Professional Documents
Culture Documents
شيخ نسيمة رسالة الدكتوراه
شيخ نسيمة رسالة الدكتوراه
مقدمـة
إّن اإلنسان يبحث دوما عن مسكن مالئم يأويه ،ويأوي أفراد عائلته ،غير أّن حصوله
على مثل هذا المسكن ،أصبح مطلبا عسير المنال وصعب التحقيق ،بسبب تخلف حركة البناء
عن مواجهة الزيادة الهائلة في عدد السكان ،وتعدد أوجه النشاط في المجتمع ،1مما أدى إلى
وجود اختالل في التوازن بين العدد القليل من السكنات ،والطلب المرتفع عليهـا.
وأمام ه ذا الوض ع ،اتجهت االس تثمارات في الجزائر إلى مج ال التش ييد والبناء ،تلبيـة
للحاجات البشرية الملحة إلى المساكن والمرافق ،ورغبة في تحقيق المكاسب السريعـة.
واس تجابة لمتطلب ات اإلنس ان المتزاي دة ،والتض خم الس كاني المس تمر ،توس عت دائـرة
أعمال البناء كّم ا وكيفا ،وظهرت أساليب حضارية وتكنولوجية جديدة ،فتطورت أساليب الفن
المعماري ،التي أصبحت تمّك ن من انجاز المباني والمنشآت الثابتة األخرى في وقت قصير،
كما ظهر أسلوب المباني سابقة التجهيز ،وكل ذلك يمثل عنصرا هاما من عناصر االقتصاد
القومي للدولـة.
إّن التط ور في الكّم والكي ف في مج ال التش ييد والبن اء ،والس رعة في انج از المب اني
والمنش آت الثابت ة ،والرغب ة في تحقي ق أك بر كس ب ممكن ،ق د ي أتي على حس اب متان ة البن اء
وق وة تحمل ه ،وذل ك نتيج ة ع دم الدق ة في تنفي ذ األعم ال من ط رف المق اول ،واإلهم ال في
اإلشراف على هذه األعمال من قبل المهندس ،أو استعمال الغش باستخدام مواد غير مطابقة
للمواص فات الفني ة المتطلب ة ،أو اس تعمال ط رق احتيالي ة إلخف اء الخل ل ،أو العيب الظ اهر في
البناء ،وما يستتبعه ذلك كله من كوارث قد يروح ضحيتها الكثيـرون.
هذا التطور في مجال التشييد والبناء ،وما قابله من حوادث انهيار المباني وتصدعها،
بع د تس لمها ب وقت قص ير ،ب ل وأحيان ا قب ل تس لمها ،ومن مس اٍس بس المة األف راد ،عن طري ق
تعريض أرواحهم وأمالكهم للعديد من المخاطر واألضرار ،كل ذلك أدى بالمشرع الجزائري
على غ رار ب اقي التش ريعات العربي ة والغربي ة ،إلى التشديـد من مس ؤولية ك ل من المهن دس
المعم اري ومق اول البن اء ،وذل ك ب افتراض قرين ة المس ؤولية في جانبهم ا ،وجعلهم ا مس ؤولين
عن األض رار ال تي تص يب رب العم ل والغ ير ،كم ا نص على بطالن أّي ش رط يعفي من
سمير عبد السيد تناغو ،عقد اإليجار ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،1997 ،ص.237 1
2
الضمان الخاص أو يحد منه ،نظرا الرتباطه بالنظام العام ،ولم يكتف بإقرار نظام المسؤولية
العقدية للمهن دس المعم اري ومق اول البناء ،وفق ا للنظري ة العام ة ،بشأن إخاللهم ا بالتزاماتهم ا
العقدي ة عن الف ترة الس ابقة النج از العم ل ،وتس لمه من رب العم ل ،وإ نم ا عم ل على تدعيم ه
بنظام الضمان العشري الذي نص عليه في المادة 554من القانون المدني الجزائـري.
هذا ولقد نظم المشرع الجزائري أحكام المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول
البن اء في التق نين الم دني 2في الم ادة المن وه عنه ا س ابقا ،وفي ع دة نص وص تش ريعية خاص ة
تتعل ق بقط اع البن اء والتعم ير ،س يما الق انون رقم 90/29الم ؤرخ في 01ديس مبر 1990
والمتعل ق بالتهيئ ة والتعم ير ،3والمرس وم التنفي ذي رقم 91/175الم ؤرخ في 28م اي 1991ال ذي
يح دد القواع د العام ة للتهيئ ة والتعم ير والبن اء ،4والمرس وم التنفي ذي رقم 91/176الم ؤرخ في 28
ماي 1991والذي يحدد كيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة
البناء وشهادة المطابقة ورخص ة الهدم وتسليم ذلك ،5واألمر رقم 95/07المؤرخ في 25يناير
1995المتعل ق بالتأمين ات ،والق رار ال وزاري المش ترك الم ؤرخ في 15/05/1988يتض من
6
ه ذه الق وانين أنش أت نوع ا خاص ا من المس ؤولية العقدي ة ،أو نظام ا خاص ا للض مان
مقررا لمصلحة رب العمل ،في مواجهة المهندس المعماري أو مقاول البناء ،الذي تربطه به
الص ادر بم وجب األم ر رقم 75/58الم ؤرخ في 26/09/1975المع دل والمتمم ،منش ور في ج ر ج ج ،ع ،78 2
المع دل والمتمم بالمرس وم التش ريعي رقم 94/07الم ؤرخ في 18/05/1994المتعل ق بش روط اإلنت اج المعم اري 3
وممارسة مهنة المهندس المعماري ،وبالقانون رقم 04/05المؤرخ في 14/08/2004المتعلق بالتهيئة والتعمير.
المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي رقم 06/03المؤرخ في 07/01/2006الذي يضبط القيم القصوى ومستويات 5
اإلنذار وأهداف نوعية الهواء في حالة تلوث الجو ،وبالمرسوم التنفيذي رقم 09/307المؤرخ في 22/09/2009
وال ذي يح دد كيفي ات تحض ير ش هادة التعم ير ورخص ة التجزئ ة وش هادة التقس يم ورخص ة البن اء وش هادة المطابق ة
ورخصة الهدم وتسليم ذلك.
3
عالقة عقدية ،وذلك في حدود معينة ،وشروط خاصة ،وفي خارج هذه الحدود ،أو في حالة
عدم توافر هذه الشروط ،تخضع هذه المسؤولية للقواعد العامة للمسؤولية العقدية ،وقد تتعين
كذلك مسؤولية المهندس المعماري أو مقاول البناء تقصيريا في مواجهة الغير المضـرور.
والمعلوم أّن عملية تشييد المباني ،وإ قامة المنشآت الثابتة األخرى ،تمر بثالثة مراح ل،
تتمث ل المرحل ة األولى في إع داد التص ميم ،ال ذي يق وم ب ه المهن دس المعم اري ،بن اء على عق د
مقاولة يربطه بصاحب المشروع ،ثّم تأتي المرحلة الثانية والتي يقوم فيها مقاول بناء أو أكثر
بتنفي ذ أش غال البن اء ،وبع د االنته اء من انج از األش غال ،ت أتي مرحل ة تس لمها من ط رف رب
العمل ،غير أّن هذا التسلم ال يضع حّد ا اللتزامات المهندس المعماري ومقاول البناء ،بل يمتد
التزامهما ،بقوة القانون ،لضمان تهدم المباني أو المنشآت الثابتة األخرى ،تهدما كليا أو جزئي ا
أو العيوب الخفية التي قد تظهر فيها ،خالل مدة عشر سنوات ،تبدأ من تاريخ التسلم النهائي
لألعمـال.
وأمـا بعـد تس ليم األش غال ،فاألص ل أّن المس ؤولية تنعق د لص احب المش روع ،باعتب اره
المالك الذي انتقلت إليه حراسة المباني أو المنشآت الثابتة األخرى ،إال أّن المشرع الجزائري
حّم ل استثناء ،المهندس المعماري ومقاول البناء بالتضامن مسؤولية ضمان البناء ،عّم ا يلحقه
من تهدم كلي أو جزئي أو عيوب تهدد متانته وسالمته ،خالل مدة عشر سنوات ،طبقا ألحك ام
الضمان العشـري.
4
وذل ك نظ را لت داخل العناص ر المش تركة في عمليـة البنـاء ،وتعـّد د األش خاص المسؤوليـن،
وض خامة األض رار الناجم ة عن ته دم البن اء ،واس تجابة لالتج اه الح ديث في ضمـان وكفالـة
حقوق المضـرور.
يبـدو لي أّن موض وع ه ذه الدراسة يكتسي أهمية بالغ ة ،ذل ك أنه وإ ن كان الكث ير من
الفقه اء ،ق د أعط وا أهمي ة لموض وع عق د المقاول ة بش كل ع ام ،إال أّن موض وع دراس تي ه ذه،
والخ اص بالمس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،لم يح ظ بنفس الق در من
االهتمام ،فلم أجد في حدود علمي مراجع قانونية جزائرية ،تطرقت إلى هذا الموضوع ،رغم
ما يثيره من إشكاالت قانونية ،ومن منازعات قضائية متزايدة ،إال بعض المحاوالت لباحثين
جزائريين ،تناولت شقا من دراستي هـذه.
وأمام هذا النقص الذي تعرفه الدراسة القانونية فيما يخص المسؤولية المدنية للمهندس
المعم اري ومق اول البن اء ،ارت أيت أن أتناول ه كموض وع لدراس تي ،متبع ة في ذل ك المنهـج
الوصفـي التحليلـي للنص وص القانوني ة المنظم ة لمس ؤولية المعم اريين ،ومس تعينة بالفقـه
والتش ريع الفرنس ي ،باعتب اره المص در الرئيس ي ال ذي أخ ذت من ه قواع د المس ؤولية المدنيـة
للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،لالس تئناس ب الحلول التـي منحـت لبعـض اإلشكـاالت
القانوني ة ،وإليض اح بعض المفاهيـم ،ال س يما تل ك ال تي لـم يتط رق له ا القانـون والقضـاء
الجزائريـان.
بناء على ما سبق ذك ره ،تنحصر إش كالية الموض وع مج ال البحث في التساؤل بدايـة
عن المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء على ض وء القواع د العام ة ،ثّم عن
مسؤوليتهما على ضوء القواعد الخاصـة؟
لإلجابـة علـى هـذه التسـاؤالت وغيرهـا ،قّس مـت هـذه الرسالـة إلـى مقدمـة وبابيـن
وخاتمـة.
تعرضت بالتحليل في الباب األول للمسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البن اء
على ضوء القواعد العامة وقسمته إلى فصلين ،خصصت الفصل األول اللتزامات المهندس
المعم اري ومق اول البن اء الخاص ة والمش تركة ،وبّينت في الفص ل الث اني الطبيع ة القانوني ة
لمس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،وتن اولت ب البحث في الب اب الث اني المس ؤولية
5
المدنية للمهندس المعم اري ومق اول البناء على ض وء القواع د الخاصة ،وقسمته في فص لين،
خصصت الفصل األول لشروط تحقق المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء،
وتناولت في الفصل الثاني خصائص المسؤولية العشرية للمهندس المعماري ومقاول البناء،
وختمت رسالتي هذه بخاتمة عامة أوجزت فيها النتائج التي توصلت إليهـا.
الباب األول:
6
إّن المهن دس المعم اري ومق اول البن اء يرتبط ان بعق د مقاول ة م ع ص احب المش روع،
وذل ك من أج ل إنج از المش روع ال ذي ي رغب في ه ه ذا األخ ير ،وكك ّل العق ود ،تنش أ عن عق د
المقاول ة باعتب اره من العق ود الملزم ة للج انبين ،التزام ات متقابل ة على ع اتق أطراف ه ،فيل تزم
المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بتس ليم بناي ة س ليمة ،مطابق ة للمق اييس ،ولرغب ات ص احب
المشروع ،متبعين في ذلك قواعد وأحكام خاصة بمهنتهم ،مقابل أن يلتزم صاحب المشروع
بدفع األجر لهمـا.
لكن قد يقّص ر كل من المهندس المعماري أو مقاول البناء ،لسبب أو آلخر ،في تنفيذ
مهامهم ا على النح و المطل وب ،فينتج عن ذل ك اإلض رار ب رب العم ل ،ب ل وق د تتع دى تل ك
األض رار ه ذا األخ ير لتش مل غ يره من األش خاص ،ال ذين يرتبط ون بعملي ة التش ييد والبن اء،
كالع املين فيه ا أو الق ائمين عليه ا من مهندس ين ومق اولين ،كم ا ق د يمت د أثره ا إلى أش خاص
أجانب ،كالجيران والمـارة.
وح دوث مث ل ه ذه األض رار ،ي ؤدي ال محال ة إلى قي ام المس ؤولية ،ال تي تس توجب
تعويض المضرور عّم ا أصابه من ضرر ،نتيجة إخالل المسؤول بالتزاماته التعاقديـة.
ولتحدي د مس ؤولية ك ل من المهن دس المعم اري ومق اول البن اء على ض وء القواع د
العامة ،ارتأينا أن نقسم هذا الباب إلى فصلين ،نتعرض في الفصل األول إلى بيان التزامات
المهندس المعماري ومقاول البناء ،ونبّين في الفصل الثاني الطبيعة القانونية لهذه المسؤوليـة.
الفصل األول:
7
والقاع دة أّن ه ذه االلتزام ات ال يمكن حص رها ،إعم اال بمب دأ س لطان اإلرادة ،8ال ذي
يجيز للمتعاقدين ،إنشاء ما يريدانه من التزامات ،بشرط عدم مخالفتها للنظام العام.
وسنتناول بيان أهم االلتزامات الخاصة والمشتركة ،التي يرتبها عقد المقاولة ،والتي
يكل ف به ا ك ل من المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،في مواجه ة ص احب المش روع ،في
مبحثين.
المبحث األول:
تختل ف التزام ات المهن دس المعم اري عن التزام ات مق اول البن اء ،ح تى ل و ثبت في
بعض األحيان ،قيام المهندس المعماري بعمل مقاول البناء والعكس ،وهذا ما سنتعرض إليه
في المطلبين التاليين.
لّم ا كان المهندس المعماري ،يتعهد بموجب العقد الذي يبرمه مع صاحب المشروع،
بأن يؤدي لحساب هذا األخير عمال معينا يباشره بشكل مستقل ،مقابل أجر ،فإن هذه العالقة
يذهب أنصار هذا المذهب إلى أن اإلرادة لها السلطان األكبر في تكوين العقد ،وفي اآلثار التي تترتب عليه ،بل 8
وفي جمي ع الرواب ط القانوني ة ول و ك انت غ ير عقدي ة ،إذ أن النظ ام االجتم اعي يرتك ز على الف رد ،والف رد ال يس تكمل
شخص يته إال بالحري ة ،ب ل إّن مظه ر ه ذه الشخص ية هي اإلرادة الح رة المس تقلة ،ل ذلك ك ان من ال واجب أن تك ون
روابط الفرد بغيره من أفراد المجتمع أساسها اإلرادة الحرة ،فال يخضع لواجب ات إال إذا كان قد ارتضاها مختارا،
وما مهمة القانون إال تحقيق حرية كل فرد ،بحيث ال تتعارض هذه الحرية مع حريات اآلخرين.
-لتفاصيل أكثر ،يراجع :عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوجيز في شرح القانون المدني ،نظرية االلتزام بوجه عام،
المصدر -اإلثب ات -اآلث ار -األوصاف -االنتقال -االنقضاء ،الج زء األول ،دار النهضة العربية ،القاهرة،1966 ،
ص 29وما يليها.
8
بينهم ا تت وافر فيه ا ك ل خص ائص عق د المقاول ة ،9وبم ا أن عق د المقاول ة من العق ود الملزم ة
للج انبين ،فه و ينش ئ التزام ات متبادل ة على ع اتق ك ل من ص احب المش روع والمهن دس
المعماري ،ومن تم م تى نشأ هذا العق د ص حيحا ،مكتم ل األركان والشروط ،فإنه كأّي اتفاق
تعاقدي ،يرتب التزامات في ذمة طرفيه.
وسأقتص ر في ه ذا المطلب على بي ان التزام ات المهن دس المعم اري دون التط رق
اللتزام ات ص احب المش روع ،كونه ا تخ رج عن نط اق دراس تي ،فم ا هي التزام ات المهن دس
المعماري الناتجة عن عقد المقاولة؟
نّص المش رع الجزائ ري على التزام ات المهن دس المعم اري في الم ادتين 555و563
من الق انون الم دني ،كم ا نص عليه ا في ع ّد ة نص وص تش ريعية خاص ة ،تتعل ق بمج ال البن اء
والتعمير.10
فالعقد الذي يربط صاحب المشروع بالمهندس المعماري هو عقد مدني ،متى كان صاحب المشروع يتعاقد لحاجاته 9
الخاصة ،إذ أّن عمل المهندس المعماري هو دائما عمل مدني ،فال تتوافر فيه صفات التاجر ،وقد يكون هذا العقد
مختلط ا ،م تى ك ان ص احب المش روع ت اجرا ،ولج أ إلى المهن دس المعم اري لغاي ة تجارت ه ،مث ل مؤسس ات الترقي ة
العقارية التي منحها المشرع صفة التاجر ،ألنها تبرم عقود مقاولة بناء لبيع المباني بعد انجازها قصد المضاربة.
هذه النصوص القانونية شملها ،القانون رقم 90/29المؤرخ في 01/12/1990يتعلق بالتهيئة والتعمير ،معدل 10
ومتمم بالمرس وم التش ريعي رقم 94/07الم ؤرخ في 18/05/1994المتعل ق بش روط اإلنت اج المعم اري وممارس ة
مهنة المهندس المعماري وبالقانون رقم 04/05المؤرخ في 14/08/2004المتعلق بالتهيئة والتعمير.
والمرسوم التنفيذي رقم 91/175المؤرخ في 28/05/1991يحدد القواعد العامة للتهيئة والتعمير والبناء.
والمرسوم التنفيذي رقم 91/176المؤرخ في 28/05/1991يحدد كيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة
وشهادة التقسيم ورخصة البناء وشهادة المطابقة ورخصة الهدم وتسليم ذلك ،المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي رقم
06/03الم ؤرخ في 07/01/2006ال ذي يض بط القيم القص وى ومس تويات اإلن ذار وأه داف نوعي ة اله واء في حال ة
تل وث الج و ،وبالمرس وم التنفي ذي رقم 09/307الم ؤرخ في 22/09/2009وال ذي يح دد كيفي ات تحض ير ش هادة
التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة البناء وشهادة المطابقة ورخصة الهدم وتسليم ذلك.
والقرار الوزاري المشترك المؤرخ في 15/05/1988يتضمن كيفيات ممارسة تنفيذ األشغال في ميدان البن اء وأجر
ذلك.
9
يستخلص من كل هذه النصوص مجتمعة ،أّن االلتزامات الرئيسية التي تقع على عاتق
المهندس المعماري ،بموجب عقد المقاولة ،تتمثل في وضع تصميم األعمال المراد إنشاؤها،
واإلشراف على تنفيذ هذه األعمال ورقابتها.
وس نتطرق فيم ا يلي إلى ه ذه االلتزام ات ،آخ ذين بعين االعتب ار ،أن تك ون مهم ة
المهن دس المعم اري ش املة ،بحيث يق وم بوض ع تص ميم األعم ال ،واإلش راف على تنفي ذها،11
فيك ون عندئ ذ عق د المقاول ة ال ذي يربط ه بص احب المش روع ،عق د استش ارة فني ة ،12وتك ون
وظيفته شاملة لمهام التصميم ،والدراسات ،والمساعدة ،والمتابعة ،والمراقبة ،وانجاز المباني
مهما تكن طبيعتها ووجهتها ،13وهذا ما سنتناوله تباعا.
يعتبر تصميم األعمال في الواقع جوهر مهنة المهندس المعماري ،وتتمثل هذه المهمة
في وض ع الرس م الهندس ي الم راد إنش اؤه ،وإ ع داد المقايس ات ال تي س يتم تنفي ذ األعم ال على
يمكن أن تقتصر مهمة المهندس المعماري في وضع التصميم دون أن يكلف بالرقابة على التنفيذ ،وهذا ما ينتقده 11
المه نيون ،إذ أنهم ي رون أن حس ن تنفي ذ أعم الهم الذهني ة فيم ا وض عوه من تص اميم ،ال يك ون إال بمراقب ة تنفي ذ م ا
أنج زوه شخص يا ،ألنهم أدرى به ذه التص اميم ،وبمتطلب ات تنفي ذها ،إذ كث يرا م ا يض ع المهن دس المعم اري تص ميما
هندسيا ،ويكون التنفيذ والعمل النهائي له ،مختلفا تماما عما كان منتظرا ،وهو ما يعتبره هؤالء المهندسون مساسا
بأعمالهم األدبية.
ينظم االستشارة الفنية القرار الوزاري المشترك المؤرخ في ،15/05/1988الذي يتضمن كيفيات ممارسة تنفيذ 12
= إّن ه ذا الق رار ينظم عملي ة االستش ارية الفني ة في البن اء ،لحس اب اإلدارات التابع ة للدول ة ،والجماع ات المحلي ة
والهيئات العمومية ذات الطابع اإلداري.
وبما أّن المشرع الجزائري لم ينظم هذه العملية في المجال الخاص ،ولم يتطرق لعالقات صاحب المشروع بصاحب
العم ل في الق انون الم دني الجزائ ري ،رغم أن ه تط رق لعالقت ه بالمق اول ،ف ان مح ترفي البن اء في المي دان الخ اص
يطبقون القرار المشار إليه ،لتنظيم عالقاتهم في ميدان االستشارة الفنية ،فأحكام هذا القرار تصلح لتنظيم الصفقات
العمومية ،والخاصة ،وحتى لبناء المساكن الفردية.
10
ضوئها ،ويسلم المهندس المعماري نسخة من كل من الرسم والمقايسات لصاحب المش روع،14
وصورا منها لجهة اإلدارة للحصول على رخصة البناء.15
هذا وقد أصبح لجوء صاحب المشروع إلى مهندس معماري من أجل وضع التص ميم،
أمرا إجباريا ،سيما بالنسبة لألعمال التي يتعين الحصول فيها على ترخيص إداري مسبق،16
فلبناء منزل ،أو عمارة ،أو بناية لصالح الدولة ،أو أية بناية أخرى ،يحتاج صاحب المشروع
لرخص ة بن اء ،تس لمها إي اه المص الح المختص ة ،ويتعين أن يرف ق طلب البن اء 17بمل ف يش تمل
على مجموعة من الوثائق.18
يكون المهندس المعماري وحده ،مؤهال لوضع المشروع المعماري ،الذي يحتوي على
تص اميم ،ووث ائق ت بّين موق ع المش روع ،وتنظيم ه ،وحجم ه ،ومظه ر الواجه ات ،وك ذا م واد
البناء ،واأللوان المختارة.
صاحب المشروع ( )Le maitre de l’ouvrageهو رب العمل في عقد المقاولة ،وهو الشخص الذي ينفذ المشروع 14
لصالحه ،وكقاعدة عامة يكون هو مالك األرض أو صاحب حق البناء عليها ،كالمستأجر المرخص له قانونا ،والذي
يله السلطة االقتصادية في عملية البناء ،أي أنه هو من يلتزم بدفع األجر للمتعاقد اآلخر.
رخص ة البن اء هي وثيق ة إداري ة ،تص در بم وجب ق رار إداري ،تمنح بمقتض اه اإلدارة لطالبه ا ،الح ق في انج از 15
مش روعه ،بع د التأك د من ع دم خرق ه لألحك ام المتعلق ة بالتهيئ ة والتعم ير ،وك ذلك المخطط ات الخاص ة ،والبيئ ة،
والمناطق المحمية ،وعليه تعتبر رخصة البناء وسيلة تقيد الحق في البناء الذي يتمتع به المالك .يراجع بهذا الصدد:
منصوري نورة ،قواعد التهيئة والتعمير وفق التشريع ،دار الهدى ،الجزائر ،2012 ،ص .39
نشير هنا أن رخصة البناء ال تعد سندا إلثبات الملكية العقارية .انظر قرار م ع غ ع ،مل ف رقم ،413398الص ادر
بتاريخ ،12/09/2007منشور بـ م.م.ع ،ع ،1س ،2008ص.231
أي على رخص ة بن اء ،وه و م ا نص ت علي ه ص راحة الم ادة 55/1من الق انون رقم 90/29المتعل ق بالتهيئ ة 16
والتعم ير ،المع دل والمتمم بالق انون رقم 04/05الم ؤرخ في 14/08/2004وال تي ج اء فيه ا " :يجب أن يتم إع داد
مشاريع البن اء الخاضعة لرخصة البناء من طرف مهندس معماري ومهندس في الهندسة المدنية معتمدين معا ،في
إطار عقد إدارة المشروع".
ص احب طلب رخص ة البن اء يك ون ه و المال ك ،أو موكل ه ،أو المس تأجر لدي ه الم رخص ل ه قانون ا ،أو الهيئ ة ،أو 17
المصلحة المخصصة لها قطعة األرض أو البناية ،طبقا للمادة 34من المرسوم التنفيذي رقم 91/176المؤرخ في
،28/05/1991المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي رقم 09/307المؤرخ في .22/09/2009
في محتوى ملف طلب رخصة البناء ،يراجع نص المادة 35من المرسوم التنفيذي رقم 91/176السالف الذكر. 18
11
يلتزم المهندس المعماري ،بناء على عقد المقاولة المبرم بينه وبين صاحب المشروع،
بإعداد مشروع بناء ،ومن أج ل ذلك يقوم بوضع رسومات مبدئية لألشغال المراد انجازها،
وبمش روع تمهي دي يط ّو ره ليص بح مش روعا تنفي ذيا ،وبمس اعدة ص احب المش روع في اختي ار
المقاول الكفء ،األجدر لتنفيذ التصاميم التي وضعها.19
يت ولى المهن دس المعم اري مهم ة وض ع التص ميم ،للبن اءات ال تي كلف ه به ا ص احب
المش روع ،وفق ا لرغبات ه ،ومن أج ل ذل ك يق وم المهن دس المعم اري بإع داد رس م مب دئي ،ي بّين
الج انب المعم اري المق ترح ،ويتض من البيان ات المتعلق ة بإقام ة المب نى ،ومداخل ه ،ومس احاته،
وظ روف الج وار ،ويحت وي على المخط ط البي اني لك ل مس توى على ح دى ،ويتمم ه ذا الرس م
بمذكرة ،توضح األجزاء األساسية المعتمدة ،وتقديرا تقريبيا لكلفة العملية ،بموجب كشف كمي
موجز.
وتتمثل مهم ة الرس م المب دئي في إع داد مش روعين أو ثالثة منه ،تح دد جانبا ،أو ع دة
جوانب هندسية معمارية ،وفي إعداد تقرير تقديمي يشتمل على الوثائق المرسومة ،والوثائق
المكتوبة.20
إضافة للرسم المبدئي ،يلتزم المهندس المعماري ،بإعداد مشروع تمهيدي ،يتمثل في
دراس ة م وجزة مبني ة على أرق ام ،لح ل ش امل يس مح بانج از المش روع المق ترح من ط رف
صاحب المشروع ،وتنتهي مهمة المشروع التمهيدي ،بتقديم الملف المطابق لرب العمل قصد
الموافقة عليه ،وبعد مصادقة هذا األخير عليه ،يقوم المهندس المعماري بمساعدة رب العمل
في تحضير الملف المتعلق بطلب رخصة البناء.21
يق وم بع دها المهن دس المعم اري بإع داد مش روع تنفي ذي ،يتمث ل في دراس ة وص فية
وموض حة وم بررة لألحك ام التقني ة المقترح ة ،وال تي تتض من المل ف التق ني للمب نى أو للمب اني
19نّص المشرع الجزائري على هذه المهام في المادة 5من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في ،15/05/1988
سالف الذكر.
يراجع نص المادة 7من القرار الوزاري المشترك المنوه عنه أعاله. 21
12
الموزع ة لحص ص أو أج زاء ،وتتض من ه ذه الدراس ة وث ائق مكتوب ة ،22ووث ائق مرس ومة،23
وكل وثيقة أخرى تندرج في ح دود هذه المهمة ،وتكون ضرورية لتق دير تصميم المشروع،
وكيفي ة عمل ه على نح و أفض ل ،على أن يق دم مل ف التنفي ذ ه ذا لمص ادقة رب العم ل ،قص د
الموافقة عليه حسب مخطط معد لهذا الغرض.
كم ا يجب على المهن دس المعم اري عن د وض عه التص ميم ،اح ترام القي ود الناتج ة عن
مختل ف التنظيم ات ذات الط ابع التق ني والعم راني ،فال ب ّد أن يتقّي د باألحك ام المس طرة في
القواع د العام ة للتهيئ ة والتعم ير والبن اء ،24وبخاص ة م ا تعل ق بموق ع البن اءات ،ومس احتها،
وبمظه ر البناي ات ،من حيث حجمه ا ،أو مظهره ا الخ ارجي ،والمحافظ ة على آف اق المع الم
األثرية ،واحترام مساحة الغرف ،وعلو الجدران ،وأحكام اإلنارة ،وتهوية الغرف.
ويجب على المهن دس المعم اري اح ترام قواع د الق انون الم دني ،كتل ك المتعلق ة بحق وق
االرتفاق ،وبالقيود التي تلحق حق الملكية ،25وبصفة عامة احترام أصول الفن والحرفة.
ينبغي على المهن دس المعم اري أن يس اعد ص احب المش روع في تحض ير المل ف
المتعل ق برخص ة البن اء ،عن طري ق تحض ير الوث ائق التقني ة الالزم ة ل ذلك ،وإ عالم ه بكاف ة
الوثائق التي يجب عليه أن يدرجها بملف الطلب.26
تتمث ل ه ذه الوث ائق في دف اتر المواص فات التقني ة ،وكش فا وص فيا ش امال وحس ب ك ل حص ة ،وكش فا كمي ا وتق ديريا 22
شامال وحسب كل حصة مع جدول ملخص ،ومخططا تنفيذيا ألشغال كل أقسام المشروع.
هي مجموع ة من المخطط ات التقني ة ال تي يتم بموجبه ا تش ييد البناي ة .انظ ر في تفص يل ذل ك ،الم ادة 8من الق رار 23
الوزاري المذكور.
س يما أحك ام المرس وم التنفي ذي رقم 91/175الم ؤرخ في 28/05/1991ال ذي يح دد القواع د العام ة للتهيئ ة 24
والتعمير والبناء ،والقانون رقم 90/29المؤرخ في 01/12/1990المتعلق بالتهيئة والتعمير المعدل والمتمم.
يراج ع ق رار م ع غ م ،مل ف رقم ،393987الص ادر بت اريخ ،14/03/2007منش ور بـ م.م.ع ،ع ،1س،2007
ص.453
13
وق د يتم االتف اق بين أط راف عق د المقاول ة ،على أن ي ودع المهن دس المعم اري بنفس ه،
الملف المتضمن رخصة البناء ،27للمصالح اإلدارية المختصة.28
ويجب على المهندس المعماري أيضا ،مساعدة صاحب المشروع في اختيار المقاول
الكفء ،ال ذي س ينفذ التص ميم ال ذي وض عه ،على أحس ن وج ه ،و في أق رب اآلج ال ،وبأق ل
النفقات ،29فينصحه بأن يبتعد عن أّي مقاول بناء ،مشكوك في سمعته ،وفي قدراته في انجاز
المشروع.
كما يساعد المهندس المعماري صاحب المشروع في تحضير ملف االستشارة الفنية،
أو طلب المناقص ة في ص فقات البن اء الهام ة ،ويعين ه في تحلي ل وتق ييم الع روض ال تي يق دمها
المق اولون ،كم ا يس تعين ص احب المش روع لص ياغة وض بط الص فقة ال تي تربط ه بالمق اول،
فيحدد المهندس التزامات وحقوق كل طرف.30
هذا وإ ّن توقيع الرسومات من طرف المهندس المعماري ،يفترض أنها منسوبة إليه،
ح تى ول و لم يكن ه و من أع ّد ها بالفع ل ،ذل ك أن ه يتعين ،في ه ذا الف رض األخ ير ،أن يق وم
بمراجعته ا ،والتأك د من مطابقته ا لألص ول الفني ة ،قب ل وض ع التوقي ع عليه ا ،وإ ال ق امت
مسؤوليته.
يق ع ه ذا االتف اق غالب ا في الص فقات الهام ة ،وال تي ت درج ض من بنوده ا ،ال تزام المهن دس المعم اري بالقي ام بجمي ع 27
اإلجراءات اإلدارية الالزمة للحصول على جميع الرخص ،ومنها رخصة البناء.
يرسل الملف المتضمن طلب رخصة البناء ،في خمس نسخ ،إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي للبلدية الكائن بها 28
العقار موضوع البناء ،مقابل وصل إيداع ،يوضح فيه بشكل مفصل ودقيق نوع الوثائق المقدمة.
-لتفاصيل أكثر حول إجراءات دراسة طلب البناء وتسليم رخصة البناء ،يراجع :شيخ سناء -شيخ نسيمة( ،أحكام
رخصة البناء والمنازعات المتعلقة بها) ،الملتقى الوطني األول حول تأثير نظام الرخص العمرانية على البيئة15 ،
=. و 16ماي ،2013مخبر القانون العقاري والبيئة ،جامعة عبد الحميد بن باديس -مستغانم ،ص
= منصوري نورة ،قواعد التهيئة والتعمير وفق التشريع ،المرجع السابق ،ص 44إلى .47
حمادي جازية مجيدة ،عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص، 30
هي عب ارة عن بي ان كت ابي يض عه المهن دس المعم اري ،يوض ح في ه أن واع الم واد
المختلفة الالزمة لتنفيذ التصميمات التي وضعها ،وطبيعة كل نوع ،وصفاته ،وخصائصه التي
تمّيزه عن غيره ،وكيفية استخدامها.
تتضمن تقديرا تقريبيا ألحجام ومساحات أو مسطحات األعمال ،وهي تختص ببيان كّم
المواد الالزمة لتنفيذ التصميم ،سواء تعلق هذا الكّم ،ببيان النسب المختلفة للمواد المستخدمة
في البن اء ،وال تي بان دماجها مع ا ،ينتج هيك ل البن اء الم راد انج ازه ،أو تتعل ق ببي ان الكمي ات
اإلجمالية من المواد المطلوب الحصول عليها لتشييد البناء.31
تتضمن تقديرا تقريبيا لتكاليف األعمال ،وفقا للتفاصيل الواردة في المقايسة الكمية.
ويتعين على المهن دس المعم اري عن د تنفي ذه اللتزام ه بوض ع التص ميم ،أن ي راعي
مجموع ة من الواجب ات تقتض يها قواع د الفن المعم اري وأص ول الص نعة ،والق وانين والل وائح
المنظم ة لمج ال البن اء ،ف إن خالفه ا ،اعت بر مخطئ ا ،ومن تم ت رتبت مس ؤوليته عن جمي ع
األضرار التي تلحق بالمباني والمنشآت الثابتة ،من تهدم أو عيوب تهدد متانتها وسالمتها ،أو
تجعلها غير صالحة لتحقيق الغرض منها ،وهذا ما سأبحثه بشيء من التفصيل فيما يلي.
عب د ال رازق حس ين يس ،المس ؤولية الخاص ة بالمهن دس المعم اري ومق اول البن اء (ش روطها ،نط اق تطبيقه ا، 31
الضمانات المستحدثة فيها) ،دراسة مقارنة في القانون المدني ،دار الفكر العربي ،مصر ،ص.757
15
يقصد بأصول الفن ،المهارة أو اللباقة المعتادة التي يمكن لصاحب المشروع انتظاره ا
من كل محترف يتدخل في عملية البناء ،ويستحيل تحديدها نظرا لكثرتها ،فقد تتعلق بطبيعة
األرض ،وخصوص يات التص اميم ،والحس ابات الخاص ة بتش ييد البناي ة ،وبط رق التنفي ذ التقني ة
لألشغال ،وغيرها من المعالم.32
وأص ول الفن تنش أ عن تج ارب وإ ع دادات تدريجي ة ،فال يمكن إذن اعتب ار م واد
وتقنيات البناء الحديثة من قبيل أصول الفن ،إال بعد أن تثبت صالحية هذه المواد والتقنيات
الحديثة ،بعد مرور زمن معين ،ويتم اعتمادها ،وقبولها من طرف المحترفين المختصين في
مجال البناء.
والقول بهذا الرأي ،ال يعني بالضرورة أّن ظهور العيب بالبناية ،خالل فترة الضمان،
أو بع دها ،يرج ع إلى مخالف ة المهن دس المعم اري ألص ول الفن ،فق د ينتج العيب رغم ع دم
مخالفة هذا األخير ألصول الفن ،وذلك بسبب أجنبي ،كالقوة القاهرة ،أو فعل الغير ،أو فعل
ص احب المش روع ،وق د ينتج العيب عن اس تعمال تقني ات جدي دة ،ت ؤدي إلى مخ اطر غ ير
متوقعة ،أو عن استعمال أصول فن قديمة متجاوزة ،كما قد يرجع العيب إلى سوء التنفيذ.33
واح ترام المهن دس المعم اري ألص ول الفن ،من ش أنه أن ي ؤدي ع ادة إلى انج از بناي ة
سليمة ،خالية من العيوب ،ومقاومة للزمن.
هذا ولقد نص المشرع الجزائري في المادة 21من القرار الوزاري المشترك الم ؤرخ
في 15ماي 1988والذي يتضمن كيفيات ممارسة تنفيذ األشغال في ميدان البناء وأجر ذلك،
على وج وب تنفي ذ المهن دس المعم اري – باعتب اره مستش ارا فني ا – 34المه ام المس ندة إلي ه من
ط رف ص احب المش روع ،طبق ا للش روط التعاقدي ة ،ولقواع د الفن ،وأع راف المهن ة ،دون أن
32
H.PERINET-MARQUET, La responsabilité des constructeurs, Edition Dalloz, Paris, 1996, p 7.
33
KARILA Jean-Pierre, La responsabilité des constructeurs , 2ème édition, Delmas, 1991, p32.
34عّر ف المشرع الجزائري المستشار الفني -الذي يطلق عليه مصطلح " صاحب العمل" -في المادة 3من القرار
ال وزاري المش ترك الم ؤرخ في ،15/05/1988بأن ه " :ش خص ط بيعي أو معن وي ،تت وفر في ه الش روط والم ؤهالت
المهنية والكفاءات التقنية والوسائل الالزمة في مجال البناء ،لصالح رب العمل وذلك بالتزامه إزاء هذا األخير على
أس اس الغ رض المطل وب ،وأج ل مح دد ومق اييس نوعي ة" ،وذل ك تحت مس ؤوليته الكامل ة ،وفي إط ار االلتزام ات
التعاقدية التي تربطه بصاحب المشروع طبقا للمادة 2من القرار سالف الذكر.
16
يعطي تعريفا لهذه القواعد ،أو يبّين ما هي هذه األصول والمقاييس التي يتعين على المهندس
المعم اري احترامه ا ،األم ر ال ذي يجع ل المح ترفين الجزائ ريين ،يعتم دون ع ادة عن د تنفي ذهم
اللتزاماتهم التعاقدية ،على قواعد فـن فرنسيـة ،35متى تـّم النص صراحة في عقد المقاولة
ويكون المهندس المعماري مخال بواجب احترام أصول الفن ،حتى لو اقتصر دوره،
على وض ع التص ميم دون اإلش راف على التنفي ذ ،طالم ا لم يب د تحفظ ات ب ذلك ،على أش غال
التنفيذ والتصميم عند تدخله في عملية البناء.37
ويتعين على المهن دس المعم اري في تنفي ذه له ذا ال واجب ،أن يل تزم باألص ول الفني ة،
التي ينبغي على كل متخصص في فن المعمار ،معرفتها واحترامها ،وإ ال كان مخطئا ،حتى
ول و ك ان ق د راعى في ه ذا الش أن ،م ا تفرض ه الل وائح والق وانين المنظم ة لعملي ات البن اء من
قيود.
وق د يك ون المستش ار الف ني ،إم ا مهندس ا معماري ا ،م تى كل ف بمه ام التص ميم ،ووض ع المقايس ة ،ومراقب ة ومتابع ة
األشغال ،وقد يكون مكتبا للدراسات ،مختصا في مجال معين أو متعدد االختصاصات معتمدا (المادة 3/2من نفس
القرار الوزاري).
أدرجت بعض أصول الفن هذه ،ضمن وثائق تقنية موحدة ( ،)Document Technique Unifiéمنشورة من طرف 35
المركز العلمي والتقني للبناء ( ،)Centre Scientifique Technique du Bâtimentتحّد د الشروط التقنية الختيار المواد
المستعملة وطرق البناء.
وتوجد قواعد فن أخرى ،هي مقاييس AFNORالفرنسية ،والتي يحيل إليها عادة أطراف العقد ،عوض تحديدهم هذه
الشروط ،وهذه المقاييس تمت دراستها بدقة ،فهي تضمن لألطراف السير الحسن لتنفيذ العقد ،لذلك يتفق األطراف
غالبا على أن يتّم التنفيذ وفق مقاييس ،AFNORوالوثائق التقنية الموحدة لضمان احترام أصول الفن.
- Norme AFNOR: Association Française de Normalisation. B.BOUBLI, Contrat d’entreprise, Encyclopédie
DALLOZ, Civil IV, Editions DALLOZ, Paris, 1999, p 9.
36ال تعت بر ه ذه القواع د الفني ة إلزامي ة لم ؤجري العم ل ،إال إذا تّم النص عليه ا ص راحة في العق د ،وع ادة م ا ي درج
أطراف عقد المقاولة هذه القواعد ضمن القسم الخاص بدفتر التعليمات التقنية ،لبيان االعتبارات التي يتم بموجبه ا
اختيار المواد المستعملة في البناء ،وطريقة البناء المعتمدة.
37
PERINET-MARQUET Huges, Architectes, Droit de la construction, éditions Dalloz, Paris, 2000, p12.
17
وتطبيق ا ل ذلك ،يك ون المهن دس المعم اري مس ؤوال ،حين يق وم بتص ميم أساس ات غ ير
كافي ة لحم ل المب اني أو المنش آت الثابت ة األخ رى ،38ب أن تك ون غ ير مرتبط ة ببعض ها البعض
ارتباطا كافيا ،أو غير مرتكزة على طبقة صلبة في باطن األرض ،أو غير كافية عددا وكيفا،
كأن تكون نسب تكوينها ،مخالفة لما تقتضيه أصول الفن وقواعده ،جنوحا منه إلى التوفير في
كمية االسمنت ،وحديد التسليح ،أو غير ذلك.
كم ا يك ون مخطئ ا ،إذا م ا ه و ص مم األعم دة ،أو األس قف ،أو الج دران ،وك ل الهياك ل
الحامل ة للبن اء ،بطريق ة تجعله ا غ ير ق ادرة على حم ل البن اءات أو المنش آت الثابت ة الم راد
إقامتها ،أو أخطأ في قياسات األبعاد المختلفة ،بجعلها غير متناسبة وسمك األعمدة الحاملة ،أو
أخطأ في قياس زوايا االرتفاع واالنخفاض المختلفة ،على خالف ما تقتضيه أصول الفن.
ويعتبر المهندس المعماري مخال بواجب احترام أصول الفن ،إذا هو أخطأ في تصميم
المن افع العام ة للبن اء ،كالخط أ في تحدي د أم اكن دخ ول مي اه الش رب ،وتع يين أم اكن تص ريف
المي اه الق ذرة ،أو مي اه األمط ار ،ب أن يجعله ا ب القرب من أعم دة االرتك از ،فته دد متان ة البن اء
وصالبته.39
إّن مهمة وضع المهندس المعماري للتصميمات ،وما تقتضيه من عمل الرسوم،
والخرائط ،والنماذج ،والمقايسات ،تتطلب أن يقوم المهندس المعماري بدراسة كاملة للتربة،
ومعرفة خصائصها ،ليعرف أّي المواد أنسب للتنفيذ بها ،وما مقدار الكميات التي سيحتاجها
التنفيذ ،وما أثمانها.
ويقع على عاتق المهندس المعماري أن يجري دراسة للتربة ،ولتركيبها الجيولوجي،
الختبار م دى ص البتها ،وتحمله ا ألحم ال األعم ال الم راد إنشاؤها ،40ومن تم يك ون المهن دس
حامدي بلقاسم العايش ،المسؤولية العقدية للمهندس المعماري قبل تسليم األشغال ،مذكرة لنيل شهادة الماجس تير في 38
قانون األعمال ،كلية الحقوق ،جامعة الحاج لخضر -باتنة ،2005-2004 ،ص.27
عب د ال رازق حس ين يس ،المس ؤولية الخاص ة بالمهن دس المعم اري ومق اول البن اء (ش روطها ،نط اق تطبيقه ا، 39
الضمانات المستحدثة فيها) ،دراسة مقارنة في القانون المدني ،المرجع السابق ،ص.748-747
محم د ش كري س رور ،مس ؤولية مهندس ي ومق اولي البن اء والمنش آت الثابت ة األخ رى ،دارس ة مقارن ة في الق انون 40
المدني المصري والقانون المدني الفرنسي ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،1985 ،ص.57
18
المعم اري مس ؤوال عن ك ل م ا يص يب البن اء من ته دم أو عيب ،يرج ع إلى خل ل في الترب ة
المقام عليها البناء.
كما يكون المهندس المعماري مخال بأصول الفن ،إذا ما وضع التصميم بشكل يجعل
العقار دائما عرضة للتيارات العنيفة ،كاألعاصير ،والرياح ،دون أن يكفل له درجة مناسبة
من المقاومة ،وذلك بتعميق األساسات ،وتقويتها ،وتدعيم األربطة الخرسانية الالزمة لمواجهة
ه ذه التي ارات ،أو إذا وض ع تص ميم البن اء على خ زان للمي اه الجوفي ة ،أو ب القرب من ش اطئ
البحر ،دون اتخاذ االحتياطات الكافية التي تتطلبها قواعد الفن وأصول الصنعة ،لتوقي أخطار
ارتفاع المياه ،أو حدوث الفيضانات.41
فضال عن التزام المهندس المعماري باحترام أصول الفن ،عند وضعه تصاميم المباني
المزم ع إنش اؤها ،ينبغي علي ه أن يح ترم التش ريعات والل وائح المطبق ة في مج ال البن اء ،س يما
القواع د العام ة للتهيئ ة والتعم ير ،42وقواع د البن اء ،43واألحك ام العام ة المنص وص عليه ا في
القانون المدني ،والمتعلقة بالقيود الواردة على الملكية.44
عبد الرازق حسين يس ،نفس المرجع السابق ،ص .748 41
ال تي نص عليه ا المرس ومان التنفي ذيان رقم 91/175و 91/176المؤرخ ان مع ا في 28/05/1991الم ذكوران 43
أعاله.
19
يتعين على المهندس المعماري أن يراعي عند وضعه التصاميم ،ما تفرضه القوانين
المتعلقة بالبناء ،وذلك باحترامه العمق المعين لألساسات ،بالنظر إلى طبيعة األرض ،وارتفاع
البن اءات الم راد إنش اؤها ،والس مك الالزم للج دران ،س واء الداخلي ة منه ا أو الخارجي ة ،وعلي ه
أيضا أن يراعي النسب المعينة للمواد الالزمة النجاز األعمدة الخرسانية ،والركائز ،والحدي د،
واالسمنت ،وغيرها ،ونوعية جودتها.
ويجب على المهن دس المعم اري أيض ا عن د وض عه التص ميم ،أال يتج اوز االرتف اع
المسموح به قانونا ،والمسافات المقررة للشرفات والمطالت ،45وبوجه عام النمط المعماري
السائد في المنطقة.
ق رار م ع غ ع ،مل ف رقم ،358696الص ادر بت اريخ ،13/09/2006م بـ م.م.ع ،ع ،2س ،2007ص ،369 45
والذي قضي فيه بأنه " :ال تناقض بين مقتضيات المادة 709من القانون المدني ،والمادة 24من المرسوم التنفيذي
رقم ،91/175بخصوص المسافة الواجب مراعاتها عند فتح المطل".
-يراج ع أيض ا ق رار م ع غ ع ،مل ف رقم 390416الص ادر بت اريخ ،14/02/2007منش ور بـ م.م.ع ،ع ،2س
،2007ص ،407وال ذي ج اء في ه أّن " :قانوني ة المط ل تتوق ف على اح ترام المس افة المق ررة قانون ا وليس على
الضرر.
حيث انه من المقرر قانونا أنه ال يجوز للجار أن يكون له على جاره مطل على مسافة تقل عن مترين وذلك بالنسبة
للمطل المواجه ،وال أقل من ستين سنتيمترا بالنسبة للمطل المنحرف.
وحيث انه يتضح من قراءة القرار المطعون فيه أن قضاة الموضوع وإللزام الطاعن بغلق النوافذ الثالثة ،صرحوا
أن المطالت ال تي فتحه ا الط اعن تس بب ض ررا للغ ير ومخالف ة لقواع د العم ران وه ذا دون أن ي برزوا م دى ت وفر
المسافة القانونية من عدمه عمال بالمادتين 709و 710من القانون المدني.
وحيث بالت الي ف ان القض اة بقض ائهم كم ا فعل وا يكون ون ق د أع ابوا ق رارهم بالقص ور في التس بيب وعرض وه للنقض
واإلبطال".
-ونفس المع نى يؤك ده ق رار م ع غ ع ،مل ف رقم ،188803الص ادر بت اريخ 28/07/1999وال ذي ورد في ه أن ه:
" من الثابت قانونا -طبقا للمادة 709من القانون المدني -أنه ال يجوز أن يكون للشخص على جاره مطل مواجه
على مسافة تقل على مترين. ...
وأن القرار المطعون فيه الذي أمر بغلق النافذة وبناء جدار يفصل بين المترين على علو مترين بعد التأكد من أن
النافذة محل النزاع لها مطل مباشر على منزل المدعى عليه في الطعن ،قد طبق القانون تطبيقا صحيحا.
بن اء علي ه ،يعت بر المهن دس المعم اري مس ؤوال عن األض رار ال تي تلح ق رب العم ل،
عند وضعه تصميمات مخالفة لما تفرضه القوانين المنظمة لعملية البناء ،ولما تستوجبه لوائح
التنظيم من قيود.
ه ذا ويجب على المهن دس المعم اري عن د وض عه التص ميم ،أن ي راعي الغ رض من
إقام ة البن اء ال ذي ح دده ل ه رب العم ل في عق د المقاول ة ،وإ ال ك ان مس ؤوال عن خطئ ه في
التصميم ،غير أنه إذا كان التصميم قد وضع وفقا للمألوف من االستعمال ،في نوع الغرض
المخص ص ل ه البن اء ،فإن ه ال يك ون مخطئ ا ،ومن تم ال يك ون مس ؤوال ،طالم ا أن العق د ال
يتضمن توضيحا معينا ،ومثال ذلك أن يذكر في عقد المقاولة أن الغرض من إقامة البن اء ،ه و
تش ييد مس تودع للس يارات ،دون تحدي د آخ ر ،هن ا يج وز للمهن دس المعم اري أن يع د تص ميما
يفترض فيه الحجم العادي للسيارات ،فال يسأل فيما بعد ،إن كان تصميمه ال يتناسب وإ يواء
الشاحنات ضخمة الحجم.46
كم ا يل تزم المهن دس المعم اري عن د وض عه التص ميم ،مراع اة الج انب الجم الي في
المب نى ،ح تى يك ون ص الحا لتحقي ق اله دف ال ذي ش يد من أجل ه ،ومث ال ذل ك أن يك ون المب نى
المطلوب تصميمه فندقا مخصصا الستقبال النزالء من ذوي االهتمامات الفنية والجمالية ،أو
مطعما من طراز معين ،فإذا خالف النمط أو الطراز المطلوب ،كان مسؤوال عما شاب البناء
من عيب مصدره التصميم ،جعله غير صالح لتحقيق الهدف المقصود من بنائه.
يتعين على المهندس المعماري أيضا ،أن يراعي ما يكفل الراحة في استخدام المباني،
وأمن شاغليها ،وفق الغرض المخصص له ،وإ ال كان مسؤوال ،ومن أمثلة ذلك عدم مراعاة
المهندس المعماري السمك الواجب احترامه في تصميم الجدران الخارجية للمبنى ،مما يؤدي
محمد شكري سرور ،مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة األخرى ،المرجع السابق ،ص.57 46
21
إلى تعذر عزل حرارة الجو الخارجي ،أو ارتكابه خطأ في نظام العزل الصوتي ،أو تكييف
الهواء ،أو تصميم مصحة لمرضى الروماتيزم غير مزودة بعوامل التدفئة المناسبة.
يل تزم المهن دس المعم اري باإلض افة إلى وض ع الرس ومات الهندس ية للبن اء الم راد
إنشاؤه ،أن يضع المقايسات الواجبة لذلك ،ويجب أن يتحرى الدقة في إعداده لها ،وأن يجري
تق ديرا معق وال ومناس با لتك اليف األعم ال ،أم ا إذا اعتم د في المقايسة الوصفية م واد ال تص لح
بطبيعته ا إلقام ة البن اء ،أو لم تكن بع د ق د ثبتت ص الحيتها ،أو لم يكن وص فه له ا ،وبيان ه
لخصائصها ،كافيا للحيلولة دون الوقوع في الخطأ عند الحصول عليها ،أو إذا كانت المقايسة
ال تي أع دها ال تنس جم م ع الرس م الهندس ي ال ذي س بق أن وض عه ،فإن ه يك ون مس ؤوال عن
أخطائه هذه ،كما يعتبر مسؤوال أيضا عن الخطأ في المقايسة الكمية إذا هو لم يلتزم بالنسب
الكافية ،فيؤدي فساد التركيبة العضوية لالسمنت المسلح مثال ،إلى إحداث الضرر بالمبنى.
وال يعفي المهندس المعماري من المسؤولية ،أن يكون صاحب المشروع قد وّق ع على
الرس ومات ال تي وض عها ،أو اعتم دتها الجه ة اإلدارية المختص ة ،أو أنه اس تجاب لرغبة رب
العمل في خفض تكاليف البناء عند وضعه التصميم ،الذي ثبت بعد ذلك عيبه ،كأن يعتمد مادة
غير مألوفة االستعمال بدال من المادة المألوفة ،مما أدى إلى تعّيب نظام العزل الحراري.47
على أن ه يج وز للمهن دس المعم اري أن ي دخل على الرس ومات ال تي وض عها ،وال تي
س بق ل رب العم ل أن ص ادق عليه ا ،تع ديالت بس يطة ،م ا دامت ال تقل ل من قيم ة المب نى ،وال
تتع ارض م ع ن وع االس تعمال ال ذي يخصص ه ل ه رب العم ل ،ك انحراف مواض ع المطالت،
واختالف أبعاد بعض مرافق البناء ،وتغيير موقع بعض الجدران.
أما إذا كانت التعديالت في الرسومات ،جوهرية ،بحيث تؤثر على التصميم ،أو تغّي ر
من أوج ه اس تعمال المب نى الم راد انج ازه ،فإن ه يتعين على المهن دس المعم اري استص دار
ترخيص بشأنها.
ويبقى أن نشير إلى أنه يجب أن يترك للمهندس المعماري حرية التقدير في تصميمه
لألعم ال ،واختي اره للم واد ،وال يمكن مس اءلته ،إال إذا غ الى في ه ذا الش أن مغ االة واض حة،
محمد شكري سرور ،مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة األخرى ،المرجع السابق ،ص.50 47
22
كأن يسرف في اعتماد مواد كمالية ،أو أساليب باهظة التكاليف ،أو يضع أعماال ال فائدة منها
أصال.
نش ير به ذا الص دد أن المهن دس المعم اري واض ع التص ميم ،مس ؤول عن ك ل العي وب
ال تي تظه ر بتص ميمه أثن اء عملي ة التنفي ذ ،ول و لم يكن ه و من يش رف على تنفي ذ األعم ال،
بشرط أن تكون األعمال قد نفذت طبقا للتصميمات المعيبة بالضبط ،ذلك أن واضع التصميم
غير مسؤول عن عيوب في األعمال ،يعود سببها ،إلى عدم تطبيق التصاميم تطبيقا سليما،
أو إلى تعديل سيء فيها.
انتهينا فيما سبق ،إلى أّن االلتزام الرئيسي الذي يقع على عاتق المهندس المعماري،
هـو االلتزام بوض ع تصميم األعمال المزم ع إنشاؤها ،إال أنه ق د يكون مكلفا فضال عن ذلك
باإلشراف على تنفيذ هذه األعمال وإ دارتها.
يجب على المهندس المعماري متابعة األشغال ومراقبتها أثناء عملية انجاز المشروع،
ذلك أنه هو الضامن ألن تكون مطابقة مع التصاميم والمقايسات التي وضعها.
وليس من السهل في الواقع ،حصر مختلف المهام التي يتعين على المهندس المعم اري
القيام بها ،وفاًء اللتزامه بمتابعة تنفيذ األشغال ومراقبتها ،فهي مسألة واقع ،ت دخل في تق ديرها
اعتبارات عديدة ،و من تم تختلف هذه المهام بحسب ظروف كل حالة.
وس نتناول فيم ا يلي ذك ر أهم ه ذه المه ام ،وال تي نص عليه ا المش رع الجزائ ري في
المادة العاشرة من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 15ماي.1988
يتعّين على المهن دس المعم اري ف رض اح ترام المق اول لبن ود عق د المقاول ة ،فيتأك د إن
ك ان تنفي ذ األعم ال يتم طبق ا للتص ميمات ال تي وض عها ،ووفق ا للمقايس ات ،وألص ول الفن
وقواع ده ،وأن يتحق ق من ص الحية الم واد المس تعملة في البن اء ،وم دى مطابقته ا للمواص فات
المح ددة بالمقايس ة ،س يما إذا ك انت الم واد مقدم ة من المق اول ،ول ه أيض ا أن يتأك د من طريق ة
تنفيذ األعمال ،واآلجال المتفق عليها.
23
يل تزم المهن دس المعم اري أيض ا ،بمتابع ة س ير األش غال باس تمرار ،وعق د اجتماع ات
لمناقشة الصعوبات والعوائق التي تعترض حسن سيرها ،واثبات ذلك في محاضر ،وعليه أن
يذلل الصعوبات ،و يحل المشاكل التي يعرضها المقاول ،والتي تدخل في اختصاصه.
ف إذا الح ظ المهن دس المعم اري أن مق اول البن اء انح رف عن تنفي ذ األش غال المتف ق
عليها ،فإنه يقوم بتحرير أوامر خدمة ،48وإ رسالها إليه ،بعد مصادقة رب العمل على التوقيع،
باعتب اره المتح دث الوحي د م ع المق اول ،فيم ا يخص تفس ير الدراس ات ،وتكييف ات المش روع،
وتعديالته الموافق عليها من طرف صاحب المشروع ،49وإ عداد جدول التسديدات ،بحضور
مقاول البناء ،وإ عالم صاحب المشروع كتابيا بذلك.
يعتبر المهندس المعماري مخال بالتزامه بالمراقبة ،متى كان من الممكن توخي العيب
في المباني أو المنشآت الثابتة محل االنجاز ،لو أنه قام بمراقبة األشغال في الورشة ،مراقبة
دائم ة ،فتفق د األعم ال بش كل دوري ،ك ان س يمكنه من مالحظ ة س وء التنفي ذ ،وع دم اح ترام
مقاول البناء ألصول الفن ،وبالنتيجة توقي وقوع الخلل باألعمال قيد التشييد ،على أّن مراقبة
المهن دس المعم اري لألعم ال ال يجع ل من ه حارس ا للورش ة ،فه و غ ير مج بر على الحض ور
يوميا ،وإ نما تكفي مراقبته المستمرة ،لتنفيذ جيد اللتزامه بالمراقبة.50
ه ذا ويجب على المهن دس المعم اري مس اعدة رب العم ل عن د االس تالم الم ؤقت ،ب أن
يبّين له كل العيوب الظاهرة التي يمكن أن تكون قد وقعت في البناء ،حتى ولو كانت عيوبا
بس يطة ،وأن يش ير علي ه ب الرأي في ش أنها ،فإم ا أن ينص حه بتس لم األعم ال دون إب داء أي ة
تحفظ ات ،وإ م ا أن ينص حه بالتس لم م ع التحف ظ ،إذا ك انت العي وب ال تي اكتش فها مم ا يمكن
إص الحه ،ويس هر في ه ذه الحال ة على رف ع ه ذه التحفظ ات بتص حيحها ،واق تراح االس تالم
النهائي على رب العمل ،والذي يتم بموجب محضر ،يوقع عليه مؤجرو العمل.
تعت بر أوام ر الخدم ة وس يلة اتص ال بين المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،فهي تمّك ن المهن دس المعم اري من 48
إعطاء أوامر بخصوص المواد المستعملة ،أو لتقدير احترام المقاول اللتزاماته ،وهي طريقة رد على كل التماسات
مقاول البناء ،كما أنه يجب على المهندس المعماري إذا أراد تغيير شيء في المشروع ،إعالم مقاول البناء بذلك عن
طريق أمر خدمة.
حمادي جازية مجيدة ،عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري ،المرجع السابق ،ص.91 50
24
وإ ذا أخ ل المهن دس المعم اري بالمه ام المن وه عنه ا أعاله ،فإن ه يك ون مس ؤوال تج اه
ص احب المش روع ،عن ك ل م ا يلح ق المب اني أو المنش آت الثابت ة ،من ته دم أو عيب ،يه ّد د
متانتها وسالمتها.
يعت بر عق د المقاول ة من العق ود الملزم ة للج انبين ،فه و ينش ئ التزام ات متبادل ة على
عاتق كل من صاحب المشروع ومقاول البناء ،ومن تم متى نشأ هذا العقد صحيحا ،مكتمال
ألركان ه – من ت راض ومح ل وس بب وش كل في بعض التص رفات الخاص ة بالبن اء -وش روط
صحته – المتمثلة في الرضا الصحيح الخالي من أّي عيب يفسده ،يستوي في ذلك أن يكون
غلط ا أو تدليس ا أو إكراه ا أو اس تغالال -فإن ه ك أّي اتف اق تعاق دي ،ي رتب التزام ات في ذم ة
طرفيه ،سواء بالنسبة لصاحب المشروع أو بالنسبة لمقاول البناء.
يرتب عقد المقاولة التزامات في ذمة مقاول البناء ،تتمثل في انجاز العمل المعهود به
إلي ه ،وتس ليم العم ل بع د انج ازه ،وض مان العم ل بع د تس ليمه ،وهي االلتزام ات ال تي س نتولى
التطرق لها بشيء من التفصيل على النحو التالي:
يعتبر التزام مقاول البناء بانجاز العمل من أهم االلتزامات التي تنشأ في ذمة المقاول،
ب ل ه و االل تزام الرئيس ي ال ذي يق ع على عاتق ه ،إذ يل تزم ه ذا األخ ير بم وجب عق د المقاول ة
الم برم بين ه وبين رب العم ل ،بانج از العم ل موض وع العق د ،والمتمث ل في إقام ة مب اني أو
منش آت ثابت ة على قطع ة أرض ية مملوك ة ل رب العم ل ،وذل ك ب احترام جمي ع المس ائل التقني ة
25
الالزم ة ،من تنفي ذ مط ابق للتص ميمات الهندس ية والش روط التعاقدي ة ،وأوام ر الخدم ة ال تي
يص درها المهندس المعماري ،واح ترام قواع د الفن وأصول المهنة ،وك ذا حسن اختيار مواد
البناء التي يستعملها ،وصيانة تلك التي يقدمها له صاحب المشروع.
وح تى يتحق ق ال تزام مق اول البن اء بانج از العم ل ،وت برأ ذمت ه في مواجه ة ص احب
المشروع ،عن ك ل ما ق د يح دث في البناءات أو المنشآت الثابتة من ته دم كلي أو ج زئي ،أو
يلحقه ا من عي وب ته دد س المتها ومتانته ا ،يجب على مق اول البن اء مراع اة ع دة واجب ات،
نتناولها تباعا.
يجب على مق اول البن اء أن ينج ز العم ل الموك ل ل ه من ط رف ص احب المش روع
بالطريقة المتفق عليها في عقد المقاولة المبرم بينهما ،ووفقا للشروط الواردة في هذا العقد،
وك ذا تنفي ذ التص اميم الهندس ية الموض وعة من ط رف المهن دس المعم اري ،مراعي ا في ذل ك
جميع القواعد التقنية المعمول بها ،ومحترما رغبات صاحب المشروع ،فإذا لم يتم االتفاق في
عقد المقاولة على أّية شروط ،وجب على مقاول البناء إتباع أصول الفن وقواعد الصنعة بهذا
الشأن.
يجب على مقاول البناء ،وهو ينجز األشغال ،احترام شروط عقد المقاولة كاملة ،سواء
تعلقت هذه الشروط بكيفية التنفيذ ،أو بمواعيد االنجاز ،أو بوجوب احترام مقاييس ،AFNOR
أو أصول الفن المقننة في الوثائق التقنية الموحدة ،المدرجة في دفتر الشروط عادة ،51ودفاتر
التعليمات الخاصة والتقنية.
وعليه ،يلتزم مقاول البناء بانجاز عمله وفق ما هو متفق عليه في عقد المقاولة ،وطبقا
للشروط الواردة فيه ،عمال بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين ،وبخاصة طبقا لدفتر الشروط إن
وجد.
51يتّم إعداد هذا الدفتر مسبقا من طرف مقاول البناء وصاحب المشروع ،ويتضمن شروط المقاولة بالتفصيل ،وكيفي ة
التنفيذ ،ومواعيد انجاز األعمال ،وغيرها من الشروط.
26
كما يجب على مقاول البناء أثناء انجازه العمل المسند إليه ،احترام التصاميم الهندسية
التي أنجزها المهندس المعماري مبدئيا ،بحيث إذا ورد في العقد تصميم معين ،موضوع من
طرف المهندس المعماري ،ومراع لجميع القواعد التقنية ،والمعمارية ،والجمالية ،ولرغبات
صاحب المشروع ،وجب على مقاول البناء أن يتبعه عند تشييد البناية ،فال يغّير منه شيئا.
غ ير أنه إذا ت بين لمق اول البناء وج ود أخط اء في التص ميم ال ذي كل ف بتنفي ذه ،يترتب
على تطبيقه كما هو ،حدوث الضرر بالمباني أو المنشآت الثابتة ،تعّين عليه ،باعتباره رجال
فني ا وتنفي ذيا ،52أن ينص ح ص احب المش روع أو المهن دس المعم اري وينبههم ا إلى ذل ك ،وإ ال
ك ان مس ؤوال إلى ج انب من وض ع التص ميم عن ته دم البن اء ،أو عن العي وب ال تي ق د ي ترتب
عليه ا تهدي د متان ة البن اء ،وس المته م تى ك ان ذل ك الض رر ناش ئا عن خط أ في التص ميم ،فال
يعفيه من المسؤولية االدعاء بأن دوره يقتصر على التنفيذ فقط.
يجب على مق اول البن اء أن ينف ذ عمل ه طبق ا ألوام ر الخدم ة ال تي يص درها المهن دس
المعماري ،والتي يأمره بموجبها ببداية العمل موضوع عقد المقاول ،أو بتغيير طريقة العمل،
أو بالزيادة في األشغال.
لكن يجب على مقاول البناء أن يتأكد من سالمة هذه األوامر ،فإذا كانت تلك األوامر
تخالف أصول الفن والمهنة ،بأن تبّين له مثال وجود عيوب ،أو نقائص ،أو تناقضات ،أو أن
تجاوز األمر حدود اختصاصاته المتفق عليها بداية ،توّج ب عليه أن يعلم المهندس المعماري
أو صاحب المشروع المالك بذلك كتابة.53
إذا لم يتف ق المتعاق دان على ش روط معين ة في عق د المقاول ة ،وجب على مق اول البن اء
إتباع العرف ،وبخاصة أصول الفن والصنعة عند تنفيذه لألشغال المعهودة إليه ،فإلقامة البناء
مقاول البناء ليس مجرد آلة صماء ،تتولى عملية التنفيذ فحسب ،بل هو رجل فني ،باإلضافة إلى كونه تنفيذي، 52
ش يخ نس يمة( ،التزام ات مق اول البن اء على ض وء القواع د العام ة في الق انون الجزائ ري) ،مجل ة الن دوة للدراس ات 53
وإ ذا ثبت أّن العم ل ال ذي أنج زه مق اول البناء غ ير مط ابق للشروط المنص وص عليها
في العق د ،أو ع دم ب ذل المق اول العناي ة الالزم ة علي ه ،فإن ه يك ون مخال بالتزام ه ،ومن تم
مسؤوال عن هذا اإلخالل في مواجهة رب العمل ،وال يجوز له نفي هذه المسؤولية إال بإثبات
السبب األجنبي.54
وإ ذا كان األصل استقالل المقاول في تنفيذه األعمال المكلف بانجازها ،بحيث ال يجوز
ل رب العم ل الت دخل في ه ذا التنفي ذ ،أو إص داره ل ه أوام ر وتعليم ات فيم ا يخص التنفي ذ ،فم ا
الحكم لو تبّين لصاحب المشروع أّن المقاول يقوم بالعمل بطريقة ال تتماشى وشروط العقد،
أو تخالف المواصفات والشروط المتفق عليها؟
بالرجوع إلى المادة 553من القانون المدني ،يتبين لنا أنه إذا ثبت أثناء سير العمل،
أّن مق اول البن اء يق وم ب ه على وج ه معيب ،أو من اف لبن ود العق د ،كم ا ل و لم ي راع األص ول
الفنية في عمله ،أو استخدم مواد من صنف أقل مّم ا هو متفق عليه ،فإنه ال ينتظر حتى إتمام
العمل ،كي يرفضه ،ثم يطالب مقاول البناء بالتعويض ،وإ نما يطلب التنفيذ العيني متى كان
ذلك ممكنا ،فيقوم بإنذاره بأن يصلح هذه العيوب ،55وأن يعدل من طريقة التنفيذ ،حتى يصبح
عمله سليما ،متفقا مع مواصفات العقد ،وله أن يحدد له أجال معقوال إلجراء هذه اإلصالحات
أو التعديالت.
فإن قام المقاول بما طلب به في األجل المعين لذلك ،لم تقم مسؤوليته ،أما إذا رفض
تعديل طريقة التنفيذ ،ولم يصلح األعمال المعيبة في األجل المحدد ،جاز لرب العمل أن يطلب
إما فسخ العقد ،والمطالبة بالتعويض عن األضرار التي لحقته ،من جراء إخالل مقاول البناء
بالتزامه ،وبالتالي التحلل من دفع األجر ،ولو لم يحل وقت انتهاء العمل بعد.
كالقوة القاهرة أو الحادث المفاجئ ،أو خطأ الغير ،أو خطأ المضرور نفسه. 54
محمد لبيب شنب ،شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء ،ط ،2منشأة المع ارف باإلسكندرية،2004 ، 55
ص .119
28
وإ ما أن يعهد إلى مقاول بناء آخر ،بانجاز العمل الذي امتنع مقاول البناء األول عن
تنفي ذه ،على نفق ة ه ذا األخ ير ،غ ير أن ه ال يج وز ل ه ذل ك ،إال إذا حص ل على ت رخيص من
القضاء ،في غير حاالت االستعجال.56
ولق د اس تقر القض اء الجزائ ري على ه ذا الموق ف ،بحيث قض ت المحكم ة العلي ا ،في
الق رار الص ادر عنه ا بت اريخ 13ج وان 571990بم ا يلي " :من المق رر قانون ا ،أن المقاول ة
عق د يتعه د بمقتض اه أح د المتعاق دين أن يص نع ش يئا أو أن ي ؤدي عمال مقاب ل أج ر يتعه د ب ه
المتعاقد اآلخر ،ومن تم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفا للقانون.
ولما كان ثابتا – في قضية الحال -أن أحد طرفي العقد قصر في تنفيذ التزاماته ،ومن تم فإن
القضاة عندما أمروا بإلغاء العقد المبرم بين الطرفين ،بدال من أن يحكموا على الطرف المخل
بإتمام التزاماته ،يكونوا بقضائهم كما فعلوا قد خالفوا القانون.
وقضت أيضا في قرار آخر صادر عنها بتاريخ 11مارس 581998بما يلي " :من
المقرر قانونا ،أنه في االلتزام بعمل ،إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزاماته ،جاز للدائن أن يطلب
ترخيصا من القاضي في تنفيذ االلتزام على نفقة المدين ،إذا كان هذا التنفيذ ممكنا.
ولم ا ك ان ثابت ا – في قض ية الح ال -أّن الطاعن ة لج أت إلى مق اول آخ ر ،ال ذي ق ام بتنفي ذ م ا
التزم به المطعون ضدهما ،المتمثل في تشييد مجموعة من المساكن المتعاقد عليها ،دون أن
تلجأ الطاعنة إلى القضاء ،لتطلب ترخيصا لتنفيذ االلتزام حسب ما يقتضيه القانون ،ومن تم
فان النعي على القرار المطعون فيه ،تجاوز السلطة ومخالفة القانون غير سديد ،ويستوجب
الرفض".
تنص المادة 170من ق.م على ما يلي " :في االلتزام بعمل ،إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه جاز للدائن أن يطلب 56
ترخيصا من القاضي في تنفيذ االلتزام على نفقة المدين إذا كان هذا التنفيذ ممكنا".
29
وتع ّر ف أص ول الفن بأنه ا المه ارة أو اللباق ة المعت ادة ال تي يمكن لص احب المش روع
انتظارها من كل محترف يتدخل في عملية البناء ،ويستحيل تحديدها نظرا لكثرتها ،فقد تتعلق
بطبيع ة األرض وخصوص يات التص اميم ،والحس ابات الخاص ة بتش ييد البناي ة ،وبط رق التنفي ذ
التقنية لألشغال ،وغيرها من المعالم.59
ف إذا خ الف مق اول البن اء الش روط والمواص فات التقني ة المتف ق عليه ا في العقـد ،أو
الشروط التي توجبها أصول الفن والصنعة ،وُع رفها ،وأثبت رب العمل ذلك ،اعتبر المقاول
مخال بالتزام ه بانج از العم ل ،ووجب علي ه الج زاء ،وذل ك دون حاج ة إلى إقام ة ال دليل على
إهم ال مق اول البن اء أو تقص يره من ط رف رب العم ل ،ألن مخالف ة ه ذه الش روط تعت بر هي
ذاتها خطأ ،ومن تم ال يستطيع المقاول أن يتخلص من المسؤولية إال بإثبات السبب األجنبي،
بأن يدعي أّن مخالفة هذه الشروط ترجع إلى قوة قاهرة أو حادث فجائي ،أو خطأ رب العمل
نفسه ،أو خطأ الغير.60
ويقع على مقاول البناء تقديم مادة العمل الالزمة لتنفيذ األشغال المعهودة إليه ،ويكون
ذلك على نفقته ،61كآالت البناء ،وعربات النقل ،ومستلزمات الدهان ،وغير ذلك مما يحتاج
إليه في انجاز عمله ،سواء اشترط ذلك في عقد المقاولة الذي يربطه بصاحب المشروع ،أو
لم يشترط ذلك ،ما لم يقض االتفاق أو عرف المهنة على خالف ذلك.
وقد يحتاج مقاول البناء في انجازه للعمل موضوع عقد المقاولة إلى أيـد عاملة ،وإ لى
أشخاص يعاونونه ،ويعملون تحت إشرافه ،فيقع عليه واجب إحضارهم كأصل عام ،ويكون
ذلك على نفقته ،ما لم يقض االتفاق أو عرف الحرفة بغير ذلك ،كما لو كان العمل الموكل
إلى مقاول البناء منظورا فيه لمهارة وخبرة هذا األخير الشخصية.
والمالحظ أن التزام مقاول البناء بانجاز العمل في عقد المقاولة ،إما أن يكون التزاما
بتحقيق غاية ،وإ ما أن يكون التزاما ببذل عناية.
59
H.PERINET-MARQUET, La responsabilité des constructeurs, op.cit, p 7.
عب د ال رزاق الس نهوري ،الوس يط في ش رح الق انون الم دني ،نظري ة االل تزام بوج ه ع ام ،مص ادر االل تزام :العق د، 60
العمل غير المشروع ،اإلثراء بال سبب ،القانون ،ج ،1دار النشر للجامعات المصرية ،القاهرة ،1952 ،ص.66
طبقا للمادة 550/2من ق.م والتي جاء فيها أنه يجوز أن يتعهد المقاول بتقديم العمل والمادة معا. 61
30
فإذا كان التزام المقاول بانجاز العمل التزاما بتحقيق غاية ،كأن يلتزم بإقامة بناية أو
ترميمه ا أو إص الحها ،فال ت برأ ذم ة المق اول من التزام ه ،إال إذا تحققت تل ك الغاي ة ،وأنج ز
العم ل المعه ود ل ه ب ه ،ومن تم ال يكفي مج رد ب دل المق اول عناي ة الرج ل المعت اد ،أو عناي ة
الرجل الحريص في انجازه العمل موضوع عقد المقاولة ،للقول بانتفاء مسؤوليته ،طالما لم
تتحقق الغاية المبتغاة ،فالمقاول يبقى مسؤوال تجاه صاحب المشروع ،ما دام أنه لم يتم انجاز
العمل ،ومن تم ال تنتفي مسؤولية المقاول إال بإثباته السبب األجنبي ،على أن انتفاء مسؤولية
المقاول في هذه الحالة راجع لنفي عالقة السببية ال لنفي الخطأ ،وبالنتيجة إذا أنجز المقاول
العم ل المكل ف ب ه من ط رف رب العم ل ،وفق ا للش روط والمواص فات المتف ق عليه ا في عق د
المقاول ة ،أو طبق ا ألص ول الفن ،وتقالي د الص نعة ،وعرفه ا على النح و الم بين أعاله ،ب رئت
ذمته ،ألنه وّفى بالتزامه بانجاز العمل.
أما إذا كان التزام مقاول البناء بانجاز العمل التزاما ببذل عناية ،كأن يلتزم المقاول
ب إدارة العم ل أو اإلش راف على تنفي ذه ،فان ه يعت بر موفي ا اللتزام ه إذا م ا ه و ب ذل في تنفي ذه
عناية المقاول المعتاد ،وتبرأ ذمته حتى لو لم يتحقق الغرض المقصود ،ذلك أن المطلوب من
مقاول البناء في هذه الحالة ،هو أن يبذل عناية من في مستواه من المقاولين ،في إدارة العمل
أو في اإلشراف على التنفيذ ،وليس عليه أن يحقق الغرض المقصود.62
تتوقف متانة البناء وسالمته من العيوب بالدرجة األولى على درجة جودة مواد البناء
المس تخدمة في عملي ة التش ييد ،وم دى خلوه ا من العي وب ،ال تي يمكن أن تع رض المب اني أو
المنشآت الثابتة لخطر االنهيار.
وإ ّن البناء بمواد عمل معيبة ،قد يشكل سببا مباشرا في تهدم البناء أو المنش آت الثابتة،
ك أن تك ون م واد البن اء المس تعملة غ ير ص الحة ،أو مخالف ة للمواص فات الفني ة ،أو مخالف ة
للش روط المتف ق عليه ا في العق د ،ب أن تك ون ه ذه الم واد من ن وع رديء ،ال تس مح ب ه أص ول
عب د ال رزاق الس نهوري ،الوس يط في ش رح الق انون الم دني ،نظري ة االل تزام بوج ه ع ام ،مص ادر االل تزام ،ج ،1 62
31
الفن والص نعة ،كاس تعمال اس منت من ن وع س يء في أرض ية البن اء ،أو حدي د مس لح من ن وع
رديء في سطح البناء ،وغيرها.
له ذه األس باب ،أل زم المش رع الجزائ ري مق اول البن اء باعتب اره ه و من ينف ذ العم ل،
باختيار مواد البناء ورقابتها ،فنص في المادة 550من القانون المدني على ما يلي " :يجوز
للمق اول أن يقتص ر على التعه د بتق ديم عمل ه فحس ب ،على أن يق دم رب العم ل الم ادة ال تي
يستخدمها أو يستعين بها في القيام بعمله.
كم ا يج وز أن يتعه د المق اول بتق ديم العم ل والم ادة مع ا " ،األم ر ال ذي يس تفاد من ه أن ه يمكن
لمقاول البناء أن يتعهد في عقد المقاولة ،بتقديم العمل دون المادة ،فيق ّد مها رب العمل ،أو أن
يتعهد بتقديم المادة والعمل معا ،وسنتناول هاتين الحالتين على التوالي.
نّص المش رع الجزائ ري في الم ادة 551من الق انون الم دني على م ا يلي " :إذا تعه د
المق اول بتق ديم م ادة العم ل كله ا أو بعض ها ،ك ان مس ؤوال عن جودته ا ،وعلي ه ض مانها ل رب
العم ل" ،ونص في الم ادة 552الفق رة الثاني ة من نفس الق انون الم ذكور على أن ه " :وعلى
المقاول أن يأتي بما يحتاج إليه في انجاز العمل من آالت وأدوات إضافية ،ويكون ذلك على
نفقته ،هذا ما لم يقض االتفاق أو عرف الحرفة بغير ذلك".
بقراءة هاتين المادتين يتضح لنا أنه ،إذا قدم مقاول البناء مادة العمل كلها أو بعضها،
يكون مسؤوال عن جودتها ،وعليه ضمانها لصاحب المشروع ،ذلك أّن المقاول في هذه الحال ة
يكون بائعا للمادة ،فيضمن ما فيها من عيوب ،ضمان البائع للعيوب الخفية ،فيكون المقاول
ملزما بالضمان إذا لم تتوافر في المادة الصفات التي تعهد بوجودها لرب العمل ،أو إذا كان
بها عيب ينقص من قيمتها ،أو من االنتفاع بها بحسب الغاية المقصودة منها ،فكون المقاول
ضامنا لهذه العيوب ،حتى لو لم يكن عالما بوجودها ،في حين ال يضمن هذه العيوب إذا كان
رب العم ل يعرفه ا وقت تم ام ص نع الش يء ،أو ك ان يس تطيع أن يتبّينه ا بنفس ه ،ل و أن ه فحص
الشيء بعناية الرجل العادي ،إال إذا أثبت رب العمل أّن المقاول أكد له خلو الشيء من تلك
32
العيوب ،أو أثبت أن المقاول قد تعمد إخفاءها غشا عنه ،63وإ ذا تسلم صاحب المشروع العمل
المتفق عليه ،وجب عليه التحقق من حالته ،عندما يتمكن من ذلك ،وفق المألوف في التعامل،
فإذا كشف عيبا يضمنه المقاول ،وجب عليه أن يخبره به في أجل مقبول عادة ،فإن لم يفعل
اعتبر راضيا بالعمل.64
غير أنه إذا كان العيب في المادة مما ال يمكن اكتشافه بالفحص المعتاد ،ثم كشفه رب
العمل ،وجب عليه أن يخطر به المقاول بمجرد ظهوره ،وإ ال اعتبر راضيا بالعمل ،بما فيه
من عيوب.65
هذا وإ ذا أخبر رب العمل مقاول البناء بالعيوب التي اكتشفها في الوقت المناسب ،كان
له الحق في أن يرجع عليه بالضمان وفقا للقواعد العامة.66
ومن تم ،يجب على مق اول البن اء عن د تقديم ه م ادة العم ل ،أن يحس ن اختي اره له ا،
ويراعي في ذل ك مالءمتها للغاية المقص ودة منه ا ،ويراقب م دى جودته ا ،بأن تك ون مطابقة
للمواص فات المتف ق عليه ا في العق د ،وفي دف تر الش روط إن وج د ،وأن تت وافر على الص فات
والمقاييس التقنية والفنية الواجب توافرها في المواد المستخدمة في البناء ،وأن يح ترم مقاييس
تنص المادة 379من ق.م على ما يلي " :يكون البائع ملزما بالضمان إذا لم يشتمل المبيع على الصفات التي تعهد 63
بوجوده ا وقت التس ليم إلى المش تري أو إذا ك ان ب المبيع عيب ينقص من قيمت ه ،أو من االنتف اع ب ه بحس ب الغاي ة
المقص ودة من ه حس بما ه و م ذكور بعق د ال بيع ،أو حس بما يظه ر من طبيعت ه أو اس تعماله ،فيك ون الب ائع ض امنا له ذه
العيوب ولو لم يكن عالما بوجودها.
غير أن البائع ال يكون ضامنا للعيوب التي كان المشتري على علم به ا وقت البيع ،أو كان في استطاعته أن يطلع
عليها لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي ،إال إذا أثبت المشتري أن البائع أكد له خلو المبيع من تلك العيوب أو
أنه أخفاها غشا عنه".
تنص المادة 380/1من ق.م على م ا يلي " :إذا تسلم المشتري المبيع وجب عليه التحقق من حالته عندما يتمكن 64
من ذلك حسب قواعد التعامل الجارية ،فإذا كشف عيبا يضمنه البائع وجب عليه أن يخبر هذا األخير في أجل مقبول
عادة فإن لم يفعل اعتبر راضيا بالبيع".
تنص المادة 380/2من ق.م على ما يلي " :غير أنه إذا كان العيب مما ال يظهر بطريق االستعمال العادي وجب 65
على المشتري بمجرد ظهور العيب أن يخبر البائع بذلك و إال اعتبر راضيا بالمبيع بما فيه من عيوب".
33
،AFNORوتل ك المقنن ة في الوث ائق التقني ة الموح دة ،إذا اتف ق األط راف على وج وب إتباعه ا
في العقد.
أم ا إذا لم تكن هن اك ش روط ومواص فات تخص م واد البن اء ،متف ق عليه ا في العق د،
وجب على مق اول البن اء أن يت وخى في اختياره ا أن تك ون وافي ة للغ رض المقص ود ،وال ذي
يستفاد مما هو مبين في العقد ،أو مما هو ظاهر من طبيعة الشيء ،أو الغرض الذي أعد له.
وإ ذا لم يتفق المتعاقدان على درجة جودة المادة المستعملة ،ولم يمكن استخالص ذلك من
العرف أو من أّي ظرف آخر ،التزم المقاول بتقديم المادة من درجة متوسطة.67
تنص الم ادة 552الفق رة األولى من الق انون على م ا يلي " :إذا ك ان رب العم ل ه و
الذي قدم المادة ،فعلى المقاول أن يحرص عليها ويراعي أصول الفن في استخدامه لها ،وأن
يؤدي حسابا لرب العمل عما استعملها فيه ،ويرد إليه ما بقي منها ،فإذا صار شيء من هذه
المادة غير صالح لالستعمال بسبب إهماله أو قصور كفايته ،فهو ملزم برد قيمة هذا الشيء
لرب العمل".
يستفاد من هذه المادة ،أنه إذا كان صاحب المشروع هو الذي قدم مادة العمل ،وجب
على مق اول البن اء أن يحاف ظ عليه ا ،وذل ك بوض عها في مك ان أمين ال يص ل اللص وص إلي ه،
وأن يحرص على منع تلفها ،وأن يبذل في ذلك عناية المقاول المعتاد ،ومن تم إذا أهمل هذا
األخ ير في المحافظ ة على الم ادة ال تي س لمها ل ه رب العم ل ،ك ان مس ؤوال عن هالكه ا ،أو
تلفها ،أو ضياعها ،أو سرقتها ،وفي هذه الحالة يكون ملزما برد قيمتها لرب العمل.68
وإ ذا احتاج حفظ هذه المواد إلى نفقات ،فإّن المقاول هو الذي يتحملها ،دون أن يكون
ل ه ح ق الرج وع بقيمته ا على رب العم ل ،ذل ك أنه ا تعت بر ج زء من النفق ات ال واجب علي ه
مراعاتها عند تحديد األجر ،ما لم يتم االتفاق على خالف ذلك.
نص المش رع الجزائ ري في الم ادة 94/2من ق.م على م ا يلي ... " :وإ ذا لم يتف ق المتعاق دان على درج ة الش يء 67
من حيث جودت ه ولم يمكن ت بين ذل ك من الع رف أو من أي ظ رف آخ ر ،ال تزم الم دين بتس ليم ش يء من ص نف
متوسط".
شيخ نسيمة( ،التزامات مقاول البناء على ضوء القواعد العامة في القانون الجزائري) ،المقال السابق ،ص.115 68
34
ولما كان الغرض من تسليم المواد إلى مقاول البناء ،هو استخدامها في العمل المعهود
له به النجازه ،فإن المقاول يلتزم بأن يراعي أصول الفن في ذلك ،فال يبذرها عند استعمالها،
وال يقتص د فيه ا اقتص ادا مفرط ا ،وإ نم ا علي ه أن يس تعمل منه ا الق در الالزم النج از العم ل
المطلوب منه ،دون زيادة أو نقصان.
ويلتزم مقاول البناء بأن يقدم حسابا لصاحب المشروع عما استعمله منها ،وأن يرد له
ما تبقى من المادة إن وجد ،فإن بقي من الحديد الذي تسلمه رب العمل مثال شيء ،بعد أن أتّم
المقاول انجاز المباني أو المنشآت الثابتة األخرى ،وجب عليه رده لرب العمل.69
يتعين على مق اول البن اء ك ذلك ،أن ي راقب ه ذه الم واد المس لمة ل ه من ط رف ص احب
المشروع ،ويتأكد من سالمتها ،وخلوها من العيوب التي قد تهدد سالمة المباني ومتانتها ،فإذا
اكتشف أثناء عملية االنجاز ،أن بهذه المواد عيوبا ال تصلح معها ألداء الغرض المرجو منها،
كما لو كان الحديد ال يصلح لوضع األساسات ،وجب عليه أن يخطر فورا رب العمل بذلك،
وإ ال كان مسؤوال عن كل ما يترتب على إهماله من نتائج ،أما إذا كان ال يمكن لمقاول بناء
مثله أن يكتشف العيب ،فإنه ال يكون مسؤوال في هذه الحالة.
بناء عليه ،إذا الحظ مقاول البناء ،أثناء رقابته للمواد المقدمة له من طرف صاحب
المشروع ،أنها ال توفر النوعية المرج وة للغاية المقصودة منها ،نّب ه رب العمل بذلك ،فإذا
أصر هذا األخير على استعمال هذه المواد المعيبة ،كان للمقاول طبقا لمقياس -03 -011
AFNOR Pأن يرفض استخدام هذه المواد ،70ويمكنه في ذلك ،االستعانة بآراء الخبراء لبيان
مدى صالحية هذه المواد لالستخدام من عدمه.
هذا وما دام التزام مقاول البناء ،بالمحافظة على المواد التي تسلمها من رب العمل،
التزاما بوسيلة ،فإن هذا األخير الذي يدعي اإلخالل به ،يلتزم بإقامة الدليل على ما يدعيه،
وذلك بإثبات أن مقاول البناء ،لم يبذل عناية المقاول المعتاد في أدائه لهذا االلتزام ،بأن يثبت
إهمال وتقصير مقاول البناء ،أو إثبات قصور كفايته الفنية ،غير أنه يمكن استخالص قرينة
عب د ال رزاق الس نهوري ،الوس يط في ش رح الق انون الم دني ،نظري ة االل تزام بوج ه ع ام ،مص ادر االل تزام ،ج ،1 69
حمادي جازية مجيدة ،عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري ،المرجع السابق ،ص .94 70
35
قض ائية على ه ذا التقص ير ،تعفي ص احب المش روع من عبء إثب ات خط أ مق اول البن اء،71
وبالمقابل للمقاول أن يدفع هذه القرينة بإثبات السبب األجنبي أو أنه بذل العناية الالزمة في
المحافظة على المادة.
وال يسأل مقاول البناء ،إال عن تلك العيوب ،التي يمكن لمق اول آخ ر في مستواه ،وفي
نفس ظروف ه أن يكتش فها ،بحيث ال تخفى على مق اول مج رب ،أم ا م ا دون ذل ك من عي وب،
فال يسأل عنه المقاول.
ترتيبا على ما سبق ،يكون مقاول البناء مسؤوال عن خطئه مسؤولية عقدية ،إذا خالف
الشروط والمواصفات المتفق عليها ،أو انحرف عن أصول الفن والصنعة ،أو أساء استخدام
المادة التي استعملها في انجاز العمل ،أو لم يبذل العناية الالزمة للمحافظة على المواد التي
قدمها له رب العمل ،أو لم يحترم أوامر الخدمة ،فيلتزم بتعويض رب العمل عما أصابه من
ضرر ،بسبب إخالله بالتزاماته وفقا للقواعد العامة.72
فضال عن احترام مقاول البناء واجب مراعاة مقتضيات العقد ،وواجب اختيار المادة،
في تنفي ذ التزام ه بانج از العم ل ،يجب عليه أيض ا ،أن يس لم العم ل موض وع عق د المقاول ة في
الوقت المحدد ،وباألجر المبين في العقد ،وهذا ما سنعرضه.
يلتزم مقاول البناء بتسليم محل العقد في اآلجال المتفق عليها في العقد ،ويكون التسليم
بوضع العمل تحت تصرف صاحب المشروع ،بحيث يتمكن من االنتفاع به دون أي عائق،73
وإ ذا لم ينص العق د على أّي أج ل للتس ليم ،وجب على مق اول البن اء انج از العم ل وتس ليمه
محمد لبيب شنب ،شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء ،المرجع السابق ،ص.126 71
عب د ال رزاق الس نهوري ،الوس يط في ش رح الق انون الم دني ،نظري ة االل تزام بوج ه ع ام ،مص ادر االل تزام ،ج ،1 73
وبن اء علي ه ،إذا أخ ّل المق اول بالتزام ه بتس ليم البناي ة في ال وقت المح ّد د في العق د رغم
اعذاره ،اعتبر مخطئا وخارقا لشروط العقد -دون الحاجة إلثبات الخطأ في جانبه -ومن تّم
يج وز لص احب المش روع أن يطلب ،في ه ذه الحال ة ،فس خ العق د م ع التع ويض عن األض رار
التي لحقته جّر اء التأخير ،أو أن يطلب التعويض فقط ،على أساس المسؤولية العقدية ،خاصة
إذا كانت األشغال المنجزة على وشك االنتهاء ،وعادة ما يتضمن العقد ،جزاءات التأخر في
تنفيذ االلتزام خالل األجل المتفق عليه.76
ويظ ّل المق اول مسؤوال عن التأخير ،ول و أثبت أّن الم دة المتف ق عليها في العق د ،غير
كافي ة إلنج از العم ل المطل وب ،ألن ه ك ان يت وجب علي ه وقت إب رام العق د ،أال يح ّد د م ّد ة ال
يستطيع انجاز العمل فيها.77
كم ال محم د األمين( ،التزام ات الم رخص ل ه في م ادة البن اء والتعم ير) ،مجل ة الحق وق والحري ات ،ع دد تجري بي، 74
بلمختار سعاد ،المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون العقود 75
والمسؤولية ،كلية الحقوق ،جامعة أبي بكر بلقايد ،تلمسان ،2009-2008 ،ص .38
تنص المادة 183من ق.م على ما يلي " :يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليها في العقد، 76
أو في اتفاق الحق .وتطبق في هذه الحالة أحكام المواد 176و ."181
وتنص المادة 184من نفس القانون على ما يلي " :ال يكون التعويض المحدد في االتفاق مستحقا إذا أثبت المدين أن
الدائن لم يلحقه أي ضرر.
ويجوز للقاضي أن يخفض مبلغ التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مفرطا أو أّن االلتزام األصلي قد نفذ في
جزء منه.
ويكون باطال كّل اتفاق يخالف أحكام الفقرتين أعاله".
77محمد لبيب شنب ،شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء،المرجع السابق ،ص .121
37
هذا وتجدر اإلشارة ،أّن التزام مقاول البناء بإنجاز العمل ،وتسليمه في الوقت المح ّد د
بالعقد ،التزاٌم بتحقيق نتيجة ،فال يجوز إذن للمقاول أن ينفي مسؤوليته بعدم تنفيذ التزام ه ،ب أن
يثبت أنه تص َر ف تص ُر ف الرجل المعتاد ،وأنه بذل العناية الالزمة لذلك ،بل يجب عليه أن
يثبت السبب األجنبي ،كالقوة القاهرة 78أو فعل صاحب المشروع 79أو فعل الغير.
يل تزم مق اول البن اء بإنج از األش غال المتف ق عليه ا مقاب ل أج ر ،واألص ل أن يتم تحدي د
األجر في عقد المقاولة ،بناء على االتفاق المبرم بين مقاول البناء وصاحب المشروع ،ووفقا
للطريق ة المتف ق عليه ا ،فيتم تق ديره إم ا على أساس سعر ج زافي ،أو عن طريق مقايسة على
أساس الوحدة ،ومن تم ال يجوز لمقاول البناء مطالبة صاحب المشروع بمبالغ إضافية ،ما لم
يتفقا على ذلك مسبقا في عقد المقاولة الذي يربطهما.
80
أ -تحديد قيمة األجر على أساس السعر الجزافي
يجب على مقاول البناء أن يتقّيد بالمقايسة81التي تّم االتفاق عليها في العقد عند إبرام ه،
فال يمكن ه مج اوزة الس عر الج زافي المتف ق علي ه ،وإ ذا فع ل ال يس تطيع مس اءلة ص احب
المشروع بهذه الزيادة ،بل يتحملها هو ،ألّن صاحب المشروع -وفقا لهذه الطريقة -يحدد
األجر إجماال في مقابل كل األعمال التي يعهد بها إلى المقاول ،دون تعيين أجر مستقل لكل
عمل من األعمال الواجبة ،ودون اعتداد بما يطرأ من حوادث تجعل التنفيذ صعبا أو مرهقا
أو أكثر كلفة ،فيدفع السعر المتفق عليه دون زيادة أو نقصان كونه ثابتا ال يمكن تعديله وال
مراجعته.
ال يدخل ضمن القوة القاهرة مثال برودة الطقس أو كثرة المطر في فصل الشتاء ،ألنهما أمران متوقعان ،ك ان على 78
المقاول أن يترقبهما وقت التعاقد و يأخذهما بعين االعتبار أثناء حساب أجل التنفيذ.
كت أخره في القي ام ب اإلجراءات اإلداري ة الالزم ة للحص ول على رخص البن اء ،أو ت أخره في تق ديم م واد البن اء 79
للشروع في التنفيذ ،أو زيادة حجم األشغال عما تم االتفاق عليه بداية ،أو عدم دفعه لإلقساط والتسبيقات المتفق عليها
مما أدى إلى وقف األشغال من طرف المقاول.
هذه الطريقة تقتضي أن يقّد ر السعر مقدما عند إبرام المقاولة. 80
المقايس ة ( )DEVISهي بي ان مفص ل لألعم ال ال واجب القي ام به ا ،والم واد ال واجب اس تخدامها في ه ذه األعم ال، 81
هذا ويجب أن يكون طلب الزيادة في األجر عن األشغال اإلضافية ،ثابتا بالكتابة ،إال
إذا كان العقد األصلي ذاته قد اتفق عليه مشافهة.82
وتب دو فائ دة تحدي د األج ر جزاف ا بالنس بة لص احب المش روع ،أنه ا تح دد مق دما م دى
التزامه ،وتجعله في مأمن من ارتفاع أسعار مواد البناء األولية ،وارتفاع أجور العمال ،وإ ن
كان يخشى أن يؤدي تحديد األجر جزافا أن يعمد مقاول البناء إلى استخدام مواد من صنف
سيء ،أو ال يتقن العمل الموكول إليه.
قضت المحكمة العلي ا ،في هذا الشأن ،في القرار الصادر عنها بت اريخ 18جوان ،1997ملف رقم ،144112 82
منشور بـ م ق ،ع 1لسنة ،1997ص 21بما يلي " :من المقرر قانونا ،أنه إذا أبرم عقد بأجر جزافي على أساس
تصميم اتفق عليه مع رب العمل ،فليس للمقاول أن يطالب بأية زيادة في األجر ولو حدث في هذا التصميم تعديل أو
إضافة.
ويجب أن يحصل هذا االتفاق كتابة إال إذا كان العقد األصلي ذاته قد اتفق عليه شفاهية.
ولما كان ثابتا أن قضاة الموضوع بقضائهم على الطاعنة بدفع مبلغ إضافي نظرا لتوسيع األشغال المتفق عليها في
العقد األصلي ،في حين كان لزاما على المقاول عند توسيع تلك األشغال في وقت الحق أن يدرجها كتابة حسب العقد
األصلي ،ومن تم فإن القضاة بقضائهم كما فعلوا قد خالفوا حكم القانون".
39
وبالنسبة لمقاول البناء ،فانها تتيح له فرصة كبيرة للربح ،ولكنها تحمله مسؤولية الغلط
في تق دير النفق ات الالزم ة ،وتبع ات التغ يرات ال تي تط رأ على أس عار الم واد المس تعملة في
العمل ،وأجور العمال الذين يستعين بهم في العمل.83
تحديد األجر وفقا لهذه الصورة يقتضي عمل مقايسة ،تبين األعمال المطلوبة تفصيال،
والمواد التي تستخدم في هذه األعمال ،وأجر وحدة العمل ،وسعر المواد المستخدمة.
ف إذا اتف ق مق اول البن اء م ع ص احب المش روع على أن يتّم حس اب األج ر على أس اس
الوحدة ،فإّن األجر يقّد ر تبعا للعمل الحقيقي الذي ينجزه مقاول البناء ،أي على أساس كل م تر
منجز عن كل متر من المباني ،أو عن كل كمية منجزة عن كل صنف ،ومثال ذلك االتفاق
على أن حس اب عملي ة ال تزليج تق در بمبل غ معين عن ك ل م تر مرب ع ،فعن د تس لم البناي ة يتم
حساب األجر وفقا لعدد األمتار المربعة التي قام مقاول البناء بتزليجها.
ه ذا وال ال يمكن معرف ة أج ر مق اول البن اء وفق ا له ذه الطريق ة ،إال بع د إتمام ه العم ل،
وبالتالي يزيد أج ره أو ينقص عّم ا كان ق د توقعه صاحب المشروع وقت التعاق د ،فإذا كانت
مج اوزة المقايس ة المق درة مج اوزًة محسوس ًة ،وجب على مق اول البن اء أن يخط ر في الح ال
صاحب المشروع بذلك ،موضحا له مقدار ما يتوقعه من زيادة في الثمن ،فإن لم يفعل سقط
حقه في استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة من نفقات.
أّم ا إذا كانت مجاوزة سعر المقايسة المقدرة لتنفيذ التصميم المتفق عليه جسيمة ،جاز
لصاحب المشروع حل العقد بإرادته المنفردة ،ووقف التنفيذ فورا ،مع إيفاء مقاول البناء قيمة
ما أنجزه من أعمال ،مقدرة وفقا لشروط العقد ،دون أن يعوضه عما كان يستطيع أن يكسبه
لو أنه أتم العمل.84
محمد لبيب شنب ،شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء،المرجع السابق ،ص.80،81 83
40
الفرع الثاني :التزام مقاول البناء بتسليم العمل
فضال عن التزام مقاول البناء بانجاز العمل محل عقد المقاولة ،يلتزم أيضا بتسليم هذا
العمل بعد إتمامه لرب العمل ،في اآلجال المتفق عليها في العقد.
يك ون التس ليم بوض ع العم ل تحت تص رف ص احب المش روع ،بحيث يتمكن من
االس تيالء علي ه واالنتف اع ب ه دون ع ائق ،85وأن يتم التس ليم في الميع اد المتف ق علي ه النج از
العمل ،فإذا لم يتفق مقاول البناء وصاحب المشروع عند إبرام عقد المقاولة ،على أجل معين
للتسليم ،كان على مقاول البناء انجاز األعمال ،وتسليمها لصاحب المشروع ،في مدة معقولة،
وفقا لطبيعتها ،وحسب ما تقتضيه أعراف الصنعة.
وبم ا أن مق اول البن اء ش خص مح ترف ،خب ير ب أمور الفن ،يجب علي ه أن يأخ ذ بعين
االعتب ار – وقت إب رام العق د -ع دة مع ايير لتنفي ذ األعم ال وانجازه ا ،ومن تم تس ليمها في
الوقت المناسب ،فال يمكنه طلب مدة أطول للتنفيذ ،بسبب قلة مواد البناء ،أو زيادة األسعار،
أو تهاطل أمطار غزيرة وغيرها ،ألن التزام المقاول بتسليم البناية ،في األجل المحدد بالعقد،
هو التزام بتحقيق نتيجة.
وإ ذا كان التسليم يقتضي وضع العمل المنجز تحت تصرف صاحب المشروع ،لتمكينه
من االنتفاع به دون عائق ،فإن ذلك ال يعني أن يضع صاحب المشروع يده فعال على العمل،
حتى يعتبر مقاول البناء قد نّف ذ التزامه بالتسليم ،ألن التسلم الفعلي هو التزام يقع على عاتق
صاحب المشروع ال مقاول البناء.
ويجب أن يتم تسليم العمل محل عقد المقاولة في المكان المتفق عليه ،فإن لم يتضمن
العق د اتفاقا في هذا الشأن ،وجب التسليم في المكان ال ذي يح دده العرف ،فإن لم يوج د اتفاق
وال عرف ،وكان العمل واردا على عقار أو شيء ثابت ،فإّن التسليم يكون في مكان وجود
هذا العقار أو الشيء ،كما لو كان العمل المراد انجازه عمارة مثال ،فإن تسليم هذه العمارة
يكون في مكان وجودها بداهة.
يك ون التس ليم تام ا إذا تخلى مق اول البن اء عن المب اني ،ووض عها تحت تص رف ص احب المش روع ،وذل ك بتس ليمه 85
مفاتيح البناء.
41
ثانيا :جزاء إخالل مقاول البناء بالتزامه بالتسليم
بن اء على م ا س بق ذك ره ،إذا لم يقم مق اول البن اء بتس ليم العم ل المكل ف ب ه ك امال ،في
الوقت المحدد ،وفي المكان الواجب تسليمه فيه ،رغم اعذاره ،اعتبر مخطئا ،ومخال بالتزامه
بالتس ليم ،ومن تم مس ؤوال في مواجه ة رب العم ل عم ا يلحق ه من أض رار ،ويج وز في ه ذه
الحالة لرب العمل ،طبقا للقواعد العامة ،أن يطلب التنفيذ العيني والتعويض ،86فيجبر المقاول
على تس ليم العم ل ،م تى ك ان ذل ك ممكن ا ،وإ ذا ك ان التس ليم غ ير ممكن إال بت دخل المق اول
شخصيا ،فيجوز لرب العمل إجباره على ذلك ،عن طريق تسليط غرامة تهديدية عليه ،لحمله
على تنفيذ التزامه بالتسليم.87
غير أنه ال يجوز إجبار المقاول على تسليم العمل ،إال إذا كان قد انتهى منه ،ألنه قد
يكون في تسليم العمل ناقصا ،إضرار بسمعة المقاول الفنية ،وترجع مسألة تقدير ذلك للسلطة
التقديرية لقاضي الموضوع ،باالستعانة بآراء أهل الخبرة.
هذا ويجوز لرب العمل ،أن يطلب فسخ عقد المقاولة والتعويض ،في حالة ما إذا أخل
مق اول البن اء بالتزام ه بالتس ليم ،أو ت أخر في ذل ك ،غ ير أن القض اء ليس ملزم ا بإجاب ة طلب
الفسخ ،حتى لو تحقق من عدم وفاء مقاول البناء بالتزامه كامال ،فله أن يرفض الفسخ بصفة
خاصة ،إذا كان ما لم يسلمه المقاول قليل األهمية بالنسبة إلى االلتزام في مجمله.88
فمتى تمسك رب العمل في مطالبته بالتنفيذ العيني دون الفسخ ،ال يحق لقاضي الموضوع في حالة عرض النزاع 86
عليه ،أن يتدخل لحل الرابطة العقدية ،وإ ال كان حكمه مخالفا ألحكام نص المادة 549من ق.م.
-يراج ع به ذا الص دد ق رار م ع غ م ،مل ف رقم ،61489الص ادر في ،13/06/1990منش ور بـ م ق ،ع ،4س
،1991ص ،65أشار إليه :مسعودة مروش ،عقد المقاولة في القانون المدني الجزائري ،بحث لنيل شهادة الماجستير
في العقود والمسؤولية ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ،2003-2002 ،ص.76
تنص الم ادة 119من ق.م على م ا يلي " :في العق ود الملزم ة للج انبين ،إذا لم ي وف أح د المتعاق دين بالتزام ه ج از 88
للمتعاقد اآلخر بعد اعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه ،مع التعويض في الحالتين إذا اقتضى الحال ذلك.
ويجوز للقاضي أن يمنح المدين أجال حسب الظروف ،كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين
قليل األهمية بالنسبة إلى كامل االلتزامات".
42
ويظ ل مق اول البن اء مس ؤوال عن الت أخير في التنفي ذ ،ول و أثبت أن الم دة المتف ق عليه ا
في عقد المقاولة ،غير كافية النجاز العمل المطلوب منه ،ألنه كان يتوجب عليه وقت إبرام
العقد ،أال يحدد مدة ال يستطيع انجاز العمل فيها.
ولّم ا كان التزام مقاول البناء بتسليم العمل التزاما بتحقيق نتيجة ،فإنه ال يجوز له أن
ينفي مسؤوليته بعدم تنفيذ التزامه ،بأن يثبت بأنه تصرف تصرف الرجل المعتاد ،وأنه بذل
العناية الالزمة لذلك ،بل يجب عليه أن يثبت السبب األجنبي ،حتى ينفي عن نفسه المسؤولية.
على أنه في حالة تعدد المقاولين في ورشة عمل واحدة ،يعتبر كل مقاول مسؤوال عن
ت أخره في انج از عمل ه ،دون المق اولين اآلخ رين ،ويك ون مق اول البن اء مس ؤوال تج اه ص احب
المشروع عن تأخر المقاول الفرعي في تسليم عمله.89
نظم المش رع الجزائ ري ال تزام مق اول البن اء بم وجب أحك ام خاص ة ،فلم يخض عها
لألحك ام العام ة في الض مان ،وال تي تس ري على العق ود ،بحيث ش ّد د من مس ؤولية المق اول،
نظرا لما قد يترتب على تهدم المباني من أضرار جسيمة ،تصيب األرواح واألموال.
وسأقتص ر في ه ذا الف رع على دراس ة أحك ام الض مان بوج ه ع ام ،ذل ك أن ني س أتناول
األحك ام الخاص ة بض مان مق اول البن اء والمهن دس المعم اري ،على نح و مفص ل ،في الب اب
الث اني من ه ذه الرس الة ،وال تي ال أرى ب ّد ا من ذكره ا في ه ذا الف رع ،وذل ك ح تى ال أق ع في
التكرار ،وإ لى ذلك أحيل.90
يضمن مقاول البناء ،في عقد المقاولة المبرم بينه وبين صاحب المشروع ،ما في مواد
العمل التي التزم بتقديمها من عيوب ،متى لم تتوافر في المادة الصفات التي تعهد لرب العمل
43
بوجودها فيها ،أو كان بالمادة عيب ينقص من قيمتها ،أو من نفعها ،بحسب الغاية المقصودة
منها.91
ويضمن مقاول البناء أيضا العيوب التي اكتشفها ،أو التي كان عليه اكتشافها في مادة
العمل التي قدمها له رب العمل ،ألنه يتعين عليه إخطار هذا األخير بهذه العيوب.92
يسأل مق اول البناء عن ك ل عيب في الص نعة ،تقضي أصول الفن بأن يكون مسؤوال
عن ه ،ومن تم تق وم مس ؤولية مق اول البن اء ،إذا لم يل تزم بتنفي ذ العم ل المعه ود ب ه إلي ه ،وفق ا
للمواصفات المتفق عليها ،وطبقا ألصول الصنعة ،فهو إذن يضمن عيوب عمله.93
المبحث الثاني:
نظرا للتطور الذي يعرفه مجال البناء والمعمار ،اتجهت معظم التشريعات إلى توسيع
مج ال التزام ات المعم اريين ،وبخاص ة المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،فأض اف الق انون
فض ال عن االلتزام ات الرئيس ية الخاص ة الم ذكورة أعاله ،ال تزامين جدي دين وهم ا :االل تزام
باإلعالم واإلرشاد ،وااللتزام بالتأمين على المسؤولية ،وهو ما سنتناوله بالشرح والتفصيل.
تنص المادة 551من القانون سالف الذكر على ما يلي " :إذا تعهد المقاول بتقديم مادة العمل كلها أو بعضها كان 91
بلجبل عتيقة ( ،الخطأ كشرط لقيام المسؤولية العقدية) ،مجلة الحقوق والحريات ،عدد تجريبي ،بسكرة ،سبتمبر 93
،2013ص.560
44
أوجب الق انون على ك ل مح ترف ،أن يعلم ويوّج ه من يتعاق د معهم ،سيمـا الجاهليـن
بأصول مهنتهم ،وباعتبار المهندس المعماري ومقاول البناء محترفين ،فإنه يتعين عليهما ،أن
يق دما لص احب المش روع ،ك ل مس اعدة ض رورية ،وأن يعلم اه بك ل م ا يل زم ،ويش يرا علي ه
ب الرأي الف ني الص حيح ،س واء قب ل الب دء في تنفي ذ األعم ال ،أو خالل ه ذا التنفي ذ ،أو بع د
اكتماله ،أي عند تسليم البناء ،94وذلك لتمكينه من اتخاذ قرارات صائبة بخصوص البناية ال تي
يريد تشييدها.
ويعتبر االلتزام باإلعالم واإلرشاد ،المترتب في ذمة المهندس المعماري ومقاول البناء
التزاما تعاقديا ،ناتجا عن عقد المقاولة الذي يربطهما برب العمل ،حتى وإ ن لم ينص صراحة
على هذا االل تزام في العق د ،ومن تم فإن ك ل إخالل من ط رف المهندس المعم اري أو مقاول
البناء بهذا االلتزام ،يرتب مسؤوليتهما العقدية.
والمالح ظ أن القض اء الفرنس ي أك د على األس اس العق دي الل تزام المهن دس المعم اري
ومق اول البن اء ب اإلعالم ،95باس تناده أحيان ا على الم ادة 1135من الق انون الم دني الفرنس ي،
والتي تقابلها المادة 107الفقرة الثانية من القانون المدني الجزائري التي جرى نصها كاآلتي:
" وال يقتص ر العق د على إل زام المتعاق د بم ا ورد في ه فحس ب ،ب ل يتن اول أيض ا م ا ه و من
مس تلزماته وفق ا للق انون ،والع رف ،والعدال ة ،بحس ب طبيع ة االل تزام " ،وأحيان ا أخ رى على
المادة 1147مدني فرنسي والتي تقابلها المادة 176مدني جزائري والتي تنص على أنه" :
إذا استحال على المدين أن ينفذ االلتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ
التزامه ،ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب ال يد له فيه ،ويكون الحكم كذلك إذا
تأخر المدين في تنفيذ التزامه ".
مغبغب نعيم ،عقود مقاوالت البناء واألشغال الخاصة والعامة ،بدون دار نشر ،بدون مكان نشر.1997، 94
يذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى فصل هذا االلتزام عن العقد وربطه بقواعد المهنة وأصول القانون ،غير أن 95
هذا التأسيس قد يؤدي إلى تفويت حق صاحب المشروع في اإلعالم ،إذ يستعصي عليه استخالص هذا االلتزام من
القواعد العامة ،و من تم من األفضل جعل هذا االلتزام داخل دائرة العقد.
-ش هيدة ق ادة( ،ال تزام المهن دس المعم اري والمق اول ب اإلعالم والتوجي ه في عق د المقاول ة) ،مجل ة دراس ات قانوني ة،
تصدر عن مخبر القانون الخاص ،كلية الحقوق ،جامعة أبي بكر بلقايد ،تلمسان ،ع ،2006 ،3ص.78
45
وتبع ا ل ذلك ،ن رى أّن ال تزام المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ب اإلعالم واإلرش اد،
ال تزام تعاق دي ،ن اتج عن عق د المقاول ة ،باعتب اره من مس تلزمات ه ذا العق د ،طبق ا للع رف
والعدالة.
وإ ذا كان االلتزام باإلعالم واإلرشاد ،التزاما مشتركا بين المهندس المعماري ومقاول
البناء ،باعتبارهما حرفيين مختصين في مجال البناء ،إال أنه يختلف تبعا الختالف تدخل كل
واحد منهما في عملية البناء ،وهو ما سنتناوله تباعا.
نشير بداءة إلى أنه ال يمكن حصر مظاهر المساعدة التي يمكن أن يقدمها المهندس
المعم اري ل رب العم ل ،فه ذه مس ألة واق ع ،تختل ف ب اختالف ظ روف ك ل حال ة ،والختالف
مستوى تخصص المهندس المعماري ،أو درايته بفن المعمار.
كما تختلف درجة التزام المهندس المعماري باإلعالم واإلرشاد ،بحسب اختالف صفة
صاحب المشروع ،وكفاءاته الشخصية في مجال البناء ،فإذا كان هذا األخير شخصا عاديا،
ج اهال لقواع د الفن وأص ول الص نعة ،وجب على المهن دس المعم اري إعالم ه ،وإ رش اده،
ونصحه حول كل المسائل التقنية ،والعملية التي قد يواجهها أثناء عملية البناء ،96أما إذا كان
صاحب المشروع شخصا مهنيا خبيرا بأصول الفن والصنعة ،فإن التزام المهندس المعماري
ب اإلعالم ،يك ون أق ل اعتب ارا ،ألن ص احب المش روع ،المف روض في ه ،أن ه على علم مس بق
بالمعلومات التي سيقدمها له المهندس المعماري.
ويتعين على المهندس المعماري ،باعتباره رجل فن – يعد ويوجه األعمال -ومرشدا
-يث ق ص احب المش روع في خبرت ه وتقنيات ه – أن يس اعد ه ذا األخ ير ،من خالل نص حه
وإ رشاده ،خالل كل طور من أطوار عملية البناء ،سواء قبل البدء في تنفيذ األعمال ،أو خالل
التنفيذ ،أو عند تسليم البناء.
ففي مرحل ة إع داد المش روع ،يجب على المهن دس المعم اري أن يعطي ص احب
المشروع صورة دقيقة عن التكاليف الفعلية المزمع تنفيذها ،وأن يصحح له ما يمكن أن يثور
96
J.P.KARILA, La responsabilité des constructeurs, op.cit, p 51.
46
في ذهنه من ظن خاطئ ،فيبصره بالتشريعات ،واللوائح ،وقيود البناء ،97وينبهه مثال ببعض
القيود التنظيمية حتى يتمكن من االتصال المسبق باإلدارة للتحقق من ذلك.
ويجب عليه أيضا أن ينبه صاحب المشروع إلى كل المسائل التقنية ،من حيث طبيعة
األرض ،أو م دى مالءم ة البناي ات الم راد انجازه ا عليه ا ،م ع الخص ائص الجيولوجي ة
لألرض ،98ومن حيث مساحة قطعة األرض المراد إقامة البناء عليها ،أو األدوار التي يمكن
انجازها ،واالرتفاعات المسموح بها قانونا ،وغيرها من األمور.
وعليه أيضا أن ينبه رب العمل إلى خطورة تنفيذ األعمال المراد انجازها ،وأن يبدي
له ما يلزم في هذا الشأن من تحفظات ،كما لو كانت األرض المراد إقامة البناء عليها غير
صالحة للبناء ،أو كان من شأن هذه البناءات أن تسبب ضررا للملكيات المجاورة.
ويل تزم المهندس المعم اري أيضا ،أن يق دم لرب العمل صورة دقيقة عن م دى تحمل
األساسات لألدوار المراد إقامتها ،وينصحه بعدم التعلية ،أو إعادة إرساء األساسات من جديد،
أو على األقل ما يلزمه من إصالحات فيها.
ويتعين على المهندس المعماري ،أن يختار لصاحب المشروع ،م تى طلب منه ذلك،
مق اوال كف أ النج از األعم ال وتنفي ذها ،أو ينبه ه إلى ع دم كف اءة المق اول ال ذي اخت اره لتنفي ذ
األشغال.99
وعليه ،يجب على المهندس المعماري في هذه المرحلة ،إعداد تصميم يوافق رغبات
وطلب ات ص احب المش روع كله ا ،غ ير أن ه ق د ي رى أن ه في تط بيق أوام ر ورغب ات ص احب
المش روع ،إلح اق الض رر ب الغير ،أو ب ه شخص يا ،أو أن تنفي ذ التص ميم على أرض الواق ع
مستحيل ،نظرا لعدم توافر التقنيات الالزمة لذلك ،أو أن تنفيذ التصميم سيكلف أموال باهظة،
تفوق بكثير توقعات صاحب المشروع وقدراته المالية ،أو أن طبيعة األرض ال تصلح لتشييد
شهيدة قادة ( ،التزام المهندس المعماري والمقاول باإلعالم والتوجيه في عقد المقاولة) ،المقال السابق ،ص.78 98
شهيدة قادة ( ،التزام المهندس المعماري والمقاول باإلعالم والتوجيه في عقد المقاولة) ،المقال السابق ،ص.82 99
47
هذه البناية ،وجب عليه أن يعلم رب العمل بذلك ،وينصحه ،ويرشده إلى الطريقة الصحيحة
التي يتعين تنفيذ األشغال على أساسها.
ه ذا وإ ذا ك ان المهن دس المعم اري مكلف ا ،فض ال عن عملي ة إع داد المش روع ،بالتنفي ذ
والرقاب ة على األعم ال ،باعتب اره ص احب عم ل ،فان ه يل تزم أيض ا ب إعالم ص احب المش روع،
بكل ما قد يعيق تنفيذ األعمال من نقائص ،وعوائق تقنية واقتصادية.
ومن تم يتعين على المهندس المعماري ،تنبيه صاحب المشروع إلى المخاطر المترتبة
عن عمليات االنج از ،بالشكل الذي يريده هذا األخير ،وتبصيره بمدى ج ودة ونوعية المواد
المس تعملة في البن اء ،وم دى مالءمته ا للبن اءات الم راد تش ييدها ،س واء ك ان ه و من ق ّد م ه ذه
المواد ،أو ق ّد مها مقاول البناء ،ويجب عليه إعالمه أيضا بضرورة بعض األعمال اإلضافية
الواجبة ،للمحافظة على سالمة صاحب المشروع والغير.
ه ذا ويجب على المهن دس المعم اري أيض ا ،أن يس اعد رب العم ل في تس لم كش وف
الحسابات من المقاولين ،ومراجعتها قبل أن ينقلها إليه.
والخالصة أن المهندس المعماري مسؤول بوجه عام ،بأن يخطر صاحب المشروع،
بكل العقبات الهامة التي تطرأ خالل تنفيذه للمهمة المعهودة إليه ،كتلك المخاطر التي تسببها
له أو للغير ،وعليه أن يقدم له النصائح الضرورية في هذا الشأن.
يل تزم المهن دس المعم اري ،بمس اعدة رب العم ل في عملي ة التس ليم ال تي تتم بين ه وبين
مق اول البن اء ،فينبه ه ويرش ده إلى ك ل العي وب الظ اهرة ،ال تي يمكن أن تك ون ق د وقعت في
المباني ،حتى ولو كانت عيوبا بسيطة ،وأن يشير عليه بالرأي في شأنها ،وإ ذا ما كان يلزم
إص الحها قب ل التس ليم النه ائي ،أو إمكاني ة تس لم األعم ال مؤقت ا ،م ع التحف ظ بش أن العي وب
الظاهرة في محضر التسليم والتسلم ،كما يتعين عليه أن يبين له مدى سالمة المباني المشيدة،
ومطابقته ا للتص اميم من عدم ه ،وذل ك ح تى يتمكن ص احب المش روع من تس لم األش غال،
بقبولها ،مع إبداء تحفظات ،أو بدونها.
ف إذا أخ ل المهن دس المعم اري بواجب ه ب اإلعالم واإلرش اد ،ولم يقم بتنبي ه ص احب
المشروع إلى العيوب الظاهرة في المباني أو المنشآت المنجزة عند التسلم ،كان مسؤوال عن
إهمال ه ه ذا ،مس ؤولية عقدي ة طبق ا للقواع د العام ة ،وال يج وز ل ه بالت الي أن يتمس ك ب األثر
48
المعفي للتسليم من المسؤولية ،عن العيوب الظاهرة التي لم يخ بر بها رب العم ل ،سيما وأن
قبول هذا األخير لألعمال ،وتقبلها دون إبداء تحفظات ،يحرمه من الرجوع على مقاول البناء
بدعوى الضمان العشري كما سنرى.100
يلتزم مقاول البناء باعتباره من األشخاص المتدخلين في عملية البناء ،بإعالم صاحب
المشروع ،وإ رشاده حول كل أوجه المشروع المكلف بتنفيذه ،خاصة وأن رب العمل غالبا ما
تنقصه المعرفة الفنية بعملية المعمار.
إّن أس اس ال تزام مق اول البن اء ب اإلعالم واإلرش اد ،يرج ع إلى كفاءت ه وتخصص ه في
مي دان البن اء ،مم ا يجعل ه أدرى بمس ائل تقني ة عّم ا ه و علي ه المهن دس المعم اري ،ذل ك أّن
101
المق اول المكل ف بالبن اء أدرى بأص ول مهنت ه ،وكيفي ة تنفي ذ األعم ال المكل ف بانجازه ا ،على
نحو يطابق التصاميم الذي وضعها المهندس المعماري.
وتطبيق ا ل ذلك ،يتعين على مق اول البن اء مس اعدة رب العم ل ،ب أن ي بين ل ه التك اليف
المتوقع ة لألعم ال ،كم ا يجب علي ه أن يتحق ق من حال ة الترب ة ،وم دى ص الحيتها النج از
األش غال عليه ا ،وأن يخط ر بعيوبه ا إن وج دت ،كال من المهن دس المعم اري المش رف على
التنفيذ ورب العمل ،وعليه أيضا أال ينفذ أوامر الخدمة الصادرة من المهندس المعماري ،إذا
وجدها غير مالئمة ،ومخالفة ألصول الفن ،أو لمقتضيات العقد ،بل ويرفض متابعة التنفيذ إذا
لزم األمر ،ويبدي تحفظات كتابية بذلك ،ويخطر صاحب المشروع في الحاالت الخطيرة.102
ويتعين على المق اول أيض ا أن يتحق ق من تص ميمات المهن دس المعم اري ،س يما
الرس ومات اإلنش ائية قب ل أن يض عها موض ع التنفي ذ ،وأن يعلم ه باألخط اء الموج ودة فيه ا،
ويناقشها معه ،وله أن يرفض تنفيذها إذا اقتضى األمر.
وإ ذا كان رب العمل هو من وضع التصميم ،فيجب على مقاول البناء أن ينبهه إلى ما
كش فه من أخط اء في التص ميم ،ف إذا أص ر على تنفي ذه كم ا ه و ،وك ان لص احب المش روع من
101
J.P.KARILA, La responsabilité des constructeurs, op.cit, p 34.
102
H.PERINET-MARQUET, La responsabilité des constructeurs, op.cit, p10.
49
الخ برة م ا يف وق خ برة المق اول ،ف إن إذع ان ه ذا األخ ير لتص ميمات رب العم ل ،ينفي عن ه
مسؤولية ما قد يحدث في البناء من عيوب ،أو تهدم نتيجة الخطأ في التصميم.
ويلتزم مقاول البناء باإلعالم واإلرشاد قبل المهندس المعماري ،حتى لو لم توجد أية
رابط ة تعاقدي ة بينهم ا ،ف واجب المهن ة والتخص ص يف رض علي ه ه ذا االل تزام ،إذ يتعين على
مق اول البن اء ،م تى اكتش ف النقص أو العيب في المب اني أو المنش آت الثابت ة ال تي ينفذهـا ،أن
يعلم بها المهندس المعماري أو صاحب المشروع حسب األحوال.
ه ذا وإ ذا لج أ ص احب المش روع لع دة مق اولين لتنفي ذ العم ل ،تعّين على ه ؤالء إعالم
وإ رشاد بعضهم البعض ،حول النقائص والعيوب التي يكتشفونها ،أثناء تنفيذ العمل ،وما قد
ينجم عن ه ذه التص اميم أو األوام ر من خط ر ،فمثال يجب على مق اول البن اء المختص في
الطالء ،أن يعلم المق اول المختص بالبن اء ،أّن عمل ه غ ير مط ابق ألص ول الفن ،وأّن الطالء
على ذلك البناء مستحيل ،أو لن يكون جيدا ،ومن تم إذا لم يعلم ويرشد المقاول بذلك العيب أو
النقص ،وقام بالطالء على الجدار غير المطابق للمقاييس ،اعتبر مسؤوال عن هذا العيب.
ويق ع عبء إثب ات االل تزام ب اإلعالم واإلرش اد على الح رفي ،مهندس ا معماري ا ك ان أو
مق اول بن اء ،فه و ال ذي يجب علي ه ،أن يثبت أن ه نّفـذ فعال ه ذا االل تزام ،كي تنتفي عن ه
المسؤولية.
ترتيب ا على م ا تق دم ،إذا أخ ل المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء بالتزام ه ب اإلعالم
واإلرش اد ،ك ان مس ؤوال مس ؤولية عقدي ة قب ل ص احب المش روع ،عن األض رار ال تي تلح ق
بالمباني أو المنشآت الثابتة األخرى من جراء التهدم أو العيب ،وذلك في غير حالة الضرر
الناتج عن اإلخالل بااللتزام بالضمان.
باإلض افة إلى االل تزام ب اإلعالم واإلرش اد ،أوجب المش رع الجزائ ري على المهن دس
المعم اري ومق اول البن اء ،أن يكتتب ا تأمين ا لتغطي ة مس ؤوليتهما المدني ة المهني ة ،ومس ؤوليتهما
50
العشرية ،ولعّل السبب من فرض التأمين في مجال البناء ،هو تغطية األضرار التي قد تنجم
عن أشغال البناء أو تجديدها ،أو ترميمها ،والتي قد تحدث خالل فترة البناء أو بعدها.
وبالرجوع إلى التشريع الجزائري ،نجد المشرع نظم التأمين في مجال البناء في األمر
رقم 95/07المتعلق بالتأمينات ،103في المواد من 175إلى 185منه ،وأوجب على مؤجري
العم ل اكتت اب عقـدي تأميـن على المس ؤولية ،أح دهما عن المس ؤولية المدني ة المهني ة (الف رع
األول) ،وثانيهما عن المسؤولية العشرية (الفرع الثاني).
نص المش رع الجزائ ري في الم ادة 175من األم ر رقم 95/07المتعل ق بالتأمين ات
على ما يلي" :على كل مهندس معماري ومقاول ومراقب تقني وأّي متدخل ،شخصا طبيعيا
كان أو معنويا ،أن يكتتب تأمينا لتغطية مسؤوليته المدنية المهنية التي قد يتعرض لها بسبب
أشغال البناء وتجديد البناءات أو ترميمها.
يع د ك ل عق د ت أمين اكتتب بم وجب ه ذه الم ادة متض منا لش رط يض من س ريان العق د لم دة
المس ؤولية الملق اة على ع اتق األش خاص الخاض عين إللزامي ة الت أمين ول و اتف ق على خالف
ذلك.
تحدد وشروط وكيفيات تطبيق هذه المادة ،عند االقتضاء ،عن طريق التنظيم".
ونص في المادة 177منه على ما يلي " :يمتد التأمين بخصوص انجاز األشغال من
فتح الورشة إلى غاية االستالم النهائي لألشغال".
يستخلص من هاتين المادتين ،أنه يتعين على المهندس المعماري ومقاول البناء ،وكل
مت دخل في عملي ة البن اء ،شخص ا طبيعي ا ك ان أو معنوي ا ،أن يكتتب تأمين ا لتغطي ة مس ؤوليته
المدنية المهنية ،والتي قد يتعرض لها بسبب أشغال البناء ،أو التجديد ،أو اإلصالح ،وتسري
مدة التأمين ،من يوم بدء األشغال وإ لى غاية االستالم النهائي لها ،على أّن كل اتفاق مخالف
لشرط المدة ،يعتبر كأن لم يكن.
51
ويجب على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،أن يثبت ا أنهم ا اكتتب ا عق دا لت أمين
مسؤوليتهما المدنية المهنية ،وقت فتح الورشة.104
ه ذا ويش مل عق د الت أمين ،الت أمين عن األض رار ال تي تص يب األش غال والمب اني أو
المنشآت الثابتة المزمع تشييدها ،واآلالت والمعدات الموجودة في الورشة ،ومواد البناء سواء
ق ّد مها المقاول أو صاحب المشروع ،كما يشمل التأمين عن األضرار المادية والجسدية التي
قد تصيب الغير أثناء تنفيذ المشروع.
وتأمين المهندس المعماري ومقاول البناء على المسؤولية المدنية المهنية ،ال يمنع ه من
اتخ اذ اإلج راءات واالحتياط ات الالزم ة ال تي تجنب ه وق وع الح وادث ،ومن تم إلح اق الض رر
ب الغير ،ح تى ل و ك ان مؤمن ا عليه ا ،ومن قبي ل ه ذه االحتياط ات حس ن اختي ار الي د العامل ة،
والمحافظ ة على حس ن س ير اآلالت والمع دات الالزم ة لتنفي ذ أش غال البن اء ،وتط بيق القواع د
اإلدارية المتعلقة بالعمل ،واحترام بنود عقد التأمين.
هذا وال يجوز ال لشركة التأمين ،وال للمؤمن له ،أن يلغي عقد التأمين على المس ؤولية
المدنية المهنية أثناء فترة سريانه ،ما لم يتم إلغاء رخصة البناء أو األعمال ،بمعرفة الجهات
المختصة.105
باإلض افة إلى الت أمين على المس ؤولية المدني ة المهني ة ،يل تزم ك ل من المهن دس
المعم اري ومق اول البن اء ،باكتت اب عق د لت أمين مس ؤوليتهما العش رية ،106ويب دأ س ريان ه ذا
محمد حسين منصور ،المسؤولية المعمارية ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية ،1999 ،ص.292 105
وثيق ة الت أمين على المس ؤولية العش رية هي وثيق ة ت أمين إلزامي ة ،يراج ع :ارزي ل الكاهن ة( ،ش ركات الت أمين في 106
مواجهة نشاط الترقية العقارية) ،مجلة الحقوق والحريات ،عدد تجريبي ،بسكرة ،سبتمبر ،2013ص.101
-ويه دف الت أمين على المس ؤولية العش رية إلى حماي ة المهن دس المعم اري والمق اول من الرج وع عليهم ا ،أو على
أح دهما إذا تحققت ش روط الض مان الخ اص ،فتح ل ش ركة الت أمين مح ل الم ؤمن ل ه في دف ع التع ويض ،ال ذي حددت ه
الخ برة القض ائية الفني ة ،ض مانا لحص ول رب العم ل على تع ويض ع ادل ،عن د إص ابته ج راء عملي ة البن اء ،راج ع:
ص بايحي ربيع ة (،خصوص يات المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري والمق اول بع د تس ليم المب اني في الق انون
52
التأمين من تاريخ االستالم النهائي للمشروع ،بحيث يستفيد من هذا الضمان صاحب المشروع
والمالك المتتاليون له ،وذلك إلى غاية انقضاء أجل الضمان.107
ويغطي ه ذا الت أمين ،األض رار المخل ة بص البة العناص ر الخاص ة بتجه يز بناي ة م ا،
عن دما تك ون ه ذه العناص ر ج زء ال يتج زأ من منج زات التهيئ ة ،ووض ع األس اس ،والهيك ل،
واإلحاطة ،والتغطية.108
وح تى يتمكن المهن دس المعم اري ومق اول البن اء من اكتت اب عق د لت أمين مس ؤوليتهما
العش رية ،يتعين عليهم ا تق ديم محض ر التس ليم النه ائي لألش غال – موقع ا علي ه من ط رف
م ؤجري العم ل ،109ومرفق ا بش هادة المطابق ة ،المح ررة من ط رف هي أة الرقاب ة التقني ة للبن اء،
يثبت انج از األش غال طبق ا للتص اميم المص ادق عليه ا -إلى الم ؤمن ،وينتهي ه ذا العق د بق وة
القانون بمضي عشر سنوات من تاريخ االكتتاب.
وإ ذا تعدد المتدخلون في عملية البناء ،وجب على صاحب المشروع أن يشترط عليهم
عن د إب رام عق د المقاول ة ،اكتت اب عق د تأمين مس ؤوليتهم ل دى نفس الم ؤمن ،ويتحق ق من تنفي ذ
ه ذا الشرط ،110ف إذا أب رم ص احب المش روع ع دة عق ود مقاول ة م ع مق اولين مختلفين ،ك ل في
مجال تخصصه ،وجب عليه أن يشترط عليهم جميعا ،اكتتاب عقود تأمين مسؤوليتهم العش رية
لدى شركة تأمين واحدة ،وذلك حتى يسهل عليه الحصول على التعويض حال تحقق الخطر
المؤمن عليه.
يعت بر ج زء ال يتج زأ من اإلنج از ك ل عنص ر خ اص ب التجهيز ال يمكن القي ام بنزع ه أو تفكيك ه أو اس تبداله دون 108
إتالف أو حذف مادة من مواد هذا اإلنجاز وفقا لمقتضيات المادة 181من نفس األمر.
وهم :صاحب المشروع ،وصاحب العمل ،والمقاول ،وممثلو بعض الهيئات ،كهيأة الرقابة التقنية للبناء. 109
تنص المادة 179من األمر المنوه عنه أعاله على ما يلي " :يتعين على صاحب المشروع أن: 110
-يشترط عند إبرام العقد على المتدخلين في نفس المشروع ،اكتتاب عقد لتأمين مسؤوليتهم لدى نفس المؤمن.
ف إذا تحققت ش روط المس ؤولية في ج انب المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ،وجب
على الم ؤمن ،أي ش ركة الت أمين ،تع ويض ص احب المش روع ،الم ؤمن علي ه ،أو مالك ه في
ح دود المبل غ المح دد من قب ل الخب ير ،والممث ل لتكلف ة انج از أش غال اإلص الح ال تي خلفته ا
األضرار.
ويجب على المؤمن تعيين خبير لمعاينة األضرار ،في أجل سبعة أيام ،تبدأ من تاريخ
اإلخط ار بالح ادث ،على أن ي دفع التع ويض خالل ثالث ة أش هر ،تب دأ من ت اريخ معاين ة الخب ير
لألض رار ،وه ذا إذا تّم االتف اق بين الم ؤمن والمس تفيد على مبل غ الت أمين ،ال ذي ح دده الخب ير،
أما إذا لم يتم االتفاق على هذا المبلغ ،وجب على المؤمن أن يدفع ثالثة أرباع ( )3/4المبلغ
المحدد من قبل الخبير للمستفيد ،في أجل ثالثة أشهر ،في انتظار فصل المحكمة في النزاع،
وتحدي د المبل غ النه ائي للتع ويض ،وذل ك وفق ا لمقتض يات الم ادة 183من األم ر رقم 95/07
السالف الذكر.
وأخيرا ،إذا أخل المهندس المعماري أو مقاول البناء ،بالتزامه بالتأمين عن المسؤولية
المدني ة المهني ة ،والمس ؤولية العش رية ،اعت بر مس ؤوال مس ؤولية مدني ة ،وجزائي ة ،فيع اقب
بغرام ة مالي ة ت تراوح م ا بين 5000دج و 100000دج ،دون اإلخالل بالعقوب ات األخ رى
وفقا للتشريع المعمول به.113
يراج ع نص الم ادة 2من المرس وم التنفي ذي رقم 96/49الم ؤرخ في 17/01/1996ال ذي يح دد قائم ة المب اني 112
العمومي ة المعف اة من إلزامي ة ت أمين المس ؤولية المهني ة والمس ؤولية العش رية ،منش ور في ج ر ج ج ،ع 5لس نة
.1996
54
الفصل الثاني:
وبالتالي ،إذا أخل المشيد بالتزاماته ،ثارت مسؤوليته ،ووجب عليه تعويض المض رور
عما لحقه من ضرر.
وتكون المسؤولية المترتبة على عاتق المش ّيد المخل بالتزاماته ،إما مسؤولية عقدية،
تسري عليها القواعد العامة في المسؤولية ،وهي األصل ،وإ ما أن تكون خاصة ،تسري عليها
القواع د الخاص ة ،فال تنطب ق -مثلم ا س يأتي بيان ه -إال بت وافر ش روط خاص ة ،وفي ح دود
معين ة ،وعلى س بيل االس تثناء من القواع د العام ة ،وإ م ا أن تك ون مس ؤولية تقص يرية ،ح ال
إلحاق الضرر بالغير ،جراء تنفيذ عقد المقاولة.
وبالنتيج ة ،يخض ع المهن دس المعم اري ومق اول البن اء في مس ؤوليتهما عن األض رار
المترتبة عن تهدم المباني أو المنشآت الثابتة األخرى ،أو وجود عيوب تهدد متانتها وسالمتها
إلى القواع د العامة ،باس تثناء األض رار ال تي ورد نص خ اص بشأنها ،وفي هذا تط بيق للمب دأ
العام الذي يقضي بأّن الخاص يقّيد العام.
وس نتولى فيم ا يلي ،بي ان أحك ام المس ؤولية ،ال تي يخض ع له ا المهن دس المعم اري
ومقاول البناء على ضوء القواعد العامة ،والتي تسري عليهما مثلما تسري على غيرهم من
األشخاص ،مهما كانت طبيعة األعمال المؤداة.
55
المبحث األول:
ي ؤدي إخالل المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بالتزاماتهم ا التعاقدي ة ،إلى قي ام
مس ؤوليتهما العقدي ة ،م تى ت وافرت بعض الش روط ،وفي ح االت معين ة ،لكن ه ذه المس ؤولية،
هي مسؤولية خاصة ،تنطبق بشأنها قواعد خاصة ،وهي المسؤولية العشرية ،غير أنه متى لم
تت وافر ش روط ه ذه المس ؤولية ،ك أن يق ع اإلخالل قب ل التس لم النه ائي للعم ل ،أو أن ه يق ع بع د
التسلم النهائي ،لكن ال تتوافر فيه شروط المسؤولية الخاصة ،فإّن القواعد العامة للمسؤولية
العقدي ة هي ال تي تس ري في ه ذه الحال ة ،لحص ول ص احب المش روع على التع ويض عـن
الضرر الالحق به ،جراء إخالل المهندس المعماري ومقاول البناء بالتزاماتهما التعاقدية.
وسنتناول بالدراسة في هذا المبحث ،نطاق مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء
طبقا للقواعد العامة ،دون التطرق ألحكام المسؤولية العشرية ،التي ستكون موضوع دراسة
مفصلة ،في الباب الثاني من هذه الرسالة.
المعل وم أّن المهن دس المعم اري ومق اول البن اء يرتبط ان م ع ص احب المش روع بعق د
مقاولة ،وعليه فاألصل أنه إذا أخل هذان األخيران بأحد التزاماته التعاقدية ،تقوم المسؤولية
العقدية في جانبهما .فما هي أركان هذه المسؤولية؟ وكيف يتحّد د نطاقها؟
تتمث ل أرك ان المس ؤولية العقدي ة بوج ه ع ام في الخط أ ،والض رر ،وعالق ة الس ببية
بينهما ،ونتناول بالدراسة والتحليل كل ركن من هذه األركان ،فيما يخص مسؤولية المهندس
المعماري ومقاول البناء على التوالي.
56
أوال :الخطأ العقدي
يقص د بالخط أ العق دي ع دم تنفي ذ المتعاق د اللتزام ه الناش ئ من العق د ،ذل ك أن ه طالم ا
التزم بالعقد ،فيجب عليه تنفيذ التزامه ،فإذا لم يقم المدين في العقد بالتزامه كان هذا هو الخطأ
العقدي.
يجب على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،تنفي ذ االلتزام ات الواجب ة عليهم ا ،ك ل
فيم ا يخص ه ،بمقتض ى عق د المقاول ة الم برم بينهم ا وبين ص احب المش روع ،ومن تّم إذا أخ ل
أح دهما أو كالهم ا به ذه االلتزام ات ،اعت بر مخطئ ا ،ويس مى ه ذا الخط أ بالخط أ العق دي،
ويستوي أن يكون الخطأ المرتكب ،أي اإلخالل بااللتزام العقدي ،عن قصد أو عن إهمال أو
دونهم ا ،ب ل يتحق ق الخط أ العق دي ،ح تى ل و ك ان ع دم قي ام الم دين ب االلتزام ،ناش ئا عن س بب
أجنبي ال يد له فيه ،كالقوة القاهرة ،كما يستوي أن يكون عدم تنفيذ االلتزام كليا أو جزئيا ،بل
ويكفي أن يكون التنفيذ مؤخرا أو معيبا.114
ويرتبط تنفيذ أو عدم تنفيذ المهندس المعماري أو مقاول البناء اللتزاماتهما بطبيعة هذه
االلتزام ات ،ف إذا ك ان االل تزام بتحقي ق نتيج ة ،ف إن تنفي ذهما اللتزاماتهم ا لن يك ون إال بتحقي ق
ه ذه النتيج ة ،وعلي ه يك ون المش يد مخطئ ا إذا ه و لم يحق ق تل ك النتيج ة ،أم ا إذا ك ان االل تزام
ببذل عناية ،فتنفيذ هذا االلتزام يكون ببذل هذه العناية فقط ،والمتوقعة من شخص من أواسط
الممارس ين لمهنت ه ،ومّم ن هم في مث ل ظروف ه ،ومن تّم يك ون المش يد مخطئ ا إذا ه و لم يب ذل
العناية المطلوبة.
وي رى أغلب الفق ه به ذا الص دد ،115أن تكّي ف التزام ات مق اول البن اء بأنه ا التزام ات
بتحقي ق نتيج ة -في مجمله ا -نظ را للط ابع الم ادي لألعم ال ال تي يكل ف به ا ،أم ا التزام ات
عب د ال رزاق الس نهوري ،الوس يط في ش رح الق انون الم دني ،نظري ة االل تزام بوج ه ع ام ،مص ادر االل تزام ،ج ،1 114
يرى أن كال من المهندس المعماري ومقاول البناء ملزمان غير أّن جانبا من الفقه
116
بتحقيق نتيجة ،ذلك أنه حتى لو كان االلتزام في أصله التزاما ببذل عناية ،إال أنه يتح ّو ل بعد
تس ليم البناي ة لص احب المش روع ،إلى ال تزام بتحقي ق نتيج ة ،فالتس ليم يس تلزم تغّي ر طبيع ة
االلتزام.
عيب على ه ذا االتج اه كون ه ينب ني على فك رة خاطئ ة غ ير س ليمة ،ذل ك أن طبيع ة
االلتزام الواحدة ال يمكن أن تتغير من مرحلة إلى أخرى ،فال يقبل إذن ،تغّير االلتزام من بذل
عناية ،إلى تحقيق نتيجة بمجرد تسليم العمل.
والواض ح أّن ه ذا ال رأي ق د وق ع في خل ط بين عبء اإلثب ات وطبيع ة االل تزام ،ألن
المش رع منح ص احب المش روع قرين ة قانوني ة ،تتمث ل في اف تراض المس ؤولية في ج انب
المهندس المعماري ومقاول البناء ،متى ظهر في البناءات المش ّيدة عيوب بعد تسلمها ،وهو
بذلك ،مثلما سيأتي بيانه ،117يكون قد أعفى صاحب المشروع من إثبات الخطأ في جانبهما ،إذ
ص ار الخط أ مفترض ا كم ا ه و الح ال في االل تزام بتحقي ق غاي ة ،حيث يك ون الم دين ملزم ا
بتحقيق نتيجة معينة ،إذا لم تتحقق افترض خطؤه.
وعلي ه ف إّن مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،تتق ّر ر م تى ح دث خل ل في
البن اءات ال تي ش ّيداها بع د تس يلمها لص احب المش روع ،ومن تّم يرج ع خطؤهم ا إلى اف تراض
قرينة المسؤولية الملقاة على عاتقهما ،وليس لكون التزامهما التزاما بتحقيق نتيجة ،فال يمكن
األخ ذ إذن باتج اه ال رأي األخ ير ،والق ول أّن االل تزام تح ّو ل من ال تزام بب ذل عناي ة إلى ال تزام
بتحقيق نتيجة.
116
MALINVAUD Philippe, Responsabilité des constructeurs (droit privé), Responsabilité commun des
58
االلتزام ات األولى ،االل تزام بإع داد التص اميم الهندس ية للمش روع ،واالل تزام ب احترام أص ول
الفن ،واالل تزام ب احترام أج ل التنفي ذ ،ويعت بر من قبي ل االلتزام ات الثاني ة االل تزام ب اإلعالم
واإلرشاد ،وااللتزام بمساعدة صاحب المشروع.
وإ ذا كان التزام المهندس المعماري أو مقاول البناء في عقد المقاولة ،التزاما بتحقيق
نتيج ة ،فيكفي للت دليل على قي ام مس ؤوليتهما ،أن يثبت ص احب المش روع ع دم تحق ق تل ك
النتيج ة ،118فيثبت عندئ ذ الخط أ العق دي فيهم ا ،وال يمكن لهم ا نفي المس ؤولية عنهم ا ،إال إذا
أثبت ا وج ود س بب أجن بي ،ينفي عالق ة الس ببية بين خطئهم ا والض رر الالح ق بص احب
المش روع ،فال يكفي أن يثبت ا أنهم ا ب ذال ك ل م ا في وس عهما ،ولكنهم ا لم يس تطيعا تحقي ق تل ك
النتيجة لنفي المسؤولية عنهما.
أما إذا كان االلتزام الواقع على عاتق المهندس المعماري ومقاول البناء التزاما ببذل
عناي ة ،اعت بر ه ذان األخ يران مخلين بتنفي ذ التزاماتهم ا ،ويثبت الخط أ في جانبهم ا بمج رد أن
يثبت ص احب المش روع أنهم ا لم يتخ ذا تل ك العناي ة الالزم ة ،فمثال يعت بر المهن دس المعم اري
مخال بهذا االلتزام ،إذا لم يؤد واجباته وفقا للمعايير السائدة في نطاق مهنته ،وال يمكن للمشيد
أن ينفي عنه هذه المس ؤولية ،إال إذا أثبت وج ود سبب أجنبي منعه من ب ذل العناية المطلوبة
لذلك.
وعلي ه إذا ادعى ص احب المش روع أّن المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ق د أخال
بالتزاماتهم ا التعاقدي ة ،فيكفي ه ل ذلك إقام ة ال دليل على وج ود عق د المقاول ة ،ويبقى على ع اتق
المدين (المعماري) تبرئة ذمته ،بأن يثبت قيامه بالتنفيذ ،أو بأن يثبت أن استحالة التنفيذ ترج ع
إلى سبب أجنبي ،ال يد له فيه.
هذا وقد يتدخل أطراف عقد المقاولة في تحديد طبيعة هذه االلتزامات صراحة في عقد
المقاولة ،فيوضح في العقد مثال متى يلتزم المقاول بتحقيق نتيجة معينة ،ومتى يقتصر التزامه
على بذل جهد معين ،من خالل تحقيق نتيجة محتملة.119
كأن يلتزم المهندس المعماري بوضع التصاميم ،فيعتبر في هذه الحالة مخطئا ،إذا أثبت صاحب المشروع أنه لم 118
فمثال ال يمكن األخذ بمسؤولية المقاول المكلف بفتح القنوات ،بدون البحث عما إذا كان قد وعد بنتيجة. 119
59
أم ا إذا لم يتض ح من بن ود العق د ،تحدي د الطبيع ة القانوني ة اللتزام ات أطراف ه ،فنلج أ
عندئ ذ لمعي ار آخ ر للتفرق ة بين ه ذين االل تزامين ،وه و معي ار الط ابع االحتم الي للنتيج ة
المنتظرة ،فإذا كانت النتيجة المنتظرة ال تضمن أّي احتمال موضوعي يمنع تحققها ،فنكون
بصدد التزام بنتيجة ،أما إذا كانت هذه األخيرة تتضمن عنصر االحتمال الموضوعي ،فنكون
بصدد االلتزام ببذل عناية.120
ثانيا :الضـرر
يعت بر الض رر ال ركن الث اني في المس ؤولية العقدي ة ،فال ب ّد من وج ود ض رر ح تى
تترتب هذه المسؤولية في ذمة المدين ،فال يفترض وجود ضرر ،لمجرد أن المدين المتعاق د لم
يقم بتنفيذ التزامه العقدي ،فقد ال ينفذ المدين التزامه ،ومع ذلك ال يلحق الدائن أّي ضرر من
جراء ذلك.
وعليه ،فإن عدم وجود الضرر ال تترتب عنه أية مسؤولية ،حتى لو ارتكب المهندس
المعم اري ومق اول البن اء خط أ ،ذل ك أن وق وع الخط أ من جانبهم ا ،ال يكفي وح ده لقي ام
المس ؤولية العقدي ة ،والحص ول على التع ويض ،م ا لم ي ترتب على ه ذا الخط أ ض رر يص يب
صاحب المشروع.
والضرر سواء كان ماديا أو أدبيا ،يجب أن يكون واقعا حاال ،أي وقع بالفعل ،121أو
محقق الوقوع ،122بحيث ال يقع الضرر في الحال ،لكن يكون محقق الوقوع في المستقبل ،كما
قد يكون الضرر محتمال ، 123ال هو قد تحقق فعال ،وال هو محقق الوقوع في المستقبل.
فياللي علي ،النظرية العامة للعقود ،المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ،الجزائر ،2001 ،ص .25 120
واألصل أن التعويض يكون عن الضرر الحال ،ومن تم إذا لم يقع الضرر أصال فال تعويض. 121
الضرر هنا يكون في المستقبل ،وال يمكن تقدير التعويض عنه في الحال. 122
60
ويش ترط لتع ويض الض رر في المس ؤولية العقدي ة ،أن يك ون الض رر الواق ع مباش را
ومتوقع ا ،م ا لم يكن هن اك غش أو خط أ جس يم ،ذل ك أن المتعاق دين لم يتعاق دا إال على م ا
يتوقعانه من الض رر ،فالمس ؤولية العقدية تتم يز بأنه ا تق وم على العق د ،ف إرادة المتعاق دين هي
ال تي تح دد م داها ،ذل ك أن الق انون اف ترض أن ه ذه اإلرادة ق د انص رفت إلى جع ل المس ؤولية
عن الضرر مقصورة على المقدار الذي يتوقعه المدين ،وأما في حالتي الغش والخطأ الجسيم،
فإن المدين يصبح ملتزما بالتعويض عن كل الضرر ،متوقعا كان أو غير متوقع.
إذن يشترط أن يكون الضرر الالحق بصاحب المشروع ،مباشرا ومحققا ومتوقعا ،ما
لم يرتكب المهندس المعماري أو مقاول البناء غشا أو خطأ جسيما ،وأال ينتج هذا الضرر عن
المح ددة بنص المادة 554من القانون المدني، 124
عيب ،تتحقق فيه شروط الضمان الخاص
ألن اللج وء إلى أحك ام المس ؤولية العقدي ة ،وفق ا للقواع د العام ة ،ال ينبغي أن يس تخدم كوس يلة
للته رب من تط بيق أحك ام المس ؤولية العش رية ،وم ا يس تتبعه من تش ديد لمس ؤولية المهن دس
المعم اري ومق اول البن اء ،وإ نم ا المقص ود ه و كفال ة ح ق المض رور في التع ويض عن ه ذه
األضرار ،والتي تخرج بطبيعتها عن نطاق تطبيق الضمان الخاص ،كالتشققات السطحية التي
تص يب األعم دة المحتمل ة للبن اء أو جدران ه ،إذا اقتص ر أثره ا على تش ويه المظه ر الخ ارجي
للمبنى.
ال يكفي وقوع الخطأ وتحقق الضرر للقول بقيام المسؤولية العقدية في جانب المدين،
وإ نم ا يجب أن يك ون الخط أ ه و الس بب في الض رر ،أي أن تك ون هن اك عالق ة س ببية م ا بين
الخطأ الواقع والضرر الالحق.
والمفروض أن عالقة السببية ما بين الخطأ والضرر قائمة ،فال يكلف الدائن بإثباتها،
بل إّن المدين هو الذي يكلف بنفي هذه العالقة ،إذا ادعى أنها غير موج ودة ،فعبء اإلثبات
يق ع علي ه ال على ال دائن ،وال يس تطيع الم دين نفي عالق ة الس ببية إال بإثب ات الس بب األجن بي،
يعوض المضرور هنا هن الضرر الحال فور ا ،أما الضرر المحتمل فال يعوض عنه إال إذا تحقق. 123
محم د ن اجي ي اقوت ،مس ؤولية المعم اريين بع د إتم ام األعم ال وتس لمها مقبول ة من رب العم ل ،دراس ة مقارن ة في 124
القانونين المصري والفرنسي ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،بدون سنة النشر ،ص.97
61
وذلك بأن يثبت أن الضرر يرجع إلى قوة قاهرة أو حادث فجائي ،أو يرجع إلى خطأ الدائن،
أو يرجع إلى فعل الغير.125
وتنعدم عالقة السببية حتى لو كان ركن الخطأ قائما ،متى كان الضرر الناتج ال يرج ع
إلى هذا الخطأ ،بل إلى سبب أجنبي ،كما تنعدم عالقة السببية أيضا ،حتى لو كان الخطأ هو
الس بب في ح دوث الض رر ،ولكن ه لم يكن الس بب المنتج ،أو ك ان الس بب المنتج ،لكن ه لم يكن
السبب المباشر.
إذن ،لقيام المسؤولية العقدية للمهندس المعماري ومقاول البناء ،يجب أن يرتكب هذان
األخيران خطأ عقديا ،يرتب ضررا يلحق بصاحب المشروع ،بمعنى أن تتحقق عالقة السببية
بين الخط أ الم رتكب والضرر الواق ع ،فق د يرتكب المهن دس المعم اري أو مق اول البناء خطأ،
وقد يلحق صاحب المشروع ضرر ،دون أن يكون ذلك الخطأ هو السبب في هذا الضرر.
وعالقة السببية في المقاوالت ،تفترض وجود عالقة مباشرة ،بين الخطأ المرتكب من
قبل المهندس المعماري أو مقاول البناء ،وبين الضرر الالحق بصاحب المشروع ،بمعنى أن
يكون خطأ المهندس المعماري أو مقاول البناء ،هو السبب في وقوع الضرر.
المالحظ أّن تحديد قيام عالقة السببية من عدمه ،يعد مسألة دقيقة ،ألن الضرر قد ينتج
عن عدة أسباب مختلفة ،وليس عن سبب واحد ،األمر الذي يستوجب معه تحديد أّي من هذه
األسباب أدى إلى حدوث الضرر.
لق د أخ ذ المش رع الجزائ ري – به ذا الص دد -بفك رة الس بب المنتج في عالق ة الس ببية،
بحيث اعت بر أن الس بب يك ون منتج ا ،إذا ك ان ه و الم ألوف إلح داث الض رر ع ادة ،حس ب
المجرى الطبيعي لألمور ،ومن شأنه أن يؤدي إلى حدوث نتيجة ،من نفس طبيعة النتيجة التي
حصلت.126
تنص الم ادة 182/1من ق.م على م ا يلي ":إذا لم يكن التع ويض مق درا في العق د ،أو في الق انون فالقاض ي ه و 126
الذي يقّد ره ،ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب ،بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم
الوفاء بااللتزام أو للتأخر في الوفاء به .ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل
جهد معقول".
62
ولق د أكد القض اء الجزائري على نظرية الس بب المنتج ،في تحديد قيام عالقة السببية
بين الخط أ والض رر الالح ق ،بحيث قض ت المحكم ة العلي ا في الق رار الص ادر عنه ا بت اريخ:
بم ا يلي " :يجب العتب ار أح د العوام ل س ببا في ح دوث الض رر ،أن 127
17نوفم بر 1996
يك ون س ببا فع اال فيم ا ي ترتب علي ه ،وال يكفي له ذا االعتب ار ،م ا ق د يك ون مج رد ت دخل في
إح داث الض رر ،وأن ه يجب إثب ات الس بب الفع ال في إح داث الض رر الس تبعاد الخط أ الث ابت
ونوعه كسبب للضرر".
بناء على ما تقدم ،ال تتحقق مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء ،إال إذا أثبت
صاحب المشروع الضرر الذي لحقه من جراء عدم تنفيذ التزاماتهما ،فعدم وجود الضرر ال
يرتب المسؤولية ،كما أنه ال يمكن افتراض الضرر ،لمجرد عدم تنفيذ المهندس المعماري أو
مقاول البناء اللتزامه العقدي ،فقد ال يقوم هذان األخيران بالتزاماتهما ،ومع ذلك ال يلحق رب
العم ل أّي ض رر ،وعلي ه ح تى يحص ل ص احب المش روع على التع ويض عن األض رار ال تي
أص ابته ،ج راء خط أ المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ،يجب علي ه أن يثبت حجم الض رر
الذي أصابه ومداه ،بجميع طرق اإلثبات ،باعتبار ذلك واقعة مادية.
ومن تم م تى ثبت إخالل المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بالتزاماتهم ا ،وه و الخط أ
ذات ه ،ق امت عالق ة الس ببية بين خط أ المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ،وبين الض رر
الحاص ل لص احب المش روع ،وق ام ح ق ه ذا األخ ير في المطالب ة ب التعويض ،ويبقى للمهن دس
المعم اري ومق اول البن اء أن ينفي المس ؤولية عن ه ،بنفي ه عالق ة الس ببية ،وذل ك ب أن يثبت أّن
الض رر ال ذي لح ق رب العم ل ،ه و نتيج ة لس بب آخ ر أجن بي عن ه ،ك القوة الق اهرة ،أو خط أ
صاحب المشروع ،أو خطأ الغير.
نط اق مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء عق ديا ،طبق ا للقواع د العام ة ،إنم ا
يتح دد خ ارج النط اق ال ذي تس ري في ه أحك ام المس ؤولية الخاص ة ،ومن ه تحكم القواع د العام ة
للمسؤولية العقدية أساسا ،عالق ة رب العم ل بالمهندس المعم اري أو مق اول البناء ،في الف ترة
السابقة على انجاز العمل ،وتسليمه لرب العمل.
63
وت ترتب المس ؤولية العقدي ة في ج انب المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ،إذا لم يقم
ه ذان األخ يران بتنفي ذ التزاماتهم ا التعاقدي ة الناش ئة عن عق د المقاول ة ،قب ل التس ليم النه ائي
لألعم ال ،ذل ك أن ه ال مج ال لتط بيق قواع د المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول
البناء ،قبل التسليم النهائي لألعمال.
فإذا ظهرت هذه العيوب والنقائص أثناء عملية اإلنجاز ،وقبل التسليم النهائي لألشغال،
ج از لص احب المش روع المطالب ة بتعويضه عن الض رر الالح ق ب ه ،طبق ا للقواع د العام ة في
المسؤولية العقدية ،أما إذا ظهرت هذه العيوب في البناءات بعد التسلم النهائي لألشغال ،فهل
تمت د قواع د المس ؤولية العقدي ة لتحكم العالق ة بين رب العم ل والمهن دس المعم اري أو مق اول
البناء؟ وبمعنى آخر ،هل يمكن تطبيق القواعد العامة للمسؤولية العقدية ،في حالة قيام الضرر
الم وجب للتع ويض ،على ال رغم من ت وافر أحك ام المس ؤولية الخاص ة المق ررة بنص الم ادة
554من القانون المدني الجزائري من عدمه؟
تطب ق قواع د المس ؤولية العقدي ة على العالق ة بين ص احب المش روع والمهن دس
المعم اري أو مق اول البن اء ،بع د تس ليم األعم ال ،وذل ك في خ ارج الح دود ال تي تس ري عليه ا
أحكام المس ؤولية الخاصة العشرية ،بعدم توافر شروط هذه المس ؤولية ،سيما شرط خطورة
العيوب الالحقة بالمباني والمنشآت الثابتة ،وشرط ظهورها خالل مدة الضمان المحددة بعشر
سنوات .
قب ل تس لم البن اء ،تك ون مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء تج اه ص احب
المشروع مسؤولية عقدية ،ومن تم ال تطبق عليهما أحكام المسؤولية الخاصة أثناء هذه الفترة،
وذلك وفقا لمقتضيات المادة 554من قانون المدني الجزائري.
ف إذا أخ ل المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بالتزاماتهم ا التعاقدي ة ،على النح و ال ذي
ق دمناه ،ف إن مس ؤوليتهما تتحق ق وتطب ق عليه ا القواع د العام ة ،فتتحق ق مسؤولية مق اول البناء
مثال إذا أخل بالتزامه بانجاز العمل ،وذلك بأن خالف الشروط والمواصفات المتفق عليها ،أو
انحرف عن أصول الفن ،أو أساء اختيار المادة التي يستخدمها في العمل ،أو نزل عن عناية
64
الش خص المعت اد ،في المحافظ ة على الم واد ال تي ق دمها ل ه ص احب المش روع ،أو ثبت ع دم
كفايته وقصوره الفني ،أو تأخر عن انجاز العمل في الموعد المحدد في العقد ،دون أن يثبت
السبب األجنبي.
وإ ذا ك ان األص ل أن تق دير اإلخالل بتنفي ذ االل تزام التعاق دي يك ون عن د تس ليم العم ل،
ألنه بالتسليم ،يتمكن صاحب المشروع من فحص البناء ومعاينته ،والقول ما إذا كان مطابقا
لش روط العق د ،وقواع د الفن وأص ول الص نعة أم ال ،فالمقاول ة بطبيعته ا عق د موض وعه غ ير
محقق عند التعاقد ،لذا وجب على صاحب المشروع أن يعاين مشروعه بعد انجازه ،والموافقة
عليه قبل تسلمه ،غير أنه قد ال ينتظر صاحب المشروع انتهاء مقاول البناء من األشغال ح تى
يفحصها ويعانها ،فيجوز له معاينتها قبل ذلك ،فإذا تبين له أن مقاول البناء يقوم بها على وجه
معيب ،أو مناف لبنود العقد ،جاز له أن يتخذ من اإلجراءات ما يكفل له توقيع الجزاء ،دون
أن يمهل المقاول إلى نهاية المدة.
ولقد أورد المشرع الجزائري ،تطبيقا لهذا المبدأ في المادة 553من القانون المدني،
والتي تنص على ما يلي " :إذا ثبت أثناء سير العمل أن المقاول يقوم به على وجه معيب أو
من اف لش روط العق د ،ج از ل رب العم ل أن ين ذره ب أن يص حح من طريق ة التنفي ذ خالل أج ل
معقول يعينه له ،فإذا انقضى هذا األجل دون أن يرجع المقاول إلى الطريقة الصحيحة ،جاز
لرب العمل أن يطلب إما فسخ العق د ،وإ ما أن يعهد إلى مقاول آخر بانجاز العمل على نفقة
المقاول األول طبقا ألحكام المادة 170أعاله.128
غير أنه يجوز طلب فسخ العقد في الحال دون حاجة إلى تعيين أجل إذا كان إصالح ما في
طريقة التنفيذ من عيب مستحيال ".
يستفاد من هذا النص ،أّن مقاول البناء ،وإ ن كان مستقال في تنفيذ العمل المطل وب منه
بموجب عقد المقاولة ،إال أنه يحق لرب العمل أن يتعهد العمل ،وهو في يد المقاول ،ليراقب
ما إذا كان يجري طبقا للشروط والمواصفات المتفق عليها ،وأن مقاول البناء ينفذ العمل طبقا
ألص ول الص نعة وع رف أه ل الحرف ة ،فليس لزام ا على رب العم ل ،االنتظ ار ح تى انته اء
تنص المادة 170من ق.م على ما يلي ":في االلتزام بعمل ،إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه جاز للدائن أن يطلب 128
ترخيصا من القاضي في تنفيذ االلتزام على نفقة المدين إذا كان هذا التنفيذ ممكنا".
65
المقاول من انجاز العمل ،وتسليمه إياه ،ليتأكد من مدى مطابقته لشروط العقد ،وأصول الفن
والصنعة ،بل من األفضل لهما أن يراقب هذا العمل منذ البداية.
فإذا وجد رب العمل أن مقاول البناء يقوم بالعمل على وجه معيب أو مناف للعقد ،كما
لو لم يراع األصول الفنية في عمله ،أو لم يدعم األساس ،أو يصل به إلى العمق الكافي ،أو
لم يجعل الجدران في السمك المتفق عليه ،أو استخدم مواد من صنف أقل مما هو متفق عليه
في العقد ،فانه ال يلزم أن ينتظر حتى إتمام العمل ،ثم يرفضه ،ويطالب المقاول بالتعويض،
بوج وب إص الح ه ذه العي وب ،أو تعديل ه طريق ة 129
ب ل ل ه أن يطلب التنفي ذ العي ني ،بإن ذاره
التنفيذ ،شريطة أن يكون ذلك ما زال ممكنا ،فإذا أصر مقاول البناء على االمتناع عن التنفيذ،
وكانت شخصيته مح ل اعتبار في العمل المراد انجازه ،جاز لرب العمل اللج وء إلى تسليط
غرامة تهديدية إذا كانت هذه الطريقة مجدية ،وإ ال لم يبق أمامه إال طلب الفسخ والتعويض.
أم ا إذا ك ان العم ل المطل وب انج ازه ،ليس لشخص ية المق اول في ه اعتب ار ،ج از ل رب
العم ل أن ين ذره بإص الح العي وب ،أو تع ديل طريق ة التنفي ذ ،كي تك ون متفق ة وش روط العق د،
خالل مدة معينة ،فإن امتثل انتفت مسؤوليته ،أما إذا أصر على رأيه ،ورفض تعديل طريقة
التنفي ذ ،دون الرج وع إلى الطريق ة الص حيحة ،ج از ل رب العم ل في ه ذه الحال ة أن يطلب إم ا
فس خ العق د ،والتحل ل من دف ع األج رة ،وطلب التع ويض ال ذي لحق ه من ج راء إخالل مق اول
البناء بالتزامه ،وإ ما أن يعه د إلى مقاول آخ ر بانجاز العم ل على نفقة المقاول األول ،130أي
بتحميل هذا األخير زيادة النفقات التي يتطلبها العمل بواسطة مقاول غيره ،عن النفقات المتفق
عليه ا في العق د الم برم بينهم ا ،وذل ك كل ه بع د الحص ول على ت رخيص من القض اء ،في غ ير
حاالت االستعجال ،كما لو كان العمل المطلوب انجازه ،هو إقامة جناح في معرض ،وكان
ال وقت الب اقي الفتتاح ه ال يس مح باالنتظ ار ح تى استص دار ال ترخيص القض ائي المطل وب ،أو
كما هو األمر في حالة ترميم منزل آيل للسقوط.
ه ذا وال يش ترط في اإلن ذار ش كل خ اص ،إذ يكفي أن ين ذر رب العم ل المق اول بإص الح العيب ،وطريق ة تنفي ذ 129
المشروع ،في مدة معينة ،طبقا للمادة 180من ق.م والتي تنص على ما يلي " :يكون اعذار المدين بإنذاره ،أو بما
يقوم مقام اإلنذار ،ويجوز أن يتم االعذار عن طريق البريد على الوجه المبين في هذا القانون ،كما يجوز أن يكون
مترتبا على اتفاق يقضي بأن يكون المدين معذرا بمجرد حلول األجل دون حاجة إلى أي إجراء آخر".
تنص المادة 170من نفس القانون المذكور على ما يلي " :في االلتزام بعمل ،إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه ج از 130
للدائن أن يطلب ترخيصا من القاضي في تنفيذ االلتزام على نفقة المدين إذا كان هذا التنفيذ ممكنا".
66
وهذا ما أكد عليه القضاء الجزائري ،بحيث قضت المحكمة العليا في القرار الصادر
بما يلي" :حيث أنه بمراجعة أوراق الملف ،يتبين أن قضاة 131
عنها بتاريخ 11مارس 1998
الموض وع طبق وا الق انون تطبيق ا س ليما دون ارتك اب أي تج اوز ك ان في ممارس ة س لطتهم،
وأنهم لم يقص روا في تعلي ل قض ائهم ،إذ أن الطاعن ة خ الفت أحك ام الم ادة 170من الق انون
الم دني ألنه ا لج أت إلى مق اول آخ ر ،ال ذي ق ام بتنفي ذ ال تزام المطع ون ض دهما والمتمث ل في
تش ييد مجموع ة من المس اكن المتعاق د عليه ا نظ را المتناعهم ا عن ذل ك ،وه ذا من دون أن
تطلب ص احبة الطعن من القض اء ترخيص ا له ذا الغ رض ،م ع اإلش ارة أن من ش أن ه ذه
الطريقة المنصوص عليها في المادة السالفة الذكر حسم االدعاءات والمنازعات التي احتج بها
المطعون ضدهما في وقتها والمتعلقة بمحل العقد ذاته.
فيستنتج من ذلك أن الوسائل المثارة غير سديدة برمتها وينبغي رفض الطعن".
غ ير أن ه إذا ك ان إخالل مق اول البن اء ب االلتزام الم ترتب في ذمت ه جس يما ،بحيث ال
يمكن إص الحه وتداركه ،فيكون لرب العمل في هذه الحالة ،الح ق منذ البداية ،في أن يطلب
فسخ العقد ،دون حاجة إلى تعيين أجل لذلك ،إذا كان إصالح ما في طريقة التنفيذ من عيب
مستحيال.132
ويرج ع تق دير مس ألة فس خ العق د والتع ويض إلى الس لطة التقديري ة لقاض ي الموض وع
المعروض عليه النزاع.
مل ف رقم ،152934أش ار إلي ه :بن س عيد عم ر ،االجته اد القض ائي وفق ا ألحك ام الق انون الم دني ،ط ،1ال ديوان 131
تنص المادة 553/2من ق.م على ما يلي " :غير أنه يجوز طلب فسخ العقد في الحال دون حاجة إلى تعيين أجل 132
ومث ال ذل ك أن يقيم مق اول البن اء بناي ة ،ويعل و ب األدوار األولى منه ا ،على خالف التص ميم الموض وع والمواص فات
المنوط إليه تنفيذها ،هنا ال يستطيع مقاول البناء تدارك هذا الخطأ ،إذ أن األدوار التالية ستكون على غرار األدوار
األولى معيب ة ،فال سبيل إلى إصالح طريقة التنفيذ إال بهدم البناي ة كله ا ،وفي هذه الحالة ،يك ون لصاحب المشروع
منذ البداية الحق في أن يطلب فسخ العقد لمخالفة المقاول لبنود العقد وشروطه.
-قاره فتيحة ،أحكام عقد المقاولة ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،1992 ،ص .125
67
هذا وإ ذا استعان مقاول البناء بشخص يساعده في إنجاز العمل ،أو استخدمه في ذلك،
كان مسؤوال عنه مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ،وتكّي ف مسؤوليته في هذه الحالة ،على
133
أنها مسؤولية عقدية وليست مسؤولية تقصيرية.
ويبقى مقاول البناء مسؤوال تجاه رب العمل أيضا عن المقاول من الباطن ،134ولو أن
هذا األخير غير خاضع لتوجيه المقاول أو إشرافه ،إذ يعمل مستقال عنه وال يعتبر تابعا له،
وه ذا م ا نص ت علي ه الم ادة 564في فقرته ا الثاني ة من الق انون الم دني ،وال تي ج اء فيه ا" :
ولكن يبقى (المقاول) في هذه الحالة مسؤوال عن المقاول الفرعي تجاه رب العمل".
وتطبيق ا ل ذلك ،إذا اس تعان المق اول األص لي بمق اولين فرع يين ،ك الحرفيين المختص ين
في مج ال الكهرب اء ،أو ال دهان ،أو قن وات ص رف المي اه ،وغ يرهم ،ك ان مس ؤوال عن حس ن
تنفيذ هؤالء اللتزاماتهم ،وتكّي ف مسؤوليته هنا بأنها مسؤولية عقدية ،تنشأ عن عقد المقاولة
األص لي ،وتق وم على اف تراض أن ك ل األعم ال واألخط اء ال تي ص درت من ه ؤالء المق اولين
الفرعيين وكأنها صدرت شخصيا عن المقاول األصلي.135
وعليه ،إذا خالف المقاول الفرعي التزامه ،بأن لم يقم بالعمل الموكل له وفقا للشروط
والمواصفات المتفق عليها ،اعتبر المقاول األصلي مسؤوال عن ذلك تجاه صاحب المشروع،
ومن تم يس وغ له ذا األخ ير ،الرج وع مباش رة ب التعويض على المق اول األص لي ،وفي ه ذه
الحال ة ،ال يج وز له ذا األخ ير أن ينفي عن ه المس ؤولية ،وذل ك ب أن يثبت أن الخط أ يرج ع إلى
المق اول الف رعي ،لكن يج وز ل ه الرج وع فيم ا بع د على المق اول الف رعي المخطئ بم ا دف ع
يس تفاد ض منيا من الم ادة 178من ق.م ،ال تي تج يز للم دين أن يش ترط إعف اءه من المس ؤولية ،الناجم ة عن الغش 133
والخطأ الجسيم الذي يقع من مستخدميه ،في تنفيذ التزامه أّن المشرع الجزائري يقّر بوجود مسؤولية عقدية عن فعل
الغير.
فال تعت بر ه ذه المس ؤولية بمثاب ة مس ؤولية المتب وع عن أعم ال تابع ه ،ألن المق اول الف رعي يعم ل بك ل حري ة 135
واستقاللية ،وال يخضع للمقاول األصلي ،كما أنه ليس عامال عنده ،فال يخضع لتوجيهاته ورقابته.
هذا ويتحمل المهندس المعماري بدوره المسؤولية عن أخطاء غيره ممن يستعين بهم
في عملي ة البن اء ،كتحمل ه المس ؤولية الناجم ة عن أخط اء المهن دس الم دني ال ذي يختص
باألعمال التقنية ،على أنه يجوز للمهندس المعماري ،باعتباره صاحب العمل ،الرجوع على
المهندس المدني بما دفعه من تعويض ،بناء على العقد المبرم بينهما ،طبقا للقواعد العامة.
بع دما ينتهي مق اول البن اء من انج از العم ل موض وع عق د المقاول ة ،ين ذر ص احب
لحض ور عملي ة التس لم ،والتأك د من م دى 137
المش روع بالتس لم ،فيجتم ع ك ل م ؤجري العم ل
مطابقة البناية للتصاميم ،ولرخصة البناء.
ف إذا ت بين لص احب المش روع ،بن اء على نص ائح وإ رش ادات المهن دس المعم اري ،أن
البناية ليست مطابقة للتصاميم ،أو أن بها عيوبا ظاهرة ال بّد من إصالحها ،تسلم البناي ة مؤقت ا
بتحفظات لحين إصالح هذه العيوب.138
حمادي جازية مجيدة ،عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري ،المرجع السابق ،ص .111 136
وهم :مقاول البناء ،والمهندس المعماري أو صاحب العمل ،وصاحب المشروع ،إضافة إلى مسؤولي الغاز والماء 137
والكهرباء وهيئة الرقابة التقنية للبناء التي تشهد عن مدى مطابقة البناء للتصاميم ولرخصة البناء.
وبعد مرور سنة من التسلم المؤقت للبناية ،يجتمع من جديد كل من اجتمع أثناء التسلم النهائي للبناية ،للتأكد من 138
إصالح المقاول للعيوب الظاهرة ،ومن مطابقة البناية للتصاميم ،وبذلك تصبح البناية قابلة لالستعمال للغرض الذي
شيدت من أجله.
يب دأ س ريان الض مان العش ري للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،ابت داء من التس لم
النهائي للمباني أو المنشآت الثابتة ،متى تحققت شروطه.139
لكن إذا تسبب خطأ المهندس المعماري أو مقاول البناء في إحداث ضرر لرب العم ل،
بعد إتمام األعمال ،وتسلمها مقبولة من هذا األخير ،دون أن تتوافر شروط الضمان الخاص
المنصوص عليها في المادة 554من القانون المدني ،كأن يوجد عيب في البناء ،ال يؤثر في
متانته وسالمته ،أو أن يوجد العيب المؤثر بعد انقضاء مدة عشر سنوات ،فإن التساؤل الذي
يثور هو :هل يكون لرب العمل أن يحصل على تعويض هذا الضرر طبقا للقواعد العامة في
المس ؤولية المدني ة ،أم أن تخل ف ش روط الض مان الخ اص تعفي المهن دس المعم اري ومق اول
البناء من كل مسؤولية؟
بالرجوع إلى أحكام التشريع الجزائري ،يتبين أن المشرع لم يتطرق إلى هذه الحالة،
وتبع ا ل ذلك تطب ق – بش أنها -القواع د العام ة للمس ؤولية العقدي ة ،وعلى اعتب ار أن ال تزام
المهندس المعماري ومقاول البناء في عقد المقاولة هو التزام بتحقيق نتيجة ،تتمثل في انجاز
وتس ليم بناي ة خالي ة من العي وب ومقاوم ة لل زمن ،فان ه م تى ظه رت عي وب في المب اني ،غ ير
العي وب الموجب ة للض مان الخ اص ،ك ان لص احب المش روع أن يرج ع عليهم ا طبق ا للقواع د
العامة في المسؤولية العقدية.
ويبقى مقاول البناء في هذه الحالة مسؤوال عن العيوب التي قد تطرأ على المباني أو
المنشآت الثابتة ،وذلك مدة خمس عشرة سنة طبقا للقواعد العامة.140
تنص المادة 308من ق.م على ما يلي " :يتقادم االلتزام بانقضاء خمسة عشر سنة فيما عدا الحاالت التي ورد 140
-يالح ظ به ذا الص دد أن المش رع الفرنس ي ،خص ص له ذا الن وع من العي وب مس ؤولية خاص ة وهي مس ؤولية ت دوم
س نتين ،يك ون فيه ا م ؤجرو العم ل مس ؤولين عن العي وب ال تي تمس عناص ر التجه يز ،وبع د م رور س نتي الض مان،
يسقط حق صاحب المشروع في المطالبة بالتعويض عن أضرار تلك العيوب.
70
أما الفقه والقضاء ،فانقسم في اإلجابة على هذا التساؤل إلى اتجاهين:
يرى االتجاه األول أنه متى تسلم رب العمل المشروع وقبله ،تقررت أحكام المس ؤولية
الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،وال مج ال لتط بيق القواع د العام ة للمس ؤولية
العقدية عندئذ على عيوب البناء ،وعلى األضرار التي تلحق رب العمل بسببها ،ويستوي في
ذل ك أن يؤس س رب العم ل دع واه على قواع د المس ؤولية العقدي ة ،أو على قواع د المس ؤولية
التقصيرية ،141ودليلهم في ذلك:
-أّن عقد المقاولة ينتهي ،فتنتهي معه كافة ما يترتب عليه من التزامات ،منذ لحظة
تسلم األعمال بعد تمام تنفيذها مقبولة من رب العمل ،فإذا تخلف أح د شروط هذا الضمان،
تعّين الحكم بانعدام المسؤولية مطلقا.
-أّن االعتراف بهذا المبدأ ،أي برجوع رب العمل على المهندس المعماري أو مقاول
البناء بموجب القواعد الخاصة ،يؤدي إلى نتائج عملية غير مقبولة ،بحيث يسمح لرب العمل
ب الرجوع على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بض مان العي وب غ ير الخط يرة في البن اء،
لم دة طويل ة ،تف وق عش ر س نوات المح ددة قانون ا ،وه ذه نتيج ة تتن افى م ع مقتض يات المنط ق
والعدال ة ،وتخ الف قص د المش رع الواض ح ال ذي ي وجب انطب اق الح د العش ري من ب اب أولى
على األضرار التي ال تعرض مكانة البناء للخطر.
-أّن المس ؤولية العش رية طويل ة في ح د ذاته ا ،وهي تثق ل كاه ل المعم اريين بض مان
األعمال التي شيدوها لمدة عشر سنوات ،وعليه ال ينبغي إطالة هذه المدة أكثر من ذلك ،وإ ال
صار المعماريون مهّد دين بالمسؤولية لمدة غير محددة من الزمن ،قد تصل إلى التهدم النهائي
للبن اء ،142وه ذا أم ر يص يب مهن ة الهندس ة المعماري ة ب الجمود ،ومن ش أنه أن يقت ل روح
االبتكار واإلبداع والتطور في هذا المجال ،ويضر بالتالي بالصالح العام ،فخوف المعماريين
من ه ذه المس ؤولية المهني ة ،ي ؤدي إلى اختف اء اس تخدام األس اليب الحديث ة في البن اء ،ال تي
تتضمن بالضرورة نسبة ضئيلة من احتمال الخطأ.
- V. L’article 2270 du code civil français.
من أمثال رواست وسوان وكاستون .أشار إليهم :محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين ،المرجع السابق ،ص 141
.280
عبد الرازق حسين يس ،المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص.381 142
71
-أّن خض وع المعم اريين للمس ؤولية العام ة يحملهم مس ؤوليات ثقيل ة ج دا ،تف وق
طاق اتهم المعت ادة ،وإ مكاني اتهم المتوقع ة ،وي ؤدي إلى ارتف اع تك اليف أعم ال البن اء ،مم ا ينجم
عنه إحجام رؤوس األموال عن االستثمار في قطاع البناء ،في الوقت الذي تحتاج فيه الدولة
إلى تشجيع زيادة هذا االستثمار للمصلحة العامة.
-أّن األخ ذ به ا المب دأ من ش أنه أن يخ ل ب التوازن ال ذي حقق ه المش رع ،بين مص الح
رب العم ل ومص الح المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،ويجع ل بالت الي المس ؤولية العش رية
مسؤولية غير موضوعية.143
وي رى أنص ار االتج اه الث اني تط بيق القواع د العام ة للمس ؤولية العقدي ة ،ح ال غي اب
شروط الضمان الخاص ،وذلك للضرورة العملية ،التي تقضي بوجوب تعويض المضرور،
ولقد استدلوا في ذلك على األسانيد التالية:
-أّن التسلم النهائي للعمل ال يضع حدا نهائيا لعقد المقاولة ،ألنه ال يبرئ المعماري
إال بالنسبة للعيوب الظاهرة فقط ،وأّن الضمان الخاص ما هو إال ج زاء على اإلخالل بتنفيذ
عقـد المقاولة ،ومن تّم يعتبر ذا طبيعة عقدية ،وأن مجرد تحديد التشريع نطاقا محددا النطباق
ه ذا الض مان ،ال يع ني أن المش رع أراد أن يس مح في خ ارج ح دود ه ذا النط اق ب اإلخالل
بااللتزامات العقدية.
-أّن النص على الضمان الخاص للمهندس المعماري ومقاول البناء ،ال يفيد استبعاد
تطبيق أحكام القواعد العامة في المسؤولية العقدية ،إذا تخلف شرط من شروطها ،ألن انتهاء
م دة الض مان المح ددة في الق انون ،يعفي المهن دس المعم اري ومق اول البن اء من الض مانات
المنص وص عليه ا على س بيل الحص ر في ه ذه النص وص ،لكن ه ال يعفيهم ا من ك ل مس ؤولية
أخرى عن األعمال التي قاما بها أو أشرفا عليها ،إعماال للقواعد العامة.
-أّن اس تبعاد خض وع المعم اريين لقواع د المس ؤولية العقدي ة ،ي ؤدي إلى تح ريض
ه ؤالء على اإلهم ال واالس تهتار في تأدي ة األعم ال ،ال تي ال تخض ع عيوبه ا ألحك ام الض مان
143محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص
284وما بعدها.
72
الخ اص المق رر قانون ا ،وبالت الي يتن افى وغ رض المش رع في توف ير الحماي ة لطائف ة أرب اب
العمل.
-أّن األخ ذ به ذا المب دأ ي ؤدي إلى تع ويض المض رور عن األض رار المتوس طة
أيضا 144،والتي تبقى دون تعويض في حالة األخذ باالتجاه السابق ،وعليه يكون اللجوء إلى
القواع د العام ة في حال ة تخل ف ش روط المس ؤولية الخاص ة ،بمثاب ة مكم ل ض روري للنق ائص
والثغرات الموجودة في الضمان الخاص.
-أّن القول بأن مسؤولية المعماريين بعد انتهاء مدة الضمان العشري ،تطبيقا للقواعد
العام ة ،أم ر غ ريب يع وق فن البن اء والهندس ة ،ويحّم ل المعم اريين م ا ال طاق ة لهم ،غ ير
ص حيح ،ألن ه ذه الم دة ( 15عام ا) تس ري على ب اقي المهن يين اآلخ رين ،أمث ال المح امين
واألطب اء ،وفق ا لمقتض يات العدال ة ،والمنط ق أن تطب ق ه ذه الم دة على المعم اريين أك ثر من
المهنيين اآلخرين.
ه ذا وإ ن ني أرى تماش يا م ع م ا ذهب إلي ه أنص ار االتج اه الث اني ،أن ه يج وز لص احب
المش روع أن يرج ع على المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء بم وجب القواع د العام ة في
المسؤولية ،إذا تخلف شرط من شروط تحقق الضمان الخاص.
بناء على ما تقدم ،ال تتحقق مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء ،إال إذا أثبت
صاحب المشروع أّن الضرر الذي لحقه ،كان من جراء عدم تنفيذ التزاماتهما ،فعدم وجود
الض رر ال ي رتب المس ؤولية ،كم ا أن ه ال يمكن اف تراض الض رر لمج رد ع دم تنفي ذ المهن دس
المعماري أو مقاول البناء اللتزاماتهما التعاقدية ،فقد ال يقوم هذان األخيران بالتزاماتهما ،ومع
ذل ك ال يلح ق رب العم ل أي ض رر ،وعلي ه ح تى يحص ل ص احب المش روع على التع ويض،
عن األض رار ال تي أص ابته ،ج راء خط أ المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ،يجب علي ه أن
يثبت حجم الضرر الذي أصابه ومداه بجميع طرق اإلثبات ،باعتبار ذلك واقعة مادية.
يقصد بهذه العيوب ،تلك العيوب البسيطة التي تصيب األعمال الصغيرة أو العناصر التجهيزية في البناء ،وكذا 144
العيوب البسيطة التي تصيب األعمال الكبيرة أو العناصر التأسيسية في المبنى ،ومن أمثلتها التشققات السطحية التي
تصيب األعمدة الحاملة للبناء أو جدرانه ،إذا اقتصر أثرها على تشويه المظهر الخارجي للمبنى.
73
ومن تّم م تى ثبت إخالل المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بالتزاماتهم ا ،وه و الخط أ
ذات ه ،وثبت حص ول الض رر لص احب المش روع ،ق امت عالق ة الس ببية بين خط أ المهن دس
المعماري أو مقاول البناء ،وبين الضرر الحاصل لصاحب المشروع ،وقام حق هذا األخير
في المطالبة بالتعويض ،ويبقى للمهندس المعماري ،أو لمقاول البناء ،أن ينفي المسؤولية عنه،
بنفي عالقة السببية ،وذلك بأن يثبت أّن الضرر الذي لحق صاحب المشروع ،هو نتيجة لسبب
آخر أجنبي عنه ،كالقوة القاهرة أو خطأ رب العمل أو خطأ الغير.
وإ ذا ك ان ال تزام المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء في عق د المقاول ة التزام ا بتحقي ق
نتيج ة ،فيكفي للت دليل على قي ام مس ؤوليتهما ،أن يثبت ص احب المش روع ع دم تحق ق تل ك
النتيج ة ،145فيثبت عندئ ذ الخط أ العق دي فيهم ا ،وال يمكن لهم ا نفي المس ؤولية عنهم ا ،إال إذا
أثبت ا وج ود س بب أجن بي ،ينفي عالق ة الس ببية بين خطئهم ا والض رر الالح ق بص احب
المش روع ،فال يكفي أن يثبت ا أنهم ا ب ذال ك ل م ا في وس عهما ،لكنهم ا لم يس تطيعا تحقي ق تل ك
النتيجة لنفي المسؤولية عنهما.
أما إذا كان االلتزام الواقع على عاتق المهندس المعماري ومقاول البناء التزاما ببذل
عناية ،اعتبر هذان األخيران مخلين بتنفيذ التزاماتهما ،ويثبت الخطأ في جانبهما ،بمجرد أن
يثبت ص احب المش روع أنهم ا لم يتخ ذا تل ك العناي ة الالزم ة ،فمثال يعت بر المهن دس المعم اري
مخال بهذا االلتزام ،إذا لم يؤد واجباته وفقا للمعايير السائدة في نطاق مهنته ،وال يمكن للمشيد
أن ينفي عنه هذه المس ؤولية ،إال إذا أثبت وج ود سبب أجنبي منعه من ب ذل العناية المطلوبة
لذلك.
وعلي ه إذا ادعى ص احب المش روع أن المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ق د أخال
بالتزاماتهم ا التعاقدي ة ،فيكفي ه ل ذلك إقام ة ال دليل على وج ود عق د مقاول ة ،ويبقى على ع اتق
المدين ،مهندسا كان أو مقاوال ،تبرئة ذمته ،بأن يثبت قيامه بالتنفيذ ،أو بأن يثبت أن استحالة
التنفيذ ترجع إلى سبب أجنبي ،ال يد له فيه.
كأن يلتزم المهندس المعماري بوضع التصاميم ،فيعتبر في هذه الحالة مخطئا إذا أثبت صاحب المشروع أنه لم 145
انتهينا سابقا إلى أّن وقوع الضرر بسبب إخالل كل من المهندس المعماري أو مقاول
البناء بالتزاماتهما التعاقدية ،يجيز لصاحب المشروع أن يطلب التنفيذ العيني ،فإذا تهدم البناء
مثال ،كله أو بعضه ،فله أن يطلب إعادة بناء ما تهدم ،وله أن يطلب ترخيصا من القضاء في
أن يعي د بناء ما ته دم ،على نفق ة المهن دس المعم اري ،أو مق اول البناء ،أو كليهم ا بالتضامن،
كم ا أن ل ه في حال ة م ا إذا ح دث بالبن اء عيب ،وك ان يمكن إص الحه عين ا ،أن يطلب من
المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء أن يج ري ه ذا اإلص الح ،أو أن يجري ه ه و على نفقتهم ا
ب ترخيص من القض اء ،وإ ذا ك ان في التنفي ذ العي ني إره اق للم دين ،ج از للقاض ي أن يقتص ر
على الحكم ب التعويض فق ط ،كم ا إذا ك ان إص الح العيب ،يقتض ي ه دم ج زء كب ير من البن اء،
يكلف نفقات باهظ ة ال تتناسب والضرر الناتج عن العيب ،وفي جميع أح وال التنفيذ العيني،
يج وز أيض ا الحكم ب التعويض إذا اقتض ى الح ال ذل ك ،كم ا ل و اس تغرق إص الح العيب وقت ا،
حرم رب العمل من االنتفاع بالبناء ،فانه يستحق تعويضا طول هذه المدة ،أو إذا كانت عملية
اإلصالح لم تنجز كما يجب ،فتؤدي إلى نقص في قيمة البناء.146
يل تزم المهن دس المعم اري ومق اول البن اء في عق د المقاول ة ،بانج از مب اني أو منش آت
ثابتة سليمة ،خالية من العيوب ،تستمر متانتها عشر سنوات على األقل من يوم تسلمها ،ومن
تم فإن حدوث التهدم أو ظهور العيب ،يعتبر إخالال بهذا االلتزام ،يستوجب تعويض صاحب
المشروع.
والتع ويض في مج ال المس ؤولية العقدي ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،ق د يتخ ذ
إحدى الصور التالية:
يعتبر هذا التعويض األفضل واألصلح للمضرور ،يحكم به القاضي متى كان ممكنا،
دون إرهاق للمهندس المعماري أو مقاول البناء ،وذلك إما بطلب هذين األخيرين ،أو بطلب
من ص احب المش روع ،150ومن ه ال يج وز ل رب العم ل المطالب ة ب التعويض النق دي ،إذا أب دى
المعم اري اس تعداده للتنفي ذ العي ني ،وليس لمحكم ة الموض وع س لطة الخي ار بين ن وعي
التعويض ،إال خارج هذين الفرضين.151
ويمكن أن يجتم ع التع ويض العي ني م ع التع ويض النق دي ،خاص ة إذا لم ت ؤد عملي ات
اإلصالح إلى إزالة كل العيوب ،وترجع مسألة تحديد طريقة التعويض إلى السلطة التقديرية
المطلق ة لقض اة الموض وع ،ال ذين يمكنهم في مث ل ه ذه األوض اع االس تعانة بأه ل الخ برة
والفن.152
تنص المادة 164من ق.م على ما يلي " :يجبر المدين بعد اعذاره طبقا للمادتين 180و 181على تنفيذ التزامه 147
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 148
محمد حسين منصور ،المسؤولية المعمارية ،المرجع السابق ،ص .145 149
ق رار م ع غ ع ،مل ف رقم ،225843الص ادر بت اريخ ،20/02/2002منش ور بـ م ق ،ع ،2س ،2002ص 150
،370والذي جاء فيه " :إن القضاء بفسخ العقد مع منح التعويض دون أن يطالب بذلك الطاعن الذي تمسك بتنفيذ
العقد هو تطبيق سيء للمادة 119من ق.م ،إذ كان يتعين على قضاة الموضوع التقيد بالدعوى وطلباتها".
151
Mazeaud L.J, Leçons de droit civil, Obligations, Tome deuxième, Editions Montchrestien, 1962, p 127-
128, note(5).
76
ثانيا :التعويض النقدي
يج وز للقاض ي أن يحكم ب التعويض النق دي ،بن اء على طلب ص احب المش روع ،إذا لم
يع رض المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء القي ام ب التعويض العي ني ،أو إذا ك ان في تنفي ذ
االلتزام عينا إرهاق لهما.153
ويكون التعويض النقدي األفضل بالنسبة لصاحب المشروع ،إذا كان من شأن أعمال
اإلصالح اإلضرار بالمبنى ،أو إذا كان إصالح العيب بناء على التعويض العيني يكلف مبالغ
باهظة ال تتناسب وحجم الضرر الناجم عن هذا العيب ،ومثال ذلك أن يستلزم إصالح العيب،
هدم جزء كبير من البناء ،بحيث يكلف نفقات كبيرة ال تتناسب مع الضرر الناتج عن العيب.
ال يمن ع حكم القاض ي ب التعويض النق دي ،كب ديل عن التنفي ذ العي ني ،من أن يقض ي
باستحقاق صاحب المشروع المالك تعويضا إضافيا ،عن األضرار التي تصيبه بسبب اإلخالل
بالض مان ،كتل ك األض رار ال تي تنش أ عن ته دم البن اء ،أو عن وج ود عيب في ه يه دد متانت ه
وس المته ،مم ا يعط ل اس تغالله واالنتف اع ب ه ،على األق ل ،الم دة ال تي يس تغرقها اإلص الح أو
إعادة البناء ،أو تلك األضرار التي تؤدي إلى إنقاص قيمة البناء ،بسبب ما لحقه من عيوب،
واستحالة إصالحه بالصورة المطلوبة بداءة.
إّن التعويض في المسؤولية العقدية ال يشمل إال األضرار الناجمة مباشرة عن العيب،
ويعتبر الضرر مباشرا إذا كان نتيجة طبيعية لخطأ المهندس المعماري أو مقاول البناء ،أو إذا
لم يكن في اس تطاعته أن يتوق اه بب ذل جه د معق ول ،ويش ترط في ه أن يك ون مم ا يمكن توق ع
سببه ،ومق داره ،وم داه عادة وقت التعاق د ،أي أن يتوقعه المهندس المعماري أو مق اول البناء
وقت التعاقد مع رب العمل ،مثلما تقضي بذلك أحكام المادة 182من القانون المدني ،والتي
جاء نصها كاآلتي " :إذا لم يكن التعويض مقدرا في العقد ،أو في القانون ،فالقاضي هو الذي
يقدره ،ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب ،بشرط أن يكون هذا
152
ZENNAKI Dalila, L’impacte de la réception de l’ouvrage sur la garantie des constructeurs immobiliers,
RASJEP, n° 2, 2000, p34-38.
محمد حسين منصور ،المسؤولية المعمارية ،المرجع السابق ،ص 148هـ.1 153
77
نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بااللتزام أو للتأخر في الوفاء به ،ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا
لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول.
غير أنه إذا كان االلتزام مصدره العقد ،فال يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا أو خطأ جسيما،
إال بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد".
ويشمل التع ويض النق دي لصاحب المشروع ،فضال عن الضرر المباشر المتمثل في
ته دم البن اء ،ته دما كلي ا أو جزئي ا ،أو في تعيب ه ،الض رر ال ذي يعت بر نتيج ة مباش رة ل ذلك،
كاألضرار الجسدية التي تصيب المالك بعد تسلمه البناء ،من جراء هذا التهدم أو العيب.154
ويشمل التعويض القدر الذي يكفي إلعادة بناء ما تهدم ،أو إصالح العيب ،ومن تّم ال
ي دخل في التع ويض التع ديالت أو التحس ينات ال تي يري د المال ك إض افتها بالبن اءات ،وه ذا م ا
أك ده المش رع الجزائ ري في الم ادة 183من الق انون رقم 95/07المتعل ق بالتأمين ات ،وال تي
جاء فيها ضرورة وجوب تعويض صاحب المشروع المؤمن عليه ،أو من يكتسبه ،في حدود
تكلفة إنجاز أشغال اإلصالح التي خلفتها األضرار المحددة ،والمقدرة من قبل الخبير.
ه ذا وترج ع مس ألة تق دير حجم الض رر الالح ق ب رب العم ل ،إلى الس لطة التقديري ة
لقضاة الموضوع.
محمد شكري سرور ،مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة ،المرجع السابق ،ص.374 154
كأن يكون تهدم البناء في المستقبل أمرا مؤكدا بسبب ما ظهر فيه من عيب جسيم ،ففي هذا المثال يجوز لرب 155
العمل الحصول على التعويض عن التهدم قبل وقوعه فعال مادام مؤكد الوقوع.
الفرع الثاني :تعديل قواعد المسؤولية العقدية للمهندس المعماري ومقاول البناء
بمـا أّن أس اس المس ؤولية العقديـة هـو العقـد ،وبمـا أّن العق د ولي د اإلرادة الح رة
للمتعاق دين ،فإن ه يج وز له ؤالء االتف اق على تع ديل قواع د المس ؤولية العقدي ة ،في ح دود م ا
يقضي به القانون ،وقواعد النظام العام.
ولّم ـا ك انت مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء تخض ع للقواع د العامـة
للمس ؤولية ،ج از له ذين األخ يرين إدراج ش روط -بعق د المقاول ة ال ذي يربطهم ا م ع ص احب
المشروع – تشدد ،أو تخفف ،أو تعفي من المسؤولية العقدية ،وذلك على النحو التالي.
ص ورة ه ذا االتف اق ،أن يتف ق طرف ا عق د المقاول ة مثال على اعتب ار المش يد ،مهندس ا
معماريا كان أو مقاوال ،مسؤوال عن أي ضرر قد يلحق بالبناءات التي شيدها ،حتى لـو كان
تنص المادة 185من ق.م على ما يلي " :إذا جاوز الضرر قيمة التعويض المحدد في االتفاق ،فال يجوز للدائن 157
أن يطالب بأكثر من هذه القيمة إال إذا أثبت أن المدين قد ارتكب غشا ،أو خطأ جسيما.
محمد حسين منصور ،المسؤولية المعمارية ،المرجع السابق ،ص .153 - 152 158
79
سبب الضرر أجنبيا ،ال يد له فيه ،كالقوة القاهرة أو الحادث المفاجئ.159
فه ذا االتف اق يعت بر ص حيحا من الناحي ة القانوني ة بص ريح نص الم ادة 178الفق رة
األولى من الق انون الم دني الجزائ ري ،وال تي تنص على م ا يلي " :يج وز االتف اق على أن
يتحمل المدين تبعية الحادث المفاجئ أو القوة القاهرة ".
يجوز للمهندس المعماري أو مقاول البناء أن يحددا مسؤوليتهما في عقد المقاولة الذي
يربطهما برب العمل مسبقا ،بغض النظر عن درجة الضرر الحقيقي الذي يلحق برب العمل،
في حالة ما إذا لم ينفذا التزاماتهما.
ويعت بر ه ذا الش رط ص حيحا ،قانوني ا ،ألن المش رع أج از إدراج الش رط الج زافي،
وإ دراج شرط اإلعفاء من المسؤولية كما سنرى ،فمن باب أولى أن يجيز شرط التخفيف ،مع
إمكانية الحكم بإبطال هذا الشرط ،في حالتي الغش والخطأ الجسيم.
طبقا للقواع د العامة في المسؤولية العقدية ،160يج وز للم دين أن يتف ق على إعفائه من
أية مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي ،إال ما صدر عن غشه أو خطئه الجسيم،
كما يجوز له االتفاق على إعفائه من المسؤولية الناجمة عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع
من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه.
وتطبيق ا ل ذلك ،يج وز للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء االتف اق م ع رب العم ل على
إعفائهما من المسؤولية العقدية ،المترتبة على تقصيرهما في تنفيذ التزاماتهما التعاقدية ،ما لم
يكن الضرر الالحق برب العمل ناجما عن غشه أو خطئه الجسيم ،لما في ذلك من سوء نية
159األصل أّن القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ تعفي المشيد من المسؤولية ،إذا كانت هي التي حالت بينه وبين تنفيذ
التزامات ه العقدي ة ،فهي تعت بر من قبي ل األس باب األجنبي ة ال تي تقط ع عالق ة الس ببية بين الخط أ والض رر الالح ق فال
تتحقق المسؤولية.
تنص الم ادة 178/2من ق.م على م ا يلي " :وك ذلك يج وز االتف اق على إعف اء الم دين من أي ة مس ؤولية ت ترتب 160
على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي ،إال ما نشأ عن غشه ،أو عن خطئه الجسيم ،غير انه يجوز للمدين أن يشترط إعفاءه
من المسؤولية الناجمة عن الغش ،أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه".
80
ظاهر ،أو إهمال بّين ،كما ال يجوز لهما االتفاق على إعفائهما من المسؤولية العقدية ،إذا كان
الض رر الن اجم عن غش أو خط أ جس يم ارتكب ه تابعوهم ا من ال ذين يس تخدمانهم في إنج از
العمل ،من عمال وفنيين.
ومن قبي ل الش روط المعفي ة من المس ؤولية ،االتف اق على إعف اء المهن دس المعم اري
ومق اول البن اء من العي وب في الص نعة كال دهان أو البالط ،ف إذا ظه رت مثال تل ك العي وب،
وط الب رب العم ل ب التعويض عنه ا ،ج از للمعم اري التمس ك بش رط اإلعف اء المثبت في
العقد.161
ه ذا وإ ذا ت بين للقاض ي أن الش رط المعفي من المس ؤولية العقدي ة للمهن دس المعم اري
ومقاول البناء ،والمدرج بعقد المقاولة ،شرط تعسفي 162،صادر من شخص مهني ،في عالقته
بشخص غير مهني ،جاز له أن يقضي ببطالن هذا الشرط.163
ال يفوت ني أن أش ير به ذا الص دد ،أن ش رط اإلعف اء من المس ؤولية العقدي ة للمهن دس
المعم اري ومق اول البن اء ،يختل ف عن ش رط اإلعف اء من المس ؤولية الخاص ة ال تي تقتض يها
بلمختار سعاد ،المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص.76 161
الش روط التعس فية هي تل ك ال تي تف رض على غ ير المهن يين أو المس تهلكين تعس فا في اس تعمال الق وة االقتص ادية 162
للط رف المه ني وال تي تمنح ه منفع ة مبالغ ا فيه ا ،فيح دث ع دم ت وازن ف احش في الحق وق وااللتزام ات بين المه ني
والمستهلك ،وتجعل تنفيذه ال يتوافق مع مبدأ حسن النية والعدالة واإلنصاف.
-ولق د ح دد المش رع الجزائ ري تل ك الش روط التعس فية بم وجب المرس وم التنفي ذي رقم 06/306الم ؤرخ في:
10/09/2006في المادة الخامسة منه ،منشور في ج رج ج ،ع 56لسنة 2006المعدل والمتمم بالمرسوم التنفيذي
رقم 08/44المؤرخ في ،03/02/2008منشور في ج رج ج ،ع 7لسنة ،2008والذي يحدد العناصر األساسية
للعقود المبرمة بين األعوان االقتصاديين والمستهلكين.
-لتفاصيل أكثر ،يراجع :شهيدة قادة ،المسؤولية المدنية للمنتج ،دراسة مقارنة ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية،
، ،2007ص .270-269
تنص الم ادة 110من ق.م على م ا يلي " :إذا تم العق د بطريق ة اإلذع ان ،وك ان ق د تض من ش روطا تعس فية ،ج از 163
للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها ،وذلك وفقا لما تقضي به العدالة ،ويقع باطال كل
اتفاق على خالف ذلك".
81
الم ادة 554وم ا يليه ا من الق انون الم دني الجزائ ري ،وه و م ا س نتناوله في الب اب الث اني من
هذه الرسالة.164
المبحث الثاني:
ق د ينجم عن تنفي ذ عق د مقاول ة البن اء ،ض رر يص يب شخص ا من الغ ير ،أي غ ير رب
العمل المرتبط عقديا بالمهندس المعماري ومقاول البناء ،ففي هذه الحالة ال يجوز للمضرور
التمسك بأحكام المادة 554من القانون المدني ،قبل هذين األخيرين ،ألن أحكام هذه المادة ال
تنطبق إال عندما يك ون الضرر ناشئا عن ال تزام م ترتب على عق د المقاولة ،وطالما ال يوج د
عق د بين الغ ير المض رور ،وبين المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ،فمن المس لم ب ه أن
مسؤولية هذين األخيرين عن الضرر الذي يصيب الغير هي مسؤولية تقصيرية.
ويجوز لصاحب المشروع ،الرجوع على المهندس المعماري أو مقاول البناء ،استنادا
إلى أحكام المسؤولية التقصيرية ،عندما يكون الضرر الالحق به خارجا بطبيعته عن نطاق
التزاماتهما العقدية.165
كم ا يج وز للمق اول األص لي المتعاق د م ع رب العم ل ،الرج وع بأحك ام المس ؤولية
التقصيرية ،على المقاولين الفرعيين ،والذين ال يربطهم به عقد ،عن الضرر الذي لحقه ج راء
خطأ صادر منهم.
تقوم مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء التقصيرية ،متى كان الضرر المدعى
بـه خارج ا بطبيعتـه عـن تنفيـذ هذيـن األخ يرين اللتزاماتهم ا التعاقدي ة ،وتتخ ذ المس ؤولية
التقصيرية للمهندس المعماري ومقاول البناء إحدى الصور اآلتية:
عبد اللطيف الحسيني ،المسؤولية المدنية عن األخطاء المهنية (الطبيب ،المهندس المعماري ،المقاول ،المحامي)، 165
تتمث ل ه ذه الص ور في المس ؤولية عن األفع ال الشخص ية ،ومس ؤولية المتب وع عن
أعمال التابع ،ومسؤولية حارس البناء ،وسنعرض لهذه الصور في ثالثة أجزاء على التوالي:
المسؤولية عن األفعال الشخصية هي مسؤولية تقوم على خطأ واجب اإلثب ات ،فالخط أ
هنا غير مفترض ،بل يتعين على المضرور إثبات خطأ من يرجع إليه الضرر ،وفقا للقواعد
العامة في المسؤولية التقصيرية ،فما هي أركان هذه المسؤولية؟
نص ت الم ادة 124من الق انون الم دني على م ا يلي " :ك ل فع ل أي ا ك ان ،يرتكب ه
الشخص بخطئه ،ويسبب ضررا للغير ،يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض" ،األمر الذي
يستفاد منه أن للمسؤولية التقصيرية أركان ثالثة ،شأنها في ذلك شأن المسؤولية العقدية ،وهي
الخطأ والضرر وعالقة السببية بينهما ،وهو ما سنبحثه تباعا.
الخط أ في المس ؤولية التقص يرية ه و إخالل ب التزام ق انوني ،واالل تزام الق انوني ه و
ال تزام بب ذل عناي ة دائم ا ،ف إذا انح رف الش خص عن س لوك اليقظ ة والتبص ر عن إدراك ،ك ان
ه ذا االنح راف خط أ يس توجب مس ؤوليته التقص يرية ،ومن تم يق وم الخط أ في المس ؤولية
التقص يرية على رك نين ،أولهم ا م ادي ،يتمث ل في التع دي ،وثانيهم ا معن وي ،يتمث ل في
اإلدراك ،166وعليه إذا ارتكب المهندس المعماري أو مقاول البناء ،خطأ تقصيريا عن قصد،
أو عن غير قصد ،ونتج عنه ضرر للغير ،قامت مسؤوليتهما التقصيرية.
ويعتبر مقاول البناء مثال مخطئا ،إذا لم يبذل في عمله عناية مقاول البناء المعتاد ،فال
يشترط فيه الكفاءة والجهد غير العاديين ،فيما يقوم به من أعمال ،بل يكفي في إنجازه للعمل،
إظهار الحد األدنى من الخبرة المتوقعة عادة في شخص مثله ،فيكون مخطئا في حالة ما إذا
لم يحترم حقوق ملكية الجيران ،أو حقوق االرتفاق ،أو القواعد الخاصة بالتهيئة والتعمير.167
لتفاصيل أك ثر ،يراج ع :عب د ال رزاق الس نهوري ،الوس يط في ش رح الق انون الم دني ،مص ادر االل تزام ،الج زء ،1 166
ال يكفي لتحق ق المس ؤولية التقص يرية أن يق ع خط أ ،ب ل يجب أن يح دث ه ذا الخط أ
ضررا ،ويق ع على المضرور عبء إثبات وقوع الضرر به ،بجميع طرق اإلثبات باعتباره
واقعة مادية.
وقد يكون الضرر ماديا يصيب المضرور في جسمه أو في ماله ،كما قد يكون أدبيا
يصيبه في شعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه.
يش ترط لتحق ق الض رر الم ادي أن يك ون هن اك إخالل بمص لحة مالي ة للمض رور ،وأن
يكون هذا اإلخالل محقق الوقوع ،فال يكفي أن يكون محتمال.
;بن اء علي ه ،إذا ثبت الخط أ في ج انب المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ،ونجم عن
هذا الخطأ ضرر بالغير ،قامت المسؤولية التقصيرية في جانب هذين األخيرين ،فال يهم حجم
الضرر ،للقول بقيام المسؤولية التقصيرية من عدمها ،ألن جميع األضرار ولو صغرت ،ولو
لم تؤثر على متانة البناء وسالمته ،تستوجب التعويض طبقا ألحكام هذه المسؤولية ،168ومثال
ذلك أن ينفصل حجر عن البناء ،أو تسقط عناصر أو مواد من البناء على الغير فتجرحه.
-03عالقة السببية
ح تى تطب ق أحك ام المس ؤولية التقص يرية ،ال ب ّد أن توج د عالق ة مباش رة ،بين الخط أ
الذي ارتكبه المسؤول ،والضرر الذي أصاب المضرور ،بمعنى أن يكون الخطأ الذي ارتكبه
المعم اري ،ه و ال ذي أدى إلى وق وع الض رر بالمض رور ،فال يكفي وج ود الخط أ والض رر،
للقول بقيام المسؤولية التقصيرية ،ما لم تتوافر عالقة السببية بينهما.
بن اء على م ا تق دم ،إذا تحققت أرك ان المس ؤولية التقص يرية جميعه ا ،ق امت ه ذه
المس ؤولية في ج انب المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،عن فعلهم ا الشخص ي ،م ا لم ينفي ا
عالق ة الس ببية بين الخط أ ال ذي ارتكب اه ،والض رر ال ذي لح ق ب الغير ،بإقام ة ال دليل على أن
الخطأ الذي ارتكباه غير منتج ،أو كان منتجا ولكنه لم يكن السبب المباشر ،أو أن الضرر نتج
على خالف المس ؤولية الخاص ة المعماري ة ال تي تق وم على األض رار الخط يرة وح دها ،وال تطب ق أحكامه ا إال إذا 168
وقع الضرر في األجزاء الرئيسية أو في األعمال الكبرى للبناء ،انظر ص من هذه الرسالة.
84
عن سبب أجنبي ال عالقة له بخطئهما ،وال يد لهما فيه ،كالقوة القاهرة أو الحادث المفاجئ،
أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.
ال ت ترتب المس ؤولية التقص يرية على فع ل الش خص نفس ه فق ط ،ب ل ق د ت ترتب على
أخطاء يقوم بها أشخاص آخرون تابعون له ،ويعتبر مسؤوال عنهم ،وتتحقق هذه المسؤولية
متى قامت عالقة التبعية بين المتبوع والتابع ،وارتكب التابع في حالة تأدية وظيفته أو بسببها
أو بمناسبتها خطأ ألحق ضررا بالغير ،ومن تم حتى تتحقق المسؤولية ،يتعين توافر شرطين،
أولهما عالقة التبعية ،وثانيهما خطأ التابع في حال تأدية عمله أو بسببه أو بمناسبته.169
وال يشترط لقيام عالقة التبعية أن يكون هناك عقد عمل يربط المتبوع بالتابع ،بل قد
تتحق ق ه ذه العالق ة رغم ع دم وج ود أي عق د ،كم ا ال يش ترط أن يقبض الت ابع أج را من
المتبوع.
وتتحق ق عالق ة التبعي ة ،ول و لم يكن المتب وع ح را في اختي ار تابع ه ،م تى ك ان ه ذا
األخير يعمل لحساب المتبوع.170
إذن حتى تقوم مسؤولية المهندس المعماري أو مقاول البناء كمتبوع عن أعمال تابعه،
يجب أن تتحقق عالقة التبعية بينهما ،وأن يرتكب التابع خطأ يلحق ضررا بالغير ،أثناء أداء
عمله أو بسببه أو بمناسبته.
قرار م ع غ م ،ملف رقم ،32817الصادر بتاريخ ،25/05/1983منشور بـ م ق ،ع ،2س ،1990ص،41 169
والذي جاء فيه " :من المقرر قانونا أن المتبوع يكون مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع،
متى كان واقعا منه بمناسبة تأدية وظيفته أو بسببها ،ومن تم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق
أحكام المادة 136من ق.م.
ولم ا كان قضاة الموضوع قضوا بمسؤولية المتبوع – رب العمل -المدنية عن فعل مستخدمه الذي أخذ في غيابه
السيارة خلسة من المستودع واستعملها ألغراض شخصية ال صلة لها بالوظيفة ،فإنهم بقضائهم هذا قد أخطؤوا في
تطبيق القانون.
85
وتطبيق ا ل ذلك ،إذا لج أ مق اول البن اء إلى عم ال لمس اعدته في تنفي ذ التزام ه التعاق دي
بموجب عقود عمل ،فان هؤالء يعملون تحت توجيهه ورقابته ،فإذا ما ارتكبوا أخطاء أثناء
تأدية عملهم ،كان مقاول البناء مسؤوال عنهم باعتباره متبوعا ،فإذا ما تسبب التابع في إلحاق
ض رر ب الغير وإ ص ابته نتيج ة خط أ من ه عن د اس تعماله آلل ة البن اء مثال ،ك ان مق اول البن اء
مسؤوال عن ذلك ويقع على عاتقه دفع التعويض إلى المضرور.
ويكون خطأ مقاول البناء في هذه الحالة مفترضا ،افتراضا ال يقبل إثبات العكس،171
فالعامل إذا ارتكب خطأ كان المقاول مسؤوال عنه بموجب خطأ آخر يفترض قائم ا في جانبه،
فق د يك ون مق اول البن اء ق د قص ر في اختي ار العم ال ال ذين يس اعدونه ،أو قص ر في الرقاب ة
عليهم ،أو قصر في توجيههم ،ومن تم ال تنتفي مسؤولية مقاول البناء بإقامته الدليل على أنه
لم يقصر.
هذا وإ ذا أصيب أحد عمال مقاول البناء أثناء سير أشغال البناء ،ضرر جسدي ،ج از
له المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية دون إلزامه
بإقامة الدليل على خطأ المقاول ،ألن عقد العمل الذي يربطه بالمقاول ال يرتب في ذمة هذا
األخير االلتزام بالسالمة ،وأن الخطأ مفترض في جانب المقاول بقوة القانون.
كم ا يج وز للعام ل المض رور ،الرج وع ب التعويض على مق اول البن اء ،على أس اس
مس ؤولية المتب وع عن أعم ال تابع ه ،إذا ك انت اإلص ابة س ببها خط أ زمي ل آخ ر ل ه في نفس
مكان العمل متى صدر منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها.172
تنص الم ادة 138الفق رة األولى من الق انون الم دني على م ا يلي " :ك ل من ت ولى
حراسة شيء وكانت له قدرة االستعمال والتسيير ،والرقابة يعتبر مسؤوال عن الضرر الذي
يحدثه ذلك الشيء".
يكون الخطأ مفترضا إذا وقع الخطأ في الرقابة أو في التوجيه أو في االختيار أو خطأ فيها كلها جميعا. 171
-لتفاص يل أك ثر ،يراج ع :عب د ال رزاق الس نهوري ،الوس يط في ش رح الق انون الم دني ،مص ادر االل تزام ،الج زء ،1
المرجع السابق ،ص.1042
86
يستخلص من هذه المادة أن المسؤولية التقصيرية عن األشياء ،بصفة عامة ،تستند إلى
مب دأ الحراس ة ،وال ف رق في أن تك ون ه ذه الحراس ة مادي ة أو قانوني ة ،ب ل يكفي أن يك ون
الشيء الذي ألحق الضرر بالغير ،تحت سلطة الحارس الفعلية ،سواء من حيث استعماله أو
إدارته أو توجيهه.
وتطبيقا لذلك ،يعتبر مقاول البناء حارسا للورشة والمباني أو المنشآت الثابتة التي هي
في طور االنجاز ،وذلك إلى أن يتسلمها صاحب المشروع ،173فقبل تسليم المب اني أو المنشآت
الثابتة ،يكون مقاول البناء هو المسؤول الوحيد عن الحوادث الناجمة عن ورشة البناء ،على
أساس أنه هو حارس األشياء الموجودة بهذه األخيرة من آالت ومواد بناء وغيرها ،ومن تم
يعت بر مس ؤوال عن جمي ع األض رار ال تي تلح ق الغ ير ،وال تي ق د تق ع أثن اء تنفي ذ أش غال البناء
وذلك بسبب األشياء الموجودة في الورشة.174
ويك ون خط أ مق اول البن اء باعتب اره حارس ا للبن اء خط أ مفترض ا في جانب ه ،ال يقب ل
إثبات العكس ،غ ير أنه يمكنه نفي ه ذه المسؤولية ،م تى أثبت أن الضرر ال ذي أصاب الغير
مث ل عم ل المض رور أو عم ل الغ ير أو الحال ة الطارئة والق وة 175
ح دث بس بب لم يكن يتوقع ه
القاهرة.
قرار م ع غ م ،ملف رقم ،591169الصادر بتاريخ ،21/10/2010منشور في م.م.ع ،ع ،1س ،2011ص 173
،112وال ذي قض ي في ه أن ه " :طبق ا للم ادة 549من ق.م ،يع د المق اول مش يد البن اء ،حارس ا ل ه ،باعتب ار الحراس ة
داخلة في مهامه ،في انتظار تسليمه لصاحب المشروع.
ال حق للمقاول في المبالغ المصروفة على الحراسة ،في غياب اتفاق خاص".
أما المهندس المعماري فال يسأل عن حوادث الورشة ،ألنه غير مخول بالسيطرة الفعلية على موقع العمل ،وما 174
يحتوي ه من م واد وآالت ،خاص ة إذا ك انت مهمت ه تقتص ر على وض ع التص ميم فق ط ،م ا لم يثبت المق اول أن الح ادث
راجع لخطئه ،فإذا تخلف خطأ المهندس المعماري ،تقوم مسؤولية مقاول البناء وحده.
يراجع بهذا الصدد :قرار م ع غ م ،ملق رقم ،94034الصادر بتاريخ ،02/12/1992منشور بـ م .م.ع ،ع،2 175
سنة ،1995ص ،74والذي جاء فيه " :من المقرر قانونا أن كل من تولى حراسة شيء ،اعتبر مسؤوال عما يحدثه
من ضرر ،وال يعفى من المسؤولية ،إال الحارس الذي أثبت بأن الضرر حدث بسبب لم يكن يتوقعه".
87
وإ ذا اش ترك ع دة مق اولين في عملي ة التش ييد ،في نفس ال وقت ،أو في أوق ات متقارب ة،
فيعت بر ك ل واح د منهم حارس ا للج زء ال ذي يخص ه من األعم ال ،176وبالت الي يك ون مس ؤوال،
باعتب اره حارس ا ،عن األض رار ال تي تق ع في إط ار األعم ال التابع ة ل ه ،فل و س قط حج ر مثال
أثناء البناء على أحد المارة أو العاملين في الورشة ،فإن مقاول البناء يكون مسؤوال باعتباره
حارس ا للبن اء ،ول و س قطت ناف ذة أثن اء تركيبه ا ،وأص ابت الغ ير بض رر ،ف إن مق اول النج ارة
يكون مسؤوال ،باعتباره هو الحارس للشيء الذي تسبب في الضرر.
هذا وإ ذا وقعت هذه األضرار بعد تسليم مقاول البناء العمل لصاحب المشروع ،اعتبر
ه ذا األخ ير ه و المس ؤول في مواجه ة المض رور ،باعتب ار أن الحراس ة ق د انتقلت إلي ه ،كون ه
المال ك ،177ويس تطيع ه و الرج وع ب دوره على المق اول طبق ا ألحك ام عق د المقاول ة أو أحك ام
الضمان العشري مثلما سيأتي بيانه.
أم ا إذا رج ع الض رر إلى خط أ مش ترك بين أك ثر من مق اول ،ك انوا متض امنين في
ال تزامهم بتع ويض الض رر ،وتك ون المس ؤولية فيم ا بينهم بالتس اوي ،إال إذا عّين القاض ي
نصيب كل منهم في التعويض ،178إذ يستطيع المضرور أن يختار منهم من يشاء ليرجع عليه
بالتعويض كامال ،ثم يرجع من يدفع التعويض على اآلخرين ،كل بقدر نصيبه ،بحسب جسامة
الخطأ أو بالتساوي.179
محم د حس ين منص ور ،مس ؤولية المهن دس والمق اول أثن اء ف ترة التنفي ذ ،محاض رة منش ورة في المجموع ة 176
المتخصص ة في المس ؤولية القانوني ة للمهن يين ،ج ،2المس ؤولية المهني ة للمح امين والمهندس ين ،منش ورات الحل بي
الحقوقية ،بيروت-لبنان ،2004 ،ص.177
فإذا أحدث تهدم البناء ضررا للغير بعد تسلم صاحب المشروع البناية ،كان مسؤوال مسؤولية تقصيرية ،وعليه 177
تعويض الغير عما لحقه من ضرر ،ما لم يثبت أن الحادث كان نتيجة سبب أجنبي ال يد له فيه.
مثال ذلك أن يقوم مقاول النجارة بتركيب األخشاب في جدار معيب ،ال زال في مرحلة البناء ،ولم يكتمل جفافه، 178
على نحو أدى إلى سقوطه وإ صابة الغير بأضرار ،هنا يكون مقاول البناء والنجارة مسؤولين بالتضامن باعتبارهما=
= مشتركين في حراسة الشيء الذي وقع ،فالخطأ مشترك ،ويقسم القاضي التعويض بينهما بحسب جسامة خطأ كل
منهما.
88
نص ت الم ادة 140الفق رة الثاني ة من الق انون الم دني على م ا يلي " :ويج وز لمن ك ان
مهددا بضرر يصيبه من البناء أن يطالب المالك باتخاذ ما يلزم من التدابير الضرورية للوقاية
من الخط ر ،ف إن لم يقم المال ك ب ذلك ،ج از الحص ول على إذن من المحكم ة في اتخ اذ ه ذه
التدابير على حسابه".
يس تفاد من ه ذه الم ادة أن مس ؤولية مال ك البن اء عن األض رار الالحق ة ب الغير ،ج راء
ته دم البن اء ،ال تق وم إال إذا ح دث ته دم ج زئي أو كلي به ،وك ان س بب ه ذا الته دم راجع ا إلى
إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه ،وعليه حتى تقوم مسؤولية مالك البناء عن
األضرار الالحقة بالغير ،ال ب ّد من توافر شروط ثالثة هي :أن يكون المسؤول مالكا للبناء،
وأن يلحق البناء تهدم ،وأّن التهدم سببه اإلهمال في الصيانة أو قدم البناء أو عيب فيه.
وعلى هذا ألقى المشرع مسؤولية األضرار الناجمة عن تهدم البناء على عاتق المال ك،
سواء كان شخصا طبيعيا ،أو اعتباريا ،خاصا أو عاما ،وسواء كان هو من يشغله أو غيره
كالمستأجر ،ويستوي في ذلك أن يكون البناء مصدر الضرر موجودا في حراسته أم ال.180
ويشترط أيضا لقيام مسؤولية المالك عن تهدم البناء أن يحدث هذا التهدم ،سواء كان
كليا أو جزئيا ،بسبب إهمال في الصيانة ،أو قدم في البناء ،ذلك أنه يمكن أن ينتج القدم نتيجة
إهم ال المال ك في ص يانة البن اء بص فة دوري ة ،ويعت بر الق دم دليال على إخالل ه ذا األخ ير
بواجب الصيانة الالزمة التي تقتضيها حالة البناء ،إذ يتعين عليه تقوية أساسات البناء وتثبيته ا
في األرض وتقوية األعمدة الحاملة للبناء.
كام ل ف ؤاد ،المس ؤولية المدني ة عن ته دم البن اء في التش ريع الجزائ ري ،م ذكرة لني ل ش هادة الماجس تير في ف رع 180
نشير أن مسؤولية مالك البناء تقوم على خطأ مفترض في جانبه ،يتمثل في اإلهمال
في ص يانة البن اء وإ ص الحه ،ومن تم يكفي المض رور أن يثبت ب أن الض رر ال ذي أص ابه نجم
عن تهدم البناء تهدما كليا أو جزئيا ،وأّن المسؤول هو مالك البناء الذي تهدم ،فإذا ما أثبت
المضرور ذلك ،كان على مالك البناء ،حتى يدفع مسؤوليته عن طريق نفي الخطأ ،أن يثبت
أن ته دم البن اء ال يرج ع س ببه إلى إهم ال في الص يانة أو ق دم في البن اء أو عيب في ه ،أو أن
يثبت أن سبب التهدم يرجع إلى سبب أجنبي ال يد له فيه كالقوة القاهرة أو خطأ المضرور أو
خطأ الغير.
رأينا أن تهدم البناء يعد سببا لقيام مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء العقدية،
إذا كان التهدم حاصال أثناء فترة التشييد ،أو بعد االنتهاء من األعمال ،وقبل تسلمها من رب
العم ل تس لما نهائي ا وذل ك بس بب خطئهم ا ،وأن الته دم الحاص ل في البن اء ،بع د التس لم النه ائي
لألعمال ،يعد سببا لقيام المسؤولية العشرية للمهندس المعماري ومقاول البناء ،إذا ما حدث
الته دم خالل م دة عش ر س نوات ،إال أن ه ق د تق وم المس ؤولية التقص يرية للمهن دس المعم اري
ومقاول البناء استثناء في الحاالت التالية:
يجوز لصاحب المشروع أن يطالب المهندس المعماري ومقاول البن اء ب التعويض على
أس اس المس ؤولية التقص يرية ،وذل ك في حال ة الغش أو الت دليس الص ادر عنهم ا ،أو عن
األض رار ال تي تص يبه في جس ده أو في أموال ه وال تي ال ص لة له ا بعملي ة البن اء ،أو في حال ة
الرجوع بدعوى الحلول محل الغير المضرور.
90
وسنتعرض لهذه الحاالت بشيء من التفصيل فيما يلي:
يج وز لص احب المش روع أن يرج ع على المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ال ذي
ارتكب غش ا ،أو اس تعمل طرق ا احتيالي ة ،أو تعم د ع دم تنفي ذ التزامات ه ،ب دعوى المس ؤولية
التقص يرية ،ولع ل الغ رض من ذل ك ه و حماي ة رب العم ل ال ذي يك ون في الغ الب غ ير خب ير
بفن البناء ،من خطر ضياع حقه في التعويض ،بانقضاء مدة الضمان العشري ،وتمكينه من
االستفادة من مزايا الرجوع وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية ،في خالل مدة أطول من مدة
عش ر س نوات ،ال تي ق د تك ون في بعض األحي ان غ ير كافي ة الكتش اف غش المهندس ين
المعم اريين ومق اولي البن اء ،فض ال عن م يزة المطالب ة ب التعويض عن األض رار المتوقع ة،
وغير المتوقعة.
وتعت بر حال ة الغش أو الت دليس اس تثناء تتق رر بموجب ه أحك ام المس ؤولية التقص يرية
للمهندس المعماري ومقاول البناء ،تجاه صاحب المشروع ،على أساس أن الغش يمثل خطأ
خارجيا عن نطاق العقد ،ومن تم يعتبر خطأ تقصيريا يدخل ضمن نطاق تطبيق المادة 124
من القانون المدني ،أو على أساس أن الخطأ العمدي من شأنه أن يعدل من طبيعة المسؤولية،
ويحّو له ا من مس ؤولية عقدي ة إلى مس ؤولية تقص يرية ،وذل ك إعم اال بالقاع دة ال تي تق ول أّن :
" الغش يفسد كل شيء" ،وحتى ال يستفيد الغشاش من غشه.181
ويكفي لتوافر حالة الغش أو التدليس ،التي تجيز لرب العمل الرجوع بالتعويض وفقا
ألحك ام المس ؤولية التقص يرية ،أن يتعم د المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ،س وء الص نعة
وهو يعلم جيدا أن ذلك سيؤدي ال محالة إلى إحداث الخلل بالبناء ،عاجال أو آجال ،حتى لو لم
يكن يقصد من ذلك اإلضرار برب العمل.
وأن يخفي المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء عي اب في البن اء عم دا أو ب دون عم د،
ويحاول إخفاء هذا العيب ليتجنب رجوع صاحب المشروع عليه خالل مدة الض مان العش ري،
محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص 181
.305
91
وقد يتخذ اإلخفاء شكل التدليس المادي كاستعمال الطرق االحتيالية ،كما قد يتمثل هذا اإلخفاء
في غش معنوي يقلل من جسامة العيب وخطورته في نظر رب العمل.
إذن ،تعمد الخطأ واستعمال طرق احتيالية إلخفاء العيب ،من شأنه أن يشدد المس ؤولية
الملقاة على عاتق المهندس المعماري ومقاول البناء ،سواء فيما يتعلق بمداها أو بمدتها ،ومن
تم فإّن المهندس المعماري ومقاول البناء الذي يكون قد صدر منه غش أو تدليس ،ليس له أن
يتمسك بانقضاء مدة الضمان العشري المنصوص عليها في المادة 554من القانون المدني،
لكي يفلت من المسؤولية عما ينشأ عن غشه أو تدليسه من ضرر.182
ويالح ظ به ذا الص دد ،أن المش رع الجزائ ري – وعلى عكس م ا ذهب إلي ه القض اء
الفرنس ي -183لم يف رق بين الخط أ الجس يم والغش ،184وبالنتيج ة يعت بر ك ل من المهن دس
المعم اري ومق اول البن اء مس ؤولين مس ؤولية تقص يرية في الح التين تج اه ص احب المش روع،
عما يمكن أن يترتب عن غشهما أو خطئهما الجسيم من ضرر خالل المدة الطويلة.185
قد تلحق صاحب المشروع باعتباره مالكا للبناية ،أضرار مادية أو جسدية ،سواء أثن اء
ف ترة التنفي ذ ،أو بع د تس لمه البناي ة ،ويمكن ه في ه ذه الحال ة أن يؤس س طلب التع ويض ،من
ك أن يلج أ إلى اختص ار التك اليف ،وذل ك عن طري ق اختص ار ال وقت ،بتقليص س مك الجدران أو عم ق األساس ات 182
مثال واالقتصاد في اليد العاملة عن طريق استخدام عمال ال تتوفر فيهم المهارة الالزمة ،أو تقليل كلفة مواد البناء
بعدم احترام النسب الضرورية.
183يمّي ز القض اء الفرنس ي في أحكام ه بين الغش والخط أ الجس يم ،فيجع ل من وق ع في الغش يس تفيد من أحك ام
المسؤولية التقصيرية من أجل التعويض ،ويمنع رب العمل في حالة الخطأ الجسيم من الرجوع بالتعويض عن طريق
قواع د المس ؤولية التقص يرية ،ألن خط أ المعم اري الجس يم يظ ل داخ ل نط اق اإلخالل ببن ود العقد ،وال يمكن اعتب اره
خارج ا عن ه ،فيخض ع ألحك ام الض مان الخ اص أو المس ؤولية العقدي ة إذا لم تت وافر ش روط ه ذا الض مان ،وعلي ه ،إذا
ارتكب المهندس المعماري أو مقاول البناء خطأ جسيما ،وجب على صاحب المشروع الرجوع عليهما بموجب أحك ام
المسؤولية العقدية.
تنص المادة 172/2من ق.م على ما يلي " :وعلى كل حال ،يبقى المدين مسؤوال عن غشه ،أو خطئه الجسيم". 184
وتبدأ هذه المدة في السريان من اليوم الذي يتحقق فيه الضرر ،وليس من يوم التسلم النهائي لألعمال. 185
-Mazeaud, op.cit, p 132,et voir dans le même sens: Karila (J-P), op. cit, p 319.
92
المهندس المعماري أو مقاول البناء ،على قواعد المسؤولية التقصيرية ،نتيجة األضرار التي
تلحق ه ،وال تي ال تنتج عن اإلخالل بأح د االلتزام ات التعاقدي ة ،ال تي تق ع على ع اتق المهن دس
المعماري أو مقاول البناء.186
هذا وإ ن مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء إزاء رب العمل ،عما يلحقه من
أض رار جس دية ،بس بب خط أ أح دهما في عملي ة التش ييد ،تس تند أساس ا إلى قواع د المس ؤولية
التقص يرية طالم ا أن عق د المقاول ة ال ذي ي ربطهم ،ال ي رتب في ذم ة المش يد االل تزام بض مان
السالمة الجسدية ،ذلك أنه لو قلنا بوجود مثل هذا االلتزام لقامت المسؤولية العقدية للمهندس
المعماري ومقاول البناء عن األضرار الجسمانية التي تلحق صاحب المشروع .
وإ ذا أصيب المالك بأضرار جسمانية ،كأن يسقط من ساللم البناية بسبب اعوجاجها أو
عدم متانتها ،وكان ذلك قبل تسلمه البناية ،فانه يجوز له الحصول على التعويض ،استنادا إلى
المسؤولية التقصيرية القائمة على الخطأ المفترض ،على أساس أن مقاول البناء أو المهندس
المعماري هو الحارس للبناء قبل التسليم ،أما إذا أصيب بأضرار بعد تسلمه البناية ،فإّن الخطأ
يكون مفترضا في جانبه هو ،ومن تم ال يستطيع الرجوع على المهندس المعماري أو مقاول
البن اء ب دعوى المس ؤولية التقص يرية ،إال إذا أثبت أن الض رر ال ذي لحق ه ،يرج ع إلى خط أ
المهندس المعماري أو مقاول البناء ،وذلك طبقا ألحكام المادة 124من القانون المدني.
كم ا تتحق ق المس ؤولية التقص يرية للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،في مواجه ة
صاحب المشروع ،بالنسبة لألضرار التي تلحقه في أمواله الخارجة عن عمليات البناء ،كما
ل و س قط حج ر مثال من أعلى البناي ة على س يارته المتوقف ة بجانبه ا ،ف ألحق به ا أض رارا ،أو
على عقارات ه المج اورة إن وج دت ،على أس اس أن ص احب المش روع يعت بر بالنس بة له ذه
األضرار من الغير ،فهي ال تلحقه بوصفه رب عمل ،وإ نما بوصفه من الغير.187
وبناء عليه ،فإّن صاحب المشروع ال يستحق التعويض بدعوى المسؤولية التقصيرية،
إال عن األضرار التي ال يرجع سببها إلى إخالل المهندس المعماري أو مقاول البناء بإحدى
التزاماته التعاقدية.
ومثال ذلك أن يتلف مقاول البناء األشياء التي سلمها له المالك ليستخدمها في تنفيذ العقد. 186
187
Daniel Veaux, louage d’ouvrage et d’industrie, Juris-classeur, louage d’ouvrage, Fasc.70, 2-1998, n°14.
93
حالة رجوع رب العمل بدعوى الحلول -03
نتصور هذه الحالة ،عندما يصاب الغير األجنبي تماما عن عملية البناء بالضرر ،من
جراء عمل المهندس المعماري أو مقاول البناء ،بخصوص عملية التشييد ،فيرجع المضرور
ب التعويض على رب العم ل ،باعتب اره مالك ا لألش غال ،ع وض أن يرج ع على المهن دس
المعماري أو مقاول البناء المسؤول ،ومثال ذلك أن يتعرض أحد المارة إلصابة في جسمه،
أو في مال ه ،بس بب س قوط م ادة بن اء علي ه ،أو يتع رض الج يران إلى إتالف أج زاء من
ممتلك اتهم ،بس بب اآلالت ال تي تس تخدم في عملي ة البن اء ،ف إذا ع وض ص احب المش روع
المض رور عم ا أص ابه من ض رر ،في جس ده أو في مال ه ،ج از ل ه أن يرج ع على المس ؤول
الحقيقي ،أي على المهندس المعماري أو مقاول البناء ،بمقتضى قواعد المسؤولية التقصيرية،
وذلك عن طريق الحلول محل الغير المتضرر ،188الذي قد يكون من المارة أو من الجيران،
على النحو المبين أدناه.
قد يصاب أحد المارة من جراء عملية البناء ،كأن يسقط عليه شيء مما يستخدم في
التشييد ،أو بسبب إحدى آالته أو أدواته ،والضرر قد يصيب المار إما في جسمه ،189أو في
مال ه ،190فق د يل زم رب العم ل بوص فه مالك ا بمفه وم الم ادة 140الفق رة الثاني ة من الق انون
الم دني بتع ويض المار عن األضرار الالحقة به بسبب ته دم البناء ،191عوضا عن المسؤول
الحقيقي الذي يكون عادة هو مقاول البناء أو المهندس المعماري الذي ينسب إلى خطئ ه العيب
األصل في الغير ،هو الشخص الذي ال تكون له صلة بعملية البناء ،أي يكون أجنبيا عنها ،ولكنه يمكن أن يكون 188
طرفا في هذه العملية ،أي على صلة بها وبأطرفها ،إال أنه يأخذ حكم الغير بالنسبة لألضرار التي أصابته ،ويعوض
عنها طبقا للمسؤولية التقصيرية.
كالمار الذي يصاب بجروح بعد سقوط األجور عليه من أعلى البناية والذي لم يقاض المقاول على أساس الخطأ 189
كأن تصاب سيارة المار بضرر جراء سقوط مادة العمل عليها. 190
94
الموج ود في البن اء ،ذل ك أن المض رور يفض ل الرج وع ع ادة ب التعويض ،عن األض رار ال تي
تلحق ه من ج راء ته دم البن اء ،على المال ك ،على أس اس أن مس ؤولية ه ذا األخ ير مس ؤولية
مفترضه فيه بقوة القانون ،192ال يجوز نفيها إال بإثبات السبب األجنبي ،في حين أنه لو رجع
ب التعويض على المس ؤول الحقيقي ،مهندس ا ك ان أو مق اوال ،وجب علي ه إثب ات الخط أ في
جانبهما ،على أساس أن مسؤوليتهما قائمة على الخطأ الشخصي.
في ه ذه الحال ة ،يج وز ل رب العم ل ،ال ذي ع وض المض رور ،الرج وع على المهن دس
المعماري أو مقاول البناء بما دفعه ،استنادا إلى أحكام المسؤولية التقصيرية بدعوى الحلول،
شريطة إثباته الخطأ في جانب مقاول البناء أو المهندس المعماري ،والضرر ،وعالقة السببية
بينهما.
ال يعتبر تهدما في حكم المادة 140من ق.م ،حالة االنهدام اإلرادي للبناء ،كأن يقوم المالك بتهديم البن اء ،لتفادي 191
خطر انهياره ،أو لتشييد بناء آخر ،أو لسبب ما ،وال يعتبر تهدما أيضا سقوط جزء من البناء عقب إطفاء حريق ش ّب
فيه=.
= بلحاج العربي ،النظرية العامة لاللتزام في القانون المدني الجزائري ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات الجامعية،
الجزائر ،2001 ،ص .422
-علي علي سليمان ،دراسات في المسؤولية المدنية في القانون المدني الجزائري ،ط ،3ديوان المطبوع ات الجامعية،
الجزائر ،1994 ،ص .180
تقوم مسؤولية المالك ،في هذه الحالة ،على أساس خطأ مفترض في جانبه ،يتمثل في اإلهمال في صيانة البناء، 192
أو تهدم في البناء ،أو عيب فيه ،ويعتبر هذا االفتراض ،بمثابة قرينة بسيطة ،يجوز للمالك إثبات عكسها ،بأن يثبت
أن البن اء ليس بحاج ة ،ال للص يانة ،وال لإلص الح ،أو التجدي د ،ف إذا عج ز عن إثب ات ذل ك ،تحققت مس ؤوليته بق وة
القانون ،ما لم يثبت السبب األجنبي.
والمالحظ من نص المادة 140من القانون المدني أعاله ،أنه ا تتضمن حكم ا عاما ،ال يمّي ز بين م ا إذا كان التهدم،
الذي أحدث الضرر بالغير ،وقع أثناء عملية التشييد ،أو بعد االنتهاء من التشييد ،وتسلم األعمال ،ومن تّم يك ون مال ك
البناء مسؤوال ،ولو حدث التهدم أثناء عملية التشييد ،أو بعد االنتهاء من اإلنجاز وقبل تسلم األشغال.
ويالحظ أيضا ،أّن القضاء الفرنسي اختلف ،بهذا الصدد ،عما ذهب إليه المشرع الجزائري ،حيث قضى بأن المالك
ال يعتبر مسؤوال قبل الغير المضرور ،عن تهدم البناء ،إال بعد إتمام بنائه ،ومن تم تكون كل األضرار ،التي تلحق
الغير ،قبل إنجاز البناء كامال ،وتسيلمه للمالك ،مسؤوال على تعويضها المقاول طبقا للقواعد العامة.
95
ويؤك د الفق ه به ذا الش أن ،أن مس ؤولية مال ك البن اء ،تقتص ر على م ا يص يب الغ ير من
ض رر ،أحدث ه ته دم البن اء فق ط ،وعلي ه ال ت ترتب مس ؤولية المال ك ،بالنس بة لألض رار ال تي
تصيب الغير ،والتي لم تنجم عن تهدم البناء ،حتى لو كان الضرر آتيا من البناء ،كما لو سقط
شخص من فتحة موجودة في سطح م نزل ،في قيد اإلنشاء ،لم تكن محاطة بح واجز وقائية،
أو أن تتكسر قدم شخص زلق على ساللم البناء.193
ق د تتع دد وتتن وع المض ار ال تي تص يب الج يران ،بس بب عملي ات البن اء والتش ييد ،إذ
يمكن أن تمس ه ذه األض رار مص الحهم المادي ة ،كته دم من ازلهم أو تش ققها ،أو مص الحهم
األدبي ة ،كاإلزع اج ال ذي يس ببه العم ال أثن اء عملي ة البن اء والتش ييد ،وتط اير األترب ة ،وحجب
الرؤية ،والحرمان من أشعة الضوء وغيرها.194
فإذا تضرر الجار من جراء تنفيذ عقد المقاولة ،جاز له الرجوع مباشرة على المهندس
المعم اري أو مق اول البن اء ،إلص الح األض رار ال تي أص ابته ،أو للحص ول على التع ويض،
بشرط أن يثبت الخطأ في جانبهما ،أو في جانب أحدهما ،طبقا للقواعد العامة في المسؤولية
التقصيرية ،195أو أن يرج ع على مق اول البناء ،باعتباره حارسا للبناء ،طبقا للمادة 138من
القانون المدني ،إذا لحقه الضرر ،أثناء تنفيذ مقاول البناء لعقد المقاولة ،وقبل التسليم النهائي
لألش غال ،كم ا يج وز ل ه أيض ا ،الرج وع على ص احب المش روع ،باعتب اره ج اره ،بطلب
التعويض على أساس نظرية مضار الجوار غير المألوفة.
هن ا تتق رر المسؤولية التقصيرية ،التي تعطي الحق للمض رور ،في الحص ول على التع ويض ،من المسؤول طبقا 193
إذا أصيب الجار بجرح نظرا لسقوط مواد البناء عليه ،فال يتابع صاحب المشروع على أساس مض ار الج وار ألن 194
مث ل ه ذه األض رار ق د تص يب أي ش خص س واء ك ان ج ارا أم ال ،ب ل ل ه أن يث ير المس ؤولية التقص يرية للمق اول ،أو
لصاحب المشروع باعتباره مالكا للبناية.
ومث ال ذلك ،أن يرجع الجار على المهندس المعم اري أو مق اول البن اء ،ب التعويض عم ا أصاب بن اءه من تصدع 195
وتشققات ،بسبب عمليات الحفر العشوائية ،التي لم يراع فيها المعماري أصول الفن الالزمة ،التي تمنع وقوع الضرر
بالمبنى المجاور ،على أساس المادة 124من ق.م.
96
نص المش رع الجزائ ري على نظري ة مض ار الج وار في الم ادة 691من الق انون
السالف الذكر ،والتي جاء نصها كاآلتي " :يجب على المالك أال يتعسف في استعمال حقه إلى
حد يضر بملك الجار.
وليس للج ار أن يرج ع على ج اره في مض ار الج وار المألوف ة ،غ ير أن ه يج وز ل ه أن يطلب
إزال ة ه ذه المض ار إذا تج اوزت الح د الم ألوف ،وعلى القاض ي أن ي راعي في ذل ك الع رف،
وطبيعة العقارات وموقع كل منها بالنسبة إلى اآلخرين ،والغرض الذي خصصت له".
يستفاد من هذه المادة أنه لقيام مسؤولية صاحب المشروع ،على أساس مضار الجوار،
ال ب ّد من وج ود عالقة الج وار بين المتضرر وصاحب المشروع ،وأن تك ون األضرار التي
أص ابت الج ار من المض ار ال تي تتج اوز الح د الم ألوف ،وك ل ذل ك مراع اة لم ا ج رى علي ه
ع رف المنطق ة ،وطبيع ة العق ارات ،وموق ع ك ل منه ا بالنس بة لآلخ رين ،والغ رض ال ذي
خصص ت ل ه ،ومن تم ال يج وز للج ار أن يرج ع على ص احب المش روع بمض ار الج وار
المألوفة ،بل يرجع عليه ،في الحالة األخيرة ،بدعوى المسؤولية التقصيرية.196
وال تستند مسؤولية صاحب المشروع على أساس نظرية الجوار ،إلى فكرة الخطأ ،بل
يكفي للجار المتضرر ،أن يثبت أن األضرار التي وقعت ،تفوق الحد المألوف ،197كأن تستمر
أعمال البناء مثال على نحو مزعج ومقلق للراحة ،إلى ساعات متأخرة من الليل ،أو أن تتزايد
األتربة بشكل كبير ،يحرم الجيران من العيش بطريقة عادية في مساكنهم.198
ويك ون للقاض ي س لطة تقديري ة مطلق ة ،في تحدي د المض ار غ ير المألوف ة ،دون رقاب ة
المحكمة العليا عليه ،وهو يستعين في ذلك بالعرف ،وطبيعة العقارات ،وموقعها ،والغرض
الذي خصصت له ،فمعيار الضجيج واألتربة مثال يختلف من مكان آلخر.
وللقاضي أيضا سلطة تق دير التعويض المناسب ،فق د يحكم بالتعويض العيني ،كإلزام
الجار بإزالة المضار ،عن طريق الحكم عليه بغلق مطالت مخالفة للقانون مثال ،أو االمتناع
حمادي جازية مجيدة ،عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري ،المرجع السابق ،ص .149 196
197وذلك استنادا إلى أّن حسن الجوار أصبح من االلتزامات القانونية التي تفرض على حق الملكية ،وي رتب الخروج
على تلك االلتزامات مسؤولية الجار تجاه جاره.
وال يمكن للمال ك ص احب المش روع ،أن ينفي عن ه المس ؤولية عن األض رار غ ير
المألوفة ،بادعائه أن تلك المباني أو المنشآت الثابتة ،أنجزت بموجب رخصة البناء.199
المالح ظ هن ا أّن الفق ه اختل ف ح ول الش خص المس ؤول عن الض رر ،في حال ة م ا إذا
كان سبب الضرر ،ال ذي لحق الجار ،راجعا إلى ورشة البناء ،ال إلى البناية ذاتها ،هل هو
مقاول البناء الذي يراقب الورشة ،أم صاحب المشروع باعتباره هو الجار؟
ذهب البعض إلى الق ول أن ه ،إذا نتج الض رر عن البن اء ذات ه ،كحجب الن ور أو تش ويه
المنظر ،فإّن المالك هو المسؤول ،ويق ع عليه عبء تعويض الجار عن مضار الجوار غير
المألوف ة ،أم ا إذا ك ان س بب الض رر يرج ع إلى الورش ة ،ف ان مق اول البن اء ه و من يتحم ل
المس ؤولية ،ويق ع علي ه تع ويض المض رور ،وذهب البعض اآلخ ر ،إلى اعتب ار مال ك البن اء
مس ؤوال وح ده عن ك ل ض رر يلح ق الج ار ،س واء ك ان س ببه ورش ة البن اء ،أو البن اء ذات ه،
فالض رر ن اجم عن ق رار المال ك بالبن اء ،وأن المق اول لم يقم ب أّي خط أ ،فه و في تنفي ذه لعمل ه
يتقيد بأوامر ورغبة صاحب المشروع فقط ،ومن تم ال يجوز لصاحب المشروع ،أن يرج ع
على مق اول البن اء ،في ه ذه الحال ة ،ب المبلغ ال ذي دفع ه للمض رور ،إال إذا أثبت خط أ مق اول
البناء ،بأن يثبت مثال أن هذا األخير خالف أوامره وإ رشاداته ،أو خالف التصاميم التي قدمها
إليـه.
محمد حسين منصور ،مسؤولية المهندس والمقاول أثناء فترة التنفيذ ،المرجع السابق ،ص.196 199
-يراجع في هذا المعنى :قرار م ع غ ع ،ملف رقم ،404069الصادر بتاريخ ،13/06/2007منشور بـ م.م.ع،
ع ،1س ،2008ص ،197وال ذي ج اء في ه م ا يلي " :ين درج تش ييد ج دار (ول و برخص ة بن اء) متس بب في حجب
النور والهواء عن مسكن ،ضمن مضار الجوار غير المألوفة.
ولم ا ت بين لقض اة الموض وع اس تنادا لتقري ر الخ برة ،أن الج دار ال ذي ش يده الط اعن ق د تس بب في إلح اق ض رر ب الغ
بجيران ه ،إذ أدى إلى حجب الن ور واله واء عن مس كنهم ،وجعل ه غ ير الئ ق للسكن ،ول و تم ذل ك طبق ا لرخص ة البن اء
والتصاميم ،فانه يعد من مضار الجوار غير المألوفة طبقا لنص المادة 691/1من القانون المدني ،علما ب أن رخصة
البناء تسلم بشرط مراعاة حقوق الغير ،ويكون القضاة بقضائهم كما فعلوا قد طبقوا صحيح القانون.
وحيث انه تبعا لما تقدم ،يتعين التصريح بعدم تأسيس الطعن والقضاء برفضه ".
98
وترتيبا على ما سبق ،فان صاحب المشروع ،الذي عوض الغير المتضرر ،من ج راء
عملية البناء ،يسوغ له الرجوع على المهندس المعماري أو مقاول البناء بما دفعه ،استنادا إلى
أحك ام المس ؤولية التقص يرية ب دعوى الحل ول ،200ألّن مس ؤولية ه ذين األخ يرين تج اه الغ ير
مسؤولية تقصيرية ،وصاحب المشروع في رجوعه على المهندس المعماري أو مقاول البناء،
إنما يستعمل حق المتضرر في هذا الرجوع ،ويحل محله في إقامة الدعوى التقصيرية.
والمالحظ أن رب العمل يرجع على المسؤول بما دفعه للمضرور ،حاّال محله ،حتى
ولو كان رجوعه ،بعد انقضاء المدة القانونية على استالم العمل موضوع عقد المقاولة ،أي
بع د انقضاء م دة الضمان الخاص ،وال تي ق درها المشرع الجزائري بعشر سنوات في المادة
554من الق انون الم دني ،ومن تّم ال يج وز للمهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ،رفض دف ع
التعويض ،بدعوى أنه جاء بعد انقضاء مدة الضمان ،ألن صاحب المشروع هنا ،يلعب دور
المتضرر ،ويحل محله ،إذ لو ادعى هذا األخير مباشرة ،أمام المهندس المعماري أو مقاول
البناء ،لما أمكن لهما التذرع بانقضاء مدة الضمان الخاص ،ألن مسؤوليتهما تجاهه ،تقص يرية
ال تنقضي بمضي عشر سنوات من تاريخ التسلم.
بالنتيج ة ،يجب على ص احب المش روع أن يرف ع دع وى التع ويض على المهن دس
المعماري ومقاول البناء ،بنفس الشكل الذي كان على الغير المتضرر أن يسلكه ،في حالة ما
إذا ه و رج ع مباش رة عليهم ا ب التعويض ،بمع نى أن يتب ع القواع د العام ة ال تي تقتض يها أحك ام
المسؤولية التقصيرية ،من إثبات الخطأ في جانب المسؤول ،والضرر الالحق بالغير ،201فال
يس تفيد إذن من قرين ة المس ؤولية الخاص ة ،المق ررة في الم ادة 554من نفس الق انون الس الف
الذكر.
هذا ويقتصر حق رب العمل ،الذي يرفع دعوى الحلول ،في المطالبة باسترداد المبالغ
ال تي دفعه ا للمض رور ،على س بيل التع ويض فق ط ،ومن تّم ال يج وز ل ه المطالب ة ب أكثر مم ا
يجب لتطبيق قواعد المسؤولية التقصيرية على دعوى رب العمل ،أن يرتكب المهندس أو المقاول خطأ تقصيريا، 200
يتم يز عن خطئ ه العق دي ،في ع دم التزام ه ببن ود عق د المقاول ة ،وذل ك تطبيق ا لمب دأ ع دم ج واز الجم ع أو الخ يرة بين
المسؤوليتين العقدية والتقصيرية.
201
PERINET-MARQUET Hugues, La responsabilité des constructeurs, op.cit, p18.
99
دفع ،أو المطالبة بإصالح العيوب التي اكتشفها في البناء ،ألنه ال صفة لغير المضرور الذي
حّل رب العمل محله ،في مطالبة المهندس المعماري أو مقاول البناء بهذه الطلبات.
والمالحظ بهذا الصدد ،أّن حلول صاحب المشروع ،محل المتضرر ،في االدع اء على
المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ،اس تنادا إلى المس ؤولية التقص يرية ،ي ؤدي إلى إع ادة
الت وازن ال ذي اخت ل ،بس ب خط أ المس ؤول ال ذي ألح ق الض رر ب الغير ،وأدى إلى تحمي ل
ص احب المش روع التع ويض عن خط أ لم يرتكب ه ،كم ا أن ه يحق ق العدال ة ،بفس ح المج ال أم ام
الغ ير المتض رر بالحص ول على التع ويض عن الض رر الالح ق ب ه ،من ط رف ص احب
المشروع ،أو من المهندس المعماري ،أو من مقاول البناء.
ق د يت دخل في عملي ة التش ييد والبن اء أش خاص كث يرون ،ال ي ربطهم م ع ص احب
المشروع عقد مقاولة ،كالمقاولين الفرعيين ،202الذين يساهمون عادة في عملية التشييد ،بدور
أو بآخر ،بناء على طلب المقاول األصلي ،فيرتبطون معه بعقود مقاولة من الباطن.
وعق د المقاول ة الفرعي ة ،ال يرب ط المق اول الف رعي إال بالمق اول األص لي ،فال ينش ئ
عالقة بينه وبين صاحب المشروع ،الذي يعتبر أجنبيا عن العقد ،وبذلك يختلف أطراف عقد
المقاولة الفرعية عن أطراف عقد المقاولة األصلية.
هذا وال يرتب عقد المقاولة الفرعية التزامات متقابلة بين صاحب المشروع والمقاول
الفرعي ،ألنه ال يربطهما عقد ،إذ العالقة بينهما غير مباشرة يتوسطها المقاول األصلي.
لم يعرف المشرع الجزائري المقاول الفرعي بنص خاص ،لكن من خالل مهمته التي يقوم بها ،يمكننا أن نعرفه 202
بأنه " :ذلك الشخص الذي يعهد إليه عادة المقاول األصلي بتنفيذ كل العمل الذي يرد عليه عقد المقاولة األصلي أو
جزء منه.
على أن ه يش ترط ح تى يعه د المق اول األص لي تنفي ذ العم ل كل ه أو ج زء من ه إلى مق اول ف رعي ،أال يوج د في عق د
المقاول ة األص لي ،ال ذي يرب ط ص احب المش روع بالمق اول األص لي ،ش رط يمنع ه من ذل ك ،أو لم تكن طبيع ة العم ل
تفترض االعتماد على كفاءاته الشخصية طبقا للمادة 564/1من ق.م.
100
فالمق اول الف رعي ش خص أجن بي عن عق د المقاول ة األص لي ،يعت بر إذن من الغ ير،
وتك ون مس ؤوليته تج اه رب العم ل مس ؤولية تقص يرية ،لع دم ارتباطهم ا بأي عق د مهم ا ك انت
طبيعته.203
وإ ّن مسألة تعدد المتدخلين في عملية البناء ،تثير مشكلة حقيقية ،عندما يصاب الغير
بضرر من جراء عمل هؤالء ،فمن يكون المسؤول عن التعويض في هذه الحالة؟
القاع دة العام ة أن المق اول الف رعي يك ون مس ؤوال قب ل الغ ير المض رور وص احب
المشروع ،مسؤولية تقصيرية النعدام رابطة عقدية بينهما ،فإذا ارتكب المقاول الفرعي ،أثناء
تنفيذه لعقد المقاولة من الباطن خطأ يستوجب التعويض ،كان هو المسؤول الوحيد تجاه الغير
المضرور ،أو صاحب المشروع عما لحقهما من أضرار ،وج از له ذا األخ ير الرج وع عليه
بدعوى المسؤولية التقصيرية.
ه ذا ويس أل المق اول األص لي تج اه رب العم ل ،عن فع ل أو خط أ المق اول الف رعي
فقط ،204دون تابعي هذا األخير ،205على أساس دعوى المسؤولية العقدية ،إذ ال يمكن اعتبار
مس ؤوليته تطبيق ا خاص ا للقواع د العام ة في مس ؤولية المتب وع عن فع ل تابع ه ،ألن المق اول
الف رعي ال يعت بر تابع ا للمق اول األص لي ،كون ه يتمت ع باس تقالل ت ام عن ه ذا األخ ير في تنفي ذ
عمله ،وال يعتبر تابعا لهذا األخير.
203ال يمكن الحديث عن المسؤولية العقدية للمقاول الفرعي في عالقته برب العمل ،لعدم وجود أّي عقد بينهما ،وألنه
يعتبر غيرا في عالقته برب العمل.
ق رار م ع غ م ،مل ف رقم ،30940/30952الص ادر بت اريخ ،16/03/1983منش ور بـ م ق ،ع ،1س،1990 205
ص ،15والذي جاء فيه " :من المتفق عليه فقها وقضاء أنه إذا كان المقاول من الباطن قد قاول هو أيضا بدوره من
الباطن ،فان المقاول الثاني له الحق في رفع الدعوى مباشرة على المقاول األصلي باعتباره رب العمل للمقاول من
الب اطن األول ،غ ير أن ه ال يج وز ل ه أن يرف ع تل ك ال دعوى مباش رة على رب العم ل ،ومن تم ف ان قض اة االس تئناف
بقضائهم بخالف ذلك يعد خطأ في تطبيق أحكام المادة 565من القانون المدني=.
-لتفاصيل أكثر ،يراجع كامل فؤاد ،المسؤولية المدنية عن تهدم البناء في القانون الجزائري ،المرجع السابق ،ص
63وما بعدها.
101
وعلي ه ال يك ون المق اول األص لي مس ؤوال عن أخط اء المق اول الف رعي مس ؤولية
تقصيرية ،ألن العقد الذي يربط المقاول األصلي بالمقاول الفرعي ،ال يمنح المقاول األصلي
سلطة اإلشراف والتوجيه والرقابة على المقاول الفرعي ،الذي يظل يتمتع بكامل االستقاللية
في تنفيذ العمل الموكل إليه من طرف المقاول األصلي.
خالصة ما سبق ،أن مسؤولية المقاول الفرعي تجاه رب العمل ال تقوم إال على أساس
المسؤولية التقصيرية ،طالما ال يربطهما عقد من أي طبيعة كانت ،وأن المقاول األصلي غير
مسؤول عن أخطاء المقاول الفرعي ،سواء في مواجهة رب العمل أو تجاه الغير ،ذلك أنه ال
يعتبر متبوعا ،ما دام المقاول الفرعي يتمتع باستقاللية تامة في تنفيذ العمل الموكل إليه من
طرف المقاول األصلي.
فض ال عن األض رار ال تي ق د تص يب الغ ير األجن بي عن عملي ة البن اء ،ق د يتض رر
المش يد ب دوره من ه ذه العملي ة ،إم ا مباش رة ،ب أن يلحق ه الض رر في جس مه أو في أموال ه ،أو
بطريقة غير مباشرة ،عندما يرجع مشيدو البناء اآلخرون ،على بعضهم البعض ،إثر حصول
الضرر لصاحب المشروع.
فيج وز لمش يدي البن اء ،المتض ررين من عملي ة البن اء والتش ييد ،رف ع دع وى قض ائية
على المشيد المسؤول مرتكب الخطأ ،ومطالبته بالتعويض عن الضرر الذي ألحقه بهم ،وذلك
على أساس المسؤولية التقصيرية.
ونتصور هذه الحالة ،عندما يلجأ صاحب المشروع ،للتعاقد مع عدة مق اولين ،من أج ل
إنج از العم ل ،في برم م ع ك ل واح د منهم عق د مقاول ة ،مختل ف الموض وع ،والس عر ،واآلج ال،
لحس اب ص احب ومن تّم نك ون بص دد ع دة مق اولين ،يعمل ون في ورش ة عم ل واح دة،
206
مش روع واح د ،وعلي ه إذا أص يب أح د ه ؤالء المق اولين ،أثن اء عمل ه في الورش ة ،بض رر
جس ماني أو م ادي ،نتيج ة خط أ ارتكبه مق اول آخ ر ،ج از ل ه الرج وع على المق اول المسؤول
ب التعويض ،وفقـا ألحك ام المس ؤولية التقص يرية ،إمـا على أس اس المس ؤولية عـن الخط أ
ليسوا مرتبطين بعقد وال يلتزم أّي منهم بشيء تجاه المقاول اآلخر ،فيعتبرون بمثابة الغير لبعضهم البعض. 206
102
الشخص ي ،207وإ مـا على أس اس مس ؤولية ح ارس األش ياء ،208وإ مـا على أس اس مس ؤولية
المتبوع عن أفعال تابعه.209
ومن قبيل ذلك ،أن يتعرض المهندس المعم اري ،أثناء تفق ده لموق ع العم ل ،بناء على
واجب اإلشراف الذي تمليه عليه مهنته ،إلصابة جسدية ،كأن ينهار جزء من البناء ،أو تسقط
بعض أدوات العم ل علي ه ،فتس ّبب ل ه كس را ،في ه ذه الحال ة ،يج وز للمهن دس المعم اري
الرجوع بالتعويض ،بموجب أحكام المسؤولية التقصيرية ،على مقاول البناء ،الذي سبب له
هذه األضرار.
أم ا إذا أص يب ص احب المش روع بض رر ،من ج راء تنفي ذ عق د المقاول ة ،بس بب خط أ
المهن دس المعم اري مثال ،ورج ع على مق اول البن اء ب التعويض على أس اس قواع د المس ؤولية
العشرية ،فوّفى له كامل التعويض باعتباره مسؤوال بالتضامن مع المهندس المعماري مرتكب
الخط أ ،210ج از للمق اول الم وفي الرج وع على المهن دس المعم اري بم ا دفع ه ،على أس اس
المسؤولية التقصيرية ،وذلك بأن يثبت الخطأ الشخصي في جانب المهندس المعماري.
على أنه إذا كان الخطأ مصدر الضرر مشتركا بين المهندس المعماري ومقاول البناء،
جاز لمن دفع التعويض كامال لصاحب المشروع ،أن يرجع على الطرف اآلخر بقدر حصته
في التع ويض ،طبق ا للقواع د العام ة في المس ؤولية التقص يرية ،أو يقس م التع ويض بينهم ا
بالتساوي ،ما لم يحدد القاضي نصيب كل منهما في االلتزام بالتعويض.211
210خّص المشرع الجزائري مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء ،بأحكام خاصة ،سنتولى شرحها بالتفصيل
في الباب الثاني من هذه الرسالة ،بموجبها يحق لرب العمل ،الرجوع على أّي منهما -سواء المهندس المعماري =
= أو مقاول البناء -للمطالبة بدفع التعويض بكامله ،باعتبارهما مسؤولين بالتضامن ،طبقا للمادة 554من ق.م ،عن
كل ما قد يصيب البناء من تهدم ،أو تعيب ،يهدد متانته وسالمته ،خالل عشر السنوات التالية لتسليمه.
تنص الم ادة 126من ق.م على م ا يلي " :إذا تع دد المس ؤولون عن فع ل ض ار ،ك انوا متض امنين في ال تزامهم 211
بتع ويض الض رر ،وتك ون المس ؤولية فيم ا بينهم بالتس اوي ،إال إذا عين القاض ي نص يب ك ل منهم في االل تزام
بالتعويض".
103
المطلب الثاني :جزاء المسؤولية التقصيرية
ي ترتب على قي ام المس ؤولية التقص يرية للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء تع ويض
المضرور عما لحقة من أضرار ،والتعويض إما أن يقوم في صورته العادية المألوفة ،وإ ما
أن تط رأ علي ه أوص اف ومالبس ات تخرج ه إلى ص ورة معدل ة ،وس نعرض كال من ه اتين
الصورتين في الفرعين التاليين.
تنص الم ادة 132من الق انون الم دني على م ا يلي " :يعين القاض ي طريق ة التع ويض
تبعا للظروف ،ويصح أن يكون التعويض مقسطا ،كما يصح أن يكون إيرادا مرتبا ،ويجوز
في هاتين الحالتين إلزام المدين بأن يقدر تأمينا.
ويقدر التعويض بالنق د ،على أنه يجوز للقاضي ،تبعا للظروف وبناء على طلب المضرور،
أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه ،أو أن يحكم وذلك على سبيل التعويض ،بأداء بعض
اإلعانات تتصل بالفعل غير المشروع ".
يس تفاد من ه ذه الم ادة أن األص ل في التع ويض أن يك ون تعويض ا نق ديا ،والتع ويض
بمعن اه الواس ع إم ا أن يك ون تعويض ا عيني ا ،وه ذا ه و التنفي ذ العي ني ،وإ م ا أن يك ون تعويض ا
بمقابل.
فالتنفيذ العيني يتمثل في الوفاء بااللتزام عينا ،أي إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل
التعاق د ،ويق ع ه ذا التع ويض غالب ا في االلتزام ات العقدي ة ،212ويق ل حدوث ه في المس ؤولية
التقص يرية ،فالم دين في المس ؤولية التقص يرية يخ ل ب التزام قانوني يكمن في اإلضرار بالغير
دون ح ق ،فيعت بر الش خص مخال به ذا االل تزام مثال إذا م ا ه و ب نى ج دارا في ملك ه ليحجب
على جاره الضوء تعسفا منه ،ففي هذه الحالة ،يكون المالك مسؤوال مسؤولية تقصيرية نحو
الجار بتعويض ما أحدثه من ضرر ،ويمكن أن يكون التعويض عينيا وذلك بالزام المالك بهدم
فالمق اول ال ذي يل تزم ببن اء م نزل مثال ،إذا امتن ع عن تنفي ذ التزام ه ،أمكن أن يج بر على ذل ك ،ب أن يب ني ص احب 212
المش روع الم نزل على حس ابه ،أم ا إذا ك ان بن اء الم نزل يقتض ي ت دخل المق اول شخص يا ،فيمكن التنفي ذ العي ني عن
طريق غرامة تهديدية.
104
الج دار موض وع ال نزاع ،وق د يك ون ذل ك تحت غرام ة تهديدي ة ح ال تعنت المحك وم علي ه في
التنفيذ.213
وال يج بر القاض ي على الحكم بالتنفي ذ العي ني ،ولكن يجب علي ه أن يقض ي ب ه إذا ك ان
ممكنا ،وطلبه الدائن ،أو تقدم به المدين.
أما إذا كان التنفي ذ العي ني غ ير ممكن ،ف ان التع ويض يك ون نق دا ،وهذا هو التع ويض
الذي يغلب الحكم به في دعاوى المسؤولية التقصيرية.
واألصل أن يكون التعويض النقدي مبلغا من النقود ،يعطى للمضرور دفعة واحدة ،أو
على أقس اط ،214أو ب إيراد م رتب م دى الحي اة تبع ا للظ روف ،215ويع وض المض رور في
المس ؤولية التقص يرية عن الض رر المباش ر ،س واء ك ان الض رر ال ذي أص ابه مادي ا أو أدبي ا،
متوقعا أو غير متوقع ،حاال أو مستقبال.216
التعويض المقسط يدفع على أقساط ،تحدد مددها ويعين عددها ويتم استيفاء التعويض بدفع آخر قسط منها ،ويحكم 214
القاض ي بتع ويض مقس ط مثال إذا ك ان الم دعي ق د أص ب بم ا يعج زه عن العم ل م دة معين ة من ال زمن ،فيقض ى ل ه
بتعويض مقسط حتى يشفى من إصابته.
اإليراد المرتب مدى الحياة ،يدفع هو أيضا على أقساط تحدد مددها ،لكن ال يعرف عددها ،ألن اإليراد يدفع ما 215
دام صاحبه حّي ا ،وال ينقطع إال بموته ،ويحكم القاضي به إذا كان العجز عن العمل كليا أو جزئيا ،عجزا دائما.
المضرور يعوض عن الضرر المباشر متى اختار دعوى المسؤولية التقصيرية للمطالبة بالتعويض ،سواء كان 216
الض رر ال ذي أص ابه مادي ا أو أدبي ا ،وس واء ك ان متوقع ا أو غ ير متوق ع ،وس اء ك ان ح اال أو مس تقبال م ا دام محق ق
الوقوع.
105
أم ا عن تق دير التع ويض ،فالقاض ي ه و ال ذي يق دره ،217مراعي ا في ذل ك الظ روف
المالبس ة ،وال تي يقص د به ا تل ك الظ روف ال تي تالبس المض رور ،ال الظ روف ال تي تالبس
يدخل 218
المسؤول ،فالظروف الشخصية التي تحيط بالمضرور ،وما قد أفاده بسبب التعويض
في حس اب القاض ي عن د تق ديره التع ويض ،ألن التع ويض يق اس بمق دار الض رر ال ذي أص اب
المض رور بال ذات ،فيق در على أس اس ذاتي ال على أس اس موض وعي ،219أم ا م ا يحي ط
المس ؤول من ظ روف شخص ية ،220وجس امة الخط أ ال ذي ارتكب ه ،فال ي دخل في حس اب
التعويض ،ألن التعويض يدفع بقدر جسامة الضرر ،ال بجسامة الخطأ.
الفــرع الثــاني :االتفــاق على تعــديل أحكــام المســؤولية الخاصــة للمهنــدس المعمــاري
ومقاول البناء
قرار م ع غ م ،ملف رقم ،58012الصادر بتاريخ ،08/02/1989منشور بـ م ق ،ع ،2س ،1992ص ،14 217
وال ذي ج اء في ه " :من المق رر قانون ا أن تحدي د المس ؤولية المدني ة عن ض ررها وتق دير جس امة ذل ك الض رر يخض ع
للسلطة التقديرية لقضاء الموضوع ،ومن تم فان النعي على القرار المطعون فيه بمخالفة القانون غير جديد.
ولما كان الثابت – في قضية الحال -أن قضاة الموضوع اعتموا في قضائهم على المادتين 124و 127ق.م ،بما
لهم من سلطة تقديرية في تحديد المسؤولية المدنية وتقدير التعويض يعدون طبقوا صحيح القانون.
ومثال ذلك أن يهدم شخص جدارا آيال للسقوط مملوكا آلخر ،فيعوضه عنه ببناء جدار آخر سليم ومتين .انظر: 218
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،نظرية االلتزام بوجه عام ،مصادر االلتزام :العقد ،العمل
غير المشروع ،اإلثراء بال سبب ،القانون ،ج ،1المرجع السابق ،ص .972
ويكون محال لالعتبار ،حالة المضرور الجسمية والصحية ،وحالته العائلية وحالته المالية. 219
فإذا كان المسؤول غنيا لم يكن هذا سببا في دفع تعويض أكثر ،أو كان فقيرا لم يكن هذا سببا في دفع تعويض 220
أقل.
106
عندما تتحقق المسؤولية التقصيرية ،يكون االتفاق على تعديل أحكامها ،إما إعفاء ،أو
تخفيفا ،أو تشديدا ،جائزا قانونا ،ويكون غالبا بمثابة صلح ،والصلح جائز فيما هو من النظام
العام.
ف إذا ارتكب الش خص خط أ س بب ض ررا آلخ ر ،فللمض رور أن يعفي المس ؤول من
التعويض ،ويكون بذلك قد نزل عن حقه.
ويصح أيضا أن يتفق المضرور مع المسؤول على أن يتقاضى منه تعويضا أقل مما
يس تحق ،فيعفي ه من التع ويض عن بعض الض رر ،ويص ح أن يعفى المس ؤول المض رور
تعويضا أكثر مما يستحقه ،فيكون متبرعا بما زاد.
ه ذا وإ ذا ك ان يج وز االتف اق على تع ديل أحك ام المس ؤولية التقص يرية ،بع د تحق ق
الض رر ،ف ان اإلش كال ال ذي يثار ه و :ه ل يج وز لألط راف االتف اق مس بقا على تع ديل أحك ام
المسؤولية التقصيرية قبل تحققها؟
الواق ع أن األط راف في المس ؤولية التقص يرية ال يع رف أح دهم اآلخ ر ،إال بع د تحق ق
الض رر ،ومن تم ال يتص ور االتف اق بينهم ا إال بع د ح دوث الض رر وتحق ق ه ذه المس ؤولية،
وه ذا ه و األم ر الغ الب في المس ؤولية التقص يرية ،لكن يج وز في ح االت قليل ة أن يع رف
الش خص من يحتم ل أن يض ر ب ه من الن اس بعم ل غ ير مش روع ،ومث ال ذل ك الج يران ،إذ
يحتمل كل جار أن يكون مسؤوال ومضرورا بالنسبة إلى جاره ،فيتصور اتفاق الجيران على
تعديل أحكام المسؤولية التقصيرية عند تحققها.221
واالتف اق على تع ديل أحك ام المس ؤولية التقص يرية ،إم ا أن يك ون اتفاق ا باإلعف اء من
المسؤولية ،أو يكون اتفاقا بالتخفيف منها ،أو يكون اتفاقا على التشديد فيها.
قد يتفق المسؤول والمضرور على اإلعفاء من المسؤولية ،أو التخفيف منها ،وذلك إما
بإنق اص م دى التع ويض ،فال يع وض إال على بعض األض رار دون البعض اآلخ ر ،وإ م ا
عب د ال رزاق الس نهوري ،الوس يط في ش رح الق انون الم دني ،نظري ة االل تزام بوجه ع ام ،مص ادر االل تزام :العقد، 221
العمل غير المشروع ،اإلثراء بال سبب ،القانون ،ج ،1المرجع السابق ،ص.978
107
بتحديد مبل غ معين كشرط ج زائي يكون هو مبل غ التع ويض مهما بل غ الضرر ،وإ ما بتقصير
المدة التي ترفع فيها دعوى المسؤولية التقصيرية.
ولق د نص المش رع الجزائ ري على اعتب ار االتف اق باإلعف اء من المس ؤولية التقص يرية
ب اطال ،222ويعت بر أيض ا ب اطال ك ل ش رط ي رمي إلى التخفي ف من المس ؤولية التقص يرية ،ألن
أحكام هذه المسؤولية من النظام العام ،والقانون هو الذي يقررها ،فهي تختلف عن المسؤولية
العقدية التي يكون مصدرها العقد ،وإ رادة األطراف.
إذا كان االتفاق على اإلعفاء أو التخفيف من أحكام المسؤولية التقصيرية مخالفا للنظ ام
العام ،فإن االتفاق على التشديد من هذه األحكام ال يخالف النظام العام ويكون مشروعا ،ومن
تم يج وز لألط راف االتف اق على التش ديد في المس ؤولية التقص يرية ،ومث ال ذل ك أن يتف ق
األط راف على أن يك ون الخط أ مفترض ا في ج انب المس ؤول ،في الح االت ال تي ال ينص
القانون فيها على افتراض المسؤولية في جانبه.
الباب الثاني:
108
باإلض افة إلى القواع د العام ة ال تي تخض ع له ا مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول
البن اء في مج ال الهندس ة المعماري ة ،ف إّن المش رع الجزائ ري أخض ع ه ذه المس ؤولية لقواع د
أخرى خاصة ،شأنها في ذلك شأن غيرها من سائر المهن األخرى.
ولقد ظهرت هذه األحكام الخاصة في شكل ضمان خاص ،ش ّد د بموجبه المشرع من
مس ؤولية مهندس ي ومق اولي البن اء عّم ا تقض ي ب ه القواع د العام ة ،فجع ل ه ذين األخ يرين،
مس ؤولين مس ؤولية تض امنية ،عن ك ل ته دم كلي أو ج زئي للمب اني ،أو المنش آت الثابت ة ال تي
ش ّيداها ،وعن ك ل عيب يه ّد د متان ة البن اء وس المته ،إذا وق ع ه ذا الته دم أو العيب خالل م دة
عشر سنوات من وقت تسلم األعمال مقبولة من رب العمل.
وتع ّد قواع د المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،قواع د اس تثنائية،
فهي تتمتع بمقّو مات ذاتية ،تمّيزها عن القواعد العامة ،حرص المشرع من خاللها على حماية
رب العم ل بوج ه خ اص ،والمنتفعين باألبني ة والمنش آت الثابت ة بوج ه ع ام ،من المخ اطر
المترتبة عن اإلهمال المهني للمهندس المعماري أو مقاول البناء.
ولبي ان األحك ام الخاص ة ال تي تتمت ع به ا مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء،
ارتأينا تقسيم هذا الباب إلى فصلين ،نتناول في الفصل األول شروط تحقق المسؤولية الخاصة
للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،ونتع رض في الفص ل الث اني إلى أحك ام ه ذه المس ؤولية
الخاصة.
الفصل األول:
109
يص يب تل ك المب اني والمنش آت الثابت ة من عي وب أو ته ّد م ،خالل م دة عش ر س نوات من ي وم
تسليمها ،وهذا ما سنعالجه في مبحثين.
المبحث األول:
يتعّين إلعم ال أحك ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،توافـر
مجموع ة من الش روط ،منه ا م ا تعت بر موض وعية ،ومنه ا م ا تعت بر ش كلية ،وس نتعرض له ذه
الشروط بشيء من التفصيل في المطلبين التاليين.
حتى تتحقق مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء الخاصة ،يجب أن يكون هناك
عقد مقاولة مباني أو منشآت ثابتة أخرى مبرم مع رب العمل ،وأن يتحقق ته ّد م أو عيب بهذه
األعمال المشّيدة.
الفرع األول :ضرورة وجود عقد مقاولة مباني أو منشآت ثابتة أخرى مع رب العمل
يشترط لقيام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء وجود عقد مقاولة
صحيح ،223وأن تنصّب المقاولة على إقامة مباني أو منشآت ثابتة أخرى ،وأن يكون هذا العقد
مع رب العمل الذي تتم البناءات أو المنشآت الثابتة لحسابه ،وهو ما سنعرضه فيما يلي.
223أي ال بّد من توافر أركانه وشروط صحته ،ولّم ا كان عقد مقاولة البناء عقدا ملزما لجانبين ،فانه يجب أن تتوفر
في ه األرك ان والش روط نفس ها ال تي تتطلب في جمي ع العق ود الملزم ة لج انبين ،والمتمثل ة طبق ا للقواع د العام ة في:
التراض ي ،والمح ل ،والس بب ،وأن تك ون اإلرادة ص ادرة عن ش خص ذي أهلي ة ،وأال تك ون معيب ة بعيب من عي وب
اإلرادة المتمثل ة في الغل ط والت دليس واإلك راه والغبن ،ف إذا تخل ف ركن أو ش رط من ه ذه الش روط ك ان عق د المقاول ة
باطال ،ومن تم لم يكن باإلمكان تطبيق أحكام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء.
110
أوال :تعريف عقد المقاولة وبيان خصائصه
224
تعريف عقد المقاولة -01
عّر فت المادة 549من القانون المدني الجزائري عقد المقاولة بأّن ه " :ذلك العقد الذي
يتعه د بمقتض اه أح د المتعاق دين أن يص نع ش يئا ،أو أن ي ؤدي عمال ،مقاب ل أج ر يتعه د ب ه
المتعاقد اآلخر".
ولقد تعّد دت تعريفات الفقه لعقد المقاولة ،فعّر فه الدكتور عبد الرازق حسين يس بأنه:
"عقد يتعهد بمقتضاه طرف فيه بصنع شيء ،أو أداء عمل لحساب الطرف اآلخر ،لقاء أجر،
ومستقال عن إدارته وإ شرافه".225
وعّر ف ه ال دكتور محم د ل بيب ش نب بأن ه" :عق د يقص د ب ه أن يق وم ش خص بعم ل معين
لحساب شخص آخر في مقابل أجر ،دون أن يخضع إلشرافه أو إدارته".226
-لتفاصيل أكثر حول تكوين عقد المقاولة ،يراجع :حمادي جازية مجيدة ،عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري،
المرج ع الس ابق ،ص ،34ويراج ع أيض ا :إب راهيم س يد أحم د ،مس ؤولية المهن دس والمق اول عن عي وب البن اء فقه ا
وقضاء ،دار الكتب القانونية ،مصر ،2005 ،ص.87
224المالحظ أّن هن اك فرقا بين "عقد المقاولة" و"المقاولة" ،فعقد المقاولة هو عقد وارد على عمل مادي ،هذا العمل
ينفذه المقاول بكل حرية واستقاللية ،أما المقاولة فلها مدلول اقتصادي ،ويراد بها كل تنظيم يكون الغرض منه تزويد
اإلنت اج أو التب ادل أو الت داول بالس لع أو الخ دمات ،فالمقاول ة هي الوح دة االقتص ادية والقانوني ة ال تي تجتم ع فيه ا
العناص ر البش رية والمادي ة للنش اط االقتص ادي .لتفاص يل أك ثر ،يراج ع :ول د رابح ص افية ،المرك ز الق انوني للمقاول ة
الخاصة في القانون الجزائري ،رسالة لنيل شهادة دكتوراه دولة في القانون ،كلية الحقوق ،جامعة مولود معمري-
تيزي وزو ،2007 ،ص 12الى.18
عبد الرازق حسين يس ،المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص .84 225
محمد لبيب شنب ،شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء ،المرجع السابق ،ص .15 226
أشار إلى هذا التعريف ،عبد الرازق حسين يس ،نفس المرجع السابق ،ص .83 227
111
ب النظر إلى ه ذه التعريف ات ،يتض ح لن ا أنه ا تجم ع على اعتب ار المقاول ة عق دا ،يتعه د
بمقتضاه المقاول ،بصنع ش يء ،أو أداء عم ل ،لحساب رب العم ل لقاء أج ر ،على أن يستقل
المقاول عن رب العمل في تنفيذه لعقد المقاولة ،دون خضوع منه ألية أوامر أو تعليمات من
جانب هذا األخير.
والمقاول ة باعتباره ا عق دا فإنه ا كغيره ا من العق ود يجب أن تت وفر فيه ا نفس األرك ان
والش روط ال تي يجب أن تت وفر في أّي عق د مل زم للج انبين ،ومن تّم ال ب ّد من وج ود تراض ي
الطرفين على أن يصدر هذا الرتاضي من ذوي األهلية وأآل تكون ارادتهم معيبة ،و ال بد
والمالحظ على التعريف الذي ساقه المشرع الجزائري لعقد المقاولة ،أنه غير جامع
لكل خصائص هذا العقد ،األمر الذي يؤدي إلى الخلط بينه وبين عقد العمل ،228فالعامل في
عقد العمل يؤدي بدوره عمال لقاء أجر يتعهد به المتعاقد اآلخر.
يتمّيز عقد المقاولة بمجموعة من الخصائص ،تمّيزه عن باقي العقود األخرى ،ن ذكرها
تباعا.
“ Le contrat d’entreprise est le contrat par lequel une personne, l’entrepreneur ou locateur, s’engage envers
une autre, le maitre ou client à exécuter contre rémunération un travail indépendant et sans le représenter ”.
228إّن الق انون ال واجب التط بيق على عالق ة العم ل ه و بص فة عام ة تش ريع العم ل ،ال س يما الق انون رقم 90/11
الم ؤرخ في 21/04/1990المتعل ق بعالق ات العم ل المع دل والمتمم ،منش ور في ج رج ج ،ع ،17س ،27وال ذي
يتضمن قواعد قانونية تهدف إلى حماية العامل باعتباره الطرف الضعيف في عالقة العمل ،خاصة ما تعلق بتحديد
ساعات العمل ،واإلجازات ،وتقدير األجر وضماناته ،وكل حوادث العمل ،والفصل التعسفي من العمل.
112
ال يش ترط لقي ام عق د المقاول ة ،أن يف رغ في ش كل معين ،229فالكتاب ة في ه ليس ت ركن ا
النعقاده ،وإ نما تعتبر فقط شرطا إلثباته ،ومن تّم ال تشترط الرسمية في عقد المقاولة ،المبرم
بين رب العمل من جهة ،والمهندس المعماري أو مقاول البناء من جهة أخرى.
مفاده أنه عقد ملزم للجانبين ،يترتب عليه بمجرد انعقاده ،التزامات متبادلة تقع على
ع اتق طرفي ه ،فيتعه د المق اول بموجب ه أن يص نع ش يئا ،أو أن ي ؤدي عمال ،لق اء أج ر معل وم،
يلتزم به صاحب المشروع.
مؤداه أنه عقد ،يعطي فيه أحد عاقديه ،عوضا لما أعطى العاقد اآلخر ،فالمقاول وهو
يق وم بص نع الش يء ،أو أداء العم ل ،ال يق وم ب ه على س بيل الت برع ،وإ نم ا مقاب ل أج ر معل وم،
يتعه د ب ه رب العم ل ،ورب العم ل بالمقاب ل ال ي دفع األج ر ،إال لق اء م ا تلق اه من المق اول من
عمل.
يرد عقد المقاولة غالبا على عمل مادي ،يتمثل في صنع الشيء ،أو أداء العمل ،لكن
ه ذا ال يمن ع من أداء المهن دس المعم اري أو المق اول أحيان ا أعم اال ذهني ة الزم ة ألداء عمل ه،
كإجراء الحسابات التي تقتضيها عملية التنفيذ ،كما ال يمنع من تضمن العقد تصرفا قانونيا،
كنق ل ملكية الم واد أو األش ياء ال تي يورده ا مق اول البن اء ،والالزم ة لتنفي ذ العم ل لص الح رب
العمل.
قرار م ع غ م ،ملف رقم ،894157الصادر بتاريخ ،19/09/2013منشور في م.م.ع ،ع ،2س ،2013ص 229
،159والذي جاء فيه " :ال يشترط القانون إفراغ عقد المقاولة في شكل رسمي معين.
عقد العمل وعقد المقاولة من العقود الواردة على العمل ،إال أنهما يختلفان من حيث: 230
-أّن المقاول في عقد المقاولة ينفذ التزاماته التعاقدية بكل حرية ،دون خضوع وتبعية لصاحب المشروع ،إذ ليس
لهذا األخير ،أية سلطة في توجيه األوامر ومراقبة المقاول المكلف بورشة األعمال ،فهو يعمل باستقاللية تامة تجاه
صاحب المشروع ،أما في عقد العمل فيخضع العامل لتبعية رب العمل،
-أّن المقاول مسؤول عن كل أخطائه تجاه صاحب المشروع ،بخالف العامل الذي ال يتحمل قبل رب العمل ،إال ما
ارتكبه من أخطاء جسيمة،
-أّن صاحب المشروع غير مسؤول عن األضرار التي قد تصيب الغير ،بسبب خطأ المقاول حالة تأديته اللتزامات ه،
أما رب العمل فمسؤول عن أفعال تابعيه ،مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ،طبقا للمادة 136من ق.م ،متى ألحق
العامل بعمله غير المشروع ،ضررا بالغير ،أثناء تأدية وظيفته أو بسببها أو بمناسبتها،
231عّر ف المشرع الجزائري الوكالة في المادة 571من ق.م بأنها " :عقد بمقتضاه يفوض شخص شخصا آخر للقي ام
بعمل شيء لحساب الموكل وباسمه" ،ومن خالل هذا التعريف يتضح لن ا جلي ا أن الوكالة تصرف ق انوني ،فالوكيل
يقوم بأعمال قانونية لمصلحة موكله ،وهو ما يميزه عن عقد المقاولة الذي يرد عمل المقاول في ه ،على أعم ال مادية.
هذا ويتميز عقد المقاولة عن عقد الوكالة بمجموعة من الخصائص ،نذكر أهمها:
-أّن المقاولة مأجورة دائما ،أما الوكالة فتبرعية ،ال أجر فيها ،ما لم يتفق الطرفان على أن تكون مأجورة ( المادة
581من ق.م)=،
= أّن المقاول يعمل بشكل مستقل عن صاحب المشروع ،وال يكون هذا األخير مسؤوال عنه مسؤولية المتبوع عن
أعم ال تابع ه ،أم ا الوكي ل فيق وم بالعم ل تحت إش راف الموك ل ،ويك ون مس ؤوال عم ا أص اب الوكي ل من ض رر ،دون
خطأ منه ،بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذا معتادا ( المادة 583من ق.م)،
-أّن آثار األعمال التي يقوم بها المقاول تنصرف إليه فقط ،أما الوكيل فينوب عن موكله ،وتنصرف آثار تصرفاته
مباشرة إلى موكله.
114
نص ت الفق رة األولى من الم ادة 554من الق انون الم دني على م ا يلي " :يض من
المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خالل عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي
فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى ،"...األمر الذي يستفاد منه أن المشرع
الجزائري قصد عقدا معينا من عقود المقاوالت ،232وهو العقد الذي يكون موضوعه منصبا
على تشييد بناء ،أو إقامة منشآت ثابتة أخرى.
وب ذلك يك ون المش رع ق د اس توجب ش رطا آخ ر لتط بيق أحك ام المس ؤولية الخاص ة
للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،يتعل ق بموض وع عق د المقاول ة ذات ه ،والمتمث ل في تش ييد
مب اني أو إقام ة منش آت ثابت ة أخ رى ،أم ا إذا لم يكن موض وعه ك ذلك ،ب أن ك ان من األعم ال
المعمارية األخرى ،غير أعمال التشييد ،كأعمال الهدم ،أو أعمال الصيانة الثانوية ،أو أعمال
الزخرف ة ،وغيره ا ،فال يص ح أن تك ون أساس ا لتط بيق أحك ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس
المعم اري ومق اول البن اء ،وإ نم ا يخض ع العق د في ه ذه الحال ة للقواع د العام ة في المس ؤولية
العقدية.233
ه ذا ولّم ا ك انت الدراس ة الموض وعية له ذا الش رط ،ت دخل في تق ديرنا ،في النط اق
الموضوعي للمسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء ،فإننا نحيل بشأنها إلى ما
سيتم عرضه بالتفصيل في هذه الرسالة ،234وذلك حتى ال نقع في التكرار.
نصت الفقرة الثالثة من المادة 554من القانون المدني على ما يلي " :وال تسري هذه
الم ادة على م ا ق د يك ون للمق اول من ح ق الرج وع على المق اولين الفرع يين" ،األم ر ال ذي
يستخلص منه أنه لقيام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء ،يجب أن يكون
الطرف الثاني في عقد المقاولة هو رب العمل ،الذي يتم العمل لحسابه فعال.
عقود المقاوالت كثيرة ومتنوعة ،تختلف بحسب الموضوع الذي ترد عليه ،فهناك مقاولة التوريد ،ومقاولة النقل، 232
ومقاولة التعليم ،إلى غير ذلك من الموضوعات المختلفة التي يمكن أن تكون محال لعقد المقاولة.
محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص 233
.94
115
وعليه يجب لمساءلة المهندس المعماري ومقاول البناء بأحكام المسؤولية الخاصة ،أن
بعق د مقاولة ،فإذا كان من يق وم بالعمل ،ينج زه تحت إشراف 235
يكونا مرتبطين برب العمل
ورقابة رب العمل بناء على عقد عمل مثال ،فانه يعتبر عامال ،ال مهندسا أو مقاوال ،وبالتالي
ال يكون مسؤوال طبقا للمادة 554من القانون المدني.
وال يكون المقاول من الباطن مسؤوال مسؤولية خاصة تجاه رب العمل حتى ولو كلف
بانجاز كل األعمال أو جزء منها ،ألنه ال توجد رابطة عقدية بينهما.236
كما أنه ال يكون مسؤوال بالضمان الخاص ،في مواجهة المقاول األصلي ،الذي يعتبر
بمثاب ة رب عم ل بالنس بة ل ه ،على ال رغم من وج ود عق د مقاول ة بينهم ا ،مراع اة لحماي ة رب
العمل نفسه الذي يكون -في الغالب -غير ملم بفن البناء والمعمار.
ال يكفي لقيام مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء الخاصة ،أن يكون هناك عقد
مقاولة مباني أو منشآت ثابتة أخرى ،مبرم بينهما ورب العمل ،بل ال ب ّد من أن يحدث تهدم
كلي أو جزئي فيما شّيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى ،أو أن توجد فيها عيوب
ته دد متانته ا وس المتها ،وذل ك خالل عش ر س نوات ،من ت اريخ التس لم النه ائي لألعم ال ،طبق ا
لمقتض يات الم ادة 554من الق انون الم دني ،وال تي ج رى نص ها ك اآلتي " :يض من المهن دس
المعم اري والمق اول متض امنين م ا يح دث خالل عش ر س نوات من ته دم كلي أو ج زئي فيم ا
شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى ولو كان التهدم ناشئا عن عيب في األرض.
ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب
يترتب عليها تهديد متانة البناء وسالمته.
فإذا توفي رب العمل ،كان لورثته من بعده ،الحق في التمسك بالضمان الخاص ،في مواجهة المعماري المتعاقد 235
م ع م ورثهم ،كم ا ينتق ل ه ذا الح ق إلى المتص رف إلي ه كالمش تري والموه وب ل ه ،دون اش تراط النص على ذل ك
صراحة في عقد المقاولة.
محمد لبيب شنب ،شرح أحكام عقد المقاولة ،المرجع السابق ،ص .159 236
116
هذا ولّم ا كانت الدراسة الموضوعية والتحليلية لشرط حدوث التهدم أو ظهور العيب،
على حد تعبير القانون الجزائري ،لقيام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء،
-في نظرن ا -ألص ق بدراس ة نط اق تط بيق ه ذه المس ؤولية ،ل ذلك فإنن ا نحي ل بش أنها إلى مـا
س يتم تحليل ه بالتفص يل في المطلب الث اني من المبحث الث اني من ه ذه الرس الة ،والمخص ص
لدراسة النطاق الموضوعي لتطبيق أحكام المسؤولية الخاصة ،237حتى ال نقع في التكرار.
خلص نا عن د ح ديثنا عن الش روط الموض وعية ،إلى أنـه إلعم ال أحك ام المسؤوليـة
الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،يجب أن تك ون هن اك عملي ة بن اء ،وأن تك ون
األعم ال المش يدة من قبي ل المب اني أو المنش آت الثابت ة ،وأن يح دث ته دم كلي أو ج زئي له ذه
األعمال ،أو يشوبها عيب على درجة مهمة من الخطورة ،سواء كان مصدر العيب يرجع إلى
عيب في عملي ة التش ييد ذاته ا ،أو إلى أّي عيب في األرض ،وأن يك ون ه ذا العيب خفي ا عن د
تسلم األعمال.
باإلض افة إلى ه ذه الش روط الموض وعية ،يجب لقي ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس
المعم اري ومق اول البن اء ،أن يق ع الته دم أو يظه ر العيب خالل م دة عش ر س نوات ،تب دأ من
تاريخ تسلم األعمال ،وهو الشرط الشكلي الذي استلزمه المشرع لقيام هذه المسؤولية ،والذي
سنتعرض إليه بشيء من التفصيل فيما يلي:
يعتبر تسلم العمل شرطا أساسيا لقيام المسؤولية العشرية للمهندس المعماري ومقاول
البناء ،وهذا ما سارت عليه أغلب التشريعات ،238فالتسلم هو الوقت الذي يبدأ فيه حساب مدة
الض مان العش ري ،وبالت الي قي ام المس ؤولية العش رية ،لك ل من المهن دس المعم اري ومق اول
البناء ،عن كل تهدم كلي أو جزئي ،يلحق بالمباني أو المنشآت الثابتة األخرى التي ش ّيداها،
ومن قبي ل ذل ك التش ريع الجزائ ري (في الم ادة 554من ق.م) ،والتش ريع المص ري (الم ادة 651ق.م) والتش ريع 238
فما المقصود بتسلم العمل؟ ما هو نظامه القانوني؟ وما هي اآلثار التي تترتب عليه؟
لم يع ّر ف المش رع الجزائ ري -على غ رار المش رع المص ري وأغلب التش ريعات
المقارنة -فعل التسلم ،بل اكتفى باإلشارة إليه في الفقرة الثانية من المادة 554من القانون
المدني ،واعتبر تسلم العمل نقطة بداية سريان مدة الضمان العشري ،بمعنى أن يضمن ك ّل
239
من المهندس المعماري ومقاول البناء ما قد يحدث خالل هذه المدة من تهدم كلي أو جزئي،
أو م ا ي ترتب على العي وب من تهدي د لمتان ة البن اء وس المته ،وأش ار إلي ه في الم ادة 558من
واعت بره التزام ا يق ع على ع اتق ص احب المش روع أو من يمّثل ه 240
نفس الق انون الم ذكور،
قانونا.
أم ا المش رع الفرنس ي ،فانقس م موقف ه بالنس بة لتعري ف التس لم إلى مرحل تين زمني تين،
األولى ما قبل سنة 1987والثانية ما بعدها.241
لم يع رف المش رع الفرنس ي التس ليم ،في ظ ل تق نين ن ابوليون أي مدون ة ،1804ال
صراحة وال ضمنا ،بل اكتفى باإلشارة إلى اعتباره نقطة بداية حساب مدة الضمان العشري،
واعتبره التزاما من التزامات رب العمل بعد تمام اإلنجاز ،242أما بعد صدور القانون رقم
تنص المادة 554/2من ق.م على ما يلي " :وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل نهائيا". 239
تنص المادة 558من ق.م على ما يلي " :عندما يتم المقاول العمل ويضعه تحت تصرف رب العمل ،وجب على 240
هذا األخير أن يبادر إلى تسلمه في أقرب وقت ممكن ،بحسب ما هو جار في المعامالت ،فإذا امتنع دون= =سبب
مشروع عن التسلم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي اعتبر أن العمل قد سلم إليه ،ويتحمل كل ما يترتب على ذلك
من آثار".
لتفاص يل أك ثر ح ول التط ور التش ريعي لتعري ف التس لم في التش ريع الفرنس ي ،يراج ع :عب د ال رازق حس ين يس، 241
وه ذا في الم ادتين 1788و 1790من الق انون الم دني الفرنس ي ،وه و ذات االتج اه ال ذي ال ي زال المش رع 242
إّم ا وديا ،وأما إذا تع ّذ ر ذلك فيحدث بناء على حكم قضائي ،ويجب في جميع األحوال أن يتّم
النطق به في حضور الطرفين".
هذا ولقد تع ّد دت تعريفات الفقه للتسلم ،244فعّر فه األستاذ رواست بأنه " :العمل الذي
بواسطته يقّر رب العمل بأّن تنفيذ العمل قد تّم صحيحا" ،وعّر فه األستاذ مازو بأنه " :العمل
ال ذي بواس طته أو عن طريق ه يعطي رب العم ل تص ديقه لألعم ال ال تي تّم إنجازه ا ،ويس لم
مخالص ة ب ذلك للمق اول والمهن دس المعم اري ،أو بأن ه إق رار رب العم ل لألعم ال ال تي تم
إنجازها لصالحه ".245
-L’article 1788 c.civ : " Si, dans le cas ou l’ouvrier fournit la matière, la chose vient à périr, de quelque
manière que se soit, avant d’être livrée, la perte en est pour l’ouvrier, à moins que le maitre ne fut en demeure
de recevoir la chose".
-L’article 1790 c civ :" Si, dans le cas de l’article précédent la chose vient à périr, quoique sans aucune faute
de la part de l’ouvrier, avant que l’ouvrage ait été reçu, et sans que la maitre fut en demeure de le vérifier,
L’ouvrier n’ point de salaire à réclamer, à moins que la chose n’ait péri par le vice de la matière".
243
L’article 1792/6 c civ :" La réception est l’acte par lequel le maitre de l’ouvrage déclare accepter
l’ouvrage avec ou sans réserve. Elle intervient à la demande de la partie la plus diligent, soit à l’amiable, soit
à défaut judiciairement. Elle est, en tout état de cause prononcée contradictoirement" .
244عّر ف األستاذ روجيه سانت أالري التسلم بأنه " :ليس هو واقعة القبض ،أو وضع اليد فقط ،وإ نما هو العمل الذي
بواسطته يقر رب العمل العمل الذي تّم انجازه" ،وعّر فه األستاذ جورج ليت فو بأنه " :عملية حضورية مخصصة
لمنح المقاول مخالصة بحسن تنفيذه للصفقة التي عهد بها إليه" ،كما عّر فه األستاذان م النقو وجستاز بأنه " :العمل
الذي عن طريقه يقر رب العمل األعمال التي نفذها المقاول لصالحه ،ويعترف بهذا بأن المقاول قد نفذ ما عهد به
إليه من التزامات".
أش ار إلى ه ذين التع ريفين :عب د ال رازق حس ين يس ،المس ؤولية الخاص ة بالمهن دس المعم اري ومق اول البن اء، 245
-ولقد عّر ف األستاذ روجيه سانت أالري التسلم بأنه " :ليس هو واقعة القبض ،أو وضع اليد فقط ،وإ نما هو العمل
ال ذي بواس طته يق ر رب العم ل العم ل ال ذي تّم انج ازه" ،وعّر ف ه األس تاذ ج ورج ليت ف و بأن ه " :عملي ة حض ورية
مخصصة لمنح المقاول مخالصة بحسن تنفيذه للصفقة التي عهد بها إليه" ،كما عّر فه األستاذان مالنقو وجستاز بأنه:
119
يتبّين من تعريفات الفقه الفرنسي ،أنه لم يكتف بتعريف التسلم بإظهار العنصر المادي
في ه فق ط ،والمتمث ل في واقع ة القبض أو وض ع الي د ،ب ل تطلب عنص را إرادي ا آخ ر ،وه و
وج وب تقب ل رب العم ل لألعم ال ال تي تّم إنجازه ا ،وإ ق راره ب أّن التنفي ذ ق د تّم ص حيحا،
وإ عطاؤه مخالصة للمهندس المعماري والمقاول تفيد ذلك ،وهو نفس االتجاه الذي سار عليه
القضاء الفرنسي.246
ولق د اس تقر الفق ه المص ري في غالبيت ه ،على نفس االتج اه ال ذي س ار علي ه الفق ه
الفرنسي ،حيث اعتبر التسلم في عقد المقاولة ،ذلك االستيالء المادي على العمل ،بوضع اليد
علي ه فعال ،أو حكم ا ،وقب ول رب العم ل للعم ل ،والموافق ة علي ه بع د فحص ه ،وفي ه ذا يق ول
الدكتور محمد لبيب شنب " :ال يلتزم رب العمل فقط بتسلم العمل الذي قام به المقاول تنفيذا
لتعاقدهما ،بل يلتزم أيضا بقبول هذا العمل ،ويقصد بذلك أن يقوم رب العمل بمعاينته للعمل،
والتأك د من مطابقت ه للمواص فات المتف ق عليه ا ،ولم ا توجب ه أص ول الفن ،وإ ق راره بأن ه ق د تّم
صحيحا ".247
بن اء على م ا تق دم ،يمكنن ا تعري ف التس لم بأن ه وض ع الي د على العم ل ،فعال أو حكم ا،
وض عا مص حوبا ع ادة بقبول ه وإ ق راره من قب ل رب العم ل ،وعلي ه ح تى يتّم التس ليم ص حيحا،
منتج ا آلث اره القانوني ة ،يجب باإلض افة إلى اس تيالء ص احب المش روع على العم ل المنج ز،
استيالء فعليا أو حكميا ،أن يقبله ويوافق عليه بعد فحصه.
" العمل الذي عن طريقه يقر رب العمل األعمال التي نفذها المقاول لصالحه ،ويعترف بهذا بأن المقاول قد نفذ ما
عهد به إليه من التزامات".
نقض مدني فرنسي صادر في ،08/10/1974أشار إليه :عبد الرازق حسين يس ،المسؤولية الخاصة بالمهندس 246
= « La réception ne consiste pas seulement dans la livraison de l’ouvrage, mais aussi dans l’approbation par
le maitre de l’ouvrage du travail exécuté ».
والمالح ظ من ه ذا الق رار أن المش رع الفرنس ي اس تعمل مص طلح " réception de l’ouvrage " :للدالل ة على " قبـول
Prendre العم ل" ،وذل ك ح تى ال يختل ط ه ذا االص طالح بمص طلح " تس لم العم ل" وال ذي يع بر عن ه باللغ ة الفرنس ية "
." livraison
محمد لبيب شنب ،شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء ،المرجع السابق ،ص.152-151 247
120
والمالح ظ أّن عملية االستيالء على العمل من طرف صاحب المشروع تتّم عادة مع
فعل اإلقرار والقبول ،فغالبا ما يقوم رب العمل بفحص العمل ومعاينته ،إما بنفسه أو بمساعدة
غ يره ،كالمهن دس المعم اري أو الخب ير ،ليتأك د من م دى مطابق ة العم ل المنج ز لش روط
ومواصفات العقد ،وفقا لما تقضي به قواعد الفن وأصول الصنعة ،لكن ال يوجد ما يمنع من
أن يتّم أحدهما قبل اآلخر ،فقد يتم االستيالء على العمل ،بوضع اليد دون قبوله وإ قراره ،أي
دون فحص أو معاينة ،وقد يتم قبول العمل وإ قراره قبل أن يتم االستيالء عليه ،248كما لو زار
رب العم ل مك ان العم ل وعاين ه وفحص ه وتأك د من مطابقت ه ،دون أن يك ون ق د اس تولى علي ه
فعال أو حكما.
والع برة هن ا تك ون ب القبول واإلق رار ال بوض ع الي د على العم ل ،أي أّن نت ائج التس لم
ت ترتب على القب ول ال على وض ع الي د ،ألن قب ول رب العم ل للعم ل وإ ق راره ل ه ،يعت بر دليال
على رضا هذا األخير به ،وقبوله له ،بعد فحصه ومعاينته ،والتأكد من مدى مطابقته لشروط
العقد ،وقواعد الفن وأصول الصنعة ،األمر الذي ال يغّطيه مجرد االستيالء على العمل.
اختلفت آراء الفقه حول مسألة الطبيعة القانونية للتسلم ،بين قائل بأّن التسلم هو اتفاق
قائم بذاته ومستقل عن عقد المقاولة األصلي ،وقائل بأنه مجرد واقعة قانونية ،وقائل بأنه عمل
قانوني ،وهذا ما سنتناوله تباعا.
عبد الرازق حسين يس ،المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص .152 248
121
لق د تع رض ه ذا االتج اه للنق د ،ألن الق ول ب أّن التس لم عق د يتم بين رب العم ل وبين
المهن دس المعم اري والمق اول ،يتع ارض م ع التس لم القض ائي والتس لم الض مني ،ف إذا تّم
251 250
التسلم عن طريق القضاء ،أو ضمنا بناء على رغبة رب العمل ،فإّن مساهمة المق اول في ه ذا
التسلم ال تكون ضرورية ،وأن محضر التسليم والتسلم المثبت له ذه العملية يكون ملزما له،
رغم أنه لم يكن طرفا فيه ،وغ ير موق ع منه ،متى كان ق د أعلن إليه بالطريقة القانونية .أما
المهن دس المعم اري ،ف إّن تدخل ه ال يجع ل من ه طرف ا في عق د التس لم ،وإ نم ا ه و مج رد تنفي ذ
اللتزام يقع على عاتقه ،بمساعدة وإ رشاد رب العمل لحظة التسلم.
252
-02التسلم واقعة قانونية
إلى اعتب ار التس لم واقع ة قانوني ة وليس عمال قانوني ا، 253
ذهب اتج اه آخ ر من الفق ه
ويجب تفسيره في ظل النظرية العامة للوفاء ،بأنه التزام بعمل ،ومنه ال يكون الوفاء مبرئا
لذم ة الم دين بمج رد القي ام بالعم ل مح ل العق د ،وإ نم ا ال ب ّد من أن يك ون ه ذا العم ل مس توفيا
للشروط والمواصفات المنصوص عليها في عقد المقاولة ،فيكون المقاول المدين ملزما بأن
يسعى إلى إرضاء رب العمل الدائن من خالل تنفيذ العمل الموكل إليه.
ف رّب العم ل بتس لمه األعم ال ،ال يعّب ر عن أّي إرادة منش ئة ،وإ نم ا يقتص ر دوره على
أن يسمح للقانون بإنتاج آثاره ،254فهو ال يعتبر مباشرا لعمل قانوني ،إال عندما يرفض التسلم،
أو يبدي بشأنه تحفظات ،فالتسلم إذن حسب هذا االتجاه ،ليس له تأثير في إبراء ذمة المقاول
المدين ،ألنه ال يثبت سوى مجرد التنفيذ ال مطابقة األشغال ،ألن وجود المطابقة في حد ذاته،
كاف إلحداث األثر المسقط ،وذلك بواسطة إرادة المشرع ال إرادة رب العمل.
من هذه الرسالة. انظر ص 250
252يقص د بالواقع ة القانوني ة ك ّل ح دث ي رتب الق انون على مج رد وقوع ه أث را معين ا ،بص رف النظ ر عن تخل ف ،أو
وجود إرادة صاحبه ،أو هي تلك الواقعة المادية ،الطبيعية أو بفعل اإلنسان ،يرتب عليها القانون أثرا معينا ،بصرف
النظر عن اتجاه اإلرادة إلحداث هذا األثر.
ويس فتحي ،المسؤولية المدنية والضمانات الخاصة في بيع العقار قبل االنجاز ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في 254
القانون العقاري والزراعي ،كلية الحقوق ،جامعة سعد دحلب ،البليدة ،2000-1999 ،ص.97
122
ولق د تع رض ه ذا ال رأي ب دوره للنق د ،لحص ره فع ل التس لم في الج انب الم ادي من ه
فحسب ،واعتباره مجرد واقعة مادية ليس لها آثار قانونية ،إال ما يرتبه القانون عليها ،وهو
ب ذلك يك ون ق د أغف ل الج انب اإلرادي لعملي ة التس لم ،المتمث ل في قب ول األعم ال أو رفض ها،
والذي به تبرأ ذمة المدين ،أي ذمة المهندس المعماري ومقاول البناء من االلتزامات التعاقدية
وباقي اآلثار القانونية األخرى.255
256
-03التسلم عمل قانوني انفرادي
اتجه غالبية الفقه في فرنسا إلى اعتبار التسلم عمال قانونيا صادرا عن إرادة منفردة،
هي إرادة رب العم ل ،مخ الفين ب ذلك م ا ذهب إلي ه بعض هم ،من اعتب ار التس لم مج رد واقع ة
مادية ،أو عقدا مستقال عن عقد المقاولة األصلي.
ولق د اس تند ه ذا االتج اه في ت دعيم رأي ه على نص الم ادة 1792الفق رة السادس ة من
الق انون الم دني الفرنس ي ،المض افة بالق انون رقم 12لس نة 1978الم ؤرخ في 04ج انفي
،1978والتي مفادها أّن التسلم هو العمل الذي يقر عن طريقه رب العمل بقبوله األعمال،257
األمر ال ذي يفهم منه أّن التسلم عمل قانوني صادر عن إرادة منفردة لرب العمل فقط ،دون
االعتداد بإرادات أخرى كإرادة المقاول مثال.
بعد عرض االتجاهات المختلفة حول مسألة تحديد الطبيعة القانونية للتسلم ،نرى -مع
ما استقر عليه الرأي الفقهي الراجح -أّن التسلم في عقد المقاولة عمل قانوني ،وليس مجرد
واقعة قانونية من طبيعة تعاقدية ،يقوم به صاحب المشروع بموجب عقد المقاولة ،فحين يتسلم
رب العم ل األعم ال ال تي تّم انجازه ا ،ويقبله ا ،ويق ّر مطابقته ا ،فه و في ذل ك ينف ذ التزام ه
عب د ال رازق حس ين يس ،المس ؤولية الخاص ة بالمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،المرج ع الس ابق ،ص-161 255
.162
256يقصد بالعمل القانوني مجرد اتجاه اإلرادة نحو إحداث أثر قانوني معّين ،ويقصد بالتصرف االنفرادي ذلك العمل
القانوني الصادر من جانب واحد والذي ينتج آثارا قانونية مختلفة ،وبالنتيجة فان العمل القانوني االنفرادي ال يتطلب
س وى إرادة واح دة ص ادرة من ج انب واح د فق ط وإ ن تع ّد د أش خاص ه ذا الج انب ،ف العبرة بوح دة اإلرادة ال بوح دة
الشخص.
257
L’article 1792/6 (loi 78/12 du 04/01/1978) « La réception est l’acte par lequel le maitre de l’ouvrage
déclare accepter l’ouvrage ».
123
التعاقدي الذي يفرضه عليه عقد المقاولة ،ويباشر عمال قانونيا من طبيعة عقدية ،تنفيذا للعقد
الم برم بين ه وبين المعم اري ،وإ ذا أب دى ص احب المش روع تحفظ ات على األعم ال المنج زة
لوج ود عي وب بس يطة فيه ا ،أو رفض تس لمها في مجمله ا لجس امة م ا لح ق به ا من عي وب
ونقائص ،فإنما يمارس عمال قانونا صادرا عن إرادته المنفردة.
وب الرجوع إلى موق ف التش ريع الجزائ ري ح ول الطبيع ة القانوني ة للتس لم في عقـد
المقاول ة ،فإنن ا نج د المش رع نص ص راحة في الم ادة 558من الق انون الم دني ،على أّن رب
العمل ملزم بتسلم األعمال المنجزة من طرف مقاول البناء ،متى أعذره هذا األخير بالتسلم،
وإ ال اعت بر اإلن ذار الرس مي الموج ه ل ه من ط رف المق اول قائم ا مق ام التس لم ،ومنتج ا لجمي ع
آثاره القانونية.
هذا ولقد اعتبر المشرع الجزائري ،وفقا لنص المادة 558الم ذكورة أعاله ،التسلم في
عقد المقاولة عمال قانونيا انفراديا ،يقع على عاتق رب العمل وحده ،وبإرادته المنفردة ،بحيث
يق ر تس لمه لألعم ال ال تي تّم إنجازه ا ،إم ا بالموافق ة الكلي ة عليه ا وقبوله ا ،وإ م ا بالتحف ظ على
بعضها ،ومن تّم إلزام المهندس المعماري أو مقاول البناء بإعادة إصالحها ،وتعديلها حسب
الشروط والمواصفات المتفق عليها في العقد.
انتهينا فيما تقدم إلى أّن التسلم عمل قانوني من طبيعة تعاقدية ،ناجم عن تنفيذ التزام
عق دي ،رّتب ه عق د المقاول ة الم برم بين رب العم ل ومق اول البن اء ،وح تى يتم التس لم ص حيحا،
ومنتجا آلثاره القانونية ،ال بّد من أن تتوافر فيه الشروط الموضوعية والشكلية اآلتي بيانها.
تتعلق هذه الشروط بالموضوع الذي يرد عليه التسلم ،أي بالعمل الذي يقوم صاحب
المش روع بتس لمه من المق اول ،وتتمث ل في ض رورة انج از العم ل ،وتس ليمه مطابق ا لم ا ه و
منصوص عليه في العقد ،ولما تقتضيه قواعد الفن وأصول الصنعة ،وهو ما سنعرضه تباعا.
124
المقص ود بإنج از العم ل ليس عملي ة التنفي ذ ذاته ا ،وإ نم ا إتم ام العم ل مح ل العق د،
واالنتهاء منه بتمام إنجازه وتنفيذه ،فإنجاز العمل بتمام تنفيذه ،شرط لتمام عملية التسلم.
يعت بر ه ذا الش رط التزام ا أساس يا يرّتب ه عق د المقاول ة على ع اتق مق اول البن اء ،وه و
التزام بتحقيق نتيجة ،تتمثل في وضع التصميم ،أو إقامة البناء ،وانجاز األشغال محل العقد،
وعلي ه ال ت برأ ذم ة مق اول البن اء أو المهن دس المعم اري إال بتحقي ق ه ذه النتيج ة ،أو بإثب ات
السبب األجنبي الذي منع تحقيقها.
ولق د نص المش رع الجزائ ري على ه ذا الش رط ص راحة في الم ادة 558من الق انون
الم دني ،حيث أوجب تم ام انج از األش غال المتف ق عليه ا في العق د ،واالنته اء منه ا كلي ة ،ح تى
تصبح مهيأة تماما لتسلمها من طرف صاحب المشروع.
ب -المطابقــة
م تى أتم المق اول العم ل ،ووض عه تحت تص رف ص احب المش روع ،وجب على ه ذا
األخير أن يتسلمه ،وحتى يكون رب العمل ملزما بتسلم األشغال ،ال ب ّد أن تكون هذه األخيرة
موافق ة للش روط المتف ق عليه ا في العق د ،أم ا إذا لم يتم االتف اق على ش روط معين ة ،أو ك انت
الش روط المتف ق عليه ا ناقص ة ،أمكن الرج وع إلى قواع د الفن وأص ول الص نعة ،بحيث يك ون
العمل المنجز موافقا لهذه القواعد.
وإ ذا وق ع خالف بين المتعاق دين ،فيم ا إذا ك ان العم ل المنج ز ،موافق ا أو غ ير مواف ق،
لهذه الشروط أو القواعد ،جاز لرب العمل أن يمتنع عن تسلم األعمال ،دون أن يتمكن مقاول
البن اء من إجب اره على ذل ك ،وإ ذا م ا رف ع األم ر إلى القض اء ،ج از للقاض ي االس تعانة بأه ل
الخبرة.258
ويجب أن تك ون مخالف ة الش روط أو أص ول الص نعة ،ال تي يمتن ع بموجبه ا رب العم ل
عن التسلم جسيمة ،إلى حد أنه ال يجوز عدال إلزامه بالتسلم ،ألن العمل المنجز غير صالح
للغ رض المقص ود من ه ،كم ا يت بين من ظ روف التعاق د ،أم ا إذا ك ان العيب أو ع دم المطابق ة
فمسألة تقدير جسامة العيب ،وعدم مطابقته لما هم متفق عليه في العقد ،أو أصول الفن والصنعة ،مسألة واقع، 258
تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع ،دون رقابة المحكمة العليا عليه ،وله في ذلك االستعانة بتقارير الخبراء
المنتدبين لذلك.
125
بس يطا ،فان ه ال يس وغ ل رب العم ل االمتن اع عن التس لم ،وإ نم ا يج وز ل ه في ه ذه الحال ة ،أن
ينقص من أج رة المعم اري بم ا يتناس ب وأهمي ة ه ذه المخالف ة ،أو أن يطلب التع ويض عن
الض رر ال ذي لحقـه مـن ج راء المخالفـة ،وفي جمي ع األح وال ،يج وز للمق اول أو المهن دس
المعم اري إص الح العيب ،أو ع دم المطابق ة ،إذا ك ان ذل ك ممكن ا ،في ال وقت المناس ب ،طبق ا
للقواعد العامة ،259كما يجوز لرب العمل أن يلزمه بذلك إذا كان اإلصالح غير مكلف.
ال يفوت ني أن أش ير إلى أّن ش رط المطابق ة ه ذا ،يعت بر ش رطا موض وعيا لقي ام عملي ة
التس ليم ،وه و به ذا المع نى يختل ف عن ش هادة المطابق ة ،260ال تي تعت بر من بين أدوات الرقابة
البعدي ة للتعم ير في ي د اإلدارة ،وال تي نص عليه ا المش رع الجزائ ري ،ونظم أحكامه ا في
المرسوم التنفيذي رقم 91/176المؤرخ في 28ماي 1991المعدل والمتمم.261
تثبت هذه الشهادة انجاز األشغال ،طبقا للتصاميم المصادق عليها ،وفقا لبنود وأحكام رخصة البناء ،وتعتبر هذه 260
الش هادة أداة قانوني ة الس تالم المش روع وتأكي د لمحت وى رخص ة البن اء وتأكي د على اح ترام ص احب الرخص ة لقواع د
التعمير ولمخططات التهيئة والتعمير ،وترخيص للباقي باستغالل المشروع المنجز وفقا لرخصة البناء ،والتزم عليه
بالمطابقة ( انظر المادتين 56و 75من القانون رقم 90/29المتعلق بالتهيئة والتعمير المعدل والمتمم).
يقوم المستفيد من رخصة البناء خالل ثالثين يوما من انتهاء األشغال بتقديم تصريح في نسختين ،يشهد بمقتض اه على
انته اء أش غاله الموص فة في رخص ة البن اء ،وي ودع التص ريح بمق ر البلدي ة لمك ان البن اء مقاب ل وص ل (الم ادة 56من
المرسوم ،)91/176وبعدها يرسل رئيس البلدية نسخة من التصريح إلى مصلحة التعمير على مستوى الوالية.
وتشكل لجنة لدراسة مطابقة األشغال لرخصة البناء ،ويخطر رئيس البلدية المستفيدين من الرخصة عن تاريخ فحص
المطابقة قبل 8أيام من المراقبة ،ويتم ذلك بموجب إشعار (.المادة 58من نفس المرسوم)
تثبت هذه اللجنة عملها بموجب محضر تبدي فيها رأيها حول المطابقة ،فإما أن توافق على المطابقة ويسلم رئيس
البلدي ة الش هادة للمع ني بم وجب ق رار إداري ،وإ م ا ت رفض المطابق ة ،فيص در رئيس البلدي ة ق رارا بع دم تق ديم ش هادة
المطابقة ،وتوجيه المعني إلى مطابقة األشغال حسب ما هو موضح برخصة البناء.
ويكون أجل تسليم هذه الشهادة ،هو ثالثة أشهر من تاريخ تقديم الطلب ،فإن لم يتم الرد عليه ،وانقضت هذه المدة،
ج از للمع ني أن يق دم تظلم ا ،بواس طة رس الة موص ى عليه ا ،م ع وص ل اس تالم ،إلى الجه ة اإلداري ة المختص ة ،ال تي
يكون لها أجل شهر للرد على التظلم ،وإ ذا لم ترد رغم انتهاء المدة ،اعتبر ذلك قرارا ضمنيا لمنح شهادة المطابقة
(المادة 60من المرسوم التنفيذي رقم .)91/176
-منصوري نورة ،قواعد التهيئة والتعمير وفق التشريع ،المرجع السابق ،ص 70وما بعدها.
126
-02الشروط الشكلية للتسلم
تنص الم ادة 558من الق انون الم دني الجزائ ري على م ا يلي " :عن دما يتم المق اول
العم ل ويض عه تحت تص رف رب العم ل ،وجب على ه ذا األخ ير أن يب ادر إلى تس لمه في
أقرب وقت ممكن بحسب ما هو جار في المعامالت ،فإذا امتنع دون سبب مشروع عن التس لم
رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي اعتبر أن العمل قد سلم إليه ،ويتحمل كل ما يترتب على
ذلك من آثار".
بق راءة هذه المادة ،يتض ح لنا أّن المشرع الجزائري لم يش ترط شكال معينا ،يجب أن
يف رغ في ه التس لم ،وإ نم ا اعت بر التس لم ج زء من عق د المقاول ة الم برم بين رب العم ل ومق اول
البناء ،واشترط على هذا األخير وضع العمل بعد إتمامه ،مطابقا للمواصفات ،تحت تصرف
رب العم ل ،وال ذي يجب عليه بدوره ،أن يبادر إلى تسلمه في أق رب وقت ممكن ،بحسب ما
ه و ج ار في المع امالت ،أم ا إذا امتن ع رب العم ل عن تس لم األعم ال رغم إن ذاره رس ميا
بذلك ،262فإّن العمل يعتبر وكأنه قد سلم إليه.
وال يشترط في التسلم حتى يتّم صحيحا ،الحضور الفعلي لكل من مقاول البناء ورب
العمل ،أثناء عملية التسليم والتسلم ،بل يكفي حضور ممثل قانوني ينوب عنهم ا ،263وح تى في
يح دد ه ذا المرس وم كيفي ات تحض ير ش هادة التعم ير ورخص ة التجزئ ة وش هادة التقس يم ورخص ة البن اء وش هادة 261
المطابق ة ورخص ة اله دم وتس ليم ذل ك ،مع دل ومتمم بالمرس وم التنفي ذي رقم 06/03الم ؤرخ في07/01/2006
والمرسوم التنفيذي رقم 09/307المؤرخ في .22/09/2009
اإلن ذار الرس مي أو كم ا أطل ق علي ه المش رع الجزائ ري مص طلح " التبلي غ الرس مي " في الم ادة 406من ق.إ.م.إ 262
هو تبليغ يتم بموجب محضر ،يعّد ه المحضر القضائي ،يمكن أن يتعلق بعقد قضائي ،أو عقد غير قضائي ،أو حكم،
أو أمر ،أو قرار ،يثبت بموجب رسالة موصى عليها ،مع اإلشعار باالستالم.
263وه ذا على خالف م ا ذهب إلي ه التش ريع الفرنس ي ،وال ذي نّص في الم ادة 1792/6من ق.م.ف على وج وب أن
يتم التسلم حضوريا ،أي أن يتم في حضور كل األطراف الذين يهمهم األمر.
127
حالة امتناع رب العمل أو تأخره عن الحضور لتسلم العمل ،بعد إنذاره رسميا من قبل مقاول
البناء ،يع ّد وكأنه قد تسلم العمل ،ولو لم يحضر هو ،أو ممثله شخصيا ،طبقا ألحكام المادة
558من القانون المدني المذكورة أعاله.
يقتض ي بي ان النظ ام الق انوني للتس لم التع رض إلى أطراف ه ،بتحدي د ش خص ال دائن
وشخص المدين ،وشكله ،وكيفية حدوثه ،فمسألة إثباته.
انتهينا فيما سبق إلى أّن التسلم يعتبر التزاما يقع على عاتق صاحب المشروع ،يقابله
التزام مقاول البناء بتسليم العمل ،بعد إنجازه ،مطابقا للشروط والمواصفات المنصوص عليها
في عق د المقاول ة ال ذي يربطهم ا ،وبالنتيج ة ،يعت بر ك ّل من مق اول البن اء وص احب المش روع
طرف ا في عملي ة التس لم ،مق اول البن اء باعتب اره دائن ا بالتس لم ،264وص احب المش روع باعتب اره
مدينا بتسلم العمل من المقاول ،فضال عن وجود أشخاص آخرين تقتضي عملية البناء تدخلهم
في التسلم.
يجب على مق اول البن اء ،بع د إتم ام إنج از األعم ال المعه ودة إلي ه ،أن يس لمها ل رب
العم ل ،من أج ل فحص ها ،ومراجعته ا ،والتأك د من م دى مطابقته ا للش روط المتف ق عليه ا في
عقد المقاولة ،ولقواعد الفن وأصول الصنعة ،فهو بهذا المعنى يعتبر دائنا في عملية التسلم،
ألن من مصلحة مقاول البناء ،تسليم العمل المراد إنجازه لرب العمل حتى تبرأ ذمته ،من كل
-لتفاصيل أكثر حول موقف المشرع الفرنسي من شرط حضور عملية التسليم والتسلم ،يراجع :عبد الرازق حسين
يس ،المس ؤولية الخاص ة بالمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،المرج ع الس ابق ،ص 189وم ا يليه ا ،ويراج ع أيض ا:
محم د ن اجي ي اقوت ،مس ؤولية المعم اريين بع د إتم ام األعم ال وتس لمها مقبول ة من رب العم ل ،المرج ع الس ابق ،ص
.153
فوفاء صاحب المشروع بالتزامه بالتسلم ،هو وفاء لمقاول البناء بواجب التسليم ،باعتباره دائنا بهذا االلتزام. 264
128
االلتزامات التي يرتبها عليه عقد المقاولة ،كحراسة البناء والتجهيزات الموجودة به ،وتحمل
تبعة الهالك ،وتحمل المسؤولية المدنية والجنائية عن األضرار الالحقة بالغير ،والتي قد تنجم
عن تهدم البناء ،فبالتسلم ينتقل تحمل تبعة العمل من مقاول البناء إلى صاحب المشروع الذي
يصبح هو حارسا له.265
وق د يتع ّد د ال دائنون بالتس لم و ذل ك بتع دد المق اوالت ،فمق اول البن اء ق د يك ون شخص ا
واحدا كما قد يكون عّد ة أشخاص ،ومن تّم إذا أبرم رب العمل عقد المقاولة مع مقاول واحد،
وجب على ه ذا األخ ير تنفي ذ ك ل العم ل مح ل العق د ،أي إنج از البن اءات أو المنش آت الثابت ة
األخرى ،فتكون عملية التسلم عندئذ واحدة ،أما إذا أبرم رب العمل عدة عقود مقاولة مع عدة
مقاولين ،كل في نطاق تخصصه ،كأن تكون هناك مقاولة لوضع األساسات ،وأخرى لتشييد
البناء ،وأخرى للدهان ،وأخرى لتركيب الغاز والماء والكهرباء وغيرها ،كان كل واحد منهم
دائنا بالتسلم ،ملزما بتسليم الجزء المنوط به في عملية التنفيذ ،ومسؤوال في حدود اختصاصه،
فنك ون بص دد ع دة عملي ات تس لم تبع ا لع دد المق اوالت ،ك ّل في ح دود م ا س اهم ب ه في عملي ة
التنفيذ.
يل تزم ص احب المش روع بتس لم األعم ال من ط رف مق اول البن اء ،م تى تّم إنجازه ا
وتبليغ ه بتس لمها ،س واء بنفس ه ،أو بواس طة أش خاص خ براء بفن البن اء ،يس تعين بهم لفحص
األشغال ومعاينتها ،والتأكد من مدى مطابقتها للشروط المتفق عليها في العقد ،ولما تقضي به
قواعد الفن وأصول الصنعة ،ومنه يعتبر رب العمل الملتزم الوحيد بالتسلم ،و له وحده أو من
يمّثله صالحية إبراء ذمة مقاول البناء من التزامه بالتسليم ،فالتسلم بدون تحفظ ،يعتبر بمثابة
مخالصة ،تعطى من صاحب المشروع أو ممثله لمقاول البناء ،تفيد قيامه بتنفيذ كل التزاماته
التعاقدية تجاه صاحب المشروع على أكمل وجه.266
عبد الرازق حسين يس ،المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص.203 266
129
كم ا وأن رب العم ل أو ممثل ه الق انوني ،267هم ا وح دهما المخ والن بتوقي ع محض ر
التس ليم والتس لم ،وتنص رف آثار ه ذا التمثي ل إلى رب العم ل مباش رة طبق ا للقواع د العام ة في
الوكالة.268
وترتيبا على ما سبق ،فإن توقيع أّي شخص آخر ،غير رب العمل أو ممثله القانوني،
على محض ر التس ليم والتس لم ،ال يغ ني عن توقي ع ه ذا األخ ير ،وال يمكن االحتج اج به ذا
المحضر عليه ،ولكن بالمقابل ،ال يؤثر عدم وجود توقيع المهندس المعماري أو مقاول البناء،
أو غيرهم ا ،على محض ر التس ليم والتس لم ،إلى ج انب توقي ع رب العم ل أو ممثل ه الق انوني،
على عملية التسلم ،وال على صحة هذا المحضر الذي ينتج كافة آثاره.
ه ذا وإ ذا لم يقم رب العم ل بتس لم األعم ال ،أو ت أخر في ذل ك ،أو لم يقم ب التوقيع على
محضر التسلم والتسليم ،رغم إنذاره رسميا ،من طرف مقاول البناء في المدة المتفق عليها،
اعتبر متسلما للعمل حكما ،269وبرأت ذمة مقاول البناء كما سبق بيانه ،270وجاز له الرجوع
على رب العمل بالتعويض عن الضرر الذي لحقه ،وذلك طبقا للقواعد العامة.
قد يتدخل أشخاص آخرون ،غير صاحب المشروع ومقاول البناء في عملية التسليم
والتسلم ،ومن أهم هؤالء األشخاص نذكر ما يلي:
كالمهندس المعماري ،أو المشرف على العمل ،أو غيرهما مّم ن تتوافر فيهم صفة تمثيله قانونا. 267
تنص المادة 74من ق.م على ما يلي ":إذا أبرم النائب في حدود نيابته عقدا باسم األصيل فان ما ينشأ عن هذا 268
ويترتب على هذا التسلم الحكمي ،جميع اآلثار التي تترتب على التسلم الحقيقي ،ألن رب العمل تعسف في القيام 269
بالتزامه بالتسلم.
130
يجب على المهندس المعماري مساعدة رب العمل في عملية التسلم ،ونصحه وإ رشاده
باعتباره رجال فنيا مختصا ،و هو ما تفرضه عليه واجبات مهنته ،وإ ال كان مسؤوال نتيجة
إخالله بالتزاماته التعاقدية طبقا للقواعد العامة ،أما إذا اقتصر دور المهندس المعماري على
مج رد وض ع التص ميم ،دون أن يكلف ه رب العم ل بمس اعدته في عملي ة التس لم ،وانت دب رجال
آخر مكانه لهذا األمر ،فإنه ال يكون حينئذ مسؤوال عن األضرار التي قد تلحق رب العمل
جراء عملية التسلم.
وإ ذا وج د بعض العي وب البس يطة في األعم ال ال تمن ع التس لم ،وجب علي ه إخب ار رب
العمل بها ،ليبدي بشأنها تحفظات بمحضر التسلم والتسليم.
أما إذا رأى أّن باألعمال المنجزة عيوبا جسيمة تهدد سالمة البناء ومتانته ،أو تجعله
غ ير ص الح للغ رض ال ذي أنش ئ من أجل ه ،تعّين علي ه إخب ار رب العم ل به ا ،وتنبيه ه بع دم
التسلم ،إال بعد إزالة كافة هذه العيوب إذا أمكن ذلك.
بناء على ما سبق ذكره ،يكمن دور المهندس المعماري في عملية التسلم ،إما باإلش ارة
على رب العم ل بقب ول األعم ال وتسلمها دون تحفظ ات ،أو م ع ذك ر بعض التحفظ ات ،أو أن
يشير عليه بعدم التسلم مطلقا ،ورفض قبول األعمال ،على حسب مقتضيات كل حالة ،وفي
ك ل ه ذا تنفيذ اللتزام ه العق دي ال ذي يقتض يه عق د المقاولة ،271فإذا أهم ل المهن دس المعماري
القيام بذلك ،ع ّد مخال بهذا االلتزام العقدي ،و من تّم ترتبت مسؤوليته العقدية طبقا للقواعد
العامة ، 272والحال ذاته إذا ما ارتكب غشا أو خطأ جسيما تجاه رب العمل أثناء عملية التسلم.
وهو التزام ببذل عناية الرجل المعتاد ،ما لم ينص القانون ،أو يقضي األشخاص بخالف ذلك. 271
131
إذا كان رب العمل هو الشخص الوحيد الذي له صالحية تسلم العمل ،فإّن األشخاص
المس اهمين في ه ذه العملي ة متع ّد دون ،فباإلض افة إلى المهن دس المعم اري ،يوج د أش خاص
آخ رون ال يرتبط ون ب رب العم ل بعق د مقاول ة ،وم ع ذل ك تك ون لهم مص لحة مش روعة في
التدخل في عملية التسلم.
فبالرجوع إلى المرسوم رقم 86/205المتضمن هيئة المراقبة التقنية للبناء ،والقانون
11/04ال ذي يح دد القواع د ال تي تنظم نش اط الترقي ة العقاري ة ،والق رار ال وزاري المش ترك
الم ؤرخ في 15م اي 1988ال ذي تض من كيفي ات ممارس ة تنفي ذ األش غال في مي دان البن اء
وأجر ذلك ،والقانون 95/07المتعلق بالتأمينات ،يكون للمراقبين التقنيين والمرقين العقاريين
275
والمؤمنين ،والمكاتب االستشارية ،273والمهندسين االستشاريين،274الحق في التدخل مباشرة
في عملية التشييد والبناء ،وبالتالي حق التدخل في عملية التسليم 276
أو بطريقة غير مباشرة
والتسلم ،بل والحق في طلب التسلم إذا تقاعس مقاول البناء أو رب العمل في ذلك.
تضم هذه المكاتب تقنيين مختصين في ميادين مختلفة من البناء ،يكمن دورها في إعداد مشاريع البناء الخاضعة 273
لرخصة البناء ،سواء كانت مكاتب عمومية أو خاصة معتمدة ،على أن تكون لها قانونا صالحيات في ميدان الهندسة
المعمارية ،وتوظف مهندسين معماريين ،والمالحظ أن لهذه المكاتب نفس المهام التي قررها المهندس المعماري في
مجال االستشارة الفنية ،وتخضع لنفس األحكام الخاصة بااللتزامات والمسؤولية.
274هم أه ل خبرة بفن البن اء ،يتمث ل دورهم في إبداء ال رأي وإ عداد الدراسة في مس ائل فنية متخصصة قد ت رد على
االس منت المس لح أو أنظم ة التدفئ ة والتبري د أو أنظم ة الع زل الص وتي والح راري ،أو غ ير ذل ك من الدراس ات الفني ة
المتخصصة بإبرام عقد االستشارة الفنية.
والمهندس االستشاري يضع كل معارفه وخبراته الفنية في خدمة عميله ،بغية إعداد دراسة فنية متخصصة ومفيدة
بخصوص ما قد يعترض العميل من مشاكل في أّي فرع من الفروع الهندسية=.
= هاش م علي الش هوان ،المس ؤولية المدنتي ة للمهن دس االستش اري في عق ود اإلنش اءات ،دار الثقاف ة للنش ر والتوزي ع،
األردن ،2012 ،ص .25،26
التدخل المباشر في عملية البناء والتشييد ،يكون من قبل المقاولين من الباطن ،والصناع ،والمهندسين االستشاريين 275
والمكاتب االستشارية.
الت دخل غ ير المباش ر في عملي ة البن اء والتش ييد ،يك ون من ط رف القياس يين ،والم راجعين ،والمراق بين الفن يين، 276
والمؤمنين.
132
يقع التسلم عادة في الزمان والمكان اللذين يقع فيهما التسليم ،فيكون في الموعد المتفق
عليه في عقد المقاولة ،أو في الميعاد المعقول النجاز العمل ،وفقا لطبيعته ،ولعرف المهنة،
وفي جميع األحوال ،يجب على رب العمل أن يقوم بتسلم األعمال المنجزة ،بمجرد أن يتّم ها
مقاول البناء ،ويضعها تحت تصرفه.277
ويكون التسلم في مكان التسليم ،أي في المكان المتفق عليه في عقد المقاولة ،فإن لم
يتفق المتعاقدون على مكان التسلم ،وقع في المكان الذي يحدده عرف الصنعة ،وعليه وعلى
اعتبار أّن عقد المقاولة يقع على عقار ،فإّن التسلم يتم في مكان تواجد هذا العقار.
تسلم العمل الذي يعتبر نقطة بدء سريان مدة الضمان العشري ،إما أن يكون صريحا
أو ضمنيا ،يتم بشكل نهائي أو مؤقت أو على دفعات ،وهذا ما سنتعرض إليه.
متى انتهى المقاول المشّيد ،من إنجاز العمل المسند إليه بموجب عقد المقاولة ،المبرم
بينه وبين رب العمل ،وأخطر هذا األخير بالتسلم ،وجب على رب العمل تسلم األعمال.
واألصل في التسلم أن يتّم صريحا ،وذلك بأن يعلن رب العمل قبوله لألعمال المنجزة
ص راحة ،أي أن ي أتي القب ول داال دالل ة واض حة ،ال غم وض فيه ا على إرادت ه في التعب ير
الصريح عن االستالم الفعلي.
وتطبيقا لذلك ،يستخلص التسلم الصريح لألعمال ،من توقيع رب العمل على محضر
التس ليم والتس لم ،وال ذي ال يخض ع ألّي قاع دة ش كلية خاص ة ،278وذل ك في حال ة م ا إذا ك ان
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 277
278يتم التسلم الصريح بالشكل الذي يراه األطراف محققا لمصالحهم ،سواء تّم ذلك شفاهة ،أو كتابة ،والكتابة هنا ما
هي إال وسيلة لإلثبات ،إذا ما اقتضى األمر ذلك.
133
التس لم رض ائيا ،أم ا عن د رفض رب العم ل التس لم ،أو الت أخر في ه ،رغم إن ذاره من ط رف
مقاول البناء بالتسلم ،دون سبب مشروع ،فإّن اإلنذار الرسمي الموجه إليه يقوم مقام التسلم
الصريح.
-02التسلم الضمني
يك ون التس لم الض مني م تى وض ع ص احب المش روع ي ده على المب اني أو المنش آت
الثابتة المنجزة ،واستعملها للغاية التي تعاقد من أجلها ،دون أن يبدي أّي تحفظ بشأنها.
وه و يس تخلص من وق ائع يف ترض معه ا بالض رورة موافق ة ص احب المش روع على
التس لم ،كاالس تيالء على العم ل ،واالنتف اع ب ه دون ع ائق م دة طويل ة ،أو ت أجيره للغ ير ،أو
التصرف فيه ،أو تسوية الحساب مع مقاول البناء ،بعد معاينة العمل وفحصه دون إبداء أّي
تحفظ.279
-03التسلم المؤقت
يعتبر التسلم مؤقتا في الحاالت التي يقبل فيها رب العمل تسلم العمل ،لكن مع إبداء
بعض التحفظات عليه في محضر التسليم والتسلم ،إلى حين رفع أسباب كل هذه التحفظات،
عن طري ق إص الح ك ل العي وب ،وإ كم ال ك ل النق ائص ،وإ زال ة ك ل الش وائب ال تي أدت إلى
تقرير هذه التحفظات ،خالل المدة المتفق عليها ،أو في المدة المعقولة ،طبقا للعرف الجاري
في المهنة.280
وهذا التسلم المؤقت ،ال يبرئ ذمة مقاول البناء من التزاماته التعاقدية ،تجاه صاحب
المشروع ،طبقا للقواعد العامة.
-خديجي أحمد ،نطاق المسؤولية العشرية ،دراسة مقارنة ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون األعمال ،كلية
الحقوق والعلوم االقتصادية ،جامعة قاصدي مرباح ،ورقلة ،2007-2006 ،ص.115
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 279
جرت العادة بخصوص عقود مقاوالت المباني أن تكون مدة التسلم المؤقت لألعمال سنة واحدة .يراجع :خديجي 280
يعتبر التسلم نهائيا بمجرد أن ينتهي مقاول البناء من إصالح ك ّل العيوب ،والنقائص
ال تي اكتش فها رب العم ل ،عن د التس لم الم ؤقت لألعم ال ،ودّو نه ا في ش كل تحفظ ات بمحض ر
التسليم والتسلم المؤقت ،ويجعل المباني مطابقة لمقتضيات العقد.281
وبعد قيام مقاول البناء بإصالح العيوب المتحفظ عليها ،تبرأ ذمته تجاه رب العمل،
بالنسبة للعيوب الظاهرة فقط أثناء عملية التسلم ،غير أنها ال تبرأ من العيوب الخفية ،التي قد
تظهر بعد انتهاء هذه المدة.282
أم ا إذا انتهت الم دة المتف ق عليه ا للقي ام باإلص الحات الالزم ة ،دون أن تتم ه ذه
اإلص الحات ،ف إّن التس لم النه ائي ال يتم ب دوره ،ويج وز ل رب العم ل أن يق وم بتنفي ذ أعم ال
اإلصالح على نفقة المقاول المتعاقد معه ،وعلى مسؤوليته ،وذلك بمعرفة مقاول بناء آخر،
ب ترخيص من القض اء ،غ ير أن ه ق د يس تغني عن ه ذا ال ترخيص في حال ة االس تعجال الش ديد،
وفي هذا إعمال للقواعد العامة بوجه عام.283
األصل أن يتم تسلم األعمال بصفة كلية أي أن يتّم دفعة واح دة ،لكن قد يحصل وأن
يتم التسلم جزئيا ،على ع ّد ة مراحل متتالية ،إذا ما كان العمل المعماري قابال للتجزئة ،وهذا
ما سنتناوله تباعا.
يكون التسلم كليا ،سواء أكان مؤقتا أو نهائيا ،وبتاريخ واحد ،ومحضر تسليم وتسلم
واحد ،إذا انصب على كل العمل بعد تمام إنجازه ،وهذا متى كان العمل كال متكامال ال يقبل
التجزئة ،بحيث تكون طبيعة العمل ،تأبى أن يتم تسلمه على دفعات.
غير أن المشرع الفرنسي حذف التفرقة بين التسلم المؤقت والتسلم النهائي ،واستبدلها بمفهوم جديد ،وهو التسلم 281
135
وقد يكون التسلم كليا وواحدا حتى لو كانت األعمال قابلة للتجزئة ،متى اشترط في
العقد أن يتم التسلم مرة واحدة ،وعليه حتى لو تّم إنجاز بعض الوحدات ،فال يتّم تسلمها ،إال
إذا أنجزت كل األعمال ،وال يجوز بالتالي ألحد المقاولين إلزام رب العمل بدفع باقي األجرة،
حتى يتّم إنجاز كّل األشغال موضوع عقد المقاولة.
ينص ب التس لم الج زئي ،على األعم ال المعماري ة القابل ة للتجزئ ة إلى ع ّد ة وح دات
متميزة ،أو مجموعة من المراحل ،إذ يمكن تسلمها وحدة وحدة ،أو مرحلة تلو األخرى حس ب
م ا يتم انج ازه منه ا ،وحس ب رغب ة ص احب المش روع ،وفي ه ذه الحال ة تب دأ مهل ة الض مان
العش ري في الس ريان من وقت تس لم ك ل ج زء على ح دى ،284تبع ا لت اريخ تس لمها ،فتتع دد
تواريخ التسلم ومحاضره ،بحسب عدد المرات التي يتم فيها.
وق د تك ون األعم ال غ ير قابل ة للتجزئ ة بحكم طبيعته ا ،وم ع ذل ك يمكن تس لمها تس لما
جزئيا ،كأن يتعاقد رب العمل مع مجموعة من المقاولين ،مختلفي التخصصات ،بعقود مقاولة
منفصلة ،فال يلزم أن يتم التسلم بالنسبة لهم جميعا في تاريخ واحد ،وإ نما يجوز لرب العمل
أن يتسلم جزء من العمل ،من كل واحد منهم على حدى ،بحسب ما أتّم ه من أعمال.285
األص ل أن يق ع عبء إثب ات التس لم وتاريخ ه على م دعي الض مان الخ اص ،أي على
ع اتق رب العم ل ،ال ذي يجب عليه أن يثبت أّن سببه ق د تّم خالل م دة الضمان العشري ،أما
إذا ك ان التس لم ض منيا ،ف إّن عبء إثبات ه يق ع على ع اتق المعم اري ،ال ذي يثبت األفع ال ال تي
تشكل بمضمونها استالما ضمنيا ،تحت السلطة التقديرية لقاضي الموضوع.286
الحس يني عب د اللطي ف ،المس ؤولية المدني ة عن األخط اء المهني ة (الط بيب ،المهن دس المعم اري ،والمق اول 284
فيقّد ر القاضي قيمة هذه الوسائل ومداها ،وهل هي تشكل قرائن على االستالم الضمني لألعمال أم ال؟ 286
136
والمالح ظ أن مس ألة إثب ات التس لم تختل ف ب اختالف التك ييف الق انوني للتس لم ،فمن
اعت بره مج رد واقع ة مادي ة ،أج از إثبات ه بكاف ة ط رق اإلثب ات بم ا فيه ا البّين ة والق رائن ،ومن
اعتبره تصرفا قانونيا أوجب إثباته بالكتابة.287
من أهم النتائج التي تترتب على تسلم صاحب المشروع العمل وتقبله ،ما يلي:
ُ-يستحق دفع األجرة أو الباقي منها عند تقبل العمل وتسلمه ،إال إذا اقتضى العرف
أو االتفاق خالف ذلك ،بحيث يتعين على صاحب المشروع ،متى تسلم البناية وقبلها ،أن يدفع
األجر المتفق عليه في العقد إلى مقاول البناء ،مقابل العمل الذي أداه.289
-ال يض من مق اول البن اء ،من وقت تس لم ص احب المش روع للعم ل وتقبل ه ،العي وب
الظاهرة ،والتي كان بإمكانه كشفها بالفحص العادي ،لو أنه بذل في فحصها ومراجعتها ،ما
يبذله الشخص المعتاد من نفس طائفته.
فم تى تس لم ص احب المش روع العم ل بعي وب ظ اهرة ،من الس هل اكتش افها ب الفحص
العادي ،ولم يبد بشأنها تحفظات ،اعتبر ذلك قبوال للحالة التي كان عليها ،غير أنه إذا استعان
صاحب المشروع بمهن دس معم اري ليس اعده وقت عملية التسلم وينصحه ،فعلى ه ذا األخ ير
وهو االتجاه الذي تبناه المشرع الجزائري ،وما دام أن القانون المدني لم ينص على شكل معين تتم فيه الكتابة، 287
فإن األطراف أحرار في اتخاذ الكتابة التي يرونها مناسبة ،سواء كانت رسمية أو عرفية.
-لتفاص يل أك ثر ،يراج ع :عك و فاطم ة الزه رة ،التزام ات رب العم ل في عق د مقاول ة البن اء ،بحث لني ل ش هادة
الماجستير في العقود والمسؤولية ،كلية الحقوق -بن عكنون ،جامعة الجزائر ،2005-2004 ،ص.142
وجود محضر التسلم والتسليم دليل قاطع على حصول عملية التسلم .يراجع بهذا الصدد :خديجي أحمد ،نطاق 288
تنص المادة 559من ق.م على ما يلي " :تدفع األجرة عند تسلم العمل إال إذا اقتضى الع رف أو االتفاق خالف 289
ذلك".
137
إذا م ا رأى عيوب ا بالبن اء تعيب ه ،أن ينب ه رب العم ل به ا ،وينص حه ،إم ا ب رفض التس لم ،إذا
كانت هذه العيوب جسيمة ،أو تسلم العمل مع إبداء بعض التحفظات ،إذا كانت العيوب مما
يمكن إصالحها ،وإ ذا ما أخل المهندس المعماري بالتزامه باإلرشاد ،قامت مسؤوليته العقدية
قبل صاحب المشروع ،ومن تم كان مسؤوال عن األضرار التي تنجم عن تقصيره ،حتى لو
كان من السهل على صاحب المشروع كشف هذه العيوب ،دون مساعدة المهندس المعماري.
-ينتقل تحمل تبعة العمل من المقاول إلى صاحب المشروع من وقت التقبل والتسلم،
وفي ح ال رفض رب العم ل التس لم دون س بب مش روع ،ينتق ل تحم ل التبع ة إلي ه من وقت
اعذاره بتسلم األعمال.
فإذا هلك العمل بعد تسلم صاحب المشروع للعمل ،تحمل تبعة هالكه باعتباره مالكا
ل ه ،أم ا إذا هل ك العم ل ،ول و لم يتس لمه ،بع د االع ذار بالتس لم ،ف إّن ص احب المش روع يتحم ل
تبع ة هالك ه ول و لم يتس لمه ،ويجب علي ه أن ي دفع األج ر لمق اول البن اء كم ا ل و ك ان ق د تس لم
العمل.290
-أّن حراس ة العم ل مح ل عق د المقاول ة تنتق ل إلى ص احب المش روع بع د تم ام عملي ة
التس لم ،ففي ه ذه الحال ة تنتق ل إلي ه الس يطرة الفعلي ة على البن اء ،وم ا يس تدعيه من ص يانة
وإ صالح ،ومن تم يكون مسؤوال عن كل ما يحدثه هذا العمل من ضرر للغير.
-تبدأ مدة سريان الضمان العشري من وقت تسلم صاحب المشروع األعمال نهائيا،
وهي الم دة ال تي يض من فيه ا ،ك ل من المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بالتض امن ،العي وب
الخفية التي تهدد متانة المباني وسالمتها.291
-تنتقل ملكية الشيء المصنوع ،إذا كان المقاول هو الذي وّر د المادة التي استخدمها
في العمل ،إلى صاحب المشروع ،من وقت التقبل والتسلم.
تنص المادة 568/3من ق.م على ما يلي " :فإذا كان رب العمل هو الذي أعذر بأن يتسلم الشيء أو كان هالك 290
الش يء أو تلفه راجع ا إلى خطأ من ه أو إلى عيب في الم ادة التي ق ام بتوريدها ك ان هالك الم ادة عليه وك ان للمقاول
الحق في األجر وفي إصالح الضرر عند االقتضاء".
تنص الم ادة 554/2من نفس الق انون الم ذكور على م ا يلي " :وتب دأ م دة الس نوات العش ر من وقت تس لم العم ل 291
نهائيا".
138
المبحث الثاني:
مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء مسؤولية خاصة ،ال تخضع للقواعد العامة
في المسؤولية المدنية ،فهي مقصورة على نطاق محّد د وعلى دائرة معينة ،لذلك نجد أحكامها
تطبق على أشخاص معينين ،وعلى نوع محدد من العيوب تصيب المباني والمنشآت الثابتة،
أو تهّد د متانتها وسالمتها ،خالل مدة معينة ومحددة بعد تسليمها لرب العمل.
ولّم ا كان األصل في هذه القواعد االستثنائية -لخروجها عن القواعد العامة -فإنه ال
يج وز القي اس عليه ا ،وال التوس ع في تفس يرها ،ب ل يجب تفس يرها تفس يرا ض ّيقا في ح دود
الحكم ة من تقريره ا ،وتحدي د نط اق س ريانها تحدي دا دقيق ا ،س واء من حيث األش خاص ال ذين
تشملهم أحكامها ،أو من حيث الموضوع الذي تنظمه قواعدها ،وهذا ما سنتناوله.
من المس لم ب ه فقه ا أّن للمس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،نطاق ا
محّد دا ،مقصورا على دائرة معّينة من األشخاص دون غيرهم ،وهذه الدائرة تتح ّد د من حيث
األط راف المس ؤولون ،كم ا تتح ّد د من حيث األط راف المس تفيدون من أحك ام ه ذه المس ؤولية
الخاص ة ،وعلى ذل ك ن درس النط اق الشخص ي للمس ؤولية الخاص ة في ف رعين ،نتع رض في
الفرع األول إلى األشخاص المسؤولين ،ونتناول في الفرع الثاني األشخاص المستفيدين.
139
292
الفرع األول :األشخاص المسؤولون
ح ّد د المش رع الجزائ ري في الم ادة 544من الق انون الم دني ،األش خاص المس ؤولين
بالضمان العشري ،عن تهدم البناء أو تعّيبه على سبيل الحصر ،وهم المهندسون المعماريون
والمق اولون ،غ ير أن ه أض اف إلى ه ؤالء األش خاص ،طائف ة أخ رى بم وجب ق وانين خاص ة،
292ننوه هنا أّن القانون المدني الجزائري ،احتفظ بالنطاق الشخصي التقليدي للمسؤولية الخاصة للمهندس المعماري
ومق اول البن اء (في الم ادة 554من ق.م.ج) ،كم ا أخ ذها من الق انون الم دني الفرنس ي ،من مادتي ه 1792و ،2270
في صياغتهما األصلية سنة ،1804حيث قصر تطبيق قواعدها عليهما دون غيرهما.
L’article 1792 ( C.civ 1804 ) : « Si l’édifice construit à prix fait, périt en tout ou en partie par le vice de la
construction, même par le vice du sol, les architectes et entrepreneurs en sont responsable pendant dix ans ».
L’article 2270 ( C.civ 1804 ) : « Après dix ans, l’architecte et les entrepreneurs sont déchargés de la garantie
des gros ouvrage qu’ils ont faits ou dirigés ».
غ ير أّن المالح ظ أن الق انون الم دني الفرنس ي -ال ذي أخ ذ مش رعنا أحك ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري
ومقاول البناء عليه ،وبقي عليها منذ أن أخذها دون تعديل أو تغيير -عرف تطورات مهمة ،واتجه نحو التوسيع من
نطاق الضمان العشري ،وذلك في مرحلتين متقاربتين ،فقرر تطبيق قواعد هذه المسؤولية ،على كل من يرتبط مع
رب العم ل بعق د مقاول ة ( ،في الم ادتين 1792و 2270من الق انون رقم 3لس نة 1976الم ؤرخ في
.)03/01/1967
L’article 1792 ( loi 67/3) : « Si l’édifice périt en tout ou en partie par le vice de la construction, même par le
vice du sol, les architectes, entrepreneur et autres personnes liées au maitre de l’ouvrage par un contrat de
louage d’ouvrage en sont responsables pendant dix ans ».
L’article 2270 ( loi 67/3) : « Les architectes entrepreneurs, et autres personnes liées au maitre de l’ouvrage
par un contrat de louage d’ouvrage sont déchargés de la garantie des ouvrages qu’ils ont fait ou dirigés après
dix ans… ».
بل ولقد ذهب إلى أبعد من ذلك ،إذ قرر تطبيق قواعدها على أشخاص ال تربطهم أية عالقة تعاقدية مع رب العمل،
واعت برهم في حكم المش يدين التقلي دين ،ومن ذل ك ب ائع العق ار تحت التش ييد ،ومتعه د البن اء ،وب ائع العق ار ،ومش يد
المنازل الخاصة ( في المادة 1792و 1792/1في صياغتهما الحديثة من القانون رقم 12لسنة 1978المؤرخ في
.(04/01/1978
L’article 1792 ( loi 78/12): “ Tout constructeur d’un ouvrage est responsable de plein droit envers le maitre
ou l’acquéreur de l’ouvrage, des dommages même résultant d’un vice du sol, qui compromettent la solidité
de l’ouvrage…”.
140
وهي طائفة المراقبين التقنيين والمرقين العقاريين ،نظرا للدور الذي يؤدونه في تنفيذ أعمال
البناء.293
وفقا ألحكام المسؤولية الخاصة ،يقع على رأس األشخاص المسؤولين عن تهدم البناء
وتعّيبه ،المهندس المعماري ومقاول البناء ،اللذان يباشران عملية البناء ،ويكونان في الغالب،
م رتبطين م ع ص احب المش روع بعق د مقاول ة مباش رة ،غ ير أّن هن اك أشخاص ا آخ رين ال
يرتبطون مباشرة مع صاحب المشروع بعقد مقاولة ،ومع ذلك يكونون مسؤولين وفقا ألحكام
هذه المسؤولية الخاصة ،وهذا ما سنتناوله بالتفصيل.
نّص المش رع الجزائ ري في الم ادة 554الفق رة األولى من الق انون الم دني على م ا
" يضمن المهندس المعماري والمق اول متضامنين ،ما يح دث خالل عشر سنوات، يلي:
من تهدم كلي أو جزئي فيما شّيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى ولو كان التهدم
ناشئا من عيب في األرض .ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في
المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسالمته ".
بقراءة نّص هذه المادة ،يتضح لنا أّن المشرع الجزائري قصر نطاق الضمان العشري
على المهندس ين المعم اريين ومق اولي البن اء فق ط ،دون غ يرهم من األش خاص اآلخ رين -
باعتبارهم المشتغلين التقليديين في عملية البناء -الذين يشاركون في عملية البناء والتشييد،
فهذه المسؤولية تكاد تكون خاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء دون غيرهما من سائر
المهنيين ،نتيجة األضرار التي تهدد األفراد بسبب أخطائهما المهنية.
إال أنه نظرا لتطور عمليات البناء في العصر الحديث ،وتزايد عدد المشاركين فيها،
بناء على التطورات التي حصلت في مجال البناء ،خاصة بعد النهضة الصناعية التي عرفها
العالم ،والتي أدت إلى تدخل أشخاص آخرين ،بصفة مباشرة أو غير مباشرة في عملية البناء،
توسعت دائرة األشخاص المسؤولين بموجب أحكام الضمان العشري.
L’article 1792/1 ( loi 78/12): “ Est réputé constructeur de l’ouvrage 1- Tout architecte, entrepreneur, tech-
nicien ou autre personne liée au maitre de l’ouvrage par un contrat de louage d’ouvrage…”.
141
وبناء عليه ،عرف النطاق الشخصي ألحكام الضمان العشري في التشريع الجزائري
توّس عا ملحوظ ا ،فلم يع د قاص را على األش خاص التقلي ديين الم ذكورين في أحك ام الق انون
الم دني ،أي على المهندس ين المعم اريين ومق اولي البن اء ،وإ نم ا بس ط المش رع ،نط اق تط بيق
أحك ام الض مان العش ري ،على بعض المهن يين الع املين في مج ال البن اء بم وجب التش ريعات
المتعاقبة ،294سواء وجد عقد مقاولة أو لم يوجد.
لإلجاب ة على ه ذه التس اؤالت وغيره ا ،ارتأين ا أن نتن اول بالدراس ة ،نط اق المس ؤولية
من حيث األشخاص المسؤولون في جزأين ،نخصص أولهما لألشخاص المرتبطين بصاحب
المشروع بعقد مقاولة ،وثانيهما لألشخاص المسؤولين بغض النظر عن ارتباطهم بعقد مقاولة
مع رب العمل من عدمه.
ب الرجوع إلى نص الم ادة 544من الق انون الم دني الم ذكورة أعاله ،295نج دها ال
تش ترط في الش خص ح تى يك ون مس ؤوال ،بمقتض ى أحك ام الض مان العش ري ،أن يرتب ط م ع
رب العمل بعقد مقاولة ،غير أّن الفقه والقضاء يشترطان ذلك ،ولع ّل السبب في ذلك يرجع
إلى موض ع ه ذا النص التش ريعي من التق نين الم دني الجزائ ري ،وال ذي ج اء في الفص ل
المخص ص لتنظيم عق د المقاول ة ،إذ يفهم من ه ض منا ،أّن ط رفي الض مان ال ب ّد وأن يكون ا
مرتبطين معا بعقد مقاولة 296حتى تطبق عليهما أحكام الضمان.
يقابل نص هذه المادة المادتان 1792و 2270من القانون المدني الفرنسي ،والمادة 651وما بعدها من القانون 295
المدني المصري ،والمادة 788من القانون المدني األردني ،والمادة 744من القانون المدني الفلسطيني.
أي بعق د يتعه د بمقتض اه أح د المتعاق دين ،أن يص نع ش يئا ،أو أن ي ؤدي عمال مادي ا ،لق اء أج ر يتعه د ب ه المتعاق د 296
اآلخ ر ،م ع اس تقالل المق اول عن رب العم ل في طريق ة تأدي ة ه ذا العم ل ،وفي أس لوب ص نع ه ذا الش يء ،وع دم
خضوعه إلدارته وإ شرافه ،ويقع عبء إثبات وجود هذا العقد على عاتق المدعي ،الذي يجب عليه تقديم دليل كتابي،
إذا لم يكن ه ذا األخ ير ت اجرا ،وزادت قيم ة االل تزام عن 100أل ف دين ار جزائ ري ،طبق ا للم ادة 333من الق انون
المدني الجزائري.
142
وال يكفي مجرد وجود عقد مقاولة ،للقول بقيام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري
ومقاول البناء ،بل يجب فضال عن ذلك أن يكون هذا العقد منعقدا بين المسؤول ورب العمل،
وهذا ما سنتناوله فيما يلي:
حتى تقوم المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء يجب أن يكون العقد
الم برم بينهم ا وص احب المش روع عق د مقاول ة ،موض وعه إقام ة المب اني أو المنش آت الثابت ة،
وعليه قبل اعتبار أحد األشخاص مسؤوال بموجب هذا النظام ،يجب أوال تكييف العقد المبرم
بينه وبين رب العمل ،والقول أنه عقد مقاولة ،حتى تسري عليه أحكام الضمان الخاص.
فإذا قام المهندس المعماري بالعمل دون أن يرتبط مع رب العمل بعقد مقاولة ،كما لو
قام به مجانا خدمة لرب العمل ،أو كان يقوم بالعمل بناء على عقد آخر غير عقد المقاولة،
فإن ه ال يك ون مس ؤوال وفق ا ألحك ام الم ادة 554من الق انون الم دني الجزائ ري ،ب ل ت ترتب
مسؤوليته وفقا للقواعد العامة ،أو طبقا لبنود ذلك العقد.
فإذا اتضح مثال أّن العقد المراد الرجوع بالضمان الخاص على أساسه عقد وكالة،297
لم يج ز الرج وع بمقتض ى أحك ام ه ذا الض مان الخ اص ،ألّن عق د الوكال ة ال يعطي ه الح ق في
ذلك ،وألنه يختلف عن عقد المقاولة من حيث طبيعة األعمال المطلوب تأديتها ،والتي تكون
أعماال مادية بالنسبة لعقد المقاولة ،وتصرفات قانونية في عقد الوكالة .فإذا كان العقد المبرم
مع المهندس المعماري يقع على خليط من األعمال المادية ،298والتصرفات القانونية ،299فإنه
ال يرجع على المهندس المعماري بمقتضى أحكام الضمان الخاص ،إال فيما يتعلق بمسؤوليته
عن األعمال المادية فقط ،أما فيما يتعلق بالتصرفات القانونية ،ف يرجع عليه بمقتضى أحكام
عقد الوكالة ،ألنه يكون في قيامه بها نائبا عن رب العمل.
297ع ّر ف المش رع الجزائ ري الوكال ة في الم ادة 571ق.م بأنه ا عق د ،بمقتض اه يف وض ش خص ،شخص ا آخ ر للقي ام
بعمل شيء لحساب الموكل وباسمه.
مثل وضع التصميم ،والرسوم ،وعمل المقايسات ،واإلشراف على التنفيذ. 298
299من قبيل هذه التصرفات :محاسبة المقاول ،وإ قرار الحساب ،ودفع مستحقات المقاول ،وتسلم العمل بعد إنجازه،
وقبوله من رب العمل بعد تسلمه.
143
وليس 300
أما إذا تبين أّن العقد المراد الرجوع على أساسه بالضمان الخاص عقد بيع
عقد مقاولة ،فإن أحكام الضمان الخاص ال تسري كذلك في حال قيام المسؤولية ،ألّن البيع ال
ي رتب مث ل ه ذا الض مان الخ اص ،وعلي ه ال يس أل المق اول ال ذي يت ولى بنفس ه عملي ة تش ييد
البناء ،لحسابه الخاص ،وعلى أرض مملوكة له ،ثّم يقوم بعد تمام إنجاز البناء ببيعه للغير،
فهنا ال نكون بصدد عقد مقاولة الستحالة نشوء هذا العقد بين الشخص ونفسه ،ولعدم إمكانية
القول بأّن المقاول قصد أن يجمع بين صفته هذه وصفته كرب للعمل في آن واحد ،301وعليه
ال يمكن الرج وع علي ه هن ا إال بمقتض ى أحك ام ض مان الب ائع للعي وب الخفي ة في الم بيع طبق ا
ألحكام المادة 379وما بعدها من القانون المدني.
كم ا أن ه ال يج وز الرج وع بأحك ام الض مان الخ اص ،إذا ك ان المهن دس المعم اري أو
مق اول البن اء م رتبطين ب رب العم ل بم وجب عق د عم ل ،وكان ا يقوم ان بعملهم ا تحت إش راف
ورقابة هذا األخير ،وإ دارته وتوجيهه ،فانهما يعتبران عاملين ال مقاولين ،ومن تّم ال يكونان
مسؤولين مسؤولية عشرية وفقا للمادة 554أعاله ،بل تترتب مسؤوليتهما وفقا ألحكام عقد
العمل.
وبن اء على م ا س بق ذك ره ،يجب التثبت من ص حة التك ييف الق انوني للعق د الم برم بين
صاحب المشروع والمهندس المعماري أو مقاول البناء ،فإذا تبين أّن العقد هو عقد مقاولة،
جاز لصاحب المشروع الرجوع عليهما بالضمان ،أما إذا تبين أّن العقد الذي يربط صاحب
المش روع بالمهن دس المعم اري أو بمق اول البن اء ليس عق د مقاول ة ،فعندئ ذ ال يك ون ه ذان
األخيران مسؤولين وفقا ألحكام المادة 554من القانون المدني ،وإ نما تسري عليهما القواعد
العامة وفقا لتكييف العقد.302
300عّر ف المشرع الجزائري عقد البيع في المادة 351ق م بأنه ":عقد يلتزم بمقتضاه البائع أن ينقل للمشتري ملكية
شيء أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي".
محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص 301
.27
فإذا كان عقد بيع ،فانه تسري عليه القواعد العامة في البيع ،أما إذا كان عقد وكالة ،فتسري عليه القواعد العامة 302
ال يكفي وج ود عق د مقاول ة بين المش ّيد ورب العم ل للق ول بقي ام أحك ام المس ؤولية
الخاصة ،أي أحكام الضمان العشري ،بل يجب فضال عن ذلك ،أن يكون هذا العق د مبرما مع
رب العمل الذي يريد االستفادة من أحكام هذا الضمان المشدد.
كم ا ال يج وز للمق اول األص لي أن يرج ع على المق اول من الب اطن بقواع د الض مان
العش ري ،ح تى ل و ارتب ط مع ه بعق د مقاول ة ،306مثلم ا تنص على ذل ك الم ادة 554في فقرته ا
الثالثة من القانون المدني ،والتي جاء نصها كاآلتي " :وال تسري هذه المادة على ما قد يكون
للمقاول من حق الرجوع على المقاولين الفرعيين".
-أن ور العمروس ي ،التعلي ق على نص وص الق انون الم دني المع دل ،الج زء الث الث ،دار المطبوع ات الجامعي ة،
اإلسكندرية ،بدون سنة نشر ،ص.46 ،38
من هذه الرسالة. في كيفية تقدير األجر ،يراجع ما سبق شرحه في ص 303
305
MALINVAUD Philippe, op.cit. p1147.
145
يقتص ر تط بيق أحك ام الض مان العش ري على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء فق ط
حسب مقتضيات المادة 544من القانون المدني المنوه عنها سابقا ،وهما الشخصان التقليديان
اللذان تسري عليهما أحكام الضمان الخاص كأصل عام مثلما سنرى.
307
أ -المهندس المعماري
يطلق لفظ المهندس المعماري على الشخص الحاصل على مؤهل هندسي في هندسة
المعم ار ،يؤهل ه ألن يض ع التص ميمات ،والخرائ ط ،والرس ومات ،والنم اذج ،ويق ّد ر األبع اد،
والقياسات المختلفة للمنشآت ،واألبنية المراد إقامتها ،ويشرف على تنفيذها.308
يطلق لفظ المهندس المعماري لغة ،على الفنان الذي يعهد إليه وضع التصميم والرسوم والنماذج ،إلقامة المنشآت، 307
ويع ني بالفرنس ية ،L’architecteوهي كلم ة مش تقة من الكلم ة اإلغريقي ة Architektonال تي تتك ون من لفظين :األول
،Arkhiويعني الهيمنة والرفعة ،بمعنى السيد أو الرب ،والثاني ،Tektonويعني العامل.
-ه دى حام د قش قوش ،المس ؤولية الجنائي ة للمهن دس والمق اول عن ع دم مراع اة األص ول الفني ة في البن اء ،دراس ة
مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،1994 ،ص.20
راجع قاموس روبير في اللغة الفرنسية بخصوص لفظ ،Architecteالجزء األول.1981 ، 308
-ولقد عّر فه تقنين جياديت بذات التعريف الذي سبق أن تضّم نه قانون األكاديمية الفرنسية بأنه " :الفنان الذي يص ّم م
ويرس م األبني ة ،ويعّين له ا النس ب واألحج ام والتقس يمات المختلف ة والزخرف ات المناس بة ،مش رفا على تنفي ذها تحت
مسؤوليته وأخيرا يسوي معروفاتها ".
- L’architecte est défini par le dictionnaire de l’académie Française 1878 en ces termes : "L’artiste qui
compose les édifices, en détermine les proportions les distributions, les décorations, les fait exécuter sous ses
=ordres et en règle les dépenses ".
= هذا ويعتبر تقنين جياديت ،بمثابة ميثاق شرف لمهنة الهندسة المعمارية في فرنسا ،أقره مؤتمر بوردو للمهندسين
المعماريين الفرنسيين المنعقد عام ،1895والمعدل بتاريخ 17جويلية ،1912بمعرفة الجمعي ة المركزي ة للمهندسين
المعماريين.
-وعرفته الئحة مزاولة مهنة الهندسة المعمارية في مصر بأنه" :الشخص المتميز بقدرته على التخطيط ،والتصميم
المعم اري ،والتط بيق االبتك اري ،والتنفي ذ ،ول ه إلم ام ت ام بفن البن اء حس ب ظ روف البيئ ة ومقتض ياتها ،ويس هم في
التعمير والتشييد ،في نطاق التخطيط الع ام ،ويتمتع بالحماي ة القانونية التي تتطلبها مهنته ،ويشترط أن يكون حائزا
على ش هادة علي ا (بك الوريوس) في الهندس ة المعماري ة أو م ا يعادله ا من الم ؤهالت الهندس ية األخ رى المع ترف به ا
بقانون نقابة المهندسين ،وأن يكون عضوا بنقابة المهندسين.
146
وردت تعريفات فقهية عديدة للمهندس المعماري ،أكتفي بسرد أهمها.
عّر فه الدكتور عبد الرزاق السنهوري بأنه " :هو الذي يعهد إليه في وضع التصميم
والرس وم والنم اذج إلقام ة المنش آت ،وق د يعه د إلي ه ب إدارة العم ل واإلش راف على تنفي ذه
ومراجعة حسابات المقاول والتصديق عليها وصرف المبالغ المستحقة إليه ".309
وعّر فه الدكتور محمد لبيب شنب بأنه " :الشخص المكلف من قبل رب العمل بإعداد
الرس وم والتص ميمات الالزم ة إلقام ة المب اني أو المنش آت األخ رى ،واإلش راف على تنفي ذها
بواسطة مقاول البناء ".310
نخلص إلى أن المهن دس المعم اري ش خص ط بيعي ،يتم يز عن غ يره من األش خاص
اآلخ رين ال ذين يش اركون في أعم ال البن اء ،ب دوره ذي الط ابع ال ذهني الخ الص ،وب أّن تدخل ه
يك ون لحس اب المال ك ،وأن ه يجم ع بين ص فة الفن ان 311والف ني ،312ويم ارس مهن ة ح رة غ ير
تجاري ة ،وأّن مهنت ه يغلب عليه ا العنص ر الفك ري ،س واء فيم ا تعل ق بالتص ميم أو ب اإلدارة أو
اإلش راف على التنفي ذ ،وأن ه يحم ل م ؤهال علمي ا متخصص ا في الهندس ة المعماري ة ،وأن ه في
أداء دوره يرتبط مع رب العمل بعقد مقاولة.
وب الرجوع إلى أحك ام الق انون الم دني الجزائ ري ،يت بين لن ا أّن المش رع لم يع ّر ف
المهن دس المعم اري ،ب ل اكتفى باعتب اره أح د أش خاص الض مان العش ري ،313وبّين األدوار
وال تي تكمن في وض ع التص ميم ،وعم ل المقايس ة ،وإ دارة 314
المنوط ة ب ه في عملي ة البن اء
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 309
محمد لبيب شنب ،شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء ،المرجع السابق ،ص . 310
تنص المادة 563/1من نفس القانون المذكور على ما يلي " :يستحق المهندس المعماري أجرا مستقال عن وضع 314
والمالحظ أن المشرع نص على األدوار المنوطة بالمهندس المعماري ،في عّد ة قوانين تشريعية خاصة ،تتعلق بمجال
البناء والتعمير ،انظر ص من هذه الرسالة.
هن اك أدوار أخ رى قد يق وم به ا المهندس المعم اري ،لم ينص المش رع الجزائ ري عليه ا ص راحة ،ومن ذلك مثال 315
من هذه الرسالة. التزامه باإلعالم واإلرشاد ،انظر ما سبق شرحه بالتفصيل في ص
317والمالح ظ أّن المش رع الجزائ ري أطل ق تس مية " المت دخلون في الهندس ة المعماري ة " على مجموع ة األش خاص
المساهمين في عملية البناء ،بموجب المرسوم التشريعي رقم 94/07المذكور أعاله ،وهؤالء األشخاص هم:
-صاحب المشروع :هو كل شخص طبيعي أو معنوي يتحمل بنفسه مسؤولية تكليف من ينجز أو يحول بناء ما يقع
على قطعة أرضية يكون مالكا لها أو يكون حائزا حقوق البناء عليها طبقا للتنظيم والتشريع المعمول بهما ( المادة
07من المرسوم التشريعي رقم ) 94/07
-صاحب المشروع المنتدب :هو كل شخص طبيعي أو معنوي يفوضه صاحب المشروع قانونا للقيام بانجاز بناء ما
أو تحويله (.المادة 08من نفس المرسوم)
-ص احب العم ل ( :)Le maitre d’œuvreه و ك ل مهن دس معم اري معتم د يت ولى تص ور إنج از البن اء ومتابعت ه. 318
ويطلق على صاحب العمل كذلك اسم " المستشار الفني" ،الذي يقوم بمهمة االستشارة الفنية.
نظم المش رع عملي ة االستش ارة الفني ة في البن اء لحس اب الدول ة والجماع ات المحلي ة ،في الق رار ال وزاري المش ترك
المؤرخ في 15ماي ،1988وبما أن المشرع لم ينظم هذه العملية في المجال الخاص ،ولم يتطرق لعالق ات ص احب
المش روع بص احب العم ل في الق انون الم دني الجزائ ري ،رغم أن ه تط رق لعالقت ه بالمق اول ،ف ان مح ترفي البن اء في
المي دان الخ اص ،يطبق ون الق رار المش ار إلي ه ،لتنظيم عالق اتهم في مي دان االستش ارة الفني ة ،فأحك ام الق رار ال وزاري
تصلح لتنظيم الصفقات العمومية ،والخاصة ،وحتى لبناء المساكن الفردية.
-حمادي جازية مجيدة ،عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري ،المرجع السابق ،ص.21
148
ومن تم يعت بر المهن دس المعم اري – بمفه وم التش ريع الجزائ ري -ك ل ش خص مؤه ل
للتعب ير عن مجم وع المع ارف والمه ارات المجتمع ة في فّن البن اء ،ولوض ع التص اميم
المعمارية ،ومراقبة تنفيذ العمل.
وحتى ينتفع الشخص بصفة مهندس معماري معتمد ،ويمارس مهنة الهندسة المعماري ة
،319يجب عليه التسجيل في الجدول الوطني للمهندسين المعماريين ،320ويشترط لهذا التس جيل
توافر الشروط اآلتية:
-1أن يك ون الش خص ذو الجنس ية الجزائري ة ح ائزا على ش هادة مهن دس معم اري
معترف بها من الدولة ،وأن يكون قد أّد ى فترة التدريب.
-2أن يكون الشخص األجنبي ،حائزا على شهادة مهندس معماري معترف بها من
طرف الدولة ،وفي هذه الحالة يكون التسجيل مؤقتا ويمكن إلغاؤه.
هذا ويمكن للمهندس المعم اري أن يم ارس مهنته عبر ك ل ال تراب الوط ني ،إما على
أساس فردي في شكل مهنة حرة ،أو بصفة شريك ،أو بصفة أجير ،شريطة أن يصرح بذلك
ل دى المجلس الوط ني لنقاب ة المهندس ين المعم اريين ،ويس لم لهم مس تخرجا من التس جيل في
الجدول.321
ننوه به ذا الصدد أنه ال يشترط في المهندس المعماري ،أن يكون ح امال لمؤهل فني
في هندسة المعمار ،بل يكفي لتطبيق أحكام المسؤولية الخاصة ،المنصوص عليها في المادة
554من القانون المدني ،قيام الشخص بمهمة المهندس المعماري ،وعلى ذلك يكون ملتزما
بالضمان أّي مهن دس ،ول و كان مهندسا ميكانيكيا ،أو كهربائيا ،أو م دنيا ،م ا دام يق وم بمهمة
319ع ّر ف المش رع الجزائ ري الهندس ة المعماري ة في الم ادة 2من المرس وم التش ريعي رقم 94/07الم ذكور أعاله
بأنها :التعبير عن مجموعة من المعارف والمهارات المجتمعة في فن البناء ،كما هي انبعاث لثقافة ما وترجمة لها=،
= ومن تّم تتطلب مهنة المهندس المعماري باإلضافة إلى القدرة على االبتكار واإلبداع ،وضع الرسومات والنماذج
على نحو يتماشى وظروف البيئة وثقافة المجتمع.
طبقا للمادة 15/2من نفس المرسوم التشريعي ،يعتبر التسجيل في الجدول الوطني للمهندسين المعماريين بمثابة 320
اعتماد ،ويشتمل هذا الجدول على قائمة أسماء األشخاص الطبيعيين ،وألقابهم ،وعناوينهم ،وكيفية ممارسة المهنة عند
االقتضاء( المادة 16منه).
149
المهندس المعماري ،بل إّن المقاول الذي ال يحمل أّي مؤهل ،أو أّي شخص آخر غير مؤه ل،
إذا وضع التصميم والرسومات ،وقام بتعيين األبعاد والنسب وغيرها ،مما يدخل في المهمة
األص لية للمهن دس المعم اري فان ه يك ون ب ذلك ملتزم ا بالض مان ،ذل ك أّن الع برة في تط بيق
أحك ام الض مان الخ اص ليس ت بت وافر الص فة القانوني ة للمهن دس المعم اري في الش خص ،ب ل
بطبيعة األعمال المنجزة من طرفه.322
ه ذا وإ ذا اتف ق ص احب المش روع م ع مهن دس معم اري واح د على انج از بناي ات أو
منش آت ثابت ة ،بمواص فات وش روط معين ة في عق د المقاول ة ال ذي يربطهم ا ،فان ه يل تزم وح ده
بالض مان الخ اص ،أم ا إذا اش ترك ع دة مهندس ين معم اريين أو أش خاص آخ رين في انج از
المشروع ،كان كل واحد منهم ملتزما بالضمان في حدود األعمال التي قام بها.
322المالحظ أّن المشرع الجزائري سار على ما ذهب إليه المشرع الفرنسي بهذا الصدد ،فاعتبر أّن اشتراط المؤهل
العلمي في الشخص ،هو من باب التنظيم المهني ،يمّك ن الشخص فقط من نيل لقب " المهندس المعماري" ،أم ا بالنسبة
لتطبيق أحك ام الضمان المنصوص علي ه في الم ادتين 1792و 2270من ق.م.ف ،فال ع برة بالحصول على مؤهل
دراس ي ،ب ل يكفي لتط بيق ه ذه األحك ام ،قي ام الش خص بمه ام المهن دس المعم اري ،من وض ع للتص اميم ،والرس وم،
وتع يين األبع اد ،والنس ب ،وغيره ا من المه ام المنوط ة بالمهن دس المعم اري ،وعلي ه ال يش ترط في ه ذا األخ ير ،أن
يكون حامال لمؤهل فّن ي في هندسة المعمار ،حتى تطبق عليه أحكام الضمان الخاص.
ولقد استقر القضاء الفرنسي على هذا االتجاه ،أي على توسيع دائرة الضمان ،فاستعمل كلمة المهندس" "Architecte
بمفهومها الشامل الذي يصدق على المهندس واضع التصميم ،وعلى المهندس المشرف على التنفيذ وعلى المهندس
االستشاري وغيرهم=.
= وتطبيقا لذلك ،تق ّر ر تطبيق أحكام الضمان العشري على جملة من المتدخلين في عملية البناء ،كتقني البناء الذي
يم ارس مه ام المهن دس المعم اري " ،"Le technicien de bâtimenttوالمهن دس الم دني " "L’ingénieurال ذي يض ع
التصميم أو يشرف على تنفيذه ،ومهندس الديكور الذي يمارس مهام المهندس المعماري" ،"Un décorateurوالفني
الذي يمارس مهاما مشابهة لمهام المهندس المعماري.
-بن عبد القادر زهرة ،نطاق الضمان العشري للمشيدين ،دراسة مقارنة بين التشريعين الجزائ ري والفرنسي ،بحث
لنيل شهادة دكتوراه العلوم ،فرع قانون األعمال ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة ،2009-2008 ،ص.127،128
150
كما هو في الغالب -باعتبار أن هذا من صميم مهنته ،فال يكون مسؤوال إال عن العيوب التي
تأتي من الخطأ في التصميم الذي وضعه ،323كما لو خالف القيود واالشتراطات ال تي تفرضها
قواعد التهيئة والتعمير ،كأن يجاوز مثال االرتفاع المسموح به ،ويقع عبء إثبات الخطأ في
التصميم على عاتق رب العمل.
غ ير أن ه إذا اتض ح من عق د المقاول ة أّن مهم ة المهن دس المعم اري ،تع دت دوره في
وضع التصميم ،إلى رقابة إدارة العمل ،واإلشراف على تنفيذه ،ومراجعة حسابات المقاول،
والتص ديق عليه ا ،ك ان مس ؤوال عم ا يح دث في التنفي ذ من عي وب أو أخط اء طبق ا ألحك ام
الض مان الخ اص ،ويق ع عبء اإلثب ات في ه ذه الحال ة على ع اتق ص احب المش روع ،طبق ا
للقواعد العامة المقررة في اإلثبات.
324
ب -مقاول البناء
يعت بر المش رع الجزائ ري مق اول البن اء من األش خاص المس ؤولين بالض مان العش ري
بص ريح النص ،325لكن ه لم ينظم مهن ة مقاول ة المب اني بتش ريع خ اص به ا ،مثلم ا فع ل بالنس بة
لمهنة الهندسة المعمارية ،والتي أفرد لها قانونا مستقال ينّظم أحكامها.326
324م ا يعنين ا في ه ذه الدراس ة ه و مق اول البن اء ال المق اول ،ذل ك أّن لف ظ المق اول واس ع الم دلول ،يش مل أشخاص ا ال
عالقة لهم بمجال البناء ،فمقاول البناء تاجر ،يتعهد بتقديم مواد البناء أو اليد البشرية الالزمة لتنفيذ إحدى العمليات
المذكورة في مجال البناء على سبيل المقاولة ،ومن تم فان عمله يعتبر تجاريا ومن يباشره تاجر ( .انظر المادة 2
من ق.ت).
والمقاول لغة ،اسم فاعل من قاول وجادل وفاوض ،فهو مفاوض .انظر :محمد النفوري( ،التزامات البناء ومسؤوليته
عن تصدع البناء) ،مجلة المحامون السورية ،األعداد ،1992 ،6 ،5 ،4ص.318
وهو المرسوم التشريعي رقم 94/07المؤرخ في 18ماي ،1994والمتعلق بشروط اإلنتاج المعماري وممارسة 326
ب الرجوع إلى أحك ام عق د المقاول ة في الق انون الم دني الجزائ ري ،نج د أّن المش رع لم
يعّر ف مقاول البناء ،بل اكتفى بذكر أهم التزاماته ،غير أنه بالرجوع إلى أحكام القانون رقم
11/04الذي يحدد القواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية ،328يتضح لنا أن المشرع ع ّر ف
المقاول في المادة الثالثة منه بأنه " :كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري
بعن وان نش اط أش غال البن اء بص فته حرفي ا أو مؤسس ة تمل ك الم ؤهالت المهني ة" ،وأطل ق علي ه
مص طلح "ص احب المش روع المنت دب" في الم ادة الثامن ة من المرس وم التش ريعي رقم 94/07
المتعل ق بش روط اإلنت اج المعم اري وممارس ة مهن ة المهن دس المعم اري ،وعرف ه بأن ه " :ك ّل
شخص طبيعي أو معنوي ،يفوضه صاحب المشروع قانونا ،للقيام بإنجاز بناء ما أو تحويله".
بأنه " :الشخص ال ذي يعه د ولقد تعددت تعريفات الفقه لمقاول البناء ،فعّر فه البعض
329
إلي ه بتش ييد المب اني ،أو إقام ة المنش آت الثابت ة األخ رى ،بن اء على م ا يق ّد م ل ه من تص ميمات،
وذلك في مقابل أجر ،ودون أن يخضع في ممارسة عمله إلشراف أو إدارة ".
وعّر فه البعض اآلخر330بأنه " :الشخص الذي يعهد إليه إقامة المباني والمنشآت الثابتة
األخرى و يستوي أن تكون المواد التي أقام بها هذه المنشآت قد أحضرها من عنده أو ق ّد مها
له رب العمل ،ففي الحالتين يلتزم بالضمان العشري بوصفه مقاوال ".
أي إلى أحكام الفصل األول من الباب التاسع من القانون المدني المعنون بـ :العقود الواردة على العمل ،في المادة 327
549وما يليها.
عبد الرازق حسين يس ،المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص ،420محمد 329
ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص ،35محم د
لبيب شنب ،شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء ،المرجع السابق ،ص .109
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 330
ب النظر إلى ه ذه التعريف ات ،يمكنن ا أن نع ّر ف مق اول البن اء ،ال ذي ي ترتب في ذمت ه
الض مان العش ري ،بأن ه " :ك ّل ش خص ط بيعي أو معن وي ،يرتب ط ب رب العم ل بعق د مقاول ة،
يتعه د بمقتض اه بإقام ة المب اني والمنش آت الثابت ة األخ رى ،وذل ك وفق ا للتص اميم والنم اذج
والرس ومات الموض وعة من ط رف المهن دس المعم اري أو رب العم ل ،مقاب ل أج ر ،دون أن
يخضع في ذلك إلشراف أو إدارة ،ويستوي في ذلك أن تكون الم واد ال تي أقام بها البناء ق د
أحضرها من عنده ،أو قدمها له رب العمل".
ومسؤولية مقاول البناء ترتبط بمساهمته في عملية البناء ال بصفته المهنية ،وعليه فإّن
كّل من يساهم في عملية البناء بصفته مقاوال ،يكون مسؤوال عن األضرار التي تلحق بالبناء،
بغّض النظر عّم ا إذا كان الشخص مقاوال متخصصا في أعمال البناء والتشييد أم ال.
يم ارس مق اول البن اء عمال ذا طبيع ة تجاري ة ،332ويغلب على نش اطه الط ابع الم ادي
-بخالف المهندس المعماري ال ذي يغلب على عمله الطابع الفك ري -فهو ال ذي يتولى تنفيذ
محتوى عقد المقاولة ومضمونه ،وذلك وفقا للتصميمات والنماذج والرسومات الموضوعة من
طرف المهندس المعماري أو رب العمل ،بما يقتضيه هذا التنفيذ من إدارة وإ شراف ،إال أّن
هذا ال يمنع استقالله في تنفيذ ذلك ،وإ ال فقد صفته كمقاول ،وأصبح تابعا للمهندس المعماري
أو رب العم ل ،333وه و ال ذي يق وم بحراس ة الم واد واألدوات المس تخدمة في البن اء ،واألدوات
واألش ياء األخ رى الموج ودة في موق ع العم ل ،وتنبي ه المهن دس المعم اري ورب العم ل،
وإ رش ادهما إلى األخط اء ال تي يكتش فها في التص ميم المق ّد م ل ه ،أو إلى العي وب الموج ودة في
التربة المراد إقامة البناء عليها ،أو في مواد البناء ،وذلك في الوقت المناسب حتى يتمكن من
إبراهيم يوسف (،المسؤولية العشرية للمهندس المعماري والمقاول طبقا للمادة 554من القانون المدني) ،المقال 331
فاألص ل في المق اول أن ه ش خص تنفي ذي ،ولكن ذل ك ال ينفي عن ه ص فته كف ني ،يراج ع :محم د حس ين منص ور، 333
ويمكن أن يمتّد دور مقاول البناء -بحسب االتفاق -ليشمل مهمة المهندس المعماري،
فيص بح ض امنا لك ّل العي وب ال تي من ش أنها أن تنس ب له ذا األخ ير ،334أي أّن مق اول البن اء
يعتبر مسؤوال كمهندس معماري ،باإلضافة إلى مسؤوليته كمقاول بناء ،بضمان هذه األعمال
ضمانا خاصا.
يتم اختيار مقاول البناء من طرف صاحب المشروع أو بناء على اقتراح من المهن دس
المعم اري ،ال ذي يجب علي ه أن يس اعد ص احب المش روع ،في اختي ار المق اول الكفء لتنفي ذ
التصميم ،فيلجأ صاحب المشروع إلى مقاول بناء معين ،نظرا لخبرته وكفاءته ،ذلك أن عقد
المقاولة يأخذ بشخصية هذا األخير ،لما لها من تأثير على سير العمل ،غير أن هذا ال يمنع
المقاول من االستعانة بمقاولين فرعيين ،يوكل لهم تنفيذ جزء من المشروع.335
ق د يلج أ ص احب المش روع لمق اول بن اء واح د ليق وم بانج از جمي ع األعم ال الخاص ة
بالتشييد والبناء ،من وضع األساس ،وأعم ال البناء األخ رى ،من أرض يات وأسقف وج دران
وغير ذلك ،وأعمال النجارة والحدادة وغيرها ،فيلتزم المقاول وحده بضمان األعمال المعيبة،
كم ا ق د يلج أ إلى ع دة مق اولين ك ل واح د حس ب اختصاص ه في مج ال معين ،فيتعاق د بص فة
منفردة مع كل مقاول النجاز نفس المشروع ،بعقود مختلفة ،أو بعقد جماعي ،ففي هذه الحالة
تمتد دائرة الضمان الخاص لتشملهم جميعا ،ويبقى كل مقاول مسؤوال شخصيا عن حصته في
المشروع ،كأنه مرتبط بصاحب المشروع بعقد مستقل عن الذي يربطه ببقية المقاولين.
لكن ش ريطة أن يقب ل ص احب المش روع بذلك ،ألن عقد المقاول ة األص لي يق وم على االعتب ار الشخص ي للمق اول، 335
ولجود صاحب المشروع إليه يستبعد لجوءه لغيره ،غير أنه إذا تعذر على المقاول القيام بعمل معين في ميدان يجهل
قواع ده ،وأن الوس يلة الوحي دة لتنفي ذه التزام ه بانج از األعم ال ه و اللج وء لغ يره ،وجب على ص احب المش روع أن
يسمح بذلك (المادة 564من ق.م).
154
ترتيب ا على م ا س بق ،إذا اقتص ر دور أح د المق اولين على القي ام بعم ل ال ي ؤثر على
متانة البناء وسالمته ،حتى وإ ن كان هذا العمل معيبا كأعمال الدهان والديكور ،فإنه ال يخضع
ألحك ام المس ؤولية الخاص ة ،وإ نم ا يس أل المق اول طبق ا للقواع د العام ة في المس ؤولية العقدي ة،
باعتباره مخال بالتزام عقدي بينه وبين صاحب المشروع.336
نص المش رع الجزائ ري في الم ادة 551من الق انون الم دني على م ا يلي " :إذا تعه د
المق اول بتق ديم م ادة العم ل كله ا أو بعض ها ك ان مس ؤوال عن جودته ا وعلي ه ض مانها ل رب
العمل".
ونص في الم ادة 552من نفس الق انون على م ا يلي " :إذا ك ان رب العم ل ه و ال ذي
قدم المادة ،فعلى المقاول أن يحرص عليها ويراعي أصول الفن في استخدامه لها وأن يؤدي
حسابا لرب العمل عما استعملها فيه ويرد إليه ما بقي منها فإذا صار شيء من هذه المادة
غير صالح لالستعمال بسبب إهماله أو قصور كفايته الفنية فهو ملزم برد قيمة هذا الشيء
لرب العمل.
وعلى المقاول أن يأتي بما يحتاج إليه في انجاز العمل من آالت وأدوات إضافية ويكون ذلك
على نفقته ،هذا ما لم يقض االتفاق أو عرف الحرفة بغير ذلك".
يستخلص من هاتين المادتين أنه إذا تعهد المقاول بتقديم مواد البناء كلها أو بعضها،
فانه يكون مسؤوال عن جودتها ،بحيث يجب عليه أن يختار المادة للغاية المقصودة منها ،حتى
تكون سليمة مناسبة للغرض الذي سيستعملها من أجله ،وأن تتوفر على الجودة التي تضمن
بناي ة س ليمة ال تنه ار وتق اوم ال زمن ،وي راقب م دى مطابقته ا للمواص فات المتف ق عليه ا في
العق د والمق اييس المعم ول به ا ،كم ا يتعين علي ه أن يفحص م واد البن اء إن ك ان ص احب
المشروع هو الذي قدمها له ،كاالسمنت والطالء وغيرها من المواد المستعملة في البناء ،ذلك
أنه مسؤول عن األضرار والعيوب التي قد تنجم عن استعمال هذه المواد ،حتى لو كانت بها
عيوب لم يتفطن لها وقت استعمالها.
وخالصة ما تقدم أن مقاول البناء يلتزم بالضمان الخاص ،سواء كان هو من قّد م م واد
العمل التي أقام بها المباني أو المنشآت ،أو أحضرها له رب العمل صاحب المشروع.
155
ويلتزم مقاول البناء أيضا بالضمان ،في حالة ما إذا استخدم مساعدين يعاونونه فيما
يقوم به من أعمال ،إذ يكون مسؤوال عن أعمالهم كما لو كان هو الذي قام بها ،حتى لو كان
ه ؤالء المس اعدون ال يعت برون من أتباع ه ب المعنى المفه وم في مس ؤولية المتب وع عن الت ابع،
كما لو كانوا مقاولين من الباطن.337
وإ ذا عهد المقاول األصلي إلى مقاول من الباطن ،338تنفيذ العمل المطلوب منه ،كله
أو جزء منه ،ظّل المقاول األصلي مسؤوال أمام رب العمل ،عن تنفيذ أعمال البناء المطلوبة
منه ،طبقا ألحكام المادة 564الفقرة الثانية من القانون المدني ،فال يكون مسؤوال بالضمان
قبل رب العمل لعدم وجود أّية رابطة عقدية بينهما ،بل تقوم مسؤوليته تجاه المقاول األصلي
على أساس قواعد المسؤولية العقدية ،وذلك لقيام الرابطة التعاقدية بينهما ،وبالنتيجة ،ال يجوز
للمق اول األص لي في ح ال قي ام الض رر ،الرج وع على المق اول من الب اطن بم وجب أحك ام
الض مان العش ري طبق ا للم ادة 554الفق رة الثالث ة من نفس الق انون الم ذكور ،المق ررة لحماي ة
األش خاص ال ذين يجهل ون أص ول البن اء وفن المعم ار ،وه ذا م ا ال يت وافر في عالق ة المق اول
األص لي بالمق اول من الب اطن ،فكالهم ا من رج ال الفن والخ برة ،ومن تّم ال داعي لتط بيق
أحكام مشّد دة بينهما.
والمالح ظ أن مق اول البن اء يبقى ملتزم ا بالض مان الخ اص ،س واء ك ان عق د المقاول ة
المبرم بينه وبين رب العمل ،قد تّم جزافا أو بسعر الوحدة.
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 337
أطل ق علي ه المش رع الجزائ ري مص طلح " المق اول الف رعي" في الم ادة 564/1من ق.م ،غ ير أن ه لم يعرف ه ،ولم 338
يعرف عقد المقاولة من الباطن ،لكن درج العمل على اعتباره ،كل شخص عهد إليه المقاول األصلي ،بتنفيذ كل أو
ج زء من الص فقة ال تي أبرمه ا ه ذا األخ ير م ع رب العم ل ،وذل ك بمقتض ى عق د مقاول ة من الب اطن ،وال ذي يجب أن
تتوافر فيه جميع خصائص عقد المقاولة ،وبخاصة استقالل المقاول من الباطن ،بتنفيذ ما عهد إليه به من الصفقة،
عن المقاول األصلي تماما ،كالمقاول األصلي بالنسبة لرب العمل.
-بن عبد القادر زهرة ،الضمان العشري للمشيدين في التشريع الجزائري ،بحث لنيل شهادة الماجستير ،فرع قانون
األعمال ،كلية الحقوق ،جامعة الحاج لخضر -باتنة ،2003-2002 ،ص.26
156
رأينا فيما تقدم أن المهندس المعماري ومقاول البناء يلتزمان بالضمان إذا ما تحققت
ش روطه ،باعتبارهم ا الشخص ين التقلي ديين الل ذين تس ري عليهم ا أحك ام المس ؤولية العش رية،
ولق د أض اف المش رع الجزائ ري أشخاص ا آخ رين ،بم وجب ق وانين خاص ة ،رغب ة من ه في
توسيع دائرة الضمان العشري ،نذكرهم تباعا.
339
-01المراقب التقني
قبل أن نبين موقف المشرع الجزائري من المسؤولية الخاصة للمراقب التقني ،نرى
أن نتعرض بداءة لموقف المشرع الفرنسي من ذلك ،على اعتبار أن أساس أن مشرعنا اقتبس
األحكام المنظمة له من التشريع الفرنسي.
تعتبر مهنة الرقابة الفنية في مجال البناء والتشييد مهنة حديثة النشأة نسبيا ،إذ يرجع
تاريخها في فرنسا إلى سنة ،1929و ذلك على إثر بعض االنهيارات المرّو عة التي حدثت
آنذاك في بعض المباني والمنشآت ،فظهرت في بادئ األمر على شكل منظمات فنية ،تكمن
مهمتها في إعطاء المؤمنين القدر الذي يلزمهم من معلومات فنية عن البناء المراد تأمينه.340
وبالنتيج ة ،ك انت ه ذه المك اتب تت دخل دائم ا بن اء على طلب من الم ؤّم ن ،ال ذي ي دفع
األجر لها مقابل أداء مهمتها له ،بموجب عقود تتم بين المؤمن ومكتب الرقابة الفنية ،وهكذا
نشأت هذه المهنة وارتبطت بمجال التأمين.
لم يع رف المشرع الجزائ ري -على غ رار المشرع الفرنس ي -الم راقب الفني ،لكن يمكن استخالص تعري ف له 339
من خالل الكتب التي تكلمت عن مهنة الرقابة الفنية بأنه " :شخص طبيعي أو معنوي ،يتمتع بدرجة عالية من الكفاءة
الفني ة ،يت ولى بمقتضى عقد مقاولة مبرم م ع رب العم ل ،فحص المس ائل ذات الط ابع الفني ،في عملي ة التشييد ال تي
يرى رب العمل تكليفه بفحصها ".
-عبد الرازق حسين يس ،المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص .470
157
فكانت مكاتب الرقابة تتهرب من أحكام المسؤولية الخاصة ،بحجة أنها تعمل في خدمة
المؤم نين ،وليس في خدم ة رب العم ل ال ذي تق ّر رت المس ؤولية الخاص ة لص الحه ،فض ال عن
أن ه ال تربطه ا ب ه أّي ة عالق ة تعاقدي ة ،ال من ق ريب وال من بعي د ،ب ل وح تى بع د أن أص بحت
تتعامل مع رب العمل نفسه أو مع المقاول أو المهندس المعماري لرقابة بعض األعمال فنيا،
كانت تشترط في العقد الذي يربطها معهم ،عدم خضوعها لقواعد المسؤولية العشرية ،بحجة
أنها ال تتدخل بصفة فعلية في عملية التشييد ،وإ نما هي تفحص فنيا ما عهد إليها فقط ،وتعطي
رب العمل أو المؤمن رأيها بشأنه.
انتقد هذا الوضع من الفقه والقضاء ،342فتدخل المشرع الفرنسي في مجال تنظيم مهنة
الرقاب ة الفني ة بس ّنه الق انون رقم 12لس نة 1978الم ؤرخ في 04ج انفي ،1978والمرس وم
التط بيقي ل ه رقم 1146لس نة 1978الص ادر في 07ديس مبر ،1978بحيث بّين الق انون
78/12سالف الذكر ،في المادة الثامنة منه ،الهدف من الرقابة الفنية ،ومن له سلطة تدخلها،
ومجال عملها ،كما نظم في المادة التاسعة منه ،مسؤولية المراقب الفني ،وفي المادة العاشرة
بّين مدى التناقض الطبيعي بين مهنة الرقابة الفنية وباقي المهن الممارسة في مجال التشييد،
س واء في مج ال التص ميم أو التنفي ذ أو الخ برة ،كم ا نظم المهن ة من الناحي ة اإلداري ة ،وبّين
ض رورة ت دخل الس لطة العام ة في اعتم اد ممارس ة نش اطها ،وأخ يرا بّين في الم ادة الحادي ة
عشرة منه متى تكون الرقابة الفنية إجبارية.
وبمراجع ة ه ذه النص وص ،يت بين أن المش رع الفرنس ي اعت بر المراق بين الفن يين
مس ؤولين مس ؤولية عش رية ،م ا دام الض رر ال ذي لح ق ص احب المش روع ،يرج ع س ببه إلى
العمل الذي أوكل إلى المراقب الفني فحصه ومراجعته فنيا.343
ويق ع عبء اإلثب ات على رب العم ل ،ف إذا أثبت ه ذا األخ ير أّن الض رر ال ذي لحق ه،
ناجم على عدم قيام المراقب الفني بمهمته الموكلة إليه بموجب عقد المقاولة الذي يربطهما،
تقررت المسؤولية العشرية في جانب المراقب ،ما لم يثبت هذا األخير عدم مسؤوليته ،بإثباته
راجع آراء الفقهاء واألحكام القضائية بهذا الشأن ،والتي أشار إليها :عبد الرازق حسين يس ،المسؤولية الخاصة 342
343أي أّن الضرر يرجع أساسا ،إلى عدم قيام المراقب الفني ،بالتزامه الذي تعهد بالقيام به ،والمنصوص عليه في
عقد المقاولة ،أو أدائه له أداء معيبا ،جعل منه مصدرا لذلك الضرر.
158
أّن أس اس الض رر ال ذي لح ق رب العم ل يخ رج عن نط اق مهمت ه المبّين ة في عق د المقاول ة،
أو أثبت قي ام الس بب األجن بي ،344ف إذا لم يتمكن الم راقب الف ني من إثب ات ع دم مس ؤوليته،
وت وافرت ش روط تحق ق المس ؤولية العش رية ،ك ان مس ؤوال وفق ا ألحك ام ه ذه المس ؤولية تج اه
رب العمل ،و حق عليه جزاؤها.
وإ ذا لم تت وافر في الض رر ،الش روط الالزم توافره ا في ه ،ح تى يك ون مس توجبا لقي ام
المسؤولية العشرية للمراقب الفني ،فإّن مسؤولية هذا األخير ،تنعقد في مواجهة رب العمل أو
الغير ،طبقا للقواعد العامة في المسؤولية العقدية أو التقصيرية.
أما في الجزائر ،فقد نظمت مهنة الرقابة التقنية على مجال البناء ألول مرة بمقتضى
األم ر رقم 71/85مك رر الم ؤرخ في 29ديس مبر 3451971وال ذي تض ّم ن إح داث هيئ ة
المراقب ة التقني ة للبن اء وتحدي د قانونه ا األساس ي ،ثّم بم وجب المرس وم رقم 86/205الم ؤرخ
في 19أوت 1986والمتضمن هيئة المراقبة التقنية للبناء.346
إما القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ ،أو خطأ الغير ،أو خطأ المضرور نفسه. 344
والمالحظ أن أحكام هذا األمر ألغيت بموجب المرسوم رقم 86/205المؤرخ في ،19/08/1986والمتضمن تغيير
هيئة المراقبة إلى الهيئة الوطنية لرقابة البناء التقنية في وسط البالد ،في المادة 26منه ،والتي تنص على ما يلي:
" تلغى األحك ام المخالف ة له ذا المرس وم ،ال س يما األحك ام ال واردة في األم ر رقم 71/85مك رر الم ؤرخ في 29
ديسمبر 1971المذكور أعاله ".
346طبق ا لنص الم ادتين 1و 2من المرس وم رقم ،86/205تغّي ر هيك ل هيئ ة المراقب ة التقني ة للبن اء ،المحدث ة ب األمر
رقم 71/85مك رر ،وهدفها وتنظيمه ا إذ تغ يرت تسمية هذه الهيئ ة لتصبح " الهيئ ة الوطني ة لرقاب ة البن اء التقني ة في
وسط البالد" ،والتي تعد مؤسسة اشتراكية ذات طابع اقتصادي ،وتعد تاجرة في عالقاتها مع الغير.
159
وهي: 347
قسمت هذه الهيئة في أوت 1986إلى خمسة هيئات كلها تقوم بنفس المهام
،الشلف.352 351
هيأة الوسط ،348الجنوب ،349الغرب ،350الشرق
تم ارس مهم ة الرقاب ة التقني ة ،بواس طة الهيئ ة الوطني ة لرقاب ة البن اء التقني ة في وس ط
البالد ،التي تعد هيأة مكلفة بمراقبة حسن سير المشروع ،سواء في مرحلة اإلع داد أو االنج از
وبحضور ممثلها وقت التسلم النهائي للمشروع ،353وتقوم هذه الهيئة بتقديم خدماتها في مقابل
بن اء على طلب رب العم ل ،إذ يف رض المش رع الجزائ ري على ه ذا األخ ير، 354
م الي )أج ر(
إبرام اتفاقية مع الهيئة المذكورة ،فيما يخص البنايات التي تدخل ضمن اختصاص ها ،355وعلى
تتمث ل ه ذه المه ام في متابع ة المش اريع الم رخص به ا من ط رف الهيئ ات المختص ة ومراقب ة المش اريع وم دى 347
أنشئت بموجب المرسوم رقم 86/205المؤرخ في ،19/08/1986منشور في ج ر ،ع 34لسنة .1986 348
ولقد تّم إنشاء الهيئة بالشلف ألنها منطقة زلزالية ،وذات طبيعة جغرافية مميزة.
وذلك للتأكد من مدى مطابقة البناية للتصاميم والمقاييس المعمول به ا ،في قواعد الفن وأصول المهنة ،وتسلمها 353
من ص احب المش روع خالي ة من أي عيب ظ اهر ،والتأك د من نوعي ة الم واد المس تخدمة في البن اء ،ومراقب ة م دى
مطابقتها لبيانات الترخيص ،ومتطلباته بعد االنتهاء من أشغال البناء.
على أن تكون هذه الخدمات مقدمة إلدارات الدولة والجماعات المحلية والهيئات العمومية واألشخاص الخواص، 354
والمالحظ أن المساكن المخصصة لالستعمال العائلي ،ال تخضع لرقابة الهيئة الوطنية لرقابة البناء التقنية ،رغم 355
أنه من الضروري بسط إلزامية مراقبتها ،للتقليل من األخطار ،والمساهمة في الوقاية من النقائص التقنية التي تطرأ
أثناء االنجاز ،وعدم حصرها على المشاريع الكبرى.
تكمن مهمة الهيئة المكلفة بالرقابة التقنية للبناء أساسا ،فيما يلي:
* مراقب ة مختل ف أن واع العم ارات للتأك د من ثب ات بنائه ا وديمومت ه وأسس ه وص الحية ك ل م ا ل ه ت أثير في ثبات ه،
وهيكله ،وجدران محيطه وسقوفه ،بغية تقليل أخطار الفوضى في هذا المجال ،والمساهمة في الوقاية من النقائص
160
المهن دس المعم اري أو مكتب الدراس ات تق ديم ي د المس اعدة ل رب العم ل عن د إب رام ه ذه
االتفاقية.356
على أنه تختلف التزامات أطراف عقد المراقبة التقنية ،باختالف مهمة هيئة المراقبة
التقنية ،فإذا كان عقد المقاولة يرمي إلى مراقبة التصاميم ،فانه يتعين على الهيئة ،أن تراقب
فيما إذا كان إعداد التصميم مطابقا للتقنيات والشروط العامة الواجب توافرها ،كموقع البناء،
ومس احته ،ومظه ره ،وكيفي ة تش ييده ،أم ا إذا ك ان العق د يص بو إلى مراقب ة الورش ات ،فتل تزم
الهيئة بفحص المباني ومراقبتها تقنيا ،وتسجيل تقرير بذلك ،قد يكون ايجابيا أو سلبيا بحسب
* رقاب ة ج ودة الم واد المع دة للبن اء في المص نع ،واالعتم اد التق ني لم واد البن اء وعناص ره ،وأعم ال ض بط المق اييس
والبحث ،وأساليب تقنيات اإلنجاز=.
=* إعداد التنظيمات وبرامج البحث التي تعتمد في ضبط عناصر التشريع ،والتنظيم الخاصين بالمقاييس والقواعد،
ال سيما المقاييس التقنية الجزائرية في بناء العمارات.
* تط وير من اهج الرقاب ة ونظمه ا ،وتك وين المس تخدمين الم ؤهلين ،وتجدي د معلوم اتهم ،وتحس ين مس تواهم في ه ذا
الميدان.
* تس ليم التأش يرات المطلوب ة ل دى مؤسس ات الت أمين الوطني ة في إط ار الق انون ،كتس ليم ش هادة المراقب ة للمق اولين
المكلفين بإنجاز المشروع ،لتمكينهم من إبرام عقود تأمين ،ضد العواقب المالية المترتبة عن المسؤولية العشرية.
وتسّخ ر هذه الهيئة جميع الوسائل البشرية والمادية والمالية الالزمة قصد بلوغ أهدافها وأداء مهمتها على أكمل وجه
في حدود اختصاصاتها.
نشير هن ا أنه تّم توسيع مج ال عم ل هذه الهيئ ة ،لتشمل كاف ة أشغال البن اء والتعم ير ،ومن أجل ذلك تّم إنش اء تنظيم
تق ني للرقاب ة التقني ة لألش غال العمومي ة CTTPبم وجب المرس وم رقم 86/210الم ؤرخ في ،18/08/1986وآخ ر
خ اص ب الري ،CTHوآخ ر خ اص بالرقاب ة التقني ة الدائم ة CTPبم وجب المرس وم رقم 86/213الم ؤرخ في
.18/08/1986
تنص الم ادة 18من الق رار ال وزاري المش ترك الم ؤرخ في 15/05/1988على م ا يلي " :يجب على ص احب 356
المش روع أن ي برم اتفاقي ة م ع الهيئ ة المكلف ة بالمراقب ة التقني ة للبن اء فيم ا يخص ك ل البناي ات ال تي ت دخل ض من
اختصاصات هذه الهيئة ،ويجب أن تبرم هذه االتفاقية فور التوقيع على االستشارة الفنية ،وعلى المستشار الفني أن
يساعد رب العمل في عالقاته مع الهيئة المكلفة بالمراقبة التقنية للبناء عند إعداد االتفاقية والحصول على التأشيرات
التقنية".
161
الحالة ،كما يلتزم الطرف اآلخر في العقد ،بتمكين الهيئة من الوثائق الضرورية للقيام بمهمتها
بالمراقبة التقنية ،ودفع األجر المتفق عليه.
وإ ذا كان مجال الرقابة التقنية في الجزائر قد نظم في السبعينيات ،فإّن المراقب التقني
لم يخض ع ألحك ام الض مان العش ري إال في التس عينيات ،وذل ك بم وجب الق انون رقم 95/07
في المادة 178منه ،والتي نصت على ما 357
المؤرخ في 25جانفي 1995المتعلق بالتأمينات
يلي " :يجب على المهندسين المعماريين والمقاولين وكذا المراقبين التقنيين اكتتاب عق د لتأمين
مس ؤوليتهم العش رية المنص وص عليه ا في الم ادة 554من الق انون الم دني ،على أن يب دأ
سريان هذا العقد من االستالم النهائي للمشروع.
ويس تفيد من ه ذا الض مان ص احب المش روع و /أو مالكي ه المتت الين إلى غاي ة انقض اء أج ل
الضمان".
بق راءة نص ه ذه الم ادة ،يتض ح لن ا جلي ا أّن المش رع الجزائ ري وّس ع من النط اق
الشخصي ألحكام المسؤولية الخاصة ،ليشمل المراقبين التقنيين 358الذين كانوا بمنأى عن هذه
المس ؤولية ،كم ا س بق وأن بّين ا أعاله ،لكن ه اش ترط ح تى تق وم المس ؤولية العش رية في ج انب
الم راقب التق ني ،أن يرتب ط م ع رب العم ل األص لي بعق د مقاول ة ،بمع نى أن يك ون ت دخل
الم راقب التق ني في عملي ة البن اء ،ق د تّم بن اء على طلب ص احب المش روع ،وليس بن اء على
طلب المهندس المعماري أو مقاول البناء الذي ينجز وينفذ المشروع ،359ألنه في هذه الحالة
المعدل والمتمم بالقانون رقم 06/04المؤرخ في ،20/02/2006منشور في ج رج ج ،ع 15لسنة ،2006ثم 357
بالق انون رقم 08/07الم ؤرخ في ،28/02/2008يتضمن القانون الت وجيهي للتك وين والتعليم المهنيين ،منش ور في
ج ر ج ج ،العدد ،11س ،45الصادرة في.02/03/2008
-والمالح ظ أن ه ذا الق انون فتح مج ال ممارسة ه ذه الرقاب ة للخ واص ،ومّك ن ك ل ش خص ط بيعي أو معن وي معتم د
لدى الوزارة المكلفة بالبناء من إبرام اتفاقية رقابة تقنية (المادة ،)180إال أنه في الواقع ،بقي هذا المج ال حك را على
الهيئة الوطنية لرقابة البناء التقنية في وسط البالد ،لعدم اهتمام الخواص به.
ك ان يج در بالمش رع الجزائ ري أن يع ّد ل أوال نص الم ادة 554من الق انون الم دني ،فيوس ع من نط اق الض مان 358
الخاص ،ليشمل المراقب التقني للمسؤولية الخاصة ،ثم يلزمه بعد ذلك بالتأمين عليها.
وعلي جم ال ( ،المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري والمق اول عن عي وب المب اني المس لمة لص احب المش روع 359
ولق د منع المشرع الجزائري الم راقب التق ني ،من الجم ع بين دوره ال ذي يكمن أساسا
في الرقاب ة الفني ة ،وبين ك ل نش اط يتعل ق بالتص ميم أو بتنفي ذ األعم ال ،ولع ّل الس بب في ذل ك
يرج ع لض مان حس ن تنفي ذ األعم ال ،وحماي ة مص لحة رب العم ل ،فال يج وز لهيئ ة المراقب ة
التقني ة أن تس اهم في إع داد وتنفي ذ أش غال البن اء ،أو إع داد التص اميم ،وال تش ارك في إدارة
ومتابع ة األش غال ،أو الح رص على أمن الورش ات ،وإ نم ا تتص رف بص فتها مراقب ة تقني ة
فقط.360
بمراجعة نصوص المرسوم رقم ،86/205يمكن القول أّن تدّخ ل المراقب التقني في
عملية البناء يتّم على مرحلتين ،361األولى على مستوى المشروع التمهيدي ،فيتدخل المراقب
التق ني قب ل الب دء في إنج از األعم ال ،الس يما رقاب ة تص ميم األعم ال الك برى والعناص ر ال تي
ترتبط بها ،للتأكد من مطابقتها لقواعد البناء ومقاييسه ،والثانية على مستوى اإلنجاز ،أي أثناء
مرحل ة تنفي ذ األعم ال ،أين يس هر الم راقب التق ني على اح ترام المخطط ات المعتم دة وكيفي ات
التنفيذ ،وعليه فإن تدخله في مجال البناء بمختلف مراحله ،ذو طابع وقائي محض.
يقتص ر عم ل الم راقب التق ني على إعط اء رأي ه ح ول المش اكل التقني ة ال تي ق د ته دد
س المة البن اء واألش خاص ،362فه و يق وم بالمراقب ة فق ط ،دون إص دار األوام ر والتوجيه ات
للمشّيدين اآلخرين ،فيكتفي بإعطاء آراء استشارية لرب العمل باعتباره متعاقدا معه ،مع العلم
أّن ه ذا األخ ير يس تطيع ع دم أخ ذها بعين االعتب ار ،وتطبيق ا ل ذلك يس أل الم راقب التق ني في
حدود مهامه.
انظر المادة 3/6من المرسوم رقم 86/205والمادة 2من المرسوم رقم .86/207 360
تنص المادة 2من المرسوم رقم 86/207المتضمن إنشاء هيئة وطنية لرقابة البن اء التقنية في غ رب البالد ،على 362
ما يلي " :ال تحل الهيأة حسب أهدافها في شيء محل صاحب المشروع ومنجز األعمال والمقاول لدى قيام كل منهم
بواجباتهم".
163
والمالح ظ أّن المش رع الجزائ ري اعت بر الم راقب التق ني مس ؤوال مس ؤولية عش رية،
دون أن يبّين كيفية قيام هذه المسؤولية ،على عكس الفقه والقضاء الفرنسيين ،اللذين ذهبا إلى
قيام قرينة المسؤولية في جانب المراقب التقني ،متى وقع الضرر نتيجة تقرير إيجابي أص دره
الم راقب ،ومن تّم ال يخض ع للض مان الخ اص ،الم راقب ال ذي يض ع تقري را س لبيا أو يب دي
تحفظات ،وال يؤخذ برأيه ،فيقع الضرر.363
وال يفوتني أن أشير بهذا الصدد إلى أّن الواقع العملي يختلف تماما عّم ا قلناه ،من أّن
دور الم راقب التق ني وق ائي أساس ا ،حيث أّن المع امالت التعاقدي ة ،تف رض على المعم اري
االمتثال لتقارير المراقب التقني ،وإ ن لم يكن موافقا عليها ،ومن تّم يصبح األخذ بهذه التق ارير
إجباريا وليس اختياريا ،ويظهر هذا جلّيا من خالل اتفاقيات هذه الهيأة ،وكذا اتفاقيات شركات
التأمين.
فاالتفاقيات التي تبرمها هيأة المراقبة التقنية للبناء مع الطرف المتعاقد ،تلزم موقعي
هذه االتفاقيات ،وكل األشخاص المعنيين ،وتحت مسؤولياتهم ،بمعالجة النقائص المشار إليها
من ط رف الهيئ ة ،كم ا يمكن له ذه األخ يرة ،إيق اف عملي ات المراقب ة التقني ة في حال ة ع دم
اس تجابة األط راف للمط الب الض رورية للقي ام بالمهم ة دون أّي تع ويض ،ويعت بر ه ذا تناقض ا
مع الدور االستشاري الذي تمنحه الهيئة لنفسها في نفس االتفاقيات.
ك ذلك الش أن بالنس بة لش ركات الت أمين ،ال تي تعت بر أّن ض رورة الخض وع لتق ارير
الهيئات ،شرط ضروري للتأمين على المسؤولية العشرية للمعماري ،مقاوال كان أو مهندسا.
وإ ذا سّلمنا بهذا الحديث ،واعتبرنا أّن المهندس المعماري ومقاول البناء مجبران على
االمتث ال آلراء الم راقب الف ني ،ف إّن ه ذا يس توجب انتف اء مس ؤوليتهما العش رية باعتبارهم ا في
حكم التابع ،لكن الحال ليس كذلك.
-02المرقي العقاري
363
P.MARLINVAUD, op.cit, p 1151.
164
تعت بر مهن ة الم رقي العق اري من المهن الحديث ة في الجزائ ر ،ف المرقي العق اري يق وم
بعملية البناء قصد البيع ،ويربطه بالمشتري عقد بيع عقار ،ال عقد مقاولة ،ومع ذلك أخضعه
المشرع ألحكام الضمان الخاص.
والمالح ظ أّن عق د ال بيع ه ذا ح ديث النش أة ،نظم المش رع الجزائ ري أحكام ه بم وجب
القانون رقم 86/07المؤرخ في 04مارس 1986والمتعلق بالترقية العقارية ،364في فصله
الس ادس ،ال س يما الم ادة 29من ه ،غ ير أن معالج ة ه ذا الق انون للعق د الم ذكور ،لم تكن دقيق ة
ومفصله ،إذ لم يتطرق هذا النص لألحكام التفصيلية المتعلقة باالنعقاد ،وااللتزامات المتبادلة،
بين الم رقي العق اري الب ائع والمس تفيد ،فض ال عن تل ك الض بابية ال تي ش ابت ح تى تس مية
العقد.365
والغ رض من تنظيم المش رع الجزائ ري ألحك ام عق د ال بيع بن اء على التص اميم ،هـو
تشجيع االستثمار في مجال الترقية العقارية ،موازاة مع اإلصالحات االقتصادية التي انتهجتها
الدول ة الجزائري ة ،بغ رض جلب المس تثمرين ،وحثهم على االس تثمار في المج ال العق اري من
جه ة ،ووس يلة للتخفي ف من ح دة الس كن ،أم ام عج ز القط اع الع ام عن تلبي ة حاج ات األف راد
بصيغة السكن االجتماعي من جهة أخرى.366
ه ذا وإ ّن عق د ال بيع على التص اميم ،لم يع رف في التش ريع الجزائ ري كعق د مس تقل
ومس مى إال س نة ،1993بم وجب المرس وم التش ريعي رقم 93/03الم ؤرخ في 01م ارس
1993والمتعل ق بالنش اط العق اري ،367ال ذي ج اء لت دارك الغم وض الموج ود في الق انون رقم
منش ور في ج رج ج ،ع ،10س ،23الص ادرة في ،05/03/1986وق د تم إلغ اؤه بم وجب الم ادة 30من 364
ك انت له ذا العق د ع دة تس ميات في الق انون رقم ،86/07إذ س ماه المش رع :عق د حف ظ الح ق ،وال بيع بن اء على 365
شيخ سناء ،الشكلية في إطار التصرفات العقارية بين التشريع والقضاء ،رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون 366
الخاص ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة أبي بكر بلقايد ،تلمسان ،2012 ،2011 ،ص.213
165
86/07سيما فيما يخص الضمانات المطلوبة في هذا العقد ،وبصفة خاصة المسؤولية الناجمة
عن اإلخالل بااللتزامات المتولدة عنه.368
لكن عق د ال بيع على التص اميم في ظ ل المرس وم التش ريعي رقم 93/03لم يحق ق
األهداف المرجوة منه ،نظرا لعدم انسجام النصوص القانونية المنظمة له مع الواقع العملي،
مم ا أف رز العدي د من اإلش كاالت القانوني ة ،والنزاع ات القض ائية ،وه و م ا ح اول المش رع
الجزائري استدراكه ،من خالل إلغاء المرسوم التشريعي السالف الذكر ،369وإ صداره القانون
رقم 11/04الم ؤرخ في 17ف براير ،2011والمح دد للقواع د ال تي تنظم نش اط الترقي ة
العقارية.370
ه ذا ولق د منح المش رع الجزائ ري الم رقين العق اريين الممارس ين نش اطهم عن د ت اريخ
نشر هذا القانون ،371حق مواصلة نشاطاتهم ،ولكن يتعين عليهم المطابقة ألحكام هذا القانون
في أج ل ثماني ة عش ر ش هرا ،ابت داء من ت اريخ نش ر ه ذا الق انون في الجري دة الرس مية،372
وبانقضاء هذا األجل ،وفي حالة عدم تمكن المرقي العقاري من المطابقة ،فانه يلتزم بجميع
واجبات ه إلى غاي ة إتم ام انج از مش روعه ،ووض ع أجه زة التس يير من ط رف المقت نين أو
ممثليهم.373
وعليه فإن هذا القانون يطبق على عقود البيع بناء على التصاميم ،المبرمة بعد تاريخ
نشره في الجريدة الرسمية ،غير أنه بالنسبة لعقود البيع التي أبرمت قبل 06مارس 2011
ويس فتحي ،فت اك علي ( ،عق د ال بيع بن اء على التص اميم في الترقي ة العقاري ة) ،الملتقى ال دولي ح ول الترقي ة 368
تنص المادة 80من القانون رقم 11/04على ما يلي " :تلغى أحكام المرسوم التش ريعي رقم 93/03الم ؤرخ في 369
166
فإنه ا تبقى خاض عة ألحك ام المرس وم التش ريعي رقم ،93/03ذل ك أّن المش رع منح الم رقين
العقاريين أجال أقصاه ثمانية عشر شهرا لتطبيق القانون الجديد.
بأنه " :الشخص الطبيعي أو المعنوي ،الذي يتعهد بأن يشيد، 375
وعرفه البعض اآلخر
عن طريق الغير ،عقارا أو قسما من عقار ،والذي يتولى تنظيم عملية التشييد ،وقيادتها على
المستوى القانوني والمالي واإلداري حتى نهايتها ".
بأنه " :الوكي ل االقتص ادي ال ذي يتولى انج از بناء أو أك ثر، 376
وعرف ه البعض اآلخ ر
كي يكسب ملكيته إلى واحد أو أكثر من األشخاص ،الذين يطلق عليهم متلقي الملكية ".
وبالرجوع إلى القانون الجزائري ،يتضح لنا أن المشرع لم يعرف المرقي العقاري ،ال
في الق انون رقم ،86/07وال في المرس وم التش ريعي رقم ،93/03واكتفى ب إطالق تس مية
المكتتب في القانون األول ،والمتعامل في الترقية العقارية في المرسوم الثاني ،غير أنه عرفه
في المادة الثالثة من القانون رقم 11/04الذي يحدد القواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية
بأنه " :كل شخص طبيعي أو معنوي ،يبادر بعمليات بناء مشاريع جديدة ،أو ترميم أو إعادة
تأهيل أو تجديد أو إعادة هيكلة أو تدعيم بنايات تتطلب أحد هذه التدخالت ،أو تهيئة وتأهيل
الشبكات قصد بيعها أو تأجيرها " ،وعرفه أيضا في المادة الثانية من المرسوم التنفيذي رقم
12/84الم ؤرخ في 20ف براير 2012وال ذي يح دد كيفي ات منح االعتم اد لممارس ة مهن ة
عبد الرازق حسين يس ،المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص .542 374
375
SAINT Alary Roger, Choix de la construction, Presse Universitaire de France, 1977, p303.
376
JESTAZ Philippe, MALINVEAUD Philippe, Droit de la promotion immobilière, Paris, DALLOZ, 1988,
p17.
هذا ولقد ع رف القض اء الفرنس ي الم رقي العق اري بأن ه " :ذلك الش خص الطبيعي أو المعن وي ،الذي يأخذ المب ادرة،
ويب ذل العناي ة الرئيس ية أو األساس ية بالعملي ة العقاري ة ،فيتكف ل ب أن يس لم أو ي بيع أو ي ورد عق ارا مطابق ا لقواع د الفن
وخاليا من العيوب.
167
بأنه " :كل شخص 377
المرقي العقاري ،وكذا كيفيات مسك الجدول الوطني للمرقين العقاريين
طبيعي أو معنوي يحوز اعتمادا ،ويمارس نشاط الترقية كما هو محدد في القانون ." 11/04
ننوه بهذا الصدد أن تعريف المشرع للمرقي العقاري جاء من منطلق النشاط العقاري
ال ذي يمارس ه ،وال ذي يق وم ب دوره على مجموع ة من األعم ال عرفه ا في الم ادة الثالث ة من
القانون رقم 11/04السالف الذكر.378
-أن يك ون ت اجرا ،م ؤهال للقي ام باألعم ال التجاري ة ،س واء ك ان شخص ا طبيعي ا أو
معنويا.380
-أن يك ون معتم دا ومس جال في الس جل التج اري ،وفي الج دول الوط ني للم رقين
العقاريين.381
377ج ر ج ج ،ع ،11س ،49الصادرة في .26/02/2012
يالحظ هنا أن الشروط الواجب توافرها في المرقي العقاري ،قد اختلفت في ظل القانون 11/04عنه في القانون 379
ففي ظ ل الق انون ،86/07نص المش رع على الش روط ال واجب توافره ا في المكتتب ،في الم ادتين 8و 9من ه،
واشترط في المترشح للقيام بعمليات الترقية العقارية أن يكون شخصا طبيعيا أو معنويا ،حامال للجنسية الجزائرية،
متمتعا باألهلية وقادرا على التفاوض والتعاقد بالتزام وإ برام االتفاقية ،غير محكوم عليه بأّي عقوبة جنائية منصوص
عليها في المواد 119و 220و 373و 376من ق.ع ،وأن يكون مليئا يحوز لوسائل مالية وضمانات تقنية كافية
للقيام بالعملية العقارية المقصودة ،كما يجب عليه أن يمتثل لما ورد في دفتر الشروط.
أما في ظل المرسوم التشريعي رقم ،93/03فاشترط في المتعامل في الترقية العقارية ،أن يكون شخصا طبيعيا أو
معنويا ،يتمتع باألهلية القانونية للقيام باألعمال التجارية ،طبقا للمادة السادسة منه.
تنص الم ادة 4من نفس الق انون على م ا يلي " :ي رخص للم رقين العق اريين المعتم دين والمس جلين في الس جل 381
= ال يمكن أيا كان أن يدعي صفة المرقي العقاري أو يمارس هذا النشاط ما لم يكن حاصال على اعتماد ومسجال في
الدول الوطني للمرقين العقاريين حسب الشروط والكيفيات المحددة في هذا القانون".
168
ويعت بر االعتم اد بمثاب ة ت رخيص إداري مس بق لممارس ة مهن ة الم رقي العق اري ،م ع
مراع اة القي ام ب اإلجراءات اإلداري ة والجبائي ة ،382وعلي ه يمن ع الش روع في ه ذه المهن ة ،م ا لم
يحصل الشخص على الترخيص اإلداري المذكور.
هذا ويتم منح االعتماد للمرقي العقاري من طرف الوزير المكلف بالسكن والعمران،
بعد موافقة لجنة االعتماد للترقية العقارية ،وذلك طبقا لمقتضيات الم ادة الخامسة من المرسوم
التنفيذي رقم 12/84المذكور أعاله ،متى استوفى طالبه الشروط المحددة قانونا.383
هذا ويتم تسجيل حائزي االعتم اد المقيدين قانون ا بالسجل التج اري ،في الجدول الوطني للم رقين العقاريين المفت وح
ل دى ال وزير المكل ف بالس كن ،طبق ا للم ادة 24من المرس وم التنفي ذي رقم 12/85الم ؤرخ في 20/02/2012
المتضمن دفتر الشروط النموذجي الذي يحدد االلتزامات والمسؤوليات المهنية للمرقي العقاري ،والمنشور في ج رج
ج ،ع ،11س ،49الصادرة في .26/02/2012
ويترتب عن ذلك منح المعني شهادة تسجيل ،يرخص له بموجبها بممارسة المهنة ،وباالنتساب إلى صندوق الضمان
والكفالة المتبادلة للترقية العقارية طبقا للمادتين 24و 25من المرسوم التنفيذي رقم 12/84سالف الذكر.
نص المش رع الجزائ ري على ه ذه الش روط في الم ادتين 6و 7من المرس وم التنفي ذي 12/84الم ذكور أعاله، 383
وتتمثل هذه الشروط ،سواء بالنسبة للشخص الطبيعي ،أو بالنسبة للشخص المعنوي ،أو بالنسبة لكليهما فيما يلي:
-أال يقل عم ر الش خص الطبيعي عن 25سنة ،وأن يك ون متمتع ا بالجنسية الجزائرية ،وأن يتمتع بحقوقه المدنية،
وأن يكتتب عقد تأمين ضد العواقب المالية والمسؤولية المدنية والمهنية لنشاطاته.
-أن يقدم ضمانات حسن السلوك ،وعدم الوقوع تحت طائلة عدم الكفاءة ،أو أحد موانع الممارسة ،كما نصت عليها
أحكام المادة 20من القانون 11/04المذكور أعاله،
-وأن يثبت وج ود م وارد مالي ة كافي ة النج از مش روعه أو مش اريعه العقاري ة ،على أن توض ح كيفي ات تط بيق ه ذا
الشرط ،بقرار مشترك بين الوزير المكلف بالمالية والوزير المكلف بالسكن،
-وأن يثبت كفاءات مهنية مرتبطة بالنشاط ،أي أن يحوز على شهادة عليا في مجال الهندسة المعمارية ،أو البناء أو
القانون أو االقتصاد أو المالية أو التجارة أو أي مجال تقني آخر ،يسمح بالقيام بنشاط المرقي العقاري ،غير أنه إذا=
= لم تستوف فيه شروط الكفاءة هذه ،فانه يتعين عليه أن يثبت االستعانة بصفة دائمة وفعلية بمسير تتوافر فيه هذه
الشروط.
169
-أن يك ون محترف ا ،يمتل ك المه ارات الض رورية في مج ال البن اء ،ول ه ق درات مالي ة
كافية.384
هذا ويتميز المرقي العقاري عن غيره من المتدخلين في عملية البناء ،بعدة خص ائص،
نجملها فيما يلي:
-هذا ويجب أن يت وفر لدى ط الب االعتم اد ،محالت ذات استعمال تج اري مالئم ة ،تسمح بممارس ة الئقة ومعقول ة
للمهن ة ،وتك ون مجه زة بوس ائل االتص ال ،ويتم تق ديم إثب ات وج ود ه ذه المحالت ،عن د التس جيل في الج دول الوط ني
للمرقين العقاريين.
والمالحظ أن المشرع الجزائري ،لم ينص في هذا المرسوم التنفيذي ،على شرط إلزام المرقي العقاري ،الذي يكون
شخصا معنويا ،باكتتاب عقد تأمين ضد العواقب المالية والمسؤولية المدنية المهنية لنشاطاته ،لكننا نجده نص على
ذلك صراحة في المادة 30/1من المرسوم التنفيذي رقم 12/85المذكور أعاله ،والتي جاء نصها كاآلتي " :يتعين
على المرقي العقاري االكتتاب في جميع التأمينات أو الضمانات القانونية المطلوبة " ،األمر الذي يفهم منه أنه يجب
على المرقي العقاري ،سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا ،اكتتاب عقد لتأمين مسؤوليته.
تنص الم ادة 21/1من الق انون رقم 11/04على م ا يلي ... " :يجب على الم رقي العق اري ال ذي يلتمس اعتم ادا 385
تنص الم ادة 20على م ا يلي " :ال يمكن أن يكون وا م رقين عق اريين ،منش ئين أو مش اركين ،باألفع ال قانون ا أو 386
فعليا ،بطريقة مباشرة أو من خالل وسيط ،للمبادرة بمشاريع عقارية تخضع لهذا القانون ،األشخاص الذين تعرضوا
لعقوبات بسبب إحدى المخالفات اآلتية:
-السرقة وإ خفاء المسروقات وخيانة األمانة والتفليس وابتزاز األموال أو القيم أو التوقيعات،
-أّن الم رقي العق اري ه و من يت ولى المب ادرة بعملي ات انج از مش اريع البن اء الجدي دة
وغيرها من األعمال المحددة في القانون ، 11/04فهو صاحب المشروع العقاري.
-أّن الم رقي العق اري مل زم باالس تعانة بخ دمات مق اول مؤه ل قانون ا ،ليت ولى عملي ة
تنفيذ المشروع ،بناء على عقد مقاولة.
-أّن الهدف الذي يبتغيه المرقي العقاري من وراء ممارسته لمهنة الترقية العقارية،
هو بيع أو إيجار العمل الذي تولى المبادرة بانجازه ،لذلك يوصف بأنه تاجر.
مرت مسألة خضوع المرقي العقاري ألحكام الضمان العشري في التشريع الجزائري
بثالث مراحل ،نذكرها تباعا.
ب الرجوع إلى الم ادة 41من الق انون رقم 86/07الم ؤرخ في 04م ارس 1986
والمتعلق بالترقية العقارية نجدها تنص على ما يلي " :يتحمل المكتتب بإحدى عمليات الترقية
العقاري ة ط وال عش ر س نوات ابت داء من ت اريخ تس ليم ش هادة المطابق ة العي وب الخفي ة ال تي
يتحمله ا المق اولون واألش خاص اآلخ رون ال ذين ي ربطهم بص احب األش غال عق د إيج ار العم ل
وذلك عمال بالمواد 140/2و 554و 564من القانون المدني".
م ؤدى ه ذه الم ادة أن المش رع حّم ل المكتتب المس ؤولية العش رية ،ش أنه في ذل ك ش أن
المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،أي أّن المكتتب يتحم ل المس ؤولية ،عن ك ل ته دم كلي أو
جزئي للمباني أو للمنشآت الثابتة األخرى ،التي تصرف فيها بالبيع للمشتري أو المستفيد ،أو
ته دد متانته ا وس المتها ،وذل ك خالل عش ر س نوات، 388
عن ك ل م ا يلحقه ا من عي وب خفي ة
تسري ابتداء من تاريخ تسليم شهادة المطابقة.
كما يمنع من ممارسة هذا النشاط األعضاء المشطوبون تأديبيا وبصفة نهائية ،بسبب اإلخالل بنزاهة المهن المشكلة
في نقابات".
171
ويس توي في ذل ك أن يك ون المكتتب ه و من ق ام بانج از البن اء بنفس ه ،أو وكل ه كل ه أو
جزء منه إلى مقاول آخر ،كما يستوي في ذلك أيضا أن يكون البيع قد تّم قبل البدء في انجاز
البناء ،أو بعد تمام انجازه.389
ه ذا ويالح ظ على ه ذا النص ،أّن نقط ة ب دء م دة س ريان الض مان بالنس بة للمكتتب،
تختلف عن تاريخ ب دأ سريان م دتها بالنسبة للمهن دس المعم اري ومق اول البناء ،فاألولى تب دأ
من تاريخ تسليم شهادة المطابقة ،التي نظم المشرع الجزائري أحكامها في المرسوم التنفيذي
رقم 91/176الم ؤرخ في 28م اي ،1991أم ا الثاني ة فتب دأ من ت اريخ تس لم ص احب
المشروع العمل نهائيا.
تتقادم دعوى ضمان المبنى موضوع عقد حفظ الحق ،المبرم في إطار القانون المتعلق
بالترقية العقارية ،بثالث سنوات ،تبدأ من يوم تسلم األشغال أو من تاريخ اكتشاف العيب في
وذلك طبقا ألحكام المادة 40من القانون رقم 86/07سالف الذكر. 390
المبنى
نص المش رع الجزائ ري في الم ادة 4-3-8/2من المرس وم التش ريعي رقم 93/03
الم ؤرخ في الف اتح م ارس 1993والمتعل ق بالنش اط العق اري على م ا يلي " :وقب ل أي تس ليم
388حّم ل المشرع المكتتب بموجب المادة 39من القانون 86/07مسؤولية إصالح العيوب الظاهرة بالعمارة شخص يا
وخالل أجل معقول ،وبذلك يكون قد ميز بينها وبين العيوب الخفية ،التي استوجب لتغطيتها إعمال أحكام المسؤولية
العشرية.
-بوقرة أم الخير ( المسؤولية العشرية للمرقي العقاري " دراسة تحليلية" ) ،مجلة الحقوق والحريات ،عدد تجريبي،
بسكرة ،سبتمبر ،2013ص .358
عياشي شعبان ( ،أشخاص الضمان العشري في القانون الجزائ ري) ،م ج ع ق اق س ،الجزائ ر ،ج ،42رقم ،2 389
،2000ص.93
يراج ع :ق رار م ع غ م ،مل ف رقم ،465804الص ادر بت اريخ ،18/03/2009منش ور بـ م.م.ع ،ع ،1س 390
،2009ص=.137
= وذات المع نى كرس ه ق رار م ع غ م ،مل ف رقم ،871568الص ادر بت اريخ ،17/01/2013منش ور بـ م م ع ،ع
،1س ،2014ص ،189والذي جاء فيه " :يلزم المكتتب بإحدى عمليات الترقية العقارية بضمان المبنى مدة ثالث
سنوات ،ابتداء من تاريخ تسلم األشغال أو من تاريخ اكتشاف العيب".
172
بناي ة إلى المش تري ،يتعين على المتعام ل في الترقي ة العقاري ة أن يطلب من المهندس ين
المعم اريين والمق اولين المكلفين بانج از المنش آت ش هادة ت أمين تحملهم المس ؤولية المدني ة
العشرية المنصوص عليها في أحكام القانون المدني ،ال سيما المادة 554منه ،وطبقا للقانون
المتعلق بالتأمينات ال سيما مواده من 94إلى .99
تبلغ نسخة التأمين المذكورة في الفقرة السابقة إلى المشترين يوم حيازة ملكية البناية كأقصى
أجل.
وإ ن لم يكن ذل ك ،يحم ل المتعام ل في الترقي ة العقاري ة المس ؤولية المدني ة زي ادة على األحك ام
التي ينص عليها القانون في هذا المجال".
والمالحظ على هذا النص أنه جاء غير واضح بخصوص تحميل المتعامل في الترقية
العقارية المسؤولية العشرية ،بالمقارنة مع نص المادة 41من 86/07السالف الذكر ،الذي
كان يحمل المكتتب في الترقية العقارية صراحة المسؤولية العشرية.
173
ينتق ل الض مان إلى مش تري العق ار بق وة الق انون ،ويغطي خالل األج ل المح دد ،كاف ة
األض رار الناجم ة عن مس ؤوليته ،واألض رار المتعلق ة ب العيوب الخفي ة للش يء الم بيع ،وك ل
عنصر خاص بالتجهيز ال يمكن نزعه دون إتالف مواد االنجاز.392
وب الرجوع إلى أحك ام القض اء الجزائ ري ،يت بين أن ه اس تقر على اعتب ار المتعام ل في
الترقية العقارية مسؤوال مسؤولية عشرية ،إذا ما أخل بالتزامه ،المتمثل في عدم تبليغ شهادة
التأمين لمشتري العقار.393
بوقرة أم الخير( المسؤولية العشرية للمرقي العقاري " دراسة تحليلية" ) ،المقال السابق ،ص .361 392
يراجع ق رار م ع غ م ،مل ف رقم ،64748الص ادر بت اريخ ،23/01/1991منش ور بـ م ق ،ع 4لسنة ،1992 393
ص ،31والذي جاء فيه " :ولما كان الثابت -في قضية الحال -أن قضاة المجلس بإخراجهم لديوان الترقية والتسيير
العق اري من الخص ام ب الرغم من أن الخ برة المنج زة أظه رت أن ه ض امن للبن اء م ع المق اول يكون وا ق د أخط ؤوا في
تطبيق القانون.
-يراج ع أيض ا في ه ذا المع نى :ق رار م ع غ م ،مل ف رقم ،509321الص ادر بت اريخ ،17/12/2009منش ور
بمجلة المحكمة العلي ا ،ع 1لسنة ،2010ص ،138والذي جاء فيه أن ه " :حيث ان النزاع في قضية الحال تحكمه
القواع د المنص وص عليه ا في المرس وم التش ريعي رقم 93/03المتعل ق بالنش اط العق اري ،ال ذي وفي إط ار عالق ة
تعاقدية موازية بين المرقي العقاري والمشتري ،قد منح ضمانات كافية لمصلحة المشتري ،كإلزام المرقي العقاري
قبل تسليم البناية لهذا األخير ،أن يطلب من المهندسين المعماريين والمقاولين المكلفين بانجاز المنشآت ،شهادة تأمين
تحملهم المس ؤولية المدني ة العش رية ،المنص وص عليه ا في الم ادة 554من الق انون الم دني ،وطبق ا للق انون المتعل ق
بالتأمينات".
174
فنص في المادة 26الفقرة الثالثة منه على ما يلي " :غير أن الحيازة وشهادة المطابق ة
ال تعفي ان من المس ؤولية العش رية ال تي ق د يتع رض إليه ا الم رقي العق اري ،وال من ض مان
اإلنهاء الكامل ألشغال االنجاز التي يلتزم بها المرقي العقاري طيلة سنة واحدة".
ونص في الم ادة 30من المرس وم التنفي ذي رقم 12/85الم ؤرخ في 20ف براير
2012والمتض من دف تر الش روط النم وذجي ال ذي يح دد االلتزام ات والمس ؤوليات المهني ة
للمرقي العقـاري على مـا يلي " :يتعيـن على المرقـي العقـاري االكتتاب في جميع التأمينات أو
الضمانات القانونية المطلوبة.
يتحم ل الم رقي العق اري خالل عش ر س نوات مس ؤوليته المتض امنة م ع مك اتب الدراس ات
والمق اولين والش ركاء والمق اولين الفرع يين وأّي مت دخل آخ ر في ح ال س قوط البناي ة كلي ا أو
جزئيا بسبب عيوب في البناء بما في ذلك رداءة األرض".
بقراءة نصي هاتين المادتين ،يتضح لنا أن المشرع الجزائري أخضع المرقي العقاري
وكل المتخلين في عملية البناء من مهندسين ومقاولين ومقاولين فرعيين للمسؤولية العشرية،
في حالة سقوط المباني كليا أو جزئيا بسبب عيوب البناء بما في ذلك رداءة األرض ،خالل
مدة عشر سنوات.
والمالح ظ أّن المش رع الجزائ ري ق د وس ع من دائ رة األش خاص المس ؤولين بالض مان
العش ري المنص وص علي ه في الم ادة 554من الق انون الم دني ،وجعله ا تش مل باإلض افة إلى
المهندس ين المعم اريين ومقاولـي البن اء ،المرقيـن العقارييـن ومك اتب الدراس ات والش ركاء
والمقاولين الفرعيين وأي متدخل يربطه عقد بالمرقي العقاري ،394وبالمقابل ضيق من نطاق
األعم ال ال تي تغطيه ا المس ؤولية العش رية للم رقي العق اري ،إذ قص رها على البناي ات دون
المنشآت الثابتة األخرى.
والمالح ظ أيض ا أّن المش رع اعت بر مس ؤولية الم رقي العق اري مس ؤولية عش رية
وتض امنية م ع ب اقي م ؤجري العم ل ،ومق ررة بق وة الق انون ،فيكفي المقت ني أو المس تفيد من
394ولع ّل الس بب ال ذي دف ع المش رع إلى توس يع النط اق الشخص ي للمس ؤولية العش رية ،ه و توف ير الحماي ة الكافي ة
لمش تري البناي ة ،في وقت يش هد ك ثرة انهي ارات المب اني وتعيبه ا ،ولحماي ة أك ثر أل زم الق انون الم رقين العق اريين
المعتمدين ،باالنضمام لصندوق الضمان والكفالة.
175
الض مان أن يثبت فق ط س قوط البن اء كلي ا أو جزئي ا أو وج ود عيب في ه ،ووج ود عق د مقاول ة
لتثبت مسؤولية المرقي العقاري بالتضامن مع باقي مؤجري العمل.
ويجدر التنويه إلى أن المشرع نص على أن المرقي العقاري يكون مسؤوال مسؤولية
عشرية خالل عشر سنوات إذا ما لحق الضرر بالبناية ،لكنه لم يبين تاريخ بدء سريان هذه
المدة ،األمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن نقطة بداية احتساب عشر السنوات؟ هل يكون من
وقت التسلم النهائي لألعمال طبقا للمادة 554من القانون المدني ،أم يكون من تاريخ تسليم
شهادة المطابقة أو شهادة الحيازة؟
نرى في اإلجابة على هذا السؤال تطبيق القواعد العامة في المسؤولية العشرية بوجه
عام ،أي أّن مدة الضمان الخاص تبدأ من تاريخ تسليم البناية إلى المشتري.
ويس تفيد من إعم ال أحك ام المس ؤولية العش رية للم رقي العق اري ،الم الكون المتوال ون
على البناية ،وذلك وفقا لمقتضيات المادة 49الفقرة الثالثة من القانون رقم 11/04المذكور
أعاله.
يتعين على المرقي العقاري في عمليات البيع بناء على التصاميم ،أن يغطي التزاماته
بت أمين إجب اري يكتتب ه ل دى ص ندوق الض مان ،396ويغطي الت أمين على المس ؤولية المدني ة
المهنية والمسؤولية العشرية للمرقي العقاري المسؤولية الناتجة عن الحوادث التي تحصل في
موقع العمل أثناء فترة التشييد ،ويمتد غطاء التأمين ليشمل مسؤولية المؤمن له التي قد تنشأ
عن انهيار أو تضرر هياكل البناء أو األعمال غير الهيكلية بعد تسليمها ،إذا اتضح أن العيب
في التصميم أو سوء التنفيذ هو السبب في التهدم.397
396مسعودة مروش ،عقد المقاولة في القانون المدني الجزائري ،المرجع السابق ،ص.105
مسكر سهام ،بيع العقار بناء على التصاميم في الترقية العقارية ،دراسة تحليلية ،مذكرة ماجستير ،كلية الحقوق، 397
لم يح ّد د المش رع الجزائ ري األش خاص المس تفيدين من الض مان العش ري ،لكن من
السهل القيام بذلك ،طالما تحّد د األشخاص الملتزمون بالضمان.
398
أوال :صاحب المشروع
بالرجوع إلى أحكام القانون المدني الجزائري ،يتبين لنا أّن المشرع لم يعرف صاحب
المشروع ،لكنه عرفه في المادة السابعة من المرسوم التشريعي رقم 94/07المتعلق بتنظيم
مهنة المهندس المعماري بأنه ،ك ّل شخص طبيعي أو معنوي ،يتحمل بنفسه مسؤولية تكليف
من ينجز أو يحول بناء ما يقع على قطعة أرضية يكون مالكها ،أو يكون حائزا حقوق البناء
عليها ،طبقا للتنظيم والتشريع المعمول بهما.
يستفاد من نص هذه المادة ،أّن رب العمل المستفيد بأحكام الضمان العشري ،إما أن
يك ون شخص ا طبيعي ا كف رد معين ،أو شخص ا معنوي ا خاص ا ،كش ركة أو جمعي ة أو مؤسس ة
تجارية أو مدنية ،أو شخصا معنويا عاما ،كالدولة أو مؤسسة عمومية أو مجلسا من المجالس
المحلية.399
يكون صاحب المشروع الذي ينفذ المشروع لصالحه ،كأصل عام ،مالك ا لألرض ال تي
تقام عليها البناءات أو المنشآت الثابتة ،أو حائزا حق البناء عليها لحسابه.400
أطلق المشرع الجزائري هذا المصطلح على رب العمل ،ومن تم يجب عدم الخلط بين لفظ صاحب المشروع ( 398
)Le maitre de l’ouvrageوهو مالك العمل ،وبين لفظ صاحب العمل ( )Le maitre d’oeuvreالذي يقصد به المشرف
على العمل أو رئيس العمل ،والذي يتولى إدارة العمل وتسييره واإلشراف عليه ،والذي قد يكون المهندس المعماري
أو غيره ممن يوليه رب العمل هذه المهمة ،وهو الخلط الذي وقع فيه القضاء الفرنسي حقبة من الزمن.
بن عب د الق ادر زه رة ،نط اق الض مان العش ري للمش يدين ،دراس ة مقارن ة بين التش ريعين الجزائ ري والفرنس ي، 399
كالمستأجر المرخص له قانونا ،والذي يكون له السلطة االقتصادية في عملية البناء ،بمعنى أنه هو الذي يلتزم 400
فالمقرر قانونا ،أال تسلم رخصة البناء ،إال لمن يقدم نسخة من عقد ملكية األرض ،أو نسخة من شهادة الحيازة ،أو
توكيال ،وفقا لمقتضيات المادة 34من المرسوم التنفيذي رقم 91/176المؤرخ في .28/05/1991
177
وال يشترط أن يبرم صاحب المشروع عقد المقاولة بنفسه ،بل يمكنه إبرامه بواسطة
بم وجب وكالة خاصة ،سواء ك انت ص ريحة أو ض منية ،كأن يف وض 401
وكي ل أو ممث ل عنه
مؤسس ة الترقي ة العقاري ة ،أو مهندس ا معماري ا ،أو مكتب دراس ات للقي ام به ذه المه ام ،بحيث
يتدخلون في عملية البناء بصفتهم صاحب عمل وصاحب مشروع منتدب ،في حدود الوكالة
التي أبرمها معهم صاحب المشروع ،ومن تّم فإن دعوى الضمان ،يمكن ممارستها من طرفه
أو عن طريق نائبه ،وذل ك تطبيق ا للقواع د العام ة في عق د الوكال ة ،ال تي تقتضي أن تنصرف
آثار التصرفات التي يبرمها الوكيل مباشرة ،سلبا أو إيجابا ،إلى الموكل ،وكأنه هو الذي قام
بها بنفسه.
ه ذا ويكمن دور ص احب المش روع ،في تس هيل عملي ة البن اء على منف ذي المش روع،
وذل ك عن طري ق تخطي ط وبرمج ة المش روع ،وتحدي د الغط اء الم الي للمش روع ،وتحدي د
الش روط اإلداري ة والتقني ة للمش روع ،واختي ار المهن دس أو مكتب الدراس ات للقي ام ب دور
المهندس المعماري ،وكذا اختيار مقاول أو أكثر النجاز المشروع.
وقد يفقد صاحب المشروع صفته هذه ألّي سبب من األسباب ،كأن يبيع عقاره للغير،
أو يهب ه ،أو يتن ازل عن ه ،أو غ ير ذل ك من التص رفات ال تي تنق ل ملكي ة العق ار ،من ص احب
المشروع إلى شخص آخر ،فال يجوز له عندئذ مباشرة دعوى الضمان العشري.402
وتطبيق ا ل ذلك ،إذا ك ان ص احب المش روع شخص ا معنوي ا ،كمؤسس ة ترقي ة الس كن
العائلي " "EPLFمثال ،وقام بالتعاقد مع مقاول معين النجاز سكنات للغير ،فيكون له حق رفع
موه وبي فتيح ة ،الض مان العش ري للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،م ذكرة لني ل ش هادة الماجس تير في الق انون 401
الخاص ،فرع العقود والمسؤولية ،كلية الحقوق -بن عكنون ،الجزائر ،2007-2006 ،ص.38
محمد شكري سرور ،مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة،المرجع السابق ،ص.197 402
178
دع وى الض مان على المق اول ،إذا لحقت المب اني المنج زة عي وب ته دد متانته ا وس المتها ،أو
أدت إلى تهدمها تهدما جزئيا أو كليا ،وذلك قبل تسلمها ،باعتباره هو صاحب المشروع ،أما
ابت داء من لحظ ة التس لم النه ائي لألعم ال ،ف إّن مؤسس ة ترقي ة الس كن الع ائلي تفق د ص فة رب
العمل ،ومن تّم ال تستطيع مباشرة دعوى الضمان الخاص ،ضد المهندس المعماري ومقاول
البناء ،إذ ينتقل هذا الحق للمالكين الجدد لهذه المباني أو المنشآت الثابتة ،طالما انتقلت إليهم
ملكي ة المب اني ،وأص بحوا يكتس بون ص فة رب العم ل ،كم ا يس وغ لهم رف ع دع وى ض مان
العي وب الخفي ة ،ض د الش خص المعن وي ،باعتب اره بائع ا ،وذل ك طبق ا للقواع د العام ة في عق د
ال بيع ،على أن يرج ع ه ذا األخ ير على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بم ا دفع ه له ؤالء
المالك من تعويض.
ال يجوز للمقاول األصلي ،أن يرجع على المقاولين من الباطن الذين تعاقد معهم ،من
أجل انجاز األشغال المعهودة إليه ،بدعوى الضمان الخاص طبقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من
المادة 554من القانون المدني ،403ذلك أّن المقاول األصلي وإ ن كان يعتبر رب عمل بالنسبة
للمقاولين من الباطن ،بموجب عقود مقاولة من الباطن المبرمة بينهم ،إال أنه ال يكتسب صفة
تنص الم ادة 554/3من ق.م على م ا يلي " :وال تس ري ه ذه الم ادة على م ا ق د يك ون للمق اول من ح ق الرج وع 403
وبما أن المقاول األصلي ليس هو المالك الفعلي للبناءات محل عقد المقاولة ،فانه ال
يستطيع أن يباشر دعوى الضمان العشري ضد المقاولين من الباطن ،في حالة ما إذا حدث
ته دم كلي أو ج زئي ،أو ظه ر عيب خط ير في البن اء ،أو في الج زء ال ذي ق ام المق اول من
الباطن بتنفيذه ،ويكفي للمقاول األصلي – حماية لحقوقه -أن يرجع على المقاولين الفرعيين،
طبقا للقواعد العامة في المسؤولية.
ه ذا ويرج ع رب العم ل على المق اول األص لي بالض مان الخ اص ،ح تى ل و ك ان ه ذا
األخير قد تنازل عن المقاولة لمقاول آخر ،ما دام رب العمل لم يقبل هذا التنازل ،ولم يبرئ
ذمة المقاول األصلي.404
خالصة ما سبق ،أّن دعوى الضمان الخاص ،تقتصر على صاحب المشروع بصفته
المال ك ض د المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ،وال يج وز له ذين األخ يرين ممارس ة تل ك
ال دعوى ض د المق اول من الب اطن ،ولع ل الس بب في ذل ك أن الض مان المش دد ق رره المش رع
لمص لحة رب العم ل نظ را لكون ه ع ادة رج ل غ ير ف ني ،وغ ير خب ير ،على خالف المق اول
األص لي والمق اول من الب اطن ،الل ذين هم ا من أه ل الفن والخ برة ،ومن تم ليس هن اك حاج ة
الستحداث مسؤولية استثنائية مشددة فيما بينهما.
قد تنتقل ملكية المباني والمنشآت الثابتة محل عقد المقاولة ،من صاحب المشروع إلى
شخص آخر ،قد يكون خلفا عاما أو خلفا خاصا.
405
الخلف العام -01
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 404
يقص د ب الخلف الع ام الش خص ال ذي يتلقى من آخ ر حق ا أو التزام ا ،ك الوارث والموص ى ل ه ،وه و ك ل من يخل ف 405
السلف في ذمته المالية ،كلها أو جزء منها ،باعتبارها مجموعة من المال كالوارث و الموصى له.
180
تنص الم ادة 108من الق انون الم دني الجزائ ري على م ا يلي " :ينص رف العق د إلى
المتعاقدين والخلف العام ،"...األمر الذي يفهم منه أّن الحقوق التي ينشئها العقد ،تنتقل إلى
الورث ة بع د وف اة الم ورث المتعاق د ،ومن تّم إذا طبقن ا ه ذه القاع دة على عق د المقاول ة – ال ذي
نحن بصدده – فإّن جميع الحقوق التي يرّتبها هذا العقد لرب العمل ،تنتقل بعد وفاته إلى خلفه
الع ام ،ولع ّل أهم ه ذه الحق وق ،الح ق في الض مان العش ري ،أي الح ق في الرج وع على
المهندس المعماري ومقاول البناء بمقتضى أحكام هذه المسؤولية الخاصة.
وعليه ،إذا توفي رب العمل صاحب المشروع ،فإّن حقه في مباشرة دعوى الضمان
العش ري ينتق ل إلى ورثت ه ،وذل ك تبع ا لنظري ة االس تخالف في الحق وق وااللتزام ات ،على
اعتب ار أّن ه ذه ال دعوى تعت بر من مس تلزمات البن اء ال ذي انتقلت ملكيت ه إليهم بوف اة م ورثهم،
بمعنى أنه إذا مات رب العمل ،انتقلت ملكية العقار ،406بما لها من حقوق ،من ذمته إلى ذمة
خلفه ،وبالتالي إذا حدث وأن ته ّد م هذا العقار كليا أو جزئيا ،أو ظهر به عيب يه ّد د سالمته
ومتانته ،أو جعله غير صالح للهدف الذي أنشئ من أجله ،جاز للخلف العام مباشرة دعوى
تنتقل الملكية إلى الورثة بمجرد الوفاة ،بشهادة نقل الملكية ،وهو ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة 91 406
من المرسوم رقم 76/63المؤرخ في 25/03/1976والمتعلق بتأسيس السجل العقاري ،والتي جاء نصها كاآلتي=:
= " كل انتقال أو إنشاء أو انقضاء لحقوق عينية عقارية بمناسبة أو بفعل الوفاة ضمن اآلجال المحددة في المادة 99
يجب أن يثبت بموجب شهادة موثقة.
وينبغي على الموثقين أن يحرروا الشهادات ليس فقط عندما يطلب منهم ذلك األطراف ولكن أيضا عندما يطلب منهم
إع داد عق ديهم كال أو ج زء من ترك ة ،وفي ه ذه الحال ة ينبغي على المعن يين أن يق دموا إلى الم وثقين ك ل المعلوم ات
واإلثباتات المفيدة.
وال يتم إعداد شهادة موثقة إذا كان عقد القسمة المتضمن لمجموع العقارات الموروثة ،قد تم تحريره وإ شهاره ضمن
األجل المنصوص عليه من أجل إشهار الشهادة المذكورة ".
-ق رار م ع غ م ،مل ف رقم ،267615الص ادر بت اريخ ،22/09/2004منش ور بـ م .م.ع ،ع ،1س ،2007ص
،407والذي جاء فيه " :تعد الشهادة التوثيقية ،حتى وإ ن كانت عقدا تصريحيا ،متى استوفت إجراءات الشهر ،عقدا
رسميا ناقال ملكية األمالك العقارية إلى الورثة ،سواء في الشياع أو بالحصة المفرزة ".
-ونفس المع نى يكرس ه ق رار م ع غ م ،مل ف رقم 572702الص ادر بت اريخ ،17/02/2011منش ور بـ م.م.ع ،ع
،1س ،2011ص ،92وال ذي ورد في ه " :الحق وق الميراثي ة تنتق ل إلى الورث ة ،بمج رد الوف اة طبق ا للم ادة 91من
المرسوم 76/63المؤرخ في ."...25/03/1976
181
الضمان العشري باعتبار أّن هذه الدعوى حق انتقل إليه من سلفه بوفاته ،تبعا النتقال ملكية
العقار.
ه ذا ولق د أك د المش رع الجزائ ري ،مس ألة انتق ال الح ق في مباش رة دع وى الض مان
العشري ،إلى الخلف العام ،بموجب أحكام المادة 178الفقرة الثانية من القانون رقم 95/07
وال تي ج اء فيه ا أن ه يس تفيد من ه ذا الض مان ،فض ال عن ص احب 407
المتعل ق بالتأمين ات
المش روع ،المالك المتت اليون ،ومن ض من ه ؤالء المالك ،الورث ة ال ذين تنتق ل إليهم ملكي ة
البناء ،محل عقد المقاولة ،بوفاة رب العمل.
ولق د نص المش رع الجزائ ري في الش طر الث اني من الم ادة 108من الق انون الم دني
على ما يلي ..." :ما لم يتبّين من طبيعة التعامل أو من نص القانون أّن هذا األثر ال ينص رف
إلى الخل ف الع ام ،ك ل ذل ك م ع مراع اة القواع د المتعلق ة ب الميراث" ،إال أن ه ذا االس تثناء ال
مجال لتطبيقه هنا ،ذلك أنه ال يجوز للمتعاقدين ،االتفاق على عدم انتقال حق مباشرة دعوى
الضمان العشري إلى الخلف العام ،ألن في هذا إعفاء من الضمان العشري ذاته أو ح ّد ا منه،
و مخالفة للنظام العام.
وبما أّن أحكام الضمان العشري من النظام العام ،فال يجوز للمتعاقدين االتفاق في عقد
المقاولة المبرم بينهما ،على عدم انتقال الحق في الضمان العشري إلى الخلف العام ،وحتى لو
ضّم نوا العقد مثل هذا الشرط أو االتفاق ،فإنه يقع باطال ،لمخالفته مقتضيات المادة 556من
القانون المدني والتي جرى نصها كاآلتي " :يكون باطال كل شرط يقصد به إعفاء المهندس
المعماري والمقاول من الضمان أو الحد منه".
408
-02الخلف الخاص
تنص المادة 109من القانون المدني على ما يلي " :إذا أنشأ العقد التزامات ،وحقوقا،
شخصية تتصل بشيء انتق ل بع د ذل ك إلى خلف خاص ،فان هذه االلتزام ات والحقوق تنتق ل
ه و من يخل ف الش خص في عين معين ة بال ذات ،أو في ح ق عي ني عليه ا ،أو في ح ق شخص ي ،كالمش تري ال ذي 408
يخلف البائع في العين المبيعة ،والموصى له بعين في التركة ،والمنتفع الذي يخلف المالك في حق االنتفاع ،وغيرهم.
182
إلى ه ذا الخل ف في ال وقت ال ذي ينتق ل في ه الش يء ،إذا ك انت من مس تلزماته وك ان الخل ف
الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء اليه".
وتنص المادة 178الفقرة الثانية من القانون رقم 95/07المتعلق بالتأمينات على ما
يلي " :ويس تفيد من ه ذا الض مان ص احب المش روع و/أو مالكي ه المتت الين إلى غاي ة انقض اء
أجل الضمان".
يستفاد من هاتين المادتين أن حق مباشرة دعوى الضمان العشري ،ينتقل إلى الخلف
الخاص لرب العمل ،ضد كل من المهندس المعماري أو مقاول البناء ،منفردين أو مجتمعين،
إذا م ا ح دث ته دم كلي أو ج زئي في العق ار موض وع عق د المقاول ة ،أو ظه ر في ه عيب يه ّد د
متانته وسالمته خالل مدة الضمان.409
ولع ّل الس بب ال ذي دف ع المش رع الجزائ ري إلى اتخ اذ ه ذا الموق ف ،ه و أّن الح ق في
الرجوع بالضمان العشري ،قد انتقل مع المبنى إلى الخلف الخاص ،طبقا لنظرية االستخالف
في الحقوق وااللتزامات.
وينتق ل ح ق الض مان العش ري إلى الخل ف الخ اص ح تى ل و لم يكن ل ه ح ق الرج وع
بالضمان على السلف ،كالموهوب له الذي ليس له حق الرجوع على الواهب بالضمان ،فانه
يرجع بالرغم من ذلك بالضمان على المهندس المعماري أو مقاول البناء ،ألّن دعوى الضمان
العشري قد انتقلت إليه كموهوب له ،مع العقار الموهوب ،بموجب عقد الهبة.410
وإ ذا ك انت دع وى الض مان العش ري ،تنتق ل كقاع دة عام ة ،م ع انتق ال ملكي ة العق ار
المش ّيد إلى المال ك الجدي د ،ف إّن ذل ك ال يع ني فق دان رب العم ل حق ه في مباش رة ه ذه ال دعوى
أيض ا ،إذا ك انت ل ه مص لحة مباش رة ومؤك دة من رفعه ا ،كم ا في الحال ة ال تي يرف ع فيه ا
409
Soinne(B), la responsabilité des architectes et entrepreneurs après la réception travaux, thèse, Paris 1969,
= p204.
= ويجوز للخلف الخاص أيضا ،إذا كان مشتريا ،أن يرجع على بائعه بضمان العيب ،طبقا للقواعد العامة في ض مان
العي وب الخفي ة في عق د ال بيع ،فيك ون للب ائع باعتب اره رب العم ل ،أن يرج ع على المهن دس المعم اري أو المق اول
بالضمان ،وله أن يدخلهما ضامنين في دعوى العيب التي يرفعها عليه المشتري.
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 410
تطبيق ا ل ذلك ،يس تفيد الخل ف الخ اص لص احب العم ل من أحك ام المس ؤولية الخاص ة
للمهندس المعماري ومقاول البناء ،فإذا باع صاحب المشروع العقار أو وهبه ،ثّم تهّد م كلي ا أو
جزئي ا ،أو ظه ر في ه عيب يه ّد د س المته ومتانت ه ،ج از للمش تري أو للموه وب ل ه الرج وع
بالضمان الخاص على المهندس المعماري أو مقاول البناء ،ألّن الحق في الرجوع بالضمان،
انتقل مع المبنى ،إلى الخلف الخاص طبقا لنظرية االستخالف في الحقوق وااللتزامات.411
ه ذا ويج وز للخل ف الخ اص إذا ك ان مش تريا مباش رة دع ويين ،ال دعوى األولى ض د
الب ائع (رب العم ل) طبق ا للقواع د العام ة الخاص ة بض مان العي وب الخفي ة في الش يء الم بيع،
متى توافرت شروطها ،وفي هذه الحالة يجوز للبائع بدوره أن يرجع على المهندس المعم اري
أو مق اول البن اء بالض مان ،ول ه أن ي دخلهما في الخص ام ،باعتبارهم ا ض امنين في دع وى
ض مان العي وب ال تي يرفعه ا علي ه المش تري ،412وال دعوى الثاني ة ض د المش ّيدين للعق ار ال ذي
اشتراه ،وذلك طبقا لألحكام الخاصة بالضمان العشري،413مع مالحظة أّن كل ما يحصل عليه
من تع ويض -ل و رف ع ال دعويين مع ا -لن يتج اوز مق دار الض رر ال ذي أص ابه من ج راء
الته دم ،أو ظه ور العيب بالعق ار ،بمع نى أن يحص ل المش تري على تع ويض يس اوي حجـم
الضرر الذي أصابه.
وقد يستفيد كذلك دائنو صاحب المشروع ،من أحكام المسؤولية الخاصة ،عن طريق
رفع الدعوى غير المباشرة باسمه للمطالبة بالضمان.414
محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص 411
.76-75
موهوبي فتيحة ،الضمان العشري للمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص.41 412
والمالحظ أن اختيار المشتري لهذه الدعوى ،يحقق له مزايا أكثر ايجابية من نواحي عديدة ،فالخطأ مثال مفترض 413
بقوة القانون ،في جانب المهندس المعماري أو مقاول البناء ،وذلك متى حدث التهدم أو العيب بالمباني أو بالمنشآت
الثابتة األخرى.
414تع ّر ف ال دعوى غ ير المباش رة بأنه ا " :وس يلة قض ائية ،رخص بموجبه ا الق انون لل دائن ،من أج ل حف ظ حق ه في
الضمان العام ،بمباشرة جميع حقوق المدين المهمل لهذه الحقوق ،ضمن شروط معينة".
184
رأينا فيما تقدم أّن الحق في الرجوع بالضمان ينتقل مع المبنى ،فهل يسري هذا الحكم
415
على المستأجر في عقد البيع باإليجار؟
ففي ه ذه المرحل ة ال يس تفيد المس تأجر في عق د ال بيع باإليج ار من أحك ام الض مان
الخاص ،ألنه ال يملك أّي حق عيني على المبنى ،و إنما يكون له حق االنتفاع فحسب.
المرحلة الثانية :التي يصبح فيها المستأجر مالكا للعقار محل البيع باإليجار
-عبد القادر الفار ،أحكام االلتزام ،الطبعة الثالثة ،مكتبة دار الثقافة ،األردن ،1996 ،ص.83
نص ت الم ادة 7من المرس وم التنفي ذي رقم 97/35الم ؤرخ في 14/01/1997والمح دد لش روط وكيفي ات بي ع 415
األمالك ذات االس تعمال الس كني وإ يجاره ا وبيعه ا باإليج ار وش روط بي ع األمالك ذات االس تعمال التج اري والمه ني
وغيرها ،التي أنجزتها دواوين الترقية والتسيير العقاري بتمويل قابل للتسديد من حسابات الخزينة العامة أو بتمويل
مضمون منها والمسلمة بعد شهر أكتوبر سنة 1992على ما يلي " :عقد البيع باإليجار هو العقد الذي يلتزم بموجبه
ديوان الترقية والتسيير العقاري باعتباره المالك المؤجر ،أن يحول ملكا عقاريا ذا استعمال سكني ،ألّي مشتر إثر
فترة تحدد باتفاق مشترك وحسب الشكل الرسمي .ويخضع إلجراءات التسجيل واإلشهار وفقا للتش ريع والتنظيـم = =
المعمول بهما ،وخالل الفترة المتفق عليها .يحتفظ ديوان الترقية والتسيير العقاري بصفته مالك العقار بكل حقوقه
والتزامات ه ،أم ا المس تأجر المش تري فيحتف ظ بك ل االلتزام ات المرتبط ة بالمس تأجرين ال س يما في مج ال األعب اء
المشتركة ".
ونصت المادة 2من المرسوم التنفيذي رقم 01/105المؤرخ في ،23/04/2001والمحدد لشروط شراء المساكن
المنجزة بأموال عمومية في إطار البيع باإليجار وكيفيات ذلك على ما يلي " :البيع باإليجار صيغة تسمح بالحصول
على مسكن بعد إقرار شرائه بملكية تامة بعد انقضاء مدة اإليجار المحددة في إطار عقد مكتوب".
والمالحظ من هاتين المادتين أن المشرع الجزائري اعتبر عقد البيع باإليجار عرضا للبيع باإليجار ،كصيغة عقدية
لواقع ة مادي ة ،وبموجب ه يتمكن الش خص من الحص ول على مس كن ،بع د إق رار ش رائه بملكي ة تام ة ،بع د انقض اء م دة
اإليج ار المح ددة في إط ار عق د مكت وب ،قص د تمكين المعن يين ،من االس تفادة بعق ارات مبني ة ،وبثمن يح دد كلفته ا
النهائية ،والمتمثل في قيمة األرض ،والنفقات الالزمة لتجهيز المباني.
-ش يخ محم د زكري اء ،ال بيع باإليج ار في الق انون الجزائ ري ،م ذكرة لني ل ش هادة الماجس تير في ق انون األعم ال
المقارن ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،مدرسة الدكتوراه ،جامعة وهران ،2012-2011 ،ص.10
185
ففي ه ذه المرحل ة تنتق ل إلى المس تأجر ملكي ة العق ار بدفع ه آخ ر قس ط من الثمن،
وبالنتيجة يجوز له مباشرة دعوى الضمان العشري ضد المهندس المعماري أو مقاول البناء،
نتيجة انتقال ملكية المبنى إليه.
نّظم المشرع الجزائري ،أحكام الملكية المشتركة في العقارات المبنية ،ألول مرة في
التقنين المدني بموجب األمر رقم 75/58المؤرخ في 26سبتمبر ،1975في الم واد من 743
إلى 772من ه ،المع دل والمتمم بم وجب الق انون رقم 83/01الم ؤرخ في 29ج انفي198
وال ذي يح ّد د ،4163ثّم بم وجب المرس وم رقم 83/666الم ؤرخ في 12نوفم بر1983
417
القواع د المتعلق ة بالملكي ة المش تركة وتس يير البناي ات الجماعي ة ،المع دل والمتمم بالمرس وم
التنفي ذي رقم 94/59الم ؤرخ في 07م ارس ،4181994وأخ يرا بم وجب المرس وم التش ريعي
رقم 93/03المتعلق بالنشاط العقاري.419
تنص الم ادة 743من الق انون الم دني على م ا يلي " :الملكي ة المش تركة هي الحال ة
القانوني ة ال تي يك ون عليه ا العق ار المب ني أو مجموع ة العق ارات المبني ة وال تي تك ون ملكيته ا
مقّس مة حصص ا بين ع ّد ة أش خاص تش تمل ك ّل واح دة منه ا على ج زء خ اص ونص يب في
األجزاء المشتركة ".420
ألغي ه ذا المرس وم التش ريعي بم وجب الق انون رقم 11/04الم ؤرخ في 17ف براير 2011المح دد للقواع د ال تي 419
186
يتضح من هذه المادة ،أّن الملكية العقارية المشتركة هي ملكية عقار مبني لالشتراك،
تكون ملكية مقسمة بين ع دة أشخاص وفقا لحص ص ،حيث يكون لكل شخص حصة ،يملك
جزءه ا الخ اص ملكي ة مف رزة ،والج زء المش ترك ملكي ة ش ائعة ،وأّن ح يز تط بيق الملكي ة
المشتركة يكون مقتصرا على العقارات المبنية ،دون العقارات غير المبنية أو التي لم يكتمل
بناؤه ا بع د ،ش ريطة أن تك ون ملكيته ا مقس مة إلى ع دة حص ص ،مملوك ة لع دة أش خاص
مختلفين.
من خالل ه ذا التعري ف ،يت بين لن ا أن الملكي ة المش تركة تحت وي على أج زاء خاص ة،
يكون للمالك وحده حق التمتع بها ،وأخرى مشتركة بين كل المالك.
فأما األجزاء الخاصة فهي أجزاء العقارات المبنية أو غير المبنية ،والمملوكة بالتقسيم
لك ل واح د من المالك الش ركاء ،بغ رض االس تعمال الشخص ي والخ اص ،421ولق د ح ددها
المشرع على سبيل المثال ال على سبيل الحصر.422
أما األجزاء المشتركة فهي أجزاء العقارات المبنية أو غير المبنية ،التي يملكها على
الشيوع كافة المالكين المشتركين ،بالنسبة لنصيب كل واحد منهم ،في كل حصة ،الستعمال أو
لمنفع ة جمي ع الم الكين المش تركين ،أو ألك بر ع دد منهم ،423ولق د ح دد المش رع ه ذه األج زاء
على سبيل المثال أيضا ال الحصر.424
انظر المادة 744من ق.م ،والمادتين 4 ،3من المرسوم رقم 83/666المؤرخ في .12/11/1983 421
ومن قبيل األجزاء الخاصة :تبلي ط األرض واألرضية والتغطية ،األسقف واألحواش باستثناء الجدران األساسية 422
في البن اء ،الح واجز الداخلي ة وأبوابه ا ،أب واب المس اطح والنواف ذ واألب واب والنواف ذ ومغ الق الش بابيك والمص ارع أو
الس تائر وتوابعه ا ،قض بان النواف ذ وال درابيز الحديدي ة للش رفات ،الطالء ال داخلي للحيط ان والح واجز مهم ا ك انت،
األن ابيب الداخلي ة ومنحني ات التوص يل الخاص ة ب األجهزة من مجم وع الحنفي ات والل وازم المتص لة به ا ،إط ار وأعلى
الم داخل والمخ ازن والخ زائن المموه ة ،األدوات الص حية للحّم ام ات والمغس لة والمرح اض ،أدوات المطبخ ،األدوات
الخاصة للتدفئة والماء الساخن التي يمكن أن توجد داخل المحل الخاص،
-لتفاصيل أكثر في أمثلة األجزاء الخاصة ،تراجع المادتان 3و 4من المرسوم رقم 83/666السالف الذكر.
انظر المادة 745من ق.م ،والمواد 8 ،7 ،6 ،5من نفس المرسوم المذكور أعاله. 423
ومن قبيل األجزاء المشتركة :األرض واألفنية والبساتين والجنائن والمداخل ،الجدران األساسية في البن اء وأدوات 424
التجهيز المشتركة بما فيها أجزاء األنابيب التابعة لها والتي تمر على المحالت الخاصة ،الخزائن وغالف ورؤوس
187
ه ذا وإ ّن المش رع الجزائ ري أخ ذ بمعي ار " تخص يص االس تعمال" من أج ل تمي يز
األج زاء الخاص ة المع دة لالس تعمال المنف رد لك ل مال ك ش ريك ،واألج زاء المش تركة المع دة
لالستعمال المشترك والجماعي لكل المالك الشركاء.425
ولكل شريك في الملكية ،الحق في أن يتمتع باألجزاء الخاصة التابعة لحصته ،كما له
أن يس تعمل وينتف ع بحرية ب األجزاء الخاص ة والمش تركة ،بشرط أن ال يمس بحق وق الش ركاء
اآلخرين في الملكية ،أو يلحق ضررا بما أعد له العقار.426
تش كل جماع ة الش ركاء في الملكي ة أو الش اغلين له ا جمعي ة تتمت ع بالشخص ية المدني ة،
تتولى إدارة العقار والمحافظة عليه ،وتسيير األجزاء المشتركة.427
ولق د نظم المش رع الجزائ ري عم ل ه ذه الجمعي ة ،واختصاص اتها ،وكيفي ة عمله ا في
المادة 756مكرر 3وما يليها من القانون المدني ،المضافة بالقانون رقم 83/01المؤرخ في
29ين اير ،4281983فنّص على أن يت ولى تمثي ل ه ذه الجمعي ة ،متص رف ،ينتخب من ط رف
جماع ة الش ركاء ،وال تي يج وز له ا أن تفص له عن د االقتض اء ،أو يعّين من ط رف رئيس
المجلس الشعبي البلدي للمكان الذي يوجد فيه العقار ،إذا ما قّص رت الجمعية في تعيينه ،وأن
المداخل المعدة لالستعمال المشترك ،الرواق الخارجي والدرابيز واألسطح ولو خصصت كلها أو بعضها لالستعمال
الخاص من طرف شريك واحد ،المحالت المستعملة للمصالح المشتركة ،القاعات الكبرى وممرات الدخول والدرج
والمصاعد ،وغيرها.
-لتفاصيل أكثر في أمثلة األجزاء المشتركة ،تراجع المواد 8 ،7 ،6 ،5من المرسوم رقم 83/666سالف الذكر.
ق رار م ع غ م ،مل ف رقم 50937 :الم ؤرخ في ،09/05/1990منش ور بـ م ق ،ع ،2لس نة ،1991ص،32 425
والذي قضى بنقض القرار المطعون فيه ،ذلك أن السطح والمغسل المشترك بين كافة المشتركين تعد أجزاء مشتركة
في العقارات المبنية وغير المبنية ،ومن تم فال يمكن استغاللها فرديا.
يراج ع نص الم ادة 749من ق.م ،ويراج ع أيض ا :ق رار م ع غ ع ،مل ف رقم ،559709الص ادر بت اريخ 426
،12/11/2009منشور في م.م.ع ،ع ،2س ،2009ص 257والذي جاء فيه ما يلي " :يعد مساس شريك بأحد
الجدران عمارة ما ،مساسا بحقوق الشركاء اآلخرين في الملكية المشتركة في عقار مبني"
انظر المادة 756مكرر 2من ق.م المضافة بالقانون رقم 83/01المؤرخ في .29/01/1983 427
188
يتكفل متصرف العقارات بتنفيذ قرارات الجمعية ،بحيث يع ّد وكيال لها ،ويمّثلها لدى القضاء،
سواء أكان مدعيا أو مدعى عليه.429
هذا وبع د التعرض للملكية المشتركة للعق ارات المبنية ونظام تسييرها بشكل موجز،
ف ان التس اؤل يث ور في حال ة م ا إذا تعل ق س بب الض مان بالعق ار في مجموع ه ،أي األج زاء
الخاصة واألجزاء المشتركة ،فهل ينعقد االختصاص بالدعوى للمتصرف أم للشركاء؟
بمراجعة النصوص القانونية المنظمة للملكية المشتركة للعقارات المبنية ،يتضح لن ا أّن
المشرع الجزائري لم يحّد د من تكون له الصفة في رفع دعوى الضمان العشري ،إذا ما تق ّر ر
سببها بموجب نص قانوني خاص ،و من تّم نرجع إلى القواعد العامة.
وعليه ،إذا وقع سبب الضمان في األجزاء الخاصة من العقار ،والتي يستقّل بها ك ّل
واحد من المالك الشركاء ،فإّن دعوى الضمان العشري ،يمكن أن تباشر من طرف كل مالك
للجزء الذي لحقه الضرر على انفراد ،وذلك على أساس ارتباط دعوى الضمان بالملكية،430
أم ا إذا تعل ق الس بب الم وجب للض مان ب األجزاء المش تركة في البن اء ،كالم داخل واألس طح
والس اللم ،ف إّن دع وى الض مان العش ري تباش ر من ط رف جمعي ة الش ركاء ،ممثل ة من قب ل
متصرفها ،و للمالك أن ينضّم وا إلى هذه الدعوى إذا أرادوا.
ه ذا ويس تطيع المالك المش تركون ،رف ع دع وى الض مان العش ري ،ض د المهن دس
المعم اري أو مق اول البن اء لقي ام الص فة والمص لحة فيهم ،إذا تعل ق س بب الض مان ب األجزاء
المشتركة العامة في العقار ،حتى ولو لم تصب األجزاء الخاصة بهم بأّي ضرر ،وذلك متى
أثبتوا أّن المتصرف الذي يمثل الجمعية تهاون في رفع هذه الدعوى.431
خالصة ما تق دم أنه يجوز للمتصرف ،باعتباره ممثال لجمعية الشركاء ،رفع دعوى
المس ؤولية العش رية ،ض د المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء عن د ته دم البن اء ته دما كلي ا أو
جزئي ا ،أو عن د إص ابته بعي وب ته دد متان ة وس المة األج زاء المش تركة ،بخالف الش ريك في
انظر المادة 764من ق.م ،والمادة 16/2من المرسوم رقم .83/666 429
محمد شكري سرور ،مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الثابتة ،المرجع السابق ،ص.207 430
تنص المادة 25من المرسوم التشريعي 93/03المتعلق بالنشاط العقاري على ما يلي " :يمكن للمالك المخولة له 431
صالحيات هذه الجمعية ،أن يمارس هذه الدعوى في غياب جمعية الشركاء".
189
الملكية المشتركة ،والذي ال يجوز له رفع دعوى الضمان العشري ،ضد المهندس المعماري
أو مقاول البناء ،بخصوص أّي خلل قد يصيب الجزء المشترك ،النعدام صفته ،الّلهم إال إذا
أثبت أن المتص رف عن الجمعي ة رفض رف ع ه ذه ال دعوى ،في حين يج وز ل ه رف ع دع وى
الض مان العش ري بخص وص الض رر ال ذي ق د يص يب الج زء الخ اص ب ه ،وال ذي يملك ه على
وجه منفرد ومستقل ،أي في حصته المفرزة.
رأين ا فيم ا س بق ،أّن كال من المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،مس ؤوالن مس ؤولية
تضامنية ،عّم ا يحدث من تهّد م كلي أو جزئي للمباني أو المنشآت الثابتة األخرى التي ش ّيداها
خالل مّد ة الضمان ،األمر الذي يفهم منه أّن هناك أعماال مح ّد دة ،وأضرارا معّينة يرد عليها
الض مان الخ اص ،فالنط اق الموض وعي للض مان العش ري يتح ّد د باألعم ال ،وباألض رار ال تي
تشكل محال لسريان أحكامه ،وهذا ما سأعرضه في فرعين.
الفرع األول :األعمال التي تشكل محل سريان أحكام المسؤولية الخاصة
ال يمكن أن تق وم المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء إال بالنس بة
لألعم ال ذات الطبيع ة العقاري ة ،ومن تّم يخ رج عن نطاقه ا إنش اءات األعم ال ذات الطبيع ة
المنقولة ،432ألّن هذه األخيرة محمية أساسا بالضمان العام للعيوب الخفية ،433فما هي األعمال
العمراني ة ال تي تش ملها الطبيع ة الثابت ة ،وال تي تش ّك ل نطاق ا لتط بيق أحك ام المس ؤولية الخاص ة
عليها؟
تتح ّد د ه ذه األعم ال من حيث طبيع ة األش ياء ال تي تك ون محال له ا ،ومن حيث طبيع ة
هذه األعمال ذاتها.
ويرجع السبب في استبعاد األعمال المنقولة ،من دائرة الضمان الخاص ،كونها قابلة للتلف بطبيعتها ،فهي تفسد 433
بص ورة أس رع من اإلنش اءات غ ير المنقول ة ،فض ال عن أن األعم ال ال تي تش ملها األعم ال المنقول ة ،تق ل أهميته ا
بالمقارنة مع تلك األعمال العقارية ،وعليه فإن العيوب الخاصة بها تظهر بصورة أسرع.
190
أوال :طبيعة األشياء محل األعمال
تقوم المسؤولية العشرية في جانب المهندس المعماري ومقاول البناء متى حدث تهدم
كلي أو جزئي في المباني أو المنشآت الثابتة األخرى ،أو متى وجد في هذه المباني والمنشآت
عي وب ي ترتب عليه ا تهدي د متان ة البن اء وس المته ،ول و نش أ ه ذا التهدي د من عيب في األرض
،434وعليه حتى نطّبق أحكام المسؤولية الخاصة على المعماري ،يجب أن يكون العمل الذي
عه د ب ه إلى المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،ه و تش ييد مب نى ،أو إقام ة منش آت ثابت ة
أخرى ،435وهذا ما سنتناوله.
-01المبانـي
تع ّد دت التعريف ات الفقهية للمب نى ،فعّر فه ال دكتور عب د ال رزاق أحم د الس نهوري بأنه:
" مجموعة من المواد ،أّي ا كان نوعها ،خشبا أو ج يرا أو جبسا أو حديدا أو ك ّل هذا معا ،أو
شيئا غير ذلك ،شّيدتها يد اإلنسان ،لتتصل باألرض اتصال قرار".436
وعّر ف ه ال دكتور عب د الناص ر توفي ق العط ار بأن ه " :ك ّل ش يء متماس ك من ص نع
اإلنسان ،واتصل باألرض اتصال قرار".437
كما عّر فه الدكتور عبد الرازق حسين يس بأّن ه " :ك ّل عمل أقامته يد اإلنسان ،ثابت
في حّيزه من أرض ،متصال بها اتصال قرار ،عن طريق الربط ،ربطا غير قابل للفك دون
تعّيب ،بين مجموع ة من الم واد ،أّي ا ك ان نوعه ا ،ج رت الع ادة على اس تعمالها في مث ل ه ذا
العمل ،طبقا لمقتضيات الزمان والمكان".438
435
IBRAHIM Youcef: La responsabilité des constructeurs dans le cadre du contrat d’entreprise, la garanti
décennale selon l’article 554 du code civil, R.A.S.J.E.P, n° 2, Alger, 2000, p11.
ويس توي أن يك ون البن اء مع دا لس كنى إنس ان ،أو إلي واء الحي وان ،أو إلي داع أش ياء .يراج ع :عب د ال رزاق احم د 436
السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،نظرية االلتزام بوجه عام ،الجزء األول ،المرجع السابق ،ص.1213
عب د الناص ر توفي ق العط ار ،تش ريعات تنظيم المب اني ومس ؤولية المهن دس والمق اول ،مطبع ة الس عادة ،ب دون س نة 437
عبد الرازق حسين يس ،المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص .659 438
191
ولقد عّر فه الدكتور محمد ناجي ياقوت بأّن ه " :ك ّل ما يرتفع فوق سطح األرض من
منشآت ثابتة من صنع اإلنسان ،بحيث يستطيع الفرد أن يتحرك بداخلها ،وأن يك ون من شأنها
أن توفر له حماية ولو جزئية ضد المخاطر الناتجة عن المؤثرات الطبيعية الخارجية ".439
نخلص من التعريف ات أعاله ،أّن المب نى ه و ك ّل ش يء من ص نع اإلنس ان ،ث ابت في
حّيزه ،متصل باألرض اتصال قرار.
وب الرجوع إلى الق انون الجزائ ري ،نج د المش رع ع ّر ف المب اني في الم ادة 23من
الق رار ال وزاري المش ترك الم ؤرخ في 15م اي 4411988بأنه ا " :ك ّل أش غال األساس ات
والهياكل الفوقية واألسوار واألسقف".
والمباني التي يتحقق في مقاوالتها الضمان ،قد تكون إما منزال أو مدرسة أو مستش فى
أو مص نعا أو مخزن ا أو مس جدا أو مق را لش ركة أو محال ل بيع البض ائع أو تق ديم الطع ام
والش راب وغيره ا ،وق د ال يك ون البن اء مع دا لش يء من ذل ك ،كالتماثي ل المبني ة على س طح
األرض ،كما وأن كل ما شيد في باطن األرض يعد بناء ،وهذه المباني مهما تنوعت ،فإنها
محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص 439
،83 ،82ومن أمثلة المباني المنازل ،المدارس ،المستشفيات ،المساجد ،المصانع ،المخازن.
ع ادل عب د العزي ز عب د الحمي د س ماره ،مس ؤولية المق اول والمهن دس عن ض مان متان ة البن اء في الق انون الم دني 440
األردني ،دراس ة مقارن ة ،م ذكرة لني ل ش هادة الماجس تير في الق انون الخ اص ،كلي ة الدراس ات العلي ا ،جامع ة النج اح
الوطنية ،نابلس -فلسطين ،2007 ،ص .60
441المالحظ أن هذا القرار الوزاري ،الذي ع ّر ف المشرع الجزائري فيه البناء ،يخص فقط أعمال االستشارة الفنية
في البن اء ،وأجره ا لحس اب اإلدارات التابع ة للدول ة والجماع ات المحلي ة والهيئ ات العمومي ة ،فإن ه وإ ن ك ان يعت بر
مرجعا يمكن االستعانة به في تحديد مفهوم البناء ،إال أنه ال يرقى من حيث الحجية القانونية إلى الدرجة التي تمنع
االجتهاد معه ،وهو ما يدفعنا إلى البحث في تشريعات أخرى لبعض الدول ،مع الرجوع إلى بعض الدراسات الفقهية
في هذا المجال ،في محاولة لتحديد مفهوم البناء المقصود في المادة 554من ق.م.
192
تدخل في نطاق المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء ،إذا ما لحقها الضرر
تهدما كان أو عيبا.
وال يشترط أن تكون هذه المباني قد ش ّيدت بالطوب أو بالحجارة ،إذ يجوز أن يكون
البناء مشيدا بأّي نوع من مواد البناء األخرى كالخشب أو الزجاج أو المعادن والبالستيك ،بل
المهم أن يكون البناء ،مستقرا ثابتا في مكانه ،ومتصال باألرض اتصال قرار ،فال يمكن نقله
دون هدمه أو تلفه.
ال تخضع ألحكام المسؤولية الخاصة للمهندس والمالحظ أّن العقارات بالتخصيص
442
المعم اري ومق اول البن اء ،طالم ا ك انت قابل ة لالنفص ال عن البن اء الملحق ة ب ه ،دون تل ف أو
ته دم ،ألنه ا ال تعت بر مب اني ،وإ نم ا منق والت غ ير ثابت ة بحس ب طبيعته ا ،يك ون ض مانها وفق ا
للقواع د العام ة في المس ؤولية ،ه ذا وإ ّن المس اكن س ابقة التص نيع ،أي المس اكن الج اهزة ال تي
تصنع خارج موقع العمل ،بمعرفة أشخاص متخصصين ،والتي يتّم تثبيتها الحقا في األرض
بموق ع العم ل ،بحيث يص عب فيم ا بع د نقله ا من مكانه ا دون إتالف أو ه دم ،تعت بر مب نى،
وتخضع بدورها ألحكام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء.443
أما إذا كان العقار بالتخصيص ،المرصد لخدمة العقار ،مثبتا به ،على نحو يجعله غير
قابل لالنفصال عنه ،دون هدم أو تلف ،كأجهزة التكييف المركزية ،فيخضع ألحكام الضمان
الخاص.
يجدر التنويه أّن المشرع الجزائري أطلق مصطلح " العناصر الخاصة بتجهيز بناية
ما " على العقارات بالتخصيص غير القابلة لالنفصال في األمر 95/07المتعلق بالتأمينات،
وعرفه ا في الم ادة 181من ه بأنه ا " :ج زء ال يتج زأ من منج زات التهيئ ة ووض ع األس اس
والهيك ل واإلحاط ة والتغطي ة ،على أن ه يعت بر ج زء ال يتج زأ من االنج از ك ل عنص ر خ اص
يعرف العقار بالتخصيص بأنه شيء منقول بطبيعته ،ولكن اكتسب وصف العقار بحكم تخصيصه لخدمة العقار 442
واس تغالله ،ومن أمثلت ه األب واب والنواف ذ واألجه زة الكهربائي ة والميكانيكي ة الالزم ة لتك ييف اله واء أو تس خين المي اه
بالمبنى المشيد.
الحس يني عب د اللطي ف ،المس ؤولية المدني ة عن األخط اء المهني ة ،المرج ع الس ابق ،ص ،262وموه وبي فتيح ة، 443
يستفاد من هذه المادة أّن المشرع أخضع األضرار المخلة بصالبة العناص ر التجهيزية
للبناية إلى الضمان الخاص ،طالما أنها تعتبر جزء ال يتجزأ من البناء ،ال يمكن القيام بنزعه
أو تفكيك ه دون ه دم أو تل ف ،ولع ّل الس بب ال ذي دف ع المش رع إلى تقري ر ذل ك االتج اه ،ه و
توف ير المزي د من الحماي ة القانوني ة ألرب اب العم ل والمالك ،ض د المخ اطر واألض رار ال تي
يمكن أن تترتب عن تركيب مثل هذه العناصر في المبنى ،أو العيوب أو الخلل الذي يمكن أن
يعوق أداءها لوظائفها على الوجه األكمل ،األمر الذي يدفع بمشّيدي البناء ببذل الجهد والعناية
الالزمة في أداء أعمالهم ،وبالتالي ينتج عن ذلك التقليل من الحوادث المختلفة ،التي قد تحدث
نتيجة اإلهمال في مثل هذه األعمال الثانوية التابعة للبناء.
وبمفه وم المخالف ة ،يخ رج من نط اق المب اني ال تي تخض ع للض مان الخ اص ،األعم ال
المتعلقة بالمنازل القابلة للفك والتركيب ،واألكشاك التي يمكن نقلها من مكان آلخر بسهولة،
ودون هدم أو تلف ،لعدم توافر صفة المباني فيها بالمعنى المقصود.444
كم ا يخ رج من نط اق تط بيق أحك ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول
البناء ،األعمال المتعلقة بالصيانة والترميم واإلصالح والتدعيم والهدم ،وكذا األعمال المتعلقة
بتهيئة األرض كشق الطرق ،طالما أن هذه األشغال ال ترد على األجزاء الرئيسية للمبنى التي
تعتمد عليها متانة المبنى وسالمته.445
وسواء أنشأ المهندس المعماري أو مقاول البناء المباني باألسلوب المعتاد ،من وضع
التصميمات والمقايسات ،ثم تنفيذها بمواد من عند مقاول البناء أو من عند ص احب المشروع،
أو اقتصر دورها على تركيب المساكن سابقة الصنع ،وتثبيتها بموقع العمل ،فإن هذه األعم ال
كلها تخضع ألحكام الضمان الخاص.
-02المنشآت الثابتة
محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص 444
.83
محمد لبيب شنب ،شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء ،المرجع السابق ،ص.163 445
194
رأين ا فيم ا تق دم ،أّن المش رع الجزائ ري لم يقص ر في الم ادة 554من الق انون الم دني
تطبيق أحكام المسؤولية الخاصة على المباني فحسب ،وإ نما م ّد تطبيقها إلى المنشآت الثابتة
األخرى.
يقص د بالمنش آت الثابت ة " :ك ّل عم ل أقامت ه ي د اإلنس ان ،ثابت ا في حّي زه من األرض،
متص ال به ا اتص ال ق رار ،عن طري ق الرب ط بين مجموع ة من الم واد أّي ا ك ان نوعه ا ،ربط ا
غير قابل للفك بحيث ييّس ر على اإلنسان سبيل انتقاله أو سبيل معاشه".446
يتضح من هذا التعريف ،أّن المنشأ الثابت يتفق والبناء من حيث كونه ثابتا ،متصال
ب األرض اتص ال ق رار ،وأن ه من ص نع اإلنس ان ،على أن ه ال تختل ف المنش آت الثابت ة عن
المباني من حيث التكوين ،فكالهما قد يقام من الحديد أو الخشب أو االسمنت أو غيرها ،كما
ال يهم الغ رض ال ذي أنش ئ من أجل ه ك ّل منهم ا ،غ ير أنهم ا يختلف ان من حيث الوظيف ة ال تي
يؤديها كل منهما ،فبينما تقتصر وظيفة البناء على السكن أو ما شابهه ،فإن المنشآت الثابتة
تتعّد د وظائفها لتشمل مختلف مجاالت الحياة اليومية لإلنسان ،فهي تنشأ لتيّس ر عليه انتقاله من
مك ان إلى آخ ر ،كالش وارع والجس ور والمع ابر والمط ارات ،أو تيّس ر علي ه عيش ه كالس دود
والخزانات وشّق القنوات وغيرها ،أو توّفر له سبل راحته كأرصفة محطات السكك الحديدية
واألنفاق و المالجئ.447
ولق د ع ّر ف المش رع الجزائ ري المنش آت الثابت ة في الفق رة الثاني ة من الم ادة 23من
الق رار ال وزاري المش ترك رقم 88/666الم ذكور س ابقا بأنه ا " :تل ك التجه يزات المرتبط ة
ارتباط ا وثيق ا بالمنش آت ،وال تي من ش أنها أن تس تجيب لقي ود االس تعمال ،وأن تك ون مطابق ة
الحتياجات المستعمل".
عبد الرازق حسين يس ،المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص.682-681 446
195
هذا ولق د اختلفت آراء الفقه بخصوص بعض المنشآت الثابتة ،448كتلك التي تنشأ في
مس توى س طح األرض ،ك المالعب ،وأرص فة الط رق ،والس كك الحديدي ة ،أو تحت مس توى
األرض ،كاألنف اق ،والمن اجم ،وحّم ام ات الس باحة ،وقن وات ص رف المي اه الص حية ،إن ك انت
تعتبر منشآت ثابتة ،تنطبق عليها أحكام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء
أم ال؟
يرى بعض الفقه أّن هذه المنشآت ليست من قبيل المنشآت الثابتة ،ومن تّم ال تخضع
ألحك ام المس ؤولية العش رية ،449بينم ا ي رى البعض اآلخ ر أن المنش آت س واء أنش ئت ف وق
األرض ،أو تحتها ،أو في مستواها ،تعّد منشآت ثابتة ،تخضع ألحكام الضمان الخاص.450
والمالحظ أّن هذا الخالف لم يطرح في التشريع الجزائري ،ذلك أّن نص المادة 554
من الق انون الم دني الجزائ ري ،ج اء ص ريحا في إخض اع المنش آت الثابت ة ،بجمي ع أنواعه ا،
ألحكام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء ،سواء وجدت هذه المنشآت على
مس توى س طح األرض ،أو فوق ه ،أو تحت ه ،451ونمي ل ب دورنا إلى م ا ذهب إلي ه المش رع
الجزائري وغالبية الفقه ،من أّن المنشآت الثابتة التي تخضع ألحكام الضمان الخاص هي كل
يرجع سبب الخالف بين الفقهاء حول هذه المنشآت إلى التشريع الفرنسي القديم ،ذلك أن المشرع الفرنسي في 448
تقنين 1804استعمل في المادة 1792منه عبارة ( )Edificeبمعنى ( بناء) ،والمقصود بالبناء كما رأينا ك ّل ما يقام
ف وق األرض ،األم ر ال ذي أدى إلى اس تبعاد المنش آت القائم ة تحت األرض ،كاألنف اق وحمام ات الس باحة من أحك ام
المسؤولية العشرية ،غير أن المشرع وضع حدا لهذا الخالف بتعديله لنص المادة 1792من القانون 12/78والتي
نص في ص ياغتها الجدي دة على مص طلح ( )Ouvrageبمع نى ( عم ل) ،فأص بحت ك ل المنش آت الثابت ة على تنوعه ا،
س واء أنش ئت ف وق س طح األرض ،أو في مس تواها ،أو ح تى تحته ا ،تخض ع ألحك ام الض مان الخ اص ،بحيث أص بح
الفقه والقضاء الفرنسيين يجمعان على دخول ذلك ضمن مفهوم العمل العقاري بالمعنى الواسع ،المقصود من عبارة
القانون الفرنسي الجديد.
محمد لبيب شنب ،شرح أحكام عقد المقاولة في ضوء الفقه والقضاء ،المرجع السابق ،ص. 449
محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص 450
.90
اس تعمل المش رع الجزائ ري في الم ادة 554من ق.م عب ارة "منش آت ثابت ة أخ رى" ،قاص دا ب ذلك ك ل المنش آت 451
ال يكفي أن تتعل ق األعم ال ال تي يؤديه ا المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بمب اني أو
بمنش آت ثابت ة ،ب ل يجب فض ال عن ذل ك ،أن ت دخل ه ذه األعم ال ،ض من دائ رة أعم ال البن اء
والتشييد ،ح تى تسري عليها أحكام المس ؤولية الخاصة ،م تى توافر سبب الضمان ،وهذا ما
أك ده المش رع الجزائ ري بص ريح العب ارة في نص الم ادة 554من الق انون الم دني ..." :فيم ا
ش ّيداه من مب ان أو أقام اه من منش آت ثابت ة أخ رى ،"...بحيث قص ر نط اق تط بيق أحك ام
المسؤولية العشرية على أعمال البناء والتشييد دون غيرها من األعمال األخرى ،التي يمكن
أن يؤّد يها المعماري لحساب رب العمل أو مالك البناء.
ويثور التساؤل هنا عّم ا إذا كان المقصود بأعمال البناء والتشييد التي تغطيها مسؤولية
القواعد الخاصة هو بمفهومها الضّيق أو الواسع؟ بمعنى هل يشترط أن ينحصر نطاق تطبيق
الض مان الخ اص على أعم ال الب دأ في تش ييد المب اني والمنش آت الجدي دة فق ط ،وال يمت د إلى
غيرها من األعمال المعمارية األخرى(المعنى الضيق) ،أم يمتد ليشمل كل األعمال المعمارية
454
أو إقام ة بن اء جدي د ،453كأعم ال التعلي ة 452
األخ رى ال تي ال ت دخل ض من فك رة إنش اء
والتجدي د والتوس عة ،أو إع ادة تش ييد المباني أو المنشآت 457
والت دعيم 456
وال ترميم 455
والتع ديل
الموجودة سالفا (المعنى الواسع)؟
يقصد بإقامة البناء ،األعمال الالحقة لإنشاء المبنى ،كإقامة الأسوار والسياجات والساللم الخارجية ،وغيرها. 453
يقصد بتعلية البناء زيادة مباني جديدة فوق المباني القائمة. 454
يقصد بتعديل البناء ،تغيير معالمه سواء من الداخل أو من الخارج ،كتحويل السكن بإضافة غرفة ،أو اإلنقاص 455
منها ،أو تحويل الفناء إلى غرفة ،أو تغيير الغرض المعد من أجله البناء ،بتحويله من مسكن إلى متجر وغيرها.
يقصد بترميم البناء ،إصالح األجزاء المعيبة من المبنى وملحقاته . 456
457يقصد بتدعيم البناء تقويته وإ زالة ما به من خلل ،مثل هدم جدار متصدع ،ثم إعادة بنائه من جديد لتقوية المبنى
كله.
197
بالتمعن في نص المادة 554من القانون المدني المنوه عنها أعاله ،نرى أن المشرع
الجزائري أخذ بالمفهوم الواسع ألعمال البناء والتشييد لعموم النص ،ومن تم ال يقتصر تطبيق
أحكام المسؤولية الخاصة ،حال قيام سببها ،على أعمال البناء والتشييد الجديدة المنجزة ألول
م رة ،وإ نم ا تمت د إلى أعم ال ال ترميم والص يانة والتوس عة والتعلي ة ،م تى ك انت ذات عالق ة
بعناصر جوهرية في البناء وسالمته.
وتطبيقا لذلك ،تستبعد من نطاق تطبيق المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومق اول
البناء ك ّل األعمال المعمارية األخرى ،التي ال يمكن أن تندرج تحت المفهوم الواسع ألعمال
التش ييد والبن اء ،كأعم ال اله دم ،والص يانة البس يطة ،وك ذا أعم ال ال دهان والزخرف ة ،ألّن ه ذه
458
األعمال ليس من شأنها أن تهّد د متانة البناء أو سالمته.
الفــرع الثــاني :األضــرار الــتي إذا تحققـــت اعتــبرت ســببا لقيــام المســؤولية الخاصـــة
للمهندس المعماري ومقاول البناء
بالرجوع إلى نص المادة 554الفقرة األولى من القانون المدني ،يتضح لنا جليا أّن
459
المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء ،ال تغّطي كل األضرار التي قد تصيب
المب اني أو المنش آت الثابت ة األخ رى ،وإ نم ا تقتص ر فق ط على الته دم الكلي أو الج زئي ،وعلى
العيوب التي تهّد د سالمة البناء ومتانته.460
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 458
تنص المادة 554من ق.م على ما يلي " :يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خالل عشر 459
س نوات من ته دم كلي أو ج زئي فيم ا ش ّيداه من مب ان أو أقام اه من منش آت ثابت ة أخ رى ول و ك ان الته دم ناش ئا عن=
=عيب في األرض .ويش مل الض مان المنص وص علي ه في الفق رة الس ابقة م ا يوج د في المب اني والمنش آت من عي وب
يترتب عليها تهديد متانة البناء وسالمته".
460المالحظ أّن المشرع الفرنسي حذف عبارة التهدم الكلي أو الجزئي من صياغة المادة 1792من ق.م.ف – التي
تقابل المادة 554من ق.م.ج -بموجب القانون رقم 12/78المؤرخ في ،04/01/1978واكتفى بمج رد النص على
تعريض متانة العمل وسالمته للخطر لقيام المسؤولية الخاصة.
198
ال يخفى على أحد أن تهّد م المباني أو المنشآت الثابتة تهدما كليا أو جزئيا ،بسبب خطأ
أو إهم ال مه ني من ج انب المعم اري ،ه و من األض رار الخط يرة ال تي تق وم به ا مس ؤوليته
الخاصة ،لذلك نّص المشرع الجزائري على قيام المسؤولية العشرية في حالة حصول ذلك،
ف التزام المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ال وارد في الم ادة 554م دني جزائ ري ه و ال تزام
بتحقيق نتيجة ،تتمثل في بقاء البناء الذي ش ّيداه سليما ومتينا لمدة عشر سنوات بعد تسليمه،
ومن تّم يثبت اإلخالل بهذا االلتزام بمجرد إثبات عدم تحقق تلك النتيجة ،دون الحاجة إلثبات
خطأ ما .فما المقصود إذن بالتهدم الذي يعتبر أساسا لقيام هذه المسؤولية الخاصة؟ وما هي
صوره؟
-01مفهوم التهدم
يقص د بالته دم انحالل الرابطة ال تي تربط بين أج زاء البناء بعضها ببعض ،461بمع نى
تفك ك أج زاء البن اء كله ا أو بعض ها ،وانفص الها عن ه ،أو عن األرض المق ام عليه ا ،وبعب ارة
أخ رى يقص د بالته دم تل ك الحال ة ال تي تلح ق المب اني ،فتخت ل أجزاؤه ا المتماس كة أو بعض ها،
وتزول إلى وضع تصبح معه متفككة غير متماسكة ،فتختل وتتساقط أو تؤول إلى السقوط،
فال تقوى على البقاء قائمة.462
-02صور التهدم
في هذا الصدد ،قضت محكمة النقض الفرنسية في القرار الصادر عنها بتاريخ 19/05/1953بأن " :المقصود 461
بالته دم ال الته دم الكلي فحس ب ،وإ نم ا ه و يش مل س قوط أي قس م من البن اء أو أي ج زء داخ ل في تك وين أي عنص ر
ثابت أو غير ثابت في البناء ،وضع بشكل ال يقبل معه االنفصال عنه".
-ع ادل عب د العزي ز عب د الحمي د س ماره ،مس ؤولية المق اول والمهن دس عن ض مان متان ة البن اء في الق انون الم دني
األردني " دراسة مقارنة" ،المرجع السابق ،ص .67
أحمد سعيد المومني ،مسؤولية المقاول والمهندس في عقد المقاولة ،ط ،1مكتبة المنار للنشر والتوزيع ،األردن، 462
يقصد بالتهدم الكلي أن تسقط البناءات أو المنشآت الثابتة بكاملها ،أو في الغالب منها،
فال يعود هناك بناء قائم ،بحيث يصبح غير صالح لتحقيق الغرض الذي وجد ألجله.
يقصد بالتهدم الجزئي أن يسقط جزء فقط من أجزاء البناءات أو المنشآت الثابتة دون
األجزاء األخرى ،كسقوط سقف إحدى الغرف ،أو انهيار أحد الجدران ،أو انهيار شرفة ،أو
سقوط سلم.
وتبع ا ل ذلك ،يع ّد ته دما موجب ا لتط بيق أحك ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري
ومق اول البن اء ،انهي ار الم نزل ،أو س قوط الس لم ،أو انهي ار الحائ ط ،أو الس قف ،أو انفص ال
الشرفة عن البناء ،أو سقوط الجسر ،أو تصدعه ،أو تشقق األرصفة وأرضية الطريق.
ه ذا وال يش ترط أن يك ون الته دم الكلي أو الج زئي ح اال ،وواقع ا فعال ،ح تى تتق رر
المس ؤولية العش رية في ج انب المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،وإ نم ا يكفي أن يك ون أم را
محق ق الوق وع في المس تقبل ،كح دوث تش ققات وتص دعات في البن اء تجع ل من وق وع الته دم
مس تقبال أم را ال مف ر من ه ،463ومن تم يكفي أن يثبت ص احب المش روع ،أن الته دم الكلي أو
الج زئي المكتش ف في المب اني ،ق د بل غ ح دا من الجس امة تجعل ه يع رض س المتها ومتانته ا
للخطر.
وتعود مسألة تحديد مدى جسامة األضرار الناجمة عن تهدم البناءات والمنشآت الثابتة
األخ رى ،ته دما كلي ا أو جزئي ا ،للس لطة التقديري ة لقاض ي الموض وع وال ذي يس تعين في ذل ك
بخب ير مختص لفحص األمكن ة ،للق ول بم دى قي ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري
ومقاول البناء من عدمها.
محم د ج ابر ال دوري ،مس ؤولية المق اول والمهن دس في مق اوالت البن اء والمنش آت الثابت ة ،بغ داد ،مطبع ة عش تار 463
ال يقتصر نطاق الضمان العشري ،الوارد بنص المادة 544من القانون المدني ،على
م ا يص يب البن اء من ته دم كلي أو ج زئي فق ط ،وإ نم ا يش مل أيض ا العي وب األخ رى ال تي ق د
تلح ق بالبن اء ،فته دد متانت ه وسالمته ،ول و لم ت ؤد إلى تهدم ه ح اال .فم ا المقص ود إذن ب العيب
الموجب لقيام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء ،وما هي أنواعه ،وم ا هي
شروط تحققه؟
-01تعريف العيب
عّر ف المشرع الجزائري العيب في المادة 23من القرار الوزاري المشترك المؤرخ
في 15م اي 1988ال ذي يتض من كيفي ات ممارس ة تنفي ذ األش غال في مي دان البن اء وأج ر
ذل ك 464،بأن ه " :ك ّل عيب في الم واد أو المنتوج ات ،أو عم ل غ ير متقن من ش أنه أن يه دد-
فورا أو بعد مدة -استقرار المشروع وعمله في ظروف طبيعية ".
والعيب الموجب لمسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء الخاصة ،هو ذلك الخلل
ال ذي يص يب المب اني أو المنش آت الثابت ة ،وال ذي تقتض ي أص ول الص نعة وقواع د الفن خلّو ه ا
منه ،465وبمعنى آخر هو نوع من الخلل ،الذي يصيب البناء ،ولكنه ال يرقى إلى حالة التهدم
محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص 465
.97
والمالح ظ أن العيب به ذا المع نى ،يختل ف عن ع دم مطابق ة العم ل للمواص فات المتف ق عليه ا في العق د ،إذ ق د يك ون
البناء المشيد سليما خاليا من العيوب ،لكنه غير مطابق لهذه المواصفات ،كأن يخالف البناء شروط العقد من حيث
مس احة البن اء كك ل ،أو مس احة غرف ة من غرف ه ،أو من حيث كيفي ة ت رتيب ه ذه الغ رف ،أو طريق ة تقس يمها ،أو
موضعها من العقار أو غير ذلك ،على أّن عدم مطابقة البناء للمواصفات المتعلقة بقواعد التنظيم ولوائحه أو برخصة
البناء ال يرقى أحيانا لرتبة العيب في البناء بالمعنى الفني المقصود هنا.
ع ّر فت محكمة النقض المصرية في الحكم الصادر عنها بتاريخ 08أفريل 1948العيب بأنه " :اآلفة الطارئة التي
تخلو منها الفطرة السليمة للمبيع" ،وعّر فته محكمة استئناف ليون بفرنسا بأنه " :النقيصة التي تشوب الشيء عرضا،
وال تتواجد بالضرورة في كّل شيء من هذا النوع ".
201
سواء الجزئي أو الكلي ،فهو عيب يشكل حالة يكون معها البناء على غير الحالة ال تي يقتضي
466
أن يكون عليها ،العتباره سليما ومتينا وملبيا ألغراض إنشائه.
وي رى الفق ه ب أّن ظه ور أّي عيب يه دد متان ة البن اء وس المته ،ك اف لقي ام المس ؤولية
الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء ،وأنه ليس ضروريا لقيام هذه المسؤولية ،حدوث
467
التهدم الكلي أو الجزئي للبناء.
وتبدو أهمية التفرقة بين العيبين في اختالف الجزاء المترتب عنهما ،فإذا كانت عيوب
المطابقة تؤدي إلى وجوب إصالحها فقط ،فإّن عيوب البناء ،ينشأ عنها قيام الضمان العشري
بما يتبعه من أحكام كما سيأتي بيانه في هذه الدراسة.
-02أنواع العيب
ال تخرج العيوب التي قد تلحق بالبناءات أو المنشآت الثابتة ،والتي يؤدي تحققها إلى
قيام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء عن كونها عيوبا في األرض المقام
عليه ا البن اء ،أو عيوب ا في الخط أ في التص ميم ،أو عيوب ا في الم واد األولي ة المس تعملة في
البن اء ،أو عيوب ا في الخط أ في تنفي ذ المش روع ،وه و م ا سنعرض ه بش يء من التفص يل فيم ا
يلي:
أحمد سعيد المومني ،مسؤولية المقاول والمهندس في عقد المقاولة ،المرجع السابق ،ص.229 466
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 467
202
إذا وجد عيب في األرض التي يراد إقامة البناءات والمنشآت الثابتة عليها ،على نحو
يه دد متان ة البن اء وس المته ،بحيث يعّر ض ه للخط ر ،تتحق ق المس ؤولية الخاص ة في ج انب
المهندس المعماري ومقاول البناء ،ألن دراسة مدى صالحية األرض إلقامة البناء عليها عم ل
ف ني ،ي دخل في ص لب مهن ة المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء الفني ة ،ومث ال ذل ك أن تق ام
البن اءات أو المنش آت الثابت ة على أرض هش ة ،أو به ا مس تنقعات ،وغ ير ص الحة بحس ب
طبيعتها الجيولوجية أو التكوينية ،ولم تتخذ بشأنها اإلجراءات الالزمة التي تمليها أصول الفن
469
وقواعد الصنعة ،من تعميق األساس الذي يقوم على أرض صلبة.
وترتيب ا على ذل ك ،يجب على المهن دس المعم اري قب ل وض ع تص ميم البن اء الم راد
إنشاؤه ،أن يفحص التربة ويتأكد من خلّو ها من العيوب حتى يتمكن على أساس تلك الدراسة
األولي ة لألرض ية ،من معرف ة طريق ة وض ع األس اس ،وعم ق األعم دة ،ون وع الم واد ال واجب
اس تعمالها ،والتجه يزات الم راد إقامته ا ،ويك ون مق اول البن اء مس ؤوال إلى ج انب المهن دس
المعماري عن عيوب التربة هذه ،وعدم معالجتها قبل البدء في التنفيذ ،ألن المادة 554من
القانون المدني لم تفرق بين المهندس المعماري ومقاول البناء في هذا الخصوص.
ونش ير به ذا الص دد إلى أّن العيب في األرض ،ال ذي يس أل عن ه المهن دس ومق اول
البناء ،هو ذلك العيب الذي يمكن كشفه ،من خالل فحص األرض فحصا دقيقا ،وفقا للقواعد
التي تقتضيها قواعد المهنة وأصول الفن ،ومن تّم ال يسأل المعماري عن عيوب األرض ال تي
470
يستحيل عليه كشفها وفقا للمبادئ العامة التي تنظمها قواعد التهيئة والتعمير.
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 469
نظمت ه ذه القواع د بم وجب الق انون رقم 90/29الم ؤرخ في 01/12/1990المتعل ق بالتهيئ ة والتعم ير المع دل 470
والمتمم ،والمرس وم التنفي ذي رقم 91/175الم ؤرخ في 28/05/1991ال ذي يح دد القواع د العام ة للتهيئ ة والتعم ير
والبناء .وتطبيقا لهذه القواعد ،قضي برفض إقامة المسؤولية الخاصة على المهندس المعماري والمقاول عن عيوب
األرض التي لم يكن من الممكن توقعها أصال وفقا لقواعد المهنة وأصول الفن وذلك في قضية تمثل العيب والخلل
فيه ا في تحرك ات داخلي ة في ب اطن األرض ال تي أقيم عليه ا البن اء ،يراج ع به ذا الص دد :الحس يني عب د اللطي ف،
المسؤولية المدنية عن األخطاء المهنية ،المرجع السابق ،ص.276
203
تنص الم ادة 555من الق انون الم دني على م ا يلي " :إذا اقتص ر المهن دس المعم اري
على وضع التصميم دون أن يكلف بالرقابة على التنفيذ لم يكن مسؤوال إال عن العيوب التي
أتت من التصميم".
يستفاد من هذه المادة أّن المهندس المعماري إذا كلف بوضع التصميم ،دون أن يكلف
بالرقابة على التنفيذ ،فإن مسؤوليته تقتصر فقط على العيوب الناجمة عن التصميم ،والجدير
بالمالحظ ة ،أن المعم ول ب ه في الواق ع ،أّن واض ع التص ميم ق د يك ون مهندس ا معماري ا أو أّي
ش خص آخ ر ،ألن ه ال يوج د م ا يمن ع من أن يض ع غ ير المهن دس المعم اري التص ميم فيض عه
471
مثال المقاول أو رب العمل.
وعي وب التص ميم إّم ا أن ترج ع إلى خط أ في أص ول الهندس ة المعماري ة ،ك أن يوض ع
التص ميم من ش خص ال تت وافر في ه الكف اءة الفني ة الالزم ة ،أو من ش خص ال يب ذل العناي ة
الكافي ة ،فيجيء التص ميم معيب ا من الناحي ة الفني ة ،وإ م ا أن ترج ع إلى مخالف ة ق وانين البن اء
ولوائح ه ،ك أن يتج اوز البن اء االرتف اع المس موح ب ه قانون ا ،أو أن يتّم البن اء على رقع ة من
472
األرض أكبر مما تسمح به القوانين واللوائح.
وعليه ،سواء رجع العيب في التصميم إلى الخطأ في أصول الفن المعماري والهندسة،
أو إلى مخالف ة الق وانين واألنظم ة ،ف إّن المهن دس المعم اري ،باعتب اره واض ع التص ميم غالب ا،
يك ون مس ؤوال ،دون المق اول ،تج اه رب العم ل عن ه ذا الته دم ،وفق ا لم ا تقتض يه أحك ام
المس ؤولية الخاص ة ،وذل ك س واء أش رف ه و بنفس ه على التنفي ذ أو ال ،غ ير أن ه إذا ك ان ق د
أشرف على التنفيذ فإنه يكون في هذه الحالة مسؤوال عن عيوب التصميم وعن عيوب التنفيذ
معا ،ويكون متضامنا مع مقاول البناء في حدود عيوب التنفيذ ،كما سبق أن بينا ،أما إذا لم
يش رف على التنفي ذ ،واقتص ر دوره على وض ع التص ميم ،فان ه يك ون ملتزم ا بالض مان عن
وهو ما يتماشى مع حماية أصحاب العمل تجاه الفنيين وحماية السالمة العامة المتوخاة من إنشاء المباني بصورة 471
سليمة.
أنور العمروسي ،التعليق على نصوص القانون المدني المعدل ،ج ،3المرجع السابق ،ص.47 472
-بوقرة أم الخير (مسؤولية المهندس المعماري والمقاول خالل فترة الضمان) ،مجلة المفكر ،ع ،6ديس مبر ،2010
ص.303
204
عيوب التصميم وحدها ،وال يضمن عيوب التنفيذ ،ألنه لم يشرف عليه ،473وال يكون مقاول
البناء الذي قام بالتنفيذ ،ملزما بضمان عيوب التصميم ،ألنه ليس من وضعه.
غير أنه إذا كان بإمكان مقاول البناء كشف هذا الخطأ في التصميم ،ال سيما إذا كان
العيب يتعل ق بمخالف ة ق وانين البن اء ولوائح ه ،ولم ينّب ه ب ه رب العم ل أو المهن دس المعم اري،
كان مسؤوال بالضمان في مواجهة رب العمل ،ومثال ذلك تجاوز البناءات المنجزة االرتفاع
المسموح به قانونا ،ففي هذه الحالة يكون المقاول مسؤوال بالتضامن مع المهندس المعماري
واضع التصميم ،ألنه كان يتوجب عليه التنبه لهذا العيب الظاهر ،474وعدم تنفيذ هذه األشغال،
أم ا إذا ك ان العيب خفي ا ولم يكن بإمك ان المق اول المنف ذ اكتش افه ول و بفحص دقي ق ،فإن ه ال
يتحمل أّية مسؤولية ،وتبقى المسؤولية على عاتق واضع التصميم وحده.
تكون المواد األولية المستعملة في البناء معيبة إذا كانت غير صالحة لالستعمال فيما
أع دت ل ه ،أو ك انت مخالف ة للمواصفات والشروط المتف ق عليه ا في العق د ،أو ك انت من نوع
رديء ال تس مح ب ه أص ول الفن المعم اري ،475وتتح ّد د المس ؤولية العش رية لك ّل من المهن دس
المعماري ومقاول البناء بحسب عالقته في اختيار المواد ،ووضعها.
فإذا أخطأ المهندس المعماري في وضع المقايسات الالزمة لتنفيذ المشروع ،وبخاصة
المقايس ات الوص فية ال تي يح دد فيه ا أن واع الم واد وأوص افها وخصائص ها وكيفي ة اس تعمالها،
وكذا المقايسات الكمية التي تتعلق ببيان كمية المواد الالزمة لتنفيذ التصميم ،ونتج عن ذلك
الخطأ ،تهّد م البناءات أو المنشآت الثابتة ،أو تهديد سالمتها ومتانتها ،قامت مسؤولية المهندس
المعماري العشرية.
وإ ذا ك ان المهن دس المعم اري واض ع التص ميم ه و المش رف على التنفي ذ ،فإن ه يس أل
بالتضامن مع المقاول المنفذ ،إذا خالف هذا األخير تلك المقايسات ،ويكون مسؤوال أيضا إلى
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 474
475بوقرة أم الخير (مسؤولية المهندس المعماري والمقاول خالل فترة الضمان) ،المقال السابق ،ص.303
205
ج انب المق اول ،إذا قب ل م وادا غ ير ص الحة ألداء الغ رض ال ذي خصص ت ل ه في المقايس ات
476
الوصفية.
على أّن مس ؤولية مق اول البن اء تختل ف هن ا بحس ب م ا إذا ك ان ه و ال ذي ق ّد م الم واد
األولية ،أو قّد مها رب العمل ،فإذا كان هو من قّد م هذه المواد ،فإنه يسأل عن ضمان جودتها
وفقا للشروط والمواصفات المتفق عليها في العقد وذلك طبقا ألحكام المادة 551من القانون
المدني ،والتي تلزم المقاول إذا تعهد بتقديم مادة العمل أن يضمن نوع هذه المادة.477
أما إذا كان رب العمل هو الذي ق ّد م المواد األولية بنفسه ،فإّن الحكم يختلف تبعا لما
إذا كان من ذوي الفن والخبرة ،أو كان جاهال بهذه األصول.
فإذا كان رب العمل من ذوي الخبرة ،فان المقاول ال يلتزم بفحص هذه المواد المقدمة
إلي ه ،والتأك د من جودته ا ،وعلي ه ال يك ون مخطئ ا ،إذا لم يفحص ها ،وال يتحم ل المس ؤولية إذا
ظهر فيها عيب ،فالمفروض أن رب العمل ،باعتباره خبيرا في المهنة ،يكون قد فحص هذه
الم واد وعاينه ا ،ومن تم يتحم ل ه و المس ؤولية عن ك ل عيب يظه ر فيه ا دون المق اول ،م ا لم
تكن تلك العيوب ظاهرة ،بحيث ال تخفى على مقاول مجرب مثله ،478ذلك أنه في هذه الحالة
يتعين علي ه إخط ار رب العم ل به ذه العي وب ،كون ه ملزم ا ب اإلعالم واإلرش اد ،ف إن لم يفع ل،
ك ان مس ؤوال طبق ا ألحك ام الض مان الخ اص ،باعتب اره مخال بالتزام ه ه ذا ،أو طبق ا للقواع د
العامة في المسؤولية العقدية.
أم ا إذا ك ان رب العم ل ج اهال ،غ ير خب ير بأص ول الفن والمهن ة ،فان ه يتعين على
المقاول فحص المواد المقدمة إليه فحصا دقيقا ،ومراقبتها ،مستعينا في ذلك بكل ما يتاح له
من وس ائل علمي ة حديث ة به ذا الخص وص ،والق ول م ا إذا ك انت ه ذه الم واد س ليمة ،تص لح
النجاز األشغال ،أم أنها معيبة يجب استبعادها ،وفي هذه الحالة تتقرر مسؤولية المقاول وفقا
كرت وس أنيس ة ،المس ؤولية الناش ئة عن ته دم البن اء في الق انون الم دني الجزائ ري ،بحث للحص ول على درج ة 476
الماجستير في العقود والمسؤولية ،كلية الحقوق والعلوم اإلدارية ،بن عكنون -الجزائر ، 2001-2000 ،ص .94
تنص الم ادة 351من ق.م على م ا يلي " :إذا تعه د المق اول بتقديم م ادة العم ل كله ا أو بعض ها ك ان مس ؤوال عن 477
أما إذا كان ال يمكن لمقاول مثله ،وفي نفس ظروفه ،أن يكتشف العيب ،فانه ال يكون مسؤوال عنه. 478
206
ألحك ام الض مان الخ اص ،عن ك ل م ا يلح ق المب اني أو المنش آت الثابت ة ،من ته دم أو عيب،
يرجع سببه إلى استخدام هذه المواد المعيبة.479
وس واء ك ان رب العم ل من أه ل الفن والخ برة ،أو من غ ير أه ل الفن ،وجب على
المق اول إخط ار ه ذا األخ ير ،بم ا اكتش فه من عي وب في الم واد ال تي يورده ا ل ه ،وأن يطلب
إص الحها إذا أمكن ذل ك ،أو اس تبدالها بم واد أخ رى س ليمة ،ص الحة للبن اء ،ف إن اس تجاب رب
العمل لطلبه ،أتم العمل ،أما إذا رفض رب العمل ما طلبه المقاول ،وأصر على استخدام هذه
المواد ،رغم ما يشوبها من عيوب ،وجب على المقاول رفض استخدامها ،والتوقف عن العمل
إذا اقتض ى األمـر ذل ك ،وإ ال ك ان مس ؤوال عمـا تحدثـه ،ح ال إذعان ه لطلـب رب العم ل،
واستخدامها رغم عيوبها.
ق د يع ود العيب ال ذي يه ّد د متان ة البن اء وس المته إلى خط أ في تنفي ذ المش روع ،أي أن
يك ون الخل ل أو العيب في العم ل ذات ه ،مّم ا ي ترتب علي ه قي ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس
المعماري ومقاول البناء ،ومثال ذلك أن يتم بناء األساس بشكل غير متين مما ال يحتمل إقامة
البن اء فوق ه ،أو يوض ع األس اس على ترب ة هش ة أو معيب ة ،أو ع دم إرس اء القواع د على
أرض يات ص لبة ،أو ض عف الس ماكة المطلوب ة في بن اء الج دران أو األس قف أو األرض ية ،أو
تكون نسب المواد المستخدمة غير كافية ،فتقل نسبة اإلسمنت في الخلطة ،أو نسبة الحديد في
الخرسانة ،والجسور ،والقواعد ،والجدران ،عن النسب الالزمة أو الضرورية.480
هذا وإ ذا وقع المقاول في خطأ بسبب إهماله في تنفيذ المشروع ،وفقا للتصاميم ودفتر
الش روط والمقايس ات المع ّد ة من ط رف المهن دس المعم اري ،ك ان مس ؤوال مس ؤولية عش رية
بالتض امن م ع المهن دس المعم اري المكل ف باإلش راف على التنفي ذ ،وال ذي ك ان ملزم ا بالقي ام
بزي ارات ميداني ة لمك ان المش روع ،وبتنبي ه المق اول إلى ك ّل العي وب ال واردة في البن اء،
وضرورة تصليحها قبل تسليم المشروع إلى رب العمل.
عبد الرازق حسين يس ،المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص.772 479
أحمد سعيد المومني ،مسؤولية المقاول والمهندس في عقد المقاولة ،المرجع السابق ،ص .72 480
207
والمالح ظ أّن العي وب ال تي ذكرناه ا أعاله ،هي العي وب الش ائعة في عم ل المهن دس
المعماري ومقاول البناء ،والتي تؤدي في الغالب إلى تهدم البناء ،أو تهديد سالمته ومتانته،
غ ير أّن ه ذا ال يمن ع من قي ام المس ؤولية الخاص ة ،في ج انب ك ل من المهن دس المعم اري
ومقاول البناء ،على عيوب أخرى ال يمكن حصرها ،قد تنجم عن التقنيات الحديثة المستعملة
في عملية البناء والتشييد.
ال يكفي لقي ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،وج ود عيب في
البناءات أو المنشآت الثابتة مهما كان سببه ،وإ نما يجب فضال عن ذلك أن تتوفر فيه مجموعة
من الشروط ،أال وهي خفاء العيب ،وخطورته ،ووقوعه خالل مدة الضمان الخاص ،وهو ما
سنتناوله بشيء من التفصيل أدناه.
481
-01خفاء العيب
يجب أن يكون العيب المحتج به ،كسبب لقيام المسؤولية العشرية في جانب المهندس
المعم اري ومق اول البن اء ،خفي ا وقت تس لم ص احب المش روع العم ل موض وع عق د المقاول ة
المبرم بينهم.482
481العيب الخفي ه و العيب ال ذي ال يمكن كش فه وتبّين ه ب الفحص المعت اد من قب ل الرج ل الع ادي ،أو أن ه من الص عب
اكتشافه من الشخص الخبير المحترف ،أو أن البائع تعمد إخفاءه غشا منه.
-يعيش تم ام أم ال ،حاحة عبد الع الي( ،المسؤولية العشرية كآلي ة قانوني ة لحماية الملكية العقاري ة وفق ا للقانون رقم
،)11/04مجلة الحقوق والحريات ،عدد تجريبي ،بسكرة ،سبتمبر ،2013ص.532
ومن أمثل ة العي وب الخفي ة وقت التس لم ،وال تي تتق رر بموجبه ا المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول 482
البناء ،وجود خلل غير واضح في العزل الصوتي الخاص بجدران البناء ،أو وجود حشرات في الخشب المستخدم
في أرضية البناء أدت إلى تسوسه ،أو وجود عوائق تحول دون دخول المرآب.
-ننوه هنا أّن مسألة خفاء العيب من ظهوره هي مسألة واقع ،تخضع لتقدير القاضي في كل حالة على حدى.
208
وعلي ه نط رح التس اؤل الت الي :م تى يك ون العيب خفي ا وقت التس لم ،ومن تّم يخض ع
للضمان الخاص ،ومتى يكون ظاهرا في ذلك الوقت ،فال يخضع له؟
ب الرجوع إلى النص وص التش ريعية في الجزائ ر ،لم أج د في ح دود علمي نّص ا قانوني ا
يبّين لنا بوضوح المعيار الواجب إتباعه لمعرفة ما إذا كان العيب خفيا أو ظاهرا وقت التسلم،
األمر الذي دفعني إلى االستئناس باتجاه القضاء الفرنسي بخصوص هذه المسألة.
اختلفت أحكام القضاء الفرنسي في تحديد المعيار الواجب إتباعه ،لمعرفة ما إذا كان
العيب ظ اهرا أو خفي ا وقت التس لم ،فاتج ه بعض القض اة إلى اعتم اد معي ار ذاتي شخص ي في
تقدير مدى توافر شرط الخفاء من عدمه وقت التسلم ،أي ما إذا كان بإمكان رب العمل نفس ه،
اكتشاف العيب وقت التسلم أم ال ،ومن تّم قضى أن يكون العيب خفيا عند عدم العلم الفعلي به
وقت التس لم ،وأيض ا عن د العلم ب ه م تى ثبت ع دم اس تطاعة رب العم ل التنب ؤ في وقت التس لم
بنتائجه المتوقع حدوثها في المستقبل وقت التسلم.483
واتج ه البعض إلى األخ ذ بالمعي ار الموض وعي في تق دير م دى وج ود أو تخل ف ش رط
خف اء العيب الم دعى ب ه ،وقض ى بن اء على ذل ك ،أن يك ون العيب خفي ا ،على ال رغم من علم
رب العمل بوجوده علما فعليا وقت تسلمه العمل ،طالما كان من الثابت أن رب العمل المعتاد
غ ير الخب ير بفن البن اء ،لم يكن في اس تطاعته اكتشاف مث ل ه ذا العيب وقت التس لم ،ول و ب ذل
في فحص العمل ومعاينته عناية الرجل المعتاد.484
واتجه البعض اآلخر إلى أّن العيب يعتبر خفيا ،وأّن رب العمل يعّد جاهال له ،بمجرد
تس لمه للبن اء ،مقب وال من ه ،ودون أن يب دي أّي تحفظ ات علي ه ،فتس لم العم ل دون اع تراض،
يفرض أن العمل خال من العيوب الظاهرة ،ما لم يكن هناك غش ،485ومن تم يكون كل عيب
في البناء خفيا وقت تسلم األعمال ،ما لم يقم الدليل على عكس ذلك.
عايدة مصطفاوي( ،الضمان العشري والضمانات الخاصة لمشيدي البناء في التشريع الجزائري والتشريع المقارن)،
دفاتر السياسية والقانون ،العدد ،6جانفي ،2012ص.270
يراجع بهذا الصدد األحكام التي أشار إليها على سبيل المثال :محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين ،المرجع 483
يراجع بهذا الصدد ،األحكام التي أشار إليها على سبيل المثال :محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين ،المرجع 484
واألص ل أن ت برأ ذم ة المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،بمج رد تس لم ص احب
المشروع األشغال المحددة في العقد ،بالنسبة للعيوب الظاهرة وحدها دون ما خفي منها ،486
ومن تّم ح تى تتق رر المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،يجب أن يك ون
العيب المحتج به خفيا وقت تسلم رب العمل لألعمال.
المالحظ بهذا الصدد ،أّن شرط خفاء العيب لم ينص عليه المشرع الجزائري صراحة
بموجب النصوص التشريعية المنظمة للمسؤولية العشرية ،إال أّن القضاء الجزائري ،كالقضاء
والمص ري ،488اس تقر نهائي ا على ض رورة ت وافر ه ذا الش رط لتط بيق أحك ام 487
الفرنس ي
المسؤولية الخاصة وهو ما يتماشى والقواعد العامة.489
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 485
الحسيني عبد اللطيف ،المسؤولية المدنية عن األخطاء المهنية (الطبيب ،المهندس المعماري ،المقاول ،المحامي)، 486
راجع في هذا المعنى :نقض فرنسي ،دوائر مجتمعة ،الصادر في ،02/08/1902نقض مدني فرنسي صادر في 487
.27/02/1929
-وفي هذا يقول مازو ،أن شرط خفاء العيب ،الذي يعد من شروط انطباق المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري
ومقاول البناء ،هو الشرط الوحيد ،الذي لم يطرأ عليه أّي تغيير ،في ظل المراحل التشريعية المختلفة التي مر بها
التقنين المدني الفرنسي حتى يومنا هذا.
ومن قبيل ذلك ما قضت به محكمة النقض المصرية في القرار الصادر عنها بتاريخ 15/01/1939والذي جاء 488
فيه أنه ":يجب لقبول دعوى الضمان الخاص طبقا للمادة 651مدني مصري ،أن يكون العيب المدعى به في البناء
خفيا ،بحيث لم يستطع رب العمل صاحب البناء اكتشافه وقت التسليم ،أما إذا كان العيب ظاهرا ومعروفا ،فال يسأل
عنه المقاول ،ما دام رب العمل قد تسلم البناء من غير أن يحتفظ بحق له".
تنص المادة 379/2من ق.م على ما يلي " :غير أن البائع ال يكون ضامنا للعيوب التي كان المشتري على علم 489
بها وقت البيع ،أو كان في استطاعته أن يطلع عليها لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل الع ادي ،إال إذا أثبت المشتري
أن البائع أكد له خلو المبيع من تلك العيوب أو أنه أخفاها غشا عنه".
210
أم ا إذا ك ان العيب معلوم ا ل رب العم ل وقت المعاين ة والقب ول ،أو ك ان ظ اهرا ،بحيث
ك ان بإمكان ه اكتش افه ل و ب ذل في فحص المب نى عناي ة الرج ل المعت اد ،ف إّن تس لم ص احب
490
المشروع للعمل دون اع تراض أو تحف ظ يعتبر قبوال له ،ومن تم نزوال منه عن الضمان
بش رط أن يك ون التس لم نهائي ا ،أم ا إذا ك ان التس لم مؤقت ا ،ف ان ذل ك ال يمن ع رب العم ل من
الرج وع بالض مان ،ب ل إّن تس لم العم ل دون اع تراض ،يف رض أن العم ل خ ال من العي وب
الظاهرة ما لم يكن هناك غش.
وتعتبر من قبيل العيوب الظاهرة عند التسلم ،والتي تعفي المهندس المعماري ومقاول
البن اء من المس ؤولية العش رية ،ع دم مطابق ة س مك الج دران لم ا ه و متف ق علي ه في العق د،
وانخفاض سياج السلم بشكل كبير ،الّلهم إال إذا لم يكن وقت التسلم واضحا مدى إمكانية تأثير
ه ذه العي وب على متان ة األج زاء الرئيس ية للبن اء ،ففي ه ذه الحال ة يمكن أن تق وم المس ؤولية
العشرية للمهندس المعماري ومقاول البناء عن تلك العيوب.491
-02خطورة العيب
محمد ن اجي ي اقوت ،مسؤولية المعم اريين بعد إتم ام األعم ال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،دراسة مقارن ة في 491
ت ترتب مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء الخاص ة ،عن ك ل م ا يظه ر في
البناءات أو المنشآت الثابتة ،من عيوب تهدد متانتها وسالمتها ،وليس شرطا لذلك ،أن يكون
خط ر الته دم أو الس قوط محقق ا أو وش يك الوق وع ،ب ل يكفي أن يثبت لقاض ي الموض وع ،أّن
الخل ل أو العيب المكتش ف في البن اء ق د بل غ ح ّد ا من الجس امة تجعل ه يع رض متان ة البن اء
وسالمته للخطر ،وتكون العبرة هنا بمتانة البناء في مجموعه أو بسالمة أحد أجزائه الكبيرة
أو األساسية كاألسقف واألعمدة المعدة لحملها ،والجدران الرئيسية التي يستند عليها البناء.
أما العيوب التي تهدد متانة األجزاء الثانوية للمبنى ،أو سالمة األعمال الصغيرة فيه،
كعي وب ال دهان أو البالط أو الزج اج ،فهي ال ته دد متان ة البن اء وس المته ،ومن تم ال تغطيه ا
قواع د المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،وإ نم ا تس ري بش أنها القواع د
العامة ،إال إذا كانت هذه العيوب خطيرة ،كمشكلة الدهان السرطاني ،أو مشكلة استعمال مواد
بناء تحتوي على مادة األميانت ،494ومن تم تسري عليها أحكام المسؤولية الخاصة للمهندس
المعماري ومقاول البناء.
حظ ر المش رع الجزائ ري اس تعمال م واد تحت وي على م ادة األمي انت ص راحة في المرس وم التنفي ذي رقم 99/95 494
الم ؤرخ في 19/04/1999وال ذي يتعل ق بالوقاي ة من األخط ار المتص لة بم ادة األمي انت ،منش ور في ج ر ج ج ،ع
29لسنة .1999
212
تنص الم ادة 181من األم ر رقم 95/07المتعل ق بالتأمين ات المع دل والمتمم على م ا
يلي" :يغطي الض مان المش ار إلي ه في الم ادة 178أعاله أيض ا ،495األض رار المخل ة بص البة
العناص ر الخاص ة بتجه يز بناي ة م ا ،عن دما تك ون ه ذه العناص ر ج زء ال يتج زأ من منج زات
التهيئة ووضع األساس والهيكل واإلحاطة والتغطية.
يعتبر جزء ال يتجزأ من اإلنجاز كل عنصر خاص بالتجهيز ال يمكن القيام بنزعه أو تفكيكه
أو استبداله دون إتالف أو حذف مادة من مواد هذا اإلنجاز".
يستفاد من نّص هذه المادة ،أّن المساس بمتانة أح د العناصر الخاصة بتجه يز البناء،
يعتبر في حكم األضرار الخطيرة التي تخضع للمسؤولية العشرية ،مثلها مثل األضرار التي
تصيب متانة البناءات في مجملها ،أو حتى متانة أحد أجزائها األساسية.
والمقص ود بالعناص ر التجهيزي ة ،تل ك العناص ر المجه زة للبن اء وأساس اته ،بحيث ال
يمكن فص لها عن البن اء دون تل ف ،كالس اللم الحديدي ة المثبت ة في البن اء ،والبن اءات الج اهزة،
كالج دران ،واألس قف المثبت ة على البن اء ،بحيث ال يمكن عن د تثبيته ا فص لها عن البن اء دون
تلف.
هذا وإ ّن اعتبار العيوب التي تمس العناصر التجهيزية ،والتي تح ّد فقط من صالحية
البن اء الس تخدامه في الغ رض ال ذي أنش ئ من أجل ه ،من قبي ل العي وب الخفي ة ال تي ت دخل في
نطاق تطبيق مسؤولية القواعد الخاصة ،من شأنها أن تحث كل من له صلة بأعمال البناء -
بمن فيهم األش خاص ال ذين يرّك ب ون تل ك العناص ر التجهيزي ة داخ ل المب نى -إلى ب ذل العناي ة
والجهد الكافيين في أعمالهم ،وبالنتيجة رفع مستوى جودة األعمال ،وضمان هذه الجودة.
والمالحظ بهذا الشأن ،أنه يصعب في الواقع الحالي ،حصر العيوب التي يتوافر فيها
ه ذا الوص ف ،أي المس اس بمتان ة وس المة البن اء ،وذل ك نظ را لتعق د وت داخل العملي ات
تنص الم ادة 178من األم ر 95/07المتعل ق بالتأمين ات على م ا يلي " :يجب على المهندس ين المعم اريين 495
والمق اولين وك ذا المراق بين التقن يين اكتت اب عق د لت أمين مس ؤوليتهم العش رية المنص وص عليه ا في الم ادة 544من
القانون المدني ،على أن يبدأ سريان هذا العقد من االستالم النهائي للمشروع.
ويستفيد من هذا الضمان صاحب المشروع و /أو مالكيه المتتالين إلى غاية انقضاء أجل الضمان".
213
المعماري ة ،ل ذا ي ترك األم ر لقاض ي الموض وع ليق ّد ر طبيع ة العيب ،مس تعينا في ذل ك بأه ل
الخبرة.496
هذا وال يقتصر األمر على العيوب التي ته ّد د متانة أو سالمة البناء بالمعنى الض ّيق،
كتلك العيوب التي تمس األساسات ،بل يجب أن يمت ّد الضمان للعيوب التي ته ّد د حفظ البناء،
فهذه العيوب وإ ن لم تهّد د متانة البناء وسالمته مباشرة ،إال أنها تؤثر فيه بطريق غ ير مباش ر،
ولو في جزء منه فقط ،أما ما عدا ذلك من العيوب ،فال تدخل في دائرة الضمان.
ال يكفي لقيام المسؤولية العشرية للمهندس المعماري ومقاول البناء ،أن يلحق بالبناية
ضرر خطير ،يهدد متانتها وسالمتها ،بل يجب أن يقوم سبب الضمان ،خالل المدة المقررة
قانونا ،والمحددة بعشر سنوات.
ولعّل السبب الذي دفع المشرع إلى األخذ بهذا الحكم ،هو حماية المصلحة العامة من
األضرار الخطيرة ،التي قد تنشأ عن عقود مقاوالت المباني ،وما قد تس ّببه ،في حال تهدمها،
من نتائج سلبية وأضرار تمس بسالمة المواطنين واالقتصاد الوطني ،وأّن هذه األضرار غالبا
ما تظهر بعد التسليم بمدة معتبرة ،وأنه ح ّد د مدة الضمان بعشر سنوات ،اعتبارا منه أّن هذه
المدة كافية الختبار متانة وصالبة البناء ،والقول ما إذا كان البناء صالحا ألداء الغرض الذي
أنش ئ من أجل ه ،فنقص ان الم دة في تق ديره عن عش ر س نوات ،غ ير ك اف لظه ور العيب ،أو
حدوث التهدم ،والزيادة فيها عبء ثقيل على المعماريين.
تنص المادة 554الفقرة الثانية من القانون المدني على ما يلي " :وتبدأ مدة السنوات
العشر من وقت تسلم العمل نهائيا" ،وتنص المادة 558من نفس القانون على ما يلي " :عندما
يتم المق اول العم ل ويض عه تحت تص رف رب العم ل ،وجب على ه ذا األخ ير أن يب ادر إلى
تحديد مدى خطورة العيب الذي يهدد متانة وسالمة البناء من عدمه ،مسألة واقع ،تترك للسلطة التقديرية لقاضي 496
يستفاد من نص هاتين المادتين ،أّن مدة الضمان الخاص تبدأ من وقت تسلم صاحب
المشروع العم ل نهائيا ،غ ير أنه إذا امتنع هذا األخ ير عن تسلم العمل ،دون سبب مشروع،
رغم دعوت ه إلى ذل ك بإن ذاره رس ميا من ط رف المعم اري ،فتحتس ب م ّد ة الض مان من ت اريخ
توجيه اإلنذار بتسلم العمل.
وإ ذا تّم تس ليم األعم ال المعماري ة على دفع ات ،فيعت ّد بالتس ليم الج زئي لك ل دفع ة من
األعمال على حدى ،تاريخا لبدء سريان مدة الضمان العشري بالنسبة لهذه الدفعة ،متى كانت
تجزئة التسلم ممكنة ،ال تأباها طبيعة العمل المنجز ،وال يرفضها شرط في عقد المقاولة،497
أم ا إذا ك انت المنش آت مم ا ال يمكن تجزئته ا ،الرتب اط بعض ها ببعض من ناحي ة الص البة
والمتان ة ،فيب دأ س ريان م دة الض مان من وقت تس لم الدفع ة األخ يرة ،ويق ع عبء إثب ات التس لم
وس ببه على ص احب المش روع ،طالم ا أن ه ه و من ادعى الض مان ،م ع العلم أن ه يج وز إثب ات
التس لم وتاريخ ه ،كم ا س يأتي بيان ه ،بم وجب محض ر التس ليم والتس لم إن وج د ،أو بتس وية
الحساب بين صاحب المشروع والمقاول إن وجد أيضا مستند يثبت ذلك ،أو بأية طريقة من
طرق اإلثبات المقررة إلثبات الوقائع المادية.498
ه ذا وفي حال ة م ا إذا ق ام المق اول بع د تس لم ص احب المش روع العم ل نهائي ا بإص الح
العيوب التي تظهر خالل مدة الضمان ،فان مدة عشر سنوات تسري في هذه الحالة بالنسبة
ألعمال اإلصالح الجديدة ،وتبدأ استقالال من وقت قبول رب العمل لهذه األعمال ،وليس من
تاريخ قبول وتسلم هذا األخير ألعمال البناء األصلية.
بلمختار سعاد ،المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص.159 497
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 498
هذا وتحسب مدة الضمان العشري طبقا للقواعد العامة بالتقويم الميالدي ما لم ينص
الق انون على خالف ذل ك ،505فتحس ب كامل ة باألي ام ال بالس اعات ،506ول ذلك ال يحس ب الي وم
األول للتسلم ،وال اليوم األخير النقضاء مدة الضمان العشري المقدرة بعشر سنوات.
ولم ا ك ان ك ل من المهن دس المعم اري ومق اول البن اء هم ا المس تفيدان من انقض اء
الضمان العشري ،حيث يترتب على هذا االنقضاء عدم إمكانية صاحب المشروع مالحقتهما
بدعوى المسؤولية الخاصة ،لذلك كان عليهما عبء إثبات انقضاء مدة الضمان الخاص ،وال
يجوز لقاضي الموضوع إثارة انقضاء مدة الضمان من تلقاء نفسه ،بل ال ب ّد من أن يتمسك
بها من له مصلحة في ذلك ،أي من طرف المهندس المعماري ومقاول البناء.
محمد حسين منصور ،المسؤولية المعمارية ،المرجع السابق ،ص .131 499
ق ادري نادي ة( ،المس ؤولية العش رية للمق اول والمهن دس المعم اري في الق انون الم دني الجزائ ري) ،مجل ة الحق وق 500
502
كأن يكون رب العمل ناقص األهلية ،أو غائبا ،أو محكوما عليه بعقوبة جنائية ،وليس له نائب يمثله قانونا. 503
216
ويجب على المستفيد من الضمان ،رفع دعواه على أساس المسؤولية العشرية ،خالل
ثالث سنوات من وقت حصول التهدم ،أو اكتشاف العيب ،ال من وقت وجوده ،507فتعتبر هذه
الم دة ،م دة تق ادم دع وى الض مان العش ري ،508ف إذا ظه ر عيب في المب اني ،أو في المنش آت
الثابتة األخرى في آخر يوم من الضمان العشري مثال ،فيكون لصاحب المشروع مدة ثالث
س نوات من ه ذا ال وقت لرف ع دع وى الض مان ،إذ يص بح أقص ى ح د لرف ع ه ذه ال دعوى ثالث
عشرة سنة من وقت التسلم النهائي.509
تنص المادة 557من القانون المدني على ما يلي " :تتقادم دعوى الضمان المذكورة
أعاله ،بانقضاء ثالث سنوات من وقت حصول التهدم أو اكتشاف العيب".
م ؤدى ه ذه الم ادة ،أّن رب العم ل يس تطيع رف ع دع وى الض مان خالل ثالث س نوات،
يبدأ سريانها من وقت حصول التهدم ،كليا كان أو جزئيا ،أو من وقت اكتشاف العيب ،ولو لم
يعلم رب العمل به.
وتبعا لذلك ،إذا حصل التهدم أو انكشف العيب ،بعد ست سنوات مثال من وقت تسلم
رب العم ل البن اء ،ك ان أمام ه ثالث س نوات أخ رى لرف ع دع وى الض مان ،أي أن دع وى
الضمان تسقط بمضي تسع سنوات من وقت تسلم البناء.
وإ ذا حصل التهدم أو انكشف العيب مثال ،في آخر السنة العاشرة من وقت تسلم البناء،
ك ان أم ام رب العم ل ثالث س نوات أخ رى لرف ع دع وى الض مان ،وبالت الي تس قط دع وى
الض مان ،في حال ة م ا إذا انقض ت م دة ثالث عش رة س نة من وقت تس لم البن اء ،دون أن يرف ع
رب العمل دعوى الضمان ،وهي أقصى مدة يمكن أن تنقضي ،من وقت التسلم إلى وقت رفع
تنص المادة 557من ق.م على ما يلي " :تتقادم دعوى الضمان المذكورة أعاله بانقضاء ثالث سنوات من وقت 507
يالح ظ أن عبء إثب ات الته دم أو العيب يق ع على المس تفيد من الض مان العش ري ،وذل ك بجمي ع ط رق اإلثب ات 508
(مسألة مادية) ،ويقع عبء إثبات سقوط دعوى الضمان على المدعى عليه ،المسؤول بالضمان ،طبقا للقواعد العامة.
إب راهيم يوس ف( ،المس ؤولية العش رية للمهن دس المعم اري والمق اول ،طبق ا للم ادة 554من الق انون الم دني 509
ولّم ا ك انت هذه الم دة هي م دة تق ادم ،فانه تس ري عليها ،وفق ا للقواع د العام ة ،أس باب
االنقط اع ،فتنقط ع برف ع ال دعوى الموض وعية الرامي ة إلى التع ويض ،510كم ا تنقط ع ب إقرار
المهندس المعماري أو المقاول بحق رب العمل في الضمان ،إقرار ا صريحا أو ضمنيا.511
جـ .رجــوع صــاحب المشــروع على المهنــدس المعمــاري ومقــاول البنــاء بعــد انتهــاء
المدة
تنقض ي مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء الخاص ة ،بانقض اء م دة الض مان
العش ري ،دون ح دوث الته دم الكلي أو الج زئي في البن اءات أو في المنش آت الثابت ة األخ رى،
ودون ظه ور عيب معت بر فيه ا ،وبالت الي ال يمكن ل رب العم ل الرج وع على المهن دس
المعماري ومقاول البناء ،بسبب ظهور التهدم أو العيب بعد انتهاء مدة الضمان ،أي مدة عشر
س نوات ،ح تى ول و ثبت خطؤهم ا غ ير العم دي أو العم دي عن د البعض ،فبانقض اء ه ذه الم دة
يمتنع على رب العمل التمسك بحقه في الرجوع بالضمان الخاص ال عن طريق رفع دعوى
قضائية ،وال عن طريق الدفع.512
لكن الس ؤال ال ذي يث ور به ذا الص دد ه و :ه ل يجب أن يظه ر العيب فعال ،خالل م دة
الض مان ،من ت اريخ تس لم ص احب المش روع العم ل ،أم يكفي إثب ات وج وده خالل ه ذه الم دة،
حتى ولو لم ينكشف إال بعد انقضائها لالستفادة من أحكام هذه المسؤولية الخاصة؟
218
إلى أن ه ال يج وز لص احب المش روع أن يرج ع على المهن دس 513
ذهب رأي من الفق ه
المعماري ومقاول البناء بأحكام الضمان الخاص ،طالما انقضت مدته ،ألن العبرة في تحقق
الض مان العش ري تك ون بم ا ح دث من ته دم كلي أو ج زئي ،أو بم ا ت رتب على العي وب من
تهديد لمتانة البناء وسالمته خالل مدة الضمان.
وذهب رأي آخ ر إلى أن ه إذا وج د العيب خالل م دة عش ر س نوات ،تحق ق الض مان،
514
حتى لو لم ينكشف إال بعد هذه المدة.
الفصل الثاني:
وتتميز المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء بخصائص مهمة ،تتمثل
في أنها مسؤولية مفترضة بقوة القانون ،وتضامنية ،ومتعلقة بالنظام العام .وهذا ما سأتناوله
بشيء من التفصيل في مبحثين.
المبحث األول:
محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص 513
،163عبد الرازق حسين يس ،المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص .385
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 514
حّتى يرج ع صاحب المشروع على المهندس المعم اري أو مق اول البناء ،ويستفيد من
أحك ام المس ؤولية العش رية الخاص ة ،يجب علي ه أن يثبت وج ود عق د مقاول ة م برم بين ه وبين
هذين األخيرين ،وأن يثبت بأّن موضوع هذا العقد ينصب على مباني أو منشآت ثابتة ،وأن
يثبت وقوع أضرار تهدد متانتها وسالمتها خالل مدة عشر سنوات من تاريخ التسلم النهائي
لألعمال.515
لكن هل تعتبر هذه الشروط كافية لرجوع رب العمل على المهندس المعماري ومق اول
البناء بأحكام المسؤولية الخاصة؟ أم أنه يجب فضال عن ذلك أن يثبت خطأهما؟ أم أن هناك
قرينة تعفيه من عبء هذا اإلثبات؟ وهل هي قرينة على الخطأ أم قرينة على المسؤولية؟
قب ل اإلجاب ة على ه ذه التس اؤالت وغيره ا ،نش ير ب داءة إلى أن ه إذا ك ان أس اس
المس ؤولية العش رية قائم ا على قرين ة المس ؤولية ،فان ه ال يك ون للمهن دس المعم اري ومق اول
البناء دفعها إال بإثبات السبب األجنبي ،أما إذا كان قائما على قرينة الخطأ ،فيمكنهما دفعها
بإثبات أنهما لم يقوما بأّي خطأ عند تنفيذهما اللتزاماتهما التعاقدية ،وهو ما يعتبر أمرا أيسر
من إثبات السبب األجنبي ،أما إذا كان قائما على الخطأ الواجب اإلثبات ،فيصعب األمر على
صاحب المشروع ،الذي يتعين عليه في هذه الحالة ،إثبات خطأ المهندس المعماري ومقاول
البناء عند تنفيذهما اللتزاماتهما ،كي تقوم مسؤوليتهما.
220
لم ينص المشرع الجزائري صراحة على أساس المسؤولية العشرية ،516لكنه استعمل
في الم ادة 554من الق انون الم دني مص طلح " الض مان" للدالل ة على مس ؤولية المهن دس
المعم اري ومق اول البن اء ،وه و نفس التعب ير ال ذي اس تعمله فيم ا يتعل ق بض مان التع رض
وض مان العي وب الخفي ة ،في ك ل من عق دي ال بيع 517واإليج ار ،518ومن المق رر أّن كال من
البائع والمؤجر يضمنان التعرض الصادر من الغير ،ويضمنان العيوب الخفية التي قد توجد
في الشيء المبيع أو المؤجر ،دون حاجة إلى إثبات الخطأ في جانبهما ،ولو لم يكون ا على علم
بوج ود الح ق ال ذي يس تند إلي ه الغ ير في تعرض ه ،أو العيب ال ذي ي ؤثر في قيم ة أو منفع ة
على عكس المش رع الفرنس ي ،ال ذي اعت بر -بص ريح نص الم ادة 1792ق.م.ف -المهن دس المعم اري ومق اول 516
البناء ،مسؤولين بقوة القانون ،عن تهدم المباني أو تعيبها ،وهو بذلك أكد قرينة المسؤولية التي تقع على عاتقهما،
ووضع حدا للخالف الذي كان سائدا قبل صدور هذه المادة.
ففي ظل تقنين نابوليون لسنة 1804كان المشرع الفرنسي يقر مبدأ القرينة في المقاوالت الجزافية فقط ،ألن تقدير
األجر جزافا يكون مدعاة للمقاول أو المهندس المعماري إلى الحرص والتقتير ،حتى يخرج بأكبر كسب ممكن ،ولو
على حساب جودة العمل ،مما يزيد في احتمال تعيب البناء ،لذلك تدخل المشرع وجعل مس ؤوليتهما مفترضة في هذه
الحالة ،وعلى العكس من ذلك ،في المقاوالت األخرى غير الجزافية ،يشترط إثبات خطأ المعماري كشرط جوهري
للرج وع علي ه بالمس ؤولية ،أم ا في ظ ل الق انون 3لسنة ،1967فحذف الش رط المتعل ق بالتقدير الج زافي لألجر من
الصياغة الجديدة للمادة ،1792لكن جاء هذا النص غامضا ،فلم يبين موقف المشرع من قرينة المسؤولية ،إن كان=
= أقره ا ،أم ألقى عبء إثباته ا على ع اتق رب العم ل ،وأم ام هذا الغم وض ،أب دى القضاء ت رددا واض حا في تطبيق
قرينة المسؤولية في كثير من الحاالت.
-بلمختار سعاد ،المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص.166
-لتفاص يل أك ثر ح ول موق ف المش رع الفرنس ي والتط ور ال ذي عرف ه مب دأ القرين ة ،يراج ع :محم د ن اجي ي اقوت،
مس ؤولية المعم اريين بع د إتم ام األعم ال وتس لمها مقبول ة من رب العم ل ،دراس ة مقارن ة في الق انونين المص ري
والفرنسي ،ص 179وما يليها.
221
الشيء ،519فمتى كان الشخص ضامنا ،فإنه ال داعي للبحث عن خطئه إذا ما تضرر المستفيد
من الضمان ،ومن تّم عليه أن يلتزم بالتعويض دون أن يثبت المتضرر خطأه.520
يرجع السبب الذي دفع المشرع الجزائري ،إلى عدم النص صراحة على تقرير مبدأ
قرين ة المس ؤولية العش رية ،إلى أّن وج ود ه ذه القرين ة أم ر تقتض يه القواع د العام ة ،ف التزام
مق اول البن اء بالقي ام بالعم ل المتف ق علي ه ،وطبق ا لقواع د الفن وأص ول الص نعة ،ه و ال تزام
بنتيج ة ،يثبت اإلخالل ب ه بمج رد إثب ات ع دم تحق ق ه ذه النتيج ة ،فك ذلك ال تزام المهن دس
المعماري ومقاول البناء بإقامة بناء ،ال ينهدم ،وال توجد به عيوب في خالل عشر سنوات هو
التزام بنتيجة.
ي ترتب على م ا س بق ،أن ه بمج رد ثب وت حص ول ته دم كلي أو ج زئي بالمب اني أو
المنش آت الثابت ة ،أو وج ود عي وب فيه ا ،يعت بر المهن دس المعم اري ومق اول البن اء مخلين
بالتزاماتهما ،وبالتالي يجوز لرب العمل الرجوع عليهما بالضمان ،دون حاجة إلى إثبات خط أ
في جانب أّي منهما ،وعليه ما دام المهندس المعماري أو مقاول البناء ملتزمين بتحقيق نتيجة،
فليس لص احب المش روع أن يثبت خطأهم ا ،ب ل يكفي أن يثبت ع دم تحق ق النتيج ة ،لتتحق ق
المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء.
وطالما ال يكفي أن يثبت المهندس المعماري ومقاول البناء أنهما بذال العناية الالزمة
في عملهم ا ،وأن ه رغم ذل ك وق ع الض رر ،ح تى تنتفي المس ؤولية عنهم ا ،فان ه تق وم قرين ة
مسؤوليتهما العشرية ،بحيث ال يجوز لهما نفيها إال بإثبات السبب األجنبي.
غير أنه إذا اقتصر التزام المهندس المعماري على وضع التصاميم ،دون مهمة مراقبة
ومتابعة األشغال ،واإلشراف على تنفيذها ،ففي هذه الحالة ،يكون التزامه ببذل عناية ،وليس
بتحقي ق نتيج ة ،ومن تم ال تق ع عليه قرينة مس ؤولية وإ نم ا قرين ة خط أ ،ويج وز ل ه بالت الي أن
ينفي المسؤولية عن نفسه ،بإثبات أنه لم يقم بأّي خطأ ،وأنه تصرف تصرف الرجل المعتاد
عند تنفيذه اللتزامه.
حمادي جازية مجيدة ،عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري ،المرجع السابق ،ص.131 520
222
خالص ة م ا تق دم ،أّن ال تزام المهن دس المعم اري ومق اول البن اء بض مان العيب في
المباني والمنشآت الثابتة هو التزام بتحقيق نتيجة ،ال التزام ببذل عناية ،فيكفي إذن أن يثبت
صاحب المشروع أن هناك عقد مقاولة ،موضوعه مباني أو منشآت ثابتة ،وأن هذه المنج زات
وج دت فيه ا عي وب على النح و ال ذي فص لناه فيم ا تق دم ،في خالل عش ر س نوات التالي ة لتس لم
البناء ،حتى يقوم التزام المهندس المعماري ومقاول البناء بالضمان ،وعليه ال حاج ة ألن يثبت
رب العمل ،أّن هناك خطأ في جانب أحدهما أو كليهما ،ألن وجود العيب في البناء يع ّد خطأ
بذاته ،مثلما هو الحال في أّي التزام بتحقيق نتيجة.
وإ ذا كان أساس المسؤولية العشرية قائما على قرينة المسؤولية – مثلما رأينا -أي أّن
ص احب المش روع ال يل زم بإثب ات الخط أ ،في ج انب المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،فه ل
تمتد هذه القرينة لتشمل إعفاءه من عيب إثبات عالقة السببية ،بين خطأ المهندس المعماري
ومقاول البناء ،وبين الضرر الالحق بالبناء؟
ال إش كال في اإلجابة عن ه ذا الس ؤال ،إذا كان المكل ف بانج از أعم ال البناء المختلفة
كامل ة مهندس ا معماري ا واح دا ،أو مق اوال واح دا ،ففي ه ذه الحال ة يك ون من المؤك د فعال قي ام
عالق ة س ببية بين خط أ المعم اري ،مهندس ا ك ان أو مق اوال ،وبين الض رر الالح ق بالمب اني،
ته دما ك ان أو عيب ا ،فال يكل ف رب العم ل عندئ ذ بإثب ات ه ذه العالق ة ،وإ نم ا يكل ف المعم اري
بنفي عالقة السببية عن طريق إثبات السبب األجنبي.
أما إذا كان المكلفون بانجاز أعمال البناء عدة مقاولين ،521اختلفت في هذه الحالة آراء
الفقه اء بخص وص م ا إذا ك انت القرين ة تش مل اف تراض وج ود عالق ة الس ببية بين الض رر
المدعى به في البناء ،وبين خطأ كل مقاول شارك في األعمال من عدمها.
فيكل ف ك ل مق اول منهم على ح دى بإنج از ن وع معين من األعم ال دون غ يره ،ك أن يكل ف أح دهم بمهم ة أعم ال 521
البياض ،ويكلف آخر بمهمة أعمال النجارة ،وآخر بمهمة أعمال صرف المياه ،وهكذا.
223
إلى اعتبار أن كال من هؤالء المقاولين المتعددين ،يعتبر مقاوال 522
فذهب بعض الفقه
في حدود األعمال التي يقوم بها فقط ،بحيث يكون ملتزما بالضمان في هذه الحدود ،ومن تم
تقتصر مسؤوليتهم على ما قاموا به من أعمال.
تع رض ه ذا ال رأي للنق د ،على أس اس أن أنش طة المق اولين تت داخل وتتص ل بعض ها
ببعض ،مم ا يتع ذر مع ه القط ع بنس بة الخل ل إلى فع ل مق اول معين ،فالخل ل في متان ة األعم دة
الحامل ة للبن اء ،يمكن نس بته إلى عيب في األرض يس أل عن ه المق اول المكل ف بفحص ها ،كم ا
يمكن نسبته أيضا إلى عيوب أخرى عديدة كالعيب في مواد البناء ،أو العيب في األساسات،
وغيرها من العيوب األخرى ،وعليه يبقى السؤال مطروحا.
تعرض هذا الرأي بدوره للنقد ،على أساس أن إلزام صاحب المشروع ،بإثبات عالقة
السببية في حالة تعدد المقاولين أمر صعب ،ومن شأنه أن يضع رب العمل في مركز يعادل
في ص عوبته مرك ز المكل ف بإثب ات الخط أ ،وه و أم ر ال يمكن قبول ه ،ألن ه ي ؤدي إلى عكس
المقصود من تقرير القرينة أصال.
إلى القول بوجوب إعفاء رب العمل من عبء إثبات عالق ة الس ببية، وذهب البعض
524
بين الض رر الالح ق والخط أ الواق ع من مق اول معين ،على اعتب ار أّن ه ذه العالق ة تك ون
مفترض ة في كل المق اولين ،دون تمي يز ،عن مجم وع العم ل ،بغض النظ ر عن عالقة نشاطه
بالضرر.
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،العقود الواردة على العمل ،المقاولة والوكالة والوديعة 522
من أمث ال ك اريال وس وان وكاس تون ،أش ار إليهم :محم د ن اجي ي اقوت ،مس ؤولية المعم اريين بع د إتم ام األعم ال 523
من أمثال ماالن فو وجستاز ،أشار إليهما نفس المرجع السابق ،ص.199 524
224
عيب على هذا الرأي أيضا ،أنه اتجه إلى ح ّد التطرف في حماية مصالح رب العمل
المضرور في الحصول على التعويض ،على حساب التضحية بالحقوق المشروعة للمقاولين
المدعى عليهم.
أمام هذه اآلراء المختلفة للفقهاء ،ذهب جانب آخر من الفقه 525إلى اقتراح ح ّل جديد،
يحقق التوازن المطلوب بين المصالح المتعارضة لجميع األطراف المعنية في مقاوالت البن اء،
مفاده تحليل القرينة إلى عنصرين مختلفين ،أحدهما يفترض أن كل عيب راجع إلى نش اط ك ل
مقاول شارك في العمل ،526وثانيهما يفرض مسؤولية مقاول البناء افتراضا قاطعا ،ال ينتفي
إال بإثبات السبب األجنبي.
إذا تمّعن ا في ه ذا االتج اه فإنن ا نج ده ق د ج انب الص واب ،فه و يوّف ق بين االتج اهين
السابقين ،إذ جعل القرينة ،تشمل نسبة الضرر ،إلى فعل كل مقاول شارك في عملية التشييد
والبناء ،محققا بذلك مصلحة رب العمل ،ولم يهدر في المقابل حقوق المقاولين حين أجاز لهم
نفي ه ذه القرين ة ،بإثب ات عكس ها بكاف ة ط رق اإلثب ات ،دون أن يش ترط ل ذلك إثب ات الس بب
األجنبي ،فقرينة المسؤولية ال تنطبق هنا إال على المقاول الذي عجز عن نفي عالقة السببية
التي تربط بين نشاطه ،وبين الضرر الالحق.527
من أمثال مازو ورواست وروديير وكاريال ،أشار إليهم نفس المرجع السابق ،ص.203 525
يطلق على هذا العنصر اسم " قرينة المساهمة " أو "قرينة اإلسناد" ،وهي قرينة بسيطة ،يجوز إثبات عكسها بكافة 526
طرق اإلثبات ،أي أنها تسقط ،متى تمكن المقاول المدعى عليه ،من إثبات عدم تعلق نشاطه باألعمال التي = = ظهر
فيه ا العيب ،ودون حاجة إلى إثبات السبب األجنبي ،فإذا نجح المقاول في إثب ات العكس ،لم تنطبق عليه القرينة في
عنصرها الثاني ،وتخلص بالتالي من المسؤولية.
لقي ه ذا االتج اه تأيي دا ص ريحا من ج انب القض اء في فرنس ا ،إذ قض ت محكم ة ب اريس مثال بت اريخ 26أفري ل 527
1979بما يلي " :قبول انتفاء الضمان عن المقاول الذي أثبت أنه لم يكلف بأّي عمل له صلة بمواسير المي اه الساخنة
في البناء وما ترتب عليه من خلل في البناء دون الحاجة إلى إثبات السبب األجنبي".
يراجع بهذا الصدد األحك ام القضائية التي أشار إليها :محمد ن اجي ي اقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتم ام األعمال
وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص 220هـ ،491ص 221هـ.492
225
لم يتط رق المش رع الجزائ ري إلى أس باب انتف اء المس ؤولية العش رية إذا م ا تحققت
ش روطها بنص خ اص ،528األم ر ال ذي ي دفعنا إلى الرج وع إلى القواع د العام ة للمس ؤولية
العقدية.529
رأينا فيما تقدم أن التزام المهندس المعماري ومقاول البناء بضمان العيب ،في المباني
والمنش آت الثابت ة األخ رى ،ه و ال تزام بتحقي ق نتيج ة ،وهي تس ليم ص احب المش روع بناي ة
سليمة ،مطابقة للتصاميم ،والمواصفات المتفق عليها في عقد المقاولة ،ومقاومة للزمن ،وأنه
ال حاجة ألن يثبت رب العمل ،في حالة ما إذا وجدت في المباني والمنشآت عيوب ،في خالل
عشر سنوات ،أّن هناك خطأ في جانب المهندس المعماري ومقاول البناء ،ألن وجود العيب
هو ذاته الخطأ ،مثلما هو مقرر في االلتزام بتحقيق نتيجة.
وعليه فإّن المسؤولية العشرية ،شأنها شأن المسؤولية التي تترتب على اإلخالل بالتزام
بتحقي ق نتيج ة ،ال تنتفي إال بإثب ات الس بب األجن بي ،ومن تم ال يج وز للمهن دس المعم اري أو
مقاول البناء أن ينفيا مسؤوليتهما عن الضمان الخاص ،بنفيهما عالقة السببية ،أي بإثبات أّن
الضرر ،تهدما كان أو عيبا ،قد نشأ عن سبب أجنبي ال يد لهما فيه ،كقوة قاهرة أو حادث
فج ائي أو خط أ رب العم ل أو خط أ ش خص من الغ ير ،ال يس أل عن ه المهن دس المعم اري وال
رب العم ل ،ولكن ال يكفي لنفي مس ؤولية المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ،أن يثبت
أحدهما انتفاء الخطأ في جانبه ،التخاذه مثال كل االحتياطات الالزمة لمنع حصول تهدم كلي
أو جزئي بالمباني والمنشآت الثابتة أو وجود عيب ،أو لبذله عناية الشخص المعتاد في وضع
التص ميم ،واإلش راف على العم ل ،أو في القي ام بعملي ة البن اء ذاته ا ،ألن التزامهم ا ه و تحقي ق
نتيجة ،وليس بذل عناية كما قدمنا.
على خالف المش رع الفرنس ي ال ذي نص على ه ذه األس باب في الم ادة 1792من ق.م.ف ،وال تي ج اء نص ها 528
كاآلتي:
L’article 1792 c.civ : « Tout constructeur est responsable de plein droit … une telle responsabilité n’a point
lieu, si le constructeur prouve que les dommages proviennent d’une cause étrangère ».
تنص الم ادة 127من ق.م على م ا يلي " :إذا أثبت الش خص أن الض رر ق د نش أ عن س بب ال ي د ل ه في ه كح ادث 529
مفاجئ ،أو قوة قاهرة ،أو خطأ صدر من المضرور أو خطأ من الغير ،كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ،ما لم
يوجد نص قانوني أو اتفاق يخالف ذلك".
226
تنتفي مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء الخاص ة ،إذا م ا أثبت ا أن الته دم أو
العيب الذي لحق بالمباني أو المنشآت الثابتة ،نشأ عن سبب أجنبي كقوة قاهرة ،أو خطأ رب
العمل ،أو خطأ الغير ،وهذا ما سنعرضه بشيء من التفصيل فيما يلي.
530
الفرع األول :القوة القاهرة
القوة القاهرة هي ك ّل حادث غير متوقع حصوله ،مستقل عن إرادة المتعاقدين وغير
ممكن دفعه ،يؤدي إلى استحالة تنفيذ االلتزامات التعاقدية جميعها ،أو جزء منها.531
وتعت بر الق وة الق اهرة من األس باب الجوهري ة ،ال تي تقط ع رابط ة الس ببية بين الخط أ
والض رر ،وال تي تعفي الم دين من المس ؤولية ،ش ريطة أن تك ون الواقع ة ال تي أدت إلى ه ذه
القوة حادثا خارجيا ،ال يمكن توقعه ،وال دفعه وقت إبرام العق د ،ويؤدي مباشرة إلى حدوث
الضرر.
فإذا نجم عن الق وة القاهرة 532ته ّد م البناء كليا أو جزئيا ،أو تعّيبه تعّيبا جسيما مه ّد دا
لسالمته ومتانته ،خالل م ّد ة الضمان العشري ،انتفت المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري
ومقاول البناء.
ح تى تعت بر الق وة الق اهرة س ببا ي دفع بموجب ه المهن دس المعم اري ومق اول البن اء
المس ؤولية الخاص ة عنهم ا ،يجب أن يت وافر في الح ادث ،ال ذي س ّبب الض رر بالبن اءات أو
المنشآت الثابتة األخرى ،شرطان نذكرهما تباعا.
استقر الفقه الحديث على اعتبار القوة القاهرة أمرا مرادفا للحادث المفاجئ ،وهذا ما أخذ به المشرع الجزائري، 530
على غرار باقي التشريعات المقارنة ،في المادة 127من ق.م ،أما في السابق ،فقد كان ينظر إلى القوة القاهرة على
أنها الحدث الذي ال يمكن دفعه ،وإ لى الحادث الفجائي على أنه الحدث الذي ال يمكن توقعه.
531شهيدة قادة ،المسؤولية المدنية للمنتج ،دراسة مقارنة ،المرجع السابق ،ص.290
ومن أمثلة القوة القاهرة حصول خلل في استقرار األرض التي يقام عليها البناء ،إذا كان سبب هذا الخلل قد نشأ 532
عن أس باب خارجي ة ،لم يكن في اإلمك ان توقعه ا ،وقت إقام ة البن اء ،وال دفعه ا ،فلم يكن الخل ل ناش ئا مثال عن موق ع
األرض أو عن حركتها الذاتية.
227
يقصد بهذا الشرط ،أن يكون الحادث الذي س ّبب الضرر بالبناء خارجيا عن البناية،
وعن مادة العمل المعماري كلها ،أو عن ذاتية الشيء الذي يقع عليه العمل.
وعليه ،ال يمكن اعتبار عيوب األرض التي يقام عليها البناء قوة قاهرة ،533ألن مثل
هذه العيوب ال يمكن اعتبارها خارجية عن مادة العمل ،أو عن ذاتية الشيء الذي يتحقق في
ش أنه الض مان ،ففحص األرض الم راد البن اء عليه ا ،ومعاينته ا ،وكش ف عيوبه ا قب ل الش روع
في البن اء عليه ا ،يعت بر من ص ميم الواجب ات الملق اة على ع اتق المهن دس المعم اري ومق اول
البن اء ،وال تي يفرض ها عق د المقاول ة ،534وال يعفى من مهم ة القي ام به ا إال بش رط ص ريح في
العقد ،فضال عن إمكانية تجنب هذه العيوب بمعالجتها وتفادي مخاطرها المحتملة على متانة
البناء وسالمته ،وذلك باتخاذ االحتياطات الالزمة لتقوية األساس ،وعليه ال تتوافر في عيوب
األرض الشروط الواجب توافرها فيما يعتبر قوة قاهرة أو حادثا مفاجئا.535
وتطبيقا لذلك ،قضي مثال بأّن هبوط األرض المقام عليها البناء نتيجة للنشع الحادث
عن مي اه األمط ار ،ال يعت بر ق وة ق اهرة ،ول و ك انت ه ذه األمط ار اس تثنائية ،طالم ا ك ان من
الممكن تجنب ه ذا الهب وط باتخ اذ إج راءات فني ة معين ة ،ال س يما أّن البن اء أقيم على مس توى
منخفض عن الطريق المجاور ،كما قضي بعدم اعتبار هبوط األرصفة المقامة على جوانب
النه ر ق وة ق اهرة ،ألّن الهب وط يرج ع إلى موق ع األرض من النه ر ،وه و م ا ال يعت بر حادث ا
خارجيا عن ذاتية الشيء ،كما أنه من األمور الممكن توقعها ،وهو من صميم عمل المقاول
في البناء ،فال يكّيف على أساس أنه أجنبي عن نشاطه.536
وإ ذا ك ان الته دم ال ذي يرج ع إلى عيب في األرض ،ال يعفي المهن دس المعم اري من
المسؤولية ،فمن باب أولى أن يسأل عن عيوب المباني القديمة ،التي اتخذت كدعامة ألعمال
ولق د أك د المش رع الجزائ ري -على غ رار المش رعين الفرنس ي والمص ري -ه ذا التص ور ص راحة في الم ادة 533
554من القانون المدني الجزائري ،والتي اعتبر فيها المهندس المعماري والمقاول ،مسؤولين مسؤولية عشرية ،ولو
كان التهدم أو الخلل ناشئا عن عيب في األرض.
محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص 536
هذا ولقد قضي على سبيل المثال في أكثر من مناسبة ،بمسؤولية المهندس المعماري
والمق اول عن العي وب الناجم ة بس بب تل ف الخش ب المس تخدم في أرض ية البن اء ،أو بس بب
تعّر ض ه لن وع من الحش رات أفس دته ،وذل ك على أس اس أن ه ك ان من الممكن تجنب ح دوث
الضرر بمعالجة الخشب معالجة خاصة ،تقيه التعرض لمثل هذا الخطر.537
والمالحظ بهذا الصدد ،أنه على الرغم نظريا من عدم اعتبار عيوب األرض وعيوب
م واد البن اء ق وة ق اهرة ،تس قط قرين ة المس ؤولية عن الض مان العش ري ،وذل ك لتخل ف ش رط
الخارجية فيها بوجه عام ،إال أنه يبدو عمليا ،أّن الجهات القضائية تتغاضى أحيانا في أحكامها
عن تطلب ه ذا الش رط للحكم بنفي المس ؤولية ،وذل ك ب أن تكتفي بت وافر ش رط ع دم إمك ان
الوقوع والدفع وقت البناء ،وهي تقضي بذلك عادة كلما تبّين لها من وقائع الملف ،أّن الض رر
الحاص ل راج ع إلى ح دوث ظ روف غ ير عادي ة ،خارجي ة عن نش اط المهن دس المعم اري،
ومقاول البناء في عملية البناء.
ومن قبيل ذلك ،قضي بأنه إذا كان عيب األرض من العيوب غير المتوقعة ،وك ان من
المس تحيل على المهن دس المعم اري اكتش افه ،بإتب اع القواع د الفني ة ال تي يتبعه ا أّي مهن دس
ح ريص فطن ل و ك ان مكان ه ،اعت بر ق وة ق اهرة ،تنفي عن ه قرين ة المس ؤولية المعماري ة ،ك أن
توجد أطالل مباني أثرية على عمق كبير جدا تحت األرض ،في منطقة لم تكتشف فيها آثار
من قبل ،ولم يقل أحد بوجود آثار بها.
وقضي باعتبار عيوب المواد المستخدمة في البناء ،قوة قاهرة ،تنفي قرينة المسؤولية
العش رية ،على ال رغم من أنه ا ال تعت بر حادث ا خارجي ا بحس ب طبيعته ا ،إذا أثبت المهن دس
من أج ل التفص يل أك ثر في التطبيق ات القض ائية ،يراج ع :محم د ن اجي ي اقوت ،مس ؤولية المعم اريين بع د إتم ام 537
هذا وإ ذا لجأ المهندس المعماري أو مقاول البناء إلى اعتماد تقنيات معينة غير مألوفة
في البن اء ،وم واد معين ة في إنج از وتنفي ذ المش روع ،وبع د م رور م دة زمني ة ،اتض ح أّن تل ك
التقني ات أو الم واد تش كل خط را على البن اءات وش اغليها ،فه ل يج وز له ذا المعم اري دف ع
المس ؤولية المعماري ة عن نفس ه بإدعائ ه أّن وقت اس تعماله لتل ك الم واد لم يكن العلم ق د أظه ر
خطورتها ،وأّن استعمالها آنذاك كان أمرا عاديا؟
لم أج د في ح دود علمي أحكام ا أو اجته ادات قض ائية في الجزائ ر تجيب عن ه ذا
السؤال ،على أّن جهل المقاول لخطورة مواد البناء التي استعملها آنذاك ،ال يشكل سببا أجنبيا
ل دفع المس ؤولية عن نفس ه ،ب الرغم من أّن التقني ات ال تي اتبعه ا ك انت تتماش ى وقواع د الفن
وأص ول الصنعة ،ومقننة في الوثائق التقنية الموح دة ،فان ذل ك ال يعتبر سببا أجنبيا ،وليس
للمقاول التذرع به لنفي المسؤولية عنه.
وعليه ،ال تعتبر مخاطر التطور ،سببا إلعفاء المهندس المعماري أو مقاول البناء من
المسؤولية العشرية ،إال إذا توافرت فيها شروط القوة القاهرة ،بأن تكون هذه المخاطر التي
كشف عنها تطور العلم ،خارجية كلية عن نشاط المهندس المعماري ومقاول البناء ،ولم يكن
باإلمك ان توّقعه ا ،أو دفعه ا وقت تش ييد البن اء ،إذ أن ه في ه ذه الحال ة فق ط تعت بر س ببا أجنبي ا،
يعفي من المسؤولية بوصفها قوة قاهرة ،وليس بوصفها مخاطر تطور بالمعنى السابق.
يجب أن تك ون الق وة الق اهرة أو الح ادث الفج ائي غ ير ممكن التوق ع ومس تحيل ال دفع،
فإذا أمكن توقع الحادث حتى لو استحال دفعه ،أو دفع الحادث حتى لو استحال توقعه ،لم يكن
قوة قاهرة أو حادثا فجائيا.
من أجل التفصيل أكثر في التطبيقات القضائية ،يراجع :نفس المرجع ،ص 224إلى .226 538
230
ويجب أن يك ون الح ادث غ ير مس تطاع التوق ع ،ال من ج انب المهن دس المعم اري أو
مق اول البن اء ،ب ل من ج انب أش ّد الن اس يقظ ة وتبص رة ب األمور ،فالمعي ار إذن موض وعي ال
ذاتي ،إذ يتطلب أن يكون عدم اإلمكان مطلقا ال نسبيا.
كما يتعين أن يكون الحادث من شأنه أن يجعل تنفيذ االلتزام مستحيال ،وأن تكون هذه
االس تحالة مطلق ة ،فال تك ون اس تحالة بالنس بة إلى الم دين وح ده ،ب ل اس تحالة بالنس بة إلى أّي
شخص يكون في موقفه.539
تجدر اإلشارة إلى أنه ال يمكن حصر حاالت القوة القاهرة التي يتوافر فيها الشرطان
س الفا ال ذكر ،وال تي ت ؤدي إلى انتف اء مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،ألّن فك رة
التوق ع وال دفع المش كلين لج وهر الق وة الق اهرة فك رة نس بية ،تتط ور وتق دم أس اليب فن البن اء،
وأصول هندسة المعمار.
هذا وإ ّن مسألة تقدير تحقق هذا الشرط من عدمه ،ترجع إلى السلطة التقديرية لقاضي
الموض وع ،ال ذي يس تخدم في ذل ك معي ارا موض وعيا ،مراعي ا ب ذلك م ا توجب ه قواع د الفن
وأص ول الص نعة ،على المعم اري الفطن الح ريص والمج ّر ب ،من اتخ اذ كاف ة الوس ائل الفني ة
540
الالزمة لالحتياط بها من إمكانية حصول الحادث في المستقبل.
وب الرجوع إلى أحك ام القض اء ،يت بين أن الجه ات القض ائية قض ت في بعض أحكامه ا
بوجود القوة القاهرة بمجرد توافر أحد شرطيها فقط في الحادثة ،541ومن تم أعفت المهندس
المعماري ومقاول البناء من المسؤولية الخاصة ،فاعتدت مثال بعدم قابلية الحادثة المدعى بها
للتوق ع ،دون البحث في م دى إمكاني ة دفعه ا ومقاومته ا عن د إقام ة البن اء ،أو اعت دت بك ون
الحادثة مما يستحيل دفعه وتفاديه وقت إقامة البناء ،دون اإلشارة إلى مدى قابليتها للتوقع في
ذلك الوقت.
عب د ال رزاق الس نهوري ،الوس يط في ش رح الق انون الم دني ،نظري ة االل تزام بوج ه ع ام ،مص ادر االل تزام ،ج ،1 539
محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ،المرجع السابق ،ص 540
.227
أي صفة عدم إمكان توقع الحادثة وقت إقامة البناء ،أو صفة استحالة دفعها أثناء وقوعها. 541
231
وقض ت في أحك ام أخ رى بع دم قي ام الق وة الق اهرة في الح ادث الم دعى ب ه لع دم ت وافر
شرطيها معا ،وانتهت إلى تحميل المهندس المعماري ومقاول البناء المسؤولية الخاصة.
ومن قبي ل الح وادث ال تي اعت برت ق وة ق اهرة ،ومن تم س ببا أجنبي ا يعفي المهن دس
المعماري ومقاول البناء من المسؤولية الخاصة ،حالة حدوث بعض الظواهر الطبيعية ،التي
تبلغ من الشدة والعنف درجة استثنائية ،تجعل مقاومتها وتالفي نتائجها الضارة بمتانة البناء
أمرا مستحيال ،كهبوب الرياح العاتية ،وارتفاع درجة حرارة الجو ارتفاعا غير عادي ،يمثل
كارث ة جوي ة حقيقي ة ،وس قوط األمط ار الغزي رة ،وت دّفق مي اه الفيض ان بق وة ان دفاع كب يرة،
وح دوث ال زالزل ،وغيره ا من الك وارث ،م تى ت بّين من ظ روف الح ال ،ع دم إمك ان دفعه ا،
وطالما كان من غير الممكن توقعها.
إذا أثبت المهندس المعماري ومقاول البناء ،أن تهدم البناء ،أو وجود العيب يرجع إلى
قوة قاهرة ،ينتفي االلتزام بالضمان ،وهو بذلك ال ينفي وقوع الخطأ ،وإ نما ينفي عالقة السببية
بين الخطأ والضرر ،ويشترط النتفاء المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء،
في هذه الحالة أن تكون القوة القاهرة هي السبب الوحيد الذي أدى إلى حدوث الضرر.
أما إذا تبين أّن الحادثة المكونة للقوة القاهرة تعتبر أحد األسباب فقط التي ساهمت في
وقوع الضرر ،كأن يكون لفعل المعماريين دخل في ذلك أيضا ،فإّن تخلص هؤالء من القرينة
الملق اة على ع اتقهم ،ال يتّم في ه ذه الحالة بص فة تلقائية ،ب ل يجب على قاض ي الموض وع أن
يبحث في ك ل حال ة على ح دى ،وعن نس بة مس اهمة ك ّل س بب من ه ذه األس باب المتع ّد دة في
إحداث الضرر.
ولق د اس تقر القض اء الجزائ ري على ه ذا االتج اه ،بحيث قض ت المحكم ة العلي ا في
الق رار الص ادر عنه ا بت اريخ 25م اي 1988بم ا يلي " :من المق رر قانون ا ،أن ه إذا أثبت
الش خص أّن الض رر ق د نش أ عن س بب ال ي د ل ه في ه كق وة ،ك ان غ ير مل زم بتع ويض ه ذا
الضرر ،ومن تّم فإن النعي على القرار المطعون فيه باإلساءة في تطبيق القانون غير وجيه.
ولّم ا كان الثابت في قضية الحال -أّن قضاة الموضوع بإسنادهم جزء من مسؤولية الفيضان
إلى الشركة الطاعنة بنسبة الثلثين ،لكونها قامت بفتح ثغرة ،ولم تسّد ها بعد انتهاء األشغال هذا
232
من جه ة ،ومن جه ة ثاني ة يأخ ذ قض اة الموض وع ظ رف الق وة الق اهرة ومش اركتها في وق وع
الض رر بنس بة الثلث الب اقي بعين االعتب ار يكون ون بقض ائهم كم ا فعل وا ق د طّبق وا الق انون
التطبيق السليم ،ومتى كان ذلك استوجب رفض الطعن".542
نخلص مّم ا تقّد م ،أّن التزام المهندس المعماري ومقاول البناء بالضمان الخاص ،يس قط
بإثب ات وج ود الق وة الق اهرة ،ف إذا ك انت ه ذه األخ يرة هي الس بب المنتج للض رر ،تعّين الحكم
بس قوط القرين ة كلي ة ،ومن تّم الحكم بانتف اء مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء عن
الضمان كله ،أما إذا كان خطأ أحد المشيدين هو المنتج ،واألكثر فعالية في حدوث الضرر،
بالرغم من وجود قوة قاهرة ،تعّين النطق بمسؤولية المعماري كاملة عن الضمان.543
األصل أن خطأ رب العمل ينفي عالقة السببية ،فال يلتزم المهندس المعماري ومقاول
البناء بالضمان ،إذا ما تدّخ ل صاحب المشروع تدّخ ال خاطئا في العمل بعد تسلمه ،بأن أج رى
علي ه تع ديالت معيب ة ،ومغ ايرة للرس وم الهندس ية ،ومث ال ذل ك أن ينق ل مك ان دورة المي اه إلى
مك ان بعي د عن أم اكن الص رف الص حي الموص لة به ا ،في ترتب عن ذل ك تس رب المي اه إلى
الخرس انة والج دران وغيره ا ،مم ا ي ؤدي إلى ح دوث الض رر والعيب بالمب اني أو المنش آت
الثابتة.
أم ا إذا وق ع الخطأ من ط رف رب العم ل قب ل إتم ام البناء وتسلمه ،وحص ل الته دم أو
الخل ل بع د التس لم ،وخالل م دة الض مان ،فه ل يج وز للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء أن
يتمسك بهذا الخطأ لنفي المسؤولية العشرية عنهما؟
تقتض ي اإلجاب ة على ه ذا الس ؤال ،التمي يز بين م ا إذا ك ان رب العم ل ال ذي ارتكب
الخط أ ج اهال بقواع د الفن وأص ول الهندس ة ،وبين م ا إذا ك ان خب يرا به ذه األم ور ،وه و م ا
سنعرضه تباعا.
قرار م ع غ م ،ملف رقم ،53110الصادر بتاريخ ،25/05/1988منشور بـ م ق ،ع ،2س ،1992ص.11 542
مث ال ذل ك الفيض ان غ ير المتوق ع ومس تحيل المقاوم ة ،وال ذي يلح ق الض رر بالبن اءات أو المنش آت الثابت ة ،وتزي د 543
233
أوال :رب العمل غير الخبير في فن البناء
األصل أّن المهندس المعماري ومقاول البناء خبيران في فن البناء ،بعكس رب العمل
الذي يف ترض فيه الجهل بهذا الفن ،وعليه إذا تدخل هذا األخ ير في إقامة المباني والمنشآت
الثابتة المعيبة ،سواء بفرض مواصفات معيبة ،أو بتقديم مواد معيبة ،أو بالموافقة على تصميم
معيب ،ف إن مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ال تنتفي ،ألن ه ك ان يت وجب عليهم ا،
تنبيه رب العمل إلى عدم كفاية المواصفات ،أو إلى عيوب المواد ،والتصميم ،ذلك أّن تدخل
رب العم ل ال يعفيهما من المسؤولية ،إذا كانا ق د أخال بالتزاماتهما ،وعليه ال يل تزم المهندس
المعماري ومقاول البناء -بحسب األصل -بتنفيذ تعليمات رب العمل آليا ،وال بطاعة أوام ره،
بل يتعين عليهما إذا ما تلّقيا منه تعليمات وأوامر مخالفة ألصول الفن والصنعة ،تنبيهه إلى
مخالفة هذه التعليمات ألصول الفن ،وما لهذه التعليمات من مخاطر على البناء ،أو المنشآت
الثابتة التي هي في قيد اإلنجاز.
وإ ذا نّبه المهندس المعماري أو مقاول البناء صاحب المشروع إلى وجود عيوب تهدد
سالمة البناء ،حال تطبيقهما ألوامره ،واستخدامهما لهذه المواد ،ولكنه أصر على المضي في
العم ل وفق ا له ذه المواص فات ،وباس تخدام ه ذه الم واد ،فان ه يجب عليهم ا االمتن اع ،عن د
االقتض اء ،عن تنفي ذ العم ل ،إذا ك ان ي ترتب علي ه ته دم البن اء ،أو وج ود عي وب ته دد متانت ه
وسالمته ،غير أنهما إذا طبقا تعليمات رب العمل الخاطئة ،فإنهما يعتبران مخطئين ،وقامت
مسؤوليتهما الخاصة كاملة ،فال يستغرق خطأ رب العمل خطأهما.
وتطبيقا لذلك ،544قضي بأنه ال تنتفي مسؤولية المقاول ،عن أّي ضرر يلحق بالبناء،
إذا ما اشترك معه رب العمل في الرأي ،أو قام بتنفيذ أمره ،إذا كان فيه مخالفة ألصول الفن،
ذلك أّنه من واجب المقاول االمتناع عن كّل عمل يخالف أصول الفن والصنعة ،ولو أمره به
المالك ،وال تنتفي مسؤولية المقاول أو المهندس المعماري ،إذا حصل التهدم أو العيب ،بسبب
استعمال هذين األخيرين لمواد وّر دها رب العمل ،ما دامت هذه العيوب ظاهرة ،أو كان من
الممكن اكتشافها ،ألنه كان يجب عليهما رفض استخدام هذه المواد المعيبة.
يراجع في كل هذا محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل، 544
كما ال تنتفي مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء بإثباتهما خطأ رب العمل في
تنفي ذ عملي ات البن اء بنفس ه ،تنفي ذا معيب ا ،طالم ا أنهم ا قبال تنفي ذ ب اقي األعم ال األخ رى ،ال تي
ك ان رب العم ل ق د ب دأ في تنفي ذها ،دون تص حيح األخط اء ال تي ارتكبه ا ،أو معالج ة العي وب
التي تسّبب فيها.
وقض ي أيض ا أن ه يجب على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،رفض أّي ت دخل
خ اطئ من ج انب ص احب المش روع ،والتحق ق من مالءم ة تعليمات ه وأوام ره لظ روف تنفي ذ
األعم ال ،ومراجع ة م ا يقّد م ه لهم ا من معلوم ات ،للتأك د من ص حتها ،نظ را لخبرتهم ا في فن
البناء ،وانعدام هذه الخبرة لديه.
على أّن مس ألة انتف اء المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،بإثب ات
خطأ صاحب المشروع ،مسألة واقع ،تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع.
يراجع بهذا الصدد ،محمد ناجي ياقوت ،مسؤولية المعماريين بعد إتمام األعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل، 545
وقد يكون رب العمل هو نفسه مهندسا معماريا ،أو مقاوال للمباني ،وفي ه ذه الحال ة ال
صعوبة في تحديد مسؤوليته ،متى كان يتمتع بالخبرة المعروفة في فن البناء ،546بحيث يعتبر
مرتكب ا للخط أ ،م تى ت رتب عن التعليم ات واألوام ر الص ادرة من ه ،ته ّد م البن اءات ،أو ظه ور
عيوب فيها ،ومن تّم تنتفي المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء.
خالصة ما تقدم ،أّن المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء ال تنتفي ،ما
دام الخط أ الم رتكب ،وال ذي ألح ق الض رر بالمب اني أو المنش آت الثابت ة ،مش تركا بينهم ا وبين
صاحب المشروع غير الخبير بفن البناء ،أما إذا كان هذا األخير خبيرا ،وكان الخطأ ناجما
عن تنفيذ المهندس المعماري ومق اول البناء ألوامره الخاطئة ،انتفت المسؤولية في جانبهما،
ألن إذعانهما لتعليمات صاحب المشروع ال يعتبر خطأ منهما ،وبالنتيجة يعتبر الضرر راجعا
إلى خطأ رب العمل وحده.
إذن ،ح تى يعت بر خط أ ص احب المش روع س ببا النتف اء المس ؤولية الخاص ة للمهن دس
المعم اري ومق اول البن اء كلي ا ،يجب على ه ذين األخ يرين أن يثبت ا من جه ة ،ت دخل ص احب
المشروع في العمل ،بإعطاء أوامر تقنية خاطئة ،ومراقبة مدى إتباعها وتطبيقها ،ومن جهة
أخرى ،أن هذا التدخل هو سبب الضرر الذي لحق بالمباني أو بالمنشآت الثابتة.
يكفي لتحقق شرط الخبرة ،أن يكون رب العمل ملما بقواعد فن البناء ،الماما يجعله في مركز رجل فني ،يفوق 546
مركز المقاول المكلف بالتنفيذ ،وتعتبر مسألة تحديد الخبرة ،مسألة واقع ،تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع.
547
L.J.MAZEAUD, op.cit, p 541.
236
الفرع الثالث :خطأ الغير
قّلم ا يك ون خط أ الغ ير س ببا من أس باب إعف اء المهن دس المعم اري ومق اول البن اء من
مس ؤوليتهما العش رية ،وذل ك نظ را للش روط ال تي يتطلبه ا الفق ه والقض اء لتحقق ه ،فخط أ الغ ير
ك القوة الق اهرة ،يجب أن يك ون غ ير ممكن التوق ع ،ومس تحيل ال دفع من ج انب المهن دس
المعم اري ومق اول البن اء ،ويجب أن يك ون ه ذا الغ ير أجنبي ا عن عملي ة البن اء ،وال يربط ه
بالمهندس المعماري أو مقاول البناء أّي عقد ،وهذا ما سنتناوله.
قد يكون الغير أجنبيا تماما عن عملية البناء والتشييد ،ومع ذلك يس ّبب بفعله عيبا أو
خلال بالبناي ة ،يس توجب التع ويض ،ومث ال ذل ك أن يق وم ه ذا الغ ير بعملي ات حف ر على أعم اق
كب يرة ب القرب من أساس ات المب نى ،أو أن يس تخدم آالت ض خمة تس بب ارتجاج ات ش ديدة في
األرض على مقربة من البناء ،فيؤدي ذلك إلى حدوث تصدعات به.
غير أّن المالحظ في مثل هذه الحاالت ،أنه ال يعفى المهندس المعماري ومقاول البناء
من مسؤوليتهما العشرية ،إال إذا اجتمعت شروط القوة القاهرة السابق ذكرها ،548فإن لم يكن
ك ذلك ،ظ ّل المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،مس ؤولين مس ؤولية كامل ة ،عن ك ّل الض مان
تجاه رب العمل ،وكان لهما حق الرجوع على الغير المسؤول.
قد يعود العيب أو الخلل الذي يصيب البناءات ،إلى خطأ الغير المتصل بعملية التشييد
والبن اء ،ك أن يك ون ه ذا الغ ير شخص ا تربط ه عالق ة تعاقدي ة م ع مق اول البن اء ،كم ا في حال ة
المقاول ة من الب اطن ،أو إذا اس تعان المق اول بعم ال أو فن يين يش اركونه في عملي ة البن اء
بمقتضى عقود عمل.
في هذه الحالة ،ال يمكن للمقاول نفي المسؤولية عن نفسه ،بإثبات خطأ هؤالء الغير،
إذ يبقى مسؤوال عن أخطائهم التي ارتكبوها تجاه صاحب المشروع ،مثلما سبق بيانه في هذه
أي أن يكون هذا الخطأ نفسه غير متوقع ،ومستحيل الدفع. 548
237
الدراس ة ،549وعلي ه م تى ط الب ص احب المش روع ب التعويض عّم ا لح ق البناي ات من أض رار
جراء خطأ تابعي المقاول ،وجب على هذا األخير تعويضه ،مع بقاء حقه في الرجوع عليهم
قائما ،فيما بعد ،بما قام بدفعه ،طبقا للقواعد العامة في المسؤولية العقدية.
وال يج وز للمق اول أيض ا أن ينفي المس ؤولية الخاص ة عن ه ،م تى أب رم عق د بي ع م واد
بناء مع ممّو ن ،ليتضح فيما بعد ،أّن سبب التهدم أو الخلل يرجع إلى عيب في المواد ،550فهو
يسأل عن هذه العيوب ،ألنه كان يجب عليه اكتشافها بحكم خبرته ومهنته ،وهو بذلك يكون قد
أخّل بالتزام رئيسي يقع على عاتقه بموجب عقد المقاولة ،ويتمثل في واجب فحص المعدات،
والم واد المس تعملة في البن اء ،على أن ه يج وز للمق اول بالمقاب ل ،الرج وع على المم ّو ن
بالتعويض ،تطبيقا ألحكام دعوى ضمان العيوب الخفية في عقد البيع.551
أما إذا كان الغير مّم ن تربطه صلة بعملية البناء ،لكن ال يربطه بالمقاول أّي عقد ،كما
هو الحال بالنسبة للمهندس المعماري ،فهما يعتبران بمثابة الغير لبعضهما البعض ،وال يؤثر
عق د المقاول ة الم برم بين ك ل واح د منهم ا وص احب المش روع على اآلخ ر ،ومن ه ال يج وز
ألحدهما أن يدفع المسؤولية الخاصة عنه بإثباته الخطأ في جانب اآلخر ،إعماال بأحكام المادة
554من القانون المدني ،التي حملتهما مسؤولية الضمان العشري بالتضامن ،في حالة وقوع
الته دم الكلي أو الج زئي فيما ش ّيداه من مبان ،أو أقاماه من منشآت ثابتة أخ رى ،أو في حالة
ظهور عيوب تهدد متانتها وسالمتها خالل مدة الضمان ،غير أنه يجوز للمهندس المعماري
ومقاول البناء ،فيما بعد ،الرجوع على بعضهما البعض بدعوى الحلول ،أو بدعوى المس ؤولية
التقصيرية.552
إذن ،ح تى يعت بر خط أ الغ ير س ببا النتف اء المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري
ومق اول البن اء كلي ا ،يجب أن يك ون الغ ير أجنبي ا عن عملي ة البن اء ،وال يربط ه بالمق اول أّي
حمادي جازية مجيدة ،عقد مقاولة البناء في القانون الجزائري ،المرجع السابق ،ص.143 550
238
عق د ،وأن يك ون خط ؤه غ ير ممكن التوق ع ،ومس تحيل ال دفع من ج انب المهن دس المعم اري
ومقاول البناء.
خالصة م ا تق دم ،أّن المهن دس المعم اري ومق اول البن اء يسأالن عن ته دم البن اء ال ذي
أقام اه ،أو تعيب ه ،إذا حص ل ذل ك خالل عش ر س نوات من ت اريخ التس لم النه ائي ل ه من ط رف
صاحب المشروع ،وأّن مسؤوليتهما مسؤولية مفترضة بقوة القانون ،تقوم على قرينة قانونية
قاطعة ،ال يجوز نفيها إال بإثبات السبب األجنبي.
المبحث الثاني:
إذا اش ترك في عملي ة البن اء مهن دس معم اري ومق اول بن اء أو أك ثر ،ف إنهم مس ؤولون
بالتض امن عم ا ق د يص يب المب اني أو المنش آت الثابتة ،من ته دم ،أو من عي وب ،ته دد متانته ا
وسالمتها ،خالل عشر سنوات التالية لتسليهما لرب العمل.
وإ ذا ك ان التض امن في المس ؤولية العقدي ة ،بوج ه ع ام ،ال يف ترض ،إذ يك ون إم ا بن اء
على اتف اق أو بنص الق انون ،553فإن ه في المس ؤولية العش رية ،نج د المش رع الجزائ ري نص
ص راحة على التض امن بين المهن دس المعم اري ومق اول البن اء في الم ادة 554من الق انون
المدني ،رغبة منه في منح حماية أقوى لرب العمل.554
تنص الفق رة األولى من الم ادة 554من الق انون الم دني على م ا يلي " :يض من
المهن دس المعم اري والمق اول متض امنين م ا يح دث خالل عش ر س نوات ،من ته دم كلي أو
انظر المادة 126من ق.م. 553
554المالح ظ أّن هذا النص الذي قض ى ص راحة بالتض امن بين المهندس المعم اري ومق اول البن اء ،من ش أنه التأكي د
على الطبيعة التعاقدية للمسؤولية العشرية ،إذ لو لم تكن كذلك ،لما نص عليها المشرع صراحة ،واكتفى بما قضت
به القواعد العامة في هذا الصدد.
239
جزئي ،فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى ،ولو كان التهدم ناشئا عن عيب
في األرض ،ويش مل الض مان المنص وص علي ه في الفق رة الس ابقة م ا يوج د في المب اني
والمنش آت من عي وب ي ترتب عليه ا تهدي د متان ة البن اء وس المته " ،األم ر ال ذي يفهم من ه أن ه،
متى اشترك المهندس المعماري ومقاول البناء في عملية البناء ،وظهر بالمبنى عيب أو تهدم،
في خالل عش ر س نوات من تس لمه ،ك ان ل رب العم ل الرج وع عليهم ا مع ا ،أو على أح دهما،
ليطالبه بالتعويض كامال (أوال) ،ويكون لكل من المهندس المعماري أو مقاول البناء الرجوع
على اآلخر بما دفعه لرب العمل (ثانيا).
فبفضل التضامن ،يستطيع رب العمل الرجوع بكل الضمان على المهندس المعماري
أو المقاول ،دون الحاجة إلثبات الخطأ في جانبهما ،وبالمقابل ال يستطيع هذان األخيران دفع
رج وع رب العم ل عليهما ،لع دم توافر الخط أ في جانبهم ا ،أو بحج ة أنهم ا يرتبطان م ع رب
العمل بعقد مستقل عن العقد الذي يربط اآلخر به.555
يتضح من نص المادة 554من القانون المدني الجزائري المذكورة أعاله ،أّن كال من
المهندس المعماري والمقاول ال يتضامنان في المسؤولية ،تجاه رب العمل ،قبل تسلم األعمال
نهائي ا ،إذ تظ ل مس ؤوليتهما قب ل تس لم األعم ال نهائي ا ،خاض عة للقواع د العام ة في المس ؤولية
بوجه عام ،556وعليه فإّن جميع األضرار التي قد تلحق برب العمل ،من جراء تهدم البناء ،أو
ظهور عيوب مؤثرة فيه ،قبل تسلم األعمال نهائيا ،يسأل عنها المقاول والمهندس المعماري
مسؤولية عقدية.
كامل فؤاد ،المسؤولية المدنية عن تهدم البناء في التشريع الجزائري ،المرجع السابق ،ص .153 555
240
إذن ،يضمن المهندس المعماري والمقاول بالتضامن ،ما قد يصيب البناء من ته ّد م أو
عيب ،يهّد د متانته وسالمته ،خالل عشر سنوات التالية لتاريخ تسليمه ،ومن تّم يكون تضامن
المهندس المعماري والمقاول في الضمان ،وليس في المسؤولية.557
وفي هذا الصدد ،يرى الفقه أّن التضامن في الضمان أقوى منه في المسؤولية ،558ذلك
أّن التض امن في المس ؤولية يش ترط لقيام ه أن يص در الخط أ عن ك ل واح د من المس ؤولين
المتعددين ،وأن يكون هذا الخطأ سببا في إحداث الضرر ،وأن يكون الضرر الحاصل ،وال ذي
أحدثه كل واحد منهم بخطئه ،هو نفس الضرر الذي أحدثه اآلخرون.559
وعلي ه إذا اعتبرن ا أّن مس ؤولية المهن دس المعم اري والمق اول تكّي ف أنه ا تض امن في
المسؤولية ،فإّن هذا الضمان لن يق وم ،إال إذا كان الخطأ مشتركا بينهما ،أما إذا كان الخطأ
صادرا عن أحدهما فقط ،فإّن الرجوع سيكون عليه وحده ،وتطبيقا لذلك يكون من الواضح أّن
التضامن المنصوص عليه في المادة 554من القانون المدني هو تضامن في الضمان وليس
في المسؤولية.
ولق د أك ّد ت المحكم ة العلي ا على ه ذا ال رأي ،بحيث قض ت في الق رار الص ادر عنه ا
بت اريخ 23ج انفي 5601991بم ا يلي " :من المق رر قانون ا ،أّن المهن دس المعم اري والمق اول
ص بايحي ربيع ة( ،خصوص يات المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري والمق اول بع د تس ليم المب اني في الق انون 557
كامل فؤاد ،المسؤولية المدنية عن تهدم البناء في التشريع الجزائري ،المرجع السابق ،ص ،154وعلي جمال، 558
(المسؤولية المدنية للمهندس المعماري والمقاول عن عيوب المباني المسلمة لصاحب المشروع " دراسة في القانون
الجزائري") ،المقال السابق ،ص.28
-يالحظ أّن المشرع الفرنسي لم يقر بالتضامن في المسؤولية العشرية بين المقاول والمهندس ،وإ نما نص عليه فقط
بين ص انع العناص ر التجهيزي ة للبن اء ،وبين المق اول ال ذي يت ولى ت ركيب ه ذه العناص ر ،أو اس تعمالها في المب نى،
وبشروط معينة.
وفي هذا الشأن قضت المحكمة العليا في القرار الصادر عنها بتاريخ 23/01/1991بأن " :المهندس المعماري 559
والمقاول يضمنان بالتضامن ما يحدث خالل عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من بناء ،"...ملف رقم
،64748م ق ،ع ،4س ،1992ص.130
241
يض منان بالتض امن م ا يح دث خالل عش رة س نوات من ته دم كلي أو ج زئي فيم ا ش ّيداه من
مباني وأقاماه من منشآت ثابتة أخرى ،ومن تّم فإّن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يع ّد مخالفة
للقانون.
ولّم ا ك ان من الث ابت في قض ية الح ال أّن قض اة المجلس ب إخراجهم ل ديوان الترقي ة والتس يير
العق اري من الخص ام ب الرغم من أّن الخ برة المنج زة أظه رت أن ه ض امن للبن اء م ع المق اول
يكونوا قد أخطؤوا في تطبيق القانون.
انتهين ا فيم ا س بق إلى أّن إق رار التض امن بين المهن دس المعم اري ومق اول البن اء في
المس ؤولية العشرية ،م ا ه و إال حماية ل رب العم ل ،وال ذي يج وز ل ه أن يت ابع المس ؤولين من
أجل الحصول على التعويض الكلي عّم ا أصابه من ضرر ،ج ّر اء التهدم أو العيب الظاهر في
البناء.
فتقري ر مب دأ التض امن ،يمّك ن رب العم ل من الحص ول على التع ويض من أح دهما،
ب الرغم من إعس ار اآلخ ر مثال ،وه و بالمقاب ل يحّق ق مس اهمة عادل ة فيم ا بين المش تركين في
دفع دين التعويض بكامله ،دون أن تكون هذه المساهمة ضارة بمصلحة المسؤولين.
وبالتالي ،تترتب عّد ة آثار عن تقرير مبدأ المسؤولية التضامنية ،منها ما يرتبط برب
العمل والمسؤولين المتضامنين ،ومنها ما يرتبط بالعالقة بين المسؤولين فيما بينهم ،وهذا ما
سنتعرض إليه بشيء من التفصيل فيما يلي:
242
يك ون المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،المش اركان في عملي ة التش ييد والبن اء،
مسؤولين بالتضامن تجاه رب العمل ،عن ك ّل ضرر يصيب البناءات أو المنشآت الثابتة التي
أقاماه ا ،خالل عش ر الس نوات التالي ة لتس ليمه ،561ومن تّم يج وز ل رب العم ل الرج وع عليهم ا
معا بالمسؤولية ،فإذا حكم له بتعويض الضرر الذي لحقه من جراء التهدم أو العيب ،كان له
أن يقتض ي ه ذا التع ويض منهم ا مع ا ،أو من واح د منهم ا فق ط ،كم ا يج وز ل ه أن يكتفي
ب الرجوع على المهن دس المعم اري وح ده أو على المق اول وح ده ،وفي ه ذه الحال ة يحكم على
من رجع عليه بتعويض كل الضرر الذي أصاب صاحب المشروع.
وفي هذه الحالة ،ال يجوز للمسؤول ،مهندسا معماريا كان أو مقاول بناء ،والذي رفع
ضده رب العمل دعوى التعويض ،أن يدفع عن نفسه المسؤولية ،بأن يثبت عدم توافر الخطأ
في جانبه ،أو أن يعترض على دفع التعويض كله ،بحجة أّن الضرر الواقع كان نتيجة خطأ
مشترك بينه وبين المعماري اآلخر ،وإ ن كان يجوز له فق ط طلب إدخال كل المسؤولين في
الدعوى ،والمتضامنين معه بقوة القانون.
فإذا ثبت للقاضي مسؤولية المدعى عليهم ،حكم لرب العمل المدعي بالتعويض الكلي
بغض النظر عن شخص المعماري المسؤول ،أو عن نصيبه في المسؤولية ،حتى لو لم يكن
ذلك النص يب بالتساوي ،وهنا يجوز للم دعي رب العمل ،عند تنفيذه للحكم النهائي ،الرجوع
على واحد من المسؤولين بكل التعويض ،فإذا نّف ذ هذا الحكم برئت ذمة المسؤولين اآلخرين
في مواجه ة رب العم ل ،وبالت الي ال يج وز ل ه رف ع دع وى قض ائية أخ رى عليهم للمطالب ة
بالتعويض نظرا النقضاء موضوع الدعوى ،ألنه قد حصل على تعويض الضرر كليا.562
أم ا إذا لم يس توف رب العم ل التع ويض الكلي المحك وم ل ه ب ه ،ب أن رج ع ب التعويض
على المسؤول الذي أقام ضده الدعوى ،لكن لم تكن ذمته المالية كافية لسداد كامل التعويض
ويالحظ أن المشرع الجزائري قد قرر التضامن فيما بين المهندس المعماري والمقاول فقط ،ب الرغم من وجود 561
أشخاص آخرين يسألون وفقا ألحكام الضمان العشري ،وهو ما ينتج عنه عدم المساواة في المسؤولية.
-توفي ق زي داني ،التنظيم الق انوني للعق د المقاول ة على ض وء أحك ام الق انون الم دني الجزائ ري ،م ذكرة لني ل ش هادة
الماجستير في القانون ،فرع القانون العقاري ،كلية الحقوق ،جامعة الحاج لخضر -باتنة ،2010-2009 ،ص.112
بلمختار سعاد ،المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء ،المرجع السابق ،ص .186 562
243
المحك وم ب ه ل ه قض ائيا ،ج از ل ه مطالب ة ب اقي المس ؤولين اآلخ رين ب الجزء المتبقى من
التعويض ،باعتبارهم مسؤولين مع المدعى عليه بالتضامن.
ثانيا :رجوع المهندس المعماري ومقاول البناء الواحد منهما على اآلخر
إّن التض امن المنص وص علي ه في الفق رة األولى من الم ادة 554من الق انون الم دني
المن وه عنه ا أعاله ،ال يق وم إال في عالق ة رب العم ل م ع المهن دس المعم اري ومق اول البن اء،
أم ا في عالقتهم ا الواح د ب اآلخر ،فال تض امن ،إذ أن ه م تى رج ع رب العم ل بكام ل التع ويض
على المهن دس المعم اري أو على مق اول البن اء ،ووّفى أح دهما التع ويض ك امال ل رب العم ل،
جاز له في هذه الحالة أن يرجع على المدين اآلخر المتضامن معه بما دفعه ،عن طريق رفع
دع وى المس ؤولية التقص يرية ،وذل ك ب أن يثبت قي ام الخط أ في جانب ه ،أو عن طري ق دع وى
الحلول محل رب العمل في الرجوع.563
ف إذا ثبت أن ته دم المب اني أو المنش آت الثابت ة ،أو وج ود عيب فيه ا ،يرج ع إلى خط أ
المهن دس المعم اري فق ط ،أو إلى خط أ المق اول ،ف ان ذل ك – وإ ن لم يمن ع رب العم ل من
الرج وع عليهم ا مع ا ،أو على أّي منهم ا بالمس ؤولية نظ را لتض امنهما -فان ه يج وز لغ ير
المخطئ منهما ،تحميل المخطئ اآلخر بالمسؤولية كاملة.564
ف إذا ثبت أن الض رر نش أ عن خط أ المهن دس المعم اري وح ده ،ألن التص ميم ال ذي
وضعه كان معيبا ،565وكان هذا العيب غير ظاهر ،بحيث لم يكن في وسع المقاول اكتشافه،
ولو بذل عناية مقاول عادي في دراسة التصميم ،ففي هذه الحالة يتحمل المهندس المعماري
المس ؤولية كامل ة ،بحيث يرج ع المق اول علي ه ب التعويض ك امال ،إذا ك ان ه و من دفع ه ل رب
العمل ،أما إذا كان قد دفع جزء فقط من التعويض ،كان له أن يرجع عليه بهذا الجزء فقط،
توفيق زيداني ،التنظيم القانوني للعقد المقاولة على ضوء أحكام القانون المدني الجزائري ،المرجع السابق ،ص 563
.112
قاره فتيحة ،أحكام عقد المقاولة ،المرجع السابق ،ص .163 564
تنص الم ادة 555من ق.م على م ا يلي " :إذا اقتص ر المهن دس المعم اري على وض ع التص ميم دون أن يكل ف 565
بالرقابة على التنفيذ لم يكن مسؤوال إال عن العيوب التي أتت من التصميم.
244
أما إذا كان المهندس المعماري هو من دفع التعويض المستحق لرب العمل كامال ،لم يجز له
الرجوع على المقاول بشيء ،النتفاء مسؤولية هذا األخير.
ويك ون المهن دس المعم اري مس ؤوال عن عيب التص ميم ،ح تى ول و لم يكن ه و من
وضعه ،طالما كان قد قبله ،وأشرف على تنفيذه.
غير أنه إذا تبين أّن التهدم أو العيوب الظاهرة في المباني ،قد نشأ عن خطأ كل من
المهندس المعماري ومقاول البناء ،فإن المسؤولية تقسم عليهما ،بنسبة مساهمة خطأ كل منهما
في إح داث الض رر ،م ع مراع اة درج ة جس امة ه ذا الخط أ ،يس توي في ذل ك أن يك ون الخط أ
الم رتكب من كليهم ا مس تقال عن خط أ اآلخ ر ،أو مش تركا بينهم ا ،ويرج ع تحدي د نص يب ك ل
منهما في ارتكاب الخطأ للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع.
أم ا إذا ق امت مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،دون إمكاني ة إثب ات الخط أ
في جانب أّي منهما ،فإّن المسؤولية تقسم عليهما بالتساوي.566
وفي األخير نقول أّن ه ال يجوز استبعاد مبدأ التضامن في المسؤولية العشرية المقرر
في الم ادة 554من الق انون الم دني ب أّي ح ال من األح وال ،ومن تّم ف إن أّي ش رط يض ّم نه
تنص الم ادة 126من ق.م على م ا يلي " :إذا تع دد المس ؤولون عن فع ل ض ار ،ك انوا متض امنين في ال تزامهم 566
بتع ويض الض رر ،وتك ون المس ؤولية فيم ا بينهم بالتس اوي إال إذا عين القاض ي نص يب ك ل منهم في االل تزام
بالتعويض".
245
المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء في عق د المقاول ة به ذا الش أن ،يق ع ب اطال وع ديم األث ر،
لتعل ق قواع د ه ذه المس ؤولية بالنظ ام الع ام ،وألّن ه ذا االتف اق من ش أنه أن يح ّد من ه ذه
المسؤولية.
– عدا ضمان المهندس المعماري ومقاول البناء -ال تعتبر إّن الضمان بوجه عام
567
أحكامه من النظام العام ،فيجوز االتفاق على ما يخالفها تخفيفا ،أو تشديدا ،أو إعفاء ،بموجب
اتفاق خاص ،أما ضمان المهندس المعماري ومقاول البناء ،وهو الضمان الخاص ،الذي نحن
بصدد دراسته ،فتعتبر أحكامه من النظام العام بصريح نص المادة 556من القانون المدني،
التي جاء نصها كاآلتي " :يكون باطال كّل شرط يقصد به إعفاء المهندس المعماري والمقاول
من الضمان ،أو الحد منه".
وعلي ه نع رض فيم ا يلي الحكم ة من تعل ق المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري
ومق اول البن اء بالنظ ام الع ام في ف رع أول ،ثم ن بين في الف رع الث اني اآلث ار ال تي ت ترتب على
تعلق الضمان بالنظام العام.
يعت بر تعل ق المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء بالنظ ام الع ام ،من
أهم الخصائص التي تتميز بها هذه المسؤولية ،ولعّل السبب الذي دفع المشرع الجزائري إلى
تقري ر ذل ك ،أّن ته دم المب اني ال يص يب رب العم ل فق ط بالض رر ،ب ل ق د ي ؤدي إلى ك وارث
تصيب الغير في األرواح واألموال.
تنص الم ادة 178/2من ق.م على م ا يلي " :وك ذلك يج وز االتف اق على إعف اء الم دين من أي ة مس ؤولية ت ترتب 567
على ع دم تنفي ذ التزام ه التعاق دي ،إال م ا ينش أ عن غش ه ،أو عن خطئ ه الجس يم ،غ ير أن ه يج وز للم دين أن يش ترط
إعفاءه من المسؤولية الناجمة عن الغش ،أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه".
246
فالمألوف أّن رب العم ل ليس ذا خ برة فنية في أعم ال البناء ،ل ذلك حم اه القانون هذه
الحماية الخاصة ،بتحديد مدة طويلة الختبار متانة البناء وصالبته كما بّينا سابقا ،كما دعم هذه
الحماية بجعل أحكام الضمان الخاص من النظام العام ،ال يجوز االتفاق على اإلعفاء أو الحد
منها ،سيما وأّن مقاول البناء والمهندس المعماري ذوا خبرة فنية ،وهما األقوى عادة في عقد
مقاولة المباني ،بسبب ما يتمتعان به من خبرة ،فيستطيعان بذلك أن يضيعا هذه الحماية على
رب العمل ،لو جاز لهما اشتراط عدم المسؤولية ،أو التخفيف منها.
الفرع الثاني :اآلثار المترتبة على تعلق المسؤولية العشرية بالنظام العام
المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء تتعل ق بالنظ ام الع ام ،ال يج وز
االتفاق على ما يخالفها ،وهو ما سنعرضه في هذا الفرع.
ال تخ رج االتفاق ات ال تي ت دور ح ول تع ديل أحك ام المس ؤولية العش رية للمهن دس
المعماري ومقاول البناء عن التشديد ،أو التخفيف ،أو اإلعفاء منها ،وهو ما سنتناوله تباعا.
ال يوجد ما يمنع المتعاقدين طبقا للمادة 556من القانون المدني المذكورة أعاله ،من
تشديد الضمان الخاص ،ذلك أّن هذا الضمان شرع لحماية رب العمل ،ومن تم ليس هناك ما
يمنع هذا األخير من تقوية هذه الحماية ،باتفاق خاص على ذلك في العقد ،568فيجوز اشتراط
أن يبقى الضمان عن العيوب التي قد تظهر بالمباني أو المنشآت الثابتة ،مدة تزيد عن عشر
سنوات ،بحسب جسامة األعمال ودقة العمل فيها ،كما يسوغ االتفاق على أّن الضمان يشمل
والمالحظ أنه إذا كان هذا هو األصل ،إال أن بعض الفقه يرى أنه ،يتعين التحفظ بالنسبة للحالة التي يتعسف فيها 568
رب العم ل ،خاص ة عن دما يك ون ه و الط رف األق وى في العق د ،فيعم د إلى تش ديد الض مان ،في حين أن واق ع العم ل
المطلوب تنفيذه يعتبر من األعمال العادية التي ق ّد ر المشرع كفاية مدة عشر سنوات بالنسبة لها لتجربتها و اختبار
صالبتها واكتشاف ما قد يظهر فيها من عيوب.
إذن ،يجب أن ي راعى ،في االتف اق على تش ديد المس ؤولية المعماري ة ،الغاي ة ال تي ابتغاه ا المش رع من تحدي ده لم دة
الض مان ،وال تي قص د به ا حماي ة أرب اب األعم ال بالدرج ة األولى ،ولكن قص د أيض ا إب راء ذم ة المعم اريين من
المسؤولية من هذه األعمال ،بعد فوات هذا الوقت ،دون االنتظار لمرور مدة التقادم الطويل ،المقدرة بخمس عشرة
سنة ،فيتشجع المعماريون بذلك على خوض هذا المجال بالتجديد واالبتكار.
247
العي وب الظ اهرة لم دة عش ر س نوات أو أق ل أو أك ثر ،ب ل يج وز االتف اق على أن يتحم ل
المهندس المعماري أو مقاول البناء تبعة التهدم الناتج عن قوة قاهرة أو حادث فجائي.
فالواضح أّن هذه االتفاقات المشددة للضمان الخاص ،تحقق الهدف المقصود من جعله
من النظ ام الع ام ،وه و كم ا س بق أن أس لفنا ،دف ع المعم اريين إلى ب ذل أقص ى جه د ،وعناي ة
ممكنة في العمل حتى يكون البناء متينا ،خاليا من العيوب ،ومقاوما للزمن.
على بطالن نّص المش رع الجزائ ري ص راحة في الم ادة 556من الق انون الم دني
569
ك ّل ش رط يقص د ب ه التخفي ف ،أو الح ّد من المس ؤولية العش رية للمهن دس المعم اري أو مق اول
البن اء ،ومن ه يعت بر ب اطال ك ل اتف اق ي رمي إلى حرم ان رب العم ل كلي ة من الرج وع على
المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء ،في حال ة حص ول ته دم ،أو وج ود عيب ،كم ا يبط ل
االتف اق على أّن ض مان المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء يقتص ر على الته دم الكلي دون
الته دم الج زئي ،أو على وج ود العيب ،أو أن ه ال يح ق ل رب العم ل أن يرج ع بالض مان على
مق اول البن اء دون المهن دس المعم اري ،أو اس تبعاد التض امن بينهم ا ،وال يج وز ك ذلك االتف اق
على إنقاص مدة الضمان بجعلها أقل من عشر سنوات ،أو االتفاق على وجوب إثبات الخطأ
في ج انب المهن دس المعم اري ،أو مق اول البن اء ،ح تى يمكن الرج وع بالض مان ،فك ل ه ذه
االتفاقات المخففة للضمان الخاص ،باطلة بطالنا مطلقا ،لمخالفتها النظام العام ،وعليه يجوز
لص احب المش روع ،أن يرج ع بالض مان الخ اص على المهن دس المعم اري أو مق اول البن اء،
كامال ،عن جميع العيوب ،وخالل مدة عشر سنوات ،بالرغم من أّي اتفاق مخالف.
اعتبر المشرع الجزائري أّن شرط اإلعفاء من المسؤولية العشرية للمهندس المعماري
ومقاول البناء باطل بطالنا مطلقا ،بصريح النص ،570شأنه في ذلك شأن شرط التخفيف ،أو
الحّد من المسؤولية ،ومن تّم ال يجوز أن يشترط المهندس المعماري أو مقاول البناء في عقد
تقابل هذه المادة ،المادة 653مدني مصري والمادة 1792/5مدني الفرنسي. 569
تنص المادة 556من ق.م على ما يلي " :يكون باطال كل شرط يقصد به إعفاء المهندس المعم اري والمق اول من 570
وعليه ،حتى لو تضمن عقد المقاولة شرطا سابقا ،يعفي المهندس المعماري أو مقاول
البناء من المسؤولية العشرية ،فإنه حال قيام الضرر ،ته ّد ما كان أو عيبا ،يجوز لرب العمل
الرج وع عليهم ا بالض مان الخ اص ،خالل م دة عش ر س نوات ،ب الرغم من ك ّل اتف اق أو ش رط
مخالف.
هذا وننّو ه بهذا الصدد ،إلى أنه يجب التمييز بين االتفاقات المعفية للمهندس المعماري
من بعض المه ام الملق اة على عاتق ه ،بمقتض ى طبيع ة مهنت ه ،وبين االتفاق ات المعفي ة ل ه من
المسؤولية عن األعمال الواجبة عليه ،فاألولى يجوز االتفاق على اإلعفاء منها ،ويعتبر ك ّل
ش رط بخصوص ها ص حيحا ،كش رط إعف اء المهن دس المعم اري مثال من مهم ة فحص ترب ة
األرض ،وإ سنادها لشخص متخصص في ذلك المجال ،أما الثانية -وهي التي تعنينا -فيعتبر
كّل شرط بخصوصها باطال ،كما سبق بيانه أعاله.
نخلص مّم ا س بق ،أن ه يج وز ألط راف عق د المقاول ة ،االتف اق على التش ديد من أحك ام
الضمان العشري ،غير أنه ال يجوز لهم االتفاق على التخفيف ،أو اإلعفاء من الضمان ،لتعلق
أحكامه بالنظام العام.
إّن تعلق مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء بالنظام العام ،وعدم جواز االتف اق
على اإلعف اء ،أو الح د ،أو التخفي ف منه ا ،قب ل تحق ق س بب الض مان ،ال يمن ع رب العم ل من
نزوله عن حقه في الضمان بعد حصول أو وجود العيب ،ذلك أن الضمان إنما قصد به حماية
رب العم ل ،فيكون محض مصلحة خاصة له ،ال يتعلق بالنظام العام ،وعليه ال يج وز منعه
من التصالح عليه أو التنازل عنه.
وتنازل رب العمل عن الضمان بعد تحقق سببه ،إما أن يكون كليا أو جزئيا ،فيجوز
لرب العمل إعفاء المهندس المعماري أو مقاول البناء من الضمان كلية ،أو أن يتصالح معه
على ش روط أق ل ،أو أن يتمس ك في مواجهت ه ببعض العي وب دون البعض اآلخ ر ،كم ا ل و
تمسك بالضمان فيما يتعلق بالتهدم ،وال يتمسك بذلك فيما يتعلق بالعيوب التي تلحق المباني.
الخاتمــة
250
في خت ام ه ذه الدراس ة ال تي استعرض ت خالله ا أحك ام المس ؤولية المدني ة للمهن دس
المعماري ومقاول البناء ،خلصت إلى عدة نتائج ،يمكنني بلورتها في اآلتي:
أوال :تق وم المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء على أس اس نظ ام
قانوني مزدوج ،فتسري عليهما القواعد العامة في المسؤولية العقدية والتقصيرية ،قبل تسلم
األعمال ،وتسري عليهما أحكام المسؤولية الخاصة ،بعد تسلم هذه األعمال.
ثاني ــا :تق وم المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،م تى ت وافرت
شروطها المتمثلة في ضرورة وجود عقد مقاولة مباني أو منشآت ثابتة ،ووقوع تهدم كلي أو
ج زئي له ا ،أو ظه ور عيب خفي فيه ا ،وذل ك خالل م دة عش ر س نوات ،تب دأ من ت اريخ تس لم
العمل نهائيا.
ثالثا :تسري أحكام المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء على األعمال
اإلنشائية الجديدة ،وما يجري عليها بعد ذلك من إضافة ،أو تعديل ،أو تعلية ،كما تسري على
اإلصالحات الكبيرة ،وأعمال التدعيم والتجديد والتوسيع ،أما أعمال الصيانة البسيطة كأعمال
الدهان والبياض ،فتخضع للقواعد العامة ،ألنها ال تؤثر على متانة البناء وسالمته.
رابعا :تعتبر مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء ،عن عيوب البناء بعد إتمام
األعم ال ،وتس لمها مقبول ة من رب العم ل ،مس ؤولية اس تثنائية ،تق ررت العتب ارات خاص ة
بمقاوالت البناء.
خامسا :حّد د المشرع الجزائري ،نطاق تطبيق المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري
ومق اول البن اء ،تحدي دا دقيق ا في الم ادة 554من الق انون الم دني ،س واء من حيث األشخاص،
أو من حيث األعم ال واألض رار ال تي تغطيه ا أحك ام ه ذه المس ؤولية ،أو من حيث الم دة،
فينحص ر نط اق تطبيقه ا على المهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،ح ال وق وع ته دم كلي أو
جزئي للمباني والمنشآت الثابتة األخرى ،أو ظهور عيب خفي يهدد متانتها وسالمتها ،وذلك
خالل عشر سنوات من التسلم النهائي لألشغال.
251
سادســا :ش ّد د المش رع الجزائ ري من مس ؤولية المهن دس المعم اري ومق اول البن اء،
وجعله ا مس ؤولية خاصة ،تق ررت على خالف ما تقض ي به القواع د العام ة ،ال تطبق إال في
حدود معينة ،حرص المشرع على النص عليها صراحة.
ســابعا :تتم يز المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،بأنه ا مس ؤولية
مفترض ة بق وة الق انون ،فال يل زم ص احب المش روع بإثب ات خط أ المهن دس المعم اري ومق اول
البناء ،وال يمكن لهذين األخيرين دفعها ،إال بإثبات السبب األجنبي ،كالقوة القاهرة أو الحادث
المفاجئ ،أو خطأ رب العمل ،أو خطأ الغير.
ثامنا :المس ؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومق اول البناء ،مسؤولية تتعلق بالنظام
العام ،ال يجوز االتفاق على اإلعفاء ،أو الحد منها ،غير أنه يجوز االتفاق على التشديد فيها.
تاسـعا :المهن دس المعم اري ومق اول البن اء مس ؤوالن بالتض امن تج اه رب العم ل ،عن
ك ل ض رر يص يب البن اءات أو المنش آت الثابت ة ال تي أقاماه ا ،خالل عش ر س نوات من ت اريخ
تسليمها.
عاشرا :يلتزم المهندس المعماري ومقاول البناء بضمان األعمال المنجزة من طرفهما
لمدة عشر سنوات ،تبدأ من تاريخ تسلمها نهائيا من طرف صاحب المشروع.
حادي عشـر :تنقض ي المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء ،بمض ي
عشر سنوات من تسليم العمل نهائيا ،وبانقضاء هذه المدة ،تبرأ ذمة كل منهما ،في غير حالة
الغش ،فال يجوز لرب العمل عندئذ الرجوع عليهما بدعوى الضمان الخاص ،بسبب ما يحدث
بعد ذلك في المباني أو المنشآت الثابتة ،من تهدم أو عيب.
ثــاني عشــر :يتعين على المهن دس المعم اري ،ومق اول البن اء ،وك ل مت دخل في عملي ة
البناء ،أن يكتتب عقد تأمين على المسؤولية المدنية المهنية ،والمسؤولية العشرية ،يسري من
تاريخ التسلم النهائي للمشروع ،وإ لى غاية انقضاء أجل الضمان المحدد بعشر سنوات.
ثـالث عشــر :وّس ع المش رع الجزائ ري -وعن ص واب -من النط اق الشخص ي لقواع د
المسؤولية العشرية ،فخّص بها إلى جانب المهندس المعماري ومقاول البناء ،كال من الم راقب
252
التق ني والم رقي العق اري ،بم وجب نص وص تش ريعية خاص ة ،رغب ة من ه في توف ير الحماي ة
القانونية الضرورية ألرباب العمل ،الذين يجهلون عادة أصول الفن المعماري.
رابع عشر :مّد المشرع الجزائري من النطاق الموضوعي لقواعد المسؤولية الخاصة،
فجعله ا تش مل – إلى ج انب الته دم ال ذي يح دث في المب اني والمنش آت الثابت ة األخ رى ،أو م ا
يلحقها من عيوب جسيمة تهدد متانتها وسالمتها – العيوب المخلة بصالبة العناصر التجهيزي ة
في البن اء ،بم وجب نص وص تش ريعية خاص ة ،وذل ك مراع اة للتط ور ال ذي يعرف ه النش اط
المعماري حديثا.
قائمـة االختصـارات
أوال :باللغـة العربيـة
253
ج............................... ......................................................جزء
س.....................................................................................سنة
ص..................................................................................صفحة
ع.....................................................................................العدد
ق ...................................................................................قانون
ق.ت.......................................................................القانون التجاري
م .ج .ع .ق .إ .س .................المجلة الجزائرية للعلوم القانونية االقتصادية والسياسية
هـ .................................................................................هامش
Abréviations
ثانيا :باللغـة الفرنسيـة
254
n°…………….………………………………………………………….. Numéro
P……………….……………………………………………………………. Page
T…………………………………………………………………………… Tome
V…………………………………………………………………………... Voyez
قائمـة المراجــع
أوال :المراجع باللغة العربية
255
أحكام االلتزام ،الطبعة الثالثة ،مكتبة دار الثقافة ،األردن.1996 ،
-أنور طلبـة:
الوسيط في القانون المدني ،الجزء الثاني :العقود المسماة ،رمضان وأوالده للطباعة والتجليد،
محطة الرمل.1993 ،
-بلحاج العربي:
النظري ة العام ة لالل تزام في الق انون الم دني الجزائ ري ،الج زء الث اني ،دي وان المطبوع ات
الجامعية ،الجزائر.2001 ،
االجته اد القض ائي وفق ا ألحك ام الق انون الم دني ،الطبع ة األولى ،ال ديوان الوط ني لألش غال
التربوية.2001 ،
* الوجيز في شرح القانون المدني ،نظرية االلتزام بوجه عام ،المصدر -اإلثبات -اآلثار-
األوصاف -االنتقال -االنقضاء ،الجزء األول ،دار النهضة العربية ،القاهرة.1966 ،
* الوسيط في شرح القانون المدني ،نظرية االلتزام بوجه عام ،مصادر االلتزام ،دار النشر
للجامعات المصرية ،القاهرة.1952 ،
دراس ات في المس ؤولية المدني ة في الق انون الم دني الجزائ ري ،الطبع ة الثالث ة ،دي وان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر.1994 ،
-فياللي علي:
256
النظرية العامة للعقود ،المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ،الجزائر.2001 ،
المس ؤولية الجنائي ة للمهن دس والمق اول عن ع دم مراع اة األص ول الفني ة في البن اء ،دراس ة
مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاهرة.1994 ،
مس ؤولية المهن دس والمق اول عن عي وب البن اء فقه ا وقض اء ،دار الكتب القانوني ة ،مص ر،
.2005
المس ؤولية المدني ة عن األخط اء المهني ة ،الط بيب ،المهن دس المعم اري ،والمق اول والمح امي،
الطبعة األولى ،الشركة العالمية للكتاب ،بيروت.1987 ،
مس ؤولية المق اول والمهن دس في مق اوالت البن اء والمنش آت الثابت ة ،مطبع ة عش تار األردني،
بغداد ،1985 ،ص.146
تشريعات تنظيم المباني ومسؤولية المهندس والمقاول ،مطبعة السعادة ،بدون سنة نشر.
-العمروسي أنور:
التعلي ق على نص وص الق انون الم دني المع دل ،الج زء الث الث ،دار المطبوع ات الجامعي ة،
اإلسكندرية ،بدون سنة نشر.
المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء ،شروطها -نطاق تطبيقها -الضمانات
المس تحدثة فيه ا ،دراس ة مقارن ة في الق انون الم دني ،الطبع ة األولى ،دار الفك ر الع ربي،
القاهرة.1987 ،
الوس يط في ش رح الق انون الم دني ،العق ود ال واردة على العم ل ،المقاول ة والوكال ة والوديع ة
والحراسة ،الجزء السابع ،المجلد األول ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت -لبنان.1964 ،
-قره فتيحة:
الوض ع الق انوني للب ائع الب اني ،دراس ة مقارن ة في الق انون المص ري واإلم اراتي ،محاض رة
منشورة في المجموعة المتخصصة في المسؤولية القانونية للمهنيين ،الجزء الثاني ،المسؤولية
المهني ة للمح امين والمهندس ين ،الطبع ة الثاني ة ،منش ورات الحل بي الحقوقي ة ،ب يروت -لبن ان،
.2004
* مس ؤولية المهن دس والمق اول أثن اء ف ترة التنفي ذ ،محاض رة منش ورة في المجموع ة
المتخصص ة في المس ؤولية القانوني ة للمهن يين ،الج زء الث اني ،المس ؤولية المهني ة للمح امين
والمهندسين ،الطبعة الثانية ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت -لبنان.2004 ،
ش رح أحك ام عق د المقاول ة في ض وء الفق ه والقض اء ،الطبع ة الثاني ة ،منش أة المع ارف،
اإلسكندرية.2004 ،
مس ؤولية المعم اريين بع د إتم ام األعم ال وتس لمها مقبول ة من رب العم ل ،دراس ة مقارن ة في
القانونين المصري والفرنسي ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،بدون سنة نشر.
-مغبغب نعيم:
عقود مقاوالت البناء واألشغال الخاصة والعامة ،بدون دار نشر ،بدون مكان نشر.1997،
-منصوري نورة:
المسؤولية المدنية للمهندس االستشاري في عقود اإلنشاءات ،الطبعة الثانية ،دار الثقافة للنشر
والتوزيع ،األردن.2012 ،
ج /المـقـاالت:
-إبراهيم يوسف:
259
المس ؤولية العش رية للمهن دس المعم اري والمق اول ( طبق ا للم ادة 554من الق انون الم دني
الجزائري) ،المجلة الجزائرية للعلوم القانونية االقتصادية والسياسية ،الجزء ،33رقم ،3سنة
.1995
-ارزيل الكاهنة:
ش ركة الت أمين في مواجه ة نش اط الترقي ة العقاري ة ،ع دد تجري بي ،مجل ة الحق وق والحري ات،
بسكرة ،سبتمبر .2013
-النفوري محمد:
التزام ات البناء ومس ؤوليته عن تص دع البن اء ،مجل ة المح امون الس ورية ،األع داد ،6 ،5 ،4
.1992
-بلجبل عتيقة:
الخط أ كش رط لقي ام المس ؤولية العقدي ة للمق اول ،ع دد تجري بي ،مجل ة الحق وق والحري ات،
بسكرة ،سبتمبر .2013
المهن دس المعم اري مستش ار ومس ؤول ،المجل ة الجزائري ة للعل وم القانوني ة االقتص ادية
والسياسية ،الجزء ،42رقم ،2سنة .2000
-بوشنافة جمال:
المس ؤولية العش رية للمق اول والمهن دس المعم اري ،الملتقى ال دولي ح ول الترقي ة العقاري ة،
" الواقع واآلفاق" ،جامعة قاصدي مرباح ورقلة 08-07 ،فيفري .2006
-بوقرة أم الخير:
* مسؤولية المهندس المعماري والمقاول خالل فترة الضمان ،العدد السادس ،مجلة المفكر،
بسكرة.
260
* المس ؤولية العش رية للم رقي العق اري (دراس ة تحليلي ة) ،ع دد تجري بي ،مجل ة الحق وق
والحريات ،بسكرة ،سبتمبر .2013
-شهيدة قادة:
* ال تزام المهن دس المعم اري والمق اول ب اإلعالم والتوجي ه في عق د المقاول ة ،الع دد ،3مجل ة
دراسات قانونية ،جامعة تلمسان.2006 ،
* المسؤولية المدنية للمنتج ،دراسة مقارنة ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية.2007 ،
أحك ام رخص ة البن اء والمنازع ات المتعلق ة به ا ،الملتقى الوط ني األول ح ول ت أثير نظ ام
الرخص العمرانية على البيئة 15 ،و 16ماي ،2013مخبر القانون العقاري والبيئة ،جامع ة
عبد الحميد بن باديس -مستغانم.
-شيخ نسيمة
التزام ات مق اول البن اء على ض وء القواع د العام ة في الق انون الجزائ ري ،الع دد األول ،مجل ة
الندوة للدراسات القانونية ،قسنطينة.2013 ،
-صبايحي ربيعة:
خصوص يات المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري والمق اول بع د تس ليم المب اني في الق انون
الجزائري ،عدد تجريبي ،مجلة الحقوق والحريات ،بسكرة ،سبتمبر .2013
-عايدة مصطفاوي:
الض مان العش ري والض مانات الخاص ة لمش يدي البن اء في التش ريع الجزائ ري والتش ريع
المقارن ،دفاتر السياسية والقانون ،العدد السادس ،جانفي .2012
-عياشي شعبان:
أش خاص الض مان العش ري في الق انون الجزائ ري ،المجل ة الجزائري ة للعل وم القانوني ة
االقتصادية والسياسية ،الجزائر ،ج ،42رقم .2000 ،2
261
-قادري نادية:
المسؤولية العشرية للمقاول والمهندس المعماري في القانون المدني الجزائري ،عدد تجريبي،
مجلة الحقوق والحريات ،بسكرة ،سبتمبر .2013
التزام ات الم رخص ل ه ومس ؤوليته في م ادة البن اء والتعم ير ،ع دد تجري بي ،مجل ة الحق وق
والحريات ،بسكرة ،سبتمبر .2013
-وعلي جمال:
المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري والمق اول عن عي وب المب اني المس لمة لص احب
المشروع ،دراسة في القانون الجزائري.
عق د ال بيع بن اء على التص اميم في الترقي ة العقاري ة ،الملتقى ال دولي ح ول الترقي ة العقاري ة،
" الواقع واآلفاق" ،جامعة قاصدي مرباح ،ورقلة 08-07 ،فيفري. 2006
المس ؤولية العش رية كآلي ة قانوني ة لحماي ة الملكي ة العقاري ة وفق ا للق انون رقم ،11/04ع دد
تجريبي ،مجلة الحقوق والحريات ،بسكرة.
د /الرســائـل
-بلمختار سعاد:
المسؤولية المدنية للمهندس المعماري ومقاول البناء ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون
العقود والمسؤولية ،كلية الحقوق ،جامعة أبي بكر بلقايد -تلمسان.2009-2008 ،
262
* الض مان العش ري للمش يدين في التش ريع الجزائ ري ،بحث لني ل ش هادة الماجس تير في ف رع
قانون األعمال ،كلية الحقوق ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة.2003-2002 ،
* نط اق الض مان العش ري للمش يدين ،دراس ة مقارن ة بين التش ريعين الجزائ ري والفرنس ي،
بحث لنيل شهادة دكتوراه العلوم ،فرع قانون األعمال ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة
الحاج لخضر -باتنة.2009-2008 ،
-توفيق زيداني:
التنظيم القانوني للعقد المقاولة على ضوء أحكام القانون المدني الجزائري ،م ذكرة لنيل شهادة
الماجس تير في الق انون ،ف رع الق انون العق اري ،كلي ة الحق وق ،جامع ة الح اج لخض ر -باتن ة،
.2010-2009
المسؤولية العقدية للمهندس المعماري قبل تسليم األشغال ،م ذكرة لنيل شهادة الماجستير في
قانون األعمال ،كلية الحقوق ،جامعة الحاج لخضر -باتنة.2005-2004 ،
عق د مقاولة البناء في القانون الجزائري ،م ذكرة لنيل شهادة الماجس تير في الق انون الخ اص،
كلية الحقوق ،جامعة أبي بكر بلقايد -تلمسان.2003-2002 ،
-خديجي أحمد:
نطاق المسؤولية العشرية ،دراسة مقارنة ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون األعمال،
كلية الحقوق والعلوم االقتصادية ،جامعة قاصدي مرباح ،ورقلة.2007-2006 ،
-شيخ سناء:
263
الشكلية في إطار التصرفات العقارية بين التشريع والقضاء ،رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في
الق انون الخ اص ،كلي ة الحق وق والعل وم السياس ية ،جامع ة أبي بك ر بلقاي د -تلمس ان-2011 ،
.2012
ال بيع باإليج ار في الق انون الجزائ ري ،م ذكرة لني ل ش هادة الماجس تير في ق انون األعم ال
المقارن ،مدرسة الدكتوراه ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة وهران.2012-2011 ،
مس ؤولية المق اول والمهن دس عن ض مان متان ة البن اء في الق انون الم دني األردني ،دراس ة
مقارن ة ،م ذكرة لني ل ش هادة الماجس تير في الق انون الخ اص ،كلي ة الدراس ات العلي ا ،جامع ة
النجاح الوطنية ،نابلس -فلسطين.2007 ،
التزام ات رب العم ل في عق د مقاول ة البن اء ،بحث لني ل ش هادة الماجس تير في العق ود
والمسؤولية ،كلية الحقوق -بن عكنون ،جامعة الجزائر.2005-2004 ،
-كامل فؤاد:
المس ؤولية المدني ة عن ته دم البن اء في التش ريع الجزائ ري ،بحث لني ل ش هادة الماجس تير في
قانون العقود والمسؤولية ،كلية الحقوق -جامعة الجزائر.2002-2001 ،
-كرتوس أنيسة:
المسؤولية الناشئة عن تهدم البناء في القانون المدني الجزائري ،بحث لنيل شهادة الماجستير،
كلية الحقوق والعلوم اإلدارية ،بن عكنون -الجزائر.2001-2000 ،
-مسعودة مروش:
264
عق د المقاول ة في الق انون الم دني الجزائ ري ،بحث لني ل ش هادة الماجس تير في العق ود
والمسؤولية ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر.2003-2002 ،
-مسكر سهام:
بي ع العق ار بن اء على التص اميم في الترقي ة العقاري ة ،دراس ة تحليلي ة ،م ذكرة ماجس تير ،كلي ة
الحقوق ،جامعة سعد دحلب -البليدة.2006 ،
-موهوبي فتيحة:
الضمان العشري للمهندس المعماري ومقاول البناء ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون
الخاص ،فرع العقود والمسؤولية ،كلية الحقوق -بن عكنون ،الجزائر.2007-2006 ،
المركز القانوني للمقاولة الخاصة في القانون الجزائري ،رسالة لنيل شهادة دكتوراه دولة في
القانون ،كلية الحقوق ،جامعة مولود معمري -تيزي وزو.2007 ،
-ويس فتحي:
المس ؤولية المدني ة والض مانات الخاص ة في بي ع العق ار قب ل اإلنج از ،م ذكرة ماجس تير في
القانون ،فرع القانون العقاري الزراعي ،كلية الحقوق ،جامعة سعد دحلب ،البليدة.1999 ،
القوانيــن:
-الق انون رقم 83/01م ؤرخ في 15ربي ع الث اني ع ام 1403المواف ق لـ 29ين اير
1983يع دل ويتمم األم ر رقم 75/58الم ؤرخ في 26س بتمبر 1975والمتض من الق انون
المدني(ج رج ج ،العدد ،5السنة 20الصادرة في أول فبراير.)1983
265
-الق انون رقم 86/07م ؤرخ في 23جم ادى الثاني ة 1406المواف ق لـ 04م ارس
1986يتعل ق بالترقي ة العقاري ة (ج رج ج ،الع دد ،10الس نة 23الص ادرة في 05م ارس
.)1986
-الق انون رقم 90/11م ؤرخ في أول ش وال ع ام 1410المواف ق لـ 25أبري ل س نة
1990يتعل ق بعالق ات العم ل (ج رج ج ،الع دد ،17الس نة 27الص ادرة في 25أبري ل
.)1990
-الق انون رقم 90/29م ؤرخ في 14جم ادى األولى ع ام 1414المواف ق لـ أول
ديس مبر 1990يتعل ق بالتهيئ ة والتعم ير (ج ر ج ج ،الع دد ،52الس نة 27الص ادرة في 02
ديسمبر.)1990
-الق انون رقم 06/04م ؤرخ في 21مح رم ع ام 1427المواف ق لـ 20ف براير س نة
2006يعدل ويتمم األمر رقم 95/07المؤرخ في 23شعبان عام 1415الموافق 25يناير
1995والمتعلق بالتأمينات( ،ج رج ج ج ،العدد 15لسنة .)2006
-الق انون رقم 08/07م ؤرخ في 16ص فر ع ام 1429المواف ق لـ 28ف براير س نة
2008يتض من الق انون الت وجيهي للتك وين والتعليم المهن يين (ج ر ج ج ،الع دد ،11س،45
الصادرة في 02مارس .)2008
266
-القانون رقم 11/04مؤرخ في 14ربيع األول عام 1432الموافق لـ 17فبراير
2011يح دد القواع د ال تي تنظم نش اط الترقي ة العقاري ة( ،ج رج ج ،الع دد 14لس نة 48
الصادرة في 06مارس .)2011
األوامــر:
-األم ر رقم 95/07م ؤرخ في 23ش عبان ع ام 1415المواف ق لـ 25ين اير 1995
يتعلق بالتأمينات (ج رج ج ،العدد ،13السنة 32الصادرة في 8مارس .)1995
المراسيــم:
-مرس وم تنفي ذي رقم 96/49م ؤرخ في 26ش عبان 1416المواف ق لـ 17ين اير
1996يحدد قائمة المباني العمومية المعفاة من إلزامية تأمين المسؤولية المهنية والمسؤولية
العشرية (ج رج ج ،العدد ،5السنة 33الصادرة في 21يناير.)1996
269
-مرسوم تنفي ذي رقم 08/44م ؤرخ في 03ف براير 2008يح دد العناصر األساسية
للعقود المبرمة بين األعوان االقتصاديين والمستهلكين (ج ر ج ج ،العدد ،7السنة .)2008
-مرس وم رقم 76/63م ؤرخ في 24ربي ع األول عام 1396المواف ق لـ 25م ارس
سنة 1976يتعلق بإعداد مسح األراضي العام (ج رج ج ،العدد ،30السنة 13الصادرة في
13أبريل.)1976
270
-مرس وم رقم 86/207م ؤرخ في 13ذي الحج ة ع ام 1406المواف ق لـ 19أوت
1986يتضمن إنشاء هيئة وطنية لرقابة البناء التقنية في غرب البالد (ج رج ج ،العدد ،34
السنة 20الصادرة في 20أوت.)1986
القــرارات:
271
جويلية04 المواف ق لـ1422 ربيع الثاني عام12 قرار وزاري مشترك مؤرخ في-
15 المواف ق لـ1408 رمض ان ع ام28 يع دل الق رار ال وزاري المش ترك الم ؤرخ في2001
والمتض من كيفي ات ممارس ة تنفي ذ األش غال في مي دان البن اء وأج ر ذل ك (ج ر ج1988 م اي
.)2001 أوت12 الصادرة في38 السنة،45 العدد،ج
A- OUVRAGES GENERAUX:
- MAINGUY Daniel:
- MALINVAUD Philippe:
Droit de la construction, Edition Dalloz, Paris, 2000.
- MAZEAUD H, L et J:
B- OUVRAGES SPECIAUX:
- BOUBLI Bernard :
Contrat d’entreprise, Encyclopédie Dalloz, Civil IV, Editions DALLOZ, Paris,
1999.
272
Droit de la promotion immobilière, Paris, DALLOZ, 1988, p17.
- KARILA Jean-Pierre :
La responsabilité des constructeurs, 2éme édition, Delmas, Paris, 1991.
- MALINVAUD Philippe:
- PERINET-MARQUET Hugues :
- PERINET-MARQUET Hugues :
La responsabilité des constructeurs, Edition Dalloz, Paris, 1996.
VICTOR-BELIN Nicole :
- ZENNAKI Dalila:
C- ARTICLES
- AMAR Zahi
Le droit et la responsabilité en matière de construction, revue Algérienne des
sciences juridiques économiques et politiques, n°3, septembre 1987.
- IBRAHIM Youcef:
273
- SAINT Alary Roger:
VI- RECUEILS:
- FOSSEREAU (J) :
Le clair-obscur de la responsabilité des constructeurs, recueil Dalloz Sirey, 1977,
chronique III.
D-THESES:
- SOINNE (B):
الفهــرس
274
الموضوع ......................................................................الصفحة
مقدمة 1....................................................................................
البـــاب األول :المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء على ض وء القواع د
العامة 6....................................................................................
275
ثانيا :واجب اختيار المادة32.....................................................
276
المطلب الثاني :التزام المهندس المعماري ومقاول البناء بالتأمين على المسؤولية52....
ثانيا :الضرر62..................................................................
277
الفرع الثاني :تعديل قواعد المسؤولية العقدية للمهندس المعماري ومقاول البناء82...
- 01الخطأ التقصيري86......................................................
- 02الضرر87................................................................
278
-03حال ة رج وع رب العم ل ب دعوى الحل ول.................................
98
الفــرع الثــاني :االتف اق على تع ديل أحك ام المس ؤولية الخاص ة للمهن دس المعم اري
ومق اول البن اء..........................................................................
111
أوال :االتف اق على اإلعف اء من المسؤولية التقص يرية أو التخفيف منه ا..........
112
الب ــاب الث ــاني :المس ؤولية المدني ة للمهن دس المعم اري ومق اول البن اء على ض وء القواع د
الخاصة113...............................................................................
الفصل األول :شروط تحقق المسؤولية الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء114.....
279
الفــرع األول :ض رورة وج ود عق د مقاول ة مب اني أو منش آت ثابت ة أخ رى م ع رب
العمل115.................................................................................
280
ثانيا :الطبيعة القانونية للتسلم126................................................
ب -المطابقة129............................................................
ب -المت دخلون اآلخ رون في عملي ة التس لم والتس ليم من غ ير المهن دس
اري.......................................................................... المعم
137
-02التس لم
الضمني139....................................................
-03التس لم
المؤقت140.....................................................
-04التس لم
النهائي140......................................................
-01ض رورة وج ود عق د
مقاولة149.........................................
أ -المهندس المعماري..................................................
152
ثانيا :األش خاص المس ؤولون وفق ا ألحك ام تش ريعية خاص ة.......................
163
- 01المراقب الفني.......................................................
164
- 02المرقي العقاري.....................................................
172
283
أ -مسؤولية المكتتب في ظل القانون رقم 178........................86/07
الفرع األول :األعمال التي تشكل محل سريان أحكام المسؤولية الخاصة198........
-01المبانـي199............................................................
الفــرع الثــاني :األض رار ال تي إذا تحققت اعت برت س ببا لتط بيق أحك ام المس ؤولية
الخاصة للمهندس المعماري ومقاول البناء 206.............................................
-01تعري ف العيب........................................................
209
- 02أنواع العيب211.........................................................
-01خف اء العيب..........................................................
217
- 02خطورة العيب220.......................................................
285
ب .المس اس بمتان ة وس المة العناص ر التجهيزي ة غ ير القابل ة لالنفص ال......
221
جـ .رجوع صاحب المشروع على المهندس المعماري ومقاول البناء بعد
انته اء الم دة............................................................................
227
الفصـ ـ ــل الثـ ـ ــاني :خص ائص المس ؤولية العش رية للمهن دس المعم اري ومق اول
البناء228.............................................................................. ....
286
-02عدم إمكان التوقع واستحالة ال دفع.....................................
239
أوال :تض امن المهن دس المعم اري ومق اول البن اء...............................
252
ثانيا :رجوع المهندس المعماري ومقاول البناء الواحد منهما على اآلخر253......
الخاتمة 261...............................................................................
الفهــــــــــــــرس ...............................................................................
285
288
289
290