1

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 4

‫محاضرات في مقياس القانون الدولي العام للسنة‬ ‫د‪ .

‬براغثة العربي ‪-‬‬


‫الثانية ج‪.‬م‬

‫المحاضرة رقم ‪ . 01‬بتاريخ ‪ 05‬أكتوبر ‪2022‬‬


‫المحور األول‪ :‬مفهوم القانون الدولي العام‬
‫لكل مجتمع قانون يحكمه وينظم المجتمع الدولي القانون الدولي العام الذي نشأت قواعده‬
‫نتيجة الشتراك الدول في تكوين هذا المجتمع‪ .‬وقواعد هذا القانون ال تعد في حقيقة أمرها إال‬
‫أن تكون تجسيدا لواقع سياسي واجتماعي معين‪ ،‬فلقد تأثرت تلك القواعد في صنعها وصياغتها‬
‫بظروف ذلك المجتمع واحتياجاته‪.‬‬
‫المبحث االول‪ :‬تعريف وتطور القانون الدولي العام‪.‬‬
‫قبل الخوض في مختلف التعريفات التي عرفها هذا القانون‪ ،‬نعرج قليال على مختلف‬
‫التسميات التي أطلقت على القانون الدولي العام‪.‬‬
‫‪ ‬فقد أطلق الرومان اصطالح قانون الشعوب " ‪ "Droit des Gents‬وهو الترجمة‬
‫الحرفية للعبارة الرومانية " ‪ " Jus Gentium‬على الفرع من المعرفة القانونية‬
‫القائم على ما يتصل بالشعوب‪.‬‬
‫‪ ‬كما أطلق على هذا القانون تسمية قانون الدول " ‪ ،" Inter-State‬أي القواعد‬
‫الحاكمة للعالقات فيما بين أعضاء الجماعة الدولية‪ .‬في حين أطلق الفقيه "‬
‫‪ "Bentham‬على هذا النوع من المعرفة القانونية اصطالح القانون الدولي في‬
‫كتابه" مقدمة في مبادئ األخالق والتشريع" سنة ‪.1780‬‬
‫‪ ‬كما يمكن ان يطلق على هذا القانون بمصطلح " قانون عبر الدول"‬
‫‪." Transnational Law‬‬
‫‪ ‬وقد اختلف التسميات التي الحقت بهذا القانون‪ ،‬غير أن التسمية الصحيحة لهذا الفرع‬
‫من القانون هي " القانون الد َّْولي العام" بفتح الدال‪ ،‬أي قانون أشخاص المجتمع‬
‫الدولي‪ ،‬وليس بضمها والذي معناه قانون الدُول فقط‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اختالف التعريفات‬


‫اختلفت قواعده باختالف مراحل تطوره‪ ،‬لذلك ال يزال تعريف القانون الدولي العام محل‬
‫جدل بين الفقهاء حتى قيل إن هناك أكثر من ‪ 100‬تعريف لهذا القانون‪ ،‬فكل منهم يحاول ان‬
‫يدخل في تعريفه ما يوافق نظرته الخاصة وفكرته عن طبيعة هذا القانون‪ .‬ويمكن ارجاع السبب‬
‫أيضا الي أن القانون ذاته اليزال في مرحلة انتقالية ولذلك فإنه يمكن االفتراض بأن التعريف‬
‫الذي يعتمد اليوم قد يصبح باليا ً نتيجة لتطورات تقع في عقود السنين القادمة‪.‬‬
‫وألن مجال القانون الدولي قد اتسع في وقتنا الحاضر ليشمل الدولة التي تعد الشخص‬
‫الرئيسي للقانون الدولي والمنظمات الدولية التي أصبحت تتمتع بالشخصية القانونية الدولية‬
‫فيمكن تقديم تعريف للقانون الدولي العام بأنه‪ ":‬مجموعة القواعد القانونية سواء العرفية أو‬
‫االتفاقية التي تحكم العالقات المتبادلة بين أشخاص القانون الدولي العام"‪.‬‬
‫ويمكن القول أن هذا التعريف ينطبق على كل فترة من فترات تطور القانون الدولي‬
‫العام وكذلك على كل مرحلة من مراحل تطور المجتمع الدولي‪ ،‬خاصة التطور الذي مس‬
‫اشخاص القانون الدولي العام‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫محاضرات في مقياس القانون الدولي العام للسنة‬ ‫د‪ .‬براغثة العربي ‪-‬‬
‫الثانية ج‪.‬م‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نشأة ومراحل تطور القانون الدولي العام‪.‬‬
‫ال يخفي علينا مدى أهمية هذه الدراسة بالنسبة للقانون الدولي العام إذ ال يمكن فهم طبيعة‬
‫وجوهر هذا القانون‪ ،‬كغيره من القوانين‪ ،‬بغير معرفة تاريخه الطويل عبر تطور المجتمع‬
‫الدولي‪.‬‬
‫ويمكن دراسة مسألة مراحل تطور المجتمع الدولي ودورها في نشأة القانون الدولي‬
‫العام من خالل دراستنا للعصور المختلفة التي مر بها هذا المجتمع‪ ،‬وقد جرى الفقه على تقسيم‬
‫هذه العصور الى ثالثة عصور هي‪ :‬العصور القديمة والعصور الوسطى والعصور الحديثة‪.‬‬
‫‪ -1‬العصور القديمة‪:‬‬
‫القانون الدولي كما نعرفه اليوم يعود وجوده الحقيقي الى ما يقارب ‪ 3‬و‪ 5‬قرون‪ ،‬اما‬
‫جذوره فتمتد بعيدا في الماضي‪ .‬فالمجتمع الدولي في العصر القديم كان يتصف بالفوضى‪،‬‬
‫وكانت العالقات بين القبائل التي كان يتكون منها المجتمع في هذا الوقت عالقات حرب يحكمها‬
‫قانون الغاب أو القوة‪ ،‬وقلما كانت توجد عالقات سلم‪ ،‬وهذا بالرغم من ان كل قبيلة أو أي تجمع‬
‫انساني كان يعيش على إقليم معين ويخضع لسلطة معينة أيا كان مصدر وطبيعة وشكل هذه‬
‫السلطة إال أنه لم تصل الى مفهوم الدولة بالمعني الدقيق لهذا االصطالح‪ ،‬وهذا ما حال دون‬
‫ظهور عالقات دولية بالمعني القانوني‪.‬‬
‫أ‪ -‬العصر اليوناني‪:‬‬
‫كانت كل " جمهورية" يونانية تتساوى من حيث القانون مع مثيالتها من الجمهوريات‪،‬‬
‫وتربط فيما بينها جميعا عالقات السلم أو عالقات الحرب على حسب األحوال‪.‬‬
‫العصر االغريقي‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫خالل هذا العصر كانت العالقات فيه تقام بين المدن االغريقية فيما بينها‪ ،‬والتي تقوم على‬
‫أساس التعاهد و التحكيم وفض النزاعات بالطرق السلمية‪ ،‬وتراعي فيها حصانة السفراء وعدم‬
‫االعتداء على المن األخرى إال بعد اإلعالن عن الحرب‪.‬‬
‫العصر الروماني‪:‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫قسم الرومان المجتمع الروماني الى قسمين‪ ،‬القسم األول يتمثل في رعايا روما و يطبق‬
‫عليهم القانون المدني الذي يسمى بقانون " كراكاال"‪ ،‬اما لغير الرومانيين و لكثرة عددهم تم‬
‫استحداث قانون خاص بهم ينظر في المنازعات التي تقع بين الرومانيين و األجانب استنادا‬
‫الى قواعد مستوحاة من المساواة‪ ،‬وسمي هذا القانون ب\ـ ‪" :‬قانون الشعوب"‪.‬‬
‫‪ -2‬العصور الوسطى‪ :‬تميز هذا العصر بانتشار الديانة المسيحية وظهور اإلسالم في شبه‬
‫الجزيرة العربية‪.‬‬
‫أ‪ -‬العصر المسيحي‪ :‬بعد انتشار المسيحية ظهرت فكرة األسرة المسيحية التي تجمع‬
‫الدول األوروبية بعد خروجها من الحروب تحت سلطة البابا والتي كانت في أصلها ترفض‬
‫إقامة عالقات مع الدول غير المسيحية لذلك عرقلت تطور القانون الدولي‪.‬‬
‫العصر اإلسالمي‪ :‬جاءت الدعوة اإلسالمية لتحقيق الوحدة والمساواة في‬ ‫ب‪-‬‬
‫الحقوق والواجبات‪ ،‬والتي تتطلب سيادة القانون‪ .‬كما رسخ اإلسالم مبادئ كان لها أثر في‬
‫تطور القانون العام كحق الجوار والسالم مع الغير من أهل الذمة‪ .‬وفي حالة الحرب مع‬
‫المسلمين يجب مراعاة االلتزام بأحكام الدين الحنيف مثل اعالن الحرب وعدم قتل األطفال‬

‫‪2‬‬
‫محاضرات في مقياس القانون الدولي العام للسنة‬ ‫د‪ .‬براغثة العربي ‪-‬‬
‫الثانية ج‪.‬م‬
‫والنساء والشيوخ والعبيد وحسن معاملة األسير‪ .‬وقد ابرمت عدة معاهدات مع الغير على‬
‫غرار تلك التي عقدت مع يهود المدينة‪.‬‬
‫‪ -3‬في العصور الحديثة‪:‬‬
‫تبدأ هذه المرحلة منذ سقوط اإلمبراطورية الرومانية الشرقية عام ‪1453‬م‪ .‬حيث شهدت‬
‫هذه المرحلة وضع أولى قواعد القانون الدولي العام في أوروبا وذلك على أثر اتفاقية‬
‫"واستفاليا" لعام ‪ 1648‬بين الدول األوروبية المسيحية‪ .‬ولم يتحرر هذا القانون من طابعه‬
‫األوروبي المسيحي إال في القرن ‪ 19‬بدخول دول غير مسيحية ميدان العالقات الدولية مثل‬
‫الصين واليابان والدولة العثمانية‪.‬‬
‫فقبل الحرب العالمية االولى‪ :‬عرفت هذه المرحلة عدة تطورات ظهرت من خالل‬
‫االتفاقيات المبرمة في مجاالت متعددة منها مؤتمر برلين بشأن االستالء على السواحل االفريقية‬
‫واتفاقية باريس حول قانون البحري واتفاقية جنيف لمعاملة جرحى وأسرى الحرب‪ ،‬اتفاقية‬
‫الهاي المنظمة لقواعد الحرب‪ ،‬وقد نتج عن هذه التطورات استقرار عدة مبادئ منها حق حرية‬
‫المالحة الدولية حق تقرير المصير ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول‪.‬‬
‫أما بعد الحرب العالمية األولى‪ ،‬فبعد مؤتمر السالم عام ‪ ،1919‬تم شهادة ميالد عصبة‬
‫األمم التي منح لها صالحية النظر في النزاعات الدولية التي تمس بالسلم الدولي‪ ،‬وانشأت لذلك‬
‫هيئة قضائية دولية " محكمة العدل الدولية الدائمة"‪ .‬كما حاولت العصبة على العمل على‬
‫تخفيض التسلح والتسوية السلمية للنزاعات وابرمت في ذلك عدة اتفاقيات ومؤتمرات على‬
‫غرار مؤتمر خفض التسلح لعام ‪ 1922‬بواشنطن‪.‬‬
‫وبعد الحرب العالمية الثانية تم عقد مؤتمر سان فرانسيسكو في عام ‪ 1945‬نتج عنه وضع‬
‫ميثاق األمم المتحدة الذي جاء لصيانة السلم الدولي ومنع استعمال القوة في العالقات الدولية‬
‫وتسوية النزعات بالطرق السلمية وفرض الجزاء على كل مخالف ألحكام الميثاق‪ .‬وكان ذلك‬
‫بداية لتطور العالقات الدولية واتساع مواضيع القانون الدولي العام لتشمل مجاالت عديدة‬
‫سياسية وإنسانية واقتصادية وغيرها من المواضيع التي تهم تطور الدول‪.‬‬
‫كما ساهم في هذا االتساع التطور التكنولوجي والعلمي الكبير الذي شهده هذا العصر‬
‫خاصة في مجال الفضاء ومنع أسلحة الدمار الشامل‪.‬‬
‫وبهذا فالقانون الدولي يسعي الى تحقيق اهداف أبرزها‪:‬‬
‫بيان الحقوق والواجبات للدول أعضاء الهيئة‬ ‫‪-‬‬
‫تنظيم اختصاصات الهيئات والمنظمات الدولية‬ ‫‪-‬‬
‫إقرار الحقوق وحماية الحريات األساسية لألفراد‬ ‫‪-‬‬
‫العمل على تحقيق و الحفاظ على السلم واالمن الدوليين‬ ‫‪-‬‬

‫‪3‬‬
‫محاضرات في مقياس القانون الدولي العام للسنة‬ ‫د‪ .‬براغثة العربي ‪-‬‬
‫الثانية ج‪.‬م‬

‫‪4‬‬

You might also like