذا تخلف خطأ المهندس المعماري‪ ،‬تقوم مسؤولية مقاول البناء وحده‪.‬‬

‫يراجع بهذا الصدد‪ :‬قرار م ع غ م‪ ،‬ملق رقم ‪ ،94034‬الصادر بتاريخ ‪ ،02/12/1992‬منشور بـ م‪ .‬م‪.‬ع‪ ،‬ع‪،2‬‬ ‫‪175‬‬

‫سنة ‪ ،1995‬ص‪ ،74‬والذي جاء فيه‪ " :‬من المقرر قانونا أن كل من تولى حراسة شيء‪ ،‬اعتبر مسؤوال عما يحدثه‬
‫من ضرر‪ ،‬وال يعفى من المسؤولية‪ ،‬إال الحارس الذي أثبت بأن الضرر حدث بسبب لم يكن يتوقعه"‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫وإ ذا اش ترك ع دة مق اولين في عملي ة التش ييد‪ ،‬في نفس ال وقت‪ ،‬أو في أوق ات متقارب ة‪،‬‬
‫فيعت بر ك ل واح د منهم حارس ا للج زء ال ذي يخص ه من األعم ال‪ ،176‬وبالت الي يك ون مس ؤوال‪،‬‬
‫باعتب اره حارس ا‪ ،‬عن األض رار ال تي تق ع في إط ار األعم ال التابع ة ل ه‪ ،‬فل و س قط حج ر مثال‬
‫أثناء البناء على أحد المارة أو العاملين في الورشة‪ ،‬فإن مقاول البناء يكون مسؤوال باعتباره‬
‫حارس ا للبن اء‪ ،‬ول و س قطت ناف ذة أثن اء تركيبه ا‪ ،‬وأص ابت الغ ير بض رر‪ ،‬ف إن مق اول النج ارة‬
‫يكون مسؤوال‪ ،‬باعتباره هو الحارس للشيء الذي تسبب في الضرر‪.‬‬

‫هذا وإ ذا وقعت هذه األضرار بعد تسليم مقاول البناء العمل لصاحب المشروع‪ ،‬اعتبر‬
‫ه ذا األخ ير ه و المس ؤول في مواجه ة المض رور‪ ،‬باعتب ار أن الحراس ة ق د انتقلت إلي ه‪ ،‬كون ه‬
‫المال ك‪ ،177‬ويس تطيع ه و الرج وع ب دوره على المق اول طبق ا ألحك ام عق د المقاول ة أو أحك ام‬
‫الضمان العشري مثلما سيأتي بيانه‪.‬‬

‫أم ا إذا رج ع الض رر إلى خط أ مش ترك بين أك ثر من مق اول‪ ،‬ك انوا متض امنين في‬
‫ال تزامهم بتع ويض الض رر‪ ،‬وتك ون المس ؤولية فيم ا بينهم بالتس اوي‪ ،‬إال إذا عّين القاض ي‬
‫نصيب كل منهم في التعويض‪ ،178‬إذ يستطيع المضرور أن يختار منهم من يشاء ليرجع عليه‬
‫بالتعويض كامال‪ ،‬ثم يرجع من يدفع التعويض على اآلخرين‪ ،‬كل بقدر نصيبه‪ ،‬بحسب جسامة‬
‫الخطأ أو بالتساوي‪.179‬‬

‫محم د حس ين منص ور‪ ،‬مس ؤولية المهن دس والمق اول أثن اء ف ترة التنفي ذ‪ ،‬محاض رة منش ورة في المجموع ة‬ ‫‪176‬‬

‫المتخصص ة في المس ؤولية القانوني ة للمهن يين‪ ،‬ج ‪ ،2‬المس ؤولية المهني ة للمح امين والمهندس ين‪ ،‬منش ورات الحل بي‬
‫الحقوقية‪ ،‬بيروت‪-‬لبنان‪ ،2004 ،‬ص‪.177‬‬

‫فإذا أحدث تهدم البناء ضررا للغير بعد تسلم صاحب المشروع البناية‪ ،‬كان مسؤوال مسؤولية تقصيرية‪ ،‬وعليه‬ ‫‪177‬‬

‫تعويض الغير عما لحقه من ضرر‪ ،‬ما لم يثبت أن الحادث كان نتيجة سبب أجنبي ال يد له فيه‪.‬‬

‫مثال ذلك أن يقوم مقاول النجارة بتركيب األخشاب في جدار معيب‪ ،‬ال زال في مرحلة البناء‪ ،‬ولم يكتمل جفافه‪،‬‬ ‫‪178‬‬

‫على نحو أدى إلى سقوطه وإ صابة الغير بأضرار‪ ،‬هنا يكون مقاول البناء والنجارة مسؤولين بالتضامن باعتبارهما=‬
‫= مشتركين في حراسة الشيء الذي وقع‪ ،‬فالخطأ مشترك‪ ،‬ويقسم القاضي التعويض بينهما بحسب جسامة خطأ كل‬
‫منهما‪.‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 126‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪179‬‬

‫‪88‬‬
‫نص ت الم ادة ‪ 140‬الفق رة الثاني ة من الق انون الم دني على م ا يلي‪ " :‬ويج وز لمن ك ان‬
‫مهددا بضرر يصيبه من البناء أن يطالب المالك باتخاذ ما يلزم من التدابير الضرورية للوقاية‬
‫من الخط ر‪ ،‬ف إن لم يقم المال ك ب ذلك‪ ،‬ج از الحص ول على إذن من المحكم ة في اتخ اذ ه ذه‬
‫التدابير على حسابه"‪.‬‬

‫يس تفاد من ه ذه الم ادة أن مس ؤولية مال ك البن اء عن األض رار الالحق ة ب الغير‪ ،‬ج راء‬
‫ته دم البن اء‪ ،‬ال تق وم إال إذا ح دث ته دم ج زئي أو كلي به‪ ،‬وك ان س بب ه ذا الته دم راجع ا إلى‬
‫إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه‪ ،‬وعليه حتى تقوم مسؤولية مالك البناء عن‬
‫األضرار الالحقة بالغير‪ ،‬ال ب ّد من توافر شروط ثالثة هي‪ :‬أن يكون المسؤول مالكا للبناء‪،‬‬
‫وأن يلحق البناء تهدم‪ ،‬وأّن التهدم سببه اإلهمال في الصيانة أو قدم البناء أو عيب فيه‪.‬‬

‫وعلى هذا ألقى المشرع مسؤولية األضرار الناجمة عن تهدم البناء على عاتق المال ك‪،‬‬
‫سواء كان شخصا طبيعيا‪ ،‬أو اعتباريا‪ ،‬خاصا أو عاما‪ ،‬وسواء كان هو من يشغله أو غيره‬
‫كالمستأجر‪ ،‬ويستوي في ذلك أن يكون البناء مصدر الضرر موجودا في حراسته أم ال‪.180‬‬

‫كم ا يش ترط أن يك ون الض رر ال ذي أص اب المض رور ناجم ا عن ته دم البن اء ته دما‬


‫فعليا‪ ،‬ال عن مج رد أن يك ون البناء مه ددا بالسقوط أو الته دم‪ ،‬كما ل و سقط قرميد من سقف‬
‫منزل على رأس أحد المارة‪ ،‬فسّبب له الضرر‪ ،‬أما إذا سقط شيء غير متصل بالبناء‪ ،‬كتلك‬
‫األش ياء الموض وعة على حاف ة النواف ذ‪ ،‬على الغ ير‪ ،‬ف إّن المال ك هن ا ال يك ون مس ؤوال عن‬
‫الضرر‪ ،‬ألنه ال يشكل تهدما بمفهوم المادة ‪ 140‬من القانون المدني‪.‬‬

‫ويشترط أيضا لقيام مسؤولية المالك عن تهدم البناء أن يحدث هذا التهدم‪ ،‬سواء كان‬
‫كليا أو جزئيا‪ ،‬بسبب إهمال في الصيانة‪ ،‬أو قدم في البناء‪ ،‬ذلك أنه يمكن أن ينتج القدم نتيجة‬
‫إهم ال المال ك في ص يانة البن اء بص فة دوري ة‪ ،‬ويعت بر الق دم دليال على إخالل ه ذا األخ ير‬
‫بواجب الصيانة الالزمة التي تقتضيها حالة البناء‪ ،‬إذ يتعين عليه تقوية أساسات البناء وتثبيته ا‬
‫في األرض وتقوية األعمدة الحاملة للبناء‪.‬‬

‫كام ل ف ؤاد‪ ،‬المس ؤولية المدني ة عن ته دم البن اء في التش ريع الجزائ ري‪ ،‬م ذكرة لني ل ش هادة الماجس تير في ف رع‬ ‫‪180‬‬

‫العقود والمسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2002-2001 ،‬ص ‪.74‬‬


‫‪89‬‬
‫هذا ويسأل المالك أيضا عن العيب الموجود في البناء‪ ،‬والمتمثل في وجود خلل وقت‬
‫تشييده‪ ،‬حتى وإ ن كان هذا العيب يرجع إلى خطأ مقاول البناء أو المهندس المعماري‪ ،‬فيجوز‬
‫للمض رور في ه ذه الحال ة مطالب ة المال ك ب التعويض عن الض رر ال ذي يص يبه من العيب في‬
‫البن اء طبق ا للم ادة ‪ 140‬الفق رة الثاني ة المن وه عنه ا أعاله‪ ،‬كم ا يج وز للمال ك أن يرج ع على‬
‫المهندس المعماري‪ ،‬ومقاول البناء‪ ،‬بما دفعه للمضرور من تعويض‪ ،‬باعتبارهما المسؤولين‬
‫الحقيقيين عن الضرر‪.‬‬

‫نشير أن مسؤولية مالك البناء تقوم على خطأ مفترض في جانبه‪ ،‬يتمثل في اإلهمال‬
‫في ص يانة البن اء وإ ص الحه‪ ،‬ومن تم يكفي المض رور أن يثبت ب أن الض رر ال ذي أص ابه نجم‬
‫عن تهدم البناء تهدما كليا أو جزئيا‪ ،‬وأّن المسؤول هو مالك البناء الذي تهدم‪ ،‬فإذا ما أثبت‬
‫المضرور ذلك‪ ،‬كان على مالك البناء‪ ،‬حتى يدفع مسؤوليته عن طريق نفي الخطأ‪ ،‬أن يثبت‬
‫أن ته دم البن اء ال يرج ع س ببه إلى إهم ال في الص يانة أو ق دم في البن اء أو عيب في ه‪ ،‬أو أن‬
‫يثبت أن سبب التهدم يرجع إلى سبب أجنبي ال يد له فيه كالقوة القاهرة أو خطأ المضرور أو‬
‫خطأ الغير‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق المسؤولية التقصيرية للمهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫رأينا أن تهدم البناء يعد سببا لقيام مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء العقدية‪،‬‬
‫إذا كان التهدم حاصال أثناء فترة التشييد‪ ،‬أو بعد االنتهاء من األعمال‪ ،‬وقبل تسلمها من رب‬
‫العم ل تس لما نهائي ا وذل ك بس بب خطئهم ا‪ ،‬وأن الته دم الحاص ل في البن اء‪ ،‬بع د التس لم النه ائي‬
‫لألعمال‪ ،‬يعد سببا لقيام المسؤولية العشرية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬إذا ما حدث‬
‫الته دم خالل م دة عش ر س نوات‪ ،‬إال أن ه ق د تق وم المس ؤولية التقص يرية للمهن دس المعم اري‬
‫ومقاول البناء استثناء في الحاالت التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬لجوء صاحب المشروع للمسؤولية التقصيرية‬

‫يجوز لصاحب المشروع أن يطالب المهندس المعماري ومقاول البن اء ب التعويض على‬
‫أس اس المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬وذل ك في حال ة الغش أو الت دليس الص ادر عنهم ا‪ ،‬أو عن‬
‫األض رار ال تي تص يبه في جس ده أو في أموال ه وال تي ال ص لة له ا بعملي ة البن اء‪ ،‬أو في حال ة‬
‫الرجوع بدعوى الحلول محل الغير المضرور‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫وسنتعرض لهذه الحاالت بشيء من التفصيل فيما يلي‪:‬‬

‫حالة الغش أو التدليس‬ ‫‪-01‬‬

‫يج وز لص احب المش روع أن يرج ع على المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ال ذي‬
‫ارتكب غش ا‪ ،‬أو اس تعمل طرق ا احتيالي ة‪ ،‬أو تعم د ع دم تنفي ذ التزامات ه‪ ،‬ب دعوى المس ؤولية‬
‫التقص يرية‪ ،‬ولع ل الغ رض من ذل ك ه و حماي ة رب العم ل ال ذي يك ون في الغ الب غ ير خب ير‬
‫بفن البناء‪ ،‬من خطر ضياع حقه في التعويض‪ ،‬بانقضاء مدة الضمان العشري‪ ،‬وتمكينه من‬
‫االستفادة من مزايا الرجوع وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية‪ ،‬في خالل مدة أطول من مدة‬
‫عش ر س نوات‪ ،‬ال تي ق د تك ون في بعض األحي ان غ ير كافي ة الكتش اف غش المهندس ين‬
‫المعم اريين ومق اولي البن اء‪ ،‬فض ال عن م يزة المطالب ة ب التعويض عن األض رار المتوقع ة‪،‬‬
‫وغير المتوقعة‪.‬‬

‫وتعت بر حال ة الغش أو الت دليس اس تثناء تتق رر بموجب ه أحك ام المس ؤولية التقص يرية‬
‫للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬تجاه صاحب المشروع‪ ،‬على أساس أن الغش يمثل خطأ‬
‫خارجيا عن نطاق العقد‪ ،‬ومن تم يعتبر خطأ تقصيريا يدخل ضمن نطاق تطبيق المادة ‪124‬‬
‫من القانون المدني‪ ،‬أو على أساس أن الخطأ العمدي من شأنه أن يعدل من طبيعة المسؤولية‪،‬‬
‫ويحّو له ا من مس ؤولية عقدي ة إلى مس ؤولية تقص يرية‪ ،‬وذل ك إعم اال بالقاع دة ال تي تق ول أّن ‪:‬‬
‫" الغش يفسد كل شيء"‪ ،‬وحتى ال يستفيد الغشاش من غشه‪.181‬‬

‫ويكفي لتوافر حالة الغش أو التدليس‪ ،‬التي تجيز لرب العمل الرجوع بالتعويض وفقا‬
‫ألحك ام المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬أن يتعم د المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬س وء الص نعة‬
‫وهو يعلم جيدا أن ذلك سيؤدي ال محالة إلى إحداث الخلل بالبناء‪ ،‬عاجال أو آجال‪ ،‬حتى لو لم‬
‫يكن يقصد من ذلك اإلضرار برب العمل‪.‬‬

‫وأن يخفي المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء عي اب في البن اء عم دا أو ب دون عم د‪،‬‬
‫ويحاول إخفاء هذا العيب ليتجنب رجوع صاحب المشروع عليه خالل مدة الض مان العش ري‪،‬‬

‫محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪181‬‬

‫‪.305‬‬
‫‪91‬‬
‫وقد يتخذ اإلخفاء شكل التدليس المادي كاستعمال الطرق االحتيالية‪ ،‬كما قد يتمثل هذا اإلخفاء‬
‫في غش معنوي يقلل من جسامة العيب وخطورته في نظر رب العمل‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬تعمد الخطأ واستعمال طرق احتيالية إلخفاء العيب‪ ،‬من شأنه أن يشدد المس ؤولية‬
‫الملقاة على عاتق المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬سواء فيما يتعلق بمداها أو بمدتها‪ ،‬ومن‬
‫تم فإّن المهندس المعماري ومقاول البناء الذي يكون قد صدر منه غش أو تدليس‪ ،‬ليس له أن‬
‫يتمسك بانقضاء مدة الضمان العشري المنصوص عليها في المادة ‪ 554‬من القانون المدني‪،‬‬
‫لكي يفلت من المسؤولية عما ينشأ عن غشه أو تدليسه من ضرر‪.182‬‬

‫ويالح ظ به ذا الص دد‪ ،‬أن المش رع الجزائ ري – وعلى عكس م ا ذهب إلي ه القض اء‬
‫الفرنس ي‪ -183‬لم يف رق بين الخط أ الجس يم والغش‪ ،184‬وبالنتيج ة يعت بر ك ل من المهن دس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء مس ؤولين مس ؤولية تقص يرية في الح التين تج اه ص احب المش روع‪،‬‬
‫عما يمكن أن يترتب عن غشهما أو خطئهما الجسيم من ضرر خالل المدة الطويلة‪.185‬‬

‫حالة إصابة صاحب المشروع بأضرار جسدية أو مادية‬ ‫‪-02‬‬

‫قد تلحق صاحب المشروع باعتباره مالكا للبناية‪ ،‬أضرار مادية أو جسدية‪ ،‬سواء أثن اء‬
‫ف ترة التنفي ذ‪ ،‬أو بع د تس لمه البناي ة‪ ،‬ويمكن ه في ه ذه الحال ة أن يؤس س طلب التع ويض‪ ،‬من‬

‫ك أن يلج أ إلى اختص ار التك اليف‪ ،‬وذل ك عن طري ق اختص ار ال وقت‪ ،‬بتقليص س مك الجدران أو عم ق األساس ات‬ ‫‪182‬‬

‫مثال واالقتصاد في اليد العاملة عن طريق استخدام عمال ال تتوفر فيهم المهارة الالزمة‪ ،‬أو تقليل كلفة مواد البناء‬
‫بعدم احترام النسب الضرورية‪.‬‬

‫‪ 183‬يمّي ز القض اء الفرنس ي في أحكام ه بين الغش والخط أ الجس يم‪ ،‬فيجع ل من وق ع في الغش يس تفيد من أحك ام‬
‫المسؤولية التقصيرية من أجل التعويض‪ ،‬ويمنع رب العمل في حالة الخطأ الجسيم من الرجوع بالتعويض عن طريق‬
‫قواع د المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬ألن خط أ المعم اري الجس يم يظ ل داخ ل نط اق اإلخالل ببن ود العقد‪ ،‬وال يمكن اعتب اره‬
‫خارج ا عن ه‪ ،‬فيخض ع ألحك ام الض مان الخ اص أو المس ؤولية العقدي ة إذا لم تت وافر ش روط ه ذا الض مان‪ ،‬وعلي ه‪ ،‬إذا‬
‫ارتكب المهندس المعماري أو مقاول البناء خطأ جسيما‪ ،‬وجب على صاحب المشروع الرجوع عليهما بموجب أحك ام‬
‫المسؤولية العقدية‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 172/2‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬وعلى كل حال‪ ،‬يبقى المدين مسؤوال عن غشه‪ ،‬أو خطئه الجسيم"‪.‬‬ ‫‪184‬‬

‫وتبدأ هذه المدة في السريان من اليوم الذي يتحقق فيه الضرر‪ ،‬وليس من يوم التسلم النهائي لألعمال‪.‬‬ ‫‪185‬‬

‫‪-Mazeaud, op.cit, p 132,et voir dans le même sens: Karila (J-P), op. cit, p 319.‬‬
‫‪92‬‬
‫المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬على قواعد المسؤولية التقصيرية‪ ،‬نتيجة األضرار التي‬
‫تلحق ه‪ ،‬وال تي ال تنتج عن اإلخالل بأح د االلتزام ات التعاقدي ة‪ ،‬ال تي تق ع على ع اتق المهن دس‬
‫المعماري أو مقاول البناء‪.186‬‬

‫هذا وإ ن مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء إزاء رب العمل‪ ،‬عما يلحقه من‬
‫أض رار جس دية‪ ،‬بس بب خط أ أح دهما في عملي ة التش ييد‪ ،‬تس تند أساس ا إلى قواع د المس ؤولية‬
‫التقص يرية طالم ا أن عق د المقاول ة ال ذي ي ربطهم‪ ،‬ال ي رتب في ذم ة المش يد االل تزام بض مان‬
‫السالمة الجسدية‪ ،‬ذلك أنه لو قلنا بوجود مثل هذا االلتزام لقامت المسؤولية العقدية للمهندس‬
‫المعماري ومقاول البناء عن األضرار الجسمانية التي تلحق صاحب المشروع ‪.‬‬

‫وإ ذا أصيب المالك بأضرار جسمانية‪ ،‬كأن يسقط من ساللم البناية بسبب اعوجاجها أو‬
‫عدم متانتها‪ ،‬وكان ذلك قبل تسلمه البناية‪ ،‬فانه يجوز له الحصول على التعويض‪ ،‬استنادا إلى‬
‫المسؤولية التقصيرية القائمة على الخطأ المفترض‪ ،‬على أساس أن مقاول البناء أو المهندس‬
‫المعماري هو الحارس للبناء قبل التسليم‪ ،‬أما إذا أصيب بأضرار بعد تسلمه البناية‪ ،‬فإّن الخطأ‬
‫يكون مفترضا في جانبه هو ‪ ،‬ومن تم ال يستطيع الرجوع على المهندس المعماري أو مقاول‬
‫البن اء ب دعوى المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬إال إذا أثبت أن الض رر ال ذي لحق ه‪ ،‬يرج ع إلى خط أ‬
‫المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬وذلك طبقا ألحكام المادة ‪ 124‬من القانون المدني‪.‬‬

‫كم ا تتحق ق المس ؤولية التقص يرية للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬في مواجه ة‬
‫صاحب المشروع‪ ،‬بالنسبة لألضرار التي تلحقه في أمواله الخارجة عن عمليات البناء‪ ،‬كما‬
‫ل و س قط حج ر مثال من أعلى البناي ة على س يارته المتوقف ة بجانبه ا‪ ،‬ف ألحق به ا أض رارا‪ ،‬أو‬
‫على عقارات ه المج اورة إن وج دت‪ ،‬على أس اس أن ص احب المش روع يعت بر بالنس بة له ذه‬
‫األضرار من الغير‪ ،‬فهي ال تلحقه بوصفه رب عمل‪ ،‬وإ نما بوصفه من الغير‪.187‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬فإّن صاحب المشروع ال يستحق التعويض بدعوى المسؤولية التقصيرية‪،‬‬
‫إال عن األضرار التي ال يرجع سببها إلى إخالل المهندس المعماري أو مقاول البناء بإحدى‬
‫التزاماته التعاقدية‪.‬‬

‫ومثال ذلك أن يتلف مقاول البناء األشياء التي سلمها له المالك ليستخدمها في تنفيذ العقد‪.‬‬ ‫‪186‬‬

‫‪187‬‬
‫‪Daniel Veaux, louage d’ouvrage et d’industrie, Juris-classeur, louage d’ouvrage, Fasc.70, 2-1998, n°14.‬‬
‫‪93‬‬
‫حالة رجوع رب العمل بدعوى الحلول‬ ‫‪-03‬‬

‫نتصور هذه الحالة‪ ،‬عندما يصاب الغير األجنبي تماما عن عملية البناء بالضرر‪ ،‬من‬
‫جراء عمل المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬بخصوص عملية التشييد‪ ،‬فيرجع المضرور‬
‫ب التعويض على رب العم ل‪ ،‬باعتب اره مالك ا لألش غال‪ ،‬ع وض أن يرج ع على المهن دس‬
‫المعماري أو مقاول البناء المسؤول‪ ،‬ومثال ذلك أن يتعرض أحد المارة إلصابة في جسمه‪،‬‬
‫أو في مال ه‪ ،‬بس بب س قوط م ادة بن اء علي ه‪ ،‬أو يتع رض الج يران إلى إتالف أج زاء من‬
‫ممتلك اتهم‪ ،‬بس بب اآلالت ال تي تس تخدم في عملي ة البن اء‪ ،‬ف إذا ع وض ص احب المش روع‬
‫المض رور عم ا أص ابه من ض رر‪ ،‬في جس ده أو في مال ه‪ ،‬ج از ل ه أن يرج ع على المس ؤول‬
‫الحقيقي‪ ،‬أي على المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬بمقتضى قواعد المسؤولية التقصيرية‪،‬‬
‫وذلك عن طريق الحلول محل الغير المتضرر‪ ،188‬الذي قد يكون من المارة أو من الجيران‪،‬‬
‫على النحو المبين أدناه‪.‬‬

‫المضرور أحد المارة‬ ‫أ‪-‬‬

‫قد يصاب أحد المارة من جراء عملية البناء‪ ،‬كأن يسقط عليه شيء مما يستخدم في‬
‫التشييد‪ ،‬أو بسبب إحدى آالته أو أدواته‪ ،‬والضرر قد يصيب المار إما في جسمه‪ ،189‬أو في‬
‫مال ه‪ ،190‬فق د يل زم رب العم ل بوص فه مالك ا بمفه وم الم ادة ‪ 140‬الفق رة الثاني ة من الق انون‬
‫الم دني بتع ويض المار عن األضرار الالحقة به بسبب ته دم البناء‪ ،191‬عوضا عن المسؤول‬
‫الحقيقي الذي يكون عادة هو مقاول البناء أو المهندس المعماري الذي ينسب إلى خطئ ه العيب‬
‫األصل في الغير‪ ،‬هو الشخص الذي ال تكون له صلة بعملية البناء‪ ،‬أي يكون أجنبيا عنها‪ ،‬ولكنه يمكن أن يكون‬ ‫‪188‬‬

‫طرفا في هذه العملية‪ ،‬أي على صلة بها وبأطرفها‪ ،‬إال أنه يأخذ حكم الغير بالنسبة لألضرار التي أصابته‪ ،‬ويعوض‬
‫عنها طبقا للمسؤولية التقصيرية‪.‬‬

‫كالمار الذي يصاب بجروح بعد سقوط األجور عليه من أعلى البناية والذي لم يقاض المقاول على أساس الخطأ‬ ‫‪189‬‬

‫وإ نما فضل مقاضاة صاحب المشروع باعتباره مالك البناية‪.‬‬

‫كأن تصاب سيارة المار بضرر جراء سقوط مادة العمل عليها‪.‬‬ ‫‪190‬‬

‫‪94‬‬
‫الموج ود في البن اء‪ ،‬ذل ك أن المض رور يفض ل الرج وع ع ادة ب التعويض‪ ،‬عن األض رار ال تي‬
‫تلحق ه من ج راء ته دم البن اء‪ ،‬على المال ك‪ ،‬على أس اس أن مس ؤولية ه ذا األخ ير مس ؤولية‬
‫مفترضه فيه بقوة القانون‪ ،192‬ال يجوز نفيها إال بإثبات السبب األجنبي‪ ،‬في حين أنه لو رجع‬
‫ب التعويض على المس ؤول الحقيقي‪ ،‬مهندس ا ك ان أو مق اوال‪ ،‬وجب علي ه إثب ات الخط أ في‬
‫جانبهما‪ ،‬على أساس أن مسؤوليتهما قائمة على الخطأ الشخصي‪.‬‬

‫في ه ذه الحال ة‪ ،‬يج وز ل رب العم ل‪ ،‬ال ذي ع وض المض رور‪ ،‬الرج وع على المهن دس‬
‫المعماري أو مقاول البناء بما دفعه‪ ،‬استنادا إلى أحكام المسؤولية التقصيرية بدعوى الحلول‪،‬‬
‫شريطة إثباته الخطأ في جانب مقاول البناء أو المهندس المعماري‪ ،‬والضرر‪ ،‬وعالقة السببية‬
‫بينهما‪.‬‬

‫ال يعتبر تهدما في حكم المادة ‪ 140‬من ق‪.‬م‪ ،‬حالة االنهدام اإلرادي للبناء‪ ،‬كأن يقوم المالك بتهديم البن اء‪ ،‬لتفادي‬ ‫‪191‬‬

‫خطر انهياره‪ ،‬أو لتشييد بناء آخر‪ ،‬أو لسبب ما‪ ،‬وال يعتبر تهدما أيضا سقوط جزء من البناء عقب إطفاء حريق ش ّب‬
‫فيه‪=.‬‬

‫= بلحاج العربي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام في القانون المدني الجزائري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2001 ،‬ص ‪.422‬‬

‫‪-‬علي علي سليمان‪ ،‬دراسات في المسؤولية المدنية في القانون المدني الجزائري‪ ،‬ط‪ ،3‬ديوان المطبوع ات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،1994 ،‬ص ‪.180‬‬

‫تقوم مسؤولية المالك‪ ،‬في هذه الحالة‪ ،‬على أساس خطأ مفترض في جانبه‪ ،‬يتمثل في اإلهمال في صيانة البناء‪،‬‬ ‫‪192‬‬

‫أو تهدم في البناء‪ ،‬أو عيب فيه‪ ،‬ويعتبر هذا االفتراض‪ ،‬بمثابة قرينة بسيطة‪ ،‬يجوز للمالك إثبات عكسها‪ ،‬بأن يثبت‬
‫أن البن اء ليس بحاج ة‪ ،‬ال للص يانة‪ ،‬وال لإلص الح‪ ،‬أو التجدي د‪ ،‬ف إذا عج ز عن إثب ات ذل ك‪ ،‬تحققت مس ؤوليته بق وة‬
‫القانون‪ ،‬ما لم يثبت السبب األجنبي‪.‬‬

‫والمالحظ من نص المادة ‪ 140‬من القانون المدني أعاله‪ ،‬أنه ا تتضمن حكم ا عاما‪ ،‬ال يمّي ز بين م ا إذا كان التهدم‪،‬‬
‫الذي أحدث الضرر بالغير‪ ،‬وقع أثناء عملية التشييد‪ ،‬أو بعد االنتهاء من التشييد‪ ،‬وتسلم األعمال‪ ،‬ومن تّم يك ون مال ك‬
‫البناء مسؤوال‪ ،‬ولو حدث التهدم أثناء عملية التشييد‪ ،‬أو بعد االنتهاء من اإلنجاز وقبل تسلم األشغال‪.‬‬

‫ويالحظ أيضا‪ ،‬أّن القضاء الفرنسي اختلف‪ ،‬بهذا الصدد‪ ،‬عما ذهب إليه المشرع الجزائري‪ ،‬حيث قضى بأن المالك‬
‫ال يعتبر مسؤوال قبل الغير المضرور‪ ،‬عن تهدم البناء‪ ،‬إال بعد إتمام بنائه‪ ،‬ومن تم تكون كل األضرار‪ ،‬التي تلحق‬
‫الغير‪ ،‬قبل إنجاز البناء كامال‪ ،‬وتسيلمه للمالك‪ ،‬مسؤوال على تعويضها المقاول طبقا للقواعد العامة‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫ويؤك د الفق ه به ذا الش أن‪ ،‬أن مس ؤولية مال ك البن اء‪ ،‬تقتص ر على م ا يص يب الغ ير من‬
‫ض رر‪ ،‬أحدث ه ته دم البن اء فق ط‪ ،‬وعلي ه ال ت ترتب مس ؤولية المال ك‪ ،‬بالنس بة لألض رار ال تي‬
‫تصيب الغير‪ ،‬والتي لم تنجم عن تهدم البناء‪ ،‬حتى لو كان الضرر آتيا من البناء‪ ،‬كما لو سقط‬
‫شخص من فتحة موجودة في سطح م نزل‪ ،‬في قيد اإلنشاء‪ ،‬لم تكن محاطة بح واجز وقائية‪،‬‬
‫أو أن تتكسر قدم شخص زلق على ساللم البناء‪.193‬‬

‫ب‪ -‬المضرور أحد الجيران‬

‫ق د تتع دد وتتن وع المض ار ال تي تص يب الج يران‪ ،‬بس بب عملي ات البن اء والتش ييد‪ ،‬إذ‬
‫يمكن أن تمس ه ذه األض رار مص الحهم المادي ة‪ ،‬كته دم من ازلهم أو تش ققها‪ ،‬أو مص الحهم‬
‫األدبي ة‪ ،‬كاإلزع اج ال ذي يس ببه العم ال أثن اء عملي ة البن اء والتش ييد‪ ،‬وتط اير األترب ة‪ ،‬وحجب‬
‫الرؤية‪ ،‬والحرمان من أشعة الضوء وغيرها‪.194‬‬

‫فإذا تضرر الجار من جراء تنفيذ عقد المقاولة‪ ،‬جاز له الرجوع مباشرة على المهندس‬
‫المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬إلص الح األض رار ال تي أص ابته‪ ،‬أو للحص ول على التع ويض‪،‬‬
‫بشرط أن يثبت الخطأ في جانبهما‪ ،‬أو في جانب أحدهما‪ ،‬طبقا للقواعد العامة في المسؤولية‬
‫التقصيرية‪ ،195‬أو أن يرج ع على مق اول البناء‪ ،‬باعتباره حارسا للبناء‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 138‬من‬
‫القانون المدني‪ ،‬إذا لحقه الضرر‪ ،‬أثناء تنفيذ مقاول البناء لعقد المقاولة‪ ،‬وقبل التسليم النهائي‬
‫لألش غال‪ ،‬كم ا يج وز ل ه أيض ا‪ ،‬الرج وع على ص احب المش روع‪ ،‬باعتب اره ج اره‪ ،‬بطلب‬
‫التعويض على أساس نظرية مضار الجوار غير المألوفة‪.‬‬

‫هن ا تتق رر المسؤولية التقصيرية‪ ،‬التي تعطي الحق للمض رور‪ ،‬في الحص ول على التع ويض‪ ،‬من المسؤول طبقا‬ ‫‪193‬‬

‫للقواعد العامة في المادة ‪ 124‬من ق‪.‬م‪.‬‬

‫إذا أصيب الجار بجرح نظرا لسقوط مواد البناء عليه‪ ،‬فال يتابع صاحب المشروع على أساس مض ار الج وار ألن‬ ‫‪194‬‬

‫مث ل ه ذه األض رار ق د تص يب أي ش خص س واء ك ان ج ارا أم ال‪ ،‬ب ل ل ه أن يث ير المس ؤولية التقص يرية للمق اول‪ ،‬أو‬
‫لصاحب المشروع باعتباره مالكا للبناية‪.‬‬

‫‪- P.MALINVEAUD, Responsabilité de droit commun des constructeurs, op.cit, p 1225.‬‬

‫ومث ال ذلك‪ ،‬أن يرجع الجار على المهندس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬ب التعويض عم ا أصاب بن اءه من تصدع‬ ‫‪195‬‬

‫وتشققات‪ ،‬بسبب عمليات الحفر العشوائية‪ ،‬التي لم يراع فيها المعماري أصول الفن الالزمة‪ ،‬التي تمنع وقوع الضرر‬
‫بالمبنى المجاور‪ ،‬على أساس المادة ‪ 124‬من ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫نص المش رع الجزائ ري على نظري ة مض ار الج وار في الم ادة ‪ 691‬من الق انون‬
‫السالف الذكر‪ ،‬والتي جاء نصها كاآلتي‪ " :‬يجب على المالك أال يتعسف في استعمال حقه إلى‬
‫حد يضر بملك الجار‪.‬‬

‫وليس للج ار أن يرج ع على ج اره في مض ار الج وار المألوف ة‪ ،‬غ ير أن ه يج وز ل ه أن يطلب‬
‫إزال ة ه ذه المض ار إذا تج اوزت الح د الم ألوف‪ ،‬وعلى القاض ي أن ي راعي في ذل ك الع رف‪،‬‬
‫وطبيعة العقارات وموقع كل منها بالنسبة إلى اآلخرين‪ ،‬والغرض الذي خصصت له"‪.‬‬

‫يستفاد من هذه المادة أنه لقيام مسؤولية صاحب المشروع‪ ،‬على أساس مضار الجوار‪،‬‬
‫ال ب ّد من وج ود عالقة الج وار بين المتضرر وصاحب المشروع‪ ،‬وأن تك ون األضرار التي‬
‫أص ابت الج ار من المض ار ال تي تتج اوز الح د الم ألوف‪ ،‬وك ل ذل ك مراع اة لم ا ج رى علي ه‬
‫ع رف المنطق ة‪ ،‬وطبيع ة العق ارات‪ ،‬وموق ع ك ل منه ا بالنس بة لآلخ رين‪ ،‬والغ رض ال ذي‬
‫خصص ت ل ه‪ ،‬ومن تم ال يج وز للج ار أن يرج ع على ص احب المش روع بمض ار الج وار‬
‫المألوفة‪ ،‬بل يرجع عليه‪ ،‬في الحالة األخيرة‪ ،‬بدعوى المسؤولية التقصيرية‪.196‬‬

‫وال تستند مسؤولية صاحب المشروع على أساس نظرية الجوار‪ ،‬إلى فكرة الخطأ‪ ،‬بل‬
‫يكفي للجار المتضرر‪ ،‬أن يثبت أن األضرار التي وقعت‪ ،‬تفوق الحد المألوف‪ ،197‬كأن تستمر‬
‫أعمال البناء مثال على نحو مزعج ومقلق للراحة‪ ،‬إلى ساعات متأخرة من الليل‪ ،‬أو أن تتزايد‬
‫األتربة بشكل كبير‪ ،‬يحرم الجيران من العيش بطريقة عادية في مساكنهم‪.198‬‬

‫ويك ون للقاض ي س لطة تقديري ة مطلق ة‪ ،‬في تحدي د المض ار غ ير المألوف ة‪ ،‬دون رقاب ة‬
‫المحكمة العليا عليه‪ ،‬وهو يستعين في ذلك بالعرف‪ ،‬وطبيعة العقارات‪ ،‬وموقعها‪ ،‬والغرض‬
‫الذي خصصت له‪ ،‬فمعيار الضجيج واألتربة مثال يختلف من مكان آلخر‪.‬‬

‫وللقاضي أيضا سلطة تق دير التعويض المناسب‪ ،‬فق د يحكم بالتعويض العيني‪ ،‬كإلزام‬
‫الجار بإزالة المضار‪ ،‬عن طريق الحكم عليه بغلق مطالت مخالفة للقانون مثال‪ ،‬أو االمتناع‬

‫حمادي جازية مجيدة‪ ،‬عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬ ‫‪196‬‬

‫‪ 197‬وذلك استنادا إلى أّن حسن الجوار أصبح من االلتزامات القانونية التي تفرض على حق الملكية‪ ،‬وي رتب الخروج‬
‫على تلك االلتزامات مسؤولية الجار تجاه جاره‪.‬‬

‫‪ 198‬محمد حسين منصور‪ ،‬المسؤولية المعمارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬


‫‪97‬‬
‫عن العم ل أثن اء أوق ات معين ة كاللي ل مثال‪ ،‬وق د يحكم ب التعويض النق دي عن األض رار ال تي‬
‫تحققت‪.‬‬

‫وال يمكن للمال ك ص احب المش روع‪ ،‬أن ينفي عن ه المس ؤولية عن األض رار غ ير‬
‫المألوفة‪ ،‬بادعائه أن تلك المباني أو المنشآت الثابتة‪ ،‬أنجزت بموجب رخصة البناء‪.199‬‬

‫المالح ظ هن ا أّن الفق ه اختل ف ح ول الش خص المس ؤول عن الض رر‪ ،‬في حال ة م ا إذا‬
‫كان سبب الضرر‪ ،‬ال ذي لحق الجار‪ ،‬راجعا إلى ورشة البناء‪ ،‬ال إلى البناية ذاتها‪ ،‬هل هو‬
‫مقاول البناء الذي يراقب الورشة‪ ،‬أم صاحب المشروع باعتباره هو الجار؟‬

‫ذهب البعض إلى الق ول أن ه‪ ،‬إذا نتج الض رر عن البن اء ذات ه‪ ،‬كحجب الن ور أو تش ويه‬
‫المنظر‪ ،‬فإّن المالك هو المسؤول‪ ،‬ويق ع عليه عبء تعويض الجار عن مضار الجوار غير‬
‫المألوف ة‪ ،‬أم ا إذا ك ان س بب الض رر يرج ع إلى الورش ة‪ ،‬ف ان مق اول البن اء ه و من يتحم ل‬
‫المس ؤولية‪ ،‬ويق ع علي ه تع ويض المض رور‪ ،‬وذهب البعض اآلخ ر‪ ،‬إلى اعتب ار مال ك البن اء‬
‫مس ؤوال وح ده عن ك ل ض رر يلح ق الج ار‪ ،‬س واء ك ان س ببه ورش ة البن اء‪ ،‬أو البن اء ذات ه‪،‬‬
‫فالض رر ن اجم عن ق رار المال ك بالبن اء‪ ،‬وأن المق اول لم يقم ب أّي خط أ‪ ،‬فه و في تنفي ذه لعمل ه‬
‫يتقيد بأوامر ورغبة صاحب المشروع فقط‪ ،‬ومن تم ال يجوز لصاحب المشروع‪ ،‬أن يرج ع‬
‫على مق اول البن اء‪ ،‬في ه ذه الحال ة‪ ،‬ب المبلغ ال ذي دفع ه للمض رور‪ ،‬إال إذا أثبت خط أ مق اول‬
‫البناء‪ ،‬بأن يثبت مثال أن هذا األخير خالف أوامره وإ رشاداته‪ ،‬أو خالف التصاميم التي قدمها‬
‫إليـه‪.‬‬

‫محمد حسين منصور‪ ،‬مسؤولية المهندس والمقاول أثناء فترة التنفيذ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.196‬‬ ‫‪199‬‬

‫‪ -‬يراجع في هذا المعنى‪ :‬قرار م ع غ ع‪ ،‬ملف رقم ‪ ،404069‬الصادر بتاريخ ‪ ،13/06/2007‬منشور بـ م‪.‬م‪.‬ع‪،‬‬
‫ع ‪ ،1‬س ‪ ،2008‬ص‪ ،197‬وال ذي ج اء في ه م ا يلي‪ " :‬ين درج تش ييد ج دار (ول و برخص ة بن اء) متس بب في حجب‬
‫النور والهواء عن مسكن‪ ،‬ضمن مضار الجوار غير المألوفة‪.‬‬

‫ولم ا ت بين لقض اة الموض وع اس تنادا لتقري ر الخ برة‪ ،‬أن الج دار ال ذي ش يده الط اعن ق د تس بب في إلح اق ض رر ب الغ‬
‫بجيران ه‪ ،‬إذ أدى إلى حجب الن ور واله واء عن مس كنهم‪ ،‬وجعل ه غ ير الئ ق للسكن‪ ،‬ول و تم ذل ك طبق ا لرخص ة البن اء‬
‫والتصاميم‪ ،‬فانه يعد من مضار الجوار غير المألوفة طبقا لنص المادة ‪ 691/1‬من القانون المدني‪ ،‬علما ب أن رخصة‬
‫البناء تسلم بشرط مراعاة حقوق الغير‪ ،‬ويكون القضاة بقضائهم كما فعلوا قد طبقوا صحيح القانون‪.‬‬

‫وحيث انه تبعا لما تقدم‪ ،‬يتعين التصريح بعدم تأسيس الطعن والقضاء برفضه "‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫وترتيبا على ما سبق‪ ،‬فان صاحب المشروع‪ ،‬الذي عوض الغير المتضرر‪ ،‬من ج راء‬
‫عملية البناء‪ ،‬يسوغ له الرجوع على المهندس المعماري أو مقاول البناء بما دفعه‪ ،‬استنادا إلى‬
‫أحك ام المس ؤولية التقص يرية ب دعوى الحل ول‪ ،200‬ألّن مس ؤولية ه ذين األخ يرين تج اه الغ ير‬
‫مسؤولية تقصيرية‪ ،‬وصاحب المشروع في رجوعه على المهندس المعماري أو مقاول البناء‪،‬‬
‫إنما يستعمل حق المتضرر في هذا الرجوع‪ ،‬ويحل محله في إقامة الدعوى التقصيرية‪.‬‬

‫والمالحظ أن رب العمل يرجع على المسؤول بما دفعه للمضرور‪ ،‬حاّال محله‪ ،‬حتى‬
‫ولو كان رجوعه‪ ،‬بعد انقضاء المدة القانونية على استالم العمل موضوع عقد المقاولة‪ ،‬أي‬
‫بع د انقضاء م دة الضمان الخاص‪ ،‬وال تي ق درها المشرع الجزائري بعشر سنوات في المادة‬
‫‪ 554‬من الق انون الم دني‪ ،‬ومن تّم ال يج وز للمهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬رفض دف ع‬
‫التعويض‪ ،‬بدعوى أنه جاء بعد انقضاء مدة الضمان‪ ،‬ألن صاحب المشروع هنا‪ ،‬يلعب دور‬
‫المتضرر‪ ،‬ويحل محله‪ ،‬إذ لو ادعى هذا األخير مباشرة‪ ،‬أمام المهندس المعماري أو مقاول‬
‫البناء‪ ،‬لما أمكن لهما التذرع بانقضاء مدة الضمان الخاص‪ ،‬ألن مسؤوليتهما تجاهه‪ ،‬تقص يرية‬
‫ال تنقضي بمضي عشر سنوات من تاريخ التسلم‪.‬‬

‫بالنتيج ة‪ ،‬يجب على ص احب المش روع أن يرف ع دع وى التع ويض على المهن دس‬
‫المعماري ومقاول البناء‪ ،‬بنفس الشكل الذي كان على الغير المتضرر أن يسلكه‪ ،‬في حالة ما‬
‫إذا ه و رج ع مباش رة عليهم ا ب التعويض‪ ،‬بمع نى أن يتب ع القواع د العام ة ال تي تقتض يها أحك ام‬
‫المسؤولية التقصيرية‪ ،‬من إثبات الخطأ في جانب المسؤول‪ ،‬والضرر الالحق بالغير‪ ،201‬فال‬
‫يس تفيد إذن من قرين ة المس ؤولية الخاص ة‪ ،‬المق ررة في الم ادة ‪ 554‬من نفس الق انون الس الف‬
‫الذكر‪.‬‬

‫هذا ويقتصر حق رب العمل‪ ،‬الذي يرفع دعوى الحلول‪ ،‬في المطالبة باسترداد المبالغ‬
‫ال تي دفعه ا للمض رور‪ ،‬على س بيل التع ويض فق ط‪ ،‬ومن تّم ال يج وز ل ه المطالب ة ب أكثر مم ا‬

‫يجب لتطبيق قواعد المسؤولية التقصيرية على دعوى رب العمل‪ ،‬أن يرتكب المهندس أو المقاول خطأ تقصيريا‪،‬‬ ‫‪200‬‬

‫يتم يز عن خطئ ه العق دي‪ ،‬في ع دم التزام ه ببن ود عق د المقاول ة‪ ،‬وذل ك تطبيق ا لمب دأ ع دم ج واز الجم ع أو الخ يرة بين‬
‫المسؤوليتين العقدية والتقصيرية‪.‬‬
‫‪201‬‬
‫‪PERINET-MARQUET Hugues, La responsabilité des constructeurs, op.cit, p18.‬‬
‫‪99‬‬
‫دفع‪ ،‬أو المطالبة بإصالح العيوب التي اكتشفها في البناء‪ ،‬ألنه ال صفة لغير المضرور الذي‬
‫حّل رب العمل محله‪ ،‬في مطالبة المهندس المعماري أو مقاول البناء بهذه الطلبات‪.‬‬

‫والمالحظ بهذا الصدد‪ ،‬أّن حلول صاحب المشروع‪ ،‬محل المتضرر‪ ،‬في االدع اء على‬
‫المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬اس تنادا إلى المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬ي ؤدي إلى إع ادة‬
‫الت وازن ال ذي اخت ل‪ ،‬بس ب خط أ المس ؤول ال ذي ألح ق الض رر ب الغير‪ ،‬وأدى إلى تحمي ل‬
‫ص احب المش روع التع ويض عن خط أ لم يرتكب ه‪ ،‬كم ا أن ه يحق ق العدال ة‪ ،‬بفس ح المج ال أم ام‬
‫الغ ير المتض رر بالحص ول على التع ويض عن الض رر الالح ق ب ه‪ ،‬من ط رف ص احب‬
‫المشروع‪ ،‬أو من المهندس المعماري‪ ،‬أو من مقاول البناء‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مسؤولية المقاول الفرعي تجاه رب العمل‬

‫ق د يت دخل في عملي ة التش ييد والبن اء أش خاص كث يرون‪ ،‬ال ي ربطهم م ع ص احب‬
‫المشروع عقد مقاولة‪ ،‬كالمقاولين الفرعيين‪ ،202‬الذين يساهمون عادة في عملية التشييد‪ ،‬بدور‬
‫أو بآخر‪ ،‬بناء على طلب المقاول األصلي‪ ،‬فيرتبطون معه بعقود مقاولة من الباطن‪.‬‬

‫وعق د المقاول ة الفرعي ة‪ ،‬ال يرب ط المق اول الف رعي إال بالمق اول األص لي‪ ،‬فال ينش ئ‬
‫عالقة بينه وبين صاحب المشروع‪ ،‬الذي يعتبر أجنبيا عن العقد‪ ،‬وبذلك يختلف أطراف عقد‬
‫المقاولة الفرعية عن أطراف عقد المقاولة األصلية‪.‬‬

‫هذا وال يرتب عقد المقاولة الفرعية التزامات متقابلة بين صاحب المشروع والمقاول‬
‫الفرعي‪ ،‬ألنه ال يربطهما عقد‪ ،‬إذ العالقة بينهما غير مباشرة يتوسطها المقاول األصلي‪.‬‬

‫لم يعرف المشرع الجزائري المقاول الفرعي بنص خاص‪ ،‬لكن من خالل مهمته التي يقوم بها‪ ،‬يمكننا أن نعرفه‬ ‫‪202‬‬

‫بأنه‪ " :‬ذلك الشخص الذي يعهد إليه عادة المقاول األصلي بتنفيذ كل العمل الذي يرد عليه عقد المقاولة األصلي أو‬
‫جزء منه‪.‬‬

‫على أن ه يش ترط ح تى يعه د المق اول األص لي تنفي ذ العم ل كل ه أو ج زء من ه إلى مق اول ف رعي‪ ،‬أال يوج د في عق د‬
‫المقاول ة األص لي‪ ،‬ال ذي يرب ط ص احب المش روع بالمق اول األص لي‪ ،‬ش رط يمنع ه من ذل ك‪ ،‬أو لم تكن طبيع ة العم ل‬
‫تفترض االعتماد على كفاءاته الشخصية طبقا للمادة ‪ 564/1‬من ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫فالمق اول الف رعي ش خص أجن بي عن عق د المقاول ة األص لي‪ ،‬يعت بر إذن من الغ ير‪،‬‬
‫وتك ون مس ؤوليته تج اه رب العم ل مس ؤولية تقص يرية‪ ،‬لع دم ارتباطهم ا بأي عق د مهم ا ك انت‬
‫طبيعته‪.203‬‬

‫وإ ّن مسألة تعدد المتدخلين في عملية البناء‪ ،‬تثير مشكلة حقيقية‪ ،‬عندما يصاب الغير‬
‫بضرر من جراء عمل هؤالء‪ ،‬فمن يكون المسؤول عن التعويض في هذه الحالة؟‬

‫القاع دة العام ة أن المق اول الف رعي يك ون مس ؤوال قب ل الغ ير المض رور وص احب‬
‫المشروع‪ ،‬مسؤولية تقصيرية النعدام رابطة عقدية بينهما‪ ،‬فإذا ارتكب المقاول الفرعي‪ ،‬أثناء‬
‫تنفيذه لعقد المقاولة من الباطن خطأ يستوجب التعويض‪ ،‬كان هو المسؤول الوحيد تجاه الغير‬
‫المضرور‪ ،‬أو صاحب المشروع عما لحقهما من أضرار‪ ،‬وج از له ذا األخ ير الرج وع عليه‬
‫بدعوى المسؤولية التقصيرية‪.‬‬

‫ه ذا ويس أل المق اول األص لي تج اه رب العم ل‪ ،‬عن فع ل أو خط أ المق اول الف رعي‬
‫فقط‪ ،204‬دون تابعي هذا األخير‪ ،205‬على أساس دعوى المسؤولية العقدية‪ ،‬إذ ال يمكن اعتبار‬
‫مس ؤوليته تطبيق ا خاص ا للقواع د العام ة في مس ؤولية المتب وع عن فع ل تابع ه‪ ،‬ألن المق اول‬
‫الف رعي ال يعت بر تابع ا للمق اول األص لي‪ ،‬كون ه يتمت ع باس تقالل ت ام عن ه ذا األخ ير في تنفي ذ‬
‫عمله‪ ،‬وال يعتبر تابعا لهذا األخير‪.‬‬

‫‪ 203‬ال يمكن الحديث عن المسؤولية العقدية للمقاول الفرعي في عالقته برب العمل‪ ،‬لعدم وجود أّي عقد بينهما‪ ،‬وألنه‬
‫يعتبر غيرا في عالقته برب العمل‪.‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 564/2‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪204‬‬

‫ق رار م ع غ م‪ ،‬مل ف رقم ‪ ،30940/30952‬الص ادر بت اريخ ‪ ،16/03/1983‬منش ور بـ م ق‪ ،‬ع ‪ ،1‬س‪،1990‬‬ ‫‪205‬‬

‫ص‪ ،15‬والذي جاء فيه‪ " :‬من المتفق عليه فقها وقضاء أنه إذا كان المقاول من الباطن قد قاول هو أيضا بدوره من‬
‫الباطن‪ ،‬فان المقاول الثاني له الحق في رفع الدعوى مباشرة على المقاول األصلي باعتباره رب العمل للمقاول من‬
‫الب اطن األول‪ ،‬غ ير أن ه ال يج وز ل ه أن يرف ع تل ك ال دعوى مباش رة على رب العم ل‪ ،‬ومن تم ف ان قض اة االس تئناف‬
‫بقضائهم بخالف ذلك يعد خطأ في تطبيق أحكام المادة ‪ 565‬من القانون المدني‪=.‬‬

‫= ومتى كان ذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه"‪.‬‬

‫‪ -‬لتفاصيل أكثر‪ ،‬يراجع كامل فؤاد‪ ،‬المسؤولية المدنية عن تهدم البناء في القانون الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪ 63‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫وعلي ه ال يك ون المق اول األص لي مس ؤوال عن أخط اء المق اول الف رعي مس ؤولية‬
‫تقصيرية‪ ،‬ألن العقد الذي يربط المقاول األصلي بالمقاول الفرعي‪ ،‬ال يمنح المقاول األصلي‬
‫سلطة اإلشراف والتوجيه والرقابة على المقاول الفرعي‪ ،‬الذي يظل يتمتع بكامل االستقاللية‬
‫في تنفيذ العمل الموكل إليه من طرف المقاول األصلي‪.‬‬

‫خالصة ما سبق‪ ،‬أن مسؤولية المقاول الفرعي تجاه رب العمل ال تقوم إال على أساس‬
‫المسؤولية التقصيرية‪ ،‬طالما ال يربطهما عقد من أي طبيعة كانت‪ ،‬وأن المقاول األصلي غير‬
‫مسؤول عن أخطاء المقاول الفرعي‪ ،‬سواء في مواجهة رب العمل أو تجاه الغير‪ ،‬ذلك أنه ال‬
‫يعتبر متبوعا‪ ،‬ما دام المقاول الفرعي يتمتع باستقاللية تامة في تنفيذ العمل الموكل إليه من‬
‫طرف المقاول األصلي‪.‬‬

‫ثالثـا‪ :‬لجـوء المهنـدس المعمــاري ومقـاول البنـاء للمســؤولية التقصـيرية في مواجهـة‬


‫بعضهما البعض‬

‫فض ال عن األض رار ال تي ق د تص يب الغ ير األجن بي عن عملي ة البن اء‪ ،‬ق د يتض رر‬
‫المش يد ب دوره من ه ذه العملي ة‪ ،‬إم ا مباش رة‪ ،‬ب أن يلحق ه الض رر في جس مه أو في أموال ه‪ ،‬أو‬
‫بطريقة غير مباشرة‪ ،‬عندما يرجع مشيدو البناء اآلخرون‪ ،‬على بعضهم البعض‪ ،‬إثر حصول‬
‫الضرر لصاحب المشروع‪.‬‬

‫فيج وز لمش يدي البن اء‪ ،‬المتض ررين من عملي ة البن اء والتش ييد‪ ،‬رف ع دع وى قض ائية‬
‫على المشيد المسؤول مرتكب الخطأ‪ ،‬ومطالبته بالتعويض عن الضرر الذي ألحقه بهم‪ ،‬وذلك‬
‫على أساس المسؤولية التقصيرية‪.‬‬

‫ونتصور هذه الحالة‪ ،‬عندما يلجأ صاحب المشروع‪ ،‬للتعاقد مع عدة مق اولين‪ ،‬من أج ل‬
‫إنج از العم ل‪ ،‬في برم م ع ك ل واح د منهم عق د مقاول ة‪ ،‬مختل ف الموض وع‪ ،‬والس عر‪ ،‬واآلج ال‪،‬‬
‫لحس اب ص احب‬ ‫ومن تّم نك ون بص دد ع دة مق اولين‪ ،‬يعمل ون في ورش ة عم ل واح دة‪،‬‬
‫‪206‬‬

‫مش روع واح د‪ ،‬وعلي ه إذا أص يب أح د ه ؤالء المق اولين‪ ،‬أثن اء عمل ه في الورش ة‪ ،‬بض رر‬
‫جس ماني أو م ادي‪ ،‬نتيج ة خط أ ارتكبه مق اول آخ ر‪ ،‬ج از ل ه الرج وع على المق اول المسؤول‬
‫ب التعويض‪ ،‬وفقـا ألحك ام المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬إمـا على أس اس المس ؤولية عـن الخط أ‬

‫ليسوا مرتبطين بعقد وال يلتزم أّي منهم بشيء تجاه المقاول اآلخر‪ ،‬فيعتبرون بمثابة الغير لبعضهم البعض‪.‬‬ ‫‪206‬‬

‫‪102‬‬
‫الشخص ي‪ ،207‬وإ مـا على أس اس مس ؤولية ح ارس األش ياء‪ ،208‬وإ مـا على أس اس مس ؤولية‬
‫المتبوع عن أفعال تابعه‪.209‬‬

‫ومن قبيل ذلك‪ ،‬أن يتعرض المهندس المعم اري‪ ،‬أثناء تفق ده لموق ع العم ل‪ ،‬بناء على‬
‫واجب اإلشراف الذي تمليه عليه مهنته‪ ،‬إلصابة جسدية‪ ،‬كأن ينهار جزء من البناء‪ ،‬أو تسقط‬
‫بعض أدوات العم ل علي ه‪ ،‬فتس ّبب ل ه كس را‪ ،‬في ه ذه الحال ة‪ ،‬يج وز للمهن دس المعم اري‬
‫الرجوع بالتعويض‪ ،‬بموجب أحكام المسؤولية التقصيرية‪ ،‬على مقاول البناء‪ ،‬الذي سبب له‬
‫هذه األضرار‪.‬‬

‫أم ا إذا أص يب ص احب المش روع بض رر‪ ،‬من ج راء تنفي ذ عق د المقاول ة‪ ،‬بس بب خط أ‬
‫المهن دس المعم اري مثال‪ ،‬ورج ع على مق اول البن اء ب التعويض على أس اس قواع د المس ؤولية‬
‫العشرية‪ ،‬فوّفى له كامل التعويض باعتباره مسؤوال بالتضامن مع المهندس المعماري مرتكب‬
‫الخط أ‪ ،210‬ج از للمق اول الم وفي الرج وع على المهن دس المعم اري بم ا دفع ه‪ ،‬على أس اس‬
‫المسؤولية التقصيرية‪ ،‬وذلك بأن يثبت الخطأ الشخصي في جانب المهندس المعماري‪.‬‬

‫على أنه إذا كان الخطأ مصدر الضرر مشتركا بين المهندس المعماري ومقاول البناء‪،‬‬
‫جاز لمن دفع التعويض كامال لصاحب المشروع‪ ،‬أن يرجع على الطرف اآلخر بقدر حصته‬
‫في التع ويض‪ ،‬طبق ا للقواع د العام ة في المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬أو يقس م التع ويض بينهم ا‬
‫بالتساوي‪ ،‬ما لم يحدد القاضي نصيب كل منهما في االلتزام بالتعويض‪.211‬‬

‫وذلك طبقا للمادة ‪ 124‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪207‬‬

‫وذلك طبقا للمادة ‪ 138‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪208‬‬

‫وذلك طبقا للمادة ‪ 136‬من نفس القانون المذكور‪.‬‬ ‫‪209‬‬

‫‪ 210‬خّص المشرع الجزائري مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬بأحكام خاصة‪ ،‬سنتولى شرحها بالتفصيل‬
‫في الباب الثاني من هذه الرسالة‪ ،‬بموجبها يحق لرب العمل‪ ،‬الرجوع على أّي منهما ‪ -‬سواء المهندس المعماري =‬
‫= أو مقاول البناء‪ -‬للمطالبة بدفع التعويض بكامله‪ ،‬باعتبارهما مسؤولين بالتضامن‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 554‬من ق‪.‬م‪ ،‬عن‬
‫كل ما قد يصيب البناء من تهدم‪ ،‬أو تعيب‪ ،‬يهدد متانته وسالمته‪ ،‬خالل عشر السنوات التالية لتسليمه‪.‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 126‬من ق‪.‬م على م ا يلي‪ " :‬إذا تع دد المس ؤولون عن فع ل ض ار‪ ،‬ك انوا متض امنين في ال تزامهم‬ ‫‪211‬‬

‫بتع ويض الض رر‪ ،‬وتك ون المس ؤولية فيم ا بينهم بالتس اوي‪ ،‬إال إذا عين القاض ي نص يب ك ل منهم في االل تزام‬
‫بالتعويض"‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬جزاء المسؤولية التقصيرية‬

‫ي ترتب على قي ام المس ؤولية التقص يرية للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء تع ويض‬
‫المضرور عما لحقة من أضرار‪ ،‬والتعويض إما أن يقوم في صورته العادية المألوفة‪ ،‬وإ ما‬
‫أن تط رأ علي ه أوص اف ومالبس ات تخرج ه إلى ص ورة معدل ة‪ ،‬وس نعرض كال من ه اتين‬
‫الصورتين في الفرعين التاليين‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التعويض عن المسؤولية التقصيرية‬

‫تنص الم ادة ‪ 132‬من الق انون الم دني على م ا يلي‪ " :‬يعين القاض ي طريق ة التع ويض‬
‫تبعا للظروف‪ ،‬ويصح أن يكون التعويض مقسطا‪ ،‬كما يصح أن يكون إيرادا مرتبا‪ ،‬ويجوز‬
‫في هاتين الحالتين إلزام المدين بأن يقدر تأمينا‪.‬‬

‫ويقدر التعويض بالنق د‪ ،‬على أنه يجوز للقاضي‪ ،‬تبعا للظروف وبناء على طلب المضرور‪،‬‬
‫أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه‪ ،‬أو أن يحكم وذلك على سبيل التعويض‪ ،‬بأداء بعض‬
‫اإلعانات تتصل بالفعل غير المشروع "‪.‬‬

‫يس تفاد من ه ذه الم ادة أن األص ل في التع ويض أن يك ون تعويض ا نق ديا‪ ،‬والتع ويض‬
‫بمعن اه الواس ع إم ا أن يك ون تعويض ا عيني ا‪ ،‬وه ذا ه و التنفي ذ العي ني‪ ،‬وإ م ا أن يك ون تعويض ا‬
‫بمقابل‪.‬‬

‫فالتنفيذ العيني يتمثل في الوفاء بااللتزام عينا‪ ،‬أي إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل‬
‫التعاق د‪ ،‬ويق ع ه ذا التع ويض غالب ا في االلتزام ات العقدي ة‪ ،212‬ويق ل حدوث ه في المس ؤولية‬
‫التقص يرية‪ ،‬فالم دين في المس ؤولية التقص يرية يخ ل ب التزام قانوني يكمن في اإلضرار بالغير‬
‫دون ح ق‪ ،‬فيعت بر الش خص مخال به ذا االل تزام مثال إذا م ا ه و ب نى ج دارا في ملك ه ليحجب‬
‫على جاره الضوء تعسفا منه‪ ،‬ففي هذه الحالة‪ ،‬يكون المالك مسؤوال مسؤولية تقصيرية نحو‬
‫الجار بتعويض ما أحدثه من ضرر‪ ،‬ويمكن أن يكون التعويض عينيا وذلك بالزام المالك بهدم‬

‫فالمق اول ال ذي يل تزم ببن اء م نزل مثال‪ ،‬إذا امتن ع عن تنفي ذ التزام ه‪ ،‬أمكن أن يج بر على ذل ك‪ ،‬ب أن يب ني ص احب‬ ‫‪212‬‬

‫المش روع الم نزل على حس ابه‪ ،‬أم ا إذا ك ان بن اء الم نزل يقتض ي ت دخل المق اول شخص يا‪ ،‬فيمكن التنفي ذ العي ني عن‬
‫طريق غرامة تهديدية‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫الج دار موض وع ال نزاع‪ ،‬وق د يك ون ذل ك تحت غرام ة تهديدي ة ح ال تعنت المحك وم علي ه في‬
‫التنفيذ‪.213‬‬

‫وال يج بر القاض ي على الحكم بالتنفي ذ العي ني‪ ،‬ولكن يجب علي ه أن يقض ي ب ه إذا ك ان‬
‫ممكنا‪ ،‬وطلبه الدائن‪ ،‬أو تقدم به المدين‪.‬‬

‫أما إذا كان التنفي ذ العي ني غ ير ممكن‪ ،‬ف ان التع ويض يك ون نق دا‪ ،‬وهذا هو التع ويض‬
‫الذي يغلب الحكم به في دعاوى المسؤولية التقصيرية‪.‬‬

‫واألصل أن يكون التعويض النقدي مبلغا من النقود‪ ،‬يعطى للمضرور دفعة واحدة‪ ،‬أو‬
‫على أقس اط‪ ،214‬أو ب إيراد م رتب م دى الحي اة تبع ا للظ روف‪ ،215‬ويع وض المض رور في‬
‫المس ؤولية التقص يرية عن الض رر المباش ر‪ ،‬س واء ك ان الض رر ال ذي أص ابه مادي ا أو أدبي ا‪،‬‬
‫متوقعا أو غير متوقع‪ ،‬حاال أو مستقبال‪.216‬‬

‫انظر المادة ‪ 132/2‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪213‬‬

‫التعويض المقسط يدفع على أقساط‪ ،‬تحدد مددها ويعين عددها ويتم استيفاء التعويض بدفع آخر قسط منها‪ ،‬ويحكم‬ ‫‪214‬‬

‫القاض ي بتع ويض مقس ط مثال إذا ك ان الم دعي ق د أص ب بم ا يعج زه عن العم ل م دة معين ة من ال زمن‪ ،‬فيقض ى ل ه‬
‫بتعويض مقسط حتى يشفى من إصابته‪.‬‬

‫اإليراد المرتب مدى الحياة‪ ،‬يدفع هو أيضا على أقساط تحدد مددها‪ ،‬لكن ال يعرف عددها‪ ،‬ألن اإليراد يدفع ما‬ ‫‪215‬‬

‫دام صاحبه حّي ا‪ ،‬وال ينقطع إال بموته‪ ،‬ويحكم القاضي به إذا كان العجز عن العمل كليا أو جزئيا‪ ،‬عجزا دائما‪.‬‬

‫المضرور يعوض عن الضرر المباشر متى اختار دعوى المسؤولية التقصيرية للمطالبة بالتعويض‪ ،‬سواء كان‬ ‫‪216‬‬

‫الض رر ال ذي أص ابه مادي ا أو أدبي ا‪ ،‬وس واء ك ان متوقع ا أو غ ير متوق ع‪ ،‬وس اء ك ان ح اال أو مس تقبال م ا دام محق ق‬
‫الوقوع‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫أم ا عن تق دير التع ويض‪ ،‬فالقاض ي ه و ال ذي يق دره‪ ،217‬مراعي ا في ذل ك الظ روف‬
‫المالبس ة‪ ،‬وال تي يقص د به ا تل ك الظ روف ال تي تالبس المض رور‪ ،‬ال الظ روف ال تي تالبس‬
‫يدخل‬ ‫‪218‬‬
‫المسؤول‪ ،‬فالظروف الشخصية التي تحيط بالمضرور‪ ،‬وما قد أفاده بسبب التعويض‬
‫في حس اب القاض ي عن د تق ديره التع ويض‪ ،‬ألن التع ويض يق اس بمق دار الض رر ال ذي أص اب‬
‫المض رور بال ذات‪ ،‬فيق در على أس اس ذاتي ال على أس اس موض وعي‪ ،219‬أم ا م ا يحي ط‬
‫المس ؤول من ظ روف شخص ية‪ ،220‬وجس امة الخط أ ال ذي ارتكب ه‪ ،‬فال ي دخل في حس اب‬
‫التعويض‪ ،‬ألن التعويض يدفع بقدر جسامة الضرر‪ ،‬ال بجسامة الخطأ‪.‬‬

‫وعلي ه ف ان التع ويض يجب أن يك ون مس اويا للض رر المباش ر ال ذي لح ق المض رور‪،‬‬


‫فإن لم يتمكن القاضي من تقدير التعويض بصفة نهائية وقت النطق بالحكم‪ ،‬جاز له أن يحتف ظ‬
‫للمضرور بحقه في المطالبة خالل مدة معينة بالنظر من جديد في التقدير‪.‬‬

‫الفــرع الثــاني‪ :‬االتفــاق على تعــديل أحكــام المســؤولية الخاصــة للمهنــدس المعمــاري‬
‫ومقاول البناء‬

‫قرار م ع غ م‪ ،‬ملف رقم ‪ ،58012‬الصادر بتاريخ ‪ ،08/02/1989‬منشور بـ م ق‪ ،‬ع ‪ ،2‬س ‪ ،1992‬ص ‪،14‬‬ ‫‪217‬‬

‫وال ذي ج اء في ه‪ " :‬من المق رر قانون ا أن تحدي د المس ؤولية المدني ة عن ض ررها وتق دير جس امة ذل ك الض رر يخض ع‬
‫للسلطة التقديرية لقضاء الموضوع‪ ،‬ومن تم فان النعي على القرار المطعون فيه بمخالفة القانون غير جديد‪.‬‬

‫ولما كان الثابت – في قضية الحال‪ -‬أن قضاة الموضوع اعتموا في قضائهم على المادتين ‪ 124‬و ‪ 127‬ق‪.‬م‪ ،‬بما‬
‫لهم من سلطة تقديرية في تحديد المسؤولية المدنية وتقدير التعويض يعدون طبقوا صحيح القانون‪.‬‬

‫ومتى كان ذلك استوجب رفض الطعن"‪.‬‬

‫ومثال ذلك أن يهدم شخص جدارا آيال للسقوط مملوكا آلخر‪ ،‬فيعوضه عنه ببناء جدار آخر سليم ومتين‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫‪218‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ :‬العقد‪ ،‬العمل‬
‫غير المشروع‪ ،‬اإلثراء بال سبب‪ ،‬القانون‪ ،‬ج ‪ ،1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.972‬‬

‫ويكون محال لالعتبار‪ ،‬حالة المضرور الجسمية والصحية‪ ،‬وحالته العائلية وحالته المالية‪.‬‬ ‫‪219‬‬

‫فإذا كان المسؤول غنيا لم يكن هذا سببا في دفع تعويض أكثر‪ ،‬أو كان فقيرا لم يكن هذا سببا في دفع تعويض‬ ‫‪220‬‬

‫أقل‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫عندما تتحقق المسؤولية التقصيرية‪ ،‬يكون االتفاق على تعديل أحكامها‪ ،‬إما إعفاء‪ ،‬أو‬
‫تخفيفا‪ ،‬أو تشديدا‪ ،‬جائزا قانونا‪ ،‬ويكون غالبا بمثابة صلح‪ ،‬والصلح جائز فيما هو من النظام‬
‫العام‪.‬‬

‫ف إذا ارتكب الش خص خط أ س بب ض ررا آلخ ر‪ ،‬فللمض رور أن يعفي المس ؤول من‬
‫التعويض‪ ،‬ويكون بذلك قد نزل عن حقه‪.‬‬

‫ويصح أيضا أن يتفق المضرور مع المسؤول على أن يتقاضى منه تعويضا أقل مما‬
‫يس تحق‪ ،‬فيعفي ه من التع ويض عن بعض الض رر‪ ،‬ويص ح أن يعفى المس ؤول المض رور‬
‫تعويضا أكثر مما يستحقه‪ ،‬فيكون متبرعا بما زاد‪.‬‬

‫ه ذا وإ ذا ك ان يج وز االتف اق على تع ديل أحك ام المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬بع د تحق ق‬
‫الض رر‪ ،‬ف ان اإلش كال ال ذي يثار ه و‪ :‬ه ل يج وز لألط راف االتف اق مس بقا على تع ديل أحك ام‬
‫المسؤولية التقصيرية قبل تحققها؟‬

‫الواق ع أن األط راف في المس ؤولية التقص يرية ال يع رف أح دهم اآلخ ر‪ ،‬إال بع د تحق ق‬
‫الض رر‪ ،‬ومن تم ال يتص ور االتف اق بينهم ا إال بع د ح دوث الض رر وتحق ق ه ذه المس ؤولية‪،‬‬
‫وه ذا ه و األم ر الغ الب في المس ؤولية التقص يرية ‪ ،‬لكن يج وز في ح االت قليل ة أن يع رف‬
‫الش خص من يحتم ل أن يض ر ب ه من الن اس بعم ل غ ير مش روع‪ ،‬ومث ال ذل ك الج يران‪ ،‬إذ‬
‫يحتمل كل جار أن يكون مسؤوال ومضرورا بالنسبة إلى جاره‪ ،‬فيتصور اتفاق الجيران على‬
‫تعديل أحكام المسؤولية التقصيرية عند تحققها‪.221‬‬

‫واالتف اق على تع ديل أحك ام المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬إم ا أن يك ون اتفاق ا باإلعف اء من‬
‫المسؤولية‪ ،‬أو يكون اتفاقا بالتخفيف منها‪ ،‬أو يكون اتفاقا على التشديد فيها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االتفاق على اإلعفاء من المسؤولية التقصيرية أو التخفيف منها‬

‫قد يتفق المسؤول والمضرور على اإلعفاء من المسؤولية‪ ،‬أو التخفيف منها‪ ،‬وذلك إما‬
‫بإنق اص م دى التع ويض‪ ،‬فال يع وض إال على بعض األض رار دون البعض اآلخ ر‪ ،‬وإ م ا‬

‫عب د ال رزاق الس نهوري‪ ،‬الوس يط في ش رح الق انون الم دني‪ ،‬نظري ة االل تزام بوجه ع ام‪ ،‬مص ادر االل تزام‪ :‬العقد‪،‬‬ ‫‪221‬‬

‫العمل غير المشروع‪ ،‬اإلثراء بال سبب‪ ،‬القانون‪ ،‬ج ‪ ،1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.978‬‬
‫‪107‬‬
‫بتحديد مبل غ معين كشرط ج زائي يكون هو مبل غ التع ويض مهما بل غ الضرر‪ ،‬وإ ما بتقصير‬
‫المدة التي ترفع فيها دعوى المسؤولية التقصيرية‪.‬‬

‫ولق د نص المش رع الجزائ ري على اعتب ار االتف اق باإلعف اء من المس ؤولية التقص يرية‬
‫ب اطال‪ ،222‬ويعت بر أيض ا ب اطال ك ل ش رط ي رمي إلى التخفي ف من المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬ألن‬
‫أحكام هذه المسؤولية من النظام العام‪ ،‬والقانون هو الذي يقررها‪ ،‬فهي تختلف عن المسؤولية‬
‫العقدية التي يكون مصدرها العقد‪ ،‬وإ رادة األطراف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االتفاق على التشديد في المسؤولية التقصيرية‬

‫إذا كان االتفاق على اإلعفاء أو التخفيف من أحكام المسؤولية التقصيرية مخالفا للنظ ام‬
‫العام‪ ،‬فإن االتفاق على التشديد من هذه األحكام ال يخالف النظام العام ويكون مشروعا‪ ،‬ومن‬
‫تم يج وز لألط راف االتف اق على التش ديد في المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬ومث ال ذل ك أن يتف ق‬
‫األط راف على أن يك ون الخط أ مفترض ا في ج انب المس ؤول‪ ،‬في الح االت ال تي ال ينص‬
‫القانون فيها على افتراض المسؤولية في جانبه‪.‬‬

‫الباب الثاني‪:‬‬

‫المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫علـى ضـوء القواعـد الخاصـة‬

‫‪ 222‬انظر المادة ‪ 178/3‬من ق‪.‬م‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫باإلض افة إلى القواع د العام ة ال تي تخض ع له ا مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول‬
‫البن اء في مج ال الهندس ة المعماري ة‪ ،‬ف إّن المش رع الجزائ ري أخض ع ه ذه المس ؤولية لقواع د‬
‫أخرى خاصة‪ ،‬شأنها في ذلك شأن غيرها من سائر المهن األخرى‪.‬‬

‫ولقد ظهرت هذه األحكام الخاصة في شكل ضمان خاص‪ ،‬ش ّد د بموجبه المشرع من‬
‫مس ؤولية مهندس ي ومق اولي البن اء عّم ا تقض ي ب ه القواع د العام ة‪ ،‬فجع ل ه ذين األخ يرين‪،‬‬
‫مس ؤولين مس ؤولية تض امنية‪ ،‬عن ك ل ته دم كلي أو ج زئي للمب اني‪ ،‬أو المنش آت الثابت ة ال تي‬
‫ش ّيداها‪ ،‬وعن ك ل عيب يه ّد د متان ة البن اء وس المته‪ ،‬إذا وق ع ه ذا الته دم أو العيب خالل م دة‬
‫عشر سنوات من وقت تسلم األعمال مقبولة من رب العمل‪.‬‬

‫وتع ّد قواع د المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬قواع د اس تثنائية‪،‬‬
‫فهي تتمتع بمقّو مات ذاتية‪ ،‬تمّيزها عن القواعد العامة‪ ،‬حرص المشرع من خاللها على حماية‬
‫رب العم ل بوج ه خ اص‪ ،‬والمنتفعين باألبني ة والمنش آت الثابت ة بوج ه ع ام‪ ،‬من المخ اطر‬
‫المترتبة عن اإلهمال المهني للمهندس المعماري أو مقاول البناء‪.‬‬

‫ولبي ان األحك ام الخاص ة ال تي تتمت ع به ا مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪،‬‬
‫ارتأينا تقسيم هذا الباب إلى فصلين‪ ،‬نتناول في الفصل األول شروط تحقق المسؤولية الخاصة‬
‫للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬ونتع رض في الفص ل الث اني إلى أحك ام ه ذه المس ؤولية‬
‫الخاصة‪.‬‬

‫الفصل األول‪:‬‬

‫شروط تحقق المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‬


‫يرتبط الضمان العشري‪ ،‬الذي يقع على عاتق المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬بعقد‬
‫المقاولة‪ ،‬الذي يكون محله تشييد المباني أو المنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬ويتمثل في ضمان ما قد‬

‫‪109‬‬
‫يص يب تل ك المب اني والمنش آت الثابت ة من عي وب أو ته ّد م‪ ،‬خالل م دة عش ر س نوات من ي وم‬
‫تسليمها‪ ،‬وهذا ما سنعالجه في مبحثين‪.‬‬

‫المبحث األول‪:‬‬

‫الشروط الموضوعية والشروط الشكلية‬

‫يتعّين إلعم ال أحك ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬توافـر‬
‫مجموع ة من الش روط‪ ،‬منه ا م ا تعت بر موض وعية‪ ،‬ومنه ا م ا تعت بر ش كلية‪ ،‬وس نتعرض له ذه‬
‫الشروط بشيء من التفصيل في المطلبين التاليين‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الشـروط الموضوعيـة‬

‫حتى تتحقق مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء الخاصة‪ ،‬يجب أن يكون هناك‬
‫عقد مقاولة مباني أو منشآت ثابتة أخرى مبرم مع رب العمل‪ ،‬وأن يتحقق ته ّد م أو عيب بهذه‬
‫األعمال المشّيدة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬ضرورة وجود عقد مقاولة مباني أو منشآت ثابتة أخرى مع رب العمل‬

‫يشترط لقيام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء وجود عقد مقاولة‬
‫صحيح‪ ،223‬وأن تنصّب المقاولة على إقامة مباني أو منشآت ثابتة أخرى‪ ،‬وأن يكون هذا العقد‬
‫مع رب العمل الذي تتم البناءات أو المنشآت الثابتة لحسابه‪ ،‬وهو ما سنعرضه فيما يلي‪.‬‬

‫‪ 223‬أي ال بّد من توافر أركانه وشروط صحته‪ ،‬ولّم ا كان عقد مقاولة البناء عقدا ملزما لجانبين‪ ،‬فانه يجب أن تتوفر‬
‫في ه األرك ان والش روط نفس ها ال تي تتطلب في جمي ع العق ود الملزم ة لج انبين‪ ،‬والمتمثل ة طبق ا للقواع د العام ة في‪:‬‬
‫التراض ي‪ ،‬والمح ل‪ ،‬والس بب‪ ،‬وأن تك ون اإلرادة ص ادرة عن ش خص ذي أهلي ة‪ ،‬وأال تك ون معيب ة بعيب من عي وب‬
‫اإلرادة المتمثل ة في الغل ط والت دليس واإلك راه والغبن‪ ،‬ف إذا تخل ف ركن أو ش رط من ه ذه الش روط ك ان عق د المقاول ة‬
‫باطال‪ ،‬ومن تم لم يكن باإلمكان تطبيق أحكام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف عقد المقاولة وبيان خصائصه‬
‫‪224‬‬
‫تعريف عقد المقاولة‬ ‫‪-01‬‬

‫عّر فت المادة ‪ 549‬من القانون المدني الجزائري عقد المقاولة بأّن ه‪ " :‬ذلك العقد الذي‬
‫يتعه د بمقتض اه أح د المتعاق دين أن يص نع ش يئا‪ ،‬أو أن ي ؤدي عمال‪ ،‬مقاب ل أج ر يتعه د ب ه‬
‫المتعاقد اآلخر"‪.‬‬

‫ولقد تعّد دت تعريفات الفقه لعقد المقاولة‪ ،‬فعّر فه الدكتور عبد الرازق حسين يس بأنه‪:‬‬
‫"عقد يتعهد بمقتضاه طرف فيه بصنع شيء‪ ،‬أو أداء عمل لحساب الطرف اآلخر‪ ،‬لقاء أجر‪،‬‬
‫ومستقال عن إدارته وإ شرافه"‪.225‬‬

‫وعّر ف ه ال دكتور محم د ل بيب ش نب بأن ه‪" :‬عق د يقص د ب ه أن يق وم ش خص بعم ل معين‬
‫لحساب شخص آخر في مقابل أجر‪ ،‬دون أن يخضع إلشرافه أو إدارته"‪.226‬‬

‫وعّر ف ه م ازو وجيجالر بأن ه‪" :‬ذل ك العق د ال ذي عن طريق ه يتعه د ش خص يق ال ل ه‬


‫المقاول أو مؤجر العمل في مواجهة شخص آخر‪ ،‬يقال له رب العمل أو العميل‪ ،‬بأن ينفذ له‬
‫عمال مقابل أجر‪ ،‬مستقال عنه‪ ،‬ودون أن تكون له صفة تمثيله"‪.227‬‬

‫‪ -‬لتفاصيل أكثر حول تكوين عقد المقاولة‪ ،‬يراجع‪ :‬حمادي جازية مجيدة‪ ،‬عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري‪،‬‬
‫المرج ع الس ابق‪ ،‬ص‪ ،34‬ويراج ع أيض ا‪ :‬إب راهيم س يد أحم د‪ ،‬مس ؤولية المهن دس والمق اول عن عي وب البن اء فقه ا‬
‫وقضاء‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص‪.87‬‬

‫‪ 224‬المالحظ أّن هن اك فرقا بين "عقد المقاولة" و"المقاولة"‪ ،‬فعقد المقاولة هو عقد وارد على عمل مادي‪ ،‬هذا العمل‬
‫ينفذه المقاول بكل حرية واستقاللية‪ ،‬أما المقاولة فلها مدلول اقتصادي‪ ،‬ويراد بها كل تنظيم يكون الغرض منه تزويد‬
‫اإلنت اج أو التب ادل أو الت داول بالس لع أو الخ دمات‪ ،‬فالمقاول ة هي الوح دة االقتص ادية والقانوني ة ال تي تجتم ع فيه ا‬
‫العناص ر البش رية والمادي ة للنش اط االقتص ادي‪ .‬لتفاص يل أك ثر‪ ،‬يراج ع‪ :‬ول د رابح ص افية‪ ،‬المرك ز الق انوني للمقاول ة‬
‫الخاصة في القانون الجزائري‪ ،‬رسالة لنيل شهادة دكتوراه دولة في القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪-‬‬
‫تيزي وزو‪ ،2007 ،‬ص‪ 12‬الى‪.18‬‬

‫عبد الرازق حسين يس‪ ،‬المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.84‬‬ ‫‪225‬‬

‫محمد لبيب شنب‪ ،‬شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪226‬‬

‫أشار إلى هذا التعريف‪ ،‬عبد الرازق حسين يس‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬ ‫‪227‬‬

‫‪111‬‬
‫ب النظر إلى ه ذه التعريف ات‪ ،‬يتض ح لن ا أنه ا تجم ع على اعتب ار المقاول ة عق دا‪ ،‬يتعه د‬
‫بمقتضاه المقاول‪ ،‬بصنع ش يء‪ ،‬أو أداء عم ل‪ ،‬لحساب رب العم ل لقاء أج ر‪ ،‬على أن يستقل‬
‫المقاول عن رب العمل في تنفيذه لعقد المقاولة‪ ،‬دون خضوع منه ألية أوامر أو تعليمات من‬
‫جانب هذا األخير‪.‬‬

‫والمقاول ة باعتباره ا عق دا فإنه ا كغيره ا من العق ود يجب أن تت وفر فيه ا نفس األرك ان‬
‫والش روط ال تي يجب أن تت وفر في أّي عق د مل زم للج انبين‪ ،‬ومن تّم ال ب ّد من وج ود تراض ي‬
‫الطرفين على أن يصدر هذا الرتاضي من ذوي األهلية وأآل تكون ارادتهم معيبة‪ ،‬و ال بد‬

‫والمالحظ على التعريف الذي ساقه المشرع الجزائري لعقد المقاولة‪ ،‬أنه غير جامع‬
‫لكل خصائص هذا العقد‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى الخلط بينه وبين عقد العمل ‪ ،228‬فالعامل في‬
‫عقد العمل يؤدي بدوره عمال لقاء أجر يتعهد به المتعاقد اآلخر‪.‬‬

‫‪ -02‬خصائص عقد المقاولة‬

‫يتمّيز عقد المقاولة بمجموعة من الخصائص‪ ،‬تمّيزه عن باقي العقود األخرى‪ ،‬ن ذكرها‬
‫تباعا‪.‬‬

‫أ‪ -‬المقاولة عقد رضائي‬

‫‪“ Le contrat d’entreprise est le contrat par lequel une personne, l’entrepreneur ou locateur, s’engage envers‬‬
‫‪une autre, le maitre ou client à exécuter contre rémunération un travail indépendant et sans le représenter ”.‬‬

‫‪ 228‬إّن الق انون ال واجب التط بيق على عالق ة العم ل ه و بص فة عام ة تش ريع العم ل‪ ،‬ال س يما الق انون رقم ‪90/11‬‬
‫الم ؤرخ في ‪ 21/04/1990‬المتعل ق بعالق ات العم ل المع دل والمتمم‪ ،‬منش ور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،17‬س‪ ،27‬وال ذي‬
‫يتضمن قواعد قانونية تهدف إلى حماية العامل باعتباره الطرف الضعيف في عالقة العمل‪ ،‬خاصة ما تعلق بتحديد‬
‫ساعات العمل‪ ،‬واإلجازات‪ ،‬وتقدير األجر وضماناته‪ ،‬وكل حوادث العمل‪ ،‬والفصل التعسفي من العمل‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫ال يش ترط لقي ام عق د المقاول ة‪ ،‬أن يف رغ في ش كل معين‪ ،229‬فالكتاب ة في ه ليس ت ركن ا‬
‫النعقاده‪ ،‬وإ نما تعتبر فقط شرطا إلثباته‪ ،‬ومن تّم ال تشترط الرسمية في عقد المقاولة‪ ،‬المبرم‬
‫بين رب العمل من جهة‪ ،‬والمهندس المعماري أو مقاول البناء من جهة أخرى‪.‬‬

‫ب‪ -‬المقاولة عقد تبادلي‬

‫مفاده أنه عقد ملزم للجانبين‪ ،‬يترتب عليه بمجرد انعقاده‪ ،‬التزامات متبادلة تقع على‬
‫ع اتق طرفي ه‪ ،‬فيتعه د المق اول بموجب ه أن يص نع ش يئا‪ ،‬أو أن ي ؤدي عمال‪ ،‬لق اء أج ر معل وم‪،‬‬
‫يلتزم به صاحب المشروع‪.‬‬

‫ج‪ -‬المقاولة عقد معاوضة‬

‫مؤداه أنه عقد‪ ،‬يعطي فيه أحد عاقديه‪ ،‬عوضا لما أعطى العاقد اآلخر‪ ،‬فالمقاول وهو‬
‫يق وم بص نع الش يء‪ ،‬أو أداء العم ل‪ ،‬ال يق وم ب ه على س بيل الت برع‪ ،‬وإ نم ا مقاب ل أج ر معل وم‪،‬‬
‫يتعه د ب ه رب العم ل‪ ،‬ورب العم ل بالمقاب ل ال ي دفع األج ر‪ ،‬إال لق اء م ا تلق اه من المق اول من‬
‫عمل‪.‬‬

‫د‪ -‬المقاولة عقد وارد على عمل مادي‬

‫يرد عقد المقاولة غالبا على عمل مادي‪ ،‬يتمثل في صنع الشيء‪ ،‬أو أداء العمل‪ ،‬لكن‬
‫ه ذا ال يمن ع من أداء المهن دس المعم اري أو المق اول أحيان ا أعم اال ذهني ة الزم ة ألداء عمل ه‪،‬‬
‫كإجراء الحسابات التي تقتضيها عملية التنفيذ‪ ،‬كما ال يمنع من تضمن العقد تصرفا قانونيا‪،‬‬
‫كنق ل ملكية الم واد أو األش ياء ال تي يورده ا مق اول البن اء‪ ،‬والالزم ة لتنفي ذ العم ل لص الح رب‬
‫العمل‪.‬‬

‫هـ‪ -‬المقاولة عقد مستقل‬

‫قرار م ع غ م‪ ،‬ملف رقم ‪ ،894157‬الصادر بتاريخ ‪ ،19/09/2013‬منشور في م‪.‬م‪.‬ع‪ ،‬ع ‪ ،2‬س‪ ،2013‬ص‬ ‫‪229‬‬

‫‪ ،159‬والذي جاء فيه‪ " :‬ال يشترط القانون إفراغ عقد المقاولة في شكل رسمي معين‪.‬‬

‫يخضع عقد المقاولة للقواعد العامة لإلثبات"‪.‬‬


‫‪113‬‬
‫يستقّل المقاول في تنفيذه لعقد المقاولة من أّي سيطرة‪ ،‬أو إشراف‪ ،‬أو إدارة من جانب‬
‫رب العمل‪ ،‬فهو يؤدي عمله دون أّي تدخل من هذا األخير‪ ،‬سواء تعلق األمر بكيفية التنفيذ‪،‬‬
‫أو باختيار الوسائل‪ ،‬أو األدوات الالزمة لهذا التنفيذ‪.‬‬
‫‪230‬‬
‫والمالح ظ أّن ه ذه الخاص ية هـي التـي تمّيـز عقـد المقاول ة عن عقـدي العم ل‬
‫والوكالة‪.231‬‬

‫ثانيا‪ :‬موضوع عقد المقاولة‬

‫عقد العمل وعقد المقاولة من العقود الواردة على العمل‪ ،‬إال أنهما يختلفان من حيث‪:‬‬ ‫‪230‬‬

‫‪ -‬أّن المقاول في عقد المقاولة ينفذ التزاماته التعاقدية بكل حرية‪ ،‬دون خضوع وتبعية لصاحب المشروع‪ ،‬إذ ليس‬
‫لهذا األخير‪ ،‬أية سلطة في توجيه األوامر ومراقبة المقاول المكلف بورشة األعمال‪ ،‬فهو يعمل باستقاللية تامة تجاه‬
‫صاحب المشروع‪ ،‬أما في عقد العمل فيخضع العامل لتبعية رب العمل‪،‬‬

‫‪ -‬أّن المقاول مسؤول عن كل أخطائه تجاه صاحب المشروع‪ ،‬بخالف العامل الذي ال يتحمل قبل رب العمل‪ ،‬إال ما‬
‫ارتكبه من أخطاء جسيمة‪،‬‬

‫‪ -‬أّن صاحب المشروع غير مسؤول عن األضرار التي قد تصيب الغير‪ ،‬بسبب خطأ المقاول حالة تأديته اللتزامات ه‪،‬‬
‫أما رب العمل فمسؤول عن أفعال تابعيه‪ ،‬مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 136‬من ق‪.‬م‪ ،‬متى ألحق‬
‫العامل بعمله غير المشروع‪ ،‬ضررا بالغير‪ ،‬أثناء تأدية وظيفته أو بسببها أو بمناسبتها‪،‬‬

‫‪ 231‬عّر ف المشرع الجزائري الوكالة في المادة ‪ 571‬من ق‪.‬م بأنها‪ " :‬عقد بمقتضاه يفوض شخص شخصا آخر للقي ام‬
‫بعمل شيء لحساب الموكل وباسمه"‪ ،‬ومن خالل هذا التعريف يتضح لن ا جلي ا أن الوكالة تصرف ق انوني‪ ،‬فالوكيل‬
‫يقوم بأعمال قانونية لمصلحة موكله‪ ،‬وهو ما يميزه عن عقد المقاولة الذي يرد عمل المقاول في ه‪ ،‬على أعم ال مادية‪.‬‬
‫هذا ويتميز عقد المقاولة عن عقد الوكالة بمجموعة من الخصائص‪ ،‬نذكر أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬أّن المقاولة مأجورة دائما‪ ،‬أما الوكالة فتبرعية‪ ،‬ال أجر فيها‪ ،‬ما لم يتفق الطرفان على أن تكون مأجورة ( المادة‬
‫‪ 581‬من ق‪.‬م)‪=،‬‬

‫= أّن المقاول يعمل بشكل مستقل عن صاحب المشروع‪ ،‬وال يكون هذا األخير مسؤوال عنه مسؤولية المتبوع عن‬
‫أعم ال تابع ه‪ ،‬أم ا الوكي ل فيق وم بالعم ل تحت إش راف الموك ل‪ ،‬ويك ون مس ؤوال عم ا أص اب الوكي ل من ض رر‪ ،‬دون‬
‫خطأ منه‪ ،‬بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذا معتادا ( المادة ‪ 583‬من ق‪.‬م)‪،‬‬

‫‪ -‬أّن آثار األعمال التي يقوم بها المقاول تنصرف إليه فقط‪ ،‬أما الوكيل فينوب عن موكله‪ ،‬وتنصرف آثار تصرفاته‬
‫مباشرة إلى موكله‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫نص ت الفق رة األولى من الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني على م ا يلي‪ " :‬يض من‬
‫المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خالل عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي‬
‫فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى‪ ،"...‬األمر الذي يستفاد منه أن المشرع‬
‫الجزائري قصد عقدا معينا من عقود المقاوالت‪ ،232‬وهو العقد الذي يكون موضوعه منصبا‬
‫على تشييد بناء‪ ،‬أو إقامة منشآت ثابتة أخرى‪.‬‬

‫وب ذلك يك ون المش رع ق د اس توجب ش رطا آخ ر لتط بيق أحك ام المس ؤولية الخاص ة‬
‫للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬يتعل ق بموض وع عق د المقاول ة ذات ه‪ ،‬والمتمث ل في تش ييد‬
‫مب اني أو إقام ة منش آت ثابت ة أخ رى‪ ،‬أم ا إذا لم يكن موض وعه ك ذلك‪ ،‬ب أن ك ان من األعم ال‬
‫المعمارية األخرى‪ ،‬غير أعمال التشييد‪ ،‬كأعمال الهدم‪ ،‬أو أعمال الصيانة الثانوية‪ ،‬أو أعمال‬
‫الزخرف ة‪ ،‬وغيره ا‪ ،‬فال يص ح أن تك ون أساس ا لتط بيق أحك ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬وإ نم ا يخض ع العق د في ه ذه الحال ة للقواع د العام ة في المس ؤولية‬
‫العقدية‪.233‬‬

‫ه ذا ولّم ا ك انت الدراس ة الموض وعية له ذا الش رط‪ ،‬ت دخل في تق ديرنا‪ ،‬في النط اق‬
‫الموضوعي للمسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬فإننا نحيل بشأنها إلى ما‬
‫سيتم عرضه بالتفصيل في هذه الرسالة‪ ،234‬وذلك حتى ال نقع في التكرار‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬وجوب إبرام عقد مقاولة مع رب العمل‬

‫نصت الفقرة الثالثة من المادة ‪ 554‬من القانون المدني على ما يلي‪ " :‬وال تسري هذه‬
‫الم ادة على م ا ق د يك ون للمق اول من ح ق الرج وع على المق اولين الفرع يين"‪ ،‬األم ر ال ذي‬
‫يستخلص منه أنه لقيام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬يجب أن يكون‬
‫الطرف الثاني في عقد المقاولة هو رب العمل‪ ،‬الذي يتم العمل لحسابه فعال‪.‬‬

‫عقود المقاوالت كثيرة ومتنوعة‪ ،‬تختلف بحسب الموضوع الذي ترد عليه‪ ،‬فهناك مقاولة التوريد‪ ،‬ومقاولة النقل‪،‬‬ ‫‪232‬‬

‫ومقاولة التعليم‪ ،‬إلى غير ذلك من الموضوعات المختلفة التي يمكن أن تكون محال لعقد المقاولة‪.‬‬

‫محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪233‬‬

‫‪.94‬‬

‫وما بعدها من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ص‬ ‫‪234‬‬

‫‪115‬‬
‫وعليه يجب لمساءلة المهندس المعماري ومقاول البناء بأحكام المسؤولية الخاصة‪ ،‬أن‬
‫بعق د مقاولة‪ ،‬فإذا كان من يق وم بالعمل‪ ،‬ينج زه تحت إشراف‬ ‫‪235‬‬
‫يكونا مرتبطين برب العمل‬
‫ورقابة رب العمل بناء على عقد عمل مثال‪ ،‬فانه يعتبر عامال‪ ،‬ال مهندسا أو مقاوال‪ ،‬وبالتالي‬
‫ال يكون مسؤوال طبقا للمادة ‪ 554‬من القانون المدني‪.‬‬

‫وال يكون المقاول من الباطن مسؤوال مسؤولية خاصة تجاه رب العمل حتى ولو كلف‬
‫بانجاز كل األعمال أو جزء منها‪ ،‬ألنه ال توجد رابطة عقدية بينهما‪.236‬‬

‫كما أنه ال يكون مسؤوال بالضمان الخاص‪ ،‬في مواجهة المقاول األصلي‪ ،‬الذي يعتبر‬
‫بمثاب ة رب عم ل بالنس بة ل ه‪ ،‬على ال رغم من وج ود عق د مقاول ة بينهم ا‪ ،‬مراع اة لحماي ة رب‬
‫العمل نفسه الذي يكون‪ -‬في الغالب‪ -‬غير ملم بفن البناء والمعمار‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تحقق تهدم أو عيب بالمباني والمنشآت الثابتة‬

‫ال يكفي لقيام مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء الخاصة‪ ،‬أن يكون هناك عقد‬
‫مقاولة مباني أو منشآت ثابتة أخرى‪ ،‬مبرم بينهما ورب العمل‪ ،‬بل ال ب ّد من أن يحدث تهدم‬
‫كلي أو جزئي فيما شّيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى‪ ،‬أو أن توجد فيها عيوب‬
‫ته دد متانته ا وس المتها‪ ،‬وذل ك خالل عش ر س نوات‪ ،‬من ت اريخ التس لم النه ائي لألعم ال‪ ،‬طبق ا‬
‫لمقتض يات الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني‪ ،‬وال تي ج رى نص ها ك اآلتي‪ " :‬يض من المهن دس‬
‫المعم اري والمق اول متض امنين م ا يح دث خالل عش ر س نوات من ته دم كلي أو ج زئي فيم ا‬
‫شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى ولو كان التهدم ناشئا عن عيب في األرض‪.‬‬
‫ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب‬
‫يترتب عليها تهديد متانة البناء وسالمته‪.‬‬

‫وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل نهائيا"‪.‬‬

‫فإذا توفي رب العمل‪ ،‬كان لورثته من بعده‪ ،‬الحق في التمسك بالضمان الخاص‪ ،‬في مواجهة المعماري المتعاقد‬ ‫‪235‬‬

‫م ع م ورثهم‪ ،‬كم ا ينتق ل ه ذا الح ق إلى المتص رف إلي ه كالمش تري والموه وب ل ه‪ ،‬دون اش تراط النص على ذل ك‬
‫صراحة في عقد المقاولة‪.‬‬

‫محمد لبيب شنب‪ ،‬شرح أحكام عقد المقاولة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.159‬‬ ‫‪236‬‬

‫‪116‬‬
‫هذا ولّم ا كانت الدراسة الموضوعية والتحليلية لشرط حدوث التهدم أو ظهور العيب‪،‬‬
‫على حد تعبير القانون الجزائري‪ ،‬لقيام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪،‬‬
‫‪ -‬في نظرن ا‪ -‬ألص ق بدراس ة نط اق تط بيق ه ذه المس ؤولية‪ ،‬ل ذلك فإنن ا نحي ل بش أنها إلى مـا‬
‫س يتم تحليل ه بالتفص يل في المطلب الث اني من المبحث الث اني من ه ذه الرس الة‪ ،‬والمخص ص‬
‫لدراسة النطاق الموضوعي لتطبيق أحكام المسؤولية الخاصة‪ ،237‬حتى ال نقع في التكرار‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الشـروط الشكليـة‬

‫خلص نا عن د ح ديثنا عن الش روط الموض وعية‪ ،‬إلى أنـه إلعم ال أحك ام المسؤوليـة‬
‫الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬يجب أن تك ون هن اك عملي ة بن اء‪ ،‬وأن تك ون‬
‫األعم ال المش يدة من قبي ل المب اني أو المنش آت الثابت ة‪ ،‬وأن يح دث ته دم كلي أو ج زئي له ذه‬
‫األعمال‪ ،‬أو يشوبها عيب على درجة مهمة من الخطورة‪ ،‬سواء كان مصدر العيب يرجع إلى‬
‫عيب في عملي ة التش ييد ذاته ا‪ ،‬أو إلى أّي عيب في األرض‪ ،‬وأن يك ون ه ذا العيب خفي ا عن د‬
‫تسلم األعمال‪.‬‬

‫باإلض افة إلى ه ذه الش روط الموض وعية‪ ،‬يجب لقي ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬أن يق ع الته دم أو يظه ر العيب خالل م دة عش ر س نوات‪ ،‬تب دأ من‬
‫تاريخ تسلم األعمال‪ ،‬وهو الشرط الشكلي الذي استلزمه المشرع لقيام هذه المسؤولية‪ ،‬والذي‬
‫سنتعرض إليه بشيء من التفصيل فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬ماهية تسلم العمل‬

‫يعتبر تسلم العمل شرطا أساسيا لقيام المسؤولية العشرية للمهندس المعماري ومقاول‬
‫البناء‪ ،‬وهذا ما سارت عليه أغلب التشريعات‪ ،238‬فالتسلم هو الوقت الذي يبدأ فيه حساب مدة‬
‫الض مان العش ري‪ ،‬وبالت الي قي ام المس ؤولية العش رية‪ ،‬لك ل من المهن دس المعم اري ومق اول‬
‫البناء‪ ،‬عن كل تهدم كلي أو جزئي‪ ،‬يلحق بالمباني أو المنشآت الثابتة األخرى التي ش ّيداها‪،‬‬

‫وما بعدها من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ص‬ ‫‪237‬‬

‫ومن قبي ل ذل ك التش ريع الجزائ ري (في الم ادة ‪ 554‬من ق‪.‬م)‪ ،‬والتش ريع المص ري (الم ادة ‪ 651‬ق‪.‬م) والتش ريع‬ ‫‪238‬‬

‫الفرنسي (المواد ‪ 2270 ،1792/3 ،1646/1‬ق‪.‬م) والتشريع األردني( المادة ‪ 788‬ق‪.‬م)‪.‬‬


‫‪117‬‬
‫أو م ا يوج د من عي وب ته دد متان ة البن اء وس المته‪ ،‬وال تي تظه ر خالل م دة الض مان‪ ،‬وال تي‬
‫حّد دها المشرع الجزائري بعشر سنوات من تاريخ التسلم‪.‬‬

‫فما المقصود بتسلم العمل؟ ما هو نظامه القانوني؟ وما هي اآلثار التي تترتب عليه؟‬

‫أوال‪ :‬تعريف التسلم‬

‫لم يع ّر ف المش رع الجزائ ري ‪ -‬على غ رار المش رع المص ري وأغلب التش ريعات‬
‫المقارنة ‪ -‬فعل التسلم‪ ،‬بل اكتفى باإلشارة إليه في الفقرة الثانية من المادة ‪ 554‬من القانون‬
‫المدني ‪ ،‬واعتبر تسلم العمل نقطة بداية سريان مدة الضمان العشري‪ ،‬بمعنى أن يضمن ك ّل‬
‫‪239‬‬

‫من المهندس المعماري ومقاول البناء ما قد يحدث خالل هذه المدة من تهدم كلي أو جزئي‪،‬‬
‫أو م ا ي ترتب على العي وب من تهدي د لمتان ة البن اء وس المته‪ ،‬وأش ار إلي ه في الم ادة ‪ 558‬من‬
‫واعت بره التزام ا يق ع على ع اتق ص احب المش روع أو من يمّثل ه‬ ‫‪240‬‬
‫نفس الق انون الم ذكور‪،‬‬
‫قانونا‪.‬‬

‫أم ا المش رع الفرنس ي‪ ،‬فانقس م موقف ه بالنس بة لتعري ف التس لم إلى مرحل تين زمني تين‪،‬‬
‫األولى ما قبل سنة ‪ 1987‬والثانية ما بعدها‪.241‬‬

‫لم يع رف المش رع الفرنس ي التس ليم‪ ،‬في ظ ل تق نين ن ابوليون أي مدون ة ‪ ،1804‬ال‬
‫صراحة وال ضمنا‪ ،‬بل اكتفى باإلشارة إلى اعتباره نقطة بداية حساب مدة الضمان العشري‪،‬‬
‫واعتبره التزاما من التزامات رب العمل بعد تمام اإلنجاز‪ ،242‬أما بعد صدور القانون رقم‬

‫تنص المادة ‪ 554/2‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل نهائيا"‪.‬‬ ‫‪239‬‬

‫تنص المادة ‪ 558‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬عندما يتم المقاول العمل ويضعه تحت تصرف رب العمل‪ ،‬وجب على‬ ‫‪240‬‬

‫هذا األخير أن يبادر إلى تسلمه في أقرب وقت ممكن‪ ،‬بحسب ما هو جار في المعامالت‪ ،‬فإذا امتنع دون= =سبب‬
‫مشروع عن التسلم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي اعتبر أن العمل قد سلم إليه‪ ،‬ويتحمل كل ما يترتب على ذلك‬
‫من آثار"‪.‬‬

‫لتفاص يل أك ثر ح ول التط ور التش ريعي لتعري ف التس لم في التش ريع الفرنس ي‪ ،‬يراج ع‪ :‬عب د ال رازق حس ين يس‪،‬‬ ‫‪241‬‬

‫المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.147-140‬‬

‫وه ذا في الم ادتين ‪ 1788‬و‪ 1790‬من الق انون الم دني الفرنس ي‪ ،‬وه و ذات االتج اه ال ذي ال ي زال المش رع‬ ‫‪242‬‬

‫الجزائري يسير عليه‪.‬‬


‫‪118‬‬
‫‪ 12‬لسنة ‪ 1978‬المؤرخ في‪ 04 :‬جانفي ‪ 1978‬فعّر فه صراحة في الفقرة السادسة من المادة‬
‫‪ 2431792‬بأن ه‪ " :‬ذل ك العم ل ال ذي عن طريق ه أو بواس طته يق ّر رب العم ل بقبول ه األعم ال‬
‫المنج زة سواء بتحفظ أو بدون تحفظ‪ ،‬ويح دث التسلم بناء على طلب الطرف األك ثر حرصا‬

‫إّم ا وديا‪ ،‬وأما إذا تع ّذ ر ذلك فيحدث بناء على حكم قضائي‪ ،‬ويجب في جميع األحوال أن يتّم‬
‫النطق به في حضور الطرفين"‪.‬‬

‫هذا ولقد تع ّد دت تعريفات الفقه للتسلم‪ ،244‬فعّر فه األستاذ رواست بأنه‪ " :‬العمل الذي‬
‫بواسطته يقّر رب العمل بأّن تنفيذ العمل قد تّم صحيحا"‪ ،‬وعّر فه األستاذ مازو بأنه‪ " :‬العمل‬
‫ال ذي بواس طته أو عن طريق ه يعطي رب العم ل تص ديقه لألعم ال ال تي تّم إنجازه ا‪ ،‬ويس لم‬
‫مخالص ة ب ذلك للمق اول والمهن دس المعم اري‪ ،‬أو بأن ه إق رار رب العم ل لألعم ال ال تي تم‬
‫إنجازها لصالحه "‪.245‬‬

‫‪-L’article 1788 c.civ : " Si, dans le cas ou l’ouvrier fournit la matière, la chose vient à périr, de quelque‬‬
‫‪manière que se soit, avant d’être livrée, la perte en est pour l’ouvrier, à moins que le maitre ne fut en demeure‬‬
‫‪de recevoir la chose".‬‬

‫‪-L’article 1790 c civ :" Si, dans le cas de l’article précédent la chose vient à périr, quoique sans aucune faute‬‬
‫‪de la part de l’ouvrier, avant que l’ouvrage ait été reçu, et sans que la maitre fut en demeure de le vérifier,‬‬
‫‪L’ouvrier n’ point de salaire à réclamer, à moins que la chose n’ait péri par le vice de la matière".‬‬

‫‪243‬‬
‫‪L’article 1792/6 c civ :" La réception est l’acte par lequel le maitre de l’ouvrage déclare accepter‬‬
‫‪l’ouvrage avec ou sans réserve. Elle intervient à la demande de la partie la plus diligent, soit à l’amiable, soit‬‬
‫‪à défaut judiciairement. Elle est, en tout état de cause prononcée contradictoirement" .‬‬

‫‪ 244‬عّر ف األستاذ روجيه سانت أالري التسلم بأنه‪ " :‬ليس هو واقعة القبض‪ ،‬أو وضع اليد فقط‪ ،‬وإ نما هو العمل الذي‬
‫بواسطته يقر رب العمل العمل الذي تّم انجازه"‪ ،‬وعّر فه األستاذ جورج ليت فو بأنه‪ " :‬عملية حضورية مخصصة‬
‫لمنح المقاول مخالصة بحسن تنفيذه للصفقة التي عهد بها إليه"‪ ،‬كما عّر فه األستاذان م النقو وجستاز بأنه‪ " :‬العمل‬
‫الذي عن طريقه يقر رب العمل األعمال التي نفذها المقاول لصالحه‪ ،‬ويعترف بهذا بأن المقاول قد نفذ ما عهد به‬
‫إليه من التزامات"‪.‬‬

‫أش ار إلى ه ذين التع ريفين‪ :‬عب د ال رازق حس ين يس‪ ،‬المس ؤولية الخاص ة بالمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪،‬‬ ‫‪245‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.149‬‬

‫‪ -‬ولقد عّر ف األستاذ روجيه سانت أالري التسلم بأنه‪ " :‬ليس هو واقعة القبض‪ ،‬أو وضع اليد فقط‪ ،‬وإ نما هو العمل‬
‫ال ذي بواس طته يق ر رب العم ل العم ل ال ذي تّم انج ازه"‪ ،‬وعّر ف ه األس تاذ ج ورج ليت ف و بأن ه‪ " :‬عملي ة حض ورية‬
‫مخصصة لمنح المقاول مخالصة بحسن تنفيذه للصفقة التي عهد بها إليه"‪ ،‬كما عّر فه األستاذان مالنقو وجستاز بأنه‪:‬‬
‫‪119‬‬
‫يتبّين من تعريفات الفقه الفرنسي‪ ،‬أنه لم يكتف بتعريف التسلم بإظهار العنصر المادي‬
‫في ه فق ط‪ ،‬والمتمث ل في واقع ة القبض أو وض ع الي د‪ ،‬ب ل تطلب عنص را إرادي ا آخ ر‪ ،‬وه و‬
‫وج وب تقب ل رب العم ل لألعم ال ال تي تّم إنجازه ا‪ ،‬وإ ق راره ب أّن التنفي ذ ق د تّم ص حيحا‪،‬‬
‫وإ عطاؤه مخالصة للمهندس المعماري والمقاول تفيد ذلك‪ ،‬وهو نفس االتجاه الذي سار عليه‬
‫القضاء الفرنسي‪.246‬‬

‫ولق د اس تقر الفق ه المص ري في غالبيت ه‪ ،‬على نفس االتج اه ال ذي س ار علي ه الفق ه‬
‫الفرنسي‪ ،‬حيث اعتبر التسلم في عقد المقاولة‪ ،‬ذلك االستيالء المادي على العمل‪ ،‬بوضع اليد‬
‫علي ه فعال‪ ،‬أو حكم ا‪ ،‬وقب ول رب العم ل للعم ل‪ ،‬والموافق ة علي ه بع د فحص ه‪ ،‬وفي ه ذا يق ول‬
‫الدكتور محمد لبيب شنب‪ " :‬ال يلتزم رب العمل فقط بتسلم العمل الذي قام به المقاول تنفيذا‬
‫لتعاقدهما‪ ،‬بل يلتزم أيضا بقبول هذا العمل‪ ،‬ويقصد بذلك أن يقوم رب العمل بمعاينته للعمل‪،‬‬

‫والتأك د من مطابقت ه للمواص فات المتف ق عليه ا‪ ،‬ولم ا توجب ه أص ول الفن‪ ،‬وإ ق راره بأن ه ق د تّم‬
‫صحيحا "‪.247‬‬

‫بن اء على م ا تق دم‪ ،‬يمكنن ا تعري ف التس لم بأن ه وض ع الي د على العم ل‪ ،‬فعال أو حكم ا‪،‬‬
‫وض عا مص حوبا ع ادة بقبول ه وإ ق راره من قب ل رب العم ل‪ ،‬وعلي ه ح تى يتّم التس ليم ص حيحا‪،‬‬
‫منتج ا آلث اره القانوني ة‪ ،‬يجب باإلض افة إلى اس تيالء ص احب المش روع على العم ل المنج ز‪،‬‬
‫استيالء فعليا أو حكميا‪ ،‬أن يقبله ويوافق عليه بعد فحصه‪.‬‬

‫" العمل الذي عن طريقه يقر رب العمل األعمال التي نفذها المقاول لصالحه‪ ،‬ويعترف بهذا بأن المقاول قد نفذ ما‬
‫عهد به إليه من التزامات"‪.‬‬

‫نقض مدني فرنسي صادر في ‪ ،08/10/1974‬أشار إليه‪ :‬عبد الرازق حسين يس‪ ،‬المسؤولية الخاصة بالمهندس‬ ‫‪246‬‬

‫المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪=.150‬‬

‫‪= « La réception ne consiste pas seulement dans la livraison de l’ouvrage, mais aussi dans l’approbation par‬‬
‫‪le maitre de l’ouvrage du travail exécuté ».‬‬

‫والمالح ظ من ه ذا الق رار أن المش رع الفرنس ي اس تعمل مص طلح‪ " réception de l’ouvrage " :‬للدالل ة على " قبـول‬
‫‪Prendre‬‬ ‫العم ل"‪ ،‬وذل ك ح تى ال يختل ط ه ذا االص طالح بمص طلح " تس لم العم ل" وال ذي يع بر عن ه باللغ ة الفرنس ية "‬
‫‪." livraison‬‬

‫محمد لبيب شنب‪ ،‬شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.152-151‬‬ ‫‪247‬‬

‫‪120‬‬
‫والمالح ظ أّن عملية االستيالء على العمل من طرف صاحب المشروع تتّم عادة مع‬
‫فعل اإلقرار والقبول‪ ،‬فغالبا ما يقوم رب العمل بفحص العمل ومعاينته‪ ،‬إما بنفسه أو بمساعدة‬
‫غ يره‪ ،‬كالمهن دس المعم اري أو الخب ير‪ ،‬ليتأك د من م دى مطابق ة العم ل المنج ز لش روط‬
‫ومواصفات العقد‪ ،‬وفقا لما تقضي به قواعد الفن وأصول الصنعة‪ ،‬لكن ال يوجد ما يمنع من‬
‫أن يتّم أحدهما قبل اآلخر‪ ،‬فقد يتم االستيالء على العمل‪ ،‬بوضع اليد دون قبوله وإ قراره‪ ،‬أي‬
‫دون فحص أو معاينة‪ ،‬وقد يتم قبول العمل وإ قراره قبل أن يتم االستيالء عليه‪ ،248‬كما لو زار‬
‫رب العم ل مك ان العم ل وعاين ه وفحص ه وتأك د من مطابقت ه‪ ،‬دون أن يك ون ق د اس تولى علي ه‬
‫فعال أو حكما‪.‬‬

‫والع برة هن ا تك ون ب القبول واإلق رار ال بوض ع الي د على العم ل‪ ،‬أي أّن نت ائج التس لم‬
‫ت ترتب على القب ول ال على وض ع الي د‪ ،‬ألن قب ول رب العم ل للعم ل وإ ق راره ل ه‪ ،‬يعت بر دليال‬
‫على رضا هذا األخير به‪ ،‬وقبوله له‪ ،‬بعد فحصه ومعاينته‪ ،‬والتأكد من مدى مطابقته لشروط‬
‫العقد‪ ،‬وقواعد الفن وأصول الصنعة‪ ،‬األمر الذي ال يغّطيه مجرد االستيالء على العمل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الطبيعة القانونية للتسلم‬

‫اختلفت آراء الفقه حول مسألة الطبيعة القانونية للتسلم‪ ،‬بين قائل بأّن التسلم هو اتفاق‬
‫قائم بذاته ومستقل عن عقد المقاولة األصلي‪ ،‬وقائل بأنه مجرد واقعة قانونية‪ ،‬وقائل بأنه عمل‬
‫قانوني‪ ،‬وهذا ما سنتناوله تباعا‪.‬‬

‫‪ -01‬التسلم اتفاق قائم بذاته ومستقل عن عقد المقاولة األصلي‬

‫إلى اعتب ار التس لم اتفاق ا مس تقال ومتم يزا عن عق د المقاول ة‬ ‫‪249‬‬


‫ذهب اتج اه من الفق ه‬
‫األص لي‪ ،‬الم برم بين رب العم ل من جه ة‪ ،‬والمهن دس المعم اري ومق اول البن اء من جه ة‬
‫أخرى‪ ،‬بحيث نكون بصدد عقدين مستقلين‪ :‬عقد مقاولة أصلي وعقد تسلم‪ ،‬فيقوم هذا األخير‬
‫بين نفس األط راف‪ ،‬ويوق ع منهم‪ ،‬وي ترتب علي ه انقض اء االلتزام ات التعاقدي ة للمهن دس‬
‫المعماري ومقاول البناء‪.‬‬

‫عبد الرازق حسين يس‪ ،‬المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.152‬‬ ‫‪248‬‬

‫من أمثال بريكمونت وبرنارد سوان‪.‬‬ ‫‪249‬‬

‫‪121‬‬
‫لق د تع رض ه ذا االتج اه للنق د‪ ،‬ألن الق ول ب أّن التس لم عق د يتم بين رب العم ل وبين‬

‫المهن دس المعم اري والمق اول‪ ،‬يتع ارض م ع التس لم القض ائي والتس لم الض مني ‪ ،‬ف إذا تّم‬
‫‪251‬‬ ‫‪250‬‬

‫التسلم عن طريق القضاء‪ ،‬أو ضمنا بناء على رغبة رب العمل‪ ،‬فإّن مساهمة المق اول في ه ذا‬
‫التسلم ال تكون ضرورية‪ ،‬وأن محضر التسليم والتسلم المثبت له ذه العملية يكون ملزما له‪،‬‬
‫رغم أنه لم يكن طرفا فيه‪ ،‬وغ ير موق ع منه‪ ،‬متى كان ق د أعلن إليه بالطريقة القانونية‪ .‬أما‬
‫المهن دس المعم اري‪ ،‬ف إّن تدخل ه ال يجع ل من ه طرف ا في عق د التس لم‪ ،‬وإ نم ا ه و مج رد تنفي ذ‬
‫اللتزام يقع على عاتقه‪ ،‬بمساعدة وإ رشاد رب العمل لحظة التسلم‪.‬‬
‫‪252‬‬
‫‪ -02‬التسلم واقعة قانونية‬

‫إلى اعتب ار التس لم واقع ة قانوني ة وليس عمال قانوني ا‪،‬‬ ‫‪253‬‬
‫ذهب اتج اه آخ ر من الفق ه‬
‫ويجب تفسيره في ظل النظرية العامة للوفاء‪ ،‬بأنه التزام بعمل‪ ،‬ومنه ال يكون الوفاء مبرئا‬
‫لذم ة الم دين بمج رد القي ام بالعم ل مح ل العق د‪ ،‬وإ نم ا ال ب ّد من أن يك ون ه ذا العم ل مس توفيا‬
‫للشروط والمواصفات المنصوص عليها في عقد المقاولة‪ ،‬فيكون المقاول المدين ملزما بأن‬
‫يسعى إلى إرضاء رب العمل الدائن من خالل تنفيذ العمل الموكل إليه‪.‬‬

‫ف رّب العم ل بتس لمه األعم ال‪ ،‬ال يعّب ر عن أّي إرادة منش ئة‪ ،‬وإ نم ا يقتص ر دوره على‬
‫أن يسمح للقانون بإنتاج آثاره‪ ،254‬فهو ال يعتبر مباشرا لعمل قانوني‪ ،‬إال عندما يرفض التسلم‪،‬‬
‫أو يبدي بشأنه تحفظات‪ ،‬فالتسلم إذن حسب هذا االتجاه‪ ،‬ليس له تأثير في إبراء ذمة المقاول‬
‫المدين‪ ،‬ألنه ال يثبت سوى مجرد التنفيذ ال مطابقة األشغال‪ ،‬ألن وجود المطابقة في حد ذاته‪،‬‬
‫كاف إلحداث األثر المسقط‪ ،‬وذلك بواسطة إرادة المشرع ال إرادة رب العمل‪.‬‬
‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ص‬ ‫‪250‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ص‬ ‫‪251‬‬

‫‪ 252‬يقص د بالواقع ة القانوني ة ك ّل ح دث ي رتب الق انون على مج رد وقوع ه أث را معين ا‪ ،‬بص رف النظ ر عن تخل ف‪ ،‬أو‬
‫وجود إرادة صاحبه‪ ،‬أو هي تلك الواقعة المادية‪ ،‬الطبيعية أو بفعل اإلنسان‪ ،‬يرتب عليها القانون أثرا معينا‪ ،‬بصرف‬
‫النظر عن اتجاه اإلرادة إلحداث هذا األثر‪.‬‬

‫من أمثال برنارد بوبلي وفيليب مالنقو‪.‬‬ ‫‪253‬‬

‫ويس فتحي‪ ،‬المسؤولية المدنية والضمانات الخاصة في بيع العقار قبل االنجاز‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في‬ ‫‪254‬‬

‫القانون العقاري والزراعي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة سعد دحلب‪ ،‬البليدة‪ ،2000-1999 ،‬ص‪.97‬‬
‫‪122‬‬
‫ولق د تع رض ه ذا ال رأي ب دوره للنق د‪ ،‬لحص ره فع ل التس لم في الج انب الم ادي من ه‬
‫فحسب‪ ،‬واعتباره مجرد واقعة مادية ليس لها آثار قانونية‪ ،‬إال ما يرتبه القانون عليها‪ ،‬وهو‬
‫ب ذلك يك ون ق د أغف ل الج انب اإلرادي لعملي ة التس لم‪ ،‬المتمث ل في قب ول األعم ال أو رفض ها‪،‬‬
‫والذي به تبرأ ذمة المدين‪ ،‬أي ذمة المهندس المعماري ومقاول البناء من االلتزامات التعاقدية‬
‫وباقي اآلثار القانونية األخرى‪.255‬‬
‫‪256‬‬
‫‪ -03‬التسلم عمل قانوني انفرادي‬

‫اتجه غالبية الفقه في فرنسا إلى اعتبار التسلم عمال قانونيا صادرا عن إرادة منفردة‪،‬‬
‫هي إرادة رب العم ل‪ ،‬مخ الفين ب ذلك م ا ذهب إلي ه بعض هم‪ ،‬من اعتب ار التس لم مج رد واقع ة‬
‫مادية‪ ،‬أو عقدا مستقال عن عقد المقاولة األصلي‪.‬‬

‫ولق د اس تند ه ذا االتج اه في ت دعيم رأي ه على نص الم ادة ‪ 1792‬الفق رة السادس ة من‬
‫الق انون الم دني الفرنس ي‪ ،‬المض افة بالق انون رقم ‪ 12‬لس نة ‪ 1978‬الم ؤرخ في ‪ 04‬ج انفي‬
‫‪ ،1978‬والتي مفادها أّن التسلم هو العمل الذي يقر عن طريقه رب العمل بقبوله األعمال‪،257‬‬
‫األمر ال ذي يفهم منه أّن التسلم عمل قانوني صادر عن إرادة منفردة لرب العمل فقط‪ ،‬دون‬
‫االعتداد بإرادات أخرى كإرادة المقاول مثال‪.‬‬

‫بعد عرض االتجاهات المختلفة حول مسألة تحديد الطبيعة القانونية للتسلم‪ ،‬نرى‪ -‬مع‬
‫ما استقر عليه الرأي الفقهي الراجح‪ -‬أّن التسلم في عقد المقاولة عمل قانوني‪ ،‬وليس مجرد‬
‫واقعة قانونية من طبيعة تعاقدية‪ ،‬يقوم به صاحب المشروع بموجب عقد المقاولة‪ ،‬فحين يتسلم‬
‫رب العم ل األعم ال ال تي تّم انجازه ا‪ ،‬ويقبله ا‪ ،‬ويق ّر مطابقته ا‪ ،‬فه و في ذل ك ينف ذ التزام ه‬

‫عب د ال رازق حس ين يس‪ ،‬المس ؤولية الخاص ة بالمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬المرج ع الس ابق‪ ،‬ص‪-161‬‬ ‫‪255‬‬

‫‪.162‬‬

‫‪ 256‬يقصد بالعمل القانوني مجرد اتجاه اإلرادة نحو إحداث أثر قانوني معّين‪ ،‬ويقصد بالتصرف االنفرادي ذلك العمل‬
‫القانوني الصادر من جانب واحد والذي ينتج آثارا قانونية مختلفة‪ ،‬وبالنتيجة فان العمل القانوني االنفرادي ال يتطلب‬
‫س وى إرادة واح دة ص ادرة من ج انب واح د فق ط وإ ن تع ّد د أش خاص ه ذا الج انب‪ ،‬ف العبرة بوح دة اإلرادة ال بوح دة‬
‫الشخص‪.‬‬
‫‪257‬‬
‫‪L’article 1792/6 (loi 78/12 du 04/01/1978) « La réception est l’acte par lequel le maitre de l’ouvrage‬‬
‫‪déclare accepter l’ouvrage ».‬‬
‫‪123‬‬
‫التعاقدي الذي يفرضه عليه عقد المقاولة‪ ،‬ويباشر عمال قانونيا من طبيعة عقدية‪ ،‬تنفيذا للعقد‬
‫الم برم بين ه وبين المعم اري‪ ،‬وإ ذا أب دى ص احب المش روع تحفظ ات على األعم ال المنج زة‬
‫لوج ود عي وب بس يطة فيه ا‪ ،‬أو رفض تس لمها في مجمله ا لجس امة م ا لح ق به ا من عي وب‬
‫ونقائص‪ ،‬فإنما يمارس عمال قانونا صادرا عن إرادته المنفردة‪.‬‬

‫وب الرجوع إلى موق ف التش ريع الجزائ ري ح ول الطبيع ة القانوني ة للتس لم في عقـد‬
‫المقاول ة‪ ،‬فإنن ا نج د المش رع نص ص راحة في الم ادة ‪ 558‬من الق انون الم دني‪ ،‬على أّن رب‬
‫العمل ملزم بتسلم األعمال المنجزة من طرف مقاول البناء‪ ،‬متى أعذره هذا األخير بالتسلم‪،‬‬
‫وإ ال اعت بر اإلن ذار الرس مي الموج ه ل ه من ط رف المق اول قائم ا مق ام التس لم‪ ،‬ومنتج ا لجمي ع‬
‫آثاره القانونية‪.‬‬

‫هذا ولقد اعتبر المشرع الجزائري‪ ،‬وفقا لنص المادة ‪ 558‬الم ذكورة أعاله‪ ،‬التسلم في‬
‫عقد المقاولة عمال قانونيا انفراديا‪ ،‬يقع على عاتق رب العمل وحده‪ ،‬وبإرادته المنفردة‪ ،‬بحيث‬
‫يق ر تس لمه لألعم ال ال تي تّم إنجازه ا‪ ،‬إم ا بالموافق ة الكلي ة عليه ا وقبوله ا‪ ،‬وإ م ا بالتحف ظ على‬
‫بعضها‪ ،‬ومن تّم إلزام المهندس المعماري أو مقاول البناء بإعادة إصالحها‪ ،‬وتعديلها حسب‬
‫الشروط والمواصفات المتفق عليها في العقد‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬شروط التسلم‬

‫انتهينا فيما تقدم إلى أّن التسلم عمل قانوني من طبيعة تعاقدية‪ ،‬ناجم عن تنفيذ التزام‬
‫عق دي‪ ،‬رّتب ه عق د المقاول ة الم برم بين رب العم ل ومق اول البن اء‪ ،‬وح تى يتم التس لم ص حيحا‪،‬‬
‫ومنتجا آلثاره القانونية‪ ،‬ال بّد من أن تتوافر فيه الشروط الموضوعية والشكلية اآلتي بيانها‪.‬‬

‫‪ -01‬الشروط الموضوعية للتسلم‬

‫تتعلق هذه الشروط بالموضوع الذي يرد عليه التسلم‪ ،‬أي بالعمل الذي يقوم صاحب‬
‫المش روع بتس لمه من المق اول‪ ،‬وتتمث ل في ض رورة انج از العم ل‪ ،‬وتس ليمه مطابق ا لم ا ه و‬
‫منصوص عليه في العقد‪ ،‬ولما تقتضيه قواعد الفن وأصول الصنعة‪ ،‬وهو ما سنعرضه تباعا‪.‬‬

‫أ‪ -‬إنجاز العمل محل التعاقد‬

‫‪124‬‬
‫المقص ود بإنج از العم ل ليس عملي ة التنفي ذ ذاته ا‪ ،‬وإ نم ا إتم ام العم ل مح ل العق د‪،‬‬
‫واالنتهاء منه بتمام إنجازه وتنفيذه‪ ،‬فإنجاز العمل بتمام تنفيذه‪ ،‬شرط لتمام عملية التسلم‪.‬‬

‫يعت بر ه ذا الش رط التزام ا أساس يا يرّتب ه عق د المقاول ة على ع اتق مق اول البن اء‪ ،‬وه و‬
‫التزام بتحقيق نتيجة‪ ،‬تتمثل في وضع التصميم‪ ،‬أو إقامة البناء‪ ،‬وانجاز األشغال محل العقد‪،‬‬
‫وعلي ه ال ت برأ ذم ة مق اول البن اء أو المهن دس المعم اري إال بتحقي ق ه ذه النتيج ة‪ ،‬أو بإثب ات‬
‫السبب األجنبي الذي منع تحقيقها‪.‬‬

‫ولق د نص المش رع الجزائ ري على ه ذا الش رط ص راحة في الم ادة ‪ 558‬من الق انون‬
‫الم دني‪ ،‬حيث أوجب تم ام انج از األش غال المتف ق عليه ا في العق د‪ ،‬واالنته اء منه ا كلي ة‪ ،‬ح تى‬
‫تصبح مهيأة تماما لتسلمها من طرف صاحب المشروع‪.‬‬

‫ب‪ -‬المطابقــة‬

‫م تى أتم المق اول العم ل‪ ،‬ووض عه تحت تص رف ص احب المش روع‪ ،‬وجب على ه ذا‬
‫األخير أن يتسلمه‪ ،‬وحتى يكون رب العمل ملزما بتسلم األشغال‪ ،‬ال ب ّد أن تكون هذه األخيرة‬
‫موافق ة للش روط المتف ق عليه ا في العق د‪ ،‬أم ا إذا لم يتم االتف اق على ش روط معين ة‪ ،‬أو ك انت‬
‫الش روط المتف ق عليه ا ناقص ة‪ ،‬أمكن الرج وع إلى قواع د الفن وأص ول الص نعة‪ ،‬بحيث يك ون‬
‫العمل المنجز موافقا لهذه القواعد‪.‬‬

‫وإ ذا وق ع خالف بين المتعاق دين‪ ،‬فيم ا إذا ك ان العم ل المنج ز‪ ،‬موافق ا أو غ ير مواف ق‪،‬‬
‫لهذه الشروط أو القواعد‪ ،‬جاز لرب العمل أن يمتنع عن تسلم األعمال‪ ،‬دون أن يتمكن مقاول‬
‫البن اء من إجب اره على ذل ك‪ ،‬وإ ذا م ا رف ع األم ر إلى القض اء‪ ،‬ج از للقاض ي االس تعانة بأه ل‬
‫الخبرة‪.258‬‬

‫ويجب أن تك ون مخالف ة الش روط أو أص ول الص نعة‪ ،‬ال تي يمتن ع بموجبه ا رب العم ل‬
‫عن التسلم جسيمة‪ ،‬إلى حد أنه ال يجوز عدال إلزامه بالتسلم‪ ،‬ألن العمل المنجز غير صالح‬
‫للغ رض المقص ود من ه‪ ،‬كم ا يت بين من ظ روف التعاق د‪ ،‬أم ا إذا ك ان العيب أو ع دم المطابق ة‬

‫فمسألة تقدير جسامة العيب‪ ،‬وعدم مطابقته لما هم متفق عليه في العقد‪ ،‬أو أصول الفن والصنعة‪ ،‬مسألة واقع‪،‬‬ ‫‪258‬‬

‫تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع‪ ،‬دون رقابة المحكمة العليا عليه‪ ،‬وله في ذلك االستعانة بتقارير الخبراء‬
‫المنتدبين لذلك‪.‬‬
‫‪125‬‬
‫بس يطا‪ ،‬فان ه ال يس وغ ل رب العم ل االمتن اع عن التس لم‪ ،‬وإ نم ا يج وز ل ه في ه ذه الحال ة‪ ،‬أن‬
‫ينقص من أج رة المعم اري بم ا يتناس ب وأهمي ة ه ذه المخالف ة‪ ،‬أو أن يطلب التع ويض عن‬
‫الض رر ال ذي لحقـه مـن ج راء المخالفـة‪ ،‬وفي جمي ع األح وال‪ ،‬يج وز للمق اول أو المهن دس‬
‫المعم اري إص الح العيب‪ ،‬أو ع دم المطابق ة‪ ،‬إذا ك ان ذل ك ممكن ا‪ ،‬في ال وقت المناس ب‪ ،‬طبق ا‬
‫للقواعد العامة‪ ،259‬كما يجوز لرب العمل أن يلزمه بذلك إذا كان اإلصالح غير مكلف‪.‬‬

‫ال يفوت ني أن أش ير إلى أّن ش رط المطابق ة ه ذا‪ ،‬يعت بر ش رطا موض وعيا لقي ام عملي ة‬
‫التس ليم‪ ،‬وه و به ذا المع نى يختل ف عن ش هادة المطابق ة‪ ،260‬ال تي تعت بر من بين أدوات الرقابة‬
‫البعدي ة للتعم ير في ي د اإلدارة‪ ،‬وال تي نص عليه ا المش رع الجزائ ري‪ ،‬ونظم أحكامه ا في‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 91/176‬المؤرخ في ‪ 28‬ماي ‪ 1991‬المعدل والمتمم‪.261‬‬

‫من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫يراجع نص المادة‬ ‫‪259‬‬

‫تثبت هذه الشهادة انجاز األشغال‪ ،‬طبقا للتصاميم المصادق عليها‪ ،‬وفقا لبنود وأحكام رخصة البناء‪ ،‬وتعتبر هذه‬ ‫‪260‬‬

‫الش هادة أداة قانوني ة الس تالم المش روع وتأكي د لمحت وى رخص ة البن اء وتأكي د على اح ترام ص احب الرخص ة لقواع د‬
‫التعمير ولمخططات التهيئة والتعمير‪ ،‬وترخيص للباقي باستغالل المشروع المنجز وفقا لرخصة البناء‪ ،‬والتزم عليه‬
‫بالمطابقة ( انظر المادتين ‪ 56‬و‪ 75‬من القانون رقم ‪ 90/29‬المتعلق بالتهيئة والتعمير المعدل والمتمم)‪.‬‬

‫يقوم المستفيد من رخصة البناء خالل ثالثين يوما من انتهاء األشغال بتقديم تصريح في نسختين‪ ،‬يشهد بمقتض اه على‬
‫انته اء أش غاله الموص فة في رخص ة البن اء‪ ،‬وي ودع التص ريح بمق ر البلدي ة لمك ان البن اء مقاب ل وص ل (الم ادة ‪ 56‬من‬
‫المرسوم ‪ ،)91/176‬وبعدها يرسل رئيس البلدية نسخة من التصريح إلى مصلحة التعمير على مستوى الوالية‪.‬‬

‫وتشكل لجنة لدراسة مطابقة األشغال لرخصة البناء‪ ،‬ويخطر رئيس البلدية المستفيدين من الرخصة عن تاريخ فحص‬
‫المطابقة قبل ‪ 8‬أيام من المراقبة‪ ،‬ويتم ذلك بموجب إشعار‪ (.‬المادة ‪ 58‬من نفس المرسوم)‬

‫تثبت هذه اللجنة عملها بموجب محضر تبدي فيها رأيها حول المطابقة‪ ،‬فإما أن توافق على المطابقة ويسلم رئيس‬
‫البلدي ة الش هادة للمع ني بم وجب ق رار إداري‪ ،‬وإ م ا ت رفض المطابق ة‪ ،‬فيص در رئيس البلدي ة ق رارا بع دم تق ديم ش هادة‬
‫المطابقة‪ ،‬وتوجيه المعني إلى مطابقة األشغال حسب ما هو موضح برخصة البناء‪.‬‬

‫ويكون أجل تسليم هذه الشهادة‪ ،‬هو ثالثة أشهر من تاريخ تقديم الطلب‪ ،‬فإن لم يتم الرد عليه‪ ،‬وانقضت هذه المدة‪،‬‬
‫ج از للمع ني أن يق دم تظلم ا‪ ،‬بواس طة رس الة موص ى عليه ا‪ ،‬م ع وص ل اس تالم‪ ،‬إلى الجه ة اإلداري ة المختص ة‪ ،‬ال تي‬
‫يكون لها أجل شهر للرد على التظلم‪ ،‬وإ ذا لم ترد رغم انتهاء المدة‪ ،‬اعتبر ذلك قرارا ضمنيا لمنح شهادة المطابقة‬
‫(المادة ‪ 60‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪.)91/176‬‬

‫‪ -‬منصوري نورة‪ ،‬قواعد التهيئة والتعمير وفق التشريع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 70‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪126‬‬
‫‪ -02‬الشروط الشكلية للتسلم‬

‫تنص الم ادة ‪ 558‬من الق انون الم دني الجزائ ري على م ا يلي‪ " :‬عن دما يتم المق اول‬
‫العم ل ويض عه تحت تص رف رب العم ل‪ ،‬وجب على ه ذا األخ ير أن يب ادر إلى تس لمه في‬
‫أقرب وقت ممكن بحسب ما هو جار في المعامالت‪ ،‬فإذا امتنع دون سبب مشروع عن التس لم‬
‫رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي اعتبر أن العمل قد سلم إليه‪ ،‬ويتحمل كل ما يترتب على‬
‫ذلك من آثار"‪.‬‬

‫بق راءة هذه المادة‪ ،‬يتض ح لنا أّن المشرع الجزائري لم يش ترط شكال معينا‪ ،‬يجب أن‬
‫يف رغ في ه التس لم‪ ،‬وإ نم ا اعت بر التس لم ج زء من عق د المقاول ة الم برم بين رب العم ل ومق اول‬
‫البناء‪ ،‬واشترط على هذا األخير وضع العمل بعد إتمامه‪ ،‬مطابقا للمواصفات‪ ،‬تحت تصرف‬
‫رب العم ل‪ ،‬وال ذي يجب عليه بدوره‪ ،‬أن يبادر إلى تسلمه في أق رب وقت ممكن‪ ،‬بحسب ما‬
‫ه و ج ار في المع امالت‪ ،‬أم ا إذا امتن ع رب العم ل عن تس لم األعم ال رغم إن ذاره رس ميا‬
‫بذلك‪ ،262‬فإّن العمل يعتبر وكأنه قد سلم إليه‪.‬‬

‫ه ذا وإ ن المحض ر المثبت لواقع ة التس لم والتس ليم‪ ،‬والموق ع من ط رف رب العم ل‪ ،‬ال‬


‫يعد شكال الزما تفرغ فيه عملية التسلم‪ ،‬ألّن المشرع الجزائري لم يشترط في المادة المنوه‬
‫عنه ا أعاله‪ ،‬أن ينص ّب التس ليم في ق الب رس مي معين‪ ،‬أو أن يأخ ذ ش كال مح ددا‪ ،‬وإ نم ا يكفي‬
‫أن يحرر في ورقة عرفية مكتوبة‪ ،‬تساعد على اإلثبات في حالة وقوع النزاع بين األطراف‪.‬‬

‫وال يشترط في التسلم حتى يتّم صحيحا‪ ،‬الحضور الفعلي لكل من مقاول البناء ورب‬
‫العمل‪ ،‬أثناء عملية التسليم والتسلم‪ ،‬بل يكفي حضور ممثل قانوني ينوب عنهم ا‪ ،263‬وح تى في‬

‫يح دد ه ذا المرس وم كيفي ات تحض ير ش هادة التعم ير ورخص ة التجزئ ة وش هادة التقس يم ورخص ة البن اء وش هادة‬ ‫‪261‬‬

‫المطابق ة ورخص ة اله دم وتس ليم ذل ك‪ ،‬مع دل ومتمم بالمرس وم التنفي ذي رقم ‪ 06/03‬الم ؤرخ في‪07/01/2006‬‬
‫والمرسوم التنفيذي رقم ‪ 09/307‬المؤرخ في ‪.22/09/2009‬‬

‫اإلن ذار الرس مي أو كم ا أطل ق علي ه المش رع الجزائ ري مص طلح " التبلي غ الرس مي " في الم ادة ‪ 406‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‬ ‫‪262‬‬

‫هو تبليغ يتم بموجب محضر‪ ،‬يعّد ه المحضر القضائي‪ ،‬يمكن أن يتعلق بعقد قضائي‪ ،‬أو عقد غير قضائي‪ ،‬أو حكم‪،‬‬
‫أو أمر‪ ،‬أو قرار‪ ،‬يثبت بموجب رسالة موصى عليها‪ ،‬مع اإلشعار باالستالم‪.‬‬

‫‪ 263‬وه ذا على خالف م ا ذهب إلي ه التش ريع الفرنس ي‪ ،‬وال ذي نّص في الم ادة ‪ 1792/6‬من ق‪.‬م‪.‬ف على وج وب أن‬
‫يتم التسلم حضوريا‪ ،‬أي أن يتم في حضور كل األطراف الذين يهمهم األمر‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫حالة امتناع رب العمل أو تأخره عن الحضور لتسلم العمل‪ ،‬بعد إنذاره رسميا من قبل مقاول‬
‫البناء‪ ،‬يع ّد وكأنه قد تسلم العمل‪ ،‬ولو لم يحضر هو‪ ،‬أو ممثله شخصيا‪ ،‬طبقا ألحكام المادة‬
‫‪ 558‬من القانون المدني المذكورة أعاله‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬النظام القانوني للتسلم‬

‫يقتض ي بي ان النظ ام الق انوني للتس لم التع رض إلى أطراف ه‪ ،‬بتحدي د ش خص ال دائن‬
‫وشخص المدين‪ ،‬وشكله‪ ،‬وكيفية حدوثه‪ ،‬فمسألة إثباته‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أطراف التسلم‬

‫انتهينا فيما سبق إلى أّن التسلم يعتبر التزاما يقع على عاتق صاحب المشروع‪ ،‬يقابله‬
‫التزام مقاول البناء بتسليم العمل‪ ،‬بعد إنجازه‪ ،‬مطابقا للشروط والمواصفات المنصوص عليها‬
‫في عق د المقاول ة ال ذي يربطهم ا‪ ،‬وبالنتيج ة‪ ،‬يعت بر ك ّل من مق اول البن اء وص احب المش روع‬
‫طرف ا في عملي ة التس لم‪ ،‬مق اول البن اء باعتب اره دائن ا بالتس لم‪ ،264‬وص احب المش روع باعتب اره‬
‫مدينا بتسلم العمل من المقاول‪ ،‬فضال عن وجود أشخاص آخرين تقتضي عملية البناء تدخلهم‬
‫في التسلم‪.‬‬

‫‪ -01‬مقاول البناء الدائن بالتسلم‬

‫يجب على مق اول البن اء‪ ،‬بع د إتم ام إنج از األعم ال المعه ودة إلي ه‪ ،‬أن يس لمها ل رب‬
‫العم ل‪ ،‬من أج ل فحص ها‪ ،‬ومراجعته ا‪ ،‬والتأك د من م دى مطابقته ا للش روط المتف ق عليه ا في‬
‫عقد المقاولة‪ ،‬ولقواعد الفن وأصول الصنعة‪ ،‬فهو بهذا المعنى يعتبر دائنا في عملية التسلم‪،‬‬
‫ألن من مصلحة مقاول البناء‪ ،‬تسليم العمل المراد إنجازه لرب العمل حتى تبرأ ذمته‪ ،‬من كل‬

‫‪ -‬لتفاصيل أكثر حول موقف المشرع الفرنسي من شرط حضور عملية التسليم والتسلم‪ ،‬يراجع‪ :‬عبد الرازق حسين‬
‫يس‪ ،‬المس ؤولية الخاص ة بالمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬المرج ع الس ابق‪ ،‬ص‪ 189‬وم ا يليه ا‪ ،‬ويراج ع أيض ا‪:‬‬
‫محم د ن اجي ي اقوت‪ ،‬مس ؤولية المعم اريين بع د إتم ام األعم ال وتس لمها مقبول ة من رب العم ل‪ ،‬المرج ع الس ابق‪ ،‬ص‬
‫‪.153‬‬

‫فوفاء صاحب المشروع بالتزامه بالتسلم‪ ،‬هو وفاء لمقاول البناء بواجب التسليم‪ ،‬باعتباره دائنا بهذا االلتزام‪.‬‬ ‫‪264‬‬

‫‪128‬‬
‫االلتزامات التي يرتبها عليه عقد المقاولة‪ ،‬كحراسة البناء والتجهيزات الموجودة به‪ ،‬وتحمل‬
‫تبعة الهالك‪ ،‬وتحمل المسؤولية المدنية والجنائية عن األضرار الالحقة بالغير‪ ،‬والتي قد تنجم‬
‫عن تهدم البناء‪ ،‬فبالتسلم ينتقل تحمل تبعة العمل من مقاول البناء إلى صاحب المشروع الذي‬
‫يصبح هو حارسا له‪.265‬‬

‫وق د يتع ّد د ال دائنون بالتس لم و ذل ك بتع دد المق اوالت‪ ،‬فمق اول البن اء ق د يك ون شخص ا‬
‫واحدا كما قد يكون عّد ة أشخاص‪ ،‬ومن تّم إذا أبرم رب العمل عقد المقاولة مع مقاول واحد‪،‬‬
‫وجب على ه ذا األخ ير تنفي ذ ك ل العم ل مح ل العق د‪ ،‬أي إنج از البن اءات أو المنش آت الثابت ة‬
‫األخرى‪ ،‬فتكون عملية التسلم عندئذ واحدة‪ ،‬أما إذا أبرم رب العمل عدة عقود مقاولة مع عدة‬
‫مقاولين‪ ،‬كل في نطاق تخصصه‪ ،‬كأن تكون هناك مقاولة لوضع األساسات‪ ،‬وأخرى لتشييد‬
‫البناء‪ ،‬وأخرى للدهان‪ ،‬وأخرى لتركيب الغاز والماء والكهرباء وغيرها‪ ،‬كان كل واحد منهم‬
‫دائنا بالتسلم‪ ،‬ملزما بتسليم الجزء المنوط به في عملية التنفيذ‪ ،‬ومسؤوال في حدود اختصاصه‪،‬‬
‫فنك ون بص دد ع دة عملي ات تس لم تبع ا لع دد المق اوالت‪ ،‬ك ّل في ح دود م ا س اهم ب ه في عملي ة‬
‫التنفيذ‪.‬‬

‫‪ -02‬صاحب المشروع المدين بالتسلم‬

‫يل تزم ص احب المش روع بتس لم األعم ال من ط رف مق اول البن اء‪ ،‬م تى تّم إنجازه ا‬
‫وتبليغ ه بتس لمها‪ ،‬س واء بنفس ه‪ ،‬أو بواس طة أش خاص خ براء بفن البن اء‪ ،‬يس تعين بهم لفحص‬
‫األشغال ومعاينتها‪ ،‬والتأكد من مدى مطابقتها للشروط المتفق عليها في العقد‪ ،‬ولما تقضي به‬
‫قواعد الفن وأصول الصنعة‪ ،‬ومنه يعتبر رب العمل الملتزم الوحيد بالتسلم‪ ،‬و له وحده أو من‬
‫يمّثله صالحية إبراء ذمة مقاول البناء من التزامه بالتسليم‪ ،‬فالتسلم بدون تحفظ‪ ،‬يعتبر بمثابة‬
‫مخالصة‪ ،‬تعطى من صاحب المشروع أو ممثله لمقاول البناء‪ ،‬تفيد قيامه بتنفيذ كل التزاماته‬
‫التعاقدية تجاه صاحب المشروع على أكمل وجه‪.266‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ص‬ ‫‪265‬‬

‫عبد الرازق حسين يس‪ ،‬المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.203‬‬ ‫‪266‬‬

‫‪129‬‬
‫كم ا وأن رب العم ل أو ممثل ه الق انوني‪ ،267‬هم ا وح دهما المخ والن بتوقي ع محض ر‬
‫التس ليم والتس لم‪ ،‬وتنص رف آثار ه ذا التمثي ل إلى رب العم ل مباش رة طبق ا للقواع د العام ة في‬
‫الوكالة‪.268‬‬

‫وترتيبا على ما سبق‪ ،‬فإن توقيع أّي شخص آخر‪ ،‬غير رب العمل أو ممثله القانوني‪،‬‬
‫على محض ر التس ليم والتس لم‪ ،‬ال يغ ني عن توقي ع ه ذا األخ ير‪ ،‬وال يمكن االحتج اج به ذا‬
‫المحضر عليه‪ ،‬ولكن بالمقابل‪ ،‬ال يؤثر عدم وجود توقيع المهندس المعماري أو مقاول البناء‪،‬‬
‫أو غيرهم ا‪ ،‬على محض ر التس ليم والتس لم‪ ،‬إلى ج انب توقي ع رب العم ل أو ممثل ه الق انوني‪،‬‬
‫على عملية التسلم‪ ،‬وال على صحة هذا المحضر الذي ينتج كافة آثاره‪.‬‬

‫ه ذا وإ ذا لم يقم رب العم ل بتس لم األعم ال‪ ،‬أو ت أخر في ذل ك‪ ،‬أو لم يقم ب التوقيع على‬
‫محضر التسلم والتسليم‪ ،‬رغم إنذاره رسميا‪ ،‬من طرف مقاول البناء في المدة المتفق عليها‪،‬‬
‫اعتبر متسلما للعمل حكما‪ ،269‬وبرأت ذمة مقاول البناء كما سبق بيانه‪ ،270‬وجاز له الرجوع‬
‫على رب العمل بالتعويض عن الضرر الذي لحقه‪ ،‬وذلك طبقا للقواعد العامة‪.‬‬

‫‪ -03‬األشخاص اآلخرون المساهمون في عملية التسلم و التسليم‬

‫قد يتدخل أشخاص آخرون‪ ،‬غير صاحب المشروع ومقاول البناء في عملية التسليم‬
‫والتسلم‪ ،‬ومن أهم هؤالء األشخاص نذكر ما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬المهندس المعماري‬

‫كالمهندس المعماري‪ ،‬أو المشرف على العمل‪ ،‬أو غيرهما مّم ن تتوافر فيهم صفة تمثيله قانونا‪.‬‬ ‫‪267‬‬

‫تنص المادة ‪ 74‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ ":‬إذا أبرم النائب في حدود نيابته عقدا باسم األصيل فان ما ينشأ عن هذا‬ ‫‪268‬‬

‫العقد من حقوق‪ ،‬والتزامات يضاف إلى األصيل"‪.‬‬

‫ويترتب على هذا التسلم الحكمي‪ ،‬جميع اآلثار التي تترتب على التسلم الحقيقي‪ ،‬ألن رب العمل تعسف في القيام‬ ‫‪269‬‬

‫بالتزامه بالتسلم‪.‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ص‬ ‫‪270‬‬

‫‪130‬‬
‫يجب على المهندس المعماري مساعدة رب العمل في عملية التسلم‪ ،‬ونصحه وإ رشاده‬
‫باعتباره رجال فنيا مختصا‪ ،‬و هو ما تفرضه عليه واجبات مهنته‪ ،‬وإ ال كان مسؤوال نتيجة‬
‫إخالله بالتزاماته التعاقدية طبقا للقواعد العامة‪ ،‬أما إذا اقتصر دور المهندس المعماري على‬
‫مج رد وض ع التص ميم‪ ،‬دون أن يكلف ه رب العم ل بمس اعدته في عملي ة التس لم‪ ،‬وانت دب رجال‬
‫آخر مكانه لهذا األمر‪ ،‬فإنه ال يكون حينئذ مسؤوال عن األضرار التي قد تلحق رب العمل‬
‫جراء عملية التسلم‪.‬‬

‫ف إذا رأى المهن دس المعم اري وه و يق وم بواجب ه في مس اعدة وإ رش اد رب العم ل‪ ،‬أّن‬


‫أشغال البناء منفذة تنفيذا جيدا‪ ،‬ومطابقا لما هو منصوص عليه في العقد‪ ،‬ولما تقتضيه قواعد‬
‫الفن وأصول الصنعة‪ ،‬وغير مشوبة بأّي عيب ظاهر‪ ،‬أشار على رب العمل بتسلم األعمال‬
‫دون إب داء تحفظات‪ ،‬ويق وم بالتأشير على محضر التسليم والتسلم ال ذي يع ده‪ ،‬ويعرضه على‬
‫رب العمل للتوقيع عليه‪.‬‬

‫وإ ذا وج د بعض العي وب البس يطة في األعم ال ال تمن ع التس لم‪ ،‬وجب علي ه إخب ار رب‬
‫العمل بها‪ ،‬ليبدي بشأنها تحفظات بمحضر التسلم والتسليم‪.‬‬

‫أما إذا رأى أّن باألعمال المنجزة عيوبا جسيمة تهدد سالمة البناء ومتانته‪ ،‬أو تجعله‬
‫غ ير ص الح للغ رض ال ذي أنش ئ من أجل ه‪ ،‬تعّين علي ه إخب ار رب العم ل به ا‪ ،‬وتنبيه ه بع دم‬
‫التسلم‪ ،‬إال بعد إزالة كافة هذه العيوب إذا أمكن ذلك‪.‬‬

‫بناء على ما سبق ذكره‪ ،‬يكمن دور المهندس المعماري في عملية التسلم‪ ،‬إما باإلش ارة‬
‫على رب العم ل بقب ول األعم ال وتسلمها دون تحفظ ات‪ ،‬أو م ع ذك ر بعض التحفظ ات‪ ،‬أو أن‬
‫يشير عليه بعدم التسلم مطلقا‪ ،‬ورفض قبول األعمال‪ ،‬على حسب مقتضيات كل حالة‪ ،‬وفي‬
‫ك ل ه ذا تنفيذ اللتزام ه العق دي ال ذي يقتض يه عق د المقاولة‪ ،271‬فإذا أهم ل المهن دس المعماري‬
‫القيام بذلك‪ ،‬ع ّد مخال بهذا االلتزام العقدي‪ ،‬و من تّم ترتبت مسؤوليته العقدية طبقا للقواعد‬
‫العامة‪ ، 272‬والحال ذاته إذا ما ارتكب غشا أو خطأ جسيما تجاه رب العمل أثناء عملية التسلم‪.‬‬

‫ب‪ -‬المتدخلون في عملية التسلم والتسليم من غير المهندس المعماري‬

‫وهو التزام ببذل عناية الرجل المعتاد‪ ،‬ما لم ينص القانون‪ ،‬أو يقضي األشخاص بخالف ذلك‪.‬‬ ‫‪271‬‬

‫انظر ص من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫‪272‬‬

‫‪131‬‬
‫إذا كان رب العمل هو الشخص الوحيد الذي له صالحية تسلم العمل‪ ،‬فإّن األشخاص‬
‫المس اهمين في ه ذه العملي ة متع ّد دون‪ ،‬فباإلض افة إلى المهن دس المعم اري‪ ،‬يوج د أش خاص‬
‫آخ رون ال يرتبط ون ب رب العم ل بعق د مقاول ة‪ ،‬وم ع ذل ك تك ون لهم مص لحة مش روعة في‬
‫التدخل في عملية التسلم‪.‬‬

‫فبالرجوع إلى المرسوم رقم ‪ 86/205‬المتضمن هيئة المراقبة التقنية للبناء‪ ،‬والقانون‬
‫‪ 11/04‬ال ذي يح دد القواع د ال تي تنظم نش اط الترقي ة العقاري ة‪ ،‬والق رار ال وزاري المش ترك‬
‫الم ؤرخ في ‪ 15‬م اي ‪ 1988‬ال ذي تض من كيفي ات ممارس ة تنفي ذ األش غال في مي دان البن اء‬
‫وأجر ذلك‪ ،‬والقانون ‪ 95/07‬المتعلق بالتأمينات‪ ،‬يكون للمراقبين التقنيين والمرقين العقاريين‬
‫‪275‬‬
‫والمؤمنين‪ ،‬والمكاتب االستشارية‪ ،273‬والمهندسين االستشاريين‪،274‬الحق في التدخل مباشرة‬
‫في عملية التشييد والبناء‪ ،‬وبالتالي حق التدخل في عملية التسليم‬ ‫‪276‬‬
‫أو بطريقة غير مباشرة‬
‫والتسلم‪ ،‬بل والحق في طلب التسلم إذا تقاعس مقاول البناء أو رب العمل في ذلك‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬زمان ومكان التسلم‬

‫تضم هذه المكاتب تقنيين مختصين في ميادين مختلفة من البناء‪ ،‬يكمن دورها في إعداد مشاريع البناء الخاضعة‬ ‫‪273‬‬

‫لرخصة البناء‪ ،‬سواء كانت مكاتب عمومية أو خاصة معتمدة‪ ،‬على أن تكون لها قانونا صالحيات في ميدان الهندسة‬
‫المعمارية‪ ،‬وتوظف مهندسين معماريين‪ ،‬والمالحظ أن لهذه المكاتب نفس المهام التي قررها المهندس المعماري في‬
‫مجال االستشارة الفنية‪ ،‬وتخضع لنفس األحكام الخاصة بااللتزامات والمسؤولية‪.‬‬

‫‪ 274‬هم أه ل خبرة بفن البن اء‪ ،‬يتمث ل دورهم في إبداء ال رأي وإ عداد الدراسة في مس ائل فنية متخصصة قد ت رد على‬
‫االس منت المس لح أو أنظم ة التدفئ ة والتبري د أو أنظم ة الع زل الص وتي والح راري‪ ،‬أو غ ير ذل ك من الدراس ات الفني ة‬
‫المتخصصة بإبرام عقد االستشارة الفنية‪.‬‬

‫والمهندس االستشاري يضع كل معارفه وخبراته الفنية في خدمة عميله‪ ،‬بغية إعداد دراسة فنية متخصصة ومفيدة‬
‫بخصوص ما قد يعترض العميل من مشاكل في أّي فرع من الفروع الهندسية‪=.‬‬

‫= هاش م علي الش هوان‪ ،‬المس ؤولية المدنتي ة للمهن دس االستش اري في عق ود اإلنش اءات‪ ،‬دار الثقاف ة للنش ر والتوزي ع‪،‬‬
‫األردن‪ ،2012 ،‬ص ‪.25،26‬‬

‫التدخل المباشر في عملية البناء والتشييد‪ ،‬يكون من قبل المقاولين من الباطن‪ ،‬والصناع‪ ،‬والمهندسين االستشاريين‬ ‫‪275‬‬

‫والمكاتب االستشارية‪.‬‬

‫الت دخل غ ير المباش ر في عملي ة البن اء والتش ييد‪ ،‬يك ون من ط رف القياس يين‪ ،‬والم راجعين‪ ،‬والمراق بين الفن يين‪،‬‬ ‫‪276‬‬

‫والمؤمنين‪.‬‬
‫‪132‬‬
‫يقع التسلم عادة في الزمان والمكان اللذين يقع فيهما التسليم‪ ،‬فيكون في الموعد المتفق‬
‫عليه في عقد المقاولة‪ ،‬أو في الميعاد المعقول النجاز العمل‪ ،‬وفقا لطبيعته‪ ،‬ولعرف المهنة‪،‬‬
‫وفي جميع األحوال‪ ،‬يجب على رب العمل أن يقوم بتسلم األعمال المنجزة‪ ،‬بمجرد أن يتّم ها‬
‫مقاول البناء‪ ،‬ويضعها تحت تصرفه‪.277‬‬

‫ويكون التسلم في مكان التسليم‪ ،‬أي في المكان المتفق عليه في عقد المقاولة‪ ،‬فإن لم‬
‫يتفق المتعاقدون على مكان التسلم‪ ،‬وقع في المكان الذي يحدده عرف الصنعة‪ ،‬وعليه وعلى‬
‫اعتبار أّن عقد المقاولة يقع على عقار‪ ،‬فإّن التسلم يتم في مكان تواجد هذا العقار‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬طرق تسلم العمل‬

‫تسلم العمل الذي يعتبر نقطة بدء سريان مدة الضمان العشري‪ ،‬إما أن يكون صريحا‬
‫أو ضمنيا‪ ،‬يتم بشكل نهائي أو مؤقت أو على دفعات‪ ،‬وهذا ما سنتعرض إليه‪.‬‬

‫‪ -01‬التسلم الصريح للعمل‬

‫متى انتهى المقاول المشّيد‪ ،‬من إنجاز العمل المسند إليه بموجب عقد المقاولة‪ ،‬المبرم‬
‫بينه وبين رب العمل‪ ،‬وأخطر هذا األخير بالتسلم‪ ،‬وجب على رب العمل تسلم األعمال‪.‬‬

‫واألصل في التسلم أن يتّم صريحا‪ ،‬وذلك بأن يعلن رب العمل قبوله لألعمال المنجزة‬
‫ص راحة‪ ،‬أي أن ي أتي القب ول داال دالل ة واض حة‪ ،‬ال غم وض فيه ا على إرادت ه في التعب ير‬
‫الصريح عن االستالم الفعلي‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك‪ ،‬يستخلص التسلم الصريح لألعمال‪ ،‬من توقيع رب العمل على محضر‬
‫التس ليم والتس لم‪ ،‬وال ذي ال يخض ع ألّي قاع دة ش كلية خاص ة‪ ،278‬وذل ك في حال ة م ا إذا ك ان‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪277‬‬

‫والحراسة‪ ،‬ج ‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.150‬‬

‫‪ 278‬يتم التسلم الصريح بالشكل الذي يراه األطراف محققا لمصالحهم‪ ،‬سواء تّم ذلك شفاهة‪ ،‬أو كتابة‪ ،‬والكتابة هنا ما‬
‫هي إال وسيلة لإلثبات‪ ،‬إذا ما اقتضى األمر ذلك‪.‬‬
‫‪133‬‬
‫التس لم رض ائيا‪ ،‬أم ا عن د رفض رب العم ل التس لم‪ ،‬أو الت أخر في ه‪ ،‬رغم إن ذاره من ط رف‬
‫مقاول البناء بالتسلم‪ ،‬دون سبب مشروع‪ ،‬فإّن اإلنذار الرسمي الموجه إليه يقوم مقام التسلم‬
‫الصريح‪.‬‬

‫‪ -02‬التسلم الضمني‬

‫يك ون التس لم الض مني م تى وض ع ص احب المش روع ي ده على المب اني أو المنش آت‬
‫الثابتة المنجزة‪ ،‬واستعملها للغاية التي تعاقد من أجلها‪ ،‬دون أن يبدي أّي تحفظ بشأنها‪.‬‬

‫وه و يس تخلص من وق ائع يف ترض معه ا بالض رورة موافق ة ص احب المش روع على‬
‫التس لم‪ ،‬كاالس تيالء على العم ل‪ ،‬واالنتف اع ب ه دون ع ائق م دة طويل ة‪ ،‬أو ت أجيره للغ ير‪ ،‬أو‬
‫التصرف فيه‪ ،‬أو تسوية الحساب مع مقاول البناء‪ ،‬بعد معاينة العمل وفحصه دون إبداء أّي‬
‫تحفظ‪.279‬‬

‫‪ -03‬التسلم المؤقت‬

‫يعتبر التسلم مؤقتا في الحاالت التي يقبل فيها رب العمل تسلم العمل‪ ،‬لكن مع إبداء‬
‫بعض التحفظات عليه في محضر التسليم والتسلم‪ ،‬إلى حين رفع أسباب كل هذه التحفظات‪،‬‬
‫عن طري ق إص الح ك ل العي وب‪ ،‬وإ كم ال ك ل النق ائص‪ ،‬وإ زال ة ك ل الش وائب ال تي أدت إلى‬
‫تقرير هذه التحفظات‪ ،‬خالل المدة المتفق عليها‪ ،‬أو في المدة المعقولة‪ ،‬طبقا للعرف الجاري‬
‫في المهنة‪.280‬‬

‫وهذا التسلم المؤقت‪ ،‬ال يبرئ ذمة مقاول البناء من التزاماته التعاقدية‪ ،‬تجاه صاحب‬
‫المشروع‪ ،‬طبقا للقواعد العامة‪.‬‬

‫‪ -‬خديجي أحمد‪ ،‬نطاق المسؤولية العشرية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون األعمال‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪ ،2007-2006 ،‬ص‪.115‬‬

‫‪- PERINET-MARQUET Hugues, La responsabilité des constructeurs, op.cit, p23.‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪279‬‬

‫والحراسة‪ ،‬ج ‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.151‬‬

‫جرت العادة بخصوص عقود مقاوالت المباني أن تكون مدة التسلم المؤقت لألعمال سنة واحدة‪ .‬يراجع‪ :‬خديجي‬ ‫‪280‬‬

‫أحمد‪ ،‬نطاق المسؤولية العشرية‪ ،‬دراسة مقارنة المرجع السابق‪ ،‬ص‪.115‬‬


‫‪134‬‬
‫‪ -04‬التسلم النهائي‬

‫يعتبر التسلم نهائيا بمجرد أن ينتهي مقاول البناء من إصالح ك ّل العيوب‪ ،‬والنقائص‬
‫ال تي اكتش فها رب العم ل‪ ،‬عن د التس لم الم ؤقت لألعم ال‪ ،‬ودّو نه ا في ش كل تحفظ ات بمحض ر‬
‫التسليم والتسلم المؤقت‪ ،‬ويجعل المباني مطابقة لمقتضيات العقد‪.281‬‬

‫وبعد قيام مقاول البناء بإصالح العيوب المتحفظ عليها‪ ،‬تبرأ ذمته تجاه رب العمل‪،‬‬
‫بالنسبة للعيوب الظاهرة فقط أثناء عملية التسلم‪ ،‬غير أنها ال تبرأ من العيوب الخفية‪ ،‬التي قد‬
‫تظهر بعد انتهاء هذه المدة‪.282‬‬

‫أم ا إذا انتهت الم دة المتف ق عليه ا للقي ام باإلص الحات الالزم ة‪ ،‬دون أن تتم ه ذه‬
‫اإلص الحات‪ ،‬ف إّن التس لم النه ائي ال يتم ب دوره‪ ،‬ويج وز ل رب العم ل أن يق وم بتنفي ذ أعم ال‬
‫اإلصالح على نفقة المقاول المتعاقد معه‪ ،‬وعلى مسؤوليته‪ ،‬وذلك بمعرفة مقاول بناء آخر‪،‬‬
‫ب ترخيص من القض اء‪ ،‬غ ير أن ه ق د يس تغني عن ه ذا ال ترخيص في حال ة االس تعجال الش ديد‪،‬‬
‫وفي هذا إعمال للقواعد العامة بوجه عام‪.283‬‬

‫‪ -05‬التسلم الكلي والتسلم الجزئي‬

‫األصل أن يتم تسلم األعمال بصفة كلية أي أن يتّم دفعة واح دة‪ ،‬لكن قد يحصل وأن‬
‫يتم التسلم جزئيا‪ ،‬على ع ّد ة مراحل متتالية‪ ،‬إذا ما كان العمل المعماري قابال للتجزئة‪ ،‬وهذا‬
‫ما سنتناوله تباعا‪.‬‬

‫أ‪ -‬التسلم الكلي‬

‫يكون التسلم كليا‪ ،‬سواء أكان مؤقتا أو نهائيا‪ ،‬وبتاريخ واحد‪ ،‬ومحضر تسليم وتسلم‬
‫واحد‪ ،‬إذا انصب على كل العمل بعد تمام إنجازه‪ ،‬وهذا متى كان العمل كال متكامال ال يقبل‬
‫التجزئة‪ ،‬بحيث تكون طبيعة العمل‪ ،‬تأبى أن يتم تسلمه على دفعات‪.‬‬

‫غير أن المشرع الفرنسي حذف التفرقة بين التسلم المؤقت والتسلم النهائي‪ ،‬واستبدلها بمفهوم جديد‪ ،‬وهو التسلم‬ ‫‪281‬‬

‫الوحيد ( ‪.)La réception unique‬‬

‫راجع ص من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫‪282‬‬

‫من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫انظر المادة‬ ‫‪283‬‬

‫‪135‬‬
‫وقد يكون التسلم كليا وواحدا حتى لو كانت األعمال قابلة للتجزئة‪ ،‬متى اشترط في‬
‫العقد أن يتم التسلم مرة واحدة‪ ،‬وعليه حتى لو تّم إنجاز بعض الوحدات‪ ،‬فال يتّم تسلمها‪ ،‬إال‬
‫إذا أنجزت كل األعمال‪ ،‬وال يجوز بالتالي ألحد المقاولين إلزام رب العمل بدفع باقي األجرة‪،‬‬
‫حتى يتّم إنجاز كّل األشغال موضوع عقد المقاولة‪.‬‬

‫ب‪ -‬التسلم الجزئي‬

‫ينص ب التس لم الج زئي‪ ،‬على األعم ال المعماري ة القابل ة للتجزئ ة إلى ع ّد ة وح دات‬
‫متميزة‪ ،‬أو مجموعة من المراحل‪ ،‬إذ يمكن تسلمها وحدة وحدة‪ ،‬أو مرحلة تلو األخرى حس ب‬
‫م ا يتم انج ازه منه ا‪ ،‬وحس ب رغب ة ص احب المش روع‪ ،‬وفي ه ذه الحال ة تب دأ مهل ة الض مان‬
‫العش ري في الس ريان من وقت تس لم ك ل ج زء على ح دى‪ ،284‬تبع ا لت اريخ تس لمها‪ ،‬فتتع دد‬
‫تواريخ التسلم ومحاضره‪ ،‬بحسب عدد المرات التي يتم فيها‪.‬‬

‫وق د تك ون األعم ال غ ير قابل ة للتجزئ ة بحكم طبيعته ا‪ ،‬وم ع ذل ك يمكن تس لمها تس لما‬
‫جزئيا‪ ،‬كأن يتعاقد رب العمل مع مجموعة من المقاولين‪ ،‬مختلفي التخصصات‪ ،‬بعقود مقاولة‬
‫منفصلة‪ ،‬فال يلزم أن يتم التسلم بالنسبة لهم جميعا في تاريخ واحد‪ ،‬وإ نما يجوز لرب العمل‬
‫أن يتسلم جزء من العمل‪ ،‬من كل واحد منهم على حدى‪ ،‬بحسب ما أتّم ه من أعمال‪.285‬‬

‫رابعا‪ :‬إثبات التسلم‬

‫األص ل أن يق ع عبء إثب ات التس لم وتاريخ ه على م دعي الض مان الخ اص‪ ،‬أي على‬
‫ع اتق رب العم ل‪ ،‬ال ذي يجب عليه أن يثبت أّن سببه ق د تّم خالل م دة الضمان العشري‪ ،‬أما‬
‫إذا ك ان التس لم ض منيا‪ ،‬ف إّن عبء إثبات ه يق ع على ع اتق المعم اري‪ ،‬ال ذي يثبت األفع ال ال تي‬
‫تشكل بمضمونها استالما ضمنيا‪ ،‬تحت السلطة التقديرية لقاضي الموضوع‪.286‬‬

‫الحس يني عب د اللطي ف‪ ،‬المس ؤولية المدني ة عن األخط اء المهني ة (الط بيب‪ ،‬المهن دس المعم اري‪ ،‬والمق اول‬ ‫‪284‬‬

‫والمحامي)‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.238‬‬


‫‪285‬‬
‫‪PERINET-MARQUET Hugues, La responsabilité des constructeurs, op.cit. p 22.‬‬

‫فيقّد ر القاضي قيمة هذه الوسائل ومداها‪ ،‬وهل هي تشكل قرائن على االستالم الضمني لألعمال أم ال؟‬ ‫‪286‬‬

‫‪136‬‬
‫والمالح ظ أن مس ألة إثب ات التس لم تختل ف ب اختالف التك ييف الق انوني للتس لم‪ ،‬فمن‬
‫اعت بره مج رد واقع ة مادي ة‪ ،‬أج از إثبات ه بكاف ة ط رق اإلثب ات بم ا فيه ا البّين ة والق رائن‪ ،‬ومن‬
‫اعتبره تصرفا قانونيا أوجب إثباته بالكتابة‪.287‬‬

‫ه ذا ويستحس ن كتاب ة عملي ة التس لم وتاريخه ا في محض ر التس لم إن وج د‪ ،288‬وذل ك‬


‫لتفادي النزاع الذي قد يثور فيما بعد‪ ،‬بشأن احتساب مدة الضمان التي ترتبط بتاريخ التسلم‬
‫قانونا‪ ،‬ففي الكتابة مصلحة لرب العمل وللمعماري المتعاقد معه‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬آثار التسلم‬

‫من أهم النتائج التي تترتب على تسلم صاحب المشروع العمل وتقبله‪ ،‬ما يلي‪:‬‬

‫‪ ُ-‬يستحق دفع األجرة أو الباقي منها عند تقبل العمل وتسلمه‪ ،‬إال إذا اقتضى العرف‬
‫أو االتفاق خالف ذلك‪ ،‬بحيث يتعين على صاحب المشروع‪ ،‬متى تسلم البناية وقبلها‪ ،‬أن يدفع‬
‫األجر المتفق عليه في العقد إلى مقاول البناء‪ ،‬مقابل العمل الذي أداه‪.289‬‬

‫‪ -‬ال يض من مق اول البن اء‪ ،‬من وقت تس لم ص احب المش روع للعم ل وتقبل ه‪ ،‬العي وب‬
‫الظاهرة‪ ،‬والتي كان بإمكانه كشفها بالفحص العادي‪ ،‬لو أنه بذل في فحصها ومراجعتها‪ ،‬ما‬
‫يبذله الشخص المعتاد من نفس طائفته‪.‬‬

‫فم تى تس لم ص احب المش روع العم ل بعي وب ظ اهرة‪ ،‬من الس هل اكتش افها ب الفحص‬
‫العادي‪ ،‬ولم يبد بشأنها تحفظات‪ ،‬اعتبر ذلك قبوال للحالة التي كان عليها‪ ،‬غير أنه إذا استعان‬
‫صاحب المشروع بمهن دس معم اري ليس اعده وقت عملية التسلم وينصحه‪ ،‬فعلى ه ذا األخ ير‬

‫وهو االتجاه الذي تبناه المشرع الجزائري‪ ،‬وما دام أن القانون المدني لم ينص على شكل معين تتم فيه الكتابة‪،‬‬ ‫‪287‬‬

‫فإن األطراف أحرار في اتخاذ الكتابة التي يرونها مناسبة‪ ،‬سواء كانت رسمية أو عرفية‪.‬‬

‫‪ -‬لتفاص يل أك ثر‪ ،‬يراج ع‪ :‬عك و فاطم ة الزه رة‪ ،‬التزام ات رب العم ل في عق د مقاول ة البن اء‪ ،‬بحث لني ل ش هادة‬
‫الماجستير في العقود والمسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ -‬بن عكنون‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2005-2004 ،‬ص‪.142‬‬

‫وجود محضر التسلم والتسليم دليل قاطع على حصول عملية التسلم‪ .‬يراجع بهذا الصدد‪ :‬خديجي أحمد‪ ،‬نطاق‬ ‫‪288‬‬

‫المسؤولية العشرية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.124‬‬

‫تنص المادة ‪ 559‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬تدفع األجرة عند تسلم العمل إال إذا اقتضى الع رف أو االتفاق خالف‬ ‫‪289‬‬

‫ذلك"‪.‬‬
‫‪137‬‬
‫إذا م ا رأى عيوب ا بالبن اء تعيب ه‪ ،‬أن ينب ه رب العم ل به ا‪ ،‬وينص حه‪ ،‬إم ا ب رفض التس لم‪ ،‬إذا‬
‫كانت هذه العيوب جسيمة‪ ،‬أو تسلم العمل مع إبداء بعض التحفظات‪ ،‬إذا كانت العيوب مما‬
‫يمكن إصالحها‪ ،‬وإ ذا ما أخل المهندس المعماري بالتزامه باإلرشاد‪ ،‬قامت مسؤوليته العقدية‬
‫قبل صاحب المشروع‪ ،‬ومن تم كان مسؤوال عن األضرار التي تنجم عن تقصيره‪ ،‬حتى لو‬
‫كان من السهل على صاحب المشروع كشف هذه العيوب‪ ،‬دون مساعدة المهندس المعماري‪.‬‬

‫‪ -‬ينتقل تحمل تبعة العمل من المقاول إلى صاحب المشروع من وقت التقبل والتسلم‪،‬‬
‫وفي ح ال رفض رب العم ل التس لم دون س بب مش روع‪ ،‬ينتق ل تحم ل التبع ة إلي ه من وقت‬
‫اعذاره بتسلم األعمال‪.‬‬

‫فإذا هلك العمل بعد تسلم صاحب المشروع للعمل‪ ،‬تحمل تبعة هالكه باعتباره مالكا‬
‫ل ه‪ ،‬أم ا إذا هل ك العم ل‪ ،‬ول و لم يتس لمه‪ ،‬بع د االع ذار بالتس لم‪ ،‬ف إّن ص احب المش روع يتحم ل‬
‫تبع ة هالك ه ول و لم يتس لمه‪ ،‬ويجب علي ه أن ي دفع األج ر لمق اول البن اء كم ا ل و ك ان ق د تس لم‬
‫العمل‪.290‬‬

‫‪ -‬أّن حراس ة العم ل مح ل عق د المقاول ة تنتق ل إلى ص احب المش روع بع د تم ام عملي ة‬
‫التس لم‪ ،‬ففي ه ذه الحال ة تنتق ل إلي ه الس يطرة الفعلي ة على البن اء‪ ،‬وم ا يس تدعيه من ص يانة‬
‫وإ صالح‪ ،‬ومن تم يكون مسؤوال عن كل ما يحدثه هذا العمل من ضرر للغير‪.‬‬

‫‪ -‬تبدأ مدة سريان الضمان العشري من وقت تسلم صاحب المشروع األعمال نهائيا‪،‬‬
‫وهي الم دة ال تي يض من فيه ا‪ ،‬ك ل من المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بالتض امن‪ ،‬العي وب‬
‫الخفية التي تهدد متانة المباني وسالمتها‪.291‬‬

‫‪ -‬تنتقل ملكية الشيء المصنوع‪ ،‬إذا كان المقاول هو الذي وّر د المادة التي استخدمها‬
‫في العمل‪ ،‬إلى صاحب المشروع‪ ،‬من وقت التقبل والتسلم‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 568/3‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬فإذا كان رب العمل هو الذي أعذر بأن يتسلم الشيء أو كان هالك‬ ‫‪290‬‬

‫الش يء أو تلفه راجع ا إلى خطأ من ه أو إلى عيب في الم ادة التي ق ام بتوريدها ك ان هالك الم ادة عليه وك ان للمقاول‬
‫الحق في األجر وفي إصالح الضرر عند االقتضاء"‪.‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 554/2‬من نفس الق انون الم ذكور على م ا يلي‪ " :‬وتب دأ م دة الس نوات العش ر من وقت تس لم العم ل‬ ‫‪291‬‬

‫نهائيا"‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫نطاق تطبيق قواعد المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء مسؤولية خاصة‪ ،‬ال تخضع للقواعد العامة‬
‫في المسؤولية المدنية‪ ،‬فهي مقصورة على نطاق محّد د وعلى دائرة معينة‪ ،‬لذلك نجد أحكامها‬
‫تطبق على أشخاص معينين‪ ،‬وعلى نوع محدد من العيوب تصيب المباني والمنشآت الثابتة‪،‬‬
‫أو تهّد د متانتها وسالمتها‪ ،‬خالل مدة معينة ومحددة بعد تسليمها لرب العمل‪.‬‬

‫ولّم ا كان األصل في هذه القواعد االستثنائية ‪ -‬لخروجها عن القواعد العامة ‪ -‬فإنه ال‬
‫يج وز القي اس عليه ا‪ ،‬وال التوس ع في تفس يرها‪ ،‬ب ل يجب تفس يرها تفس يرا ض ّيقا في ح دود‬
‫الحكم ة من تقريره ا‪ ،‬وتحدي د نط اق س ريانها تحدي دا دقيق ا‪ ،‬س واء من حيث األش خاص ال ذين‬
‫تشملهم أحكامها‪ ،‬أو من حيث الموضوع الذي تنظمه قواعدها‪ ،‬وهذا ما سنتناوله‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬النطاق الشخصي لقواعد المسؤولية الخاصة‬

‫من المس لم ب ه فقه ا أّن للمس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬نطاق ا‬
‫محّد دا‪ ،‬مقصورا على دائرة معّينة من األشخاص دون غيرهم‪ ،‬وهذه الدائرة تتح ّد د من حيث‬
‫األط راف المس ؤولون‪ ،‬كم ا تتح ّد د من حيث األط راف المس تفيدون من أحك ام ه ذه المس ؤولية‬
‫الخاص ة‪ ،‬وعلى ذل ك ن درس النط اق الشخص ي للمس ؤولية الخاص ة في ف رعين‪ ،‬نتع رض في‬
‫الفرع األول إلى األشخاص المسؤولين‪ ،‬ونتناول في الفرع الثاني األشخاص المستفيدين‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫‪292‬‬
‫الفرع األول‪ :‬األشخاص المسؤولون‬

‫ح ّد د المش رع الجزائ ري في الم ادة ‪ 544‬من الق انون الم دني‪ ،‬األش خاص المس ؤولين‬
‫بالضمان العشري‪ ،‬عن تهدم البناء أو تعّيبه على سبيل الحصر‪ ،‬وهم المهندسون المعماريون‬
‫والمق اولون‪ ،‬غ ير أن ه أض اف إلى ه ؤالء األش خاص‪ ،‬طائف ة أخ رى بم وجب ق وانين خاص ة‪،‬‬

‫‪ 292‬ننوه هنا أّن القانون المدني الجزائري‪ ،‬احتفظ بالنطاق الشخصي التقليدي للمسؤولية الخاصة للمهندس المعماري‬
‫ومق اول البن اء (في الم ادة ‪ 554‬من ق‪.‬م‪.‬ج)‪ ،‬كم ا أخ ذها من الق انون الم دني الفرنس ي‪ ،‬من مادتي ه ‪ 1792‬و ‪،2270‬‬
‫في صياغتهما األصلية سنة ‪ ،1804‬حيث قصر تطبيق قواعدها عليهما دون غيرهما‪.‬‬

‫‪L’article 1792 ( C.civ 1804 ) : « Si l’édifice construit à prix fait, périt en tout ou en partie par le vice de la‬‬
‫‪construction, même par le vice du sol, les architectes et entrepreneurs en sont responsable pendant dix ans ».‬‬

‫‪L’article 2270 ( C.civ 1804 ) : « Après dix ans, l’architecte et les entrepreneurs sont déchargés de la garantie‬‬
‫‪des gros ouvrage qu’ils ont faits ou dirigés ».‬‬

‫غ ير أّن المالح ظ أن الق انون الم دني الفرنس ي‪ -‬ال ذي أخ ذ مش رعنا أحك ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري‬
‫ومقاول البناء عليه‪ ،‬وبقي عليها منذ أن أخذها دون تعديل أو تغيير‪ -‬عرف تطورات مهمة‪ ،‬واتجه نحو التوسيع من‬
‫نطاق الضمان العشري‪ ،‬وذلك في مرحلتين متقاربتين‪ ،‬فقرر تطبيق قواعد هذه المسؤولية‪ ،‬على كل من يرتبط مع‬
‫رب العم ل بعق د مقاول ة‪ ( ،‬في الم ادتين ‪ 1792‬و‪ 2270‬من الق انون رقم ‪ 3‬لس نة ‪ 1976‬الم ؤرخ في‬
‫‪.)03/01/1967‬‬

‫‪L’article 1792 ( loi 67/3) : « Si l’édifice périt en tout ou en partie par le vice de la construction, même par le‬‬
‫‪vice du sol, les architectes, entrepreneur et autres personnes liées au maitre de l’ouvrage par un contrat de‬‬
‫‪louage d’ouvrage en sont responsables pendant dix ans ».‬‬

‫‪L’article 2270 ( loi 67/3) : « Les architectes entrepreneurs, et autres personnes liées au maitre de l’ouvrage‬‬
‫‪par un contrat de louage d’ouvrage sont déchargés de la garantie des ouvrages qu’ils ont fait ou dirigés après‬‬
‫‪dix ans… ».‬‬

‫بل ولقد ذهب إلى أبعد من ذلك‪ ،‬إذ قرر تطبيق قواعدها على أشخاص ال تربطهم أية عالقة تعاقدية مع رب العمل‪،‬‬
‫واعت برهم في حكم المش يدين التقلي دين‪ ،‬ومن ذل ك ب ائع العق ار تحت التش ييد‪ ،‬ومتعه د البن اء‪ ،‬وب ائع العق ار‪ ،‬ومش يد‬
‫المنازل الخاصة ( في المادة ‪ 1792‬و‪ 1792/1‬في صياغتهما الحديثة من القانون رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 1978‬المؤرخ في‬
‫‪.(04/01/1978‬‬

‫‪L’article 1792 ( loi 78/12): “ Tout constructeur d’un ouvrage est responsable de plein droit envers le maitre‬‬
‫‪ou l’acquéreur de l’ouvrage, des dommages même résultant d’un vice du sol, qui compromettent la solidité‬‬
‫‪de l’ouvrage…”.‬‬
‫‪140‬‬
‫وهي طائفة المراقبين التقنيين والمرقين العقاريين‪ ،‬نظرا للدور الذي يؤدونه في تنفيذ أعمال‬
‫البناء‪.293‬‬

‫وفقا ألحكام المسؤولية الخاصة‪ ،‬يقع على رأس األشخاص المسؤولين عن تهدم البناء‬
‫وتعّيبه‪ ،‬المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬اللذان يباشران عملية البناء‪ ،‬ويكونان في الغالب‪،‬‬
‫م رتبطين م ع ص احب المش روع بعق د مقاول ة مباش رة‪ ،‬غ ير أّن هن اك أشخاص ا آخ رين ال‬
‫يرتبطون مباشرة مع صاحب المشروع بعقد مقاولة‪ ،‬ومع ذلك يكونون مسؤولين وفقا ألحكام‬
‫هذه المسؤولية الخاصة‪ ،‬وهذا ما سنتناوله بالتفصيل‪.‬‬

‫نّص المش رع الجزائ ري في الم ادة ‪ 554‬الفق رة األولى من الق انون الم دني على م ا‬
‫" يضمن المهندس المعماري والمق اول متضامنين‪ ،‬ما يح دث خالل عشر سنوات‪،‬‬ ‫يلي‪:‬‬
‫من تهدم كلي أو جزئي فيما شّيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى ولو كان التهدم‬
‫ناشئا من عيب في األرض‪ .‬ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في‬
‫المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسالمته "‪.‬‬

‫بقراءة نّص هذه المادة‪ ،‬يتضح لنا أّن المشرع الجزائري قصر نطاق الضمان العشري‬
‫على المهندس ين المعم اريين ومق اولي البن اء فق ط‪ ،‬دون غ يرهم من األش خاص اآلخ رين ‪-‬‬
‫باعتبارهم المشتغلين التقليديين في عملية البناء ‪ -‬الذين يشاركون في عملية البناء والتشييد‪،‬‬
‫فهذه المسؤولية تكاد تكون خاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء دون غيرهما من سائر‬
‫المهنيين‪ ،‬نتيجة األضرار التي تهدد األفراد بسبب أخطائهما المهنية‪.‬‬

‫إال أنه نظرا لتطور عمليات البناء في العصر الحديث‪ ،‬وتزايد عدد المشاركين فيها‪،‬‬
‫بناء على التطورات التي حصلت في مجال البناء‪ ،‬خاصة بعد النهضة الصناعية التي عرفها‬
‫العالم‪ ،‬والتي أدت إلى تدخل أشخاص آخرين‪ ،‬بصفة مباشرة أو غير مباشرة في عملية البناء‪،‬‬
‫توسعت دائرة األشخاص المسؤولين بموجب أحكام الضمان العشري‪.‬‬

‫‪L’article 1792/1 ( loi 78/12): “ Est réputé constructeur de l’ouvrage 1- Tout architecte, entrepreneur, tech-‬‬
‫‪nicien ou autre personne liée au maitre de l’ouvrage par un contrat de louage d’ouvrage…”.‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫يراجع ما سيتم شرحه في ص‬ ‫‪293‬‬

‫‪141‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬عرف النطاق الشخصي ألحكام الضمان العشري في التشريع الجزائري‬
‫توّس عا ملحوظ ا‪ ،‬فلم يع د قاص را على األش خاص التقلي ديين الم ذكورين في أحك ام الق انون‬
‫الم دني‪ ،‬أي على المهندس ين المعم اريين ومق اولي البن اء‪ ،‬وإ نم ا بس ط المش رع‪ ،‬نط اق تط بيق‬
‫أحك ام الض مان العش ري‪ ،‬على بعض المهن يين الع املين في مج ال البن اء بم وجب التش ريعات‬
‫المتعاقبة‪ ،294‬سواء وجد عقد مقاولة أو لم يوجد‪.‬‬

‫فمن هم هؤالء األشخاص؟ وما موقف القانون الجزائري من مدى مسؤوليتهم؟‬

‫لإلجاب ة على ه ذه التس اؤالت وغيره ا‪ ،‬ارتأين ا أن نتن اول بالدراس ة‪ ،‬نط اق المس ؤولية‬
‫من حيث األشخاص المسؤولون في جزأين‪ ،‬نخصص أولهما لألشخاص المرتبطين بصاحب‬
‫المشروع بعقد مقاولة‪ ،‬وثانيهما لألشخاص المسؤولين بغض النظر عن ارتباطهم بعقد مقاولة‬
‫مع رب العمل من عدمه‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األشخاص المسؤولون الرتباطهم بعقد مقاولة مع رب العمل‬

‫ب الرجوع إلى نص الم ادة ‪ 544‬من الق انون الم دني الم ذكورة أعاله‪ ،295‬نج دها ال‬
‫تش ترط في الش خص ح تى يك ون مس ؤوال‪ ،‬بمقتض ى أحك ام الض مان العش ري‪ ،‬أن يرتب ط م ع‬
‫رب العمل بعقد مقاولة‪ ،‬غير أّن الفقه والقضاء يشترطان ذلك‪ ،‬ولع ّل السبب في ذلك يرجع‬
‫إلى موض ع ه ذا النص التش ريعي من التق نين الم دني الجزائ ري‪ ،‬وال ذي ج اء في الفص ل‬
‫المخص ص لتنظيم عق د المقاول ة‪ ،‬إذ يفهم من ه ض منا‪ ،‬أّن ط رفي الض مان ال ب ّد وأن يكون ا‬
‫مرتبطين معا بعقد مقاولة‪ 296‬حتى تطبق عليهما أحكام الضمان‪.‬‬

‫فشمل هذا التوسع المراقبين الفنيين‪ ،‬والمرقين العقاريين‪.‬‬ ‫‪294‬‬

‫يقابل نص هذه المادة المادتان ‪ 1792‬و‪ 2270‬من القانون المدني الفرنسي‪ ،‬والمادة ‪ 651‬وما بعدها من القانون‬ ‫‪295‬‬

‫المدني المصري‪ ،‬والمادة ‪ 788‬من القانون المدني األردني‪ ،‬والمادة ‪ 744‬من القانون المدني الفلسطيني‪.‬‬

‫أي بعق د يتعه د بمقتض اه أح د المتعاق دين‪ ،‬أن يص نع ش يئا‪ ،‬أو أن ي ؤدي عمال مادي ا‪ ،‬لق اء أج ر يتعه د ب ه المتعاق د‬ ‫‪296‬‬

‫اآلخ ر‪ ،‬م ع اس تقالل المق اول عن رب العم ل في طريق ة تأدي ة ه ذا العم ل‪ ،‬وفي أس لوب ص نع ه ذا الش يء‪ ،‬وع دم‬
‫خضوعه إلدارته وإ شرافه‪ ،‬ويقع عبء إثبات وجود هذا العقد على عاتق المدعي‪ ،‬الذي يجب عليه تقديم دليل كتابي‪،‬‬
‫إذا لم يكن ه ذا األخ ير ت اجرا‪ ،‬وزادت قيم ة االل تزام عن ‪ 100‬أل ف دين ار جزائ ري‪ ،‬طبق ا للم ادة ‪ 333‬من الق انون‬
‫المدني الجزائري‪.‬‬
‫‪142‬‬
‫وال يكفي مجرد وجود عقد مقاولة‪ ،‬للقول بقيام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري‬
‫ومقاول البناء‪ ،‬بل يجب فضال عن ذلك أن يكون هذا العقد منعقدا بين المسؤول ورب العمل‪،‬‬
‫وهذا ما سنتناوله فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -01‬ضرورة وجود عقد مقاولة‬

‫حتى تقوم المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء يجب أن يكون العقد‬
‫الم برم بينهم ا وص احب المش روع عق د مقاول ة‪ ،‬موض وعه إقام ة المب اني أو المنش آت الثابت ة‪،‬‬
‫وعليه قبل اعتبار أحد األشخاص مسؤوال بموجب هذا النظام‪ ،‬يجب أوال تكييف العقد المبرم‬
‫بينه وبين رب العمل‪ ،‬والقول أنه عقد مقاولة‪ ،‬حتى تسري عليه أحكام الضمان الخاص‪.‬‬

‫فإذا قام المهندس المعماري بالعمل دون أن يرتبط مع رب العمل بعقد مقاولة‪ ،‬كما لو‬
‫قام به مجانا خدمة لرب العمل‪ ،‬أو كان يقوم بالعمل بناء على عقد آخر غير عقد المقاولة‪،‬‬
‫فإن ه ال يك ون مس ؤوال وفق ا ألحك ام الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني الجزائ ري‪ ،‬ب ل ت ترتب‬
‫مسؤوليته وفقا للقواعد العامة‪ ،‬أو طبقا لبنود ذلك العقد‪.‬‬

‫فإذا اتضح مثال أّن العقد المراد الرجوع بالضمان الخاص على أساسه عقد وكالة‪،297‬‬
‫لم يج ز الرج وع بمقتض ى أحك ام ه ذا الض مان الخ اص‪ ،‬ألّن عق د الوكال ة ال يعطي ه الح ق في‬
‫ذلك‪ ،‬وألنه يختلف عن عقد المقاولة من حيث طبيعة األعمال المطلوب تأديتها‪ ،‬والتي تكون‬
‫أعماال مادية بالنسبة لعقد المقاولة‪ ،‬وتصرفات قانونية في عقد الوكالة‪ .‬فإذا كان العقد المبرم‬
‫مع المهندس المعماري يقع على خليط من األعمال المادية‪ ،298‬والتصرفات القانونية‪ ،299‬فإنه‬
‫ال يرجع على المهندس المعماري بمقتضى أحكام الضمان الخاص‪ ،‬إال فيما يتعلق بمسؤوليته‬
‫عن األعمال المادية فقط‪ ،‬أما فيما يتعلق بالتصرفات القانونية‪ ،‬ف يرجع عليه بمقتضى أحكام‬
‫عقد الوكالة‪ ،‬ألنه يكون في قيامه بها نائبا عن رب العمل‪.‬‬

‫‪ 297‬ع ّر ف المش رع الجزائ ري الوكال ة في الم ادة ‪ 571‬ق‪.‬م بأنه ا عق د‪ ،‬بمقتض اه يف وض ش خص‪ ،‬شخص ا آخ ر للقي ام‬
‫بعمل شيء لحساب الموكل وباسمه‪.‬‬

‫مثل وضع التصميم‪ ،‬والرسوم‪ ،‬وعمل المقايسات‪ ،‬واإلشراف على التنفيذ‪.‬‬ ‫‪298‬‬

‫‪ 299‬من قبيل هذه التصرفات‪ :‬محاسبة المقاول‪ ،‬وإ قرار الحساب‪ ،‬ودفع مستحقات المقاول‪ ،‬وتسلم العمل بعد إنجازه‪،‬‬
‫وقبوله من رب العمل بعد تسلمه‪.‬‬
‫‪143‬‬
‫وليس‬ ‫‪300‬‬
‫أما إذا تبين أّن العقد المراد الرجوع على أساسه بالضمان الخاص عقد بيع‬
‫عقد مقاولة‪ ،‬فإن أحكام الضمان الخاص ال تسري كذلك في حال قيام المسؤولية‪ ،‬ألّن البيع ال‬
‫ي رتب مث ل ه ذا الض مان الخ اص‪ ،‬وعلي ه ال يس أل المق اول ال ذي يت ولى بنفس ه عملي ة تش ييد‬
‫البناء‪ ،‬لحسابه الخاص‪ ،‬وعلى أرض مملوكة له‪ ،‬ثّم يقوم بعد تمام إنجاز البناء ببيعه للغير‪،‬‬
‫فهنا ال نكون بصدد عقد مقاولة الستحالة نشوء هذا العقد بين الشخص ونفسه‪ ،‬ولعدم إمكانية‬
‫القول بأّن المقاول قصد أن يجمع بين صفته هذه وصفته كرب للعمل في آن واحد‪ ،301‬وعليه‬
‫ال يمكن الرج وع علي ه هن ا إال بمقتض ى أحك ام ض مان الب ائع للعي وب الخفي ة في الم بيع طبق ا‬
‫ألحكام المادة ‪ 379‬وما بعدها من القانون المدني‪.‬‬

‫كم ا أن ه ال يج وز الرج وع بأحك ام الض مان الخ اص‪ ،‬إذا ك ان المهن دس المعم اري أو‬
‫مق اول البن اء م رتبطين ب رب العم ل بم وجب عق د عم ل‪ ،‬وكان ا يقوم ان بعملهم ا تحت إش راف‬
‫ورقابة هذا األخير‪ ،‬وإ دارته وتوجيهه‪ ،‬فانهما يعتبران عاملين ال مقاولين‪ ،‬ومن تّم ال يكونان‬
‫مسؤولين مسؤولية عشرية وفقا للمادة ‪ 554‬أعاله‪ ،‬بل تترتب مسؤوليتهما وفقا ألحكام عقد‬
‫العمل‪.‬‬

‫وبن اء على م ا س بق ذك ره‪ ،‬يجب التثبت من ص حة التك ييف الق انوني للعق د الم برم بين‬
‫صاحب المشروع والمهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬فإذا تبين أّن العقد هو عقد مقاولة‪،‬‬
‫جاز لصاحب المشروع الرجوع عليهما بالضمان‪ ،‬أما إذا تبين أّن العقد الذي يربط صاحب‬
‫المش روع بالمهن دس المعم اري أو بمق اول البن اء ليس عق د مقاول ة‪ ،‬فعندئ ذ ال يك ون ه ذان‬
‫األخيران مسؤولين وفقا ألحكام المادة ‪ 554‬من القانون المدني‪ ،‬وإ نما تسري عليهما القواعد‬
‫العامة وفقا لتكييف العقد‪.302‬‬

‫‪ 300‬عّر ف المشرع الجزائري عقد البيع في المادة ‪ 351‬ق م بأنه‪ ":‬عقد يلتزم بمقتضاه البائع أن ينقل للمشتري ملكية‬
‫شيء أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي"‪.‬‬

‫محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪301‬‬

‫‪.27‬‬

‫فإذا كان عقد بيع‪ ،‬فانه تسري عليه القواعد العامة في البيع‪ ،‬أما إذا كان عقد وكالة‪ ،‬فتسري عليه القواعد العامة‬ ‫‪302‬‬

‫في الوكالة‪ ،‬وهكذا‪.‬‬


‫‪144‬‬
‫وعلي ه ي ترتب الض مان الخ اص م تى وج د عق د مقاول ة‪ ،‬ويس توي في ذل ك أن يك ون‬
‫األجر مقّد را جزافا‪ ،‬أو مقدرا بسعر الوحدة‪ ،‬أو مقّد را بحسب أهمية العمل‪ ،‬أو كان أجرا ثابتا‬
‫يعطى للمهندس المعماري أو مقاول البناء طوال مدة العمل‪.303‬‬
‫‪304‬‬
‫‪ -02‬ضرورة انعقاد عقد المقاولة مع رب العمل األصلي‬

‫ال يكفي وج ود عق د مقاول ة بين المش ّيد ورب العم ل للق ول بقي ام أحك ام المس ؤولية‬
‫الخاصة‪ ،‬أي أحكام الضمان العشري‪ ،‬بل يجب فضال عن ذلك‪ ،‬أن يكون هذا العق د مبرما مع‬
‫رب العمل الذي يريد االستفادة من أحكام هذا الضمان المشدد‪.‬‬

‫وعليه فإن المقاولين من الباطن‪ ،‬والمهندسين المعماريين‪ ،‬وغيرهم من الفنيين‪ ،‬الذين‬


‫لم يتعاق دوا مباشرة م ع رب العم ل األصلي‪ ،‬وال ذين شاركوا ب دور معين في عملية البن اء‪ ،‬ال‬
‫يخضعون للضمان الخاص‪ ،‬وذلك لتخلف شرط ارتباطهم مع هذا األخير بعقد مقاولة‪ ،‬وإ نما‬
‫يبقى لرب العمل‪ ،‬في هذه الحالة‪ ،‬الرجوع عليهم بمقتضى القواعد العامة للمسؤولية‪.305‬‬

‫كم ا ال يج وز للمق اول األص لي أن يرج ع على المق اول من الب اطن بقواع د الض مان‬
‫العش ري‪ ،‬ح تى ل و ارتب ط مع ه بعق د مقاول ة‪ ،306‬مثلم ا تنص على ذل ك الم ادة ‪ 554‬في فقرته ا‬
‫الثالثة من القانون المدني‪ ،‬والتي جاء نصها كاآلتي‪ " :‬وال تسري هذه المادة على ما قد يكون‬
‫للمقاول من حق الرجوع على المقاولين الفرعيين"‪.‬‬

‫‪ -03‬النطاق التقليدي لألشخاص المسؤولين‬

‫‪ -‬أن ور العمروس ي‪ ،‬التعلي ق على نص وص الق انون الم دني المع دل‪ ،‬الج زء الث الث‪ ،‬دار المطبوع ات الجامعي ة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬بدون سنة نشر‪ ،‬ص‪.46 ،38‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫في كيفية تقدير األجر‪ ،‬يراجع ما سبق شرحه في ص‬ ‫‪303‬‬

‫يقصد برب العمل األصلي صاحب المشروع‪.‬‬ ‫‪304‬‬

‫‪305‬‬
‫‪MALINVAUD Philippe, op.cit. p1147.‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫يراجع ما سبق شرحه في ص‬ ‫‪306‬‬

‫‪145‬‬
‫يقتص ر تط بيق أحك ام الض مان العش ري على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء فق ط‬
‫حسب مقتضيات المادة ‪ 544‬من القانون المدني المنوه عنها سابقا‪ ،‬وهما الشخصان التقليديان‬
‫اللذان تسري عليهما أحكام الضمان الخاص كأصل عام مثلما سنرى‪.‬‬
‫‪307‬‬
‫أ‪ -‬المهندس المعماري‬

‫يطلق لفظ المهندس المعماري على الشخص الحاصل على مؤهل هندسي في هندسة‬
‫المعم ار‪ ،‬يؤهل ه ألن يض ع التص ميمات‪ ،‬والخرائ ط‪ ،‬والرس ومات‪ ،‬والنم اذج‪ ،‬ويق ّد ر األبع اد‪،‬‬
‫والقياسات المختلفة للمنشآت‪ ،‬واألبنية المراد إقامتها‪ ،‬ويشرف على تنفيذها‪.308‬‬

‫يطلق لفظ المهندس المعماري لغة‪ ،‬على الفنان الذي يعهد إليه وضع التصميم والرسوم والنماذج‪ ،‬إلقامة المنشآت‪،‬‬ ‫‪307‬‬

‫وتحديد أبعادها‪ ،‬واإلشراف على تنفيذها‪ ،‬تحت مسؤوليته‪.‬‬

‫ويع ني بالفرنس ية ‪ ،L’architecte‬وهي كلم ة مش تقة من الكلم ة اإلغريقي ة ‪ Architekton‬ال تي تتك ون من لفظين‪ :‬األول‬
‫‪ ،Arkhi‬ويعني الهيمنة والرفعة‪ ،‬بمعنى السيد أو الرب‪ ،‬والثاني ‪ ،Tekton‬ويعني العامل‪.‬‬

‫‪ -‬ه دى حام د قش قوش‪ ،‬المس ؤولية الجنائي ة للمهن دس والمق اول عن ع دم مراع اة األص ول الفني ة في البن اء‪ ،‬دراس ة‬
‫مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1994 ،‬ص‪.20‬‬

‫راجع قاموس روبير في اللغة الفرنسية بخصوص لفظ ‪ ،Architecte‬الجزء األول‪.1981 ،‬‬ ‫‪308‬‬

‫‪ -‬ولقد عّر فه تقنين جياديت بذات التعريف الذي سبق أن تضّم نه قانون األكاديمية الفرنسية بأنه‪ " :‬الفنان الذي يص ّم م‬
‫ويرس م األبني ة‪ ،‬ويعّين له ا النس ب واألحج ام والتقس يمات المختلف ة والزخرف ات المناس بة‪ ،‬مش رفا على تنفي ذها تحت‬
‫مسؤوليته وأخيرا يسوي معروفاتها "‪.‬‬

‫‪- L’architecte est défini par le dictionnaire de l’académie Française 1878 en ces termes : "L’artiste qui‬‬
‫‪compose les édifices, en détermine les proportions les distributions, les décorations, les fait exécuter sous ses‬‬
‫=‪ordres et en règle les dépenses ".‬‬

‫= هذا ويعتبر تقنين جياديت‪ ،‬بمثابة ميثاق شرف لمهنة الهندسة المعمارية في فرنسا‪ ،‬أقره مؤتمر بوردو للمهندسين‬
‫المعماريين الفرنسيين المنعقد عام ‪ ،1895‬والمعدل بتاريخ ‪ 17‬جويلية ‪ ،1912‬بمعرفة الجمعي ة المركزي ة للمهندسين‬
‫المعماريين‪.‬‬

‫‪ -‬وعرفته الئحة مزاولة مهنة الهندسة المعمارية في مصر بأنه‪" :‬الشخص المتميز بقدرته على التخطيط‪ ،‬والتصميم‬
‫المعم اري‪ ،‬والتط بيق االبتك اري‪ ،‬والتنفي ذ‪ ،‬ول ه إلم ام ت ام بفن البن اء حس ب ظ روف البيئ ة ومقتض ياتها‪ ،‬ويس هم في‬
‫التعمير والتشييد‪ ،‬في نطاق التخطيط الع ام‪ ،‬ويتمتع بالحماي ة القانونية التي تتطلبها مهنته‪ ،‬ويشترط أن يكون حائزا‬
‫على ش هادة علي ا (بك الوريوس) في الهندس ة المعماري ة أو م ا يعادله ا من الم ؤهالت الهندس ية األخ رى المع ترف به ا‬
‫بقانون نقابة المهندسين‪ ،‬وأن يكون عضوا بنقابة المهندسين‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫وردت تعريفات فقهية عديدة للمهندس المعماري‪ ،‬أكتفي بسرد أهمها‪.‬‬

‫عّر فه الدكتور عبد الرزاق السنهوري بأنه‪ " :‬هو الذي يعهد إليه في وضع التصميم‬
‫والرس وم والنم اذج إلقام ة المنش آت‪ ،‬وق د يعه د إلي ه ب إدارة العم ل واإلش راف على تنفي ذه‬
‫ومراجعة حسابات المقاول والتصديق عليها وصرف المبالغ المستحقة إليه "‪.309‬‬

‫وعّر فه الدكتور محمد لبيب شنب بأنه‪ " :‬الشخص المكلف من قبل رب العمل بإعداد‬
‫الرس وم والتص ميمات الالزم ة إلقام ة المب اني أو المنش آت األخ رى‪ ،‬واإلش راف على تنفي ذها‬
‫بواسطة مقاول البناء "‪.310‬‬

‫نخلص إلى أن المهن دس المعم اري ش خص ط بيعي‪ ،‬يتم يز عن غ يره من األش خاص‬
‫اآلخ رين ال ذين يش اركون في أعم ال البن اء‪ ،‬ب دوره ذي الط ابع ال ذهني الخ الص‪ ،‬وب أّن تدخل ه‬
‫يك ون لحس اب المال ك‪ ،‬وأن ه يجم ع بين ص فة الفن ان‪ 311‬والف ني‪ ،312‬ويم ارس مهن ة ح رة غ ير‬
‫تجاري ة‪ ،‬وأّن مهنت ه يغلب عليه ا العنص ر الفك ري‪ ،‬س واء فيم ا تعل ق بالتص ميم أو ب اإلدارة أو‬
‫اإلش راف على التنفي ذ‪ ،‬وأن ه يحم ل م ؤهال علمي ا متخصص ا في الهندس ة المعماري ة‪ ،‬وأن ه في‬
‫أداء دوره يرتبط مع رب العمل بعقد مقاولة‪.‬‬

‫وب الرجوع إلى أحك ام الق انون الم دني الجزائ ري‪ ،‬يت بين لن ا أّن المش رع لم يع ّر ف‬
‫المهن دس المعم اري‪ ،‬ب ل اكتفى باعتب اره أح د أش خاص الض مان العش ري‪ ،313‬وبّين األدوار‬
‫وال تي تكمن في وض ع التص ميم‪ ،‬وعم ل المقايس ة‪ ،‬وإ دارة‬ ‫‪314‬‬
‫المنوط ة ب ه في عملي ة البن اء‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪309‬‬

‫والحراسة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.109‬‬

‫محمد لبيب شنب‪ ،‬شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.‬‬ ‫‪310‬‬

‫الفنان ‪ Artiste‬وهو الذي يضع التصميم‪.‬‬ ‫‪311‬‬

‫الفني ‪ Technicien‬وهو الذي يشرف على حسن تنفيذ التصميم‪.‬‬ ‫‪312‬‬

‫وهو ما يتضح جليا من نّص المادة ‪ 554‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪313‬‬

‫تنص المادة ‪ 563/1‬من نفس القانون المذكور على ما يلي‪ " :‬يستحق المهندس المعماري أجرا مستقال عن وضع‬ ‫‪314‬‬

‫التصميم وعمل المقايسة وآخر عن إدارة األعمال"‪.‬‬


‫‪147‬‬
‫األعم ال‪ ،315‬غ ير أن ه عرف ه في الم ادة التاس عة من المرس وم التش ريعي رقم ‪ 94/07‬الم ؤرخ‬
‫‪316‬‬
‫في‪ 18‬ماي‪ ،1994‬والمتعلق بشروط اإلنتاج المعماري وممارسة مهنة المهندس المعماري‬
‫بأنه‪ " :‬يقصد بصاحب العمل في الهندسة المعمارية‪ ،‬كّل مهندس معماري معتمد يتولى تصور‬
‫إنجاز البناء ومتابعته "‪ ،‬واعتبره من األشخاص المتدخلين في الهندسة المعمارية‪ ،317‬وأطلـق‬

‫عليه مصطلح " صاحب العمل"‪.318‬‬

‫والمالحظ أن المشرع نص على األدوار المنوطة بالمهندس المعماري‪ ،‬في عّد ة قوانين تشريعية خاصة‪ ،‬تتعلق بمجال‬
‫البناء والتعمير‪ ،‬انظر ص من هذه الرسالة‪.‬‬

‫هن اك أدوار أخ رى قد يق وم به ا المهندس المعم اري‪ ،‬لم ينص المش رع الجزائ ري عليه ا ص راحة‪ ،‬ومن ذلك مثال‬ ‫‪315‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫التزامه باإلعالم واإلرشاد‪ ،‬انظر ما سبق شرحه بالتفصيل في ص‬

‫منشور في ج ر ج ج‪ ،‬ع ‪ ،32‬س ‪ ،31‬الصادرة في ‪ 25‬ماي ‪.1994‬‬ ‫‪316‬‬

‫‪ 317‬والمالح ظ أّن المش رع الجزائ ري أطل ق تس مية " المت دخلون في الهندس ة المعماري ة " على مجموع ة األش خاص‬
‫المساهمين في عملية البناء‪ ،‬بموجب المرسوم التشريعي رقم ‪ 94/07‬المذكور أعاله‪ ،‬وهؤالء األشخاص هم‪:‬‬

‫‪ -‬صاحب المشروع‪ :‬هو كل شخص طبيعي أو معنوي يتحمل بنفسه مسؤولية تكليف من ينجز أو يحول بناء ما يقع‬
‫على قطعة أرضية يكون مالكا لها أو يكون حائزا حقوق البناء عليها طبقا للتنظيم والتشريع المعمول بهما ( المادة‬
‫‪ 07‬من المرسوم التشريعي رقم ‪) 94/07‬‬

‫‪ -‬صاحب المشروع المنتدب‪ :‬هو كل شخص طبيعي أو معنوي يفوضه صاحب المشروع قانونا للقيام بانجاز بناء ما‬
‫أو تحويله‪ (.‬المادة ‪ 08‬من نفس المرسوم)‬

‫‪ -‬ص احب العم ل (‪ :)Le maitre d’œuvre‬ه و ك ل مهن دس معم اري معتم د يت ولى تص ور إنج از البن اء ومتابعت ه‪.‬‬ ‫‪318‬‬

‫ويطلق على صاحب العمل كذلك اسم " المستشار الفني"‪ ،‬الذي يقوم بمهمة االستشارة الفنية‪.‬‬

‫نظم المش رع عملي ة االستش ارة الفني ة في البن اء لحس اب الدول ة والجماع ات المحلي ة‪ ،‬في الق رار ال وزاري المش ترك‬
‫المؤرخ في ‪ 15‬ماي ‪ ،1988‬وبما أن المشرع لم ينظم هذه العملية في المجال الخاص‪ ،‬ولم يتطرق لعالق ات ص احب‬
‫المش روع بص احب العم ل في الق انون الم دني الجزائ ري‪ ،‬رغم أن ه تط رق لعالقت ه بالمق اول‪ ،‬ف ان مح ترفي البن اء في‬
‫المي دان الخ اص‪ ،‬يطبق ون الق رار المش ار إلي ه‪ ،‬لتنظيم عالق اتهم في مي دان االستش ارة الفني ة‪ ،‬فأحك ام الق رار ال وزاري‬
‫تصلح لتنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬والخاصة‪ ،‬وحتى لبناء المساكن الفردية‪.‬‬

‫‪ -‬حمادي جازية مجيدة‪ ،‬عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪148‬‬
‫ومن تم يعت بر المهن دس المعم اري – بمفه وم التش ريع الجزائ ري‪ -‬ك ل ش خص مؤه ل‬
‫للتعب ير عن مجم وع المع ارف والمه ارات المجتمع ة في فّن البن اء‪ ،‬ولوض ع التص اميم‬
‫المعمارية‪ ،‬ومراقبة تنفيذ العمل‪.‬‬

‫وحتى ينتفع الشخص بصفة مهندس معماري معتمد‪ ،‬ويمارس مهنة الهندسة المعماري ة‬
‫‪ ،319‬يجب عليه التسجيل في الجدول الوطني للمهندسين المعماريين‪ ،320‬ويشترط لهذا التس جيل‬
‫توافر الشروط اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يك ون الش خص ذو الجنس ية الجزائري ة ح ائزا على ش هادة مهن دس معم اري‬
‫معترف بها من الدولة‪ ،‬وأن يكون قد أّد ى فترة التدريب‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يكون الشخص األجنبي‪ ،‬حائزا على شهادة مهندس معماري معترف بها من‬
‫طرف الدولة‪ ،‬وفي هذه الحالة يكون التسجيل مؤقتا ويمكن إلغاؤه‪.‬‬

‫هذا ويمكن للمهندس المعم اري أن يم ارس مهنته عبر ك ل ال تراب الوط ني‪ ،‬إما على‬
‫أساس فردي في شكل مهنة حرة‪ ،‬أو بصفة شريك‪ ،‬أو بصفة أجير‪ ،‬شريطة أن يصرح بذلك‬
‫ل دى المجلس الوط ني لنقاب ة المهندس ين المعم اريين‪ ،‬ويس لم لهم مس تخرجا من التس جيل في‬
‫الجدول‪.321‬‬

‫ننوه به ذا الصدد أنه ال يشترط في المهندس المعماري‪ ،‬أن يكون ح امال لمؤهل فني‬
‫في هندسة المعمار‪ ،‬بل يكفي لتطبيق أحكام المسؤولية الخاصة‪ ،‬المنصوص عليها في المادة‬
‫‪ 554‬من القانون المدني‪ ،‬قيام الشخص بمهمة المهندس المعماري‪ ،‬وعلى ذلك يكون ملتزما‬
‫بالضمان أّي مهن دس‪ ،‬ول و كان مهندسا ميكانيكيا‪ ،‬أو كهربائيا‪ ،‬أو م دنيا‪ ،‬م ا دام يق وم بمهمة‬

‫‪ 319‬ع ّر ف المش رع الجزائ ري الهندس ة المعماري ة في الم ادة ‪ 2‬من المرس وم التش ريعي رقم ‪ 94/07‬الم ذكور أعاله‬
‫بأنها‪ :‬التعبير عن مجموعة من المعارف والمهارات المجتمعة في فن البناء‪ ،‬كما هي انبعاث لثقافة ما وترجمة لها‪=،‬‬
‫= ومن تّم تتطلب مهنة المهندس المعماري باإلضافة إلى القدرة على االبتكار واإلبداع‪ ،‬وضع الرسومات والنماذج‬
‫على نحو يتماشى وظروف البيئة وثقافة المجتمع‪.‬‬

‫طبقا للمادة ‪ 15/2‬من نفس المرسوم التشريعي‪ ،‬يعتبر التسجيل في الجدول الوطني للمهندسين المعماريين بمثابة‬ ‫‪320‬‬

‫اعتماد‪ ،‬ويشتمل هذا الجدول على قائمة أسماء األشخاص الطبيعيين‪ ،‬وألقابهم‪ ،‬وعناوينهم‪ ،‬وكيفية ممارسة المهنة عند‬
‫االقتضاء( المادة ‪ 16‬منه)‪.‬‬

‫انظر المادة ‪ 19‬من المرسوم التشريعي سالف الذكر‪.‬‬ ‫‪321‬‬

‫‪149‬‬
‫المهندس المعماري‪ ،‬بل إّن المقاول الذي ال يحمل أّي مؤهل‪ ،‬أو أّي شخص آخر غير مؤه ل‪،‬‬
‫إذا وضع التصميم والرسومات‪ ،‬وقام بتعيين األبعاد والنسب وغيرها‪ ،‬مما يدخل في المهمة‬
‫األص لية للمهن دس المعم اري فان ه يك ون ب ذلك ملتزم ا بالض مان‪ ،‬ذل ك أّن الع برة في تط بيق‬
‫أحك ام الض مان الخ اص ليس ت بت وافر الص فة القانوني ة للمهن دس المعم اري في الش خص‪ ،‬ب ل‬
‫بطبيعة األعمال المنجزة من طرفه‪.322‬‬

‫ه ذا وإ ذا اتف ق ص احب المش روع م ع مهن دس معم اري واح د على انج از بناي ات أو‬
‫منش آت ثابت ة‪ ،‬بمواص فات وش روط معين ة في عق د المقاول ة ال ذي يربطهم ا‪ ،‬فان ه يل تزم وح ده‬
‫بالض مان الخ اص‪ ،‬أم ا إذا اش ترك ع دة مهندس ين معم اريين أو أش خاص آخ رين في انج از‬
‫المشروع‪ ،‬كان كل واحد منهم ملتزما بالضمان في حدود األعمال التي قام بها‪.‬‬

‫واألصل أن يكون المرجع في معرفة حدود ما كلف به المهندس المعماري من مهام‬


‫في عملي ة البن اء والتش ييد‪ ،‬ه و العق د الم برم بين ه وبين رب العم ل‪ ،‬باعتب ار العق د ش ريعة‬
‫المتعاقدين‪ ،‬فإذا ثبت منه أن دور المهندس المعماري‪ ،‬يقتصر على مهمته األساسية‪ ،‬المتمثلة‬
‫في وض ع التص ميم فق ط‪ ،‬دون أن يكل ف بالرقاب ة على التنفي ذ‪ ،‬واإلش راف على س ير العم ل –‬

‫‪ 322‬المالحظ أّن المشرع الجزائري سار على ما ذهب إليه المشرع الفرنسي بهذا الصدد‪ ،‬فاعتبر أّن اشتراط المؤهل‬
‫العلمي في الشخص‪ ،‬هو من باب التنظيم المهني‪ ،‬يمّك ن الشخص فقط من نيل لقب " المهندس المعماري"‪ ،‬أم ا بالنسبة‬
‫لتطبيق أحك ام الضمان المنصوص علي ه في الم ادتين ‪ 1792‬و‪ 2270‬من ق‪.‬م‪.‬ف‪ ،‬فال ع برة بالحصول على مؤهل‬
‫دراس ي‪ ،‬ب ل يكفي لتط بيق ه ذه األحك ام‪ ،‬قي ام الش خص بمه ام المهن دس المعم اري‪ ،‬من وض ع للتص اميم‪ ،‬والرس وم‪،‬‬
‫وتع يين األبع اد‪ ،‬والنس ب‪ ،‬وغيره ا من المه ام المنوط ة بالمهن دس المعم اري‪ ،‬وعلي ه ال يش ترط في ه ذا األخ ير‪ ،‬أن‬
‫يكون حامال لمؤهل فّن ي في هندسة المعمار‪ ،‬حتى تطبق عليه أحكام الضمان الخاص‪.‬‬

‫ولقد استقر القضاء الفرنسي على هذا االتجاه‪ ،‬أي على توسيع دائرة الضمان‪ ،‬فاستعمل كلمة المهندس" ‪"Architecte‬‬
‫بمفهومها الشامل الذي يصدق على المهندس واضع التصميم‪ ،‬وعلى المهندس المشرف على التنفيذ وعلى المهندس‬
‫االستشاري وغيرهم‪=.‬‬

‫= وتطبيقا لذلك‪ ،‬تق ّر ر تطبيق أحكام الضمان العشري على جملة من المتدخلين في عملية البناء‪ ،‬كتقني البناء الذي‬
‫يم ارس مه ام المهن دس المعم اري "‪ ،"Le technicien de bâtimentt‬والمهن دس الم دني "‪ "L’ingénieur‬ال ذي يض ع‬
‫التصميم أو يشرف على تنفيذه‪ ،‬ومهندس الديكور الذي يمارس مهام المهندس المعماري" ‪ ،"Un décorateur‬والفني‬
‫الذي يمارس مهاما مشابهة لمهام المهندس المعماري‪.‬‬

‫‪ -‬بن عبد القادر زهرة‪ ،‬نطاق الضمان العشري للمشيدين‪ ،‬دراسة مقارنة بين التشريعين الجزائ ري والفرنسي‪ ،‬بحث‬
‫لنيل شهادة دكتوراه العلوم‪ ،‬فرع قانون األعمال‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،2009-2008 ،‬ص‪.127،128‬‬
‫‪150‬‬
‫كما هو في الغالب‪ -‬باعتبار أن هذا من صميم مهنته‪ ،‬فال يكون مسؤوال إال عن العيوب التي‬
‫تأتي من الخطأ في التصميم الذي وضعه‪ ،323‬كما لو خالف القيود واالشتراطات ال تي تفرضها‬
‫قواعد التهيئة والتعمير‪ ،‬كأن يجاوز مثال االرتفاع المسموح به‪ ،‬ويقع عبء إثبات الخطأ في‬
‫التصميم على عاتق رب العمل‪.‬‬

‫غ ير أن ه إذا اتض ح من عق د المقاول ة أّن مهم ة المهن دس المعم اري‪ ،‬تع دت دوره في‬
‫وضع التصميم‪ ،‬إلى رقابة إدارة العمل‪ ،‬واإلشراف على تنفيذه‪ ،‬ومراجعة حسابات المقاول‪،‬‬
‫والتص ديق عليه ا‪ ،‬ك ان مس ؤوال عم ا يح دث في التنفي ذ من عي وب أو أخط اء طبق ا ألحك ام‬
‫الض مان الخ اص‪ ،‬ويق ع عبء اإلثب ات في ه ذه الحال ة على ع اتق ص احب المش روع‪ ،‬طبق ا‬
‫للقواعد العامة المقررة في اإلثبات‪.‬‬
‫‪324‬‬
‫ب‪ -‬مقاول البناء‬

‫يعت بر المش رع الجزائ ري مق اول البن اء من األش خاص المس ؤولين بالض مان العش ري‬
‫بص ريح النص‪ ،325‬لكن ه لم ينظم مهن ة مقاول ة المب اني بتش ريع خ اص به ا‪ ،‬مثلم ا فع ل بالنس بة‬
‫لمهنة الهندسة المعمارية‪ ،‬والتي أفرد لها قانونا مستقال ينّظم أحكامها‪.326‬‬

‫انظر المادة ‪ 555‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪323‬‬

‫‪ 324‬م ا يعنين ا في ه ذه الدراس ة ه و مق اول البن اء ال المق اول‪ ،‬ذل ك أّن لف ظ المق اول واس ع الم دلول‪ ،‬يش مل أشخاص ا ال‬
‫عالقة لهم بمجال البناء‪ ،‬فمقاول البناء تاجر‪ ،‬يتعهد بتقديم مواد البناء أو اليد البشرية الالزمة لتنفيذ إحدى العمليات‬
‫المذكورة في مجال البناء على سبيل المقاولة‪ ،‬ومن تم فان عمله يعتبر تجاريا ومن يباشره تاجر‪ ( .‬انظر المادة ‪2‬‬
‫من ق‪.‬ت)‪.‬‬

‫والمقاول لغة‪ ،‬اسم فاعل من قاول وجادل وفاوض‪ ،‬فهو مفاوض‪ .‬انظر‪ :‬محمد النفوري‪( ،‬التزامات البناء ومسؤوليته‬
‫عن تصدع البناء)‪ ،‬مجلة المحامون السورية‪ ،‬األعداد ‪ ،1992 ،6 ،5 ،4‬ص‪.318‬‬

‫راجع نص المادة ‪ 554‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪325‬‬

‫وهو المرسوم التشريعي رقم ‪ 94/07‬المؤرخ في ‪ 18‬ماي ‪ ،1994‬والمتعلق بشروط اإلنتاج المعماري وممارسة‬ ‫‪326‬‬

‫مهنة المهندس المعماري‪.‬‬


‫‪151‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬يتعّين علينا لتحديد المقصود بمقاول البناء ‪ -‬الملزم بالضمان العشري ‪-‬‬
‫وبي ان م دى مس ؤوليته الخاص ة‪ ،‬أن نرج ع إلى القواع د العام ة في الق انون الم دني‪ ،‬والمتعلق ة‬
‫بعقد المقاولة‪ ،327‬والبحث في التشريعات الخاصة المنظمة لمجال البناء‪.‬‬

‫ب الرجوع إلى أحك ام عق د المقاول ة في الق انون الم دني الجزائ ري‪ ،‬نج د أّن المش رع لم‬
‫يعّر ف مقاول البناء‪ ،‬بل اكتفى بذكر أهم التزاماته‪ ،‬غير أنه بالرجوع إلى أحكام القانون رقم‬
‫‪ 11/04‬الذي يحدد القواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية‪ ،328‬يتضح لنا أن المشرع ع ّر ف‬
‫المقاول في المادة الثالثة منه بأنه‪ " :‬كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري‬
‫بعن وان نش اط أش غال البن اء بص فته حرفي ا أو مؤسس ة تمل ك الم ؤهالت المهني ة"‪ ،‬وأطل ق علي ه‬
‫مص طلح "ص احب المش روع المنت دب" في الم ادة الثامن ة من المرس وم التش ريعي رقم ‪94/07‬‬
‫المتعل ق بش روط اإلنت اج المعم اري وممارس ة مهن ة المهن دس المعم اري‪ ،‬وعرف ه بأن ه‪ " :‬ك ّل‬
‫شخص طبيعي أو معنوي‪ ،‬يفوضه صاحب المشروع قانونا‪ ،‬للقيام بإنجاز بناء ما أو تحويله"‪.‬‬

‫بأنه‪ " :‬الشخص ال ذي يعه د‬ ‫ولقد تعددت تعريفات الفقه لمقاول البناء‪ ،‬فعّر فه البعض‬
‫‪329‬‬

‫إلي ه بتش ييد المب اني‪ ،‬أو إقام ة المنش آت الثابت ة األخ رى‪ ،‬بن اء على م ا يق ّد م ل ه من تص ميمات‪،‬‬
‫وذلك في مقابل أجر‪ ،‬ودون أن يخضع في ممارسة عمله إلشراف أو إدارة "‪.‬‬

‫وعّر فه البعض اآلخر‪330‬بأنه‪ " :‬الشخص الذي يعهد إليه إقامة المباني والمنشآت الثابتة‬
‫األخرى و يستوي أن تكون المواد التي أقام بها هذه المنشآت قد أحضرها من عنده أو ق ّد مها‬
‫له رب العمل‪ ،‬ففي الحالتين يلتزم بالضمان العشري بوصفه مقاوال "‪.‬‬

‫أي إلى أحكام الفصل األول من الباب التاسع من القانون المدني المعنون بـ‪ :‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬في المادة‬ ‫‪327‬‬

‫‪ 549‬وما يليها‪.‬‬

‫المؤرخ في ‪ 17‬فبراير ‪ ،2011‬والمنشور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،14‬س ‪ 48‬الصادرة في ‪.03/2011/ 06‬‬ ‫‪328‬‬

‫عبد الرازق حسين يس‪ ،‬المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،420‬محمد‬ ‫‪329‬‬

‫ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،35‬محم د‬
‫لبيب شنب‪ ،‬شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.109‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪330‬‬

‫والحراسة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.110‬‬


‫‪152‬‬
‫ويعّر ف ه آخ رون‪ 331‬بأن ه‪ " :‬ك ّل ش خص ط بيعي أو معن وي يت ولى تنفي ذ أعم ال البن اء‪،‬‬
‫وف ق تص اميم ورس وم موض وعة مس بقا من قب ل مهن دس معم اري معتم د‪ ،‬وطبق ا للمواص فات‬
‫والشروط المتفق عليها في العقد أو في دفتر الشروط إن وجد"‪.‬‬

‫ب النظر إلى ه ذه التعريف ات‪ ،‬يمكنن ا أن نع ّر ف مق اول البن اء‪ ،‬ال ذي ي ترتب في ذمت ه‬
‫الض مان العش ري‪ ،‬بأن ه‪ " :‬ك ّل ش خص ط بيعي أو معن وي‪ ،‬يرتب ط ب رب العم ل بعق د مقاول ة‪،‬‬
‫يتعه د بمقتض اه بإقام ة المب اني والمنش آت الثابت ة األخ رى‪ ،‬وذل ك وفق ا للتص اميم والنم اذج‬
‫والرس ومات الموض وعة من ط رف المهن دس المعم اري أو رب العم ل‪ ،‬مقاب ل أج ر‪ ،‬دون أن‬
‫يخضع في ذلك إلشراف أو إدارة‪ ،‬ويستوي في ذلك أن تكون الم واد ال تي أقام بها البناء ق د‬
‫أحضرها من عنده‪ ،‬أو قدمها له رب العمل"‪.‬‬

‫ومسؤولية مقاول البناء ترتبط بمساهمته في عملية البناء ال بصفته المهنية‪ ،‬وعليه فإّن‬
‫كّل من يساهم في عملية البناء بصفته مقاوال‪ ،‬يكون مسؤوال عن األضرار التي تلحق بالبناء‪،‬‬
‫بغّض النظر عّم ا إذا كان الشخص مقاوال متخصصا في أعمال البناء والتشييد أم ال‪.‬‬

‫يم ارس مق اول البن اء عمال ذا طبيع ة تجاري ة‪ ،332‬ويغلب على نش اطه الط ابع الم ادي‬
‫‪ -‬بخالف المهندس المعماري ال ذي يغلب على عمله الطابع الفك ري‪ -‬فهو ال ذي يتولى تنفيذ‬
‫محتوى عقد المقاولة ومضمونه‪ ،‬وذلك وفقا للتصميمات والنماذج والرسومات الموضوعة من‬
‫طرف المهندس المعماري أو رب العمل‪ ،‬بما يقتضيه هذا التنفيذ من إدارة وإ شراف‪ ،‬إال أّن‬
‫هذا ال يمنع استقالله في تنفيذ ذلك‪ ،‬وإ ال فقد صفته كمقاول‪ ،‬وأصبح تابعا للمهندس المعماري‬
‫أو رب العم ل‪ ،333‬وه و ال ذي يق وم بحراس ة الم واد واألدوات المس تخدمة في البن اء‪ ،‬واألدوات‬
‫واألش ياء األخ رى الموج ودة في موق ع العم ل‪ ،‬وتنبي ه المهن دس المعم اري ورب العم ل‪،‬‬
‫وإ رش ادهما إلى األخط اء ال تي يكتش فها في التص ميم المق ّد م ل ه‪ ،‬أو إلى العي وب الموج ودة في‬
‫التربة المراد إقامة البناء عليها‪ ،‬أو في مواد البناء‪ ،‬وذلك في الوقت المناسب حتى يتمكن من‬

‫إبراهيم يوسف‪ (،‬المسؤولية العشرية للمهندس المعماري والمقاول طبقا للمادة ‪ 554‬من القانون المدني)‪ ،‬المقال‬ ‫‪331‬‬

‫السابق‪ ،‬ص ‪.686‬‬

‫انظر المادتين ‪ 1‬و‪ 2‬من ق‪.‬ت‪.‬‬ ‫‪332‬‬

‫فاألص ل في المق اول أن ه ش خص تنفي ذي‪ ،‬ولكن ذل ك ال ينفي عن ه ص فته كف ني‪ ،‬يراج ع‪ :‬محم د حس ين منص ور‪،‬‬ ‫‪333‬‬

‫المسؤولية المعمارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬


‫‪153‬‬
‫تصحيحها دون ضرر‪ ،‬ومراقبة مكان التنفيذ‪ ،‬لتفادي وقوع أّي أضرار‪ ،‬قد تلحق برب العمل‬
‫أو بالغير من جيران ومارة‪.‬‬

‫ه ذا وإ نّ ك ل إخالل من مق اول البن اء بااللتزام ات المترتب ة في ذمت ه‪ ،‬بم وجب عق د‬


‫المقاولة‪ ،‬تلزمه بالضمان الخاص‪.‬‬

‫ويمكن أن يمتّد دور مقاول البناء ‪ -‬بحسب االتفاق‪ -‬ليشمل مهمة المهندس المعماري‪،‬‬
‫فيص بح ض امنا لك ّل العي وب ال تي من ش أنها أن تنس ب له ذا األخ ير‪ ،334‬أي أّن مق اول البن اء‬
‫يعتبر مسؤوال كمهندس معماري‪ ،‬باإلضافة إلى مسؤوليته كمقاول بناء‪ ،‬بضمان هذه األعمال‬
‫ضمانا خاصا‪.‬‬

‫يتم اختيار مقاول البناء من طرف صاحب المشروع أو بناء على اقتراح من المهن دس‬
‫المعم اري‪ ،‬ال ذي يجب علي ه أن يس اعد ص احب المش روع‪ ،‬في اختي ار المق اول الكفء لتنفي ذ‬
‫التصميم‪ ،‬فيلجأ صاحب المشروع إلى مقاول بناء معين‪ ،‬نظرا لخبرته وكفاءته‪ ،‬ذلك أن عقد‬
‫المقاولة يأخذ بشخصية هذا األخير‪ ،‬لما لها من تأثير على سير العمل‪ ،‬غير أن هذا ال يمنع‬
‫المقاول من االستعانة بمقاولين فرعيين‪ ،‬يوكل لهم تنفيذ جزء من المشروع‪.335‬‬

‫ق د يلج أ ص احب المش روع لمق اول بن اء واح د ليق وم بانج از جمي ع األعم ال الخاص ة‬
‫بالتشييد والبناء‪ ،‬من وضع األساس‪ ،‬وأعم ال البناء األخ رى‪ ،‬من أرض يات وأسقف وج دران‬
‫وغير ذلك‪ ،‬وأعمال النجارة والحدادة وغيرها‪ ،‬فيلتزم المقاول وحده بضمان األعمال المعيبة‪،‬‬
‫كم ا ق د يلج أ إلى ع دة مق اولين ك ل واح د حس ب اختصاص ه في مج ال معين‪ ،‬فيتعاق د بص فة‬
‫منفردة مع كل مقاول النجاز نفس المشروع‪ ،‬بعقود مختلفة‪ ،‬أو بعقد جماعي‪ ،‬ففي هذه الحالة‬
‫تمتد دائرة الضمان الخاص لتشملهم جميعا‪ ،‬ويبقى كل مقاول مسؤوال شخصيا عن حصته في‬
‫المشروع‪ ،‬كأنه مرتبط بصاحب المشروع بعقد مستقل عن الذي يربطه ببقية المقاولين‪.‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬نفس المكان‪.‬‬ ‫‪334‬‬

‫لكن ش ريطة أن يقب ل ص احب المش روع بذلك‪ ،‬ألن عقد المقاول ة األص لي يق وم على االعتب ار الشخص ي للمق اول‪،‬‬ ‫‪335‬‬

‫ولجود صاحب المشروع إليه يستبعد لجوءه لغيره‪ ،‬غير أنه إذا تعذر على المقاول القيام بعمل معين في ميدان يجهل‬
‫قواع ده‪ ،‬وأن الوس يلة الوحي دة لتنفي ذه التزام ه بانج از األعم ال ه و اللج وء لغ يره‪ ،‬وجب على ص احب المش روع أن‬
‫يسمح بذلك (المادة ‪ 564‬من ق‪.‬م)‪.‬‬
‫‪154‬‬
‫ترتيب ا على م ا س بق‪ ،‬إذا اقتص ر دور أح د المق اولين على القي ام بعم ل ال ي ؤثر على‬
‫متانة البناء وسالمته‪ ،‬حتى وإ ن كان هذا العمل معيبا كأعمال الدهان والديكور‪ ،‬فإنه ال يخضع‬
‫ألحك ام المس ؤولية الخاص ة‪ ،‬وإ نم ا يس أل المق اول طبق ا للقواع د العام ة في المس ؤولية العقدي ة‪،‬‬
‫باعتباره مخال بالتزام عقدي بينه وبين صاحب المشروع‪.336‬‬

‫نص المش رع الجزائ ري في الم ادة ‪ 551‬من الق انون الم دني على م ا يلي‪ " :‬إذا تعه د‬
‫المق اول بتق ديم م ادة العم ل كله ا أو بعض ها ك ان مس ؤوال عن جودته ا وعلي ه ض مانها ل رب‬
‫العمل"‪.‬‬

‫ونص في الم ادة ‪ 552‬من نفس الق انون على م ا يلي‪ " :‬إذا ك ان رب العم ل ه و ال ذي‬
‫قدم المادة‪ ،‬فعلى المقاول أن يحرص عليها ويراعي أصول الفن في استخدامه لها وأن يؤدي‬
‫حسابا لرب العمل عما استعملها فيه ويرد إليه ما بقي منها فإذا صار شيء من هذه المادة‬
‫غير صالح لالستعمال بسبب إهماله أو قصور كفايته الفنية فهو ملزم برد قيمة هذا الشيء‬
‫لرب العمل‪.‬‬

‫وعلى المقاول أن يأتي بما يحتاج إليه في انجاز العمل من آالت وأدوات إضافية ويكون ذلك‬
‫على نفقته‪ ،‬هذا ما لم يقض االتفاق أو عرف الحرفة بغير ذلك"‪.‬‬

‫يستخلص من هاتين المادتين أنه إذا تعهد المقاول بتقديم مواد البناء كلها أو بعضها‪،‬‬
‫فانه يكون مسؤوال عن جودتها‪ ،‬بحيث يجب عليه أن يختار المادة للغاية المقصودة منها‪ ،‬حتى‬
‫تكون سليمة مناسبة للغرض الذي سيستعملها من أجله‪ ،‬وأن تتوفر على الجودة التي تضمن‬
‫بناي ة س ليمة ال تنه ار وتق اوم ال زمن‪ ،‬وي راقب م دى مطابقته ا للمواص فات المتف ق عليه ا في‬
‫العق د والمق اييس المعم ول به ا‪ ،‬كم ا يتعين علي ه أن يفحص م واد البن اء إن ك ان ص احب‬
‫المشروع هو الذي قدمها له‪ ،‬كاالسمنت والطالء وغيرها من المواد المستعملة في البناء‪ ،‬ذلك‬
‫أنه مسؤول عن األضرار والعيوب التي قد تنجم عن استعمال هذه المواد‪ ،‬حتى لو كانت بها‬
‫عيوب لم يتفطن لها وقت استعمالها‪.‬‬

‫وخالصة ما تقدم أن مقاول البناء يلتزم بالضمان الخاص‪ ،‬سواء كان هو من قّد م م واد‬
‫العمل التي أقام بها المباني أو المنشآت‪ ،‬أو أحضرها له رب العمل صاحب المشروع‪.‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫يراجع ما سبق شرحه بالتفصيل في ص‬ ‫‪336‬‬

‫‪155‬‬
‫ويلتزم مقاول البناء أيضا بالضمان‪ ،‬في حالة ما إذا استخدم مساعدين يعاونونه فيما‬
‫يقوم به من أعمال‪ ،‬إذ يكون مسؤوال عن أعمالهم كما لو كان هو الذي قام بها‪ ،‬حتى لو كان‬
‫ه ؤالء المس اعدون ال يعت برون من أتباع ه ب المعنى المفه وم في مس ؤولية المتب وع عن الت ابع‪،‬‬
‫كما لو كانوا مقاولين من الباطن‪.337‬‬

‫وإ ذا عهد المقاول األصلي إلى مقاول من الباطن‪ ،338‬تنفيذ العمل المطلوب منه‪ ،‬كله‬
‫أو جزء منه‪ ،‬ظّل المقاول األصلي مسؤوال أمام رب العمل‪ ،‬عن تنفيذ أعمال البناء المطلوبة‬
‫منه‪ ،‬طبقا ألحكام المادة ‪ 564‬الفقرة الثانية من القانون المدني‪ ،‬فال يكون مسؤوال بالضمان‬
‫قبل رب العمل لعدم وجود أّية رابطة عقدية بينهما‪ ،‬بل تقوم مسؤوليته تجاه المقاول األصلي‬
‫على أساس قواعد المسؤولية العقدية‪ ،‬وذلك لقيام الرابطة التعاقدية بينهما‪ ،‬وبالنتيجة‪ ،‬ال يجوز‬
‫للمق اول األص لي في ح ال قي ام الض رر‪ ،‬الرج وع على المق اول من الب اطن بم وجب أحك ام‬
‫الض مان العش ري طبق ا للم ادة ‪ 554‬الفق رة الثالث ة من نفس الق انون الم ذكور‪ ،‬المق ررة لحماي ة‬
‫األش خاص ال ذين يجهل ون أص ول البن اء وفن المعم ار‪ ،‬وه ذا م ا ال يت وافر في عالق ة المق اول‬
‫األص لي بالمق اول من الب اطن‪ ،‬فكالهم ا من رج ال الفن والخ برة‪ ،‬ومن تّم ال داعي لتط بيق‬
‫أحكام مشّد دة بينهما‪.‬‬

‫والمالح ظ أن مق اول البن اء يبقى ملتزم ا بالض مان الخ اص‪ ،‬س واء ك ان عق د المقاول ة‬
‫المبرم بينه وبين رب العمل‪ ،‬قد تّم جزافا أو بسعر الوحدة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األشخاص المسؤولون وفقا ألحكام تشريعية خاصة‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪337‬‬

‫والحراسة‪ ،‬ج ‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.110‬‬

‫أطل ق علي ه المش رع الجزائ ري مص طلح " المق اول الف رعي" في الم ادة ‪ 564/1‬من ق‪.‬م‪ ،‬غ ير أن ه لم يعرف ه‪ ،‬ولم‬ ‫‪338‬‬

‫يعرف عقد المقاولة من الباطن‪ ،‬لكن درج العمل على اعتباره‪ ،‬كل شخص عهد إليه المقاول األصلي‪ ،‬بتنفيذ كل أو‬
‫ج زء من الص فقة ال تي أبرمه ا ه ذا األخ ير م ع رب العم ل‪ ،‬وذل ك بمقتض ى عق د مقاول ة من الب اطن‪ ،‬وال ذي يجب أن‬
‫تتوافر فيه جميع خصائص عقد المقاولة‪ ،‬وبخاصة استقالل المقاول من الباطن‪ ،‬بتنفيذ ما عهد إليه به من الصفقة‪،‬‬
‫عن المقاول األصلي تماما‪ ،‬كالمقاول األصلي بالنسبة لرب العمل‪.‬‬

‫‪ -‬بن عبد القادر زهرة‪ ،‬الضمان العشري للمشيدين في التشريع الجزائري‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬فرع قانون‬
‫األعمال‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ -‬باتنة‪ ،2003-2002 ،‬ص‪.26‬‬
‫‪156‬‬
‫رأينا فيما تقدم أن المهندس المعماري ومقاول البناء يلتزمان بالضمان إذا ما تحققت‬
‫ش روطه‪ ،‬باعتبارهم ا الشخص ين التقلي ديين الل ذين تس ري عليهم ا أحك ام المس ؤولية العش رية‪،‬‬
‫ولق د أض اف المش رع الجزائ ري أشخاص ا آخ رين‪ ،‬بم وجب ق وانين خاص ة‪ ،‬رغب ة من ه في‬
‫توسيع دائرة الضمان العشري‪ ،‬نذكرهم تباعا‪.‬‬
‫‪339‬‬
‫‪ -01‬المراقب التقني‬

‫قبل أن نبين موقف المشرع الجزائري من المسؤولية الخاصة للمراقب التقني‪ ،‬نرى‬
‫أن نتعرض بداءة لموقف المشرع الفرنسي من ذلك‪ ،‬على اعتبار أن أساس أن مشرعنا اقتبس‬
‫األحكام المنظمة له من التشريع الفرنسي‪.‬‬

‫تعتبر مهنة الرقابة الفنية في مجال البناء والتشييد مهنة حديثة النشأة نسبيا‪ ،‬إذ يرجع‬
‫تاريخها في فرنسا إلى سنة ‪ ،1929‬و ذلك على إثر بعض االنهيارات المرّو عة التي حدثت‬
‫آنذاك في بعض المباني والمنشآت‪ ،‬فظهرت في بادئ األمر على شكل منظمات فنية‪ ،‬تكمن‬
‫مهمتها في إعطاء المؤمنين القدر الذي يلزمهم من معلومات فنية عن البناء المراد تأمينه‪.340‬‬

‫وبالنتيج ة‪ ،‬ك انت ه ذه المك اتب تت دخل دائم ا بن اء على طلب من الم ؤّم ن‪ ،‬ال ذي ي دفع‬
‫األجر لها مقابل أداء مهمتها له‪ ،‬بموجب عقود تتم بين المؤمن ومكتب الرقابة الفنية‪ ،‬وهكذا‬
‫نشأت هذه المهنة وارتبطت بمجال التأمين‪.‬‬

‫تخضع لتنظيم تشريعي أو‬ ‫‪341‬‬


‫ولم تكن مهمة الرقابة الفنية في فرنسا حتى سنة ‪1978‬‬
‫الئحي خاص بها‪ ،‬بل كانت تسري عليها القواعد العامة‪ ،‬بحيث كانت تخضع مسؤولية مكتب‬
‫الرقابة‪ ،‬للقواعد العامة في المسؤولية العقدية والتقصيرية بحسب األحوال‪.‬‬

‫لم يع رف المشرع الجزائ ري ‪ -‬على غ رار المشرع الفرنس ي‪ -‬الم راقب الفني‪ ،‬لكن يمكن استخالص تعري ف له‬ ‫‪339‬‬

‫من خالل الكتب التي تكلمت عن مهنة الرقابة الفنية بأنه‪ " :‬شخص طبيعي أو معنوي‪ ،‬يتمتع بدرجة عالية من الكفاءة‬
‫الفني ة‪ ،‬يت ولى بمقتضى عقد مقاولة مبرم م ع رب العم ل‪ ،‬فحص المس ائل ذات الط ابع الفني‪ ،‬في عملي ة التشييد ال تي‬
‫يرى رب العمل تكليفه بفحصها "‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الرازق حسين يس‪ ،‬المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.470‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.471‬‬ ‫‪340‬‬

‫أي حتى صدور القانون ‪ 12‬لسنة ‪ 1978‬في ‪.04/01/1978‬‬ ‫‪341‬‬

‫‪157‬‬
‫فكانت مكاتب الرقابة تتهرب من أحكام المسؤولية الخاصة‪ ،‬بحجة أنها تعمل في خدمة‬
‫المؤم نين‪ ،‬وليس في خدم ة رب العم ل ال ذي تق ّر رت المس ؤولية الخاص ة لص الحه‪ ،‬فض ال عن‬
‫أن ه ال تربطه ا ب ه أّي ة عالق ة تعاقدي ة‪ ،‬ال من ق ريب وال من بعي د‪ ،‬ب ل وح تى بع د أن أص بحت‬
‫تتعامل مع رب العمل نفسه أو مع المقاول أو المهندس المعماري لرقابة بعض األعمال فنيا‪،‬‬
‫كانت تشترط في العقد الذي يربطها معهم‪ ،‬عدم خضوعها لقواعد المسؤولية العشرية‪ ،‬بحجة‬
‫أنها ال تتدخل بصفة فعلية في عملية التشييد‪ ،‬وإ نما هي تفحص فنيا ما عهد إليها فقط‪ ،‬وتعطي‬
‫رب العمل أو المؤمن رأيها بشأنه‪.‬‬

‫انتقد هذا الوضع من الفقه والقضاء‪ ،342‬فتدخل المشرع الفرنسي في مجال تنظيم مهنة‬
‫الرقاب ة الفني ة بس ّنه الق انون رقم ‪ 12‬لس نة ‪ 1978‬الم ؤرخ في ‪ 04‬ج انفي ‪ ،1978‬والمرس وم‬
‫التط بيقي ل ه رقم ‪ 1146‬لس نة ‪ 1978‬الص ادر في ‪ 07‬ديس مبر ‪ ،1978‬بحيث بّين الق انون‬
‫‪ 78/12‬سالف الذكر‪ ،‬في المادة الثامنة منه‪ ،‬الهدف من الرقابة الفنية‪ ،‬ومن له سلطة تدخلها‪،‬‬
‫ومجال عملها‪ ،‬كما نظم في المادة التاسعة منه‪ ،‬مسؤولية المراقب الفني‪ ،‬وفي المادة العاشرة‬
‫بّين مدى التناقض الطبيعي بين مهنة الرقابة الفنية وباقي المهن الممارسة في مجال التشييد‪،‬‬
‫س واء في مج ال التص ميم أو التنفي ذ أو الخ برة‪ ،‬كم ا نظم المهن ة من الناحي ة اإلداري ة‪ ،‬وبّين‬
‫ض رورة ت دخل الس لطة العام ة في اعتم اد ممارس ة نش اطها‪ ،‬وأخ يرا بّين في الم ادة الحادي ة‬
‫عشرة منه متى تكون الرقابة الفنية إجبارية‪.‬‬

‫وبمراجع ة ه ذه النص وص‪ ،‬يت بين أن المش رع الفرنس ي اعت بر المراق بين الفن يين‬
‫مس ؤولين مس ؤولية عش رية‪ ،‬م ا دام الض رر ال ذي لح ق ص احب المش روع‪ ،‬يرج ع س ببه إلى‬
‫العمل الذي أوكل إلى المراقب الفني فحصه ومراجعته فنيا‪.343‬‬

‫ويق ع عبء اإلثب ات على رب العم ل‪ ،‬ف إذا أثبت ه ذا األخ ير أّن الض رر ال ذي لحق ه‪،‬‬
‫ناجم على عدم قيام المراقب الفني بمهمته الموكلة إليه بموجب عقد المقاولة الذي يربطهما‪،‬‬
‫تقررت المسؤولية العشرية في جانب المراقب‪ ،‬ما لم يثبت هذا األخير عدم مسؤوليته‪ ،‬بإثباته‬

‫راجع آراء الفقهاء واألحكام القضائية بهذا الشأن‪ ،‬والتي أشار إليها‪ :‬عبد الرازق حسين يس‪ ،‬المسؤولية الخاصة‬ ‫‪342‬‬

‫بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.473‬‬

‫‪ 343‬أي أّن الضرر يرجع أساسا‪ ،‬إلى عدم قيام المراقب الفني‪ ،‬بالتزامه الذي تعهد بالقيام به‪ ،‬والمنصوص عليه في‬
‫عقد المقاولة‪ ،‬أو أدائه له أداء معيبا‪ ،‬جعل منه مصدرا لذلك الضرر‪.‬‬
‫‪158‬‬
‫أّن أس اس الض رر ال ذي لح ق رب العم ل يخ رج عن نط اق مهمت ه المبّين ة في عق د المقاول ة‪،‬‬
‫أو أثبت قي ام الس بب األجن بي‪ ،344‬ف إذا لم يتمكن الم راقب الف ني من إثب ات ع دم مس ؤوليته‪،‬‬
‫وت وافرت ش روط تحق ق المس ؤولية العش رية‪ ،‬ك ان مس ؤوال وفق ا ألحك ام ه ذه المس ؤولية تج اه‬
‫رب العمل‪ ،‬و حق عليه جزاؤها‪.‬‬

‫وإ ذا لم تت وافر في الض رر‪ ،‬الش روط الالزم توافره ا في ه‪ ،‬ح تى يك ون مس توجبا لقي ام‬
‫المسؤولية العشرية للمراقب الفني‪ ،‬فإّن مسؤولية هذا األخير‪ ،‬تنعقد في مواجهة رب العمل أو‬
‫الغير‪ ،‬طبقا للقواعد العامة في المسؤولية العقدية أو التقصيرية‪.‬‬

‫ويق ع ب اطال ك ل ش رط يض عه الم راقب التق ني في عق د المقاول ة‪ ،‬يعفي ه أو ينقص من‬


‫مسؤوليته العشرية‪.‬‬

‫أما في الجزائر‪ ،‬فقد نظمت مهنة الرقابة التقنية على مجال البناء ألول مرة بمقتضى‬
‫األم ر رقم ‪ 71/85‬مك رر الم ؤرخ في ‪ 29‬ديس مبر‪ 3451971‬وال ذي تض ّم ن إح داث هيئ ة‬
‫المراقب ة التقني ة للبن اء وتحدي د قانونه ا األساس ي‪ ،‬ثّم بم وجب المرس وم رقم ‪ 86/205‬الم ؤرخ‬
‫في ‪ 19‬أوت ‪ 1986‬والمتضمن هيئة المراقبة التقنية للبناء‪.346‬‬

‫إما القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ‪ ،‬أو خطأ الغير‪ ،‬أو خطأ المضرور نفسه‪.‬‬ ‫‪344‬‬

‫منشور في ج ر ج ج‪ ،‬ع ‪ ،4‬س‪ ،9‬الصادرة في ‪.1972 /14/01‬‬ ‫‪345‬‬

‫والمالحظ أن أحكام هذا األمر ألغيت بموجب المرسوم رقم ‪ 86/205‬المؤرخ في ‪ ،19/08/1986‬والمتضمن تغيير‬
‫هيئة المراقبة إلى الهيئة الوطنية لرقابة البناء التقنية في وسط البالد‪ ،‬في المادة ‪ 26‬منه‪ ،‬والتي تنص على ما يلي‪:‬‬
‫" تلغى األحك ام المخالف ة له ذا المرس وم‪ ،‬ال س يما األحك ام ال واردة في األم ر رقم ‪ 71/85‬مك رر الم ؤرخ في ‪29‬‬
‫ديسمبر ‪ 1971‬المذكور أعاله "‪.‬‬

‫‪ 346‬طبق ا لنص الم ادتين ‪ 1‬و‪ 2‬من المرس وم رقم ‪ ،86/205‬تغّي ر هيك ل هيئ ة المراقب ة التقني ة للبن اء‪ ،‬المحدث ة ب األمر‬
‫رقم ‪ 71/85‬مك رر‪ ،‬وهدفها وتنظيمه ا إذ تغ يرت تسمية هذه الهيئ ة لتصبح " الهيئ ة الوطني ة لرقاب ة البن اء التقني ة في‬
‫وسط البالد"‪ ،‬والتي تعد مؤسسة اشتراكية ذات طابع اقتصادي‪ ،‬وتعد تاجرة في عالقاتها مع الغير‪.‬‬
‫‪159‬‬
‫وهي‪:‬‬ ‫‪347‬‬
‫قسمت هذه الهيئة في أوت ‪ 1986‬إلى خمسة هيئات كلها تقوم بنفس المهام‬
‫‪ ،‬الشلف‪.352‬‬ ‫‪351‬‬
‫هيأة الوسط‪ ،348‬الجنوب‪ ،349‬الغرب‪ ،350‬الشرق‬

‫تم ارس مهم ة الرقاب ة التقني ة‪ ،‬بواس طة الهيئ ة الوطني ة لرقاب ة البن اء التقني ة في وس ط‬
‫البالد‪ ،‬التي تعد هيأة مكلفة بمراقبة حسن سير المشروع‪ ،‬سواء في مرحلة اإلع داد أو االنج از‬
‫وبحضور ممثلها وقت التسلم النهائي للمشروع‪ ،353‬وتقوم هذه الهيئة بتقديم خدماتها في مقابل‬
‫بن اء على طلب رب العم ل‪ ،‬إذ يف رض المش رع الجزائ ري على ه ذا األخ ير‪،‬‬ ‫‪354‬‬
‫م الي )أج ر(‬
‫إبرام اتفاقية مع الهيئة المذكورة‪ ،‬فيما يخص البنايات التي تدخل ضمن اختصاص ها‪ ،355‬وعلى‬

‫تتمث ل ه ذه المه ام في متابع ة المش اريع الم رخص به ا من ط رف الهيئ ات المختص ة ومراقب ة المش اريع وم دى‬ ‫‪347‬‬

‫مطابقتها للمواصفات والمقاييس القانونية‪.‬‬

‫أنشئت بموجب المرسوم رقم ‪ 86/205‬المؤرخ في ‪ ،19/08/1986‬منشور في ج ر‪ ،‬ع ‪ 34‬لسنة ‪.1986‬‬ ‫‪348‬‬

‫أنشئت بموجب المرسوم رقم ‪ 86/206‬المؤرخ في ‪.19/08/1986‬‬ ‫‪349‬‬

‫أنشئت بموجب المرسوم رقم ‪ 86/207‬المؤرخ في ‪.19/08/1986‬‬ ‫‪350‬‬

‫أنشئت بموجب المرسوم رقم ‪ 86/208‬المؤرخ في ‪.19/08/1986‬‬ ‫‪351‬‬

‫أنشئت بموجب المرسوم رقم ‪ 86/209‬المؤرخ في ‪.19/08/1986‬‬ ‫‪352‬‬

‫ولقد تّم إنشاء الهيئة بالشلف ألنها منطقة زلزالية‪ ،‬وذات طبيعة جغرافية مميزة‪.‬‬

‫وذلك للتأكد من مدى مطابقة البناية للتصاميم والمقاييس المعمول به ا‪ ،‬في قواعد الفن وأصول المهنة‪ ،‬وتسلمها‬ ‫‪353‬‬

‫من ص احب المش روع خالي ة من أي عيب ظ اهر‪ ،‬والتأك د من نوعي ة الم واد المس تخدمة في البن اء‪ ،‬ومراقب ة م دى‬
‫مطابقتها لبيانات الترخيص‪ ،‬ومتطلباته بعد االنتهاء من أشغال البناء‪.‬‬

‫على أن تكون هذه الخدمات مقدمة إلدارات الدولة والجماعات المحلية والهيئات العمومية واألشخاص الخواص‪،‬‬ ‫‪354‬‬

‫وفقا ألحكام المادة ‪ 05‬من المرسوم رقم ‪ 86/205‬المذكور أعاله‪.‬‬

‫والمالحظ أن المساكن المخصصة لالستعمال العائلي‪ ،‬ال تخضع لرقابة الهيئة الوطنية لرقابة البناء التقنية‪ ،‬رغم‬ ‫‪355‬‬

‫أنه من الضروري بسط إلزامية مراقبتها‪ ،‬للتقليل من األخطار‪ ،‬والمساهمة في الوقاية من النقائص التقنية التي تطرأ‬
‫أثناء االنجاز‪ ،‬وعدم حصرها على المشاريع الكبرى‪.‬‬

‫تكمن مهمة الهيئة المكلفة بالرقابة التقنية للبناء أساسا‪ ،‬فيما يلي‪:‬‬

‫* مراقب ة مختل ف أن واع العم ارات للتأك د من ثب ات بنائه ا وديمومت ه وأسس ه وص الحية ك ل م ا ل ه ت أثير في ثبات ه‪،‬‬
‫وهيكله‪ ،‬وجدران محيطه وسقوفه‪ ،‬بغية تقليل أخطار الفوضى في هذا المجال‪ ،‬والمساهمة في الوقاية من النقائص‬
‫‪160‬‬
‫المهن دس المعم اري أو مكتب الدراس ات تق ديم ي د المس اعدة ل رب العم ل عن د إب رام ه ذه‬
‫االتفاقية‪.356‬‬

‫على أنه تختلف التزامات أطراف عقد المراقبة التقنية‪ ،‬باختالف مهمة هيئة المراقبة‬
‫التقنية‪ ،‬فإذا كان عقد المقاولة يرمي إلى مراقبة التصاميم‪ ،‬فانه يتعين على الهيئة‪ ،‬أن تراقب‬
‫فيما إذا كان إعداد التصميم مطابقا للتقنيات والشروط العامة الواجب توافرها‪ ،‬كموقع البناء‪،‬‬
‫ومس احته‪ ،‬ومظه ره‪ ،‬وكيفي ة تش ييده‪ ،‬أم ا إذا ك ان العق د يص بو إلى مراقب ة الورش ات‪ ،‬فتل تزم‬
‫الهيئة بفحص المباني ومراقبتها تقنيا‪ ،‬وتسجيل تقرير بذلك‪ ،‬قد يكون ايجابيا أو سلبيا بحسب‬

‫التقنية التي قد تطرأ أثناء اإلنجاز‪.‬‬

‫* رقاب ة ج ودة الم واد المع دة للبن اء في المص نع‪ ،‬واالعتم اد التق ني لم واد البن اء وعناص ره‪ ،‬وأعم ال ض بط المق اييس‬
‫والبحث‪ ،‬وأساليب تقنيات اإلنجاز‪=.‬‬

‫=* إعداد التنظيمات وبرامج البحث التي تعتمد في ضبط عناصر التشريع‪ ،‬والتنظيم الخاصين بالمقاييس والقواعد‪،‬‬
‫ال سيما المقاييس التقنية الجزائرية في بناء العمارات‪.‬‬

‫* تط وير من اهج الرقاب ة ونظمه ا‪ ،‬وتك وين المس تخدمين الم ؤهلين‪ ،‬وتجدي د معلوم اتهم‪ ،‬وتحس ين مس تواهم في ه ذا‬
‫الميدان‪.‬‬

‫* تس ليم التأش يرات المطلوب ة ل دى مؤسس ات الت أمين الوطني ة في إط ار الق انون‪ ،‬كتس ليم ش هادة المراقب ة للمق اولين‬
‫المكلفين بإنجاز المشروع‪ ،‬لتمكينهم من إبرام عقود تأمين‪ ،‬ضد العواقب المالية المترتبة عن المسؤولية العشرية‪.‬‬

‫وتسّخ ر هذه الهيئة جميع الوسائل البشرية والمادية والمالية الالزمة قصد بلوغ أهدافها وأداء مهمتها على أكمل وجه‬
‫في حدود اختصاصاتها‪.‬‬

‫نشير هن ا أنه تّم توسيع مج ال عم ل هذه الهيئ ة‪ ،‬لتشمل كاف ة أشغال البن اء والتعم ير‪ ،‬ومن أجل ذلك تّم إنش اء تنظيم‬
‫تق ني للرقاب ة التقني ة لألش غال العمومي ة ‪ CTTP‬بم وجب المرس وم رقم ‪ 86/210‬الم ؤرخ في ‪ ،18/08/1986‬وآخ ر‬
‫خ اص ب الري ‪ ،CTH‬وآخ ر خ اص بالرقاب ة التقني ة الدائم ة ‪ CTP‬بم وجب المرس وم رقم ‪ 86/213‬الم ؤرخ في‬
‫‪.18/08/1986‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 18‬من الق رار ال وزاري المش ترك الم ؤرخ في‪ 15/05/1988‬على م ا يلي‪ " :‬يجب على ص احب‬ ‫‪356‬‬

‫المش روع أن ي برم اتفاقي ة م ع الهيئ ة المكلف ة بالمراقب ة التقني ة للبن اء فيم ا يخص ك ل البناي ات ال تي ت دخل ض من‬
‫اختصاصات هذه الهيئة‪ ،‬ويجب أن تبرم هذه االتفاقية فور التوقيع على االستشارة الفنية‪ ،‬وعلى المستشار الفني أن‬
‫يساعد رب العمل في عالقاته مع الهيئة المكلفة بالمراقبة التقنية للبناء عند إعداد االتفاقية والحصول على التأشيرات‬
‫التقنية"‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫الحالة‪ ،‬كما يلتزم الطرف اآلخر في العقد‪ ،‬بتمكين الهيئة من الوثائق الضرورية للقيام بمهمتها‬
‫بالمراقبة التقنية‪ ،‬ودفع األجر المتفق عليه‪.‬‬

‫وإ ذا كان مجال الرقابة التقنية في الجزائر قد نظم في السبعينيات‪ ،‬فإّن المراقب التقني‬
‫لم يخض ع ألحك ام الض مان العش ري إال في التس عينيات‪ ،‬وذل ك بم وجب الق انون رقم ‪95/07‬‬
‫في المادة ‪ 178‬منه‪ ،‬والتي نصت على ما‬ ‫‪357‬‬
‫المؤرخ في ‪ 25‬جانفي‪ 1995‬المتعلق بالتأمينات‬
‫يلي‪ " :‬يجب على المهندسين المعماريين والمقاولين وكذا المراقبين التقنيين اكتتاب عق د لتأمين‬
‫مس ؤوليتهم العش رية المنص وص عليه ا في الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني‪ ،‬على أن يب دأ‬
‫سريان هذا العقد من االستالم النهائي للمشروع‪.‬‬

‫ويس تفيد من ه ذا الض مان ص احب المش روع و‪ /‬أو مالكي ه المتت الين إلى غاي ة انقض اء أج ل‬
‫الضمان"‪.‬‬

‫بق راءة نص ه ذه الم ادة‪ ،‬يتض ح لن ا جلي ا أّن المش رع الجزائ ري وّس ع من النط اق‬
‫الشخصي ألحكام المسؤولية الخاصة‪ ،‬ليشمل المراقبين التقنيين‪ 358‬الذين كانوا بمنأى عن هذه‬
‫المس ؤولية‪ ،‬كم ا س بق وأن بّين ا أعاله‪ ،‬لكن ه اش ترط ح تى تق وم المس ؤولية العش رية في ج انب‬
‫الم راقب التق ني‪ ،‬أن يرتب ط م ع رب العم ل األص لي بعق د مقاول ة‪ ،‬بمع نى أن يك ون ت دخل‬
‫الم راقب التق ني في عملي ة البن اء‪ ،‬ق د تّم بن اء على طلب ص احب المش روع‪ ،‬وليس بن اء على‬
‫طلب المهندس المعماري أو مقاول البناء الذي ينجز وينفذ المشروع‪ ،359‬ألنه في هذه الحالة‬

‫المعدل والمتمم بالقانون رقم ‪ 06/04‬المؤرخ في ‪ ،20/02/2006‬منشور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ 15‬لسنة ‪ ،2006‬ثم‬ ‫‪357‬‬

‫بالق انون رقم ‪ 08/07‬الم ؤرخ في ‪ ،28/02/2008‬يتضمن القانون الت وجيهي للتك وين والتعليم المهنيين‪ ،‬منش ور في‬
‫ج ر ج ج‪ ،‬العدد ‪ ،11‬س‪ ،45‬الصادرة في‪.02/03/2008‬‬

‫‪ -‬والمالح ظ أن ه ذا الق انون فتح مج ال ممارسة ه ذه الرقاب ة للخ واص‪ ،‬ومّك ن ك ل ش خص ط بيعي أو معن وي معتم د‬
‫لدى الوزارة المكلفة بالبناء من إبرام اتفاقية رقابة تقنية (المادة ‪ ،)180‬إال أنه في الواقع‪ ،‬بقي هذا المج ال حك را على‬
‫الهيئة الوطنية لرقابة البناء التقنية في وسط البالد‪ ،‬لعدم اهتمام الخواص به‪.‬‬

‫ك ان يج در بالمش رع الجزائ ري أن يع ّد ل أوال نص الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني‪ ،‬فيوس ع من نط اق الض مان‬ ‫‪358‬‬

‫الخاص‪ ،‬ليشمل المراقب التقني للمسؤولية الخاصة‪ ،‬ثم يلزمه بعد ذلك بالتأمين عليها‪.‬‬

‫وعلي جم ال‪ ( ،‬المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري والمق اول عن عي وب المب اني المس لمة لص احب المش روع‬ ‫‪359‬‬

‫"دراسة في القانون الجزائري")‪ ،‬ص‪.9‬‬


‫‪162‬‬
‫يعتبر مقاوال من الباطن‪ ،‬ومن تّم ال تسري عليه أحكام الضمان العشري‪ ،‬واشترط أيضا أن‬
‫يساهم المراقب التقني فعال في عملية البناء‪ ،‬وأن يكون التهدم أو الخلل الجسيم الذي أصاب‬
‫المبنى‪ ،‬خالل مدة الضمان‪ ،‬راجعا إلى العمل الذي أوكل إلى هذا المراقب فحصه ومراقبته‬
‫فنيا‪.‬‬

‫ولق د منع المشرع الجزائري الم راقب التق ني‪ ،‬من الجم ع بين دوره ال ذي يكمن أساسا‬
‫في الرقاب ة الفني ة‪ ،‬وبين ك ل نش اط يتعل ق بالتص ميم أو بتنفي ذ األعم ال‪ ،‬ولع ّل الس بب في ذل ك‬
‫يرج ع لض مان حس ن تنفي ذ األعم ال‪ ،‬وحماي ة مص لحة رب العم ل‪ ،‬فال يج وز لهيئ ة المراقب ة‬
‫التقني ة أن تس اهم في إع داد وتنفي ذ أش غال البن اء‪ ،‬أو إع داد التص اميم‪ ،‬وال تش ارك في إدارة‬
‫ومتابع ة األش غال‪ ،‬أو الح رص على أمن الورش ات‪ ،‬وإ نم ا تتص رف بص فتها مراقب ة تقني ة‬
‫فقط‪.360‬‬

‫بمراجعة نصوص المرسوم رقم ‪ ،86/205‬يمكن القول أّن تدّخ ل المراقب التقني في‬
‫عملية البناء يتّم على مرحلتين‪ ،361‬األولى على مستوى المشروع التمهيدي‪ ،‬فيتدخل المراقب‬
‫التق ني قب ل الب دء في إنج از األعم ال‪ ،‬الس يما رقاب ة تص ميم األعم ال الك برى والعناص ر ال تي‬
‫ترتبط بها‪ ،‬للتأكد من مطابقتها لقواعد البناء ومقاييسه‪ ،‬والثانية على مستوى اإلنجاز‪ ،‬أي أثناء‬
‫مرحل ة تنفي ذ األعم ال‪ ،‬أين يس هر الم راقب التق ني على اح ترام المخطط ات المعتم دة وكيفي ات‬
‫التنفيذ‪ ،‬وعليه فإن تدخله في مجال البناء بمختلف مراحله‪ ،‬ذو طابع وقائي محض‪.‬‬

‫يقتص ر عم ل الم راقب التق ني على إعط اء رأي ه ح ول المش اكل التقني ة ال تي ق د ته دد‬
‫س المة البن اء واألش خاص‪ ،362‬فه و يق وم بالمراقب ة فق ط‪ ،‬دون إص دار األوام ر والتوجيه ات‬
‫للمشّيدين اآلخرين‪ ،‬فيكتفي بإعطاء آراء استشارية لرب العمل باعتباره متعاقدا معه‪ ،‬مع العلم‬
‫أّن ه ذا األخ ير يس تطيع ع دم أخ ذها بعين االعتب ار‪ ،‬وتطبيق ا ل ذلك يس أل الم راقب التق ني في‬
‫حدود مهامه‪.‬‬

‫انظر المادة ‪ 3/6‬من المرسوم رقم ‪ 86/205‬والمادة ‪ 2‬من المرسوم رقم ‪.86/207‬‬ ‫‪360‬‬

‫انظر المادة ‪ 3- 3/2‬من نفي المرسوم المذكور‪.‬‬ ‫‪361‬‬

‫تنص المادة ‪ 2‬من المرسوم رقم ‪ 86/207‬المتضمن إنشاء هيئة وطنية لرقابة البن اء التقنية في غ رب البالد‪ ،‬على‬ ‫‪362‬‬

‫ما يلي‪ " :‬ال تحل الهيأة حسب أهدافها في شيء محل صاحب المشروع ومنجز األعمال والمقاول لدى قيام كل منهم‬
‫بواجباتهم"‪.‬‬
‫‪163‬‬
‫والمالح ظ أّن المش رع الجزائ ري اعت بر الم راقب التق ني مس ؤوال مس ؤولية عش رية‪،‬‬
‫دون أن يبّين كيفية قيام هذه المسؤولية‪ ،‬على عكس الفقه والقضاء الفرنسيين‪ ،‬اللذين ذهبا إلى‬
‫قيام قرينة المسؤولية في جانب المراقب التقني‪ ،‬متى وقع الضرر نتيجة تقرير إيجابي أص دره‬
‫الم راقب‪ ،‬ومن تّم ال يخض ع للض مان الخ اص‪ ،‬الم راقب ال ذي يض ع تقري را س لبيا أو يب دي‬
‫تحفظات‪ ،‬وال يؤخذ برأيه‪ ،‬فيقع الضرر‪.363‬‬

‫وال يفوتني أن أشير بهذا الصدد إلى أّن الواقع العملي يختلف تماما عّم ا قلناه‪ ،‬من أّن‬
‫دور الم راقب التق ني وق ائي أساس ا‪ ،‬حيث أّن المع امالت التعاقدي ة‪ ،‬تف رض على المعم اري‬
‫االمتثال لتقارير المراقب التقني‪ ،‬وإ ن لم يكن موافقا عليها‪ ،‬ومن تّم يصبح األخذ بهذه التق ارير‬
‫إجباريا وليس اختياريا‪ ،‬ويظهر هذا جلّيا من خالل اتفاقيات هذه الهيأة‪ ،‬وكذا اتفاقيات شركات‬
‫التأمين‪.‬‬

‫فاالتفاقيات التي تبرمها هيأة المراقبة التقنية للبناء مع الطرف المتعاقد‪ ،‬تلزم موقعي‬
‫هذه االتفاقيات‪ ،‬وكل األشخاص المعنيين‪ ،‬وتحت مسؤولياتهم‪ ،‬بمعالجة النقائص المشار إليها‬
‫من ط رف الهيئ ة‪ ،‬كم ا يمكن له ذه األخ يرة‪ ،‬إيق اف عملي ات المراقب ة التقني ة في حال ة ع دم‬
‫اس تجابة األط راف للمط الب الض رورية للقي ام بالمهم ة دون أّي تع ويض‪ ،‬ويعت بر ه ذا تناقض ا‬
‫مع الدور االستشاري الذي تمنحه الهيئة لنفسها في نفس االتفاقيات‪.‬‬

‫ك ذلك الش أن بالنس بة لش ركات الت أمين‪ ،‬ال تي تعت بر أّن ض رورة الخض وع لتق ارير‬
‫الهيئات‪ ،‬شرط ضروري للتأمين على المسؤولية العشرية للمعماري‪ ،‬مقاوال كان أو مهندسا‪.‬‬

‫وإ ذا سّلمنا بهذا الحديث‪ ،‬واعتبرنا أّن المهندس المعماري ومقاول البناء مجبران على‬
‫االمتث ال آلراء الم راقب الف ني‪ ،‬ف إّن ه ذا يس توجب انتف اء مس ؤوليتهما العش رية باعتبارهم ا في‬
‫حكم التابع‪ ،‬لكن الحال ليس كذلك‪.‬‬

‫‪ -02‬المرقي العقاري‬
‫‪363‬‬
‫‪P.MARLINVAUD, op.cit, p 1151.‬‬
‫‪164‬‬
‫تعت بر مهن ة الم رقي العق اري من المهن الحديث ة في الجزائ ر‪ ،‬ف المرقي العق اري يق وم‬
‫بعملية البناء قصد البيع‪ ،‬ويربطه بالمشتري عقد بيع عقار‪ ،‬ال عقد مقاولة‪ ،‬ومع ذلك أخضعه‬
‫المشرع ألحكام الضمان الخاص‪.‬‬

‫والمالح ظ أّن عق د ال بيع ه ذا ح ديث النش أة‪ ،‬نظم المش رع الجزائ ري أحكام ه بم وجب‬
‫القانون رقم ‪ 86/07‬المؤرخ في ‪ 04‬مارس ‪ 1986‬والمتعلق بالترقية العقارية‪ ،364‬في فصله‬
‫الس ادس‪ ،‬ال س يما الم ادة ‪ 29‬من ه‪ ،‬غ ير أن معالج ة ه ذا الق انون للعق د الم ذكور‪ ،‬لم تكن دقيق ة‬
‫ومفصله‪ ،‬إذ لم يتطرق هذا النص لألحكام التفصيلية المتعلقة باالنعقاد‪ ،‬وااللتزامات المتبادلة‪،‬‬
‫بين الم رقي العق اري الب ائع والمس تفيد‪ ،‬فض ال عن تل ك الض بابية ال تي ش ابت ح تى تس مية‬
‫العقد‪.365‬‬

‫والغ رض من تنظيم المش رع الجزائ ري ألحك ام عق د ال بيع بن اء على التص اميم‪ ،‬هـو‬
‫تشجيع االستثمار في مجال الترقية العقارية‪ ،‬موازاة مع اإلصالحات االقتصادية التي انتهجتها‬
‫الدول ة الجزائري ة‪ ،‬بغ رض جلب المس تثمرين‪ ،‬وحثهم على االس تثمار في المج ال العق اري من‬
‫جه ة‪ ،‬ووس يلة للتخفي ف من ح دة الس كن‪ ،‬أم ام عج ز القط اع الع ام عن تلبي ة حاج ات األف راد‬
‫بصيغة السكن االجتماعي من جهة أخرى‪.366‬‬

‫ه ذا وإ ّن عق د ال بيع على التص اميم‪ ،‬لم يع رف في التش ريع الجزائ ري كعق د مس تقل‬
‫ومس مى إال س نة ‪ ،1993‬بم وجب المرس وم التش ريعي رقم ‪ 93/03‬الم ؤرخ في ‪ 01‬م ارس‬
‫‪ 1993‬والمتعل ق بالنش اط العق اري‪ ،367‬ال ذي ج اء لت دارك الغم وض الموج ود في الق انون رقم‬

‫منش ور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،10‬س ‪ ،23‬الص ادرة في ‪ ،05/03/1986‬وق د تم إلغ اؤه بم وجب الم ادة ‪ 30‬من‬ ‫‪364‬‬

‫المرسوم التشريعي رقم ‪ 93/03‬المؤرخ في ‪ 01/03/1993‬المتعلق بالنشاط العقاري‪.‬‬

‫ك انت له ذا العق د ع دة تس ميات في الق انون رقم ‪ ،86/07‬إذ س ماه المش رع‪ :‬عق د حف ظ الح ق‪ ،‬وال بيع بن اء على‬ ‫‪365‬‬

‫مخطط‪ ،‬والبيع بناء على التصاميم‪ ،‬والبيع األجل‪.‬‬

‫شيخ سناء‪ ،‬الشكلية في إطار التصرفات العقارية بين التشريع والقضاء‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون‬ ‫‪366‬‬

‫الخاص‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،2012 ،2011 ،‬ص‪.213‬‬

‫منشور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،14‬س ‪ ،20‬الصادرة في ‪.03/03/1993‬‬ ‫‪367‬‬

‫‪165‬‬
‫‪ 86/07‬سيما فيما يخص الضمانات المطلوبة في هذا العقد‪ ،‬وبصفة خاصة المسؤولية الناجمة‬
‫عن اإلخالل بااللتزامات المتولدة عنه‪.368‬‬

‫لكن عق د ال بيع على التص اميم في ظ ل المرس وم التش ريعي رقم ‪ 93/03‬لم يحق ق‬
‫األهداف المرجوة منه‪ ،‬نظرا لعدم انسجام النصوص القانونية المنظمة له مع الواقع العملي‪،‬‬
‫مم ا أف رز العدي د من اإلش كاالت القانوني ة‪ ،‬والنزاع ات القض ائية‪ ،‬وه و م ا ح اول المش رع‬
‫الجزائري استدراكه‪ ،‬من خالل إلغاء المرسوم التشريعي السالف الذكر‪ ،369‬وإ صداره القانون‬
‫رقم ‪ 11/04‬الم ؤرخ في ‪ 17‬ف براير ‪ ،2011‬والمح دد للقواع د ال تي تنظم نش اط الترقي ة‬
‫العقارية‪.370‬‬

‫ه ذا ولق د منح المش رع الجزائ ري الم رقين العق اريين الممارس ين نش اطهم عن د ت اريخ‬
‫نشر هذا القانون‪ ،371‬حق مواصلة نشاطاتهم‪ ،‬ولكن يتعين عليهم المطابقة ألحكام هذا القانون‬
‫في أج ل ثماني ة عش ر ش هرا‪ ،‬ابت داء من ت اريخ نش ر ه ذا الق انون في الجري دة الرس مية‪،372‬‬
‫وبانقضاء هذا األجل‪ ،‬وفي حالة عدم تمكن المرقي العقاري من المطابقة‪ ،‬فانه يلتزم بجميع‬
‫واجبات ه إلى غاي ة إتم ام انج از مش روعه‪ ،‬ووض ع أجه زة التس يير من ط رف المقت نين أو‬
‫ممثليهم‪.373‬‬

‫وعليه فإن هذا القانون يطبق على عقود البيع بناء على التصاميم‪ ،‬المبرمة بعد تاريخ‬
‫نشره في الجريدة الرسمية‪ ،‬غير أنه بالنسبة لعقود البيع التي أبرمت قبل ‪ 06‬مارس ‪2011‬‬

‫ويس فتحي‪ ،‬فت اك علي‪ ( ،‬عق د ال بيع بن اء على التص اميم في الترقي ة العقاري ة)‪ ،‬الملتقى ال دولي ح ول الترقي ة‬ ‫‪368‬‬

‫العقارية‪ ،‬يومي ‪ 07‬و‪ 08‬فيفري ‪ ،2006‬جامعة ورقلة‪ ،‬ص‪.84‬‬

‫تنص المادة ‪ 80‬من القانون رقم ‪ 11/04‬على ما يلي‪ " :‬تلغى أحكام المرسوم التش ريعي رقم ‪ 93/03‬الم ؤرخ في‬ ‫‪369‬‬

‫‪ 01/03/1993‬والمتعلق بالنشاط العقاري‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬باستثناء المادة ‪ 27‬منه ‪."...‬‬

‫منشور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،14‬س ‪ ،48‬الصادرة في ‪.06/03/2011‬‬ ‫‪370‬‬

‫تّم نشر هذا القانون بتاريخ ‪.06/03/2011‬‬ ‫‪371‬‬

‫وهذا لغاية ‪.06/09/2012‬‬ ‫‪372‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 79‬من القانون رقم ‪.11/04‬‬ ‫‪373‬‬

‫‪166‬‬
‫فإنه ا تبقى خاض عة ألحك ام المرس وم التش ريعي رقم ‪ ،93/03‬ذل ك أّن المش رع منح الم رقين‬
‫العقاريين أجال أقصاه ثمانية عشر شهرا لتطبيق القانون الجديد‪.‬‬

‫بأنه‪ " :‬الشخص الذي يت ولى‪،‬‬ ‫‪374‬‬


‫تعددت تعريفات الفقه للمرقي العقاري‪ ،‬فعرفه البعض‬
‫مقابل أجر متفق عليه‪ ،‬تحقيق العملية المعمارية‪ ،‬التي يعهد بها إليه من رب العمل بمقتضى‬
‫عقد التمويل العقاري‪ ،‬وذلك بالقيام بكل ما يتطلبه هذا التحقيق‪ ،‬من تمويل وإ دارة وإ برام كافة‬
‫التصرفات القانونية الالزمة باسم رب العمل‪ ،‬حتى يسلم العقار تاما‪ ،‬خاليا من العيوب"‪.‬‬

‫بأنه‪ " :‬الشخص الطبيعي أو المعنوي‪ ،‬الذي يتعهد بأن يشيد‪،‬‬ ‫‪375‬‬
‫وعرفه البعض اآلخر‬
‫عن طريق الغير‪ ،‬عقارا أو قسما من عقار‪ ،‬والذي يتولى تنظيم عملية التشييد‪ ،‬وقيادتها على‬
‫المستوى القانوني والمالي واإلداري حتى نهايتها "‪.‬‬

‫بأنه‪ " :‬الوكي ل االقتص ادي ال ذي يتولى انج از بناء أو أك ثر‪،‬‬ ‫‪376‬‬
‫وعرف ه البعض اآلخ ر‬
‫كي يكسب ملكيته إلى واحد أو أكثر من األشخاص‪ ،‬الذين يطلق عليهم متلقي الملكية "‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى القانون الجزائري‪ ،‬يتضح لنا أن المشرع لم يعرف المرقي العقاري‪ ،‬ال‬
‫في الق انون رقم ‪ ،86/07‬وال في المرس وم التش ريعي رقم ‪ ،93/03‬واكتفى ب إطالق تس مية‬
‫المكتتب في القانون األول‪ ،‬والمتعامل في الترقية العقارية في المرسوم الثاني‪ ،‬غير أنه عرفه‬
‫في المادة الثالثة من القانون رقم ‪ 11/04‬الذي يحدد القواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية‬
‫بأنه‪ " :‬كل شخص طبيعي أو معنوي‪ ،‬يبادر بعمليات بناء مشاريع جديدة‪ ،‬أو ترميم أو إعادة‬
‫تأهيل أو تجديد أو إعادة هيكلة أو تدعيم بنايات تتطلب أحد هذه التدخالت‪ ،‬أو تهيئة وتأهيل‬
‫الشبكات قصد بيعها أو تأجيرها "‪ ،‬وعرفه أيضا في المادة الثانية من المرسوم التنفيذي رقم‬
‫‪ 12/84‬الم ؤرخ في ‪ 20‬ف براير ‪ 2012‬وال ذي يح دد كيفي ات منح االعتم اد لممارس ة مهن ة‬

‫عبد الرازق حسين يس‪ ،‬المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.542‬‬ ‫‪374‬‬

‫‪375‬‬
‫‪SAINT Alary Roger, Choix de la construction, Presse Universitaire de France, 1977, p303.‬‬
‫‪376‬‬
‫‪JESTAZ Philippe, MALINVEAUD Philippe, Droit de la promotion immobilière, Paris, DALLOZ, 1988,‬‬
‫‪p17.‬‬

‫هذا ولقد ع رف القض اء الفرنس ي الم رقي العق اري بأن ه‪ " :‬ذلك الش خص الطبيعي أو المعن وي‪ ،‬الذي يأخذ المب ادرة‪،‬‬
‫ويب ذل العناي ة الرئيس ية أو األساس ية بالعملي ة العقاري ة‪ ،‬فيتكف ل ب أن يس لم أو ي بيع أو ي ورد عق ارا مطابق ا لقواع د الفن‬
‫وخاليا من العيوب‪.‬‬
‫‪167‬‬
‫بأنه‪ " :‬كل شخص‬ ‫‪377‬‬
‫المرقي العقاري‪ ،‬وكذا كيفيات مسك الجدول الوطني للمرقين العقاريين‬
‫طبيعي أو معنوي يحوز اعتمادا‪ ،‬ويمارس نشاط الترقية كما هو محدد في القانون ‪." 11/04‬‬

‫ننوه بهذا الصدد أن تعريف المشرع للمرقي العقاري جاء من منطلق النشاط العقاري‬
‫ال ذي يمارس ه‪ ،‬وال ذي يق وم ب دوره على مجموع ة من األعم ال عرفه ا في الم ادة الثالث ة من‬
‫القانون رقم ‪ 11/04‬السالف الذكر‪.378‬‬

‫ويشترط لممارسة مهنة المرقي العقاري الشروط التالية‪:379‬‬

‫‪ -‬أن يك ون ت اجرا‪ ،‬م ؤهال للقي ام باألعم ال التجاري ة‪ ،‬س واء ك ان شخص ا طبيعي ا أو‬
‫معنويا‪.380‬‬

‫‪ -‬أن يك ون معتم دا ومس جال في الس جل التج اري‪ ،‬وفي الج دول الوط ني للم رقين‬
‫العقاريين‪.381‬‬
‫‪ 377‬ج ر ج ج‪ ،‬ع ‪ ،11‬س ‪ ،49‬الصادرة في ‪.26/02/2012‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪.11/04‬‬ ‫‪378‬‬

‫يالحظ هنا أن الشروط الواجب توافرها في المرقي العقاري‪ ،‬قد اختلفت في ظل القانون ‪ 11/04‬عنه في القانون‬ ‫‪379‬‬

‫رقم ‪ 86/07‬والمرسوم التشريعي رقم ‪.93/03‬‬

‫ففي ظ ل الق انون ‪ ،86/07‬نص المش رع على الش روط ال واجب توافره ا في المكتتب‪ ،‬في الم ادتين ‪ 8‬و‪ 9‬من ه‪،‬‬
‫واشترط في المترشح للقيام بعمليات الترقية العقارية أن يكون شخصا طبيعيا أو معنويا‪ ،‬حامال للجنسية الجزائرية‪،‬‬
‫متمتعا باألهلية وقادرا على التفاوض والتعاقد بالتزام وإ برام االتفاقية‪ ،‬غير محكوم عليه بأّي عقوبة جنائية منصوص‬
‫عليها في المواد ‪ 119‬و ‪ 220‬و ‪ 373‬و‪ 376‬من ق‪.‬ع‪ ،‬وأن يكون مليئا يحوز لوسائل مالية وضمانات تقنية كافية‬
‫للقيام بالعملية العقارية المقصودة‪ ،‬كما يجب عليه أن يمتثل لما ورد في دفتر الشروط‪.‬‬

‫أما في ظل المرسوم التشريعي رقم ‪ ،93/03‬فاشترط في المتعامل في الترقية العقارية‪ ،‬أن يكون شخصا طبيعيا أو‬
‫معنويا‪ ،‬يتمتع باألهلية القانونية للقيام باألعمال التجارية‪ ،‬طبقا للمادة السادسة منه‪.‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 19‬من القانون ‪.11/04‬‬ ‫‪380‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 4‬من نفس الق انون على م ا يلي‪ " :‬ي رخص للم رقين العق اريين المعتم دين والمس جلين في الس جل‬ ‫‪381‬‬

‫التجاري‪ ،‬بالمبادرة بالمشاريع العقارية‪=.‬‬

‫= ال يمكن أيا كان أن يدعي صفة المرقي العقاري أو يمارس هذا النشاط ما لم يكن حاصال على اعتماد ومسجال في‬
‫الدول الوطني للمرقين العقاريين حسب الشروط والكيفيات المحددة في هذا القانون"‪.‬‬
‫‪168‬‬
‫ويعت بر االعتم اد بمثاب ة ت رخيص إداري مس بق لممارس ة مهن ة الم رقي العق اري‪ ،‬م ع‬
‫مراع اة القي ام ب اإلجراءات اإلداري ة والجبائي ة‪ ،382‬وعلي ه يمن ع الش روع في ه ذه المهن ة‪ ،‬م ا لم‬
‫يحصل الشخص على الترخيص اإلداري المذكور‪.‬‬

‫هذا ويتم منح االعتماد للمرقي العقاري من طرف الوزير المكلف بالسكن والعمران‪،‬‬
‫بعد موافقة لجنة االعتماد للترقية العقارية‪ ،‬وذلك طبقا لمقتضيات الم ادة الخامسة من المرسوم‬
‫التنفيذي رقم ‪ 12/84‬المذكور أعاله‪ ،‬متى استوفى طالبه الشروط المحددة قانونا‪.383‬‬

‫هذا ويتم تسجيل حائزي االعتم اد المقيدين قانون ا بالسجل التج اري‪ ،‬في الجدول الوطني للم رقين العقاريين المفت وح‬
‫ل دى ال وزير المكل ف بالس كن‪ ،‬طبق ا للم ادة ‪ 24‬من المرس وم التنفي ذي رقم ‪ 12/85‬الم ؤرخ في ‪20/02/2012‬‬
‫المتضمن دفتر الشروط النموذجي الذي يحدد االلتزامات والمسؤوليات المهنية للمرقي العقاري‪ ،‬والمنشور في ج رج‬
‫ج‪ ،‬ع ‪ ،11‬س‪ ،49‬الصادرة في ‪.26/02/2012‬‬

‫ويترتب عن ذلك منح المعني شهادة تسجيل‪ ،‬يرخص له بموجبها بممارسة المهنة‪ ،‬وباالنتساب إلى صندوق الضمان‬
‫والكفالة المتبادلة للترقية العقارية طبقا للمادتين ‪ 24‬و ‪ 25‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 12/84‬سالف الذكر‪.‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 23/1‬من هذا القانون‪.‬‬ ‫‪382‬‬

‫نص المش رع الجزائ ري على ه ذه الش روط في الم ادتين ‪ 6‬و‪ 7‬من المرس وم التنفي ذي ‪ 12/84‬الم ذكور أعاله‪،‬‬ ‫‪383‬‬

‫وتتمثل هذه الشروط‪ ،‬سواء بالنسبة للشخص الطبيعي‪ ،‬أو بالنسبة للشخص المعنوي‪ ،‬أو بالنسبة لكليهما فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أال يقل عم ر الش خص الطبيعي عن ‪ 25‬سنة‪ ،‬وأن يك ون متمتع ا بالجنسية الجزائرية‪ ،‬وأن يتمتع بحقوقه المدنية‪،‬‬
‫وأن يكتتب عقد تأمين ضد العواقب المالية والمسؤولية المدنية والمهنية لنشاطاته‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون الشخص المعنوي خاضعا للقانون الجزائري‪.‬‬

‫‪ -‬أن يقدم ضمانات حسن السلوك‪ ،‬وعدم الوقوع تحت طائلة عدم الكفاءة‪ ،‬أو أحد موانع الممارسة‪ ،‬كما نصت عليها‬
‫أحكام المادة ‪ 20‬من القانون ‪ 11/04‬المذكور أعاله‪،‬‬

‫‪ -‬وأن يثبت وج ود م وارد مالي ة كافي ة النج از مش روعه أو مش اريعه العقاري ة‪ ،‬على أن توض ح كيفي ات تط بيق ه ذا‬
‫الشرط‪ ،‬بقرار مشترك بين الوزير المكلف بالمالية والوزير المكلف بالسكن‪،‬‬

‫‪-‬وأن يثبت كفاءات مهنية مرتبطة بالنشاط‪ ،‬أي أن يحوز على شهادة عليا في مجال الهندسة المعمارية‪ ،‬أو البناء أو‬
‫القانون أو االقتصاد أو المالية أو التجارة أو أي مجال تقني آخر‪ ،‬يسمح بالقيام بنشاط المرقي العقاري‪ ،‬غير أنه إذا=‬
‫= لم تستوف فيه شروط الكفاءة هذه‪ ،‬فانه يتعين عليه أن يثبت االستعانة بصفة دائمة وفعلية بمسير تتوافر فيه هذه‬
‫الشروط‪.‬‬
‫‪169‬‬
‫‪ -‬أن يك ون محترف ا‪ ،‬يمتل ك المه ارات الض رورية في مج ال البن اء‪ ،‬ول ه ق درات مالي ة‬
‫كافية‪.384‬‬

‫‪ -‬أن يك ون متمتع ا بجمي ع حقوق ه المدني ة‪ ،385‬وغ ير محك وم علي ه بس بب إح دى‬


‫المخالفات المحددة على سبيل الحصر في المادة ‪ 20‬من القانون ‪ 11/04‬المذكور أعاله‪.386‬‬

‫هذا ويتميز المرقي العقاري عن غيره من المتدخلين في عملية البناء‪ ،‬بعدة خص ائص‪،‬‬
‫نجملها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬هذا ويجب أن يت وفر لدى ط الب االعتم اد‪ ،‬محالت ذات استعمال تج اري مالئم ة‪ ،‬تسمح بممارس ة الئقة ومعقول ة‬
‫للمهن ة‪ ،‬وتك ون مجه زة بوس ائل االتص ال‪ ،‬ويتم تق ديم إثب ات وج ود ه ذه المحالت‪ ،‬عن د التس جيل في الج دول الوط ني‬
‫للمرقين العقاريين‪.‬‬

‫والمالحظ أن المشرع الجزائري‪ ،‬لم ينص في هذا المرسوم التنفيذي‪ ،‬على شرط إلزام المرقي العقاري‪ ،‬الذي يكون‬
‫شخصا معنويا‪ ،‬باكتتاب عقد تأمين ضد العواقب المالية والمسؤولية المدنية المهنية لنشاطاته‪ ،‬لكننا نجده نص على‬
‫ذلك صراحة في المادة ‪ 30/1‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 12/85‬المذكور أعاله‪ ،‬والتي جاء نصها كاآلتي‪ " :‬يتعين‬
‫على المرقي العقاري االكتتاب في جميع التأمينات أو الضمانات القانونية المطلوبة "‪ ،‬األمر الذي يفهم منه أنه يجب‬
‫على المرقي العقاري‪ ،‬سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا‪ ،‬اكتتاب عقد لتأمين مسؤوليته‪.‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 12‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪384‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 21/1‬من الق انون رقم ‪ 11/04‬على م ا يلي‪ ... " :‬يجب على الم رقي العق اري ال ذي يلتمس اعتم ادا‬ ‫‪385‬‬

‫أن يتمتع بحقوقه المدنية "‪.‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 20‬على م ا يلي‪ " :‬ال يمكن أن يكون وا م رقين عق اريين‪ ،‬منش ئين أو مش اركين‪ ،‬باألفع ال قانون ا أو‬ ‫‪386‬‬

‫فعليا‪ ،‬بطريقة مباشرة أو من خالل وسيط‪ ،‬للمبادرة بمشاريع عقارية تخضع لهذا القانون‪ ،‬األشخاص الذين تعرضوا‬
‫لعقوبات بسبب إحدى المخالفات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬التزوير واستعمال المزور في المحررات الخاصة أو التجارية أو البنكية‪.‬‬

‫‪ -‬السرقة وإ خفاء المسروقات وخيانة األمانة والتفليس وابتزاز األموال أو القيم أو التوقيعات‪،‬‬

‫‪ -‬النصب وإ صدار شيك بدون رصيد‪،‬‬

‫‪ -‬رشوة موظفين عموميين‪= ،‬‬

‫‪ -‬شهادة الزور واليمين الكاذبة والغش الضريبي‪=،‬‬

‫= الجنح المنصوص عليها بموجب األحكام التشريعية المتعلقة بالشركات التجارية‪.‬‬


‫‪170‬‬
‫‪ -‬أّن الم رقي العق اري ش خص مه ني‪ ،‬يم ارس مهن ة منظم ة تش ريعيا‪ ،‬تق وم على ع دم‬
‫‪387‬‬
‫جواز الجمع بينها وبين أّي نشاط آخر مدفوع األجر‪.‬‬

‫‪ -‬أّن الم رقي العق اري ه و من يت ولى المب ادرة بعملي ات انج از مش اريع البن اء الجدي دة‬
‫وغيرها من األعمال المحددة في القانون ‪ ، 11/04‬فهو صاحب المشروع العقاري‪.‬‬

‫‪ -‬أّن الم رقي العق اري مل زم باالس تعانة بخ دمات مق اول مؤه ل قانون ا‪ ،‬ليت ولى عملي ة‬
‫تنفيذ المشروع‪ ،‬بناء على عقد مقاولة‪.‬‬

‫‪ -‬أّن الهدف الذي يبتغيه المرقي العقاري من وراء ممارسته لمهنة الترقية العقارية‪،‬‬
‫هو بيع أو إيجار العمل الذي تولى المبادرة بانجازه‪ ،‬لذلك يوصف بأنه تاجر‪.‬‬

‫مرت مسألة خضوع المرقي العقاري ألحكام الضمان العشري في التشريع الجزائري‬
‫بثالث مراحل‪ ،‬نذكرها تباعا‪.‬‬

‫أ‪ -‬مسؤولية المكتتب في ظل القانون ‪86/07‬‬

‫ب الرجوع إلى الم ادة ‪ 41‬من الق انون رقم ‪ 86/07‬الم ؤرخ في ‪ 04‬م ارس ‪1986‬‬
‫والمتعلق بالترقية العقارية نجدها تنص على ما يلي‪ " :‬يتحمل المكتتب بإحدى عمليات الترقية‬
‫العقاري ة ط وال عش ر س نوات ابت داء من ت اريخ تس ليم ش هادة المطابق ة العي وب الخفي ة ال تي‬
‫يتحمله ا المق اولون واألش خاص اآلخ رون ال ذين ي ربطهم بص احب األش غال عق د إيج ار العم ل‬
‫وذلك عمال بالمواد ‪ 140/2‬و‪ 554‬و‪ 564‬من القانون المدني"‪.‬‬

‫م ؤدى ه ذه الم ادة أن المش رع حّم ل المكتتب المس ؤولية العش رية‪ ،‬ش أنه في ذل ك ش أن‬
‫المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬أي أّن المكتتب يتحم ل المس ؤولية‪ ،‬عن ك ل ته دم كلي أو‬
‫جزئي للمباني أو للمنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬التي تصرف فيها بالبيع للمشتري أو المستفيد‪ ،‬أو‬
‫ته دد متانته ا وس المتها‪ ،‬وذل ك خالل عش ر س نوات‪،‬‬ ‫‪388‬‬
‫عن ك ل م ا يلحقه ا من عي وب خفي ة‬
‫تسري ابتداء من تاريخ تسليم شهادة المطابقة‪.‬‬

‫كما يمنع من ممارسة هذا النشاط األعضاء المشطوبون تأديبيا وبصفة نهائية‪ ،‬بسبب اإلخالل بنزاهة المهن المشكلة‬
‫في نقابات"‪.‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 3‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 12/84‬المذكور أعاله‪.‬‬ ‫‪387‬‬

‫‪171‬‬
‫ويس توي في ذل ك أن يك ون المكتتب ه و من ق ام بانج از البن اء بنفس ه‪ ،‬أو وكل ه كل ه أو‬
‫جزء منه إلى مقاول آخر‪ ،‬كما يستوي في ذلك أيضا أن يكون البيع قد تّم قبل البدء في انجاز‬
‫البناء‪ ،‬أو بعد تمام انجازه‪.389‬‬

‫ه ذا ويالح ظ على ه ذا النص‪ ،‬أّن نقط ة ب دء م دة س ريان الض مان بالنس بة للمكتتب‪،‬‬
‫تختلف عن تاريخ ب دأ سريان م دتها بالنسبة للمهن دس المعم اري ومق اول البناء‪ ،‬فاألولى تب دأ‬
‫من تاريخ تسليم شهادة المطابقة‪ ،‬التي نظم المشرع الجزائري أحكامها في المرسوم التنفيذي‬
‫رقم ‪ 91/176‬الم ؤرخ في ‪ 28‬م اي ‪ ،1991‬أم ا الثاني ة فتب دأ من ت اريخ تس لم ص احب‬
‫المشروع العمل نهائيا‪.‬‬

‫تتقادم دعوى ضمان المبنى موضوع عقد حفظ الحق‪ ،‬المبرم في إطار القانون المتعلق‬
‫بالترقية العقارية‪ ،‬بثالث سنوات‪ ،‬تبدأ من يوم تسلم األشغال أو من تاريخ اكتشاف العيب في‬
‫وذلك طبقا ألحكام المادة ‪ 40‬من القانون رقم ‪ 86/07‬سالف الذكر‪.‬‬ ‫‪390‬‬
‫المبنى‬

‫ب‪ -‬مسؤولية المتعامل في الترقية العقارية في ظل المرسوم التشريعي رقم ‪93/03‬‬

‫نص المش رع الجزائ ري في الم ادة ‪ 4-3-8/2‬من المرس وم التش ريعي رقم ‪93/03‬‬
‫الم ؤرخ في الف اتح م ارس ‪ 1993‬والمتعل ق بالنش اط العق اري على م ا يلي‪ " :‬وقب ل أي تس ليم‬

‫‪ 388‬حّم ل المشرع المكتتب بموجب المادة ‪ 39‬من القانون ‪ 86/07‬مسؤولية إصالح العيوب الظاهرة بالعمارة شخص يا‬
‫وخالل أجل معقول‪ ،‬وبذلك يكون قد ميز بينها وبين العيوب الخفية‪ ،‬التي استوجب لتغطيتها إعمال أحكام المسؤولية‬
‫العشرية‪.‬‬

‫‪ -‬بوقرة أم الخير ( المسؤولية العشرية للمرقي العقاري " دراسة تحليلية" )‪ ،‬مجلة الحقوق والحريات‪ ،‬عدد تجريبي‪،‬‬
‫بسكرة‪ ،‬سبتمبر ‪ ،2013‬ص ‪.358‬‬

‫عياشي شعبان‪ ( ،‬أشخاص الضمان العشري في القانون الجزائ ري)‪ ،‬م ج ع ق اق س‪ ،‬الجزائ ر‪ ،‬ج ‪ ،42‬رقم ‪،2‬‬ ‫‪389‬‬

‫‪ ،2000‬ص‪.93‬‬

‫يراج ع‪ :‬ق رار م ع غ م‪ ،‬مل ف رقم ‪ ،465804‬الص ادر بت اريخ ‪ ،18/03/2009‬منش ور بـ م‪.‬م‪.‬ع‪ ،‬ع ‪ ،1‬س‬ ‫‪390‬‬

‫‪ ،2009‬ص‪=.137‬‬

‫= وذات المع نى كرس ه ق رار م ع غ م‪ ،‬مل ف رقم ‪ ،871568‬الص ادر بت اريخ ‪ ،17/01/2013‬منش ور بـ م م ع‪ ،‬ع‬
‫‪ ،1‬س ‪ ،2014‬ص‪ ،189‬والذي جاء فيه‪ " :‬يلزم المكتتب بإحدى عمليات الترقية العقارية بضمان المبنى مدة ثالث‬
‫سنوات‪ ،‬ابتداء من تاريخ تسلم األشغال أو من تاريخ اكتشاف العيب"‪.‬‬
‫‪172‬‬
‫بناي ة إلى المش تري‪ ،‬يتعين على المتعام ل في الترقي ة العقاري ة أن يطلب من المهندس ين‬
‫المعم اريين والمق اولين المكلفين بانج از المنش آت ش هادة ت أمين تحملهم المس ؤولية المدني ة‬
‫العشرية المنصوص عليها في أحكام القانون المدني‪ ،‬ال سيما المادة ‪ 554‬منه‪ ،‬وطبقا للقانون‬
‫المتعلق بالتأمينات ال سيما مواده من ‪ 94‬إلى ‪.99‬‬

‫تبلغ نسخة التأمين المذكورة في الفقرة السابقة إلى المشترين يوم حيازة ملكية البناية كأقصى‬
‫أجل‪.‬‬

‫وإ ن لم يكن ذل ك‪ ،‬يحم ل المتعام ل في الترقي ة العقاري ة المس ؤولية المدني ة زي ادة على األحك ام‬
‫التي ينص عليها القانون في هذا المجال"‪.‬‬

‫يستفاد من نص هذه المادة أن المتعامل في الترقية العقارية‪ ،‬مسؤول مسؤولية عشرية‬


‫عما يلحق المباني أو المنشآت الثابتة من أضرار‪ ،‬استثناء‪ ،‬عند إخالله بالتزامه المتمثل في‬
‫طلب ه من المهندس ين المعم اريين والمق اولين المكلفين بانج از األش غال‪ ،‬ش هادة ت أمين‪ ،‬تحملهم‬
‫المسؤولية العشرية‪ ،‬وتبليغها إلى المشتري‪ ،‬يوم حيازة ملكية البناية كأقصى أجل‪.‬‬

‫والمالحظ على هذا النص أنه جاء غير واضح بخصوص تحميل المتعامل في الترقية‬
‫العقارية المسؤولية العشرية‪ ،‬بالمقارنة مع نص المادة ‪ 41‬من ‪ 86/07‬السالف الذكر‪ ،‬الذي‬
‫كان يحمل المكتتب في الترقية العقارية صراحة المسؤولية العشرية‪.‬‬

‫غير أن ما يؤكد أن المشرع حّم ل المتعامل في الترقية العقارية المسؤولية العشرية‪،‬‬


‫أنه أوجب عليه في الفقرة الثانية من المادة الثامنة من المرسوم التنفي ذي رقم ‪ 94/58‬المؤرخ‬
‫في ‪ 07‬م ارس ‪ 1994‬والمتعل ق بنم وذج عق د ال بيع على التص اميم ال ذي يطب ق في مج ال‬
‫الترقي ة العقاري ة‪ ،391‬مراقب ة الض مان ومتابعت ه عن طري ق الت أمين العش ري لك ل المهندس ين‬
‫المعم اريين والمق اولين وك ل المت دخلين في عملي ة التش ييد‪ ،‬وأن ه جعل ه مس ؤوال بالتض امن م ع‬
‫هؤالء األخيرين في مواجهة المشتري إال إذا حصل خطأ ال يمكن أن ينسب إليه‪.‬‬

‫ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،13‬س‪ ،‬الصادرة في ‪.09/03/1994‬‬ ‫‪391‬‬

‫‪173‬‬
‫ينتق ل الض مان إلى مش تري العق ار بق وة الق انون‪ ،‬ويغطي خالل األج ل المح دد‪ ،‬كاف ة‬
‫األض رار الناجم ة عن مس ؤوليته‪ ،‬واألض رار المتعلق ة ب العيوب الخفي ة للش يء الم بيع‪ ،‬وك ل‬
‫عنصر خاص بالتجهيز ال يمكن نزعه دون إتالف مواد االنجاز‪.392‬‬

‫وب الرجوع إلى أحك ام القض اء الجزائ ري‪ ،‬يت بين أن ه اس تقر على اعتب ار المتعام ل في‬
‫الترقية العقارية مسؤوال مسؤولية عشرية‪ ،‬إذا ما أخل بالتزامه‪ ،‬المتمثل في عدم تبليغ شهادة‬
‫التأمين لمشتري العقار‪.393‬‬

‫جـ‪ -‬مسؤولية المرقي العقاري في ظل القانون ‪11/04‬‬

‫بالرجوع إلى أحكام القانون رقم ‪ 11/04‬المؤرخ في ‪ 17‬فبراير ‪ 2011‬والذي يحدد‬


‫القواع د ال تي تنظم نش اط الترقي ة العقاري ة‪ ،‬يت بين لن ا أن المش رع نص على مس ؤولية الم رقي‬
‫العقاري في عدة نصوص قانونية متفرقة‪.‬‬

‫بوقرة أم الخير( المسؤولية العشرية للمرقي العقاري " دراسة تحليلية" )‪ ،‬المقال السابق‪ ،‬ص ‪.361‬‬ ‫‪392‬‬

‫يراجع ق رار م ع غ م‪ ،‬مل ف رقم ‪ ،64748‬الص ادر بت اريخ ‪ ،23/01/1991‬منش ور بـ م ق‪ ،‬ع ‪ 4‬لسنة ‪،1992‬‬ ‫‪393‬‬

‫ص‪ ،31‬والذي جاء فيه‪ " :‬ولما كان الثابت‪ -‬في قضية الحال‪ -‬أن قضاة المجلس بإخراجهم لديوان الترقية والتسيير‬
‫العق اري من الخص ام ب الرغم من أن الخ برة المنج زة أظه رت أن ه ض امن للبن اء م ع المق اول يكون وا ق د أخط ؤوا في‬
‫تطبيق القانون‪.‬‬

‫ومتى كان كذلك‪ ،‬استوجب نقض القرار المطعون فيه"‪.‬‬

‫‪ -‬يراج ع أيض ا في ه ذا المع نى‪ :‬ق رار م ع غ م‪ ،‬مل ف رقم ‪ ،509321‬الص ادر بت اريخ ‪ ،17/12/2009‬منش ور‬
‫بمجلة المحكمة العلي ا‪ ،‬ع ‪ 1‬لسنة ‪ ،2010‬ص‪ ،138‬والذي جاء فيه أن ه‪ " :‬حيث ان النزاع في قضية الحال تحكمه‬
‫القواع د المنص وص عليه ا في المرس وم التش ريعي رقم ‪ 93/03‬المتعل ق بالنش اط العق اري‪ ،‬ال ذي وفي إط ار عالق ة‬
‫تعاقدية موازية بين المرقي العقاري والمشتري‪ ،‬قد منح ضمانات كافية لمصلحة المشتري‪ ،‬كإلزام المرقي العقاري‬
‫قبل تسليم البناية لهذا األخير‪ ،‬أن يطلب من المهندسين المعماريين والمقاولين المكلفين بانجاز المنشآت‪ ،‬شهادة تأمين‬
‫تحملهم المس ؤولية المدني ة العش رية‪ ،‬المنص وص عليه ا في الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني‪ ،‬وطبق ا للق انون المتعل ق‬
‫بالتأمينات"‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫فنص في المادة ‪ 26‬الفقرة الثالثة منه على ما يلي‪ " :‬غير أن الحيازة وشهادة المطابق ة‬
‫ال تعفي ان من المس ؤولية العش رية ال تي ق د يتع رض إليه ا الم رقي العق اري‪ ،‬وال من ض مان‬
‫اإلنهاء الكامل ألشغال االنجاز التي يلتزم بها المرقي العقاري طيلة سنة واحدة"‪.‬‬

‫ونص في الم ادة ‪ 30‬من المرس وم التنفي ذي رقم ‪ 12/85‬الم ؤرخ في ‪ 20‬ف براير‬
‫‪ 2012‬والمتض من دف تر الش روط النم وذجي ال ذي يح دد االلتزام ات والمس ؤوليات المهني ة‬
‫للمرقي العقـاري على مـا يلي‪ " :‬يتعيـن على المرقـي العقـاري االكتتاب في جميع التأمينات أو‬
‫الضمانات القانونية المطلوبة‪.‬‬

‫يتحم ل الم رقي العق اري خالل عش ر س نوات مس ؤوليته المتض امنة م ع مك اتب الدراس ات‬
‫والمق اولين والش ركاء والمق اولين الفرع يين وأّي مت دخل آخ ر في ح ال س قوط البناي ة كلي ا أو‬
‫جزئيا بسبب عيوب في البناء بما في ذلك رداءة األرض"‪.‬‬

‫بقراءة نصي هاتين المادتين‪ ،‬يتضح لنا أن المشرع الجزائري أخضع المرقي العقاري‬
‫وكل المتخلين في عملية البناء من مهندسين ومقاولين ومقاولين فرعيين للمسؤولية العشرية‪،‬‬
‫في حالة سقوط المباني كليا أو جزئيا بسبب عيوب البناء بما في ذلك رداءة األرض‪ ،‬خالل‬
‫مدة عشر سنوات‪.‬‬

‫والمالح ظ أّن المش رع الجزائ ري ق د وس ع من دائ رة األش خاص المس ؤولين بالض مان‬
‫العش ري المنص وص علي ه في الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني‪ ،‬وجعله ا تش مل باإلض افة إلى‬
‫المهندس ين المعم اريين ومقاولـي البن اء‪ ،‬المرقيـن العقارييـن ومك اتب الدراس ات والش ركاء‬
‫والمقاولين الفرعيين وأي متدخل يربطه عقد بالمرقي العقاري‪ ،394‬وبالمقابل ضيق من نطاق‬
‫األعم ال ال تي تغطيه ا المس ؤولية العش رية للم رقي العق اري‪ ،‬إذ قص رها على البناي ات دون‬
‫المنشآت الثابتة األخرى‪.‬‬

‫والمالح ظ أيض ا أّن المش رع اعت بر مس ؤولية الم رقي العق اري مس ؤولية عش رية‬
‫وتض امنية م ع ب اقي م ؤجري العم ل‪ ،‬ومق ررة بق وة الق انون‪ ،‬فيكفي المقت ني أو المس تفيد من‬

‫‪ 394‬ولع ّل الس بب ال ذي دف ع المش رع إلى توس يع النط اق الشخص ي للمس ؤولية العش رية‪ ،‬ه و توف ير الحماي ة الكافي ة‬
‫لمش تري البناي ة‪ ،‬في وقت يش هد ك ثرة انهي ارات المب اني وتعيبه ا‪ ،‬ولحماي ة أك ثر أل زم الق انون الم رقين العق اريين‬
‫المعتمدين‪ ،‬باالنضمام لصندوق الضمان والكفالة‪.‬‬
‫‪175‬‬
‫الض مان أن يثبت فق ط س قوط البن اء كلي ا أو جزئي ا أو وج ود عيب في ه‪ ،‬ووج ود عق د مقاول ة‬
‫لتثبت مسؤولية المرقي العقاري بالتضامن مع باقي مؤجري العمل‪.‬‬

‫ويجدر التنويه إلى أن المشرع نص على أن المرقي العقاري يكون مسؤوال مسؤولية‬
‫عشرية خالل عشر سنوات إذا ما لحق الضرر بالبناية‪ ،‬لكنه لم يبين تاريخ بدء سريان هذه‬
‫المدة‪ ،‬األمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن نقطة بداية احتساب عشر السنوات؟ هل يكون من‬
‫وقت التسلم النهائي لألعمال طبقا للمادة ‪ 554‬من القانون المدني‪ ،‬أم يكون من تاريخ تسليم‬
‫شهادة المطابقة أو شهادة الحيازة؟‬

‫نرى في اإلجابة على هذا السؤال تطبيق القواعد العامة في المسؤولية العشرية بوجه‬
‫عام‪ ،‬أي أّن مدة الضمان الخاص تبدأ من تاريخ تسليم البناية إلى المشتري‪.‬‬

‫ويس تفيد من إعم ال أحك ام المس ؤولية العش رية للم رقي العق اري‪ ،‬الم الكون المتوال ون‬
‫على البناية‪ ،‬وذلك وفقا لمقتضيات المادة ‪ 49‬الفقرة الثالثة من القانون رقم ‪ 11/04‬المذكور‬
‫أعاله‪.‬‬

‫ه ذا ويق ع ب اطال وغ ير مكت وب ك ل ش رط في عق د المقاول ة ي رمي إلى اإلعف اء من‬


‫المسؤولية أو الضمانات المنصوص عليها في أحكام هذا القانون‪ ،‬أو الحد منها س واء باس تبعاد‬
‫أو بحصر تضامن المقاولين الثانويين مع المرقي العقاري‪.395‬‬

‫يتعين على المرقي العقاري في عمليات البيع بناء على التصاميم‪ ،‬أن يغطي التزاماته‬
‫بت أمين إجب اري يكتتب ه ل دى ص ندوق الض مان‪ ،396‬ويغطي الت أمين على المس ؤولية المدني ة‬
‫المهنية والمسؤولية العشرية للمرقي العقاري المسؤولية الناتجة عن الحوادث التي تحصل في‬
‫موقع العمل أثناء فترة التشييد‪ ،‬ويمتد غطاء التأمين ليشمل مسؤولية المؤمن له التي قد تنشأ‬
‫عن انهيار أو تضرر هياكل البناء أو األعمال غير الهيكلية بعد تسليمها‪ ،‬إذا اتضح أن العيب‬
‫في التصميم أو سوء التنفيذ هو السبب في التهدم‪.397‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 45‬من القانون رقم ‪ 11/04‬المذكور آنفا‪.‬‬ ‫‪395‬‬

‫‪ 396‬مسعودة مروش‪ ،‬عقد المقاولة في القانون المدني الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.105‬‬

‫مسكر سهام‪ ،‬بيع العقار بناء على التصاميم في الترقية العقارية‪ ،‬دراسة تحليلية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬ ‫‪397‬‬

‫جامعة سعد دحلب‪ -‬البليدة‪ ،2006 ،‬ص‪.68‬‬


‫‪176‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬األشخاص المستفيدون‬

‫لم يح ّد د المش رع الجزائ ري األش خاص المس تفيدين من الض مان العش ري‪ ،‬لكن من‬
‫السهل القيام بذلك‪ ،‬طالما تحّد د األشخاص الملتزمون بالضمان‪.‬‬
‫‪398‬‬
‫أوال‪ :‬صاحب المشروع‬

‫بالرجوع إلى أحكام القانون المدني الجزائري‪ ،‬يتبين لنا أّن المشرع لم يعرف صاحب‬
‫المشروع‪ ،‬لكنه عرفه في المادة السابعة من المرسوم التشريعي رقم ‪ 94/07‬المتعلق بتنظيم‬
‫مهنة المهندس المعماري بأنه‪ ،‬ك ّل شخص طبيعي أو معنوي‪ ،‬يتحمل بنفسه مسؤولية تكليف‬
‫من ينجز أو يحول بناء ما يقع على قطعة أرضية يكون مالكها‪ ،‬أو يكون حائزا حقوق البناء‬
‫عليها‪ ،‬طبقا للتنظيم والتشريع المعمول بهما‪.‬‬

‫يستفاد من نص هذه المادة‪ ،‬أّن رب العمل المستفيد بأحكام الضمان العشري‪ ،‬إما أن‬
‫يك ون شخص ا طبيعي ا كف رد معين‪ ،‬أو شخص ا معنوي ا خاص ا‪ ،‬كش ركة أو جمعي ة أو مؤسس ة‬
‫تجارية أو مدنية‪ ،‬أو شخصا معنويا عاما‪ ،‬كالدولة أو مؤسسة عمومية أو مجلسا من المجالس‬
‫المحلية‪.399‬‬

‫يكون صاحب المشروع الذي ينفذ المشروع لصالحه‪ ،‬كأصل عام‪ ،‬مالك ا لألرض ال تي‬
‫تقام عليها البناءات أو المنشآت الثابتة‪ ،‬أو حائزا حق البناء عليها لحسابه‪.400‬‬

‫أطلق المشرع الجزائري هذا المصطلح على رب العمل‪ ،‬ومن تم يجب عدم الخلط بين لفظ صاحب المشروع (‬ ‫‪398‬‬

‫‪ )Le maitre de l’ouvrage‬وهو مالك العمل‪ ،‬وبين لفظ صاحب العمل (‪ )Le maitre d’oeuvre‬الذي يقصد به المشرف‬
‫على العمل أو رئيس العمل‪ ،‬والذي يتولى إدارة العمل وتسييره واإلشراف عليه‪ ،‬والذي قد يكون المهندس المعماري‬
‫أو غيره ممن يوليه رب العمل هذه المهمة‪ ،‬وهو الخلط الذي وقع فيه القضاء الفرنسي حقبة من الزمن‪.‬‬

‫بن عب د الق ادر زه رة‪ ،‬نط اق الض مان العش ري للمش يدين‪ ،‬دراس ة مقارن ة بين التش ريعين الجزائ ري والفرنس ي‪،‬‬ ‫‪399‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.220‬‬

‫كالمستأجر المرخص له قانونا‪ ،‬والذي يكون له السلطة االقتصادية في عملية البناء‪ ،‬بمعنى أنه هو الذي يلتزم‬ ‫‪400‬‬

‫بدفع األجر للمتعاقد اآلخر‪.‬‬

‫فالمقرر قانونا‪ ،‬أال تسلم رخصة البناء‪ ،‬إال لمن يقدم نسخة من عقد ملكية األرض‪ ،‬أو نسخة من شهادة الحيازة‪ ،‬أو‬
‫توكيال‪ ،‬وفقا لمقتضيات المادة ‪ 34‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 91/176‬المؤرخ في ‪.28/05/1991‬‬
‫‪177‬‬
‫وال يشترط أن يبرم صاحب المشروع عقد المقاولة بنفسه‪ ،‬بل يمكنه إبرامه بواسطة‬
‫بم وجب وكالة خاصة‪ ،‬سواء ك انت ص ريحة أو ض منية‪ ،‬كأن يف وض‬ ‫‪401‬‬
‫وكي ل أو ممث ل عنه‬
‫مؤسس ة الترقي ة العقاري ة‪ ،‬أو مهندس ا معماري ا‪ ،‬أو مكتب دراس ات للقي ام به ذه المه ام‪ ،‬بحيث‬
‫يتدخلون في عملية البناء بصفتهم صاحب عمل وصاحب مشروع منتدب‪ ،‬في حدود الوكالة‬
‫التي أبرمها معهم صاحب المشروع‪ ،‬ومن تّم فإن دعوى الضمان‪ ،‬يمكن ممارستها من طرفه‬
‫أو عن طريق نائبه‪ ،‬وذل ك تطبيق ا للقواع د العام ة في عق د الوكال ة‪ ،‬ال تي تقتضي أن تنصرف‬
‫آثار التصرفات التي يبرمها الوكيل مباشرة‪ ،‬سلبا أو إيجابا‪ ،‬إلى الموكل‪ ،‬وكأنه هو الذي قام‬
‫بها بنفسه‪.‬‬

‫ه ذا ويكمن دور ص احب المش روع‪ ،‬في تس هيل عملي ة البن اء على منف ذي المش روع‪،‬‬
‫وذل ك عن طري ق تخطي ط وبرمج ة المش روع‪ ،‬وتحدي د الغط اء الم الي للمش روع‪ ،‬وتحدي د‬
‫الش روط اإلداري ة والتقني ة للمش روع‪ ،‬واختي ار المهن دس أو مكتب الدراس ات للقي ام ب دور‬
‫المهندس المعماري‪ ،‬وكذا اختيار مقاول أو أكثر النجاز المشروع‪.‬‬

‫يعتبر صاحب المشروع المستفيد األول من الضمان‪ ،‬ألنه هو من يتعاقد مع المهندس‬


‫المعماري ومقاول البناء‪ ،‬اللذين يلتزمان تجاهه‪ ،‬بتسليمه بناية سليمة خالية من العيوب تقاوم‬
‫ال زمن‪ ،‬و علي ه م تى أص يبت المب اني المنج زة بعيب يه دد متانته ا وس المتها‪ ،‬خالل م دة‬
‫الض مان‪ ،‬وك انت ه ذه المب اني أو المنش آت ال ت زال مملوك ة لص احب المش روع‪ ،‬ك ان له ذا‬
‫األخير أن يرفع دعوى الضمان ضد المتعاقدين معه‪ ،‬وفقا ألحكام المسؤولية الخاصة‪.‬‬

‫وقد يفقد صاحب المشروع صفته هذه ألّي سبب من األسباب‪ ،‬كأن يبيع عقاره للغير‪،‬‬
‫أو يهب ه‪ ،‬أو يتن ازل عن ه‪ ،‬أو غ ير ذل ك من التص رفات ال تي تنق ل ملكي ة العق ار‪ ،‬من ص احب‬
‫المشروع إلى شخص آخر‪ ،‬فال يجوز له عندئذ مباشرة دعوى الضمان العشري‪.402‬‬

‫وتطبيق ا ل ذلك‪ ،‬إذا ك ان ص احب المش روع شخص ا معنوي ا‪ ،‬كمؤسس ة ترقي ة الس كن‬
‫العائلي "‪ "EPLF‬مثال‪ ،‬وقام بالتعاقد مع مقاول معين النجاز سكنات للغير‪ ،‬فيكون له حق رفع‬

‫موه وبي فتيح ة‪ ،‬الض مان العش ري للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬م ذكرة لني ل ش هادة الماجس تير في الق انون‬ ‫‪401‬‬

‫الخاص‪ ،‬فرع العقود والمسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ -‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪ ،2007-2006 ،‬ص‪.38‬‬

‫محمد شكري سرور‪ ،‬مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.197‬‬ ‫‪402‬‬

‫‪178‬‬
‫دع وى الض مان على المق اول‪ ،‬إذا لحقت المب اني المنج زة عي وب ته دد متانته ا وس المتها‪ ،‬أو‬
‫أدت إلى تهدمها تهدما جزئيا أو كليا‪ ،‬وذلك قبل تسلمها‪ ،‬باعتباره هو صاحب المشروع‪ ،‬أما‬
‫ابت داء من لحظ ة التس لم النه ائي لألعم ال‪ ،‬ف إّن مؤسس ة ترقي ة الس كن الع ائلي تفق د ص فة رب‬
‫العمل‪ ،‬ومن تّم ال تستطيع مباشرة دعوى الضمان الخاص‪ ،‬ضد المهندس المعماري ومقاول‬
‫البناء‪ ،‬إذ ينتقل هذا الحق للمالكين الجدد لهذه المباني أو المنشآت الثابتة‪ ،‬طالما انتقلت إليهم‬
‫ملكي ة المب اني‪ ،‬وأص بحوا يكتس بون ص فة رب العم ل‪ ،‬كم ا يس وغ لهم رف ع دع وى ض مان‬
‫العي وب الخفي ة‪ ،‬ض د الش خص المعن وي‪ ،‬باعتب اره بائع ا‪ ،‬وذل ك طبق ا للقواع د العام ة في عق د‬
‫ال بيع‪ ،‬على أن يرج ع ه ذا األخ ير على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بم ا دفع ه له ؤالء‬
‫المالك من تعويض‪.‬‬

‫وإ ذا تص رف رب العم ل في ج زء ش ائع من العق ار مح ل عق د المقاول ة‪ ،‬ب أّي ن وع من‬


‫أنواع التصرفات‪ ،‬كالبيع أو الهبة‪ ،‬فال يفقد صفة رب العمل بالنسبة للجزء الباقي الذي يملكه‬
‫في الش يوع‪ ،‬ومن تم يبقى متمتع ا بحق ه في ممارس ة دع وى الض مان الخ اص‪ ،‬إذا م ا ت وافرت‬
‫شروطه‪ ،‬وذلك لتعلق ملكيته على الشيوع للجزء الباقي له من العقار بالعقار كله‪ ،‬غير أنه إذا‬
‫انص ب التصرف على ج زء مفرز من العقار‪ ،‬فإن صفة رب العمل تزول عنه بالنسبة له ذا‬
‫الجزء المفرز الذي تصرف فيه‪ ،‬وعليه ال يجوز له المطالبة بالضمان عند تحقق الضرر به ذا‬
‫الجزء المفرز‪.‬‬

‫ه ذا وإ ذا تعاق د المق اول األص لي – ال ذي عه د إلي ه بانج از األش غال من ط رف رب‬


‫العمل‪ -‬مع مقاولين من الباطن‪ ،‬من أجل مساعدته على إتمام األشغال‪ ،‬كلها أو بجزء منها‪،‬‬
‫فه ل يمكن في ه ذه الحال ة‪ ،‬اعتب ار المق اول األص لي رب عم ل بالنس بة للمق اولين الفرع يين‪،‬‬
‫وبالتالي الرجوع عليهم بدعوى الضمان الخاص إذا ما تحققت شروطها‪ ،‬أم ال؟‬

‫ال يجوز للمقاول األصلي‪ ،‬أن يرجع على المقاولين من الباطن الذين تعاقد معهم‪ ،‬من‬
‫أجل انجاز األشغال المعهودة إليه‪ ،‬بدعوى الضمان الخاص طبقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من‬
‫المادة ‪ 554‬من القانون المدني‪ ،403‬ذلك أّن المقاول األصلي وإ ن كان يعتبر رب عمل بالنسبة‬
‫للمقاولين من الباطن‪ ،‬بموجب عقود مقاولة من الباطن المبرمة بينهم‪ ،‬إال أنه ال يكتسب صفة‬

‫تنص الم ادة ‪ 554/3‬من ق‪.‬م على م ا يلي‪ " :‬وال تس ري ه ذه الم ادة على م ا ق د يك ون للمق اول من ح ق الرج وع‬ ‫‪403‬‬

‫على المقاولين الفرعيين"‪.‬‬


‫‪179‬‬
‫رب العم ل ب المفهوم ال ذي عّر فن اه ب ه س ابقا‪ ،‬وال ذي يقص د ب ه الش خص ال ذي تنج ز المب اني‬
‫والمنشآت الثابتة لحسابه‪ ،‬أي المالك الحقيقي لهذه األعمال التي تم إنشاؤها‪.‬‬

‫وبما أن المقاول األصلي ليس هو المالك الفعلي للبناءات محل عقد المقاولة‪ ،‬فانه ال‬
‫يستطيع أن يباشر دعوى الضمان العشري ضد المقاولين من الباطن‪ ،‬في حالة ما إذا حدث‬
‫ته دم كلي أو ج زئي‪ ،‬أو ظه ر عيب خط ير في البن اء‪ ،‬أو في الج زء ال ذي ق ام المق اول من‬
‫الباطن بتنفيذه‪ ،‬ويكفي للمقاول األصلي – حماية لحقوقه‪ -‬أن يرجع على المقاولين الفرعيين‪،‬‬
‫طبقا للقواعد العامة في المسؤولية‪.‬‬

‫ه ذا ويرج ع رب العم ل على المق اول األص لي بالض مان الخ اص‪ ،‬ح تى ل و ك ان ه ذا‬
‫األخير قد تنازل عن المقاولة لمقاول آخر‪ ،‬ما دام رب العمل لم يقبل هذا التنازل‪ ،‬ولم يبرئ‬
‫ذمة المقاول األصلي‪.404‬‬

‫خالصة ما سبق‪ ،‬أّن دعوى الضمان الخاص‪ ،‬تقتصر على صاحب المشروع بصفته‬
‫المال ك ض د المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬وال يج وز له ذين األخ يرين ممارس ة تل ك‬
‫ال دعوى ض د المق اول من الب اطن‪ ،‬ولع ل الس بب في ذل ك أن الض مان المش دد ق رره المش رع‬
‫لمص لحة رب العم ل نظ را لكون ه ع ادة رج ل غ ير ف ني‪ ،‬وغ ير خب ير‪ ،‬على خالف المق اول‬
‫األص لي والمق اول من الب اطن‪ ،‬الل ذين هم ا من أه ل الفن والخ برة‪ ،‬ومن تم ليس هن اك حاج ة‬
‫الستحداث مسؤولية استثنائية مشددة فيما بينهما‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬خلف صاحب المشروع‬

‫قد تنتقل ملكية المباني والمنشآت الثابتة محل عقد المقاولة‪ ،‬من صاحب المشروع إلى‬
‫شخص آخر‪ ،‬قد يكون خلفا عاما أو خلفا خاصا‪.‬‬
‫‪405‬‬
‫الخلف العام‬ ‫‪-01‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪404‬‬

‫والحراسة‪ ،‬ج ‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 112‬هـ‪.2‬‬

‫يقص د ب الخلف الع ام الش خص ال ذي يتلقى من آخ ر حق ا أو التزام ا‪ ،‬ك الوارث والموص ى ل ه‪ ،‬وه و ك ل من يخل ف‬ ‫‪405‬‬

‫السلف في ذمته المالية‪ ،‬كلها أو جزء منها‪ ،‬باعتبارها مجموعة من المال كالوارث و الموصى له‪.‬‬
‫‪180‬‬
‫تنص الم ادة ‪ 108‬من الق انون الم دني الجزائ ري على م ا يلي‪ " :‬ينص رف العق د إلى‬
‫المتعاقدين والخلف العام ‪ ،"...‬األمر الذي يفهم منه أّن الحقوق التي ينشئها العقد‪ ،‬تنتقل إلى‬
‫الورث ة بع د وف اة الم ورث المتعاق د‪ ،‬ومن تّم إذا طبقن ا ه ذه القاع دة على عق د المقاول ة – ال ذي‬
‫نحن بصدده – فإّن جميع الحقوق التي يرّتبها هذا العقد لرب العمل‪ ،‬تنتقل بعد وفاته إلى خلفه‬
‫الع ام‪ ،‬ولع ّل أهم ه ذه الحق وق‪ ،‬الح ق في الض مان العش ري‪ ،‬أي الح ق في الرج وع على‬
‫المهندس المعماري ومقاول البناء بمقتضى أحكام هذه المسؤولية الخاصة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬إذا توفي رب العمل صاحب المشروع‪ ،‬فإّن حقه في مباشرة دعوى الضمان‬
‫العش ري ينتق ل إلى ورثت ه‪ ،‬وذل ك تبع ا لنظري ة االس تخالف في الحق وق وااللتزام ات‪ ،‬على‬
‫اعتب ار أّن ه ذه ال دعوى تعت بر من مس تلزمات البن اء ال ذي انتقلت ملكيت ه إليهم بوف اة م ورثهم‪،‬‬
‫بمعنى أنه إذا مات رب العمل‪ ،‬انتقلت ملكية العقار‪ ،406‬بما لها من حقوق‪ ،‬من ذمته إلى ذمة‬
‫خلفه‪ ،‬وبالتالي إذا حدث وأن ته ّد م هذا العقار كليا أو جزئيا‪ ،‬أو ظهر به عيب يه ّد د سالمته‬
‫ومتانته‪ ،‬أو جعله غير صالح للهدف الذي أنشئ من أجله‪ ،‬جاز للخلف العام مباشرة دعوى‬

‫تنتقل الملكية إلى الورثة بمجرد الوفاة‪ ،‬بشهادة نقل الملكية‪ ،‬وهو ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة ‪91‬‬ ‫‪406‬‬

‫من المرسوم رقم ‪ 76/63‬المؤرخ في ‪ 25/03/1976‬والمتعلق بتأسيس السجل العقاري‪ ،‬والتي جاء نصها كاآلتي‪=:‬‬
‫= " كل انتقال أو إنشاء أو انقضاء لحقوق عينية عقارية بمناسبة أو بفعل الوفاة ضمن اآلجال المحددة في المادة ‪99‬‬
‫يجب أن يثبت بموجب شهادة موثقة‪.‬‬

‫وينبغي على الموثقين أن يحرروا الشهادات ليس فقط عندما يطلب منهم ذلك األطراف ولكن أيضا عندما يطلب منهم‬
‫إع داد عق ديهم كال أو ج زء من ترك ة‪ ،‬وفي ه ذه الحال ة ينبغي على المعن يين أن يق دموا إلى الم وثقين ك ل المعلوم ات‬
‫واإلثباتات المفيدة‪.‬‬

‫وال يتم إعداد شهادة موثقة إذا كان عقد القسمة المتضمن لمجموع العقارات الموروثة‪ ،‬قد تم تحريره وإ شهاره ضمن‬
‫األجل المنصوص عليه من أجل إشهار الشهادة المذكورة "‪.‬‬

‫‪ -‬ق رار م ع غ م‪ ،‬مل ف رقم ‪ ،267615‬الص ادر بت اريخ ‪ ،22/09/2004‬منش ور بـ م‪ .‬م‪.‬ع‪ ،‬ع‪ ،1‬س‪ ،2007‬ص‬
‫‪ ،407‬والذي جاء فيه‪ " :‬تعد الشهادة التوثيقية‪ ،‬حتى وإ ن كانت عقدا تصريحيا‪ ،‬متى استوفت إجراءات الشهر‪ ،‬عقدا‬
‫رسميا ناقال ملكية األمالك العقارية إلى الورثة‪ ،‬سواء في الشياع أو بالحصة المفرزة "‪.‬‬

‫‪ -‬ونفس المع نى يكرس ه ق رار م ع غ م‪ ،‬مل ف رقم ‪ 572702‬الص ادر بت اريخ ‪ ،17/02/2011‬منش ور بـ م‪.‬م‪.‬ع‪ ،‬ع‬
‫‪ ،1‬س ‪ ،2011‬ص ‪ ،92‬وال ذي ورد في ه‪ " :‬الحق وق الميراثي ة تنتق ل إلى الورث ة‪ ،‬بمج رد الوف اة طبق ا للم ادة ‪ 91‬من‬
‫المرسوم ‪ 76/63‬المؤرخ في ‪."...25/03/1976‬‬
‫‪181‬‬
‫الضمان العشري باعتبار أّن هذه الدعوى حق انتقل إليه من سلفه بوفاته‪ ،‬تبعا النتقال ملكية‬
‫العقار‪.‬‬

‫ه ذا ولق د أك د المش رع الجزائ ري‪ ،‬مس ألة انتق ال الح ق في مباش رة دع وى الض مان‬
‫العشري‪ ،‬إلى الخلف العام‪ ،‬بموجب أحكام المادة ‪ 178‬الفقرة الثانية من القانون رقم ‪95/07‬‬
‫وال تي ج اء فيه ا أن ه يس تفيد من ه ذا الض مان‪ ،‬فض ال عن ص احب‬ ‫‪407‬‬
‫المتعل ق بالتأمين ات‬
‫المش روع‪ ،‬المالك المتت اليون‪ ،‬ومن ض من ه ؤالء المالك‪ ،‬الورث ة ال ذين تنتق ل إليهم ملكي ة‬
‫البناء‪ ،‬محل عقد المقاولة‪ ،‬بوفاة رب العمل‪.‬‬

‫ولق د نص المش رع الجزائ ري في الش طر الث اني من الم ادة ‪ 108‬من الق انون الم دني‬
‫على ما يلي‪ ..." :‬ما لم يتبّين من طبيعة التعامل أو من نص القانون أّن هذا األثر ال ينص رف‬
‫إلى الخل ف الع ام‪ ،‬ك ل ذل ك م ع مراع اة القواع د المتعلق ة ب الميراث"‪ ،‬إال أن ه ذا االس تثناء ال‬
‫مجال لتطبيقه هنا‪ ،‬ذلك أنه ال يجوز للمتعاقدين‪ ،‬االتفاق على عدم انتقال حق مباشرة دعوى‬
‫الضمان العشري إلى الخلف العام‪ ،‬ألن في هذا إعفاء من الضمان العشري ذاته أو ح ّد ا منه‪،‬‬
‫و مخالفة للنظام العام‪.‬‬

‫وبما أّن أحكام الضمان العشري من النظام العام‪ ،‬فال يجوز للمتعاقدين االتفاق في عقد‬
‫المقاولة المبرم بينهما‪ ،‬على عدم انتقال الحق في الضمان العشري إلى الخلف العام‪ ،‬وحتى لو‬
‫ضّم نوا العقد مثل هذا الشرط أو االتفاق‪ ،‬فإنه يقع باطال‪ ،‬لمخالفته مقتضيات المادة ‪ 556‬من‬
‫القانون المدني والتي جرى نصها كاآلتي‪ " :‬يكون باطال كل شرط يقصد به إعفاء المهندس‬
‫المعماري والمقاول من الضمان أو الحد منه"‪.‬‬
‫‪408‬‬
‫‪ -02‬الخلف الخاص‬

‫تنص المادة ‪ 109‬من القانون المدني على ما يلي‪ " :‬إذا أنشأ العقد التزامات‪ ،‬وحقوقا‪،‬‬
‫شخصية تتصل بشيء انتق ل بع د ذل ك إلى خلف خاص‪ ،‬فان هذه االلتزام ات والحقوق تنتق ل‬

‫انظر المادة ‪ 178/2‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪407‬‬

‫ه و من يخل ف الش خص في عين معين ة بال ذات‪ ،‬أو في ح ق عي ني عليه ا‪ ،‬أو في ح ق شخص ي‪ ،‬كالمش تري ال ذي‬ ‫‪408‬‬

‫يخلف البائع في العين المبيعة‪ ،‬والموصى له بعين في التركة‪ ،‬والمنتفع الذي يخلف المالك في حق االنتفاع‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫‪182‬‬
‫إلى ه ذا الخل ف في ال وقت ال ذي ينتق ل في ه الش يء‪ ،‬إذا ك انت من مس تلزماته وك ان الخل ف‬
‫الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء اليه"‪.‬‬

‫وتنص المادة ‪ 178‬الفقرة الثانية من القانون رقم ‪ 95/07‬المتعلق بالتأمينات على ما‬
‫يلي‪ " :‬ويس تفيد من ه ذا الض مان ص احب المش روع و‪/‬أو مالكي ه المتت الين إلى غاي ة انقض اء‬
‫أجل الضمان"‪.‬‬

‫يستفاد من هاتين المادتين أن حق مباشرة دعوى الضمان العشري‪ ،‬ينتقل إلى الخلف‬
‫الخاص لرب العمل‪ ،‬ضد كل من المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬منفردين أو مجتمعين‪،‬‬
‫إذا م ا ح دث ته دم كلي أو ج زئي في العق ار موض وع عق د المقاول ة‪ ،‬أو ظه ر في ه عيب يه ّد د‬
‫متانته وسالمته خالل مدة الضمان‪.409‬‬

‫ولع ّل الس بب ال ذي دف ع المش رع الجزائ ري إلى اتخ اذ ه ذا الموق ف‪ ،‬ه و أّن الح ق في‬
‫الرجوع بالضمان العشري‪ ،‬قد انتقل مع المبنى إلى الخلف الخاص‪ ،‬طبقا لنظرية االستخالف‬
‫في الحقوق وااللتزامات‪.‬‬

‫وينتق ل ح ق الض مان العش ري إلى الخل ف الخ اص ح تى ل و لم يكن ل ه ح ق الرج وع‬
‫بالضمان على السلف‪ ،‬كالموهوب له الذي ليس له حق الرجوع على الواهب بالضمان‪ ،‬فانه‬
‫يرجع بالرغم من ذلك بالضمان على المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬ألّن دعوى الضمان‬
‫العشري قد انتقلت إليه كموهوب له‪ ،‬مع العقار الموهوب‪ ،‬بموجب عقد الهبة‪.410‬‬

‫وإ ذا ك انت دع وى الض مان العش ري‪ ،‬تنتق ل كقاع دة عام ة‪ ،‬م ع انتق ال ملكي ة العق ار‬
‫المش ّيد إلى المال ك الجدي د‪ ،‬ف إّن ذل ك ال يع ني فق دان رب العم ل حق ه في مباش رة ه ذه ال دعوى‬
‫أيض ا‪ ،‬إذا ك انت ل ه مص لحة مباش رة ومؤك دة من رفعه ا‪ ،‬كم ا في الحال ة ال تي يرف ع فيه ا‬

‫‪409‬‬
‫‪Soinne(B), la responsabilité des architectes et entrepreneurs après la réception travaux, thèse, Paris 1969,‬‬
‫= ‪p204.‬‬

‫= ويجوز للخلف الخاص أيضا‪ ،‬إذا كان مشتريا‪ ،‬أن يرجع على بائعه بضمان العيب‪ ،‬طبقا للقواعد العامة في ض مان‬
‫العي وب الخفي ة في عق د ال بيع‪ ،‬فيك ون للب ائع باعتب اره رب العم ل‪ ،‬أن يرج ع على المهن دس المعم اري أو المق اول‬
‫بالضمان‪ ،‬وله أن يدخلهما ضامنين في دعوى العيب التي يرفعها عليه المشتري‪.‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪410‬‬

‫والحراسة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬


‫‪183‬‬
‫المشتري ضده دعوى للمطالبة بالتعويض‪ ،‬استنادا إلى القواعد العامة في ض مان العيب الخفي‬
‫في عقد البيع‪.‬‬

‫تطبيق ا ل ذلك‪ ،‬يس تفيد الخل ف الخ اص لص احب العم ل من أحك ام المس ؤولية الخاص ة‬
‫للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬فإذا باع صاحب المشروع العقار أو وهبه‪ ،‬ثّم تهّد م كلي ا أو‬
‫جزئي ا‪ ،‬أو ظه ر في ه عيب يه ّد د س المته ومتانت ه‪ ،‬ج از للمش تري أو للموه وب ل ه الرج وع‬
‫بالضمان الخاص على المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬ألّن الحق في الرجوع بالضمان‪،‬‬
‫انتقل مع المبنى‪ ،‬إلى الخلف الخاص طبقا لنظرية االستخالف في الحقوق وااللتزامات‪.411‬‬

‫ه ذا ويج وز للخل ف الخ اص إذا ك ان مش تريا مباش رة دع ويين‪ ،‬ال دعوى األولى ض د‬
‫الب ائع (رب العم ل) طبق ا للقواع د العام ة الخاص ة بض مان العي وب الخفي ة في الش يء الم بيع‪،‬‬
‫متى توافرت شروطها‪ ،‬وفي هذه الحالة يجوز للبائع بدوره أن يرجع على المهندس المعم اري‬
‫أو مق اول البن اء بالض مان‪ ،‬ول ه أن ي دخلهما في الخص ام‪ ،‬باعتبارهم ا ض امنين في دع وى‬
‫ض مان العي وب ال تي يرفعه ا علي ه المش تري‪ ،412‬وال دعوى الثاني ة ض د المش ّيدين للعق ار ال ذي‬
‫اشتراه‪ ،‬وذلك طبقا لألحكام الخاصة بالضمان العشري‪،413‬مع مالحظة أّن كل ما يحصل عليه‬
‫من تع ويض ‪ -‬ل و رف ع ال دعويين مع ا ‪ -‬لن يتج اوز مق دار الض رر ال ذي أص ابه من ج راء‬
‫الته دم‪ ،‬أو ظه ور العيب بالعق ار‪ ،‬بمع نى أن يحص ل المش تري على تع ويض يس اوي حجـم‬
‫الضرر الذي أصابه‪.‬‬

‫وقد يستفيد كذلك دائنو صاحب المشروع‪ ،‬من أحكام المسؤولية الخاصة‪ ،‬عن طريق‬
‫رفع الدعوى غير المباشرة باسمه للمطالبة بالضمان‪.414‬‬

‫محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪411‬‬

‫‪.76-75‬‬

‫موهوبي فتيحة‪ ،‬الضمان العشري للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.41‬‬ ‫‪412‬‬

‫والمالحظ أن اختيار المشتري لهذه الدعوى‪ ،‬يحقق له مزايا أكثر ايجابية من نواحي عديدة‪ ،‬فالخطأ مثال مفترض‬ ‫‪413‬‬

‫بقوة القانون‪ ،‬في جانب المهندس المعماري أو مقاول البناء‪ ،‬وذلك متى حدث التهدم أو العيب بالمباني أو بالمنشآت‬
‫الثابتة األخرى‪.‬‬

‫‪ 414‬تع ّر ف ال دعوى غ ير المباش رة بأنه ا‪ " :‬وس يلة قض ائية‪ ،‬رخص بموجبه ا الق انون لل دائن‪ ،‬من أج ل حف ظ حق ه في‬
‫الضمان العام‪ ،‬بمباشرة جميع حقوق المدين المهمل لهذه الحقوق‪ ،‬ضمن شروط معينة"‪.‬‬
‫‪184‬‬
‫رأينا فيما تقدم أّن الحق في الرجوع بالضمان ينتقل مع المبنى‪ ،‬فهل يسري هذا الحكم‬
‫‪415‬‬
‫على المستأجر في عقد البيع باإليجار؟‬

‫لإلجابة على هذا التساؤل‪ ،‬يتعين التمييز بين مرحلتيـن‪:‬‬

‫المرحلة األولى‪ :‬التي يكون المستفيد من البيع باإليجار مستأجرا خاللها‬

‫ففي ه ذه المرحل ة ال يس تفيد المس تأجر في عق د ال بيع باإليج ار من أحك ام الض مان‬
‫الخاص‪ ،‬ألنه ال يملك أّي حق عيني على المبنى‪ ،‬و إنما يكون له حق االنتفاع فحسب‪.‬‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬التي يصبح فيها المستأجر مالكا للعقار محل البيع باإليجار‬

‫‪ -‬عبد القادر الفار‪ ،‬أحكام االلتزام‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬األردن‪ ،1996 ،‬ص‪.83‬‬

‫نص ت الم ادة ‪ 7‬من المرس وم التنفي ذي رقم ‪ 97/35‬الم ؤرخ في ‪ 14/01/1997‬والمح دد لش روط وكيفي ات بي ع‬ ‫‪415‬‬

‫األمالك ذات االس تعمال الس كني وإ يجاره ا وبيعه ا باإليج ار وش روط بي ع األمالك ذات االس تعمال التج اري والمه ني‬
‫وغيرها‪ ،‬التي أنجزتها دواوين الترقية والتسيير العقاري بتمويل قابل للتسديد من حسابات الخزينة العامة أو بتمويل‬
‫مضمون منها والمسلمة بعد شهر أكتوبر سنة ‪ 1992‬على ما يلي‪ " :‬عقد البيع باإليجار هو العقد الذي يلتزم بموجبه‬
‫ديوان الترقية والتسيير العقاري باعتباره المالك المؤجر‪ ،‬أن يحول ملكا عقاريا ذا استعمال سكني‪ ،‬ألّي مشتر إثر‬
‫فترة تحدد باتفاق مشترك وحسب الشكل الرسمي‪ .‬ويخضع إلجراءات التسجيل واإلشهار وفقا للتش ريع والتنظيـم = =‬
‫المعمول بهما‪ ،‬وخالل الفترة المتفق عليها‪ .‬يحتفظ ديوان الترقية والتسيير العقاري بصفته مالك العقار بكل حقوقه‬
‫والتزامات ه‪ ،‬أم ا المس تأجر المش تري فيحتف ظ بك ل االلتزام ات المرتبط ة بالمس تأجرين ال س يما في مج ال األعب اء‬
‫المشتركة "‪.‬‬

‫ونصت المادة ‪ 2‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 01/105‬المؤرخ في ‪ ،23/04/2001‬والمحدد لشروط شراء المساكن‬
‫المنجزة بأموال عمومية في إطار البيع باإليجار وكيفيات ذلك على ما يلي‪ " :‬البيع باإليجار صيغة تسمح بالحصول‬
‫على مسكن بعد إقرار شرائه بملكية تامة بعد انقضاء مدة اإليجار المحددة في إطار عقد مكتوب"‪.‬‬

‫والمالحظ من هاتين المادتين أن المشرع الجزائري اعتبر عقد البيع باإليجار عرضا للبيع باإليجار‪ ،‬كصيغة عقدية‬
‫لواقع ة مادي ة‪ ،‬وبموجب ه يتمكن الش خص من الحص ول على مس كن‪ ،‬بع د إق رار ش رائه بملكي ة تام ة‪ ،‬بع د انقض اء م دة‬
‫اإليج ار المح ددة في إط ار عق د مكت وب‪ ،‬قص د تمكين المعن يين‪ ،‬من االس تفادة بعق ارات مبني ة‪ ،‬وبثمن يح دد كلفته ا‬
‫النهائية‪ ،‬والمتمثل في قيمة األرض‪ ،‬والنفقات الالزمة لتجهيز المباني‪.‬‬

‫‪ -‬ش يخ محم د زكري اء‪ ،‬ال بيع باإليج ار في الق انون الجزائ ري‪ ،‬م ذكرة لني ل ش هادة الماجس تير في ق انون األعم ال‬
‫المقارن‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬مدرسة الدكتوراه‪ ،‬جامعة وهران‪ ،2012-2011 ،‬ص‪.10‬‬
‫‪185‬‬
‫ففي ه ذه المرحل ة تنتق ل إلى المس تأجر ملكي ة العق ار بدفع ه آخ ر قس ط من الثمن‪،‬‬
‫وبالنتيجة يجوز له مباشرة دعوى الضمان العشري ضد المهندس المعماري أو مقاول البناء‪،‬‬
‫نتيجة انتقال ملكية المبنى إليه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬المالكون المشتركون للبناء‬

‫نّظم المشرع الجزائري‪ ،‬أحكام الملكية المشتركة في العقارات المبنية‪ ،‬ألول مرة في‬
‫التقنين المدني بموجب األمر رقم ‪ 75/58‬المؤرخ في‪ 26‬سبتمبر‪ ،1975‬في الم واد من ‪743‬‬
‫إلى ‪ 772‬من ه‪ ،‬المع دل والمتمم بم وجب الق انون رقم ‪ 83/01‬الم ؤرخ في ‪ 29‬ج انفي‪198‬‬
‫وال ذي يح ّد د‬ ‫‪ ،4163‬ثّم بم وجب المرس وم رقم ‪ 83/666‬الم ؤرخ في ‪ 12‬نوفم بر‪1983‬‬
‫‪417‬‬

‫القواع د المتعلق ة بالملكي ة المش تركة وتس يير البناي ات الجماعي ة‪ ،‬المع دل والمتمم بالمرس وم‬
‫التنفي ذي رقم ‪ 94/59‬الم ؤرخ في ‪ 07‬م ارس‪ ،4181994‬وأخ يرا بم وجب المرس وم التش ريعي‬
‫رقم ‪ 93/03‬المتعلق بالنشاط العقاري‪.419‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 743‬من الق انون الم دني على م ا يلي‪ " :‬الملكي ة المش تركة هي الحال ة‬
‫القانوني ة ال تي يك ون عليه ا العق ار المب ني أو مجموع ة العق ارات المبني ة وال تي تك ون ملكيته ا‬
‫مقّس مة حصص ا بين ع ّد ة أش خاص تش تمل ك ّل واح دة منه ا على ج زء خ اص ونص يب في‬
‫األجزاء المشتركة "‪.420‬‬

‫منشور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،5‬السنة ‪ ،20‬الصادرة في ‪.01/02/1983‬‬ ‫‪416‬‬

‫منشور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،47‬السنة ‪ 20‬الصادرة في ‪.15/11/1983‬‬ ‫‪417‬‬

‫منشور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ .13‬لسنة ‪.1994‬‬ ‫‪418‬‬

‫ألغي ه ذا المرس وم التش ريعي بم وجب الق انون رقم ‪ 11/04‬الم ؤرخ في ‪ 17‬ف براير‪ 2011‬المح دد للقواع د ال تي‬ ‫‪419‬‬

‫تنظم نشاط الترقية العقارية‪.‬‬

‫انظر المادة ‪ 743‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪420‬‬

‫‪186‬‬
‫يتضح من هذه المادة‪ ،‬أّن الملكية العقارية المشتركة هي ملكية عقار مبني لالشتراك‪،‬‬
‫تكون ملكية مقسمة بين ع دة أشخاص وفقا لحص ص‪ ،‬حيث يكون لكل شخص حصة‪ ،‬يملك‬
‫جزءه ا الخ اص ملكي ة مف رزة‪ ،‬والج زء المش ترك ملكي ة ش ائعة‪ ،‬وأّن ح يز تط بيق الملكي ة‬
‫المشتركة يكون مقتصرا على العقارات المبنية‪ ،‬دون العقارات غير المبنية أو التي لم يكتمل‬
‫بناؤه ا بع د‪ ،‬ش ريطة أن تك ون ملكيته ا مقس مة إلى ع دة حص ص‪ ،‬مملوك ة لع دة أش خاص‬
‫مختلفين‪.‬‬

‫من خالل ه ذا التعري ف‪ ،‬يت بين لن ا أن الملكي ة المش تركة تحت وي على أج زاء خاص ة‪،‬‬
‫يكون للمالك وحده حق التمتع بها‪ ،‬وأخرى مشتركة بين كل المالك‪.‬‬

‫فأما األجزاء الخاصة فهي أجزاء العقارات المبنية أو غير المبنية‪ ،‬والمملوكة بالتقسيم‬
‫لك ل واح د من المالك الش ركاء‪ ،‬بغ رض االس تعمال الشخص ي والخ اص‪ ،421‬ولق د ح ددها‬
‫المشرع على سبيل المثال ال على سبيل الحصر‪.422‬‬

‫أما األجزاء المشتركة فهي أجزاء العقارات المبنية أو غير المبنية‪ ،‬التي يملكها على‬
‫الشيوع كافة المالكين المشتركين‪ ،‬بالنسبة لنصيب كل واحد منهم‪ ،‬في كل حصة‪ ،‬الستعمال أو‬
‫لمنفع ة جمي ع الم الكين المش تركين‪ ،‬أو ألك بر ع دد منهم‪ ،423‬ولق د ح دد المش رع ه ذه األج زاء‬
‫على سبيل المثال أيضا ال الحصر‪.424‬‬

‫انظر المادة ‪ 744‬من ق‪.‬م‪ ،‬والمادتين ‪ 4 ،3‬من المرسوم رقم ‪ 83/666‬المؤرخ في ‪.12/11/1983‬‬ ‫‪421‬‬

‫ومن قبيل األجزاء الخاصة‪ :‬تبلي ط األرض واألرضية والتغطية‪ ،‬األسقف واألحواش باستثناء الجدران األساسية‬ ‫‪422‬‬

‫في البن اء‪ ،‬الح واجز الداخلي ة وأبوابه ا‪ ،‬أب واب المس اطح والنواف ذ واألب واب والنواف ذ ومغ الق الش بابيك والمص ارع أو‬
‫الس تائر وتوابعه ا‪ ،‬قض بان النواف ذ وال درابيز الحديدي ة للش رفات‪ ،‬الطالء ال داخلي للحيط ان والح واجز مهم ا ك انت‪،‬‬
‫األن ابيب الداخلي ة ومنحني ات التوص يل الخاص ة ب األجهزة من مجم وع الحنفي ات والل وازم المتص لة به ا‪ ،‬إط ار وأعلى‬
‫الم داخل والمخ ازن والخ زائن المموه ة‪ ،‬األدوات الص حية للحّم ام ات والمغس لة والمرح اض‪ ،‬أدوات المطبخ‪ ،‬األدوات‬
‫الخاصة للتدفئة والماء الساخن التي يمكن أن توجد داخل المحل الخاص‪،‬‬

‫‪ -‬لتفاصيل أكثر في أمثلة األجزاء الخاصة‪ ،‬تراجع المادتان ‪ 3‬و‪ 4‬من المرسوم رقم ‪ 83/666‬السالف الذكر‪.‬‬

‫انظر المادة ‪ 745‬من ق‪.‬م‪ ،‬والمواد ‪ 8 ،7 ،6 ،5‬من نفس المرسوم المذكور أعاله‪.‬‬ ‫‪423‬‬

‫ومن قبيل األجزاء المشتركة‪ :‬األرض واألفنية والبساتين والجنائن والمداخل‪ ،‬الجدران األساسية في البن اء وأدوات‬ ‫‪424‬‬

‫التجهيز المشتركة بما فيها أجزاء األنابيب التابعة لها والتي تمر على المحالت الخاصة‪ ،‬الخزائن وغالف ورؤوس‬
‫‪187‬‬
‫ه ذا وإ ّن المش رع الجزائ ري أخ ذ بمعي ار " تخص يص االس تعمال" من أج ل تمي يز‬
‫األج زاء الخاص ة المع دة لالس تعمال المنف رد لك ل مال ك ش ريك‪ ،‬واألج زاء المش تركة المع دة‬
‫لالستعمال المشترك والجماعي لكل المالك الشركاء‪.425‬‬

‫ولكل شريك في الملكية‪ ،‬الحق في أن يتمتع باألجزاء الخاصة التابعة لحصته‪ ،‬كما له‬
‫أن يس تعمل وينتف ع بحرية ب األجزاء الخاص ة والمش تركة‪ ،‬بشرط أن ال يمس بحق وق الش ركاء‬
‫اآلخرين في الملكية‪ ،‬أو يلحق ضررا بما أعد له العقار‪.426‬‬

‫تش كل جماع ة الش ركاء في الملكي ة أو الش اغلين له ا جمعي ة تتمت ع بالشخص ية المدني ة‪،‬‬
‫تتولى إدارة العقار والمحافظة عليه‪ ،‬وتسيير األجزاء المشتركة‪.427‬‬

‫ولق د نظم المش رع الجزائ ري عم ل ه ذه الجمعي ة‪ ،‬واختصاص اتها‪ ،‬وكيفي ة عمله ا في‬
‫المادة ‪ 756‬مكرر‪ 3‬وما يليها من القانون المدني‪ ،‬المضافة بالقانون رقم ‪ 83/01‬المؤرخ في‬
‫‪ 29‬ين اير ‪ ،4281983‬فنّص على أن يت ولى تمثي ل ه ذه الجمعي ة‪ ،‬متص رف‪ ،‬ينتخب من ط رف‬
‫جماع ة الش ركاء‪ ،‬وال تي يج وز له ا أن تفص له عن د االقتض اء‪ ،‬أو يعّين من ط رف رئيس‬
‫المجلس الشعبي البلدي للمكان الذي يوجد فيه العقار‪ ،‬إذا ما قّص رت الجمعية في تعيينه‪ ،‬وأن‬

‫المداخل المعدة لالستعمال المشترك‪ ،‬الرواق الخارجي والدرابيز واألسطح ولو خصصت كلها أو بعضها لالستعمال‬
‫الخاص من طرف شريك واحد‪ ،‬المحالت المستعملة للمصالح المشتركة‪ ،‬القاعات الكبرى وممرات الدخول والدرج‬
‫والمصاعد‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫‪ -‬لتفاصيل أكثر في أمثلة األجزاء المشتركة‪ ،‬تراجع المواد ‪ 8 ،7 ،6 ،5‬من المرسوم رقم ‪ 83/666‬سالف الذكر‪.‬‬

‫ق رار م ع غ م‪ ،‬مل ف رقم‪ 50937 :‬الم ؤرخ في ‪ ،09/05/1990‬منش ور بـ م ق‪ ،‬ع ‪ ،2‬لس نة ‪ ،1991‬ص‪،32‬‬ ‫‪425‬‬

‫والذي قضى بنقض القرار المطعون فيه‪ ،‬ذلك أن السطح والمغسل المشترك بين كافة المشتركين تعد أجزاء مشتركة‬
‫في العقارات المبنية وغير المبنية‪ ،‬ومن تم فال يمكن استغاللها فرديا‪.‬‬

‫يراج ع نص الم ادة ‪ 749‬من ق‪.‬م‪ ،‬ويراج ع أيض ا‪ :‬ق رار م ع غ ع‪ ،‬مل ف رقم ‪ ،559709‬الص ادر بت اريخ‬ ‫‪426‬‬

‫‪ ،12/11/2009‬منشور في م‪.‬م‪.‬ع‪ ،‬ع ‪ ،2‬س ‪ ،2009‬ص ‪ 257‬والذي جاء فيه ما يلي‪ " :‬يعد مساس شريك بأحد‬
‫الجدران عمارة ما‪ ،‬مساسا بحقوق الشركاء اآلخرين في الملكية المشتركة في عقار مبني"‬

‫انظر المادة ‪ 756‬مكرر‪ 2‬من ق‪.‬م المضافة بالقانون رقم ‪ 83/01‬المؤرخ في ‪.29/01/1983‬‬ ‫‪427‬‬

‫منشور في ج ر ج ج‪ ،‬ع ‪ ،5‬س ‪ 20‬الصادرة في ‪.01/02/1983‬‬ ‫‪428‬‬

‫‪188‬‬
‫يتكفل متصرف العقارات بتنفيذ قرارات الجمعية‪ ،‬بحيث يع ّد وكيال لها‪ ،‬ويمّثلها لدى القضاء‪،‬‬
‫سواء أكان مدعيا أو مدعى عليه‪.429‬‬

‫هذا وبع د التعرض للملكية المشتركة للعق ارات المبنية ونظام تسييرها بشكل موجز‪،‬‬
‫ف ان التس اؤل يث ور في حال ة م ا إذا تعل ق س بب الض مان بالعق ار في مجموع ه‪ ،‬أي األج زاء‬
‫الخاصة واألجزاء المشتركة‪ ،‬فهل ينعقد االختصاص بالدعوى للمتصرف أم للشركاء؟‬

‫بمراجعة النصوص القانونية المنظمة للملكية المشتركة للعقارات المبنية‪ ،‬يتضح لن ا أّن‬
‫المشرع الجزائري لم يحّد د من تكون له الصفة في رفع دعوى الضمان العشري‪ ،‬إذا ما تق ّر ر‬
‫سببها بموجب نص قانوني خاص‪ ،‬و من تّم نرجع إلى القواعد العامة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬إذا وقع سبب الضمان في األجزاء الخاصة من العقار‪ ،‬والتي يستقّل بها ك ّل‬
‫واحد من المالك الشركاء‪ ،‬فإّن دعوى الضمان العشري‪ ،‬يمكن أن تباشر من طرف كل مالك‬
‫للجزء الذي لحقه الضرر على انفراد‪ ،‬وذلك على أساس ارتباط دعوى الضمان بالملكية‪،430‬‬
‫أم ا إذا تعل ق الس بب الم وجب للض مان ب األجزاء المش تركة في البن اء‪ ،‬كالم داخل واألس طح‬
‫والس اللم‪ ،‬ف إّن دع وى الض مان العش ري تباش ر من ط رف جمعي ة الش ركاء‪ ،‬ممثل ة من قب ل‬
‫متصرفها‪ ،‬و للمالك أن ينضّم وا إلى هذه الدعوى إذا أرادوا‪.‬‬

‫ه ذا ويس تطيع المالك المش تركون‪ ،‬رف ع دع وى الض مان العش ري‪ ،‬ض د المهن دس‬
‫المعم اري أو مق اول البن اء لقي ام الص فة والمص لحة فيهم‪ ،‬إذا تعل ق س بب الض مان ب األجزاء‬
‫المشتركة العامة في العقار‪ ،‬حتى ولو لم تصب األجزاء الخاصة بهم بأّي ضرر‪ ،‬وذلك متى‬
‫أثبتوا أّن المتصرف الذي يمثل الجمعية تهاون في رفع هذه الدعوى‪.431‬‬

‫خالصة ما تق دم أنه يجوز للمتصرف‪ ،‬باعتباره ممثال لجمعية الشركاء‪ ،‬رفع دعوى‬
‫المس ؤولية العش رية‪ ،‬ض د المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء عن د ته دم البن اء ته دما كلي ا أو‬
‫جزئي ا‪ ،‬أو عن د إص ابته بعي وب ته دد متان ة وس المة األج زاء المش تركة‪ ،‬بخالف الش ريك في‬

‫انظر المادة ‪ 764‬من ق‪.‬م‪ ،‬والمادة ‪ 16/2‬من المرسوم رقم ‪.83/666‬‬ ‫‪429‬‬

‫محمد شكري سرور‪ ،‬مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.207‬‬ ‫‪430‬‬

‫تنص المادة ‪ 25‬من المرسوم التشريعي ‪ 93/03‬المتعلق بالنشاط العقاري على ما يلي‪ " :‬يمكن للمالك المخولة له‬ ‫‪431‬‬

‫صالحيات هذه الجمعية‪ ،‬أن يمارس هذه الدعوى في غياب جمعية الشركاء"‪.‬‬
‫‪189‬‬
‫الملكية المشتركة‪ ،‬والذي ال يجوز له رفع دعوى الضمان العشري‪ ،‬ضد المهندس المعماري‬
‫أو مقاول البناء‪ ،‬بخصوص أّي خلل قد يصيب الجزء المشترك‪ ،‬النعدام صفته‪ ،‬الّلهم إال إذا‬
‫أثبت أن المتص رف عن الجمعي ة رفض رف ع ه ذه ال دعوى‪ ،‬في حين يج وز ل ه رف ع دع وى‬
‫الض مان العش ري بخص وص الض رر ال ذي ق د يص يب الج زء الخ اص ب ه‪ ،‬وال ذي يملك ه على‬
‫وجه منفرد ومستقل‪ ،‬أي في حصته المفرزة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬النطاق الموضوعي لقواعد المسؤولية الخاصة‬

‫رأين ا فيم ا س بق‪ ،‬أّن كال من المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬مس ؤوالن مس ؤولية‬
‫تضامنية‪ ،‬عّم ا يحدث من تهّد م كلي أو جزئي للمباني أو المنشآت الثابتة األخرى التي ش ّيداها‬
‫خالل مّد ة الضمان‪ ،‬األمر الذي يفهم منه أّن هناك أعماال مح ّد دة‪ ،‬وأضرارا معّينة يرد عليها‬
‫الض مان الخ اص‪ ،‬فالنط اق الموض وعي للض مان العش ري يتح ّد د باألعم ال‪ ،‬وباألض رار ال تي‬
‫تشكل محال لسريان أحكامه‪ ،‬وهذا ما سأعرضه في فرعين‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األعمال التي تشكل محل سريان أحكام المسؤولية الخاصة‬

‫ال يمكن أن تق وم المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء إال بالنس بة‬
‫لألعم ال ذات الطبيع ة العقاري ة‪ ،‬ومن تّم يخ رج عن نطاقه ا إنش اءات األعم ال ذات الطبيع ة‬
‫المنقولة‪ ،432‬ألّن هذه األخيرة محمية أساسا بالضمان العام للعيوب الخفية‪ ،433‬فما هي األعمال‬
‫العمراني ة ال تي تش ملها الطبيع ة الثابت ة‪ ،‬وال تي تش ّك ل نطاق ا لتط بيق أحك ام المس ؤولية الخاص ة‬
‫عليها؟‬

‫تتح ّد د ه ذه األعم ال من حيث طبيع ة األش ياء ال تي تك ون محال له ا‪ ،‬ومن حيث طبيع ة‬
‫هذه األعمال ذاتها‪.‬‬

‫كاألكشاك المتنقلة (‪ ،)Kiosques‬والمنازل سابقة التجهيز (‪.)Les maisons préfabriquées‬‬ ‫‪432‬‬

‫ويرجع السبب في استبعاد األعمال المنقولة‪ ،‬من دائرة الضمان الخاص‪ ،‬كونها قابلة للتلف بطبيعتها‪ ،‬فهي تفسد‬ ‫‪433‬‬

‫بص ورة أس رع من اإلنش اءات غ ير المنقول ة‪ ،‬فض ال عن أن األعم ال ال تي تش ملها األعم ال المنقول ة‪ ،‬تق ل أهميته ا‬
‫بالمقارنة مع تلك األعمال العقارية‪ ،‬وعليه فإن العيوب الخاصة بها تظهر بصورة أسرع‪.‬‬
‫‪190‬‬
‫أوال‪ :‬طبيعة األشياء محل األعمال‬

‫تقوم المسؤولية العشرية في جانب المهندس المعماري ومقاول البناء متى حدث تهدم‬
‫كلي أو جزئي في المباني أو المنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬أو متى وجد في هذه المباني والمنشآت‬
‫عي وب ي ترتب عليه ا تهدي د متان ة البن اء وس المته‪ ،‬ول و نش أ ه ذا التهدي د من عيب في األرض‬
‫‪ ،434‬وعليه حتى نطّبق أحكام المسؤولية الخاصة على المعماري‪ ،‬يجب أن يكون العمل الذي‬
‫عه د ب ه إلى المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬ه و تش ييد مب نى‪ ،‬أو إقام ة منش آت ثابت ة‬
‫أخرى‪ ،435‬وهذا ما سنتناوله‪.‬‬

‫‪ -01‬المبانـي‬

‫تع ّد دت التعريف ات الفقهية للمب نى‪ ،‬فعّر فه ال دكتور عب د ال رزاق أحم د الس نهوري بأنه‪:‬‬
‫" مجموعة من المواد‪ ،‬أّي ا كان نوعها‪ ،‬خشبا أو ج يرا أو جبسا أو حديدا أو ك ّل هذا معا‪ ،‬أو‬
‫شيئا غير ذلك‪ ،‬شّيدتها يد اإلنسان‪ ،‬لتتصل باألرض اتصال قرار"‪.436‬‬

‫وعّر ف ه ال دكتور عب د الناص ر توفي ق العط ار بأن ه‪ " :‬ك ّل ش يء متماس ك من ص نع‬
‫اإلنسان‪ ،‬واتصل باألرض اتصال قرار"‪.437‬‬

‫كما عّر فه الدكتور عبد الرازق حسين يس بأّن ه‪ " :‬ك ّل عمل أقامته يد اإلنسان‪ ،‬ثابت‬
‫في حّيزه من أرض‪ ،‬متصال بها اتصال قرار‪ ،‬عن طريق الربط‪ ،‬ربطا غير قابل للفك دون‬
‫تعّيب‪ ،‬بين مجموع ة من الم واد‪ ،‬أّي ا ك ان نوعه ا‪ ،‬ج رت الع ادة على اس تعمالها في مث ل ه ذا‬
‫العمل‪ ،‬طبقا لمقتضيات الزمان والمكان"‪.438‬‬

‫انظر المادة ‪ 554‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪434‬‬

‫‪435‬‬
‫‪IBRAHIM Youcef: La responsabilité des constructeurs dans le cadre du contrat d’entreprise, la garanti‬‬
‫‪décennale selon l’article 554 du code civil, R.A.S.J.E.P, n° 2, Alger, 2000, p11.‬‬

‫ويس توي أن يك ون البن اء مع دا لس كنى إنس ان‪ ،‬أو إلي واء الحي وان‪ ،‬أو إلي داع أش ياء‪ .‬يراج ع‪ :‬عب د ال رزاق احم د‬ ‫‪436‬‬

‫السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.1213‬‬

‫عب د الناص ر توفي ق العط ار‪ ،‬تش ريعات تنظيم المب اني ومس ؤولية المهن دس والمق اول‪ ،‬مطبع ة الس عادة‪ ،‬ب دون س نة‬ ‫‪437‬‬

‫نشر‪ ،‬ص ‪.9‬‬

‫عبد الرازق حسين يس‪ ،‬المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.659‬‬ ‫‪438‬‬

‫‪191‬‬
‫ولقد عّر فه الدكتور محمد ناجي ياقوت بأّن ه‪ " :‬ك ّل ما يرتفع فوق سطح األرض من‬
‫منشآت ثابتة من صنع اإلنسان‪ ،‬بحيث يستطيع الفرد أن يتحرك بداخلها‪ ،‬وأن يك ون من شأنها‬
‫أن توفر له حماية ولو جزئية ضد المخاطر الناتجة عن المؤثرات الطبيعية الخارجية "‪.439‬‬

‫نخلص من التعريف ات أعاله‪ ،‬أّن المب نى ه و ك ّل ش يء من ص نع اإلنس ان‪ ،‬ث ابت في‬
‫حّيزه‪ ،‬متصل باألرض اتصال قرار‪.‬‬

‫واالتص ال ب األرض ق د يك ون بطري ق مباش ر‪ ،‬كالبن اء على س طح األرض‪ ،‬أو وض ع‬


‫األساس ات عليه ا‪ ،‬و ق د يك ون بطري ق غ ير مباش ر كبن اء ج دار في الط ابق العل وي المتص ل‬
‫بالطوابق السفلى‪ ،‬ثّم يتصل باألرض اتصال قرار‪.440‬‬

‫وب الرجوع إلى الق انون الجزائ ري‪ ،‬نج د المش رع ع ّر ف المب اني في الم ادة ‪ 23‬من‬
‫الق رار ال وزاري المش ترك الم ؤرخ في ‪ 15‬م اي ‪ 4411988‬بأنه ا‪ " :‬ك ّل أش غال األساس ات‬
‫والهياكل الفوقية واألسوار واألسقف"‪.‬‬

‫والمباني التي يتحقق في مقاوالتها الضمان‪ ،‬قد تكون إما منزال أو مدرسة أو مستش فى‬
‫أو مص نعا أو مخزن ا أو مس جدا أو مق را لش ركة أو محال ل بيع البض ائع أو تق ديم الطع ام‬
‫والش راب وغيره ا‪ ،‬وق د ال يك ون البن اء مع دا لش يء من ذل ك‪ ،‬كالتماثي ل المبني ة على س طح‬
‫األرض‪ ،‬كما وأن كل ما شيد في باطن األرض يعد بناء‪ ،‬وهذه المباني مهما تنوعت‪ ،‬فإنها‬

‫محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪439‬‬

‫‪ ،83 ،82‬ومن أمثلة المباني المنازل‪ ،‬المدارس‪ ،‬المستشفيات‪ ،‬المساجد‪ ،‬المصانع‪ ،‬المخازن‪.‬‬

‫ع ادل عب د العزي ز عب د الحمي د س ماره‪ ،‬مس ؤولية المق اول والمهن دس عن ض مان متان ة البن اء في الق انون الم دني‬ ‫‪440‬‬

‫األردني‪ ،‬دراس ة مقارن ة‪ ،‬م ذكرة لني ل ش هادة الماجس تير في الق انون الخ اص‪ ،‬كلي ة الدراس ات العلي ا‪ ،‬جامع ة النج اح‬
‫الوطنية‪ ،‬نابلس‪ -‬فلسطين‪ ،2007 ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪ 441‬المالحظ أن هذا القرار الوزاري‪ ،‬الذي ع ّر ف المشرع الجزائري فيه البناء‪ ،‬يخص فقط أعمال االستشارة الفنية‬
‫في البن اء‪ ،‬وأجره ا لحس اب اإلدارات التابع ة للدول ة والجماع ات المحلي ة والهيئ ات العمومي ة‪ ،‬فإن ه وإ ن ك ان يعت بر‬
‫مرجعا يمكن االستعانة به في تحديد مفهوم البناء‪ ،‬إال أنه ال يرقى من حيث الحجية القانونية إلى الدرجة التي تمنع‬
‫االجتهاد معه‪ ،‬وهو ما يدفعنا إلى البحث في تشريعات أخرى لبعض الدول‪ ،‬مع الرجوع إلى بعض الدراسات الفقهية‬
‫في هذا المجال‪ ،‬في محاولة لتحديد مفهوم البناء المقصود في المادة ‪ 554‬من ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪192‬‬
‫تدخل في نطاق المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬إذا ما لحقها الضرر‬
‫تهدما كان أو عيبا‪.‬‬

‫وال يشترط أن تكون هذه المباني قد ش ّيدت بالطوب أو بالحجارة‪ ،‬إذ يجوز أن يكون‬
‫البناء مشيدا بأّي نوع من مواد البناء األخرى كالخشب أو الزجاج أو المعادن والبالستيك‪ ،‬بل‬
‫المهم أن يكون البناء‪ ،‬مستقرا ثابتا في مكانه‪ ،‬ومتصال باألرض اتصال قرار‪ ،‬فال يمكن نقله‬
‫دون هدمه أو تلفه‪.‬‬

‫ال تخضع ألحكام المسؤولية الخاصة للمهندس‬ ‫والمالحظ أّن العقارات بالتخصيص‬
‫‪442‬‬

‫المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬طالم ا ك انت قابل ة لالنفص ال عن البن اء الملحق ة ب ه‪ ،‬دون تل ف أو‬
‫ته دم‪ ،‬ألنه ا ال تعت بر مب اني‪ ،‬وإ نم ا منق والت غ ير ثابت ة بحس ب طبيعته ا‪ ،‬يك ون ض مانها وفق ا‬
‫للقواع د العام ة في المس ؤولية‪ ،‬ه ذا وإ ّن المس اكن س ابقة التص نيع‪ ،‬أي المس اكن الج اهزة ال تي‬
‫تصنع خارج موقع العمل‪ ،‬بمعرفة أشخاص متخصصين‪ ،‬والتي يتّم تثبيتها الحقا في األرض‬
‫بموق ع العم ل‪ ،‬بحيث يص عب فيم ا بع د نقله ا من مكانه ا دون إتالف أو ه دم‪ ،‬تعت بر مب نى‪،‬‬
‫وتخضع بدورها ألحكام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪.443‬‬

‫أما إذا كان العقار بالتخصيص‪ ،‬المرصد لخدمة العقار‪ ،‬مثبتا به‪ ،‬على نحو يجعله غير‬
‫قابل لالنفصال عنه‪ ،‬دون هدم أو تلف‪ ،‬كأجهزة التكييف المركزية‪ ،‬فيخضع ألحكام الضمان‬
‫الخاص‪.‬‬

‫يجدر التنويه أّن المشرع الجزائري أطلق مصطلح " العناصر الخاصة بتجهيز بناية‬
‫ما " على العقارات بالتخصيص غير القابلة لالنفصال في األمر ‪ 95/07‬المتعلق بالتأمينات‪،‬‬
‫وعرفه ا في الم ادة ‪ 181‬من ه بأنه ا‪ " :‬ج زء ال يتج زأ من منج زات التهيئ ة ووض ع األس اس‬
‫والهيك ل واإلحاط ة والتغطي ة‪ ،‬على أن ه يعت بر ج زء ال يتج زأ من االنج از ك ل عنص ر خ اص‬

‫يعرف العقار بالتخصيص بأنه شيء منقول بطبيعته‪ ،‬ولكن اكتسب وصف العقار بحكم تخصيصه لخدمة العقار‬ ‫‪442‬‬

‫واس تغالله‪ ،‬ومن أمثلت ه األب واب والنواف ذ واألجه زة الكهربائي ة والميكانيكي ة الالزم ة لتك ييف اله واء أو تس خين المي اه‬
‫بالمبنى المشيد‪.‬‬

‫الحس يني عب د اللطي ف‪ ،‬المس ؤولية المدني ة عن األخط اء المهني ة‪ ،‬المرج ع الس ابق‪ ،‬ص ‪ ،262‬وموه وبي فتيح ة‪،‬‬ ‫‪443‬‬

‫الضمان العشري للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.57‬‬


‫‪193‬‬
‫بالتجهيز ال يمكن القيام بنزعه أو تفكيكه أو استبداله دون إتالف أو حذف مادة من مواد هذا‬
‫االنجاز"‪.‬‬

‫يستفاد من هذه المادة أّن المشرع أخضع األضرار المخلة بصالبة العناص ر التجهيزية‬
‫للبناية إلى الضمان الخاص‪ ،‬طالما أنها تعتبر جزء ال يتجزأ من البناء‪ ،‬ال يمكن القيام بنزعه‬
‫أو تفكيك ه دون ه دم أو تل ف‪ ،‬ولع ّل الس بب ال ذي دف ع المش رع إلى تقري ر ذل ك االتج اه‪ ،‬ه و‬
‫توف ير المزي د من الحماي ة القانوني ة ألرب اب العم ل والمالك‪ ،‬ض د المخ اطر واألض رار ال تي‬
‫يمكن أن تترتب عن تركيب مثل هذه العناصر في المبنى‪ ،‬أو العيوب أو الخلل الذي يمكن أن‬
‫يعوق أداءها لوظائفها على الوجه األكمل‪ ،‬األمر الذي يدفع بمشّيدي البناء ببذل الجهد والعناية‬
‫الالزمة في أداء أعمالهم‪ ،‬وبالتالي ينتج عن ذلك التقليل من الحوادث المختلفة‪ ،‬التي قد تحدث‬
‫نتيجة اإلهمال في مثل هذه األعمال الثانوية التابعة للبناء‪.‬‬

‫وبمفه وم المخالف ة‪ ،‬يخ رج من نط اق المب اني ال تي تخض ع للض مان الخ اص‪ ،‬األعم ال‬
‫المتعلقة بالمنازل القابلة للفك والتركيب‪ ،‬واألكشاك التي يمكن نقلها من مكان آلخر بسهولة‪،‬‬
‫ودون هدم أو تلف‪ ،‬لعدم توافر صفة المباني فيها بالمعنى المقصود‪.444‬‬

‫كم ا يخ رج من نط اق تط بيق أحك ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول‬
‫البناء‪ ،‬األعمال المتعلقة بالصيانة والترميم واإلصالح والتدعيم والهدم‪ ،‬وكذا األعمال المتعلقة‬
‫بتهيئة األرض كشق الطرق‪ ،‬طالما أن هذه األشغال ال ترد على األجزاء الرئيسية للمبنى التي‬
‫تعتمد عليها متانة المبنى وسالمته‪.445‬‬

‫وسواء أنشأ المهندس المعماري أو مقاول البناء المباني باألسلوب المعتاد‪ ،‬من وضع‬
‫التصميمات والمقايسات‪ ،‬ثم تنفيذها بمواد من عند مقاول البناء أو من عند ص احب المشروع‪،‬‬
‫أو اقتصر دورها على تركيب المساكن سابقة الصنع‪ ،‬وتثبيتها بموقع العمل‪ ،‬فإن هذه األعم ال‬
‫كلها تخضع ألحكام الضمان الخاص‪.‬‬

‫‪ -02‬المنشآت الثابتة‬

‫محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪444‬‬

‫‪.83‬‬

‫محمد لبيب شنب‪ ،‬شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.163‬‬ ‫‪445‬‬

‫‪194‬‬
‫رأين ا فيم ا تق دم‪ ،‬أّن المش رع الجزائ ري لم يقص ر في الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني‬
‫تطبيق أحكام المسؤولية الخاصة على المباني فحسب‪ ،‬وإ نما م ّد تطبيقها إلى المنشآت الثابتة‬
‫األخرى‪.‬‬

‫يقص د بالمنش آت الثابت ة‪ " :‬ك ّل عم ل أقامت ه ي د اإلنس ان‪ ،‬ثابت ا في حّي زه من األرض‪،‬‬
‫متص ال به ا اتص ال ق رار‪ ،‬عن طري ق الرب ط بين مجموع ة من الم واد أّي ا ك ان نوعه ا‪ ،‬ربط ا‬
‫غير قابل للفك بحيث ييّس ر على اإلنسان سبيل انتقاله أو سبيل معاشه"‪.446‬‬

‫يتضح من هذا التعريف‪ ،‬أّن المنشأ الثابت يتفق والبناء من حيث كونه ثابتا‪ ،‬متصال‬
‫ب األرض اتص ال ق رار‪ ،‬وأن ه من ص نع اإلنس ان‪ ،‬على أن ه ال تختل ف المنش آت الثابت ة عن‬
‫المباني من حيث التكوين‪ ،‬فكالهما قد يقام من الحديد أو الخشب أو االسمنت أو غيرها‪ ،‬كما‬
‫ال يهم الغ رض ال ذي أنش ئ من أجل ه ك ّل منهم ا‪ ،‬غ ير أنهم ا يختلف ان من حيث الوظيف ة ال تي‬
‫يؤديها كل منهما‪ ،‬فبينما تقتصر وظيفة البناء على السكن أو ما شابهه‪ ،‬فإن المنشآت الثابتة‬
‫تتعّد د وظائفها لتشمل مختلف مجاالت الحياة اليومية لإلنسان‪ ،‬فهي تنشأ لتيّس ر عليه انتقاله من‬
‫مك ان إلى آخ ر‪ ،‬كالش وارع والجس ور والمع ابر والمط ارات‪ ،‬أو تيّس ر علي ه عيش ه كالس دود‬
‫والخزانات وشّق القنوات وغيرها‪ ،‬أو توّفر له سبل راحته كأرصفة محطات السكك الحديدية‬
‫واألنفاق و المالجئ‪.447‬‬

‫ولق د ع ّر ف المش رع الجزائ ري المنش آت الثابت ة في الفق رة الثاني ة من الم ادة ‪ 23‬من‬
‫الق رار ال وزاري المش ترك رقم ‪ 88/666‬الم ذكور س ابقا بأنه ا‪ " :‬تل ك التجه يزات المرتبط ة‬
‫ارتباط ا وثيق ا بالمنش آت‪ ،‬وال تي من ش أنها أن تس تجيب لقي ود االس تعمال‪ ،‬وأن تك ون مطابق ة‬
‫الحتياجات المستعمل"‪.‬‬

‫عبد الرازق حسين يس‪ ،‬المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.682-681‬‬ ‫‪446‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.684‬‬ ‫‪447‬‬

‫‪195‬‬
‫هذا ولق د اختلفت آراء الفقه بخصوص بعض المنشآت الثابتة‪ ،448‬كتلك التي تنشأ في‬
‫مس توى س طح األرض‪ ،‬ك المالعب‪ ،‬وأرص فة الط رق‪ ،‬والس كك الحديدي ة‪ ،‬أو تحت مس توى‬
‫األرض‪ ،‬كاألنف اق‪ ،‬والمن اجم‪ ،‬وحّم ام ات الس باحة‪ ،‬وقن وات ص رف المي اه الص حية‪ ،‬إن ك انت‬
‫تعتبر منشآت ثابتة‪ ،‬تنطبق عليها أحكام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‬
‫أم ال؟‬

‫يرى بعض الفقه أّن هذه المنشآت ليست من قبيل المنشآت الثابتة‪ ،‬ومن تّم ال تخضع‬
‫ألحك ام المس ؤولية العش رية‪ ،449‬بينم ا ي رى البعض اآلخ ر أن المنش آت س واء أنش ئت ف وق‬
‫األرض‪ ،‬أو تحتها‪ ،‬أو في مستواها‪ ،‬تعّد منشآت ثابتة‪ ،‬تخضع ألحكام الضمان الخاص‪.450‬‬

‫والمالحظ أّن هذا الخالف لم يطرح في التشريع الجزائري‪ ،‬ذلك أّن نص المادة ‪554‬‬
‫من الق انون الم دني الجزائ ري‪ ،‬ج اء ص ريحا في إخض اع المنش آت الثابت ة‪ ،‬بجمي ع أنواعه ا‪،‬‬
‫ألحكام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬سواء وجدت هذه المنشآت على‬
‫مس توى س طح األرض‪ ،‬أو فوق ه‪ ،‬أو تحت ه‪ ،451‬ونمي ل ب دورنا إلى م ا ذهب إلي ه المش رع‬
‫الجزائري وغالبية الفقه‪ ،‬من أّن المنشآت الثابتة التي تخضع ألحكام الضمان الخاص هي كل‬

‫يرجع سبب الخالف بين الفقهاء حول هذه المنشآت إلى التشريع الفرنسي القديم‪ ،‬ذلك أن المشرع الفرنسي في‬ ‫‪448‬‬

‫تقنين ‪ 1804‬استعمل في المادة ‪ 1792‬منه عبارة (‪ )Edifice‬بمعنى ( بناء) ‪ ،‬والمقصود بالبناء كما رأينا ك ّل ما يقام‬
‫ف وق األرض‪ ،‬األم ر ال ذي أدى إلى اس تبعاد المنش آت القائم ة تحت األرض‪ ،‬كاألنف اق وحمام ات الس باحة من أحك ام‬
‫المسؤولية العشرية‪ ،‬غير أن المشرع وضع حدا لهذا الخالف بتعديله لنص المادة ‪ 1792‬من القانون ‪ 12/78‬والتي‬
‫نص في ص ياغتها الجدي دة على مص طلح (‪ )Ouvrage‬بمع نى ( عم ل)‪ ،‬فأص بحت ك ل المنش آت الثابت ة على تنوعه ا‪،‬‬
‫س واء أنش ئت ف وق س طح األرض‪ ،‬أو في مس تواها‪ ،‬أو ح تى تحته ا‪ ،‬تخض ع ألحك ام الض مان الخ اص‪ ،‬بحيث أص بح‬
‫الفقه والقضاء الفرنسيين يجمعان على دخول ذلك ضمن مفهوم العمل العقاري بالمعنى الواسع‪ ،‬المقصود من عبارة‬
‫القانون الفرنسي الجديد‪.‬‬

‫محمد لبيب شنب‪ ،‬شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.‬‬ ‫‪449‬‬

‫محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪450‬‬

‫‪.90‬‬

‫اس تعمل المش رع الجزائ ري في الم ادة ‪ 554‬من ق‪.‬م عب ارة "منش آت ثابت ة أخ رى"‪ ،‬قاص دا ب ذلك ك ل المنش آت‬ ‫‪451‬‬

‫واألعمال األخرى غير المباني‪.‬‬


‫‪196‬‬
‫المنشآت الثابتة‪ ،‬والمتصلة باألرض اتصال قرار‪ ،‬سواء كانت هذه المنشآت تحت األرض‪ ،‬أو‬
‫في مستواها‪ ،‬أو فوق األرض‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬طبيعة األعمال ذاتها‬

‫ال يكفي أن تتعل ق األعم ال ال تي يؤديه ا المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بمب اني أو‬
‫بمنش آت ثابت ة‪ ،‬ب ل يجب فض ال عن ذل ك‪ ،‬أن ت دخل ه ذه األعم ال‪ ،‬ض من دائ رة أعم ال البن اء‬
‫والتشييد‪ ،‬ح تى تسري عليها أحكام المس ؤولية الخاصة‪ ،‬م تى توافر سبب الضمان‪ ،‬وهذا ما‬
‫أك ده المش رع الجزائ ري بص ريح العب ارة في نص الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني‪ ..." :‬فيم ا‬
‫ش ّيداه من مب ان أو أقام اه من منش آت ثابت ة أخ رى ‪ ،"...‬بحيث قص ر نط اق تط بيق أحك ام‬
‫المسؤولية العشرية على أعمال البناء والتشييد دون غيرها من األعمال األخرى‪ ،‬التي يمكن‬
‫أن يؤّد يها المعماري لحساب رب العمل أو مالك البناء‪.‬‬

‫ويثور التساؤل هنا عّم ا إذا كان المقصود بأعمال البناء والتشييد التي تغطيها مسؤولية‬
‫القواعد الخاصة هو بمفهومها الضّيق أو الواسع؟ بمعنى هل يشترط أن ينحصر نطاق تطبيق‬
‫الض مان الخ اص على أعم ال الب دأ في تش ييد المب اني والمنش آت الجدي دة فق ط‪ ،‬وال يمت د إلى‬
‫غيرها من األعمال المعمارية األخرى(المعنى الضيق)‪ ،‬أم يمتد ليشمل كل األعمال المعمارية‬
‫‪454‬‬
‫أو إقام ة بن اء جدي د‪ ،453‬كأعم ال التعلي ة‬ ‫‪452‬‬
‫األخ رى ال تي ال ت دخل ض من فك رة إنش اء‬
‫والتجدي د والتوس عة‪ ،‬أو إع ادة تش ييد المباني أو المنشآت‬ ‫‪457‬‬
‫والت دعيم‬ ‫‪456‬‬
‫وال ترميم‬ ‫‪455‬‬
‫والتع ديل‬
‫الموجودة سالفا (المعنى الواسع)؟‬

‫يقصد بإنشاء المباني البدء في إقامتها ألول مرة‪.‬‬ ‫‪452‬‬

‫يقصد بإقامة البناء‪ ،‬األعمال الالحقة لإنشاء المبنى‪ ،‬كإقامة الأسوار والسياجات والساللم الخارجية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫‪453‬‬

‫يقصد بتعلية البناء زيادة مباني جديدة فوق المباني القائمة‪.‬‬ ‫‪454‬‬

‫يقصد بتعديل البناء‪ ،‬تغيير معالمه سواء من الداخل أو من الخارج‪ ،‬كتحويل السكن بإضافة غرفة‪ ،‬أو اإلنقاص‬ ‫‪455‬‬

‫منها‪ ،‬أو تحويل الفناء إلى غرفة‪ ،‬أو تغيير الغرض المعد من أجله البناء‪ ،‬بتحويله من مسكن إلى متجر وغيرها‪.‬‬

‫يقصد بترميم البناء‪ ،‬إصالح األجزاء المعيبة من المبنى وملحقاته ‪.‬‬ ‫‪456‬‬

‫‪ 457‬يقصد بتدعيم البناء تقويته وإ زالة ما به من خلل‪ ،‬مثل هدم جدار متصدع‪ ،‬ثم إعادة بنائه من جديد لتقوية المبنى‬
‫كله‪.‬‬
‫‪197‬‬
‫بالتمعن في نص المادة ‪ 554‬من القانون المدني المنوه عنها أعاله‪ ،‬نرى أن المشرع‬
‫الجزائري أخذ بالمفهوم الواسع ألعمال البناء والتشييد لعموم النص‪ ،‬ومن تم ال يقتصر تطبيق‬
‫أحكام المسؤولية الخاصة‪ ،‬حال قيام سببها‪ ،‬على أعمال البناء والتشييد الجديدة المنجزة ألول‬
‫م رة‪ ،‬وإ نم ا تمت د إلى أعم ال ال ترميم والص يانة والتوس عة والتعلي ة‪ ،‬م تى ك انت ذات عالق ة‬
‫بعناصر جوهرية في البناء وسالمته‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك‪ ،‬تستبعد من نطاق تطبيق المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومق اول‬
‫البناء ك ّل األعمال المعمارية األخرى‪ ،‬التي ال يمكن أن تندرج تحت المفهوم الواسع ألعمال‬
‫التش ييد والبن اء‪ ،‬كأعم ال اله دم‪ ،‬والص يانة البس يطة‪ ،‬وك ذا أعم ال ال دهان والزخرف ة‪ ،‬ألّن ه ذه‬
‫‪458‬‬
‫األعمال ليس من شأنها أن تهّد د متانة البناء أو سالمته‪.‬‬

‫الفــرع الثــاني‪ :‬األضــرار الــتي إذا تحققـــت اعتــبرت ســببا لقيــام المســؤولية الخاصـــة‬
‫للمهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 554‬الفقرة األولى من القانون المدني ‪ ،‬يتضح لنا جليا أّن‬
‫‪459‬‬

‫المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬ال تغّطي كل األضرار التي قد تصيب‬
‫المب اني أو المنش آت الثابت ة األخ رى‪ ،‬وإ نم ا تقتص ر فق ط على الته دم الكلي أو الج زئي‪ ،‬وعلى‬
‫العيوب التي تهّد د سالمة البناء ومتانته‪.460‬‬

‫أوال‪ :‬تهدم المباني أو المنشآت الثابتة‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪458‬‬

‫والحراسة‪ ،‬ج ‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 107‬هـ‪.2‬‬

‫تنص المادة ‪ 554‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خالل عشر‬ ‫‪459‬‬

‫س نوات من ته دم كلي أو ج زئي فيم ا ش ّيداه من مب ان أو أقام اه من منش آت ثابت ة أخ رى ول و ك ان الته دم ناش ئا عن=‬
‫=عيب في األرض‪ .‬ويش مل الض مان المنص وص علي ه في الفق رة الس ابقة م ا يوج د في المب اني والمنش آت من عي وب‬
‫يترتب عليها تهديد متانة البناء وسالمته"‪.‬‬

‫‪ 460‬المالحظ أّن المشرع الفرنسي حذف عبارة التهدم الكلي أو الجزئي من صياغة المادة ‪ 1792‬من ق‪.‬م‪.‬ف – التي‬
‫تقابل المادة ‪ 554‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ -‬بموجب القانون رقم ‪ 12/78‬المؤرخ في ‪ ،04/01/1978‬واكتفى بمج رد النص على‬
‫تعريض متانة العمل وسالمته للخطر لقيام المسؤولية الخاصة‪.‬‬
‫‪198‬‬
‫ال يخفى على أحد أن تهّد م المباني أو المنشآت الثابتة تهدما كليا أو جزئيا‪ ،‬بسبب خطأ‬
‫أو إهم ال مه ني من ج انب المعم اري‪ ،‬ه و من األض رار الخط يرة ال تي تق وم به ا مس ؤوليته‬
‫الخاصة‪ ،‬لذلك نّص المشرع الجزائري على قيام المسؤولية العشرية في حالة حصول ذلك‪،‬‬
‫ف التزام المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ال وارد في الم ادة ‪ 554‬م دني جزائ ري ه و ال تزام‬
‫بتحقيق نتيجة‪ ،‬تتمثل في بقاء البناء الذي ش ّيداه سليما ومتينا لمدة عشر سنوات بعد تسليمه‪،‬‬
‫ومن تّم يثبت اإلخالل بهذا االلتزام بمجرد إثبات عدم تحقق تلك النتيجة‪ ،‬دون الحاجة إلثبات‬
‫خطأ ما‪ .‬فما المقصود إذن بالتهدم الذي يعتبر أساسا لقيام هذه المسؤولية الخاصة؟ وما هي‬
‫صوره؟‬

‫‪ -01‬مفهوم التهدم‬

‫يقص د بالته دم انحالل الرابطة ال تي تربط بين أج زاء البناء بعضها ببعض‪ ،461‬بمع نى‬
‫تفك ك أج زاء البن اء كله ا أو بعض ها‪ ،‬وانفص الها عن ه‪ ،‬أو عن األرض المق ام عليه ا‪ ،‬وبعب ارة‬
‫أخ رى يقص د بالته دم تل ك الحال ة ال تي تلح ق المب اني‪ ،‬فتخت ل أجزاؤه ا المتماس كة أو بعض ها‪،‬‬
‫وتزول إلى وضع تصبح معه متفككة غير متماسكة‪ ،‬فتختل وتتساقط أو تؤول إلى السقوط‪،‬‬
‫فال تقوى على البقاء قائمة‪.462‬‬

‫والمقص ود هن ا بالته دم‪ ،‬ه و الته دم غ ير اإلرادي‪ ،‬ال ذي نش أ بس بب عيب في عملي ة‬


‫التشييد والبناء ذاتها‪ ،‬أو عيب في المواد المستعملة‪ ،‬أو في األرض التي أقيم عليها البناء‪ ،‬إذ‬
‫تف ترض مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بمج رد ح دوث الته دم‪ ،‬دون البحث في‬
‫السبب الناجم عنه‪.‬‬

‫‪ -02‬صور التهدم‬

‫في هذا الصدد‪ ،‬قضت محكمة النقض الفرنسية في القرار الصادر عنها بتاريخ ‪ 19/05/1953‬بأن‪ " :‬المقصود‬ ‫‪461‬‬

‫بالته دم ال الته دم الكلي فحس ب‪ ،‬وإ نم ا ه و يش مل س قوط أي قس م من البن اء أو أي ج زء داخ ل في تك وين أي عنص ر‬
‫ثابت أو غير ثابت في البناء‪ ،‬وضع بشكل ال يقبل معه االنفصال عنه"‪.‬‬

‫‪ -‬ع ادل عب د العزي ز عب د الحمي د س ماره‪ ،‬مس ؤولية المق اول والمهن دس عن ض مان متان ة البن اء في الق انون الم دني‬
‫األردني " دراسة مقارنة"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬

‫أحمد سعيد المومني‪ ،‬مسؤولية المقاول والمهندس في عقد المقاولة‪ ،‬ط ‪ ،1‬مكتبة المنار للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬ ‫‪462‬‬

‫بدون سنة نشر‪ ،‬ص ‪.229 ،228‬‬


‫‪199‬‬
‫إّن تهدم البناءات أو المنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬الذي يرتب المسؤولية الخاصة للمهن دس‬
‫المعماري ومقاول البناء‪ ،‬يكون إما تهدما كليا أو تهدما جزئيا‪.‬‬

‫أ‪ .‬التهدم الكلي‬

‫يقصد بالتهدم الكلي أن تسقط البناءات أو المنشآت الثابتة بكاملها‪ ،‬أو في الغالب منها‪،‬‬
‫فال يعود هناك بناء قائم‪ ،‬بحيث يصبح غير صالح لتحقيق الغرض الذي وجد ألجله‪.‬‬

‫ب‪ .‬التهدم الجزئي‬

‫يقصد بالتهدم الجزئي أن يسقط جزء فقط من أجزاء البناءات أو المنشآت الثابتة دون‬
‫األجزاء األخرى‪ ،‬كسقوط سقف إحدى الغرف‪ ،‬أو انهيار أحد الجدران‪ ،‬أو انهيار شرفة‪ ،‬أو‬
‫سقوط سلم‪.‬‬

‫وتبع ا ل ذلك‪ ،‬يع ّد ته دما موجب ا لتط بيق أحك ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري‬
‫ومق اول البن اء‪ ،‬انهي ار الم نزل‪ ،‬أو س قوط الس لم‪ ،‬أو انهي ار الحائ ط‪ ،‬أو الس قف‪ ،‬أو انفص ال‬
‫الشرفة عن البناء‪ ،‬أو سقوط الجسر‪ ،‬أو تصدعه‪ ،‬أو تشقق األرصفة وأرضية الطريق‪.‬‬

‫ه ذا وال يش ترط أن يك ون الته دم الكلي أو الج زئي ح اال‪ ،‬وواقع ا فعال‪ ،‬ح تى تتق رر‬
‫المس ؤولية العش رية في ج انب المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬وإ نم ا يكفي أن يك ون أم را‬
‫محق ق الوق وع في المس تقبل‪ ،‬كح دوث تش ققات وتص دعات في البن اء تجع ل من وق وع الته دم‬
‫مس تقبال أم را ال مف ر من ه‪ ،463‬ومن تم يكفي أن يثبت ص احب المش روع‪ ،‬أن الته دم الكلي أو‬
‫الج زئي المكتش ف في المب اني‪ ،‬ق د بل غ ح دا من الجس امة تجعل ه يع رض س المتها ومتانته ا‬
‫للخطر‪.‬‬

‫وتعود مسألة تحديد مدى جسامة األضرار الناجمة عن تهدم البناءات والمنشآت الثابتة‬
‫األخ رى‪ ،‬ته دما كلي ا أو جزئي ا‪ ،‬للس لطة التقديري ة لقاض ي الموض وع وال ذي يس تعين في ذل ك‬
‫بخب ير مختص لفحص األمكن ة‪ ،‬للق ول بم دى قي ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري‬
‫ومقاول البناء من عدمها‪.‬‬

‫محم د ج ابر ال دوري‪ ،‬مس ؤولية المق اول والمهن دس في مق اوالت البن اء والمنش آت الثابت ة‪ ،‬بغ داد‪ ،‬مطبع ة عش تار‬ ‫‪463‬‬

‫األردني‪ ،1985 ،‬ص‪.146‬‬


‫‪200‬‬
‫ثانيا‪ :‬العيوب الموجبة لتطبيق أحكام المسؤولية الخاصة‬

‫ال يقتصر نطاق الضمان العشري‪ ،‬الوارد بنص المادة ‪ 544‬من القانون المدني‪ ،‬على‬
‫م ا يص يب البن اء من ته دم كلي أو ج زئي فق ط‪ ،‬وإ نم ا يش مل أيض ا العي وب األخ رى ال تي ق د‬
‫تلح ق بالبن اء‪ ،‬فته دد متانت ه وسالمته‪ ،‬ول و لم ت ؤد إلى تهدم ه ح اال‪ .‬فم ا المقص ود إذن ب العيب‬
‫الموجب لقيام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬وما هي أنواعه‪ ،‬وم ا هي‬
‫شروط تحققه؟‬

‫‪ -01‬تعريف العيب‬

‫عّر ف المشرع الجزائري العيب في المادة ‪ 23‬من القرار الوزاري المشترك المؤرخ‬
‫في ‪ 15‬م اي ‪ 1988‬ال ذي يتض من كيفي ات ممارس ة تنفي ذ األش غال في مي دان البن اء وأج ر‬
‫ذل ك‪ 464،‬بأن ه‪ " :‬ك ّل عيب في الم واد أو المنتوج ات‪ ،‬أو عم ل غ ير متقن من ش أنه أن يه دد‪-‬‬
‫فورا أو بعد مدة‪ -‬استقرار المشروع وعمله في ظروف طبيعية "‪.‬‬

‫والعيب الموجب لمسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء الخاصة‪ ،‬هو ذلك الخلل‬
‫ال ذي يص يب المب اني أو المنش آت الثابت ة‪ ،‬وال ذي تقتض ي أص ول الص نعة وقواع د الفن خلّو ه ا‬
‫منه‪ ،465‬وبمعنى آخر هو نوع من الخلل‪ ،‬الذي يصيب البناء‪ ،‬ولكنه ال يرقى إلى حالة التهدم‬

‫منشور في ج رج ج‪ ،‬ع ‪ 43‬لسنة ‪.1988‬‬ ‫‪464‬‬

‫محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪465‬‬

‫‪.97‬‬

‫والمالح ظ أن العيب به ذا المع نى‪ ،‬يختل ف عن ع دم مطابق ة العم ل للمواص فات المتف ق عليه ا في العق د‪ ،‬إذ ق د يك ون‬
‫البناء المشيد سليما خاليا من العيوب‪ ،‬لكنه غير مطابق لهذه المواصفات‪ ،‬كأن يخالف البناء شروط العقد من حيث‬
‫مس احة البن اء كك ل‪ ،‬أو مس احة غرف ة من غرف ه‪ ،‬أو من حيث كيفي ة ت رتيب ه ذه الغ رف‪ ،‬أو طريق ة تقس يمها‪ ،‬أو‬
‫موضعها من العقار أو غير ذلك‪ ،‬على أّن عدم مطابقة البناء للمواصفات المتعلقة بقواعد التنظيم ولوائحه أو برخصة‬
‫البناء ال يرقى أحيانا لرتبة العيب في البناء بالمعنى الفني المقصود هنا‪.‬‬

‫ع ّر فت محكمة النقض المصرية في الحكم الصادر عنها بتاريخ ‪ 08‬أفريل ‪ 1948‬العيب بأنه‪ " :‬اآلفة الطارئة التي‬
‫تخلو منها الفطرة السليمة للمبيع"‪ ،‬وعّر فته محكمة استئناف ليون بفرنسا بأنه‪ " :‬النقيصة التي تشوب الشيء عرضا‪،‬‬
‫وال تتواجد بالضرورة في كّل شيء من هذا النوع "‪.‬‬
‫‪201‬‬
‫سواء الجزئي أو الكلي‪ ،‬فهو عيب يشكل حالة يكون معها البناء على غير الحالة ال تي يقتضي‬
‫‪466‬‬
‫أن يكون عليها‪ ،‬العتباره سليما ومتينا وملبيا ألغراض إنشائه‪.‬‬

‫وي رى الفق ه ب أّن ظه ور أّي عيب يه دد متان ة البن اء وس المته‪ ،‬ك اف لقي ام المس ؤولية‬
‫الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬وأنه ليس ضروريا لقيام هذه المسؤولية‪ ،‬حدوث‬
‫‪467‬‬
‫التهدم الكلي أو الجزئي للبناء‪.‬‬

‫والمالح ظ أّن العيب به ذا المع نى يختل ف عن عيب المطابق ة ‪ -‬وال ذي س بق أن أش رنا‬


‫إليه‪ 468-‬فقد يكون المبنى المشّيد سليما خاليا من العيوب‪ ،‬لكنه يكون غير مطابق للمواصفات‬
‫المتف ق عليه ا‪ ،‬ك أن يخ الف ش روط العق د من حيث مس احة البن اء‪ ،‬أو مس احة الغ رف‪ ،‬أو من‬
‫حيث كيفية ترتيب هذه الغرف‪ ،‬أو طريقة تقسيمها‪ ،‬أو موضعها من العقار‪.‬‬

‫وتبدو أهمية التفرقة بين العيبين في اختالف الجزاء المترتب عنهما‪ ،‬فإذا كانت عيوب‬
‫المطابقة تؤدي إلى وجوب إصالحها فقط‪ ،‬فإّن عيوب البناء‪ ،‬ينشأ عنها قيام الضمان العشري‬
‫بما يتبعه من أحكام كما سيأتي بيانه في هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪ -02‬أنواع العيب‬

‫ال تخرج العيوب التي قد تلحق بالبناءات أو المنشآت الثابتة‪ ،‬والتي يؤدي تحققها إلى‬
‫قيام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء عن كونها عيوبا في األرض المقام‬
‫عليه ا البن اء‪ ،‬أو عيوب ا في الخط أ في التص ميم‪ ،‬أو عيوب ا في الم واد األولي ة المس تعملة في‬
‫البن اء‪ ،‬أو عيوب ا في الخط أ في تنفي ذ المش روع‪ ،‬وه و م ا سنعرض ه بش يء من التفص يل فيم ا‬
‫يلي‪:‬‬

‫أ‪ .‬العيب الراجع إلى األرض المقام عليها البناء‬

‫أحمد سعيد المومني‪ ،‬مسؤولية المقاول والمهندس في عقد المقاولة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.229‬‬ ‫‪466‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪467‬‬

‫والحراسة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫راجع ص‬ ‫‪468‬‬

‫‪202‬‬
‫إذا وجد عيب في األرض التي يراد إقامة البناءات والمنشآت الثابتة عليها‪ ،‬على نحو‬
‫يه دد متان ة البن اء وس المته‪ ،‬بحيث يعّر ض ه للخط ر‪ ،‬تتحق ق المس ؤولية الخاص ة في ج انب‬
‫المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬ألن دراسة مدى صالحية األرض إلقامة البناء عليها عم ل‬
‫ف ني‪ ،‬ي دخل في ص لب مهن ة المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء الفني ة‪ ،‬ومث ال ذل ك أن تق ام‬
‫البن اءات أو المنش آت الثابت ة على أرض هش ة‪ ،‬أو به ا مس تنقعات‪ ،‬وغ ير ص الحة بحس ب‬
‫طبيعتها الجيولوجية أو التكوينية‪ ،‬ولم تتخذ بشأنها اإلجراءات الالزمة التي تمليها أصول الفن‬
‫‪469‬‬
‫وقواعد الصنعة‪ ،‬من تعميق األساس الذي يقوم على أرض صلبة‪.‬‬

‫وترتيب ا على ذل ك‪ ،‬يجب على المهن دس المعم اري قب ل وض ع تص ميم البن اء الم راد‬
‫إنشاؤه‪ ،‬أن يفحص التربة ويتأكد من خلّو ها من العيوب حتى يتمكن على أساس تلك الدراسة‬
‫األولي ة لألرض ية‪ ،‬من معرف ة طريق ة وض ع األس اس‪ ،‬وعم ق األعم دة‪ ،‬ون وع الم واد ال واجب‬
‫اس تعمالها‪ ،‬والتجه يزات الم راد إقامته ا‪ ،‬ويك ون مق اول البن اء مس ؤوال إلى ج انب المهن دس‬
‫المعماري عن عيوب التربة هذه‪ ،‬وعدم معالجتها قبل البدء في التنفيذ‪ ،‬ألن المادة ‪ 554‬من‬
‫القانون المدني لم تفرق بين المهندس المعماري ومقاول البناء في هذا الخصوص‪.‬‬

‫ونش ير به ذا الص دد إلى أّن العيب في األرض‪ ،‬ال ذي يس أل عن ه المهن دس ومق اول‬
‫البناء‪ ،‬هو ذلك العيب الذي يمكن كشفه‪ ،‬من خالل فحص األرض فحصا دقيقا‪ ،‬وفقا للقواعد‬
‫التي تقتضيها قواعد المهنة وأصول الفن‪ ،‬ومن تّم ال يسأل المعماري عن عيوب األرض ال تي‬
‫‪470‬‬
‫يستحيل عليه كشفها وفقا للمبادئ العامة التي تنظمها قواعد التهيئة والتعمير‪.‬‬

‫ب‪ .‬العيب الراجع إلى الخطأ في التصميم‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪469‬‬

‫والحراسة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.114-113‬‬

‫نظمت ه ذه القواع د بم وجب الق انون رقم ‪ 90/29‬الم ؤرخ في ‪ 01/12/1990‬المتعل ق بالتهيئ ة والتعم ير المع دل‬ ‫‪470‬‬

‫والمتمم‪ ،‬والمرس وم التنفي ذي رقم ‪ 91/175‬الم ؤرخ في ‪ 28/05/1991‬ال ذي يح دد القواع د العام ة للتهيئ ة والتعم ير‬
‫والبناء‪ .‬وتطبيقا لهذه القواعد‪ ،‬قضي برفض إقامة المسؤولية الخاصة على المهندس المعماري والمقاول عن عيوب‬
‫األرض التي لم يكن من الممكن توقعها أصال وفقا لقواعد المهنة وأصول الفن وذلك في قضية تمثل العيب والخلل‬
‫فيه ا في تحرك ات داخلي ة في ب اطن األرض ال تي أقيم عليه ا البن اء‪ ،‬يراج ع به ذا الص دد‪ :‬الحس يني عب د اللطي ف‪،‬‬
‫المسؤولية المدنية عن األخطاء المهنية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.276‬‬
‫‪203‬‬
‫تنص الم ادة ‪ 555‬من الق انون الم دني على م ا يلي‪ " :‬إذا اقتص ر المهن دس المعم اري‬
‫على وضع التصميم دون أن يكلف بالرقابة على التنفيذ لم يكن مسؤوال إال عن العيوب التي‬
‫أتت من التصميم"‪.‬‬

‫يستفاد من هذه المادة أّن المهندس المعماري إذا كلف بوضع التصميم‪ ،‬دون أن يكلف‬
‫بالرقابة على التنفيذ‪ ،‬فإن مسؤوليته تقتصر فقط على العيوب الناجمة عن التصميم‪ ،‬والجدير‬
‫بالمالحظ ة‪ ،‬أن المعم ول ب ه في الواق ع‪ ،‬أّن واض ع التص ميم ق د يك ون مهندس ا معماري ا أو أّي‬
‫ش خص آخ ر‪ ،‬ألن ه ال يوج د م ا يمن ع من أن يض ع غ ير المهن دس المعم اري التص ميم فيض عه‬
‫‪471‬‬
‫مثال المقاول أو رب العمل‪.‬‬

‫وعي وب التص ميم إّم ا أن ترج ع إلى خط أ في أص ول الهندس ة المعماري ة‪ ،‬ك أن يوض ع‬
‫التص ميم من ش خص ال تت وافر في ه الكف اءة الفني ة الالزم ة‪ ،‬أو من ش خص ال يب ذل العناي ة‬
‫الكافي ة‪ ،‬فيجيء التص ميم معيب ا من الناحي ة الفني ة‪ ،‬وإ م ا أن ترج ع إلى مخالف ة ق وانين البن اء‬
‫ولوائح ه‪ ،‬ك أن يتج اوز البن اء االرتف اع المس موح ب ه قانون ا‪ ،‬أو أن يتّم البن اء على رقع ة من‬
‫‪472‬‬
‫األرض أكبر مما تسمح به القوانين واللوائح‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬سواء رجع العيب في التصميم إلى الخطأ في أصول الفن المعماري والهندسة‪،‬‬
‫أو إلى مخالف ة الق وانين واألنظم ة‪ ،‬ف إّن المهن دس المعم اري‪ ،‬باعتب اره واض ع التص ميم غالب ا‪،‬‬
‫يك ون مس ؤوال‪ ،‬دون المق اول‪ ،‬تج اه رب العم ل عن ه ذا الته دم‪ ،‬وفق ا لم ا تقتض يه أحك ام‬
‫المس ؤولية الخاص ة‪ ،‬وذل ك س واء أش رف ه و بنفس ه على التنفي ذ أو ال‪ ،‬غ ير أن ه إذا ك ان ق د‬
‫أشرف على التنفيذ فإنه يكون في هذه الحالة مسؤوال عن عيوب التصميم وعن عيوب التنفيذ‬
‫معا‪ ،‬ويكون متضامنا مع مقاول البناء في حدود عيوب التنفيذ‪ ،‬كما سبق أن بينا‪ ،‬أما إذا لم‬
‫يش رف على التنفي ذ‪ ،‬واقتص ر دوره على وض ع التص ميم‪ ،‬فان ه يك ون ملتزم ا بالض مان عن‬

‫وهو ما يتماشى مع حماية أصحاب العمل تجاه الفنيين وحماية السالمة العامة المتوخاة من إنشاء المباني بصورة‬ ‫‪471‬‬

‫سليمة‪.‬‬

‫أنور العمروسي‪ ،‬التعليق على نصوص القانون المدني المعدل‪ ،‬ج ‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.47‬‬ ‫‪472‬‬

‫‪ -‬بوقرة أم الخير (مسؤولية المهندس المعماري والمقاول خالل فترة الضمان)‪ ،‬مجلة المفكر‪ ،‬ع ‪ ،6‬ديس مبر ‪،2010‬‬
‫ص‪.303‬‬
‫‪204‬‬
‫عيوب التصميم وحدها‪ ،‬وال يضمن عيوب التنفيذ‪ ،‬ألنه لم يشرف عليه‪ ،473‬وال يكون مقاول‬
‫البناء الذي قام بالتنفيذ‪ ،‬ملزما بضمان عيوب التصميم‪ ،‬ألنه ليس من وضعه‪.‬‬

‫غير أنه إذا كان بإمكان مقاول البناء كشف هذا الخطأ في التصميم‪ ،‬ال سيما إذا كان‬
‫العيب يتعل ق بمخالف ة ق وانين البن اء ولوائح ه‪ ،‬ولم ينّب ه ب ه رب العم ل أو المهن دس المعم اري‪،‬‬
‫كان مسؤوال بالضمان في مواجهة رب العمل‪ ،‬ومثال ذلك تجاوز البناءات المنجزة االرتفاع‬
‫المسموح به قانونا‪ ،‬ففي هذه الحالة يكون المقاول مسؤوال بالتضامن مع المهندس المعماري‬
‫واضع التصميم‪ ،‬ألنه كان يتوجب عليه التنبه لهذا العيب الظاهر‪ ،474‬وعدم تنفيذ هذه األشغال‪،‬‬
‫أم ا إذا ك ان العيب خفي ا ولم يكن بإمك ان المق اول المنف ذ اكتش افه ول و بفحص دقي ق‪ ،‬فإن ه ال‬
‫يتحمل أّية مسؤولية‪ ،‬وتبقى المسؤولية على عاتق واضع التصميم وحده‪.‬‬

‫جـ‪ .‬العيب الراجع إلى المواد األولية المستعملة في البناء‬

‫تكون المواد األولية المستعملة في البناء معيبة إذا كانت غير صالحة لالستعمال فيما‬
‫أع دت ل ه‪ ،‬أو ك انت مخالف ة للمواصفات والشروط المتف ق عليه ا في العق د‪ ،‬أو ك انت من نوع‬
‫رديء ال تس مح ب ه أص ول الفن المعم اري‪ ،475‬وتتح ّد د المس ؤولية العش رية لك ّل من المهن دس‬
‫المعماري ومقاول البناء بحسب عالقته في اختيار المواد‪ ،‬ووضعها‪.‬‬

‫فإذا أخطأ المهندس المعماري في وضع المقايسات الالزمة لتنفيذ المشروع‪ ،‬وبخاصة‬
‫المقايس ات الوص فية ال تي يح دد فيه ا أن واع الم واد وأوص افها وخصائص ها وكيفي ة اس تعمالها‪،‬‬
‫وكذا المقايسات الكمية التي تتعلق ببيان كمية المواد الالزمة لتنفيذ التصميم‪ ،‬ونتج عن ذلك‬
‫الخطأ‪ ،‬تهّد م البناءات أو المنشآت الثابتة‪ ،‬أو تهديد سالمتها ومتانتها‪ ،‬قامت مسؤولية المهندس‬
‫المعماري العشرية‪.‬‬

‫وإ ذا ك ان المهن دس المعم اري واض ع التص ميم ه و المش رف على التنفي ذ‪ ،‬فإن ه يس أل‬
‫بالتضامن مع المقاول المنفذ‪ ،‬إذا خالف هذا األخير تلك المقايسات‪ ،‬ويكون مسؤوال أيضا إلى‬

‫يراجع نص المادة ‪ 555‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪473‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪474‬‬

‫والحراسة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬

‫‪ 475‬بوقرة أم الخير (مسؤولية المهندس المعماري والمقاول خالل فترة الضمان)‪ ،‬المقال السابق‪ ،‬ص‪.303‬‬
‫‪205‬‬
‫ج انب المق اول‪ ،‬إذا قب ل م وادا غ ير ص الحة ألداء الغ رض ال ذي خصص ت ل ه في المقايس ات‬
‫‪476‬‬
‫الوصفية‪.‬‬

‫على أّن مس ؤولية مق اول البن اء تختل ف هن ا بحس ب م ا إذا ك ان ه و ال ذي ق ّد م الم واد‬
‫األولية‪ ،‬أو قّد مها رب العمل‪ ،‬فإذا كان هو من قّد م هذه المواد‪ ،‬فإنه يسأل عن ضمان جودتها‬
‫وفقا للشروط والمواصفات المتفق عليها في العقد وذلك طبقا ألحكام المادة ‪ 551‬من القانون‬
‫المدني‪ ،‬والتي تلزم المقاول إذا تعهد بتقديم مادة العمل أن يضمن نوع هذه المادة‪.477‬‬

‫أما إذا كان رب العمل هو الذي ق ّد م المواد األولية بنفسه‪ ،‬فإّن الحكم يختلف تبعا لما‬
‫إذا كان من ذوي الفن والخبرة‪ ،‬أو كان جاهال بهذه األصول‪.‬‬

‫فإذا كان رب العمل من ذوي الخبرة‪ ،‬فان المقاول ال يلتزم بفحص هذه المواد المقدمة‬
‫إلي ه‪ ،‬والتأك د من جودته ا‪ ،‬وعلي ه ال يك ون مخطئ ا‪ ،‬إذا لم يفحص ها‪ ،‬وال يتحم ل المس ؤولية إذا‬
‫ظهر فيها عيب‪ ،‬فالمفروض أن رب العمل‪ ،‬باعتباره خبيرا في المهنة‪ ،‬يكون قد فحص هذه‬
‫الم واد وعاينه ا‪ ،‬ومن تم يتحم ل ه و المس ؤولية عن ك ل عيب يظه ر فيه ا دون المق اول‪ ،‬م ا لم‬
‫تكن تلك العيوب ظاهرة‪ ،‬بحيث ال تخفى على مقاول مجرب مثله‪ ،478‬ذلك أنه في هذه الحالة‬
‫يتعين علي ه إخط ار رب العم ل به ذه العي وب‪ ،‬كون ه ملزم ا ب اإلعالم واإلرش اد‪ ،‬ف إن لم يفع ل‪،‬‬
‫ك ان مس ؤوال طبق ا ألحك ام الض مان الخ اص‪ ،‬باعتب اره مخال بالتزام ه ه ذا‪ ،‬أو طبق ا للقواع د‬
‫العامة في المسؤولية العقدية‪.‬‬

‫أم ا إذا ك ان رب العم ل ج اهال‪ ،‬غ ير خب ير بأص ول الفن والمهن ة‪ ،‬فان ه يتعين على‬
‫المقاول فحص المواد المقدمة إليه فحصا دقيقا‪ ،‬ومراقبتها‪ ،‬مستعينا في ذلك بكل ما يتاح له‬
‫من وس ائل علمي ة حديث ة به ذا الخص وص‪ ،‬والق ول م ا إذا ك انت ه ذه الم واد س ليمة‪ ،‬تص لح‬
‫النجاز األشغال‪ ،‬أم أنها معيبة يجب استبعادها‪ ،‬وفي هذه الحالة تتقرر مسؤولية المقاول وفقا‬

‫كرت وس أنيس ة‪ ،‬المس ؤولية الناش ئة عن ته دم البن اء في الق انون الم دني الجزائ ري‪ ،‬بحث للحص ول على درج ة‬ ‫‪476‬‬

‫الماجستير في العقود والمسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم اإلدارية‪ ،‬بن عكنون‪ -‬الجزائر‪ ، 2001-2000 ،‬ص ‪.94‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 351‬من ق‪.‬م على م ا يلي‪ " :‬إذا تعه د المق اول بتقديم م ادة العم ل كله ا أو بعض ها ك ان مس ؤوال عن‬ ‫‪477‬‬

‫جودتها وعليه ضمانها لرب العمل"‪.‬‬

‫أما إذا كان ال يمكن لمقاول مثله‪ ،‬وفي نفس ظروفه‪ ،‬أن يكتشف العيب‪ ،‬فانه ال يكون مسؤوال عنه‪.‬‬ ‫‪478‬‬

‫‪206‬‬
‫ألحك ام الض مان الخ اص‪ ،‬عن ك ل م ا يلح ق المب اني أو المنش آت الثابت ة‪ ،‬من ته دم أو عيب‪،‬‬
‫يرجع سببه إلى استخدام هذه المواد المعيبة‪.479‬‬

‫وس واء ك ان رب العم ل من أه ل الفن والخ برة‪ ،‬أو من غ ير أه ل الفن‪ ،‬وجب على‬
‫المق اول إخط ار ه ذا األخ ير‪ ،‬بم ا اكتش فه من عي وب في الم واد ال تي يورده ا ل ه‪ ،‬وأن يطلب‬
‫إص الحها إذا أمكن ذل ك‪ ،‬أو اس تبدالها بم واد أخ رى س ليمة‪ ،‬ص الحة للبن اء‪ ،‬ف إن اس تجاب رب‬
‫العمل لطلبه‪ ،‬أتم العمل‪ ،‬أما إذا رفض رب العمل ما طلبه المقاول‪ ،‬وأصر على استخدام هذه‬
‫المواد‪ ،‬رغم ما يشوبها من عيوب‪ ،‬وجب على المقاول رفض استخدامها‪ ،‬والتوقف عن العمل‬
‫إذا اقتض ى األمـر ذل ك‪ ،‬وإ ال ك ان مس ؤوال عمـا تحدثـه‪ ،‬ح ال إذعان ه لطلـب رب العم ل‪،‬‬
‫واستخدامها رغم عيوبها‪.‬‬

‫د‪ .‬العيب الراجع إلى الخطأ في تنفيذ المشروع‬

‫ق د يع ود العيب ال ذي يه ّد د متان ة البن اء وس المته إلى خط أ في تنفي ذ المش روع‪ ،‬أي أن‬
‫يك ون الخل ل أو العيب في العم ل ذات ه‪ ،‬مّم ا ي ترتب علي ه قي ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس‬
‫المعماري ومقاول البناء‪ ،‬ومثال ذلك أن يتم بناء األساس بشكل غير متين مما ال يحتمل إقامة‬
‫البن اء فوق ه‪ ،‬أو يوض ع األس اس على ترب ة هش ة أو معيب ة‪ ،‬أو ع دم إرس اء القواع د على‬
‫أرض يات ص لبة‪ ،‬أو ض عف الس ماكة المطلوب ة في بن اء الج دران أو األس قف أو األرض ية‪ ،‬أو‬
‫تكون نسب المواد المستخدمة غير كافية‪ ،‬فتقل نسبة اإلسمنت في الخلطة‪ ،‬أو نسبة الحديد في‬
‫الخرسانة‪ ،‬والجسور‪ ،‬والقواعد‪ ،‬والجدران‪ ،‬عن النسب الالزمة أو الضرورية‪.480‬‬

‫هذا وإ ذا وقع المقاول في خطأ بسبب إهماله في تنفيذ المشروع‪ ،‬وفقا للتصاميم ودفتر‬
‫الش روط والمقايس ات المع ّد ة من ط رف المهن دس المعم اري‪ ،‬ك ان مس ؤوال مس ؤولية عش رية‬
‫بالتض امن م ع المهن دس المعم اري المكل ف باإلش راف على التنفي ذ‪ ،‬وال ذي ك ان ملزم ا بالقي ام‬
‫بزي ارات ميداني ة لمك ان المش روع‪ ،‬وبتنبي ه المق اول إلى ك ّل العي وب ال واردة في البن اء‪،‬‬
‫وضرورة تصليحها قبل تسليم المشروع إلى رب العمل‪.‬‬

‫عبد الرازق حسين يس‪ ،‬المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.772‬‬ ‫‪479‬‬

‫أحمد سعيد المومني‪ ،‬مسؤولية المقاول والمهندس في عقد المقاولة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬ ‫‪480‬‬

‫‪207‬‬
‫والمالح ظ أّن العي وب ال تي ذكرناه ا أعاله‪ ،‬هي العي وب الش ائعة في عم ل المهن دس‬
‫المعماري ومقاول البناء‪ ،‬والتي تؤدي في الغالب إلى تهدم البناء‪ ،‬أو تهديد سالمته ومتانته‪،‬‬
‫غ ير أّن ه ذا ال يمن ع من قي ام المس ؤولية الخاص ة‪ ،‬في ج انب ك ل من المهن دس المعم اري‬
‫ومقاول البناء‪ ،‬على عيوب أخرى ال يمكن حصرها‪ ،‬قد تنجم عن التقنيات الحديثة المستعملة‬
‫في عملية البناء والتشييد‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الشروط الواجب توافرها في العيوب لتطبيق أحكام المسؤولية الخاصة‬

‫ال يكفي لقي ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬وج ود عيب في‬
‫البناءات أو المنشآت الثابتة مهما كان سببه‪ ،‬وإ نما يجب فضال عن ذلك أن تتوفر فيه مجموعة‬
‫من الشروط‪ ،‬أال وهي خفاء العيب‪ ،‬وخطورته‪ ،‬ووقوعه خالل مدة الضمان الخاص‪ ،‬وهو ما‬
‫سنتناوله بشيء من التفصيل أدناه‪.‬‬
‫‪481‬‬
‫‪ -01‬خفاء العيب‬

‫يجب أن يكون العيب المحتج به‪ ،‬كسبب لقيام المسؤولية العشرية في جانب المهندس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬خفي ا وقت تس لم ص احب المش روع العم ل موض وع عق د المقاول ة‬
‫المبرم بينهم‪.482‬‬

‫‪ 481‬العيب الخفي ه و العيب ال ذي ال يمكن كش فه وتبّين ه ب الفحص المعت اد من قب ل الرج ل الع ادي‪ ،‬أو أن ه من الص عب‬
‫اكتشافه من الشخص الخبير المحترف‪ ،‬أو أن البائع تعمد إخفاءه غشا منه‪.‬‬

‫‪ -‬يعيش تم ام أم ال‪ ،‬حاحة عبد الع الي‪( ،‬المسؤولية العشرية كآلي ة قانوني ة لحماية الملكية العقاري ة وفق ا للقانون رقم‬
‫‪ ،)11/04‬مجلة الحقوق والحريات‪ ،‬عدد تجريبي‪ ،‬بسكرة‪ ،‬سبتمبر ‪ ،2013‬ص‪.532‬‬

‫ومن أمثل ة العي وب الخفي ة وقت التس لم‪ ،‬وال تي تتق رر بموجبه ا المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول‬ ‫‪482‬‬

‫البناء‪ ،‬وجود خلل غير واضح في العزل الصوتي الخاص بجدران البناء‪ ،‬أو وجود حشرات في الخشب المستخدم‬
‫في أرضية البناء أدت إلى تسوسه‪ ،‬أو وجود عوائق تحول دون دخول المرآب‪.‬‬

‫‪ -‬ننوه هنا أّن مسألة خفاء العيب من ظهوره هي مسألة واقع‪ ،‬تخضع لتقدير القاضي في كل حالة على حدى‪.‬‬
‫‪208‬‬
‫وعلي ه نط رح التس اؤل الت الي‪ :‬م تى يك ون العيب خفي ا وقت التس لم‪ ،‬ومن تّم يخض ع‬
‫للضمان الخاص‪ ،‬ومتى يكون ظاهرا في ذلك الوقت‪ ،‬فال يخضع له؟‬

‫ب الرجوع إلى النص وص التش ريعية في الجزائ ر‪ ،‬لم أج د في ح دود علمي نّص ا قانوني ا‬
‫يبّين لنا بوضوح المعيار الواجب إتباعه لمعرفة ما إذا كان العيب خفيا أو ظاهرا وقت التسلم‪،‬‬
‫األمر الذي دفعني إلى االستئناس باتجاه القضاء الفرنسي بخصوص هذه المسألة‪.‬‬

‫اختلفت أحكام القضاء الفرنسي في تحديد المعيار الواجب إتباعه‪ ،‬لمعرفة ما إذا كان‬
‫العيب ظ اهرا أو خفي ا وقت التس لم‪ ،‬فاتج ه بعض القض اة إلى اعتم اد معي ار ذاتي شخص ي في‬
‫تقدير مدى توافر شرط الخفاء من عدمه وقت التسلم‪ ،‬أي ما إذا كان بإمكان رب العمل نفس ه‪،‬‬
‫اكتشاف العيب وقت التسلم أم ال‪ ،‬ومن تّم قضى أن يكون العيب خفيا عند عدم العلم الفعلي به‬
‫وقت التس لم‪ ،‬وأيض ا عن د العلم ب ه م تى ثبت ع دم اس تطاعة رب العم ل التنب ؤ في وقت التس لم‬
‫بنتائجه المتوقع حدوثها في المستقبل وقت التسلم‪.483‬‬

‫واتج ه البعض إلى األخ ذ بالمعي ار الموض وعي في تق دير م دى وج ود أو تخل ف ش رط‬
‫خف اء العيب الم دعى ب ه‪ ،‬وقض ى بن اء على ذل ك‪ ،‬أن يك ون العيب خفي ا‪ ،‬على ال رغم من علم‬
‫رب العمل بوجوده علما فعليا وقت تسلمه العمل‪ ،‬طالما كان من الثابت أن رب العمل المعتاد‬
‫غ ير الخب ير بفن البن اء‪ ،‬لم يكن في اس تطاعته اكتشاف مث ل ه ذا العيب وقت التس لم‪ ،‬ول و ب ذل‬
‫في فحص العمل ومعاينته عناية الرجل المعتاد‪.484‬‬

‫واتجه البعض اآلخر إلى أّن العيب يعتبر خفيا‪ ،‬وأّن رب العمل يعّد جاهال له‪ ،‬بمجرد‬
‫تس لمه للبن اء‪ ،‬مقب وال من ه‪ ،‬ودون أن يب دي أّي تحفظ ات علي ه‪ ،‬فتس لم العم ل دون اع تراض‪،‬‬
‫يفرض أن العمل خال من العيوب الظاهرة‪ ،‬ما لم يكن هناك غش‪ ،485‬ومن تم يكون كل عيب‬
‫في البناء خفيا وقت تسلم األعمال‪ ،‬ما لم يقم الدليل على عكس ذلك‪.‬‬

‫عايدة مصطفاوي‪( ،‬الضمان العشري والضمانات الخاصة لمشيدي البناء في التشريع الجزائري والتشريع المقارن)‪،‬‬
‫دفاتر السياسية والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،6‬جانفي ‪ ،2012‬ص‪.270‬‬

‫يراجع بهذا الصدد األحكام التي أشار إليها على سبيل المثال‪ :‬محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين‪ ،‬المرجع‬ ‫‪483‬‬

‫السابق ‪ ،‬ص ‪ 110‬هـ ‪.264‬‬

‫يراجع بهذا الصدد‪ ،‬األحكام التي أشار إليها على سبيل المثال‪ :‬محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين‪ ،‬المرجع‬ ‫‪484‬‬

‫السابق‪ ،‬ص‪ 111‬هـ ‪.265‬‬


‫‪209‬‬
‫أمام هذه األحكام المتضاربة‪ ،‬اتجه القضاء الفرنسي نحو التخفيف من حّد ة ش رط خف اء‬
‫العيب‪ ،‬والتوسع في دائرة العيوب التي تخضع للمسؤولية الخاصة‪ ،‬تدعيما للحماية القانونية‬
‫الالزمة لمصالح رب العمل‪.‬‬

‫واألص ل أن ت برأ ذم ة المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬بمج رد تس لم ص احب‬
‫المشروع األشغال المحددة في العقد‪ ،‬بالنسبة للعيوب الظاهرة وحدها دون ما خفي منها ‪،486‬‬
‫ومن تّم ح تى تتق رر المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬يجب أن يك ون‬
‫العيب المحتج به خفيا وقت تسلم رب العمل لألعمال‪.‬‬

‫المالحظ بهذا الصدد‪ ،‬أّن شرط خفاء العيب لم ينص عليه المشرع الجزائري صراحة‬
‫بموجب النصوص التشريعية المنظمة للمسؤولية العشرية‪ ،‬إال أّن القضاء الجزائري‪ ،‬كالقضاء‬
‫والمص ري‪ ،488‬اس تقر نهائي ا على ض رورة ت وافر ه ذا الش رط لتط بيق أحك ام‬ ‫‪487‬‬
‫الفرنس ي‬
‫المسؤولية الخاصة وهو ما يتماشى والقواعد العامة‪.489‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪485‬‬

‫والحراسة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.115‬‬

‫الحسيني عبد اللطيف‪ ،‬المسؤولية المدنية عن األخطاء المهنية (الطبيب‪ ،‬المهندس المعماري‪ ،‬المقاول‪ ،‬المحامي)‪،‬‬ ‫‪486‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.219‬‬

‫راجع في هذا المعنى‪ :‬نقض فرنسي‪ ،‬دوائر مجتمعة‪ ،‬الصادر في ‪ ،02/08/1902‬نقض مدني فرنسي صادر في‬ ‫‪487‬‬

‫‪.27/02/1929‬‬

‫‪ -‬وفي هذا يقول مازو‪ ،‬أن شرط خفاء العيب‪ ،‬الذي يعد من شروط انطباق المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري‬
‫ومقاول البناء‪ ،‬هو الشرط الوحيد‪ ،‬الذي لم يطرأ عليه أّي تغيير‪ ،‬في ظل المراحل التشريعية المختلفة التي مر بها‬
‫التقنين المدني الفرنسي حتى يومنا هذا‪.‬‬

‫ومن قبيل ذلك ما قضت به محكمة النقض المصرية في القرار الصادر عنها بتاريخ ‪ 15/01/1939‬والذي جاء‬ ‫‪488‬‬

‫فيه أنه‪ ":‬يجب لقبول دعوى الضمان الخاص طبقا للمادة ‪ 651‬مدني مصري‪ ،‬أن يكون العيب المدعى به في البناء‬
‫خفيا‪ ،‬بحيث لم يستطع رب العمل صاحب البناء اكتشافه وقت التسليم‪ ،‬أما إذا كان العيب ظاهرا ومعروفا‪ ،‬فال يسأل‬
‫عنه المقاول‪ ،‬ما دام رب العمل قد تسلم البناء من غير أن يحتفظ بحق له"‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 379/2‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬غير أن البائع ال يكون ضامنا للعيوب التي كان المشتري على علم‬ ‫‪489‬‬

‫بها وقت البيع‪ ،‬أو كان في استطاعته أن يطلع عليها لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل الع ادي‪ ،‬إال إذا أثبت المشتري‬
‫أن البائع أكد له خلو المبيع من تلك العيوب أو أنه أخفاها غشا عنه"‪.‬‬
‫‪210‬‬
‫أم ا إذا ك ان العيب معلوم ا ل رب العم ل وقت المعاين ة والقب ول‪ ،‬أو ك ان ظ اهرا‪ ،‬بحيث‬
‫ك ان بإمكان ه اكتش افه ل و ب ذل في فحص المب نى عناي ة الرج ل المعت اد‪ ،‬ف إّن تس لم ص احب‬
‫‪490‬‬
‫المشروع للعمل دون اع تراض أو تحف ظ يعتبر قبوال له‪ ،‬ومن تم نزوال منه عن الضمان‬
‫بش رط أن يك ون التس لم نهائي ا‪ ،‬أم ا إذا ك ان التس لم مؤقت ا‪ ،‬ف ان ذل ك ال يمن ع رب العم ل من‬
‫الرج وع بالض مان‪ ،‬ب ل إّن تس لم العم ل دون اع تراض‪ ،‬يف رض أن العم ل خ ال من العي وب‬
‫الظاهرة ما لم يكن هناك غش‪.‬‬

‫وتعتبر من قبيل العيوب الظاهرة عند التسلم‪ ،‬والتي تعفي المهندس المعماري ومقاول‬
‫البن اء من المس ؤولية العش رية‪ ،‬ع دم مطابق ة س مك الج دران لم ا ه و متف ق علي ه في العق د‪،‬‬
‫وانخفاض سياج السلم بشكل كبير‪ ،‬الّلهم إال إذا لم يكن وقت التسلم واضحا مدى إمكانية تأثير‬
‫ه ذه العي وب على متان ة األج زاء الرئيس ية للبن اء‪ ،‬ففي ه ذه الحال ة يمكن أن تق وم المس ؤولية‬
‫العشرية للمهندس المعماري ومقاول البناء عن تلك العيوب‪.491‬‬

‫‪ -02‬خطورة العيب‬

‫يجب أن يك ون العيب ال ذي يه ّد د س المة البن اء ومتانت ه خط يرا‪ ،‬ح تى تق وم المس ؤولية‬


‫الخاصة في جانب المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬وعليه فإّن العيوب التي ال تهدد متانة‬
‫البن اء وس المته‪ ،‬ك العيب مثال في ال دهان‪ ،‬أو في الزج اج‪ ،‬أو في غ ير ذل ك من أج زاء البن اء‪،‬‬
‫فإنه ا ال ت وجب الض مان‪ ،‬وإ نم ا تس ري عليه ا القواع د العام ة في المس ؤولية‪ ،‬بحيث تنتفي‬
‫مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البناء بتس لم ص احب المش روع العم ل‪ ،‬إال إذا ك ان ه ذا‬
‫العيب خفيا‪.‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫راجع ص‬ ‫‪490‬‬

‫محمد ن اجي ي اقوت‪ ،‬مسؤولية المعم اريين بعد إتم ام األعم ال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬دراسة مقارن ة في‬ ‫‪491‬‬

‫القانونين المصري والفرنسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.107‬‬


‫‪211‬‬
‫ويعت بر العيب خط يرا‪ ،‬في مفه وم الق انون الجزائ ري‪ ،‬م تى ه ّد د متان ة البن اء‬
‫وسالمته‪ ،492‬أو متى مّس بصالبة العناصر الخاصة بتجهيز البناء عندما تكون هذه العناصر‬
‫‪493‬‬
‫غير قابلة لالنفصال عنه‪.‬‬

‫أ‪ .‬تهديد متانة وسالمة البناءات والمنشآت الثابتة‬

‫ت ترتب مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء الخاص ة‪ ،‬عن ك ل م ا يظه ر في‬
‫البناءات أو المنشآت الثابتة‪ ،‬من عيوب تهدد متانتها وسالمتها‪ ،‬وليس شرطا لذلك‪ ،‬أن يكون‬
‫خط ر الته دم أو الس قوط محقق ا أو وش يك الوق وع‪ ،‬ب ل يكفي أن يثبت لقاض ي الموض وع‪ ،‬أّن‬
‫الخل ل أو العيب المكتش ف في البن اء ق د بل غ ح ّد ا من الجس امة تجعل ه يع رض متان ة البن اء‬
‫وسالمته للخطر‪ ،‬وتكون العبرة هنا بمتانة البناء في مجموعه أو بسالمة أحد أجزائه الكبيرة‬
‫أو األساسية كاألسقف واألعمدة المعدة لحملها‪ ،‬والجدران الرئيسية التي يستند عليها البناء‪.‬‬

‫أما العيوب التي تهدد متانة األجزاء الثانوية للمبنى‪ ،‬أو سالمة األعمال الصغيرة فيه‪،‬‬
‫كعي وب ال دهان أو البالط أو الزج اج‪ ،‬فهي ال ته دد متان ة البن اء وس المته‪ ،‬ومن تم ال تغطيه ا‬
‫قواع د المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬وإ نم ا تس ري بش أنها القواع د‬
‫العامة‪ ،‬إال إذا كانت هذه العيوب خطيرة‪ ،‬كمشكلة الدهان السرطاني‪ ،‬أو مشكلة استعمال مواد‬
‫بناء تحتوي على مادة األميانت‪ ،494‬ومن تم تسري عليها أحكام المسؤولية الخاصة للمهندس‬
‫المعماري ومقاول البناء‪.‬‬

‫ب‪ .‬المساس بمتانة وسالمة العناصر التجهيزية غير القابلة لالنفصال‬

‫يراجع نص المادة ‪ 554‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪492‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 181/1‬من األمر ‪ 95/07‬المتعلق بالتأمينات المعدل والمتمم‪.‬‬ ‫‪493‬‬

‫حظ ر المش رع الجزائ ري اس تعمال م واد تحت وي على م ادة األمي انت ص راحة في المرس وم التنفي ذي رقم ‪99/95‬‬ ‫‪494‬‬

‫الم ؤرخ في ‪ 19/04/1999‬وال ذي يتعل ق بالوقاي ة من األخط ار المتص لة بم ادة األمي انت‪ ،‬منش ور في ج ر ج ج‪ ،‬ع‬
‫‪ 29‬لسنة ‪.1999‬‬
‫‪212‬‬
‫تنص الم ادة ‪ 181‬من األم ر رقم ‪ 95/07‬المتعل ق بالتأمين ات المع دل والمتمم على م ا‬
‫يلي‪" :‬يغطي الض مان المش ار إلي ه في الم ادة ‪ 178‬أعاله أيض ا‪ ،495‬األض رار المخل ة بص البة‬
‫العناص ر الخاص ة بتجه يز بناي ة م ا‪ ،‬عن دما تك ون ه ذه العناص ر ج زء ال يتج زأ من منج زات‬
‫التهيئة ووضع األساس والهيكل واإلحاطة والتغطية‪.‬‬

‫يعتبر جزء ال يتجزأ من اإلنجاز كل عنصر خاص بالتجهيز ال يمكن القيام بنزعه أو تفكيكه‬
‫أو استبداله دون إتالف أو حذف مادة من مواد هذا اإلنجاز"‪.‬‬

‫يستفاد من نّص هذه المادة‪ ،‬أّن المساس بمتانة أح د العناصر الخاصة بتجه يز البناء‪،‬‬
‫يعتبر في حكم األضرار الخطيرة التي تخضع للمسؤولية العشرية‪ ،‬مثلها مثل األضرار التي‬
‫تصيب متانة البناءات في مجملها‪ ،‬أو حتى متانة أحد أجزائها األساسية‪.‬‬

‫والمقص ود بالعناص ر التجهيزي ة‪ ،‬تل ك العناص ر المجه زة للبن اء وأساس اته‪ ،‬بحيث ال‬
‫يمكن فص لها عن البن اء دون تل ف‪ ،‬كالس اللم الحديدي ة المثبت ة في البن اء‪ ،‬والبن اءات الج اهزة‪،‬‬
‫كالج دران‪ ،‬واألس قف المثبت ة على البن اء‪ ،‬بحيث ال يمكن عن د تثبيته ا فص لها عن البن اء دون‬
‫تلف‪.‬‬

‫هذا وإ ّن اعتبار العيوب التي تمس العناصر التجهيزية‪ ،‬والتي تح ّد فقط من صالحية‬
‫البن اء الس تخدامه في الغ رض ال ذي أنش ئ من أجل ه‪ ،‬من قبي ل العي وب الخفي ة ال تي ت دخل في‬
‫نطاق تطبيق مسؤولية القواعد الخاصة‪ ،‬من شأنها أن تحث كل من له صلة بأعمال البناء ‪-‬‬
‫بمن فيهم األش خاص ال ذين يرّك ب ون تل ك العناص ر التجهيزي ة داخ ل المب نى‪ -‬إلى ب ذل العناي ة‬
‫والجهد الكافيين في أعمالهم‪ ،‬وبالنتيجة رفع مستوى جودة األعمال‪ ،‬وضمان هذه الجودة‪.‬‬

‫والمالحظ بهذا الشأن‪ ،‬أنه يصعب في الواقع الحالي‪ ،‬حصر العيوب التي يتوافر فيها‬
‫ه ذا الوص ف‪ ،‬أي المس اس بمتان ة وس المة البن اء‪ ،‬وذل ك نظ را لتعق د وت داخل العملي ات‬

‫تنص الم ادة ‪ 178‬من األم ر ‪ 95/07‬المتعل ق بالتأمين ات على م ا يلي‪ " :‬يجب على المهندس ين المعم اريين‬ ‫‪495‬‬

‫والمق اولين وك ذا المراق بين التقن يين اكتت اب عق د لت أمين مس ؤوليتهم العش رية المنص وص عليه ا في الم ادة ‪ 544‬من‬
‫القانون المدني‪ ،‬على أن يبدأ سريان هذا العقد من االستالم النهائي للمشروع‪.‬‬

‫ويستفيد من هذا الضمان صاحب المشروع و‪ /‬أو مالكيه المتتالين إلى غاية انقضاء أجل الضمان"‪.‬‬
‫‪213‬‬
‫المعماري ة‪ ،‬ل ذا ي ترك األم ر لقاض ي الموض وع ليق ّد ر طبيع ة العيب‪ ،‬مس تعينا في ذل ك بأه ل‬
‫الخبرة‪.496‬‬

‫هذا وال يقتصر األمر على العيوب التي ته ّد د متانة أو سالمة البناء بالمعنى الض ّيق‪،‬‬
‫كتلك العيوب التي تمس األساسات‪ ،‬بل يجب أن يمت ّد الضمان للعيوب التي ته ّد د حفظ البناء‪،‬‬
‫فهذه العيوب وإ ن لم تهّد د متانة البناء وسالمته مباشرة‪ ،‬إال أنها تؤثر فيه بطريق غ ير مباش ر‪،‬‬
‫ولو في جزء منه فقط‪ ،‬أما ما عدا ذلك من العيوب‪ ،‬فال تدخل في دائرة الضمان‪.‬‬

‫‪ -03‬أن تحصل العيوب خالل مدة الضمان‬

‫ال يكفي لقيام المسؤولية العشرية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬أن يلحق بالبناية‬
‫ضرر خطير‪ ،‬يهدد متانتها وسالمتها‪ ،‬بل يجب أن يقوم سبب الضمان‪ ،‬خالل المدة المقررة‬
‫قانونا‪ ،‬والمحددة بعشر سنوات‪.‬‬

‫ولعّل السبب الذي دفع المشرع إلى األخذ بهذا الحكم‪ ،‬هو حماية المصلحة العامة من‬
‫األضرار الخطيرة‪ ،‬التي قد تنشأ عن عقود مقاوالت المباني‪ ،‬وما قد تس ّببه‪ ،‬في حال تهدمها‪،‬‬
‫من نتائج سلبية وأضرار تمس بسالمة المواطنين واالقتصاد الوطني‪ ،‬وأّن هذه األضرار غالبا‬
‫ما تظهر بعد التسليم بمدة معتبرة‪ ،‬وأنه ح ّد د مدة الضمان بعشر سنوات‪ ،‬اعتبارا منه أّن هذه‬
‫المدة كافية الختبار متانة وصالبة البناء‪ ،‬والقول ما إذا كان البناء صالحا ألداء الغرض الذي‬
‫أنش ئ من أجل ه‪ ،‬فنقص ان الم دة في تق ديره عن عش ر س نوات‪ ،‬غ ير ك اف لظه ور العيب‪ ،‬أو‬
‫حدوث التهدم‪ ،‬والزيادة فيها عبء ثقيل على المعماريين‪.‬‬

‫وسنتناول هذا الشرط من خالل بيان النقاط التالية‪:‬‬

‫أ‪ .‬بدء سريان مدة الضمان‬

‫تنص المادة ‪ 554‬الفقرة الثانية من القانون المدني على ما يلي‪ " :‬وتبدأ مدة السنوات‬
‫العشر من وقت تسلم العمل نهائيا"‪ ،‬وتنص المادة ‪ 558‬من نفس القانون على ما يلي‪ " :‬عندما‬
‫يتم المق اول العم ل ويض عه تحت تص رف رب العم ل‪ ،‬وجب على ه ذا األخ ير أن يب ادر إلى‬

‫تحديد مدى خطورة العيب الذي يهدد متانة وسالمة البناء من عدمه‪ ،‬مسألة واقع‪ ،‬تترك للسلطة التقديرية لقاضي‬ ‫‪496‬‬

‫الموضوع‪ ،‬وفقا لظروف ووقائع كل حالة على حدى‪.‬‬


‫‪214‬‬
‫تسلمه في أقرب وقت ممكن بحسب ما هو جار في المعامالت‪ ،‬فإذا امتنع دون سبب مشروع‬
‫عن التسلم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي اعتبر أن العمل قد سلم إليه‪ ،‬ويتحمل كل ما‬
‫يترتب على ذلك من آثار"‪.‬‬

‫يستفاد من نص هاتين المادتين‪ ،‬أّن مدة الضمان الخاص تبدأ من وقت تسلم صاحب‬
‫المشروع العم ل نهائيا‪ ،‬غ ير أنه إذا امتنع هذا األخ ير عن تسلم العمل‪ ،‬دون سبب مشروع‪،‬‬
‫رغم دعوت ه إلى ذل ك بإن ذاره رس ميا من ط رف المعم اري‪ ،‬فتحتس ب م ّد ة الض مان من ت اريخ‬
‫توجيه اإلنذار بتسلم العمل‪.‬‬

‫وإ ذا تّم تس ليم األعم ال المعماري ة على دفع ات‪ ،‬فيعت ّد بالتس ليم الج زئي لك ل دفع ة من‬
‫األعمال على حدى‪ ،‬تاريخا لبدء سريان مدة الضمان العشري بالنسبة لهذه الدفعة‪ ،‬متى كانت‬
‫تجزئة التسلم ممكنة‪ ،‬ال تأباها طبيعة العمل المنجز‪ ،‬وال يرفضها شرط في عقد المقاولة‪،497‬‬
‫أم ا إذا ك انت المنش آت مم ا ال يمكن تجزئته ا‪ ،‬الرتب اط بعض ها ببعض من ناحي ة الص البة‬
‫والمتان ة‪ ،‬فيب دأ س ريان م دة الض مان من وقت تس لم الدفع ة األخ يرة‪ ،‬ويق ع عبء إثب ات التس لم‬
‫وس ببه على ص احب المش روع‪ ،‬طالم ا أن ه ه و من ادعى الض مان‪ ،‬م ع العلم أن ه يج وز إثب ات‬
‫التس لم وتاريخ ه‪ ،‬كم ا س يأتي بيان ه‪ ،‬بم وجب محض ر التس ليم والتس لم إن وج د‪ ،‬أو بتس وية‬
‫الحساب بين صاحب المشروع والمقاول إن وجد أيضا مستند يثبت ذلك‪ ،‬أو بأية طريقة من‬
‫طرق اإلثبات المقررة إلثبات الوقائع المادية‪.498‬‬

‫ه ذا وفي حال ة م ا إذا ق ام المق اول بع د تس لم ص احب المش روع العم ل نهائي ا بإص الح‬
‫العيوب التي تظهر خالل مدة الضمان‪ ،‬فان مدة عشر سنوات تسري في هذه الحالة بالنسبة‬
‫ألعمال اإلصالح الجديدة‪ ،‬وتبدأ استقالال من وقت قبول رب العمل لهذه األعمال‪ ،‬وليس من‬
‫تاريخ قبول وتسلم هذا األخير ألعمال البناء األصلية‪.‬‬

‫ب‪ .‬الطبيعة القانونية للمدة‬

‫بلمختار سعاد‪ ،‬المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.159‬‬ ‫‪497‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪498‬‬

‫والحراسة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.122،123‬‬


‫‪215‬‬
‫يجمع الفقه والقضاء‪ ،‬على اعتبار مدة الضمان العشري‪ ،‬والمقدرة بعشر سنوات‪ ،‬مدة‬
‫سقوط وليست مدة تقادم‪ ،499‬فهي مدة تختبر فيها متانة البناء وسالمته‪ ،‬وحسن إنجاز األعمال‪،‬‬
‫أو‬ ‫‪501‬‬
‫وص الحيته ألداء غرض ه ال ذي ش يد من أجل ه‪ ،500‬ل ذلك ال تس ري عليه ا أحك ام الوق ف‬
‫ولو وجد مانع يتعذر معه على رب العمل أن يطالب بحقه في الضمان‪ ،503‬ومنه‬ ‫‪502‬‬
‫االنقطاع‬
‫ف ان ح ق المس تفيد من الض مان ال يس قط إال بم رور ه ذه الم دة‪ ،‬على أن ه يج وز االتف اق على‬
‫إطالة مدة الضمان الخاص‪ ،‬ذلك أن الممنوع قانونا كما سنرى في هذه الدراسة هو الحد من‬
‫الضمان ال التشديد فيه‪.504‬‬

‫هذا وتحسب مدة الضمان العشري طبقا للقواعد العامة بالتقويم الميالدي ما لم ينص‬
‫الق انون على خالف ذل ك‪ ،505‬فتحس ب كامل ة باألي ام ال بالس اعات‪ ،506‬ول ذلك ال يحس ب الي وم‬
‫األول للتسلم‪ ،‬وال اليوم األخير النقضاء مدة الضمان العشري المقدرة بعشر سنوات‪.‬‬

‫ولم ا ك ان ك ل من المهن دس المعم اري ومق اول البن اء هم ا المس تفيدان من انقض اء‬
‫الضمان العشري‪ ،‬حيث يترتب على هذا االنقضاء عدم إمكانية صاحب المشروع مالحقتهما‬
‫بدعوى المسؤولية الخاصة‪ ،‬لذلك كان عليهما عبء إثبات انقضاء مدة الضمان الخاص‪ ،‬وال‬
‫يجوز لقاضي الموضوع إثارة انقضاء مدة الضمان من تلقاء نفسه‪ ،‬بل ال ب ّد من أن يتمسك‬
‫بها من له مصلحة في ذلك‪ ،‬أي من طرف المهندس المعماري ومقاول البناء‪.‬‬

‫محمد حسين منصور‪ ،‬المسؤولية المعمارية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬ ‫‪499‬‬

‫ق ادري نادي ة‪( ،‬المس ؤولية العش رية للمق اول والمهن دس المعم اري في الق انون الم دني الجزائ ري)‪ ،‬مجل ة الحق وق‬ ‫‪500‬‬

‫والحريات‪ ،‬عدد تجريبي‪ ،‬بسكرة‪ ،‬سبتمبر ‪ ،2013‬ص ‪.508‬‬


‫‪501‬‬

‫‪502‬‬

‫كأن يكون رب العمل ناقص األهلية‪ ،‬أو غائبا‪ ،‬أو محكوما عليه بعقوبة جنائية‪ ،‬وليس له نائب يمثله قانونا‪.‬‬ ‫‪503‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ص‬ ‫‪504‬‬

‫انظر المادة ‪ 3‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪505‬‬

‫انظر المادة ‪ 405‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‪.‬‬ ‫‪506‬‬

‫‪216‬‬
‫ويجب على المستفيد من الضمان‪ ،‬رفع دعواه على أساس المسؤولية العشرية‪ ،‬خالل‬
‫ثالث سنوات من وقت حصول التهدم‪ ،‬أو اكتشاف العيب‪ ،‬ال من وقت وجوده‪ ،507‬فتعتبر هذه‬
‫الم دة‪ ،‬م دة تق ادم دع وى الض مان العش ري‪ ،508‬ف إذا ظه ر عيب في المب اني‪ ،‬أو في المنش آت‬
‫الثابتة األخرى في آخر يوم من الضمان العشري مثال‪ ،‬فيكون لصاحب المشروع مدة ثالث‬
‫س نوات من ه ذا ال وقت لرف ع دع وى الض مان‪ ،‬إذ يص بح أقص ى ح د لرف ع ه ذه ال دعوى ثالث‬
‫عشرة سنة من وقت التسلم النهائي‪.509‬‬

‫تقادم دعوى الضمان‬ ‫‪‬‬

‫تنص المادة ‪ 557‬من القانون المدني على ما يلي‪ " :‬تتقادم دعوى الضمان المذكورة‬
‫أعاله‪ ،‬بانقضاء ثالث سنوات من وقت حصول التهدم أو اكتشاف العيب"‪.‬‬

‫م ؤدى ه ذه الم ادة‪ ،‬أّن رب العم ل يس تطيع رف ع دع وى الض مان خالل ثالث س نوات‪،‬‬
‫يبدأ سريانها من وقت حصول التهدم‪ ،‬كليا كان أو جزئيا‪ ،‬أو من وقت اكتشاف العيب‪ ،‬ولو لم‬
‫يعلم رب العمل به‪.‬‬

‫وتبعا لذلك‪ ،‬إذا حصل التهدم أو انكشف العيب‪ ،‬بعد ست سنوات مثال من وقت تسلم‬
‫رب العم ل البن اء‪ ،‬ك ان أمام ه ثالث س نوات أخ رى لرف ع دع وى الض مان‪ ،‬أي أن دع وى‬
‫الضمان تسقط بمضي تسع سنوات من وقت تسلم البناء‪.‬‬

‫وإ ذا حصل التهدم أو انكشف العيب مثال‪ ،‬في آخر السنة العاشرة من وقت تسلم البناء‪،‬‬
‫ك ان أم ام رب العم ل ثالث س نوات أخ رى لرف ع دع وى الض مان‪ ،‬وبالت الي تس قط دع وى‬
‫الض مان‪ ،‬في حال ة م ا إذا انقض ت م دة ثالث عش رة س نة من وقت تس لم البن اء‪ ،‬دون أن يرف ع‬
‫رب العمل دعوى الضمان‪ ،‬وهي أقصى مدة يمكن أن تنقضي‪ ،‬من وقت التسلم إلى وقت رفع‬

‫تنص المادة ‪ 557‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬تتقادم دعوى الضمان المذكورة أعاله بانقضاء ثالث سنوات من وقت‬ ‫‪507‬‬

‫حصول التهدم أو اكتشاف العيب"‪.‬‬

‫يالح ظ أن عبء إثب ات الته دم أو العيب يق ع على المس تفيد من الض مان العش ري‪ ،‬وذل ك بجمي ع ط رق اإلثب ات‬ ‫‪508‬‬

‫(مسألة مادية)‪ ،‬ويقع عبء إثبات سقوط دعوى الضمان على المدعى عليه‪ ،‬المسؤول بالضمان‪ ،‬طبقا للقواعد العامة‪.‬‬

‫إب راهيم يوس ف‪( ،‬المس ؤولية العش رية للمهن دس المعم اري والمق اول‪ ،‬طبق ا للم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني‬ ‫‪509‬‬

‫الجزائري)‪ ،‬المقال السابق‪ ،‬ص‪.674‬‬


‫‪217‬‬
‫دعوى الضمان‪ ،‬فمتى انقضت مدة التقادم‪ ،‬ولم ترفع دعوى الضمان‪ ،‬فإّن هذه الدعوى تس قط‪،‬‬
‫وال يجوز سماعها‪.‬‬

‫ولّم ا ك انت هذه الم دة هي م دة تق ادم‪ ،‬فانه تس ري عليها‪ ،‬وفق ا للقواع د العام ة‪ ،‬أس باب‬
‫االنقط اع‪ ،‬فتنقط ع برف ع ال دعوى الموض وعية الرامي ة إلى التع ويض‪ ،510‬كم ا تنقط ع ب إقرار‬
‫المهندس المعماري أو المقاول بحق رب العمل في الضمان‪ ،‬إقرار ا صريحا أو ضمنيا‪.511‬‬

‫جـ‪ .‬رجــوع صــاحب المشــروع على المهنــدس المعمــاري ومقــاول البنــاء بعــد انتهــاء‬
‫المدة‬

‫تنقض ي مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء الخاص ة‪ ،‬بانقض اء م دة الض مان‬
‫العش ري‪ ،‬دون ح دوث الته دم الكلي أو الج زئي في البن اءات أو في المنش آت الثابت ة األخ رى‪،‬‬
‫ودون ظه ور عيب معت بر فيه ا‪ ،‬وبالت الي ال يمكن ل رب العم ل الرج وع على المهن دس‬
‫المعماري ومقاول البناء‪ ،‬بسبب ظهور التهدم أو العيب بعد انتهاء مدة الضمان‪ ،‬أي مدة عشر‬
‫س نوات‪ ،‬ح تى ول و ثبت خطؤهم ا غ ير العم دي أو العم دي عن د البعض‪ ،‬فبانقض اء ه ذه الم دة‬
‫يمتنع على رب العمل التمسك بحقه في الرجوع بالضمان الخاص ال عن طريق رفع دعوى‬
‫قضائية‪ ،‬وال عن طريق الدفع‪.512‬‬

‫لكن الس ؤال ال ذي يث ور به ذا الص دد ه و‪ :‬ه ل يجب أن يظه ر العيب فعال‪ ،‬خالل م دة‬
‫الض مان‪ ،‬من ت اريخ تس لم ص احب المش روع العم ل‪ ،‬أم يكفي إثب ات وج وده خالل ه ذه الم دة‪،‬‬
‫حتى ولو لم ينكشف إال بعد انقضائها لالستفادة من أحكام هذه المسؤولية الخاصة؟‬

‫علما بأن رفع الدعوى االستعجالية ال يقطع مدة التقادم‪.‬‬ ‫‪510‬‬

‫‪ -‬يراجع نص المادة ‪ 317‬من ق‪.‬م‪.‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 318‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪511‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ص‬ ‫‪512‬‬

‫‪218‬‬
‫إلى أن ه ال يج وز لص احب المش روع أن يرج ع على المهن دس‬ ‫‪513‬‬
‫ذهب رأي من الفق ه‬
‫المعماري ومقاول البناء بأحكام الضمان الخاص‪ ،‬طالما انقضت مدته‪ ،‬ألن العبرة في تحقق‬
‫الض مان العش ري تك ون بم ا ح دث من ته دم كلي أو ج زئي‪ ،‬أو بم ا ت رتب على العي وب من‬
‫تهديد لمتانة البناء وسالمته خالل مدة الضمان‪.‬‬

‫وذهب رأي آخ ر إلى أن ه إذا وج د العيب خالل م دة عش ر س نوات‪ ،‬تحق ق الض مان‪،‬‬
‫‪514‬‬
‫حتى لو لم ينكشف إال بعد هذه المدة‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫خصائص المسؤولية العشرية للمهندس المعماري ومقاول البناء‬


‫تع ّد مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء مس ؤولية اس تثنائية‪ ،‬تتم يز بمقوم ات‬
‫ذاتي ة‪ ،‬وخصوص ية تجعله ا ليس ت تطبيق ا محض ا للقواع د العام ة‪ ،‬ولق د وض ع له ا المش رع‬
‫الجزائري أحكاما خاصة لها‪ ،‬شدد فيها من مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬لما قد‬
‫يترتب عن تهدم المباني أو المنشآت الثابتة من أضرار جسيمة تصيب األرواح واألم وال‪ ،‬وال‬
‫تقتص ر على أط راف العق د فحس ب‪ ،‬وإ نم ا تمت د إلى الغ ير‪ ،‬وذل ك لحث المهن دس المعم اري‬
‫ومقاول البناء على بذل كل العناية الالزمة والجهد‪ ،‬واتخاذ كل االحتياطات الالزمة النجاز‬
‫مباني أو منشآت سليمة ومتينة‪ ،‬ال يخشى منها على صاحب المشروع‪ ،‬وال على الغير‪.‬‬

‫وتتميز المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء بخصائص مهمة‪ ،‬تتمثل‬
‫في أنها مسؤولية مفترضة بقوة القانون‪ ،‬وتضامنية‪ ،‬ومتعلقة بالنظام العام‪ .‬وهذا ما سأتناوله‬
‫بشيء من التفصيل في مبحثين‪.‬‬

‫المبحث األول‪:‬‬

‫محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪513‬‬

‫‪ ،163‬عبد الرازق حسين يس‪ ،‬المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.385‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪514‬‬

‫والحراسة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬


‫‪219‬‬
‫المسؤولية العشرية مسؤولية مفترضة بقوة القانون‬

‫حّتى يرج ع صاحب المشروع على المهندس المعم اري أو مق اول البناء‪ ،‬ويستفيد من‬
‫أحك ام المس ؤولية العش رية الخاص ة‪ ،‬يجب علي ه أن يثبت وج ود عق د مقاول ة م برم بين ه وبين‬
‫هذين األخيرين‪ ،‬وأن يثبت بأّن موضوع هذا العقد ينصب على مباني أو منشآت ثابتة‪ ،‬وأن‬
‫يثبت وقوع أضرار تهدد متانتها وسالمتها خالل مدة عشر سنوات من تاريخ التسلم النهائي‬
‫لألعمال‪.515‬‬

‫لكن هل تعتبر هذه الشروط كافية لرجوع رب العمل على المهندس المعماري ومق اول‬
‫البناء بأحكام المسؤولية الخاصة؟ أم أنه يجب فضال عن ذلك أن يثبت خطأهما؟ أم أن هناك‬
‫قرينة تعفيه من عبء هذا اإلثبات؟ وهل هي قرينة على الخطأ أم قرينة على المسؤولية؟‬

‫قب ل اإلجاب ة على ه ذه التس اؤالت وغيره ا‪ ،‬نش ير ب داءة إلى أن ه إذا ك ان أس اس‬
‫المس ؤولية العش رية قائم ا على قرين ة المس ؤولية‪ ،‬فان ه ال يك ون للمهن دس المعم اري ومق اول‬
‫البناء دفعها إال بإثبات السبب األجنبي‪ ،‬أما إذا كان قائما على قرينة الخطأ‪ ،‬فيمكنهما دفعها‬
‫بإثبات أنهما لم يقوما بأّي خطأ عند تنفيذهما اللتزاماتهما التعاقدية‪ ،‬وهو ما يعتبر أمرا أيسر‬
‫من إثبات السبب األجنبي‪ ،‬أما إذا كان قائما على الخطأ الواجب اإلثبات‪ ،‬فيصعب األمر على‬
‫صاحب المشروع‪ ،‬الذي يتعين عليه في هذه الحالة‪ ،‬إثبات خطأ المهندس المعماري ومقاول‬
‫البناء عند تنفيذهما اللتزاماتهما‪ ،‬كي تقوم مسؤوليتهما‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أساس افتراض المسؤولية العشرية بقوة القانون‬

‫انظر المادة ‪ 554‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪515‬‬

‫‪220‬‬
‫لم ينص المشرع الجزائري صراحة على أساس المسؤولية العشرية‪ ،516‬لكنه استعمل‬
‫في الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني مص طلح " الض مان" للدالل ة على مس ؤولية المهن دس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬وه و نفس التعب ير ال ذي اس تعمله فيم ا يتعل ق بض مان التع رض‬
‫وض مان العي وب الخفي ة‪ ،‬في ك ل من عق دي ال بيع‪ 517‬واإليج ار‪ ،518‬ومن المق رر أّن كال من‬
‫البائع والمؤجر يضمنان التعرض الصادر من الغير‪ ،‬ويضمنان العيوب الخفية التي قد توجد‬
‫في الشيء المبيع أو المؤجر‪ ،‬دون حاجة إلى إثبات الخطأ في جانبهما‪ ،‬ولو لم يكون ا على علم‬
‫بوج ود الح ق ال ذي يس تند إلي ه الغ ير في تعرض ه‪ ،‬أو العيب ال ذي ي ؤثر في قيم ة أو منفع ة‬

‫على عكس المش رع الفرنس ي‪ ،‬ال ذي اعت بر ‪ -‬بص ريح نص الم ادة ‪ 1792‬ق‪.‬م‪.‬ف‪ -‬المهن دس المعم اري ومق اول‬ ‫‪516‬‬

‫البناء‪ ،‬مسؤولين بقوة القانون‪ ،‬عن تهدم المباني أو تعيبها‪ ،‬وهو بذلك أكد قرينة المسؤولية التي تقع على عاتقهما‪،‬‬
‫ووضع حدا للخالف الذي كان سائدا قبل صدور هذه المادة‪.‬‬

‫‪- J.P. KARILA, La responsabilité des constructeurs, op.cit, p 182.‬‬

‫ففي ظل تقنين نابوليون لسنة ‪ 1804‬كان المشرع الفرنسي يقر مبدأ القرينة في المقاوالت الجزافية فقط‪ ،‬ألن تقدير‬
‫األجر جزافا يكون مدعاة للمقاول أو المهندس المعماري إلى الحرص والتقتير‪ ،‬حتى يخرج بأكبر كسب ممكن‪ ،‬ولو‬
‫على حساب جودة العمل‪ ،‬مما يزيد في احتمال تعيب البناء‪ ،‬لذلك تدخل المشرع وجعل مس ؤوليتهما مفترضة في هذه‬
‫الحالة‪ ،‬وعلى العكس من ذلك‪ ،‬في المقاوالت األخرى غير الجزافية‪ ،‬يشترط إثبات خطأ المعماري كشرط جوهري‬
‫للرج وع علي ه بالمس ؤولية‪ ،‬أم ا في ظ ل الق انون ‪ 3‬لسنة ‪ ،1967‬فحذف الش رط المتعل ق بالتقدير الج زافي لألجر من‬
‫الصياغة الجديدة للمادة ‪ ،1792‬لكن جاء هذا النص غامضا‪ ،‬فلم يبين موقف المشرع من قرينة المسؤولية‪ ،‬إن كان=‬
‫= أقره ا‪ ،‬أم ألقى عبء إثباته ا على ع اتق رب العم ل‪ ،‬وأم ام هذا الغم وض‪ ،‬أب دى القضاء ت رددا واض حا في تطبيق‬
‫قرينة المسؤولية في كثير من الحاالت‪.‬‬

‫‪ -‬بلمختار سعاد‪ ،‬المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.166‬‬

‫‪ -‬لتفاص يل أك ثر ح ول موق ف المش رع الفرنس ي والتط ور ال ذي عرف ه مب دأ القرين ة‪ ،‬يراج ع‪ :‬محم د ن اجي ي اقوت‪،‬‬
‫مس ؤولية المعم اريين بع د إتم ام األعم ال وتس لمها مقبول ة من رب العم ل‪ ،‬دراس ة مقارن ة في الق انونين المص ري‬
‫والفرنسي‪ ،‬ص‪ 179‬وما يليها‪.‬‬

‫انظر المادتين ‪ 373‬و‪ 379‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪517‬‬

‫انظر المادتين ‪ 483‬و‪ 484‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪518‬‬

‫‪221‬‬
‫الشيء‪ ،519‬فمتى كان الشخص ضامنا‪ ،‬فإنه ال داعي للبحث عن خطئه إذا ما تضرر المستفيد‬
‫من الضمان‪ ،‬ومن تّم عليه أن يلتزم بالتعويض دون أن يثبت المتضرر خطأه‪.520‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مبدأ القرينة‬

‫يرجع السبب الذي دفع المشرع الجزائري‪ ،‬إلى عدم النص صراحة على تقرير مبدأ‬
‫قرين ة المس ؤولية العش رية‪ ،‬إلى أّن وج ود ه ذه القرين ة أم ر تقتض يه القواع د العام ة‪ ،‬ف التزام‬
‫مق اول البن اء بالقي ام بالعم ل المتف ق علي ه‪ ،‬وطبق ا لقواع د الفن وأص ول الص نعة‪ ،‬ه و ال تزام‬
‫بنتيج ة‪ ،‬يثبت اإلخالل ب ه بمج رد إثب ات ع دم تحق ق ه ذه النتيج ة‪ ،‬فك ذلك ال تزام المهن دس‬
‫المعماري ومقاول البناء بإقامة بناء‪ ،‬ال ينهدم‪ ،‬وال توجد به عيوب في خالل عشر سنوات هو‬
‫التزام بنتيجة‪.‬‬

‫ي ترتب على م ا س بق‪ ،‬أن ه بمج رد ثب وت حص ول ته دم كلي أو ج زئي بالمب اني أو‬
‫المنش آت الثابت ة‪ ،‬أو وج ود عي وب فيه ا‪ ،‬يعت بر المهن دس المعم اري ومق اول البن اء مخلين‬
‫بالتزاماتهما‪ ،‬وبالتالي يجوز لرب العمل الرجوع عليهما بالضمان‪ ،‬دون حاجة إلى إثبات خط أ‬
‫في جانب أّي منهما‪ ،‬وعليه ما دام المهندس المعماري أو مقاول البناء ملتزمين بتحقيق نتيجة‪،‬‬
‫فليس لص احب المش روع أن يثبت خطأهم ا‪ ،‬ب ل يكفي أن يثبت ع دم تحق ق النتيج ة‪ ،‬لتتحق ق‬
‫المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪.‬‬

‫وطالما ال يكفي أن يثبت المهندس المعماري ومقاول البناء أنهما بذال العناية الالزمة‬
‫في عملهم ا‪ ،‬وأن ه رغم ذل ك وق ع الض رر‪ ،‬ح تى تنتفي المس ؤولية عنهم ا‪ ،‬فان ه تق وم قرين ة‬
‫مسؤوليتهما العشرية‪ ،‬بحيث ال يجوز لهما نفيها إال بإثبات السبب األجنبي‪.‬‬

‫غير أنه إذا اقتصر التزام المهندس المعماري على وضع التصاميم‪ ،‬دون مهمة مراقبة‬
‫ومتابعة األشغال‪ ،‬واإلشراف على تنفيذها‪ ،‬ففي هذه الحالة‪ ،‬يكون التزامه ببذل عناية‪ ،‬وليس‬
‫بتحقي ق نتيج ة‪ ،‬ومن تم ال تق ع عليه قرينة مس ؤولية وإ نم ا قرين ة خط أ‪ ،‬ويج وز ل ه بالت الي أن‬
‫ينفي المسؤولية عن نفسه‪ ،‬بإثبات أنه لم يقم بأّي خطأ‪ ،‬وأنه تصرف تصرف الرجل المعتاد‬
‫عند تنفيذه اللتزامه‪.‬‬

‫فتيحة قره‪ ،‬أحكام عقد المقاولة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.158‬‬ ‫‪519‬‬

‫حمادي جازية مجيدة‪ ،‬عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.131‬‬ ‫‪520‬‬

‫‪222‬‬
‫خالص ة م ا تق دم‪ ،‬أّن ال تزام المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بض مان العيب في‬
‫المباني والمنشآت الثابتة هو التزام بتحقيق نتيجة‪ ،‬ال التزام ببذل عناية‪ ،‬فيكفي إذن أن يثبت‬
‫صاحب المشروع أن هناك عقد مقاولة‪ ،‬موضوعه مباني أو منشآت ثابتة‪ ،‬وأن هذه المنج زات‬
‫وج دت فيه ا عي وب على النح و ال ذي فص لناه فيم ا تق دم‪ ،‬في خالل عش ر س نوات التالي ة لتس لم‬
‫البناء‪ ،‬حتى يقوم التزام المهندس المعماري ومقاول البناء بالضمان‪ ،‬وعليه ال حاج ة ألن يثبت‬
‫رب العمل‪ ،‬أّن هناك خطأ في جانب أحدهما أو كليهما‪ ،‬ألن وجود العيب في البناء يع ّد خطأ‬
‫بذاته‪ ،‬مثلما هو الحال في أّي التزام بتحقيق نتيجة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مدى القرينة‬

‫وإ ذا كان أساس المسؤولية العشرية قائما على قرينة المسؤولية – مثلما رأينا‪ -‬أي أّن‬
‫ص احب المش روع ال يل زم بإثب ات الخط أ‪ ،‬في ج انب المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬فه ل‬
‫تمتد هذه القرينة لتشمل إعفاءه من عيب إثبات عالقة السببية‪ ،‬بين خطأ المهندس المعماري‬
‫ومقاول البناء‪ ،‬وبين الضرر الالحق بالبناء؟‬

‫ال إش كال في اإلجابة عن ه ذا الس ؤال‪ ،‬إذا كان المكل ف بانج از أعم ال البناء المختلفة‬
‫كامل ة مهندس ا معماري ا واح دا‪ ،‬أو مق اوال واح دا‪ ،‬ففي ه ذه الحال ة يك ون من المؤك د فعال قي ام‬
‫عالق ة س ببية بين خط أ المعم اري‪ ،‬مهندس ا ك ان أو مق اوال‪ ،‬وبين الض رر الالح ق بالمب اني‪،‬‬
‫ته دما ك ان أو عيب ا‪ ،‬فال يكل ف رب العم ل عندئ ذ بإثب ات ه ذه العالق ة‪ ،‬وإ نم ا يكل ف المعم اري‬
‫بنفي عالقة السببية عن طريق إثبات السبب األجنبي‪.‬‬

‫أما إذا كان المكلفون بانجاز أعمال البناء عدة مقاولين‪ ،521‬اختلفت في هذه الحالة آراء‬
‫الفقه اء بخص وص م ا إذا ك انت القرين ة تش مل اف تراض وج ود عالق ة الس ببية بين الض رر‬
‫المدعى به في البناء‪ ،‬وبين خطأ كل مقاول شارك في األعمال من عدمها‪.‬‬

‫فيكل ف ك ل مق اول منهم على ح دى بإنج از ن وع معين من األعم ال دون غ يره‪ ،‬ك أن يكل ف أح دهم بمهم ة أعم ال‬ ‫‪521‬‬

‫البياض‪ ،‬ويكلف آخر بمهمة أعمال النجارة‪ ،‬وآخر بمهمة أعمال صرف المياه‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫‪223‬‬
‫إلى اعتبار أن كال من هؤالء المقاولين المتعددين‪ ،‬يعتبر مقاوال‬ ‫‪522‬‬
‫فذهب بعض الفقه‬
‫في حدود األعمال التي يقوم بها فقط‪ ،‬بحيث يكون ملتزما بالضمان في هذه الحدود‪ ،‬ومن تم‬
‫تقتصر مسؤوليتهم على ما قاموا به من أعمال‪.‬‬

‫تع رض ه ذا ال رأي للنق د‪ ،‬على أس اس أن أنش طة المق اولين تت داخل وتتص ل بعض ها‬
‫ببعض‪ ،‬مم ا يتع ذر مع ه القط ع بنس بة الخل ل إلى فع ل مق اول معين‪ ،‬فالخل ل في متان ة األعم دة‬
‫الحامل ة للبن اء‪ ،‬يمكن نس بته إلى عيب في األرض يس أل عن ه المق اول المكل ف بفحص ها‪ ،‬كم ا‬
‫يمكن نسبته أيضا إلى عيوب أخرى عديدة كالعيب في مواد البناء‪ ،‬أو العيب في األساسات‪،‬‬
‫وغيرها من العيوب األخرى‪ ،‬وعليه يبقى السؤال مطروحا‪.‬‬

‫إلى القول بإلزام رب العم ل بإثبات عالقة السببية‪،‬‬ ‫‪523‬‬


‫وذهب البعض اآلخر من الفقه‬
‫بين الخلل أو التهدم المدعى به‪ ،‬وبين خطأ مقاول معين كشرط ضروري للتمسك قبله بقرينة‬
‫الخطـأ‪ ،‬ذلك أّن عالقة السببية ركن جوهري في المسؤولية‪ ،‬يتعّين على مدعي التعويض إقامة‬
‫الدليل على توافرها‪.‬‬

‫تعرض هذا الرأي بدوره للنقد‪ ،‬على أساس أن إلزام صاحب المشروع‪ ،‬بإثبات عالقة‬
‫السببية في حالة تعدد المقاولين أمر صعب‪ ،‬ومن شأنه أن يضع رب العمل في مركز يعادل‬
‫في ص عوبته مرك ز المكل ف بإثب ات الخط أ‪ ،‬وه و أم ر ال يمكن قبول ه‪ ،‬ألن ه ي ؤدي إلى عكس‬
‫المقصود من تقرير القرينة أصال‪.‬‬

‫إلى القول بوجوب إعفاء رب العمل من عبء إثبات عالق ة الس ببية‪،‬‬ ‫وذهب البعض‬
‫‪524‬‬

‫بين الض رر الالح ق والخط أ الواق ع من مق اول معين‪ ،‬على اعتب ار أّن ه ذه العالق ة تك ون‬
‫مفترض ة في كل المق اولين‪ ،‬دون تمي يز‪ ،‬عن مجم وع العم ل‪ ،‬بغض النظ ر عن عالقة نشاطه‬
‫بالضرر‪.‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود الواردة على العمل‪ ،‬المقاولة والوكالة والوديعة‬ ‫‪522‬‬

‫والحراسة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.110‬‬

‫من أمث ال ك اريال وس وان وكاس تون‪ ،‬أش ار إليهم‪ :‬محم د ن اجي ي اقوت‪ ،‬مس ؤولية المعم اريين بع د إتم ام األعم ال‬ ‫‪523‬‬

‫وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.197‬‬

‫من أمثال ماالن فو وجستاز‪ ،‬أشار إليهما نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪.199‬‬ ‫‪524‬‬

‫‪224‬‬
‫عيب على هذا الرأي أيضا‪ ،‬أنه اتجه إلى ح ّد التطرف في حماية مصالح رب العمل‬
‫المضرور في الحصول على التعويض‪ ،‬على حساب التضحية بالحقوق المشروعة للمقاولين‬
‫المدعى عليهم‪.‬‬

‫أمام هذه اآلراء المختلفة للفقهاء‪ ،‬ذهب جانب آخر من الفقه‪ 525‬إلى اقتراح ح ّل جديد‪،‬‬
‫يحقق التوازن المطلوب بين المصالح المتعارضة لجميع األطراف المعنية في مقاوالت البن اء‪،‬‬
‫مفاده تحليل القرينة إلى عنصرين مختلفين‪ ،‬أحدهما يفترض أن كل عيب راجع إلى نش اط ك ل‬
‫مقاول شارك في العمل‪ ،526‬وثانيهما يفرض مسؤولية مقاول البناء افتراضا قاطعا‪ ،‬ال ينتفي‬
‫إال بإثبات السبب األجنبي‪.‬‬

‫إذا تمّعن ا في ه ذا االتج اه فإنن ا نج ده ق د ج انب الص واب‪ ،‬فه و يوّف ق بين االتج اهين‬
‫السابقين‪ ،‬إذ جعل القرينة‪ ،‬تشمل نسبة الضرر‪ ،‬إلى فعل كل مقاول شارك في عملية التشييد‬
‫والبناء‪ ،‬محققا بذلك مصلحة رب العمل‪ ،‬ولم يهدر في المقابل حقوق المقاولين حين أجاز لهم‬
‫نفي ه ذه القرين ة‪ ،‬بإثب ات عكس ها بكاف ة ط رق اإلثب ات‪ ،‬دون أن يش ترط ل ذلك إثب ات الس بب‬
‫األجنبي‪ ،‬فقرينة المسؤولية ال تنطبق هنا إال على المقاول الذي عجز عن نفي عالقة السببية‬
‫التي تربط بين نشاطه‪ ،‬وبين الضرر الالحق‪.527‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب اإلعفاء من المسؤولية العشرية‬

‫من أمثال مازو ورواست وروديير وكاريال‪ ،‬أشار إليهم نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪.203‬‬ ‫‪525‬‬

‫يطلق على هذا العنصر اسم " قرينة المساهمة " أو "قرينة اإلسناد"‪ ،‬وهي قرينة بسيطة‪ ،‬يجوز إثبات عكسها بكافة‬ ‫‪526‬‬

‫طرق اإلثبات‪ ،‬أي أنها تسقط‪ ،‬متى تمكن المقاول المدعى عليه‪ ،‬من إثبات عدم تعلق نشاطه باألعمال التي = = ظهر‬
‫فيه ا العيب‪ ،‬ودون حاجة إلى إثبات السبب األجنبي‪ ،‬فإذا نجح المقاول في إثب ات العكس‪ ،‬لم تنطبق عليه القرينة في‬
‫عنصرها الثاني‪ ،‬وتخلص بالتالي من المسؤولية‪.‬‬

‫لقي ه ذا االتج اه تأيي دا ص ريحا من ج انب القض اء في فرنس ا‪ ،‬إذ قض ت محكم ة ب اريس مثال بت اريخ ‪ 26‬أفري ل‬ ‫‪527‬‬

‫‪ 1979‬بما يلي‪ " :‬قبول انتفاء الضمان عن المقاول الذي أثبت أنه لم يكلف بأّي عمل له صلة بمواسير المي اه الساخنة‬
‫في البناء وما ترتب عليه من خلل في البناء دون الحاجة إلى إثبات السبب األجنبي"‪.‬‬

‫يراجع بهذا الصدد األحك ام القضائية التي أشار إليها‪ :‬محمد ن اجي ي اقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتم ام األعمال‬
‫وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 220‬هـ‪ ،491‬ص‪ 221‬هـ‪.492‬‬
‫‪225‬‬
‫لم يتط رق المش رع الجزائ ري إلى أس باب انتف اء المس ؤولية العش رية إذا م ا تحققت‬
‫ش روطها بنص خ اص‪ ،528‬األم ر ال ذي ي دفعنا إلى الرج وع إلى القواع د العام ة للمس ؤولية‬
‫العقدية‪.529‬‬

‫رأينا فيما تقدم أن التزام المهندس المعماري ومقاول البناء بضمان العيب‪ ،‬في المباني‬
‫والمنش آت الثابت ة األخ رى‪ ،‬ه و ال تزام بتحقي ق نتيج ة‪ ،‬وهي تس ليم ص احب المش روع بناي ة‬
‫سليمة‪ ،‬مطابقة للتصاميم‪ ،‬والمواصفات المتفق عليها في عقد المقاولة‪ ،‬ومقاومة للزمن‪ ،‬وأنه‬
‫ال حاجة ألن يثبت رب العمل‪ ،‬في حالة ما إذا وجدت في المباني والمنشآت عيوب‪ ،‬في خالل‬
‫عشر سنوات‪ ،‬أّن هناك خطأ في جانب المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬ألن وجود العيب‬
‫هو ذاته الخطأ‪ ،‬مثلما هو مقرر في االلتزام بتحقيق نتيجة‪.‬‬

‫وعليه فإّن المسؤولية العشرية‪ ،‬شأنها شأن المسؤولية التي تترتب على اإلخالل بالتزام‬
‫بتحقي ق نتيج ة‪ ،‬ال تنتفي إال بإثب ات الس بب األجن بي‪ ،‬ومن تم ال يج وز للمهن دس المعم اري أو‬
‫مقاول البناء أن ينفيا مسؤوليتهما عن الضمان الخاص‪ ،‬بنفيهما عالقة السببية‪ ،‬أي بإثبات أّن‬
‫الضرر‪ ،‬تهدما كان أو عيبا‪ ،‬قد نشأ عن سبب أجنبي ال يد لهما فيه‪ ،‬كقوة قاهرة أو حادث‬
‫فج ائي أو خط أ رب العم ل أو خط أ ش خص من الغ ير‪ ،‬ال يس أل عن ه المهن دس المعم اري وال‬
‫رب العم ل‪ ،‬ولكن ال يكفي لنفي مس ؤولية المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬أن يثبت‬
‫أحدهما انتفاء الخطأ في جانبه‪ ،‬التخاذه مثال كل االحتياطات الالزمة لمنع حصول تهدم كلي‬
‫أو جزئي بالمباني والمنشآت الثابتة أو وجود عيب‪ ،‬أو لبذله عناية الشخص المعتاد في وضع‬
‫التص ميم‪ ،‬واإلش راف على العم ل‪ ،‬أو في القي ام بعملي ة البن اء ذاته ا‪ ،‬ألن التزامهم ا ه و تحقي ق‬
‫نتيجة‪ ،‬وليس بذل عناية كما قدمنا‪.‬‬

‫على خالف المش رع الفرنس ي ال ذي نص على ه ذه األس باب في الم ادة ‪ 1792‬من ق‪.‬م‪.‬ف‪ ،‬وال تي ج اء نص ها‬ ‫‪528‬‬

‫كاآلتي‪:‬‬

‫‪L’article 1792 c.civ : « Tout constructeur est responsable de plein droit … une telle responsabilité n’a point‬‬
‫‪lieu, si le constructeur prouve que les dommages proviennent d’une cause étrangère ».‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 127‬من ق‪.‬م على م ا يلي‪ " :‬إذا أثبت الش خص أن الض رر ق د نش أ عن س بب ال ي د ل ه في ه كح ادث‬ ‫‪529‬‬

‫مفاجئ‪ ،‬أو قوة قاهرة‪ ،‬أو خطأ صدر من المضرور أو خطأ من الغير‪ ،‬كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر‪ ،‬ما لم‬
‫يوجد نص قانوني أو اتفاق يخالف ذلك"‪.‬‬
‫‪226‬‬
‫تنتفي مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء الخاص ة‪ ،‬إذا م ا أثبت ا أن الته دم أو‬
‫العيب الذي لحق بالمباني أو المنشآت الثابتة‪ ،‬نشأ عن سبب أجنبي كقوة قاهرة‪ ،‬أو خطأ رب‬
‫العمل‪ ،‬أو خطأ الغير‪ ،‬وهذا ما سنعرضه بشيء من التفصيل فيما يلي‪.‬‬
‫‪530‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القوة القاهرة‬

‫القوة القاهرة هي ك ّل حادث غير متوقع حصوله‪ ،‬مستقل عن إرادة المتعاقدين وغير‬
‫ممكن دفعه‪ ،‬يؤدي إلى استحالة تنفيذ االلتزامات التعاقدية جميعها‪ ،‬أو جزء منها‪.531‬‬

‫وتعت بر الق وة الق اهرة من األس باب الجوهري ة‪ ،‬ال تي تقط ع رابط ة الس ببية بين الخط أ‬
‫والض رر‪ ،‬وال تي تعفي الم دين من المس ؤولية‪ ،‬ش ريطة أن تك ون الواقع ة ال تي أدت إلى ه ذه‬
‫القوة حادثا خارجيا‪ ،‬ال يمكن توقعه‪ ،‬وال دفعه وقت إبرام العق د‪ ،‬ويؤدي مباشرة إلى حدوث‬
‫الضرر‪.‬‬

‫فإذا نجم عن الق وة القاهرة‪ 532‬ته ّد م البناء كليا أو جزئيا‪ ،‬أو تعّيبه تعّيبا جسيما مه ّد دا‬
‫لسالمته ومتانته‪ ،‬خالل م ّد ة الضمان العشري‪ ،‬انتفت المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري‬
‫ومقاول البناء‪.‬‬

‫أوال‪ :‬شروط تحقق القوة القاهرة‬

‫ح تى تعت بر الق وة الق اهرة س ببا ي دفع بموجب ه المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‬
‫المس ؤولية الخاص ة عنهم ا‪ ،‬يجب أن يت وافر في الح ادث‪ ،‬ال ذي س ّبب الض رر بالبن اءات أو‬
‫المنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬شرطان نذكرهما تباعا‪.‬‬

‫أن يكون الحادث خارجيا‬ ‫‪-01‬‬

‫استقر الفقه الحديث على اعتبار القوة القاهرة أمرا مرادفا للحادث المفاجئ‪ ،‬وهذا ما أخذ به المشرع الجزائري‪،‬‬ ‫‪530‬‬

‫على غرار باقي التشريعات المقارنة‪ ،‬في المادة ‪ 127‬من ق‪.‬م‪ ،‬أما في السابق‪ ،‬فقد كان ينظر إلى القوة القاهرة على‬
‫أنها الحدث الذي ال يمكن دفعه‪ ،‬وإ لى الحادث الفجائي على أنه الحدث الذي ال يمكن توقعه‪.‬‬
‫‪ 531‬شهيدة قادة‪ ،‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.290‬‬
‫ومن أمثلة القوة القاهرة حصول خلل في استقرار األرض التي يقام عليها البناء‪ ،‬إذا كان سبب هذا الخلل قد نشأ‬ ‫‪532‬‬

‫عن أس باب خارجي ة‪ ،‬لم يكن في اإلمك ان توقعه ا‪ ،‬وقت إقام ة البن اء‪ ،‬وال دفعه ا‪ ،‬فلم يكن الخل ل ناش ئا مثال عن موق ع‬
‫األرض أو عن حركتها الذاتية‪.‬‬
‫‪227‬‬
‫يقصد بهذا الشرط‪ ،‬أن يكون الحادث الذي س ّبب الضرر بالبناء خارجيا عن البناية‪،‬‬
‫وعن مادة العمل المعماري كلها‪ ،‬أو عن ذاتية الشيء الذي يقع عليه العمل‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ال يمكن اعتبار عيوب األرض التي يقام عليها البناء قوة قاهرة‪ ،533‬ألن مثل‬
‫هذه العيوب ال يمكن اعتبارها خارجية عن مادة العمل‪ ،‬أو عن ذاتية الشيء الذي يتحقق في‬
‫ش أنه الض مان‪ ،‬ففحص األرض الم راد البن اء عليه ا‪ ،‬ومعاينته ا‪ ،‬وكش ف عيوبه ا قب ل الش روع‬
‫في البن اء عليه ا‪ ،‬يعت بر من ص ميم الواجب ات الملق اة على ع اتق المهن دس المعم اري ومق اول‬
‫البن اء‪ ،‬وال تي يفرض ها عق د المقاول ة‪ ،534‬وال يعفى من مهم ة القي ام به ا إال بش رط ص ريح في‬
‫العقد‪ ،‬فضال عن إمكانية تجنب هذه العيوب بمعالجتها وتفادي مخاطرها المحتملة على متانة‬
‫البناء وسالمته‪ ،‬وذلك باتخاذ االحتياطات الالزمة لتقوية األساس‪ ،‬وعليه ال تتوافر في عيوب‬
‫األرض الشروط الواجب توافرها فيما يعتبر قوة قاهرة أو حادثا مفاجئا‪.535‬‬

‫وتطبيقا لذلك‪ ،‬قضي مثال بأّن هبوط األرض المقام عليها البناء نتيجة للنشع الحادث‬
‫عن مي اه األمط ار‪ ،‬ال يعت بر ق وة ق اهرة‪ ،‬ول و ك انت ه ذه األمط ار اس تثنائية‪ ،‬طالم ا ك ان من‬
‫الممكن تجنب ه ذا الهب وط باتخ اذ إج راءات فني ة معين ة‪ ،‬ال س يما أّن البن اء أقيم على مس توى‬
‫منخفض عن الطريق المجاور‪ ،‬كما قضي بعدم اعتبار هبوط األرصفة المقامة على جوانب‬
‫النه ر ق وة ق اهرة‪ ،‬ألّن الهب وط يرج ع إلى موق ع األرض من النه ر‪ ،‬وه و م ا ال يعت بر حادث ا‬
‫خارجيا عن ذاتية الشيء‪ ،‬كما أنه من األمور الممكن توقعها‪ ،‬وهو من صميم عمل المقاول‬
‫في البناء‪ ،‬فال يكّيف على أساس أنه أجنبي عن نشاطه‪.536‬‬

‫وإ ذا ك ان الته دم ال ذي يرج ع إلى عيب في األرض‪ ،‬ال يعفي المهن دس المعم اري من‬
‫المسؤولية‪ ،‬فمن باب أولى أن يسأل عن عيوب المباني القديمة‪ ،‬التي اتخذت كدعامة ألعمال‬

‫ولق د أك د المش رع الجزائ ري ‪ -‬على غ رار المش رعين الفرنس ي والمص ري ‪ -‬ه ذا التص ور ص راحة في الم ادة‬ ‫‪533‬‬

‫‪ 554‬من القانون المدني الجزائري‪ ،‬والتي اعتبر فيها المهندس المعماري والمقاول‪ ،‬مسؤولين مسؤولية عشرية‪ ،‬ولو‬
‫كان التهدم أو الخلل ناشئا عن عيب في األرض‪.‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫يراجع ص‬ ‫‪534‬‬

‫قره فتيحة‪ ،‬أحكام عقد المقاولة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.160‬‬ ‫‪535‬‬

‫محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪536‬‬

‫‪ 220‬هـ‪ ،491‬ص‪ 221‬هـ‪.492‬‬


‫‪228‬‬
‫التعلية الجديدة إذا هو لم يق ّو هذه المباني‪ ،‬ولم يقم باإلصالحات الالزمة إلزالة تلك العيوب‪،‬‬
‫كما قضي أيضا أّن عيوب المواد المستخدمة في البناء ال تعتبر قوة قاهرة‪ ،‬وال حادثا مفاجئا‪،‬‬
‫يعفي من المس ؤولية الخاصة‪ ،‬ح تى لو كانت هذه المواد مقّد مة من طرف رب العم ل نفسه‪،‬‬
‫ذلك أن المقاول يلتزم بموجب عقد المقاولة بحسن اختيار المواد‪ ،‬وعليه فحصها‪ ،‬والتحق ق من‬
‫ص الحيتها‪ ،‬وخلّو ه ا من العي وب‪ ،‬وه و نفس االل تزام ال ذي يق ع على المهن دس المعم اري‪ ،‬إذ‬
‫يلتزم بمعاينتها‪ ،‬والتثبت من مدى مطابقتها للمواصفات قبل البدء في استعمالها في العمل‪.‬‬

‫هذا ولقد قضي على سبيل المثال في أكثر من مناسبة‪ ،‬بمسؤولية المهندس المعماري‬
‫والمق اول عن العي وب الناجم ة بس بب تل ف الخش ب المس تخدم في أرض ية البن اء‪ ،‬أو بس بب‬
‫تعّر ض ه لن وع من الحش رات أفس دته‪ ،‬وذل ك على أس اس أن ه ك ان من الممكن تجنب ح دوث‬
‫الضرر بمعالجة الخشب معالجة خاصة‪ ،‬تقيه التعرض لمثل هذا الخطر‪.537‬‬

‫والمالحظ بهذا الصدد‪ ،‬أنه على الرغم نظريا من عدم اعتبار عيوب األرض وعيوب‬
‫م واد البن اء ق وة ق اهرة‪ ،‬تس قط قرين ة المس ؤولية عن الض مان العش ري‪ ،‬وذل ك لتخل ف ش رط‬
‫الخارجية فيها بوجه عام‪ ،‬إال أنه يبدو عمليا‪ ،‬أّن الجهات القضائية تتغاضى أحيانا في أحكامها‬
‫عن تطلب ه ذا الش رط للحكم بنفي المس ؤولية‪ ،‬وذل ك ب أن تكتفي بت وافر ش رط ع دم إمك ان‬
‫الوقوع والدفع وقت البناء‪ ،‬وهي تقضي بذلك عادة كلما تبّين لها من وقائع الملف‪ ،‬أّن الض رر‬
‫الحاص ل راج ع إلى ح دوث ظ روف غ ير عادي ة‪ ،‬خارجي ة عن نش اط المهن دس المعم اري‪،‬‬
‫ومقاول البناء في عملية البناء‪.‬‬

‫ومن قبيل ذلك‪ ،‬قضي بأنه إذا كان عيب األرض من العيوب غير المتوقعة‪ ،‬وك ان من‬
‫المس تحيل على المهن دس المعم اري اكتش افه‪ ،‬بإتب اع القواع د الفني ة ال تي يتبعه ا أّي مهن دس‬
‫ح ريص فطن ل و ك ان مكان ه‪ ،‬اعت بر ق وة ق اهرة‪ ،‬تنفي عن ه قرين ة المس ؤولية المعماري ة‪ ،‬ك أن‬
‫توجد أطالل مباني أثرية على عمق كبير جدا تحت األرض‪ ،‬في منطقة لم تكتشف فيها آثار‬
‫من قبل‪ ،‬ولم يقل أحد بوجود آثار بها‪.‬‬

‫وقضي باعتبار عيوب المواد المستخدمة في البناء‪ ،‬قوة قاهرة‪ ،‬تنفي قرينة المسؤولية‬
‫العش رية‪ ،‬على ال رغم من أنه ا ال تعت بر حادث ا خارجي ا بحس ب طبيعته ا‪ ،‬إذا أثبت المهن دس‬

‫من أج ل التفص يل أك ثر في التطبيق ات القض ائية‪ ،‬يراج ع‪ :‬محم د ن اجي ي اقوت‪ ،‬مس ؤولية المعم اريين بع د إتم ام‬ ‫‪537‬‬

‫األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 221‬إلى ‪.223‬‬


‫‪229‬‬
‫المعماري والمقاول أنهما استعمال صنفا جّيدا من الخشب مطابقا للمواصفات‪ ،‬وأّن الخلل الذي‬
‫ظهر في أرضية المبنى‪ ،‬راجع إلى تعرض هذا الخشب لجرثومة معّينة لم يكن في اإلمكان‬
‫كشفها‪ ،‬أو مقاومتها وقت البناء‪ ،‬حتى مع استعمال وسائل الفحص الفنية الحديثة‪ ،‬وغيرها من‬
‫القضايا‪.538‬‬

‫هذا وإ ذا لجأ المهندس المعماري أو مقاول البناء إلى اعتماد تقنيات معينة غير مألوفة‬
‫في البن اء‪ ،‬وم واد معين ة في إنج از وتنفي ذ المش روع‪ ،‬وبع د م رور م دة زمني ة‪ ،‬اتض ح أّن تل ك‬
‫التقني ات أو الم واد تش كل خط را على البن اءات وش اغليها‪ ،‬فه ل يج وز له ذا المعم اري دف ع‬
‫المس ؤولية المعماري ة عن نفس ه بإدعائ ه أّن وقت اس تعماله لتل ك الم واد لم يكن العلم ق د أظه ر‬
‫خطورتها‪ ،‬وأّن استعمالها آنذاك كان أمرا عاديا؟‬

‫لم أج د في ح دود علمي أحكام ا أو اجته ادات قض ائية في الجزائ ر تجيب عن ه ذا‬
‫السؤال‪ ،‬على أّن جهل المقاول لخطورة مواد البناء التي استعملها آنذاك‪ ،‬ال يشكل سببا أجنبيا‬
‫ل دفع المس ؤولية عن نفس ه‪ ،‬ب الرغم من أّن التقني ات ال تي اتبعه ا ك انت تتماش ى وقواع د الفن‬
‫وأص ول الصنعة ‪ ،‬ومقننة في الوثائق التقنية الموح دة‪ ،‬فان ذل ك ال يعتبر سببا أجنبيا‪ ،‬وليس‬
‫للمقاول التذرع به لنفي المسؤولية عنه‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ال تعتبر مخاطر التطور‪ ،‬سببا إلعفاء المهندس المعماري أو مقاول البناء من‬
‫المسؤولية العشرية‪ ،‬إال إذا توافرت فيها شروط القوة القاهرة‪ ،‬بأن تكون هذه المخاطر التي‬
‫كشف عنها تطور العلم‪ ،‬خارجية كلية عن نشاط المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬ولم يكن‬
‫باإلمك ان توّقعه ا‪ ،‬أو دفعه ا وقت تش ييد البن اء‪ ،‬إذ أن ه في ه ذه الحال ة فق ط تعت بر س ببا أجنبي ا‪،‬‬
‫يعفي من المسؤولية بوصفها قوة قاهرة‪ ،‬وليس بوصفها مخاطر تطور بالمعنى السابق‪.‬‬

‫‪ -02‬عدم إمكان التوقع واستحالة الدفع‬

‫يجب أن تك ون الق وة الق اهرة أو الح ادث الفج ائي غ ير ممكن التوق ع ومس تحيل ال دفع‪،‬‬
‫فإذا أمكن توقع الحادث حتى لو استحال دفعه‪ ،‬أو دفع الحادث حتى لو استحال توقعه‪ ،‬لم يكن‬
‫قوة قاهرة أو حادثا فجائيا‪.‬‬

‫من أجل التفصيل أكثر في التطبيقات القضائية‪ ،‬يراجع‪ :‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪ 224‬إلى ‪.226‬‬ ‫‪538‬‬

‫‪230‬‬
‫ويجب أن يك ون الح ادث غ ير مس تطاع التوق ع‪ ،‬ال من ج انب المهن دس المعم اري أو‬
‫مق اول البن اء‪ ،‬ب ل من ج انب أش ّد الن اس يقظ ة وتبص رة ب األمور‪ ،‬فالمعي ار إذن موض وعي ال‬
‫ذاتي‪ ،‬إذ يتطلب أن يكون عدم اإلمكان مطلقا ال نسبيا‪.‬‬

‫كما يتعين أن يكون الحادث من شأنه أن يجعل تنفيذ االلتزام مستحيال‪ ،‬وأن تكون هذه‬
‫االس تحالة مطلق ة‪ ،‬فال تك ون اس تحالة بالنس بة إلى الم دين وح ده‪ ،‬ب ل اس تحالة بالنس بة إلى أّي‬
‫شخص يكون في موقفه‪.539‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أنه ال يمكن حصر حاالت القوة القاهرة التي يتوافر فيها الشرطان‬
‫س الفا ال ذكر‪ ،‬وال تي ت ؤدي إلى انتف اء مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬ألّن فك رة‬
‫التوق ع وال دفع المش كلين لج وهر الق وة الق اهرة فك رة نس بية‪ ،‬تتط ور وتق دم أس اليب فن البن اء‪،‬‬
‫وأصول هندسة المعمار‪.‬‬

‫هذا وإ ّن مسألة تقدير تحقق هذا الشرط من عدمه‪ ،‬ترجع إلى السلطة التقديرية لقاضي‬
‫الموض وع‪ ،‬ال ذي يس تخدم في ذل ك معي ارا موض وعيا‪ ،‬مراعي ا ب ذلك م ا توجب ه قواع د الفن‬
‫وأص ول الص نعة‪ ،‬على المعم اري الفطن الح ريص والمج ّر ب‪ ،‬من اتخ اذ كاف ة الوس ائل الفني ة‬
‫‪540‬‬
‫الالزمة لالحتياط بها من إمكانية حصول الحادث في المستقبل‪.‬‬

‫وب الرجوع إلى أحك ام القض اء‪ ،‬يت بين أن الجه ات القض ائية قض ت في بعض أحكامه ا‬
‫بوجود القوة القاهرة بمجرد توافر أحد شرطيها فقط في الحادثة‪ ،541‬ومن تم أعفت المهندس‬
‫المعماري ومقاول البناء من المسؤولية الخاصة‪ ،‬فاعتدت مثال بعدم قابلية الحادثة المدعى بها‬
‫للتوق ع‪ ،‬دون البحث في م دى إمكاني ة دفعه ا ومقاومته ا عن د إقام ة البن اء‪ ،‬أو اعت دت بك ون‬
‫الحادثة مما يستحيل دفعه وتفاديه وقت إقامة البناء‪ ،‬دون اإلشارة إلى مدى قابليتها للتوقع في‬
‫ذلك الوقت‪.‬‬

‫عب د ال رزاق الس نهوري‪ ،‬الوس يط في ش رح الق انون الم دني‪ ،‬نظري ة االل تزام بوج ه ع ام‪ ،‬مص ادر االل تزام‪ ،‬ج ‪،1‬‬ ‫‪539‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.878‬‬

‫محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪540‬‬

‫‪.227‬‬

‫أي صفة عدم إمكان توقع الحادثة وقت إقامة البناء‪ ،‬أو صفة استحالة دفعها أثناء وقوعها‪.‬‬ ‫‪541‬‬

‫‪231‬‬
‫وقض ت في أحك ام أخ رى بع دم قي ام الق وة الق اهرة في الح ادث الم دعى ب ه لع دم ت وافر‬
‫شرطيها معا‪ ،‬وانتهت إلى تحميل المهندس المعماري ومقاول البناء المسؤولية الخاصة‪.‬‬

‫ومن قبي ل الح وادث ال تي اعت برت ق وة ق اهرة‪ ،‬ومن تم س ببا أجنبي ا يعفي المهن دس‬
‫المعماري ومقاول البناء من المسؤولية الخاصة‪ ،‬حالة حدوث بعض الظواهر الطبيعية‪ ،‬التي‬
‫تبلغ من الشدة والعنف درجة استثنائية‪ ،‬تجعل مقاومتها وتالفي نتائجها الضارة بمتانة البناء‬
‫أمرا مستحيال‪ ،‬كهبوب الرياح العاتية‪ ،‬وارتفاع درجة حرارة الجو ارتفاعا غير عادي‪ ،‬يمثل‬
‫كارث ة جوي ة حقيقي ة‪ ،‬وس قوط األمط ار الغزي رة‪ ،‬وت دّفق مي اه الفيض ان بق وة ان دفاع كب يرة‪،‬‬
‫وح دوث ال زالزل‪ ،‬وغيره ا من الك وارث‪ ،‬م تى ت بّين من ظ روف الح ال‪ ،‬ع دم إمك ان دفعه ا‪،‬‬
‫وطالما كان من غير الممكن توقعها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أثر ثبوت القوة القاهرة‬

‫إذا أثبت المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬أن تهدم البناء‪ ،‬أو وجود العيب يرجع إلى‬
‫قوة قاهرة‪ ،‬ينتفي االلتزام بالضمان‪ ،‬وهو بذلك ال ينفي وقوع الخطأ‪ ،‬وإ نما ينفي عالقة السببية‬
‫بين الخطأ والضرر‪ ،‬ويشترط النتفاء المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪،‬‬
‫في هذه الحالة أن تكون القوة القاهرة هي السبب الوحيد الذي أدى إلى حدوث الضرر‪.‬‬

‫أما إذا تبين أّن الحادثة المكونة للقوة القاهرة تعتبر أحد األسباب فقط التي ساهمت في‬
‫وقوع الضرر‪ ،‬كأن يكون لفعل المعماريين دخل في ذلك أيضا‪ ،‬فإّن تخلص هؤالء من القرينة‬
‫الملق اة على ع اتقهم‪ ،‬ال يتّم في ه ذه الحالة بص فة تلقائية‪ ،‬ب ل يجب على قاض ي الموض وع أن‬
‫يبحث في ك ل حال ة على ح دى‪ ،‬وعن نس بة مس اهمة ك ّل س بب من ه ذه األس باب المتع ّد دة في‬
‫إحداث الضرر‪.‬‬

‫ولق د اس تقر القض اء الجزائ ري على ه ذا االتج اه‪ ،‬بحيث قض ت المحكم ة العلي ا في‬
‫الق رار الص ادر عنه ا بت اريخ ‪ 25‬م اي ‪ 1988‬بم ا يلي‪ " :‬من المق رر قانون ا‪ ،‬أن ه إذا أثبت‬
‫الش خص أّن الض رر ق د نش أ عن س بب ال ي د ل ه في ه كق وة‪ ،‬ك ان غ ير مل زم بتع ويض ه ذا‬
‫الضرر‪ ،‬ومن تّم فإن النعي على القرار المطعون فيه باإلساءة في تطبيق القانون غير وجيه‪.‬‬

‫ولّم ا كان الثابت في قضية الحال ‪ -‬أّن قضاة الموضوع بإسنادهم جزء من مسؤولية الفيضان‬
‫إلى الشركة الطاعنة بنسبة الثلثين‪ ،‬لكونها قامت بفتح ثغرة‪ ،‬ولم تسّد ها بعد انتهاء األشغال هذا‬
‫‪232‬‬
‫من جه ة‪ ،‬ومن جه ة ثاني ة يأخ ذ قض اة الموض وع ظ رف الق وة الق اهرة ومش اركتها في وق وع‬
‫الض رر بنس بة الثلث الب اقي بعين االعتب ار يكون ون بقض ائهم كم ا فعل وا ق د طّبق وا الق انون‬
‫التطبيق السليم‪ ،‬ومتى كان ذلك استوجب رفض الطعن"‪.542‬‬

‫نخلص مّم ا تقّد م‪ ،‬أّن التزام المهندس المعماري ومقاول البناء بالضمان الخاص‪ ،‬يس قط‬
‫بإثب ات وج ود الق وة الق اهرة‪ ،‬ف إذا ك انت ه ذه األخ يرة هي الس بب المنتج للض رر‪ ،‬تعّين الحكم‬
‫بس قوط القرين ة كلي ة‪ ،‬ومن تّم الحكم بانتف اء مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء عن‬
‫الضمان كله‪ ،‬أما إذا كان خطأ أحد المشيدين هو المنتج‪ ،‬واألكثر فعالية في حدوث الضرر‪،‬‬
‫بالرغم من وجود قوة قاهرة‪ ،‬تعّين النطق بمسؤولية المعماري كاملة عن الضمان‪.543‬‬

‫ثالثا‪ :‬خطأ رب العمل‬

‫األصل أن خطأ رب العمل ينفي عالقة السببية‪ ،‬فال يلتزم المهندس المعماري ومقاول‬
‫البناء بالضمان‪ ،‬إذا ما تدّخ ل صاحب المشروع تدّخ ال خاطئا في العمل بعد تسلمه‪ ،‬بأن أج رى‬
‫علي ه تع ديالت معيب ة‪ ،‬ومغ ايرة للرس وم الهندس ية‪ ،‬ومث ال ذل ك أن ينق ل مك ان دورة المي اه إلى‬
‫مك ان بعي د عن أم اكن الص رف الص حي الموص لة به ا‪ ،‬في ترتب عن ذل ك تس رب المي اه إلى‬
‫الخرس انة والج دران وغيره ا‪ ،‬مم ا ي ؤدي إلى ح دوث الض رر والعيب بالمب اني أو المنش آت‬
‫الثابتة‪.‬‬

‫أم ا إذا وق ع الخطأ من ط رف رب العم ل قب ل إتم ام البناء وتسلمه‪ ،‬وحص ل الته دم أو‬
‫الخل ل بع د التس لم‪ ،‬وخالل م دة الض مان‪ ،‬فه ل يج وز للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء أن‬
‫يتمسك بهذا الخطأ لنفي المسؤولية العشرية عنهما؟‬

‫تقتض ي اإلجاب ة على ه ذا الس ؤال‪ ،‬التمي يز بين م ا إذا ك ان رب العم ل ال ذي ارتكب‬
‫الخط أ ج اهال بقواع د الفن وأص ول الهندس ة‪ ،‬وبين م ا إذا ك ان خب يرا به ذه األم ور‪ ،‬وه و م ا‬
‫سنعرضه تباعا‪.‬‬

‫قرار م ع غ م‪ ،‬ملف رقم ‪ ،53110‬الصادر بتاريخ ‪ ،25/05/1988‬منشور بـ م ق‪ ،‬ع ‪ ،2‬س ‪ ،1992‬ص‪.11‬‬ ‫‪542‬‬

‫مث ال ذل ك الفيض ان غ ير المتوق ع ومس تحيل المقاوم ة‪ ،‬وال ذي يلح ق الض رر بالبن اءات أو المنش آت الثابت ة‪ ،‬وتزي د‬ ‫‪543‬‬

‫خطورته‪ ،‬عدم وجود أساسات متينة وكافية‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫أوال‪ :‬رب العمل غير الخبير في فن البناء‬

‫األصل أّن المهندس المعماري ومقاول البناء خبيران في فن البناء‪ ،‬بعكس رب العمل‬
‫الذي يف ترض فيه الجهل بهذا الفن‪ ،‬وعليه إذا تدخل هذا األخ ير في إقامة المباني والمنشآت‬
‫الثابتة المعيبة‪ ،‬سواء بفرض مواصفات معيبة‪ ،‬أو بتقديم مواد معيبة‪ ،‬أو بالموافقة على تصميم‬
‫معيب‪ ،‬ف إن مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ال تنتفي‪ ،‬ألن ه ك ان يت وجب عليهم ا‪،‬‬
‫تنبيه رب العمل إلى عدم كفاية المواصفات‪ ،‬أو إلى عيوب المواد‪ ،‬والتصميم‪ ،‬ذلك أّن تدخل‬
‫رب العم ل ال يعفيهما من المسؤولية‪ ،‬إذا كانا ق د أخال بالتزاماتهما‪ ،‬وعليه ال يل تزم المهندس‬
‫المعماري ومقاول البناء‪ -‬بحسب األصل‪ -‬بتنفيذ تعليمات رب العمل آليا‪ ،‬وال بطاعة أوام ره‪،‬‬
‫بل يتعين عليهما إذا ما تلّقيا منه تعليمات وأوامر مخالفة ألصول الفن والصنعة‪ ،‬تنبيهه إلى‬
‫مخالفة هذه التعليمات ألصول الفن‪ ،‬وما لهذه التعليمات من مخاطر على البناء‪ ،‬أو المنشآت‬
‫الثابتة التي هي في قيد اإلنجاز‪.‬‬

‫وإ ذا نّبه المهندس المعماري أو مقاول البناء صاحب المشروع إلى وجود عيوب تهدد‬
‫سالمة البناء‪ ،‬حال تطبيقهما ألوامره‪ ،‬واستخدامهما لهذه المواد‪ ،‬ولكنه أصر على المضي في‬
‫العم ل وفق ا له ذه المواص فات‪ ،‬وباس تخدام ه ذه الم واد‪ ،‬فان ه يجب عليهم ا االمتن اع‪ ،‬عن د‬
‫االقتض اء‪ ،‬عن تنفي ذ العم ل‪ ،‬إذا ك ان ي ترتب علي ه ته دم البن اء‪ ،‬أو وج ود عي وب ته دد متانت ه‬
‫وسالمته‪ ،‬غير أنهما إذا طبقا تعليمات رب العمل الخاطئة‪ ،‬فإنهما يعتبران مخطئين‪ ،‬وقامت‬
‫مسؤوليتهما الخاصة كاملة‪ ،‬فال يستغرق خطأ رب العمل خطأهما‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك‪ ،544‬قضي بأنه ال تنتفي مسؤولية المقاول‪ ،‬عن أّي ضرر يلحق بالبناء‪،‬‬
‫إذا ما اشترك معه رب العمل في الرأي‪ ،‬أو قام بتنفيذ أمره‪ ،‬إذا كان فيه مخالفة ألصول الفن‪،‬‬
‫ذلك أّنه من واجب المقاول االمتناع عن كّل عمل يخالف أصول الفن والصنعة‪ ،‬ولو أمره به‬
‫المالك‪ ،‬وال تنتفي مسؤولية المقاول أو المهندس المعماري‪ ،‬إذا حصل التهدم أو العيب‪ ،‬بسبب‬
‫استعمال هذين األخيرين لمواد وّر دها رب العمل‪ ،‬ما دامت هذه العيوب ظاهرة‪ ،‬أو كان من‬
‫الممكن اكتشافها‪ ،‬ألنه كان يجب عليهما رفض استخدام هذه المواد المعيبة‪.‬‬

‫يراجع في كل هذا محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪،‬‬ ‫‪544‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 235‬وما يليها‪.‬‬


‫‪234‬‬
‫وقض ي أيض ا ب أن وج ود رب العم ل‪ ،‬وإ ش رافه الفعلي على تنفي ذ األعم ال المعيب ة في‬
‫موق ع العم ل‪ ،‬ال يعفي المق اول أو المهن دس المعم اري من المس ؤولية‪ ،‬ألن المف روض هن ا أن‬
‫رب العم ل غ ير خب ير في فن البن اء‪ ،‬ومن تم ال يعت د بوج وده وإ ش رافه‪ ،‬وال يعت بر ذل ك من ه‬
‫تدخال خاطئا‪.‬‬

‫كما ال تنتفي مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء بإثباتهما خطأ رب العمل في‬
‫تنفي ذ عملي ات البن اء بنفس ه‪ ،‬تنفي ذا معيب ا‪ ،‬طالم ا أنهم ا قبال تنفي ذ ب اقي األعم ال األخ رى‪ ،‬ال تي‬
‫ك ان رب العم ل ق د ب دأ في تنفي ذها‪ ،‬دون تص حيح األخط اء ال تي ارتكبه ا‪ ،‬أو معالج ة العي وب‬
‫التي تسّبب فيها‪.‬‬

‫وقض ي أيض ا أن ه يجب على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬رفض أّي ت دخل‬
‫خ اطئ من ج انب ص احب المش روع‪ ،‬والتحق ق من مالءم ة تعليمات ه وأوام ره لظ روف تنفي ذ‬
‫األعم ال‪ ،‬ومراجع ة م ا يقّد م ه لهم ا من معلوم ات‪ ،‬للتأك د من ص حتها‪ ،‬نظ را لخبرتهم ا في فن‬
‫البناء‪ ،‬وانعدام هذه الخبرة لديه‪.‬‬

‫على أّن مس ألة انتف اء المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬بإثب ات‬
‫خطأ صاحب المشروع‪ ،‬مسألة واقع‪ ،‬تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع‪.‬‬

‫ه ذا وق د ال تت وافر ش روط الق وة الق اهرة في خط أ رب العم ل‪ ،‬وم ع ذل ك يعت د ب ه في‬


‫تخفيف مسؤولية المهندس المعماري أو مقاول البناء عن الضمان العشري‪ ،‬فتقسم المسؤولية‬
‫بينهما بحسب درجة جسامة خطأ كل منهما‪ ،‬ومن تطبيقات القضاء لذلك‪ ،545‬مخالفة صاحب‬
‫العم ل لل وائح التنظيم رغم ثب وت علم ه الس ابق بمض مونها‪ ،‬أو ال تراخي في ت رميم البن اء إلى‬
‫حين تف اقم الض رر‪ ،‬أو توري د م واد بن اء تالف ة ال تص لح للغ رض المع دة ل ه للبن اء‪ ،‬أو إعط اء‬
‫أوام ر بمه ام مختلف ة ومتعارض ة تمام ا للمعم اريين متعلق ة بنفس المنش آت‪ ،‬أو عرقلت ه لعملي ة‬
‫تنفيذ األشغال‪ ،‬وغيرها من األخطاء‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬رب العمل الخبير في فن البناء‬

‫يراجع بهذا الصدد‪ ،‬محمد ناجي ياقوت‪ ،‬مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل‪،‬‬ ‫‪545‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.240‬‬


‫‪235‬‬
‫يعتبر رب العمل خبيرا في فّن البناء‪ ،‬متى كان لديه من الخبرة والتف ّو ق في هذا الفن‪،‬‬
‫ما يفوق خبرة وفن المقاول‪ ،‬بالنظر إلى سلم تدرج التجارب والخبرات الفنية في هذا المجال‬
‫المهني‪.‬‬

‫وقد يكون رب العمل هو نفسه مهندسا معماريا‪ ،‬أو مقاوال للمباني‪ ،‬وفي ه ذه الحال ة ال‬
‫صعوبة في تحديد مسؤوليته‪ ،‬متى كان يتمتع بالخبرة المعروفة في فن البناء‪ ،546‬بحيث يعتبر‬
‫مرتكب ا للخط أ‪ ،‬م تى ت رتب عن التعليم ات واألوام ر الص ادرة من ه‪ ،‬ته ّد م البن اءات‪ ،‬أو ظه ور‬
‫عيوب فيها‪ ،‬ومن تّم تنتفي المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪.‬‬

‫ه ذا وإ ن مج رد خ برة رب العم ل في فن البن اء مهم ا بلغت درجته ا‪ ،‬ال تكفي وح دها‬


‫إلعفاء المهندس المعماري أو مقاول البناء من مسؤوليتهما المفترضة عن الضمان‪ ،‬أو حتى‬
‫للتخفيف منها‪ ،‬بل يشترط فضال عن ذلك‪ ،‬قيام رب العمل بأعمال إيجابية معينة‪ ،‬تمثل تدخال‬
‫خاطئ ا في ج زء من العم ل‪ ،‬كوض ع التص ميم‪ ،‬أو اإلش راف على التنفي ذ‪ ،‬لكن م تى ت وافر في‬
‫خطأ صاحب المشروع شرطا ع دم إمكان التوق ع‪ ،‬واس تحالة ال دفع‪ ،‬تنتفي مسؤولية المهندس‬
‫المعماري ومقاول البناء كليا‪.547‬‬

‫خالصة ما تقدم‪ ،‬أّن المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء ال تنتفي‪ ،‬ما‬
‫دام الخط أ الم رتكب‪ ،‬وال ذي ألح ق الض رر بالمب اني أو المنش آت الثابت ة‪ ،‬مش تركا بينهم ا وبين‬
‫صاحب المشروع غير الخبير بفن البناء‪ ،‬أما إذا كان هذا األخير خبيرا‪ ،‬وكان الخطأ ناجما‬
‫عن تنفيذ المهندس المعماري ومق اول البناء ألوامره الخاطئة‪ ،‬انتفت المسؤولية في جانبهما‪،‬‬
‫ألن إذعانهما لتعليمات صاحب المشروع ال يعتبر خطأ منهما‪ ،‬وبالنتيجة يعتبر الضرر راجعا‬
‫إلى خطأ رب العمل وحده‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬ح تى يعت بر خط أ ص احب المش روع س ببا النتف اء المس ؤولية الخاص ة للمهن دس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء كلي ا‪ ،‬يجب على ه ذين األخ يرين أن يثبت ا من جه ة‪ ،‬ت دخل ص احب‬
‫المشروع في العمل‪ ،‬بإعطاء أوامر تقنية خاطئة‪ ،‬ومراقبة مدى إتباعها وتطبيقها‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى‪ ،‬أن هذا التدخل هو سبب الضرر الذي لحق بالمباني أو بالمنشآت الثابتة‪.‬‬

‫يكفي لتحقق شرط الخبرة‪ ،‬أن يكون رب العمل ملما بقواعد فن البناء‪ ،‬الماما يجعله في مركز رجل فني‪ ،‬يفوق‬ ‫‪546‬‬

‫مركز المقاول المكلف بالتنفيذ‪ ،‬وتعتبر مسألة تحديد الخبرة‪ ،‬مسألة واقع‪ ،‬تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع‪.‬‬
‫‪547‬‬
‫‪L.J.MAZEAUD, op.cit, p 541.‬‬
‫‪236‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬خطأ الغير‬

‫قّلم ا يك ون خط أ الغ ير س ببا من أس باب إعف اء المهن دس المعم اري ومق اول البن اء من‬
‫مس ؤوليتهما العش رية‪ ،‬وذل ك نظ را للش روط ال تي يتطلبه ا الفق ه والقض اء لتحقق ه‪ ،‬فخط أ الغ ير‬
‫ك القوة الق اهرة‪ ،‬يجب أن يك ون غ ير ممكن التوق ع‪ ،‬ومس تحيل ال دفع من ج انب المهن دس‬
‫المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬ويجب أن يك ون ه ذا الغ ير أجنبي ا عن عملي ة البن اء‪ ،‬وال يربط ه‬
‫بالمهندس المعماري أو مقاول البناء أّي عقد‪ ،‬وهذا ما سنتناوله‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الغير األجنبي تماما عن عملية البناء‬

‫قد يكون الغير أجنبيا تماما عن عملية البناء والتشييد‪ ،‬ومع ذلك يس ّبب بفعله عيبا أو‬
‫خلال بالبناي ة‪ ،‬يس توجب التع ويض‪ ،‬ومث ال ذل ك أن يق وم ه ذا الغ ير بعملي ات حف ر على أعم اق‬
‫كب يرة ب القرب من أساس ات المب نى‪ ،‬أو أن يس تخدم آالت ض خمة تس بب ارتجاج ات ش ديدة في‬
‫األرض على مقربة من البناء‪ ،‬فيؤدي ذلك إلى حدوث تصدعات به‪.‬‬

‫غير أّن المالحظ في مثل هذه الحاالت‪ ،‬أنه ال يعفى المهندس المعماري ومقاول البناء‬
‫من مسؤوليتهما العشرية‪ ،‬إال إذا اجتمعت شروط القوة القاهرة السابق ذكرها‪ ،548‬فإن لم يكن‬
‫ك ذلك‪ ،‬ظ ّل المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬مس ؤولين مس ؤولية كامل ة‪ ،‬عن ك ّل الض مان‬
‫تجاه رب العمل‪ ،‬وكان لهما حق الرجوع على الغير المسؤول‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الغير المتصل بعملية البناء‬

‫قد يعود العيب أو الخلل الذي يصيب البناءات‪ ،‬إلى خطأ الغير المتصل بعملية التشييد‬
‫والبن اء‪ ،‬ك أن يك ون ه ذا الغ ير شخص ا تربط ه عالق ة تعاقدي ة م ع مق اول البن اء‪ ،‬كم ا في حال ة‬
‫المقاول ة من الب اطن‪ ،‬أو إذا اس تعان المق اول بعم ال أو فن يين يش اركونه في عملي ة البن اء‬
‫بمقتضى عقود عمل‪.‬‬

‫في هذه الحالة‪ ،‬ال يمكن للمقاول نفي المسؤولية عن نفسه‪ ،‬بإثبات خطأ هؤالء الغير‪،‬‬
‫إذ يبقى مسؤوال عن أخطائهم التي ارتكبوها تجاه صاحب المشروع‪ ،‬مثلما سبق بيانه في هذه‬

‫أي أن يكون هذا الخطأ نفسه غير متوقع‪ ،‬ومستحيل الدفع‪.‬‬ ‫‪548‬‬

‫‪237‬‬
‫الدراس ة‪ ،549‬وعلي ه م تى ط الب ص احب المش روع ب التعويض عّم ا لح ق البناي ات من أض رار‬
‫جراء خطأ تابعي المقاول‪ ،‬وجب على هذا األخير تعويضه‪ ،‬مع بقاء حقه في الرجوع عليهم‬
‫قائما‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬بما قام بدفعه‪ ،‬طبقا للقواعد العامة في المسؤولية العقدية‪.‬‬

‫وال يج وز للمق اول أيض ا أن ينفي المس ؤولية الخاص ة عن ه‪ ،‬م تى أب رم عق د بي ع م واد‬
‫بناء مع ممّو ن‪ ،‬ليتضح فيما بعد‪ ،‬أّن سبب التهدم أو الخلل يرجع إلى عيب في المواد‪ ،550‬فهو‬
‫يسأل عن هذه العيوب‪ ،‬ألنه كان يجب عليه اكتشافها بحكم خبرته ومهنته‪ ،‬وهو بذلك يكون قد‬
‫أخّل بالتزام رئيسي يقع على عاتقه بموجب عقد المقاولة‪ ،‬ويتمثل في واجب فحص المعدات‪،‬‬
‫والم واد المس تعملة في البن اء‪ ،‬على أن ه يج وز للمق اول بالمقاب ل‪ ،‬الرج وع على المم ّو ن‬
‫بالتعويض‪ ،‬تطبيقا ألحكام دعوى ضمان العيوب الخفية في عقد البيع‪.551‬‬

‫أما إذا كان الغير مّم ن تربطه صلة بعملية البناء‪ ،‬لكن ال يربطه بالمقاول أّي عقد‪ ،‬كما‬
‫هو الحال بالنسبة للمهندس المعماري‪ ،‬فهما يعتبران بمثابة الغير لبعضهما البعض‪ ،‬وال يؤثر‬
‫عق د المقاول ة الم برم بين ك ل واح د منهم ا وص احب المش روع على اآلخ ر‪ ،‬ومن ه ال يج وز‬
‫ألحدهما أن يدفع المسؤولية الخاصة عنه بإثباته الخطأ في جانب اآلخر‪ ،‬إعماال بأحكام المادة‬
‫‪ 554‬من القانون المدني‪ ،‬التي حملتهما مسؤولية الضمان العشري بالتضامن‪ ،‬في حالة وقوع‬
‫الته دم الكلي أو الج زئي فيما ش ّيداه من مبان‪ ،‬أو أقاماه من منشآت ثابتة أخ رى‪ ،‬أو في حالة‬
‫ظهور عيوب تهدد متانتها وسالمتها خالل مدة الضمان‪ ،‬غير أنه يجوز للمهندس المعماري‬
‫ومقاول البناء‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬الرجوع على بعضهما البعض بدعوى الحلول‪ ،‬أو بدعوى المس ؤولية‬
‫التقصيرية‪.552‬‬

‫إذن‪ ،‬ح تى يعت بر خط أ الغ ير س ببا النتف اء المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري‬
‫ومق اول البن اء كلي ا‪ ،‬يجب أن يك ون الغ ير أجنبي ا عن عملي ة البن اء‪ ،‬وال يربط ه بالمق اول أّي‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫يراجع ص‬ ‫‪549‬‬

‫حمادي جازية مجيدة‪ ،‬عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.143‬‬ ‫‪550‬‬

‫يراجع نص المادة ‪ 379‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪551‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ص‬ ‫‪552‬‬

‫‪238‬‬
‫عق د‪ ،‬وأن يك ون خط ؤه غ ير ممكن التوق ع‪ ،‬ومس تحيل ال دفع من ج انب المهن دس المعم اري‬
‫ومقاول البناء‪.‬‬

‫خالصة م ا تق دم‪ ،‬أّن المهن دس المعم اري ومق اول البن اء يسأالن عن ته دم البن اء ال ذي‬
‫أقام اه‪ ،‬أو تعيب ه‪ ،‬إذا حص ل ذل ك خالل عش ر س نوات من ت اريخ التس لم النه ائي ل ه من ط رف‬
‫صاحب المشروع‪ ،‬وأّن مسؤوليتهما مسؤولية مفترضة بقوة القانون‪ ،‬تقوم على قرينة قانونية‬
‫قاطعة‪ ،‬ال يجوز نفيها إال بإثبات السبب األجنبي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫المسؤولية العشرية مسؤولية تضامنية ومن النظام العام‬

‫أتعرض في هذا المبحث للتضامن في المسؤولية العشرية للمهندس المعماري ومقاول‬


‫البناء قي مطلب أول‪ ،‬ثم أبّين مدى تعلق هذه المسؤولية بالنظام العام في مطلب ثان‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تضامن المهندس المعماري ومقاول البناء في الضمان‬

‫إذا اش ترك في عملي ة البن اء مهن دس معم اري ومق اول بن اء أو أك ثر‪ ،‬ف إنهم مس ؤولون‬
‫بالتض امن عم ا ق د يص يب المب اني أو المنش آت الثابتة‪ ،‬من ته دم‪ ،‬أو من عي وب‪ ،‬ته دد متانته ا‬
‫وسالمتها‪ ،‬خالل عشر سنوات التالية لتسليهما لرب العمل‪.‬‬

‫وإ ذا ك ان التض امن في المس ؤولية العقدي ة‪ ،‬بوج ه ع ام‪ ،‬ال يف ترض‪ ،‬إذ يك ون إم ا بن اء‬
‫على اتف اق أو بنص الق انون‪ ،553‬فإن ه في المس ؤولية العش رية‪ ،‬نج د المش رع الجزائ ري نص‬
‫ص راحة على التض امن بين المهن دس المعم اري ومق اول البن اء في الم ادة ‪ 554‬من الق انون‬
‫المدني‪ ،‬رغبة منه في منح حماية أقوى لرب العمل‪.554‬‬

‫تنص الفق رة األولى من الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني على م ا يلي‪ " :‬يض من‬
‫المهن دس المعم اري والمق اول متض امنين م ا يح دث خالل عش ر س نوات‪ ،‬من ته دم كلي أو‬
‫انظر المادة ‪ 126‬من ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪553‬‬

‫‪ 554‬المالح ظ أّن هذا النص الذي قض ى ص راحة بالتض امن بين المهندس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬من ش أنه التأكي د‬
‫على الطبيعة التعاقدية للمسؤولية العشرية‪ ،‬إذ لو لم تكن كذلك‪ ،‬لما نص عليها المشرع صراحة‪ ،‬واكتفى بما قضت‬
‫به القواعد العامة في هذا الصدد‪.‬‬
‫‪239‬‬
‫جزئي‪ ،‬فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى‪ ،‬ولو كان التهدم ناشئا عن عيب‬
‫في األرض‪ ،‬ويش مل الض مان المنص وص علي ه في الفق رة الس ابقة م ا يوج د في المب اني‬
‫والمنش آت من عي وب ي ترتب عليه ا تهدي د متان ة البن اء وس المته "‪ ،‬األم ر ال ذي يفهم من ه أن ه‪،‬‬
‫متى اشترك المهندس المعماري ومقاول البناء في عملية البناء‪ ،‬وظهر بالمبنى عيب أو تهدم‪،‬‬
‫في خالل عش ر س نوات من تس لمه‪ ،‬ك ان ل رب العم ل الرج وع عليهم ا مع ا‪ ،‬أو على أح دهما‪،‬‬
‫ليطالبه بالتعويض كامال (أوال)‪ ،‬ويكون لكل من المهندس المعماري أو مقاول البناء الرجوع‬
‫على اآلخر بما دفعه لرب العمل (ثانيا)‪.‬‬

‫فبفضل التضامن‪ ،‬يستطيع رب العمل الرجوع بكل الضمان على المهندس المعماري‬
‫أو المقاول‪ ،‬دون الحاجة إلثبات الخطأ في جانبهما‪ ،‬وبالمقابل ال يستطيع هذان األخيران دفع‬
‫رج وع رب العم ل عليهما‪ ،‬لع دم توافر الخط أ في جانبهم ا‪ ،‬أو بحج ة أنهم ا يرتبطان م ع رب‬
‫العمل بعقد مستقل عن العقد الذي يربط اآلخر به‪.555‬‬

‫الفرع األول‪ :‬موضوع التضامن‬

‫يتضح من نص المادة ‪ 554‬من القانون المدني الجزائري المذكورة أعاله‪ ،‬أّن كال من‬
‫المهندس المعماري والمقاول ال يتضامنان في المسؤولية‪ ،‬تجاه رب العمل‪ ،‬قبل تسلم األعمال‬
‫نهائي ا‪ ،‬إذ تظ ل مس ؤوليتهما قب ل تس لم األعم ال نهائي ا‪ ،‬خاض عة للقواع د العام ة في المس ؤولية‬
‫بوجه عام‪ ،556‬وعليه فإّن جميع األضرار التي قد تلحق برب العمل‪ ،‬من جراء تهدم البناء‪ ،‬أو‬
‫ظهور عيوب مؤثرة فيه‪ ،‬قبل تسلم األعمال نهائيا‪ ،‬يسأل عنها المقاول والمهندس المعماري‬
‫مسؤولية عقدية‪.‬‬

‫كامل فؤاد‪ ،‬المسؤولية المدنية عن تهدم البناء في التشريع الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬ ‫‪555‬‬

‫من هذه الرسالة‪.‬‬ ‫يراجع ما سبق شرحه في ص‬ ‫‪556‬‬

‫‪240‬‬
‫إذن‪ ،‬يضمن المهندس المعماري والمقاول بالتضامن‪ ،‬ما قد يصيب البناء من ته ّد م أو‬
‫عيب‪ ،‬يهّد د متانته وسالمته‪ ،‬خالل عشر سنوات التالية لتاريخ تسليمه‪ ،‬ومن تّم يكون تضامن‬
‫المهندس المعماري والمقاول في الضمان‪ ،‬وليس في المسؤولية‪.557‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يرى الفقه أّن التضامن في الضمان أقوى منه في المسؤولية‪ ،558‬ذلك‬
‫أّن التض امن في المس ؤولية يش ترط لقيام ه أن يص در الخط أ عن ك ل واح د من المس ؤولين‬
‫المتعددين‪ ،‬وأن يكون هذا الخطأ سببا في إحداث الضرر‪ ،‬وأن يكون الضرر الحاصل‪ ،‬وال ذي‬
‫أحدثه كل واحد منهم بخطئه‪ ،‬هو نفس الضرر الذي أحدثه اآلخرون‪.559‬‬

‫وعلي ه إذا اعتبرن ا أّن مس ؤولية المهن دس المعم اري والمق اول تكّي ف أنه ا تض امن في‬
‫المسؤولية‪ ،‬فإّن هذا الضمان لن يق وم‪ ،‬إال إذا كان الخطأ مشتركا بينهما‪ ،‬أما إذا كان الخطأ‬
‫صادرا عن أحدهما فقط‪ ،‬فإّن الرجوع سيكون عليه وحده‪ ،‬وتطبيقا لذلك يكون من الواضح أّن‬
‫التضامن المنصوص عليه في المادة ‪ 554‬من القانون المدني هو تضامن في الضمان وليس‬
‫في المسؤولية‪.‬‬

‫ولق د أك ّد ت المحكم ة العلي ا على ه ذا ال رأي‪ ،‬بحيث قض ت في الق رار الص ادر عنه ا‬
‫بت اريخ ‪ 23‬ج انفي ‪ 5601991‬بم ا يلي‪ " :‬من المق رر قانون ا‪ ،‬أّن المهن دس المعم اري والمق اول‬

‫ص بايحي ربيع ة‪( ،‬خصوص يات المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري والمق اول بع د تس ليم المب اني في الق انون‬ ‫‪557‬‬

‫الجزائري)‪ ،‬المقال السابق‪ ،‬ص‪.345‬‬

‫كامل فؤاد‪ ،‬المسؤولية المدنية عن تهدم البناء في التشريع الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،154‬وعلي جمال‪،‬‬ ‫‪558‬‬

‫(المسؤولية المدنية للمهندس المعماري والمقاول عن عيوب المباني المسلمة لصاحب المشروع " دراسة في القانون‬
‫الجزائري")‪ ،‬المقال السابق‪ ،‬ص‪.28‬‬

‫‪ -‬يالحظ أّن المشرع الفرنسي لم يقر بالتضامن في المسؤولية العشرية بين المقاول والمهندس‪ ،‬وإ نما نص عليه فقط‬
‫بين ص انع العناص ر التجهيزي ة للبن اء‪ ،‬وبين المق اول ال ذي يت ولى ت ركيب ه ذه العناص ر‪ ،‬أو اس تعمالها في المب نى‪،‬‬
‫وبشروط معينة‪.‬‬

‫وفي هذا الشأن قضت المحكمة العليا في القرار الصادر عنها بتاريخ ‪ 23/01/1991‬بأن‪ " :‬المهندس المعماري‬ ‫‪559‬‬

‫والمقاول يضمنان بالتضامن ما يحدث خالل عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من بناء‪ ،"...‬ملف رقم‬
‫‪ ،64748‬م ق‪ ،‬ع ‪ ،4‬س ‪ ،1992‬ص‪.130‬‬

‫قرار م ع غ م‪ ،‬ملف رقم‪ ،64748 :‬منشور بـ م ق‪ ،‬ع ‪ 4‬لسنة ‪.1992‬‬ ‫‪560‬‬

‫‪241‬‬
‫يض منان بالتض امن م ا يح دث خالل عش رة س نوات من ته دم كلي أو ج زئي فيم ا ش ّيداه من‬
‫مباني وأقاماه من منشآت ثابتة أخرى‪ ،‬ومن تّم فإّن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يع ّد مخالفة‬
‫للقانون‪.‬‬

‫ولّم ا ك ان من الث ابت في قض ية الح ال أّن قض اة المجلس ب إخراجهم ل ديوان الترقي ة والتس يير‬
‫العق اري من الخص ام ب الرغم من أّن الخ برة المنج زة أظه رت أن ه ض امن للبن اء م ع المق اول‬
‫يكونوا قد أخطؤوا في تطبيق القانون‪.‬‬

‫ومتى كان ذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه "‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آثار التضامن‬

‫انتهين ا فيم ا س بق إلى أّن إق رار التض امن بين المهن دس المعم اري ومق اول البن اء في‬
‫المس ؤولية العشرية‪ ،‬م ا ه و إال حماية ل رب العم ل‪ ،‬وال ذي يج وز ل ه أن يت ابع المس ؤولين من‬
‫أجل الحصول على التعويض الكلي عّم ا أصابه من ضرر‪ ،‬ج ّر اء التهدم أو العيب الظاهر في‬
‫البناء‪.‬‬

‫فتقري ر مب دأ التض امن‪ ،‬يمّك ن رب العم ل من الحص ول على التع ويض من أح دهما‪،‬‬
‫ب الرغم من إعس ار اآلخ ر مثال‪ ،‬وه و بالمقاب ل يحّق ق مس اهمة عادل ة فيم ا بين المش تركين في‬
‫دفع دين التعويض بكامله‪ ،‬دون أن تكون هذه المساهمة ضارة بمصلحة المسؤولين‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬تترتب عّد ة آثار عن تقرير مبدأ المسؤولية التضامنية‪ ،‬منها ما يرتبط برب‬
‫العمل والمسؤولين المتضامنين‪ ،‬ومنها ما يرتبط بالعالقة بين المسؤولين فيما بينهم‪ ،‬وهذا ما‬
‫سنتعرض إليه بشيء من التفصيل فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تضامن المهندس المعماري ومقاول البناء‬

‫‪242‬‬
‫يك ون المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬المش اركان في عملي ة التش ييد والبن اء‪،‬‬
‫مسؤولين بالتضامن تجاه رب العمل‪ ،‬عن ك ّل ضرر يصيب البناءات أو المنشآت الثابتة التي‬
‫أقاماه ا‪ ،‬خالل عش ر الس نوات التالي ة لتس ليمه‪ ،561‬ومن تّم يج وز ل رب العم ل الرج وع عليهم ا‬
‫معا بالمسؤولية‪ ،‬فإذا حكم له بتعويض الضرر الذي لحقه من جراء التهدم أو العيب‪ ،‬كان له‬
‫أن يقتض ي ه ذا التع ويض منهم ا مع ا‪ ،‬أو من واح د منهم ا فق ط‪ ،‬كم ا يج وز ل ه أن يكتفي‬
‫ب الرجوع على المهن دس المعم اري وح ده أو على المق اول وح ده‪ ،‬وفي ه ذه الحال ة يحكم على‬
‫من رجع عليه بتعويض كل الضرر الذي أصاب صاحب المشروع‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة‪ ،‬ال يجوز للمسؤول‪ ،‬مهندسا معماريا كان أو مقاول بناء‪ ،‬والذي رفع‬
‫ضده رب العمل دعوى التعويض‪ ،‬أن يدفع عن نفسه المسؤولية‪ ،‬بأن يثبت عدم توافر الخطأ‬
‫في جانبه‪ ،‬أو أن يعترض على دفع التعويض كله‪ ،‬بحجة أّن الضرر الواقع كان نتيجة خطأ‬
‫مشترك بينه وبين المعماري اآلخر‪ ،‬وإ ن كان يجوز له فق ط طلب إدخال كل المسؤولين في‬
‫الدعوى‪ ،‬والمتضامنين معه بقوة القانون‪.‬‬

‫فإذا ثبت للقاضي مسؤولية المدعى عليهم‪ ،‬حكم لرب العمل المدعي بالتعويض الكلي‬
‫بغض النظر عن شخص المعماري المسؤول‪ ،‬أو عن نصيبه في المسؤولية‪ ،‬حتى لو لم يكن‬
‫ذلك النص يب بالتساوي‪ ،‬وهنا يجوز للم دعي رب العمل‪ ،‬عند تنفيذه للحكم النهائي‪ ،‬الرجوع‬
‫على واحد من المسؤولين بكل التعويض‪ ،‬فإذا نّف ذ هذا الحكم برئت ذمة المسؤولين اآلخرين‬
‫في مواجه ة رب العم ل‪ ،‬وبالت الي ال يج وز ل ه رف ع دع وى قض ائية أخ رى عليهم للمطالب ة‬
‫بالتعويض نظرا النقضاء موضوع الدعوى‪ ،‬ألنه قد حصل على تعويض الضرر كليا‪.562‬‬

‫أم ا إذا لم يس توف رب العم ل التع ويض الكلي المحك وم ل ه ب ه‪ ،‬ب أن رج ع ب التعويض‬
‫على المسؤول الذي أقام ضده الدعوى‪ ،‬لكن لم تكن ذمته المالية كافية لسداد كامل التعويض‬

‫ويالحظ أن المشرع الجزائري قد قرر التضامن فيما بين المهندس المعماري والمقاول فقط‪ ،‬ب الرغم من وجود‬ ‫‪561‬‬

‫أشخاص آخرين يسألون وفقا ألحكام الضمان العشري‪ ،‬وهو ما ينتج عنه عدم المساواة في المسؤولية‪.‬‬

‫‪ -‬توفي ق زي داني‪ ،‬التنظيم الق انوني للعق د المقاول ة على ض وء أحك ام الق انون الم دني الجزائ ري‪ ،‬م ذكرة لني ل ش هادة‬
‫الماجستير في القانون‪ ،‬فرع القانون العقاري‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ -‬باتنة‪ ،2010-2009 ،‬ص‪.112‬‬

‫بلمختار سعاد‪ ،‬المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.186‬‬ ‫‪562‬‬

‫‪243‬‬
‫المحك وم ب ه ل ه قض ائيا‪ ،‬ج از ل ه مطالب ة ب اقي المس ؤولين اآلخ رين ب الجزء المتبقى من‬
‫التعويض‪ ،‬باعتبارهم مسؤولين مع المدعى عليه بالتضامن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬رجوع المهندس المعماري ومقاول البناء الواحد منهما على اآلخر‬

‫إّن التض امن المنص وص علي ه في الفق رة األولى من الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني‬
‫المن وه عنه ا أعاله‪ ،‬ال يق وم إال في عالق ة رب العم ل م ع المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪،‬‬
‫أم ا في عالقتهم ا الواح د ب اآلخر‪ ،‬فال تض امن‪ ،‬إذ أن ه م تى رج ع رب العم ل بكام ل التع ويض‬
‫على المهن دس المعم اري أو على مق اول البن اء‪ ،‬ووّفى أح دهما التع ويض ك امال ل رب العم ل‪،‬‬
‫جاز له في هذه الحالة أن يرجع على المدين اآلخر المتضامن معه بما دفعه‪ ،‬عن طريق رفع‬
‫دع وى المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬وذل ك ب أن يثبت قي ام الخط أ في جانب ه‪ ،‬أو عن طري ق دع وى‬
‫الحلول محل رب العمل في الرجوع‪.563‬‬

‫ف إذا ثبت أن ته دم المب اني أو المنش آت الثابت ة‪ ،‬أو وج ود عيب فيه ا‪ ،‬يرج ع إلى خط أ‬
‫المهن دس المعم اري فق ط‪ ،‬أو إلى خط أ المق اول‪ ،‬ف ان ذل ك – وإ ن لم يمن ع رب العم ل من‬
‫الرج وع عليهم ا مع ا‪ ،‬أو على أّي منهم ا بالمس ؤولية نظ را لتض امنهما‪ -‬فان ه يج وز لغ ير‬
‫المخطئ منهما‪ ،‬تحميل المخطئ اآلخر بالمسؤولية كاملة‪.564‬‬

‫ف إذا ثبت أن الض رر نش أ عن خط أ المهن دس المعم اري وح ده‪ ،‬ألن التص ميم ال ذي‬
‫وضعه كان معيبا‪ ،565‬وكان هذا العيب غير ظاهر‪ ،‬بحيث لم يكن في وسع المقاول اكتشافه‪،‬‬
‫ولو بذل عناية مقاول عادي في دراسة التصميم‪ ،‬ففي هذه الحالة يتحمل المهندس المعماري‬
‫المس ؤولية كامل ة‪ ،‬بحيث يرج ع المق اول علي ه ب التعويض ك امال‪ ،‬إذا ك ان ه و من دفع ه ل رب‬
‫العمل‪ ،‬أما إذا كان قد دفع جزء فقط من التعويض‪ ،‬كان له أن يرجع عليه بهذا الجزء فقط‪،‬‬

‫توفيق زيداني‪ ،‬التنظيم القانوني للعقد المقاولة على ضوء أحكام القانون المدني الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪563‬‬

‫‪.112‬‬

‫قاره فتيحة‪ ،‬أحكام عقد المقاولة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.163‬‬ ‫‪564‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 555‬من ق‪.‬م على م ا يلي‪ " :‬إذا اقتص ر المهن دس المعم اري على وض ع التص ميم دون أن يكل ف‬ ‫‪565‬‬

‫بالرقابة على التنفيذ لم يكن مسؤوال إال عن العيوب التي أتت من التصميم‪.‬‬
‫‪244‬‬
‫أما إذا كان المهندس المعماري هو من دفع التعويض المستحق لرب العمل كامال‪ ،‬لم يجز له‬
‫الرجوع على المقاول بشيء‪ ،‬النتفاء مسؤولية هذا األخير‪.‬‬

‫ويك ون المهن دس المعم اري مس ؤوال عن عيب التص ميم‪ ،‬ح تى ول و لم يكن ه و من‬
‫وضعه‪ ،‬طالما كان قد قبله‪ ،‬وأشرف على تنفيذه‪.‬‬

‫ه ذا وإ ذا ثبت أن الض رر نش أ عن خط أ ارتكب ه المق اول وح ده‪ ،‬ب أن حص ل الته دم أو‬


‫العيب بالمب اني أو المنشآت‪ ،‬نتيج ة اس تخدام مق اول البن اء لم واد بن اء مش وبة بعي وب خفي ة‪ ،‬لم‬
‫يكن في وسع المهندس المعماري كشفها‪ ،‬ولو بذل عناية مهندس معماري عادي في فحصه‬
‫لهذه المواد‪ ،‬ولم يقع منه أّي إهمال‪ ،‬أو تقصير في اإلشراف على عملية البناء‪ ،‬أو إدارتها‪ ،‬أو‬
‫اقتص رت مهمته على وض ع التص ميم ل رب فق ط‪ ،‬ففي ه ذه الحال ة إذا ك ان المق اول ه و ال ذي‬
‫دفع كل التعويض لرب العمل‪ ،‬لم يجز له أن يرجع بأّي شيء على المهندس المعماري‪ ،‬أما‬
‫إذا كان قد دفع جزء منه فقط لرب العمل‪ ،‬ودفع المهندس المعماري الجزء المتبقى‪ ،‬جاز لهذا‬
‫األخ ير أن يرج ع على المق اول بم ا دفع ه‪ ،‬وإ ذا ك ان المهن دس المعم اري ه و ال ذي دف ع ك ل‬
‫التعويض لرب العمل‪ ،‬كان له أن يرجع على مقاول البناء بكل ما دفعه النتفاء مسؤوليته‪.‬‬

‫غير أنه إذا تبين أّن التهدم أو العيوب الظاهرة في المباني‪ ،‬قد نشأ عن خطأ كل من‬
‫المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬فإن المسؤولية تقسم عليهما‪ ،‬بنسبة مساهمة خطأ كل منهما‬
‫في إح داث الض رر‪ ،‬م ع مراع اة درج ة جس امة ه ذا الخط أ‪ ،‬يس توي في ذل ك أن يك ون الخط أ‬
‫الم رتكب من كليهم ا مس تقال عن خط أ اآلخ ر‪ ،‬أو مش تركا بينهم ا‪ ،‬ويرج ع تحدي د نص يب ك ل‬
‫منهما في ارتكاب الخطأ للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع‪.‬‬

‫أم ا إذا ق امت مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬دون إمكاني ة إثب ات الخط أ‬
‫في جانب أّي منهما‪ ،‬فإّن المسؤولية تقسم عليهما بالتساوي‪.566‬‬

‫وفي األخير نقول أّن ه ال يجوز استبعاد مبدأ التضامن في المسؤولية العشرية المقرر‬
‫في الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني ب أّي ح ال من األح وال‪ ،‬ومن تّم ف إن أّي ش رط يض ّم نه‬

‫تنص الم ادة ‪ 126‬من ق‪.‬م على م ا يلي‪ " :‬إذا تع دد المس ؤولون عن فع ل ض ار‪ ،‬ك انوا متض امنين في ال تزامهم‬ ‫‪566‬‬

‫بتع ويض الض رر‪ ،‬وتك ون المس ؤولية فيم ا بينهم بالتس اوي إال إذا عين القاض ي نص يب ك ل منهم في االل تزام‬
‫بالتعويض"‪.‬‬
‫‪245‬‬
‫المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء في عق د المقاول ة به ذا الش أن‪ ،‬يق ع ب اطال وع ديم األث ر‪،‬‬
‫لتعل ق قواع د ه ذه المس ؤولية بالنظ ام الع ام‪ ،‬وألّن ه ذا االتف اق من ش أنه أن يح ّد من ه ذه‬
‫المسؤولية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المسؤولية العشرية من النظام العام‬

‫– عدا ضمان المهندس المعماري ومقاول البناء‪ -‬ال تعتبر‬ ‫إّن الضمان بوجه عام‬
‫‪567‬‬

‫أحكامه من النظام العام‪ ،‬فيجوز االتفاق على ما يخالفها تخفيفا‪ ،‬أو تشديدا‪ ،‬أو إعفاء‪ ،‬بموجب‬
‫اتفاق خاص‪ ،‬أما ضمان المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬وهو الضمان الخاص‪ ،‬الذي نحن‬
‫بصدد دراسته‪ ،‬فتعتبر أحكامه من النظام العام بصريح نص المادة ‪ 556‬من القانون المدني‪،‬‬
‫التي جاء نصها كاآلتي‪ " :‬يكون باطال كّل شرط يقصد به إعفاء المهندس المعماري والمقاول‬
‫من الضمان‪ ،‬أو الحد منه"‪.‬‬

‫وعلي ه نع رض فيم ا يلي الحكم ة من تعل ق المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري‬
‫ومق اول البن اء بالنظ ام الع ام في ف رع أول‪ ،‬ثم ن بين في الف رع الث اني اآلث ار ال تي ت ترتب على‬
‫تعلق الضمان بالنظام العام‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬حكمة تعلق المسؤولية العشرية بالنظام العام‬

‫يعت بر تعل ق المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء بالنظ ام الع ام‪ ،‬من‬
‫أهم الخصائص التي تتميز بها هذه المسؤولية‪ ،‬ولعّل السبب الذي دفع المشرع الجزائري إلى‬
‫تقري ر ذل ك‪ ،‬أّن ته دم المب اني ال يص يب رب العم ل فق ط بالض رر‪ ،‬ب ل ق د ي ؤدي إلى ك وارث‬
‫تصيب الغير في األرواح واألموال‪.‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 178/2‬من ق‪.‬م على م ا يلي‪ " :‬وك ذلك يج وز االتف اق على إعف اء الم دين من أي ة مس ؤولية ت ترتب‬ ‫‪567‬‬

‫على ع دم تنفي ذ التزام ه التعاق دي‪ ،‬إال م ا ينش أ عن غش ه‪ ،‬أو عن خطئ ه الجس يم‪ ،‬غ ير أن ه يج وز للم دين أن يش ترط‬
‫إعفاءه من المسؤولية الناجمة عن الغش‪ ،‬أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه"‪.‬‬
‫‪246‬‬
‫فالمألوف أّن رب العم ل ليس ذا خ برة فنية في أعم ال البناء‪ ،‬ل ذلك حم اه القانون هذه‬
‫الحماية الخاصة‪ ،‬بتحديد مدة طويلة الختبار متانة البناء وصالبته كما بّينا سابقا‪ ،‬كما دعم هذه‬
‫الحماية بجعل أحكام الضمان الخاص من النظام العام‪ ،‬ال يجوز االتفاق على اإلعفاء أو الحد‬
‫منها‪ ،‬سيما وأّن مقاول البناء والمهندس المعماري ذوا خبرة فنية‪ ،‬وهما األقوى عادة في عقد‬
‫مقاولة المباني‪ ،‬بسبب ما يتمتعان به من خبرة‪ ،‬فيستطيعان بذلك أن يضيعا هذه الحماية على‬
‫رب العمل‪ ،‬لو جاز لهما اشتراط عدم المسؤولية‪ ،‬أو التخفيف منها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اآلثار المترتبة على تعلق المسؤولية العشرية بالنظام العام‬

‫المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء تتعل ق بالنظ ام الع ام‪ ،‬ال يج وز‬
‫االتفاق على ما يخالفها‪ ،‬وهو ما سنعرضه في هذا الفرع‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حكم االتفاقات المعّد لة ألحكام المسؤولية العشرية‬

‫ال تخ رج االتفاق ات ال تي ت دور ح ول تع ديل أحك ام المس ؤولية العش رية للمهن دس‬
‫المعماري ومقاول البناء عن التشديد‪ ،‬أو التخفيف‪ ،‬أو اإلعفاء منها‪ ،‬وهو ما سنتناوله تباعا‪.‬‬

‫االتفاقات المشددة للمسؤولية‬ ‫‪-01‬‬

‫ال يوجد ما يمنع المتعاقدين طبقا للمادة ‪ 556‬من القانون المدني المذكورة أعاله‪ ،‬من‬
‫تشديد الضمان الخاص‪ ،‬ذلك أّن هذا الضمان شرع لحماية رب العمل‪ ،‬ومن تم ليس هناك ما‬
‫يمنع هذا األخير من تقوية هذه الحماية‪ ،‬باتفاق خاص على ذلك في العقد‪ ،568‬فيجوز اشتراط‬
‫أن يبقى الضمان عن العيوب التي قد تظهر بالمباني أو المنشآت الثابتة‪ ،‬مدة تزيد عن عشر‬
‫سنوات‪ ،‬بحسب جسامة األعمال ودقة العمل فيها‪ ،‬كما يسوغ االتفاق على أّن الضمان يشمل‬
‫والمالحظ أنه إذا كان هذا هو األصل‪ ،‬إال أن بعض الفقه يرى أنه‪ ،‬يتعين التحفظ بالنسبة للحالة التي يتعسف فيها‬ ‫‪568‬‬

‫رب العم ل‪ ،‬خاص ة عن دما يك ون ه و الط رف األق وى في العق د‪ ،‬فيعم د إلى تش ديد الض مان‪ ،‬في حين أن واق ع العم ل‬
‫المطلوب تنفيذه يعتبر من األعمال العادية التي ق ّد ر المشرع كفاية مدة عشر سنوات بالنسبة لها لتجربتها و اختبار‬
‫صالبتها واكتشاف ما قد يظهر فيها من عيوب‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬يجب أن ي راعى‪ ،‬في االتف اق على تش ديد المس ؤولية المعماري ة‪ ،‬الغاي ة ال تي ابتغاه ا المش رع من تحدي ده لم دة‬
‫الض مان‪ ،‬وال تي قص د به ا حماي ة أرب اب األعم ال بالدرج ة األولى‪ ،‬ولكن قص د أيض ا إب راء ذم ة المعم اريين من‬
‫المسؤولية من هذه األعمال‪ ،‬بعد فوات هذا الوقت‪ ،‬دون االنتظار لمرور مدة التقادم الطويل‪ ،‬المقدرة بخمس عشرة‬
‫سنة‪ ،‬فيتشجع المعماريون بذلك على خوض هذا المجال بالتجديد واالبتكار‪.‬‬
‫‪247‬‬
‫العي وب الظ اهرة لم دة عش ر س نوات أو أق ل أو أك ثر‪ ،‬ب ل يج وز االتف اق على أن يتحم ل‬
‫المهندس المعماري أو مقاول البناء تبعة التهدم الناتج عن قوة قاهرة أو حادث فجائي‪.‬‬

‫فالواضح أّن هذه االتفاقات المشددة للضمان الخاص‪ ،‬تحقق الهدف المقصود من جعله‬
‫من النظ ام الع ام‪ ،‬وه و كم ا س بق أن أس لفنا‪ ،‬دف ع المعم اريين إلى ب ذل أقص ى جه د‪ ،‬وعناي ة‬
‫ممكنة في العمل حتى يكون البناء متينا‪ ،‬خاليا من العيوب‪ ،‬ومقاوما للزمن‪.‬‬

‫‪ -02‬االتفاقات المخففة للمسؤولية‬

‫على بطالن‬ ‫نّص المش رع الجزائ ري ص راحة في الم ادة ‪ 556‬من الق انون الم دني‬
‫‪569‬‬

‫ك ّل ش رط يقص د ب ه التخفي ف‪ ،‬أو الح ّد من المس ؤولية العش رية للمهن دس المعم اري أو مق اول‬
‫البن اء‪ ،‬ومن ه يعت بر ب اطال ك ل اتف اق ي رمي إلى حرم ان رب العم ل كلي ة من الرج وع على‬
‫المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪ ،‬في حال ة حص ول ته دم‪ ،‬أو وج ود عيب‪ ،‬كم ا يبط ل‬
‫االتف اق على أّن ض مان المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء يقتص ر على الته دم الكلي دون‬
‫الته دم الج زئي‪ ،‬أو على وج ود العيب‪ ،‬أو أن ه ال يح ق ل رب العم ل أن يرج ع بالض مان على‬
‫مق اول البن اء دون المهن دس المعم اري‪ ،‬أو اس تبعاد التض امن بينهم ا‪ ،‬وال يج وز ك ذلك االتف اق‬
‫على إنقاص مدة الضمان بجعلها أقل من عشر سنوات‪ ،‬أو االتفاق على وجوب إثبات الخطأ‬
‫في ج انب المهن دس المعم اري‪ ،‬أو مق اول البن اء‪ ،‬ح تى يمكن الرج وع بالض مان‪ ،‬فك ل ه ذه‬
‫االتفاقات المخففة للضمان الخاص‪ ،‬باطلة بطالنا مطلقا‪ ،‬لمخالفتها النظام العام‪ ،‬وعليه يجوز‬
‫لص احب المش روع‪ ،‬أن يرج ع بالض مان الخ اص على المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء‪،‬‬
‫كامال‪ ،‬عن جميع العيوب‪ ،‬وخالل مدة عشر سنوات‪ ،‬بالرغم من أّي اتفاق مخالف‪.‬‬

‫‪ -03‬االتفاقات المعفية من المسؤولية‬

‫اعتبر المشرع الجزائري أّن شرط اإلعفاء من المسؤولية العشرية للمهندس المعماري‬

‫ومقاول البناء باطل بطالنا مطلقا‪ ،‬بصريح النص‪ ،570‬شأنه في ذلك شأن شرط التخفيف‪ ،‬أو‬
‫الحّد من المسؤولية‪ ،‬ومن تّم ال يجوز أن يشترط المهندس المعماري أو مقاول البناء في عقد‬
‫تقابل هذه المادة‪ ،‬المادة ‪ 653‬مدني مصري والمادة ‪ 1792/5‬مدني الفرنسي‪.‬‬ ‫‪569‬‬

‫تنص المادة ‪ 556‬من ق‪.‬م على ما يلي‪ " :‬يكون باطال كل شرط يقصد به إعفاء المهندس المعم اري والمق اول من‬ ‫‪570‬‬

‫الضمان أو الحد منه"‪. .‬‬


‫‪248‬‬
‫المقاول ة‪ ،‬تبرئة ذمتهم ا من الض مان‪ ،‬عن ك ل م ا ق د يلح ق المب اني من ته دم أو عيب‪ ،‬بمج رد‬
‫تس لم رب العم ل للمب اني أو المنش آت الثابت ة‪ ،‬ذل ك أّن الض مان الخ اص يتعل ق بالنظ ام الع ام‪،‬‬
‫ومن تم ال يجوز االتفاق على اإلعفاء منه‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬حتى لو تضمن عقد المقاولة شرطا سابقا‪ ،‬يعفي المهندس المعماري أو مقاول‬
‫البناء من المسؤولية العشرية‪ ،‬فإنه حال قيام الضرر‪ ،‬ته ّد ما كان أو عيبا‪ ،‬يجوز لرب العمل‬
‫الرج وع عليهم ا بالض مان الخ اص‪ ،‬خالل م دة عش ر س نوات‪ ،‬ب الرغم من ك ّل اتف اق أو ش رط‬
‫مخالف‪.‬‬

‫هذا وننّو ه بهذا الصدد‪ ،‬إلى أنه يجب التمييز بين االتفاقات المعفية للمهندس المعماري‬
‫من بعض المه ام الملق اة على عاتق ه‪ ،‬بمقتض ى طبيع ة مهنت ه‪ ،‬وبين االتفاق ات المعفي ة ل ه من‬
‫المسؤولية عن األعمال الواجبة عليه‪ ،‬فاألولى يجوز االتفاق على اإلعفاء منها‪ ،‬ويعتبر ك ّل‬
‫ش رط بخصوص ها ص حيحا‪ ،‬كش رط إعف اء المهن دس المعم اري مثال من مهم ة فحص ترب ة‬
‫األرض‪ ،‬وإ سنادها لشخص متخصص في ذلك المجال‪ ،‬أما الثانية ‪ -‬وهي التي تعنينا‪ -‬فيعتبر‬
‫كّل شرط بخصوصها باطال‪ ،‬كما سبق بيانه أعاله‪.‬‬

‫نخلص مّم ا س بق‪ ،‬أن ه يج وز ألط راف عق د المقاول ة‪ ،‬االتف اق على التش ديد من أحك ام‬
‫الضمان العشري‪ ،‬غير أنه ال يجوز لهم االتفاق على التخفيف‪ ،‬أو اإلعفاء من الضمان‪ ،‬لتعلق‬
‫أحكامه بالنظام العام‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نزول رب العمل عن الضمان بعد تحقق سببه‬

‫إّن تعلق مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء بالنظام العام‪ ،‬وعدم جواز االتف اق‬
‫على اإلعف اء‪ ،‬أو الح د‪ ،‬أو التخفي ف منه ا‪ ،‬قب ل تحق ق س بب الض مان‪ ،‬ال يمن ع رب العم ل من‬
‫نزوله عن حقه في الضمان بعد حصول أو وجود العيب‪ ،‬ذلك أن الضمان إنما قصد به حماية‬
‫رب العم ل‪ ،‬فيكون محض مصلحة خاصة له‪ ،‬ال يتعلق بالنظام العام‪ ،‬وعليه ال يج وز منعه‬
‫من التصالح عليه أو التنازل عنه‪.‬‬

‫ف إذا ظه ر عيب في البن اء أو ته دم يتحق ق ب ه الض مان‪ ،‬ج از ل رب العم ل أن ي نزل‬


‫ص راحة عن حق ه في الرج وع‪ ،‬على المق اول أو المهن دس المعم اري‪ ،‬بس بب ه ذا العيب أو‬
‫الته دم‪ ،‬كم ا يج وز ل ه التن ازل عن ه ذا الض مان ض منيا‪ ،‬ك أن يس كت رب العم ل عن الرج وع‬
‫‪249‬‬
‫بالضمان‪ ،‬مدة طويلة‪ ،‬بعد انكشاف العيب‪ ،‬أو حصول التهدم‪ ،‬أو كأن يقوم بعد علمه بحدوث‬
‫الضرر‪ ،‬بدفع باقي أجر المهندس المعماري أو مقاول البناء دون تحفظ‪ ،‬أو أن يقوم بإصالح‬
‫العيب دون تحفظ‪ ،‬ودون إثبات الحالة‪ ،‬ودون أن يدفعه إلى ذلك ضرورة االستعجال‪.‬‬

‫وتنازل رب العمل عن الضمان بعد تحقق سببه‪ ،‬إما أن يكون كليا أو جزئيا‪ ،‬فيجوز‬
‫لرب العمل إعفاء المهندس المعماري أو مقاول البناء من الضمان كلية‪ ،‬أو أن يتصالح معه‬
‫على ش روط أق ل‪ ،‬أو أن يتمس ك في مواجهت ه ببعض العي وب دون البعض اآلخ ر‪ ،‬كم ا ل و‬
‫تمسك بالضمان فيما يتعلق بالتهدم‪ ،‬وال يتمسك بذلك فيما يتعلق بالعيوب التي تلحق المباني‪.‬‬

‫الخاتمــة‬
‫‪250‬‬
‫في خت ام ه ذه الدراس ة ال تي استعرض ت خالله ا أحك ام المس ؤولية المدني ة للمهن دس‬
‫المعماري ومقاول البناء‪ ،‬خلصت إلى عدة نتائج‪ ،‬يمكنني بلورتها في اآلتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تق وم المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء على أس اس نظ ام‬
‫قانوني مزدوج‪ ،‬فتسري عليهما القواعد العامة في المسؤولية العقدية والتقصيرية‪ ،‬قبل تسلم‬
‫األعمال‪ ،‬وتسري عليهما أحكام المسؤولية الخاصة‪ ،‬بعد تسلم هذه األعمال‪.‬‬

‫ثاني ــا‪ :‬تق وم المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬م تى ت وافرت‬
‫شروطها المتمثلة في ضرورة وجود عقد مقاولة مباني أو منشآت ثابتة‪ ،‬ووقوع تهدم كلي أو‬
‫ج زئي له ا‪ ،‬أو ظه ور عيب خفي فيه ا‪ ،‬وذل ك خالل م دة عش ر س نوات‪ ،‬تب دأ من ت اريخ تس لم‬
‫العمل نهائيا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تسري أحكام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء على األعمال‬
‫اإلنشائية الجديدة‪ ،‬وما يجري عليها بعد ذلك من إضافة‪ ،‬أو تعديل‪ ،‬أو تعلية‪ ،‬كما تسري على‬
‫اإلصالحات الكبيرة‪ ،‬وأعمال التدعيم والتجديد والتوسيع‪ ،‬أما أعمال الصيانة البسيطة كأعمال‬
‫الدهان والبياض‪ ،‬فتخضع للقواعد العامة‪ ،‬ألنها ال تؤثر على متانة البناء وسالمته‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬تعتبر مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬عن عيوب البناء بعد إتمام‬
‫األعم ال‪ ،‬وتس لمها مقبول ة من رب العم ل‪ ،‬مس ؤولية اس تثنائية‪ ،‬تق ررت العتب ارات خاص ة‬
‫بمقاوالت البناء‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬حّد د المشرع الجزائري‪ ،‬نطاق تطبيق المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري‬
‫ومق اول البن اء‪ ،‬تحدي دا دقيق ا في الم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني‪ ،‬س واء من حيث األشخاص‪،‬‬
‫أو من حيث األعم ال واألض رار ال تي تغطيه ا أحك ام ه ذه المس ؤولية‪ ،‬أو من حيث الم دة‪،‬‬
‫فينحص ر نط اق تطبيقه ا على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬ح ال وق وع ته دم كلي أو‬
‫جزئي للمباني والمنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬أو ظهور عيب خفي يهدد متانتها وسالمتها‪ ،‬وذلك‬
‫خالل عشر سنوات من التسلم النهائي لألشغال‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫سادســا‪ :‬ش ّد د المش رع الجزائ ري من مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪،‬‬
‫وجعله ا مس ؤولية خاصة‪ ،‬تق ررت على خالف ما تقض ي به القواع د العام ة‪ ،‬ال تطبق إال في‬
‫حدود معينة‪ ،‬حرص المشرع على النص عليها صراحة‪.‬‬

‫ســابعا‪ :‬تتم يز المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬بأنه ا مس ؤولية‬
‫مفترض ة بق وة الق انون‪ ،‬فال يل زم ص احب المش روع بإثب ات خط أ المهن دس المعم اري ومق اول‬
‫البناء‪ ،‬وال يمكن لهذين األخيرين دفعها‪ ،‬إال بإثبات السبب األجنبي‪ ،‬كالقوة القاهرة أو الحادث‬
‫المفاجئ‪ ،‬أو خطأ رب العمل‪ ،‬أو خطأ الغير‪.‬‬

‫ثامنا‪ :‬المس ؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومق اول البناء‪ ،‬مسؤولية تتعلق بالنظام‬
‫العام‪ ،‬ال يجوز االتفاق على اإلعفاء‪ ،‬أو الحد منها‪ ،‬غير أنه يجوز االتفاق على التشديد فيها‪.‬‬

‫تاسـعا‪ :‬المهن دس المعم اري ومق اول البن اء مس ؤوالن بالتض امن تج اه رب العم ل‪ ،‬عن‬
‫ك ل ض رر يص يب البن اءات أو المنش آت الثابت ة ال تي أقاماه ا‪ ،‬خالل عش ر س نوات من ت اريخ‬
‫تسليمها‪.‬‬

‫عاشرا‪ :‬يلتزم المهندس المعماري ومقاول البناء بضمان األعمال المنجزة من طرفهما‬
‫لمدة عشر سنوات‪ ،‬تبدأ من تاريخ تسلمها نهائيا من طرف صاحب المشروع‪.‬‬

‫حادي عشـر‪ :‬تنقض ي المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪ ،‬بمض ي‬
‫عشر سنوات من تسليم العمل نهائيا‪ ،‬وبانقضاء هذه المدة‪ ،‬تبرأ ذمة كل منهما‪ ،‬في غير حالة‬
‫الغش‪ ،‬فال يجوز لرب العمل عندئذ الرجوع عليهما بدعوى الضمان الخاص‪ ،‬بسبب ما يحدث‬
‫بعد ذلك في المباني أو المنشآت الثابتة‪ ،‬من تهدم أو عيب‪.‬‬

‫ثــاني عشــر‪ :‬يتعين على المهن دس المعم اري‪ ،‬ومق اول البن اء‪ ،‬وك ل مت دخل في عملي ة‬
‫البناء‪ ،‬أن يكتتب عقد تأمين على المسؤولية المدنية المهنية‪ ،‬والمسؤولية العشرية‪ ،‬يسري من‬
‫تاريخ التسلم النهائي للمشروع‪ ،‬وإ لى غاية انقضاء أجل الضمان المحدد بعشر سنوات‪.‬‬

‫ثـالث عشــر‪ :‬وّس ع المش رع الجزائ ري‪ -‬وعن ص واب‪ -‬من النط اق الشخص ي لقواع د‬
‫المسؤولية العشرية‪ ،‬فخّص بها إلى جانب المهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬كال من الم راقب‬

‫‪252‬‬
‫التق ني والم رقي العق اري‪ ،‬بم وجب نص وص تش ريعية خاص ة‪ ،‬رغب ة من ه في توف ير الحماي ة‬
‫القانونية الضرورية ألرباب العمل‪ ،‬الذين يجهلون عادة أصول الفن المعماري‪.‬‬

‫رابع عشر‪ :‬مّد المشرع الجزائري من النطاق الموضوعي لقواعد المسؤولية الخاصة‪،‬‬
‫فجعله ا تش مل – إلى ج انب الته دم ال ذي يح دث في المب اني والمنش آت الثابت ة األخ رى‪ ،‬أو م ا‬
‫يلحقها من عيوب جسيمة تهدد متانتها وسالمتها – العيوب المخلة بصالبة العناصر التجهيزي ة‬
‫في البن اء‪ ،‬بم وجب نص وص تش ريعية خاص ة‪ ،‬وذل ك مراع اة للتط ور ال ذي يعرف ه النش اط‬
‫المعماري حديثا‪.‬‬

‫قائمـة االختصـارات‬
‫أوال‪ :‬باللغـة العربيـة‬
‫‪253‬‬
‫ج‪............................... ......................................................‬جزء‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪...................................... ......‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‬

‫س‪.....................................................................................‬سنة‬

‫ص‪..................................................................................‬صفحة‬

‫ع‪.....................................................................................‬العدد‬

‫غ‪ .‬ع ‪ .....................................................................‬الغرفة العقارية‬

‫غ‪ .‬م‪ .............................................. ..........................‬الغرفة المدنية‬

‫ق‪ ...................................................................................‬قانون‬

‫ق‪ .‬إ‪ .‬م‪ .‬إ‪ ..............................................‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬

‫ق‪.‬ت‪.......................................................................‬القانون التجاري‬

‫ق‪ .‬م‪ ........................................................................‬القانون المدني‬

‫م‪ .‬ج‪ .‬ع‪ .‬ق‪ .‬إ‪ .‬س‪ .................‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية االقتصادية والسياسية‬

‫م‪ .‬ع‪ ..........................................................................‬محكمة عليا‬

‫م‪ .‬م‪.‬ع‪ ................................................................‬مجلة المحكمة العليا‬

‫م‪ .‬ق‪ .........................................................................‬مجلة قضائية‬

‫هـ‪ .................................................................................‬هامش‬

‫‪Abréviations‬‬
‫ثانيا‪ :‬باللغـة الفرنسيـة‬

‫‪254‬‬
‫‪n°…………….………………………………………………………….. Numéro‬‬

‫‪Op.cit……………………………………………………………. Ouvrage précité‬‬

‫‪P……………….……………………………………………………………. Page‬‬

‫‪T…………………………………………………………………………… Tome‬‬

‫‪V…………………………………………………………………………... Voyez‬‬

‫قائمـة المراجــع‬
‫أوال‪ :‬المراجع باللغة العربية‬

‫أ‪ /‬المراجـع العامـة‪:‬‬

‫‪ -‬الفار عبد القادر‪:‬‬

‫‪255‬‬
‫أحكام االلتزام‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬األردن‪.1996 ،‬‬

‫‪ -‬أنور طلبـة‪:‬‬

‫الوسيط في القانون المدني‪ ،‬الجزء الثاني‪ :‬العقود المسماة‪ ،‬رمضان وأوالده للطباعة والتجليد‪،‬‬
‫محطة الرمل‪.1993 ،‬‬

‫‪ -‬بلحاج العربي‪:‬‬

‫النظري ة العام ة لالل تزام في الق انون الم دني الجزائ ري‪ ،‬الج زء الث اني‪ ،‬دي وان المطبوع ات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2001 ،‬‬

‫‪ -‬بن سعيد عمر‪:‬‬

‫االجته اد القض ائي وفق ا ألحك ام الق انون الم دني‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬ال ديوان الوط ني لألش غال‬
‫التربوية‪.2001 ،‬‬

‫‪ -‬سمير عبد السيد تناغو‪:‬‬

‫عقد اإليجار‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬طبعة ‪.1998-1997‬‬

‫‪ -‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪:‬‬

‫* الوجيز في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪ ،‬المصدر‪ -‬اإلثبات‪ -‬اآلثار‪-‬‬
‫األوصاف‪ -‬االنتقال‪ -‬االنقضاء‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1966 ،‬‬

‫* الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار النشر‬
‫للجامعات المصرية‪ ،‬القاهرة‪.1952 ،‬‬

‫‪ -‬علي علي سليمان‪:‬‬

‫دراس ات في المس ؤولية المدني ة في الق انون الم دني الجزائ ري‪ ،‬الطبع ة الثالث ة‪ ،‬دي وان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1994 ،‬‬

‫‪ -‬فياللي علي‪:‬‬

‫‪256‬‬
‫النظرية العامة للعقود‪ ،‬المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية‪ ،‬الجزائر‪.2001 ،‬‬

‫‪ -‬هدى حامد قشقوش‪:‬‬

‫المس ؤولية الجنائي ة للمهن دس والمق اول عن ع دم مراع اة األص ول الفني ة في البن اء‪ ،‬دراس ة‬
‫مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.1994 ،‬‬

‫ب‪ /‬المراجـع الخاصـة‪:‬‬

‫‪ -‬إبراهيم سيد أحمد‪:‬‬

‫مس ؤولية المهن دس والمق اول عن عي وب البن اء فقه ا وقض اء‪ ،‬دار الكتب القانوني ة‪ ،‬مص ر‪،‬‬
‫‪.2005‬‬

‫‪ -‬الحسيني عبد اللطيف‪:‬‬

‫المس ؤولية المدني ة عن األخط اء المهني ة‪ ،‬الط بيب‪ ،‬المهن دس المعم اري‪ ،‬والمق اول والمح امي‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬الشركة العالمية للكتاب‪ ،‬بيروت‪.1987 ،‬‬

‫‪ -‬الدوري محمد جابر‪:‬‬

‫مس ؤولية المق اول والمهن دس في مق اوالت البن اء والمنش آت الثابت ة‪ ،‬مطبع ة عش تار األردني‪،‬‬
‫بغداد‪ ،1985 ،‬ص‪.146‬‬

‫‪ -‬العطار عبد الناصر توفيق‪:‬‬

‫تشريعات تنظيم المباني ومسؤولية المهندس والمقاول‪ ،‬مطبعة السعادة‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬

‫‪ -‬العمروسي أنور‪:‬‬

‫التعلي ق على نص وص الق انون الم دني المع دل‪ ،‬الج زء الث الث‪ ،‬دار المطبوع ات الجامعي ة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬

‫‪ -‬المومني أحمد سعيد‪:‬‬


‫‪257‬‬
‫مسؤولية المقاول والمهندس في عقد المقاولة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة المنار للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫األردن‪.1987 ،‬‬

‫‪ -‬عبد الرازق حسين يس‪:‬‬

‫المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬شروطها‪ -‬نطاق تطبيقها‪ -‬الضمانات‬
‫المس تحدثة فيه ا‪ ،‬دراس ة مقارن ة في الق انون الم دني‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬دار الفك ر الع ربي‪،‬‬
‫القاهرة‪.1987 ،‬‬

‫‪ -‬عبد الرزاق السنهوري‪:‬‬

‫الوس يط في ش رح الق انون الم دني‪ ،‬العق ود ال واردة على العم ل‪ ،‬المقاول ة والوكال ة والوديع ة‬
‫والحراسة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪.1964 ،‬‬

‫‪ -‬قره فتيحة‪:‬‬

‫أحكام عقد المقاولة‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪.1992 ،‬‬

‫‪ -‬محمد المرسي زهرة‪:‬‬

‫الوض ع الق انوني للب ائع الب اني‪ ،‬دراس ة مقارن ة في الق انون المص ري واإلم اراتي‪ ،‬محاض رة‬
‫منشورة في المجموعة المتخصصة في المسؤولية القانونية للمهنيين‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المسؤولية‬
‫المهني ة للمح امين والمهندس ين‪ ،‬الطبع ة الثاني ة‪ ،‬منش ورات الحل بي الحقوقي ة‪ ،‬ب يروت‪ -‬لبن ان‪،‬‬
‫‪.2004‬‬

‫‪ -‬محمد حسين منصور‪:‬‬

‫* المسؤولية المعمارية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.1999 ،‬‬

‫* مس ؤولية المهن دس والمق اول أثن اء ف ترة التنفي ذ‪ ،‬محاض رة منش ورة في المجموع ة‬
‫المتخصص ة في المس ؤولية القانوني ة للمهن يين‪ ،‬الج زء الث اني‪ ،‬المس ؤولية المهني ة للمح امين‬
‫والمهندسين‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪.2004 ،‬‬

‫‪ -‬محمد شكري سرور‪:‬‬


‫‪258‬‬
‫مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة األخرى‪ ،‬دراسة مقارنة في القانون المدني‬
‫المصري والقانون المدني الفرنسي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.1985 ،‬‬

‫‪ -‬محمد لبيب شنب‪:‬‬

‫ش رح أحك ام عق د المقاول ة في ض وء الفق ه والقض اء‪ ،‬الطبع ة الثاني ة‪ ،‬منش أة المع ارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬

‫‪ -‬محمد ناجي ياقوت‪:‬‬

‫مس ؤولية المعم اريين بع د إتم ام األعم ال وتس لمها مقبول ة من رب العم ل‪ ،‬دراس ة مقارن ة في‬
‫القانونين المصري والفرنسي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬

‫‪ -‬مغبغب نعيم‪:‬‬

‫عقود مقاوالت البناء واألشغال الخاصة والعامة‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،‬بدون مكان نشر‪.1997،‬‬

‫‪ -‬منصوري نورة‪:‬‬

‫قواعد التهيئة والتعمير وفق التشريع‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬

‫‪ -‬هاشم علي الشهوان‪:‬‬

‫المسؤولية المدنية للمهندس االستشاري في عقود اإلنشاءات‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2012 ،‬‬

‫ج‪ /‬المـقـاالت‪:‬‬

‫‪ -‬إبراهيم يوسف‪:‬‬

‫‪259‬‬
‫المس ؤولية العش رية للمهن دس المعم اري والمق اول ( طبق ا للم ادة ‪ 554‬من الق انون الم دني‬
‫الجزائري)‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية االقتصادية والسياسية‪ ،‬الجزء ‪ ،33‬رقم ‪ ،3‬سنة‬
‫‪.1995‬‬

‫‪ -‬ارزيل الكاهنة‪:‬‬

‫ش ركة الت أمين في مواجه ة نش اط الترقي ة العقاري ة‪ ،‬ع دد تجري بي‪ ،‬مجل ة الحق وق والحري ات‪،‬‬
‫بسكرة‪ ،‬سبتمبر ‪.2013‬‬

‫‪ -‬النفوري محمد‪:‬‬

‫التزام ات البناء ومس ؤوليته عن تص دع البن اء‪ ،‬مجل ة المح امون الس ورية‪ ،‬األع داد ‪،6 ،5 ،4‬‬
‫‪.1992‬‬

‫‪ -‬بلجبل عتيقة‪:‬‬

‫الخط أ كش رط لقي ام المس ؤولية العقدي ة للمق اول‪ ،‬ع دد تجري بي‪ ،‬مجل ة الحق وق والحري ات‪،‬‬
‫بسكرة‪ ،‬سبتمبر ‪.2013‬‬

‫‪ -‬بن ملحة الغوثي‪:‬‬

‫المهن دس المعم اري مستش ار ومس ؤول‪ ،‬المجل ة الجزائري ة للعل وم القانوني ة االقتص ادية‬
‫والسياسية‪ ،‬الجزء ‪ ،42‬رقم ‪ ،2‬سنة ‪.2000‬‬

‫‪ -‬بوشنافة جمال‪:‬‬

‫المس ؤولية العش رية للمق اول والمهن دس المعم اري‪ ،‬الملتقى ال دولي ح ول الترقي ة العقاري ة‪،‬‬
‫" الواقع واآلفاق" ‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ 08-07 ،‬فيفري ‪.2006‬‬

‫‪ -‬بوقرة أم الخير‪:‬‬

‫* مسؤولية المهندس المعماري والمقاول خالل فترة الضمان‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬مجلة المفكر‪،‬‬
‫بسكرة‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫* المس ؤولية العش رية للم رقي العق اري (دراس ة تحليلي ة)‪ ،‬ع دد تجري بي‪ ،‬مجل ة الحق وق‬
‫والحريات‪ ،‬بسكرة‪ ،‬سبتمبر ‪.2013‬‬

‫‪ -‬شهيدة قادة‪:‬‬

‫* ال تزام المهن دس المعم اري والمق اول ب اإلعالم والتوجي ه في عق د المقاول ة‪ ،‬الع دد ‪ ،3‬مجل ة‬
‫دراسات قانونية‪ ،‬جامعة تلمسان‪.2006 ،‬‬

‫* المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2007 ،‬‬

‫‪ -‬شيخ سناء‪ ،‬شيخ نسيمة‬

‫أحك ام رخص ة البن اء والمنازع ات المتعلق ة به ا‪ ،‬الملتقى الوط ني األول ح ول ت أثير نظ ام‬
‫الرخص العمرانية على البيئة‪ 15 ،‬و‪ 16‬ماي ‪ ،2013‬مخبر القانون العقاري والبيئة ‪ ،‬جامع ة‬
‫عبد الحميد بن باديس‪ -‬مستغانم‪.‬‬

‫‪ -‬شيخ نسيمة‬

‫التزام ات مق اول البن اء على ض وء القواع د العام ة في الق انون الجزائ ري‪ ،‬الع دد األول‪ ،‬مجل ة‬
‫الندوة للدراسات القانونية‪ ،‬قسنطينة‪.2013 ،‬‬

‫‪ -‬صبايحي ربيعة‪:‬‬

‫خصوص يات المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري والمق اول بع د تس ليم المب اني في الق انون‬
‫الجزائري‪ ،‬عدد تجريبي‪ ،‬مجلة الحقوق والحريات‪ ،‬بسكرة‪ ،‬سبتمبر ‪.2013‬‬

‫‪ -‬عايدة مصطفاوي‪:‬‬

‫الض مان العش ري والض مانات الخاص ة لمش يدي البن اء في التش ريع الجزائ ري والتش ريع‬
‫المقارن‪ ،‬دفاتر السياسية والقانون‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬جانفي ‪.2012‬‬

‫‪ -‬عياشي شعبان‪:‬‬

‫أش خاص الض مان العش ري في الق انون الجزائ ري‪ ،‬المجل ة الجزائري ة للعل وم القانوني ة‬
‫االقتصادية والسياسية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ج ‪ ،42‬رقم ‪.2000 ،2‬‬
‫‪261‬‬
‫‪ -‬قادري نادية‪:‬‬

‫المسؤولية العشرية للمقاول والمهندس المعماري في القانون المدني الجزائري‪ ،‬عدد تجريبي‪،‬‬
‫مجلة الحقوق والحريات‪ ،‬بسكرة‪ ،‬سبتمبر ‪.2013‬‬

‫‪ -‬كمال محمد األمين‪:‬‬

‫التزام ات الم رخص ل ه ومس ؤوليته في م ادة البن اء والتعم ير‪ ،‬ع دد تجري بي‪ ،‬مجل ة الحق وق‬
‫والحريات‪ ،‬بسكرة‪ ،‬سبتمبر ‪.2013‬‬

‫‪ -‬وعلي جمال‪:‬‬

‫المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري والمق اول عن عي وب المب اني المس لمة لص احب‬
‫المشروع‪ ،‬دراسة في القانون الجزائري‪.‬‬

‫‪ -‬ويس فتحي‪ ،‬فتاك علي‪:‬‬

‫عق د ال بيع بن اء على التص اميم في الترقي ة العقاري ة‪ ،‬الملتقى ال دولي ح ول الترقي ة العقاري ة‪،‬‬
‫" الواقع واآلفاق"‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪ 08-07 ،‬فيفري‪. 2006‬‬

‫‪ -‬يعيش تمام أمال وحاجة عبد العالي‪:‬‬

‫المس ؤولية العش رية كآلي ة قانوني ة لحماي ة الملكي ة العقاري ة وفق ا للق انون رقم ‪ ،11/04‬ع دد‬
‫تجريبي‪ ،‬مجلة الحقوق والحريات‪ ،‬بسكرة‪.‬‬

‫د‪ /‬الرســائـل‬

‫‪ -‬بلمختار سعاد‪:‬‬

‫المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون‬
‫العقود والمسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ -‬تلمسان‪.2009-2008 ،‬‬

‫‪ -‬بن عبد القادر زهرة‪:‬‬

‫‪262‬‬
‫* الض مان العش ري للمش يدين في التش ريع الجزائ ري‪ ،‬بحث لني ل ش هادة الماجس تير في ف رع‬
‫قانون األعمال‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪.2003-2002 ،‬‬

‫* نط اق الض مان العش ري للمش يدين‪ ،‬دراس ة مقارن ة بين التش ريعين الجزائ ري والفرنس ي‪،‬‬
‫بحث لنيل شهادة دكتوراه العلوم‪ ،‬فرع قانون األعمال‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫الحاج لخضر‪ -‬باتنة‪.2009-2008 ،‬‬

‫‪ -‬توفيق زيداني‪:‬‬

‫التنظيم القانوني للعقد المقاولة على ضوء أحكام القانون المدني الجزائري‪ ،‬م ذكرة لنيل شهادة‬
‫الماجس تير في الق انون‪ ،‬ف رع الق انون العق اري‪ ،‬كلي ة الحق وق‪ ،‬جامع ة الح اج لخض ر‪ -‬باتن ة‪،‬‬
‫‪.2010-2009‬‬

‫‪ -‬حامدي بلقاسم العايش‪:‬‬

‫المسؤولية العقدية للمهندس المعماري قبل تسليم األشغال‪ ،‬م ذكرة لنيل شهادة الماجستير في‬
‫قانون األعمال‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ -‬باتنة‪.2005-2004 ،‬‬

‫‪ -‬حمادي جازية مجيدة‪:‬‬

‫عق د مقاولة البناء في القانون الجزائري‪ ،‬م ذكرة لنيل شهادة الماجس تير في الق انون الخ اص‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ -‬تلمسان‪.2003-2002 ،‬‬

‫‪ -‬خديجي أحمد‪:‬‬

‫نطاق المسؤولية العشرية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون األعمال‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪.2007-2006 ،‬‬

‫‪ -‬شيخ سناء‪:‬‬

‫‪263‬‬
‫الشكلية في إطار التصرفات العقارية بين التشريع والقضاء‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في‬
‫الق انون الخ اص‪ ،‬كلي ة الحق وق والعل وم السياس ية‪ ،‬جامع ة أبي بك ر بلقاي د‪ -‬تلمس ان‪-2011 ،‬‬
‫‪.2012‬‬

‫‪ -‬شيخ محمد زكرياء‪:‬‬

‫ال بيع باإليج ار في الق انون الجزائ ري‪ ،‬م ذكرة لني ل ش هادة الماجس تير في ق انون األعم ال‬
‫المقارن‪ ،‬مدرسة الدكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة وهران‪.2012-2011 ،‬‬

‫‪ -‬عادل عبد العزيز عبد الحميد سماره‪:‬‬

‫مس ؤولية المق اول والمهن دس عن ض مان متان ة البن اء في الق انون الم دني األردني‪ ،‬دراس ة‬
‫مقارن ة‪ ،‬م ذكرة لني ل ش هادة الماجس تير في الق انون الخ اص‪ ،‬كلي ة الدراس ات العلي ا‪ ،‬جامع ة‬
‫النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‪ -‬فلسطين‪.2007 ،‬‬

‫‪ -‬عكو فاطمة الزهرة‪:‬‬

‫التزام ات رب العم ل في عق د مقاول ة البن اء‪ ،‬بحث لني ل ش هادة الماجس تير في العق ود‬
‫والمسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ -‬بن عكنون‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2005-2004 ،‬‬

‫‪ -‬كامل فؤاد‪:‬‬

‫المس ؤولية المدني ة عن ته دم البن اء في التش ريع الجزائ ري‪ ،‬بحث لني ل ش هادة الماجس تير في‬
‫قانون العقود والمسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ -‬جامعة الجزائر‪.2002-2001 ،‬‬

‫‪ -‬كرتوس أنيسة‪:‬‬

‫المسؤولية الناشئة عن تهدم البناء في القانون المدني الجزائري‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماجستير‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم اإلدارية‪ ،‬بن عكنون‪ -‬الجزائر‪.2001-2000 ،‬‬

‫‪ -‬مسعودة مروش‪:‬‬

‫‪264‬‬
‫عق د المقاول ة في الق انون الم دني الجزائ ري‪ ،‬بحث لني ل ش هادة الماجس تير في العق ود‬
‫والمسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2003-2002 ،‬‬

‫‪ -‬مسكر سهام‪:‬‬

‫بي ع العق ار بن اء على التص اميم في الترقي ة العقاري ة‪ ،‬دراس ة تحليلي ة‪ ،‬م ذكرة ماجس تير‪ ،‬كلي ة‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة سعد دحلب‪ -‬البليدة‪.2006 ،‬‬

‫‪ -‬موهوبي فتيحة‪:‬‬

‫الضمان العشري للمهندس المعماري ومقاول البناء‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬فرع العقود والمسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ -‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪.2007-2006 ،‬‬

‫‪ -‬ولد رابح صافية‪:‬‬

‫المركز القانوني للمقاولة الخاصة في القانون الجزائري‪ ،‬رسالة لنيل شهادة دكتوراه دولة في‬
‫القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ -‬تيزي وزو‪.2007 ،‬‬

‫‪ -‬ويس فتحي‪:‬‬

‫المس ؤولية المدني ة والض مانات الخاص ة في بي ع العق ار قب ل اإلنج از‪ ،‬م ذكرة ماجس تير في‬
‫القانون‪ ،‬فرع القانون العقاري الزراعي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة سعد دحلب‪ ،‬البليدة‪.1999 ،‬‬

‫هـ‪ /‬النصوص القانونية‪:‬‬

‫القوانيــن‪:‬‬

‫‪ -‬الق انون رقم ‪ 83/01‬م ؤرخ في ‪ 15‬ربي ع الث اني ع ام ‪ 1403‬المواف ق لـ ‪ 29‬ين اير‬
‫‪ 1983‬يع دل ويتمم األم ر رقم ‪ 75/58‬الم ؤرخ في ‪ 26‬س بتمبر ‪ 1975‬والمتض من الق انون‬
‫المدني(ج رج ج‪ ،‬العدد ‪ ،5‬السنة ‪ 20‬الصادرة في أول فبراير‪.)1983‬‬

‫‪265‬‬
‫‪ -‬الق انون رقم ‪ 86/07‬م ؤرخ في ‪ 23‬جم ادى الثاني ة ‪ 1406‬المواف ق لـ ‪ 04‬م ارس‬
‫‪ 1986‬يتعل ق بالترقي ة العقاري ة (ج رج ج‪ ،‬الع دد ‪ ،10‬الس نة ‪ 23‬الص ادرة في ‪ 05‬م ارس‬
‫‪.)1986‬‬

‫‪ -‬الق انون رقم ‪ 90/11‬م ؤرخ في أول ش وال ع ام ‪ 1410‬المواف ق لـ ‪ 25‬أبري ل س نة‬
‫‪ 1990‬يتعل ق بعالق ات العم ل (ج رج ج‪ ،‬الع دد ‪ ،17‬الس نة ‪ 27‬الص ادرة في ‪ 25‬أبري ل‬
‫‪.)1990‬‬

‫‪ -‬الق انون رقم ‪ 90/29‬م ؤرخ في ‪ 14‬جم ادى األولى ع ام ‪ 1414‬المواف ق لـ أول‬
‫ديس مبر ‪ 1990‬يتعل ق بالتهيئ ة والتعم ير (ج ر ج ج‪ ،‬الع دد ‪ ،52‬الس نة ‪ 27‬الص ادرة في ‪02‬‬
‫ديسمبر‪.)1990‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 04/05‬مؤرخ في ‪ 27‬جمادى الثانية عام ‪ 1425‬الموافق لـ ‪ 14‬أوت‬


‫‪ 2004‬يعدل ويتمم القانون رقم ‪ 90/29‬المؤرخ في ‪ 14‬جمادى األولى عام ‪ 1411‬الموافق‬
‫لـ أول ديس مبر ‪ 1990‬والمتعل ق بالتهيئ ة والتعم ير(ج رج ج‪ ،‬الع دد ‪ ،51‬الس نة ‪ 41‬الص ادرة‬
‫في ‪ 15‬أوت ‪.)2004‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 04/06‬مؤرخ في ‪ 27‬جمادى الثانية عام ‪ 1425‬الموافق لـ ‪ 14‬أوت‬


‫‪ 2004‬يتض من إلغ اء بعض أحك ام المرس وم التش ريعي رقم ‪ 94/07‬الم ؤرخ في ‪ 07‬ذي‬
‫الحجة عام ‪ 1414‬الموافق لـ ‪ 28‬ماي ‪ 1994‬والمتعلق بشروط اإلنتاج المعماري وممارسة‬
‫مهنة المهندس المعماري (ج ر ج ج‪ ،‬العدد ‪ 51‬لسنة ‪.)2004‬‬

‫‪ -‬الق انون رقم ‪ 06/04‬م ؤرخ في ‪ 21‬مح رم ع ام ‪ 1427‬المواف ق لـ ‪ 20‬ف براير س نة‬
‫‪ 2006‬يعدل ويتمم األمر رقم ‪ 95/07‬المؤرخ في ‪ 23‬شعبان عام ‪ 1415‬الموافق ‪ 25‬يناير‬
‫‪ 1995‬والمتعلق بالتأمينات‪( ،‬ج رج ج ج‪ ،‬العدد ‪ 15‬لسنة ‪.)2006‬‬

‫‪ -‬الق انون رقم ‪ 08/07‬م ؤرخ في ‪ 16‬ص فر ع ام ‪ 1429‬المواف ق لـ ‪ 28‬ف براير س نة‬
‫‪ 2008‬يتض من الق انون الت وجيهي للتك وين والتعليم المهن يين (ج ر ج ج‪ ،‬الع دد ‪ ،11‬س‪،45‬‬
‫الصادرة في‪ 02‬مارس ‪.)2008‬‬

‫‪266‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 11/04‬مؤرخ في ‪ 14‬ربيع األول عام ‪ 1432‬الموافق لـ ‪ 17‬فبراير‬
‫‪ 2011‬يح دد القواع د ال تي تنظم نش اط الترقي ة العقاري ة‪( ،‬ج رج ج‪ ،‬الع دد ‪ 14‬لس نة ‪48‬‬
‫الصادرة في ‪ 06‬مارس ‪.)2011‬‬

‫األوامــر‪:‬‬

‫‪ -‬األم ر رقم ‪ 71/85‬مك رر م ؤرخ في ‪ 11‬ذي القع دة ع ام ‪ 1391‬المواف ق لـ ‪29‬‬


‫ديسمبر‪ 1971‬الذي يتضمن إحداث هيئة المراقبة التقنية للبناء وتحديد قانونها األساسي (ج ر‬
‫ج ج‪ ،‬العدد ‪ ،4‬السنة ‪ 9‬الصادرة في ‪ 14‬يناير ‪.)1972‬‬

‫‪ -‬األمر رقم ‪ 75/58‬مؤرخ في ‪ 23‬شعبان عام ‪ 1415‬الموافق لـ ‪ 25‬يناير ‪1995‬‬


‫يتعلق بالتأمينات (ج ر ج ج‪ ،‬العدد ‪ ،13‬السنة ‪ 32‬الصادرة في ‪ 08‬مارس ‪.)1995‬‬

‫‪ -‬األم ر رقم ‪ 95/07‬م ؤرخ في ‪ 23‬ش عبان ع ام ‪ 1415‬المواف ق لـ ‪ 25‬ين اير ‪1995‬‬
‫يتعلق بالتأمينات (ج رج ج‪ ،‬العدد ‪ ،13‬السنة ‪ 32‬الصادرة في ‪ 8‬مارس ‪.)1995‬‬

‫‪ -‬األم ر رقم ‪ 03/12‬م ؤرخ في ‪ 27‬جم ادى الثاني ة ع ام ‪ 1424‬المواف ق لـ ‪ 26‬أوت‬


‫‪ 2003‬يتعل ق بإلزامي ة الت أمين على الك وارث الطبيعي ة وبتع ويض الض حايا (ج رج ج‪ ،‬الع دد‬
‫‪ ،52‬السنة ‪ ،40‬الصادرة في ‪ 27‬أوت ‪.)2003‬‬

‫المراسيــم‪:‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 02/250‬مؤرخ في ‪ 13‬جمادى األولى عام ‪ 1423‬الموافق لـ‬


‫‪ 24‬جويلي ة ‪ 2002‬يتض من تنظيم الص فقات العمومي ة (ج ر ج ج‪ ،‬الع دد ‪ ،52‬الس نة ‪39‬‬
‫الصادرة في ‪ 28‬جويلية ‪.)2002‬‬

‫‪ -‬مرس وم رئاس ي رقم ‪ 03/301‬م ؤرخ في ‪ 14‬رجب ع ام ‪ 1424‬المواف ق لـ ‪11‬‬


‫س بتمبر‪ ،2003‬يع دل ويتمم المرس وم الرئاس ي رقم ‪ 02/250‬الم ؤرخ في ‪ 13‬جم ادى األولى‬
‫عام ‪ 1423‬الموافق لـ ‪ 24‬يوليو سنة ‪ 2002‬والمتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪(.‬ج ر ج‬
‫ج‪ ،‬العدد ‪ ،55‬السنة ‪ 40‬الصادرة في ‪ 14‬سبتمبر ‪.)2003‬‬
‫‪267‬‬
‫‪ -‬مرس وم رئاس ي رقم ‪ 08/338‬م ؤرخ في ‪ 26‬ش وال ع ام ‪ 1429‬المواف ق لـ ‪26‬‬
‫أكت وبر س نة ‪ ،2008‬يع دل ويتمم المرس وم الرئاس ي رقم ‪ 02/250‬الم ؤرخ في ‪ 13‬جم ادى‬
‫األولى عام ‪ 1423‬الموافق لـ ‪ 24‬يوليو سنة ‪ 2002‬والمتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪( .‬ج‬
‫رج ج‪ ،‬العدد ‪ ،62‬السنة ‪ 45‬الصادرة في ‪ 09‬نوفمبر‪.)2008‬‬

‫‪ -‬مرسوم تشريعي رقم ‪ 93/03‬م ؤرخ في ‪ 7‬رمضان ‪ 1413‬الموافق لـ أول مارس‬


‫‪ 1993‬يتعل ق بالنش اط العق اري (ج ر ج ج‪ ،‬الع دد ‪ ،14‬الس نة ‪ 30‬الص ادرة في ‪ 03‬م ارس‬
‫‪.)1993‬‬

‫‪ -‬مرسوم تشريعي رقم ‪ 94/07‬مؤرخ في ‪ 07‬ذي الحجة عام ‪ 1414‬الموافق لـ ‪18‬‬


‫ماي ‪ 1994‬يتعلق بشروط اإلنتاج المعماري وممارسة مهنة المهندس المعماري (ج ر ج ج‪،‬‬
‫العدد ‪ ،32‬السنة ‪ 31‬الصادرة في ‪ 25‬ماي ‪.)1994‬‬

‫‪ -‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 91/175‬مؤرخ في ‪ 14‬ذي القعدة عام ‪ 1411‬الموافق لـ ‪28‬‬


‫م اي‪ 1991‬يح دد القواع د العام ة للتهيئ ة والتعم ير والبن اء (ج ر ج ج‪ ،‬الع دد ‪ ،26‬الس نة ‪28‬‬
‫الصادرة في أول يونيو‪.)1991‬‬

‫‪ -‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 91/176‬مؤرخ في ‪ 14‬ذي القعدة عام ‪ 1411‬الموافق لـ ‪28‬‬


‫ماي‪ 1991‬يح دد كيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة‬
‫البناء وشهادة المطابقة ورخصة الهدم‪ ،‬وتسليم ذلك (ج ر ج ج‪ ،‬العدد ‪ ،26‬السنة ‪ 28‬الصادر‬
‫في أول يونيو ‪.)1991‬‬

‫‪ -‬مرس وم تنفي ذي رقم ‪ 94/58‬م ؤرخ في ‪ 25‬رمض ان ع ام ‪ 1414‬المواف ق لـ ‪07‬‬


‫م ارس ‪ 1994‬يتعل ق بنم وذج عق د ال بيع بن اء على التص اميم‪ ،‬ال ذي يطب ق في مج ال الترقي ة‬
‫العقارية (ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،13‬السنة ‪ 31‬الصادرة في ‪ 09‬مارس‪.)1994‬‬

‫‪ -‬مرس وم تنفي ذي رقم ‪ 94/59‬م ؤرخ في ‪ 25‬رمض ان ع ام ‪ 1414‬المواف ق لـ ‪07‬‬


‫مارس ‪ 1994‬يعدل ويتمم المرسوم رقم ‪ 83/666‬المؤرخ في ‪ 12‬نوفمبر‪ 1983‬الذي يحدد‬
‫القواع د المتعلق ة بالملكي ة المش تركة وتس يير البناي ات الجماعي ة (ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،13‬الس نة ‪31‬‬
‫الصادرة في ‪ 09‬مارس‪.)1994‬‬
‫‪268‬‬
‫‪ -‬مرس وم تنفي ذي رقم ‪ 95/414‬م ؤرخ في ‪ 16‬رجب ع ام ‪ 1416‬المواف ق لـ ‪09‬‬
‫ديسمبر‪ 1995‬يتعلق بإلزامية التأمين في البناء من مسؤولية المتدخلين المدنية المهنية (ج ر‬
‫ج ج‪ ،‬العدد ‪ ،76‬السنة ‪ 32‬الصادرة في ‪ 10‬ديسمبر ‪.)1995‬‬

‫‪ -‬مرس وم تنفي ذي رقم ‪ 96/49‬م ؤرخ في ‪ 26‬ش عبان ‪ 1416‬المواف ق لـ ‪ 17‬ين اير‬
‫‪ 1996‬يحدد قائمة المباني العمومية المعفاة من إلزامية تأمين المسؤولية المهنية والمسؤولية‬
‫العشرية (ج رج ج‪ ،‬العدد ‪ ،5‬السنة ‪ 33‬الصادرة في ‪ 21‬يناير‪.)1996‬‬

‫‪ -‬مرس وم تنفي ذي رقم ‪ 97/35‬م ؤرخ في ‪ 5‬رمض ان ع ام ‪ 1417‬المواف ق ‪ 14‬ين اير‬


‫‪ 1997‬يحدد شروط وكيفيات بيع األمالك ذات االستعمال السكني وإ يجارها وبيعها باإليجار‬
‫وشروط بيع األمالك ذات االستعمال التجاري والمهني وغيرها‪ ،‬التي أنجزتها دواوين الترقية‬
‫والتسيير العقاري بتمويل قابل للتسديد من حسابات الخزينة العامة أو بتمويل مضمون منها‬
‫والمسلمة بعد شهر أكتوبر سنة ‪( 1992‬ج رج ج‪ ،‬العدد ‪ ،4‬السنة ‪ 34‬الصادرة في ‪ 15‬يناير‬
‫‪.)1997‬‬

‫‪ -‬مرس وم تنفي ذي رقم ‪ 99/95‬م ؤرخ في ‪ 03‬مح رم ‪ 1420‬المواف ق لـ ‪ 19‬أبري ل‬


‫‪ 1999‬يتعلق بالوقاية من األخطار المتصلة بمادة األميانت (ج رج ج‪ ،‬العدد ‪ ،29‬السنة ‪36‬‬
‫الصادرة في ‪ 21‬أبريل ‪.)1999‬‬

‫‪ -‬مرس وم تنفي ذي رقم ‪ 01/105‬م ؤرخ في ‪ 29‬مح رم ع ام ‪ 1429‬المواف ق لـ ‪23‬‬


‫أبريل‪ ،2001‬يح دد شروط ش راء المساكن المنج زة ب أموال عمومية في إط ار ال بيع باإليج ار‬
‫وكيفيات ذلك (ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،25‬س‪ 38‬الصادرة في ‪ 29‬أبريل‪.)2001‬‬

‫‪ -‬مرس وم تنفي ذي رقم ‪ 06/03‬م ؤرخ في ‪ 7‬ذي الحج ة ع ام ‪ 1426‬المواف ق لـ ‪07‬‬


‫يناير ‪ ،2006‬يضبط القيم القصوى ومستويات اإلنذار وأهداف نوعية الهواء في حالة تلوث‬
‫الجو (ج ر ج ج‪ ،‬العدد‪ ،1‬السنة ‪ ،43‬الصادرة في ‪ 08‬يناير‪.)2006‬‬

‫‪ -‬مرس وم تنفي ذي رقم ‪ 06/306‬م ؤرخ في ‪ 17‬ش عبان ع ام ‪ 1427‬المواف ق لـ ‪10‬‬


‫سبتمبر ‪ 2006‬يحدد العناصر األساسية للعقود المبرمة بين األعوان االقتصاديين والمستهلكين‬
‫والبنود التي تعتبر تعسفية (ج رج ج‪ ،‬العدد ‪ 56‬السنة ‪ 43‬الصادرة في‪ 11‬سبتمبر ‪.)2006‬‬

‫‪269‬‬
‫‪ -‬مرسوم تنفي ذي رقم ‪ 08/44‬م ؤرخ في ‪ 03‬ف براير‪ 2008‬يح دد العناصر األساسية‬
‫للعقود المبرمة بين األعوان االقتصاديين والمستهلكين (ج ر ج ج ‪ ،‬العدد ‪ ،7‬السنة ‪.)2008‬‬

‫‪ -‬مرس وم تنفي ذي رقم ‪ 09/307‬م ؤرخ في ‪ 3‬ش وال ع ام ‪ 1430‬المواف ق لـ ‪22‬‬


‫سبتمبر‪ 2009‬يحدد كيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة‬
‫البن اء وش هادة المطابق ة ورخص ة اله دم وتس ليم ذل ك (ج رج ج‪ ،‬الع دد ‪ ،55‬الس نة ‪،46‬‬
‫الصادرة في ‪ 27‬سبتمبر ‪.)2009‬‬

‫‪ -‬مرسوم التنفيذي رقم ‪ 12/84‬مؤرخ في ‪ 27‬ربيع األول عام ‪ 1433‬الموافق لـ ‪20‬‬


‫فبراير ‪ 2012‬يحدد كيفيات منح االعتماد لممارسة مهنة المرقي العقاري‪ ،‬وكذا كيفيات مسك‬
‫الج دول الوط ني للم رقين العق اريين (ج رج ج‪ ،‬ع ‪ ،11‬س‪ 49‬الص ادرة في‪ 26‬ف براير‬
‫‪.)2012‬‬

‫‪ -‬مرس وم رقم ‪ 76/63‬م ؤرخ في ‪ 24‬ربي ع األول عام ‪ 1396‬المواف ق لـ ‪ 25‬م ارس‬
‫سنة ‪ 1976‬يتعلق بإعداد مسح األراضي العام (ج رج ج‪ ،‬العدد ‪ ،30‬السنة ‪ 13‬الصادرة في‬
‫‪ 13‬أبريل‪.)1976‬‬

‫‪ -‬مرس وم رقم ‪ 83/666‬م ؤرخ في ‪ 7‬ص فر ع ام ‪ 1404‬المواف ق لـ ‪ 12‬نوفم بر‬


‫‪ 1983‬يحّد د القواعد المتعلقة بالملكية المشتركة وتسيير العمارات الجماعية (ج رج ج‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،47‬السنة ‪ 20‬الصادرة في ‪ 15‬نوفمبر‪.)1983‬‬

‫‪ -‬مرس وم رقم ‪ 86/205‬م ؤرخ في ‪ 13‬ذي الحج ة ع ام ‪ 1406‬المواف ق لـ ‪ 19‬أوت‬


‫‪ 1986‬يتض من تغي ير هيئ ة المراقب ة التقني ة للبن اء (ج رج ج‪ ،‬الع دد ‪ ،34‬الس نة ‪ 20‬الص ادرة‬
‫في ‪ 20‬أوت‪.)1986‬‬

‫‪ -‬مرس وم رقم ‪ 86/206‬م ؤرخ في ‪ 13‬ذي الحج ة ع ام ‪ 1406‬المواف ق لـ ‪ 19‬أوت‬


‫‪ 1986‬يتضمن إنشاء هيئة وطنية لرقابة البناء التقنية في جنوب البالد (ج رج ج‪ ،‬العدد ‪،34‬‬
‫السنة ‪ 20‬الصادرة في ‪ 20‬أوت‪.)1986‬‬

‫‪270‬‬
‫‪ -‬مرس وم رقم ‪ 86/207‬م ؤرخ في ‪ 13‬ذي الحج ة ع ام ‪ 1406‬المواف ق لـ ‪ 19‬أوت‬
‫‪ 1986‬يتضمن إنشاء هيئة وطنية لرقابة البناء التقنية في غرب البالد (ج رج ج‪ ،‬العدد ‪،34‬‬
‫السنة ‪ 20‬الصادرة في ‪ 20‬أوت‪.)1986‬‬

‫‪ -‬مرس وم رقم ‪ 86/208‬م ؤرخ في ‪ 13‬ذي الحج ة ع ام ‪ 1406‬المواف ق لـ ‪ 19‬أوت‬


‫‪ 1986‬يتضمن إنشاء هيئة وطنية لرقابة البناء التقنية في شرق البالد (ج رج ج‪ ،‬العدد ‪،34‬‬
‫السنة ‪ 20‬الصادرة في ‪ 20‬أوت‪.)1986‬‬

‫‪ -‬مرس وم رقم ‪ 86/209‬م ؤرخ في ‪ 13‬ذي الحج ة ع ام ‪ 1406‬المواف ق لـ ‪ 19‬أوت‬


‫‪ 1986‬يتضمن إنشاء هيئة وطنية لرقابة البناء التقنية في الشلف (ج رج ج‪ ،‬الع دد ‪ ،34‬السنة‬
‫‪ 20‬الصادرة في ‪ 20‬أوت‪.)1986‬‬

‫‪ -‬مرس وم رقم ‪ 86/210‬م ؤرخ في ‪ 13‬ذي الحج ة ع ام ‪ 1406‬المواف ق لـ ‪ 19‬أوت‬


‫‪ 1986‬يجعل المخبر الوطني لألشغال العمومية " هيأة وطنية لرقابة تقنية األشغال العمومية"‬
‫(ج رج ج‪ ،‬العدد ‪ ،34‬السنة ‪ 20‬الصادرة في ‪ 20‬أوت‪.)1986‬‬

‫‪ -‬مرس وم رقم ‪ 86/213‬م ؤرخ في ‪ 13‬ذي الحج ة ع ام ‪ 1406‬المواف ق لـ ‪ 19‬أوت‬


‫‪ 1986‬يتضمن إحداث لجنة تقنية دائمة لرقابة البناء التقنية (ج رج ج‪ ،‬العدد ‪ ،34‬السنة ‪20‬‬
‫الصادرة في ‪ 20‬أوت‪.)1986‬‬

‫القــرارات‪:‬‬

‫‪ -‬ق رار وزاري مش ترك م ؤرخ في ‪ 28‬رمض ان ع ام ‪ 1408‬المواف ق لـ ‪ 15‬م اي‬


‫‪ 1988‬يتضمن كيفيات ممارسة االستشارة الفنية في ميدان البناء وأجر ذلك (ج رج ج‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،43‬السنة ‪ 25‬الصادرة في ‪ 26‬أكتوبر‪.)1988‬‬

‫‪ -‬ق رار وزاري م ؤرخ في ‪ 02‬ذي القع دة ع ام ‪ 1412‬المواف ق لـ ‪ 05‬م اي ‪1992‬‬


‫يتعلق باألشخاص المؤهلين إلعداد مشاريع البناء الخاضعة لرخصة البناء (ج رج ج ‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،59‬السنة ‪ 29‬الصادرة في ‪ 02‬أوت ‪.)1992‬‬

‫‪271‬‬
‫ جويلية‬04 ‫ المواف ق لـ‬1422 ‫ ربيع الثاني عام‬12 ‫ قرار وزاري مشترك مؤرخ في‬-
15 ‫ المواف ق لـ‬1408 ‫ رمض ان ع ام‬28 ‫ يع دل الق رار ال وزاري المش ترك الم ؤرخ في‬2001
‫ والمتض من كيفي ات ممارس ة تنفي ذ األش غال في مي دان البن اء وأج ر ذل ك (ج ر ج‬1988 ‫م اي‬
.)2001 ‫ أوت‬12 ‫ الصادرة في‬38 ‫ السنة‬،45 ‫ العدد‬،‫ج‬

‫ المراجع باللغة الفرنسية‬:‫ثانيا‬

A- OUVRAGES GENERAUX:

- MAINGUY Daniel:

Contrats spéciaux, 3éme édition, Dalloz, Paris 2002.

- MALINVAUD Philippe:
Droit de la construction, Edition Dalloz, Paris, 2000.

- MAZEAUD H, L et J:

Leçons de droit civil, Obligations, Tome deuxième, Editions Montchrestien, 1962, p


127-128, note(5).

B- OUVRAGES SPECIAUX:

- BOUBLI Bernard :
Contrat d’entreprise, Encyclopédie Dalloz, Civil IV, Editions DALLOZ, Paris,
1999.

- Daniel Veaux, Juris-classeu:

louage d’ouvrage et d’industrie, louage d’ouvrage, Fasc.70, 2-1998, n°14.

- JESTAZ Philippe, MALINVEAUD Philippe:

272
Droit de la promotion immobilière, Paris, DALLOZ, 1988, p17.

- KARILA Jean-Pierre :
La responsabilité des constructeurs, 2éme édition, Delmas, Paris, 1991.

- MALINVAUD Philippe:

Responsabilité des constructeurs (droit privé), Responsabilité commun des


constructeurs, Droit de la construction, Edition Dalloz, Paris, 2000, p 1210.

- PERINET-MARQUET Hugues :

Architectes-Droit de la construction, Edition Dalloz, Paris, 2000.

- PERINET-MARQUET Hugues :
La responsabilité des constructeurs, Edition Dalloz, Paris, 1996.

VICTOR-BELIN Nicole :

Prévenir pour construire, Edition le moniteur, Paris, 1996.

- ZENNAKI Dalila:

L’impacte de la réception de l’ouvrage sur la garantie des constructeurs


immobiliers, RASJEP, n° 2, 2000, p34-38.

C- ARTICLES

- AMAR Zahi
Le droit et la responsabilité en matière de construction, revue Algérienne des
sciences juridiques économiques et politiques, n°3, septembre 1987.

- IBRAHIM Youcef:

La responsabilité des constructeurs dans le cadre du contrat d’entreprise, la garanti


décennale selon l’article 554 du code civil, R.A.S.J.E.P, n° 2, Alger, 2000, p11.

273
- SAINT Alary Roger:

Choix de la construction, Presse Universitaire de Françè, 1977.

VI- RECUEILS:

- FOSSEREAU (J) :
Le clair-obscur de la responsabilité des constructeurs, recueil Dalloz Sirey, 1977,
chronique III.

D-THESES:

- SOINNE (B):

La responsabilité des architectes et entrepreneurs après la réception travaux,


thèse, Paris 1969.

‫الفهــرس‬

274
‫الموضوع ‪......................................................................‬الصفحة‬

‫مقدمة ‪1....................................................................................‬‬

‫البـــاب األول‪ :‬المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء على ض وء القواع د‬
‫العامة ‪6....................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬التزامات المهندس المعماري ومقاول البناء الخاصة والمشتركة‪7............‬‬

‫المبحث األول‪ :‬االلتزامات الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء ‪..................‬‬


‫‪8‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬االلتزامات الخاصة للمهندس المعماري ‪8..............................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬التزام المهندس المعماري بوضع التصميم‪10..........................‬‬

‫أوال‪ :‬واجب احترام أصول الفن‪15...............................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬واجب احترام القوانين واللوائح‪19..........................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التزام المهندس المعماري باإلشراف على األعمال وإ دارتها‪23........‬‬

‫المطلب الثــاني‪ :‬االلتزام ات الخاص ة لمق اول البن اء‪...................................‬‬


‫‪25‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬التزام مقاول البناء بانجاز العمل‪26...................................‬‬

‫أوال ‪ :‬واجب مراعاة مقتضيات العقد‪26............................................‬‬

‫‪- 01‬احترام الشروط المتفق عليها في العقد‪26...................................‬‬

‫‪-02‬مراعاة أوامر الخدم ة‪....................................................‬‬


‫‪27‬‬

‫‪-03‬احترام أصول الفن‪28......................................................‬‬

‫‪275‬‬
‫ثانيا ‪ :‬واجب اختيار المادة‪32.....................................................‬‬

‫‪ -01‬تعهد مقاول البناء بتوريد المواد المستخدمة في البناء‪33...................‬‬

‫‪ - 02‬تعهد رب العمل بتوريد المواد المستخدمة في البناء‪.....................‬‬


‫‪35‬‬

‫ثالثا‪ :‬واجب انجاز العمل في األجل المعّين وبالسعر المحدد في العقد‪37..........‬‬

‫‪-01‬االلتزام بانجاز العمل في األجل المعين بالعقد‪37...........................‬‬

‫‪- 02‬االلتزام بانجاز العمل وفق السعر المحدد‪39................................‬‬

‫أ ‪ -‬تحديد قيمة األجر على أساس السعر الجزافي‪39..........................‬‬

‫ب‪ -‬تحديد قيمة األجر على أساس الوحدة‪41.................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التزام مقاول البناء بتسليم العمل‪42..................................‬‬

‫أوال ‪ :‬واجب التسليم‪42...........................................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬جزاء إخالل مقاول البناء بالتزامه بالتسليم‪43...............................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التزام مقاول البناء بالضمان‪44......................................‬‬

‫أوال‪ :‬ضمان مقاول البناء لمادة العمل‪45.........................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬ضمان مقاول البناء للعيب في الصنعة‪45..................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬االلتزامات المشتركة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪46...............‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬التزام المهندس المعماري ومقاول البناء باإلعالم واإلرشاد‪46..........‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التزام المهندس المعماري باإلعالم واإلرشاد‪.......................‬‬


‫‪47‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التزام مقاول البناء باإلعالم واإلرشاد‪50.............................‬‬

‫‪276‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التزام المهندس المعماري ومقاول البناء بالتأمين على المسؤولية‪52....‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التأمين على المسؤولية المدنية المهنية‪53.............................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التأمين على المسؤولية العشرية‪54..................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لمسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء‪57............‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المسؤولية العقدية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪58...................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أسباب المسؤولية العقدية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪58..........‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أركان المسؤولية العقدية‪58...........................................‬‬

‫أوال ‪ :‬الخطأ العقدي‪59............................................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الضرر‪62..................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬عالقة السببية بين الخطأ و الضرر‪63.......................................‬‬

‫الفــرع الثــاني‪ :‬نط اق المس ؤولية العقدي ة‪............................................‬‬


‫‪66‬‬

‫أوال ‪ :‬المسؤولية العقدية قبل التسليم النهائي للبناء‪67...............................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المسؤولية بعد التسليم النهائي للبناء‪72......................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬جزاء المسؤولية العقدية‪78...........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التعويض عن المسؤولية العقدية‪78....................................‬‬

‫أوال‪ :‬التعويض العيني‪79.........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعويض النقدي‪80.........................................................‬‬

‫ثالثـ ــا‪ :‬التع ويض اإلض افي‪.......................................................‬‬


‫‪80‬‬

‫‪277‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تعديل قواعد المسؤولية العقدية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪82...‬‬

‫أوال‪ :‬االتفاق على التشديد في المسؤولية العقدية‪83................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬االتفاق على التخفيف من المسؤولية‪83......................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬االتفاق على اإلعفاء من المسؤولية‪83.......................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المسؤولية التقصيرية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪85...............‬‬

‫المطلب األول‪ :‬قيام المسؤولية التقصيرية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪86.........‬‬

‫الفرع األول‪ :‬صور المسؤولية التقصيرية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪.......‬‬


‫‪86‬‬

‫أوال‪ :‬المسؤولية عن األفعال الشخصية‪86.........................................‬‬

‫‪ - 01‬الخطأ التقصيري‪86......................................................‬‬

‫‪- 02‬الضرر‪87................................................................‬‬

‫‪- 03‬عالقة السببية‪88..........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‪88.......................................‬‬

‫ثالثا ‪ :‬مسؤولية حارس البناء‪90...................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق المسؤولية التقصيرية للمهندس المعماري ومقاول البناء‪94......‬‬

‫أوال ‪ :‬لجوء صاحب المشروع للمسؤولية التقصيرية‪94.............................‬‬

‫‪- 01‬حالة الغش أو التدليس‪94..................................................‬‬

‫‪ -02‬حالة إصابة صاحب المشروع بأضرار جسدية أو مادية‪.................‬‬


‫‪96‬‬

‫‪278‬‬
‫‪ -03‬حال ة رج وع رب العم ل ب دعوى الحل ول‪.................................‬‬
‫‪98‬‬

‫المضرور أحد المارة‪98..................................................‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪-‬المضرور أحد الجيران‪100...............................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مسؤولية المقاول الفرعي تجاه رب العمل‪104..............................‬‬

‫ثالثا‪ :‬لجوء المهندس المعماري ومقاول البناء للمسؤولية التقصيرية في مواجهة‬


‫بعضهما البعض‪106.......................................................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬جزاء المسؤولية التقصيرية‪108......................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التعويض عن المسؤولية التقصيرية‪108...............................‬‬

‫الفــرع الثــاني‪ :‬االتف اق على تع ديل أحك ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري‬
‫ومق اول البن اء‪..........................................................................‬‬
‫‪111‬‬

‫أوال‪ :‬االتف اق على اإلعف اء من المسؤولية التقص يرية أو التخفيف منه ا‪..........‬‬
‫‪112‬‬

‫ثانيا ‪ :‬االتفاق على التشديد في المسؤولية التقصيرية ‪112..........................‬‬

‫الب ــاب الث ــاني‪ :‬المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء على ض وء القواع د‬
‫الخاصة‪113...............................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬شروط تحقق المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء‪114.....‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الشروط الموضوعية والشروط الشكلية‪114.............................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬الشروط الموضوعية‪114.............................................‬‬

‫‪279‬‬
‫الفــرع األول‪ :‬ض رورة وج ود عق د مقاول ة مب اني أو منش آت ثابت ة أخ رى م ع رب‬
‫العمل‪115.................................................................................‬‬

‫أوال‪ :‬تعري ف عق د المقاول ة وبي ان خصائص ه‪...................................‬‬


‫‪115‬‬

‫‪ - 01‬تعريف عقد المقاولة‪115.................................................‬‬

‫‪ -02‬خص ائص عق د المقاول ة‪...............................................‬‬


‫‪117‬‬

‫أ ‪ -‬المقاولة عقد رضائي‪117.................................................‬‬

‫ب ‪ -‬المقاولة عقد تبادلي‪117.................................................‬‬

‫جـ ‪ -‬المقاولة عقد معاوضة‪117.............................................‬‬

‫د ‪ -‬المقاولة عقد وارد على عمل مادي‪117...................................‬‬

‫هـ ‪ -‬المقاولة عقد مستقل‪118................................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬موضوع عقد المقاولة‪119..................................................‬‬

‫ثالثا ‪ :‬وجوب إبرام عقد المقاولة مع رب العمل‪120...............................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تحقق التهدم أو ظهور العيب بالمباني والمنشآت الثابتة‪121...........‬‬

‫المطلب الثـ ــاني‪ :‬الش روط الش كلية‪.................................................‬‬


‫‪121‬‬

‫الفــرع األول‪ :‬ماهي ة تس لم العم ل‪................................................‬‬


‫‪122‬‬

‫أوال‪ :‬تعري ف التس لم‪..........................................................‬‬


‫‪122‬‬

‫‪280‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الطبيعة القانونية للتسلم‪126................................................‬‬

‫‪ -01‬التسلم اتفاق قائم بذاته ومستقل عن عقد المقاولة‪126......................‬‬

‫‪ -02‬التسلم واقعة قانوني ة‪..................................................‬‬


‫‪127‬‬

‫‪ - 03‬التسلم عمل قانوني انفرادي‪128..........................................‬‬

‫ثالثــا‪ -‬ش روط التس لم‪.........................................................‬‬


‫‪129‬‬

‫‪ -01‬الشروط الموضوعية للتسلم‪..........................................‬‬


‫‪129‬‬

‫أ ‪ -‬انجاز العمل محل التعاقد‪129.............................................‬‬

‫ب ‪ -‬المطابقة‪129............................................................‬‬

‫‪ -02‬الش روط الش كلية‬


‫للتسلم‪132...............................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬النظام القانوني للتسلم‪133............................................‬‬

‫أوال‪ :‬أط راف التس لم‪..........................................................‬‬


‫‪133‬‬

‫‪ -01‬مق اول البن اء ال دائن‬


‫بالتسلم‪134..........................................‬‬

‫‪ -02‬ص احب المش روع الم دين‬


‫بالتسلم‪134...................................‬‬

‫‪ -03‬األش خاص اآلخ رون المس اهمون في عملي ة التس لم‬


‫والتسليم‪136..........‬‬
‫‪281‬‬
‫أ ‪ -‬المهندس المعماري‪136.................................................‬‬

‫ب‪ -‬المت دخلون اآلخ رون في عملي ة التس لم والتس ليم من غ ير المهن دس‬
‫اري‪..........................................................................‬‬ ‫المعم‬
‫‪137‬‬

‫ثانيا‪ :‬زمان ومكان التسلم‪138....................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬ط رق تس لم العم ل‪......................................................‬‬


‫‪138‬‬

‫‪ -01‬التس لم الص ريح‬


‫للعمل‪139..............................................‬‬

‫‪ -02‬التس لم‬
‫الضمني‪139....................................................‬‬

‫‪ -03‬التس لم‬
‫المؤقت‪140.....................................................‬‬

‫‪ -04‬التس لم‬
‫النهائي‪140......................................................‬‬

‫‪ -05‬التس لم الكلي والتس لم‬


‫الجزئي‪141.......................................‬‬

‫لم الكلي‪........................................................‬‬ ‫التس‬ ‫أ‪-‬‬


‫‪141‬‬
‫التسلم الجزئي‪141...................................................‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫رابعــا‪ :‬إثب ات التس لم‪..........................................................‬‬


‫‪142‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬آثار التسلم‪143......................................................‬‬


‫‪282‬‬
‫المبحث الثـ ــاني‪ :‬نط اق تط بيق قواع د المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول‬
‫البناء‪145..................................................................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬النطاق الشخصي لقواعد المسؤولية الخاصة‪145.......................‬‬

‫الفــرع األول‪ :‬األش خاص المس ؤولون‪...........................................‬‬


‫‪146‬‬

‫أوال‪ :‬األشخاص المسؤولون الرتباطهم بعقد مقاولة مع رب العمل‪..............‬‬


‫‪148‬‬

‫‪ -01‬ض رورة وج ود عق د‬
‫مقاولة‪149.........................................‬‬

‫‪ -02‬ض رورة انعق اد عق د المقاول ة م ع رب العم ل‬


‫األصلي‪151.................‬‬

‫‪-03‬النطاق التقليدي لألشخاص المسؤولين‪...............................‬‬


‫‪152‬‬

‫أ ‪ -‬المهندس المعماري‪..................................................‬‬
‫‪152‬‬

‫ب‪ -‬مق اول البن اء‪.......................................................‬‬


‫‪158‬‬

‫ثانيا‪ :‬األش خاص المس ؤولون وفق ا ألحك ام تش ريعية خاص ة‪.......................‬‬
‫‪163‬‬

‫‪ - 01‬المراقب الفني‪.......................................................‬‬
‫‪164‬‬

‫‪ - 02‬المرقي العقاري‪.....................................................‬‬
‫‪172‬‬
‫‪283‬‬
‫أ‪ -‬مسؤولية المكتتب في ظل القانون رقم ‪178........................86/07‬‬

‫ب‪ -‬مسؤولية المتعام ل في الترقية العقارية في ظل المرسوم التشريعي رقم‬


‫‪180........................................................................... 93/03‬‬

‫جـ‪ -‬مسؤولية المرقي العقاري في ظل القانون رقم ‪182.............11/04‬‬

‫الفـ ــرع الثـ ــاني‪ :‬األش خاص المس تفيدون‪............................................‬‬


‫‪184‬‬

‫أوال‪ :‬ص احب المش روع ‪.....................................................‬‬


‫‪184‬‬

‫ثانيا ‪ :‬خلف صاحب المشروع‪188................................................‬‬

‫الخلف العام‪188.....................................................‬‬ ‫‪-01‬‬


‫الخلف الخاص‪190..................................................‬‬ ‫‪-02‬‬

‫ثالثا‪ :‬المالكون المشتركون للبناء‪194.............................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬النطاق الموضوعي لقواعد المسؤولية الخاصة ‪198...................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األعمال التي تشكل محل سريان أحكام المسؤولية الخاصة‪198........‬‬

‫أوال ‪ :‬طبيعة األشياء محل األعمال‪199...........................................‬‬

‫‪ -01‬المبانـي‪199............................................................‬‬

‫‪ - 02‬المنشآت الثابتة ‪203.....................................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬طبيعة األعمال ذاتها‪205...................................................‬‬

‫الفــرع الثــاني‪ :‬األض رار ال تي إذا تحققت اعت برت س ببا لتط بيق أحك ام المس ؤولية‬
‫الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء ‪206.............................................‬‬

‫أوال‪ :‬تهّد م المباني أو المنشآت الثابتة‪207.........................................‬‬


‫‪284‬‬
‫‪ -01‬مفه وم الته دم‪.........................................................‬‬
‫‪207‬‬

‫‪ -02‬ص ور الته دم‪.........................................................‬‬


‫‪208‬‬

‫أ‪ .‬الته دم الكلي‪...........................................................‬‬


‫‪208‬‬

‫ب‪ .‬التهدم الجزئي‪208.......................................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬العيوب الموجبة لتطبيق أحكام المسؤولية الخاصة‪209......................‬‬

‫‪ -01‬تعري ف العيب‪........................................................‬‬
‫‪209‬‬

‫‪ - 02‬أنواع العيب‪211.........................................................‬‬

‫أ ‪ .‬العيب الراجع إلى األرض المقام عليها البناء‪211..........................‬‬

‫ب ‪ .‬العيب الراجع إلى الخطأ في التصميم‪212................................‬‬

‫جـ ‪ .‬العيب الراجع إلى المواد األولية المستعملة في البناء‪214................‬‬

‫د ‪ .‬العيب الراجع إلى الخطأ في تنفيذ المشروع‪216...........................‬‬

‫ثالثا‪ :‬الشروط الواجب توافرها في العيوب لتطبيق أحكام المسؤولية الخاصة‪217..‬‬

‫‪ -01‬خف اء العيب‪..........................................................‬‬
‫‪217‬‬

‫‪ - 02‬خطورة العيب‪220.......................................................‬‬

‫أ‪ .‬تهديد متانة وسالمة البناءات و المنشآت الثابتة‪.........................‬‬


‫‪221‬‬

‫‪285‬‬
‫ب‪ .‬المس اس بمتان ة وس المة العناص ر التجهيزي ة غ ير القابل ة لالنفص ال‪......‬‬
‫‪221‬‬

‫‪ -03‬أن تحصل العيوب خالل مدة الضمان‪223................................‬‬

‫أ‪ .‬بدء سريان مدة الضمان‪223...............................................‬‬

‫ب‪ .‬الطبيع ة القانوني ة للم دة‪................................................‬‬


‫‪224‬‬

‫جـ‪ .‬رجوع صاحب المشروع على المهندس المعماري ومقاول البناء بعد‬
‫انته اء الم دة‪............................................................................‬‬
‫‪227‬‬

‫الفصـ ـ ــل الثـ ـ ــاني‪ :‬خص ائص المس ؤولية العش رية للمهن دس المعم اري ومق اول‬
‫البناء‪228.............................................................................. ....‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المسؤولية العشرية مسؤولية مفترضة بقوة القانون‪228..................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أساس افتراض المسؤولية العشرية بقوة القانون‪229...................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬مبدأ القرينة‪230......................................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬مدى القرينة‪232.....................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب اإلعفاء من المسؤولية العشرية‪234............................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬القوة القاهرة ‪236....................................................‬‬

‫أوال‪ :‬ش روط تحق ق الق وة الق اهرة‪..............................................‬‬


‫‪236‬‬

‫‪ -01‬أن يكون الحادث خارجي ا ‪............................................‬‬


‫‪236‬‬

‫‪286‬‬
‫‪ -02‬عدم إمكان التوقع واستحالة ال دفع‪.....................................‬‬
‫‪239‬‬

‫ثانيا‪ :‬أث ر ثب وت الق وة الق اهرة ‪................................................‬‬


‫‪241‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬خطأ رب العمل‪242.................................................‬‬

‫أوال‪ :‬رب العمل غير الخبير في فن البناء‪243...................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬رب العمل الخبير في فن البناء‪245.......................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬خطأ الغير‪246......................................................‬‬

‫أوال‪ :‬الغ ير األجن بي تمام ا عن عملي ة البن اء‪...................................‬‬


‫‪246‬‬

‫ثاني ــا‪ :‬الغ ير المتص ل بعملي ة البن اء‪............................................‬‬


‫‪247‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المسوؤلية العشرية مسؤولية تضامنية ومن النظام العام‪248.............‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تضامن المهندس المعماري ومقاول البناء في الضمان‪248.............‬‬

‫الفرع األول‪ :‬موضوع التضامن‪250...............................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آثار التضامن‪252...................................................‬‬

‫أوال‪ :‬تض امن المهن دس المعم اري ومق اول البن اء‪...............................‬‬
‫‪252‬‬

‫ثانيا‪ :‬رجوع المهندس المعماري ومقاول البناء الواحد منهما على اآلخر‪253......‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المسؤولية العشرية من النظام العام‪256...............................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬حكمة تعلق المسؤولية العشرية بالنظام العام‪256......................‬‬


‫‪287‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اآلثار المترتبة على تعلق المسؤولية العشرية بالنظام العام‪257........‬‬

‫أوال‪ :‬حكم االتفاقات المعدلة ألحكام المسؤولية العشرية‪257.......................‬‬

‫‪-01‬االتفاقات المشددة ألحكام المسؤولية العش رية‪...........................‬‬


‫‪257‬‬

‫‪ -02‬االتفاق ات المخفف ة للمس ؤولية‪..........................................‬‬


‫‪258‬‬

‫‪ - 03‬االتفاقات المعفية للمسؤولية‪258..........................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬نزول رب العمل عن الضمان بعد تحقق سببه‪259..........................‬‬

‫الخاتمة ‪261...............................................................................‬‬

‫قائمـــــــة االختصـــــــارات ‪.....................................................................‬‬


‫‪264‬‬

‫قائمـــــــة المراجـــــــع ‪.........................................................................‬‬


‫‪266‬‬

‫الفهــــــــــــــرس ‪...............................................................................‬‬
‫‪285‬‬

‫‪288‬‬
289
290

You might also like