Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 2

‫تتعلق عالقة القانون بالصراع الطبقي بشكل كبير بكيف يتم تشكيل وتنظيم المجتمع وتوزيع‬

‫السلطة والموارد‪ .‬يعتبر الصراع الطبقي أحد الجوانب الرئيسية للتفاعل بين األفراد‬
‫والمجتمع‪ ،‬والقانون يلعب دوًر ا حيوًيا في تنظيم هذا التفاعل ويعكس هذا االخير الطريقة‬
‫‪..‬التي تدير بها الدولة نفسها وتنظم العالقات بين أفراد المجتمع‬
‫الدولة بحداتها هي تعبير عن صراع طبقي‪ ،‬في حين يبقى القانون آلّية وأيديولوجيا تستطيع‬
‫الدولة بموجبه أن تظهر محايدة إزاء هذا الصراع‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬تصبح جرائم ذوي‬
‫النفوذ – مثل جرائم الدول والشركات – واحدة من أهم خصائص النظام الرأسمالي‪ ،‬ال سمة‬
‫‪.‬دخيلة عليه‪ ،‬بل الحجر األساس في بنائه‬

‫ماركس وإنغلز‬
‫أَّك د ماركس وإنغلز أن القانون يعكس مصالح الطبقة البورجوازية في الملكية الخاصة من‬
‫خالل تعزيز جميع الممتلكات الخاصة وحمايتها‪ ،‬وبالتالي إخفاء حقيقة أن الغالبية العظمى‬
‫من الممتلكات مملوكة لحفنة ضئيلة من السكان‪ .‬ويؤدي القانون وظيفته هذه من خالل‬
‫الدساتير والقوانين التشريعية والسوابق القضائية‪ ،‬وبدعم من وكاالت نظام العدالة الجنائية‬
‫من خالل فرض االمتثال لوصاياه‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬يعمل القانون كآلية مركزية‬
‫لأليديولوجيا البورجوازية‪ .‬وتميل القوة والسلطة إلى أن تكونا مجالين مستدامين ذاتيًا للحياة‬
‫تعكسان‪ ،‬في ضوء القانون‪ ،‬أنماطًا عميقة الجذور من الالمساواة االجتماعية واالقتصادية‬
‫والسياسية‪ ،‬فالقانون جهاٌز قمعّي ‪ ،‬وعادة ما ُتنَّش ط هذه الوظيفة عندما يقمع النظام القانوني‬
‫الطبقة العاملة والفالحين وحركاتهم السياسية المنَّظ مة‪ .‬وفي سيناريو الصراع هذا‪ ،‬يشكل‬
‫القانون إحدى آليات خلق «إجماع المصالح» و«الوعي الجماعي»‪ ،‬وليست «إرادة‬
‫الشعب» ‪ -‬الُمتخَّيلة ‪ -‬هي أساس القانون والتجريم والشرطة‪ ...‬إلخ‪ ،‬وإنما المنطق «الخفي»‬
‫لرأس المال (أو الُمضَم ن به)‪ ،‬والحياة االجتماعية التي ُتخَتَز ل في «المشاريع التجارية»‪.‬‬
‫في هذا السياق‪ُ ،‬يضحي القانون سالحًا يستخدمه ذوو النفوذ لفرض مصالحهم الخاصة التي‬
‫‪ُ.‬تلّبى على حساب المصلحة العامة‬

‫‪..‬‬ ‫(فرانك بيرس ‪«:‬جرائم ذوي النفوذ‪ :‬الماركسية والجريمة واالنحراف» (‪1976‬‬

‫أوضح بيرس‪ ،‬بعد مناقشة التشريعات التي تهدف إلى تنظيم المشاريع التجارية والجريمة‬
‫المنّظ مة واإلنفاذ االنتقائي لهذه القوانين‪ ،‬أن كًال من الدولة والشركات تستخدمان القانون‬
‫والجريمة ومكافحة الجريمة‪ ،‬استراتيجيًا‪ ،‬لتأمين الربح والنمو‪ .‬وشدد على أن الرأسمالية‬
‫تستند أساسًا إلى «الطبيعة الحسابية» للرأسماليين‪ ،‬ال الشركات‪ .‬وأشار إلى إحدى أهم‬
‫خصائص الرأسمالي وهي حقيقة أنه يريد السيطرة على بيئته‪ .‬ويرى أن التركيز أحادي‬
‫النظر على الشركات‪ ،‬بدًال من البشر – الذين يستفيدون من أفعال الشركات ويتحكمون فيها‬
‫– قد يؤدي إلى التضليل‪ ،‬فعلى الرغم من وجود الواقع االجتماعي ككل‪ ،‬ال يمكن للعقل‬
‫البشري إال أن يبدأ في مالءمة هذا «الكل» المترابط تدريجَّي ًا ومنهجَّي ًا‪ .‬يؤكد كل من كارل‬
‫ماركس وفريدريك إنغلز أن عملية الُمالءمة التدريجية هذه يجب أن تبدأ بأبسط العالقات‬
‫االجتماعية التي تقوم عليها المجتمعات البشرية قبل التوجه التدريجي إلى تسلسالت عالئقية‬
‫أكثر تعقيدًا‪ .‬وتحقيقًا لهذه الغاية‪ ،‬يطرح الثنائي أن العالقات االجتماعية التي ينتج من خاللها‬
‫البشر المواد األساسية لوجودهم هي التي تشكل األسس األولَّية للمجتمع‪ .‬لذلك‪ ،‬يجب أن يبدأ‬
‫التنظير من هذه البنى قبل التعامل مع عالقات سياسية وثقافية وقانونية أكثر تعقيدًا‪ .‬وهذه‬
‫األخيرة ليست مجرد ظواهر عرضية‪ ،‬إنها أيضًا قوى محددة يجب التفكير فيها‪ ،‬ومع ذلك‬
‫ال يمكن تفكيك واقعيتها بالكامل دون تقدير العمليات التي تنبثق منها أوًال‪ .‬وهكذا الحظ‬
‫بيرس أنه عندما َي نُظ ر المرء إلى السلوك اإلجرامي على أنه واحدة من بين االستراتيجيات‬
‫التي تستخدمها الشركات‪ ،‬فإنه َي ضطّر ‪ ،‬إذًا‪ ،‬إلى تحليل البنية العامة التي تتفاعل فيها‬
‫الشركات‪ ،‬وهذا يتطلب َف هم أن الظرف الرأسمالي الراهن – وال سيما من حيث الترابط بين‬
‫رأس المال الحكومي والخاص – ديناميكي‪ ،‬دائمًا في حالة تغير مستمر‪ ،‬وأبعد ما يكون عن‬
‫‪.‬األمان‪ ،‬وقائم على أسس تاريخية وقانونية وسياسية متغيرة‬
‫القانون‪ ،‬قبل كل شيء‪ ،‬ظاهرة اجتماعية شّك لها أفراد المجتمع في ظل ظروف تاريخية‬
‫محددة‪ .‬لقد نشأ القانون مع ظهور الالمساواة االجتماعية‪ ،‬وصاحب‪ ،‬على وجه التحديد‪،‬‬
‫االنتقال من مجتمعات ما قبل الدولة إلى مجتمعات الدولة‪ .‬ويختلف القانون عن قواعد‬
‫السلوك األخرى ‪ -‬مثل العادات والتقاليد والُعرف ‪ -‬من خالل طبيعته القسرية واإلنفاذ‬
‫المهني لقواعده‪ .‬ومن خالل فروعه الدستورية واإلدارية‪ ،‬فإن النظام القانوني – الذي هو‬
‫جهاز الدولة – يصبح اآللية الرئيسية لتحديد مجال أنشطة الدولة‪ .‬والقانون‪ ،‬كظاهرة‬
‫اجتماعية‪ ،‬هو شكل من أشكال الدولة للسيطرة االجتماعية‪ .‬وعلى هذا النحو‪ ،‬فإن هدفه هو‬
‫‪».‬اصطناع «المطابقة»‪ ،‬وقمع ما ُتعِّر فه الدولة على أنه «انحراف‬

You might also like