Professional Documents
Culture Documents
البيع ش معين دقيق
البيع ش معين دقيق
البيع ش معين دقيق
كتاب البيع
قبل الشروع في مطالب الكتاب البد من تمهيد امور :
االمر االول ان هذا الكتاب الذي نبحث عنه والموس$$وم بعن$$وان ال$$بيع ه$$و ج$$زء من سلس$$لة في
المكاسب الفها الشيخ االعظم رحمة هللا عليه ،ومن هنا ي$$أتي الس$$ؤال الت$$الي :لم$$اذا اش$$تهر في
الحوزة العلمية تدريس هذا الكتاب من بين سائر الكتب الفقهية للشيخ ،ف$ان الش$يخ كم$ا تعلم$ون
الف في كثير من ابواب الفقه و بقلمه الش$$ريف فكتب في الطه$$ارة والص$$الة والص$$وم والخمس
والزك$$اة و النك$$اح و غ$$ير ذل$$ك من الكتب الفقهي$$ة فلم ك$$ان ه$$ذا االختص$$اص بم$$ا يس$$مى
بالمكاسب ؟.
السؤال 2لماذا انحصر البحث في المكاسب حول االمور ال 3المحرمة البيع الخيارات.
اما السؤال االول :فيتضح للباحث بعد معرفة طبية البحث في المع$$امالت و اختالف$$ه عن بحث
العبادات ولو العبادات بالمعنى االعم الشاملة لتطهير التوص$لي وم$ا ش$اكل ذل$ك :ف$ان الغ$الب
على مباحث العبادات جهة التوقيفية بمعنى ان الشارع المق$$دس ك$$ان دوره في غ$$الب العب$$ادات
تأسيسا و عليه فالبد في مقام االفتاء في باب العبادات من ترقب النص الشرعي الخ$$اص وعلى
هذا االساس صار الغالب في باب العبادات هو البحث االجتهادي التجزئي فال يغ$$ني البحث في
مف$$ردة عن البحث في اخ$$رى الن خصوص$$ية ك$$ل مف$$ردة يجب ان تتلقى من الش$$ارع ،فغلب
البحث التجزيئي على العب$$ادات بينم$$ا في المع$$امالت اختل$$ف االم$$ر ،باعتب$$ار ان دور الش$$ارع
المقدس في غالب المعامالت ه$$و االمض$$اء ال التأس$$يس و ه$$ذا ي$$برز بوض$$وح في الس$$نة ادل$$ة
المعامالت كقوله تعالى احل هللا البيع ،أي البيع الموج$$ود المتع$$ارف فيم$$ا بين الن$$اس ،وق$$ل في
باب المعامالت البحث عن الحقائق الشرعية ،الن دور الش$ارع فيه$$ا في الغ$$الب ه$$و االمض$$اء
فلما اختلفت المعاملة عن العبادة امضاءا و تأسيسا قلت الروايات التفصيلية في باب المع$$امالت
وكذا االيات ومن هنا نحى البحث المعامالتي باتجاه تأسيس القواعد العامة الص$$الحة لالنطب$$اق
على مفردات متعددة ،فلم يكن البحث في المعاملة كالبحث في العبادة من االجتهاد التجزيئي بل
صار تنقح القواعد و تنطبق على مفردات متعددة ،فعندما نبحث مثال في كت$$اب ال$$بيع عن مف$$اد
قوله تعالى اوفوا ب$العقود وتنقيح انه$ا مس$وقة ام$ا لبي$ان الحكم التكليفي مباش$رة لينق$ل من$ه الى
الحكم الوضعي واما انها مس$وقة لبي$ان الحكم الوض$عي وال تكلي$ف في ال$بين بع$د تنقيح المف$اد
نستطيع ان نطبق النتيجة في ابواب متعددة من المعامالت في البيع واالجارة والنكاح..الخ.
اذا اتضح ذل$ك حينئ$ذ نفهم من خالل م$ا تق$دم ان البحث االجته$ادي المع$املي اق$رب الى منهج
التدريب االجتهادي الكلي ،فلذا عكف العلم$اء كالش$هيد الث$اني على االطن$اب في تنقيح القواع$د
1
المعامالتية فنالحظ ان$ه في المس$الك وس$ع في المع$امالت و اختص$ر في العب$ادات ،ول$ذا ج$اء
حفيده السيد السند ليجبر االختصار الموجود في عبادات المسالك فالف المدارك.
هذا تمام الكالم في الجواب عن السؤال االول ،ام$$ا الس$$ؤال الث$$اني فجواب$$ه :بع$$د االلتف$$ات الى
نقطتين االولى ان المكاسب خصوصا البيع من مباحث المكاسب نالح$$ظ ان الرواي$$ات ال$$واردة
في مقام التقعيد أي اعطاء القاعدة ناظرة بالدرج$$ة االولى الى المكاس$$ب ،من قبي$$ل قول$$ه تع$$الى
تجارة عن تراض و احل هللا البيع ،وقوله عليه السالم البيعان بالخيار مالم يفترقا.
حيث يأتي ان هذا الحديث وان كان واردا في خيار المجلس الثابت للبيع اال انه مع ذل$$ك تس$$تفاد
منه قاعدة تسمى باصالة اللزوم في المعامالت ،فاذا غالب روايات التقعيد في المكاس$$ب ،فتعمم
على غيرها ،اما بتوحيد المناط و اما بقاعدة ان الم$$ورد ال يخص$$ص ال$$وارد وم$$ا ش$$اكل ذل$$ك،
فحينئذ من المناسب ان نبحث هذه القواعد فيما وردت فيه بالمباشرة ال فيما لم ترد فيه كذلك.
النقطة الثانية :ان المكاسب وخصوصا البيع والخيارات جمعت بين المنهج االص$$ولي المبت$$ني
على بحث القواع$$د العام$$ة وبين المنهج الفقهي المبت$$ني على الرواي$$ات بخالف بعض اب$$واب
المعامالت االخرى ،فان كتاب المضاربة مثال ال يوجد فيه سوى 9روايات ،فالبد من التمس$$ك
باالطالقات في كتاب البيع ولذا كان االنسب ان نتناول المكاسب بالبحث بعد عدم امكان الجمع.
ومن هنا يتضح لنا السر في عك$$وف الفح$$ول على التعلي$$ق على المكاس$$ب دون غ$$يره من كتب
الشيخ االعظم ،وبهذا تم الكالم في االمر االول في هذه المقدمة.
االمر الثاني :من المالحظ لكل من له دراية بمكاسب الش$$يخ ان كت$$اب ال$$بيع من ناحي$$ة العم$$ق
العلمي يأتي في الدرجة االولى وياتي بعده كتاب الخيارات وتقع المكاسب المحرمة في الدرجة
الثالثة ،و هذا يرتبط بطبيعة المادة ال بالتدرج من االضعف الى االق$$وى ،ف$$ان الغ$$الب في بحث
المكاسب المحرمة النظر الى الحكم التكليفي من الجواز و الحرمة و هذا يكفي فيه ورود اية او
رواية ت$$دل على ذل$$ك بال حاج$ة الى مزي$$د بحث في االعم االغلب ،وال تعتم$$د في الغ$$الب على
تنقيح قواع$$د و تطبيقه$$ا على الم$$وارد بخالف ال$$بيع فانن$$ا مثال اذا نقحن$$ا قاع$$دة الل$$زوم في
المعامالت بعد صعوبة تنقيحها يقع الكالم في امكان تطبيقها على المعاطات و عدم امكان ذل$$ك
فلذا واجه كتاب البيع و الخيارات عمقا علميا اكثر من المكاسب المحرمة.
االمر الثالث :البحث في المكاسب و في كتاب البيع بالخصوص من البحوث االجتهادية وال$$تي
تعتمد بالدرجة االولى على عملية النقد االجتهادي و على هذا االساس البد في مق$$ام قب$$ول كالم
الشيخ او رده من التسلح بضوابط النق$$د االجته$$ادي واهم ض$$ابطة في المق$$ام اص$$الة تق$$دم الفهم
على النقد.
2
في كتاب البيع هنلك حواشي و تعاليق كثيرة ،و ان من غير المنصوح قراءة تمامه$$ا الن جمل$$ة
من ه$$ذه الحواش$$ي تخصص$$ية و هي عب$$ارة عن بحث خ$$ارج الص$$حابها كحاش$$ية المكاس$$ب
للمحقق االصفهاني ،وبعض هذه الحواشي تكراري كغالب الحواش$$ي الح$$ديث ،يحت$$اج الط$$الب
في فهم المكاسب اوال الى فهم شرح االستاذ ،وثانيا بعد فهم الشرح المطالع$$ة الدقيق$$ة للم$$ادة من
قبل الطالب ،ثم يسجل مالحظاته التي تكون بين استفسار ،واخرى تكون عبارة عن شبهة لع$$دم
التمكن من الفهم ال$$دقيق ،فيت$$وهم الط$$الب ان$$ه فهم المطلب فيع$$ترض على المطلب و ه$$ذا في
الواق$$ع اع$$تراض على فهم$$ه على المطلب ،وبين اش$$كاالت ق$$د تك$$ون في محله$$ا فيحت$$اج بع$$د
المطالعة للخروج قليال عن دائرة المادة هنا المنصوح به هو حاشية الشهيدي ،مص$$باح الفقاه$$ة
للسيد الخوئي ،حاشية االيرواني تنفع ال في تمامها.
2
ال$$بيع ه$$و في االص$$ل مبادل$$ة م$$ال بم$$ال في بداي$$ة البحث يتن$$اول الم$$اتن تعري$$ف ال$$بيع لغ$$ة
واصطالحا ،كلمة البيع بفعلها من االلفاظ المتعدية الى مفعولين في الغالب فعلى الرغم من عدم
كونها من افع$ال القل$وب وعلى ال$رغم من ع$دم اش$تمالها على اداة التعدي$ة من هم$زة النق$ل او
التشديد فيقال بعت زيدا دارا وقد تتعدى الى المفعول االول بواسطة الالم فيقال بعت الدار لزي$$د
وفي الغالب ال يذكر المفعول االول اال اذا تلق غرض به وقد يقتصر عليه م$$ع االمن من اللبس
فيقال بعت االمير وال يقال بعت زيدا ،وكيف كان فالبيع الذي يراد تعريفه عند الفيومي هل ه$$و
عبارة عن عقد البيع ام انه عبارة عن االثر الم$$ترتب على عق$$د ال$$بيع ،لوض$$وح ان مث$$ل ال$$بيع
تارة يطلق على السبب واخرى يطلق على المسبب ،ومن جهة اخرى تارة يطل$$ق على المع$$نى
المصدري واخرى يطلق على معنى اسم المصدر.
لفهم حقيقة المعَّرف هل هو الس$بب ام المس$بب ،و ه$ل ه$و المص$در اس$مه الب$د من االس$تعانة
بقرينية المعِّر ف حيث انما جعل في التعري$$ف بمثاب$$ة الجنس ه$$و عن$$وان المبادل$$ة ،ه$$ذه الكلم$$ة
الجارية على وزان صيغة المفاعلة تدل في اصل وضعها على وجود طرفين احدهما يفع$$ل في
االخر ما يفعل االخر به ،نظير المصارعة ،والمقاتلة ،المشاركة ،فبحسب المعنى كل واح$د من
الطرفين اللذين تحتاج اليهما الف المفاعلة يكون بحسب المعنى فاعال و مفعوال ب$$ه ،فلّم ا جع$$ل
المبادل$ة بمثاب$ة الجنس لل$بيع المع$رف نفهم من ذل$ك ان المعّ$رف وه$و لف$ظ ال$بيع ليس بمع$نى
السبب بل بمعنى ما ينشأ من السبب ،الن المبادلة سواء اخ$$ذت بمعناه$$ا المص$$دري ال$$دال على
االنشغال بالحدث ام بمعنى اسم المصدر الدال على النتيجة على كل حال هذه المبادلة تنش$$أ من
سبب خاص فلما جعل البيع هو المبادلة فهذا يعني ان المعرف ليس هو السبب.
وكيفما كان فق$$د وق$$ع الكالم بين االعالم في ان االولى في تعري$$ف ال$$بيع ه$$ل ه$$و اخ$$ذ عن$$وان
المبادلة ام عنوان التبديل ،فبدال من ان نقول البيع هو مبادلة مال بمال ،نقول تبديل المال بمال.
3
وحجة من ارتأى اخذ عنوان التبديل هو انه في ال$$بيع يوج$$د اص$$ل وف$$رع ف$$المبيع ه$$و االص$$ل
والثمن هو الفرع ،فالمقصود االصلي في عملية البيع ه$$و الم$$بيع والمثمن وعلي$$ه فال يص$$ح ان
نستعمل لفظ المبادلة الدال على المفاعلة المقتضي لكون كل واحد من الطرفين ف$$اعال ومفع$$وال
من دون اصالة احدهما على االخر.
لكن هذه الحجة نشأت من الخلط بين المعنى اللغوي للبيع وبين المعنى االصطالحي الش$$ائع في
العصور المتأخرة ،والشيخ اشار الى هذه النكتة بقوله وهو في االص$$ل ،ف$$ان الع$$رب قب$$ل س$$ك
ال$$دراهم وال$$دنانير ك$$ان ك$$ل واح$$د من المثمن والثمن اص$$ال وفرع$$ا ،بحس$$ب رغب$$ة الب$$ائع
والمشتري و هذا كان يعبر عنه بالبيع ودعوى الميرزا االيرواني انه معامل$$ة مس$$تقلة ال تس$$مى
بيعا امضاها الشارع بقوله اوفوا بالعقود في غاي$$ة الغراب$$ة ! ،اذ كي$$ف ال يك$$ون له$$ذه المعامل$$ة
المستقلة مع شيوعها عند العرب اسما مستقال.
وعليه فاالحتجاج باالصالة والفرعية ال يؤدي الى رجحان التبديل على المبادلة ،مضافا الى ان
الكالم في المعنى اللغوي ،والتعاريف اللغوية ليست مصبا للنقض واالب$$رام الن الغ$$رض منه$$ا
اعط$$اء ص$$ورة اجمالي$$ة عن المع$$نى ،و ليس التع$$اريف حقيقي$$ة ليش$$كل عليه$$ا به$$ذا الن$$وع من
االشكاالت.
وعليه فالبيع مبادلة :هذه المفاعلة في تعريف الفيومي قائمة بين عنصرين كل واحد منهما يع$$د
م$$اال فلفهم ه$$ذا التعري$$ف على حقيقت$$ه الب$$د من فهم مع$$نى الم$$ال ،بين الع$$رف الع$$ام والع$$رف
الخاص يوجد اختالف في معنى المال ،لكن ال بلحاظ الماهية والحقيقة ،ب$$ل باعتب$$ار المن$$اط في
المالية ،فالمناط في مالية الشيء لدى العرف العام هو الرغب$ة العقالئي$ة بينم$ا المن$اط في مالي$ة
الشيء عند العرف الخاص اعني الشارع هو ك$$ون المن$$افع المترتب$$ة على الش$$يء محلل$$ة ،فل$$ذا
كان الخنزير ماال عند العرف وليس بمال عند الشارع الن منفعته المرج$وة وهي االك$ل ليس$ت
بمحللة.
وعلى هذا االساس نستنتج ان التعريف اللغوي للبيع يص$لح لالنطب$اق على 16ص$ورة ،ناش$ئة
من ضرب صور 4بـ 4وهي :النقد والعين والمنفعة و الحق.
لكن شاع في عرف الشارع المقدس اختصاص المع$$وض ب$$العين فال يش$مل اب$$دال المن$$افع فل$$و
بعتك منفعة داري لسنة مثال يصدق في العرف اللغوي انه بيع ولكن في عرف الفقهاء ال يسمى
بيعا ،وانما يسمى اجارة.
وم$$ا ورد في بعض االخب$$ار من اطالق لف$$ظ ال$$بيع ومش$$تقاته على نق$$ل المن$$افع محم$$ول على
المعنى اللغوي قبل استقرار االصطالح.
4
اما العوض فنالحظ ان المصنف بعدما رأى ان تعري$$ف الفي$$ومي ينطب$$ق على الص$$ور الكث$$يرة
المتقدمة بدأ يذكر قيودا لتقليل دائرة الشياع فالى االن اس$$تطعنا ان نخ$$رج من الص$$ور االربع$$ة
المحتملة في كلمة المال االولى صورة واحدة وهي المنفعة ،لكن المنفعة ال تخ$$رج من الص$$ور
االربع المحتملة في كلمة المال الثانية ،فلك ان تشتري دارا بمنفع$$ة فيك$$ون الم$$بيع عين$$ا والثمن
منفعة.
3
اتضح لدينا ان تعريف الفيومي لل$$بيع ي$$دخل في$$ه ب$$دوا 16فرض$$ا وب$$إخراج المنفع$$ة من الم$$ال
االول الواقع معوضا في المعاملة البيعية تق$$ل الف$$روض ،و ذكرن$$ا ان اص$$طالح الفقه$$اء مش$$ى
على ذل$$ك أي على تخص$$يص المع$$وض باألعي$$ان وع$$دم ش$$موله للمن$$افع وال يعك$$ر على ه$$ذا
االختصاص الفقهي سوى ما ورد في بعض الروايات من الموارد الـ 3المتقدمة وال$$ذي يس$$هل
الخطب في هذه الموارد انه ورد نظيرها في االجارة حيث انه من المسلمات فقهي$$ا ان االج$$ارة
يك$ون المع$وض فيه$ا من المن$افع فبمقتض$ى المقابل$ة حيث ان الفقه$اء عق$دوا ب$ابين وعن$وانين
احدهما يرتبط بالبيع واالخر يرتبط باإلج$$ارة ان يتب$$ادال المع$$وض ف$$ان ك$$انت االج$$ارة تختص
بالمنافع فالبيع يختص باألعيان فكما انه حصل مسامحة في اطالق االج$$ارة على نق$$ل االعي$$ان
كذلك حصل مسامحة في الموارد الـ 3في اطالق البيع على نقل المنافع.
ان قلت :ان الشهيد 2في الروضة صرح ان متعلق االجارة ه$$و العين فيق$$ال اجرت$$ك داري ثم
قال لو قيل اجرتك منفعة داري لم يصح ،فكيف يقال ان االجارة تتعلق بالمنافع وحينئذ من ه$$ذا
الباب تحمل رواية اجارة الثمرة على الشجرة بال حاجة الى ارتكاب المسامحة في البين.
قلت :ان االجارة في مقام االيجاب ال بد ان تتعلق باألعيان ،الن المنافع حين االيجاب ال وجود
لها لتتعلق بها االجارة ،وانما الفرق بين البيع واالجارة ان االجارة تتعلق بالعين الج$$ل اس$$تيفاء
المنفعة بينما البيع يتعل$$ق ب$$العين الج$$ل تمل$$ك العين ويك$$ون االنتف$$اع بالمنفع$$ة من تواب$$ع تمل$$ك
العين ،بخالف االج$$ارة ف$$ان القص$$د الى المنفع$$ة اس$$تقاللي ال تبعي وحينئ$$ذ ف$$ان المعامل$$ة على
الثمار يمكن تصويرها على نحوين :
االول ان تكون الثمار موج$ودة و تق$ع المعامل$ة عليه$ا الج$ل نق$ل ملكيته$ا فال ف$رق حينئ$ذ بين
المعاملة على الثمار في الس$$وق والمعامل$$ة على الثم$$ار وهي على الش$$جرة فكالهم$$ا يك$$ون من
مقولة البيع.
الثاني :ان تقع المعاملة على الشجرة الستيفاء الثمرة بشرط ان تكون الثمرة ق$د ب$$دى ص$$الحها
لتصح المعاملة فهذه معاملة على االصل الستيفاء الف$رع و ه$ذا ه$و ال$ذي من مقول$ة االج$ارة،
والحديث الناظر اليه الماتن ظاهر في النحو 2و عليه فال اشكال في البين.
5
فثبت ان المعوض في المعاملة البيعية يختص باالعيان و هذا االختصاص ام$ا فقهي وام$ا ه$و
كذلك في اصل اللغة ،لو اخذنا بمقولة الطريحي القائل بان االصل في المال هو الذهب والفضة
وهما من االعيان ال المنافع ،اما لو قلنا ان كتاب الطريحي متاثر ب$المعنى االص$طالحي الفقهي
فال يكون هذا االختصاص في اصل اللغة بل مما مشى عليه اصالح الفقهاء.
هذا كله في جانب المع$$وض ،ام$$ا في ج$انب الع$$وض والثمن فه$$ل تبقى الف$$روض الـ 4محقق$ه
فيه ؟.
يبدأ الماتن في تحقيق حال المنفعة فيه ،فنفى االشكال عن ص$$حة ك$$ون الع$$وض والثمن منفع$$ة،
وص$$رح ب$$ذلك جم$$ع من الفقه$$اء كالعالم$$ة في اك$$ثر من كت$$اب ،والمحق$$ق الك$$ركي في ج$$امع
المقاص$$د ب$$ل يمكن التع$$دي عن تص$$ريح البعض الى نفي الخالف الن كلم$$ة الم$$ال اذا ك$$انت
بوضعها اللغوي شاملة للمن$افع ولم يص$رح فقي$ه من الفقه$اء باالختص$اص بغ$ير المن$افع فه$ذا
يعني انه يقبل وقوع العوض منفعة.
اال ان هذا االستدالل ينفع لو لم نأخذ بمقولة الطريحي ،النه عليها ال يكون المال شامال للمنافع.
ان قلت :ان صغرى نفي الخالف غير متحققة كيف ! وق$$د خ$$الف في ذل$$ك الوحي$$د البهبه$$اني،
حيث شكك في صحة وقوع المنفعة عوضا فحينئذ ال تتم الصغرى.
يجيب الماتن عن هذا االشكال بان خالف الوحيد مدركي أي مبتني على مبنى باط$$ل فل$$و التفت
الى بطالنه لعاد وقال بالمقولة التي لم يقع فيها الخالف.
اما مدركه فهو ان الفقه$$اء ع$$بروا به$$ذه المقول$$ة ال$$بيع لنق$$ل االعي$$ان فبمقتض$$ى المقابل$$ة تك$$ون
االجارة لنقل المنافع ،فتوهم ان ما ذكره الفقهاء من تخصيص البيع بنقل االعيان يجري في ك$$ل
من المعوض والعوض فيخص كال الطرفين باالعي$$ان والح$$ال ان مقص$$ودهم من تل$$ك العب$$ارة
احد الطرفين وهو المعوض وذلك الن المقصود االصلي في البيع هو المبيع وعلي$$ه فال يص$$لح
ما ذكره الفقهاء شاهدا على اختصاص العوض باالعيان ،فيصدق ان العوض يكون في المنافع
وشاهدنا على اختصاص تلك المقولة بالمبيع ان المقابلة حيث ذك$$روا ان االج$$ارة لنق$$ل المن$$افع
وال شك في اختصاص هذه المقولة بالمستأجر عليه ال باالجرة ،ضرورة ان الغالب في االجارة
ان تكون من االعيان من الدراهم والدنانير ال من المنافع.
فاذا ثبت ان المنافع تقع عوض$$ا ،ه$$ذا الكالم باطالق$$ه يش$$مل عم$$ل الح$$ر الن االعم$$ال تع$$د من
المنافع لكن لما وقع الخالف في خصوص عمل الحر افرده الماتن برأسه.
علق المصنف وقوع عمل الحر عوضا في المعاملة البيعية على احد مبنيين وذلك الن$$ه ان قلن$$ا
بان عمل الحر قبل وقوعه طرفا في المعاوضة يع$$د من االم$$وال فحينئ$$ذ ال اش$$كال في وقوع$$ه
طرفا في المعاملة البيعية اذ يصدق حينئذ مبادلة مال بمال.
6
اما لو قلنا بان عمل الحر ال يعد من االموال قبل المعاوضة عليه فال يقع عوضا ،اذ يشترط في
العوض ان يكون ماال فصحة ان يكون عمل الحر عوضا يتوقف على ماليته فوقع الخالف بين
الفقهاء في كونه ماال او ال ،فمن ذهب الى عدم ماليته احتج بعدم ضمانه فانك لو حبست حرا ال
تعمل اعماله ،اما الذين قالوا بضمان عمل الحر فاستشهدوا لذلك بوجوه ان الح$$ر اذا ك$$ان لدي$$ه
مهنة وكان يمكن له ان يمارسها ال يعد فقيرا فال يجز اعط$$اؤه من الزك$$وات واالخم$$اس و ه$$ذا
كاشف عن وجود ماليه لعمله.
بعد ذلك يقع الكالم في الحقوق فهل يمكن للحق ان يقع عوضا في المعاملة البيعية ؟.
قبل الجواب عن هذا السؤال البد من معرفة الحق ،الحق لغ$$ة بمع$$نى الث$$ابت و ي$$دعي البعض
انه في جميع اطالقاته القرانية استعمل بهذا المعنى وانما التعدد في المصاديق فمن ي$$ذكر للح$ق
معان متعددة يكون قد خلط بين المفهوم والمص$$داق ،فاهلل تع$$الى ه$$و الح$$ق ،و ك$$ان حق$$ا علين$$ا
نصر المؤمنين ففي جميع هذه الموارد تدل الكلمة على الثبوت.
اما في االصطالح فالحق يشترك مع الملك في كونه نوعا من الس$$لطنة فكم$$ا ان المال$$ك مس$$لط
على ما يملك ،فصاحب الحق مسلط ايضا وانما الفرق في المتعلق ان الملك يتعلق باالعيان فانا
مالك الدار بينما الحق يتعلق باالفعال ،فلي حق الخيار ،أي انا مسلط على الفسخ او االمضاء.
فيقع الكالم في وقوع الحق عوضا في المعاملة البيعية ،في االبتداء يقسم المصنف الحق$$وق الى
اصناف :
الصنف االول :الحقوق التي ال تقبل المعاوضة بالمال ،كحق الوالية و ح$ق الحض$$انة و ح$ق
االفتاء ،و ما شاكل ذلك من الحقوق التي ال تقبل المعاوضة المالي$$ة ه$$ذا الص$$نف ال اش$$كال في
عدم وقوعه عوضا في المعاملة البيعية.
4
يقع الكالم في صحة وقوع الحق عوضا ،في مسالة الحق$$وق نش$$ات ص$$عوبة المطلب من تن$$وع
الحقوق واختالفها بحسب المشخصات والعوارض فلم$$ا لم تتح$$د في المشخص$$ات والع$$وارض
فال يتمكن الباحث من اعطاء نتيجة واحدة في جميع الحقوق والجل ذلك صنف الم$اتن الحق$وق
الى :3
والمناط في هذا التصنيف يتضح بعد تق$$ديم مقدم$$ة حاص$$لها ان$$ه لكي يك$$ون الش$$يء عوض$$ا او
معوضا في المعاملة البيعية يحتاج الى ركنين :
7
االول :ان يكون ماال كما هو المستفاد من تعريف الفيومي.
الثاني :ان يكون قابال لالنتقال ،فلو فرضنا ثبوت المالية لشيء لكنه لم يكن ق$$ابال لالنتق$$ال ،فال
يصدق عنوان المبادلة المأخوذ في حقيقة البيع حيث ان المبادل$$ة تقتض$$ي قابلي$$ة االنتق$$ال ،وم$$ع
عدمه ال تتحقق المبادلة.
على اساس هذين الركنين تصنف الحقوق الى اصناف : 3
االول :م$$ا ال يك$$ون م$$اال وال ق$$ابال لالنتق$$ال ،كح$$ق الحض$$انة مثال حيث نفهم من النص$$وص
اشتراط المجانية في هذا الحق و مع اشترط الشارع فيه المجانية فيكون قد اسقط ماليته ،فلم يعد
ُيعد ماال ،اما انه غير قابل لالنتقال فالن االمومة حيثية تقييدية في هذا الحق فنقله الى غير االم
معن$$اه وج$$ود الحكم من دون موض$$وعه ،ف$$ان الحيثي$$ات التقييدي$$ة تك$$ون ج$$زءا من الموض$$وع
والموضوع ينتفي بانتفاء جزئه فالشارع جعل حق الحضانة لالم فنقله الى غيره$$ا يع$$ني ان م$$ا
جعله الشارع موضوعا لم يعد موض$وعا ،ومن المعل$وم ان نس$بة الموض$وع الى الحكم كنس$بة
العلة الى المعلول ـ و عليه فال يصح ان يقع هذا الصنف عوضا.
هاذان الركنان اشار اليهما الشيخ بقوله الن البيع تمليك الغ$ير فالتملي$ك يقتض$ي قابلي$ة االنتق$ال
والمالية ،لكن االخوند الخراس$اني في حاش$يته على ال$$بيع ي$$ذكر ان كالم الش$يخ مخت$$ل النظ$$ام،
والوجه في هذا االشكال ان الكالم بحسب الفرض في ص$حة وق$وع الح$ق عوض$ا ،والح$ال ان
التعليل الذي ذكره الشيخ بان البيع تمليك الغ$ير يناس$ب الح$ديث عن المع$وض ال الع$وض،الن
البيع تمليك للمعوض للغير فلذا كان كالمه مختل النظام.
ويمكن الجواب عن هذا االشكال بوجهين :
اوال :اننا ال نسلم ان تعليل الشيخ يختص بالمعوض الن التمليك في البيع من الط$$رفين ويش$$هد
له صيغة المفاعلة في تعري$ف ال$بيع ،و الح$ديث عن الخ$اص وه$و الع$وض يثبت بالع$ام وه$و
التعليل الشامل للعوض و المعوض.
الوجه الثاني :انه لو تنزلنا وقلنا باختصاص التعلي$$ل في كالم الش$$يخ ب$$المعوض لكن بمقتض$$ى
المالزمة يعمم على العوض فان تمليك الغير وان كان باالصالة ناظر الى المعوض لكنه ب$$التبع
يشمل العوض النك عند تمليك العين تريد ان تأخذ م$$ا يقابله$$ا واخ$$ذ م$$ا يقابله$$ا ال يص$$ح اال اذا
كان قابال لالنتقال ،وعليه فال غبار على كالم الشيخ االعظم.
الصنف الثاني من الحقوق م$$ا ك$$ان م$$اال لكن$$ه ال يقب$$ل االنتق$$ال ،ومن امثل$$ة ه$$ذا الص$$نف ح$ق
الشفعة ،وحق الخيار ،فان هذين الحقين لهما مالية بشهادة صحة الصلح على اسقاطهما.
8
اما كونه غير قابل لالنتقال فالن الشفيع حيثية تقييدية للحق فنقل الحق من الش$$ريك في االرض
الى اخ$$ر يرج$$ع الى تخل$$ف الحكم عن موض$$وعه ،فهن$$ا ي$$أتي تعلي$$ل المص$$نف ايض$$ا في ه$$ذا
الصنف فال يصح البيع الن البيع تمليك الغير والشيء غير القابل لالنتقال ال يتحق$$ق في$$ه تملي$$ك
الغير.
صاحب الجواهر عنده اع$تراض في المق$ام مم$ا يظه$ر ان المطلب ك$ان مطروح$ا قب$ل الش$يخ
فيرى ان حق الشفعة والخيار ال يقع عوضا في المعامل$$ة فض$$ال عن وقوع$$ه معوض$$ا ،حاص$$ل
اشكال الجواهر :الذي يرجع الى اشكال نقضي ،واالشكاالت النقضي دائما ترجع الى منع كلية
الكبرى.
والكبرى في استدالل الشيخ االعظم المتقدم هو ان كل ما ال يقبل النقل ال يصح وقوعه في البيع
عوضا او معوضا.
والنقض على هذه الكبرى ببيع الدين على من هو عليه ،فبيع ال$$دين ذك$$ر ل$$ه الفقه$$اء ص$$ورتين
االولى :بين الدين على من هو عليه فمثال كانت ذمتي مشغولة ل$$ك بكت$$اب مكاس$$ب فجئت انت
الذي ملكت ذمتي وبعتني اياها بدرهم ،يظهر من الفقهاء االجم$$اع على ص$$حة ه$$ذه المعامل$$ة و
على كونها بيعا.
الصورة الثانية بيع الدين على غير من هو عليه ففي المثال المذكور تبيع الذمة لشخص .3
المش$$هور على الص$$حة وخ$$الف في ذل$$ك ابن ادريس ففي الص$$ورة االولى يتحق$$ق النقض ف$$ان
قولك بان البيع تمليك للغير ال يصدق على بيع الدين على من هو عليه الن مرجع هذا البيع الى
االسقاط واالبراء وال تمليك في ال$$بين فان$$ا عن$$دما ادف$$ع ال$$درهم اك$$ون ق$$د اب$$رأت ذم$$تي ال اني
تملكت شيئا ومع ذلك فان الفقهاء جعلوه بيعا ،فما نحن فيه من حق الشفعة مثال يرجع لو جعلناه
طرفا في المعاملة البيعية الى اسقاط الحق وابراءه ،فليكن بيعا مع عدم صدق التمليك عليه كم$$ا
كان بيع الدين على من هو عليه بيعا مع عدم صدق التمليك عليه.
5
اتضح ان المصنف تبعا للشيخ الكبير ذهب الى عدم صحة وقوع الصنف 2عوض$$ا و ك$$ان في
المقام نقض لصاحب الجواهر توضيحه ان المعاملة على الحق الذي هو يمكن ان يتصور على
نحوين النح$و االول ان تق$ع االول ان تق$ع المعامل$ة على نقل$ه من ش$خص الى اخ$ر ك$ان يق$ال
اعطيك دينارا على ان تنقل لي ح$ق الخي$$ار والنح$و الث$$اني ان تق$$ع المعامل$$ة والمعاوض$$ة على
اسقاط الحق بأن يصبح صاحب الحق كعدمه.
9
الشك ان البيع ان كان من قبيل النحو االول ال يقع ضرورة ان وقوع المعاملة على النقل يتفرع
عليه صحة االنتقال ،و قد فرض$$نا ان الص$$نف الث$$اني من الحق$$وق ال يقب$$ل االنتق$$ال لكن النح$$و
الثاني صحيح انه مال.
اال ان الفقهاء التزموا بعدم كونه بيعا لما اش$$تهر بينهم من ان ال$$بيع للنق$$ل ال لالس$$قاط ومن هن$$ا
نقض عليهم ببيع الدين على من هو عليه الذي مر توضيحه في الدرس السابق.
المصنف يجيب عن نقض الجواهر بان النقض انما يص$$ح في ك$$ل م$$ورد يك$$ون بين المنق$$وض
والمنقوض عليه مشابهة ،الجهة التي تخص البحث هذا هو مالك النقض و هذا المالك ال يتوفر
فيما نحن فيه ،و هذا ما يعبر عنه في السنتهم بكونه قياسا مع الفارق.
توضيح ذلك :انه في مسألة بيع الدين على من هو عليه وكذلك في مس$ألة المعامل$ة على الح$ق
يشتركان في الحاجة الى طرفين ،لوجود نسبة التضايف في البين فنحت$$اج في الح$$ق الى مس$$لط
عليه والى مسلط ،ونحتاج في طرف النقل الى مالك ومملوك ففي بيع ال$دين على من ه$و علي$ه
يمكن صدق التضايف بال محذور الن االمور التي يق$$ع المعاوض$$ة عليه$$ا في الع$$رف والعقالء
على نحوين :
االول :ما له مالية حقيقية كما هو الحال في الذهب والفضة.
الثاني :ماله مالية اعتبارية ،والذي يسمى عند القدماء بالذمم.
ففي بيع الدين على من هو علي$$ه ك$$انت ذم$$ة المس$تدين مش$غولة وثابت$$ة للغ$$ير فعن$$دما اش$تراها
صاحبها وقع بازائها فيكون هو المالك والذمة هذا المال االعتباري هو المملوك ،و يترتب على
هذا الملك االني سقوط الدين و ب$$راءة الذم$$ة ،ففي بي$$ع ال$$دين على من ه$$و ل$$ه امكن ان نص$$ور
مالكا ومملوكا ،بال أي محذور في البين فصح البيع والش$$اهد على م$$ا ذكرن$$اه ان الش$$هيد االول
ردد االبراء بين االسقاط والتمليك ،فلو لم يكن ابراء الذمة من الدين قابال لعروض المل$$ك علي$$ه
لما كان وجه للترديد اذ يرجع الترديد الى ترديد بين ممكن و مستحيل ،و هذا ال وجه له.
و هذا بخالف ما نحن فيه وهو وقوع الحق الذي هو من الصنف 2عوضا.
والسبب في ذلك :انه من ناحية ثبوت حق الفسخ لي فلو وق$ع ه$ذا في معامل$ة بيعّي ة لك$ان ه$ذا
معناه ان ُيسلط الشخص على نفس$ه بتق$ريب ان حقي ل$و وق$ع عوض$ا فيك$ون مس$لط علي$ه ه$و
النفس عندما نقول له حق على فالن فإن كلمة (على) تدل على التسلط على شيء ،فاذا كنت انا
صاحب الحق فلو وقع عوضا في المعاملة البيعّية للزم ان يتسلط صاحب الحق على نفسه ،لم$$ا
ع$$رفت من ان الح$$ق عب$$ارة عن س$$لطنة على االفع$$ال ،و الس$$لطنة على االفع$$ال ال$$تي هي من
مقولة التض$$ايف ال يمكن ان تق$$وم بش$$خص واح$$د ،اذ ال يعق$$ل اتح$$اد المس$$لط والمس$$لط علي$$ه،
10
بخالف بيع الدين على من هو عليه الن البيع نس$$بة بين المال$$ك و الممل$$وك وال نحت$$اج في$$ه الى
اشتقاق مملك عليه لتحقق نسبة البيع ،بخالف الحق نحتاج فيه الى مسلك عليه.
وبهذا البيان يتم الكالم في الصنف الثاني من الحقوق.
اما الصنف 3وهي الحقوق التي لها قابلية االنتقال لع$$دم اخ$$ذ عن$$وان ص$$احبها فيه$$ا على نح$$و
الحيثية التقييدية ،من هذا القبيل حق التحجير فان ه$ذا الح$ق ال$ذي يص$دق في ك$ل م$ورد ي$أتي
شخص الى ارض غير مملوكة لشخص معين فيحيطها من جهاته$$ا االرب$$ع بقص$$د التمل$$ك فان$$ه
بفعله هذا يصبح مسلطا على االرض ولكن له ان ينقل هذا الحق الى غ$$يره ،ف$$الركن االول من
اركان صحة البيع موجود وهو قابلية االنتقال.
واما الركن ،2وهو مقابلته بالمال فاذا جعلنا المناط في مالية شيء الرغب$$ة العقالئي$$ة فه$$ذا مم$$ا
يرغب به العقالء ويبذل بازائه االموال ،فيتحقق الركن .2
لكن لو قلنا بظهور المال المأخوذ في تعريف البيع في خصوص االعيان او ال اقل في التج$$اوز
عن االعيان الى المنافع ال غير و ادعينا ان الحق عند العرف ال يصدق عليه انه مال فال يتوفر
الركن ،2فال يقع هذا الصنف من الحقوق عوضا.
اذا هذا هو المنشأ في استشكال الماتن في هذا الصنف الثاني.
11
يرى الشيخ ان لفظة البيع بمدلولها اللغوي الذي اشار اليه الفيومي تستجيب للمعنى الم$$راد من
المعاملة البيعّية لدى الفقهاء والشارع فعلى هذا االساس ينتفي الحقيقية الشرعية و المتشرعية.
ولكن ه$$ذه الحقيقي$$ة اللغوي$$ة العرفي$$ة ال$$تي امض$$اها الش$$ارع اختل$$ف الفقه$$اء في مق$$ام حّ$د ها و
تعريفها و على هذا االساس البد ان نذكر جملة من هذه التعاريف لنرى أيها اقرب الى الواقع.
التعريف االول :ما ذكره شيخ الطائفة في المبس$وط و تبع$ه علي$ه جمل$ة ممن ت$أخر عن$ه ،ق$ال
البيع انتقال عين مملوكة من شخص الى غيره بعوض مقدر على وجه التراضي هذا التعريف
يشتمل على خصوصيات :
الخصوصية االولى :ان البيع من مقولة انتقال االعيان فخرج بهذه الخصوصية االج$$ارة و م$$ا
يشبهها من المعاوضات التي يترتب عليها انتقال المنافع.
الخصوصية الثانية :ان هذا االنتقال البد ان يكون بالتراضي ليخرج االنتقال القهري كاالنتقال
باالرث.
الخصوصية الثالثة :ان هذا االنتقال البد ان يكون بعوض مقدر.
فهذه خصوصيات 3للبيع عند شيخ الطائفة ،يعلق الماتن على هذه التعري$$ف ب$$ان في$$ه مس$$امحة
ويمكن شرح المسامحة باحد وجهين ال مانع من اجتماعهما :
الوج//ه االول :ان$ه ق$د اخ$ذ في تعري$ف ال$بيع لف$ظ االنتق$ال ذل$ك اللف$ظ ال$ذي ي$دل على الت$أثر
واالنفعال والحال ان البيع نقل وفعل وليس انفعاال ،نعم من آث$ار النق$ل حص$ول االنتق$ال فك$ون
هذا التعريف تعريفا باألثر والالزم و في التعاريف يجب ان نبتعد عما يشبه الكناية والمجاز.
الوجه الثاني :انه في التعريف سلط الض$$وء على الع$$وض حيث ق$$ال بع$$وض مق$$در و س$$وف
يأتي عن قريب تحقيق ان الثمن في البيع خارج عن حقيقة البيع وانه من توابعه بينما يظهر من
التعريف انه من اركان البيع.
التعريف الثاني :ما اختاره المحقق االول ،وتبعه عليه الشهيد االول ،وحاصله ان البيع عب$$ارة
عن االيجاب والقبول الدالين على االنتقال فالبيع عن$$د ه$$ذين العلمين من مقول$$ة اللف$$ظ ،ويش$$هد
بذلك انه وصف االيجاب والقبول بالداللة ،والذي يدل هو اللفظ ال المعنى بال فرق في ذل$$ك بين
ان يكون البيع من مقولة اللفظ المجرد عن المعنى ليشمل المعاملة الصورية او من مقولة اللف$$ظ
بقيد المعنى لكي ال يشمل المعاملة الصورية ،على كل حال بناءا على هذا التعريف يكون ال$$بيع
من مقولة االلفاظ و من هنا يتوجه على هذا التعريف بان البيع من مقولة المع$$نى ال اللف$$ظ ،الن
المعاملة البيعية تشأ بواس$طة االلف$$اظ فل$$و ك$$انت هي من االلف$$اظ فص$$بح اللف$$ظ واس$طة إليج$اد
اللفظ ،و هذا وضح البطالن.
12
التعريف الثالث :ما اختاره المحقق الثاني بعد ابطاله للتع$ريفين الس$ابقين فق$ال ب$ان ال$بيع نق//ل
العين بالصيغة المخصوصة ،فبقوله نقل العين سلم عما اورد على تعريف شيخ الطائف$$ة ،وس$$لم
ايضا عما اورد على الثاني اذ لم يجعل البيع من مقولة اللفظ ،واخرج مثل االجارة وما يش$$بهها
مم$$ا يتعل$$ق النق$$ل فيه$$ا بالمن$$افع ،وبقول$$ه بالص$$يغة المخصوص$$ة اخ$$رج مث$$ل الص$$لح والهب$$ة
المعوض$$ة ال$$ذين يق$$ان على االعي$$ان فانهم$$ا وان كان$$ا لنق$$ل االعي$$ان ولكنهم$$ا ليس$$ا بالص$$يغة
المخصوصة في البيع.
وان كانا الن$$ه قي$$د النق$ل ب$$العين على ال$$رغم من س$المة ه$$ذا التعري$$ف عم$$ا ارود على س$ابقيه
اعترض عليه المصنف بوجوه ثالثة.
6
الوجه األول :يظهر من غالب المحشين على المكاسب شرحه بالبيان الت$$الي وه$$و ان المحق$$ق
الكركي اخذ في تعريف البيع مفردة النقل و هذه المفردة ليست مساوية للبيع بل هي اعم من$$ه اذ
ان الصلح نقل والهبة المعوضة نقل وألجل ذلك نرى ان الفقهاء عدوا واعت$بروا لف$ظ النق$ل من
الفاظ الكنايات التي ال يقع بها البيع حيث يشترط بالبيع ان يقع بلف$$ظ ص$$ريح يختص ب$$ه فيك$$ون
اذا تعريف البيع بالنقل تعريفا باالعم هذا ما استظهره جمع من المحش$$ين من تعري$$ف الش$$يخ و
هذا الوجه بالبيان المذكور واضح البطالن فان كل تعري$$ف ي$$تركب من ج$$زئين اح$$دهما يك$$ون
جنسا او بمثابة الجنس واالخر يكون فصال او بمثابته والجنس وبما بمثابته في التعري$$ف يك$$ون
اعم وانما يتخصص ويتقيد بالفصل او الخاصة وعليه فلما كان لفظ النقل المأخوذ في التعري$$ف
بمثابة الجنس فمن الطبيعي ان يكون اعم من البيع وان يدخل فيه غير البيع كم$$ا تق$$ول االنس$$ان
حيوان ناطق فمن الطبيعي ان يدخل في الجنس وهو الحي$$وان غ$$ير االنس$$ان ،ومن هن$$ا اش$$تهر
بينهم ان الجنس في التعاريف لالدخال والفضل لالخراج ،وعليه فعن$دما ج$اء المحق$ق الك$ركي
بالجزء الثاني من التعريف اعني الصيغة المخصوصة خرج الصلح و الهبة المعوضة.
هذا ما اعترض به على الوجه االول للمصنف لكن اذا دققنا في كالمه نج$$د ان مقص$$وده ش$$يء
اخر غير ما حمل عليه كالمه تقريب ذلك :ان البيع يمكن بدوا ان ينشأ بنوعين من الصيغ :
النوع االول :الصيغ التي تكون دالة على حقيقة البيع صراحة من قبيل بعتك.
النوع الثاني :الصيغ الدالة عليه كناية ،والفقهاء عدوا في ضمن الن$$وع 2ص$$يغة نقلت وحينئ$$ذ
فلو اخذنا في تعريف البيع وبيان حقيقته و ماهيته عنوان النقل لما كان المبين للماهي$$ة والحقيق$$ة
من النوع الثاني بل يجب ان يكون من النوع االول ،فاذا مرجع اش$$كال المص$$نف على المحق$$ق
الكركي انه بناءا على تعريفك يلزم ان يك$$ون انعق$$اد ال$$بيع بلفظ$$ة نقلت اولى من انعق$$اده بلفظ$$ة
ملكت ،وجه االولوية انك اخذت في تعريف البيع وبيان كنه$$ه لفظ$$ة النق$$ل ،والح$$ال ان الفقه$$اء
اتفقوا على عدم وقوعه بصيغة نقلت.
13
الوجه الثاني :انه سيأتي في بحث المعاطاة ان المعاطاة عند الكركي بيع ،ف$$اذا ك$$انت المعاط$$اة
بيعا فيكون تعريفك غير جامع اذ ال صيغة في المعاطاة ،والفصل او ما في مثابته في التعري$$ف
هو الصيغة المخصوصة و الحال ان المعاطاة هي انشاء للنق$$ل بغ$$ير الص$$يغة ،ف$$التعريف ليس
جامعا لتمام افراده.
الوجه الثالث :ان حقيقة التعريف عند المحقق الك$ركي يرج$ع الى مفه$وم اخ$ذ في$ه ش$يء على
نحو الحيثية التقييدية فالبيع عنده نقل مقيد بالصيغة المخصوصة ومرجع القي$$د الى اللف$$ظ فكأن$$ه
قلنا البيع نقل بواسطة اللفظ فحينئذ النقل بواسطة اللفظ كيف ينشأ باللف$$ظ ؟ ،ف$$ان اللف$$ظ أي لف$$ظ
كان وضع للحكاي$ة عن المع$نى في االخب$ار و اليج$اد او انش$اء المع$نى في االنش$اء ف$اذا ك$ان
المعنى مقيدا باللفظ كيف يكون اللفظ موجدا له.
هنلك محاولة للدفاع عن المحقق الكركي في قبال الوج$$ه 3وحاص$$لها ان المحق$$ق الك$$ركي في
هذا التعريف ال يرمي الى جعل حقيقة البيع متقوم$$ة بعنص$$رين اح$$دهما وه$$و النق$$ل من مقول$$ة
المعنى واالخ$ر وه$$و الص$$يغة من مقول$$ة اللف$$ظ وانم$$ا يقص$$د من التعري$$ف ان ال$$بيع نق$$ل انش$أ
بواسطة الصيغة ولم يؤخذ في تعريف البيع عنصر اللفظ بل اخ$$ذ في التعري$$ف للت$$دليل على ان
هذا النقل يوجد بسبب الصيغة فالصيغة موجدة للنقل الذي هو حقيقة ال$$بيع ال ان الص$$يغة ج$$زء
من حقيقة البيع.
المصنف ال يرتضي هذه المحاولة وذلك الن الصيغة التي اخذت في عن$$وان التعري$$ف ال يخل$$و
اما ان يراد منها خصوص لفظة بعت واما ان يراد منه$$ا غيره$$ا كلفظ$$ة ملكت ف$$ان ك$$ان االول
فيرجع تعريفه الى قولنا البيع نقل مدلول عليه ببعت ،فحينئذ يسجل على التعريف اشكال ال$$دور
الن المعرف بالفتح وهو المعنى المصدري يتوقف على المشتق منه وهو لفظة بعت الخذها في
تعريفه ومن جهة اخرى فان المشتق يتوقف على مبدأ اشتقاقه وه$$و عن$$د الش$$يخ على م$$ا نس$$ب
اليه في مطارح االنظار المصدر.
فيتوقف المعرف على بعض اجزاء المع$$رف و يتوق$$ف ه$$ذا البعض على المع$$رف و ه$$ذا دور
صريح ،وان اريد من الصيغة االحتمال الثاني ليرجع التعريف الى قولنا البيع نقل مدلول علي$$ه
بمّلكت فحينئذ يؤدي هذا التعريف الى القول بعدم جواز انشاء البيع ببعت.
التعريف الرابع :وهو التعريف الذي يجعله الماتن ه$$و االولى واالص$$ل في ه$$ذا التعري$$ف ه$$و
السيد علي في المصابيح حيث عرف البيع بانه انشاء تمل$$ك عين بع$$وض على وج$$ه التراض$$ي
اال ان المصنف اختصره مع تغيير فقال البيع انشاء تمليك عين بمال ،فمن جه$$ة غ$$ير الع$$وض
الى المال ومن جهة حذف قوله على وجه التراضي.
14
اما الوجه في تبديل العوض بالمال فواضح مما تقدم ف$$ان الع$$وض يص$$دق على بعض الحق$$وق
وهو الصنف 3منها كحق التحجير ،بينما المال بنظر المصنف ال يصدق فيؤدي اخ$$ذ الع$$وض
الى مخالفة ما عليه اللغة والعرف.
اما الوجه في حذف على وجه التراضي فباعتبار احد سببين على سبيل منع الخلو :
اما الن الكالم في مطلق البيع بما فيه البيع الفاس$$د ،بن$$اءا على ان الف$$اظ المع$$امالت موض$$وعة
لالعم من الصحيح والفاسد.
واما لكون بيع المكره على تقدير االختصاص بالصحيح قد يقع ص$$حيحا كم$$ا ل$$و اك$$ره الح$$اكم
شخصا على البيع فان بيعه يكون صحيحا.
هذا التعريف يمتاز بخصائص :
األولى انه اخذ فيه االنش$$اء للت$$دليل على ان ال$$بيع ال$$ذي ه$$و تملي$$ك ال يرج$$ع الى مقول$$ة الج$$دة
الحقيقية كملكية الباري للسماوات واالرض بل الملكية الحاص$$لة في ال$$بيع اعتباري$$ة ناش$$ئة من
االنشاء.
الثانية ان المنشأ في البيع التمليك لكن ال مطلق التمليك بل تمليك االعيان وقصد بذلك المحافظة
على ما حققه انفا من كون المال االول في تعريف الفيومي يختص باالعيان.
الثالثة ان تمليك العين في قباله يوجد مال واتض$$ح في بي$$ان وج$$ه عدول$$ه عن تعري$$ف ص$$احب
المصابيح الوجه في اخذ هذه الكلمة في التعريف.
بنظر الماتن االشكاالت التي ابتال بها التع$$اريف الس$$ابقة ال ت$$رد علي$$ه ،ولكن$$ه يبتلي باش$$كاالت
اخرى ال بد من بيانها ودفعها.
لكن قبل بيان هذه االشكاالت البد من االجابة عن سؤال حاصله ان$$ه في ال$$درس الس$$ابق اخت$$ار
الماتن ان البيع ليس له حقيقة شرعية او متشرعية وانما هو ب$$اق على معن$$اه اللغ$$وي والع$$رفي
فمن هنا قد يسال انه اذا كان االمر كذلك فلماذا لم يبق على تعريف الفيومي.
7
تمتينا لتعريف المصنف ذكر مجموعة من االشكاالت و دفعه$$ا ليثبت حينئ$$ذ ان المقتض$$ي له$$ذا
التعريف موج$ود وان الم$انع وهي ه$ذه االش$كاالت مفق$ودة ولكن الب$د من العلم ان بعض ه$ذه
االشكاالت مشتركة الورود بين ه$$ذا التعري$$ف وبعض التع$$اريف الس$$ابقة والمص$$نف لم ي$$دعي
اختصاص هذه االشكاالت بتعريفه لكي يشكل عليه بعدم االختصاص وانم$$ا غاي$$ة م$$ا ذك$$ر ان$$ه
ليتم تبني هذا التعريف بقي اشكاالت البد من دفعها :
15
االشكال االول ان هذا التعريف يترتب عليه تال ذهب جملة من المحققين الى فساده وهو ج$$واز
انشاء البيع بلفظ التمليك ،بيان المالزمة :ان لفظ التمليك قد اخذه المصنف في بيان حقيقة ال$$بيع
فيكون مرادفا للبيع ماهية فاذا كان كذلك فينبغي ان يجوز ايجاب البيع باللفظ الم$$رادف لماهيت$$ه
والحال ان بعض الفقهاء جعل لفظ ملكت من قبيل الكنايات التي ال تنعقد بها المعامالت.
يجيب المصنف عن هذا االشكال بانن$ا نل$تزم بالت$الي وال نل$تزم بفس$اده حيث س$وف ي$أتي عن$د
الحديث عن الفاظ االيجاب والقبول ان البيع ينعق$$د بملكت وبالت$$الي ال م$$انع من التعري$$ف ب$$امر
يقتضي صحة االيجاب بملكت ونحن هنا لسنا بصدد بيان جامع للبيع على جميع المب$$اني وانم$$ا
بصدد بيان ما نعتقده في حقيقة البيع ونحن نعتقد ان البيع ينعق$$د بالتملي$$ك فاالش$$كال االول غ$$ير
وارد.
االشكال الثاني :ان هذا التعريف ال يكون منعكسا وجامعا لجميع ما يصدق عليه انه بي$$ع حيث
ال يشمل بيع ال$$دين على من ه$$و علي$$ه فمثال ل$$و ك$$ان لي في ذمت$$ك 10دن$$انير فطلبت من$$ك ان
اشتري الكتاب بما في ذمتك ،في هذه الصورة البائع ه$$و من علي$$ه ال$$دين ف$$اذا اردن$$ا ان نطب$$ق
التعريف وهو قولنا تمليك عين بمال فان التمليك في المقام ال يصدق الن االنسان ال يمل$$ك م$$اال
على نفسه فمن كانت ذمته مشتغلة بالدين هذا يعني ان عليه شيء فال معنى للقول ان$$ه يمل$$ك م$$ا
عليه اذ يلزم اتحاد المالك والمملك عليه وقد تقدم نظير هذا االشكال ،وعليه ال يكون جامعا لم$$ا
تقدم من اتفاقهم في دخول هذا المورد في البين.
يجيب الماتن عن هذا االشكال بجوابين :
االول :ما تقدم سابقا من انه فيما نحن فيه نلتزم بالملك االني واالسقاط الحدوثي تقريبه ان$$ه ل$$و
كان المقصود من هذا البيع اننا نريد ان نحدث ملكية للذم$$ة ونبقى على ذل$$ك لص$$ح ان يق$$ال ان
االنسان ال يملك ما على نفسه حتى يصح ان ينقله للغير ولكن لو التزمنا كما في بيع من ينعت$$ق
عليه بحصول الملك آنا ما و بعد حصول الملك في تلك اللحظة يترتب االسقاط وابراء الذم$$ة و
هذا ليس بغريب اذ له نظير يظهر في قضية التهاتر بمعنى التساقط من الطرفين فلو صادف ان
انشغلت ذمتي لك بعين ما انشغلت ذمتك لي مقدارا فالفقه$$اء افت$$وا بالته$$اتر فيك$$ون م$$ا في ذم$$ة
احدنا مقابل ما في ذمة االخر ،فهذا النوع من النق$ل م$ع ف$رض ان االنس$ان ال يمل$ك م$اال على
نفسه كاشف عن ان الملكية حصلت في آن ما واتبعها سقوط ما في ذمة كل واحد مّنا.
الجواب الثاني :ان ه$ذا االش$كال من ع$دم جامعي$ة التعري$ف ال يختص بأخ$ذ لف$ظ التملي$ك في
تعريف البيع فان حقيقة البيع مع قطع النظر عن االلفاظ التي نري$$د ان نص$$يغ به$$ا ه$$ذه الحقيق$$ة
يقتضي وجود مبادلة و تمليك فمادامت هذه الحقيقة داخلة في البيع فبأي لفظ عبرنا س$$وف تبقى
المشكلة فيؤدي ذلك الى ضرورة االلتزام بعدم كون بيع الدين على من ه$$و علي$$ه من مص$$اديق
البيع.
16
االشكال الثالث :ان هذا التعريف ليس مطردا وليس مانع$$ا عن دخ$$ول االغي$$ار ف$$ان بعض م$$ا
ليس ببيع يصدق عليه تمليك عين بمال وهو المعاطاة ،لما سوف يأتي في محله من ان االنش$$اء
على نوعين انشاء بتوسط اللفظ وانشاء بتوسط الفع$$ل ف$$اذا اس$$تغنينا في التعري$$ف عن االيج$$اب
والقبول الظاهرين باللفظ فمن الط$$بيعي ان ت$$دخل المعاط$$اة في التعري$$ف والح$$ال ان المش$$هور
ذهبوا الى عدم بيعّية المعاطاة.
يجيب المصنف عن هذا االشكال بجوابين:
االول :ان المعاطاة كما سوف يأتي على مبنانا هي بيع.
ثانيا :ال نسلم ما ذكر من ان المشهور حكموا بعدم بيعيتها وسوف يأتي قريبا ونوضح االلتباس
الحاصل في فهم عباراتهم ،فالمشهور يقصدون مما ظاهره نفي البيعية في الواقع نفي الص$$حة،
فمعنى انه ليس ببيع أي ليس ببيع صحيح ال انه من مقول$ة اخ$رى غ$ير ال$بيع وعلي$ه ف$اذا ك$ان
التعريف شامال للبيع فهو المطلوب الن المعاطاة بيع ،وقد ذكرت انفا ان المص$$نف ليس بص$$دد
تعريف البيع الصحيح ولذا استغنى عن ايراد قيد التراضي.
االشكال الرابع :يرتبط ايضا بع$$دم مانعي$$ة التعري$$ف حيث يص$$دق على الش$$راء والش$$راء مم$$ا
يقابل البيع والشيء ال يصدق على مقابله ،الن المشتري ال$$ذي ي$$دفع ال$$دراهم مثال بقبول$$ه لل$$بيع
يملك دراهمه بعوض وهو الدار مثال فالتمليك بعوض شيء يصدق على كل من البيع والش$$راء
فال يكون التعريف مانعا لالغيار.
يجيب المص$$نف عن ه$$ذا االش$$كال بع$$د تق$$ديم مقدم$$ة حاص$$لها ان التع$$اريف في مق$$ام ص$$دقها
وانطباقها لها مدلوالن :
االول المدلول االستقاللي.
الثاني المدلول الضمني فلو قيل مثال االنسان حيوان ناطق فالم$$دلول االس$$تقاللي للتعري$$ف ه$$و
حقيقة الجنس والفصل المأخوذان فيه ومدلوله التضمني مثال انه ماشي والتع$$اريف نظره$$ا الى
االستقاللي وفيما نحن فيه لما قلنا بان البيع انشاء تمليك عين بمال فهذا التعري$$ف ينص$$رف الى
مدلوله االستقاللي باعتبار ان الرغبة العقالئي$$ة في االعم االغلب تتعل$$ق باالعي$$ان ف$يراد حينئ$$ذ
اقتناؤها ونقلها ،فيدفعها البائع لتعلق رغبة المش$$تري به$$ا فيك$$ون التعري$$ف اس$$تقالال ن$$اظر الى
تمليك البائع.
نعم هذا التمليك لما كان بمال وعوض فيقابله تمليك من قب$$ل المش$$تري و ه$$ذا التملي$$ك من قب$$ل
المشتري تبعي و ضمني فال يكون مقصودا في البيع لما عرفت من ان التعري$$ف يك$$ون ن$$اظرا
الى المدلول االستقاللي ال المدلول التبعي والضمني.
17
من جوابنا على هذا االشكال ،يظهر جواب عن نظير هذا االشكال في االجارة فانه في االجارة
املكك المنفعة بالدرهم مثال و الدرهم فضة وهي من االعيان فيص$$دق على داف$$ع ال$$درهم وه$$و
المستأجر انه ملكني العين بمال ،لما تقدم من صحة وق$$وع المنفع$$ة عوض$$ا ،فاالج$$ارة من قب$$ل
المستأجر تكون بيعا لصدق تملك العين بمال.
والجواب نفسه فان المستقل في االجارة هو تمليك المنفعة بالدرهم و هذا يستتبع تملي$$ك ال$$درهم
بالمنفعة ،والتعاريف تكون ناظرة الى المدلول االستقاللي ال الضمني والتبعي.
االشكال الخامس :ان طرد التعريف ينتقض بنوعين من المعامالت األول :المص$$الحة القائم$$ة
على عين بم$$ال ،الثاني$$ة الهب$$ة المعوض$$ة ،ففي الص$$لح على االعي$$ان في الواق$$ع نج$$د ان اح$$د
المتصالحين يملك العين بمال ،فيصدق عليه تعريف البيع.
8
اما الجواب عن االشكال فان المصنف قسم البحث في االجابة الى مقامين االول يرتبط بالصلح
وحاصل ما افاده ان انتقاض تعريف من التعاريف بمورد من الموارد انما يكون بلحاظ المدلول
المطابقي لذلك المورد ال بلحاظ المدلول االلتزامي والسر في ذل$$ك ان التعري$$ف المنتقض علي$$ه
ن$اظر الى الم$دلول المط$ابقي للمع$رف ال الى مدلول$ه االل$تزامي ض$رورة ان م$ا يمث$ل ماهي$ة
الش$$يء وحقيقت$$ه ه$$و الم$$دلول المط$$ابقي وفيم$$ا نحن في$$ه الص$$لح يلتقي م$$ع ال$$بيع في الم$$دلول
االلتزامي للصلح ال في مدلوله المطابقي وذلك الن حقيقة الصلح وما به قوامه مع قط$$ع النظ$$ر
عن المتصالح عليه هو التسالم بينما حقيقة البيع هي انشاء تملي$$ك عين بم$$ال والتس$$الم ق$$د يلتقي
في بعض م$$وارد المتس$$الم علي$$ه م$$ع ال$$بيع نتيج$$ة ولكن ه$$ذا االنتق$$اض ال يص$$لح نقض$$ا على
التعاريف الناظرة الى ماهي الشيء وحقيقته و عليه وعلي$$ه ف$$البيع والص$$لح حقيقت$$ان متباينت$$ان
فالبيع تمليك والصلح تسالم ،ومجرد صدق التسالم في بعض االحي$ان على تملي$ك عين بم$ال ال
ينتقض به على التعريف ويشهد لكون الصلح مع البيع من مقولتين مختلفتين امور :
االول :االختالف في التعدية ،ف$$البيع وم$$ا يرادف$$ه من التملي$$ك يتع$$دى بنفس$$ه فيق$$ال بعت$$ك دارا
وملكتك اخرى ،بينم$$ا في الص$$لح وم$$ا يرادف$ه يتع$$دى بواس$طة ح$رف الج$ر ،فيق$$ال ص$$الحتك
وتسالمت معك على واالختالف في التعدية كاشف عن االختالف في الحقيقة والماهية .ففي هذا
الشاهد يوجد صغرى وكبرى اما الصغرى فهي االختالف في التعدي$ة ،وهي وجداني$ة لك$ل من
تتبع موارد استعمال الكلمتين.
اما الكبرى وهي التي تحتاج الى بيان وهي ان االختالف في التعدي$$ة كاش$$ف عن االختالف في
الحقيقة ،فيشهد لها ما ذكره علماء البالغة في التضمين تقريبه ان كثيرا ما تتضمن كلمة مع$$نى
كلمة اخرى ومن فوائد التضمين ان تاخذ حكمها ،فمثال التفتزاني في اول المختصر ق$$ال رتبت$$ه
على مقدمة و 3فصول..الخ ،تعدت بعلى لتضمينها معنى االشتمال ،فلو كان الص$لح وال$بيع من
18
مقولة واحدة ومن معنى واحد لك$ان اخ$ذهما للحكم الث$ابت الح$دهما اولى من التض$مين ووج$ه
االولية انه في التضمين نضمن كلمة ال ترادف كلمة اخرى معناها ،اما على تق$$دير االتح$$اد في
الحقيقة فبينهما ترادف.
الثاني :ان الصلح يختلف باختالف المصالح عليه فقد يكون بلحاظ المصالح عليه يؤدي وظيفة
البيع كما لو كان المصالح عليه عينا ،وقد ي$ؤدي وظيف$ة االج$ارة كم$ا ل$و ك$ان المص$الح علي$ه
منفعة..الخ ،فاذا اختلفت وظيفة الصلح باختالف المصالح عليه فنحن بين احتماالت : 3
االول :ان نقول باالشتراك المعنوي بين ه$$ذه االم$$ور الخمس$$ة ،ب$$ان يك$$ون الص$$لح موض$$وعا
لمعنى عام يشمل االمور الخمسة.
الثاني :ان نلتزم باالشتراك اللفظي بان يكون الصلح موضوعا لمعان خمسة.
الثالث :ان نلتزم انه حقيقة في بعضها ومجاز في االخر.
و المتعين هو االول لبطالن االخيرين.
اما بطالن االش$$تراك اللفظي فلوض$$وح ان الص$$لح اذا ج$$رد عن أي مص$$الح علي$$ه يتب$$ادر من$$ه
معنى واحد ،ومن جهة اخرى لو ان جماعة اجرى كل واح$$د منهم$$ا ص$$لحا يختل$$ف عن ص$$لح
االخر بالمتعلق بال اشكال يصح ان يقال صالحوا فلو ك$$ان الص$$لح من مقول$$ة المش$$ترك اللفظي
للزم استعمال اللفظ الواحد في اكثر من معنى وهو ممنوع عند المحققين.
اما بطالن مجازية البعض فضال عن جميعه$ا فلوض$وح ع$دم االحس$اس بالعناي$ة في اس$تعمال
لفظة الصلح مع تفاوت المصالح عليه.
االمر الثالث :ان االختالف في الل$$وازم اي$$ة االختالف في الحقيق$$ة فمثال ل$$و ان رجلين تنازع$$ا
على دار فأرادا ان يحال التنازع فان قال احدهما لالخر صالحتك عليه بمائة لما عد قوله اقرارا
واعترافا بملكية الغير للدار ،بينما لو قال بعني اياه بمائ$$ة لك$$ان قول$$ه ه$$ذا اعتراف$$ا من$$ه بملكي$$ة
االخر للدار.
المقام الثاني :في الهبة المعوضة قال الشيخ والم$$راد به$$ا هن$$ا ه$$ذه الجمل$$ة ت$$دل على ان الهب$$ة
المعوضة تطلق على معان :
فقد تطلق الهبة المعوضة ويراد منها الصدقة ،والوجه في ذلك ،ان المتصدق يطلب عوضا عن
صدقته هو الثواب،و هذا المعنى غير مقصود هنا.
الثاني تطلق الهبة المعوضة و يراد بها رد االحسان كما هو ش$$ائع بين الن$$اس في االه$$داء عن$$د
الوالدة.
19
الثالث ان يكون على نحو االشتراط كان اقول اهبك هذه السيارة بشرط ان تهبني تل$$ك االرض
و هذا هو المقصود من الهبة المعوضة في المقام ،اذ هي التي تشابه البيع لتضمنها انشاء تمليك
عين بمال.
يجيب الماتن ان الهبة المعوضة بهذا المعنى ايضا ليس فيه$$ا حيثي$$ة انش$$اء تملي$$ك عين بع$$وض
وان كنا بدوا قد نتوهم ذلك اال انه بعد التأمل وبعد االلتفات الى بعض الل$$وازم يتض$$ح المغ$$ايرة
ففي البيع عندما اقول بعتك ال$دار ب 100انش$يء المعاوض$ة بين الم$الين في$ترتب على انش$اء
المعاوضة بين المالين النقل واالنتقال وان كان المقصود االصلي واالنتقال قهري وتبعي.
اما في الهبة المعوضة نرى ان الفقهاء نصوا على ان الموهوب له اذا تملك الهبة فال يعني ذلك
ان االخر تملك العوض فلو انه لم يدفع االخر الع$$وض لك$$ان ال$$واهب مخ$$يرا في ارج$$اع الهب$$ة
بخالف البيع ،هذا االختالف في الالزم كاشف عن االختالف في الحقيقة.
9
في مقام الجواب عن اشكال الهبة المعوض$$ة يش$$ير المص$$نف الى بي$$ان حقيق$$ة الهب$$ة المعوض$$ة
وحاصل ما افاده في المقام ان التع$$ويض في الهب$$ة المعوض$$ة الموج$$ود في اس$$مها يختل$$ف عن
البيع الذي هو من المعامالت المعاوضية و ذلك الن التعويض في البيع بين ط$$رفي المعاوض$$ة
أي بين الثمن والمثمن بينما التعويض في الهبة المعوضة انما هو بين المع$$املتين وبين الهب$$تين
ال ان العوض المشترط في الهبة المعوضة جع$$ل في مقاب$$ل الموه$$وب وعلى ه$$ذا االس$$اس فال
تتضمن الهبة المعوضة انشاء تمليك بعوض
وعندنا ش$اهد على ذل$ك وه$و االختالف في االث$ر بين ال$بيع وبين الهب$ة المعوض$ة ،ففي الهب$ة
المعوضة ال يتملك الواهب العوض بمجرد تمليكه للهدية فمثال لو وهبتك كتابا بشرط ان تهب$$ني
درهما واعطيتك الكتاب فتبقى هذه الهبة والهدية غير الزمة فلو لم تعطيني الدينار يجوز لي ان
ارجع في هبتي فالموهوب نفسه لم يخرج عن التمليك المجاني غاية االمر اش$ترط في الهب$$ة ان
تقابل بهبة اخرى ال ان الدينار جع$ل عوض$ا عن الكت$اب ف$اذا بين الهب$ة وال$بيع يوج$د اختالف
ماهوي فانه في البيع يوجد مقابلة وتعويض بين المالين واالمر ليس كذلك في الهب$$ة وعلى ه$$ذا
االساس ايضا اذا نظرن$$ا الى الع$$وض في الهب$$ة المعوض$$ة لوج$دنا انه$$ا معامل$$ة مس$تقلة جعلت
شرطا للمعاملة االولى فتكون نظير مقابلة االحسان باالحسان غاية االم$$ر ب$$دون ش$$رط فل$$و ان
شخصا وهب$$ني ش$$يئا فجازيت$$ه ب$$ان وهبت$$ه ش$$يئا اخ$$ر فال يعت$$بر الموه$$وب الث$$اني عوض$$ا عن
الموهوب االول وك$$ذلك الح$$ال في ص$$ورة االش$$تراط لم$$ا ع$$رفت من ان المعاوض$$ة في الهب$$ة
المعوضة ليست بين المالين بل بين الهبتين.
هذا تمام ما ذكره المصنف في الجواب عن االيراد الخامس.
20
خالصة المطلب :ان حقيقة تملي$$ك العين ب$$العوض تنحص$$ر ب$$البيع وفي ه$$ذا الكالم اش$ارة الى
مخالفة الماتن لكل من صاحب الجواهر و كاشف الغطاء ،تقريب ذلك ان الشيخ الكب$$ير و تبع$$ه
ص$$احب الج$$واهر ذهب$$ا الى ان الش$$خص ل$$و انش$$أ تمليك$$ا لعين بع$$وض فه$$ذا االنش$$اء ان علم
المقصود منه فيعمل بالمقصود تبعا لقاعدة تبعية العقود للقصود وان ش$$ك في المقص$$ود فبنظ$$ر
هذين العلمين يوجد اصل يمكن بوسطته ان نرفع الش$$ك و ه$$ذا االص$$ل عب$$ارة عن غلب$$ة ك$$ون
انشاء تمليك عين بعوض من مقولة البيع فعندما يقال االصل في تمليك م$$ال بع$$وض ه$$و ال$$بيع
يقصد من ذلك االصل الغلبة و هذه الغلبة الظنية مم$$ا يس$$تند اليه$$ا في ب$$اب المع$$امالت لمعرف$$ة
مقاصد التعاملين.
المصنف ال يرتضي هذا الكالم الن تفس$ير االص$ل بالغلب$ة يس$تبطن اعتراف$ا ب$ان تملي$ك العين
بعوض مما يصدق على ال$$بيع وغ$$يره وان ت$$رجيح ال$$بيع على غ$$يره يك$$ون بالغلب$$ة ،ففي مق$$ام
الثبوت التمليك بعوض له قابلية االنطباق على كثيرين لكن في مقام االثبات يتعين ال$بيع بالغلب$ة
فلو قال شخص الخر ملكتك هذا الكتاب بدرهم وش$$ككنا في ان قص$$ده ال$$بيع لي$$ترتب على ذل$$ك
خي$$ار المجلس ام ان قص$$ده الص$$لح لكي ال ي$$ترتب على ذل$$ك خي$$ار المجلس فبمقتض$$ى غلب$$ة
استعمال التمليك في البيع نعين البيع ويثبت خيار المجلس.
هذا الكالم من هذين العلمين يع$$ني ان التملي$$ك بع$$وض ينطب$$ق على الص$$لح واش$$كالنا هن$$ا ف$$ان
التمليك بعوض على ما ذكرناه في دفع االشكاالت المتقدمة مما يختص بالبيع ففي مق$$ام الثب$$وت
ال يوجد سعة شمولية لتمليك العين بعوض لكي نحتاج في مقام االثبات الى اصالة الغلبة بل هو
مختص بالبيع فالمعين هو ضيق فم الركية من االبتداء ،ال عروض التضييق عليها.
فعلى هذا االساس لو ان شخصا صرح بقصد الصلح وقال ملكتك بعوض ال ينعقد ال صلحا وال
بيعا اما عدم انعقاده بيعا فلعدم القصد واما عدم انعقاده صلحا فلفرض انه من االلفاظ المختص$$ة
بالبيع فيكون بلحاظ الصلح من الكنايات ويشترط في العقود ال$$تي تحت$$اج الى ص$$يغة الص$$راحة
وال تنعقد بالكناية.
ثم بعد ذلك يحاول الشيخ ان يذكر توجيها لما اف$اده كاش$ف الغط$$اء حاص$$له :ان االش$$كال على
كاشف الغطاء انما يرد فيما لو حملنا االصل في كالمه على معنى الغلبة ،اما لو حملن$$ا االص$$ل
على معنى اصالة الحقيقة وقلنا بان الصلح ينعقد بالمجازات والكنايات في ه$ذه الص$ورة يص$ح
كالمه.
اذا الب$$د من حم$$ل االص$$ل على اص$$الة الحقيق$$ة والث$$اني ان يك$$ون مبن$$اه الفقهي ج$$واز العق$$ود
بالمجازات في هذه الصورة لو ان شخصا قال ملكتك الكتاب بدرهم و ش$$ككنا ه$$ل يقص$$د ال$$بيع
ليثبت خيار المجلس ام يقص$د الص$لح لكي ال يثبت فيص$ح ان يق$ال االص$$ل في التملي$ك ال$بيع،
بمعنى االستعمال الحقيقي.
21
و لكن هذا التوجيه لكالم كاشف الغطاء ال يتناسب مع ظاهر كالمه و سوف يأتي مزيد توضيح
لذلك في بعض مسائل المعاطاة.
االشكال السابع وهو يرتبط بعدم مانعية التعريف لالغيار حيث يدخل في قولنا تمليك عين بمال
القرض حيث ان المقرض في عملية االقراض يملكك مائة دينار على ان ترجع له عوضا عنها
مائة اخرى مماثلة لها فالمائة الثانية ليست هي عين االولى واال لتحول القرض الى عارية.
والحاص$$ل ان في الق$$رض انش$$اء تملي$$ك عين بع$$وض فالب$$د من اص$$الح التعري$$ف الخ$$راج
القرض.
يجيب المصنف رحمة هللا علي$$ه عن ه$$ذا االش$$كال ب$$ان الق$$رض ال يتق$$وم مفهوم$$ه بالمعاوض$$ة
والمبادلة وانما المقرض يملك ال انه يملك على سبيل المعاوض$$ة والمبادل$$ة ويش$هد ل$$ذلك ام$$ور
:4
االول :انه في انش$$اء ال$$بيع الب$$د من ذك$$ر الع$$وض والمع$$وض بينم$$ا في انش$$اء الق$$رض يق$$ال
اقرضتك المبلغ الفالني وال ذكر فيه للعوض ،فهذا يكشف عن عدم المعاوضة في الدين بل ه$$و
تمليك لشيء على وجه ضمانه اما بالمثل في المثليات او بالقيمة في القيميات.
الثاني :ان الفقهاء قسموا الربا باعتبار مورده الى قسمين ربا المعاوضة وربا القرض وفي ربا
المعاوضة اش$$ترطوا ش$$روطا لم يعتبروه$$ا في القس$$م الث$$اني من قبي$$ل ان يك$$ون من المكي$$ل او
الموزون وما شابه ذلك ،ولكن في القرض مطلقا حتى لو كان من المعدود وغ$يره فه$ذا يج$ري
فيه في صورة المفاضلة الهبة.
الثالث :انه في البيع ان كان غرريا يبطل لقوله نهى النبي صلى هللا عليه وال$$ه عن بي$$ع الغ$$رر
بينما الغرر في القرض الناشيء عن الجهالة ال يستوجب بطالن القرض.
الرابع :انه في البيع ليس فقط يشترط ذك$$ر الع$$وض ب$$ل يش$$ترط العلم ب$$ه بينم$$ا في الق$$رض ال
يشترط العلم به فضال عن ذكره ،فاالختالف في االثار كاشف عن االختالف في الماهية.
10
ذكر صاحب المقابيس ان البيع يستعمل في معان اخرى ،و قبل بيان هذه المعاني اكد المص$$نف
على ما استنتجناه سابقا من كالمه حيث ذكر ان البيع الذي كنا بصدد تعريفه ليس ال$$بيع بمع$$نى
اسم المصدر وهو الذي يعبر عنه بالمعنى االسمي لل$$بيع وانم$$ا ال$$بيع المبح$$وث عن$$ه ه$$و ال$$بيع
بمعناه المصدري لذا اخذ في تعريفه ما يدل على استناد ح$$دث الى فاع$$ل م$$ا ،حيث قلن$$ا انش$$اء
تمليك واالنشاء للتمليك معنى حدثي يصدر عن فاعل ما فالبيع المتق$$دم تعريف$$ه ه$$و ال$$بيع ال$$ذي
22
يعتبر المبدأ لصيغة بعت وبما ان القائل للص$يغة بص$دد اح$داث معامل$ة وانش$ائها ع$رف ال$بيع
باالنشاء ،بعد وضوح هذا المطلب يرجع الى المعاني الـ 3التي ذكرها صاحب مق$$ابس االن$$وار
المعنى االول ان البيع يطل$ق على االيج$اب المتعقب ب$القبول توض$يح ذل$ك :ان االيج$اب على
نحوين االول االيجاب الذي ال يلحقه القبول من المشتري و ه$$ذا الن$$وع من االيج$$اب ال ي$$ورث
تمليكا وال نقال وانتقاال فال يقال حينئ$$ذ للم$$وجب ان$$ه ب$$اع داره و ه$$ذا المع$$نى الم$$ذكور ه$$و في
الواقع المقصود من تعريف البيع االصطالحي ويمكن ان يستشهد لذلك بش$اهدين االول التب$ادر
فان المتبادر من قولهم فالن باع داره ليس هو صرف االيجاب بل هو المتعقب بالقبول.
الشاهد : 2صحة السلب عن االيجاب المج$$رد عن القب$$ول فيق$$ال لمن اوجب مج$$ردا عن قب$$ول
المشتري انه لم يبع داره والتبادر و صحة السلب ايتان من ايات الحقيقة والمجاز.
المعنى الثاني ان البيع يطلق على االثر الحاصل من االيجاب والقبول ،على هذا االطالق يكون
لفظ البيع من االلفاظ المستعملة في المسببات ال المستعملة في االسباب و هذا االثر الذي يطل$$ق
عليه البيع عب$$ارة عن االنتق$$ال ف$$البيع انتق$$ال العين بع$$وض والف$$رق بين ه$$ذا المع$$نى والمع$$نى
السابق ان البيع في السابق اطلق على السبب أي على االلة وهو االيجاب المتعقب بالقبول بينما
على المعنى الثاني اطلق البيع على المسبب والنتيجة واالثر و هذا المعنى ه$و ال$ذي يظه$ر من
الشيخ الطوسي في المبسوط وتبعه عليه جمع ممن تأخر عنه.
المعنى الثالث :ان البيع يطلق على العقد والمقصود من العق$$د مجم$$وع االيج$اب والقب$$ول ومن
هنا نحتاج الى التفريق بين المعنى االول والث$$الث ،اذا ك$$ان ال$$بيع عب$$ارة عن العق$$د والعق$$د ه$$و
االيجاب والقبول فالبيع ه$$و االيج$$اب والقب$$ول فبم$$اذا يف$$ترق ه$$ذا المع$$نى عن قولن$$ا ال$$بيع ه$$و
االيجاب المتعقب بالقبول.
الفرق بينهم$$ا :ان$$ه على المع$$نى االول يك$$ون المنظ$$ور االص$$لي ال$$ذي يتق$$وم ب$$ه ال$$بيع يرتب$$ط
بخصوص فعل الموجب اما فعل القابل فاخذ في التعريف على اساس انه شرط فحقيقة البيع في
المعنى االول هو االيجاب لكن ليس االيجاب المجرد بينما على المع$$نى االخ$$ير يك$$ون ك$$ل من
فعل الموجب و القابل على حد سواء مقوما للبيع ،هذا المعنى الثالث حملت عليه الفاظ العناوين
التي تؤخذ في صدر الكتب كما يقال كتاب البيع فيقصد من البيع كتاب عقد البيع و ه$$ذا المع$$نى
ال يختص بالعناوين التي تدل على التفاعل من قبيل المساقاة والمزارع$$ة والمض$$اربة ف$$ان ه$$ذه
العناوين الدالة على المفاعلة قد يقال ال مانع من اطالقه$$ا على مجم$$وع فع$$ل الم$$وجب والقاب$$ل
الن الف المفاعلة في تل$$ك العن$$اوين تقتض$$ي لح$اظ الط$$رفين على ح$د س$واء ،ام$$ا في عن$$اوين
المعامالت التي ال تقتضي المفاعلة والتي هي على نحوين االول ما يطلق على المعنى الح$$دثي
كالبيع واالخر ما يكون في اصل اللغة اسما للعين كما يقال العارية ،فان العارية اس$$م في اص$$ل
اللغة ال انها تدل على المعنى الحدثي و هكذا الحال في مثل االجارة فانه$$ا في االص$$ل هي اس$$م
لالجرة فاذا كان اللفظ الذي ال يدل على المفاعلة وفي اصل وضعه وضع للعين صح ان يطل$$ق
23
على العقد المركب من االيجاب و القبول فمن باب اولى ان يصح في ال$$بيع الن لف$$ظ ال$$بيع وان
كان مجردا عن الف المفاعلة لكنه في اصل وضعه ي$$دل على المفاعل$$ة ،كم$$ا تق$$دم في تعري$$ف
الفيومي ،فانه قال مبادلة.
ان قلت :ان ه$$ذه المع$$اني الثالث$$ة ال$$تي ذكره$$ا المص$$نف نقال عن ص$$احب المق$$ابيس لم$$اذا لم
يذكرها في ضمن تعاريف البيع ،وانما ذكرها في ضمن المعاني التي قد يستعمل فيها البيع.
قلت :ان التعريف المختار للمصنف يقبله ص$$احب المق$$ابس في الجمل$$ة وي$$رى ان$$ه ه$$و حقيق$$ة
البيع لكنه اراد ان يبين ان البيع في كلمات الفقهاء قد يطلق و ي$$راد من$$ه مع$$ان اخ$$رى فباعتق$$اد
صاحب المقابس هذه المعاني الثالثة ليست في قبال تعريف حقيقة البيع بانشاء تمليك عين بمال
وانم$$ا هي مع$$ان ق$د يس$تعمل فيه$$ا ال$$بيع ،فال يص$$ح ان تك$$ون في ض$$من تع$$اريف ال$$بيع النه$$ا
تعاريف للبيع الذي كنا سابقا نبحث عن حقيقته.
يبدأ المصنف في مناقشة ما ذكره صاحب المقابس ،اما بالنسبة الستعمال البيع بمعنى االيج$$اب
المتعقب للقب$$ول ففي$$ه ان$$ه يص$$ح ان ن$$ذكر للف$$ظ عرفن$$اه مع$$نى اخ$$ر اس$$تعمل في$$ه اذا ك$$ان بين
التعريف المتق$دم والمع$نى االخ$ر اختالف ،ام$ا اذا لم يكن ك$ذلك فال يص$ح ادراج$ه في ض$من
المعاني التي قد يستعمل فيها البيع وفيما نحن فيه هذا المعنى الذي ادعي استعمال البيع في$$ه من
افراد ذلك المعنى وليس مخالفا له ،غاية االمر ان االنشاء الذي هو فعل الناقل وفعل الموجب ال
يؤثر االثر اال بتعقب القبول فهذا ليس معنى في قبال المعنى المتق$$دم ،ب$$ل ه$$و ف$$رد من المع$$نى
المتقدم انصرف اليه البيع بقرينة كم$$ا يق$$ال حقيق$$ة االنس$$ان الحي$$وان الن$$اطق وق$$د يس$$تعمل في
المؤمن و ال يكون استعمال االنسان في المؤمن استعماال مغايرا لحقيقة االنس$$ان ب$$ل لقرين$$ة م$$ا
انصرفت تلك الحقيقة الى هذه الحصة وما نحن فيه من هذا القبيل فعندما يقول شخص و يخ$$بر
بانه باع داره فهو في الواقع قد انش$$أ تمليك$$ا ولكن ه$$ذا االنش$$اء ليك$$ون ذا ثم$$رة الب$$د ان يتعقب
القبول فاذا كان المخبر بصدد االخبار عن البيع المثمر يكون هذا الص$$دد قرين$$ة على اس$$تعمال
البيع في الحصة و في الفرد ،وال مخالفة بين الحصة والطبيع$$ة ،فليس لص$$احب المق$$ابيس بع$$د
تعريفه للبيع بما تق$دم ان ي$دعي اس$تعماله في مع$ان اخ$ر اذ ال يص$دق على الحص$ة المس$تفادة
بتوسيط القرينة انها معنى اخر.
والشاهد على ذلك ان االلفاظ المرادفة للبيع من قبيل التمليك والنقل واالبدال لكي تك$$ون مثم$$رة
البد ان تتعقب بالقبول وال يدعي احد ان حقيقة النق$$ل تتق$$وم بش$$رطية القب$$ول فك$$ذلك الح$$ال في
البيع ،نعم يكون هذا المعنى مغايرا لحقيق$$ة ال$$بيع اذا قص$$د المس$$تعمل ان ال$$بيع يتق$$وم بش$$رطية
القبول.
11
24
اذا عرفنا البيع بانه اشاء تمليك عين بمال يكون النظر الى البيع الذي هو فعل الناقل ،بناءا على
ما تقدم من ان فعل المشتري خارج عن حقيقة البيع فالبيع الذي هو فعل الناقل هو مجرد انش$$اء
التمليك بعوض ،اما لو نظرنا الى البيع بما هو امر في الخارج يترتب عليه الثمرة فالب$$د حينئ$$ذ
ان نلحظ االيجاب مع تعقب القبول له الن الثمرة ال تترتب على صرف االيجاب و هذا ال يعني
انه يصح ان نسلب البيع عن فعل الناقل الن صحة السلب انما تكون اي$$ة على التج$$وز فيم$$ا ل$$و
سلبنا اللفظ بما له من معنى بحيثيته التي يراد اطالقها عليه فنعم يصح ان نس$$لب لف$$ظ ال$$بيع من
حيثية ترتب االثر والثمرة على مجرد فعل الناقل ولكنه ال يصح ان نسلب لفظ البيع بما هو فعل
الناقل عن مجرد انشائه للتمليك فما ه$$و المع$$نى الحقيقي ليس ه$$و ال$$ذي س$$لب عن مج$$رد فع$$ل
الناقل ،وانما الذي سلب عنه معنى اخر من حيثية اخرى ،و هذا نظير ما لو س$$لبنا االنس$$ان عن
زيد اذا الحظنا في االنسان حيثي$$ة العدال$$ة مثال فمج$رد ص$$حة الس$لب ال يكش$ف عن المجازي$$ة
ومن هنا يتضح بطالن ما استدل به إلثبات ه$$ذا المع$$نى االول وهك$$ذا ل$$و اردن$$ا ان نجع$$ل ه$$ذا
المعنى االول هو حقيقة البيع فانه يرد عليه حينئذ ان حقيقية البيع هي الفعل ال الفع$$ل واالنفع$$ال
وان كان في الخارج يتحقق االنفعال لكن هذا الشيء وكون حقيقة البيع الفعل المتعقب باالنفعال
شيء اخر و هذا نظير ما لو امر المولى بشيء فان االيجاب يتحقق بمجرد ام$$ر الم$$ولى وان لم
يوجب العبد الفعل خارجا ،هذا تمام الكالم في مناقشة المعنى االول.
المعنى الث$$اني ان ال$$بيع يس$$تعمل في االث$$ر الحاص$$ل من االيج$$اب والقب$$ول واالث$$ر عب$$ارة عن
االنتقال ،يعترض عليه الماتن بان ذكر معنى للفظ يتوقف على ش$$اهد ل$$ه في اللغ$$ة او الع$$رف،
ونحن اذا تتبعنا كلمات ائمة اللغة فهي ال تخرج عن دائرة ما ذكره الفيومي ،والفي$$ومي لم يأخ$$ذ
في تعريفه االنتق$ال كم$ا ان الع$رف ال يس$تعمل ال$بيع بمعن$اه المص$دري في االنتق$ال نعم ذك$ر
الش$$يخ في المبس$$وط ان ال$$بيع عب$$ارة عن االنتق$$ال ،ويمكن ان نوج$$ه كالم$$ه بطريق$$ة مقبول$$ة،
حاصلها ان للبيع حيثيتين :
االولى :حيثية الفاعلية.
الثانية :حيثية المفعولية ،فالبيع بحيثيته االولى هو انشاء تملي$$ك الن االنش$$اء يص$$در من فاع$$ل
ما ،وبحيثيته الثانية هو انتقال فيكون مراد الشيخ الطوسي من تعريف البيع تعريف البيع بلحاظ
الحيثية الثانية ،هذا التوجيه وصفه الماتن بوصفين ،االول التكلف والثاني الحس$$ن ،والوج$$ه في
االول ان البيع لغ$ة مص$در والمص$در عن$د االس$تعمال يأخ$ذ حيثي$ة الفاع$ل ال حيثي$ة المفع$ول
والمبني للمفعول ،فحمله على المبني للمفعول فيه شيء من التكلف.
اما وصفه بالحسن وذلك باعتبار الى انه ارج$$ع ال$$نزاع الى ن$$زاع لفظي بحيث ال يك$$ون الش$$يخ
مخالفا للمشهور.
25
اما المعنى 3للبيع وهو ان البيع يستعمل بمعنى العقد ،يعترض الشيخ االنصاري على ذكر هذا
المعنى مستش$$هدا بكالم للش$$هيد 2في المس$$الك حيث ص$$رح هن$$اك ان اطالق ال$$بيع على العق$$د
اطالق مجازي والمقصود بالمجاز في المقام ما يصطلح علي$$ه في البي$$ان بالمج$$از المرس$$ل أي
استعمال اللفظ في غير ما وضع له لعالق$ة هي غ$ير المش$ابهة ،والعالق$ة المقص$ودة في المق$ام
عالقة السببية الن العقد المركب من االيجاب القبول هو سبب للتمليك ف$$اطلق اللف$$ظ الموض$$وع
للمسبب على السبب ،و اذا اردنا تحديدا دقيقا للمسبب فهو االث$$ر الحاص$$ل في نظ$$ر الش$$ارع ال
النقل الحاصل من قبل الموجب وانم$$ا فس$$رنا به$$ذا التفس$$ير لكي ال ي$$رد على الش$$هيد 2اش$$كال
حاصله ان البيع كما تقدم لما كان هو فعل الموجب فالذي يتسبب على فعل الموجب هو االنشاء
من قبله من دون ان تبقى حالة منتظرة ولذلك رفضنا تقيي$د االيج$اب بتعقب القب$ول كم$ا ذكرن$ا
في االمر فان االمر صيغة او مادة بمجرد ان يص$در من االم$ر تحق$ق االث$ر وتحق$ق الوج$وب
وان لم يحص$$ل ذل$$ك خارج$$ا عن طري$$ق امتث$$ال العب$$د فبن$$اءا على ذل$$ك المس$$بب عن مجم$$وع
االيجاب والقبول ليس ما يرتبط بالموجب فحسب فال تكون العالقة عالقة السببية.
يجيب المصنف عن هذا االشكال ب$$ان المقص$$ود من المس$$بب م$$ا ك$$ان مس$$ببا بنظ$$ر الش$$ارع ال
المسبب بفعل الموجب فان المسبب بنظر الشارع سببه هو العقد المركب من االيجاب والقبول.
خالصة االمر ان السببية التي ذكرها الشهيد ان كان النظر فيها الى حقيقة ال$$بيع ف$$يرد علي$$ه ان
السبب هو جزء العقد ال تمام العقد المركب من االيجاب والقبول ،اما لو كان قصده في الس$$ببية
السببية بنظر الشارع الذي يترتب عليه االث$$ر ليس ه$$و اال مجم$$وع االيج$$اب والقب$$ول ،فيص$$ح
حينئذ ان يقال للعقد سبب ،بعد ذلك بين المصنف انه عندما يقال في كلمات الفقهاء لزم ال$$بيع او
وجب البيع او ال بيع بينهما وما شابه ذلك يقصد من مثله هذه العبائر هذا المعنى الثالث ،فال$$ذي
وجب هو العقد والذي لزم هو العقد وعندما يقال عقد ال$بيع ه$ذه االض$افة أي اض$افة العق$د الى
البيع ليست من قبيل خاتم حديد واضافة بيانية ،أي عقد هو البيع ،بل االضافة تك$$ون المي$$ة ،أي
عقد للبيع ،لما ع$$رفت من ان العق$$د س$$بب والالم تعطي مع$$نى الس$$ببية ويش$$هد على ع$$دم ك$$ون
االضافة بيانية انه يقال هنا انعقد البيع وهنلك لم ينعقد ،فلو كانت االضافة بيانية لما صح النفي،
الن مرجع السلب والنفي الى سلب الشيء عن نفسه.
12
في ختام هذا البحث يتعرض المصنف لمطلب فيه حيثية اصولية و فقهية يرتبط هذا البحث بان
الموضوع له في لفظة البيع هل هو خصوص الصحيح الذي يترتب عليه االثر ام هو االعم من
الصحيح والفاسد.
ينقل الشيخ عن الشهيد 2في كت$$اب اليمين من المس$$الك م$$ا ي$$دل على ان مخت$$ار الش$$هيد 2ه$$و
الوضع لخصوص الصحيح ،وهنلك دليالن ذكرا في المسالك :
26
الدليل االول :ان المتبادر من لفظ البيع في جميع مشتقاته هو ذلك البيع الذي يترتب عليه االثر
والبيع الذي يترتب عليه االثر هو خصوص البيع الصحيح.
ال$دليل الث$اني :هنل$ك ف$رق في ص$ياغته بين الموج$ود في المس$الك و بين م$ا نقله$ا لش$يخ عن
المس$$الك فالمس$$الك اس$$تدل للوض$$ع للص$$حيح بع$$دم ص$$حة الس$$لب فل$$ذا اع$$ترض علي$$ه بعض
المتن$$اولين لكالم$$ه ب$$ان ع$$دم ص$$حة الس$$لب للف$$ظ عن مع$$نى ال ي$$دل على ان اللف$$ظ موض$$وع
لخصوص هذا المعنى اذ ينتقض على ذلك باالشتراك المعنوي حيث انه في االشتراك المعنوي
يكون للجامع حصص فعدم صحة سلب اللف$$ظ الموض$$وع للج$$امع عن حص$$ة من الحص$$ص ال
يكشف عن وضعه لخصوص تلك الحصة ،فألجل وهن هذا ال$$دليل بدل$$ه المص$$نف الى قول$$ه و
صحة السلب عن الفاسد ،فان صحة السلب دليل على عدم الوضع للفاسد وبم$$ا ان غ$$ير الفاس$$د
هو الصحيح فيكشف عن الموضوع له هو الصحيح ومن الممكن ان المصنف اطلع على نسخة
سقط فيها كلمة العدم ،او انه يعتقد بتصحيف ما هو موجود ،وكيفما كان فان االس$$تدالل بص$$حة
السلب عن الفاسد اولى من االستدالل بعدم صحة السلب عن الصحيح.
الوجه : 3هو حمل االقرار بالبيع على البيع الصحيح بحيث ان المقر لو قال بعد ذلك كنت اق$$ر
بالبيع الفاسد لما سمعت دعواه ،هذا الوجه في الواقع ليس دليال مستقال ولذا رتبه المصنف على
التبادر و صحة السلب فألجل ان المتبادر من البيع هو خصوص الص$$حيح حم$$ل االق$$رار على
الصحيح.
ان قلت :كما يوجد عالمات تقتضي الوضع للصحيح يوجد ايضا ما يقتضي الوضع لالعم ف$ان
من العالمات التي ذك$$رت في الق$$وانين والفص$$ول ه$$و ص$$حة التقس$$يم حيث يق$$ال ان ال$$بيع ام$$ا
صحيح واما فاسد ،تقريب العالمية انه ثبت في المنطق ان المقس$$م الب$$د ان يتواج$$د في االقس$$ام
واال لزم تقسيم الشيء الى نفسه و غيره ،فاذا صح تقسيم ما فهذا يكشف ان المقس$م ه$$و الج$امع
المنطب$$ق على االقس$$ام ،و ه$$ذا في التقس$$يم المتق$$دم مرجع$$ه الى وض$$ع ال$$بيع في الج$$امع بين
الصحيح والفاسد ،واال لو كان موضوعا لخصوص الصحيح لكان تقسيمه اليه والى الفاس$$د من
تقسيم الشيء الى نفسه والى غيره.
يجيب الشهيد 2عن هذا االشكال باننا ال نؤمن بعالمية التقسيم الن غاية ما تدل عليه القسمة ان
لفظ المقسم مستعمل في الجامع وثبت في محله ان االستعمال اعم من الحقيقة والمج$$از ،واالعم
ال يثبت االخص ،وبعب$ارة اخ$رى ان ص$حة التقس$يم عالم$ة على االس$تعمال في الج$امع و م$ا
ينفعنا هو ان يكون عالمة على الوضع للجامع.
اذا ثبت بهذا البيان ان لفظ البيع كسائر الفاظ العقود موضوع للصحيح.
ثم أيد المصنف ما ذكره الشهيد 2بنقل كالم الشهيد االول في كتاب القواعد والفوائد حيث ذك$$ر
ان الماهي$$ات الجعلي$$ة كالص$$الة والص$$وم وس$$ائر العق$$ود ال تطل$$ق على الفاس$$د باس$$تثناء الحج
27
وظاهر هذه الكلمة ان الموضوع ل$$ه في الف$$اظ العب$$ادات والمع$$امالت ه$$و خص$$وص الص$$حيح
والوجه في تنزل المصنف عن الصراحة الى االستظهار الحتمال ان يكون نظ$ر الش$هيد 1الى
خصوص العبادات وذكره للعقود في العبادة يراد منها العقود التي تكون بين العبد و ربه ،ول$$ذا
في مقام التمثيل لم يذكر اال ما هو عبادة ،فيكون كالم الشهيد 1اجنبيا عن محل الكالم.
اما الوجه في استثنائه للحج فباعتبار ان النصوص والفتاوى دلت على وجب المض$$ي في الحج
وان كان فاسدا ،فعندما يقال لمن اخل بركن اتم حج$$ك فه$$ذا يع$$ني ان الحج ال$$ذي يطلب اتمام$$ه
ليس هو الحج الصحيح واال لم يبقى وجه لالعادة من قابل.
كيفم$$ا ك$$ان فالنتيج$$ة النهائي$$ة ان هنل$$ك من يق$$ول بوض$$ع لف$$ظ ال$$بيع وغ$$ير من الف$$اظ العق$$ود
والمعامالت لخصوص الصحيح.
قبل المتابعة في كالم المصنف هنلك اشكالية يبتني بها البحث البد من بيانها حاص$$لها ان$$ه فيم$$ا
سبق قد نقلنا عن الشهيد 2في المسالك بان اطالق لفظ البيع على العقد اطالق مج$$ازي ،و ه$$ذا
يتنافى مع دعوى الوضع للصحيح ،وجه المنافاة يتضح بع$$د تق$$ديم مقدم$$ة حاص$$لها ان الص$$حة
والفساد من االوصاف التي ال يتصف بها البس$$ائط الن االم$$ر البس$$يط ي$$دور ام$$ره بين الوج$$ود
والعدم و ال$$ذي يتص$$ف بالص$$حة والفس$$اد ه$$و المركب$$ات اذا اتض$$ح ذل$$ك ف$$ان ك$$ان لف$$ظ ال$$بيع
موضوعا لألثر والمسبب وهو الملكية فال يصح البحث عن كون الموضوع له هو الص$$حيح ام
الفاسد ،الن الملكية من البسائط ،وانما يصح البحث فيما لو كان لف$$ظ ال$$بيع موض$$وعا للم$$ركب
والمركب في البين هو السبب اعني االيجاب والقبول المعبر عنهما بالعق$د ف$اذا ك$ان لف$ظ ال$بيع
موضوعا للعقد نبحث حينئذ عن كونه هو الصحيح ام االعم والمفروض ان الشهيد 2فيما تق$$دم
اختار انه مجاز فاذا هو لم يوضع للسبب.
يمكن الجواب عن هذه الشبهة ورفع التنافي الموجود عن طريق اختالف الجهة المبحوث عنه$$ا
ففي البحث الفعلي نبحث كما سوف يأتي في توجيه المص$$نف عن المع$$اني العرفي$$ة للف$$ظ ال$$بيع
وفي البحث المتقدم نبحث بقرينة ما ذكره المصنف سابقا من ان قول الفقه$$اء عق$$د ال$$بيع تك$$ون
االضافة فيه المية وليست بيانية ،نفهم من ذلك ان البحث عن االستعمال في الكتب الفقهية ومن
جهة اخرى االمر في العقود ال نسلم انه يدور بين الس$بب و المس$بب ب$ل يوج$د واس$طة بينهم$ا
وه$و انش$اء التملي$ك ،فانش$اء التملي$ك ليس من مقول$ة العق$د لع$دم كون$ه لفظ$ا وليس من مقول$ة
المسبب الن االث$$ر والمس$$بب مم$$ا ي$$ترتب على انش$$اء التملي$$ك و ه$$ذا االنش$$اء االعتب$$اري لكي
ٍيوصلنا الى المسبب له شرائط فيكون من المركبات.
هنلك اعتراض يسجله المصنف على دعوى الشهيدين حاصله انه يترتب على هذه الدعوى تال
فاسد ال يمكن االلتزام به وهو انه لو كانت الفاظ العقود موضوعة لخصوص الصحيح لما صح
للفقهاء ان يتمسكوا بعمومات االمضاء عند الشك في جزئية شيء وعدم جزئيته توض$$يحه ،ان$$ه
28
لو شككنا في صحة بي$ع الحتم$ال اش$تراط العربي$ة في$ه وق$د وق$ع بالفارس$ية في ه$ذه الص$ورة
يتمسك الفقهاء باطالق قوله تعالى احل هللا ال$$بيع ،إلثب$$ات ان العربي$$ة ليس$$ت ش$$رطا في ص$$حة
العقد والحال انه لو كان لفظ البيع موضوعا لخصوص الصحيح لما صح ان نتمسك باالطالق.
13
توضيح االشكال يحتاج الى مقدمة حاصلها ان التقابل بين االطالق والتقيي$$د عن$$د المش$$هور من
تقابل الملكة والع$دم ففي ك$ل م$ورد ال يمكن التقيي$د ال يمكن االطالق ،واالس$تحالة ت$ارة تك$ون
عقلية واخرى ال يكون هنلك استحالة ولكن ال يمكن استفادة التقييد ومن جهة ثاني$$ة ذك$$ر علم$$اء
االصول ان الثمرة لبحث الصحيح واالعم تظهر في صحة التمسك باإلطالق وعدم$$ه و لنطب$$ق
ذلك على لفظ الصالة ،لو فرضنا ان الصالة موضوعة للجامع بين الصحيح والفاسد فلو ش$ككنا
في جزئية جلسة االستراحة لجاز لنا ان نتمسك بإطالق اقيموا الص$الة على تق$دير وروده$ا في
مقام البي$ان وذل$ك النن$ا في الص$الة الخالي$ة عن جلس$ة االس$تراحة نح$رز ص$دق المفه$وم الن
المفروض ان لفظ الصالة ق$د وض$ع لالعم من الص$حيح والفاس$د ففي م$ورد الش$ك في جزئي$ة
جلسة االستراحة حتى ل$و لم ي$أت المكل$ف به$ا فان$ه تس$مى عبادت$ه ص$الة ف$اذا ك$انت التس$مية
مح$$رزة ل$$و ش$$ككنا في الجزئي$$ة ال يس$$تلزم الش$$ك في الجزئي$$ة للش$$ك في التس$$مية الن التس$$مية
محرزة مع وجوده ومع عدمه ،فحينئذ نطبق مقدمات الحكمة وتكون النتيجة ان كل ما لم يذكره
لم يرده فال تكون جلسة االستراحة مطلوبة.
هذا على الوضع لالعم اما لو كان مختار الفقيه الوضع لخصوص الحصة الص$$حيحة فليس ل$$ه
ان يتمسك باالطالق وذلك النه حين الشك في جزئي$$ة جلس$$ة االس$$تراحة فمن الممكن ان تك$$ون
جزءا وعلى تقدير جزئيتها ال يصدق العن$$وان من دونه$$ا لف$$رض وض$$عه لخص$$وص الص$$حيح
ونحن لكي يصح ان نتمسك ب$$االطالق الب$$د من اح$$راز ص$$دق العن$$وان فليس الح$$د ان يتمس$$ك
باطالق اعتق رقبة لجعله شامال للحر ،النه في الحر ال تصدق الرقبة.
اذا اتضحت هذه المقدم$ة نرج$ع الى اش$كال المص$نف على الش$هيدين ف$ان الش$هيدين ذهب$ا الى
وضع الفاظ العقود لخصوص الصحيح فنطب$$ق الثم$$رة وهي ان الص$$حيحي ليس ل$$ه ان يتمس$$ك
باالطالق و هذا خالف ديدن الفقهاء ومنهم الشهيدان حيث دأب العلم$$اء على التمس$$ك باح$$ل هللا
البيع واوفوا بالعقود وتجارة عن تراض ..الخ.
بعد ذلك يحاول المص$نف ان يوج$ه كالم الش$هيدين بطريق$ة ين$دفع عنهم$ا االش$كال وذل$ك ب$ان
نحافظ على وضع الفاظ المعامالت للصحيح و في الوقت نفسه نتمسك باالطالق.
والكالم في التوجيه يقع في جهتين :
29
الجهة االولى :في توجيه اصل دعوى الوضع للصحيح ،تقريبه$$ا ان الف$$اظ المع$$امالت تختل$$ف
عن الفاظ العبادات في ميزة في غاية االهمية وهي ان العبادات مخترعات شرعية ال انها كانت
عند العرف وجاءت الشريعة فامضتها بل كان دور الش$$ارع في العب$$ادات دور المؤس$$س بينم$$ا
في المعامالت كان دوره امضائيا فان البيع مثال والنكاح واالجارة وما ش$$ابه نش$$أت عن حاج$$ة
انسانية طبيعي$$ة وج$$د ش$$رع ام لم يوج$$د فيك$$ون دور الش$$ارع فيه$$ا مج$$رد االمض$$اء وال ين$$افي
االمضاء ان الشارع في بعض االحيان يخطئ العرف في بعض المص$$اديق والخصوص$$يات و
ال يلزم من ذلك اختالف في المعنى الموضوع له لدى العرف والشرع نظير لفظ االحترام ف$$ان
االحترام عند جميع االمم بمعنى التعظيم فلو كان التعظيم في الصين بالجلوس وعندنا بالقي$$ام ال
يعني هذا االختالف المص$$داقي ان لف$$ظ االح$ترام عن$$دهم وض$$ع لمفه$$وم مغ$$اير لم$$ا عن$$دنا ب$$ل
المفهوم يبقى واحدا و انما االختالف في التطبيق فاذا كان االمر كذلك فعندما يقال ان لفظ ال$$بيع
قد وضع لخصوص الصحيح فهذا يعني ان البيع في الع$رف ق$د وض$ع لخص$وص الم$ؤثر الن
البيع الصحيح هو البيع المؤثر ،فلو فرضنا ان بيع المنابذة والمالمسة عند العرف يعتبر م$$ؤثرا
وعند الشرع ال يعتبر كذلك فال يلزم من االختالف في ه$$ذا المص$$داق اختالف في ماهي$$ة ال$$بيع
عند العرف والشرع ،فيكون عند الشارع لفظ البيع موضوعا للمؤثر منه ،هذا معنى ان البيع قد
وضع لخصوص الصحيح ،ف$االختالف في الم$ؤثر بالحم$ل الش$ايع ال ي$ؤدي الى االختالف في
البيع بالحمل االولي.
الجهة الثانية :ترتبط بتوجيه التمسك باالطالق مع االعتقاد بالوضع للص$$حيح ،بع$$د ان ثبت ان
المقصود من الوضع للصحيح ه$$و وض$$ع اللف$$ظ ل$$دى الع$$رف لع$$دم ك$$ون الش$$ارع مؤسس$$ا في
المعامالت فعندما يرد قوله تعالى :احل هللا البيع ،الذي ه$$و دلي$$ل االمض$$اء ف$$اذا ش$$ككنا في ان
الشارع اعتبر شرط العربية في تأثير البيع ليكون بذلك مخطئا للعرف ومخالفا له في المصداق
فبما ان لفظ البيع عند العرف ال يشترط فيه العربية فيحتاج اش$$تراط العربي$$ة الى مؤون$$ة زائ$$دة
على مجرد االمض$اء ،فم$ع ع$دمها نستكش$ف ان ال$بيع الش$رعي ال يعت$بر في$ه العربي$ة ك$البيع
العرفي ،وينتج ذلك نفي شرطية العربية.
هذا هو توجيه التمسك بالطالق نعم في بعض االحيان ليس لنا ان نتمس$$ك ب$$الطالق ،و ذل$$ك في
المورد الذي نشك في الصدق العرفي ،فلو فرضنا اننا شككنا في شرطية البل$$وغ فل$$و ك$$ان عن$$د
العرف بيع الصغير بيعا فاننا نتمسك باالطالق و ننفي الشرطية عند الشرع أما لو فرضنا ان$$ه
عن$$د الع$$رف ترددن$$ا و لم نح$رز ان بي$$ع الص$$غير عن$$دهم بي$$ع ام ال فيك$$ون ذل$$ك من الش$ك في
الصدق فال يجوز التمسك ب$$االطالق ،و ه$$ذا ال يض$$ر الن$$ه ص$$ادق ح$$تى على الق$$ول بالوض$$ع
لالعم.
الكالم في المعاطاة
30
ابتداءا يشرع المصنف في تفسير و تعريف المعاطاة و سجل عليه االخوند مالحظة تبعه عليها
جمع من االعاظم كالميرزا االيرواني و غيره و حاصل المالحظة ان كلمة المعاطاة لم ترد في
اية او رواي$$ة لكي نبحث عن مفهومه$$ا وانم$$ا ال$$ذي ورد في النص$$وص ه$$و مص$$داق المعاط$$اة
وعليه فال حاجة الى شروع المصنف في تعريف وتفسير المعطاة.
والج$$واب عن ه$$ذه المالحظ$$ة ان فائ$$دة التعري$$ف ال تظه$$ر فق$$ط في ص$$ورة ورود لف$$ظ في
النصوص الشرعية بل له فائدة صياغية وتنظيمية وذلك الن الفقهاء قد ذكروا لفظ المعاط$$اة في
كتبهم كجامع بين المصاديق الواردة في النصوص والمتعارفة ل$دى الع$رف ،وحينئ$ذ ففي مق$ام
التنظيم والصياغة بدال من ان نأتي بالمص$$اديق في الفق$$ه ونحكم عليه$$ا احتجن$$ا الى لف$$ظ ج$$امع
بينها و هذا اللفظ الجامع ال يتضح للباحث الداخل فيه من الخارج اذا لم يعرف.
بناءا على ذلك فالمعاطاة لغة باعتبار انها تش$$تمل على ال$$ف المفاعل$$ة ال$$تي غلب عليه$$ا الدالل$$ة
على وجود طرفين فعل احدهما في االخر ما افعل االخر به في$$دل التع$$اطي على ان ك$$ل واح$$د
من الطرفين اعطى واخذ فهذا هو معنى المعطاة في اللغة ،اما الفقهاء فلم يخ$الفوا ه$$ذا المفه$$وم
اللغوي وانما اعطوه بعض اللمسات ليص$$دق على المص$$اديق فص$$ار المعاط$$اة عن$$دهم يص$$دق
على كل ما ليس بيعا بالصيغة المخصوصة على القول باعتبار الصيغة ،فبناءا على ذلك تشمل
المعاطاة بعض البيوعات اللفظية و ال تختص بالبيوعات الفعلية.
اما اذا لم نعتبر صيغة مخصوصة فتنحصر المعاطاة في البيع الفعلي ،في مقابل البيع القولي.
14
يقع الكالم في تصوير المعاطاة ،والب$$د في االبت$$داء من بي$$ان المع$$نى ال$$ذي ي$$راد تص$$ويره الى
وجهين فهل هو المعاطاة في خصوص كتاب البيع ام مطلق المعاطاة ،بحيث تكون شاملة لغ$$ير
كتاب البيع ،والوجه في اثارة هذا البحث هو االعتراض الذي سجله االخون$$د على اس$$تاذه حيث
قال ان كان المراد من المعاطاة المصورة الى الوجهين هي خصوص المعاطاة في كت$$اب ال$$بيع
فهي ليست اال صورة واحدة الن البيع ال يفيد اال التمليك وال يفيد االباح$$ة فينتفي التص$$وير الى
الوجهين ،وان اريد منها المعاطاة في جميع االبواب فاالشكال علي$$ه انه$$ا ال تحص$$ر ب$$الوجهين
الملك او االباحة فمهما اريد من المعاطاة ال يخلو المطلب عن اشكال.
والجواب عن ذلك ان المعاطاة التي يراد تصويرها في المقام هو المعاط$$اة في خص$$وص ب$$اب
ال$بيع ال مطلق$ا ولكن م$ع ذل$ك يص$ح تص$وير ال$وجهين وذل$ك الن التص$وير لل$وجهين بلح$اظ
المذاهب المختلفة للعلماء فبلحاظ مذاهبهم المختلفة يمكن ان نرجع المعاطاة الى هذين ال$$وجهين
و ان كان الواقع او المختار ان التعاطي في باب ال$بيع يك$ون على وج$ه التملي$ك دون االباح$ة،
فبالتالي ترتفع المشكلة.
31
كيفما كان الوج$$ه االول ان يك$$ون التع$$اطي بين الط$$رفين بنح$$و ي$$بيح ك$$ل واح$$د منهم$$ا لالخ$$ر
التصرف فيما يعطيه من دون ان يلحظ في ذل$$ك التملي$$ك فيك$$ون ه$$ذا الوج$$ه من التع$$اطي ي$$دل
بالمطابق$$ة على الحكم التكليفي اع$$ني اباح$$ة التص$$رف من دون ان يك$$ون ن$$اظرا الى الحكم
الوضعي وهو التمليك.
الوجه الثاني ان يكون التعاطي على وجه التمليك ،فتك$ون المعاط$اة عين ال$بيع اال انه$ا تختل$ف
عنه بوجود صيغة لفظية فيه وعدم وجودها فيها.
صاحب الجواهر صور وجوها 4في المعاطاة ،ولعل الوجه في ذهابه الى هذا المسلك م$$ا رآه
من نظر الشيخ الكبير كاشف الغطاء ،حيث ذهب الى ان المعاط$$اة معامل$$ة مس$$تقلة ،فل$$و ك$$انت
معامل$$ة مس$$تقلة فال تك$$ون على وج$$ه التع$$اطي الم$$الكي بحيث يقص منه$$ا التملي$$ك وال مج$$رد
االباحة ،فالبد من وجه اخر ،فلذا اضاف في الجواهر وجهين اخرين لما ذكره المصنف.
الوجه االول :ان تكون المعاطاة على وجه مجرد النقل الخارجي بان يحرك اح$$دهما م$$ا يمل$$ك
باتجاه االخر ،بال قصد التمليك و التصريح باالباحة بل مجرد النقل الخارجي ،فحقيقة المعاطاة
هنلك اعطاء لشيء واخذ لما يقابله من دون ان يكون ان يكون على وج$ه التملي$ك او التص$ريح
باالباحة ،وان كان قد يلزم من هذا النقل الخارجي اباحة التص$$رف لكن يف$$ترق ذل$$ك حينئ$$ذ عن
الوجه االول من الوجهين السابقين ان االباحة لم تكن مدلوال مطابقيا بخالفه على هذا الوجه.
الوجه الثاني :يشترك مع ثاني الوجهين مما ذكرهما الماتن في قصد الملك لكن ال الملك البيعي
بل مطلق الملك بدعوى ان الملكية والتمليك وسائر المشتقات ال تنحصر في التمليك ال$$بيعي ب$$ل
االعم ،هذان الوجهان ال يرتضيهما الماتن الن االول منهما ال يتعقل ،و ذلك الن كون المعاطاة
على وج$ه مج$رد حص$ول النق$ل مرجعه$ا الى وج$ود الجنس بال فص$ل وق$د ثبت في محل$ه ان
الجنس ال يخ$$رج من ع$$الم التعق$$ل الى ع$$الم الفعلي$$ة اال بع$$د ان يتخص$$ص بالفص$$ل ،والنق$$ل
الخارجي ال يعقل ان يكون بدون قصد ضرورة ان الفع$$ل االختي$$اري الناش$$يء من المتع$$اطيين
يتقوم بالقصد ،فالقصد البد ان يقع على احد العن$$اوين المعه$$ودة من بي$$ع او اج$$ارة او ص$$لح او
عارية او وديعة.
واما المعنى الثاني فلم نتصوره بعد ،الن الزم المعنى الثاني انه يوجد صنفان من الملك ،المل$$ك
في خصوص البيع والملك االعم منه ومن غيره وثبت في بيان حقيقة البيع ان التمليك بالعوض
يختص بالبيع وال يوجد تمليك عين بعوض خارج حقيقة ال$بيع لكي يص$ح ق$د المل$ك االعم ،نعم
في الهبة المعوضة يوجد تمليك لكنه بالعرض ،وليس هو المقصود االصلي كما اجبنا عن ذل$$ك
سابقا وبالتالي فما ذكره صاحب جواهر من وجوه صور اربع يتنافى مع هذا التحقيق.
32
بعد ذلك يشرع المصنف في بيان االقوال في مسالة المعاطاة و هذه االقوال ،6يبتديء ب$$ذكر 3
منها ثم يحرر لنا محل النزاع ،ليذكر بع$$د ذل$$ك االق$$وال المتبقي$$ة ثم في الخت$$ام يلخص$$ها بش$$كل
مرتب :
الق$$ول االول :وه$$و الق$$ول المع$$روف بين العلم$$اء ان المعاط$$اة مفي$$دة الباح$$ة التص$$رف وام$$ا
التمليك فهو امر عارض على المعاطاة بعروض تلف احد العينين ،وعلي$$ه ف$$الفرق بين ال$$بيع و
المعاطاة ان البيع بالمباشرة انشاء للتمليك ام$$ا المعاط$$اة فالتملي$$ك من ع$$وارض الع$$ارض على
العين المتعاطى عليها واما بالمباشرة فهي تفيد اباحة التصرف.
القول الثاني :ما اختاره الش$$يخ المفي$$د ونس$$ب الى جمي$$ع العام$$ة ماع$$دا الش$$افعية وحاص$$له ان
المعاط$$اة هي عين ال$$بيع ف$$البيع بمطلق$$ه انش$$اء تملي$$ك وه$$و على نح$$وين بالص$$يغة و ب$$دونها
فالمعاطاة بيع ،وعلى هذا االساس ال يحتاج اللزوم فيها الى تلف احد العينين.
القول الثالث :ما اختاره العالمة متفردا به في كتاب النهاية ،وحاص$$له ان المعاط$$اة من ال$$بيوع
الفاسدة فهي بيع بناءا على كون الفاظ المعامالت موضوعة لالعم من الصحيح والفاسد والوجه
في فسادها اختالل احد شروطها وهو الصيغة ،ومن لوازم البطالن ع$$دم تمل$$ك العي$$نين ول$$زوم
ارجاعهما مع بقائهما وضمان المثل او القيمة مع التلف.
بعد ذلك يشرع في تحرير محل النزاع ،فالمعاطاة التي تعددت فيه$$ا االق$$وال ه$$ل هي المعاط$$اة
بالمعنى االول ام بالمعنى الثاني.
هنلك رأي للمحقق الكركي شيده في جامع المقاصد و حاشية االرشاد وحاصله انه لما كان اح$$د
االقوال الـ 3في المسالة هو القول األول المنسوب الى المشهور وهو االباحة والملك بالتلف لو
كان محل النزاع في المعاطاة هو المعنى الثاني أي التعاطي على وج$ه قص$د التملي$ك لل$زم من
ذلك مخالفة قاعدة تبعية العقود للقصد فيكون المتعاطيان قد قصدا التمليك فما قص$$د لم يق$$ع وم$$ا
وقع لم يقصد ،فيتعين ان يكون محل ال$$نزاع ه$$و قص$$د االباح$$ة م$$ا في بعض العب$$ائر من ذك$$ر
الملك نحمله على الملك المتزلزل الذي يلزم بالتلف.
فالحاص$$ل ان نظري$$ة المحق$$ق الك$$ركي ان مح$$ل ال$$نزاع في المعاط$$اة ليس ه$$و قص$$د االباح$$ة
المحضة أي الحكم التكليفي وال قصد الملك البيعي الذي يكون الزما بانش$$ائه ب$$ل المتن$$ازع في$$ه
هو صورة قصد الملك المتزلزل وفي الملك المتزلزل يوج$د حيثيت$ان االولى الحيثي$ة الوض$عية
وهي الملكية والثانية هي الحيثية التكليفية وهي االباحة فالذين ذهب$$وا من العام$$ة والخاص$$ة الى
ان الظاهر في المعاطاة هو افادة المل$$ك ال يقص$$د من$$ه اال المل$$ك الم$$تزلزل وب$$ه ترتف$$ع مخالف$$ة
العقود للقصود ،الن االباحة لما كانت متضمنة في الملك المتزلزل فيمكن حينئذ ان يقال انه في
قصد الملك المتزلزل يقع الملك و يلزم بعد التلف او يق$$ال بقص$$ده ال يق$$ع لكن االعط$$اء اذن في
التصرف فتبقى االباحة من دون ان يلزم محذور في البين خالف في ذلك صاحب الجواهر.
33
15
ينبغي ان يعلم انه اذا قلنا ان النزاع في المعنى االول فيختلف ذلك عن قولنا ان النزاع ب$$المعنى
الثاني والمراد من االختالف هو االختالف في دائرة االقوال ول$$وال ه$$ذا البي$$ان لبط$$ل م$$ا اف$$اده
المصنف تقريب المطلب انه اذا قلنا ان النزاع في المعاط$$اة فيم$$ا اذا قص$$د منه$$ا المل$$ك فحينئ$$ذ
تصلح االقوال الـ 3المتقدمة لهذا التحرير من محل النزاع فيصح ق$ول المش$هور من انه$$ا تفي$$د
االباحة ويصح قول المفيد من انها بيع ويصح قول العالمة من الحكم عليها بالفساد ،ام$$ا ص$$حة
االخيرين فواضح النه على راي المفيد ال يك$$ون اللف$$ظ دخيال في حقيق$$ة البيعي$$ة ف$$اذا قص$$د من
المعاطاة الملك مع عدم اشتراط الصيغة فتق$$ع بيع$$ا وام$$ا ص$$حة االخ$$ير فالن قص$$د المل$$ك م$$ع
اختالل شرط الصحة وهو الصيغة ال يكفي لتصحيح المعاملة فتك$$ون بيع$$ا فاس$$دا ،وانم$$ا الكالم
في صحة االول فيمكن توجيهه بان االباحة لما كانت متضمنة في قصد الملك فلم تقدر المعاملة
المجردة عن الصيغة إلثبات الملك لكنها بم$$ا تش$$تمل على اذن فت$$دل على االباح$$ة وعلي$$ه فعلى
القول بان محل النزاع هو قصد التملك يكون مقصودنا من محل النزاع في دائرة االقوال الـ،3
اما لو قلنا ان محل النزاع هو المعنى األول أي قصد االباح$$ة فتك$$ون دائ$$رة ال$$نزاع ض$$يقة وال
تشمل ما ذهب اليه الشيخ المفيد الن مختاره ان المعاطاة بيع الزم ،فلو كان مصب رايه هذا م$$ا
لو قصد من المعاطاة االباحة للزم اختالل قاعدة تبعية العقود للقصود ،كيف تقصد االباحة ويقع
الملك ،وال يمكن تصحيحه بالتضمن الن االباحة اعم من الملك واالعم ال يثبت االخص.
وعليه فما في بعض الحواشي من االعتراض على المص$$نف في نقل$$ه لكالم ص$$احب الج$$واهر
في غير محله.
المحق$$ق الك$$ركي اس$$تظهر كالمص$$نف ان مح$$ل ال$$نزاع فيم$$ا ل$$و قص$$د المل$$ك ولم$$ا ك$$ان ه$$ذا
االستظهار يتنافى مع ما نسب الى المشهور من القول باالباحة قام واول االباحة بالملك الج$$ائز
المتزلل ،اال ان صاحب الجواهر استبعد حمل االباحة في كلمات القوم على المل$$ك الم$$تزلزل و
سيتضح وجه االستبعاد عن استعراض كلمات الفقهاء لما اس$$تبعد ذل$$ك اخت$$ار ان مح$$ل ال$$نزاع
فيما لو قصد االباحة.
وعليه فاالباحة في كلمات الفقهاء ال نحتاج الى تص$$رف فيه$$ا بحمله$$ا على المل$$ك الم$$تزلزل ثم
اشكل على المحقق الكركي ان القول باالباح$$ة الخالي$$ة عن التملي$$ك ال$$ذي ه$$و اح$$د االق$$وال في
المعاطاة مع قصد التمليك ال يمكن ان ننسبه الى اصاغر الطلبة ،والوجه في عدم صحة النس$$بة
هو لزوم مخالفة قاعدة تبعية العقود للقصود.
المصنف في مقام محاكمة هذا النزاع بين الكركي و صاحب الجواهر اختار شيئا اخر غ$$ير م$$ا
ذكراه.
34
حاصل ما ذكره انه يلفق بين القولين بالموافقة على جزء من كل منهم$$ا ،فعن$$د الك$$ركي م$$دعى
مركب من نقطتين :
االولى ان محل النزاع هو قصد الملك ،والثانية تأويل كلم$$ات االص$$حاب ،فيقب$$ل المص$$نف م$$ا
افاده الكركي في النقطة االولى وال يقبل التأويل ،وفي كالم الجواهر يوجد نقطتان االولى ع$$دم
قبول التاويل و ه$$ذا يواف$ق علي$$ه المص$$نف الثاني$$ة حم$$ل ال$$نزاع على ارادة االباح$ة ،و ه$$ذا ال
يوافق عليه المصنف.
والقضية عند المصنف في تحرير محل النزاع ترتب$$ط بكلم$$ات الفقه$$اء ولكن م$$ع االلتف$$ات الى
التفاوت في حكم المص$$نف على مخت$$ار الك$$ركي والج$$واهر ،فم$$ع اختي$$اره بع$$دهما مع$$ا اال ان
مختار الجواهر ابعد.
خالصة ما نستفيده من نقل الكلمات ان الفقهاء عللوا ع$$دم حص$$ول المل$$ك في المعاط$$اة بانتف$$اء
الصيغة ،فلو كانت المعطاة يقصد منها االباحة لكان التعليل بعدم قص$$د المل$$ك اولى من التعلي$$ل
بعدم الصيغة ضرورة ان تعليل عدم المعلول لفقد المقتضي اولى من تعليله بعدم الش$رط و ه$ذا
البيان يبطل رأي صاحب الجواهر.
ومن جهة اخرى ال يمكن قبول تأويل االباحة بالملك و ذلك لظهور كلمات بعض$$هم و ص$$راحة
االخر يبطل تأويل االباحة بالملك ،ومجرد ترتب ت$ال فاس$د على قص$د المل$ك و انت$اج االباح$ة
للزوم مخالفة تبعية العقود للقصود ال يبرر هذا التأوي$$ل الن البحث في كالم غ$$ير المعص$$وم ،و
هذا يبطل نظر المحقق الكركي.
16
مع قطع النظر عن كلمات االعالم يمكن ان نص$$يغ دليال على اثب$$ات على ان المع$$نى المتن$$ازع
فيه هو المعنى الثاني أي قصد التمليك حاصل الدليل ان الفقهاء اذا كان يوجد م$$ا ه$$و مبتلى ب$$ه
بين الناس فيبعد ان يتركوه و يذهبوا للبحث عن امر نادر االبتالء به ،هذه الكبرى نجريه$$ا هن$$ا
ونجد ان المعامالت الحالية هي انا مع قصد الملك ال االباح$ة ،و ه$ذا يبط$ل م$ا ذك$ره ص$احب
الجواهر من ان محل النزاع ما قصد االباحة من المعاملة.
اما الخلل في كالم المحقق الكركي فان هنلك كبرى مسلمة حاص$$لها ان$$ه اذا ك$$ان للكالم ظه$$ور
في معنى من المعاني فال يجوز رفع اليد عنه اال في م$$وردين الم$$ورد االول االمتن$$اع في مق$$ام
الثبوت كما لو كان ظاهر اية او رواية التجسيم.
المورد الثاني ان تدل قرينة على ارادة خالف الظاهر.
35
على نحو اإلجمال صاحب جامع المقاصد يعترف بهذه الكبرى ولكن يدعي وج$$ود ق$$رائن على
التصرف ولكن المشكلة على المحقق الكركي في مقامين :
المقام االول :في الموضوع واالخر في القرائن.
اما االشكال في الموضوع فقد تقدم من نقل بعض الكلمات انها تصنف الى ص$$نفين ،ص$$نف ل$$ه
ظهور في االباحة االذنية دون االباحة التمليكية وصنف صريح في االباحة االذنية ،وموض$$وع
بحثن$$ا ال$$ذي يرف$$ع الي$$د عن$$ه ب$$القرائن م$$ا ك$$ان من قبي$$ل الظه$$ور ال م$$ا ك$$ان من قبي$$ل النص
والصريح.
اما االشكال في القرائن حيث ال نسلم قرينية ما ذكر انه قرينة.
ثم ان هنلك كالمين للكركي احدهما في جامع المقاص$$د واالخ$ر في تعليقت$$ه على االرش$اد ،ام$$ا
كالمه في جامع المقاصد فحاصل ما افاده :انه يوجد في المعاطاة 3اقوال مهمة :
االول :بيع الزم وهو للمفيد.
الثاني بيع فاسد ،الثالث بيع متزلزل.
اما كونها بيعا فاسدا فابطله بوجهين :
االول ان هذا القول مخالف لالجماع ،ولذا لم يتبناه العالمة اال في النهاية وتراجع عنه بعدها.
الثاني انه مخالف لقوله تعالى اال ان تكون تجارة عن تراض ،تقريبه انه ال نريد ان نختل$$ف في
ان المعاطاة هل يصح ان تسمى بيعا أم ال ،فانه ال شك انها تجارة،و علي$$ه ت$$دخل في المس$$تثنى
في االية والمف$$روض ان ك$$ل واح$$د من المتع$$اطيين راض في االعط$$اء فص$$دقت التج$$ارة عن
تراض وهي عامة ال نخرج عنها اال بدليل وال دليل على الفساد.
يبقى ما نسب الى ظاهر المشهور من انها تفيد االباحة وتلزم ب$$التلف ،وه$$و مح$$ل البحث ،ف$$ان
المحقق الكركي يعتقد ان المشهور قصدوا من االباحة الملك الجائز الم$$تزلزل ،ويستش$$هد ل$$ذلك
اوال الن المشهور لو كان مقصودهم االباحة االذني$$ة أي المج$$ردة عن المل$$ك لل$$زم من ذل$$ك ان
يكون البيع فاسدا.
بيان المالزمة انه الشك في الخارج ان المتعاطيين يقصدان التمليك ،فلو كان الم$$راد من ق$$ولهم
تفيد االباحة هي المجردة عن الملك لكان يلزم من ذلك ان تكون فاسدة الن المف$$روض ان ال$$بيع
لم يقع ،واال الفادت الملك وال يوجد اال االعطاء ،وعن العلماء االعطاء بالبيع الفاسد ليس باذن
ولذا في البيوع الفاسدة يوجد حكم وضعي وهو البطالن وتكليفي وهو حرمة التصرف ووجوب
الرد.
36
الثاني اننا لم نفهم معنى انها تلزم بتلف احد العينين اذا كانت المعاطاة ال تفيد المل$$ك وانم$$ا تفي$$د
االباحة المجرد عن الملك فكيف يص$$بح تل$$ف م$$ا في ي$$د المب$$اح ل$$ه موجب$$ا لتمل$$ك االخ$ر ،ف$ان
النواقل في الشريعة على قس$مين نواق$ل اختياري$$ة والتل$$ف ليس منه$$ا الن التل$$ف ام$$ر قه$$ري و
نواقل غير اختيارية وهي منحصرة في الموت ،فال يكون التلف من المملكات.
ام$$ا كالم$$ه في تعليقت$$ه على االرش$$اد فاك$$د على الكالم المتق$$دم لكن$$ه زاد في$$ه اس$$تدالل البط$$ال
االباحة المجردة ،حاصله ان المقصود من المتعاطيين االباحة المالكية ال مجرد اذنية ،حينئ$$ذ ال
يخلو اما ان يكون التعاطي وسيلة إلثبات المقصود او ال ان كان وس$$يلة فيثبت م$$دعانا وهي ان
المعاطاة تفيد الملك وان لم تكن وس$يلة فيجب انتف$اء ط$بيعي االباح$ة لم$ا ع$رفت من ان قاع$دة
تبعية العقود للقصود تقتضي فساد وقوع اباحة لم تكن مقصودة ،فاذا لم تقع االباح$$ة المالكي$$ة لم
تقع اباحة اصال.
17
اذا تقدم حمل الكركي االباحة في كلماتهم على المل$$ك الم$$تزلزل ،حينئ$$ذ يخت$$ار المص$$نف ابق$$اء
ظاهر كلماتهم على حاله$ا من دون أي تص$رف فيه$ا فيك$ون رأي المش$هور ان المعاط$اة ال$تي
يقصد منها التمليك تفيد االباحة المجردة عن التمليك وسبب اختياره هذا وجود المقتضي وفقدان
المانع :
اما المقتضي موجود فلظهور كلماتهم وصراحة بعضها ،كما تقدم.
اما ان المانع مفقود فالن م$$ا يمكن ان يك$$ون مانع$$ا ه$$و اح$$د ام$$ور تس$$تفاد من كلم$$ات المحق$$ق
الكركي :
االمر االول :ان حمل كلماتهم على االباحة وابقائها على ظاهرها يؤدي الى ع$دم وج$ود منش$أ
لحكمهم باالباحة الن االباحة لكي تثبت ولكي تكون اثرا للمعاملة بحاجة الى احد امرين :
االول ان تكون مقصودة للمتعاملين ،و ه$$ذا غ$$ير متحق$$ق قطع$$ا للف$$راغ عن بطالن م$$ا اخت$$اره
صاحب الجواهر.
الثاني ان تكون االباحة مجعولة من الش$ارع تعب$$دا و ه$$ذا بحاج$ة الى دلي$$ل وال دلي$$ل في ال$$بين
يعتمد عليه ومضافا الى عدم الدليل لم يظهر من كلم$$اتهم انهم اس$$تندوا الى نص خ$$اص ف$$اذا لم
يكن هنلك دليل بل قد نترقى و نقول بان الدليل على العدم اذ يبعد من الشارع ان يلغي ما قصده
المتعامالن ويثبت ما لم يقصداه فلو كان دليل في ال$$بين لك$$ان ينبغي ان يك$$ون لس$$انه تص$$حيحيا
بان يقول للمتعاطيين اقصدا االباحة ،ال ان يبقيا على قصدهما ويرتب اثرا لم يقصد.
37
مضافا الى انه ال يناسب ظاهر كالمهم الحمل على التعبد الشرعي فلو كان الدليل الشرعي ه$$و
الذي يثبت االباحة المخالفة للقصد فهذا يعني ان االباح$$ة نش$$أت من ص$$رف التعب$$د والح$$ال ان
ظاهر كالمهم هو ارادة االباحة المالكية ال االباحة الناشئة من تعبد الشارع.
المانع الثاني و قد ذكره الم$$اتن بعن$$وان تأيي$$د لكالم المحق$$ق الك$$ركي و حاص$$له انهم ل$$و ارادوا
مجرد االباحة لما ترتب على ذلك اباحة جميع التصرفات ،تق$ريب ذل$ك ان التص$رف في العين
على نحوين:
النحو االول التصرف الذي ال يحتاج الى الملك ،وال يتفرع على المل$$ك ،كاس$$تعمال االني$$ة ف$$ان
هذا االستعمال يثبت في العارية مع عدم الملك.
النحو الثاني التصرفات المتوقفة على الملك من قبيل العتق حيث انه ال عتق اال في مل$$ك ،ومن
قبيل البيع عن نفسه ،والمالحظ في بي$$ع المعاط$$اة ان الفقه$$اء اطلق$$وا ج$$واز التص$$رف في ه$$ذه
االمور ولم يم$$يزوا بين م$$ا يتوق$$ف على المل$$ك و بين غ$$يره ،فل$$و ك$$انوا يقص$$دون من االباح$$ة
معناها لوجب ان يحصروا التصرفات بالنحو االول.
ان قلت :يمكن رفع هذا المانع عن طريق االلتزام بان النحو الثاني من التص$$رفات ي$$ترتب على
الملك القهري االني ،نظير ما قيل في بيع من ينعتق عليه فلو اشترى االبن اباه فال خيار مجلس
النه بمجرد الشراء ينعتق االب ،وبما انه ال عتق اال في ملك فيكشف االنعت$$اق عن مل$$ك في ان
ما حصل لكي يصدر العتق عن ملك ،فكذلك فيما نحن فيه فان احد المتع$$اطيين ل$$و اعت$$ق العب$$د
او باعه يكشف تصرفه هذا عن المرور بالملك القهري االني،والنظائر ال تنحص$$ر في بي$$ع من
ينعتق عليه بل في موارد الفسخ بالخيار حيث ان البيع الخياري بيع ج$$ائز من قب$$ل الخي$$ار فل$$و
تصرف صاحب الخيار في العين فان تصرفه بالعين يكش$$ف عن س$$بق المل$$ك بالفس$$خ القه$$ري
كذلك فيما نحن فيه.
يجيب المصنف عن هذا االشكال ان االلتزام بالملك االني القهري في غاية البعد و ذلك الن هذا
االلتزام على خالف القاعدة يصار اليه في موارد ال يمكن حل المشكلة اال بااللتزام ب$$ه كم$$ا في
بيع من ينعتق على المشتري اما في المعاطاة المتعارفة خارجا فاالمر ليس كذلك فااللتزام بذلك
في غاية البعد.
المانع الثالث التشبث بما ذكره الشيخ الكبير ان القول باالباحة مستلزم لتأسيس قواعد جديدة في
باب المعامالت و سوف يأتي توضيح التوالي الفاسدة الثمانية التي اشار اليها كاشف الغطاء.
اذا هذه موانع 3تقتضي رفع اليد عن ظهور كلماتهم في االباحة.
يجيب المصنف عن هذه الموانع تارة على وجه اإلجمال واخرى على وجه التفصيل :
38
اما الجواب االجمالي فحاص$$له :ان$$ه من الممكن ان نل$$تزم بتل$$ك الت$$والي الفاس$$دة الم$$ذكورة في
الموانع وكون ذلك اسهل من توجيه كلماتهم اما المكان رفع الفساد عن تل$$ك الت$$والي وام$$ا ب$$ان
يقال بانه حتى مع فس$ادها يقص$دون االباح$ة لع$دم التف$اتهم الى تل$ك الت$والي اذ الكالم ليس عن
نص معصوم.
اما الجواب التفصيلي فحاصله :ان ما يرتبط بالم$$انع االول وه$$و ان يك$$ون الحكم باالباح$$ة بال
دليل و منشأ فيمكن دفع ذلك بان الدليل ال ينحصر بالنص من اية او رواي$$ة او فق$$ل ال ينحص$$ر
بالدليل االجتهادي فمن الممكن انهم لما لم يجدوا نصا في المعاط$$اة واحتمل$$وا اش$$تراط الص$$يغة
في التمليك ووصل الدور الى الشك فمقتضى االستصحاب عدم حصول المل$$ك و بم$$ا ان ال$$دفع
برضا كل منهما فتثبت االباحة.
اما بالنسبة للمانع الثاني وهو ما جعله الشيخ مؤيدا فان$ه ال نس$لم انهم اب$احوا جمي$ع التص$رفات
بما فيها التصرفات المتوقفة على الملك كيف ! والمحكي عن الشهيد في حواش$$يه على القواع$$د
منع التصرفات المتوقفة على الملك في المعاط$$اة فم$$ع ع$$دم تس$$ليمه ال يك$$ون مانع$$ا عن االخ$$ذ
بظاهر كلماتهم ،مض$افا الى ان تل$ك الموان$ع م$ع قط$ع النظ$ر عن ض$عفها في ح$د ذاته$ا تبتلي
بالمعارض :
فمن جملة ما يعارضها ان الشيخ الطوسي وابن ادريس والعالمة صرحوا ان الملك في الهبة ال
يحصل باهداء الهدية بدون ايجاب وقبول ولو من الرسول الموكل ونصوا على ان الهب$$ة ب$$دون
االيجاب والقبول تفيد اباحة التصرف واستثنى الش$$يخ من ذل$$ك ال$$وطء ،فم$$ع ه$$ذا التص$$ريح ال
يبقى معنى للتمسك باطالق جواز التصرفات للتعميم على التصرفات المتوقفة على الملك.
18
في المقام يوجد استفادتان على طرفي نقيض:
االولى :ما نقلناه عن المحقق الكركي من حمل االباحة على الملك المتزلزل.
الثانية :ما يظهر من بعض كلمات المتأخرين وحاصله اننا نحاف$ظ على ظ$$اهر كلم$$ات الفقه$$اء
من ارادتهم لالباحة المجردة عن الملك لكن من ناحية اخرى ،يتبنى هؤالء ان من قال باالباح$$ة
المجردة انكر كون المعاطاة بيعا لتكون النتيجة ان المعاطاة معاملة ليست بيعي$$ة وتفي$$د االباح$$ة
فبين انكار بيعية المعاطاة ودعوى المحقق الكركي من افادتها للملك غير الالزم يوجد شيء من
39
التناقض الن القول بالملك غير الالزم نشأ من اختالل شرط ال$$بيع الالزم ام$$ا اص$$ل ال$$بيع فه$$و
باق و هذا نقيض النكار البيعية في المعاطاة.
المصنف يفسر كالم المشهور بانه ال يقول بكال المقولتين بل يتخذ طريقا وسطا ،فالمعاطاة بي$$ع
عنده ولكنها تفيد االباحة.
اما حمل االباحة على الملك غير الالزم فمضافا الى ما تقدم مدخول من جهتين :
االولى :ان من جملة من قال بافادة المعاطاة لالباحة هو القائل بانحصار لزوم البيع بمس$$قطات
الخيار فاذا هنلك من يقول بان البيع يلزم فقط في مسقطات الخي$$ار ،ه$$ذا القائ$$ل نفس$$ه ي$$رى ان
المعاطاة تفيد االباحة فلو حملنا االباحة في كالمه على الملك غير الالزم فهذا يعني ان المعاطاة
تلزم بغير مسقطات الخيار فيتنافى مع انحصار اللزوم بمسقطات الخيار.
ولكن القول بانحصار اللزوم بمسقطات الخيار ال يتنافى مع كون ال$$بيع من العق$$ود الالزم$$ة ،اذ
المقصود من اللزوم هو اللزوم من غير جهة الخيار.
الجهة الثانية :ان جماع$ة من ال$ذين ق$الوا باف$ادة المعاط$اة لالباح$ة ذهب$وا الى ان$ه من ش$رائط
صحة انعقاد البيع ه$$و االيج$اب والقب$$ول ،فل$$و ك$$انت المعاط$$اة تفي$$د المل$$ك النعق$$د ال$$بيع ب$$دون
االيجاب والقب$$ول والحاص$$ل ان دع$$وى توق$$ف ص$$حة ال$$بيع وانعق$$اده على االيج$$اب و القب$$ول
الظاهرين في الصيغة يتنافى مع دعوى ان المعاطاة تفيد الملك.
اما الوجه االخر من دعوى ان المعاطاة ليست بيعا حقيقة فهذا القول له وجه على مب$$نى اش$$رنا
اليه في ختام البحث عن حقيقة البيع فعن$$دما تعرض$$نا لكالم الش$$هيدين من ان الف$$اظ المع$$امالت
موضوعة لخصوص الصحيح واشكلنا بان الزم ذلك عدم صحة التمسك باالطالقات وفي مق$$ام
الجواب وجهنا كالم الشهيدين بان المقصود من البيع هو ما يترتب عليه االثر فالبيع عند عرف
المتشرعة اسم لما يترتب عليه االثر فبناءا على هذا المب$$نى يص$$ح ان يق$$ال ان المعط$$اة ليس$$ت
بيعا الن المتعاطيين قصدا التمليك والذي وق$$ع االباح$$ة ،فلم ي$$ترتب االث$$ر المرج$$و،فنفي بيعي$$ة
المعاطاة مبني على كون البيع اسما لما يترتب عليه االثر.
بعد ذلك يحاول المصنف ان يتتبع جميع االقوال في باب المعاطاة ليرى بعد ذلك ما ه$$و ال$$راي
المختار ،جمع االقوال في : 6
القول االول :ما نقلناه عن الشيخ المفيد وجميع العامة عدا الش$$افعية من ان المعاط$$اة بي$$ع الزم
ومرد هذا القول الى انكار شرطية الصيغة.
البعض شكك في نسبة هذا القول الى المفيد ووجه العبارة المنقولة عنه بحملها على معنى اخ$$ر
يعلق المصنف على ذلك انه ان كان المقصود انكار مثل هذا القول من المفيد و غيره فهذا غ$$ير
40
صحيح الن العالمة في التذكرة في باب البيع قال االشهر انه البد في ال$$بيع من الص$$يغة ،و في
مقابل االشهر المشهور.
وان كان المقصود ابطال النسبة الى المفيد فليس امرا مهما.
القول الثاني ان المعاطاة تدل على اللزوم بشرط ان يك$$ون التع$$اطي مطعم$$ا باللف$$ظ وم$$رد ه$$ذا
القول الى انه يشترط في البيع صيغة مخصوصة تتقوم بشرطين العربية والماض$$وية ،ففي ك$$ل
مورد اختلت هذه الصيغة المخصوصة تحققت المعاط$$اة و اختالل الص$$يغة المخصوص$$ة على
نوعين :
االول :ان تكون من السالبة بانتفاء الموضوع.
الثاني :ان تختل الصيغة المخصوصة ،كان ينشا ال$$بيع بالفارس$$ية او بالعربي$$ة دون الماض$$وية
فالمعاطاة تتحقق في هذين النوعين.
هذا القول فصل بين النوعين فم$ا ك$ان من الس$البة بانتف$اء الموض$وع فليس بيع$ا وم$ا ك$ان من
السالبة بانتفاء المحمول فهو بيع الزم اعم من ان يك$$ون دخال$$ة الص$$يغة غ$$ير المخصوص$$ة في
ذات المعاملة او في مقداماتها من المساومة.
المصنف عنده تعليقة في المقام حاصلها انه في عد هذا القول من األقوال في المعط$$اة نظ$$ر ،و
تامل .والوجه في ه$$ذا التأم$$ل ان البحث في األق$$وال في المعاط$$اة م$$رده الى الحكم أي في حكم
المعاطاة و مرجع هذا القول الى الموضوع هل هو ضيق ام ال ،فان اعتبرن$$ا في ال$$بيع الص$$يغة
المخصوصة فيكون موضوع المعاطاة اوسع مم$$ا ل$$و قلن$$ا ان المعاط$$اة م$$ا ال يك$$ون للف$$ظ فيه$$ا
مدخل.
القول الثالث :ان المعاطاة تدل على الملك غير الالزم و هذا ق$ول المحق$ق الك$ركي و لم يكتفي
بلك بل نسبة الى المشهور و قد عرفت االشكال في النسبة.
القول الرابع :ان المعاطاة تدل على االباحة المجردة لكن متعلق االباحة هو جمي$$ع التص$$رفات
حتى المتوقفة على الملك كالعتق و الوطء والبيع.
القول الخامس :هو القول الرابع مع تقييد التصرفات بالتصرفات غ$$ير المتوقف$$ة على المل$$ك و
هذا ما يظهر من كالم الشيخ الطوسي عند استثنائه للوطء.
القول السادس :ان المعاطاة بيع فاسد فال ملك وال اباحة ،وهو القول الظاهر من العالمة الحلي
في خصوص النهاية.
41
القول المش$هور من بين ه$$ذه األق$$وال ه$$و الق$$ول بافادته$$ا لالباح$ة اعم من تك$$ون اباح$ة جمي$$ع
التصرفات او بعضها ،بل في الواقع ال نعلم قائال بافادة المعاطاة للملك قبل المحقق الكركي
ان قلت :كي$$ف ال يوج$د قائ$$ل والعالم$$ة في التحري$$ر يظه$$ر من$$ه الق$$ول بالمل$$ك ،حيث ق$ال ان
االقوى ان المعطاة غير الزمة بل لكل منهما فسخ المعاوضة م$$ا دامت العين باقي$$ة ،و ه$$ذا من
وجوه يدل على اعتقاده بافادتها للملك :
االول انه نفى عنها اللزوم فلو كانت ال تفيد الملك فاالولى نفي الملك ال اللزوم.
الثاني عبر في حقها بالفسخ والفسخ انما يكون في المعامالت المملكة ول$$ذا ال مع$$نى للفس$$خ في
العارية.
الث$$الث ان العالم$$ة اثبت الل$$زوم في ص$$ورة التل$$ف و ه$$ذا عين م$$ا نس$$به المحق$$ق الك$$ركي الى
المشهور.
قلت :ان هذا الكالم في حد ذاته وان كان ظاهرا في القول بالملك ولكن يوجد قرائن في كلمات$$ه
تقتضي رفع اليد عن هذا الظهور ،فمن جملة هذه الق$$رائن ان$$ه بع$$د العب$$ارة المتقدم$$ة ف$$رق بين
المعاطاة والبيع الفاسد بانه في البيع الفاسد يحرم االنتفاع وفي المعاطاة يجوز االنتفاع لو ك$$انت
المعاطاة تفيد الملك كان ينبغي ان يفرق بالملزوم اولى من ان يفرق بالالزم ويقول ان المعاطاة
تفيد الملك والبيع الفاسد ليس كذلك ولالزم افادتها للملك جواز التصرف ،ولو كان مقصوده من
العبارة المتقدمة الملك لكان ترتيب جواز االنتفاع قهريا ال حاجة الى ذكره وحينئذ فقوله السابق
ان االقوى ان المعاطاة غير الزم يريد ان يشير الى خالف المفيد والعامة الذين ق$$الوا ب$$اللزوم،
ال انه يريد ان يتبنى الملك غير الالزم.
واما اطالقه للمعاوضة على المعاطاة فهو اطالق باعتبار قصد المتعاطيين لما عرفا في تحرير
محل النزاع ان المعاطاة يقصد منها الملك ،والنقل واالنتقال فهي معاوضة على قصدهما ،ومنه
يتضح حال اطالق الفسخ في مقام الرد فان الفس$$خ باعتب$$ار قص$$دهما وان ك$$ان باعتب$$ار الواق$$ع
يعتبر ردا ال فسخا.
19
يؤيد المصنف ما استفاده من العالمة سابقا بما ذكره العالم$ة في ب$اب الهب$ة وحاص$له ان$ه يفهم
من كالمه في باب الهبة ان الهبة تحتاج الى ايجاب وقبول فاذا كانت الهبة ال$$تي هي من العق$$ود
الجائزة تحتاج الى ايجاب وقبول فبالمالزمة القطعية نستفيد ان البيع يحت$$اج الى ايج$$اب وقب$$ول
فهذا يؤيد ان العالم$$ة ي$$رى ان المعاط$$اة من ال$$بيوع الفاس$$دة لفس$$اد ش$$رطها والوج$$ه في ت$$نزل
42
المصنف عن الدليلية الى التأييد مع ظهور كالمه في عدم انعقاد الهبة بالمعاطاة وان الجواز في
الهبة يختلف عن اللزوم والجواز في البيع فالجواز في الهبة جواز حكمي بينما الجواز والل$$زوم
في البيع جواز حقي والفرق بين الجواز الحكمي والجواز الحقي يظهر في االث$$ار من االس$$قاِط
والنقِل ولو بناقٍل قهري كاالرث ففي باب الهبة لما كان الجواُز حكمي ً$ا فليس لل$$واهب ان يس$$قط
الجواز لعدِم قدرة المكلف على اسقاط الحكم الشرعي اما الجواز في البيوع لم$$ا ك$$ان حق$$ا ثابت$$ا
للمتبايعين فجاز لصاحب الحق ان يسقط حقه او ينقله بالمص$$الحة علي$$ه او ينتق$$ل بناق$$ل قه$$ري
كاالرث فالجل هذا االختالف يمكن ان يفكك بين الهبة وال$$بيع فيق$$ال ان$$ه في الهب$$ة لكي ي$$ترتب
حكم الشارع بالجواز البد من االيجاب والقبول اللفظيين اذ ان ص$$دور الحكم المش$$روط بمك$$ان
من االمكان و هذا لوحده كاف لعدم القطع باالولوية.
في مقابل قول المشهور ذهب جماعة ممن تأخر عن المحقق الك$$ركي الى الق$$ول ب$$ان المعاط$$اة
بيع يفيد الملك ومقصودنا من الملك في المقام االعم من المل$$ك الالزم والمل$$ك الم$$تزلزل ،وه$$و
الشائع بين متأخري المتاخرين الى وقتنا الحالي ،قوى المصنف هذا القول و ذكر له وجوها :
االول :التمسك باحل هللا البيع ،وتقريب االستدالل :
اوال :ان المدلول المطابقي الحل هو الحكم التكليفي ،و ه$ذا الحكم التكليفي الب$د ل$ه من متعل$ق
وثبوتا ال يخلو متعلقه من احد احتمالين :
االحتمال االول :ان يكون متعلق الحل هو البيع الذي هو عبارة عن انشاء تمليك عين بعوض.
االحتمال الثاني :ان يكون المتعلق هو ما يترتب على ال$$بيع اع$$ني التص$$رفات فاح$$ل هللا ال$$بيع
على هذا االحتمال مدلولها المطابقي جواز تصرف كل واحد من المتبايعين فيما انتقل اليه ،هذا
ثبوتا اما اثباتا فالصحيح هو االحتمال الثاني دون االول ،الن الحلية التكليفية عبارة عن تش$$ريع
صادر من المولى و التشريع انما يصدر من المولى في المورد الذي يوجد احتمال خالف$$ه ،ام$$ا
في المورد المتيقن فال حاجة الى خطاب شرعي يدل على الحكم ،و كون متعلق الحل هو انشاء
التمليك فان انشاء التمليك مقطوع الحلية وال يوجد من يتوهم ان انشاء التمليك يمكن ان يتصف
بالحرمة ما يحتاج الى تدخل الش$$ارع ه$$و التص$$رفات المترتب$$ة على ه$$ذا االنش$$اء فالج$$ل ذل$$ك
نص$$رف الحلي$$ة في االي$$ة من التعل$$ق ب$$البيع الى التعل$$ق بالتص$$رفات ،ف$$اذا ثبت ان الم$$دلول
المطابقي لالية هو الحكم التكليفي المتعلق بالتصرفات و هذا على اطالقه يدل على جواز جميع
التصرفات في المعاطاة النها من مصاديق البيع ح$$تى التص$$رفات المتوقف$$ة على المل$$ك ،فيثبت
المطلوب بان المعاطاة تفيد الملك.
التقريب الثاني :ان تكون االية تدل بالداللة المطابقية على الحكم الوضعي ال التكليفي ف$$المعنى
المطابقي لالية صحة البيع فاذا حكمت االي$$ة بص$$حة ال$$بيع يل$$زم من الص$$حة حكم تكليفي وه$$و
جواز جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك.
43
التقريب الثاني محل تامل عند المصنف النه يقول انه خالف الظاهر و على تقدير غير ممكن.
اما انه خالف ظاهر االية فالن االية بمادتها تدل على الحلية ،وهي غ$$ير الص$$حة ام$$ا ان$$ه على
تقدير غير ممكن أي على تقدير دع$$وى ان جع$$ل االحك$$ام الوض$$عي غ$$ير ممكن باالس$$تقالل،و
عليه البد من جعل التكليف ليكون الحكم الواقعي مجعوال بتبع جعل التكليف.
الدليل الثاني :التمس$$ك بالس$$يرة والمقص$$ود من الس$$يرة عن$$د االطالق و ان ك$$ان ينص$$رف الى
سيرة العقالء لكن بقرينة ما سيأتي من االشكال يقصد المصنف من السيرة سيرة المتشرعة فان
المتعبدين يمارسون المعاطاة و يرتبون على ذلك اثار الملك من العتق والوطء وما ش$$ابه ذل$$ك،
فال بد ان تكون هذه السيرة متلقاة من الشارع وان لم يصلنا ذلك الدليل.
الدليل الثالث :التمس$$ك بقول$$ه تع$$الى اال ان تك$$ون تج$$ارة عن ت$$راض وتق$$ريب االس$$تدالل به$$ا
بلحاظ المستثنى حيث استثنى من حرمة اكل المال بالباطل التج$ارة عن ت$راض في$أتي فيه$ا م$ا
تقدم اما ان تكون مسوقة لبيان الحكم التكليفي او الوضعي وتقريب االستدالل به$$ا كم$$ا تق$$دم في
اية احل هللا البيع.
الدليل الرابع :التمسك بالنبوي المشهور وهو قوله ص$$لى هللا علي$$ه وال$$ه الن$$اس مس$$لطون على
اموالهم تقريب االستدالل ان التسلط على المال في الرواية مطل$$ق لجمي$$ع التص$$رفات بم$$ا فيه$$ا
االفعال التكوينية والتصرفات االعتبارية فكما ان الرواية تدل على جواز اكل ما هو م$$الي ت$$دل
على جواز نقله بناقل اعتباري ومنها المعاطاة.
هذه الوجوه االربعة اثبتت المقتضي لكون المعاطاة تفيد المل$ك ،وه$ل يوج$د م$ا يمن$ع عن ذل$ك
فيقع الكالم في االعتراضات على هذه االدلة.
اما الدليل االول وهو احل هللا البيع فقد يقال ان التمسك ب$$ه من قبي$$ل التمس$$ك بالع$$ام في الش$$بهة
الموضوعية باعتبار اننا نشك في كون المعاطاة بيعا ،فالتمسك بال$$دليل إلثب$$ات بيعيته$$ا ل$$ترتيب
جواز التصرفات من التمسك بالدليل إلثبات موضوعه وهو باطل.
يجيب المصنف عن هذا االشكال ان المخاطب بهذه االية هم العرف العام وال شك ان المعاط$$اة
بيع عرفي فال شك في الموضوع لكي يكون من التمسك بالعام في الشبهة الموضوعية.
ان قلت :كيف تنفي الشك وابن زهرة ادعى االجماع على عدم كون المعاطاة بيعا.
قلت :مراده من االجماع على نفي البيعية هو االجم$$اع على نفي البيعي$$ة ه$$و نفي ال$$بيع بمعن$$اه
الشرعي الذي وجهنا به في اول الكتاب كالم الشهيدين ،فعند جماعة كثيرة المعاطاة ليس$$ت هي
ذلك البيع الذي حكم الشارع بترتب االث$$ار الخاص$$ة علي$$ه ويش$$هد ل$$ذلك ان$$ه في الغني$$ة اش$$ترط
44
االيج$$اب والقب$$ول ،فالمعاط$$اة ليس$$ت بيع$$ا ش$$رعيا وبم$$ا ان االي$$ة منزل$$ة على ال$$بيع الع$$رفي
والمعاطاة عند العرف بيع فتشملها االية.
ودعوى انه بناءا على هذا تكون المعاطاة بيعا فاسدا والبيع الفاسد ليس بيعا عندهم لك$$ون اللف$$ظ
موضوعا للصحيح جوابها انه قد عرفت سابقا ما في هذه الدعوى.
اما الدليل الثاني هو سيرة المتشرعة فاعترض المصنف على ذلك اننا نسلم الص$$غرى وهي ان
المتشرعة يتعاملون م$$ع المعاط$$اة معامل$$ة ال$$بيع لكن ال نس$$لم وجهه$$ا اذ لعله$$ا ناش$$ئة عن ع$$دم
مباالتهم جريا على سجيتهم العقالئية ،و هذا االشكال يقبله المصنف
اما الدليل الثالث وهو التجارة عن تراض فما اشكلنا به على احل هللا البيع م$$ع الج$$واب يج$$ري
فيها بل هو اولى النه ان شككنا ان المعاطاة بيع فال نشك في كونها كسبا و تج$ارة م$ع حص$ول
شرطها وهو الرضا.
بقي الكالم في الدليل الرابع :وهو الناس مسلطون على اموالهم هذا الدليل س$$وف ي$$أتي م$$رارا
انه ليس مشرعا ،بمعنى انه صحيح انه يدل على جواز مطلق التصرفات حتى االعتبارية لكن$$ه
ليس له نظر الى شروط التصرفات االعتبارية فمف$$اد الخ$بر ان ك$$ل تص$$رف اذا ك$$ان مس$توف
للشروط المعتبرة فهو م$$اض و ناف$$ذ ام$$ا م$$ا هي الش$$روط المعت$$برة فال نظ$$ر للخ$$بر اليه$$ا فمن
الممكن انه يشترط الصيغة فال يشمل الحديث المعاطاة لعدم الصيغة.
20
تق$$دم ادل$$ة 4الثب$$ات اف$$ادة المعاط$$اة للمل$$ك ،ن$$اقش المص$$نف في دليلين منهم$$ا و بقيت االيت$$ان
س$$المتان عن االش$$كال و على تق$$دير تمامي$$ة االس$$تدالل ب$$اآليتين فهم$$ا يثبت$$ان المل$$ك الالزم ال
المتزلزل ضرورة ان احل هللا البيع مثال بنفس الكيفية التي يستدل بها على المعاطاة يستدل به$$ا
على البيع القولي فكما ان االية تثبت في البيع القولي الملك الالزم فهي كذلك في المعاطاة.
بعدها يشرع الم$اتن في المناقش$ة بدالل$ة االي$تين على الم$دعى اذ لقائ$ل ان يق$ول ان االي$تين ال
تفيدنا التمليك في المعاطاة وانما تدالن على اباحة جميع التصرفات س$$واء التص$$رف الموق$$وف
على الملك ام غير الموقوف على الملك وال مالزمة بين اباحة التصرف المطلق وبين الملك.
وبعبارة اخرى ان المدلول المطابقي لاليتين هو جواز التصرف وبما ان جواز التص$$رف ك$$ان
مطلقا فيهما فتشمل التصرفات الموقوفة على الملك فاذا اردنا ان نثبت الملك نك$$ون بحاج$$ة الى
اثبات انه في كل مورد جاز التصرف الموقوف على الملك ثبت الملك و هذه المالزمة ال دلي$$ل
عليها الن الدليل اما العقل واما النقل ،وكالهما منت$ف في المق$ام ام$ا االول فالن$ه ال م$انع عقال
من التفكيك بينهما بان يقال يجوز عتق ما ابيح لك التصرف به من دون ان تك$$ون مالك$$ا ل$$ه فال
مالزمة عقال بين جواز التصرف والملك واما نقال فالننا نحتاج الى دلي$ل وال$دليل في المق$ام ال
45
يخلو اما ان يك$ون لفظي$ا وام$ا ان يك$ون لبي$ا واالول ال وج$ود ل$ه والث$اني على تق$دير وج$وده
يقتصر فيه على القدر المتيقن والقدر المتيقن االلتزام بالملك االني ،تقريب ذلك انه عندنا طائفة
من االدلة تدل على ان بعض التص$رفات متفرع$ة على الملكي$ة من قبي$ل العت$ق للعب$د وال$وطء
لالمة ،احل هللا البيع يدل على جواز جمي$$ع التص$$رفات بم$$ا فيه$$ا العت$$ق وال$$وطء ،والجم$$ع بين
هاتين الطائفتين يحصل باحد امرين :
االول :ان تكون هذه التصرفات ناشئة عن الملك قبل حصولها.
الثاني :ان تكون ناشئة عن الملك حين حصولها.
والجمع بين الطائفتين ال يتوقف على االول بل يحصل بالثاني ف$االلتزام بالمل$ك اآلني ك$اف في
المقام ،فثبت ان$ه ال مقتض$ي الف$ادة المعاط$اة للمل$ك ب$ل تفي$د االباح$ة و ج$واز العت$ق وال$وطء
يقتضي االنتقال الى الملكية االنية حينها ،هذا تمام الكالم في االشكال على االيتين.
ان قلت :ان االش$$كال المتق$$دم يبت$$ني على ان القائ$$ل باف$$ادة المعاط$$اة لالباح$$ة يعمم على جمي$$ع
التصرفات بما فيها التصرف الموقوف على الملك ،و هذا ال نسلمه فق$$د تق$$دم عن الش$$يخ المن$$ع
من وطء الجارية في الهبة المعاطاتية و ك$$ذلك الح$ال الش$هيد في القواع$$د ف$اذا ال نس$لم بوج$ود
اتفاق على حلية جواز جميع التصرفات وعلي$$ه اذا انتفى االجم$$اع فنحت$$اج للق$$ول بحلي$$ة جمي$$ع
التص$$رفات الى دلي$$ل لفظي ،وال$$دليل اللفظي ينحص$$ر باالي$$ة ال$$تي ت$$دل على حلي$$ة جمي$$ع
التص$$رفات ،بم$$ا فيه$$ا التص$$رفات الموقوف$$ة على المل$$ك ،وبمقتض$$ى اطالق االي$$ة يثبت المل$$ك
الالزم ال الملك االني ،لعدم وجود اجماع لنقتصر فيه على القدر المتيقن ،بل نتمس$$ك ب$$االطالق
اللفظي.
قلت :ان هذه المحاولة ال تنف$ع الن االطالق اللفظي في االي$ة ال ينقح لن$ا تم$ام الموض$وع ف$ان
القول بحصول الملك بمجرد المعاطاة مركب من جزئين :
االول :اباحة جميع التصرفات حتى الموقوفة على الملك.
ثبوت المالزمة بين اباحة جميع التصرفات و بين الملك.
واالطالق اللفظي في االي$$ة المبارك$$ة يثبت الج$$زء االول ,ومن الممكن ان القائ$$ل باالباح$$ة في
جميع الترفات يلتزم بالملك االني في مثل الموطء والعتق.
و بعدها يستدل المصنف بطريق اخر ليتمم المطلوب حاصله ان قوله تعالى واح$ل هللا ال$بيع اذا
نزلنا هذه االية على الفهم العرفي فنفهم من ذلك انها ناظرة الى الحكم الوض$$عي والمقص$$ود من
الحكم الوضعي ليس هو حلية جميع التصرفات بل صحة المعاملة ونفوذها و نف$$وذ ك$$ل معامل$$ة
46
يكون بترتب االثر المرجو عليها و ذكرن$$ا في تحري$$ر مح$ل ال$$نزاع ان مقص$$ود المتب$$ايعين في
المعاطاة هو التمليك فمنى الصحة والنفوذ ان يترتب االثر المقصود ،وبذلك يثبت المطلوب.
الدليل الخامس :يتركب من مقدمتين:
االولى انه لو قلنا بان اي$$ة ال$$بيع و التج$ارة ليس$ت ن$$اظرتين الى الحكم الوض$$عي وه$و الص$$حة
فحينئذ ننتقل الى اطالقات ب$$اب الهب$$ة ف$$ان الرواي$$ات ال$$واردة في ب$$اب الهب$$ة و ك$$ذلك في ب$$اب
االجارة باطالقها تثبت الصحة مع اللفظ و بدون اللف$$ظ ،فتش$$مل المعاط$$اة ،فثبت من خالل ه$$ذه
المقدمة ان المعاطاة في الهبة واالجارة صحيحة ومعنى الصحة ترتب االثر.
الثانية ان نعمم الصحة على البيع ال$ذي ه$و المقص$ود االص$لي في بحثن$ا عن طري$ق االجم$اع
المركب ضرورة ان الفقهاء في باب المعاط$$اة لم يفص$$لوا بين ان$$واع العق$$ود ف$$اذا ثبت حكم في
بعضها ببركة عدم القول بالفصل يثبت في االخر.
الدليل السادس :حاصله ان الفقيه لو ال$$تزم في مث$$ل العت$$ق وال$$وطء بح$$دوث المل$$ك االني على
نحو القضية الحينية ،فيلزم من هذا القول ت$ال فاس$د وه$و تأس$يس قاع$د جدي$دة في الفق$ه ،و اذا
بطل التالي بطل المقدم.
و هذا الوجه اشار اليه الشيخ الكبير في شرحه على لقواعد و ذكر لتاسيسه قواعد جديدة موارد
:8
المورد االول ان نرفع اليد عن قاعدة العقود تابعة للقصود ،بيان المالزمة ان المتعاطيين قصدا
الملك و الذي حصل هو االباحة فما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع ،و رفع اليد عن ه$$ذه القاع$$ة
تأسيس لفقه جديد.
القول الثاني انه يترتب على االعتقاد المتقدم ان يص$$بح ارادة التص$$رف من المملك$$ات والوج$$ه
في المالزمة ان المفروض ان المعاطاة تفيد االباحة ،فاذا اراد من ابيحت له الجاري$ة ان يطأه$ا
بناءا على الحيني$$ة المتقدم$$ة تص$$بح الجاري$$ة ملك$$ا ل$$ه ،فم$$ا ه$$و الممل$$ك للجاري$$ة ليس اال ارادة
وطئها ،والحال انه لو استقرئنا المعامالت لما وجدنا ان االرادة من اسباب التمليك.
21
المورد الثالث :وحاصله ان هنلك جملة من االم$$ور الثابت$$ه في ب$$اب العب$$ادات و المع$$امالت و
التي تترتب على التمليك لو قلنا بان المعاطاة تفيد االباحة لما امكن القول بح$$واز القي$$ام به$$ا من
قبيل االخماس و الزكوات فان المال الذي يصل الى يد المكلف عن طريق المعاط$$اة ل$$و لم تكن
المعاطاة مفيدة للتمليك فهذا يعني انه ال يجوز له ان يخرج هذا الذي وقع في يده بعنوان الزك$$اة
او الخمس ،و هذا خالف السيرة الثابتة وهك$ذا الح$ال في مس$ألة االس$تطاعة ل$و ان$ه بالمعاط$اة
47
وصل الى يده دراهم وصار بها مستطيعا فعلى القول بانها تفي$$د االباح$$ة ال يجب علي$$ه الحج اذ
تك$ون تل$ك ال$دراهم في ي$ده ش$بيهة بالعاري$ة ال$تي تق$ع على االعي$ان ف$ان العاري$ة يب$اح معه$ا
التصرف بالعين ال$$تي وص$$لت الى الي$$د فكم$$ا ان العين المس$$تعارة ال ت$$دخل في ض$$من حس$$اب
االستطاعة فكذلك ينبغي بالنسبة لما وصل الى الي$$د بالمعاط$$اة الش$$تراكهما في اف$$ادة االباح$$ة و
هكذا الحال في الديون و النفقات و حق المقاصة والشفعة..الخ.
وال بد ان يعلم ان هذا االعتراض ليس مطردا وذلك لوجد صور 3في المسالة.
الصورة االولى ان يعلم من وصل الى يده الدراهم ان الطرف االخر لم يتصرف فيما في يده.
الصورة 2ان ال يعلم بالتصرف وال بعدمه بل يشك.
الصورة 3ان يعلم انه تصرف.
هذا االشكال يجري في الصورة 1النه مع العلم بع$دم التص$رف الزالت ال$دراهم في ي$ده غ$ير
مملوكة وفي الصورة 3نقطع بخروجها عن محل االشكال الن المعاطاة وان كانت تفيد االباحة
ولكن بتصرف االخر تملكت الدنانير فلو دفعتها خمسا او زكاة او حسبتها جزءا من االستطاعة
فال اشكال الني ملكتها.
واما في الصورة الثانية فهي تلحق بالصورة االولى ببركة استعمال االص$$ل ف$ان من ك$$ان بي$$ده
الدراهم يشك في ان صاحبه هل تصرف بالعين ام ال فيستصحب عدم التص$$رف او يق$$ال يش$$ك
في كونه قد ملك الدراهم ام ال يستصحب عدم الملك و االول اولى لكونه سببيا.
المورد الرابع :انه بناءا على افادة المعاطاة لالباحة وانه$$ا ت$$وجب التملي$$ك بالتص$$رف نق$$ع في
غرابتين :
االولى :ان التصرف ص$$ار من النواق$$ل ،والمملك$$ات ،والح$$ال ان النواق$$ل ام$$ا اختياري$$ه وام$$ا
قهرية و التصرف ليس من النواقل االختيارية لعدم وج$ود اي$ة او رواي$ة او س$يرة عن$د العقالء
ممضاة من قبل الشارع على كون التصرف من النواقل،و اما عدم كونه قهري$$ا فواض$$ح اذ ه$$و
ليس كاالرث.
الثاني$$ة :ان$$ه ل$$و تنزلن$$ا وقلن$$ا ان$$ه ال غراب$$ة في ك$$ون التص$$رف من المملك$$ات ولكن ان نجع$$ل
التصرف لشخص مملكا لشخص اخر هذا في غاية الغرابة.
المورد الخامس :ان االلتزام بافادة المعاطة لالباحة يترتب عليه جملة من االستبعادات و نذكر
عدة امثلة:
48
االول لو تلف بافة سماوية ما وصل الى يدي بالمعاطاة فحينئ$$ذ ال يخل$$وا ام$$ا ان يق$$ال ب$$ان ه$$ذا
التلف السماوي سبب لتمليك االخر او ال و على الثاني اما ان يمل$$ك االخ$$ر او ال ،و على االول
اما ان يملك بالمعاطاة او ال ،و هذه الشقوق اما بعيدة واما مستحيلة واما خالف الفرض.
اما االول :وهو ان يكون التلف السماوي سببا للتملي$$ك في$$اتي في$$ه االس$تغراب المتق$$دم ب$$ل ه$$و
اولى الن التصرف هناك كان اختياريا.
اما الثاني :وهو ان يملك االخر بدون استناد الى التلف السماوي فان كان ملكه بالمعاط$$اة فه$$ذا
خالف الفرض من كون المعاطاة ال تفيد التمليك وان كان ليس بالمعاط$$اة فه$$و مس$$تحيل لل$$زوم
وجود المعلول بدون علته.
المثال الثاني :انه لو حصل تلف من الجانبين فان قلنا بان الملك قد حصل فالبد له من سبب ان
كان سببه المعاطاة فخالف الفرض وان كان التلف فيأتي االستغراب واال فمس$$تحيل وعلى ك$$ل
حال مع عدم وجود المملك كيف صار الضمان بالمسمى ال بالمث$$ل ،تق$$ريب ذل$$ك بالقي$$اس على
العقود التي ال تفيد التمليك كالعارية و الوديعة فان العارية والوديعة لو تلفت بطريق$$ة تس$$توجب
الضمان فال شك ان الضمان يكون بالمثل و بالقيمة في القيمي ،فاذا كانت المعاطاة تفيد االباح$$ة
فيجب ان يكون الضمان كذلك ،مع انه في صورة التلف من الجانبين يكتفى بالمسمى.
المثال الثالث :لو وقع احد ما تعاطيا عليه في يد الغاصب او انه تلف في يد الغاصب فحينئذ ان
قلنا بان المطالب هو من اخذ من يده بدعوى حصول المل$$ك ل$$ه بالتص$$رف الغص$$بي او ب$$التلف
فهو خالف القواعد من الرجوع الى الغاصب وان قلنا ان$$ه ال يحص$$ل مل$$ك فه$$ذا يزي$$د القض$$ية
غرابة ،اذ يؤدي الى اننا نفصل بين تصرف واخر ،وبين تلف واخر.
الم$$ورد الس$$ادس :ان جع$$ل التص$$رف من المملك$$ات ال يخل$$و ام$$ا ان يك$$ون من قبي$$ل النواق$$ل
القهرية واما ان يكون من قبيل النواقل االختيارية ،ف$$ان ك$$ان االول فال يتوق$$ف التص$$رف على
النية كما هو الحال في النوٍاقل القهري$$ة ،و حينئ$$ذ فل$$و تص$$رف في العين غ$$افال عن الملكي$$ة او
قاصدا لعدم التملك يجب ان نقول بحصول النقل ،و ه$$ذا في غاي$$ة البع$$د ،وان جعلن$$اه من قبي$$ل
النواقل االختياري$$ة وان$$ه يتوق$$ف على المل$$ك فحينئ$$ذ ل$$و ان شخص$$ا اش$$ترى جاري$$ة بالمعاط$$اة
فوطأها غافال عن النية فعلى االقل ينبغي ان نقول ب$$ان ه$$ذا من وطء الش$$بهة ،و ال نج$$زم بان$$ه
وطء حالل لعدم نيته.
المورد الس$ابع ل$و حص$لت المعاط$اة على ش$اة مثال و حص$ل للش$اة نم$اء اعم من المتص$ل او
المنفصل فقبل التصرف هل يكون حدوث النماء مملكا للنماء دون العين او انه يملك النماء م$$ع
العين او انه ال يملكهما معا والجمي$$ع خالف الس$$يرة القائم$$ة ،ام$$ا االول فال وج$$ه للتفص$$يل بين
العين والنماء ،واما الثاني بانه يملكهما مع$ا فه$و بعي$د لع$دم ك$ون النم$اء تص$رفا من قب$ل اح$د
49
المتعاطيين ،فحينئذ يكون المملك مجرد حدوث حدث في العين وهو بعيد واما الثالث عدم ملكية
االثنين معا فهو خالف سيرة العقالء.
المورد الث$امن :ان الق$ول ب$ان المعاط$اة تفي$د االباح$ة و يحص$ل المل$ك بالتص$رف ي$ؤدي الى
اجتماع المتنافيين ،تقريبه ان$$ه ل$$و قلن$$ا ب$$ان التص$$رف يفي$$د التملي$$ك باعتب$$ار ان اذن المال$$ك في
التصرف يرجع الى اذنه في التملي$$ك وحينئ$$ذ ي$$ؤدي ذل$$ك الى ص$$يرورة الواح$$د موجب$$ا وق$$ابال
يصبح المتصرف موجب وقابل النه بتصرفه حصل التمليك فه$$و م$$وجب وباعتب$$ار كون$$ه نش$$أ
من اذن االول فيه فهو قابل ،و ه$$ذا االش$$كال يج$$ري في القبض و جريان$$ه في القبض اولى من
جريانه في التصرف ،النه عن$$دما قبض العين ك$$ان القبض مقارن$$ا لقص$$د التملي$$ك لم$$ا تق$$دم ان
محل النزاع هو المعاطاة التي يقصد منها التمليك.
22
مقصود كاشف الغطاء من ذكر هذه الـ 8االستبعاد ،واال فلو اريد مما تقدم االستدالل فان جميع
الموارد المتقدمة قابلة للدفع ،وخالصة ما ذكره المنصف في دفع الموارد المتقدمة ينحص$$ر في
كلمتين :
االولى :في ان بعض القواعد الجارية فيما تقدم من الموارد ال نسلم انطباق القاعدة عليها.
الثانية :انه لو سلم االنطباق في بعض الموارد فانما هو بالتخصيص بمع$$نى ان بعض الم$$وارد
المتقدمة وان خرجت بمقتضى القول باالباح$$ة عن الق$$واع المق$$ررة فقهي$$ا لكن خروجه$$ا يك$$ون
لدليل وال مانع من خرم القاعدة بدليل ولهذا نظائر متعددة في الفقه.
هذا على نحو اإلجم$ال ام$ا على نح$و التفص$يل ،فم$ا ذك$ره ق$دس س$ره من ان الق$ول باالباح$ة
مستلزم لرفع اليد عن قاعدة تبعية العقود للقصود فيجاب عنه بكال الكلمتين المتقدمتين:
االولى :ان ه$$ذه القاع$$دة ال تج$$ري في المعاط$$اة و خ$$روج المعاط$$اة عنه$$ا بالتخص$$ص ،الن
موضوع القاعدة هو العقد ،والمعاطاة عند ارباب القول باالباحة ليس$$ت عق$$دا وانم$$ا مج$$رد اذن
في التصرف والجل ذلك ،نقلنا سابقا عن الشهيد االول ان المعامالت الفعلية ال$تي ال ي$دل دلي$ل
على ص$$حتها وت$$رتب االث$$ر عليه$$ا ليس$$ت من العق$$ود وليس$$ت كالمع$$امالت القولي$$ة فعلى ه$$ذا
االساس ال يلزم انخرام القاعدة بل يلزم عدم انطب$$اق القاع$$دة على المق$$ام فم$$ا في$$ه اش$$كال غ$$ير
الزم وهو تخلف وانخرام القاعدة وما هو الزم وهو عدم انطباق القاعدة ليس فيه اشكال.
واما الجواب عن طريق الكلمة الثانية فحاص$له ان النخ$رام قاع$دة التبيع$ة نظ$ائر في الش$ريعة
نشير الى بعضها :
50
المورد االول ان الفقهاء اتفقوا على ان العقود الالزمة كالبيع اذا كانت فاسدة الختالل شيء من
اجزائها و شرائطها اتفقوا على ان كل واحد من المتعاقدين يكون ضامنا لما وص$$ل الي$$ه بالعق$$د
الفاسد ونصوا على ان الض$$مان يك$$ون بالقيم$$ة الواقعي$$ة ه$$ذا الم$$ورد لم تكن في$$ه العق$$ود تابع$$ة
للقصود الن ما اقدم عليه المتبايعان هو الضمان بالمسمى ،وهكذا الكالم في كل عق$$د ي$$دخل في
قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.
ان قلت :ان المورد المذكور ال يعتبر انخرام$ا لقاع$دة تبعي$ة العق$ود للقص$ود الن الض$مان في
المورد المذكور لم ينشأ من العقد الن العقد حسب الفرض فاسد وانما نش$أ من قاع$$دة الي$$د وه$$و
على اليد اما اخذت والذي يضمن بحسب قاعدة اليد هو القيمة الواقعي$$ة ،ف$$االنخرام انم$$ا يتم ل$$و
كان الضمان الذي لم يقصد نشأ من العقد الذي قص$$د غ$$يره ،فيق$$ال فيم$$ا نحن في$$ه لم يكن العق$$د
تابعا للقصد اما لو كان الضمان غير ناشيء من العقد فال اختالل للقاعدة.
قلت :هذا الكالم قد يقبل تحليليا لكن المدار كما تقدم عن كاشف الغطاء ه$$و ل$$زوم تأس$$يس فق$$ه
جديد ،وفي تأسيس فقه جديد ال ينظر الى رأي خاص في مورد خاص اذ ال اشكال في ان عالما
من العلماء لو خالف المعروف في مورد خاص فال يلزم تأسيس فقه جديد وعلي$$ه فالم$$دار على
قول المعظم ونحن اذا رجعنا الى كالم الفقهاء نجد ان التضمين بالعقد الفاسد لم ينش$$أ من قاع$$دة
اليد وانما نشأ من قاعدة ان ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده التي يك$$ون اح$$د م$$داركها قاع$$دة
االقدام.
المورد الثاني انه سوف يأتي في باب الشروط انه اذا فسد الش$$رط الختالل ش$$رط من الش$$روط
الثماني$$ة المعت$$برة في الش$$روط من قبي$$ل ان ال يك$$ون مخالف$$ا لمقتض$$ى العق$$د للكت$$اب والس$$نة،
فالفقهاء اختلفوا في صورة فساد الشرط على طائفتين :
االولى :طائفة المشهور من القدماء فهم ذهبوا الى ان فساد الشرط ال يؤدي الى فساد العقد.
الثانية :ذهبوا الى المالزمة بين فساد الشرط والعقد.
وكالمنا على رأي ،1بناءا عليه ال يكون العقد تابعا للشرط فلو عق$د رج$ل على ام$راة منقطع$ا
فاشترطت عليه ترك االستمتاع و قلنا بفساد هذا الش$$رط لمخالفت$$ه لمقتض$$ى العق$$د ف$$ان الش$$رط
يبط$$ل والعق$$د يص$$ح الح$$ال ان القب$$ول وااليج$$اب وام$$ا ق$$دما علي$$ه ه$$و حص$$ول العلق$$ة ب$$دون
االستمتاع وما وقع حو حصول العقلة مع االستمتاع.
المورد الثالث :لو ان شخصا باع كلب حائط مع هراش صفقة واحدة فق$$د حكم الجمي$$ع بص$$حة
هذا البيع فيملك كلب الحائط دون الهراش ،و هذا من مصاديق ما وقع لم يقصد.
51
المورد الرابع :لو باع الغاصب لنفسه ،فسوف يأتي ان الكثير من العلم$$اء حكم$$وا بص$$حة ه$$ذا
العقد تهيؤا عن المالك و معنى الصحة التهيؤية انها موقوفة على االجازة ،فما قصده البائع ه$$و
البيع عن نفسه و ما وقع بعد االجازة هو البيع عن المالك ،وليست االجازة انشاءا لبيع جديد.
المورد الخامس :ان المشهور من الفقهاء ذهبوا الى انه في العقد المنقطع لو ت$$رك ذك$$ر االج$$ل
يصح و ينقلب الى دائم.
نعم هنلك فرق بين هذه الموارد من العقود وبين ما نحن فيه ،فان تلك الموارد يحت$$اج خروجه$$ا
عن قاعدة التبعية الى دليل محكم النه$$ا مش$$مولة للقاع$$دة موض$$وعا لكونه$$ا من العق$$ود وحكم$$ا
لترتب الحكم على كل عقد ،اما ما نحن فيه فقد عرفت ان المعاطاة خارج$$ة تخصص$$ا لكن ه$$ذا
االستدراك فيه نظر لكون الكالم في الجواب الثاني وفي الجواب الثاني المفروض اننا سلمنا ان
المعاطاة عقد.
المورد الثاني :من انه يلزم صيرورة ارادة التصرف من المملكات االمر الذي استبعده كاش$$ف
الغطاء ،يجيب المصنف على ذل$ك ان االس$تبعاد ينتفي اذا انتفى ال$دليل،و فيم$ا نحن في$ه الق$ول
بمملكية التصرف له دليل وهو الجمع بين ادلة : 3
االول :انه في المعطاة عندنا اصالة عدم ترتب االثر.
الثاني :الدليل الدال على جواز مطلق التصرفات من قبيل احل هللا البيع او الس$$يرة على الق$$ول
بها.
الثالث :ان جملة من التص$$رفات ال$$تي دل ال$$دليل على جوازه$$ا تتوق$ف على المل$$ك ،فمقتض$$ى
الدليل االول الذي هو االصل ان نقول باالباحة و مقتضى الدليل الثاني ان نق$$ول باباح$$ة جمي$$ع
التصرفات و اذا ضممنا الى ذلك ال عتق اال في ملك فمقتضى الدليل الث$$الث ان نق$$ول ب$$ان ه$$ذا
التصرف يكشف عن حص$ول الملكي$ة عن$د ارادت$ه وه$و المطل$وب فم$ع وج$ود ال$دليل ال يبقى
استغراب في مملكية ارادة التصرف.
23
اما ما ذكره من تعلق االخماس والزكوات وحصول االستطاعة وانتفاء الفقر ،حاص$$ل الج$$واب
بالنسبة لدعوى ان الزم القول باالباحة يقتضي عدم تعل$ق الزك$اة والخمس بالم$أخوذ بالمعاط$اة
فهذا على القول بافادة المعاطاة لالباحة ال يوجد مانع عن االلتزام به وان ك$$ان بعي$$دا فال وج$$ود
آلية او رواية تدالن على ان الزك$$اة والخمس يتعلق$$ان بالم$$ال الم$$اخوذ بالمعاط$$اة ف$$القول بع$$دم
وجوب الزكاة والخمس فيها امر ممكن.
52
ان قلت ان ما ذكر انما يتم على تق$$دير انحص$$ار ال$$دليل باالي$ة والرواي$$ة وه$$و ال ينحص$$ر ف$ان
السيرة قائمة على تعلق الخمس و الزكاة وهي تصلح دليال.
قلت :اذا رجع الكالم الى السيرة فال نستطيع ان نستفيد الالزم الذي يريده كاشف الغط$$اء حيث
ان مقصوده استبعاد القول بافادة المعاطاة لالباحة وتقريب القول بافادتها للملك فنقول حينئ$$ذ اذا
تمت الس$$يرة فهي الزم اعم وبش$$كل كلي قي$$ام ال$$دليل على تعل$$ق الخمس والزك$$اة بالواص$$ل
بالمعاط$$اة الزم اعم المك$$ان ان يك$$ون ذل$$ك الج$$ل اف$$ادة المعاط$$اة للتملي$$ك وان يك$$ون الج$$ل
التخصيص للدليل الدال على ان الخمس والزكاة ينحصر بما هو ممل$$وك والالزم االعم ال يثبت
االخص.
ثانيا بالنسبة لحصول االستطاعة و انتفاء الفقر فان حصولها وانتفائه ال يتوقفان على الملك فل$$و
ان شخصا بذل له عين الزاد والراحل$$ة و ك$$ان هنل$$ك من يتكف$$ل بحاجات$$ه بع$$د االي$$اب من دون
تمليك لصدق عليه انه مستطيع وكذا لو كان شخص ال يملك شيئا لكن هنلك من يؤمن له النفق$$ة
الالزمة فينتفي فقره فانتفاء الفقر في الشريعة ال ينافي الملك.
اما ما ذك$$ره من اس$تبعاد ك$$ون التص$$رف من المملك$$ات فه$$ذا يج$ري في$$ه م$$ا ذكرن$$اه في ارادة
التصرف من كون هذا االستبعاد يرتفع بعد الجمع بين االدلة.
اما ما ذكره من كون التلف مملكا للجانبين فهذا ال مانع من االلتزام ب$$ه م$$ع ال$$دليل وال يبع$$د في
المق$$ام ان يك$$ون اجم$$اع ق$$ولي او عملي على الض$$مان بالمس$$مى ويك$$ون ه$$ذا ال$$دليل مخرج$$ا
للضمان بالمثل او القيمة فالحاصل ان هذا االستبعاد ينتفي بعد وج$$ود دلي$$ل ي$$دل علي$$ه ،فيك$$ون
التلف مملكا بالمسمى نظير تلف المبيع قبل قبضه في يد البائع ،الن مقتضى الجمع بين طوائف
ثالث من االدلة يقتضي هذا االمر :
الطائفة االولى االجماع والسيرة العملية على الضمان بالمسمى.
الطائفة الثانية قاعدة على اليد ما اخذت المقتضية للضمان على الواقع من المثل او القيمة.
الطائفة الثالثة جريان اصالة عدم الملك قبل التلف الذي ال يرفع اليد عنها اال في المتيقن.
فالدليل االول يقتض$ي الض$مان بالمس$مى ،وال$دليل الث$اني يقتض$ي الض$مان بالمث$ل او القيم$ة،
والدليل الثالث يقتضي ان نلتزم بالملك آنا ما قبل التلف ،اذ لو لم نل$$تزم ب$$ذلك لل$$زم التخص$$يص
لقاعدة على اليد ،ولسان هذه القاعدة آب عن التخصيص.
فمقتضى االجماع الضمان بالمس$مى ومقتض$$ى على الي$$د الض$$مان ال$$واقعي ،ولم$$ا ك$$ان العم$$ل
بعموم الث$$اني موجب$$ا اللغ$$اء االول والعم$$ل ب$$االول ي$$وجب تخص$$يص الث$$اني ،ولكن بمقتض$$ى
اصالة عدم الملك نلتزم انه في آن ما قبل التلف حص$ل المل$ك فنك$ون ب$ذلك ق$د التزمن$ا بال$دليل
53
االول ولم نخصص قاعدة اليد الن موضوعها بعد الملك غير متحقق ،و هذا هو التخص$$ص بال
حاجة الى ارتكاب التخصيص.
اما المورد االخر الذي يرتبط بالغصب فلو غصب ثالث الم$$أخوذ بالمعاط$$اة فالظ$$اهر ان$$ه على
مبنى االباحة ينبغي ان نفرق بين صورتين:
االولى مجرد الغصب الثانية التل$ف في ي$د الغاص$ب ،ففي الص$ورة االولى نق$ول يج$وز لك$ل
واح$د من المتع$$اطيين الرج$وع على الغاص$$ب في ص$$ورة الغص$$ب ،ام$$ا ص$$احب العين االول
فلكونه مالكا ،اما من وقعت بيده في المعاطاة فلكونها تحت يده ومأذونا فيها ،ويكون ذلك نظ$$ير
الوديعة.
اما الصورة الثانية فالقائلون باالباحة ذكروا ان المملك هو التلف وفرق بين التلف واالتالف ان
قلنا ان المملك ه$$و اتالف اح$$د المتع$$اطيين ،ف$$البتلف في ي$$د الغاص$$ب ال يص$$دق الممل$$ك ولكن
ظاهر كالمهم ان المملك هو التلف ال االتالف فاذا ك$$ان التل$$ف ه$$و الممل$$ك فبمقتض$$ى االطالق
يشمل التلف في يد احدهما والتلف في يد ثالث فالدليل الدال على مملكية التلف يرف$$ع االس$$تبعاد
غاية االمر التلف في المقام يكون من باب التل$$ف من م$$ال المغص$$وب من$$ه ،فص$$ار ملك$$ا ل$$ه و
كشف التلف عن تملكه انا ما فيتعين المطالبة له ال لالول.
هذا كله اذا لم تتلف العين المقابل$$ة في ي$$د االول واال فيك$$ون الغص$$ب كعدم$$ه لكفاي$$ة تل$$ف اح$$د
العينين وال يشترط في التملك التلف لكال العينين.
اما ما افاده في مسألة النماء فيمكن القول في المقام انه على مبنى االباحة كما ال تمل$$ك العين ال
يملك النماء فيكون حكم النماء حكم االصل اللهم اال اذا قلنا ان حدوث النماء نوع من التص$$رف
في الملك فيصبح كل من االصل والنماء ملكا له.
بعدما تقدم يتضح الحال في سائر الموارد التي ذكرها كاشف الغطاء.
الى االن توصلنا الى النتيجة التالية الننا نريد ان نحسم االمر وهو انه من ناحية المل$$ك وعدم$$ه
يوجد قوالن االول ان المعاطاة تفيد االباحة وعمدة دليل ه$$ذا الق$$ول اص$$الة ع$$دم المل$$ك المع$$بر
عنه في بعض الكلمات باصالة الفساد ،فنش$$ك ان ه$$ذا الكت$$اب ك$$ان في ملكي باعطائ$$ه ل$$ك ه$$ل
انتق$$ل نق$$ول االص$$ل الع$$دم ،مض$$افا الى بعض المؤي$$دات االول الش$$هرة المحص$$لة الى زم$$ان
المحقق الكركي ،وقد اعترف ه$$و ب$$ذلك ض$$منا ،المؤي$$د الث$$اني االجم$$اع المنق$$ول من قب$$ل ابن
زهرة والعالمة في البيع ومن قبل الشهيد 2في الهبة ،وقد تقدم نقل كلماتهم.
القول الثاني :ان المعاطاة تفيد الملك ومدرك هذا القول هو عموم$$ات مث$$ل اح$$ل هللا ال$$بيع ول$$ه
مؤيدات :
54
االول :السيرة المتقدمة من المعاملة مع الماخوذ بالمعاطاة معاملة الملك.
الث$$اني :االجم$$اع المنق$$ول من قب$$ل المحق$$ق الك$$ركي بن$$اءا على تأويل$$ه لالباح$$ة في كلم$$ات
المشهور.
فيدور االمر بين هذين االولى عند المصنف هو الثاني الن مدرك االول هو دليل فق$$اهتي وه$$و
االستص$$حاب وم$$درك الث$$اني دلي$$ل اجته$$ادي اع$$ني اطالق$$ات ادل$$ة ال$$بيع وم$$ع وج$$ود ال$$دليل
االجتهادي ال تصل النوبة الى الفقاهتي ،فثبت ان المعاطاة تفيد الملك.
يقع الكالم في ان الملك المستفاد من المعاطاة هل هو جائز ام الزم.
تقدم ان الشيخ المفيد يرى انه الزم ،وفي المسالة وجوه :
منها اللزوم مطلقا كما هو ظاهر المفيد.
ومنها عدم اللزوم مطلقا ،ومنها التفصيل بين المعاطاة المجردة عن الكالم فال ل$$زوم والمعاط$$اة
باللفظ غير المخصوص فتلزم.
ي$$رى المص$$نف ان االوف$$ق بالقواع$$د ه$$و الق$$ول ب$$اللزوم مطلق$$ا ،ومقص$$وده من القواع$$د
االستص$$حاب ،فان$$ه ق$$د فرغن$$ا عن ان المعاط$$اة تفي$$د المل$$ك ف$$اذا رج$$ع المال$$ك االول في غ$$ير
الموارد التي ثبت فيها الخيار كان يكون قد رجع بعد التفرق عن مجلس التعاطي ،فنش$$ك في ان
رجوعه هذا يؤثر او ال ،فاالستصحاب يقول اب$$ق م$$ا ك$$ان على م$$ا ك$$ان ،ف$$ان العين ق$$د ملكه$$ا
الثاني بحسب الفرض فتبقى على ملكه وال يؤثر الرجوع.
هذا االستصحاب نوقش بوجهين :
الوج$$ه االول :ان ه$$ذا االستص$$حاب من قبي$$ل استص$$حاب الكلي ،الن م$$ا نعلم ب$$ه في الزم$$ان
االول هو كلي المل$ك الج$امع بين الالزم والم$تزلزل ،ف$ان ك$ان ه$و الم$تزلزل فص$ار مقط$وع
االرتفاع الن رجعت تؤثر قطعا في الملك المتزلزل وان ك$$ان ه$$و الالزم فه$$و مقط$$وع البق$$اء،
فاالستصحاب من قبيل استصحاب الكلي من الثاني ،فال يجري االستصحاب اما لعدم الش$$ك في
البقاء واما لعدم عروض اليقين والشك على واحد.
24
اختار المصنف بعد ثبوت اصالة افادة المعاط$$اة للمل$$ك انه$$ا ت$$دل على المل$$ك الالزم ،واس$$تدل
على ذلك بوج$وه ،و ك$$ان الكالم في الوج$ه االول في االستص$$حاب وتق$$دم تقريب$$ه و اع$$ترض
عليه باعتراضين االول ان هذا االستص$$حاب مرجع$$ه الى استص$$حاب الكلي وذل$$ك الن حقيق$$ة
االستصحاب تكمن في وحدة المتيقن و المشكوك ذات$$ا م$$ع اختالفهم$$ا في الظ$$رف الزم$$اني ،و
55
هذه الحقيقة ال تتم فيما نحن فيه الن المستصحب كلي فاننا على يقين من تحقق الملك ال$$ذي ه$$و
اعم من الالزم والجائز واالن نحن نشك في بقائه فان كان الم$$تيقن ه$$و المل$$ك في ض$$من الف$$رد
الالزم فهو باق حتما وان كان في ضمن الفرد الجائز فهو مرتف$$ع حتم$$ا بالفس$$خ ،في$$دور ام$$ره
بين مقطوع االرتفاع ومقطوع البقاء .
االشكال الثاني على جريان مثل هذا االستصحاب ان هنلك استصحابا اخر يج$$ري في المق$$ام و
على تقدير جريانه يكون مقدما على استصحاب محل الكالم الن النس$بة بين االستص$$حابين هي
نسبة االصل السببي الى االصل المسببي واالصل السببي مقدم على االص$$ل المس$$ببي وتقريب$$ه
انه في محل الكالم بعد حصول التعاطي وانتقال الكتاب من يدي الى يدك اش$$ك في زوال علق$$ة
المالك االول للكتاب على نحو الكلية فيتحقق ركنا االستصحاب النه قب$$ل التع$$اطي ك$$ان المال$$ك
االول له علقة مع الكتاب و بعد التعاطي نشك في زواله$ا فنستص$حب بق$اء علق$ة المال$ك االول
ومع بقاء العلقة يكون فسخه مؤثرا ،هذا االستصحاب نسبته الى استص$$حاب بق$$اء مل$$ك الث$$اني
بعد فسخ االول هي نسبة االصل السببي الى المسببي النه انم$ا ش$ككنا في ت$أثير فس$خت لش$كنا
في بقاء علقة المالك االول فاذا استصحبنا بقاء العلقة يزول الشك في تأثير الفس$خ تعب$$دا فيك$$ون
االستصحاب الثاني السببي حاكما على االستصحاب االول المسببي.
يجيب المصنف عن كال االشكالين :
اوال :ما يرتبط باالشكال االول وحاصل الجواب انه لو س$$لمنا ان االستص$$حاب الم$$ذكور ليس
استص$$حابا للش$$خص وه$$و استص$$حاب للكلي واستص$$حاب الكلي على 3اقس$$ام :االول منهم$$ا
مقط$$وع الجري$$ان و الث$$الث مقط$$وع الع$$دم وام$$ا الث$$اني ففي$$ه خالف ،ق$$د ثبت في محل$$ه ان
استصحاب القسم الثاني عند المصنف يجري ،فان الفرد في ظرف الشك وان كان ي$$دور ام$$ره
بين الطويل المقطوع البقاء والقصير المقطوع االرتفاع لكن بما انه ال علم لنا بالفرد وانم$$ا نعلم
بالج$$امع فنش$$ك فمتعل$$ق الش$$ك في االن الث$$اني ه$$و الج$$امع و متعل$$ق اليقين في االن االول ه$$و
الجامع النه في االن االول كن$$ا على يقين من وج$$ود حي$$وان ذي خرط$$وم في ال$$دار و في االن
الثاني نشك في$$ه وان ك$$ان منش$$أ الش$$ك ه$$و ال$$دوران بين مقط$$وع البق$$اء و مقط$$وع االرتف$$اع ،
فاركان االستصحاب ثابتة فيجري.
ثم يعلق بقوله فتأمل ،وابرز التعليقات على فتامل ما ذكره االخوند وتبعه عليه جمع من طالبه
وهي ان امر الشيخ بالتأمل تضعيفية الن استصحاب الكلي القسم الثاني وان كان يج$$ري لكن ال
ننسى ان الشيخ االعظم اختار في الرسائل من بين االقوال المتعددة ان االستص$$حاب ال يج$$ري
اال في الشك في الرافع اما اذا كان الشك في المقتضي فال يجري االستص$$حاب وعلي$$ه ف$$الجمع
بين كلمات$$ه ينتج النتيج$$ة التالي$$ة ،و هي ان االستص$$حاب في الكلي يج$$ري اذا ك$$ان الش$$ك في
الرافع ،ومقامنا من قبيل الشك في المقتضي .
56
الجواب الثاني :ان الجواز واللزوم هل هما من قبي$$ل الخص$$ائص المنوع$$ة او المص$$نفة بحيث
يصبح الملُك على نوعين مل$$ك الزم ومل$$ك ج$ائز ام انهم$$ا ال عالق$ة لهم$$ا ب$$التنويع والتص$$نيف
وانما هما حكمان يعرضان على موضوع واحد فاذا كان ال$$تزلزل واالس$$تقرار من الخص$$ائص
الموجبة لوجود نوعين و حقيقتين فاالشكال المتقدم في محله ،وام$$ا ل$$و ك$$ان المل$$ك عب$$ارة عن
حقيق$$ة واح$$دة وال$$تزلزل واالس$$تقرار يرجع$$ان الى حكم الش$$ارع فحينئ$$ذ ال يك$$ون مقامن$$ا من
استص$$حاب الكلي فبع$$د المعاط$$اة نحن على يقين من حص$$ول المل$$ك وبع$$د ق$$ول المال$$ك االول
فسخت نشك في ارتفاع الملك فالمتيقن والمشكوك حقيقة ف$اردة وماهي$ة واح$دة وليس$ا من قبي$ل
الحدث االصغر واالكبر حقيقتان نشئا من كون الصغر والكبر منوعا لهذه الحقيقة فاستص$$حاب
كلي الح$$دث يك$$ون من استص$$حاب الكلي ،وم$$ا نحن في$$ه ليس من ه$$ذا القبي$$ل الن ال$$تزلزل
واالستقرار من االحكام الشرعية ففي الهبة المولى حكم بالجواز وفي البيع المولى حكم باللزوم
اما الملك في الهبة والبيع واحد ال فرق بين القبيلين .
ويدل على ذلك انها حقيقة واحدة وان التزلزل واالس$$تقرار ليس$$ت منوع$$ة للش$$يء الى حقيق$$تين
امور :
االول :في الواقع مرجعه الى دعوى انه لو شككنا في ان اللزوم من خصوصيات الملك ام ان$$ه
من االحكام الثابتة للسبب المملك مثل الهبة و البيع والمعاطاة لكان الشك نفس$$ه كافي$$ا بال حاج$$ة
الى اقامة دليل وذلك النه في صورة الشك يج$$ري االستص$$حاب بال م$$انع اذ بع$$د تمل$$ك الث$$اني
للكتاب مثال وقول االول فسخت ف$اذا ش$ككنا في ت$$أثير الفس$خ و زوال علق$$ة الث$$اني نستص$$حب
البقاء وما دمنا لم نحرز ان اللزوم من خصوصيات الملك فنشك في المانع في$ؤثر االستص$حاب
عند الشك في وجود ما يمنع عنه ،فالشك نفسه لوحده يكون كافيا بال حاجة الى اقامة دليل .
الثاني ان الهبة تنقسم الى قس$$مين الج$$ائزة والالزم$$ة ،وهي الهب$$ة لل$$رحم مثال ،في كال ه$$ذين
القسمين الواهب ينشيء ملكا ولو كان اللزوم والتزلزل موجبا لتنوع حقيقة الملك لكان يجب ان
يتحقق االختالف في انشاء هذين القس$مين من الهب$ة وال ب$د ان يش$عر ال$واهب في اح$دهما ان$ه
ينشيء ملكية مغايرة للملكية التي ينشؤها االخر والحال ان االختالف ال يحس به.
الثالث ان اللزوم والجواز اما ان يكون$ا من الخصوص$يات المقوم$ة لحقيق$ة المل$ك او ال ،ف$ان
كان االول فهذا التخصيص للملك ال يخل$و ام$ا ان يك$ون بجع$ل الش$ارع وام$ا ان يك$ون بجع$ل
المالك ،فان قلت انه بجعل المالك فهو واضح البطالن اذ يترتب عليه تال فاسد وه$$و ان يك$$ون
اللزوم والجواز تابعا بقصد وارادة المالك مع انه ال اثر لقصد المالك في اللزوم والج$$واز ،فل$$و
وهب البنه و قصد الهبة الجائزة فانها تكون الزمة .
وان كانت بجعل من الشارع يل$$زم اختالل القاع$$دة المعروف$$ة وهي ان العق$$ود تابع$$ة للقص$$ود ،
بيان المالزمة ان المنشيء للملك في الهبة ال يخلو امره عن حاالت ثالث :
57
الحال$$ة االولى :ان يقص$$د الل$$زوم .الثاني$$ة الج$$واز الثالث$$ة ان ك$$ون اهم$$ال من ناحي$$ة الل$$زوم
والجواز .
ففي حالة قصد اللزوم لو حكم الشارع بالجواز وفي حالة قصد الجواز لو حكم الشارع ب$$اللزوم
وفي حالة االهمال لو حكم الشارع بالجواز او اللزوم للزم ان ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد
.
ان قلت :ان ه$$ذا رج$$وع الى اش$$كال كاش$$ف الغط$$اء و ق$$د تم الف$$راغ عن رده ،ام$$ا ب$$اخراج
المعاطاة موضوعا الختصاص العقد باللفظ واما بااللتزام بالتخصيص.
قلت :ان االمر في المعاطاة وان كان يجري فيه الجوابين المتقدمين لكن المف$$روض ان كالمن$$ا
صار في اصالة الل$$زوم ،واص$$الة الل$$زوم تج$ري في العق$$ود اللفظي$$ة حتم$$ا ف$اذا تم في العق$$ود
اللفظية ما ذكرنا نعمم على غيرها لعدم القول بالفصل .
25
وال يفرق في ان يكون الشك في اللزوم على نحو الشبهة الحكمي$$ة او الموض$$وعية مث$$ال االول
ان نش$$ك في معامل$$ة من المع$$امالت في ان وض$$عها بحس$$ب تش$$ريعها ه$$ل ك$$ان الف$$ادة المل$$ك
المستقر أم انها الفادة الملك الالزم ففي مث$ل ه$ذا الم$ورد من الش$بهة الحكمي$ة نتمس$ك باص$الة
اللزوم و مثال الث$$اني ان نعلم ان الص$$لح مثال الزم وان الهب$$ة ج$$ائزة لكن م$$ا وق$$ع خارج$$ا بين
المتعاملين هل هو الصلح ليكون الملك الزما ام الهبة ليكون متزلزال فبمقتضى التمسك باص$$الة
الل$$زوم ال$$تي مرجعه$$ا الى بق$$اء الملكي$$ة وع$$دم ت$$أثير الفس$$خ نعين ان المل$$ك الزم نعم ه$$ذا
االستصحاب ال يعين العنوان وال ضير في ذلك ما دام يعين الحكم من الجواز واللزوم ،والسر
في عدم تعيينه للعنوان المعاملة المثبتية .
قول$$ه نعم ل$$و ت$$داعيا :في ذي$$ل ه$$ذا الف$$رع ي$$رى المص$$نف ان حس$$م المش$$كلة في ه$$ذه الش$$بهة
الموضوعية انما يتم في صورة عدم الت$$داعي ك$$ان ال يك$$ون هنل$$ك خص$$ومة في ال$$بين ،وانم$$ا
يريدا ان يعلما حكمهما الدعاء كل واحد منهما جهله بالح$$ال ف$$نرفع الش$$بهة عن طري$$ق اص$$الة
اللزوم .
اما في ص$$ورة الخص$$ومة فيظه$$ر من جماع$$ة من الفقه$$اء منهم ص$$احب الج$$واهر ان القض$$ية
ترتبط بصورة الخالف فقد تكون الصورة ظاهرة في وجود مدع و منكر وقد تكون ظ$$اهرة في
كون كل واحد منهما مدعيا ،فاذا ثبت ان كل واحد منهما مدع ولم يكن الحدهما بين$$ة في ال$$بين
فالمصير الى التحالف ،فان حلف واال فيصار الى قواعد النكول او قواعد الحلف معا .
58
هذا ما يحتمل في صورة التداعي ،وهنلك احتمال اخر وهو ان يكون القول قول م$$دع الج$$واز
بال فرق بين صورة اللفظ الذي ابرز فيه الخالف وذل$$ك الش$$تراكهما في اص$$ل المل$$ك وم$$دعي
اللزوم يدعي شيئا زائدا فان لم يكن له عليه بينة فال يثبت فالقول قول مدعي الجواز .
الدليل الثاني :التمسك بعموم قاعدة السلطنة وهي قول$$ه ص$$لى هللا علي$$ه وال$$ه الن$$اس مس$$لطون
على اموالهم ،تقريب االستدالل يتوقف على مقدمتين :
االولى ان الخبر أثبت سلطنة للمالك على ماله وبما ان المفروض في بحثنا عن الل$$زوم انن$$ا ق$$د
فرغنا عن اصل الملك فصدق على المال الذي وصل الى يدي بالمعطاة ان$$ه م$$الي ،فبمقتض$$ى
الحديث انا مسلط عليه .
المقدم$ة الثاني$ة :ان ه$ذه الس$لطنة ثابت$ة على وج$ه العم$وم فحينئ$ذ ل$و رج$ع المال$ك االول في
المعاطاة لكان ذلك منافيا لسلطنة العامة الن الحديث كما تقدم يدل على تمام السلطنة بدون اذني
ورضاي فالخروج بالفسخ ليس خروجا باذني ورضاي فيتنافى مع عموم السلطنة .
ان قلت :ان التمسك بهذا الحديث في المقام من التمسك بالعام في الشبهة الموضوعية ،تق$$ريب
االشكال :اننا نسلم داللة الحديث على ان ما يملكه الشخص مسلط علي$$ه ولكن برج$$وع المال$$ك
االول نشك في بقاء ملكية الثاني وموضوع الحديث ما يملك ،وما ه$$و مال$$ه ،فالتمس$$ك بعم$$وم
الحديث في مورد مشكوك المالية ومشكوك الملك من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية .
قلت :ال شك ان الكتاب مثال قد انتقل الى ملكي بالمعاطاة فصدق على الكت$$اب ان$$ه م$$الي فتنقح
المعاطاة موضوع الحديث وهو انه م$$الي ف$$اذا ثبت الموض$$وع ي$$ترتب علي$$ه الحكم والمحم$$ول
وهو السلطنة على المال بدون اذن فبمقتضى شمول عموم المحمول لما ص$$دق علي$$ه ان$$ه م$$الي
اس$$تطيع ان امنع$$$ه من الرج$$وع بفس$$خه وال يك$$$ون المق$$$ام من التمس$$ك بالع$$$ام في الش$$بهة
المصداقية ،و الشاهد على ما ذكرنا ان المحقق في الش$$رائع اس$$تدل على ل$$زوم عق$$د االق$$راض
بعد القبض بانه بالقبض حص$$ل المل$$ك وفائ$$دة المل$$ك ثب$$وت المحم$$ول وه$$و الس$$لطنة و بعم$$وم
السلطنة نمنع المقرض من ارجاع قرضه .
الدليل الثالث :التمسك بقوله صلى هللا عليه واله ال يحل مال امريء اال عن طيب نفس تقريب
االستدالل ان النفي واالستثناء في الخبر يدل على انحصار حلية مال الغير في طيب النفس فل$$و
كان الكتاب الذي دخل في ملكي بالمعاطاة يح$ل للمال$ك االول بقول$ه فس$خت لك$ان حلي$ة الم$ال
الغير كما تحصل بطيب نفسه تحصل بالفسخ فال يصح استعمال اداة الحصر .
واالشكال المتقدم في قاعدة السلطنة من ك$$ون التمس$$ك بالح$$ديث من التمس$$ك بالع$$ام في الش$$بهة
المصداقية يجري هنا والجواب كذلك.
59
مضافا الى وحدة الج$$واب هنل$$ك امتي$$از لقاع$$دة الح$$ل على قاع$$دة الس$$لطنة و ه$$ذا االمتي$$از ان
العموم الذي كان في قاعدة السلطنة ك$$ان عموم$$ا ناش$$ئا من االطالق الن التس$$لط على الم$$ال لم
يقيد بكيفية خاصة مع كون المتكلم في مقام البيان ،اما في حديث الح$$ل ف$$ان العم$$وم اص$$الحي
لما ذكر في محله من ان حذف المتعل$$ق يعت$$بر من ادواة العم$$وم ففي الخ$$بر ورد ال يح$$ل م$$ال
امريء اال عن طيب نفس فلم ي$$بين متعل$$ق الح$ل ه$$ل ه$$و التص$$رفات التكويني$$ة ام التص$$رفات
االعتبارية وحذف المتعلق يدل على العموم.
الدليل الرابع :التمسك بآية التجارة وتقريبها باحد وجهين :
االول :ان نتمسك بمجموع المستثنى والمستثنى منه حيث قال ال ت$أكلوا ام$والكم بينكم بالباط$ل
اال ان تك$$ون تج$ارة عن ت$$راض ،حيث ان االي$ة في عق$$د المس$تثنى من$$ه نهت عن اك$$ل الم$$ال
بالباطل وفي عقد المستثنى جوزت االكل بالتجارة عن تراض وال شك ان االكل بالفس$$خ ي$$دخل
في المستثنى منه وال يدخل في المستثنى لعدم كون الفسخ تجارة لغة وعرفا وشرعا .
التوهم المتقدم في الخبرين السابقين اع$$ني التمس$ك بالع$$ام في الش$بهة المص$$داقية ال يج$ري في
المقام للقطع بان الفسخ ليس تجارة ،والمفروض ان االي$$ة حص$$رت مج$$وز االك$$ل بالتج$$ارة ،
والفسخ ليس تجارة قطعا.
التقريب الثاني لالستدالل باالية ان نتمس$$ك بعق$$د المس$$تثنى من$$ه في االي$$ة بال اقح$$ام االس$$تثناء
بتقريب ان اكل المال الذي جعل كناية عن ان$$واع التص$$رفات فيش$$مل االخ$$ذ من المال$$ك بقول$$ك
رجعت فيشمله عموم عقد المستثنى منه .
وال ينتقض ذلك في مثل اكل المارة للثمار عن الشجر غير المسيج المعبر عن$$ه بح$$ق الم$$ارة و
ذلك لتخصيص االية باذن المال$$ك الحقيقي ،وك$$ذلك اخ$$ذ الش$$ريك بالش$$فعة واالرج$$اع بالخي$$ار
الذي شرعه الشارع ،وهو المالك الحقيقي.
الدليل الخامس التمسك باخبار خيار المجلس.
26
من قبيل ما ورد من قوله عليه السالم البيعان بالخي$$ار م$$ا لم يفترق$$ا ،واالس$$تدالل يتوق$$ف على
اثبات نقاط :
االولى :ان المتعاطيين يصدق عليهما عنوان البّيع الن هذه التثنية من قبيل تثني$$ة التغليب ال$$تي
تطلق على البائع والمشتري فلتغليب جانب البائع كانت التثنية على اساسه كتثنية االب$$وين لالب
واالم وال شك انه في العرف يصدق على المتعاطيين البائع والمشتري .
60
الثانية :ان الحديث يدل على ثبوت الخي$$ار في ك$$ل بي$$ع المقتض$$ي للج$$واز ه$$و ان ه$$ذا الخي$$ار
ينتفي بتحقق غاية االفتراق و على هذا االساس يكون الجواز في البيع حيثيا أي من حيث ومن
ناحية خيار المجلس النه هو الذي يغيى باالفتراق و هذا يع$ني ان ال$بيع من غ$ير ناحي$ة خي$ار
المجلس يكون الزما ،وعليه فاذا حصل االفتراق ثبت اللزوم المطلق .
النقطة الثالثة :ان بقية الخيارات من قبيل خيار الحيوان تكون مقيدة ل$$ذلك الل$$زوم المطل$$ق فل$$و
كان المبيع حيوانا بمقتضى اخبار خيار المجلس يكون البيع الزما من غير جهة المجلس ،بع$$د
ورود اخب$$ار الحي$$وان وتقيي$$دها لالطالق يص$$بح ال$$بيع الزم$$ا من غ$$ير جه$$ة المجلس و جه$$ة
الحيوان وهكذا سائر ادلة الخيار و حينئذ يعني ذلك ان كل ما يصدق عليه انه بيع فهو الزم من
غير جهة الخيار الثابت فيه وفرضنا في النقطة االولى ان البيع يصدق على المعاطاة فينتج ذلك
ان المعاطاة الزمة من غير جهة الخيار و هذا هو المطلوب.
بهذا البيان يندفع جملة من االشكاالت على االستدالل بخيار المجلس.
الدليل السادس التمسك بقوله تعالى اوفوا بالعقود ،تقريب االس$$تدالل على اص$$الة الل$$زوم باح$د
وجهين :
االول :ان يقال ان المدلول المطابقي لالية هو الحكم التكليفي اعني وجوب الوفاء بالعقد تكليف$$ا
فكل مورد صدق فيه العقد يجب الوفاء به والعمل على مقتض$$اه وال يخ$$رج عن عم$$وم وج$$وب
الوفاء بالعقود اال الموارد التي استثناها الشارع كموارد الخيار ،اما غيرها فيجب الوفاء بالعقد
وبمقتضى هذا المدلول المطابقي نلتزم بان الفسخ في المعاطاة ال يؤثر النه ينافي وجوب العمل
بالعقد .
الثاني :ان يقال ان االية وان ورد فيها صيغة امر لكنها محمولة على االرش$$اد فيك$$ون المرش$$د
اليه هو لزوم المعاملة فيثبت المطلوب .
والفرق بين التقريبين انه على االول اللزوم كان مدلوال التزميا لوجوب الوف$$اء بالعق$$د وعلى 2
المطابقي .
ولكن االس$$تدالل باالي$$ة ب$$اي تق$$ريب ك$$ان يتوق$$ف على ص$$دق موض$$وعها على المعاط$$اة و
موضوعها هو العقد ،فاذا خصصناه باللفظي ال يتم االستدالل باالية ،يستش$$هد المص$$نف على
تعميم العقد على الفعل بشاهدين ،االول ما ورد في صحيحة عبدهللا بن س$$نان من تفس$$ير العق$$د
بالعهد ،فمطلق العه$د التعه$د يعت$بر من العق$ود والعه$د ال يختص باللف$ظ ول$ذا يق$ال لمن ن$وى
ووعد ربه بنيته على شيء انه عاهده.
الشاهد الثاني ان بعض ائمة اللغة فسروا العقد بالعه$$د المش$$دد وق$$د ع$$رفت ان العه$$د ال يختص
باللفظ فاحرز الموضوع فتنطبق االية .
61
ال$$دليل الس$$ابع :المؤمن$$ون عن$$د ش$$روطهم و ه$$ذه القاع$$دة وردت مك$$ررا في النص$$وص ،
واالستدالل بهذه القاعدة يتوقف على مقدمتين:
االولى :صدق الشرط على المعاطاة فقد يقال ان الشرط عبارة عن االلتزام في ضمن االل$$تزام
،كان ابيعك الكتاب بش$$رط ان تطالع$$ه في اللي$$ل فالمطالع$$ة في اللي$$ل ش$$رط لكونه$$ا ال$$تزام في
ضمن االلتزام البيعي وعليه يك$$ون الح$$ديث والقاع$$دة ن$$اظر الى الش$$روط ال العق$$ود فال يش$$مل
المعاطاة .
يجيب المصنف انه ال ينبغي الخلط بين المعنى االصطالحي للشرط والمعنى اللغ$$وي والع$$رفي
له ،فالشرط في اصطالح الفقهاء هو االل$$تزام في ض$$من االل$$تزام ،لكن الرواي$$ات ت$$نزل على
المعنى العرفي والشرط في العرف مطلق االلتزام ،ولو ابتداءا فيشمل العق$$ود ،ويش$$هد ل$$ذلك
قوله عليه السالم :في دعاء التوبة و لك علي شرطي فهذا الش$رط بين العب$$د ورب$$ه ه$$و عب$$ارة
اخرى عن العهد وهو ليس التزاما في ضمن التزام .
المقدمة الثانية :ان القاعدة تفي$د ان االل$تزام بالش$رط من مقتض$يات االيم$ان ف$دلت حينئ$ذ على
اللزوم باحسن وجه اذ يرجع معناها الى ان المؤمن ال يخلف شرطه ووعده والتزام$$ه ف$$اذا قلن$$ا
بجواز الرجوع في المعاطاة فهذا على خالف طبع االيمان ،والراوية ليس$$ت بص$$دد بي$$ان ام$$ر
اخالقي الس$$تدالل االئم$$ة عليهم الس$$الم به$$ذه الك$$برى على مع$$امالت كث$$يرة فت$$دل حينئ$$ذ على
اللزوم ،والمعاطاة شرط فيثبت المطلوب .
اذا بهذه الوجوه ال 7ثبت ان المعاطاة تفيد اللزوم.
لكن هذه االدلة يصادمها االجماع على ان المعاطاة ال تفيد اللزوم ،اذ لم ينق$$ل عن اح$$د افادته$$ا
للزوم سوى المفيد ،و اذا رجعنا الى عبارته لم نجدها صريحة في افادة اللزوم اذ من المحتم$$ل
قويا انه يتكلم عن البيع بالصيغة فاذا ثبت االجم$اع س$يكون ه$ذا االجم$اع مخصص$ا لعموم$ات
هذه االدلة ال . 7
ثم جاء المصنف بشواهد على هذا االجماع ولكنه بع$$د ذل$$ك ش$$كك في ه$$ذا االجم$$اع وذل$$ك الن
المشهور من الفقهاء لم يقولوا بالملك في المعاطاة فعدم قولهم ب$$اللزوم من ب$$اب الس$$البة بانتف$$اء
الموضوع اذ موضوع اللزوم هو الملك وعندهم المعاطاة ال تفيد الملك فهكذا اجماع ال ينفع في
المقام ،خصوصا على طريقة المتأخرين في حجية االجماع المس$$ماة باالجم$$اع الحدس$$ي وهي
المالزمة بين اتفاق جماعة واستكشاف رأي المعصوم فان هذه المالزمة ال يحدس بها مع ك$$ون
االلتفاق على نفي اللزوم من باب عدم القول باالباحة فيكون االجماع مدركيا .
نعم على طريقة القدماء المبتني$$ة على قاع$$دة اللط$$ف تبع$$ا لش$$يخ الطائف$$ة يكفي في ذل$$ك مطل$$ق
االجماع الذي يكون سببا النحراف االمة عن الحق لو لم يكن صحيحا.
62
لكن يمكن تقوية االجماع ثانية عن طريق تحويل االجماع من البسيط الى المركب ،فيقال بان$$ه
في المعاطاة يوجد قوالن :
قول بانكار الملك من رأس وهو قول المشهور وقول بان المعاطاة تفيد المل$$ك الج$$ائز فل$$و قلن$$ا
بالملك الالزم لكان هذا قول بالفصل .
ولكن في هذا االجماع تأمل :اما الجل انه محتمل المدركية وام$ا الج$ل ان المعت$بر ه$و الق$ول
بعدم الفصل ال عدم القول بالفصل .
فالى هنا بطل االجم$$اع ،في خت$$ام البحث ي$$رى ان االجم$$اع وان لم يتحق$$ق على وج$$ه ي$$وجب
القطع لكن يوجد ظن قوي على تحققه ،فيكون ذلك مانعا عن الفتوى بافادة غير اللفظ للزوم .
27
الدليل الثالث :وهو التمسك باالخبار التي يظهر منها ان المتعارف في زمن الش$$ارع ك$$ان ه$$و
االيجاب باللفظ دون التعاطي من قبيل موثق$$ة س$$ماعة ال$$تي وردت في بي$$ع الق$$ران ،حيث نهى
االمام عليه السالم عن بيع المصحف دون الجلد والحديد والغالف فانه$$ا ج$$ائزة بقول$$ك فق$$ل ل$$ه
بعتك الجلد مثال بكذا وكذا ،وغيرها كثير فانه يستفا من هذه النص$$وص ان الوس$$يلة المتعارف$$ة
للبيع في ذلك الوقت كانت هي البيع باللفظ ،فاذا كان ذلك هو المتع$$ارف في$$نزل ال$$بيع في مث$$ل
احل هللا البيع والعقود في مثل اوفوا بالعقود على ما كان متعارفا في زمن النص .
الوجه الرابع :دعوى ان سيرة ذلك الزمان مع قطع النظر عن النصوص قائمة على التفص$$يل
بين نوعين من البيوع الخطيرة والحقيرة ،ففي النوع االول ك$$انت س$$يرتهم على ع$$دم االكتف$$اء
بالتعاطي وبمطلق م$$ا ي$$دل على التراض$$ي ب$$ل ك$$انت تنش$$أ مث$$ل ه$$ذه ال$$بيوع بواس$$طة االلف$$اظ
المتعارفة ،نعم في االمور المحقرة ربما كانوا يكتفون بمطلق م$$ا ي$$دل على التراض$$ي ولكن ال
يستكشف من ذلك اللزوم فيه$$ا اذ لعلهم لحقارته$$ا ك$$انوا ال يب$$الون بالفس$$خ فيه$$ا ه$$ذا الوج$$ه في
الواقع ان اريد منه اثبات لزوم اللف$$ظ في مطل$$ق االم$$ور الخط$$يرة س$واء ك$$انت قابل$$ة للتع$$اطي
كالجواهر النفيسة ام لم تكن قابلة كاالراضي ،فحينئذ اشكل البعض على المصنف انه في مث$$ل
البيوت واالراضي لم تتعارف المعاطاة لع$دم امكانه$ا فيه$ا وام$ا في مث$ل الج$واهر النفس$ية فال
نسلم عدم تع$$ارف المعاط$$اة ،ولكن ه$$ذا االش$$كال فاس$$د الن$$ه ت$$وهم المستش$$كل ان التع$$اطي ال
حصل اال باالخ$ذ بالي$د ف$امتنع التع$اطي في مث$ل ال$بيوت واالراض$ي لع$دم امكان$ه والح$ال ان
التعاطي كالقبض واالقباض في كل شيء بحسبه فيمكن ان نجري معاطاة على البيت.
وال ينافي هذه السيرة ان البعض في االمور الخطرة كانوا يكتفون بالمصافقة ،والمراد منها اما
االشارة الى ما كان يحصل في الجاهلية من التصفيق بالي$$د الل$$زام ال$$بيع وام$$ا لالش$$ارة الى م$$ا
63
تعارف بين المتبايعين من قول احدهما لالخر بارك هللا لك في صفقة يمينك والثاني م$$أخوذ من
االول الن ص$فقة اليمين اش$ارة الى م$ا ك$انوا يفعلون$ه من الض$رب ب$اليمين ال يج$اب ال$بيع او
الزامه وكيفم$$ا ك$$ان ف$$ان فع$$ل ه$$ذا البعض ال ي$$ؤثر في انعق$$اد الس$$يرة اذ ال يش$$ترط في الس$$ير
المستدل بها التعميم على كل افراد المجتمع اذ ربم$$ا ه$$ذا ال يت$$أتى في س$$يرة من الس$$ير ،ولكن
على الرغم من ثبوت هذه الس$$يرة اال ان$$ه ال يمكن لن$$ا ان نس$$تنتج منه$$ا ع$$دم تع$$ارف المعاط$$اة
مطلقا اذ ان المعاطاة كما تق$$دم في بداي$$ة بحثه$$ا ت$$ارة تطل$$ق على ايج$$اب المعامل$$ة بالفع$$ل دون
القول ،اخرى تطلق على ايجاب المعامل$$ة بغ$$ير الق$$ول المخص$$وص والث$$اني اعم من األول اذ
تشمل المعاطاة بالفعل والمعاطاة بالقول اذا لم يكن من المقول المخصوص .
اذا اتضح ذلك فاالنصاف ان الس$$يرة لم تقم على اعتب$$ار الق$$ول المخص$$وص ح$$تى في االم$$ور
الخطيرة ،ولكن هذا االستدراك ان دل على شيء فال يدل على لزوم المعاطاة ،ليك$$ون اش$$كاال
على الوجوه االربعة المتقدمة وانما يثبت في الواقع ان اللفظ معت$$بر لكن من دون اش$$تراط لف$$ظ
مخصوص .
هذا تمام الكالم في الوجه الرابع .
الوجه الخامس ،ما تمسك به غير واحد من الفقهاء وهي الرواي$$ة المش$$هورة انم$$ا يحل$$ل الكالم
ويحرم الكالم والكالم في هذه الرواية يقع في مقامين :
المقام االول :في سندها ،فهذه الرواية وردة في الكافي و في التهذيب ،كل واح$$د من س$$ندي
الكتابين يشتركان في الوصول الى يحيى بن الحجاج مع االختالف في بداية الطري$$ق ،والكالم
ان الشي في التهذيب رواها عن يحيى بن الحجاج عن اخي$$ه خال$$د بينم$$ا في الك$$افي رواه$$ا عن
ابن نيجح ،كما هو في غالب النسخ و شاهده تعليقة العالمة المجلسي على الك$$افي ،وابن نجيح
مجهول الحال بينما خالد بن الحجاج وان لم يذكر له توثيق في ترجمته ولكنه وثقه النجاشي في
ترجمة اخي$ه يح$يى فعلى ه$ذا االس$اس يك$ون س$ند الته$ذيب معت$برا ،ام$ا س$ند الك$افي فهنل$ك
محاولت$$ان العتب$$اره االولى عن طري$$ق وق$$وع ابن ابي عم$$ير في سلس$$لة الس$$ند حيث ان$$ه من
اص$$حاب االجم$$اع ،ولكن ه$$ذا الطري$$ق يبت$$ني على االل$$تزام ب$$ان اص$$حاب االجم$$اع يوثق$$ون
بوقوعهم في السند كل من يأتي بعدهم بال اختصاص بالمروي عنه المباشر الن ابن ابي عم$$ير
روى عن ابن نجيح بواس$$طة يح$$يى و ه$$ذه النظري$$ة وان ذهب اليه$$ا البعض ولكنه$$ا خالف
التحقيق ،فان االمر عند المتأخرين من المحققين يدور بين نظريتين :
االولى :وثاقة خصوص المشايخ .
الثانية :وثاقة اص$حاب االجم$اع في ح$د ذاتهم من دون دالل$ة عب$ارة الكش$ي ال$واردة في ح$ق
الثمانية عشر على توثيق من يأتي بعدهم .
64
الطريق الثاني ان نلتزم بخطأ النسخة و هذا الطريق اق$رب من الس$ابق وذل$ك التح$اد الخ$برين
في المتن من جهة والتحاد ابن ابي عمير ويحيا في كال الس$$ندين ،م$$ع اتح$$اد المعص$$وم علي$$ه
السالم المنقول عنه الحديث وهو االمام الصادق عليه السالم مع تعارف نقل يحيى عن اخيه .
يضاف الى ذلك ان بعض نسخ الكافي ذك$$رت خال$$د دون ابن نجيح ،وكيفم$$ا ك$$ان فيكفين$$ا س$$ند
التهذيب.
المقام الثاني في داللة الخبر ،والبحث في داللته الجهة االولى في المحتمالت الممكنة ثبوتا مع
قطع النظر عن مورد الرواية وصدرها .
الجهة الثانية في مقام االثبات ومالحظة الجمل المكتنفة بمحل الكالم .
ففي البدء ينقل المصنف تمام الحديث ...
السؤال في هذا الخبر عن معاملة تجرى بين المشتري والدالل ،فان الدالل يأخذ من المش$$تري
قيمة زائدة على ما تباع به فهل يجوز له ذلك ،فاالم$ام علي$ه الس$الم ص$حح ذل$ك بش$رط ان ال
يكون الدالل بصدد ايجاب البيع ،النه اذا كان كذلك فيدخل في كبرى بي$$ع م$$ا ال يمل$$ك ،وانم$$ا
تصح هذه المعاملة اذا كانت وعدا فيذهب الدالل و يشتريها لنفسه ثم يبيعها للمشتري بثمن ازيد
كما يستفاد ذلك من قوله ان شاء اخذ وان شاء ترك.
يقع الكالم في الجهة االولى ،ذكر الماتن وجوها اربعة :
االول ان يقصد من الكالم في الخبر اللفظ الدال على التحلي$$ل والتح$$ريم فمثال ل$$و طبقناه$$ا على
الطالق فانما يحرم الكالم أي اللفظ الخاص الدال على التحريم ،اما غيره من االلفاظ فال تحرم
بل تبقى الزوجة حالال على زوجها ،كما لو قال لها انتي في بيت اهلك .
فبناءا على هذا االحتمال تكون الصيغة شرطا في التحليل والتحريم ،و عليه فال يترتب التحليل
والتحريم على نوعين من الوسائل :
االول القصد فلو عاهد هللا تعالى بنيته وقصده او نذر كذلك فبما ان القصد والني$$ة ليس$$ت كالم$$ا
فال تحرم ال تحلل .
الثاني الفعل المجرد عن اللفظ كالمعاطاة فبناءا على هذا االحتمال ت$$دل الرواي$$ة ليس فق$$ط على
عدم لزوم المعاطاة بل على فسادها ،النحصار الترتيب لالثر بالكالم وااللفاظ .
االحتمال الثاني :ان يكون المقصود من الكالم هو اللفظ م$ع مض$مونه كم$ا يق$ال كالم ص$حيح
حيث ال يقصد من ذلك وصف االلفاظ بالصحة بل وص$ف الص$حة راج$ع الى االلف$اظ باعتب$ار
مضامينها فاللفظ بما هو صوت ليس هو الذي يحل$$ل ويح$$رم ب$$ل اللف$$ظ الكاش$$ف عن مض$$مونه
65
وحينئذ يمكن ان يكون المطلب الواحد والمضمون الواحد يختلف حكمه الش$رعي حال و حرم$ة
باختالف المضامين الم$$ؤداة بااللف$$اظ ،ففي قولن$$ا ملكت$$ك البض$$ع او س$لطتك علي$$ه او اجرت$$ك
نفسي او احللتها فيتأتى بهذه االلفاظ تسليط المرأة للرجل على بضعها اما لو قالت متعتك نفسي
مثال بكذا فيختلف الحال والحال ان المضمون فيهما واحد وليس ذلك اال لك$$ون النظ$$ر ولدخال$$ة
مجموع اللفظ مع مضمونه .
28
كان االحتمال االول خصوصيته النظر فيه الى ذات الكالم أي االلفاظ التي ينطق به$$ا فالتحلي$$ل
والتحريم في باب المعامالت مثال يتوقف على وجود اللف$$ظ و عدم$$ه ففي ب$$اب النك$$اح ان وج$$د
اللفظ حصل التحليل واال فبقي التحريم ،فبناءا على هذا االحتمال يصح ان نجعل ه$$ذه الرواي$$ة
وما يشبهها مضمونا دليال على عدم اللزوم في المعاطاة النه في المعاطاة ال يوجد نطق باللفظ.
اما االحتمال الثاني فهو اللفظ مع المضمون وهو الشائع و عليه فالمطلب الواحد يختل$$ف حكم$$ه
الشرعي من ناحية الح$$ل والتح$$ريم ب$$اختالف المض$$امين الم$$ؤداة ب$$الكالم كم$$ا ذكرن$$ا في ب$$اب
الطالق حيث ان المضمون الواحد وهو البينونة بين الزوجين ان ك$$ان ه$$ذا المض$$مون حاص$$ال
بلفظ فيحصل التحريم وان كان حاصال بآخر فال يحصل التحريم فالتحريم والتحليل ال رب$$ط ل$$ه
بصرف النطق بل هو مربوط بالنطق الخ$$اص الكاش$$ف عن المض$$مون الخ$$اص ف$$ان ق$$ال هي
طالق حصل التحريم وان قال هي في بيت اهلها لميحصل التحريم مع ان كل واحد من اللفظين
يراد به حصول البينونه بين الزوجين و حينئذ يكون الفرق بين هذا االحتمال واالحتمال السابق
من جهتين :
االولى :ان المناط في االحتمال السابق على وجود اللف$$ظ وعدم$$ه ،بينم$$ا في االحتم$$ال 2ليس
المناط على صرف وجود اللفظ بل على المضمون الحاصل من لفظ مخصوص .
الجهة الثانية ،ان ظ$$اهر العب$$ارة ان التحلي$$ل والتح$$ريم في االحتم$$ال االول ي$$راد منهم$$ا الحكم
التكليفي بينم$$ا التحلي$$ل والتح$$ريم في االحتم$$ال الث$$اني ي$$راد منهم$$ا الحكم الوض$$عي ،وت$$رتيب
االثر ،الن النظر الى مضمون واحد فان ادينا هذا المضمون بلفظ انتي طالق ترتب االث$$ر وان
اديناه بلفظ انتي خلي$ة ثال لم ي$ترتب االث$ر ،ويمكن بالمالزم$ة ان ننتق$ل من اح$د الحكمين الى
االخر ففي صورة عدم ترتب االثر يحرم ترك النفقة وفي صورة ترتبه يجوز ترك النفقة ولكن
هذا يرجع الى المالزمة بين الحكم الوضعي والتكليفي ،ه$$ذا االحتم$$ال الث$$اني يمكن ان يس$$تفاد
من تطبيق هذه الجمل$$ة على ب$$اب المزارع$$ة في االخب$$ار ف$$ان الم$$زارع ي$$أتي الى االم$$ام علي$$ه
السالم و يسأل عن ترتب النسبة التي يريدها على قول فيبين له االمام عليه السالم ق$وال اخ$ر و
يعلل ذلك بقوله انما يحلل الكالم ويحرم الكالم ،على هذا االحتمال ال يصح االس$$تدالل ب$$الخبر
66
في باب المعاطاة الن الحصر بالخبر حينئذ ال يكون بلحاظ ع$$دم النط$$ق لينتفى الح$$ل والحرم$$ة
عن االفعال و انما الحصر في كالم بلحاظ كالم اخر .
االحتمال الثالث :ان يراد من الكالم المنتسب اليه الحل تارة والتحريم اخرى هو الكالم الواح$$د
وبهذا يفترق عن االحتمال الثاني ،ولم$$ا ك$$ان ع$$روض المتن$$افيين على واح$$د مس$$تحيل فال ب$$د
لرفع االستحالة من اختالل وحدة من الوحدات التسع التي ذكرها الفالسفة لحصول التضاد .
فاقترح المصنف طريقتين لرفع التنافي :
االولى :ان يكون التحليل و التحريم بلحاظ الوجود والعدم فالكالم اذا كان موج$$ودا يحل$$ل و ان
كان معدوما فيحرم .
الثانية :ان يكون التحليل و التحريم بلحاظ المحل والموضوع مثال في زوجتك اذا ص$$درت من
المحل تحلل و اذا صدرت من المحرم تحرم .
االحتمال الرابع :ان يراد من الكالم المحلل غير الكالم المح$$رم فيختل$$ف عن الث$$الث ويش$$ترك
مع الثاني ولكن يفترق عنه بعدم وح$$دة المض$$مون ،ففي الث$$اني المض$$مون واح$$د وه$$و انش$$اء
البينون$ة بين الرج$ل والم$رأة ،بينم$ا في االحتم$ال الراب$ع المض$مون مختل$ف ،فالسمس$ار في
االلفاظ الدالة على المقاولة ال يري$د انش$اء ال$بيع فه$ذا كالم محل$ل ولكن اذا اراد مض$مونا اخ$ر
وهو انشاء البيع فهو محرم لكونه بيع ما ال يملك .
و هذا االحتمال لو تم ال ربط له بالمعطاة الن الحصر ليس في مقابل الفعل وعدم النطق .
فاتضح لدينا انه ثبوتا يوجد احتماالت . 4
واتضح لدينا ان االستدالل بالخبر يتوقف على تعيين االحتم$$ال االول ولكن المص$$نف ي$$رى ان
ابعد االحتماالت هو االحتمال االول فينتج ان$$ه ال يص$$ح االس$$تدالل بالرواي$$ة وعموم$$ا في مق$$ام
االثب$$ات ومالحظ$$ة م$$ورد الرواي$$ة ي$$دور االم$$ر بين االحتم$$الين االخ$$يرين م$$ع بطالن االول
والثاني.
اما بطالن االول فللقرينة الخارجية والداخلية :
اما الخارجية فللزوم تخصيص االكثر ،بيان المالزمة انه لو حص$$رنا المحل$$ل ب$$النطق والكالم
واخرجنا االفعال للزم علينا ان نخصص هذه القاعدة بكثرة ففي باب العطايا مسلم عن$$د الفقه$$اء
عدم االنحصار باللفظ والتمليك في باب االرث ال دخالة للفظ فيه فيجب ان نخصص القاعدة ب$$ه
،والتمليك في باب الفس$$خ مس$$لم عن$$د الفقه$$اء ع$$دم دخال$$ة اللف$$ظ وكفاي$$ة م$$ا من االفع$$ال على
الرج$$وع وهك$$ذا ،وتخص$$يص االك$$ثر مس$$تهجن عرف$$ا فال يحم$$ل الكالم على م$$ا يل$$زم من$$ه
تخصيص االكثر .
67
ام$ا القرين$ة الداخلي$ة فالن$ه ل$و حملن$ا الرواي$ة على المع$نى الم$ذكور في االحتم$ال االول لم$ا
انطبقت على المورد ولما كان االمام علي$$ه الس$$الم ق$$د اج$$اب عن س$$ؤال الس$$ائل الن الس$$ائل لم
يسأل عن وجود الكالم و عدمه وانما سأل عن كالم قبل ان يملك السمس$$ار و بع$$د ان يمل$$ك فال
ربط لها بوجود النطق وعدمه.
29
اما االحتمال الثاني فهو ايضا ال يساعده مقام االثب$$ات و ذل$$ك الن مرج$$ع االحتم$$ال الث$$اني الى
وجوب مضمون واحد يراد ان يعبر عنه بتعبيرين او اكثر و في الخبر بمقتضى مورد الس$$ؤال
يوجد مضمونان ال واحد احدهما المقاول$$ة والمراوغ$$ة قب$$ل ال$$بيع وقب$$ل راء السمس$$ار واالخ$$ر
تحق$ق ال$بيع وبين المراوغ$ة والمقاول$ة وبين ال$بيع يوج$د اختالف بخالف الح$ال في االحتم$ال
الثاني حيث يوجد مضمون واحد وهو فك االرتباط بين الرج$ل والم$$رأة مثال و ه$$ذا المض$$مون
الواحد تارة نع$$بر عن$$ه ب$$انتي ط$$الق واخ$$رى ب$$انتي خلي$$ة ،والحاص$$ل ان االحتم$$ال الث$$اني ال
يتناسب مع مورد الرواية فحينئذ يدور االم$$ر بين االحتم$$ال ال 3و 4فل$$و فرض$$نا ان$$ه اثبات$$ا لم
نستطع ان نرجح احد االحتمالين فال يؤثر ذلك في جعل الخبر اجنبيا عما نحن في$$ه لم$$ا ع$$رفت
من ان صحة التمسك ب$$الخبر يتوق$$ف على تعين االحتم$$ال االول وعلي$$ه فال يض$$رنا في ابط$$ال
االستدالل بقاء الخبر متأرجحا بين الثالث والرابع .
اما امكان حمل الخبر على الثالث فبأن يقال ان السمسار قبل ان يشتري الس$لعة اذا ك$$ان كالم$$ه
عبارة عن بعتك السلعة فهذا الكالم بوجوده يكون محرما الن$$ه من بي$$ع م$$ا لم يمل$$ك بع$$د وان لم
يوجد بعتك السلعة فهذا الكالم محلل النه مجرد مقاولة من دون ايجاب للبيع فهذا وجه مس$$اعدة
مقام االثبات على االحتمال الثالث .
واما االحتمال الرابع فانطباقه على مورد الخبر في غاية الوضوح لما عرفت في مق$$ام الثب$$وت
من تطبيق االحتم$ال الراب$ع على الس$ؤال والج$واب ،ف$اذا ي$دور االم$ر بين ه$ذين االحتم$الين
وعلى كل حال يبطل االستدالل لتوقفه على االحتمال 1الذي استبعدناه بوجهين .
بعد ذلك هنلك محاولة للمصنف لتقريب االستدالل بالخبر حتى مع استبعاد المعنيين االولين .
حاصل ما افاده انه سواء حملنا الخبر على المعنى الثالث او الرابع في مرجع الخبر حينئذ بع$د
االلتفات الى مورد السؤال ان االمام عليه السالم حصر ايجاب البيع بالكالم النه عندما قال انما
يحلل الكالم ويحرم الكالم هذه الجملة التي على كل حال تشتمل على اداة حصر ل$$و ك$$ان النق$$ل
بالمعاطاة ممكنا لما صح ان يقول انما يحلل او يحرم الكالم بال فرق بين االحتم$$ال ال 3و ، 4
فان المعاطاة لو كانت مشروعة لوجب ان يقول ان$ه قب$ل ش$راء السمس$ار يح$رم الكالم والفع$ل
المساوي له و بع$$د ش$راء السمس$ار يحل$$ل الكالم او الفع$$ل المس$اوي ل$$ه ال ان يحص$$ر التحلي$$ل
والتحريم بالكالم .
68
ه$$ذه المحاول$$ة يمكن المناقش$$ة فيه$$ا في ان الحص$$ر في المق$$ام ال يخ$$رج المعاط$$اة عن دائ$$رة
المشروعية والسر في ذلك ان مورد البحث في الرواية المعاطاة فيه غ$$ير ممكن$$ة فانم$$ا حص$$ر
في اللفظ لعدم امكان المعاطاة ،ال الجل ان التحليل والتحريم ينحصر باللفظ ،والوجه في ع$$دم
تأتي المعاطاة ان المعاملة انما هي في مورد السؤال بين مش$$تر و بين سمس$$ار ال يمل$$ك الس$$لعة
فالس$$لعة ليس$$ت بي$$ده لكي يعطيه$$ا للمش$$تري فال تتحق$$ق المعاط$$اة ،فالحص$$ر ليس النحص$$ار
التشريع بالكالم بل النحصار المورد بالكالم .
في ختام هذا المطلب يأمر بالتأمل ،وبدوا هنلك احتماالت متعددة في تفسير التأمل :
االحتمال االول :ان يرجع االمر بالتأمل الى اصل المحاولة ال الى الجواب عنه$ا ،ب$دعوى ان
المحاولة المذكورة ال تتناسب م$$ع م$$ا ذكرن$$اه في ص$$در البحث من ان االس$$تدالل يتوق$$ف على
االحتمال االول الن االحتم$$االت الثالث$$ة اري$$د من الكالم فيه$$ا ليس خص$$وص اللف$$ظ ب$$ل اللف$$ظ
باعتبار كونه حاكيا عن المضمون ،فليس له ربط بالمعاطاة .
االحتمال الثاني ان يرج$$ع االم$$ر بالتام$$ل الى الج$$واب عن المحاول$$ة ،حيث اف$$اد المص$$نف ان
الحصر لعدم تأتي والوجه في امكانها احد امرين :
االول :انه من الممكن ان تكون السلعة بيد المشتري امانة او ما ش$$ابه ذل$$ك ،ويش$$هد ل$$ذلك م$$ا
ورد في صدر الخبر من التعبير باسم االشارة ،حيث قال اشتري لي هذا الث$$وب ال$$دال على ان
الثوب كان حاضرا لدى السمسار فيمكن ان يحصل التعاطي به.
االمر الثاني :قد يقال بانه في المعاطاة كما سوف يأتي البحث عنه يكفي في حصولها التع$$اطي
في احد العوضين وال يشترط في حصولها التعاطي الفعلي بكال العوضين فلو فرضنا ان الثوب
لم يكن حاضرا اال ان الثمن الذي بيد المشتري حاضر و يمكن حصول التعاطي به .
بعد هذا االخذ والرد يرى المصنف انه ل$و تنزلن$ا عن الظه$ور في اعتب$ار الكالم فال ن$تردد في
كون الخبر يشعر باعتبار الكالم وان لم يصل هذا االشعار الى حد االس$$تظهار ويمكن ان نؤي$$د
هذا االشعار باخبار اخرى تؤدي الى تقوية هذا االشعار ،فمثال من جمل$$ة االخب$$ار ال$$واردة في
المقام ،رواية يحيى بن الحجاج عن رجل قال لي اشتري هذا الث$$وب الى ان يق$$ول وال تواجب$$ه
البيع حيث ان مواجبة البيع مأخوذة من االيجاب الظاهر أو المشعر باللفظ .
المؤيد الثاني :رواية العالء الواردة في نسبة الربح الى اصل المال حيث قال له رجل يري$$د ان
يبيع بيعا انه يستعمل في العادة مثل هذا التعبير وهو قوله بعتك بده دوازده فقال له االم$$ام علي$$ه
السالم ان هذا ال بأس به ان كان من باب المراوضة حيث ان الرجل ذكر في مقاولت$$ه نس$$بة م$$ا
يربح من المشتري وهو نسبة 10الى ، 12فاالمام عليه السالم نفى عن ذلك البأس ان كان من
باب المراوضة والمقاولة اما اذا عزم على البيع فليس له ان يذكر النسبة ،بل يق$$ول بعت$$ك ه$$ذا
69
بكذا ،والوجه في مؤيدية ذلك هو ان هذا اللفظ في المقاولة غير مك$$روه وفي ال$$بيع مك$$روه ،و
هذا انما يتأتى بعد الفراغ عن اعتبار اللفظ .
المؤيد الثالث :صحيحة ابن سنان ،حيث ورد فيها البأس ان تبيع الرجل المت$$ا ليس عن$$دك الى
ان يعبر بتوجبه على نفسك وااليجاب ظاهر او مشعر باللفظ ،فمجم$$وع م$$ا تق$$دم يق$$وي دالل$ة
حديث انما يحلل الكالم ويحرم الكالم على اعتبار اللفظ .
30
بعد ان بين حقيقة المعاطاة و حرر محل النزاع فيها و ذكر االقوال واالستدالل عليها ش$$رع في
ذك$$ر مجموع$$ة من التنبيه$$ات بعض$$ها يك$$ون البحث فيه$$ا فرض$$يا النه$$ا على تق$$دير لم يق$$ل ب$$ه
المصنف و ذل$ك الن البحث االجته$ادي واالس$تداللي ليس الخ$ذ الفت$وى وانم$ا ه$و للتم$رين و
تحصيل الملكة فالبد حينئذ من ان ال يختص البحث بمبنى دون اخر .
التنبيه األول موضوعه في انه لو شككنا في اعتبار شرط في المعاطاة فما هو مقتض$$ى القاع$$دة
و الشرط المشكوك دخالت$$ه في المعاط$$اة ت$$ارة يك$$ون من ش$$رائط ال$$بيع مثال ال$$بيع اذا ك$$ان م$$ع
التفاضل في اجناس خاصة فال يصح ،فعدم التفاضل شرط في صحة البيع فه$$ل ه$$و ش$$رط في
صحة المعاطاة ام ال ،فهذا من الشروط المشكوكة التي هي دخلية في البيع حتما .
واخرى يكون الشرط المشكوك ليس مما له دخالة في البيع حتما كما لو كان شرط من الشروط
دخيال في بعض المعامالت ولم يكن دخيال في البيع كتحديد الربح بمقدار معين ،فلو شككنا في
دخالته في المعاطاة فما هو مقتضى القاعدة .
فالبحث اذا يصلح لكال النوعين من الشروط ،اال ان المقص$$ود االص$$لي ه$$و االول والتع$$رض
للثاني استطرادي ،ومنشأ الشك في االول ،تارة يرجع الى الشك في الموضوع عرف$$ا كم$$ا ل$$و
شككنا في اعتبار عدم التفاضل في المعاطاة لشكنا في كون المعاطاة بيعا عند العرف ،واخرى
يكون ذلك للشك في الموضوع شرعا وان كان محرزا لدى الع$رف ،كالمث$ال المتق$دم فيم$ا ل$و
كانت شرطية عدم التفاضل ثابتة لما هو بيع شرعي فاذا شككنا في بيعية المعاطاة شرعا فنش$$ك
في ثبوت هذا الشرط له .
وثالثة نحرز الموضوع عرفا و ش$$رعا لكن م$$ع ذل$$ك نش$$ك في ثب$$وت ش$$رط من ش$$روط ال$$بيع
للمعاطاة ،وذلك للشك في احتمال دخالة خصوصية في البيع لترتب الش$رط علي$ه وك$انت تل$ك
الخصوصية مفقودة في المعاطاة.
وعليه البد لنا من تشخيص الموضوع اوال فل$ذا في ابت$داء البحث س$اقه المص$نف للح$ديث عن
كون المعاطاة بيعا ام ال .
70
ال شك في ان المعاطاة بعد لزومها تكون بيعا على جميع المباني المتقدم$$ة ،كم$$ا ل$$و تل$$ف اح$$د
العينين بالتصرف فحينئذ تلزم وتكون بيعا على جميع المباني ،و انما الكالم في المعاط$$اة قب$$ل
اللزوم ،و هذا هو المهم في موضوع بحثن$$ا ،اذ بع$$د الل$$زوم ال حاج$$ة للبحث عن الش$$رائط و
عدمها ،خصوصا اذا كان الل$$زوم ب$$التلف ،والمعاط$$اة قب$$ل الل$$زوم ت$$ارة يق$$ال بافادته$$ا للمل$$ك
واخرى يقال بافادتها لالباحة ،اما على الق$$ول بافادته$$ا للمل$$ك :فيحكم الم$$اتن بكونه$$ا بيع$$ا ب$$ل
يستظهر من كالم المحق$ق الك$ركي المتق$دم في اول المعاط$اة ان ه$ذا ال خالف في$ه ح$تى مث$ل
العالمة القائل بكونها فاس$$دة ،فهي عن$$ده بي$$ع لكن$$ه فاس$$د ،ويمكن ان يستش$$هد على م$$ا ذك$$ره
الكركي ان الفقهاء في بحث المعاطاة إلثبات صحتها تارة و افادتها للملك ت$$ارة اخ$$رى تمس$$كوا
بقوله تعالى احل هللا البيع ،فلو لم تكن المعاطاة عن$$دهم بيع$$ا لك$$ان التمس$$ك باالي$$ة من التمس$$ك
بالعام في الشبهة الموضوعية ،ان كانت المعاطاة مشكوكة البيعية واما ان كانت محرزة الع$$دم
فهو من التمسك بالعام في غير موضوعه وهو من القياس الباطل.
اما اذا قلنا بافادة المعاطاة لالباحة فتارة ناخذ بما ذكرناه من ان المعاطاة المفيدة لالباح$$ة يقص$$د
بها المتعاطيان الملك ،واخرى يقال يقصدان بها االباحة .
اما لو قصدا الملك فيفصل المصنف في صدق الموضوع بين البيع العرفي وبين البيع الشرعي
فالمعاطاة على هذا االساس لكون المقصود منها ما يقصد من البيع فهي عند العرف تكون بيع$$ا
لكن لما كان الشارع لم يرتب عليها االثر المقص$$ود فه$$ذا يع$$ني ان$$ه بنظ$$ره ليس$$ت بيع$$ا وعلي$$ه
فالمعاطاة على هذا المبنى بيع عرفي وليس بيعا شرعيا.
اما على الث$$اني وهي ان المعاط$$اة المتن$$ازع فيه$$ا م$$ا يقص$$د منه$$ا االباح$$ة كم$$ا ذك$$ره ص$$احب
الجواهر فحينئذ ال شك في نفي الموضوع عنها عرفا وش$$رعا ام$$ا ش$$رعا فواض$$ح مم$$ا تق$$دم ،
واما عرفا فلعدم القصد منها الى ما يقصد من البيع ،فعند العرف ال تكون بيع$$ا ،و حينئ$$ذ ن$$أتي
الى صلب الموضوع اذا شككنا في اعتبار شرط فيها أي على القول بعدم كونها بيع$$ا فحينئ$$ذ ال
بد من الرجوع الى ادلة صحتها و دليل الصحة كما تقدم ينحصر باحد امرين .
االول :حديث الناس مسلطون على اموالهم بناءا على صحة التمسك به في المعاطاة .
الثاني التمسك بالسيرة .
اذا كان دليلنا هو قاعدة السلطنة فحينئذ اذا شككنا في اعتبار شرط نبني على عدم اعتب$$اره ،و
هذا البناء ناشيء من االصل اللفظي و هو اطالق قاعدة الس$لطنة ،فمثال ل$و حص$لت المعاط$اة
في النقدين مع التفاضل فنشك هل يشرط فيها كما يشرط في البيع عدم التفاضل مقتضى اطالق
قاعدة السلطنة انه لك ان تتصرف بمالك كيفما شئت سواء وجد هذا الشرط ام ال.
71
اما لو كان المدرك السيرة اما المتشرعية او العقالئي$$ة ف$$اذا ش$$ككنا في ش$$رطية ش$$يء فاالص$$ل
اعتباره الن السيرة دليل لبي يقتصر فيه على القدر المتيقن وال شك ان القدر المتيقن في ص$$حة
المعاطاة و افادتها لالباحة هو عدم وجود التفاضل.
اما على مبنى المصنف والمحقق الكركي وهي ان المعاطاة المتن$ازع فيه$ا هي المعاط$اة ال$تي
يقصد فيها ما يقصد من البيع فهل حينئذ تترتب عليه جميع شروط البيع ام ال ،عدا الصيغة .
وفي المسالة 3وجوه :
الوجه االول :انه يشترط فيها جميع ما يشترط في البيع مطلقا افادت المعاطاة الملك ام االباح$$ة
.
الوجه الثاني انه ا يشرط فيها شيء مطلقا
الوجه الثالث التفصيل بين افادتها للملك وافادته$ا لالباح$ة ،فعلى الق$ول بافادته$ا للمل$ك ت$ترتب
عليها جميع شروط البيع واال فال.
اما الوجه االول فاستدل له المصنف بما تقدم من ان هذه المعاطاة بيع عند العرف ،و الش$$روط
الثابتة للبيع ثبتت له بما هو بيع عند العرف فالبيع في قوله تعالى احل هللا البيع هو البيع العرفي
،وعندما قال و حرم الربا بناءا على شموله للربا المعاوضي نس$$تفيد ش$$رطية ع$$دم الزي$$ادة في
ذلك البيع ،الموجود عند العرف.
31
وصل الكالم الى انه على مختار المصنف في باب المعاطاة من ان محل النزاع فيم$$ا قص$$د من
المعاطاة ما يقصد من البيع ،ففي هذه الصورة هل يش$ترط في المعاط$$اة جمي$$ع م$$ا يش$ترط في
البيع سوى الصيغة مطلقا اما انه ال يشترط فيها شيء مما يشترط في البيع مطلقا او انه يفص$$ل
بين المعاطاة المفيدة للملك وبين المعاطاة على القول بافادتها لالباحة وهنل$$ك وج$$وه 3ب$$ل ، 4
وذكرنا للقول االول دليل ووصل الكالم الى المؤيد و حاصله انه ل$$و تتبعن$$ا كلم$$ات الفقه$$اء من
العامة والخاصة فنراهم انهم يعنونون البحث بما يرجع الى قولن$$ا ان الص$$يغة ه$$ل هي معت$$برة
في البيع كاعتبار سائر الشروط ام ال فلو فرضنا ان معاملة اختل فيه$$ا ش$$رط من ش$$روط ال$$بيع
سوى الصيغة فحينئذ تخرج عن العنوان المذكور في المعاطاة فهم قد فرغوا عن كون المعاطاة
مثلها مثل البيع من جميع الجه$$ات س$$وى الص$$يغة ،فه$$ذا يع$$ني ان اعتب$$ار جمي$$ع الش$$روط في
المعاطاة أمر مفروغ عنه ،فيمكن الق$$ول بن$$اءا على ذل$$ك ان المعاط$$اة هي معامل$$ة اخت$$ل فيه$$ا
شرط الصيغة و هذا يعني اعترافهم بتوفر جميع الشروط هذا هو المؤيد ،اما الوجه في الت$$نزل
عن الدليلية الى المؤيدية فيمكن ان يرجع الى احد امرين :
72
االم$$ر االول :ان ه$$ذا الكالم للفقه$$اء ال يمكن ان نتعام$$ل مع$$ه معامل$$ة االجم$$اع الن االجم$$اع
عبارة عن تصريح المتفقين بفتوى من الفتاوى و ما نحن في$ه ليس من ه$ذا القبي$ل ف$ان ص$رف
العنونة المستكشف منها اعتبار سائر الشروط ليس بمثابة الفتوى المتفق عليها .
الثاني انه بقطع النظر عن ذلك فان هذا العنوان ال يدل على اعتب$ار س$ائر الش$رائط المك$ان ان
يكونوا ذكروا سائر الشرائط ليفهم انه اذا ن$$وقش في المعاط$$اة فانم$$ا ين$$اقش فيه$$ا الج$$ل اختالل
الصيغة كما يقال مثال في باب القضاء عند من يشترط اعتبار البلوغ في القاضي فل$$و اردن$$ا ان
نثبت ع$$دم نف$$وذ الحكم في غ$$ير الب$$الغ الب$$د ان نف$$ترض قاض$$يا اس$$تكمل تم$$ام الش$$روط س$$وى
البلوغ ،فهذا ال يعني ان سائر الشروط ال نزاع فيها .
ثم استشهد في هذا المؤيد بكالم للمحدث البحراني حيث نسب الى المش$$هور ص$$حة المع$$امالت
المعاطاتية اذا استكلمت شروط البيع واستثنى الصيغة:
لقائل ان يقول ان المحدث البحراني لما نسب هذا الكالم الى المشهور فيكشف ذلك ان اس$$تكمال
تمام الشرائط فيه خالف ففي مقابل المشهور من لم يشترط االستكمال .
يجيب الماتن عن هذا االشكال ان الذي يقابل المش$هور في كالم المح$دث ه$و ق$ول العالم$ة في
النهاية بفساد البيع ال في مقابل اشتراط استكمال سائر الشرائط ،وذل$$ك الن وص$$ف الش$$هرة لم
ينصب على االستكمال وانما انص$$ب على ص$$حة المعاط$$اة المس$$تكملة فالمقاب$$ل للمش$$هور ه$$و
المقابل للصحة ال المقابل لالستكمال .
هذا تمام الكالم في توجيه االول .
اما القول الثاني وهو انه ال يشترط في المعاطاة شروط البيع مطلقا فيدل على ذلك ان لفظ البيع
في النصوص وفتاوى الفقهاء ظاهر في المعاملة الالزم$$ة في المعامل$$ة ال$$تي ثبت له$$ا الخي$$ار ،
فهي معاملة الزمة لوال الخيار ،وحينئذ فالشروط التي ثبتت لعنوان البيع ال يمكن تس$$ريتها الى
المعاطاة اال بدليل خاص بال فرق بين ان نختار افادة المعاطاة لالباحة او افادة المعاطاة للملك.
وبعبارة فنية ان هذا الدليل مركب من مقدمتين :
االولى :ان لفظ البيع الوارد في النصوص والفتاوى الذي ترتبت عليه شروط معينة ظ$$اهر في
المعاملة الالزمة .
الثاني$ة :ان المعاط$اة ال ت$دخل في المنص$رف الي$ه لف$ظ ال$بيع س$واء اف$ادت االباح$ة ام اف$ادت
الملك .
اما بناءا على افادتها لالباحة فواضح الن المعاطاة حينئذ ال تكون بيع$$ا بنظ$$ر الش$$ارع الن$$ه ق$$د
اخذ في حقيقة البيع التمليك والمفروض ان المعاطاة تفيد االباحة .
73
واما على القول بافادتها للملك وحينئذ وان كانت المعاط$$اة تش$$ترك م$$ع ال$$بيع في جنس التملي$$ك
لكنك قد عرفت ان المنصرف اليه هذا الجنس العام هو الحصة الالزمة و المعاط$$اة تفي$$د المل$$ك
الجائز فحينئذ ال تكون بيعا.
اما القول الثالث وهو القول بالتفصيل بين افادتها للملك و افادتها لالباحة فواضح مما تق$$دم ،اذ
بناءا على افادتها للملك يشملها دليل القول االول و مؤيده و على القول بافادتها لالباحة يش$$ملها
دليل القول الثاني .
ويمكن اض$$افة وج$$ه راب$$ع الى الوج$$وه ال 3المتقدم$$ة وه$$و ق$$ول بالتفص$$يل بين ش$$رائط ال$$بيع
المستفادة من الدليل اللفظي و بين ش$$رائط ال$$بيع المس$$تفادة من ال$$دليل الل$$بي كالعق$$ل واالجم$$اع
والس$$يرة فعلى االول نل$$تزم بالتعدي$$ة الى المعاط$$اة و على الث$$اني نل$$تزم باالقتص$$ار على ال$$بيع
المشتمل على الصيغة ووجهه واضح .
اما في االول فباعتبار ان الدليل اللفظي ينزل على ال$$بيع الع$$رفي فيش$$مل باطالق$$ه ال$$بيع الق$$ول
والبيع الفعلي ،واما الثاني فلكونه دليال لبيا يقتص$$ر في$$ه على الق$$در الم$$تيقن او يق$$ال ان ال$$دليل
اللبي ان كان هو االجماع فمعقده منصرف الى البيع الالزم ،فال يشمل المعاطاة.
وبعد ذلك يؤيد المصنف من بين هذه الوجوه االربعة الوج$$ه االول ،و ه$$و ان المعاط$$اة يعت$$بر
فيها جميع ما يعتبر في ال$$بيع ،الن$$ه على الق$$ول بالمل$$ك ال ش$$ك في ص$$دق ال$$بيع عليه$$ا و على
القول باالباحة فان االباحة بواسطة الفعل تحتاج الى دليل ،والدليل ال يخل$$و ام$$ا كون$$ه الس$$يرة
وهي لبية ،والق$$در الم$$تيقن هي المعاط$$اة المس$$تكملة للش$$روط واالخ$$ر قاع$$دة الس$$لطنة و ه$$ذه
القاعدة على تقدير العمل بها تدل على جواز التصرف فيما يملكه االنسان ولكن بلحاظ الشروط
ال تكون مشرعة فال اطالق لها من هذه الناحي$$ة فنقتص$$ر على الق$$در الم$$تيقن ،وه$$و المعاط$$اة
المستكملة .
بعد ذلك ينقل كالما للشهيد يظهر منه انه يختار الوجه ، 2حيث ان$$ه في حواش$$يه على القواع$$د
منع عن امور في باب المعاطاة ،منها ان يخ$رج الم$$أخوذ بالمعاط$$اة خمس$ا او زك$$اة الى غ$$ير
ذلك من االمور ،وعلل عدم جواز ذلك بقوله الن المعاطاة ليست عقدا و حينئذ اذا لم تكن عقدا
فال تكون بيعا وعليه ال تشملها ادلة الشروط في البيع .
32
تقدم في بعض حواشي الشهيد على قواعد العالمة انه ذهب الى عدم اعتبار بعض الش$$روط في
المعاطاة ،و يوجد عنده عبارة موهمة حيث ان الق$$ول بع$$دم ج$$واز اخ$$راج الم$$اخوذ بالمعاط$$اة
صدقة انما يدل على عدم افادة المعاطاة للملك ،ولكن تعليله بان المعاطاة ليست عق$$دا الزم اعم
من نفي الملك ،اذ من المحتمل ان تكون نفي العقدية راجعة الى عدم افادتها للملك كم$$ا ان$$ه من
74
المحتمل ان ترجع الى عدم افادتها للزوم وعليه فال يكون كالمه ص$$ريحا في ه$$ذا التعلي$$ل فه$$ل
عدم عقدية المعاطاة الموجبة لعدم ترتب الشرائط ترجع الى عدم الملك اصال ام ترجع الى نفي
ص$$فة المل$$ك وه$$و الل$$زوم ،وكيفم$$ا ك$$ان فق$$د اخت$$ار المص$$نف االحتم$$ال االول وهي ان تم$$ام
الش$$روط س$$وى الص$$يغة معت$$برة في المعاط$$اة ح$$تى على اس$$وأ االحتم$$االت وهي ان تك$$ون
المعاطاة مفيدة لالباحة الن$$ه على ه$$ذا الق$$ول المعاط$$اة ان لم تكن بيع$$ا عن$$د الش$$ارع الن ال$$بيع
الشرعي اخذ فيه عنوان التمليك لكنها ال تخ$$رج بحكم الش$$ارع باالباح$$ة عن كونه$$ا بيع$$ا بنظ$$ر
الع$$رف وحينئ$$ذ ال ب$$د من تنقيح موض$$وع الش$$روط في ب$$اب ال$$بيع ف$$ان ك$$ان موض$$وعه ال$$بيع
الشرعي فال دليل على تعدية الشروط الى المعاطاة لعدم كونها بيعا ش$$رعيا بن$$اءا على االباح$$ة
وان كان الموضوع هو البيع ه$$و الع$$رفي فتتع$$دى الش$$روط الى المعاط$$اة يخت$$ار المص$$نف ان
موضوع الشروط هو البيع العرفي ،والسبب في ذلك ان ادلة الش$$روط عام$$ة فل$$و خصص$$ناها
بالبيع العقدي الذي يحصل بالصيغة المعتبرة للزم من ذلك تخص$$يص االك$$ثر وذل$$ك الن غ$$الب
البيوعات في الخارج من قبيل المعاطاة ،هذا اذا ارجعن$$ا كالم الم$$اتن في التقيي$$د بغ$$ير الغ$$الب
الى تخصيص االكثر.
ومن الممكن ارجاعه الى معنى اخر وهو التقييد بالفرد الن$$ادر والمس$$تفاد من كلم$$ات المص$$نف
في مواضع مختلفة من الرسائل والمكاسب يقتضي ان نحم$$ل العب$$ارة على المع$$نى الث$$اني دون
االول و ذلك الن تخصيص االكثر انما يكون مستهجنا فيما لو ك$$ان الخ$$ارج عن$$اوين اك$$ثر من
الباقي ،ام$$ا ل$$و ك$$ان الخ$ارج عنوان$$ا واح$دا ل$$ه مص$$اديق اك$$ثر من العن$$وان الب$$اقي فه$$ذا ليس
مستهجنا ،وفيما نحن فيه فان الخارج عن ادلة الشروط في البيع هو عنوان واحد ،وه$$و ال$$بيع
غير العقدي ،وصادف ان كان في الخارج مصاديقه اكثر من مصاديق العنوان الباقي.
فنتعين ان نحمل العبارة على ارادة الفرد النادر من ادلة الشروط .
هذا هو الدليل االول على ان موضوع الشروط هو البيع العرفي .
الدليل الث$$اني :ان االص$$ل الح$$اكم في ك$$ل عق$$د ه$$و اص$$الة الفس$$اد و مرج$$ع ه$$ذا االص$$ل الى
االستصحاب الن معنى الفساد في العقود هو عدم ترتب االثر فاذا شككنا في ت$$رتب االث$$ر على
معاملة وحصول النقل واالنتقال فاالستصحاب يقتضي ابقاء ما كان على ما ك$$ان ،ف$$اذا ثبت ان
االصل في العقود هو الفساد فال نستطيع ان نخرج عن هذا االصل اال ب$$دليل محكم ف$$اذا ش$$ككنا
في س$$عة ال$$دليل المخ$$رج من تحت االص$$ل نقتص$$ر في$$ه على الق$$در الم$$تيقن الخ$$ارج من تحت
االصل و القدر المتيقن هو المستجمع لجميع الشروط فهذا هو الدليل الثاني إلثبات الوجه االول
.
وعلى هذا االساس يتفرع على هذا المختار تحريم الربا في المعاط$اة في ه$ذا الف$رع ه$ل الرب$ا
حرام في المعاطاة مطلقا افادت الملك ام لم تفد ،بناءا على افادة الملك يجري الربا في المعاطاة
75
ح$تى ل$و خصص$نا الحكم ب$البيع وقلن$ا ان الرب$ا ح$رام في خص$وص ال$بيع لم$ا ع$رفت من ان
المعاطاة بناءا على افادة الملك تكون بيعا ،و انما الكالم على القول بافادتها لالباحة فهل يجري
تحريم الربا فيها ،فهنا تارة نقول ان موض$$وع الحرم$$ة ه$$و مطل$$ق المعاوض$$ة ،ال خص$$وص
ال$$بيع ،واخ$$رى نق$$ول ان مض$$وعها خص$$وص ال$$بيع فعلى االول يعمم التح$$ريم الى المعط$$اة
لكونها معاوضة عرفية و ان لم تفد الملك ،بل هي ايض$ا معاوض$ة ش$رعية ،وان لم تكن بيع$ا
شرعيا ،غاية االمر تكون معاوضة مستقلة .
اما لو قلنا بمقولة صاحب الج$$واهر ب$$ان المتن$$ازع في$$ه هي المعاط$$اة ال$$تي قص$$د منه$$ا االباح$$ة
فاختار المصنف جريان الربا فيها على تأمل ،اما وجه الجريان :فيبتني على مقدمتين :
االولى :ان يكن موضوع حرمة الربا مطلق المعاوضات ال خصوص البيع .
الثاني$$ة :ان يك$$ون الم$$راد من المعاوض$$ة ليس خص$$وص المعاوض$$ة الش$$رعية ،ب$$ل مطل$$ق
المعاوضات ،ولو عند العرف ،فاذا ثبتت هاتان المقدمتان يمكن حينئذ تعدية حرم$$ة الرب$$ا الى
المعاطاة بناءا على مقولة الجواهر .
اما الوجه في امره بالتأمل فباعتبار امكان المناقشة في المقدمة الثانية ،حيث انه حتى لو عممنا
المعاوضة على ما يشمل المعاوضة العرفية فاننا نشكك في انطباق الصغرى ف$ان المعاوض$ات
عند العرف ما يترتب عليه المبادلة بين العينين ،ال المبادلة بين الحكمين اعني االباحة .
من جملة احكام البيع الخيار فهل تثبت الخيارات في المعاط$$اة ام ال ،الب$$د اوال من تنقيح مح$$ل
البحث ،فالكالم عن المعاطاة قبل افادتها للزوم بالتلف اذ ال معنى للبحث عن ثبوت الخي$$ار بع$$د
التلف ،فاذا اخترنا في المعاطاة ما نسب الى المشهور من افادتها لالباحة فال مع$$نى للبحث عن
الخيار الن الخيار يثبت جواز الفسخ و هذا الجواز ثابت في المعاطاة بدونه .
اما لو قلنا بافادتها للمل$$ك فيوج$$د احتم$$االن االحتم$$ال االول ثب$$وت الخي$$ار في المعاط$$اة مطلق$$ا
بجميع انواعه السبعة .
االحتمال الثاني التفصيل بين الخيارات المختصة بالبيع كخي$$ار المجلس والحي$$وان والخي$$ارات
المطلقة في كل معاوضة كخيار الغبن والعيب فاالول يجري دون الثاني.
المغبون مخير بين الرد والقبول كما هو ،ال الرد والقبول مع اخ$$ذ م$$ا في$$ه التف$$اوت ،وام$$ا في
خيار العيب فطرفا التخيير هما الرد والقبول مع االرش المصنف في العب$$ارة ع ّ$د خي$$ار العيب
الى المعاطاة في خصوص الرد واستثنى االرش وهنا خالف بين المحش$$ين ان اس$$تثناء االرش
هل هو لعدم جريانه ام لوضوح جريانه .
76
على التفسير االول ينشأ االستثناء من كون رواي$$ات االرش ن$$اظرة الى خص$$وص ال$$بيع ال الى
مطلق المعاوضة ،اما على الشرح الثاني فالمعاطاة بما انها تفيد الملك المتزلزل فلو ت$$بين انم$$ا
اعطي كان معيبا ورضي االخذ بهذا المعيب مع اخذ التفاوت فبم$$ا ان المعاط$$اة ت$$رتبت بمج$رد
االعطاء ال التعاقد اللفظي فيكفي في ذل$$ك اب$$راز الرض$$ا وقب$$ول االرش رض$$ا فه$$و يج$$ري بال
خالف .
33
التنبيه 2ويمكن ان يعنون بمعيار تحقق المعاطاة ،ال شك ان البناء اللفظي للكلمة المبت$$ني على
صيغة المفاعلة يقتضي ان يحصل االعطاء واالخذ من الطرفين الن صيغة المفاعل$$ة ت$$دل على
ان كل واحد من الطرفين يفعل في االخر م$$ا يفع$$ل االخ$$ر ب$$ه من قبي$$ل المش$$اركة والمض$$اربة
ومنها المعاطاة وعلى هذا االساس يكون القدر المتيقن من المعاطاة التي تفي$د المل$ك او االباح$ة
هو ان يحصل اعطاء واخذ من الطرفين وبهذا يتم الكالم في الصورة االولى .
الصورة الثانية ،ان يحصل االعطاء او االخذ من طرف واحد ،فاالخذ واالعطاء ال يكون من
كليهما وانما يكون من احدهما ،الشهيد 1في الدروس جعل هذه الصورة من المعاطاة ،ورتب
عليها حكمها ،فان كان المقص$ود انه$ا من المعاط$اة موض$وعا ففي$ه نظ$ر لم$ا ع$رفت من ان
المفاعلة ال تتحق$$ق في المق$$ام اال باالعط$$اء واالخ$ذ من كليهم$$ا وان ك$$ان المقص$$ود كونه$$ا من
المعاطاة حكما بان يقال بان االعطاء من احد الط$رفين بمنزل$ة االيج$اب من الب$ائع واالخ$ذ من
الطرف االخر بمنزلة القبول من المشتري ،فلما تواجد فيها اركان البيع اخ$$ذت حكم المعاط$$اة
التي هي من البيع ،وان لم يصدق موضوعا عليها انها بيع فان كان هذا ه$$و المقص$$ود فينبغي
ان نفصل بين القول بافادة المعاط$$اة للمل$$ك والق$$ول بافادته$$ا لالباح$$ة ،فعلى االول ،يك$$ون م$$ا
ادعاه الشهيد صحيحا فيتحقق بفعل واحد االيجاب والقبول الن االعط$$اء يالزم$$ه االخ$$ذ ول$$و لم
يكن الطرف الثاني قد اعطى فتتواج$$د ارك$$ان ال$$بيع فتش$$مله اطالق$$ات االدل$$ة ولكن على الق$$ول
باالباحة خصوصا على نظرية صاحب الجواهر ف$$االمر مش$$كل وذل$$ك الن ت$$أثير المعاط$$اة في
االباحة ليست من باب البيعية لكي تتناولها اطالقات البيع ،بل العمدة في ذلك كان السيرة وبم$$ا
ان السيرة دليل لبي فنقتصر على القدر المتيقن ،وهو تحقق المعاطاة موضوعا كما ه$$و الح$$ال
في الصورة االولى .
اللهم اال ان يدعى ان السيرة وان ك$$انت دليال لبي$$ا اال انه$$ا قائم$$ة على االطالق وذكرن$$ا م$$رارا
الفرق بين التمسك باطالق الدليل اللبي وبين قيام اللبي على االطالق .
الصورة الث$الث :ان تتحق$ق المعاط$اة بايص$ال الثمن واخ$ذ المثمن الف$رق بين ه$ذه الص$ورة
والسابقة انه في السابقة حصل فع$$ل من كال الط$$رفين وان ك$$ان فع$$ل ك$$ل واح$$د منهم$$ا مغ$$ايرا
لالخر فاحدهما اعطى واالخر اخذ .ففي هذه الصورة لم يصدر فع$$ل من الط$$رفين وانم$$ا اح$$د
77
الطرفين اوصل الثمن واخذ المثمن ،كما لو دخلت الى دك$ان لم يكن ص$احبه موج$ودا فاخ$ذت
الخبز ووضعت الثمن ،فهل يمكن تصحيح هذه الصورة ،على اساس ادلة المعاطاة ،ام ال .
البد لتصحيح هذه الصورة ان يتضح لنا المعيار في المعاطاة حكما اعم من الملك واالباح$$ة في
المعاط$$اة لكي ي$$ترتب الحكم نحت$$اج الى وص$$ول العوض$$ين او اح$دهما م$$ع الرض$$ا وعلى ه$$ذا
االساس اختار المقدس االردبيلي تصحيح هذه الصورة الن كل واح$د من العوض$ين ق$د وص$ل
الى صاحبه ،فان الخبز قد وص$$ل باخ$$ذه والثمن ق$$د وص$$ل بوض$$عه في المك$$ان المع$$د ل$$ذلك ،
وسوف يأتي قريبا في بعض التنبيهات االتية ان$$ه ال يش$$ترط في االخ$$ذ القبض بالي$$د ويكفي في$$ه
مج$رد االيص$ال الى المك$ان ال$ذي ارض$ى ب$ه ،والكالم المتق$دم س$ابقا في التفص$يل بين اف$ادة
المعاطاة للملك واالباحة يجري هنا وسيأتي الحديث عن ذلك مفصال.
نعم االشكال في الصورة الثانية بناءا على االباحة اصعب من هذه الصورة النه من الممكن في
المقام كما اشرنا ان يكون اعداد الظرف ليوضع في$ه الم$ال اس$تالم و اخ$ذ ،ورض$ا ب$ان يأخ$ذ
المشتري في مقابله والسيرة فيها اوضح من الصورة السابقة .
الصورة الرابعة ،ان ال يتحقق اخذ واعطاء اصال ،وقد اشرنا الى ذلك سابقا لم$$ا مث$$ل الش$$هيد
على انتفاء شرائط البيع بعدم التقابض في المجلس وتحقق هذه الصورة يبتني على ان المقصود
من المعاطاة كل معاملة تكون خالية عن الصيغة المخصوصة ال خصوص الفعل الخارجي من
االعطاء واالخذ فمثال لو تقاولنا على بيع هذا الكتاب و بعت$$ك اي$$اه بغ$$ير الص$$يغة المخصوص$$ة
كما لو بعتك بالفارسية فيصدق على البيع الفارسي على تقدير اشتراط العربية ان$$ه معاط$$اة وان
لم يحصل اخذ و اعطاء بناءا على ان المعاطاة تصدق على كل ما ليس بيعا بالصيغة.
التفصيل هنا بين الملك واالباح$$ة في غاي$$ة الوض$$وح الن$$ه في الص$$ورتين االخ$$يرتين ك$$ان من
الممكن دعوى قيام السيرة على االطالق ،اما هنا فهذه الدعوى ليس له$$ا مج$$ال ،لك$$ون اللف$$ظ
اوال ال يساعد على هذا االطالق ،وثانيا ان هذه الصورة من الم$وارد الن$ادرة فال تتحق$ق فيه$ا
سيرة.
التنبيه الثالث :ويمكن ان يعنون بالتمييز بين البائع والمشتري ففي ال$$بيع بالص$$يغة في الغ$$الب
البائع متمايز عن المشتري الن البائع من يوجب و المش$تري من يقب$ل ،وانم$ا قلت غالب$ا الن
البيع قد يحصل باالستيجاب كما سوف ي$$أتي فينعكس االم$$ر كم$$ا ل$$و ق$$ال المش$$تري بع$$ني ه$$ذا
الكتاب فقال البائع قبلت .
وال شك ان البائع مفهوما متمايز عن المشتري فالمشتري صاحب الثمن والبائع صاحب المثمن
وحينئذ اذا اردنا ان نطبق هذا الفارق المفهومي على المعاطاة فنحن امام صور متعددة :
78
الصورة االولى :ان يكون احد العوضين مما تعارف جعله ثمنا كال$$دراهم وال$$دنانير والع$$وض
االخر مم$$ات ع$$ارف جعل$$ه مثمن$$ا ولم يص$$رحا ب$$الخالف ،ففي ه$$ذه الص$$ورة يك$$ون ص$$احب
الدراهم هو المشتري وصاحب العين هو البائع .
الصورة الثانية :ان يكون العوضين من غير ما تعارف جعله ثمن$$ا ككت$$اب فق$$ه بكت$$اب اص$$ول
مثال هذه الصورة لها حاالت : 3
االولى :ان يقصدا ان يكون احد الكتابين عوضا عن الثمن ،كما لو كان الغرض االساسي ه$$و
راء كتاب الفقه وكان ثمنه دينارا ولعدم ملكية المشتري للدينار قوم كتاب االصول واعطي بدل
الدينار في هذه الحالة االمر واضح فان صاحب كتاب االصول هو المشتري .
الحال$$ة الث$$اني :ان ال تالح$ظ اح$دى العي$$نين ب$$دال عن الثمن و انم$$ا قص$$دا مج$رد المقابل$$ة بين
الكت$ابين او ل$وحظت البدلي$ة في ك$ل واح$د منهم$ا ،ففي ه$ذه الص$ورة يوج$د اش$كال و خالف
واالقوال في ذلك متعددة :
34
البحث بالتنبيه الث$$الث في تش$$خيص الب$$ائع عن المش$$تري ووص$$ل البحث الى الص$$ورة ال$$تي ال
يكون فيها احد العوضين قد دفع بعنوان انه مساوي للثمن والمالية ام$$ا لع$$دم دف$$ع واح$$د منهم$$ا
كذلك واما بدفعهما معا كذلك في هذا الفرع يوجد وجوه 4و قب$$ل بيانه$$ا ال ب$$د من االش$$ارة الى
ثمرة هذا البحث فم$$ا هي الثم$$رة المترتب$$ة على التمي$$يز بين المش$$تري والب$$ائع فنق$$ول ان هنل$$ك
احكام تترتب في باب البيع و هي على أنحاء :3
منها ما يكون مشتركا بين البائع و المشتري ،كملكية كل واحد منهم$$ا لم$$ا انتق$$ل الي$$ه و ثب$$وت
حق خيار المجلس لكل واحد منهما ،و منه$$ا م$$ا يك$$ون مختص$$ا بالب$$ائع كم$$ا ه$$و مف$$اد القاع$$دة
المعروفة بان التلف في زمن الخيار من كيس البائع مثال ،و منها ما يكون مختص$$ا بالمش$$تري
كخي$$ار الحي$$وان على الق$$ول باختصاص$$ه بالمش$$تري ،و على ه$$ذا االس$$اس تظه$$ر الثم$$رة في
االحكام المختصة بكل واحد منهما ،فالبد من تعيينها لتترتب تلك االحكام و كيفم$$ا م$$ا ك$$ان في
الفرض االخير يكون ك$$ل واح$د منهم$$ا بائع$$ا و مش$تريا و علي$$ه فكم$$ا ت$$ترتب عليهم$$ا االحك$$ام
المش$$تركة ت$$ترتب عليهم$$ا االحك$$ام الخاص$$ة ،و م$$ا يمكن ان يك$$ون م$$دركا له$$ذا الوج$$ه ه$$و
االستعانة بما ذكره ائمة اللغة في تعريف كل من البيع و الشراء فالبيع كما تقدم عن الفيومي هو
مبادلة مال بمال فكل واحد من المتعاطيين يصدق عليه ان$$ه ب$$ادل مال$$ه بم$$ال ص$$احبه ف$$إذا ك$$ل
واحد منهما يكون بائعا واما الشراء فقد نص بعض ائمة اللغة على انه ترك شيء واالخذ بغيره
،و صاحب كل واحد من السلعتين يأخذ ما في يد صاحبه و يترك في يده لص$$احبه فم$$ع ص$$دق
عنوان الشراء يكون كل واحد منهما مشتريا ،بلحاظ االحك$$ام المش$$تركة ال يوج$$د أي م$$انع من
ترتبهما على كل واحد منهما لما عرفت من ان االحكام المشتركة ال تختص بعنوان دون اخر ،
79
وعليه فتكون ثابته حتى في صورة الجهل بانطباق العنوان على واحد منهما ،فإذا ك$$انت ثابت$$ة
في صورة الجهل فكذلك في صورة العلم بانطباقهما على كل واحد منهما.
وانما الكالم في االحكام الخاصة من قبيل خيار الحيوان و من قبيل بعض احكام التلف فللوهل$$ة
األولى قد يقال بترتب تمام هذه االحكام عليهما لصدق العن$$وان ،ف$$ان ص$$دق عن$$وان اآلخ$$ر ال
ينافي ترتب الحكم الثابت للعنوان األول ،و لكن هذا الكالم وان كان ص$حيحا في مق$ام الثب$وت
بمعنى انه ال يوجد م$$انع من ت$$رتب االحك$$ام الخاص$$ة عليهم$$ا و لكن مق$$ام اإلثب$$ات قاص$$ر عن
ذلك ،ضرورة ان ادلة االحكام الخاصة منصرفة الى صورة االختصاص في صدق العنوان و
هذا االنصراف لم ينشا عن كثرة الوجود او االستعمال لين$$اقش في$$ه وانم$$ا ه$$و ث$$ابت بمناس$بات
الحكم والموضوع بتقريب ان دليل خيار الحيوان مثال الدال على ثبوت الخيار للمشتري خاصة
يكون نفس التخصيص بالمشتري سبب لالنصراف هذا الخيار للمشتري في صورة تم$$يزه عن
البائع واال لما صدق االختصاص و على هذا االساس تكون ادلة االحكام الخاصة منصرفة عن
العناوين المشتركة.
الوجه الثاني ان يقال ان البائع هو من يعطي اوال ،و يمكن ان يستدل على ذل$$ك ان االدل$$ة دلت
على انه في البيع المتعارف يكون االيجاب قبل القب$$ول نظ$$را الى ك$$ون القب$$ول يتض$$من مع$$نى
المطاوعة فالبد ان يصدر شيء لكي يطاوعه اآلخر و اذا ك$$ان االم$$ر ك$$ذلك فيك$$ون ق$$د تواف$$ق
الوضع مع الطبع حيث ان وضع االلفاظ و االدلة على تقدم االيجاب على القبول و طبع حقيق$$ة
االيجاب والقبول تقتض$$ي ان يتق$$دم االيج$$اب على القب$$ول و علي$$ه ان قلن$$ا ان المعطي اوال ه$$و
البائع نكون قد وافقنا الوضع والطبع و ان عكسنا نكون خالفناهما .
الوج$$ه الث$$الث :ان ه$$ذه المعاط$$اة تخ$$رج عن كونه$$ا بيع$$ا فال حاج$$ة حينئ$$ذ لتع$$يين الب$$ائع من
المشتري و انما هي معاطاة مصالحة أي يتسالم كل واح$د من المتع$اطيين ان يعطي مال$ه قب$ال
مال اآلخر و على هذا االساس نجد ان الفقهاء حملوا قول احد الشريكين لك ما عن$$دك و لي م$$ا
عن$$دك على المص$$الحة و اس$تدلوا به$$ا على ج$واز الص$$لح في ص$$ورة الجهال$$ة ففيم$$ا نحن في$$ه
احدهما يقبل بما عند االخر بما عنده فهذا نوع من المص$$الحة غاي$$ة االم$$ر حص$$ل بالفع$$ل دون
القول .
الوجه الرابع القول بان هذه المعاطاة معاوضة مس$$تقلة ال ت$$دخل تحت اح$$د العن$$اوين و يتمس$$ك
لتصحيحيها بعمومات لزوم الوف$$اء بك$$ل عق$$د يخت$$ار المص$$نف من ه$$ذه الوج$$وه الوج$$ه الث$$اني
لتمامية المقتضي و فقدان المانع.
اما تمامية المقتضي فلما عرفت من دليل الوجه الثاني واما ان الم$$انع مفق$$ود فالن م$$ا يمكن ان
يقع مانعا هو ادلة احد الوجوه ال 3االخرى و كلها باطلة اما الوجه االول فلوضوح ان م$$ا ورد
في تعريف البيع والشراء ال يراد منه مطلق المبادلة و مطلق ترك الشيء واخ$$ذ اآلخ$$ر ،و اال
80
لصدق على من ينتخب شيئا عند التخيير انه مش$تري الن$ه اخ$ذ ش$يئا و ت$رك اخ$ر ،ف$إذا ك$ان
المراد من البيع والشراء ليس مطلق المبادلة ومطلق اخذ شيء و ترك اخر نستفيد ان كل واحد
من البيع والشراء فيه خصوصية ال تصدق على اآلخر و ام$$ا دع$$وى ان المعط$$اة مص$$الحة او
انها من العقود المستقلة فان$$ه ي$$ترتب علي$$ه ت$$ال فاس$د حاص$$له ان$$ه اذا جعلن$$ا ه$$ذه الص$$ورة من
المعاط$$اة خارج$$ة عن ال$$بيع و ملحق$$ة بالمص$$الحة او المعاوض$$ة المس$$تقلة بينم$$ا ب$$اقي ص$$ور
المعاطاة جعلناها بيعا فيلزم من ذلك ان يكون تعين المشتري والبائع مقوما لبيعي$$ة ال$$بيع م$$ع ان
هذا لم يقل به احد ،فان البيع يتقوم بانشاء تمليك عين بم$$ال ،نعم الزم ذل$$ك ان يوج$$د مش$$تري
وبائع ال ان يتعين المشتري ويتميز عن البائع ،وعليه ان لم تتق$$وم حقيق$$ة ال$$بيع ب$$ذلك ال وج$$ه
للتفريق بين صورة المعاطاة بجعلها بيعا و بعضها اآلخر بجعلها صلحا.
التنبيه الرابع في اقسام المعاطاة بحسب قصد المتعاطيين ذكر الم$$اتن 4اقس$$ام ناش$$ئة من ك$$ون
المعاطاة اما ان يقصد فيها التمليك او االباحة كما تقدم ،وعلى كل اما ان يقصد المعاوض$$ة بين
العوضين او المعاوضة بين التمليكين واالباحتين فتكون االقسام : 4
القسم األول يرجع الى ان يقصد كل واحد منهما تلميك ماله بمال صاحبه في ه$$ذه الص$$ورة م$$ا
هو حكم االعطاء الثاني هل هو مقوم للمعاطاة ام انه شيء يترتب على المعاطاة و يكون الحق$$ا
له$$ا فعلى األول ل$$و م$$ات الث$$اني قب$$ل ان يعطي فتك$$ون المعاط$$اة باطل$$ة و على الث$$اني تك$$ون
المعاطاة صحيحة الصحيح عند المصنف في هذا الوج$$ه ان االعط$$اء الث$$اني ليس من مقوم$$ات
المعاطاة و اركانها فالمعاطاة تحصل باعط$$اء االول واخ$$ذ الث$$اني فاالعط$$اء من االول ايج$$اب
واالخ$$ذ من الث$$اني قب$$ول ف$$إذا تمت المعامل$$ة بتمامي$$ة ركنيه$$ا يك$$ون اعط$$اء الث$$اني من احك$$ام
المعاملة التي تمت اركانها .
وعلى هذا االساس يكون باب المفاعلة فيما نحن فيه متقوما بفعلين متضايفين ال ب$$ان يفع$$ل ك$$ل
واحد مع اآلخر ما يفعل اآلخر معه فالمعاطاة حصلت باعطاء االول و اخذ الثاني واالخذ غ$$ير
االعطاء نعم بين االعطاء واالخذ تضايف .
35
القسم الثاني :ان يقصد التمليك كالسابق و لكن تكون المقابلة بين التمليكين ه$$ذا القس$$م يتص$$ور
على نحوين :
النحو األول :ان يكون تمليك الثاني من قبي$$ل الع$$وض عن تملي$$ك األول و حينئ$$ذ يختل$$ف ه$$ذا
النحو عن القسم األول فانه في القسم األول ك$$ان اعط$$اء الث$$اني غ$$ير دخي$$ل في ق$$وام المعاط$$اة
وانم$$ا ه$$و من االحك$$ام الالحق$$ة له$$ا بينم$$ا في ه$$ذا النح$$و من القس$$م الث$$اني تك$$ون المقاول$$ة و
المعاوضة قائمة بين التمليكين فيكون التمليك 2مقومة للمعاطاة و يترتب على ذلك ان االول لو
انشا تمليكه بالفعل و هو االعط$$اء و اخ$$ذ الث$$اني بن$$اءا على القس$$م االول يجب على الورث$$ة ان
81
يعطوا العين المقابلة لما اخذ مورثهم الن المعاطاة بحسب الف$$رض ق$$د وقعت تام$$ة و ص$$حيحة
في حياة المورث فيترتب عليها احكامهما و لواحقها بع$$د موت$$ه وام$$ا في ه$$ذا النح$$و فالمعاط$$اة
تكون باطلة من رأس النه بناءا عليه فان المعاطاة تتقوم بالطرفين وما دام الطرف 2لم يقم بما
هو عليه فلم تتحقق المعاطاة فال يجب على الورثة ش$$يء ،و لكن المش$$كلة في ه$$ذا النح$$و انم$$ا
هي في تصحيحه فعلى أي اساس يصحح فان هذا ال يخلوا من االستعانة باحد امور :
االمر االول :ان نصححه باطالقات البيع و هذا مش$$كل ،الن حقيق$$ة ال$$بيع هي المعاوض$$ة بين
المالين ال بين الفعلين ،فيكون التمسك باطالقات ادلة البيع لتصحيحه من التمسك ب$$االطالق في
غير موضوعه.
االمر الثاني ان يتمسك باطالقات الهبة المعوضة فانه في الهبة المعوض$$ة نالح$$ظ ان الم$$دفوع
هبة ليس في مقابله شيء و اال لما كان هبة وانما تمليك العوض في مقابل التمليك بالهب$$ة ال في
مقابل المال فحينئذ تشمله اطالقات ادلة الهبة ،ولكن على ال$رغم من ه$ذا البي$ان االم$ر مش$كل
وال يمكن تص$$حيح ه$ذه المعاط$$اة عن طري$$ق ادل$$ة الهب$$ة المعوض$$ة وذل$$ك لظه$$ور ادل$$ة الهب$$ة
المعوضة في ان الموهوب له يكون بصدد الوفاء بالشرط ال بصدد انشاء تمليك في قبال تملي$$ك
اخر كما هو المقصود من هذا النحو من المعاطاة.
االمر الثالث :ان نصحح هذه المعاطاة بعمومات ادلة الص$$لح و ه$$ذا أم$$ر ممكن ثبوت$$ا و اثبات$$ا
غاية االمر سوف لن يترتب على هذه المعاطاة االحكام الثابتة للمعاوضات الخاصة ،أي احكام
البيع كالخيار و غيره.
االمر الرابع ان تصحح عن طريق االلتزام بكونها عقدا مس$تقال بن$اءا على جع$ل االل$ف والالم
في قوله تعالى اوفوا بالعقود ليست للعهد لكي يقال ان ه$$ذا النح$$و ليس من العق$$ود المعه$$ود ب$$ل
يراد منها استغراق جميع افراد الجنس فكل معاقدة بين طرفين تشملها اوفوا بالعقود .
النحو الثاني ان يكون تمليك الثاني على نحو الداعي الى الع$$وض و الف$$رق بين الع$$وض و بين
الداعي مفهوما و اثرا اما مفهوما فكون شيء عوض$ا يقتض$ي كون$ه مقوم$ا للمعاوض$ة بخالف
كونه داعيا فمثال اعطيك قرضا في مقابل الزيادة فكانت الزي$$ادة عوض$$ا وركن$$ا في المعامل$$ة و
اخرى اعطيك قرضا بأمل ان تزيد عند التسليم فهذا من قبيل الداعي ال يكون مقوما للمعاوض$$ة
و ام$$ا اث$$را ف$$العوض ال يقب$$ل التخل$$ف ش$$رعا بخالف ال$$داعي ،ه$$ذا النح$$و وان ك$$ان ال يمكن
تصحيحه باطالقات ادلة البيع لما عرفت ان البيع مبادل$$ة بين م$$الين على وج$$ه العوض$$ية ولكن
يمكن تصحيحه بادلة الهبة المعوضة ،هذا تمام اكالم في القسم الثاني بنحويه
القسم الثالث :ان يكون االول قاصدا الباحة ماله بعوض و هذا القسم يش$$به القس$$م األول ،ف$$ان
المعاوضة بين المالين ال بين الفعلين واالباحتين ،و على هذا االساس فيكون قبول الثاني باخذه
وال يتوقف على اعطائه فكأن االعطاء بمثابة قولنا ابحت لك هذا الكت$$اب ب$$درهم و اخ$$ذ اآلخ$$ر
82
بمثابة قبوله ،ولكنه بأخذه سوف يمل$$ك األول م$$ا في ي$$د اآلخ$$ر من ال$$درهم مثال ،الن ال$$درهم
وقع في قبال اباحة مال االول .
القسم الرابع ان تكون المعاوضة بين االباحتين كما هو الحال في القسم الثاني و هذا ايض$$ا على
نحوين :
تارة على سبيل المعاوض$$ة و اخ$$رى على س$$بيل ال$$داعي استش$$كل المص$$نف في القس$$م الث$$الث
والرابع ومنشأ االشكال يعود الى وجهين احدهما مشترك الورود بين القسمين واالخ$$ر مختص
باحدهما :
اما االول فالمفروض ان المقصود في القسمين هو االباحة و يراد منها اباحة جميع التص$$رفات
المتوقف$$ة على ملكي$$ة المتص$$رف فمن جه$$ة اب$$اح ل$$ه جمي$$ع التص$$رفات و من جه$$ة ف$$ان بعض
التصرفات على الملكية ،استظهر المصنف عدم الجواز .
االشكال الثاني :يختص بالقسم الثالث الذي هو عبارة عن اباحة المال بازاء العوض فان منش$$ا
االشكال في ان العقد حينئذ مركبا من اباحة و تمليك فمن صاحب الكت$اب المعطي يوج$د اباح$ة
لجميع التصرفات و من صاحب الدرهم يوج$$د تملي$$ك في قب$$ال االباح$$ة و س$$وف ي$$أتي ان ه$$ذا
االمر ليس واردا في العقود المتعارفة .
والبحث فعال يقع في االشكال األول فقد اس$$تظهر المص$$نف ورود ه$$ذا االش$$كال و ع$$دم ج$$واز
اباحة جميع التصرفات بهذه المعاملة و ذلك لما نقحن$$اه س$$ابقا في قاع$$دة الس$$لطنة حيث قلن$$ا ان
هذه القاعدة ال تشرع انواع التصرفات ،وانما تج$$وز التص$$رف المش$$روع و ف$$رق بين تش$$ريع
التص$$رف و تج$$ويز التص$$رف المش$$روع و فيم$$ا نحن في$$ه اذن المال$$ك في التص$$رف ال يج$$وز
التصرف الممنوع شرعا او المستحيل عقال .
ففيما نحن فيه اذا اشترط الشارع في وطء الجارية او بيعها ان يكون الواطئ او البائع مالكا لها
فإباحتي للوطء والبيع ال يصير ما ليس مأذونا شرعا مأذون$ا ب$ه لم$ا ع$رفت من ان االذن غ$ير
مشرع .
كما انه لو اردنا تصحيح ذلك في البيع مثال بان يقال ب$$ان الب$$ائع الم$$أذون ل$$ه يس$$تطيع ان ي$$بيع
مال الغير لنفسه و مال الغير ملك للغير فحصل بيع في ملك .
قلت هذا مستحيل الن حقيقة البيع تتقوم بان يكون العوض الداخل داخال في ملك من خرج عن$$ه
المعوض ،وفي بيع مال الغير لنفسي يكون الدرهم ق$$د دخ$$ل في ملكي و الكت$$اب ق$$د خ$$رج من
ملك غيري فال يتحقق قوام البيع .
36
83
الزال البحث في القسمين االخيرين من االقسام االربعة في باب المعاطاة واتضح لدينا االشكال
االول المبتني على ان االذن في التصرف ليس مشرعا فال يحلل ما ليس بمشروع كما نحن فيه
من جمل$$ة الص$$رفات ال$$بيع وبي$$ع م$$ا ال يملك$$ه االنس$$ان عن نفس$$ه غ$$ير معق$$ول ومش$$روع نعم
صححوا ذلك في وجهين نتعرف عليهما لنرى هل ينطبق واحد منهما على ما نحن فيه ام ال :
الوجه االول :ان يقصد المبيح بقوله ابحت لك ان تبيع مالي لنفسك واحدا من امور :
االول :ان يكون بقوله هذا قد انشأ توكيال في بيع ما يملكه المبيح نيابة عنه ،وفي الوقت نفس$$ه
يتضمن بعد البيع هبة للمال الذي وصل الى المباح له بالبيع من قبل المبيح الى المباح له وعليه
فيكون قوله ابحت لك متضمنا لمعاملتين :
االولى :التوكيل من قب$$ل الم$$بيح للمب$$اح ل$$ه في ان ي$$بيع مال$$ه عن الم$$بيح والوكال$$ة من العق$$ود
الجائزة .
الثانية :الهبة للمال الواصل الى يد المباح له من قبل المبيح .
الثاني :ان يكون القول المذكور متضمنا ايضا لمع$$املتين لكن االولى هي الهب$$ة ،والثاني$$ة هي
البيع عن النفس .ففي قولي ابحت لك ان تبيع الكتاب عن نفس$ك يع$$ني اني وهبت$$ك الكت$$اب على
ان تبيعه عن نفسك والفرق بين هذا االمر والسابق من جهات :
االولى :انه في السابق كانت الهبة للثمن فلذا كانت مت$$أخرة عن ال$$بيع ،و في ه$$ذا الهب$$ة انم$$ا
هي للعين فلذا كانت متقدمة على البيع .
الثانية :ان البيع في االول عن المبيح و في الثاني عن المبيح له .
الثالثة :ال$$بيع في االول ك$$ان بالوكال$$ة و في الث$$اني ك$$ان بالش$$رط ،الن هب$$ة العين ك$$انت على
شرط بيعه عن نفسه .
االمر الثالث :ان يقصد المبيح من قوله المتقدم ان ينشيء تمليكا ل$$ه بنفس ه$$ذه االباح$$ة فيك$$ون
معنى قولي ابحت لك ان تبيع مالي أي ملكتك مالي ويك$$ون بي$$ع المب$$اح ل$$ه بمثاب$$ة القب$$ول له$$ذا
التمليك ،هذه هي االمور التي يمكن ان يصحح بها بيع ما للغير عن النفس ،و ق$$د قس$$م علم$$اء
االصول الدالل$$ة المفهومي$$ة الى 3اقس$ام :دالل$$ة االقتض$$اء و دالل$ة االش$$ارة و دالل$ة التنبي$$ه ،
واشترطوا في داللة االقتضاء القصد ،ولو كان القصد الى الشيء اجماليا ،وذك$$روا ان ص$$حة
الكالم عقال او شرعا تتوقف على هذا القصد و مثلوا لصحة الكالم عقال بقول$ه تع$الى و اس$ألوا
القرية ،حيث ان العقل يحكم بناءا على عدم التجوز في طرفي القضية بان السؤال يس$$تحيل ان
يقع على القرية ،الن السؤال بمعناه الحقيقي يدل على طلب الفهم وطلب الفهم ف$رع ش$عور من
84
يطلب منه فحينئذ البد من التقدير ك$$أن يق$$ال واس$أل اه$$ل القري$$ة و ه$$ذا التق$$دير يتوق$ف ص$$حة
الكالم عقال عليه .
ومثلوا لتوقف الصحة عليه شرعا بقولهم اعتق عبدك عني الذي يدل على ان القائل ق$$د اش$$ترى
العبد من المعتق و جعل$$ه وكيال في العت$$ق ،ولكن ال يمكن فيم$$ا نحن في$$ه ان نص$$حح المعاط$$اة
بدالل$ة االقتض$اء الن المم$يز لدالل$ة االقتض$اء عن مث$ل دالل$ة االش$ارة ه$و ان يك$ون المق$در
مقصودا للمتكلم فبدون قصد ال يندرج المورد تحت داللة االقتضاء و فيما نحن في$$ه المف$$روض
ان المعطي كان قاصدا لمجرد االباحة ولم يكن قاصدا للتوكيل او الهب$$ة و م$$ا ش$$اكل فال يص$$ح
ادراج ما نحن فيه تحت داللة االقتضاء .
المورد الثاني من الموردين الذين يصح فيهما بيع ما ال يملكه عن نفسه هو ما ذكره الفقه$$اء في
باب بيع العمودين اعني االباء واالبناء ،توضيحه ان االنسان ال يملك اح$$د عموي$$ه اب$$ا ك$$ان ام
ابنا فلو فرضنا ان شخصا في معاملة اشترى والده المملوك عند غيره ففي هذه الص$$ورة عن$$دنا
دليالن:
االول ما دل على انه ال عتق اال في ملك .
الدليل الثاني الذي يدل على ان االنسان ال يملك والده فلو قلنا انه بش$$رائه لوال$$ده يملك$$ه فيتن$$افى
مع الدليل الثاني ولو قلنا ينعتق من دون ان يملكه سيتنافى مع الدليل االول .
مقتضى الجمع بين هاتين الطائفتين من االدلة ان نلتزم بالملك االني ب$ان يق$ال ب$ان الول$د يمل$ك
والده في آن ما عند ارادته لشرائه ،و في هذه اللحظة ال$$تي يملك$$ه به$$ا يحص$$ل العت$$ق ،فلم$$اذا
فيما نحن فيه ال تندرج المعاطاة في هذا الم$$ورد ؟ ،فيق$$ال ان$$ه لم$$ا اب$$اح ل$$ه جمي$$ع التص$$رفات
والتي منها البيع فعند ارادته للبيع في تلك اللحظة يملك العين ليكون بيعه نشأ عن ملك.
الج$$واب ان االل$$تزام ب$$ذلك بحاج$$ة الى دلي$$ل و فيم$$ا نحن في$$ه ال$$دليل ال يخل$$و ام$$ا داخلي وام$$ا
خارجي والداخلي منتف لفرض ان المعاطاة هنا لم يقصد بها اال االباحة ،واما الدليل الخ$$ارجي
ففي باب بيع العمودين كان يوجد دليل و هو مقتضى الجمع بين االدلة ،وفيما نحن فيه ال يوجد
هكذا دليل و عليه ال يندرج ما نحن فيه في هذا المورد.
خالصة المطلب :ان االمرين المذكورين يرجع االول منهما الى داللة االقتض$$اء المبتني$$ة على
قصد احد المتعاطيين المر يصحح بيع ما ال يملكه عن نفسه ،واالمر الثاني ان يكون من داللة
االشارة من قبيل قوله تعالى و الوال$$دات يرض$$عن اوالدهن ح$$ولين ك$$املين ،م$$ع قول$$ه وحمل$$ه
وفصاله ثالثون شهرا المنتجتين القل الحمل 6اشهر ،والحال ان هذه النتيجة لم تكن مقص$$ودة
في العادة للمتكلم عند انشائه لكل كالم على حدة ،و هذا ينطب$$ق على الجم$$ع بين دلي$$ل ال عت$$ق
اال في ملك ودليل ان االنسان ال يمل$$ك اح$$د عمودي$$ه ،و كال ال$$داللتين االقتض$$اء واالش$$ارة ال
85
يمكن تطبيقهما على ما نحن فيه ،اما االولى فلعدم القصد و داللة االقتضاء متقومة ب$$ه ،وام$$ا
الثانية فلعدم وجود دليلين في المقام يقتضيان الجمع بتصحيح البيع لما كان للغير.
37
كان البحث من ناحية االشكال في صحة اباحة جميع التصرفات فيم$ا ل$و قص$د المتعاطي$ان من
المعاطاة االباحة سواء كان المقصود هو اباحة عين في مقابل اخرى ام كان المقص$$ود االباح$$ة
في مقابل االباحة مادامت هذه المعاطاة ال تدل على الملكي$$ة فكي$$ف يب$$اح بواس$$طتها م$$ا يتوق$$ف
على المل$$ك ،ف$$ان بي$$ع م$$ا ال يمل$$ك وان ص$$ح في م$$وردين اال ان م$$ا نحن في$$ه ليس من ه$$ذين
الموردين ،اذا بعد وضوح المورد الثاني وهو تصحيح البيع عن طريق االلتزام بالملكية االنية
جمعا بين االدلة فهل يمكن ان ينطبق هذا المورد على ما نحن فيه ؟ بمعنى هل يوجد فيم$$ا نحن
فيه دليالن تك$$ون نتيج$$ة الجم$$ع بينهم$$ا مج$$وزة الباح$$ة جمي$$ع التص$$رفات ح$$تى المتوقف$$ة على
الملك ؟ ،لقائل ان يقول انه يوجد دليالن يقتضيان ما ذكر :
الدليل االول :عموم الناس مسلطون على ام$$والهم ،ف$ان مقتض$$ى العم$$وم في ه$$ذا الح$ديث ان
يصح ان يبيح المالك لغيره جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك .
الدليل الثاني :وهو ما دل على انه ال بيع اال في ملك او ال وطء اال في ملك فان مقتضى الدليل
االول هو الجواز ومقتضى ال$$دليل الث$$اني ه$$و الع$$دم ف$$الجمع بينهم$$ا يك$$ون ب$$االلتزام بالملكي$$ة
التقديرية ،فيكون ما نحن فيه من المورد الثاني .
هذا الكالم ال يرتضيه الماتن ،ويتض$$ح اش$$كاله بع$$د تق$$ديم مقدم$$ة حاص$$لها ان$$ه اذا ك$$ان عن$$دنا
دليالن متعارضان فمتى يصار بتقييد كل واحد منهما ومتى ال يصار انم$$ا ص$$ار الى التقيي$$د اذا
لم يكن احد الدليلين مق$$دما على ال$$دليل االخ$$ر بالحكوم$$ة او ال$$ورود او التخص$$يص ،فمثال في
اكرم كل عالم وال تكرم الفساق يصار الى تقييد ك$$ل واح$$د من ال$$دليلين بع$$دم االخ$$ر اذا لم يكن
احد الدليلين مخصصا لالخر ،فال نستطيع في هذا المثال ان نقول بتقييد العالم بغ$$ير الفاس$$ق و
تقييد الفاسق بغير العالم ،الن دليل ال تكرم الفساق بحسب الفهم العرفي يكون مخصصا الك$$رم
العلماء ،ومقدما عليه والدليل المتأخر ال يوجب التصرف في الدليل المتقدم .
وعليه نق$ول فيم$ا نحن في$ه ال يج$وز االل$تزام بم$ا تق$دم في ال عت$ق اال في مل$ك وفي ال يج$وز
لالنسان ان يملك احد عموديه ،ذلك الن احد الدليلين في المقام حاكم على ال$$دليل االخ$$ر ،ف$$ان
قوله صلى هللا عليه واله :الن$$اس مس$$لطون على ام$$والهم لم$$ا تق$$دم س$$ابقا انه$$ا ليس$$ت مش$$رعة
فيكون مفاد الحديث الناس مسلطون على اموالهم في التصرفات المشروعة ،وحديث ال بيع اال
في ملك مفاده ان هذا التصرف ليس بمشروع ،فيكون خارجا عن حديث الناس مس$$لطون على
اموالهم.
86
38
وهنلك محاولة جديدة لتصحيح جواز جميع التصرفات في المعطاة التي يقص$$د منه$$ا االباح$$ة ،
لتكون بذلك المحاوالت ، 3فكانت المحاولة االولى ان يصحح ذلك بدالل$$ة االقتض$$اء وه$$و ان
نلتزم بحصول المل$$ك الحقيقي في آن م$$ا قب$$ل االنتق$$ال نظ$$ير م$$ا قي$$ل في اعت$$ق عب$$دك ع$$ني ،
المحاولة الثانية والثالثة ان يحصل النقل واالنتقال و يصحح هذا النوع من التص$$رف بمقتض$$ى
الجمع بين دليلين ولكن هذا يتصور على نحوين :
األول :ان يقتضي الجميع بين الدليلين على تحقق الملك التق$$ديري كم$$ا في بي$$ع اح$$د العم$$ودين
حيث اننا عبرنا بالملك التقديري لعدم كون الملك حقيقيا و تنجيزيا الن االبن ال يملك بوج$$ه من
الوجوه اباه و كذا العكس وانما نقدر الملك في آن وقع عنه ال$$بيع ،وانم$$ا التزمن$$ا ب$$ذلك لوج$$ود
دليلين ال يمكن االخذ باطالقهما معا ،فكان البد من تقييد احدهما باالخر .
النحو الثاني :ان نلتزم بالملك الضمني الحقيقي ال التق$$ديري و نظ$$يره بي$$ع من ل$$ه الخي$$ار ف$$ان
الواهب مثال لو باع ما وهبه للغير فمقتضى الجمع بين ال بيع اال في ملك وبين ادلة جواز الهبة
ان يكون قد استرجع ما وهبه و ملكه حقيقة في آن وقع عنه البيع فالفرق اذا بين بي$$ع من ينعت$$ق
عليه و بين بيع ذي الخيار على ال$$رغم في اش$$تراكهما في الملكي$$ة االني$$ة ان الملكي$$ة االني$$ة في
االول تقديري$$ة و في الث$$اني حقيقي$$ة و تنجيزي$$ة و االول نظ$$ير ملكي$$ة الميت للدي$$ة ،اذ ان ذل$$ك
نتيجة الجمع بين ما دل على ان ما ترك الميت من مال او حق فهو لوارثه و بين ما دل على ان
الدية تنتقل باالرث ،فالتزمنا بمقتضى الجمع ان الميت في آن ما يتملك الدية لتصبح مم$$ا ت$$رك
لكي تنتقل باالرث ،وملكية الميت حقيقية تقديرية .
وجميع هذه المحاوالت فاشلة ،اما االولى فلعدم القص$$د ،وام$$ا الملكي$$ة التقديري$$ة فالن الجم$$ع
بين االدلة بما ذكر مشروط بعدم حكومة بعضها على بعض ،واما الثالث فباعتبار ان قياس ما
نحن فيه على بيع صاحب الخيار مع الفارق ،النه في بيع ص$$احب الخي$$ار يوج$$د س$$بب لتمل$$ك
االني الحقيقي وهو جواز الهبة بينما فيما نحن فيه ال يوجد سبب لتملك المباح له .
وحينئذ نتيجة عدم ما يثبت جواز جميع التصرفات فلو باع المباح له فحينئذ يك$$ون بيع$$ه للمال$$ك
اما الزما واما جائزا موقوفا على اجازته.
يفهم من كالم المصنف ان هذا الترديد في القضية المنفصلة يبتني على احد بنائين :
االول ان يكون بيع البائع عن نفسه غير مؤثر .
الثاني :ان المالك االص$$لي للمب$$اح بالمعاط$$اة لم ين$$و تمل$$ك الثمن فيحت$$اج تملك$$ه الى اجازت$$ه ،
والبناء االول هو الذي يبتني عليه اللزوم والبناء الثاني هو الذي يبتني عليه موقوفية العق$$د على
االجازة.
87
ولكن االشكال في البناء االول ،اذ لقائل ان يقول ان عدم مؤثرية قصد البائع لنفسه بمنزلة عدم
المانع وال يعلل وجود الشيء بعدم مانعه اال بعد فرض وجود المقتضي وما نحن فيه نالحظ ان
صحة البيع و لزومه عن المالك ال البائع النه ال مقتضي ل$$ه الن المال$$ك لم يقص$$د في المعاط$$اة
التملك للثمن فكي$ف يص$ح ه$ذا ال$بيع ،لكن لع$ل المص$نف ن$اظر في تص$حيحه الى ان المال$ك
االصلي لما قصد اباحة جميع التصرفات والتي منها ان يبيع المباح له ما ابيح له عن نفسه فمع
قصده للمقيد الذي يتركب من ذات القيد وهو قولنا عن نفس$$ه و ذات المقي$$د وه$$و قولن$$ا ان ي$$بيع
فاذا بطل القيد ليس من الضروري ان يبطل المقيد ،فيكون القص$$د الى ال$$بيع حاص$$ال ض$$منا ،
فيثبت المقتضي فاحتجنا الى رفع المانع وهو ان المباح له قصد البيع عن نفسه .
في ختام البحث يش$$ير المص$$نف الى بعض الفت$$اوى للعلم$$اء تتن$$افى م$$ع النتيج$$ة ال$$تي توص$$لنا
اليها ،وهي الفتوى في باب الغصب ،حيث ذكروا فرعا فقهيا حاصله ان الغاصب لو باع عينا
و المشتري يعلم بالغصبية في هذا الفرع افتى الفقهاء بان$$ه يج$$وز للغاص$$ب ان يش$$تري ب$$الثمن
الذي وصل الى يده شيئا وان الغاصب يملك ما اشتراه وال يتوقف على اج$$ازة المش$$تري االول
الذي كان مالكا للثمن والحال ان هذه الفتوى تقتض$$ي ان يك$$ون المش$تري للعين الغص$$بية ال$$ذي
يقع البيع فيها باطال مازال مالكا للثمن ولكنه مع علمه بالغص$$بية واعطائ$$ه للغاص$$ب يك$$ون ق$$د
اذن له بالتصرف فيه ،ال انه مّلكه ل$$ه ،الن العق$$د الفاس$$د ال يمل$$ك فغاي$$ة م$$ا يوج$$د ه$$و اباح$$ة
التصرف والغاصب اشترى بالثمن المباح في يده عن نفسه وحكم الفقهاء بملكيته ل$$ه م$$ع ان$$ه ال
يوجد اال اباحة.
وبهذا يكون تم الكالم في االشكال االول .
االشكال الثاني الذي قلنا بانه يختص بالقس$$م الث$$الث وه$$و ان تك$$ون اباح$$ة في مقاب$$ل ع$$وض ،
االشكال في هذه المعاملة مع قطع النظر عن اباحة جميع التصرفات وعدمها وانما االشكال في
ان هذه المعاملة ال يمكن تصحيحها ال بعموم ادلة البيع الن البيع معاوض$$ة بين م$$الين و عي$$نين
واالباحة فعل وليست ماال ،فال تشملها ادلة البيع كما انه ال تشملها ادلة التجارة ،الن التج$$ارة
وان ك$$انت لغ$$ة وعرف$$ا اعم من ال$$بيع اال انه$$ا منّز ل$$ة على المعاوض$$ات المعه$$ودة ال$$تي تك$$ون
المبادلة فيها بين مالين ،لكن يمكن تصحيحها عن طريق ادلة الص$$لح ولكن يتوق$$ف تص$$حيحها
عن طريق الصلح بان نفرغ عن انعقاد الصلح بغير لفظ الصلح واال فلو التزمنا ب$$ان الص$$لح ال
ينعقد اال بلفظ المصالحة فال يمكن تصحيحها عن طريق ادلة الصلح والظاهر انه ال يشترط في
المصالحة استعمال لفظ الصلح ،كما يستفاد ذلك من الرواية التي عبرت بالصلح في ق$$ول اح$$د
المتصالحين لك ما عندك ولي ما عندي ،ويمكن ايضا ان نجعل ه$$ذه المعامل$$ة معامل$$ة مس$$تقلة
عن العقود المعهودة ولكنها حينئذ تفتقر الى دلي$ل مش$روعيتها ،ودلي$ل المش$روعية ام$ا قاع$دة
الس$$لطنة وام$$ا قاع$$دة المؤمن$$ون عن$$د ش$$روطهم ،ولكن المش$$كلة في امك$$ان اثب$$ات القاع$$دتين
للمشروعية النه يتوقف على كونهما مشرعتين و قد تقدم االشكال في ذلك.
88
ولو فرغنا عن الصحة فهل هذه المعاملة تكون الزم$$ة مطلق$$ا و من الط$$رفين او تك$$ون الزم$$ة
من طرف المباح ل$$ه ام انه$$ا ج$$ائزة من الط$$رفين ،وج$$وه 3يخت$$ار المص$$نف انه$$ا الزم$$ة من
الطرفين لعموم المؤمنون عند شروطهم بناءا على م$$ا س$$يأتي من ش$$مول ه$$ذا الح$$ديث للش$$رط
االبتدائي ،اما لو اختص بااللتزام في ضمن التزام اخر فال يصح ،ولو تنزلنا عن القول االول
وهو اللزوم مطلقا فحينئذ االوجه هو الوجه الثاني أي الل$$زوم من ناحي$$ة المب$$اح ل$$ه الن$$ه اعطى
ماله عوضا عن االباحة فقصد به التمليك فيلزم اما المبيح فلم يقص$$د غ$$ير االباح$$ة دون الوج$$ه
الثالث.
وبهذا يتم الكالم في االشكال الثاني و في ختام البحث يتعرض لصورة كون المقصود بالمعاطاة
االباحة في مقابل االباحة ،فيقول االشكال فيها هو االش$كال المتق$$دم في القس$م الث$$الث من ع$$دم
كونها بيعا او تجارة مع امكان تصحيحها بالصلح او كونها معاوضة مستقلة وفي لزومها مطلقا
او من ناحية المباح له او عم اللزوم مطلقا تاتي الوجوه ال ، 3و االقوى فيها الل$$زوم او الج$$واز
من الطرفين اما الوجه الث$اني من الوج$وه ال 3المتقدم$ة فال يج$ري هن$ا الن$ه اباح$ة في مقاب$ل
اباحة.
39
الزال البحث في تنبيهات المعاطاة ووصل الكالم الى التنبيه الخامس و موضوع البحث فيه في
دائرة جريان المعاطاة فهل تختص بالبيع ام تج$ري في غ$يره من العق$ود و على تق$دير التعدي$ة
هل تجري في جميع العق$$ود ام انه$$ا تختص باالج$$ارة والهب$$ة ،ام انه$$ا تش$$مل ك$$ل عق$$د وض$$ع
بحسب ذاته على اللزوم وجوه واقوال:
واالصل في هذا البحث ما ذكره المحقق الكركي ،حيث انه حكى في جامع المقاصد عن بعض
العلماء ما يدل على تعميم المعاطاة على االجارة والهبة ،وعليه فالبد اوال من تحقيق م$$ا ذك$$ره
هذا المحق$$ق ثم بي$$ان المخت$$ار عن$$د المص$$نف ثاني$$ة ،ام$$ا المطلب االول :فق$$د اس$$تفاد المحق$$ق
الكركي من كلمات بعضهم جريان المعاطاة في كل من االجارة والهبة اما في االج$$ارة فاس$$تفاد
ذلك من فرع فقهي وهو ان صاحب المال لو امر شخصا بعم$$ل وس$$مى ل$$ه عوض$$ا معين$$ا فق$$ام
الم$$أمور ب$$ه و انج$$ز ذل$$ك العم$$ل في ه$$ذا الف$$رع الفقهي حكم بعض الفقه$$اء باس$$تحقاق العام$$ل
لالجرة المسماة ،فمن هذا الفرع الفقهي نستفيد ان المعاطاة تجري في االجارة و ذل$$ك بتق$$ريب
ان االمر بالعمل لما كان خارجا عن الصيغة المخصوصة في االجارة فاذا كنا نقول بعدم تعميم
المعاطاة على االجارة و ان االجارة ال تتحقق اال بالعقد الق$$ولي المخص$$وص ل$$وجب ان يك$$ون
الحكم في الفرع المذكور هو الفساد ومع الفساد ال يستحق العام$$ل اج$$رة مطلق$$ا ال المس$$مى وال
المثل ،اما عدم استحقاقه للمسمى فلفرض فساد المعاملة واما عدم اس$$تحقاقه للمث$$ل فالن$$ه اق$$دم
على عم$$ل يعلم بفس$$اد عق$$ده فيك$$ون اقدام$$ه على ذل$$ك موجب$$ا لض$$ياع عمل$$ه فال يس$$تحق ش$$يئا
89
والحاصل ان حكم البعض في الفرع المزبور باستحقاق االجرة كاشف كشفا اني$$ا عن اعتق$$ادهم
بجريان المعاطاة في االجارة .
واما جريانها في الهبة ،فقد حكموا بان الواهب لو وهب شيئا بدون العق$$د المخص$$وص فيج$$وز
لمن وصلت اليه الهبة ان يتلفها والمقصود من ذلك جواز التص$$رف بتص$$رف م$$وجب لالتالف
كاالكل و االستعمال ،ف$$الحكم بج$$واز االتالف ال يتالئم اال م$$ع ص$$حة المعاط$$اة في الهب$$ة واال
فالهبة فاسدة و مع الفساد ال يحص$$ل نق$$ل للعين عن مل$$ك ال$$واهب وم$$ع ع$$دم حص$$ول النق$$ل ال
يجوز للغير ان يتصرف مطلقا ولو بدون اتالف فضال عن التصرف المتلف.
المص$$نف ال يرتض$$ي م$$ا اف$$اده المحق$$ق الك$$ركي والج$$واب االجم$$الي على ذل$$ك ان الف$$رعين
المذكورين ال ينتجان القول بجريان المعاطاة في االجارة والهبة .
اما الجواب التفصيلي فبالنسبة لما افاده في االجارة فلنا تعليقات : 3
االول :ان االستنتاج المذكور ال يتالئم مع مذاق المحقق الكركي نفسه حيث انه تقدم س$$ابقا ان
المحقق الكركي يرى ان المعاطاة تفي$$د المل$$ك الم$$تزلزل في مقاب$$ل م$$ا نس$$ب الى المش$$هور من
افادتها لالباحة وحينئذ اذا اردنا ان نطبق هذا المب$$نى على الف$$رع الم$$ذكور في االج$$ارة لك$$انت
النتيجة ان المأمور به يملك االجر المسمى على االمر وان اآلمر يملك العمل عليه فلو ام$$ره ان
يخي$ط ل$ه ثوب$ا ب$دينار فالم$امور يمل$ك ال$دينار على االم$ر و االم$ر يمل$ك خياط$ة الث$وب على
المأمور بالملك المتزلزل ،و هذا المعنى ال نجد ان احدا من الفقهاء التزم ب$$ه فكي$$ف ينس$$ب الى
بعضهم .
ان قلت :ان المحق$$ق الك$$ركي في ال$$بيع اول كلم$$ات الق$$ائلين باالباح$$ة وحمله$$ا على المل$$ك
المتزلزل فليكن االمر في مقامنا من هذا القبيل ،فليكن ال وجد من صرح بملك االجرة والعم$$ل
ولكن على مذاق الكركي يؤول كالمهم بما يرجع الى الملك.
قلت :قياس ما نحن فيه على البيع مع الف$$ارق ،حيث انهم في ال$$بيع وان ص$$رحوا باالباح$$ة اال
ان هذا التصريح يقبل التأويل المكان حمل االباحة على تزلزل العقد وجوازه فالمصرح ب$$ه في
البيع له قابلية التأويل اما في باب االجارة ال يوجد ما له قابلي$ة التأوي$ل فبالت$الي ينتفي م$ا نس$به
المحقق الكركي من جريان المعاطاة في االجارة.
الجواب الثاني على المحقق الكركي يرتبط بما ذكره المحقق الكركي من انه لو لم تكن المعط$اة
جارية في االجارة لحكمنا بالفساد في الفرع المتق$$دم و م$$ع الحكم بالفس$$اد لم يج$$ز العم$$ل ،ه$$ذا
الكالم محل تأمل اذ ال مالزم$$ة بين فس$اد العم$$ل و ع$$دم ج$وازه ،و تق$$ريب المطلب ان الف$$رع
المتقدم يمكن ان يذكر له صورتان :
90
االولى :ان يكون عمل المأمور غير مستلزم للتصرف في مال االمر كما لو امره بكنس مسجد
.
الصورة الثانية ان يكون مستلزما لذلك كما لو اعطاه ثوبا وامره بخياطت$$ه وال اش$$كال ان فس$$اد
االجارة في االول ال يستلزم المنع عن العمل ،وانما االش$$كال في الص$$ورة الثاني$$ة وفي الثاني$$ة
ايضا نقول بجواز العمل حتى على تقدير الفساد الن امره بالخياطة اذن واالذن ال يتوق$$ف على
صحة العقد ،نعم ال يستحق حينئذ المسمى و هذا شيء غير عدم جواز العمل .
التعليق الثالث :يرتبط بما ذكره المحقق 2من عدم استحقاق االجرة مع العلم بالفس$$اد ف$$ان ه$$ذا
المدعى ممنوع الن$$ه ل$$و ك$$ان الم$$راد نفي خص$$وص المس$$مى فص$$حيح لكن ال ينتج و ل$$و ك$$ان
المراد نفي مطلق االجرة بما فيها اجرة المثل فغير صحيح الن االقدام على عمل من دون قصد
التبرع يستحق عليه االجرة الن عمل الحر ال يضيع بعد االلتفات الى االذن المستفاد من االمر.
اما فيما يرتبط بدعوى المحقق الكركي بالهبة فانه قده ق$د اس$تنتج جري$ان المعاط$اة عن طري$ق
الحكم بجواز االتالف فيرد عليه حينئذ اشكاالن :
االول :انه ال ينسجم مع مذاقه من ان المعاطاة تفيد الملك الن جواز االتالف الزم اعم فان$$ه ل$$و
قلنا بافادتها لالباحة يجوز االتالف .
الثاني :ان المحقق الكركي ذكر انه لوال جريان المعطاة في الهبة لمنعنا عن مطلق التصرف و
هذا ايضا يتضح بطالنه وال ينسجم مع مبناه ف$$ان مطل$$ق التص$$رف يمكن اس$$تفادته من االباح$$ة
من دون توقف على الملك .
40
اما الكالم في مختار المصنف فعلى الرغم من عدم موافقته لم$$ا اس$$تظهره الك$$ركي من كلم$$ات
االصحاب مع ذلك يقول بمقالته من جريان المعطاة في غير البيع في الجملة ،في االبتداء يوقع
البحث في العقدين الذين كانا محال للبحث عند المحقق الكركي و هما الهبة و االجارة ف$$يرى ان
المعاطاة تجري فيهما ب$وجهين الوج$ه األول :من ب$اب تنقيح المن$اط تقريب$ه ان مع$نى جري$ان
المعاطاة في البيع هو قيام الفعل مكان القول فكما يحصل االنشاء ب$$القول ك$$ذلك يحص$$ل بالفع$$ل
وكما يفيد الفع$$ل في ب$$اب ال$$بيع التملي$$ك ك$$ذلك في ب$$اب االج$ارة والهب$$ة الن في ك$$ل واح$د من
االجارة والهبة نستفيد التمليك غاية االمر في االجارة التمليك للمنفعة وفي الهبة التمليك للعين ،
وعليه فالقاعدة تقتضي ان يقوم الفعل مقام القول في انشاء التمليك ،ال ان المعاطاة على خالف
االصل ليقتصر فيما خالف االصل على القدر المتيقن وهو البيع ،هذا هو الوجه االول .
الوجه الثاني :الدليل النقلي وهو التمسك باالجم$$اع المحكي عن الت$$ذكرة حيث ص$$رح العالم$$ة
بعدم القول بالفصل بين البيع وغيره ،بمعنى ان االم$ة تنقس$م الى 2طائف$$ة تعت$$بر ان المعاط$$اة
91
والفعل ال يترتب عليه ما يترتب على القول ،ال في البيع وال في غيره و طائفة ت$$رى ان الفع$$ل
يترتب عليه ما يترتب على القول بال فرق بين البيع و غيره ،اال م$$ا خ$$رج بال$$دليل فال$$ذي ه$$و
خالف القاعدة ليس ترتب االثر على الفع$$ل و ص$$حة المعاط$$اة ب$$ل المخ$$الف للقاع$$دة ه$$و ع$$دم
ترتب االثر على الفعل و المعاطاة ،فلو قلنا حينئ$$ذ بالتفص$$يل بين ال$$بيع بجري$$ان المعاط$$اة في$$ه
وبين غيره بعدم الجريان لكان ذلك احداثا لقول 3في البين وهو خالف االجماع المركب.
لكن المحق$$ق الك$$ركي استش$$كل به$$ذا المنق$$ول عن العالم$$ة واالش$$كال ت$$ارة ن$$ذكره على وج$$ه
اإلجمال واخرى على وجه التفصيل .
اما على وجه اإلجمال :فحاصله ان االجماع قائم على ثبوت المعاطاة في البيع واالجماع دلي$$ل
لبي وال يمكن التجاوز عن معقد االجماع الى غيره ،و لم يقم اجم$$اع على ثب$$وت المعاط$$اة في
غير البيع .
المصنف يحاول ان يفصل في هذا االشكال و يطبقه على الرهن ،فالرهن كما هو معلوم وثيق$$ة
يضعها المستدين عن$د ال$دائن فاالجم$اع ق$ام على ثب$وت المعاط$اة في ال$بيع ام$ا في ال$رهن فال
موضع لهذا االجماع بتقريب ان المعطاة في البيع يوجد فيها قوالن اساسيان :
االول :ما نسب الى المشهور من افادتها لالباحة .
الثاني ما اختاره الكركي من افادتها للملك المتزلزل.
حينئذ اذا اردنا ان نعدي المعطاة من البيع الى الرهن فعلى ق$$ول المش$$هور ال تص$$ور للبحث اذ
لو قلنا بافادة المعطاة في الرهن لالباحة أي له ان يرجع في رهنه فال معنى لتصور االباحة في
الرهن لزوال االستيثاق لو قلنا فيه باالباحة .
اما ان اريد المعنى الثاني وهو الجواز ال$ذي يق$ول ب$ه المحق$ق الك$ركي في ال$بيع فه$و ان ك$ان
بمعنى جواز رجوع الراهن فهو ايضا يتنافى مع حقيقة الرهن الن الرهن عبارة عن االس$$تيثاق
وهو ال حصل مع جواز الرجوع مضافا الى ذلك ان هذا المع$نى أي المل$ك الم$تزلزل في ال$بيع
يقبل االنقالب وذلك بالتصرف ،و هذا المعنى ال يتصور فيما نحن فيه لكي يقال انه بالتصرف
يتحول الجواز الى اللزوم فيتحق$$ق االس$$تيثاق الن$$ه ال يج$$وز التص$$رف في العين المرهون$$ة في
باب الرهن ،فالنتيجة ان القول بالمعطاة في باب الرهن ال معنى له فهذا معنى ثبوت االجم$$اع
في البيع دون غيره .
اما لو اخترنا قوال 3في المعاطاة ،كما هو مبنى المصنف من ان المعطاة تفيد اللزوم ،فيك$$ون
حينئذ و جه استشكال المحقق الكركي واضحا النه يوجد دعوى اجماع على ان العقود الالزم$$ة
تتوقف على اللفظ فكيف يدعى االجماع على جريان المعطاة في غير البيع .
92
وعليه فالبد من التفصيل فغير البيع بين مث$$ل االج$$ارة و الهب$$ة و بين مث$$ل ال$$رهن ،نعم ل$$و ان
شخصا ال يبالي بمخالفة المشهور والمجمع عليه من القول بتوقف العقود على اللفظ او قلنا بانه
يبالي ولكنه حمل معقد االجماع ال على مطل$$ق العق$$ود الالزم$$ة ،ب$$ل على العق$$ود الالزم$$ة من
الطرفين فال يكون هنل$$ك اجم$$اع في ب$$اب ال$$رهن ليتن$$افى م$$ع االجم$$اع ال$$ذي ادع$$اه العالم$$ة ،
والجل ذلك افتى البعض بانعقاد الرهن بالمعاطاة في مثل قولنا خذه و غيره .
بع$$د ال$$رهن يتع$$رض الم$$اتن للوق$$ف ،فجري$$ان المعاط$$اة في الوق$$ف يتص$$ور ب$$ان نكتفي
باالقباض ،هذا ايضا يجري فيه عين ما جرى في الرهن من االشكال بل اولى واوض$$ح ،الن
االباحة والملك المتزلزل ال معنى له في الوق$$ف والل$$زوم ي$$دخل في معق$$د االجم$$اع حتم$$ا لع$$دم
وجود طرف من ناحيته يكون الوقف جائزا فحينئذ يتعين اللفظ في باب الوقف .
استثنى البعض من ذلك على وجه االحتمال مسألة وقف المساجد بان يص$$لي ص$$احب االرض
و يسمح لغيره للصالة فيها بنحو يفهم من قرائن الحال انه اتخذها مسجدا .
اما بقية العقود فتجري فيها المعاطاة .
االمر السادس في ملزمات المعاطاة :هذا البحث ال يتص$$ور على جمي$$ع االق$$وال في المعاط$$اة
فال يتصور فيما لو قلنا بالمقولة المنسوبة الى العالم$$ة وه$$و ان المعط$$اة بيع$$ا فاس$$دا وك$$ذلك ال
يتصور البحث على مختار المص$$نف من ان المعاط$$اة بي$$ع الزم ،وانم$$ا يتص$$ور البحث بن$$اءا
على رأي المشهور من كون المعاطاة تفيد االباحة و على رأي الك$$ركي من كونه$$ا تفي$$د المل$$ك
الجائز ،فان كال من االباحة والملك الجائز له قابلية االنقالب الى الملك الالزم فيقع الكالم عم$$ا
يوجب هذا االنقالب والجل ذلك عنون الماتن هذا التنبيه بقوله في ملزم$$ات المعاط$$اة على ك$$ل
من القول بالملك أي الجائز والقول باالباحة .
41
قبل الشروع في ذكر الملزمات شرع الماتن في تأسيس االص$ل بالنس$بة للج$واز وعدم$ه فت$ارة
نختار في المعاطاة الملك واخرى نختار االباحة ،فعلى القول االول من الواضح ان االصل في
العقود التي تفيد الملك والنقل و االنتقال هو اللزوم بمقتضى الوجوه ال 8المتقدمة وسوف يأتي
هذا البحث في اوائل بحث الخيارات وهو ما يعبر عن$$ه باص$$الة الل$$زوم تمس$$كا ب$$اوفوا ب$$العقود
وتجارة عن تراض واالستص$حاب و غيره$ا من الوج$وه المتقدم$ة و حينئ$ذ الب$د للخ$روج عن
تحت هذا االصل في المعاطاة من مخرج فمع عدم وجوده نلتزم بداللتها على اللزوم وحينئذ ال
يبقى وجه للبحث عن ملزمات المعطاة النها حينئذ تكون الزمة بحسب وضعها االولي ،نعم لو
وجد المخرج لها عن تحت االص$$ل من اجم$$اع ونح$$وه يص$$ح البحث عن ملزماته$$ا ،ه$$ذا على
القول بالملك.
93
اما على القول باالباحة فاالصل الجاري حينئذ مغاير لالصل الج$$اري بن$$اءا على المل$$ك فبن$$اءا
على االباحة نقول باصالة عدم اللزوم ويمكن ان نستدل على ذلك اوال بقاعدة الس$$لطنة حيث ان
كل واحد من المتعاطيين لما لم يخرج عن ملك$$ه م$$ا اعط$$اه فيص$$دق موض$$وع قاع$$دة الس$$لطنة
وباطالق الحكم وهو السلطنة له ان يرجع ما اعطاه .
ثانيا التمسك باالستصحاب بتقريب ان قبل االعطاء كان المالك مسلطا على مال$$ه بع$$د االعط$$اء
نشك في زوال هذه السلطنة فنستصحب بقاءها هذا االستصحاب يواجه باشكال حاصله ان ه$$ذا
االستصحاب معارض باستصحاب آخر وهو ان$$ه بع$$د االعط$$اء ثبتت االباح$$ة للمعطى ل$$ه ف$$اذا
رجع المعطي نشك في زوال االباحة التي كانت ثابتة قب$$ل الرج$$وع فنستص$$حب بقاءه$$ا و ه$$ذا
يعني ان الرجوع غير مؤثر وهو مساوق للقول باللزوم .
لكن هذا االستصحاب نسبته الى االستصحاب االول نسبة المحكوم الى الحاكم و ذل$$ك الن$$دراج
االستصحابين تحت كبرى تعارض االصل السببي و المسببي ،التي مفاده$$ا تق$$دم الس$$ببي على
المسببي حكومة ،وفيما نحن في$$ه الش$$ك في بق$$اء االباح$$ة ناش$$يء ومس$$بب عن الش$$ك في بق$$اء
السلطنة فالشك في بقاء السلطنة شك سببي والشك في بقاء االباحة ش$$ك مس$$ببي ،وم$$ع جري$$ان
االصل في السبب ينتفي الشك في المسبب تعبدا .
هذا كله على تقدير صحة االستصحاب الثاني في حد ذاته وال نسلم صحته ،المصنف قده اشار
الى هذا االشكال الثاني بقوله لو سلم مما يشعر انه ال يسلم جريان االستص$$حاب الث$$اني في ح$$د
ذاته و ذكر لذلك وجوه :
منها :ان االستصحاب 2من قبي$$ل الش$ك في المقتض$$ي ،والش$يخ في الرس$ائل اخت$$ار ان ادل$$ة
االستصحاب تثبت حجية االستصحاب اذا كان من قبيل الشك في الرافع وال يجري اذا ك$ان من
قبيل الشك في المقتضي ،هنا الشك في االباحة الذي هو موضوع لالستصحاب الثاني من قبيل
الشك في المقتضي لرجوعه الى شكنا في استعداد االعط$$اء فه$$ل اس$$تعداده يثبت االباح$$ة ح$$تى
الى ما بعد الرجوع ام ليس له هذا االستعداد .
منها :ما يمكن ان يقال بعدم تمامية اركان االستصحاب في المورد ، 2وهو الشك في البق$$اء ،
الن االباحة المتحققة في باب المعاطاة على القول بها ليست مالكي$ة كم$ا ه$و الح$ال في ال$بيع ،
وانما هي اباحة شرعية نشأت من اذن المالك باعطائه وموافقة الشارع على ذلك فاذا رجع فق$$د
زال االذن ،فتزول االباحة بزوال محدثها ،فال شك في البقاء بل يوجد يقين باالرتفاع .
بعد وضوح هذه المتقدمة المرتبطة بتأسيس االصل يش$$رع الم$$اتن في بي$$ان ملزم$$ات المعاط$$اة
فالملزم االول هو التلف وذك$$ر ل$$ه ص$$ورا ، 3االولى تل$$ف العوض$$ين مع$$ا والثاني$$ة تل$$ف اح$$د
العوضين والثالثة تلف بعض من احد العوضين .
94
اما الصورة االولى فان تلف العوضين ملزم اجماعا ،وقد صرح باالجماع المح$$دث البح$$راني
في الحدائق.
ام$$ا اذا تجاوزن$$ا االجم$$اع واردن$$ا ان نبحث عن الم$$درك فت$$ارة يق$$ع الكالم بن$$اءا على االباح$$ة
واخرى بناءا على الملك .
اما بناءا على االباحة فيتضح المطلب بعد االلتفات الى نكتة حاصلها ان المقصود من الل$$زوم ،
بعد تلف العوضين هو عدم ضمان البدل ،ال ان ك$$ل واح$د منهم$$ا يمل$$ك م$$ا في ي$$ده لع$$دم بق$$اء
موضوع للملك وعدم ضمان البدل ليس بمعنى ان من تلف في يده تلف في ملك$$ه الن ه$$ذا انم$$ا
يصح في المالكية ال الشرعية فحينئذ يصبح واضحا ان ما تلف في يد كل واحد منهم$$ا تل$$ف في
غير يد مالكه و من كيسه.
وبعبارة اخرى على القول باالباحة ،المقتضي موجود لحمل التلف على كيس المالك وال يوجد
ما يقتضي تضمين من تلف في يده الننا نتلكم عن التلف ال االتالف .
ان قلت :لم ال نتمسك بقاعدة الضمان باليد إلثبات الضمان حيث ان مفاد القاعدة ه$$و التمض$$ين
في صورة التلف في غير يد المالك المستفاد من قوله على اليد ما اخذت حتى تؤدي .
قلت :سوف يأتي ان هذه القاعدة ال تجري في المقام الن موضوعها هو يد العدوان وفيم$$ا نحن
فيه يد كل واحد منهما على ما تلف يد امينة النه ابيح له ما في يده ،فال تشملها تلك القاعدة.
اما على القول بالملك فالنتيجة ايضا عدم الضمان ،تقريب ذلك اننا قد عرفنا آنفا ان كل معاملة
تفيد الملك االصل فيها اللزوم ،وفي المعاملة الالزمة ال يوجد ضمان .
والمعاطاة خرجت عن هذا االص$$ل االولي باالجم$$اع ،واالجم$$اع دلي$$ل ل$$بي يقتص$$ر في$$ه على
القدر المتيقن ،وفي المقام يمكن ان نذكر حصصا : 3
االولى :ان يك$$ون الج$$واز في المعامل$$ة من قبي$$ل الج$$واز الحقي ،كم$$ا ه$$و الح$$ال في ال$$بيع
الخياري في البيع الخياري بيع جائز ،والجواز فيه حق من الحقوق و متعلق ه$ذا الج$واز ه$و
العقد ال العين ،ولذا عرف الخيار بانه حق التسلط على فسخ العقد او امض$$ائه ،ول$$ذا في ال$$بيع
الخياري ال يكون تلف العينين موجبا لزوال موض$$وع الخي$$ار الن موض$$وع الخي$$ار ه$$و العق$$د
وهو باق في وعاء االعتبار وان تلفت العينان ،نعم لو ان الرد متعلقا ب$$العين ينتفي ال$$رد بتل$$ف
العين ،لكنك عرفت ان الخيار يتعلق بالعقد .
42
الحصة الثانية ما يعبر عنه بالجواز الحكمي لكن على نحو يتعلق بمطلق الرجوع ومثال$$ه الهب$$ة
سواء كانت هبة مجانية ام هبة معوضة ام كانت من ب$$اب الت$$واهب ب$$ان يهب ك$$ل واح$$د منهم$$ا
95
االخر شيئا في باب الهبة يوجد جواز والجواز فيه يغ$$اير الج$$واز الث$$ابت في ب$$اب الخي$$ار فه$$و
ليس بحث وانما حكم ش$رعي ول$ذا ال يس$قط باالس$قاط وال يقب$ل الت$وارث بخالف الخي$ار فان$ه
يسقط باالسقاط يقبل االنتقال ولكن هذا الجواز الحكمي في باب الهبة ال يتعلق بالتراد بل يتعل$$ق
بالرجوع والفرق بين الرج$$وع وال$$تراد ان ال$$تراد بحاج$$ة الى ط$$رفين بينم$$ا في الرج$$وع يكفي
الرجوع من طرف واحد فمثال لو حصل التواهب او الهبة المعوضة وتلفت احدى العي$نين فان$ه
يبقى موضوع لجواز الرج$$وع لبق$$اء اح$$دى العي$$نين وال نتفي الج$$واز في الهب$$ة اال بانتف$$اء كال
العينين اذ ال يبقى موضوع للرجوع بخالف التراد ،ففي المورد الذي يكون الج$$از الحكمي من
قبيل التراد بحاجة الى بقاء كال العينين ويكفي في انتفاء موضوع التراد انتفاء احدى العينين بل
بعض احدى العينين ،ففي الهبة الجواز حكمي على نحو الرجوع .
الحص$$ة 3ان يك$$ون الج$$واز حكمي$$ا لكن على نح$$و ال$$تراد ،كم$$ا ه$$و الح$$ال في المعاط$$اة ،
فالمعاطاة بناءا على افادتها للملك الجائز الجواز فيها ليس من قبيل الجواز الحقي كما هو الحال
في الخيار وليس من قبيل الجواز الحكمي المتعلق بالرجوع كما هو الحال في الهبة بل ه$$و من
قبيل الجواز الحكمي المتعلق بالتراد .
و هذه دعوى تحتاج الى اثبات ،والثبات هذا المطلب نحن بحاج$ة الى معرف$ة النس$بة بين ه$ذه
الحصص ال ، 3ال شك ان النسبة بينها مفهوما هي التب$$اين ف$$انت الج$$واز الحقي يب$$اين الج$$واز
الحكمي ،ولكن باعتبار الصدق سعة وضيقا النسبة بينهما هي االقل واالكثر ،فاالوس$$ع دائ$$رة
هو الجواز الحقي ،النه يبقى صادقا مع بقاء العينين ومع تلف احدهما أو كليهما ،و يأتي بع$$ده
الجواز الحكمي على نحو الرجوع حيث يصدق مع بقاء العينين وتلف احدهما واالضيق دائ$$رة
هو الجواز الحكمي على نحو التراد وحينئذ لدينا عام يستفاد من اصالة اللزوم ،ج$$اء االجم$$اع
و خصص هذا العام حيث قام االجماع على عدم افادة المعاطاة لل$$زوم ،و ه$$ذا المخص$$ص من
قبيل المخصص اللبي ،فيقتصر فيه على القدر المتيقن ،وهو االقل دائرة.
لقائل ان يقول انه عند الشك في كون متعلق الجواز فيما نحن فيه هو العق$$د ام العين و اذا ك$$ان
العين فهل هو على نحو الرجوع ام االرجاع لم$$اذا حين الش$$ك ال نتمس$$ك باالستص$$حاب ف$$ان
االستصحاب حينئذ يقبل لحسم هذه المشكلة فيقال قبل التلف كان يجوز الرج$$وع والفس$$خ وبع$$د
التلف نشك فنستصحب بقاء الرجوع .
قلت :هذه المسالة مبتنية على انه اذا دار االمر بين التمسك باص$$الة الل$$زوم واستص$$حاب حكم
الخاص يكون المقدم هو االستصحاب ،لكن ثبت في محله عند المصنف ان المق$$دم ه$$و اص$$الة
العموم .
الصورة الثانية والثالثة تلف احدى العينين او بعض احدى العينين والبحث تارة بناءا على افادة
المعاطاة للملك الجائز واخرى بناءا على افادتها لالباحة ،اما على االول فيعلم حكمه مم$$ا تق$$دم
96
لثبوت ان الج$$واز في المعاط$$اة حكمي يتعل$$ق ب$$التراد وال يتحق$$ق الفس$$خ وال$$تراد اال ببق$$اء كال
العينين.
اما على القول باالباحة ف$االمر مش$كل ذهب جماع$ة منهم الش$هيد 2والمحق$ق ال$نراقي والس$يد
المجاهد الى القول باصالة ع$$دم الل$$زوم بن$$اءا على االباح$$ة ،يفهم من مجم$$وع كلم$$اتهم دليالن
احدهما لم يذكره المصنف تأدبا ،اما الذي لم ي$ذكره فه$و التمس$ك بقاع$دة الس$لطنة فل$و حص$ل
التعاطي بين الكتاب و شيء اخر بعد اعطائي للكتاب لم تنتف العلقة مع الكتاب فالزلت مس$$لطا
عليه ،فال يكون مع التلف الزما .
هذا الوجه لم يذكر الماتن لوضوح بطالنه النه تمسك بالعام في الشبهة الموضوعية.
الدليل الثاني ،التمسك باالستصحاب تقريبه انه في المثال المتقدم لو تلف العوض فان من ك$$ان
له الكتاب قبل تلف الع$وض ك$ان مس$لطا على اس$ترجاعه وبع$د تل$ف الع$وض نش$ك في زوال
السلطنة فنستصحبها.
ناقش المصنف هذا الدليل الثاني بانه مع$$ارض ب$$براءة ذمت$$ه عن ب$$دل الت$$الف وه$$و المث$$ل في
المثلي والقيمة في القيمي ،تقريب ذلك بااللتفات الى نقاط : 3
االولى :ان المقصود من اصالة البراءة هو استص$$حاب ب$$راءة الذم$$ة ال ال$$براءة االص$$طالحية
ضرورة ان البراءة ال تعارض االستصحاب الن االستصحاب مقدم على البراءة .
النقطة الثانية في تقريب هذا االستصحاب الثاني وحاصله ان مالك الكتاب الباقي ذمته ال تك$$ون
مشغولة ببدل التالف وذلك بتقريب انه قبل التلف لم تكن مشغولة و بعده تكون كذلك .
النقطة الثالثة وهي االهم في وجه المعارضة .
43
وهي تتوقف على تقديم مقدمة حاص$$لها ان التع$$ارض بش$$كل ع$$ام س$$واء ك$$ان بين االم$$ارت او
االصول ينقسم الى : 2
االول ان يكون التنافي بين المتعارضين بالذات كما لو دل خبر على وجوب شيء واالخر على
حرمته فان الوجوب يعارض الحرمة ذاتا النهما اما من قبيل المتضادين الذين ال يجتمعان ذات$$ا
وام$$ا ان مآلهم$$ا الى التن$$اقض الن الوج$$وب يع$$ني ع$$دم الحرم$$ة والحرم$$ة وع$$دمها نقيض$$ان
والنقيضان يمتنع اجتماعهما ذاتا .
القسم الثاني ان يكون التنافي بين المتعارضين بالعرض ال بالذات و مثل على ذلك في االصول
بالتعارض بين الدليل الدال على وجوب الظهر ووجوب الجمعة ف$$ان بين الوج$$وبين خصوص$$ا
97
مع اختالف متعلقهما ال يوجد تناف بالذات اذ ال م$$انع من وجوبهم$$ا مع$$ا ،لكن لم$$ا ق$$ام ال$$دليل
الخارجي على انه ال يجب في الي$وم والليل$ة اك$ثر من 5ف$رائض ص$ار هنل$ك تن$اف بين دلي$ل
وجوب الظهر و دليل وجوب الجمعة فامتنع العمل بهما ببركة ذلك ال$$دليل الخ$$ارجي ال الج$$ل
ذاتهما.
اذا اتض$$حت ه$$ذه المقدم$$ة فم$$ا نحن في$$ه من قبي$$ل القس$$م 2الن$$ه ال م$$انع ذات$$ا من العم$$ل بكال
االستصحابين اعني استصحاب بقاء سلطنة مالك الكتاب الموجود على الكت$$اب ،واستص$$حاب
براءة ذمته من البدل فليسا من قبيل الضدين وال من قبيل النقيضين فال مانع من اجتماعهما .
ولكن علمنا من الخارج ببركة االجماع ونحوه ان الملك ال يذهب هدرا فم$$ع بق$$اء ملكي للكت$$اب
ومع ذلك ال اضمن التالف فهذا يعني ان مالك التالف ذهب ملكه ه$$درا ،ف$الجمع بين بق$$اء مل$$ك
مالك الكتاب وعدم ضمان متلف التالف خالف هذا االمر المتسالم .
فهو نظير قيام االجم$$اع على ع$$دم وج$$وب اك$$ثر من 5ف$$رائض و علي$$ه يك$$ون التع$$ارض بين
االستصحابين بالعرض ال بالذات .
ان قلت :انه لم ال نتمسك بعموم قاع$دة على الي$د إلثب$ات ض$مان الب$دل وم$ع قي$ام على الي$د ال
تصل النوبة الى اصالة براءة الذمة عن الضمان ضرورة تقدم القاعدة على االصل العملي .
قلت :هذه القاعدة ال تجري في المقام لوج$ود االذن الش$رعي في التص$$رف بم$$ا تحت الي$$د الن
المفروض ان المعاطاة تفيد االباحة ،و قاعدة على اليد ال تجري في مثل هذه الموارد كما حقق
في محله .
مع ذلك يرجع المصنف ويؤيد القول باصالة ع$$دم الل$$زوم ال$$ذي يقتض$$ي بق$$اء س$$لطنة ص$$احب
العين عليها ويستدل لذلك بوجوه : 3
االول :ان اصالة بقاء السلطنة حاكمة على اصالة براءة الذمة عن الضمان فال تعارض .
انما الكالم في توجيه هذه الحكومة فان قلن$ا ب$ان االص$ل الث$اني مرجع$ه الى اص$الة ال$براءة ال
االستصحاب فاالمر سهل فان االستصحاب حاكم على البراءة .
اما لو ارجعنا االصل الثاني الى استص$$حاب ب$$راءة الذم$$ة فتوجي$$ه الحكوم$$ة عن طري$$ق جع$$ل
المقام من ص$غريات االص$ل الس$ببي والمس$ببي ب$دعوى ان الش$ك في الض$مان ال$ذي نري$د ان
نجري فيه استصحاب عدم الضمان هذا الشك مسبب عن الشك في بقاء السلطنة والسر في ذلك
ان بقاء السلطنة لو كانت متيقنة الوجود فال شك في لزوم ضمان البدل لما ذكرناه من التس$$الم ،
وان كان بقاء السلطنة مقطوع العدم فال شك في عدم ضمان البدل بالمثل او القيمة الن الضمان
بهما اذا لم يكن هنلك ضمان معاوضي وبعد انتفاء السلطنة حصل الضمان المعاوضي .
98
الوجه الثاني ان استصحاب براءة الذمة في حد ذاته ال يجري الن ما نحن في$$ه نقط$$ع بالض$$مان
وانم$$ا الش$$ك في نوعي$$ة الض$$مان ه$$ل ه$$و ض$$مان واقعي بالمث$$ل او القيم$$ة او ض$$مان جعلي
بالمسمى فاصل الضمان مقطوع الوجود والمشكوك نوعية الضمان وليس لدينا اص$$ل يعين لن$$ا
نوعية الضمان .
الوجه الثالث :الوجه الثالث ورفعنا اليد عن الوجهين الس$$ابقين اال ان$$ه في م$$ورد البحث يوج$$د
دليل اجتهادي يمنع من جريان استصحاب براءة الذمة ،و هذا الدليل االجتهادي هو قوله علي$$ه
السالم الناس مس$لطون على ام$$والهم ،ف$ان قاع$$دة الس$لطنة تثبت بق$$اء س$لطنة ص$$احب العين
الباقية عليها ومع جريان هذه القاعدة ال تص$$ل النوب$$ة الى استص$$حاب ب$$راءة الذم$$ة الن ال$$دليل
االجتهادي مقدم على االصل العملي.
ان قلت :انه مع جريان ه$$ذه القاع$$دة ال يج$$ري كال االستص$$حابين ،ال بق$$اء الس$$لطنة وال ع$$دم
الضمان.
قلت المسالة مبنائية فان التعارض بين الدليل واالصل يوجد فيه مبنيان :
االول ،ما اخت$اره االخون$د الخراس$اني في تنبيه$ات ال$براءة من ان ال$دليل يق$دم على االص$ل
مطلقا مخالفا كان ام موافقا .
الث$اني :م$ا اخت$اره جم$ع من العلم$اء من ان ال$دليل يق$دم على االص$ل المخ$الف دون االص$ل
الموافق.
الملزم الثاني :الذي يقع الكالم فيه ان يكون احد العوضين دينا في الذمة مثال ،لي عليك دين$$ار
فاعطيتني الكتاب بدال عن الدينار الذي اشتغلت به ذمتك فالعوض$$ان اح$$دهما الكت$$اب الموج$$ود
بالفعل حقيقة واالخر هو الدينار الموجود في الذمة والمش$تغلة ب$ه العه$دة ي$رى الفقه$اء ان ه$ذا
النوع من المعاطاة ملزمة سواء قلنا بافادتها للملك ام قلنا بافادتها لالباحة ،والوجه في ذلك ام$$ا
على القول بالملك فقد تقدم في تعريف البيع عندما تعرضنا لشبهة بي$$ع ال$$دين على من ه$$و ل$$ه ،
وذكرنا هنلك ان مقتضى الجمع بين االدلة ان نلتزم ب$$ان الم$$ديون يمل$$ك ال$$دينار ان$$ا م$$ا فيس$$قط
عنه ،ففيم$$ا نحن في$$ه الش$ك ان المعط$$اة تس$توجب اب$$راء الذم$$ة من ال$$دينار ،فتس$تلزم س$قوط
الدينار والسقوط هنا في حكم التلف ،الن الساقط ال يعود .
44
يختار المصنف اللزوم بناءا على كل من الملك واالباحة ،اما بن$$اءا على المل$$ك الم$$تزلزل ف$$ان
احد العوضين اذا كان في ذمة احد المتعاطيين فبمجرد ان يرضى صاحب الدين بالتعاطي عليه
يسقط عن عهدة المديون وبعد سقوطه ال يعود فحتى لو قال فسخت او اريد ان ارج$$ع في م$$الي
فان الساقط ال يعود و هذه من المسائل العقلية التي ترتب$$ط باع$$ادة المع$$دوم ف$$ان الذم$$ة والعه$$دة
99
وان كان اعتبار شيء فيها من االمور االعتبارية ولكن ال يعني ان االمور االعتبارية ال تجري
فيها القوانين الحاكمة في مجال التكوين ،فكما انه في عالم التكوين ال يجوز اجتم$$اع النقيض$$ين
ففي عالم االعتبار والجعل والتشريع ال يجوز ذل$$ك و فيم$$ا نحن في$$ه اذا ك$$ان في ع$$الم التك$$وين
الساقط والمعدوم ال يعود الن ما يوجد ثانيا ليس هو ما كان اوال ومع التغاير بين االول والثاني
ال يصدق العود واالعادة فعود ما كان في الذمة يتوقف على ان يك$ون العائ$د ه$و عين م$ا ك$ان
في الذمة ،و هذا كما ثبت في محله مستحيل الن الوجود ال يتثنى وال يتكرر ،فاذا كان االم$$ر
كذلك فبمجرد حصول التعاطي يترتب عليه سقوط ما في الذمة ،فيصبح ذلك في حكم الت$الف ،
فتصبح المعاطاة الزمة ،وان احتمل على وجه ضعيف عدم اللزوم و هذا االحتمال يبت$$ني على
انه ما دام االدخال في العهدة اعتباريا فمن الممكن حينئذ ان نعتبر العائد هو عين ما سقط سابقا
وقد اتضح بطالن هذا الوجه .
هذا كله بناءا على افادة المعاطاة للملك ،وام$ا على تق$دير افادته$ا لالباح$ة فق$د ذك$ر الم$اتن ان
االمر كذلك ،وظاهر العبارة يعطي انه كذلك في اللزوم ،فكما ان المعاطاة تكون الزم$$ة بن$$اءا
على الملك تكون هكذا بناءا على االباحة و ه$ذا المع$نى الظ$اهر مش$كل باعتب$ار ان ك$ون اح$د
العوضين مما اشتغلت به الذم$$ة في حكم الت$$الف يقتض$$ي ان ال يزي$$د على الت$$الف ،وفي بحث
تلف احد العوضين اصالة عدم اللزوم فكيف ما يكون في حكمة زائدا عليه.
على هذا االساس وجه المحقق االصفهاني عبارة المصنف بما يرجع الى انه بناءا على االباحة
نفس االباح$ة معناه$ا الل$زوم ،ال ان ب$راءة الذم$ة تقتض$ي الل$زوم ،وذل$ك الن من ك$انت ذمت$ه
مشغولة للغير فبتوافقه مع الغير في المعاطاة فمعنى اباحة ان يتصرف ب$$ابراء ذمت$$ه ه$$ذا يع$$ني
اللزوم ،وال يوجد لالباحة في مثل هذا المقام معنى اخر .
الملزم الثالث :نقل العوضين او احدهما و ذكر الماتن لهذا الملزم صورا:
االولى :ان ينقل العينان او احداهما بعقد الزم والمقصود من اللزوم في المقام االعم من اللزوم
الحكمي ومن اللزوم الحقي ،توضيحه ان البيع من العقود الالزمة ولكن لزومه من غير ناحي$$ة
الخيار ،واال لو الحظنا الخيار ف$$ان ك$$ل عق$$د بي$$ع يج$$ري في$$ه على االق$$ل خي$$ار المجلس ،فال
يكون البيع الزما ،فالمقصود في اللزوم في المقام ان يكون الزما من جهة الخيار ايضا كما لو
لم يكن خيار عند النقل اما باسقاطه او بشرط اسقاطه وما ش$$اكل ذل$$ك من مس$$قطاة الخي$$ار ،في
هذه الصورة بناءا على الملك يكون النقل في حكم التلف المتناع التراد فان ملزمي$$ة التل$$ف كم$$ا
تقدم هو امتناع التراد وفيما نحن فيه التراد ممتنع الن المف$$روض ان العين ق$$د نقلت عن المل$$ك
بناقل الزم ،ومع اللزوم يمتنع التراد الن الممتنع شرعا كالمممتنع عقال.
واما على االباحة فتارة نقول باباحة جميع التصرفات حتى التصرفات الناقل$$ة ،واخ$$رى نق$$ول
باباحة جميع التصرفات ما عدا التصرف الناقل كم$$ا حكي س$$ابقا عن الش$$هيد فعلى االول وه$$و
100
اباحة جميع التصرفات حتى الناقل فما دام التصرف الناقل مباحا و قد نقلت العين بالنقل الالزم
فيمتنع التراد ،والحاصل ان مالك اللزوم الموج$ود في التل$ف ه$و امتن$اع ال$تراد موج$ود فيم$ا
نحن فيه ،سواء قلنا بالملك ام باالباحة .
حينئذ لو عادت العين المنقولة بفسخ البد ان نلتفت هنا الى ان المقصود من الفسخ ،ليس الفسخ
في العق$$د الخي$$اري ال$$ذي يك$$ون ك$$ذلك من حين$$ه الن ه$$ذا خل$$ف م$$ا ذكرن$$اه من النق$$ل بالعق$$د
الالزم ،وانما المراد من الفسخ ما يشمل التفاسخ واالقال$$ة ف$$ان االقال$$ة ص$$حيحة ح$$تى في العق$$د
الالزم .
او ما يشمل الخيار الحادث بعد العقد ،كما ظهر الغبن للمشتري بعد العق$$د ،وقلن$$ا ب$$ان ظه$$ور
الغبن سبب للخيار ال كاشف عنه.
وعليه فلو عادت العين المنقولة بما ذكر فهل يجوز التراد ام ال ،وجهان :
االول :جواز التراد المكانه ،فيستصحب ،وتقريبه ان المانع من اللزوم فيما تق$$دم ه$$و امتن$$اع
التراد ،وبعد الفسخ يزول المانع فنش$ك في ان الج$واز ال$ذي ك$ان ثابت$ا من حين المعاط$اة ه$ل
ارتفع بتخلل االمتناع في االثناء ام ال فنستصحب بقاء الجواز.
الوجه الثاني انه ال يجوز الرد ،تقريبه ان جواز الرد قد ثبت في المعاطاة باالجم$$اع ه$$و ال$$ذي
اخرجنا عن تحت اصالة اللزوم ،واالجماع دليل لبي يقتصر فيه على الق$$در الم$$تيقن ،وعن$$دنا
حصتان االولى امكان التراد مع عدم تخلل االمتناع ،الثاني$ة امك$ان ال$تراد م$ع تخل$ل االمتن$اع
واالجماع ال اطالق له لكال الحصتين فيقتصر على القدر المتيقن وهو الحصة االولى .
يؤي$$د المص$$نف الوج$$ه الث$$اني و ي$$رى ان االستص$$حاب ال يج$$ري اذ يش$$ترط في جري$$ان
االستصحاب احراز الموضوع وفيم$$ا نحن في$$ه الموض$$وع غ$$ير مح$$رز اذ ان$$ك ق$$د ع$$رفت ان
امكان التراد المتيقن هو الذي لم يسبق باالمتناع اما مع س$$بقه باالمتن$$اع فه$$و خ$$ارج عن الق$$در
المتيقن فال يكون محرزا هذا كله على القول بالملك ،اما على القول باالباحة ،لو فس$خ ف$يرى
الماتن ايضا انه تبقى المعاطاة الزمة وذلك النه قد ذكرن$$ا س$$ابقا ان مقتض$$ى الجم$$ع بين االدل$$ة
بناءا على االباحة ان المباح له اذا اراد ان ينقل فيكشف نقله عن سبق ملكه اذ هذا هو مقتض$$ى
الجمع بين ما دل على اباحة التصرفات و ما دل على انه ال بيع اال في مل$ك ،فه$و آن$ا م$ا قب$ل
النقل يتملك ثم ينقل ،وبعد الفسخ ترجع العين الى من ملكها قبل النق$$ل ال الى المال$$ك األول ب$$ل
يرى المصنف ان عدم جواز التراد بناءا على االباحة اولى من عدم الجواز بناءا على الملك .
والوجه في هذه االولوية ان الفرق بين الملك واالباحة انه في الملك قب$$ل نق$$ل العين ثبت ج$$واز
الرجوع و التراد ،اما بناءا على االباحة ال يصدق جواز الرج$$وع اذ لم امل$$ك ح$$تى ارج$$ع ب$$ل
العين باقية على ملكي ،فبناءا على الملك كان جواز التراد ثابتا فاذا ش$ككنا في ارتفاع$ه بتخل$ل
101
االمتن$$اع يوج$$د وج$$ه الستص$$حابه وان ابطلن$$اه ام$$ا بن$$اءا على االباح$$ة لم يثبت ج$$واز ال$$تراد
والرجوع لكي يستصحب وانما الذي كان ثابتا بناءا على االباحة هو سلطنة المالك االول و هذه
السلطنة مقطوعة االرتفاع بالنقل فال مجال الستصحابها.
45
الزال البحث فيما لو نقلت احدى العي$$نين ثم رجعت بالفس$$خ ،و تكلمن$$ا ت$$ارة بن$$اءا على المل$$ك
واخرى بناءا على االباحة ،وثبت لدينا انه على كال الحالتين مختار المصنف عدم جواز التراد
،و بقاء المعاطاة على لزومها الذي حصل بعد النقل ،ب$$ل االم$$ر بن$$اءا على االباح$$ة اولى ،و
كنا نكلم بناءا على االباحة فيما لو كان النقل يكشف عن سبق الملك آنا ما جمع$$ا بين االدل$$ة ،و
االن يستدرك الماتن بناءا على القول باالباحة ليثبت جواز التراد بوجهين :
الوجه االول :ان نلتزم بان العقد الناقل هو الكاشف عن الملك بمعنى كاشفية العلة عن معلوله$$ا
،ويتميز كاشفية العلة عن المعلول بان ه$$ذه الكاش$فية ليس$ت فق$$ط كاش$فية اثباتي$$ة وواس$طة في
االثبات بل هي ايضا كاشفية ثبوتية وواسطة في الثبوت وانما ذكرنا هذا االم$ر لكي يمت$از ه$ذا
الوجه عن المبنى السابق في االباح$ة الن$ه في المب$نى الس$ابق في االباح$ة ذكرن$ا ان التص$رف
الناقل كاشف عن سبق الملك ،فعبرن$$ا ايض$$ا بالكاش$$فية ،والف$$رق بين الكاش$$فيتين ان الكاش$$فية
السابقة مجرد كاشفية على نحو الواسطة في االثبات مجرد كشف الطريق عن ذي الطريق ام$$ا
الكاش$فية هن$ا كم$ا هي واس$طة في االثب$ات هي كاش$فية في الثب$وت فالعق$د كاش$ف عن ملكي$ة
المتعاطي لما ينقله بمعنى انه سبب لملكيته له ال انه بالتصرف كش$$فنا عن وج$$ود مل$$ك س$$ابق ،
فبناءا على ذلك لو فس$خ من انتق$ل الي$ه الكت$اب فالمل$ك يع$ود الى المال$ك االول ال الى الناق$ل ،
فمثال ل$$و تعاطين$$ا على كت$$اب و درهم فاعطيت$$ك الكت$$اب ونقلت$$ه الى ، 3فبفس$$خ الث$$الث يرج$$ع
الكتاب الى ملكي ،حتى لو كان المنقول اليه قد ارجع اليه الى الناقل ،فيبقى في يد الناق$$ل على
وجه االباحة ،ولكنه يكون على ملكي ،والسر في ذلك ،ان النقل لما جع$ل عل$ة ل$زوال المل$ك
فالمملوك ينتفي بانتفاء علته ف$ان المف$روض ان العق$د الناق$ل ق$د فس$خ ف$اذا زالت العل$ة ي$زول
المعلول ،فيكون الكتاب في يد الناقل بعد الفسخ مباح$$ا ،لكن$$ه على مل$$ك االول فتج$$ري قاع$$دة
السلطنة الن الناس مسلطون على امالكهم فيجوز التراد ،و هذا بشرط ان يكون الدرهم باقيا ،
واال لو عرض على الدرهم بعض الملزمات ال يجوز التراد بناءا على ذلك .
هذا الوجه يضعفه الماتن ،والوجه في تضعيفه يمكن ان يرجع الى احد امرين ،االم$$ر االول :
ان يقال ان سببية العقد الناقل للملك هل الملك المسبب عنه هو ملك المنقول اليه ام ملك الناقل ،
ان قلت هو ملك المنقول اليه فهذا صحيح ولكنه ال ينفع في المقام ،النه يلزم منه ان يكون البيع
فضوليا الن من بيده الكتاب باع م$$ا ال يمل$$ك ،و ه$$ذا خالف فرض$$نا وان قلت ان العق$$د الناق$$ل
سبب لملك ناقل الكتاب فه$$ذه الس$$ببية ه$$ل تنش$$أ على نح$$و الجم$$ع بين االدل$$ة بمع$$نى ان العق$$د
102
يكشف عن سبق الملك فهذا يعود الى ما تقدم ،فبعد ان ملكه الناق$$ل ق$$د انقطعت س$$لطنة المال$$ك
األول عنه ،فاذا حصل الفسخ ال يعود اليه .
وثانيا :اليس هذا من مصاديق الشرط المتأخر حيث ان النقل من قبل احد المتعاطيين كان عل$$ة
لملكه له و هذا يلزم منه الدور الن علية العقد للملك متوقف$$ة على ص$$حة العق$$د ،وص$$حة العق$$د
متوقفة على ملكية البائع اذ ال بيع اال في ملك ،فتوقف الشيء على نفسه .
الوجه الثاني :الذي يمكن ان نقول به إلثبات جواز التراد حاصله ان نلتزم ب$$ان التع$$اطي ي$$بيح
جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك كالنقل مثال ولكن ال نلتزم بان النقل يحتاج الى س$$بق
الملك فيمكن لالنسان ان يبيع ما ال يملك وال نلتزم بان مقتضى الجمع بين االدلة و س$$بق المل$$ك
كما يظهر ذلك من الشهيد 1في بعض كلماته ،حينئذ اذا التزمنا بهذا المبنى فيجوز التراد حتما
،الن بائع الكتاب لم يملك الكتاب ،فعندما يفسخ الثالث يعود الكتاب الى ملك االول ،ف$اذا ع$$اد
الى ملكه فالناس مسلطون على اموالهم وامالكهم فيجوز التراد.
واالشكال عليه يظهر مما تقدم حيث ذكرنا سابقا ان ظاهر تعريف البيع لغة وعرفا وشرعا ه$$و
حصول النقل بمعنى دخول الثمن في مل$$ك من خ$$رج عن$$ه المثمن ف$$اذا ك$$ان الب$$ائع يمل$$ك الثمن
فالبد ان يكون المثمن قد خ$رج عن ملك$ه ايض$ا ال مل$ك غ$يره فل$ذا ال بي$ع اال في مل$ك نعم ل$و
التزمنا بالفضولية بمعنى ان ناقل الكتاب بائع فضولي فان لم يجز المالك االول فبطل ال$$بيع وال
معنى للفسخ ومفروض البحث صحة التصرف الناقل وال يتوقف على االجازة .
الصورة الثانية للملزم الثالث :ان يكون النقل بعق$$د ج$$ائز والج$$واز هن$$ا ايض$$ا اعم من الج$$واز
الحقي والجواز الحكمي لكن بشرط ان يكون النقل نقال معاوض$$يا ليف$$ترق عن الص$$ورة الثالث$$ة
االتية ،كما لو باع من بيده الكتاب و ثبت في البيع خيار المجلس مثال في ه$$ذه الص$$ورة ايض$$ا
التزم الماتن بلزوم المعاطاة وانه ال يجوز للمالك االول للكتاب ان يلزم البائع باعم$$ال الخي$$ار ،
وليس له ان يعمل الخيار بنفسه ،و الس$$بب في ذل$$ك ان المف$$روض ان المعاط$$اة تفي$$د المل$$ك ،
فمن حق من يملك شيئا ان يبيعه ،وليس الحد ان يلزمه باعمال خياره ،و ه$$ذا واض$$ح فيمتن$$ع
حينئذ التراد فتكون المعاطاة الزم$$ة ،ول$$و فس$خ واعم$$ل الخي$$ار في$$أتي في$$ه م$$ا تق$$دم س$ابقا من
الوجهين أي يجوز التراد او ال و المصنف اختار عدم الجواز .
هذا بناءا على افادة المعاطاة للملك ،اما بن$اءا على افادته$ا لالباح$ة ،فهي كافادته$ا للمل$ك بع$د
االلتفات الى نكتتين :
االولى :ان نبحثنا بناءا على اباحة جميع التصرفات .،
الثانية :ان المختار ان التصرف البيعي يكشف عن سبق الملك .
103
فمع التفاتنا الى النكتة االولى فيكون بيع احد المتعاطيين لما ابيح له ماذونا فيه وبما ان$$ه يكش$$ف
عن سبق الملك فباع ما يملكه فليس الحد ان يلزمه بالرجوع .
الصورة الثالثة ان يكون النقل نقال غير معاوضي ،كما هو الحال في الهبة ،فانها عب$$ارة عن
النقل المجاني ،فتارة نقول ان النقل بالهبة يكشف ايضا عن س$$بق المل$$ك فحكم$$ه حكم الص$$ورة
السابقة ،اما لو قلنا كما هو الحق بان هذا الن$$وع من التص$$رف ال يكش$$ف عن س$$بق المل$$ك الن
االلتزام بسبق الملك نشأ من ان اللغ$$ة والع$$رف والش$رع يقتض$$ي ان تك$$ون حقيق$$ة المعامل$$ة ان
يدخل العوض في ملك من خرج منه المعوض ،و هذا المعنى ال وج$$ه في الهب$$ة ،الن التملي$$ك
في الهبة مجاني ،ال يوجد عوض و معوض فال يكشف هذا التصرف عن س$$بق المل$$ك فتك$$ون
الهبة ناقلة للكتاب عن ملك المالك االول ،فالذي يثبت ل$ه الحكم الش$رعي بج$واز الرج$وع ه$و
المالك االول.
46
ولو باع العين ثالث فضوال ،و هذه صورة اخرى من صور النقل ،و تفترق عم$$ا تق$$دم ان م$$ا
تقدم كان الناقل فيه احد المتعاطيين ،بينما الناقل في هذه الصورة هو اجن$$بي عن المتع$$اطيين ،
هذه الصورة لها شقوق منشأ هذه الشقوق ان البيع الفضولي يحتاج الى اجازة و حينئذ ف$$المجيز
اما المالك االول او الثاني و على كل حال اما ان نبني على اف$ادة المعاط$$اة للمل$$ك او االباح$ة ،
فهذه شقوق ، 4ثم بعد ذلك اما ان يرجع احد المتعاطيين ويجيز االخر و ه$$ذا يبحث عن$$ه ت$$ارة
على افادة االجازة للكش$$ف واخ$$رى بن$$اءا على افادته$$ا للنق$$ل و الحاص$$ل ان في ه$$ذه الص$$ورة
شقوق متعددة .
اما شقوق االجازة لو اجاز عقد الفضولي المالك االول و كنا نقول بالملك فالحكم حينئذ ان ه$$ذه
االجازة تعتبر رجوعا عن المعاطاة الن الملك المتزلزل ينفس$$خ ب$$الرجوع والرج$$وع ام$$ا لفظي
واما فعلي واجازة المالك االول لعمل الفضولي يكون كم$$ا ل$$و ب$$اع المال$$ك االول و بي$$ع المال$$ك
األول نوع من الرجوع الفعلي فكذلك اجازته .
اما لو اجاز المالك الثاني بن$$اءا على اف$$ادة المعاط$$اة للمل$$ك فحينئ$$ذ تتح$$ول المعاط$$اة من المل$$ك
الجائز الى الملك الالزم ،ونفذت اجازته ايضا وليس ذل$$ك اال الن المف$$روض ان$$ه ق$$د مل$$ك في
الملك المتزلزل فكما كان يجوز له ان يبيع الكتاب بنفسه يجوز له ان يجيز بيع$$ه ،وق$$د اج$$از ،
فتلزم المعاطاة ،هذا كله بناءا على افادة المعاطاة للملك اما لو كنا نقول بافادتها لالباحة فسوف
ينعكس االمر وضوحا واشكاال ،توض$$يح ه$$ذه العب$$ارة ان$$ه بن$$اءا على المل$$ك ذكرن$$ا ان اج$ازة
االول تعت$$بر رجوع$$ا واج$$ازة الث$$اني تعت$$بر الزام$$ا بين ه$$ذين الحكمين ف$$رق من ناحي$$ة الق$$وة
والض$$عف ،ف$$الحكم بل$$زوم المعامل$$ة باج$$ازة الث$$اني اق$$وى من الحكم بانفس$$اخها باج$$ازة االول
والسر في هذه االقوائية انه باجازة الثاني يكون قد صدرت االجازة من اهله$ا ،الن المف$روض
104
ان الثاني ملك بالمعاطاة فيترتب عليه$$ا االث$$ر فتنتق$$ل العين عن ملك$$ه ،وم$$ع انتق$$ال العين عن
ملكه تصبح المعاطاة الزمة ،اما اجازة االول ففيها شبهة من حيث ان الثالث الفض$$ولي عن$$دما
باع باع الكتاب وهو في ملك ، 2فالجل ذل$$ك ق$د يق$$ال بع$$دم موقعي$$ة االج$ازة من االول ،ه$$ذا
على القول بالمل$ك ,ام$ا على الق$ول باالباح$ة فينعكس االم$ر ،ف$القول ب$الرجوع باج$ازة االول
اقوى من القول بلزوم المعاطاة باجازة الثاني ،الن اجازة االول ال تأتي فيها الش$$بهة المتقدم$$ة
الن المف$$روض ان الفض$$ولي ب$$اع في مل$$ك االول الن المعاط$$اة لم تف$$د س$$وى االباح$$ة ،الن
الفضولي باع في ملك االول فقد يقال ال موقع الجازة الثاني .
هذا كله فيما يرتبط باالجازة ،ام$$ا ل$$و رج$$ع االول ثم اج$$از الث$$اني ف$$يرى الم$$اتن ان الحكم في
المق$$ام يختل$$ف من حيث البن$$اء على الكش$$ف او النق$$ل ،توض$$يحه ان$$ه س$$يأتي في بحث العق$$د
الفضولي انه يوجد مبنيان رئيسيان االول ان االجازة كاشفة فلو وقع عقد الفضولي في الس$$اعة
االولى و حصلت االجازة في الساعة ال 2فمعنى انها كاشفة بمعنى ان النق$$ل واالنتق$$ال حص$$ل
في الساعة ، 1أي من حين العقد ،اما لو قلنا ان االجازة ناقلة فهذا يعني ان النق$$ل واالنتق$$ال و
التملك يحصل من حين االجازة .
المفروض ان المالك االول رجع والمالك الثاني اجاز فان كانت االج$$ازة كاش$$فة فه$$ذا يع$$ني ان
الرجوع يلغو ،ولتوضيح نمثل بمث$$ال فل$$و حلت المعاط$$اة ي$$وم الجمع$$ة ،وب$$اع الفض$$ولي ي$$وم
السبت ،ورجع المال$$ك االول ي$$وم االح$$د واج$$از المال$$ك الث$$اني ل$$بيع الفض$$ولي ي$$وم االث$$نين ،
فاالجازة وان كانت متأخرة عن الرجوع لكنه بناءا على الكش$$ف ف$$ان اث$$ر االج$$ازة متق$$دم على
الرجوع اذ بناءا على الكشف يكون النقل قد حصل يوم السبت فال موقع للرجوع .
اما بناءا على النقل فالرجوع مؤثر واالجازة الغية .
بناءا على الكشف احتمل البعض ان يكون الرجوع نافذا ال الغيا والس$$بب في ذل$$ك ان تص$$رف
الذي انتقل الي$$ه الكت$$اب بالمعاط$$اة ك$$ان من حين قول$$ه اج$$زت ،فيك$$ون مت$$أخرا على الرج$$وع
واالجازة تكون كاشفة اذا صدرت في ملك المجيز ،والمفروض ان الرجوع متقدم على التلف$$ظ
باالجازة فال يكون شرط تأثير االجازة متوفرا اذ شرطها صدورها في ملكه ومع تقدم الرج$$وع
عليها لم تصدر في ملكه.
ولكن بحسب ظاهر العبارة ال يقبل المصنف هذا االحتمال ولعل الوجه في ذل$$ك ه$$و ان$$ه بن$$اءا
على الكشف الحقيقي المبتني على االعتقاد بالش$$رط المت$$أخر حيث ان االج$$ازة المت$$أخرة عل$$ة
حقيقية للنقل من يوم السبت فيكون التصرف من المجيز حقيقة من يوم السبت .
هذا تمام الكالم في الملزم الثالث بجميع صوره .
105
الملزم الرابع االمتزاج كما لو اعطيتك منا من حنطة بمن من ارز واالمتزاج اما بالعينين الذين
وقع عليهما التعاطي واما بامتزاج احدى العينين بثالث .
على القول بالملك يسقط الرجوع بال فرق بين الصورتين وذلك الجل انتفاء الموض$$وع فيك$$ون
بحكم التلف المتناع التراد بعد االمتزاج ،وفي كل مورد يمتنع التراد يحصل اللزوم .
في مقابل ذلك قد يقال بتأثير رجوع المالك وعدم لزوم المعاطاة غاية االمر تحصل الشركة بين
المالك للعين االولى والثانية ،بناءا على امتزاجهما وبين مالك التعين االولى والثالثة بناءا على
امتزاج القمح ب ، 3وحينئذ يملك على نحو االشاعة هذا االحتمال يظه$$ر من الم$$اتن بطالن$$ه ،
الن الرجوع فرع امكان التراد والتراد ال يكون ممكنا اال بعود العين على ما ك$$انت علي$$ه و في
صورة الشركة كانت العين قبل االمتزاج ملكا شخصيا ،وبعد االمتزاج ببركة الشركة ص$$ارت
ملكا مشاعا و بين الملك الشخصي والملك المشاع فرق فلم يحصل ب$$التراد مل$$ك العين على م$$ا
كانت عليه فيكون التراد ممتنعا ،وفي كل مورد امتنع التراد لزمت المعاطاة .
اما على القول باالباح$$ة فب$$امتزاج القمح نش$$ك في خروج$$ه عن الس$$لطنة واالص$$ل البق$$اء تحت
سلطنة المالك النه بالمعاطاة لم يملك وانما اباح التصرف فتبقى سلطنته عليه فيصير شريكا مع
صاحب المال الممتزج بماله.
اللهم اال اذا كان المزج ملحقا للعين بالتالف ،كما لو امتزج السكر بالملح.
47
الكالم في صورة امتزاج العينين ببعضهما البعض او احداهما بعين ، 3و ه$$ذا االم$$تزاج ل$$ه 3
صور :
االولى ان يكون الفصل بين العينين ممكنا من دون ان يؤدي االنفصال الى عروض التلف .
الثانية ان يك$ون االنفص$ال غ$ير ممكن في الع$ادة او يس$بب عس$را وحرج$ا من دون ان ي$ؤدي
االمتزاج الى سقوط االنتفاع المعتد به للعينين في صورة االمتزاج.
الصورة 3ان يكون االمتزاج ملحقا للمزيج بالتلف.
اما الصورة 1فخارج$$ة عن محال الكالم المك$$ان االنفص$$ال وك$$ذا الص$$ورة 3الن بع$$د س$$قوط
المزيج عن االنتفاع المعتد به يلحق ذلك العين بالتالفة وانما الكالم في الصورة .2
في هذه الصورة تارة نتكلم بناءا على الملك واخرى على االباحة .
اما على الملك فالمعاطاة تلزم المتناع التراد كما هو مفروض الصورة ويحتم$$ل بق$$اء المعاط$$اة
على تزلزلها مع تحول الملك من الملك للشخص الى الملك للمشاع و هذا االحتمال ضعيف الن
106
خروج المعاطاة تحت اصالة اللزوم ببركة االجماع وهو دليل لبي والقدر المتيقن منه غير ه$$ذه
الصورة فال دليل على جواز التراد وان$$ا بن$$اءا على الق$$ول باإلباح$$ة فبع$$د ع$$دم حص$$ول المل$$ك
بالمعاطاة نستطيع ان نتمسك باصالة بقاء الس$$لطنة على الم$$ال والمقص$$ود باالص$$ل ه$$و قاع$$دة
السلطنة ال االستصحاب الن موضوع القاعدة كما يصدق على المال المعين يصدق على الم$$ال
المشاع فلما كان موضوع القاع$دة متحقق$ا في الم$ال المش$اع فتبقى س$لطة المال$ك على الم$زيج
ولكن على نحو االشاعة .
الملزم الخامس التصرف المغير للصورة مع بقاء المادة كما ل$$و طحن الحنط$$ة او خ$$اط الث$$وب
وما شابه فعلى القول باالباحة ال تلزم المعاملة بال$$دليل نفس$$ه المتق$$دم في ص$$ورة االم$$تزاج الن
مالية الشيء ال يفرق فيه بين تملك المادة في ضمن صورة وصورة مغايرة فال يخ$$رج الحنط$$ة
عن المالية بطحنه .
اما على القول بالملك فالمس$$ألة مح$$ل اش$$كال وت$$ردد ومنش$$أ االش$$كال يرج$$ع الى اح$$د ش$$روط
االستصحاب وهو وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة موضوعا النه في االستصحاب يشترط ان
يكون المستصحب في ان الشك عينه في ان اليقين واال النقلب االستصحاب الى قي$$اس ويك$$ون
من باب تسرية الحكم من موضوع الى اخر .
لكن الكالم في هذه الوحدة في انها هل هي وحدة حقيقية ام عرفي$$ة ف$ان قلن$$ا ب$$ان الوح$دة وح$دة
عرفية فعند العرف الدقيق غير الحنطة فال يجري االستصحاب واما بالدقة العقلية فال$$دقيق ه$$و
االجزاء المتفرقة للحنطة ،وليس شيئا مغايرا لها فحينئذ يجري االستصحاب فيق$$ال ان$$ه عن$$دما
كان هذا حنطة كان يجوز للمالك ان يسترده وبعد صيرورته دقيقا نستص$حب ف$ان ك$ان ال$دقيق
هو عين الحنطة فاالستصحاب صحيح واال فال.
الملزم السادس هو موت احد المتعاطيين ،والفرق بين هذا الملزم وما تقدم علي$$ه ان الملزم$$ات
المتقدم$ة ،ك$ان ط$رو ش$يء يع$رض على العين ام$ا في ه$ذا المل$زم ف$الطرو للش$يء الح$ادث
يع$$رض على اح$$د المتع$$اطيين ،الحكم هن$$ا يتض$$ح بع$$د اس$$تذكار مقدم$$ة ،ذكرناه$$ا في بداي$$ة
البحث ،وحاصلها ان الفسخ والرد و ما شاكل يتصور الجواز فيه على انحاء :3
االول ان يكون على نحو الجواز الحقي كما هو الحال في العقود الالزمة الجائزة بالخيار.
النحو الثاني ان يكون الجواز حكميا على نحو الجواز في الهبة.
النحو الثالث :ان يكون الجواز جوازا حكميا على نحو االذن .
والفرق بين هذه ال ، 3مفهوما و أثرا .اما مفهوما فالحق هو جعل ش$$يء ث$$ابت لش$$خص على
اخر بينما الحكم عبارة عن انشاء تكليف .
107
اما اثرا فان كان الجواز من قبيل االول فاثره انه يشمله عموم م$$ا ت$$رك الميت من م$$ال او ح$$ق
فلوارثه ،فينتقل باإلرث.
اما اثر الحكم على نحو الهبة و الحكم ال يثبت لموضوعه وال دليل على انتقاله الى الغير.
واما ارجاع جواز الرد الى االباحة االذنية فواضح ان مرج$ع ه$ذه االباح$ة الى اح$راز الرض$ا
الباطني ففي كل مورد يناط فيه الحكم بالرض$ا الب$اطني فمرجع$ه الى االباح$ة االذني$ة ،وحال$ه
حال الهبة فال ينتق$$ل الى الورث$$ة ،وبم$$ا ان الج$واز في المعاط$$اة على الق$$ول ب$$ه ليس حقي$$ا فال
ينتقل الى الورثة و هذا يعني انه بموت احد المتعاطيين تلزم المعاملة .
وال يقاس على ذلك حال$$ة ع$$روض الجن$$ون على اح$$د المتع$$اطيين ،الن المجن$$ون ين$$وب عن$$ه
الولي بمقتضى الدليل الشرعي ،والولي كالوكيل في كونه بمثابة االلة للموكل والمولى علي$$ه ،
ويكون تصرف احدهما تصرفا لالخر ،وعليه فال تلزم المعاطاة بطرو الجنون او االغماء وما
شاكل ذلك.
االمر الس$ابع في تنبيه$ات المعاط$اة يش$رع المص$نف في$ه ب$ذكر كالم للش$هيد 2في المس$الك ،
الشهيد 2بعد ان انتهى من تع$داد الملزم$ات المتقدم$ة تع$رض لف$رع فقهي ،حاص$له ان$ه بع$د
عروض الملزم كالتلف هل تصبح المعاطاة بعد عروض الملزم بيع$$ا ام انه$$ا معامل$$ة برأس$ها و
مستقلة .
ذكر ان في المسالة وجهين االول :ان تصبح بيعا ويمكن تقريب ه$$ذا الوج$$ه ب$$ان االم$$ر ي$$دور
بين شقوق ، 3االول :ان تصبح بيعا ،الثاني ان تصبح معاملة من المعامالت المعهودة غ$$ير
البيع ،
الثالث ان تص$$بح معامل$$ة جدي$$دة ال تن$$درج تحت المع$$امالت المعه$$ودة واالحتم$$االن االخ$$يران
ب$$اطالن ،ام$$ا الث$$اني فلض$$رورة ان المعاط$$اة بع$$د الل$$زوم ال ينطب$$ق عليه$$ا اح$$د المع$$امالت
المعهودة.
واما بطالن ، 2فباعتبار ان المعاملة الجديدة تحتاج الى دليل لتشريعها وهو مفقود .
فيتعين االول وهو المطلوب.
الثاني ان يقال انها معاملة مستقلة ،وذلك لبطالن الشقين االولين .ام$$ا الث$$اني فق$$د تق$$دم ،وام$$ا
االول فالن التلف مثال الذي هو احد الملزمات ليس من االمور التي تصير غير البيع بيعا .
الثم$$رة في ه$$ذا الخالف واض$$حة حيث تظه$$ر في االحك$$ام الخاص$$ة ب$$البيع ،من قبي$$ل خي$$ار
الحيوان ،فلو تلف الثمن وبقي الحيوان ف$$ان ص$$ارت المعاط$$اة ب$$التلف قب$$ل انته$$اء ال 3بيع$$ا
108
فيثبت الخيار لصاحب الحي$$وان نعم يق$$ع بحث ان ه$$ذا الخي$$ار يثبت من حين التل$$ف ام من حين
المعاطاة ،اما لو قلنا انها بالتلف ال تصير بيعا فال يثبت خيار الحيوان.
48
قال الشهيد 2و يشكل االول :وق$$ع الكالم بينهم في ان االول والث$$اني ه$$ل يرجع$$ان الى الوج$$ه
االول والثاني في اصل موضوع البحث ام انهما يرجعان الى ما ذك$$ره في ذي$$ل الفائ$$دة من ان$$ه
على القول بثبوت خيار الحيوان فهل يثبت من حين المعاط$$اة ام من حين الل$$زوم ،ذهب الس$$يد
اليزدي الى الثاني واالكثر على االول اما توجي$$ه ق$ول االك$ثر فحاص$$له ان الوج$ه القائ$$ل ب$$ان
المعاطاة بعد طرو الملزم تكون بيعا يتنافى مع قولهم انها ليست بيع$$ا ،فالوج$$ه االول في بداي$$ة
البحث حينئذ يتناقض مع ما هو معروف بينهم من عدم كون المعاطاة بيعا .
اما الوجه 2وهو كونها معاوض$$ة مس$تقلة بع$$د ط$$رو المل$$زم فيش$كل ب$$ان المعاوض$$ة المس$تقلة
بحاجة الى سبب منشيء لها ،وحين المعاطاة المفروض انهما ق$د قص$دا م$ا يقص$د من ال$بيع ،
فال يكون التعاطي موجبا لغير ال$$بيع ،فال يبقى في ال$$بين اال المل$$زم الط$$اريء وه$$و التص$$رف
المتلف مثال ،والتصرف المتلف ليست من االسباب التي ينشا بها معاوضة مستقلة
اما تفسير رأي اليزدي فمعنى قول الشهيد 2ويش$كل االول بق$$ولهم انه$$ا ليس$ت بيع$$ا ان الق$$ول
بكون خيار الحيوان ثابتا من حين التعاطي يتن$$اقض م$$ع ال$$تزامهم بع$$دم بيعي$$ة المعاط$$اة س$$وى
الشيخ المفيد كما تقدم .
اما القول بثبوت الخيار من حين التلف فيشكل بان$$ه م$$ا لم يكن بيع$$ا ال يص$$ير ب$$التلف بيع$$ا ف$ان
التصرف المتلف ليس من االمور المنشئة للبيعية.
بعد ذلك يستدرك الشهيد 2بقوله اللهم اال ان يجعل المعاطاة :ه$ذا االس$تدراك لل$بيع تمس$ك ب$ه
لترجيح تفسير االكثر وهو استرداد راجع الى قوله و يشكل الثاني ،وذل$$ك ب$$ان يق$$ال ان النق$$ل
واالنتق$ال ال$بيعي مس$بب عن س$بب م$ركب من ج$زئين :االول التع$اطي وق$د حص$ل والث$اني
التصرف وقد حصل ايضا ،هذا نظير بيع الصرف و الس$$لم ،حيث ان تحق$$ق النق$$ل واالنتق$$ال
البيعي في بيع الصرف والسلم يترتب على جزئين على العقد و التقابض في المجلس.
هذا االستدراك ينسجم مع كال التفسيرين فال يكون مؤيدا لتفس$ير االك$ثر ب$ل يتالئم م$ع التفس$ير
اليزدي ،ف$$ان الق$$ول بثب$$وت الخي$$ار بع$$د التل$$ف ك$$ان اش$$كاله ان التص$$رف المتل$$ف ليس مملك$$ا
فنستدرك عليه بان التصرف ليس هو تمام العلة في التمليك بل هو جزء العلة.
في الختام يقوي الشهيد 2عدم ثبوت الخيار في المعاطاة أي خيار الحي$$وان ،توض$$يح المطلب
انك قد عرفت ان الفقهاء باستثناء الشيخ المفيد يقولون بان المعاطاة ال تفيد اللزوم وليس$$ت بيع$$ا
بل هي اما ان تفيد االباح$$ة او الملكي$$ة المتزلزل$$ة ،ف$$اذا ك$$ان ه$$ذا ه$$و رأي المش$$هور فال يثبت
109
للمعاطاة ما يكون من مختصات العقد البيعي ،وفي باب الخيارات سوف يأتي ان كال من خيار
الحيوان و خيار المجلس من مختصات العقد البيعي ،فال يجريان في المعاطاة ،اال بناءا على
قول المفيد .
اما مثل خيار الغبن والعيب فيجريان هنا لعدم اختصاصهما بالبيع فان خيار العيب يجري كذلك
خيار الغبن في المعاوضات غير البيعية ،
يعلق الماتن على ان هذا الفرع الفقهي الذي ذكره الشهيد 2متفرع على القول باالباحة في ب$$اب
المعاطاة
اما على القول بانها مفيدة للملك المتزلزل كما هو مختار المحقق 2فال وج$$ه للبحث عن كونه$$ا
معاوضة مستقلة او بيعا متزلزال قبل طرو الملزم لكي يقال حينئذ انه بعد ط$$رو المل$$زم يلحقه$$ا
احك$$ام ال$$بيع الالزم ،والس$$ر في ذل$$ك ان المحق$$ق الك$$ركي ال$$ذي يتب$$نى اف$$ادة المعاط$$اة للمل$$ك
المتزلزل صرح بانها بيع فال بد حينئذ ان نحمل كالم الشهيد 2على ما نسب الى المش$$هور من
كون المعاطاة تفيد االباحة.
نعم على قول المحقق الكركي ينبغي ان نفصل بين نوعين من االحكام المترتبة على البيع :
االول االحكام المترتبة على مطلق البيع ،هذه االحكام تثبت للمعاطاة بعد اللزوم بال اشكال .
النوع الثاني االحكام المترتبة على البيع المنش$أ بالص$يغة المس$توفية للش$روط ،ه$ذا الن$وع من
االحكام ال يترتب على المعاطاة النها وان كانت بيعا لكنها ليست بالصيغة المستوفية للشروط.
ان قيل :انه بناءا على قول المحق$$ق الك$$ركي ال ينبغي البحث عن ثب$$وت الخي$$ار للمعاط$$اة الن
المفروض انه يقول بالملك المتزلزل ،والتزلزل معناه الجواز و هذا هو عين الخيار .
قلت انه حصل خلط بين الجواز الحكمي والجواز الحقي فالتزلزل الثابت في المعاطاة على ح$$د
التزلزل الثابت في الهبة وهو جواز حكمي وما يفيده الخيار جواز حقي.
ثم انه قد اتضح لدينا ان الفرع المذكور في المسالك يبتني على القول باالباحة فالب$د من تحقي$ق
المطلب بناءا على ه$$ذا الق$$ول ،يق$$وي المص$$نف ان المعاط$$اة بن$$اءا على ه$$ذا الق$$ول بي$$ع عن$$د
العرف ،لكن الشارع لم يمضه و لم يصححه اال بع$$د ط$$رو المل$$زم ك$$التلف او م$$ا في حكم$$ه ،
وحينئذ الصحيح انه يترتب على المعاطاة بعد اللزوم تمام ما يترتب على البيع ،سوى االحك$$ام
المختصة بالبيع بالصيغة ،الن المعاطاة ليست بيعا بالصيغة.
لقائل ان يقول ان هذا الكالم من قبل المصنف ،يتنافى مع م$$ا ه$$و المنق$$ول عن بعض حواش$$ي
الشهيد 1حيث نقل عنه القول بان المعاطاة معاوضة مستقلة س$واء ك$انت قب$ل ط$رو المل$زم ام
بعد طرو الملزم.
110
فقولك ببيعيتها لترتب عليها احكام البيع يتنافى مع جزم الشهيد بكونها معاوضة مستقلة والشهيد
1من الفقهاء الذين يقف عندهم الماتن.
يجيب المصنف عن ه$$ذا االش$$كال بتوجي$$ه لكالم الش$$هيد و حاص$$له ان الش$$هيد من المعل$$وم من
مذهبه ان المعاطاة تفيد االباحة وانها معاوضة قبل اللزوم ،بسبب انه بنظ$$ره ان ك$$ل واح$د من
المتعاطيين يقصد التعاوض بين اباحتين فاباحتي لكت$$ابي في مقاب$$ل اباحت$$ك لل$$درهم فالتع$$اوض
عنده بين االباحتين ،و هذا غير المبنى الذي يلتزم به الشهيد 2و نتكلم على اساسه فال تناقض
بين ما تبناه و ما نتكلم فيه.
49
الكالم في هذا التنبيه 8يقع فيما تتحقق فيه المعاطاة و يعتبر ه$$ذا التنبي$$ه من االم$$ور المرتبط$$ة
بتحديد الموضوع فالمعاطاة ال$$تي ت$$ترتب عليه$$ا االحك$$ام المعين$$ة ه$$ل تختص بانش$اء المعامل$$ة
بالفعل ام تشمل انشاء المعاملة بالقول الذي اختل فيه بعض شرائط الصيغة المعتبرة.
ال شك ان القدر المتيقن في اطالق المعاطاة هي المعاطاة التي تنشا بالفعل واالعط$$اء ،ام$$ا ل$$و
أنشئ ال$$بيع بالص$$يغة لكن اخت$$ل فيه$$ا بعض الش$$روط فه$$ل تق$$ع المعاط$$اة ام ال ،الب$$د اوال من
تحرير محل النزاع و ذلك في ضمن جهتين :
االولى :انه في مبحث تحقق البيع وقع الكالم في انه هل يشترط على االنشاء اللفظي باي لف$$ظ
صريح يدل على المعنى ه$$ل يش$$ترط كيفي$$ة خاص$$ة ،ام يكفي في تحق$$ق ال$$بيع مطل$$ق االنش$$اء
اللفظي الصريح قوالن يظهر من المشهور االول :ويختار الشيخ الثاني فالمشهور يظه$$ر منهم
ان اللفظ الصريح البد ان يك$$ون مش$$تمال على الماض$$وية والعربي$$ة و م$$ا ش$$ابه ،بينم$$ا الش$$يخ
اكتفى بمطلق اللفظ على مبنى الشيخ ال وقع للنزاع فيم$$ا نحن في$$ه الن المعامل$$ة المنش$$أة باللف$$ظ
الذي اختل فيه بعض الشرائط تكون بيعا فال معنى لل$$نزاع ان ال$$بيع ي$$دخل في المعاط$$اة ام ال ،
الن البيع هو االصل الذي نبحث عن دخول المعاطاة فيه.
وعليه فالنزاع يتم على المبنى الظاهر من المشهور.
الجهة الثانية انه على مبنى المشهور ل$و انش$ا ال$بيع باللف$ظ م$ع اختالل بعض الش$روط فه$ذا ال
يخلو من صور : 3
الصورة االولى :ان ينشا البيع بالفارسية مثال ،و يعلم المتعاقدان انه فاسد ،ومع ذل$ك يحص$ل
قبض واقباض ،و هذا التقابض حصل بعنوان انشاء المعاملة بع$$د علمهم$$ا بفس$$اد الص$$يغة ،ال
ش$ك ان ه$ذه الص$$ورة خارج$ة عن مح$ل ال$$نزاع فانه$$ا معاط$$اة قطع$$ا ،الن المعامل$$ة انش$ئت
بالتقابض.
111
الصورة الثانية ان يعلما بالفساد ومع ذلك يحصل التقابض ال بغرض انشاء المعاملة بل الرض$$ا
بالتقابض معلق على انشائهما الفاسد ،بمعنى انه لوال الصيغة المتقدمة ال$$تي اختلت فيه$$ا بعض
الشروط انا ال ارضى باقباضك هذه الصورة ايضا خارجة عن محل ال$$نزاع ،فانه$$ا بي$$ع فاس$$د
بال اشكال .
الصورة الثالث$$ة عين 2م$$ع ع$$دم التعلي$$ق في الرض$$ا باالخ$$ذ واالعط$$اء على فس$$اد المعامل$$ة ،
فننشيء الصيغة بلفظ اختلت به بعض الشروط ويحصل اعطاء واخذ ال بعنوان انشاء المعامل$$ة
باالعطاء واالخذ كما في االولى وال بعنوان ترتب الرضا باالعطاء واالخذ على الص$$يغة ال$$تي
اعلم بفسادها ،بل بمعنى اني راض باالعطاء واالخذ مع قطع النظر عن الصيغة الفاسدة ،هذا
هو محل النزاع في هذا التنبيه فهل يترتب على هذا النوع من المعاملة حكم المعاطاة أم ال ؟.
ظاهر جماعة ممن عاصر الشيخ كالسيد المجاهد في المناهل والنراقي في المستند تبع$$ا لظ$$اهر
كالم المحقق 2والشهيد 2هو االول من هذين الرأيين بمعنى ان الصيغة الفاسدة ت$$دخل في حكم
المعاطاة و نقل المص$$نف لتأيي$$د ه$$ذا االس$$تظهار عب$$ارتين االولى عب$$ارة المحق$$ق 2في بعض
رسائله و هي واضحة الداللة.
العبارة 2عبارة الشهيد 2في الروضة ،حيث قال فيه$$ا في مق$$ام ع$$دم االكتف$$اء باالش$$ارة م$$ع
القدرة على النطق قال ان االشارة تفيد المعاطاة مع االفهام الصريح ق$$د يش$$كل على االستش$$هاد
على هذه العبارة بانها ال دالل$ة فيه$ا على الح$اق ال$بيع اللفظي ال$ذي اخلت في$ه بعض الش$روط
بالمعاطاة لكون العبارة تتحدث عن االشارة واالشارة ليست بيعا لفظيا .
ولكن الصحيح انها مرتبطة ببحثنا و ذلك عن طريق المناط المذكور في ذيلها ،فان$$ه ق$ده جع$$ل
االشارة مفيدة للمعاطاة مع كونها مفهمة صراحة فمن باب اولى ان يكون اللفظ المفهم صراحة
مع اختالل بعض الشروط ملحقا بالمعاطاة وعليه فاذا اراد المستشكل باجنبية عب$$ارة الش$$هيد 2
هو انها ليست صريحة في محل الكالم فكالمه صحيح لكن الدالل$$ة ال تنحص$$ر بالص$$راحة وان
اراد نفي الداللة مطلقا فغير صحيح الن العبارة ت$دل ب$االلتزام من ب$اب تنقيح المن$اط اذا ك$انت
االشارة الصريحة تلحق بالمعط$$اة فمن ب$$اب اولى نلح$$ق اللف$$ظ الن اللف$$ظ وان اختلت ش$$رائطه
تبقى داللته اوضح من االشارة.
في مقابل ذلك يظهر من الشرائع والعالمة في بعض كتبه بانه ل$$و انش$$أ ال$$بيع بالص$$يغة وك$$انت
غير مستوفية لتمام الشرائط فلو حصل قبض واقباض يكون كل واحد منهما ضامنا لما في ي$$ده
،والحكم بالضمان يعني عدم الحاق هذه المعاملة بالمعاطاة ،النه في المعاطاة ال ضمان .
لقائل ان يقول ان المحقق والعالمة كان تعبيرهما بالعق$$د الفاس$$د والفس$$اد ال يتعين ان يك$$ون من
ناحي$$ة اخالل ش$$رط الص$$يغة فلع$$ل الفس$$اد من جه$$ة اخ$$رى ك$$الغرر في المعامل$$ة ،والمعامل$$ة
الغررية فاسدة حتما ال تلحق بالمعطاة .
112
يجيب المصنف انه في تعبيرهما بالعقد الفاسد يوجد احتماالن :
االول ان يكون المقصود من العقد الفاسد هو الفساد من جهة اختالل شروط الصيغة .
ويشهد لهذا الكالم ان هذه العبارة جاءت في سياق الحديث عن ش$$روط الص$$يغة وقب$$ل الح$$ديث
عن شروط العوضين والمتعاوضين .
االحتمال الثاني :ان يكون مقصودهما االطالق أي مطلق الفساد سواء جاء من ناحي$$ة الص$$يغة
ام من ناحي$$ة العوض$$ين ام من ناحي$$ة المتعاق$$دين ،و على كال االحتم$$الين يص$$ح االستش$$هاد
بكالمهما للقول . 2
اما على االول فواضح اما على 2فباعتبار ان الفساد من ناحية اختالل ش$$رائط الص$$يغة داخ$$ل
ضمنا.
50
حاول السيد العاملي في مفتاح الكرامة ان يجم$$ع بين ه$$ذين الق$$ولين ويرج$$ع ال$$نزاع الى ن$$زاع
لفظي فبالنسبة لقول المحقق في الشرائع الذي استظهرنا منه عدم االلحاق مطلقا جع$$ل الع$$املي
موض$$وع البحث عن$$د المحق$$ق ه$$و م$$ا اذا علم ع$$دم الرض$$ا اال على تق$$دير الص$$حة فالرض$$ا
بالتصرف الذي تتقوم بها المعاطاة هذا الرضا في البيع الفاسد كان معلقا على صحة المعامل$$ة ،
وبما ان$$ه ت$$بين ان المعامل$$ة فاس$$دة الختالل بعض ش$$روطها انتفى المعل$$ق علي$$ه و بتبع$$ه ينتفي
المعلق وهو االذن والرضا وعليه فان تصرف احدهما بما وصل اليه يكون اكال للمال بالباط$$ل
وذلك الن التصرف بحاجة الى وجه يدل على حليته ووجه الحلية اما كون ما نحن في$$ه بيع$$ا او
تجارة عن تراض او هبة و ما يشابهها من وجوه الح$$ل وال$$بيع منت$$ف في المق$$ام لف$$رض فس$$اد
المعاملة وكذا الحال في التجارة عن تراض لكون المف$$روض ان الرض$$ا واالذن ق$$د عل$$ق على
ش$$يء مفق$$ود في ال$$بين فال يبقى اال الهب$$ة وم$$ا يش$$ابهها وهي ايض$$ا منتفي$$ة الن ك$$ل واح$$د من
المتعاقدين لم يقدما على الحلية المجانية ،وانما اقدما على التمليك فكل واح$$د منهم$$ا ال يرض$$ى
بتصرف احدهما بدون عوض وعلى هذا االساس يتضح ان الرضا السابق على التقابض ي$$نزل
منزلة العدم لكونه معلقا على الصحة المفروض عدمها ،هذا هو موضوع البحث عن$$د المحق$$ق
صاحب الشرائع فحقه ان يقول بعدم انقالب هذا ال$$بيع الى معاط$$اة ،ام$$ا موض$$وع البحث عن$$د
المحقق 2والشهيد 2فختلف فهما يتكلمان عن صورة التراضي بعد العلم بالفساد ،ف$$الفرق بين
موضوع المسألتين عند الفريقين ان موضوع المسألة عند الفريق االول هو الرضا السابق على
العلم بالفساد واتضح ان هذا الرض$$ا ال يس$$ري الى م$$ا بع$$د العلم بالفس$$اد فيك$$ون التص$$رف من
مصاديق اكل المال بالباطل اما موضوع المسالة عند الفرقة 2أي المحقق الك$$ركي والش$$هيد 2
فهو الرضا الحادث بعد العلم بالفساد ،وال شك ان هذا الرضا ي$$وجب ص$$حة المعامل$$ة وترج$$ع
الى المعاطاة ،كما ذكرنا في تحرير محل النزاع ان رضا المتعاملين لم يكن معلقا على الصحة
113
بل سواء صحت المعاملة ام فسدت فهم$$ا على رض$$ا ب$$ترتب االث$$ر من النق$$ل واالنتق$$ال وعلي$$ه
فمصب القول بنفي المعاطاة مغاير لمصب القول باجزاء المعاطاة فبعد االختالف في موض$$وع
المسالة يعود النزاع لفظيا.
المصنف ال يرتضي هذه المحاولة ويعلق على الش$$ق االول من كالم$$ه ان الص$$يغة ال$$تي يخت$$ل
فيها بعض الشرائط المعتبرة هي موضوع البحث ،كما انه ذكرن$$ا في مح$$ل ال$$نزاع ان ال$$نزاع
فيما لو حصل انشاء واحد لغرض التمليك هذا االنش$اء الواح$د بص$يغة واح$دة لتملي$ك واح$د ال
يس$$توجب بق$$اء االذن والرض$$ا الن االذن والرض$$ا نش$$أ من قص$$د التملي$$ك ،فه$$و اذن و رض$$ا
بتص$رف متف$رع على التملي$ك والمف$روض ان الص$يغة باطل$ة اخت$ل فيه$ا بعض الش$رائط فال
يترتب التمليك وال يستتبع التصرف التمليكي واالذن في$ه ،وبع$د العلم بالفس$اد ان وج$د انش$اء
اخر بالتقابض فهذا وان كان يستلزم تحقق المعاطاة لكنك عرفت انه خارج عن مح$$ل ال$$نزاع ،
الن المعاطاة حينئذ حصلت بالتقابض ،و كالمنا عن حصول المعاطاة بالصيغة التي اختل فيها
بعض الشروط ،و اذا رجعنا الى كالم الشهيد 2والمحقق الك$$ركي التض$$ح ل$$دينا ان كالمهم$$ا
ظاهر في حصول المعاطاة باالشارة الواضحة ،ال بالتقابض الحاصل بعد االشارة .
وفي حواش$$ي المحق$$ق الك$$ركي التملي$$ك حص$$ل بالص$$يغة الفاس$$دة ال بالتق$$ابض الحاص$$ل بع$$د
الصيغة.
فحمل كالم العلمين على مسألة موضوعها حص$ول الرض$ا بع$د العلم بفس$اد الص$يغة من جه$ة
يخرج المسالة عن محل النزاع و من جهة اخرى انه على خالف ظاهر كالمهما.
اما بالنسبة لدعوى الرضا الجديد بعد العلم بالفساد ففيه امور :
اوال انه يلزم من ذلك اختصاص البحث بصورة العلم بالفساد ،النه في ه$$ذه الص$$ورة يتص$$ور
الرضا الجديد ،اما لو لم يلتفتا الى الفساد او اعتقدا الصحة ،فال يجري ما ذكره الع$$املي لع$$دم
تصور الرضا الجديد ،والحال ان كلمات االعالم مطلقة غير مقيدة بصورة العلم بالفساد .
ثانيا :هذا التراضي بعد العلم بالفساد ال يخلو اما ان يكون تراضيا حادثا بعد العق$$د او ه$$و نفس
التراضي السابق فان كان االول أي ان يكون تراضي حاصال و حادثا بعد العق$$د فال يخل$$وا ام$$ا
ان يكون مجرد تراض بالتصرف فال يكون معاطاة ،بل هذا اباحة مجاني$$ة من الط$$رفين ،لم$$ا
عرفت في تحرير محل النزاع في باب المعاطاة ان المعاطاة المبحوث عنها هي المعاطاة ال$$تي
يقصد منها التمليك ،فاذا نزلت الصيغة التي اختل فيها بعض الش$$روط منزل$$ة الع$$دم فتك$$ون ق$$د
انتفت بجميع توابعها بما فيها قصد التمليك ،اما الرضا الجدي$د بالتص$رف فه$و مج$رد اباح$ة
بالتصرف فال يكون معاطاة و هذه االباحة تبقى ما دام العلم بالرضا موجودا وه$$و نظ$$ير االذن
الذي يحصل من الفحوى وشاهد الحال .
114
ان قلت :فليكن هكذا ال يتفاوت االمر بين ان نقول انها معاطاة او اباحة تصرف.
قلت الفرق يظهر في ترتب اثار المعاطاة و عدمها من قبيل اللزوم بعد التلف ،وما ش$$اكل ذل$$ك
من االمور الذي تترتب على المعاطاة فانه في المعاطاة قبل اللزوم يجوز لك$$ل واح$$د منهم$$ا ان
يتصرف فيما في يده حتى يعلم بالرجوع بينما اذا حملنا الرضا على مجرد االذن بالتصرف فال
يجوز لنا التصرف عند الشك في بقاء االذن ،نضير ما يقال في شاهد الحال.
51
قال و تفص$$يل الكالم : ..بع$$د ان اش$$ار الى االق$$وال في مس$$ألة ارج$$اع العق$$د المنش$$أ بالص$$يغة
الناقصة الى المعاطاة و بعد بيان جمع السيد العاملي لكلمات العلماء شرع في تحقيق المس$$ألة ،
وعليه فيراد من تفصيل الكالم هو تفصيل اصل المطلب ال تفصيل الجمع الذي ذكره في مفتاح
الكرامة ،فيذكر للمسألة صورا اربعة :يختلف حكمها :
الصورة االولى :ان تنشأ المعاملة بالصيغة الناقصة و يعلم كل واحد منهما بفساد المعاملة ومع
ذلك يقع التقابض منهما لكن من دون رضاهما بالتص$$رف ب$$ان يك$$ون ق$$د حص$$ل التق$$ابض عن
قهر واكراه من باب ان المقنن يلزم المتعاقدين بترتيب االثر وان كانت الص$$يغة ق$$د اخت$$ل فيه$$ا
بعض الشرائط شرعا ،ال شك في حرمة التصرف فيما وصل الى يد اح$$دهما بالتق$$ابض وليس
ذلك اال لعدم الرضا بالتصرف ومقتضى القواعد ان التصرف في م$ال الغ$ير بحاج$ة الى طيب
نفس وبعبارة اخرى جواز التصرف في الشيء بحاجة الى احد امرين:
االول ان يصدق على الشيء عنوان المل$$ك والمالي$$ة للمتص$$رف و ه$$ذا مفق$$ود في ال$$بين لفس$$اد
الصيغة بحسب الفرض.
الثاني :ان تكون نفس المالك قد طابت على تصرف الغير و هذا ايضا غير مت$$وفر لف$$رض ان
التقابض حصل قهرا و بدون رضاهما وعليه فينتفي سبب حل التصرف و يكون محرم$$ا وه$$و
المطلوب .
الصورة الثاني$$ة :ان يق$$ع التق$$ابض منهم$$ا عن رض$$ا ووق$وع التق$$ابض عن رض$$ا يك$$ون باح$د
نحوين :
االول :ان يكون من باب اعتقادهما بان الصيغة التي اختل فيها شرط العربية مثال مما يترتب
عليها االثر فحصل التقابض اعتقادا منهما بالصحة.
النحو : 2ان يلتفتا الى الفساد ،ومع ذلك يعتقدا بترتب االثر تشريعا و هذه الصورة الثانية بكال
نحويها ال يرتب عليها االثر بل يحرم التصرف والسبب في ذلك انه في مثل قوله عليه الس$$الم
ال يحل مال امريء اال عن طيب نفس فان طيب النفس قد اخذ في$$ه على نح$$و الحيثي$$ة التقييدي$$ة
115
ان يكون مستحقا له ليصدق انه ماله ،وفيما نحن في$ه وق$ع القبض واالقب$اض وبالت$الي الرض$ا
بناءا على احد امرين ،اعتقاد الصحة و تشريعها ،والمفروض انه في الواقع ال يوجد ص$$حة ،
لفساد المعامل$$ة ،فيك$$ون الطيب للنفس معلق$$ا على الص$$حة والمف$$روض ع$$دم الص$$حة ،فينتفي
المقيد بانتفاء قيده .
الصورة : 3فيما اذا التفتا الى اختالل شرط الص$$يغة و علم$$ا بع$$دم ت$$رتب االث$$ر على الص$$يغة
الناقصة لكن تقابضا بع$$د ذل$$ك بقص$$د انش$$اء المعامل$$ة بالتق$$ابض و ه$$ذه الص$$ورة تق$$دم حكمه$$ا
وعرفنا انها خارجة عن محل النزاع النها معاطاة قطعا ،غاية االمر انها تختلف عن المعاط$$اة
المتعارفة الن المتعارفة التعاطي ابتداءا و هذه حصلت بعد المعاملة الفاسدة .
الصورة الرابعة :ان يحصل التق$ابض والرض$ا بالتص$رف من دون ان ينش$ا ذل$ك من اعتق$اد
االستحقاق بالعقد السابقا اعتقادا او تشريعا و من دون ان يقصد االنشاء بالتقابض ،وانم$$ا وق$$ع
الرضا مقارنا للملكية الحاصلة من حين التقابض ،بحيث لو س$$ئل اح$$دهما او كالهم$$ا لأللتفت$$ا
الى فساد العقد السابق واجابا برضا كل واحد منهما بتصرف االخر و هذا هو محل ال$$نزاع في
المسألة.
يرى الماتن ان الحاق هذه الصورة بالمعاطاة يتوقف على امرين :
االمر االول :ان يقال بكفاية الرضا االرتكازي بل الرضا الشأني ،والوجه في توقف االلح$$اق
على كفاية الرضا االرتكازي و الش$$أني ان$$ه في الص$$ورة الرابع$$ة المف$$روض ان رض$$اهما من
حيث كون كل واحد منهما مالكا لما انتقل اليه والفرق بين الرضا االرتك$$ازي والرض$$ا الش$$أني
ان الرض$$ا االرتك$$ازي يك$$ون في الملكي$$ة بالفع$$ل فه$$و وان لم يلتفت الى الرض$$ا ولكن$$ه يك$$ون
مرتكزا ،بينما في الرضا الشأني يقصد من$ه الرض$ا التعليقي ،وفيم$ا نحن في$ه ال يوج$د رض$ا
ارتكازي وانما الموجود الرضا من كل واحد منهما بتصرف صاحبه على تق$$دير ع$$دم التملي$$ك
النه مع التمليك ال نحتاج الى رضا ،و هذا الرضا لكونه على تقدير يكون رضا شانيا فهل هذا
كاف في ترتب اثر المعاطاة ام ال .
يظهر من المحقق التستري في المقابس انه ك$$اف ،ويمكن حم$$ل كالم ص$$احب مفت$$اح الكرام$$ة
في قوله كما اذا علم الرضا من اول االمر ان يحمل الرضا على الش$اني والتق$ديري ،و يظه$ر
من الماتن االكتفاء بحصول الرضا الشاني ،ويس$تدل على ذل$ك ب$ان م$درك ل$زوم الرض$ا ه$و
قوله عليه السالم ال يحل مال امريء اال عن طيب نفس ،و طيب النفس باطالق$$ه يص$$دق على
الرضا الشأني.
االمر : 2الذي يتوقف علي$$ه االلح$$اق ان يق$$ال ان المعاط$$اة ال يش$$ترط فيه$$ا االنش$$اء بواس$$طة
القبض واالقباض بل ال يشترط فيها الفعل اصال ،والسبب في توق$$ف الح$$اق الص$$ورة الرابع$$ة
بالمعاطاة على هذا االمر الثاني واضح النه بحس$ب الف$رض لم ينش$ا التملي$ك بواس$طة القبض
116
واالقباض ب$$ل ك$$ان القبض واالقب$$اض متفرع$$ا على الرض$$ا االرتك$$ازي والش$أني ف$اذا قلن$$ا ان
المعاطاة يشترط فيها الفعل الخارجي من قبيل التقابض فلم يحصل في هذه الصورة الرابعة .
المص$$نف ي$$تردد في االل$$تزام به$$ذا االم$$ر و منش$$أ ه$$ذا ال$$تردد ه$$و وج$$ود وجهين يختلف$$ان في
المقتضى و ما يقتضيه كل واحد منهما :
االول انه اذا رجعنا الى كلمات االعالم لوجدنا ان ظاهر نزاعهم في المعاطاة انما هو في العق$د
الفعلي ،فنرى العالمة يقول ان االفعال قاصرة عن افادة المقاصد ،فعن$$دما رد المعاط$$اة رده$$ا
عن طريق انكاره لداللة الفعل على المقصد و هذا يكشف عن ان النزاع في الفعل .
و هذا الوجه كما ترى يقتضي اشتراط االنشاء بالقبض في المعاطاة .
الوج$$ه الث$$اني :ان التع$$اطي في كلم$$اتهم ق$$د يس$$تظهر من$$ه ان$$ه اخ$$ذ على نح$$و الطريقي$$ة ال
الموض$$وعية وان$$ه مج$$رد طري$$ق الستكش$$اف طيب النفس وبم$$ا ان طيب النفس يص$$دق على
االرتكازي و هو متحقق فيما نحن فيه فتثبت المعاطاة ،و هذا االستظهار ينش$$ا من عم$$دة دلي$$ل
المعاطاة وهو السيرة ،فنالحظ ان االمثلة التي تق$$دم االش$$ارة عليه$$ا س$$ابقا ت$$دل على كفاي$$ة م$$ا
يكشف عن طيب النفس من قبيل وضع الدراهم في كوز صاحب الحمام وان لم يكن موجودا .
52
في المقدمة يتعرض الماتن لمطلبين :
االول :في اصل اعتبار اللفظ في عقد البيع بشكل خاص و في العقود الالزمة بشكل عام :
الثاني :انه على تقدير اعتباره هل يعتبر مطلقا ام تعتبر في$$ه بعض الخصوص$$يات ،ف$$اذا قلن$$ا
في المطلب االول باعتبار اللف$$ظ فالمعاط$$اة على خالف القاع$$دة ،و ام$$ا اذا قلن$$ا بع$$دم اعتب$$اره
فالمعاطاة على وفق القاعدة ،ثم انه هل اعتبار اللفظ دخيل في قوام اصل العقد بمعنى انه لو لم
يكن لفظ في البين فينتفي اصل العقد ويكون باطال ،فان اعتبار اللفظ دخيل في ق$$وام الص$$حة ،
ام تكون المعاطاة خارجة عن اصالة اللزوم ،ال عن اصل صحة المعاملة.
هذه الجهة الثانية في المطلب االول غير واضحة في كالم الشيخ ،وكيفما كان ف$$الكالم يق$$ع في
المطلب االول في جهات :
االولى :في ادلة اعتبار اللف$$ظ ،اس$$تدل على ذل$$ك باالجم$$اع المنق$$ول اوال وبالش$$هرة العظيم$$ة
المحققة ثانيا وبالنصوص . 3
117
تقدم االشارة الى بعض النصوص في مبحث المعطاة من قبيل انما يحلل الكالم ويحرم الكالم ،
واتض$$ح هنال$$ك ان داللته$$ا على الم$$دعى متوقف$$ة على ارادة االحتم$$ال االول من االحتم$$االت
االربعة .
مضافا الى بعض النصوص الخاصة .
هذا ما يمكن ان يستدل به على اصل اعتبار اللفظ .
الجهة الثانية :على تقدير تمامية هذه االدلة فهل يستفاد منها اعتبار اللفظ مطلقا ،ام يعتبر م$$ع
القدرة على التوكيل ،فاألخرس يقدر على التوكيل دون التلفظ وحينئذ ال يسقط اعتبار اللفظ.
وتظهر الثم$$رة في االخ$$رس وه$$و على ن$$وعين ت$$ارة يك$$ون ق$$ادرا على التوكي$$ل وه$$و الغ$$الب
واخرى ال.
اما الثاني فال اشكال بينهم في سقوط اعتبار اللفظ وان االخرس لو انشأ البيع بنفسه اشارة يكون
بيعه صحيحا والزما ،ام$$ا الق$$ادر على التوكي$$ل فاخت$$ار الم$$اتن س$$قوط اعتب$$ار اللف$$ظ في حق$$ه
ايضا .
البعض استدل على ذلك باصالة عدم وجوب التوكيل ،ويمكن تقرير هذا االص$$ل بحيث يرج$$ع
تارة الى االستصحاب واخرى الى البراءة ،اال ان المصنف ال يرتضي هذا الدليل ،وذل$$ك الن
الوجوب المبحوث عنه في المق$$ام ليس مرجع$$ه الى حكم تكليفي ب$$ل ه$$ذا من الوج$$وب ش$$رطي
نظير وجوب طهارة الثوب في الصالة فان من صلى بثوب نجس ال ي$$أثم وانم$$ا تبط$$ل ص$$الته
وفيما نحن فيه لو ان االخرس على القول باعتبار اللفظ لم يوك$$ل وانش$$أ ال$$بيع باالش$$ارة فان$$ه ال
يأثم وانما يبطل بيعه ،فاذا ثبت ان الوجوب شرطي فالح$اكم في المق$ام ه$و اص$الة الفس$اد ،اذ
نشك في ترتب االثر على اشارة االخرس ،االصل عدم الترتب.
والصحيح ان يستدل على عدم وجوب التوكيل بوجهين :
االول :فحوى ما ورد من عدم اعتبار اللفظ في طالق االخرس ،ووجه االولولي$$ة انن$$ا نع$$رف
ان الشارع احت$اط في الف$روج اك$ثر من االم$وال ف$اذا انعق$د الطالق باالش$ارة ال$ذي ه$و اك$ثر
احتياطا فمن باب اولى ان ينعقد في البيع.
ان قلت :ان هذه االخبار ن$$اظرة الى ص$$ورة ع$$دم الق$$درة على التوكي$$ل و كالمن$$ا في ص$$ورة
القدرة على التوكيل فتكون اجنبية عن موضوع البحث.
قلت :تقييد االخبار بعدم القدرة تقييد لها ب$$الفرد الن$$ادر ،فال تح$$ل علي$$ه م$$ع ع$$دم المقي$$د له$$ا ،
فتكون مطلقة فتشمل ما نحن فيه .
118
الوجه الثاني :عدم الخالف فالظاهر ان الفقهاء لم يفرقوا بين نوعي االخرس .
الجهة الثالثة :يوجد عب$ارة في الكت$اب اختلف$وا في ش$رحها ،وذك$ر البعض انه$ا من مجمالت
مكاسب الشيخ ،حاصل ما افاده الشيخ في هذه العبارة ان المعاط$$اة على تق$$دير الق$$ول بافادته$$ا
للملك ثم البناء على افادتها للزوم كما هو مختار الشيخ فحينئذ البد ان نلتزم بان ما يخ$$رج عن
هذا االصل والقدر المتيقن في خروجه عن هذا االصل هو قدرة المتبايعين على مباشرة اللفظ ،
توضيحه :ان االخرس غير الق$$ادر على مباش$$رة اللف$$ظ ينبغي ان يك$$ون االكتف$$اء باش$$ارته من
القطعي$$ات بن$$اءا على اف$$ادة المعاط$$اة لل$$زوم ،النه$$ا اذا اف$$ادت الل$$زوم م$$ع الق$$درة على اللف$$ظ
فاالشارة من غ$$ير الق$$ادر تك$$ون اولى ،ه$$ذا اح$$د الوج$$وه ال$$تي حملت عليه$$ا عب$$ارة الكت$$اب ،
فتصلح حينئذ هذه الجهة دليال 3على االكتفاء باشارة االخرس.
الجهة الرابعة :في االكتفاء بالكتابة ،وقع الكالم بينهم في ان الكتابة هل هي في طول االش$$ارة
فال تصل النوبة اليها اال بعد العجز عن االشارة ام ان االمر بالعكس او انه ال طولية بينهم$$ا في
بعض اخبار الطالق وردت رواية تدل على االكتفاء بالكتابة ،مطلقا واستدل على تقدم االشارة
على الكتابة بان االشارة اصرح من الكتابة وللوهلة االولى ال يقبل هذا الشيء ف$$ان الكتاب$$ة ادق
من االش$$ارة ول$$ذا تبقى س$$ندا الى اخ$$ر العم$$ر ،و لكن مقص$$ود الم$$اتن من االص$$رحية هي
االصرحية في االنشاء ،فان الكتابة وان كانت مفهمة لكن قد تحم$$ل على االخب$$ار دون االنش$$اء
بخالف االشارة ،هذا الوجه في االصرحية.
لكن في صحيحة للبزنطي ذكر االمام عليه السالم االشارة بع$د العج$ز عن الكتاب$ة ف$ان الس$ائل
فيها يسأل عن اخرس كره زوجته فقال االمام عليه السالم فلكتب فقال له انه ال يسمع وال يكتب
فقال فليؤخذ بما يبرز به كرهه ،فهذا يدل على ان االشارة بعد عن الكتابة.
المطلب الثاني بعد الفراغ عن اعتبار اللفظ فهل يعتبر فيه خصوص$$ية والكالم في ه$$ذا المطلب
في 3جهات :االولى ترتبط بمادة االيجاب والقبول فهل يشترط فيهم$$ا الص$$راحة والحقيق$$ة في
مقابل الكناية والمجاز ام ال .
الثانية في هيئة االيجاب والقبول من كونها في الجملة الماضوية ام ينعقد بغيرها.
الثالثة في هيئة التركيب من ناحية الترتيب وتقدم االيجاب على القبول ومن ناحية المواالة وهو
عدم الفصل الطويل بين االيجاب والقبول.
اما الكالم في الجهة 1المشهور عدم انعقاد البيع بالكنايات والمجازات ،وهنا ينقل بعض كلمات
القوم ،ثم يوضح معناهما في المقام.
53
119
البحث فيم$$ا يرتب$$ط بم$$ادة الص$$يغة فه$$ل يش$$ترط فيه$$ا ان تك$$ون ص$$ريحة ام يكتفى بالمج$$از
والكناية ،اختلفوا فبين مشترط بالصراحة و مخرج للحقيقة والمجاز و بين مش$$ترط للص$$راحة
ومخرج للمجاز ،وبين مفصل بين انواع المجازات الخفية والجلية ،قبل ان يذكر الش$$يخ رأي$$ه
في المقام فسر المراد من الصراحة وما يقابلها :
بحسب اصطالح علماء البيان تطلق الصراحة على ما يقابل الكناي$$ة ،وفي الكناي$$ة اق$$وال ق$$ول
بان الكناية من باب الحقيقة وقول بان الكناية من باب المجاز وقول بان الكناية سنخ ، 3وقول
بالتفصيل وبعض انواع الكنايات وبعضها مجاز .
اخت$$ار المش$$هور من العلم$$اء الق$$ول االول و ان الكناي$$ة من ب$$اب الحقيق$$ة اعتم$$ادا على ان$$ه في
الكناية يستعمل اللفظ فيما وض$$ع ل$$ه وام$$ا وص$$ف الص$$راحة والكناي$$ة فه$$و ليس عارض$$ا على
االستعمال وانما يعرض على المراد الجدي وفي مرحلة المراد الجدي ال ينقسم اللفظ الى حقيقة
ومجاز الن الحقيقة والمجاز من اوصاف االستعمال ،والداللة التصديقية االس$$تعمالية ففي ك$$ل
من الصراحة والكناية اس$تعمل اللف$ظ فيم$ا وض$ع ل$ه ،لكن في الص$راحة ك$ان الم$راد الج$دي
موافقا للمراد االستعمالي فلهذا التوافق صار صريحا ام$$ا في الكناي$$ة ف$$المراد الج$$دي ه$$و الزم
المراد االستعمالي لذا لم يكن ص$ريحا ،ه$ذا ه$و م$ا اخت$اره مش$هور علم$اء البي$ان في تفس$ير
الكناية والصراحة وبناءا عليه ال يخرج االستعمال الكنائي عن كونه استعماال حقيقيا.
وحينئذ اذا رجعنا الى كلمات الفقهاء في المقام لوج$$دنا اختالف$$ا في االش$$تراط فبعض$$هم يش$$ترط
الصراحة وبعضهم يشترط الحقيقة ومن الناحية البيانية فرق بين اشتراط الصراحة والحقيق$$ة ،
فاشتراط الص$راحة في مقاب$ل الكناي$ة بينم$ا اش$تراط الحقيق$ة في مقاب$ل المج$از ،فعلى تفس$ير
المشهور المتقدم يكون مشترط الحقيقة مجوزا للصيغة بالكناي$$ة الن الكناي$$ة من الحقيق$$ة ،اللهم
اال ان يقصد من ذلك على خالف رأي المشهور ،وكيفما كان ص$$رح جماع$$ة في ب$$اب الطالق
وغيره من العقود والالزمة ان المقصود بالصراحة ما كان موضوعا لعنوان ذلك العق$$د لغ$$ة او
شرعا فما يؤخذ في تعريف العق$$د او االيق$$اع في اللغ$$ة او الش$$رع يك$$ون من الص$$ريح في ذل$$ك
العقد ويقابله ما لم يكن موضوعا له لغة او شرعا ،و هذا التعري$$ف كم$$ا نلح$$ظ لغ$$ير الص$$ريح
يشمل المجاز و الكناية معا الن اللفظ اذا لم يكن موضوعا لالزم المنظور اليه في المراد الجدي
من الكناية فيدخل في تعريف غير الص$ريح ،ومن المحتم$ل قوي$ا ان ي$راد من الكناي$ة في ه$ذا
البحث الفقهي االعم من المجاز و الكناية وذل$$ك بقرين$$ة االمثل$$ة الم$$ذكورة وكيفم$$ا ك$$ان ف$$االمر
سهل وانما الكالم في القرائن على تقدير كون اللفظ المستعمل لم يوض$$ع للعق$$د لغ$$ة او ش$رعا ،
هذه القرائن على نوعين جلية وخفية ،واالك$$ثر ممن ص$$رح باش$$تراط الص$$راحة لم يف$$رق بين
القرائن الجلية والخفية هذا هو توضيح تلك الكلمات التي تقدمت في اشتراط الصراحة .
120
في مقابل ذلك يختار المصنف جواز انشاء العقد بكل لفظ له ظهور عرفي في المقص$$ود وان لم
يكن ذلك الظهور ناشئا من الوضع لغة و شرعا وعليه ف$ان ك$ان اللف$ظ المج$ازي او المس$تعمل
في العقد على سبيل الكناية له ذلك الظهور العرفي فينعقد به .
ثم يتتب$ع مجموع$ة من الكلم$ات الثب$ات ه$ذا الم$دعى ،وبع$د ذل$ك ي$ذكر ت$وجيهين للجم$ع بين
الكلم$ات حيث ان م$ا ذكرن$اه من الكلم$ات فيم$ا س$بق ك$انت ظ$اهرة في اش$تراط الص$راحة او
الحقيقة ،و هنلك كلمات ظاهرة بمطلق ما له ظهور عرفي وان كان من الكناي$$ة ومن الواض$$ح
ان بين هاتين الطائفتين تناف.
الوجه االول للجمع ما ذكره الكركي حيث حم$$ل المج$$ازات و الكناي$$ات الممنوع$$ة في الطائف$$ة
االولى على المجازات البعيدة والتي قرينتها خفية ،والمجازات والكنايات الج$$ائزة في الطائف$$ة
الثانية حملها على ذات القرائن الجلية ،فاختلف مصب النفي واالثبات فارتفع التنافي ،
الوجه الثاني ما يستحس$نه المص$$نف و ي$$راه مق$$دما على جم$$ع المحق$$ق الك$$ركي توض$$يحه بع$$د
االلتفات الى تطبيق قاعدة تبعية النتيجة ألخس المقدمات فحينئذ يقال ان غ$$ير الص$$ريح و غ$$ير
الحقيقة بحاجة الى قرينة ،والقرينة تنحصر بنوعين:
االول :القرينة المقالية التي هي من سنخ االلفاظ .
الثانية القرينة الحالية الخارجة عن مقولة اللفظ ف$$اذا ك$$ان عن$$دنا لف$$ظ مس$$تعمل في عق$$د مج$$ازا
وكانت قرينته من قبيل النوع االول فص$$ار ك$$ل من القرين$$ة و ذيه$$ا لفظ$$يين فتك$$ون النتيج$$ة ان
العقد انشيء باللفظ اما لو كان ذو القرينة لفظيا و اما القرينة فكانت من قبيل النوع الثاني ال$$ذي
ليس من س$$نخ اللف$$ظ فال نس$$تطيع الق$$ول ان العق$$د انش$$يء باللف$$ظ لك$$ون النتيج$$ة تابع$$ة الخس
المقدمات ،وغير اللفظ في مقام الداللة اخس من اللفظ.
54
قال ومما ذكرنا يظهر االشكال في االقتصار على المشترك :بعد وض$$وح م$$ا تق$$دم من الجم$$ع
بين كلمات الفقهاء بحمل المجوز لمطل$$ق اللف$$ظ على م$$ا ل$$و ك$$انت القرين$$ة الدخيل$$ة في المج$$از
والكناي$$ة من قبي$$ل القرين$$ة اللفظي$$ة و حم$$ل كالم الم$$انع على القرين$$ة الحالي$$ة والمقامي$$ة ،بع$$د
وضوح هذا المطلب يتضح الحال في المشترك اللفظي والمعن$$وي ،فل$$و فرض$$نا ان لفظ$$ا ك$$ان
مشتركا بين نوعين من العقود اعم من ان يكون اشتراكه ناشئا من تعدد الوضع وهو االش$$تراك
اللفظي او ان يكون اشتراكه ناشئا من تحصص الجامع الموضوع له وهو االشتراك المعنوي ،
فهل يجوز استعمال هذا اللفظ المشترك النش$$اء اح$$د المعن$$يين او اح$$دى الحص$$تين ،المش$$ترك
بشكل عام لما كان بحاجة الى قرينة معينة الحدى المعيين ا احدى الحصتين فان ك$$انت القرين$$ة
لفظية فحينئذ يجوز انشاء العقد بالمشترك وان كانت القرين$$ة حالي$$ة كم$$ا ه$$و الغ$$الب فحينئ$$ذ ال
121
يجوز هذا الكالم اشكل عليه البعض بانه من االلفاظ التي ذكر ائم$$ة اللغ$$ة انه$$ا من المش$$تركات
في باب العقود لغة ال$بيع حيث انه$ا وض$عت كم$ا تق$دم للض$دين والح$ال ان لف$ظ بعت يع$د من
االلفاظ الصريحة فاذا كان المشترك بحاج$$ة الى قرين$$ة ومن الواض$$ح ان القرين$$ة فق$$ولي بعت$$ك
الكتاب بدرهم هي قرينة حالي$$ة باعتب$$ار ك$$ون الكت$$اب في ي$$دي وال$$درهم في ي$$دك فالب$$د حينئ$$ذ
بمقتضى ما تقدم ان ال نجوز انعقاد المعاملة البيعية بلفظ بعت .
قلت سوف يأتي في المبحث القادم ان لفظ البيع وان ك$$ان من االلف$$اظ المش$$تركة وض$$عا لكنه$$ا
صارت من االلف$$اظ المختص$$ة اس$$تعماال ،حيث ان غلب$$ة اس$$تعمال ه$$ذه اللفظ$$ة في ال$$بيع دون
الشراء شكل ُأنسا ظهوريا لهذه الكلم$ة في خص$وص المعامل$ة البيعي$ة ،وم$ع ه$ذا االنس لس$نا
بحاجة الى قرينة عند انشاء البيع .
بعد ذلك يعود الماتن الى استدالل العالمة المتقدم على انكار الكنايات في باب العقود بقوله الن
المخاطب ال يدري بما خوطب ،هذا االستدالل للعالمة وان ذكرناه في ض$$من الطائف$$ة االولى
من العلماء أي الذين ينكرون اس$تعمال غ$ير الحق$ائق في العق$ود الالزم$ة ولكن م$ع ذل$ك يمكن
توجيه كالم العالمة بحيث يصبح من الطائفة ، 2وذلك ض$$رورة ان العالم$$ة ال يقص$$د من نفي
الدراية والفهم عن المخاطب ان المخاطب ال يفهم الكنايات حتى م$$ع الق$$رائن ،اذ ان ك$$ل ع$$الم
باللغة ملتفت الى القرائن يفهم المراد.
بل مراده من تلك المقولة ان اللفظ المستعمل لم$$ا ك$$انت داللت$$ه على العق$$د الالزم بالكناي$$ة ومن
المعلوم انه في الكنايات يطلق الملزوم وي$$راد الالزم االعم ،كم$$ا في قولن$$ا زي$$د جب$$ان الكلب ،
فان جبن الكلب اعم من الكرم ،فاحتجنا الى قرينة تعين الحصة من جبن الكلب المساوية للكرم
،فبدون القرينة ال يدرى المقصود ،لكون الالزم اعم ،و مع القرين$$ة وان ك$$ان المقص$$ود يفهم
ولكن يخرج االنشاء عن كونه انشاءا باللفظ .
وبعبارة اخرى اذا اردن$$ا ان نحاف$$ظ على انش$$اء العق$$د الالزم باللف$$ظ فال ي$$دري المخ$$اطب بم$$ا
خوطب ،لكون الالزم اعم ،وان اردنا ان نخصص هذا الالزم بالقرينة الحالية فالمخاطب وان
فهم المقصود ولكن نظرا لكون النتيجة تابعة الخس المقدمات يخرج االنش$$اء عن كون$$ه انش$$اءا
لفظيا والمفروض كما ذكرنا في المعاطاة ان المعاطاة على خالف االصل من كون العقود تنشأ
بااللفاظ ،فاذا كالم العالمة ال يخرج عن وجه الجمع الذي ذكرناه سابقا.
عود على ب$$دء ق$$د يس$$تدل إلثب$$ات م$$ا يظه$$ر من الطائف$$ة االولى عن$$د نق$$ل اق$$وال العلم$$اء على
اختصاص العقود الالزمة بااللفاظ الصريحة يس$$تدل على ذل$$ك ب$$دعوى ان العق$$ود الم$$ؤثرة في
ترتب االثر المرغوب في العقود الالزم$$ة عب$$ارة عن اس$$باب ش$$رعية توقيفي$$ة والق$$ول بص$$حة
انشاء العقد الالزم بمطلق اللفظ ول$$و بالكناي$$ة خ$روج عن توقيفي$$ة االس$باب ،ام$$ا م$$ا يمكن ان
نثبت به المقدمة االولى أي توقيفية االسباب فهو االس$$تقراء النن$$ا اذا تتبعن$$ا العق$$ود الالزم$$ة في
122
النصوص الشرعية لوجدنا ان الشارع خصص اسبابا معينة لترتب الغرض على تلك العق$$ود ،
وبما ان االستقراء دليل لبي فيقتصر فيه على القدر المتيقن وهو ما اوقفن$$ا علي$$ه الش$$ارع ،ه$$ذا
الكالم افاده ايضا الفخر في كتاب االيضاح يعلق عليه المصنف بان االستقراء نفسه يبط$$ل ه$$ذا
الكالم حيث ان مجال االستقراء ال يخلو اما ان يكون اق$وال العلم$$اء وق$د ع$$رفت الح$ال فيه$$ا ،
وان كان مجال االستقراء النصوص والروايات فهذه ايضا ال يظهر منها لفظ بخصوصه ،كم$$ا
هو واضح لكل من راجع الى ابواب العقود وااليقاعات .
اما اصل الدعوى من كون الشارع قد وضع لك$$ل عق$$د ص$$يغة تخص$$ه ،ه$$ذه ال$$دعوى ان ك$$ان
المقصود منها انه البد من اشتمال الصيغة على عنوان يعبر عن تلك المعاملة في كالم الش$$ارع
فهذا صحيح ال غبار علي$$ه فمثال العلق$$ة الربطي$$ة القائم$$ة بين الرج$ل والم$$رأة المع$$بر عنه$$ا في
كلمات الشارع بالنكاح والمتعة وم$$ا ش$$اكلها من االلف$$اظ المرادف$$ة ال يمكن ان ن$$أتي في ص$$يغة
انشائها بلفظ البيع مثال او الهبة فكالمه هذا في غاية المتانة ولكنه ال يثبت ان االلفاظ المس$$تعملة
في الصيغ البد ان تك$$ون ص$$ريحة على الم$$دعى ومن هن$$ا نس$$تخلص حص$$يلة من ه$$ذا النقض
واالبرام وهو انه البد للعاقد ان يستعمل االلفاظ الدائرة في لسان الشارع وما يرادفه$$ا وال يمكن
ان يستعمل لفظ دائر في لس$$ان الش$$ارع في عق$$د ان نس$$تعمله في عق$$د اخ$$ر ،فال ينعق$$د النك$$اح
بالبيع وال البيع باالجارة ولكن هذا شيء و اشتراط الصراحة شيء اخر.
ثم بع$$د ذل$$ك المص$$نف يستش$$هد به$$ذه االس$$تفادة من كلم$$ات فخ$$ر المحققين بجمل$$ة من كلم$$ات
االعالم.
بعد هذه المقدمة الكالم في الفاظ االيجاب ،فااللفاظ الواقعة في حيز االيج$$اب على رأس$$ها لف$$ظ
بعت وال خالف في انعقاد البيع به ال على مستوى الفتاوى وال على مستوى االخبار ،و يوج$$د
اشكالية اشرنا الى حلها وهي ان لفظ البيع مشترك بين البيع والشراء.
55
اللفظ الثاني من االلفاظ التي يقع فيها االيج$$اب لفظ$$ة ش$$ريت و ه$$ذه الكلم$$ة ذك$$رت في كلم$$ات
الفقهاء و ذكرت في النصوص االعم من االيات والروايات بل في القران لم تستعمل اال بمعنى
البيع ،وعليه فيمكن االستناد إلثبات كفايتها بوجوه :
االول الوضع بدعوى ان هذه الكلمة وضعت للبيع ام$$ا على نح$و االختص$$اص وام$$ا على نح$و
االشتراك بينه و بين الشراء.
الث$$اني وروده$$ا بمع$$نى ال$$بيع في النص$$وص ،و ق$$د تق$$دم في محص$$ل مخت$$ار الم$$اتن تفس$$ير
التوقيفية بمعنى ان االلفاظ المستعملة في العناوين والرائجة في النصوص هي التي تج$زي ،ثم
123
بعد ذلك استشهد المصنف بكالم للقاموس المحي$ط ،ثم تع$رض الش$كال وج$واب ام$ا االش$كال
فمن جهات : 3
االولى :ان$$ه بع$$د ثب$$وت ان$$ه من االلف$$اظ الموض$$وعة للض$$دين م$$ع قل$$ة اس$تعماله في ال$$بيع فال
ينصرف الذهن اليه ،فال يصح قياسه على لفظ البيع ،فانه و ان تقدم انه من المش$$تركات ولكن
كثرة استعماله في الب$$ائع اوجبت انس$$ا خرجن$$ا ب$$ه عن اس$$تعمال المش$$ترك و ه$$ذه الك$$ثرة غ$$ير
متحققة في شريت .
الثانية ان المشترك كما تقدم لفظيا كان ام معنويا بحاجة الى قرينة على تعيين اح$$د المعن$$يين او
احدى الحصتين ،و هذه القرينة لما كانت في الغالب حالية لصدور اللف$$ظ من الم$$وجب وك$$انت
النتيجة تابعة الخس المقدمات فهذا يعني ان المعاملة قد انشأت بغير اللفظ .
الجهة الثالثة :ان هذه الكلمة وان ذكرت في القران ،لكنها لم تنقل في االخب$$ار وال في فت$$اوى
القدماء من االصحاب ،فال تكون من االلفاظ المتعارفة شرعا لاليجاب .
ويعلق الماتن على هذه الجهات ال 3بانها ال تخلو من وجه ،ولكن ال نج$$زم ب$$ان المقص$$ود من
هذا التعليق هو التبني النهائي الن هذه الجهات يوجد في كالم الماتن تقدما وتأخرا م$$ا ي$$دفعها ،
وكانه يريد ان يقول ان االشكال له وجه ،وليس اش$$كاال في غاي$$ة ال$$وهن ،اذ يكفي في تج$$ويز
وقوعها في االيجاب ورودها في القران الكريم ،ونقل ائمة اللغة وسوف يأتي ان تقدم االيجاب
خارج عن القرينة الحالية فال يجعل االنشاء بغير اللفظ ،فمع م$$ا تق$$دم وم$$ا س$$يأتي نطم$$أن ان$$ه
ليس مقصود الماتن هو التبني .
اللفظ الثالث االيجاب بمّلكت المشهور ذهبوا الى وقوع االيجاب به ،بل يفهم دعوى االتفاق من
كلمات العالمة في نكت االرشاد ،و تقدم سابقا في مبحث تعريف البيع ان التمليك مرادف للبيع
وان تمليك شيء بعوض يعني ايجاد المبادلة بين عوض ومعوض و هذا هو حقيقة ال$$بيع عرف$$ا
ولغة ،يظهر من الشهيد الث$$اني في الروض$$ة م$$ا ي$$دل على المن$$ع ب$$دعوى ان لف$$ظ التملي$$ك من
االلفاظ االعم من البيع والهبة ،وعند االطالق ينصرف الى الهب$$ة ،وعلي$$ه فه$$ذا يقتض$$ي ع$$دم
صحة استعماله في ايجاب البيع ،يجيب الماتن على ذلك بان الهبة على قس$$مين هب$$ة مجاني$$ة و
هبة معوضة :
اما القسم االول فال نسلم ان الهب$$ة تفهم من التملي$$ك بحس$$ب ذات اللف$$ظ ب$$ل تفهم من التملي$$ك اذا
تجرد عن العوض ،فالتجرد عن العوض هو قرينة الهبة فلو قلت ملكتك ه$$ذا الكت$$اب من ع$$دم
ذكري للعوض نفهم ان التمليك مجاني ،والتمليك المجاني ه$$و الهب$$ة ام$$ا ل$$و قلت بعت$$ك الكت$$اب
بدرهم ،فال تفهم الهبة بقسمها االول .
124
وام$$ا القس$$م الث$$اني فق$$د ع$$رفت في مبحث تعري$$ف ال$$بيع ان المقابل$$ة في الهب$$ة المعوض$$ة بين
المبادلتين ال بين العوضين.
ثم استشهد لذلك بكالم لفخر المحققين .
اللفظ الرابع االيجاب باشتريت فانها وان اشتركت في المادة االص$$لية م$$ع اللف$$ظ الث$$اني ولكنه$$ا
بعد الزيادة قد يكون الزائد مفيدا لمعنى ال يصحح استعماله في االيجاب ،فالجل ذل$$ك ال يك$$ون
اللفظ الثاني مغنيا عن ذكر الرابع.
ذكر السيد العاملي قوال بصحته ناسبا ل$$ه الى بعض نس$$خ الت$$ذكرة ،اذ يوج$$د اختالف في نس$$خ
التذكرة في ه$ذا اللف$ظ ه$ل ه$و ش$ريت ام اش$تريت ،وال يوج$د في كلم$ات الفقه$اء غ$ير ه$ذه
النسخة من التذكرة تص$$ريح بانه$$ا من الف$$اظ االيج$$اب ولكن يح$$اول الم$$اتن ان يحم$$ل كلم$$ات
الفقه$$اء على ارادته$$ا ،حيث انهم في مق$$ام تع$$دادهم اللف$$اظ االيج$$اب ذك$$روا بعت وملكت ،
وعطفوا عليهما شبههما .
ان قلت ان هذا الشبه المعطوف على بعت وملكت يحتمل فيه 3احتماالت :
االول ما استظهره الماتن بدعوى ان الشبه يطلق على كل ما يرادف ه$$اتين الكلم$$تين في اللغ$$ة
العربية فيشمل اشتريت.
الثاني ان يقصد من الشبه خص$وص ش$ريت ،النه$ا لم ت$ذكر في عب$اراتهم م$ع انه$ا وردت في
القران بمعنى البيع.
الثالث ان يكون المراد من الشبه ما يرادفهما في غير العربية .
يجيب المصنف عن هذه الشبهة بان االحتمال االول هو المتعين لبعد االخيرين اما حم$$ل الش$$به
على خصوص شريت فالوجه في بعده ان الشبه وما شاكل من مثل كلم$$ة نح$$وه ال ينبغي حمل$$ه
في التعداد بالعدد القليل على مورد واحد فمثال لو ان شخصا في مق$$ام التع$$داد ذك$$ر اب$$نين لزي$$د
الذي لديه 10ابن$$اء وعط$$ف على االب$$نين الش$$به والنح$$و ف$$العرف يس$$تنكر ان ي$$راد من الش$$به
خصوص ابن ثالث ال غير واال لكان ان يذكره مع االثنين ،كذلك فيما نحن فيه .
اما االحتمال الثالث فالوجه في بعده انه انم$$ا يص$$ح فيم$$ا ل$$و ذك$$روا تم$$ام م$$ا يق$$ع في االيج$$اب
بحسب اللغة العربية فيقصد حينئذ من الشبهة والنحو ما يرادف من غير العربية ،اما مع ع$$دم
استيعابهم لتمام ما يقع في االجاب فال يصح ان يحمل على غير العربية .
ثم في ختام البحث يشير الى ان االشكال المتقدم على ش$$ريت يج$$ري هن$$ا من ب$$اب اولى ،الن
شريت ذكرت في القران بمعنى البيع دون اشتريت.
125
بعد ذلك يحاول ان يدفع االشكال المتقدم بجهاته ال 3عن وج$$ود قرين$$ة معين$$ة ،توض$$يحه ان$$ه
ثبت مما تقدم عن القاموس ان اشتريت من االلفاظ الموضوعة للضدين ،واس$تعمالها في واح$د
من المعنيين بحاجة الى قرينة ،ويدعي الماتن ان القرينة موجودة وهي ذكرها من الموجب.
ان قلت ان قرينة التقدم تصح لو اشترطنا تقدم االيج$$اب على القب$$ول او تق$$دم ق$$ول الب$$ائع على
قول المشتري ،و هذا غير متعين المكان وقوع البيع باالس$$تيجاب ك$$ان يق$$ول المش$$تري بعني$$ه
بكذا فيقول البائع قبلت .
قلت لو قلنا بالتعين فاالمر واضح اما لو قلنا بعدمه فاالستيجاب وان كان صحيحا ولكن$$ه خالف
الغالب المتعارف اذ الغلبة المتعارفة هي تقدم االيجاب على القبول.
56
تقدم في البحث السابق و ذكر اش$$كاال متع$$دد الجه$$ات على لفظ$$ة اش$$تريت و ك$$ذلك على لفظ$$ة
شريت ،وهنا يذكر محاولة لرفع هذا االشكال ،حاصلها ان كلم$$ا ذك$$ر من االش$$تراك اللفظي و
ن$$درة االس$$تعمال ي$$دفع بوج$$ود قرين$$ة واض$$حة على التع$$يين ،و ه$$ذه القرين$$ة ه$$و تق$$ديم لف$$ظ
اشتريت ،وقرينية هذه القرينة تعتمد على احد مبنيين :
االول :ان نلتزم فقهيا بوجوب تقدم االيجاب على القبول .
الثاني :ان نلتزم بعدم الوجوب ،ولكن الغالب هو التق$ديم ب$دون اح$د ه$ذين المبن$يين ال يص$لح
تقدم لفظ اشتريت على تعينه لاليجاب وعليه فمع وجود هذه القرينة ال يبقى محذور في البين .
يناقش المصنف في هذه المحاولة بان تقديم لفظ اشتريت وان ص$$لح قرين$$ة على المبن$$يين ولكن
يصدق على هذه القرينة انها ليست بلفظ اذ المقصود من القرينة اللفظية ه$$و القرين$$ة ال$$تي تنش$أ
من التلفظ بشيء زائد على ذيها ومجرد التلفظ باشتريت متق$$دما ليس ش$$يئا زائ$$دا بحس$$ب اللف$$ظ
على ذات التلفظ بالكلمة ،و عليه فيصدق على ه$$ذه القرين$$ة انه$$ا ليس$ت من مقول$$ة اللف$$ظ و ق$د
عرفت في توفيقنا بين كلمات الفقهاء ان القرينة غير اللفظي$$ة تس$$توجب ص$$يرورة الدالل$$ة غ$$ير
لفظي$$ة و ال ينعق$$د ال$$بيع بغ$$ير اللف$$ظ ،وفي الخت$$ام يس$$تدرك على ذل$$ك ان$$ه لقائ$$ل ان يق$$ول ان
اشتراط الصراحة في االلفاظ الدالة على العق$$ود الالزم$$ة م$$ورده ليس ك$$ل م$$ا يك$$ون دخيال في
العقد.
توضيحه ان لفظة اشتريت وان كانت مشتركة بين البائع والمشتري ولكنه$$ا على ك$$ل ح$$ال من
االلفاظ المختصة بعقد البيع وال ينشأ بها عنوان غير ال$بيع ،فهي ص$ريحة بلح$اظ داللته$ا على
عنوان البيع ومن اشترط الصراحة في االلفاظ يقص$$د ه$$ذا المع$$نى وه$$و الص$$راحة في الدالل$$ة
على عنوان البيع ،واما غير ذلك من الخصوصيات فال يشترط في$$ه الص$$راحة و دخال$$ة اللف$$ظ
126
وتعيين المشتري من البائع خارج عن داللة الفظ على العنوان و من الخصوصيات الفرعية فال
حاجة فيه الى اللفظ .
يعلق المصنف على هذا االستدراك بقوله وفيه اشكال ،ولع$ل منش$أ االش$كال ه$و اطالق معق$د
فتاوى الفقهاء عندما اشترطوا الصراحة فلم يميزوا في الصراحة بين داللة اللف$$ظ على العن$$وان
و داللة اللفظ على خصوصيات العنوان ،وعليه فاطالق معقد الفتاوى يأبى عن هذا التفصيل.
ه$$ذا تم$$ام الكالم في الف$$اظ االيج$$اب ،و ام$$ا الف$$اظ القب$$ول فال اش$$كال في وقوع$$ه بلف$$ظ قبلت
ورضيت واشتريت و شريت وابتعت وتملكت و ملكت.
واالش$كال المتع$دد الجه$ات ال$ذي تق$دم على اش$تريت كلف$ظ لاليج$اب ال يت$أتى هن$ا ،و تك$ون
اشتريت في القبول كشريت في االيجاب ،فكما ان الغالب في شريت ب$$ل لم ت$$رد في الق$$ران اال
بمعنى البيع فالغالب في اشتريت انها بمعنى الشراء.
اما الكالم ففي كلمة بعت فهل يقع فيها القبول ام ال ،صاحب جامع الم$$دارك ،نق$$ل عن المحق$$ق
ابن سعيد بانها من االلفاظ التي يقع بها القبول ولكن الموجود في النسخة المطبوع$$ة في الج$امع
ابتعت بدل بعت ،و بينهما فرق ،كيفما كان مع قطع النظ$$ر عن نق$$ل االق$$وال نص ائم$$ة اللغ$$ة
على ان بعت ايضا من االلفاظ المشتركة بين البيع و الشراء ،فيكون االشكال علي$$ه في ج$$انب
القبول كاالشكال على اشتريت في جانب االيجاب و حينئذ فال وج$$ه لم$$ا عن بعض الفقه$$اء من
ع$$دهم الش$$تريت في بي$$اب االيج$$اب و ع$$دم ع$$دمهم لبعت في ب$$اب القب$$ول ،الش$$تراكهما في
االشكال ورودا و عدما.
العالمة في النهاية وتبعه عليه الشهيد 2في المسالك يذكر مقولة حاصلها ان االصل في الف$$اظ
القبول هي قبلت ،وباقي االلفاظ تعتبر خارجة عن االصل .
توضيح هذه المقولة ان القبول كمعنى م$ع قط$ع النظ$ر عن اللف$ظ ال$دال علي$ه ه$و من المع$اني
المقتض$$ية للمطاوع$$ة والمجاوب$$ة فال يمكن ان يك$$ون مبت$$دأ ب$$ه ،الن$$ه م$$ع االبت$$داء ب$$ه تنت$$ف
المطاوعة التي يتقوم بها المعنى نظير فانكسر فانه ال يك$$ون اال بع$$د كس$$رته و ك$$ذلك دحرجت$$ه
فتدحرج ،فاذا كان المعنى كذلك فاللفظ الذي يدل على هذا المعنى ه$$و لف$$ظ القب$$ول ولف$$ظ قبلت
الن غيره يمكن االبتداء به ولو على نحو االستيجاب كما لو قال المشتري ابتداءا بع$$ني الكت$$اب
او ملكني الكتاب و ما شابه ،فمع$$نى االص$$الة في المق$$ام ان اللف$$ظ ال$$ذي يط$$ابق حقيق$$ة القب$$ول
المقتضية للمطاوعة هو خصوص لفظ قبلت .
في ختام البحث يتعرض للقبول بلفظ امضيت و اج$$زت و م$$ا ش$$اكلها في$$ذكر ان فيه$$ا وجهين :
وجه بالوقوع ووجه بالعدم اما وج$$ه الوق$$وع فلكونه$$ا دال$$ة على الرض$$ا بايج$$اب الم$$وجب وان
استعملت في غير البيع ولكن وقوعها بعد ايجاب البيع قرينة مخصصة لها بالبيع ،واما الوج$$ه
127
في عدم الوقوع فواضح مما تقدم ،الن التأخر ليس من مقولة االلفاظ ،مضافا الى م$$ا يمكن ان
يقال ان هذه الكلمات ظاهرة في امضاء العقد بعد وقوعه ،فهذا يعني انه$ا مت$أخرة عن ك$ل من
االيجاب والقبول الن العقد ال يقع اال بهما .ودفعه ان امضيت هو لاليجاب ال للعقد.
فرع :لو فرضنا وقوع العقد بااللف$$اظ المش$$تركة بين االيج$$اب والقب$$ول فق$$ال اح$$دهما ش$$ريت
الكتاب بدرهم وقال االخر اشتريت الكتاب بدرهم او ش$$ريته ب$$درهم فل$$و حص$$ل ال$$نزاع بينهم$$ا
فيمن البائع و المشتري ،وثمرة هذا النزاع تظهر في مثل خي$$ار الحي$$وان فان$$ه في$$ه على مب$$نى
المشهور كما سيأتي ثابت لصاحب الحيوان وهو المشتري .
تارة يكون مصب النزاع هو اثبات البائع والمشتري و اخرى يك$$ون مص$$ب ال$$نزاع ه$و ثب$$وت
الخيار وعدمه فعلى االول يقع التحالف الن كل واحد منهما مدعي و منكر فهو مدع لكونه بائعا
و منكرا لكون االخر هو البائع ،وفي هذه الصورة حصل التحالف ،وبع$$د التح$$الف ال ي$$ترتب
االثر المرجو على عنوان البائع والمشتري ،اما ل$$و ك$$ان مص$$ب ال$$نزاع ه$$و ثب$$وت الخي$$ار و
عدمه فيمكن تشخيص المدعي من المنكر فمن يرى ان له الخيار هو المدعي النه اذا ترك ُترك
.
مسالة :بعد ان ثبت لدينا جملة من الفاظ االيجاب والقبول يق$$ع الكالم في بعض الخصوص$$يات
فهل يشترط في االيجاب والقبول العربية او ال يشترط ،الشك عند المحققين من المتاخرين في
بطالن اشتراط العربية ،للوهلة االولى قد يقال ان عدم االشتراط من البديهيات بدعوى ان$$ه ل$$و
كانت العربية شرطا لكان العرب اغنى الن$$اس ،الن$$ه حينئ$$ذ يجب على ك$$ل من يتع$$اطى ال$$بيع
والشراء من غير العرب اما ان يتعلم الفاظ االيجاب والقبول واما ان يتخذ وكيال من العرب.
خالصة الدليل انه لو كانت العربية شرطا لوجب اما ان نلزم غير العربي بتعلم الصيغ كم$$ا في
القراءة في الصالة واما ان يتخ$$ذ وكيال ممن يحس$$ن العربي$$ة و ه$$ذا بالوج$$دان والس$$يرة باط$$ل
فكيف اشترط جمع من الفقهاء العربية .
والجواب ان اشتراط العربية في العقد على تق$$ديرها ال يالزم المنفص$$لة المتقدم$$ة ،الن ايج$اب
البيع بغير العربية يدخله في المعاطاة و هذا ال مانع منه بعد كون اكثر البيوعات في الخارج.
استدل العتبار العربية بوج$$وه ،االول التأس$$ي ف$$ان ال$$بيوع المنش$$أة من قب$$ل اه$$ل ال$$بيع ك$$انت
بالعربية.
الوجه الثاني االولوية حيث سيأتي ان الفقهاء ان البيع ال يقع بلفظ غير الماضي العربي ،وعدم
وقوعه باللفظ غير العربي اولى من عدم وقوعه بالعربي غير الماضي .
128
وجه االولوية ان الماضوية من الخصوصيات الطارئة على العربية فاللف$$ظ الع$$ربي ينقس$$م الى
ماض و مضارع فاذا كان البيع ال يقع بالمضارع النتفاء خصوصية الماض$$وية فمن ب$$اب اولى
ان ال يقع مع انتفاء اصل العربية.
الوجه الثالث :ان البيع بغير العربي$$ة ال يس$$مى عق$$دا فالعربي$$ة ليس$$ت فق$$ط ش$$رطا ب$$ل هي من
مقومات العقد .
الوجه الرابع :ان القدر المتيقن في حصول النقل واالنتقال هو العربية و غيره مشكوك ف$$نرجع
الى اصال الفساد.
57
ومن الوجوه التي تمسكوا بها ان االصل في البيوع ه$$و الفس$اد وال نخ$رج عن ه$$ذا االص$$ل اال
بدليل قطعي فاذا شككنا في ان ادلة امضاء البيوع هل تشمل انعقاد البيع بغير العربي$$ة فنقتص$$ر
على القدر المتيقن و هو العربية و غيره يبقى من$$درجا تحت اص$$الة الفس$$اد ،ه$$ذه هي الوج$$وه
االربعة التي استدل بها العتبار العربي$$ة و في الجمي$$ع نظ$$ر ،ام$$ا التأس$$ي فلوض$$وح ان القي$$ام
بفعل يقتضيه الطبع او العادة او اللغة ال يدل في حد ذاته على انتفاء م$$ا س$$واه ف$$النبي ص$$لى هللا
عليه واله والمعصومون كانوا ينش$$ؤون العق$$ود بالعربي$$ة ربم$$ا الج$$ل ان لغتهم و لغ$$ة الط$$رف
االخر في المعاملة هي العربية ال ألجل وجود خصوص$$ية في العربي$$ة ،ب$$ل ق$$د يق$$ال ان$$ه بع$$د
انتشار االسالم و دخوله الى اصقاع ال تنطق بالعربية لو كانت العربية معتبرة لك$$ان على ائم$$ة
اهل البيت علهم السالم ان ينبهوا على ذلك وال وجود لنص يقتضي االنعقاد بخصوص العربي$$ة
،واال الستدلوا به .
وعلى تقدير كون اتيانهم للعقد بالعربية مما يثبت خصوصية للعربية ،فمع هذا الت$$نزل من ق$$ال
ان هذه الخصوصية تقتضي البطالن مع فقد العربية فلعله يستحب ان ينشأ البيع بالعربية .
واما االستدالل باالولوية فانما تتم لو كان غير الماضوية من خصوص$$يات العربي$$ة ف$$اذا ك$$انت
المضارعة مثال مما يختص باللغة العربي$ة و الماض$وية فحينئ$ذ ل$و قلن$ا ب$ان انتف$اء الماض$وية
يبط$$ل العق$$د فحينئ$$ذ من ب$$اب اولى س$$وف يبط$$ل العق$$د بغ$$ير العربي$$ة الن الماض$$وية مختص$$ة
بالعربية ،لكن الفعل الذي يدل على الزمن الماضي و غيره ليس من مختصات اللغة العربي$$ة ،
فغاية ما يدل عليه عدم االنعقاد بالماضوية هو ان فقدان الماضوية مبطل للعقد و هذا ال يقتضي
بطالن العقد بالماضوية غير العربية ،بعد عدم اختصاص الماضوية بالعربية .
واما الوجه 3فبطالنه اوضح من ان يخفى ،فان دعوى اختصاص صدق العقد بالعق$$د الع$$ربي
واضحة البطالن ،اذ ان العرف يطلق على المعامالت المنشئة عند غير العرب في لغتهم لفظ$$ا
يرادف العقد في لغة الع$رب و يش$هد ل$ذلك اطالق النك$اح في اك$ثر من خ$بر على تل$ك العلق$ة
129
الزوجية التي كانت منشأة قبل دخول غ$$ير الع$$ربي في االس$$الم ،و ه$$ذا يع$$ني ان عق$$د النك$$اح
الذي تشدد فيه الشارع اكثر من البيع يصدق على غير العربي.
واما الوجه الرابع وهو اقتصار ما خالف الفساد على الق$$در الم$$تيقن ،وه$$و ص$$حيح ل$$و لم يكن
اطالق في ال$بين يقتض$ي الص$دق على غ$ير العربي$ة اذ م$ع ه$ذا االطالق ال تص$ل النوب$ة الى
اصالة الفساد.
بعد ذلك يبحث الماتن في مجموعة من الفروع كلها متفرعة على تقدير اعتب$$ار العربي$$ة ،فه$$ل
يعتبر عدم اللحن مادة وهيئة ،فلو انشأ العقد بالعربي$$ة م$$ع لحن في الم$$ادة ب$$ان ق$$دم حرف$$ا على
اخر او في الهيئة بان غير حركة فهل يترتب اثر العق$$د على ذل$$ك ام ال ،يق$$وي الم$$اتن اعتب$$ار
عدم اللحن ،على تقدير اشتراط العربية ،اعتمادا على ذلك الوجه الراب$$ع ،الن الق$$در الم$$تيقن
ان استطاع ان يثبت لنا اشتراط العربية فهو يستطيع ان يثبت لنا اش$$تراط ع$$دم اللحن الن$$ه هن$$ا
نشك في الملحونة انه ال يترتب عليها االثر وال نخرج اال بالقدر المتيقن وهو ما ال لحن فيها.
لكن عن فخر المحققين ولد العالمة التفريق بين انواع اللحن ف$$ذكر ان$$ه نفص$$ل بين قولن$$ا بعت$$ك
ب$$الفتح ،وبين قولن$$ا جوزت$$ك ب$$دال عن زوجت$$ك ،ف$$يرى ان العق$$د في اللحن االول دون الث$$اني
والوجه في هذا التفص$$يل ان اللحن االول ليس ل$$ه مع$$نى اخ$$ر بخالف الث$$اني ف$$ان جوزت$$ك أي
احللت ل$$ك ،وعلى ه$$ذا االس$$اس بم$$ا ان االول ص$$در من عاق$$ل ال مع$$نى لتص$$حيحه اال العق$$د
فيصحح دون الثاني النه مع داللة اللفظ على معنى اخ$$ر ال يك$$ون من االلف$$اظ الص$$ريحة و ق$$د
اشترطنا الصراحة.
بعد هذا يتعرض اليقاع البيع باللغات المحرفة فيرى الماتن انه على تقدير عدم تغير المعنى بها
فتقع صحيحة اما لو دلت على معنى اخر فال تقع صحيحة .
الفرع الثالث انه على تقدير اشتراط العربية فهل تعتبر العربية في جميع اج$زاء الص$$يغة ،بم$$ا
يش$$مل ذك$$ر الثمن والمثمن ام يكفي عربي$$ة ص$$يغة االيج$$اب و القب$$ول ،يق$$وي الم$$اتن اعتب$$ار
العربية في جميع االجزاء للقدر الم$$تيقن لكن يش$$ير في المق$$ام الى ان اعتب$$ار العربي$$ة في تم$$ام
االجزاء يتوقف على مبنى من المباني توضيحه ان$$ه وق$$ع البحث بينهم في ان$$ه ه$$ل يش$$ترط في
البيع ذكر الثمن والمثمن ام ال ،يكتفى بالمقاولة قبل العقد و حين العقد يكتفى ببعت وقبلت.
فاذا قلنا باشتراط ذكر الثمن والمثمن و ذك$$را في العق$$د بغ$$ير العربي$$ة ف$$البيع باط$$ل ،الن غ$$ير
العربية منزل منزلة العدم .
اما لو قلنا ال يشترط ذكرهما فتنزيلهما منزلة العدم ال يؤدي الى البطالن.
الفرع الرابع انه هل يشترط المعرفة التفص$يلية بمع$نى الف$اظ العربي$ة ام يكفي ان يع$رف غ$ير
العربي ان هذه الصيغة هي صيغة البيع ،مثال بعت فعل ماضي و ان التاء للمتكلم.
130
يستظهر المصنف اعتبار العلم التفصيلي والسبب في ذلك انه على القول باعتب$$ار عربي$$ة العق$$د
ال تكون عربية كالم من مقتضيات ذات الكالم ،بل عربية ك$$ل كالم تنش$أ من ان يك$$ون المتكلم
قاصدا لمعنى الكالم ،فلو تكلم الصيني مثال صدفة وخرج منه صوت له معنى في العربي$$ة فال
يقال انه تكلم العربية.
وانما يقال له ذلك اذا قصد المعنى بهذا الكالم.
اما اعتبار الماضوية ،المشهور بل ادعى العالم$$ة في الت$$ذكرة االتف$$اق على ع$$دم وق$$وع ال$$بيع
بغير الماضي و علل ذلك بان غير الماضي ال يكون صريحا بخالف الماض$$ي ،توض$$يحه ان$$ه
لو قال بدل بعتك اشتري مني فان هذا التعبير ظاهر في طلب ايجاد الش$$راء في المس$$تقبل وه$$و
مع$$نى ص$$حيح يمكن ان يحم$$ل علي$$ه اللف$$ظ ،فاس$تعماله في غ$$ير ه$$ذا ال يك$$ون ص$$ريحا و ق$د
اشترطنا الصراحة بخالف بعت الماضوية فانه بعد تجردها عن الزمان و عدم قصد االخبار ال
يبقى لها معنى غير انشاء البيع ،فتكون صريحة في المقصود .
خالف القاضي ابن البراج في ذلك ذاهبا الى عدم اعتبار الماضوية ويمكن ان يستدل له بوج$$وه
االول اطالق ادلة المعامالت .
الثاني التمسك ببعض الروايات الواردة في بيع العبد االب$$ق واللبن في الض$$رع حيث ان االم$$ام
عليه السالم انشأ الصيغة بالمضارع ،
الثالث التمسك باالولوية حيث ورد في النكاح ما يدل على جواز العق$$د بالمض$$ارع ،ف$$اذا ج$$از
غير الماضوية في النكاح الذي علم ان مشرب الشارع فيه على االحتي$$اط والتش$$ديد فيج$$وز في
ال$$بيع من ب$$اب اولى يستحس$$ن الم$$اتن م$$ا ذك$$ره ابن ال$$براج بش$$رط المحافظ$$ة على ش$$رطية
الصراحة.
58
وقع الكالم بينهم في لزوم تقديم االيجا ب على القبول على وجوه متعددة فمنها الوج$$وب مطلق$$ا
و منها الجواز م طلقا و منه االتفص$$يل بين ادوات القب$$ول ،في البداي$$ة يتع$$رض الم$$اتن للوج$$ه
االول الذي قيل انه االشهر ،ولكي ال يطول البحث نقل مجموع$$ة من الكلم$$ات وك$$ان الترك$$يز
في هذه المسالة على شيخ الطائفة باعتبار التف$$اوت في رأي$$ه بين كتب$$ه من جه$$ة و التف$$اوت في
رأيه في كتاب واحد حيث منع من التقديم في بيع المبسوط واجاز ذلك في نكاحه.
131
يمكن ان يستدل للزوم تقديم االيجاب على القبول اوال باالصل ويقصد من االصل اصالة الفساد
وعدم ترتب االثر على غير الصورة المتيقنة وهي تقديم االيجاب على القبول.
ان قلت ان اصالة الفساد مرجعها الى االستصحاب وهو اص$$ل عملي ،واالص$$ل العلمي الدور
له مع االصل اللفظي ،وفي المقام يوجد اص$$ل لفظي يقتض$$ي ع$$دم ل$$زوم التق$$ديم وه$$و اص$$الة
االطالق الثابتة في مثل اوفوا بالعقود واحل هللا البيع ،وغير ذل$$ك من المطلق$$ات والعموم$$ات ،
فان مقتضى اصالة االطالق و العموم ه$$و النف$$وذ س$$واء تق$$دم االيج$$اب على القب$$ول ام ت$$أخر ،
فيكون هذا االصل اللفظي حاكما على االستصحاب .
قلت :ان االطالق في االيات المشار اليها و في غيرها ينزل على المتعارف فإن احل هللا ال$$بيع
لما كان في مقام امضاء البيع المتعارف فال يكون له اطالق على خالف المتعارف لكون$$ه دليال
امضائيا و في البيع المتعارف يتقدم الموجب على القابل وغير هذه الص$$ورة مش$$كوكة ال$$دخول
في البيع المتعارف فال يشمله دليل االمضاء ،الوجه الثاني الذي استدلوا ب$$ه على ل$$زوم التق$$ديم
يمكن ان يصاغ باحد بيانين :
االول :ان القبول مفهوم يدل على المطاوعة فاذا كان كذلك فيكون متفرعا على االيج$$اب و م$$ا
تفرع على شيء ال يقدم عليه.
الثاني ان القبول تبع لاليجاب اما للمطاوعة ليرجع الى البيان االول واما لكون$$ه جواب$$ا فيك$$ون
تابعا لجوابيته على شيء سبقه والتابع متأخر عن المتبوع .
الوج$ه الث$الث االجم$اع المنق$ول حيث حكى الش$هيد 1في غاي$ة الم$راد نقال عن خالف الش$يخ
الطوسي االجم$$اع ولكن ه$$ذا االجم$$اع المنق$$ول في غاي$$ة ال$$وهن ،اذ في$$ه اوال ان م$$ا نقل$$ه عن
الخالف ليس صحيحا بل غاية ما ذكره الشيخ في الخالف ان صورة تقدم االيجاب على القب$$ول
اتفاقية ،بمعنى انها مجزية باالتفاق و غيرها مختلف فيه ،و هذا شيء ودع$$وى االتف$$اق على
تقديم االيجاب شيء اخر.
ثانيا :ان الشيخ نفسه قد خالف في هذه المسالة في نكاح المبسوط وكيفما كان م$$ع تع$$دد الق$$وال
في المسالة ال يمكن االعتماد على هذا االجماع المنقول .
في مقابل ذلك ذهب جماعة من االكابر كالمحقق في الشرائع والعالمة في التحري$$ر والش$$هيدين
وغيرهم الى عدم اللزوم ،واستدلوا لذلك بالعمومات السليمة عما يصلح للتخصيص.
و هذا الوجه كما ت$$رى يتوق$$ف على ابط$$ال م$$ا تق$$دم في االس$$تدالل على الق$$ول االول واال فال
تكون العمومات سالمة .
132
ثانيا استدلوا بقياس االولولية تقريبه ان$$ه ورد في النك$$اح رواي$$ات اج$$ازت تق$$ديم االيج$$اب على
القبول وبما ان المعلوم من ديدن الشارع هو االحتياط في النكاح فاذا رتب االثر فيه باي كيفي$$ة
فمن باب اولى ان يترتب االثر في البيع كذلك.
وبهذا يتم الكالم فيما يمكن ان يستدل للقول بلزوم التقديم مطلقا و عدم اللزوم مطلقا .
ووصل الكالم الى ما يقتضيه التحقيق عند المصنف.
59
اتضح انه يوجد في المسالة اقوال ، 3االول وهو االشهر ان$$ه يعت$$بر ال$$ترتيب مطلق$$ا ،والق$$ول
، 2وهو المشهور انه ال يعتبر الترتيب مطلقا ،و 3وهو مختار الشيخ و جماعة ه$$و التفص$$يل
بين الفاظ القبول ،ففي بعضها يعتبر الترتيب و في بعضها ال يعتبر.
هذه االقوال على مستوى الظاهر واال فق$$د يق$$ال بامك$$ان اج$$راء المص$$الحة بين بعض اط$$راف
النزاع في الجملة بان يكون نظر المانع مطلقا قد تعلق باللفظ الذي ال يقبل التقدم بحس$$ب الق$$ول
الثالث ،و ان يكون نظر المجوز لاللفاظ الذي تقبل التقدم بحس$$ب الق$$ول ، 3ففي الجمل$$ة يمكن
تجميع القرائن على تخفيف النزاع ،و كيف كان فقد تق$$دم ايض$$ا ان$$ه نس$$ب الى الش$$يخ المن$$ع و
التجويز و منشأ هذا االختالف كما تقدم هو ما ذكره الشيخ في المبسوط في كتاب البيع والنك$$اح
و تقدم ذل$$ك مفص$$ال ،ووص$$ل الكالم الى تحقي$$ق المص$$نف ،حيث قس$م الف$$اظ القب$$ول الى ، 3
اصناف :
الصنف االول :ان يحصل لف$$ظ القب$$ول بم$$ا ي$$دل علي$$ه ص$$راحة و مطابق$$ة ،من قبي$$ل قبلت و
رضيت .
الص$$نف الث$$اني :ان يحص$$ل القب$$ول عن طري$$ق االم$$ر و االس$$تيجاب كم$$ا يظه$$ر من بعض
الروايات المتقدمة في الشرط المتقدم على الترتيب .
الصنف الثالث :ان يحصل بلف$$ظ المض$$ارع او الماض$$ي لكن بااللف$$اظ ال$$تي ت$$دل على الش$$راء
والتمليك ،كما هو الحال في لفظ اشتريت و ملكت بالتخفيف ،وابتعت مثال .
هذه هي االلفاظ التي يحصل بها القبول عادة ،اما الصنف االول فاختار الم$$اتن في$$ه ،اش$$تراط
الترتيب و لزوم تقدم االيجاب عليه ،و استدل على ذلك بوجوه :
االول :نفي الخالف المذكور عن جماعة من المتأخرين كصاحب الميس$ية والمس$الك ومجم$$ع
الفائدة والبرهان.
133
الوجه الثاني ان اطالقات لفظ البيع بخصوصها كما في احل هللا البيع و باطالقها كما في اوف$$وا
بالعقود هذه االطالقات تنزل على م$$ا ه$$و المتع$$ارف والمتع$$ارف في مث$$ل قبلت و رض$$يت ان
يكون للمطاوعة ولالجابة عن شيء تقدم ،فتقديم هذا الصنف يكون على خالف المتع$$ارف فال
تشمله االطالقات فال يمكن تصحيحه ،بل تجري فيه حينئذ اصالة الفساد.
الوجه الثالث وهو العمدة في كالم الماتن حاصله ان القبول كما هو معلوم احد ركني العق$د ف$ان
العقد عبارة عن االيجاب والقبول ،و ما ي$دل على القب$ول مطابق$ة متف$رع على االيج$اب و م$ا
كان متفرعا على شيء ال يتقدم عليه .
ان قلت ال نسلم المقدمة االخيرة فان الشخص ق$$د يرض$$ى ب$$امر يحص$$ل في المس$$تقبل فالرض$$ا
فعلي والمرضي به استقبالي ووقوع هذا الشيء اكبر دليل على امكانه ،فكيف يقال بان القب$$ول
ال يتقدم على االيجاب .
قلت لف$$ظ القب$$ول يتض$$من حقيق$$تين ،الحقيق$$ة االولى الرض$$ا بالش$$يء والحقيق$$ة الثاني$$ة انش$$اء
المعاوضة التي تكون طرفا في المبادلة المتقوم بها حقيقة البيع ،فالقبول اذا قصرنا النظ$$ر في$$ه
على الحقيقة االولى وهي مجرد الرضا فالحق مع المستش$$كل ف$$ان االنس$$ان ق$$د يرض$$ى بالفع$$ل
بامر استقبالي ،لكن القبول ال ينحصر بالحقيق$$ة االولى ف$ان الحقيق$$ة 2ال$$تي يتض$$منها القب$$ول
تمنع من التق$دم الن مرجعه$ا ان المش$تري ال$ذي وظيفت$ه القب$ول ان ينق$ل مال$ه في مقاب$ل نق$ل
الغير ،ونقل ماله في مقاب$$ل نق$$ل م$$ال الغ$$ير ك$$ان بحس$ب دالل$$ة اللف$$ظ على نح$و المطاوع$$ة ،
ومطاوعة شيء فرع صدوره ،واال لتحول المشتري الى بائع .
فهذا الوجه الثالث الذي هو من الوجوه العقلية يقتضي اش$$تراط ال$$ترتيب للف$$ظ القب$$ول ،و به$$ذا
البيان للوجه العقلي يتضح لنا فس$اد م$ا اخت$اره بعض المحققين ،حاص$له ان$ه نظ$ر الى ال$دليل
المتقدم العقلي في عبارة بعض المتأخرين الذي هو بعنوان الفرعية حيث ذكروا ان القبول فرع
االيجاب فيمتنع ان يتقدم عليه فاشكل عليهم ان هذه الفرعية والتبعية ليس$$ت من قبي$$ل تبع$$ة لف$$ظ
الخر فهي ليست نظير افعال المطاوعة من قبيل دحرجته فتدحرج ،و كسرته فانكس$$ر ،وبي$$ده
سيف لويته فالتوى ،فاذا لم يكن من قبيل تبيعة اللفظ للفظ و في الوقت نفسه ه$$و ليس من قبي$$ل
تبيعة القصد للقصد كما هو الحال في تبعية قصد الممل$$وك لمالك$$ه في مس$$الة االقام$$ة والت$$وطن
والسفر وما شابه ذلك من العناوين فاذا انتفت التبعية في مقام اللفظ وفي مق$$ام القص$$د فيتعين ان
تكون التبعي$$ة اعتباري$$ة و فرض$$ية و تنزيلي$$ة و في االعتب$$ار و الف$$رض والتنزي$$ل يك$$ون س$$هل
المؤونة فيكون ان يتقدم التابع على المتبوع .
فيمكن ان يقول مثال لو فرضنا شخصا مناوال واخ$$ر متن$$اوال ان يق$$ول المتن$$اول ان$$ا راض بم$$ا
تناولني فيبرز الرضا قبل المناولة و تقديم انشائه واعتب$$اره ال يخرج$$ه عن كون$$ه متن$$اوال فعلى
هذا االساس ال مانع من تقدم القبول على االيجاب .
134
يعلق الماتن على هذا االشكال بان هذا االشكال نشأ من تخيل ان القبول يتقوم انحصارا بالرضا
فان هذا االشكال هو عين االشكال المتقدم من ان االنسان قد يرضى بالفعل بما ه$$و حاص$$ل في
المستقبل ولكنك قد عرفت سابقا ان القبول المذكور ل$$ه حيثي$$ة اخ$$رى غ$$ير حيثي$$ة الرض$$ا ف$$ان
القبول المتقوم بحيثية الرضا هو ايضا باعتبار كونه احد ركني العقد فيه انشاء مطاوعي وبه$$ذه
الحيثية امتنع تقديمه .
60
الصنف الثاني من االلفاظ المستعملة في افادة القب$$ول الف$$اظ االس$$تيجاب بواس$$طة لف$$ظ االم$$ر ،
يختار المصنف في هذا الصنف ما اختاره في الصنف السابق من عدم وقوع العقد بلف$$ظ االم$$ر
المتقدم وال يخفى ان كالمه في تقدم االمر وال يعني ان التزامه بعدم وقوع العقد ب$$االمر المتق$$دم
انه يقع باالمر المتأخر ،فمثال لو قال المشتري بعني الكت$$اب فق$$ال الب$$ائع بعت$$ك الكت$$اب ب$$درهم
فاالستيجاب المتقدم ال يكفي ان يكون قبوال بل البد ان يتعقب ايجاب البائع قبول المشتري وام$$ا
لو تقدم االيجاب بان قال بعتك الكتاب بدرهم فقال المشتري بعني الكتاب فان ه$$ذا ال يع$$د قب$$وال
بل هو طلب تحصيل الحاصل ،اما الوجه في عدم كفاية االستيجاب المتقدم ه$$و م$$ا عرفن$$اه في
الصنف االول من ان القبول ليس مجرد الرضا بشيء كي يقال ب$$ان الرض$$ا ب$$االمر المس$$تقبلي
ممكن ،بل القبول عبارة عن الرضا بالمعاوضة المقتضي للنقل في الحال ،لما يتضمن القب$$ول
من معنى المطاوعة ،وبما ان البائع لم يوجب بعد فال يكون استيجاب المشتري رضا بالنقل في
الحال اذ كيف ينقل بالفعل و نقله الفعلي جوابا لنقل البائع وهو لم يحصل بعد .
اذا يمتنع القبول في االستيجاب المتقدم ،في مقابل ذلك اختار جماع$$ة وق$$وع العق$$د االس$$تيجاب
المتق$$دم ويظه$$ر من الطوس$$ي في المبس$$وط دع$$وى االتف$$اق على الص$$حة وكي$$ف ك$$ان فيمكن
التمسك بوجهين إلثبات الصحة ،دعوى االتفاق المشار اليها في كالم الشيخ ،الوجه 2التمسك
باالخبار كخبر سهل الساعدي وابان ،حيث ان سهل الساعدي استوجب الن$$بي ص$$لى هللا علي$$ه
واله للجارية ،فزوجه اياها من دون ان ينقل في الخبر تعقب االيج$$اب للقب$$ول ،وهك$$ذا الح$$ال
في خ$$بر اب$$ان وه$$اذان الخ$$بران وان وردا في ب$$اب النك$$اح ولكن الفح$$وى واالولوي$$ة تقتض$$ي
الجواز في البيع ايضا لما هو معلوم من ان تشدد الش$$ارع في ب$$اب النك$$اح اك$$ثر من تش$$دده في
باب البيع.
اما االتفاق المدعى في كالم الشيخ فسوف يأتي ما فيه من وجود االختالف في المسالة بل ينق$$ل
ايضا ان الشيخ في بعض كتبه االخرى منع عن الصحة في االستيجاب اما االستدالل ب$$الفحوى
المتقدم$$ة فبالنس$$بة لخ$$بر س$$هل ف$$االمر في$$ه س$$هل ،اذ في$$ه اوال انن$$ا ال نس$$لم ان القب$$ول حص$$ل
باالستيجاب ،صحيح ان سهل استوجب الجارية ولكن من قال ان هذا ه$$و القب$$ول الحتم$$ال ان
يكون قد قبل بعد ان زوجه النبي ص$$لى هللا علي$$ه وال$$ه ،ويؤي$$د ه$$ذا االحتم$$ال ان االس$$تيجاب
المتقدم لو كان هو القبول البتلينا باشكال وهو الفصل بين ركني العقد االيجاب والقب$$ول ،وذل$$ك
135
الن النبي صلى هللا عليه واله بعد ان استوجبه سهل سأله عما يحسن من المهر فاجابه بال شيء
الى ان عرفه انه يتقن شيئا من القران ،والحال ان المعروف بينهم اشتراط الم$واالة بين رك$ني
العقد فلو كان االستيجاب هو القبول ال المقاولة لحصل اخالل بشرط المواالة.
ثانيا انه على تقدير التسليم وقبول ان القبول في الرواية حصل باالس$$تيجاب م$$ع ذل$$ك نمن$$ع من
االولوية ،واختلف المحشون في وجه منع الشيخ لالولوية واالقرب م$$ا اش$$ار الي$$ه العالم$$ة في
بعض كتبه انه في النكاح صح باالس$$تيجاب رعاي$$ة لطبيع$$ة االن$$ثى حيث ان الم$$وجب في ب$$اب
النكاح هو المرأة و وفقا لطبيعة الحياء فيها قبل االستيجاب المتقدم من القابل ،و هذه النكتة غير
موجودة في البيع.
ام$$ا بالنس$$بة لخ$$بر اب$$ان فه$$و وان ك$$ان ال يبتلي باش$$كال االخالل ب$$المواالة لع$$دم الفاص$$ل بين
االستيجاب وااليجاب ولكنه يبتلي بمحذور اخر الن$$ه ورد في$$ه ان الم$$رأة ق$$الت نعم ف$$ان الخ$$بر
يقول اتزوجكي متعة على كتاب هللا وسنة رسوله صلى هللا عليه واله فيقول فاذا ق$$الت نعم فهي
امرائتك والحال ان االيجاب ال يقع بكلمة نعم.
ثم يش$$رع الم$$اتن في نق$$ل كلم$$ات الق$$وم في ه$$ذا الص$$نف من الف$$اظ القب$$ول لي$$دلل على وج$$ود
اختالف في المسالة وبذلك يتضح بطالن دعوى االتفاق في كالم المبسوط.
بعد ان يلخص الماتن مختاره يش$ير الى نكت$$تين االولى :ان$$ه ال يت$$وهمّن اح$د بقياس$نا والحقان$$ا
للصنف الثاني على االول ان الصنف االول هو االولى بالمنع ،بل االمر ب$$العكس فل$$و فرض$$نا
ان احدا جوز وقوع قبلت ورضيت متقدمة على االيج$اب فال يقتض$ي ذل$ك تج$ويزه فيم$ا نحن
فيه الن بعض الفقهاء كما تقدم اشترطوا في الفاظ االيجاب والقب$$ول الماض$$وية فل$$و ق$دمنا قبلت
يكون هنلك اخالل بشرط واحد وهو تقدم االيجاب على القبول بينما لو جعلنا االستيجاب قب$$ول
لحصل االخالل بشرطين بتقدم القبول على االيجاب وعدم ك$$ون م$$ا دل على القب$$ول من ص$$يغ
الماضي .
النكتة الثانية ان جميع ما تقدم مبني على اشراط اللفظ الخاص في البيع اما لو انكرنا ذلك وقلن$$ا
بكفاية مطلق ما يدل على الرضا وانشاء المعاملة مع افادة اللزوم كما قوى الشيخ ذل$$ك في ب$$اب
المعاطاة فكل هذا البحث ال يأتي.
61
الكالم في الصنف 3في االلفاظ المستعملة في القبول وهوا شتريت وابتعت ال اشكال في وقوع
القبول في هذه االلفاظ لو وقعت متأخرة وانما الكالم في ج$$واز تق$$ديمها على االيج$$اب ،يخت$$ار
الماتن جواز التقديم واثبات ذلك يتم بالتدرج في نقاط :
النقطة االولى ان غاية ما يشترط في القبول عبارة عن امرين :
136
االول الرضا بالشيء والثاني ان يكون هذا الرضا في مقام المعاوضة ،وال يشترط في القبول
ازيد من ذلك .
الثانية ان كال من البائع و المشتري يخرج ماله عن كيسه و يدخل م$ال االخ$ر في$ه ،و ه$ذا م$ا
يقتضيه مفهوم المبادلة والمعاوضة المأخوذ في حقيقة البيع .
النقطة الثالثة ان البائع يفترق عن المشتري في كيفية الداللة على االدخ$$ال واالخ$$راج ،فالب$$ائع
يدخل الثمن في ملكه عن طريق ذكره للعوض ،بقوله بدرهم مثال .
اما االخراج للمثمن عن كيسه فتدل عليه الصيغة بعتك الكتاب .
اما في المشتري فاالدخال حصل بصيغة القبول عندما يقول رض$يت او قبلت ،بينم$ا االخ$راج
حصل بالتضمن حيث ان رضا المشتري يتضمن القبول الخراج ما دف$ع بازائ$ه الب$ائع فاتض$ح
في هذه النقطة ان االدخال واالخراج حاصل عند ك$$ل من الب$$ائع والمش$$تري ،غاي$$ة االم$$ر م$$ا
يحصل به االدخال في البائع هو ذكر العوض و م$$ا يحص$$ل ب$$ه االخ$$راج ه$$و الص$$يغة ذاته$$ا ،
بينما في المشتري االمر بالعكس .
النقطة الرابعة ،حاصلها ان االصل في القب$$ول ه$$و م$$ا ي$$دل على المطاوع$$ة كرض$$يت و قبلت
والجل ذلك منعنا في البحث عن تقدمه ،الن ما ي$$دل على المطاوع$$ة مت$$أخر عن الم$$اطوع فال
يتقدم عليه ،اما لفظة اشتريت فال داللة فيها على المطاوع$$ة ،ب$$ل هي لف$$ظ دال على المبادل$$ة
ولذا كان الشراء من االلفاظ المشتركة ،غاية األمر لما غلب تأخره عن ايجاب البائع صار ذل$ك
قرينة على ارادة القبول منه فالمطاوعة في مثل قبلت ورضيت نش$$أت من ذات اللف$$ظ بينم$$ا في
مثل اشتريت لم تنشأ منه وانما نشأت من القرينة.
النقط$ة الخامس$ة :ان قبلت تق$دم او ت$أخر ي$دل على المطاوع$ة ض$رورة ان ال$ذات هي ال$ذات
تقدمت او تأخرت ،غاية االمر هذه الكلمة بمعناها لم تؤثر في االدخال واالخ$$راج عن$$د تق$$دمها
لما تقدم من عدم جواز التقدم فيه بينما اشتريت بالعكس تدل على االدخال واالخراج تق$$دمت او
تأخرت ،وال تدل على المطاوعة اال في صورة التأخر النتفاء القرينة مع التقدم ،اما ذات اللفظ
بحس$$ب الف$$رض يقتض$$ي االس$$تبدال وه$$و يتض$$من االدخ$$ال واالخ$$راج و اذا ت$$أخر ي$$دل على
المطاوعة .
اذا اتض$$حت ه$$ذه النق$$اط يثبت لن$$ا ج$$واز تق$$دم لف$$ظ القب$$ول اذا ك$$ان باش$$تريت و ملكت على
االيجاب ،وعدم داللته على المطاوعة عند التقدم ال يقتضي المنع الن البيع ال يتقوم اال بالرض$$ا
باالدخال واالخراج على وجه المبادلة .
ان قلت :ان الفقهاء قد اجمعوا على ان العقد مركب من ايجاب و قبول في مقابل االيق$$اع ال$$ذي
هو فقط يدل على االيجاب ال غير ،فاذا كان العقد مركبا من االيجاب والقبول فالب$$د ان تت$$أخر
137
كلمة اشتريت لتك$ون قب$وال ،فاالجم$اع على ت$ركب العق$د من ايج$اب و قب$ول يقتض$ي وج$ود
مفهومين احدهما تابع لالخر ،فالقبول تابع لاليجاب وال تتحقق التبعي$$ة اال في ص$$ورة الت$$أخر ،
وعليه فحقيقة العقد نفسها تقتضي التأخر.
يجيب الماتن عن هذا االشكال انه بما ان االجماع دليل ل$$بي ص$$امت ال بي$$ان في$$ه فيقتص$$ر في$$ه
على القدر المتيقن والقدر الم$تيقن في القب$ول ه$و اعتب$ار القب$ول من المش$تري بمع$نى الرض$ا
بااليجاب من دون ان يتضمن الرضا بااليجاب معنى المطاوعة والشبهة نشأت من التأثر بكون
االصل في الفاظ القبول هو لفظ يدل على المطاوعة كرضيت وقبلت ال ان االجماع قد قام على
اعتبار المطاوعة ليكون مقتضى اعتبار المطاوعة تأخر اللفظ الدال عليه .
بع$$د ان اثبت ان مقتض$$ى الص$$ناعة و البحث العلمي ه$$و ج$$واز تق$$دم القب$$ول اذا ك$$ان بلف$$ظ
اشتريت ،قام بعد ذلك و ذكر شبهة اقتضى التوقف ،حاصلها ان تصحيح كل عق$$د بحاج$$ة الى
دليل على االمضاء ،وليس هو اال العمومات والمطلقات من قبيل اوفوا ب$$العقود ،والعموم$$ات
والمطلق$$ات ت$$نزل على المتع$$ارف ول$$ذا س$$وف ي$$أتي في بحث الم$$واالة ان ت$$رك الم$$واالة ليس
متعارفا فمع عدم تعارفه ال يشمله اوفوا بالعقود ،وحينئذ يشكل االمر فيما نحن فيه باعتب$$ار ان
المتعارف ان يتاخر القبول عن االيجاب ،فيكون تقديم القبول على خالف المتع$$ارف فال تش$$مله
المطلقات.
62
الزال البحث في تقدم القبول على االيجاب و البحث تارة يقع في خصوص البيع و اخ$$رى يق$$ع
في سائر العقود االخرى ،اما في البيع فقد تقدم التفصيل بين االصناف ال ، 3اما في غير البيع
من العقود فالعقود يمكن ان تصنف الى : 2
االول :العقود التي تكون من س$نخ ال$بيع بمع$نى ان$ه كم$ا يج$ري فيه$ا لف$ظ القب$ول ال$دال على
المطاوعة كذلك يجري فيها لفظ القبول الذي يدل على االس$تقالل وذل$$ك من قبي$$ل االج$ارة ف$ان
القبول في االجارة كما يجري بمثل قبلت و رضيت كذلك يجري بمثل تملكت منك المنفعة بك$$ذا
هذا النوع من العقود يجري فيه م$$ا ذك$$ر في ال$$بيع ،و من ه$$ذا القبي$$ل ايض$$ا النك$$اح فانه$$ا كم$$ا
تجري بقول الزوج قبلت و رضيت كذلك تجري بمثل تزوجت و انكحت .
النوع : 2العقود التي ال انشاء في قبولها اال بلفظ ي$$دل على المطاوع$$ة ،و ذل$$ك من قبي$$ل عق$$د
الرهن و عقد القرض و عقد الهبة فان هذا السنخ من العقود ال يحصل انشاء القبول فيه ب$$التزام
شيء لكي يقال ان التزام الشيء كما يحصل بفعل يدل على المطاوع$ة يحص$ل بفع$ل ي$دل على
االنشاء المستقل ،فان الهبة مثال ـ و نقص$$د منه$$ا المجاني$$ة ـ ال يوج$$د من القاب$$ل ال$$تزام بش$$يء
وليست نظير البيع ك$$ل واح$د من الط$$رفين يل$$تزم باالدخ$ال واالخ$راج ب$$ل المتهب ليس ل$$ه اال
138
المطاوعة او ال$$رد ،فال مج$$ال حينئ$$ذ للف$$ظ ال$$ذي ي$$دل على االنش$$اء االس$$تقاللي ف$$دائما يك$$ون
المتهب مطاوعا هذا النوع من العقود ال يصح ان يتقدم فيه القبول على االيجاب .
هنلك صنف 3في العقود له صالحية االنطباق على كال الصنفين المتقدمين وهو عقد الص$$لح ،
فانه ان قام مقام الصنف الثاني من العقود فحينئذ يأخذ حكمه ،واما لو ق$$ام مق$$ام الص$$نف االول
من العقود كما هو الحال في المصالحة المعاوض$$ية فق$$د يق$$ال للوهل$$ة االولى ان الص$$لح حينئ$$ذ
يأخذ حكم الصنف االول ،فكما ذكرنا في الصنف االول انه يج$$وز تق$$دم القب$$ول على االيج$$اب
فالصلح يكون ك$$ذلك ،لكن ه$$ذا االم$$ر ال يص$$ح لتم$$يز الص$$لح بخصوص$$ية غ$$ير موج$$ودة في
الصنف االول ،وان كان مشتركا مع$$ه في المعاوض$$ة واالل$$تزام المتب$$ادل ،لكن لتم$$يزه بتل$$ك
الخصوصية ال يجوز فيه ان يتقدم القبول على االيجاب و هذه الميزة عبارة عن انه في الص$$لح
يجوز لكل واحد من المتصالحين ان يبدئ بااللتزام ،فيكون نسبة الصلح الى المتصالحين على
حد سواء وااللتزام في كل واحد منهما ليس مغايرا اللتزام االخر ،فيك$$ون االم$$ر حينئ$$ذ نظ$$ير
وقوع طرفي الجملة االبتدائية معرفة فكما ذكروا انه في ص$$ورة ك$$ون ك$$ل من المبت$$دأ والخ$$بر
معرفة نلتزم ب$$ان المتق$$دم ه$$و المبت$$دأ ففي الص$$لح االم$$ر من ه$$ذا القبي$$ل نل$$تزم ان المتق$$دم ه$$و
الموجب ،وعليه فكل من يتق$$دم يك$$ون موجب$$ا فال يبقى مج$$ال للق$$ول ب$$ان القاب$$ل يج$$وز ل$$ه ان
يتقدم .
ثم في ختام البحث ما بحثه في فصل الترتيب بين االيجاب والقبول فيرى ان القب$$ول في العق$$ود
بشكل عام يكون على قسمين رئيسيين :
االول :ان يتضمن القبول التزام شيء من القابل مثل البيع والنكاح واالجارة .
الثاني :ان ال يتضمن االلتزام بل مجرد الرضا و القبول ،مثل الهبة والقرض.
ثم ان كل واحد من هذين القسمين بدوره ينقسم الى قس$$مين ،ام$$ا القس$$م االول فه$$و يك$$ون على
نحوين:
الن االلتزام من القابل اما ان يكون مسانخا لالل$$تزام من الم$$وجب مث$$ل الص$$لح وام$$ا ان يك$$ون
مغايرا ،مثل البيع واالجارة والنكاح .
اما القسم الثاني فهو ايضا على نوعين ،الن الرضا والقبول اما ان يعتبر فيه عنوان المطاوعة
كما في الرهن و الهبة و القرض واما ان يكون متمحضا في الرضا فق$$ط ،كم$$ا ه$$و الح$$ال في
الوكال$$ة والعاري$$ة وش$$بههما من العق$$ود الج$$ائزة ،فالث$$اني من كال القس$$مين يج$$وز ان يتق$$دم في
القبول على االيجاب ،و االول ال يجوز .
في ختام البحث يشير الى نكتة تقدمت في طي المباحث السابقة اجماال حيث ذكرنا ان مثل البيع
واالجارة يكون هنلك مغايرة بين االلتزام البائع و التزام المشتري .
139
يرى المصنف ان هذه المغايرة ليست واقعية بل هي ناشئة من التواض$$ع واالص$$طالح الع$$رفي
حيث ان العرف اعتبر ان من يلتزم بنقل ماله على اس$اس ان الم$ال ع$وض عن ش$يء فيس$مى
بالمشتري و من ينقل ماله على اساس ان مال الغير عوضا عن ماله فاص$$طلح علي$$ه الع$$رف و
اعتبره بائعا ،و اال فكل واحد منهما يمكن في مث$$ال واح$$د ان يك$$ون بائع$$ا او مش$$تريا ،و ه$$ذا
االعتبار العرفي ليس اعتباطيا بل ينشأ من الرغب$$ة العقالئي$$ة فم$$ا يتعل$$ق ب$$ه الرغب$$ة فمن يب$$ذل
بإزائه ماال يكون مشتريا ،ومن كان عنده المرغ$$وب يك$$ون بائع$$ا و على ه$$ذا االس$$اس يش$$كل
االمر في المقايضة ،الن الرغبة متعلقة بكال العوضين .
من جملة شروط البيع المواالة بين االيجاب والقبول ،ويطلق عليها في كلمات بعضهم الفوري$$ة
،و في كلمات بعض اخر االتصال و ه$ذه الفوري$ة واالتص$ال في ك$ل ش$يء بحس$به فالفوري$ة
واالتصال بين الحروف مغايرة للفورية واالتصال بين الكلمات ،و في الكلمات مغايرة لها بين
الجمل ال بمعنى ان المواالة لها معان متعددة بل بمعنى ان المواالة والفورية لكل ش$$يء بحس$$به
ولذا ذكروا في االدب ان زيدا لو ت$زوج واول$د بع$د 9اش$هر يق$ال في حق$ه ت$زوج فاول$د ،وال
يصح ثم اولد مع وجود فاصل طويل بين الزواج والوالدة ،فاالتصال المعتبر له حقيق$$ة واح$$دة
ولكنها بين كل شيئين بحسبهما.
في بداية البحث يشرع الماتن باستعراض بعض من كلمات الفقهاء و يب$$دأ بالش$$هيد في القواع$$د
والجدير بالذكر هو ان الشهيد ذكر ان االصل في بحث المواالة هو بحث االستثناء ال$$ذي يعت$$بر
من المباحث القديمة حتى في زمن الشارع ،فيترتب عليها اث$$ار فقهي$$ة ،فينق$$ل عن ابن عب$$اس
ان$ه ج$وز في االس$تثناء ع$دم الفوري$ة ،استش$هادا بكالم للن$بي ص$لى هللا علي$ه وال$ه ذك$ره في
الصيد ،ثم بعد سنة استثنى منه ,فمثال ال يحل الصيد في الحرم ثم بعد س$$نة اس$$تثنى م$$ورد من
الموارد ،بينما اختار المشهور عدم جواز التراخي في االستثناء ،وحاصل الج$$واب عن تل$$ك
الرواية ان االستثناء المتأخر كان من قبيل المخصص المنفص$$ل وانم$$ا ذك$$ر بص$$غية االس$$تثناء
الن السائل المتعجب اعاد المستثنى منه الذي ذكره النبي صلى هللا عليه واله قبل عام.
63
الزال الكالم في نقل كالم الشهيد في القواعد حيث ان$$ه ص$$رح ان الم$$واالة معت$$برة في العق$$د و
نحوه و بعد ذلك بّين مطلبين :
االول :ان االصل في اعتبار المواالة هو اعتبار االتصال بين المستثنى و المستثنى منه .
المطلب الثاني :اشار فيه الى تفسير قوله ،و نحوه ،بع$$د ان اعت$$بر الم$$والة في العق$$د و نح$وه
فنحو العقد افاده في المطلب الثاني ،و منه يعرف ان الضمير في قوله و منه يرجع الى العقد و
نحوه و تفسير في الواقع لما هو من نحو العقد ،فاشار هن$ا الى م$وارد ،الم$ورد االول اعتب$ار
الفورية في استتابة المرتد ،حيث ان المسلم لو ارتد فيستتيب الحاكم الش$$رعي ،ويوج$$د فيه$$ا
140
قوالن مرويان ،القول االول ما عمل به المشهور من ان اس$$تتابة المرت$$د تعت$$بر في الح$$ال ،و
يعتبر فيها الفورية و مع التراخي يترتب عليه اثر االرتداد من وجوب القتل .
القول 2المروي ان$$ه يمه$$ل الى 3اي$$ام ،فيك$$ون ه$$ذا الم$$ورد من نح$$و العق$$د ال$$ذي يعت$$بر في$$ه
المواالة بناءا على القول االول دون القول الثاني .
المورد الثاني :الذي اشار اليه الشهيد ،فصول االذان حيث يعتبر فيها المواالة اذ مع الس$$كوت
الطويل والفصل بين الفصول وان لم يكن بكالم اجنبي بل لمجرد الس$$كوت حينئ$$ذ يبط$$ل االذان
ويعتبر كل فصل من فصوله مع السكوت الطويل كالما مستقال يخرج به عن كون االذان وحدة
واح$دة ،و من ه$ذا القبي$ل ايض$ا التش$هد س$واء ك$ان في الص$الة ام في خارجه$ا عن$دما يعت$بر
التشهد.
المورد الث$$الث يرتب$$ط بتكب$$يرة االح$رام في ص$$الة الجمع$$ة من المعل$$وم ان$$ه يعت$$بر في الجمع$$ة
مضافا الى الجماع$$ة الع$$دد س$$واء قلن$$ا ان$$ه 5او ، 7فل$$و ان المكم$$ل للع$$دد ت$$راخى في تكب$$يرة
االحرام الى ان ركع االمام فال جمعة حينئذ ،و هكذا الح$ال في الزائ$$د على الع$$دد غاي$$ة االم$$ر
في المكمل تبطل جمعة الجميع و في غير المكمل تبطل جمعته ،هذا هو رأي المشهور واعتبر
بعض العامة ان يكون االتيان بالتكبيرة مع االم$$ام و قب$$ل ق$$راءة الفاتح$$ة ،و الفوري$$ة على ه$$ذا
القول اوضح من القول المشهور .
المورد الرابع يرتبط بالتعريف في باب اللقطة ويصلح التعريف في هذا الباب مثاال للمواالة من
جهتين :
الجهة االولى :بلحاظ تكرار التعريف المعتبر في ض$$من الس$$نة ،ف$$ان التك$$رار يجب ان يك$$ون
بكيفية بحيث ال ينسى من سمع الثاني انه تكرار لالول .
الجهة الثانية بلحاظ الس$$نة حيث يقص$$د من الس$$نة ان تك$$ون اش$$هرها متوالي$$ة ال ان يع$$رف 12
شهرا ولو في ضمن 10سنوات.
هذا تمام الكالم في المطلب الثاني وبه يتم كالم الشهيد .1
يعترض المصنف في مقام التعليق على كالم الشهيد الى ذكر جهتين :
الجهة االولى ترتبط بتوضيح ما ذكره و توجيهه .
الجهة الثانية ترتبط بمناقشته .
اما الجهة االولى فقد اتضح لنا سابقا ان كل شيء متدرج الحصول في عمود الزمان و يعد عند
العرف شيئا واحدا يعتبر فيه التوالي واالتص$$ال و ليس ذل$$ك اال الن ه$$ذا الش$$يء الواح$$د عرف$$ا
141
ال$$ذي ه$$و موض$$وع لالث$$ر ش$$رعا او عن$$د العقالء ال ي$$ترتب علي$$ه االث$$ر اال م$$ع بق$$اء وحدت$$ه
االتصالية ،فلو زالت وحدته االتصالية و مع ذلك ترتب عليه االثر فهو خلف لفرض ان االث$$ر
مترتب على وحدته االتصالية.
مثال العقد الذي هو عند الع$$رف ش$$يء واح$$د م$$ركب من ايج$$اب و قب$$ول و الع$$رف ينظ$$ر الى
االيجاب والقبول على اساس انهما شيء واحد متصل ،و على هذا النظر العرفي ترتبت االثار
الشرعية والعقالئية فلو اخللنا بالمواالة و زال االتصال فالبد ان ال يترتب االثر ،والج$$ل ذل$$ك
ال يطلق العرف على مجموع القب$$ول وااليج$$اب المتخل$$ل بينهم$$ا س$$نة مثال اس$$م العق$$د ،فينتفي
موضوع االثر فينتفي االثر.
ولكن كما ذكرنا سابقا المواالة و االتصال تعتبر في كل شيء بحسبه ،فالفاصل الزم$$اني ال$$ذي
ال يضر بين الجمل قد يضر بين الكلمات ،وم$ا ال يض$ر بين الكلم$ات ق$د يض$ر بين الح$روف
فالمدار على الصدق العرفي .
هذا تمام الكالم في الجهة االولى المرتبطة بتوجيه كالم الشهيد .1
الجه$$ة 2وهي المرتبط$$ة بالنق$$د واالب$$رام في كالم الش$$هيد و في ه$$ذه الجه$$ة يق$$ع البحث في
مقامين :
المقام االول فيما يرتبط باصل دعوى المواالة ،و المقام 2يرتبط بالموارد المتقدمة.
اما الكالم في المقام االول فالمالحظ ان الش$$هيد جع$$ل من ش$$رائط العق$$د الم$$واالة واالتص$$ال ،
وجعل المأخذ في ذلك و االساس ه$$و االتص$$ال بين المس$$تثنى والمس$$تثنى من$$ه ،ه$$ذا الكالم ق$$د
ين$$اقش باعتب$$ارين االول ان$$ه ل$$و تم فانم$$ا يتم اذا ك$$ان دلي$$ل امض$$اء المعامل$$ة ه$$و النص$$وص
المتضمنة لكلمة العقد ،من قبيل اوفوا بالعقود ،فان العقد م$ركب من االيج$اب و القب$ول فالب$د
من اعتبار االتصال بينهما ،فيصح كالم الشهيد.
اما لو كان دليل االمضاء النص غير المتضمن لمركب ينظر اليه بوحدة اعتبارية من قبيل احل
هللا البيع و تجارة عن ت$$راض ،فحينئ$$ذ س$$ملنا ان العق$$د ال يص$$دق م$$ع الفص$$ل بين االيج$$اب و
القبول ولكن التجارة عن تراض تصدق فيمنع ذلك من التمس$$ك ب$$اوفوا ب$$العقود و ال يمن$$ع ذل$$ك
من التمسك بتجارة عن تراض.
ان قلت :ال ن$$رى فرق$$ا بين ن$$وعي ادل$$ة االمض$$اء الن العق$$د في اللغ$$ة والع$$رف ه$$و العه$$د ال
االيجاب والقبول فكما تصدق التجارة عن تراض مع الفصل يصدق العهد .
142
قلت :ان العقد او العهد المحكم كما فسر به العقد في قوله اوفوا بالعقود في ص$$حيحة عبدهللا بن
سنان انما نش$$أ من وج$$ود تعه$$د من الط$$رفين من الم$$وجب و القاب$$ل ،فالب$$د حينئ$$ذ من اعتب$$ار
االتصال .
اما االعتبار الثاني فهو يرتبط بجعل المأخذ لمسالة المواالة االتص$$ال بين المس$$تثنى والمس$$تثنى
منه ،فللوهلة االولى قد يناقش ذلك ان بحث االستثناء مورد من الموارد اعتبر في$$ه االتص$$ال و
مقتضى الصناعة ان اعتبر االتصال في مورد ال يالزم اعتبار االتصال في سائر الم$$وارد لم$$ا
ثبت في محله ان تتبع الحكم في قاعدة من االستقراء الناقص واالستقراء الناقص ال ينتج قاع$$دة
كلية .
يحاول الماتن ان يوجه كالم الشهيد بحيث ال يبتلي بهذا االش$$كال و حاص$$ل التوجي$$ه ان الش$$هيد
لو كان بصدد استنباط القاع$دة من وج$ود الحكم في م$ورد لك$ان االش$كال واردا ولكن ل$و ك$ان
بصدد التنبه للقاعدة من مورد فاالشكال غير وارد اذ كثيرا ما يتنبه الفقي$$ه الى قاع$$دة عام$$ة من
خالل التامل في مورد من الموارد .
قد يحاول ان يوجه كالم الشهيد في بحث االستثناء بتوجيه اخر حاصله ان االس$$تثناء ك$$ان دليال
على القاعدة الجل ان الترابط بين المس$$تثنى والمس$$تثنى من$$ه اق$$وى من س$$ائر التواب$$ع فمثال في
ب$$اب النعت ال ي$$ؤدي الفص$$ل بين النعت والمنع$$وت الى الكف$$ر او االيم$$ان بخالف$$ه في ب$$اب
االستثناء فلو احد قال ال اله و فص$ل ي$ؤدي الى كف$ر و ك$ذلك في مس$الة االق$رار ليس ل$ه علي
شيء و بعدها بفاصل قال اال درهم ال يفهم اقرار ب$ه ،فالتراب$ط بين المس$تثنى والمس$تثنى من$ه
اقوى من غيره و الجله جعل هو االصل ،هذا التوجيه يستبعده المصنف الن المواالة فيما ه$$و
اشد ترابطا ال تقتضي المواالة فيما هو اقل ترابطا نعم االمر بالعكس ل$$و دل دلي$$ل على اعتب$$ار
المواالة فيما هو اقل ترابطا الستفدنا المواالة فيما هو اشد من باب اولى.
64
الكالم في شرطية التنجيز والكالم فيه يقع في جهات :
الجهة االولى :المراد من التنجيز ،فبن$اءا على جع$ل ه$ذا الش$رط من ش$روط الص$يغة يرج$ع
حينئذ الى شرط لفظي أي مرتبط بالفاظ الصيغة ،فلو فرض ان العق$$د في الواق$$ع ال تعلي$$ق في$$ه
لكنه في مقام االبراز ابرز مع التعليق فمثال اعرف بانك فالن فاقول ابيعك هذا الكت$$اب ان كنت
فالنا ،فان مقتضى جعل التنجيز من شروط الصيغة ان نقول ببطالن هذه الصيغة في الف$$رض
المذكور ،الن الصيغة جائت مع التعليق اما لو ارجعنا التنجيز الى شرط واقعي يرتبط بالقصد
،فحينئذ حتى ل$و انتفى التعلي$ق من ظ$اهر الص$يغة ولكن العق$د لب$ا يرج$ع الى قض$ية ش$رطية
143
فيكون العقد باطال ولو كانت الصيغة فيه على نحو البت والجزم ،مقتض$$ى اي$$راد ه$$ذا الش$$رط
في ضمن البحث عن شرائط الصيغة ه$و األول ومقتض$ى التعميم في االمثل$ة االتي$ة ومقتض$ى
بعض االدلة المذكورة الحقا هو الثاني ال االول ،الجهة الثانية ،في نقل كلم$$ات بعض الفقه$$اء
في المسالة يظهر من تتبع الكلم$$ات ان$$ه يوج$$د اتف$$اق على اش$$تراط التنج$$يز ممن تع$$رض له$$ذا
البحث ولكن الذين تناولوا هذا البحث ليس باجمعهم ذك$$روه في كت$$اب ال$$بيع ب$$ل االك$$ثر ذك$$روا
شرطية التنجيز في كتاب الوقف ،ويفهم من بعضهم ان االدلة على التنج$$يز هن$$اك تج$$ري في
ب$اب ال$بيع ب$ل في مطل$ق العق$ود الالزم$ة ،ومن خالل م$ا نقل$ه الم$اتن يظه$ر من بعض$هم ان
المسالة اجماعية و نالحظ ان البعض كفخر المحققين عمموا المسالة على مطلق العق$$ود الزم$$ة
كانت ام جائزة ،وفي بعض كلمات الشهيد 2يوجد دعوى االجماع على ذلك ،هذا بالنسبة الى
اراء الفقهاء.
فيمكن القول في المسالة بنفي الخالف وان لم نتمكن من دع$$وى تحق$$ق االجم$$اع ،والس$$بب في
ذلك ان بعض الفقهاء لم يتعرضوا لهذا الشرط لنعرف وفاقهم او خالفهم .
الجهة الثالثة فيما يصلح دليال لهذا الشرط ،فقد استدل لهذا الشرط بوجوه ،اوالها م$$ا تق$$دم من
نفي الخالف واالجماع وقد عرفت انه بالدقة نفي خالف ال اجماع الوجه الثاني التمسك بمفه$$وم
االولوية تقريبه انه يظهر من الفقهاء والقدر المتيقن من كلماتهم ومعاقد اجماع$$اتهم ان التنج$$يز
شرط في الوكالة والحال ان الوكالة التي هي من العقود االذنية هي ايضا من العق$$ود الج$$ائزة ،
فاذا كان التنجيز ش$رطا في ه$ذا العق$د الج$ائز االذني فه$و ش$رط في عق$د ال$بيع من ب$اب اولى
ووجه االولوية ان العقود االذنية يكتفى فيها باي شيء يستظهر منه االذن لفظا ك$$ان ام غ$$يره ،
فالبيع من باب اولى نشترط فيه التنجيز النه من العقود الالزمة .
هذا هو الوجه الثاني في المقام ،لقائل ان يق$ول ان االولوي$ة مس$لمة ولكنه$ا ال تنف$ع اال اذا ثبت
الحكم في المقيس عليه واال فال قيمة لالولوية ،والمقيس عليه هو الوكالة .
يحاول المصنف اثبات الحكم في المقيس عليه عن طريق االجماع المدعى ،و ه$$ذا االجم$$اع و
ان كان اجماعا منقوال لكن هنلك كالم للعالمة يدل على اص$$ل اعتب$$ار التنج$$يز في الوكال$$ة م$$ع
ذكره لمثالين يمكن ان يتطرق اليهما النقاش ومع ذلك تلقى الفقهاء اصل المسالة ب$$القبول ،ف$$ان
العالم$$ة مث$$ل في ب$$اب الوكال$$ة و ف$$رق بين ق$$ول الموك$$ل انت وكيلي في ي$$وم الجمع$$ة ان ت$$بيع
ارضي و بين قول$$ه انت وكيلي وال تب$$ع ارض$$ي اال ي$$وم الجمع$$ة فحكم ببطالن االول و ص$$حة
الثاني ،بل ادعى االجماع على بطالن االول و صحة الثاني$ة م$ع ان المث$الين لب$ا يرجع$ان الى
حقيقة واحدة وهي ان بيع الوكيل ال يكون اال يوم الجمعة ،وليس ذل$ك اال الن العق$د في المث$ال
االول معلق على حض$$ور زمن بين عق$$د الوكال$$ة في المث$$ال الث$$اني منج$$ز و المعل$$ق على ي$$وم
الجمعة هو تصرف الوكيل .
144
فاذا االمر في المقيس عليه واضح عندهم ولذا عندما تسائل جماعة عن الفرق بين المث$$الين م$$ع
كون المثال الثاني لبا يشترك مع مثال التعليق ارجع$$وا المس$$الة الى كونه$$ا قض$$ية توقيفي$$ة وان
العقود جوازا ومنعا متلق$$اة من الش$ارع والعق$$د بالص$$يغة االولى لم يمض$$ه الش$ارع بخالف$ه في
الثانية وان اشتركا في المض$$مون ،ف$اذا ثبت االم$$ر في المقيس علي$$ه ثبت في المقيس بمقتض$$ى
االولوية .
الوجه الثالث هذا الوجه يمكن ان يجعل وجها 3الشتراط التنجيز في العق$$ود و يمكن ان يجع$$ل
وجها اوال الشتراط التنجيز في المقيس عليه ،اعني الوكالة ،توضيح هذا الوجه ال$$ذي ص$$رح
به العالمة في الت$ذكرة ان اش$تراط التنج$يز ليس ش$رطا برأس$ه و مس$تقال كي نس$ال عن دليل$ه
وانما هو من مصاديق شرط اخر و هو اعتبار الجزم في العقود ومع التعليق ال ج$$زم ،والج$$ل
ذلك نرى ان بعضهم غير التنجيز بالجزم و حينئذ يط$$الب بوج$$ه اش$$تراط الج$$زم ،والوج$$ه في
اشتراط الجزم واضح لوضوح انهم اعتبروا في العقود ان تكون صادرة عن رضى المتعاق$$دين
و هذا من الواضحات عندهم والرضى المحقق للنقل واالنتقال هو الرضى في الحال الن العق$$د
انشاء للمعاقدة في الحال فلو جاء التعلي$$ق في العق$$د فه$$و يع$$ني ان العاق$$د لم ي$$رض بالمنش$$أ في
الحال بل يكون رضاه معلق$$ا على تحق$$ق المعل$$ق علي$$ه ،ف$$اذا ثبت اعتب$$ار الج$$زم في العق$$ود ،
فالتنجيز محقق له فال عقد مع التعليق ،و هذا الوجه على تقدير تماميته كما هو واضح يقتضي
ان يكون شرط التنجيز ليس من شروط الصيغة واللفظ بحسب الظ$$اهر و مق$$ام الص$$ياغة اذ ان
البت والجزم الواقعي يحقق الرضا وان كانت الصيغة صورة فيها تعليق .
بعد ان استنتجنا من الوجه المتقدم ان مرجع هذا االشتراط الى اشتراط واقعي يرتبط بالقصد ال
الى مجرد اشتراط في ظاهر الصيغة ورتبنا على هذه النتيجة ان العقد يص$$ح م$$ع ك$$ون المعل$$ق
عليه معلوم الحص$ول ،لكن يظه$ر من الش$هيد 1في القواع$د كالم على خالف ه$ذا االس$تنتاج
حيث انه بعدما ابرز المنافاة بين شرطية الجزم و بين التعليق جاء بتعليل .
65
ذكرنا ان المحقق الكركي و الشهيد 2يستظهر من كالمهما ان التعليق المبطل للمعامل$$ة وللعق$$د
هو التعليق على ام$ر مجه$ول الحص$ول ومن$ه يفهم ان التعلي$ق على معل$وم الحص$ول ال ن$افي
الجزم المعتبر في العقود ،اال ان معلوم الحصول يتصور على نحوين :
االول ان يكون معلوم الحصول في الحال أي حين ابراز الصيغة و انشاء العق$$د ،كم$$ا ل$$و ق$$ال
البائع ان كان الكتاب لي فقد بعته لك ،و ان كنتي زوج$$تي ف$$انت ط$$الق ،ف$$ان ملكي$$ة الكت$$اب و
زوجية الجوزة معلومة حين انشاء الصيغة.
145
النحو الثاني ان يكون معلوم الحصول في االستقبال ،كما ان قلت ان جاء زيد من السفر فبعتك
الكت$$اب م$$ع معلومي$$ة مجيئ$$ه في المس$$تقبل ،فظ$$اهر كالم المحق$$ق وال ش$$هيد 2الش$$مول لكال
النحوين.
بينما الشهيد 1في قواعده يظه$$ر من$$ه م$$ا يخ$الف ه$$ذا االطالق فليس ك$$ل معل$$وم الحص$$ول ال
يتنافى مع الجزم المعتبر في العقود بل الذي ال يتنافى هو خصوص النح$$و االول و ه$$و معل$$وم
الحصول حال العقد اما الثاني فهو ينافي الجزم المعت$$بر ،و عل$$ل ه$$ذا التفص$$يل للش$$هيد 1م$$ع
كونه بدوا واضح البطالن اذ ما دام العلم بالتحقق ثابتا في كال النحوين فال مناف$$اة بين الج$$زم و
بين التعليق في كال النحوين .
حاصل التعليل الذي امتاز ب$$ه عن الش$$هيد 2و المحق$$ق 2ان المعل$$ق علي$$ه ت$$ارة يالح$$ظ جنس
التعليق و اخرى يالحظ نوع التعليق ،و مقصودنا من الجنس في المقام ،هو التعلي$$ق المج$$رد
عن الخصوصيات الفردية .
ومقصودنا من النوع هو التعليق المنظور اليه بخصوصياته الفردية .
فاذا الحظنا جنس التعليق بالمعنى المتقدم فدائما يكون المعل$$ق علي$$ه غ$$ير حاص$$ل ،و بم$$ا ان$$ه
جنس فقد يحص$$ل و ق$د ال يحص$$ل ،و ه$$ذا التردي$$د بين الحص$$ول و عدم$$ه يتن$$افى م$$ع الج$زم
المعتبر في العقود ،بخالف لو الحظنا نوع التعليق فان ن$$وع التعلي$$ق ب$$المعنى المتق$$دم كمجيء
زيد من السفر الثابت لنا فال ينقسم مجيئه الى ما قد يحص$$ل و م$$ا ال يحص$$ل ،ب$$ل ه$$و حاص$$ل
قطعا فال يتنافى مع الجزم المعتبر في العقود ،و المتحصل ان$$ه اذا الحظن$$ا جنس التعلي$$ق فه$$و
يتنافى مع الجزم و اذا ال حظنا نوعه فهو ال تنافى مع الجزم و الشهيد 1الحظ جنس التعليق .
ان قلت ان العلة كما قد تقتضي التخصيص بالجنس تقتضي التعميم على كال النحوين المتقدمين
،وحينئذ ينتفي التفصيل المذكور للشهيد ، 1تقريبه انه اذا كان الملحوظ هو جنس التعلي$$ق ففي
المورد الذي يكون التعليق على امر معلوم الحصول حين العقد ينبغي ان نق$ول بمنافات$ه للج$زم
الن ملكيتي للكتاب بلحاظ الجنس قد تكون متحققة و قد ال تك$$ون ،فبمقتض$$ى التعلي$$ل الم$$ذكور
ينبغي ان ال يفصل الشهيد 1بل يلتزم ان مطلق التعليق بكال نحويه مبطل للعقد .
وبعبارة اخرى ان التعليق على 4انحاء:
النحو االول :التعليق على امر مشكوك التحقق ،و هذا عند الجميع مبطل للعقد لمنافاته للج$$زم
قطعا.
الثاني التعليق على امر يقطع بعدم تحققه و هذا لم يشر اليه في البحث لوضوح ان مرجع$$ه الى
عدم ارادة البيع فيكون بطالن البيع لعدم المقتضي ال لوجود المانع وهو التعلي$$ق ،كم$$ا ل$$و ق$$ال
146
بعتك الكتاب ان كان واجب الوجود جسما ،هذا التعليق كشف لي عن عدم االرادة ال انه ابط$$ل
البيع لعدم تحقق االرادة.
النحو الثالث ان يكون التعليق على امر مقطوع الحصول حين انشاء الصيغة .
الثالث ان يكون التعليق على امر معلوم الحصول في المستقبل .
الشهيد 2كالمحقق 2في هذين االخريين يظهر منهما البناء على الص$$حة الن التعلي$$ق المعل$$وم
الحصول ال ينافي الجزم المعتبر في العقود .
الشهيد 1يقبل كالمهما في الث$$الث وال يقبل$$ه في االخ$$ير ،واالش$$كال علي$$ه ان علت$$ه تش$$مل كال
االمرين وهي التعليق على الجنس ،ويمكن الجواب عن ذلك ان ما ك$ان متحق$ق الحص$ول حين
االنشاء يكون التعليق فيه صوريا ال حقيقيا ففي الواقع ال يوجد تعلي$$ق لكي يتن$$افى م$$ع الج$$زم ،
فعندما اقول بعتك الكتاب ان كان لي مع كونه ملكا لي و نعلم ب$$ذلك ففي الواق$$ع يك$$ون ذل$$ك من
التعليق صورة ال حقيقة وواقع$ا ،الن$ه حين العق$د ث$ابت فال تعل$ق حقيق$ة ليتن$افى م$ع الج$زم ،
بخالف التعليق على امر يحصل في المستقبل ،فانه حين االنشاء لم يكن حاصال فالتعليق يكون
حقيقيا الننا علقنا على امر غير حاصل وقت االنشاء ،فلذا كانت العلة مختصة ب$$النحو االخ$$ير
دون النحو االول .
وصل كالم المصنف الى تحقيق المطلب ،في ابتداء تحقيقه يبدا بذكر صور المس$$الة فيق$$ول ان
المعلق عليه اما ان يكون معلوم التحقق واما ان يكون مشكوكه ،فهتان صورتان.
و على كال الص$ورتين ام$ا ان يك$ون معلومي$ة التحق$ق او مش$كوكية التحق$ق في الح$ال او في
االستقبال فيتولد لنا 4صور ،و على كل واحد من هذه الصور ال يخلو ام$$ا ان يك$$ون الش$$رط
المعلق عليه مما يصحح العقد او ال ،فتصبح الصور ، 8غاية االم$ر الش$رط المص$حح للعق$د
على انحاء .
النحو االول :ان يكون الشيء مما يصح ان يتمل$$ك كق$$ول الب$$ائع بعت$$ك ه$$ذا الس$$ائل ان لم يكن
خمرا او بعتك هذا الحيوان ان لم يكن خنزيرا حيث ان الخمر و الخنزير مما ال يصح تملكه .
النحو الثاني :ان يك$$ون ه$$ذا الش$$رط مص$$ححا لالخ$$راج عن المل$$ك ،كم$$ا ل$$و قلت بعت$$ك ه$$ذه
الجارية ان لم تكن ام ولد .
النحو الثالث :ان يكون الشرط المعل$ق علي$ه دخيال في تص$حيح ملكي$ة المش$تري كم$ا ل$و قلت
بعتك هذا الكتاب ان لم تكن عبدا ،بناءا على ان العبد ال يملك ،فحينئذ ال معنى لبيعه .
النحو الرابع :ان يكون الشرط المعلق عليه مما له دخل في تجويز العقد مع المشتري ،كما لو
قلت بعتك الكتاب ان كنت بالغا فان غيره وان كان يملك ولكن ال تصح المعاملة معه.
147
تصبح الصور المتصورة في المقام :8
ثم بعد ذلك قسم التعليق الى قسمين ،اما ان يكون التعليق مصرحا به في االنش$$اء كقولن$$ا بعت$$ك
الكتاب ان جاء يوم الجمعة ،واما ان يكون الزما للكالم ،كقولي في االثنين بعت$ك الكت$اب ي$وم
الجمعة .
66
بعد ان ذكر الشيخ صورا ثمانية للتعليق ثم قسم ما يدل على التعليق الى صريح و غير ص$$ريح
ف$$ترتقي الص$$ور الى 16ص$$ورة ،ب$$دأ فعال في بي$$ان حكم ه$$ذه الص$$ور ،ولكن تحت عن$$اوين
جامعة .
العنوان االول :ما كان معلوم الحصول حال العق$$د من دون ان يك$$ون العلم بحص$$وله حاص$$ال
في المستقبل وانما نعلم في حين العقد انه حاصل ،ه$ذا العن$وان بجمي$ع ش$قوقه أي س$واء ك$ان
التعليق بلفظ صريح ام غير صريح بكل تش$$تقيقاته المتقدم$$ة ي$$رى المص$$نف ان ه$$ذا الن$$وع من
التعليق ال يقدح بصحة العقد ،ثم بدأ يس$$تذكر من تق$$دم من الفقه$$اء ،واخ$$يرا نق$$ل عن ص$$احب
الرياض نفي الخالف صراحة في هذا النوع من التعليق ،و دليله قد اص$$بح واض$$حا مم$$ا تق$$دم
عند نقل كالم الشهيد ، 1فانه في الواقع ال يوجد تعليق لكون االمر متحققا فهو تعليق على واقع
ال على متوقع الوقوع ،فال يتنافى مع الجزم المعتبر في العقود .
العنوان الثاني :ويشترك مع صاحبه بمعلومية الحصول ،اال انه يخالفه في ظرف المعلومية ،
ففي الس$$ابق ك$$ان ظ$$رف المعلومي$$ة مص$$احبا لالنش$$اء والعق$$د بينم$$ا في ه$$ذا العن$$وان ظ$$رف
المعلومية ه$و االس$تقبال ،ب$دوا اذا راجعن$ا معاق$د االجم$اع و نفي الخالف على ك$ون التعلي$ق
مبطال للعق$$د ان نق$$ول ب$$ان ه$$ذا الن$$وع من التعلي$$ق مبط$$ل للعق$$د ،ف$$اذا من جه$$ة اطالق معاق$$د
االجماعات يدخل هذا النوع من التعليق تحت تعليق المبطل ،ولكن اذا الحظنا تعليلهم لمبطلي$$ة
التعليق ينبغي ان نخرج هذا النوع عن كونه مبطال ،اذ تقدم س$$ابقا انهم علل$$وا مبطلي$$ة التعلي$$ق
بمنافات$$ه للج$$زم ،و م$$ا ك$$ان معل$$وم الحص$$ول في االس$$تقبال ال ين$$افي الج$$زم ،ثم نق$$ل بعض
التصريحات على ك$ون ه$ذا الن$وع من التعلي$ق غ$ير مبط$ل للعق$د ولكن في مقاب$ل ذل$ك يوج$د
تصريح من جماعة بذكر امثل$$ة ت$$دخل في ه$$ذا الن$$وع م$$ع تص$$ريحهم بالمبطلي$$ة ،فنالح$$ظ ان
الشيخ في باب وقف المبسوط ذكر ان الواقف لو قال اذا جاء رأس الشهر فقد وقفت$$ه ص$$رح في
هذا المثال بعدم انعقاد الوقف ،و نفى عن ذلك الخالف ،و علل بان الوقف مث$$ل ال$$بيع و الهب$$ة
عند جميع العلماء حتى المخالفين لنا و انه مثل العتق عن خص$$وص علمائن$$ا ،ه$$ذا الكالم ي$$دل
على اتفاق المسلمين على ان البيع الهبة يبطلهما التعليق على مجيء رأس الشهر مع ان مجيئه
معلوم الحصول باتفاق جميع المسلمين ،و يكشف ايضا على ان التعليق على معل$$وم الحص$$ول
يبطل العتق ايضا عند علماء المذهب ،و هذا النوع من التعليق على معلوم الحص$$ول يص$$طلح
148
عليه عندهم بالتعليق على الصفة في مقابل التعليق على الشرط المصطلح به على التعلي$$ق على
المشكوك ،و النتيجة في هذا النوع الثاني انه ال يمكن االخذ بعموم التعليل اع$$ني ع$$دم المناف$$اة
للجزم مع تصريح شيخ الطائفة باالتف$$اق على البطالن في$$ه فيك$$ون المعتم$$د ه$$و االجم$$اع على
البطالن .
النوع الثالث التعليق على الشرط المشكوك الحصول فيما اذا لم يكن الش$$رط المعل$$ق علي$$ه مم$$ا
تتوقف عليه صحة العقد كما لو قال بعتك الكتاب اذا امطرت السماء غدا ،وامطار السماء غ$$دا
امر مشكوك و صحة العقد ليست معلقة علي$$ه واقع$$ا ك$$البلوغ و م$$ا ش$$اكله ،و حكم ه$$ذا الن$$وع
واضح بل هو القدر المتيقن من معاقد اجماعاتهم ،و ينطبق عليه التعليل قطعا .
النوع الرابع التعليق على شرط يتوقف عليه صحة العقد كما ه$$و الح$$ال في االمثل$$ة المتقدم$$ة ،
بلحاظ ظاهر كلماتهم و معاقد اجماعاتهم ينبغي ان نق$$ول ب$$البطالن لش$$مول كالمهم له$$ذا الن$$وع
ولكن الشيخ الطوسي في المبسوط في مسألة قول القائ$$ل ان ك$$ان لي فق$$د بعت$$ه يحكي ق$$وال عن
بعض الناس بالص$حة و ان ه$ذا التعلي$ق ال ين$افي الص$حة ،و ق$رب ه$ذا الق$ول بالص$حة ب$ان
التعليق في المقام لم يتعدى التصريح بالتعليق ،الن العقد في الواقع و نفس االم$$ر يقتض$$ي ه$$ذا
التعليق ،فلو قلنا مثال بعتك الكتاب بدرهم بلفظ منجز ال تعليق فيه فان مقتضى العق$$د ان يك$$ون
البيع على تقدير ان يكون المشتري ممن يصح منه التملك و ان يكون الب$$ائع ممن يج$$وز ل$$ه ان
يبيع الكتاب و هكذا فاذا كان المعلق عليه من مقتضيات العقد فحينئذ ص$$رحت ب$$ه ام لم تص$$رح
هو موجود ،غاية ما قام به البائع ان اظهر هذا الموجود وبعب$$ارة اخ$$رى ان ك$$ل عق$$د يقتض$$ي
وجود مقدمات كما يقتضي اثارا ،فكما انه في اقتضائه لالثار ال يضر التعليق كما لو قال بعتك
الكتاب بشرط ان تسلمني الثمن ،ال يض$$ر بالعق$$د من اث$$ار العق$$د ك$$ذلك اذا ك$$ان العق$$د يقتض$$ي
مقدمات كان يك$$ون عن مل$$ك و عن بل$$وغ للمتعاق$$دين ،و م$$ا ش$$اكل ذل$$ك ف$$ان التص$$ريح به$$ذه
المقدمات التي يقتضيها العقد ال يضر .
لقائل ان يقول ان التعب$ير في المبس$وط ببعض الن$اس يش$عر ب$ان الش$يخ ال يرتض$يه و ان ه$ذا
القول ضعيف ،فحينئذ ال يتنافى في دخول العن$وان في االجم$اع قلت ه$ذا التعب$ير ان ج$رد عن
القرينة فيدل على ما ذكر ولكن مع القرينة تسلب منه هذه الدالل$ة ،و في المق$ام القرين$ة عب$ارة
عن االستدالل له مع عدم مناقشة االستدالل ،وبالتالي ال يثبت االجماع .
67
الكالم في التعليق على معلوم الحصول و مما يتوقف عليه صحة العق$$د ،و ذكرن$$ا ان$$ه بحس$$ب
ظاهر معاقد االجماعات ان ه$$ذا داخ$$ل في التعلي$$ق المبط$$ل للمعامل$$ة ،و لكن بحس$$ب التوجي$$ه
الذي ذكره شيخ الطائفة لبعض الناس ممن التزم بعدم المانع من التعليق يقتضي صحة المعاملة
و عدم بطالنها ،بعد ذلك يبدا الشيخ في تحقيق الحال في هذا الن$$وع و التوجي$$ه الم$$ذكور في$$ه ،
149
فمن جه$$ة ي$$رى ان$$ه بع$$د ظه$$ور مي$$ل ش$$يخ الطائف$$ة الى م$$ا اخت$$اره بعض الن$$اس ينتفي حينئ$$ذ
االستدالل باالجماع ويكون هذا النوع خارجا عن معاقد االجماع$$ات ،و لكن من جه$$ة اخ$$رى
نرى ان التوجيه المذكور ال يصلح لالستدالل على صحة المعاملة في صورة التعليق من النوع
المذكور ،و ذلك للتفريق بين االعتبار وبين المعت$بر ،فبالنس$بة للكالم ال$ذي اعت$بر في$ه العاق$د
المعاملة ،في الواقع و نفس االمر هذا الكالم واالعتبار ليس معلقا على الش$$رط و انم$$ا المعل$$ق
على الشرط في الواقع هو المعتبر ال$$ذي ل$$ه دخال$$ة في امض$$اء الش$$ارع ،و على ه$$ذا االس$$اس
يصح القول بان المعلق على الملك مثال او البلوغ او ما شاكل ذلك في الواقع و نفس االم$$ر ه$$و
ترتب االثر الشرعي على انشاء المتكلم ،اما ذات الكالم الذي هو صادر من المتكلم فهو معل$$ق
على شيء لم يعلق عليه في الواقع فمثال عندما يقول العاقد بعتك الكتاب ان كان ملكا طلقا لي ،
فالذي علق على الملك الطلق هو االنشاء و كالم العاقد و هو في الواقع ليس معلقا ،الن المعلق
على الملك القابل للتصرف ه$$و المعت$$بر الش$$رعي ال$$ذي ي$$ترتب علي$$ه االث$$ر ،و ه$$ذا ليس بي$$د
المتكلم والعاقد ،بل هو خارج عن يده فبالنسبة اليه ال تعليق في كالمه بلح$$اظ م$$ا ه$$و ليس من
وظيفته كما انه ال تنجيز و هذا تفريق بين الكالم الصادر من العاق$$د و بين المعت$$بر ،ف$$اذا ك$$ان
االمر كذلك ال يصح ان يقال ان المتكلم قد ابرز ما هو معلق في الواقع فسواء عل$$ق ام لم يعل$$ق
العقد معلق على الشرط فال يكون تعليقه موجبا للبطالن ،فقد اتضح جوابه الن ما هو معلق في
الواقع ليس هو وظيفة العاقد ،وما علق على الشرط وهو الكالم ليس معلقا في الواقع .
ثم بعد ذلك يقول انه على تقدير تمامية التوجي$$ه الب$$د ان نلتفت الى س$$عة البحث و ض$$يقه ،ففي
مورد التعليق على امر معلق عليه في الواقع يوجد صور :
االولى :ان يكون المتكلم عالم$ا بالع$دم ،أي بع$دم المعل$ق علي$ه ،كم$ا ل$و كنت اعلم ب$ان ه$ذا
الكتاب ليس لي .
الثانية :ان يكون المتكلم عالما بالتحقق ،كما لو كنت اعلم بانه لي .
الثالثة :ان يكون مشكوكا.
ال شك في خروج الصورة االولى ،الن العقد ان لم يبطل بالتعليق يبطل ببطالن المعلق عليه ،
وال ش$$ك في دخ$$ول الص$$ورة الثاني$$ة ،الن العلم ه$$و ال$$ذي ال تن$$افى م$$ع الج$$زم المعت$$بر في
المعاملة .
الكالم في الص$$ورة الثالث$$ة ،ق$$د يت$$وهم خروجه$$ا عن التوجي$$ه المتق$$دم لمناف$$اة الش$$ك وال$$تردد
للجزم ،اال ان هذا التوهم باعتقاد المصنف غير صحيح ب$$ل التوجي$$ه يش$$مل ه$$ذه الص$$ورة ،و
ذلك الن الشك في وجود المعلق عليه ال يضر في كون العقد في الواقع و نفس االمر معلقا على
الشرط وعليه فاذا صرح ب$$التعليق فق$$د ص$$رح بم$$ا ه$$و متحق$$ق في الواق$$ع ،فال يض$$ر بص$$حة
المعاملة.
150
بعد ان بين المصنف حكم االنواع المختلفة للتعليق و بيان ما يصح منها و ما ال يصح و بعد ان
عرفنا ان الدليل العمدة الشتراط التنجيز وابطال التعليق هو االجماع ش$$رع المص$$نف في ذك$$ر
بعض الوجوه االخرى المدخولة والتي استدل بها القوم :
الوجه االول :ان االنشاء ال يقبل التعليق ،توضيح االستدالل ان الكالم كم$$ا ه$$و معل$$وم ينقس$$م
الى خبر و الى انشاء ،ففي االخبار ال مانع من التعليق بل هو واقع كما لو قلت س$$وف اكرم$$ك
عندما تمطر الس$$ماء ،بينم$$ا في االنش$$اء االم$$ر ليس ك$$ذلك ل$$دوران ام$$ر االنش$$اء بين الوج$$ود
والعدم ،فاما ان يوجد االن واما ال ،وال معنى لوجوده معلق$$ا ،و ه$$ذا ناش$$ئ من ارتك$$از فك$$رة
االخطارية وااليجادية في مقام التفريق بين االخبار و االنشاء فلكون م$$رد االنش$$اء الى االيج$$اد
فاما ان يوجد او ال ،فال مجال للتعليق فيه.
يناقش المصنف رحمة هللا عليه في هذا الوجه بانه البد ان نتصوره فعندما يقال االنشاء ال يقبل
التعليق ال يخلو المراد من احد احتمالين :
االول :ان يقصد من االنشاء الكالم الذي يصدر من المتكلم ،فحينئ$$ذ يص$$ح الم$$دعى المتق$$دم ،
وهو ان االنشاء ال يقب$$ل التعلي$$ق ،الن الكالم الص$$ادر من المتكلم حص$$ل و تحق$$ق ،فال مع$$نى
للتعليق فيه ،ولكن النزاع ليس في تعلي$$ق الكالم الص$$ادر من المتكلم ،الن ال$$ذي ين$$افي الج$$زم
ليس هو مج$$رد اتي$$ان اداة تعلي$$ق في الكالم فه$$ذا الش$$ق وان لم يقب$$ل التعلي$$ق اال ان الكالم ليس
فيه .
الثاني :ان يقصد من عدم قابلية االنش$$اء للتعلي$$ق ان الملكي$$ة المنش$$أة ال تقب$$ل التعلي$$ق ،و ه$$ذا
الشق كالمنا فيه لكن ال نسلم انه ال يقبل التعليق ،بل التعليق في المنشئات واقع عرف$$ا و ش$$رعا
في المعامالت من العقود و االيقاعات ،والمتحصل ان االنش$$اء بمع$$نى ال يقب$$ل التعلي$$ق ال$$نزاع
ليس فيه ،و االنشاء بمعنى يكون النزاع فيه قابل للتعليق .
الوجه الثاني :ما يظهر من صاحب الجواهر رحمة هللا عليه ،حاصله :ان ظاهر قوله تعالى
اوفوا بالعقود الدال على سببية العقد لترتيب اثاره و مسببه يعني لو س$ألنا عن الس$بب في ل$$زوم
التسليم والتسلم لقلنا هو العقد ،وظاهر اوفوا بالعقود ان العقد يدل على ترتيب االث$$ر في الح$$ال
و ترتيب االثر في الحال يتنافى مع التعليق على امر في االستقبال .
يناقش المصنف رحمة هللا عليه في هذا الوجه بامور :
األول :ان هذا الوجه على تقدير تماميته يسلم في مثل اوفوا بالعقود ال في مثل اح$$ل هللا ال$$بيع،
و الناس مسلطون على اموالهم ،والفرق بين اوفوا بالعقود و بين احل هللا ال$$بيع ان$$ه في االولى
يدل على لزوم ترتيب االثر في الحال فيتنافى مع التعليق ،بينما احل هللا البيع يدل على امض$$اء
151
كل بيع و باطالقه يشمل البيع المنجز و البيع المعلق ،فغاية ما ي$$دل علي$$ه ه$$ذا الوج$$ه ه$$و ع$$دم
امكان تصحيح العقد المعلق باوفوا بالعقود ولكن يمكن تصحيحه بمثل احل هللا البيع.
68
المناقشة الثانية :لو تنزلنا و قلنا بانحصار دليل صحة العقد بمثل اوفوا بالعقود ،م$$ع ذل$$ك ف$$ان
اوفوا بالعقود تشمل العقد الذي ورد عليه التعليق ،و ذلك ببيان ان اوفوا بالعقود تدل على لزوم
الوفاء بكل عقد على حسب ما يكون عليه ،فان ك$$ان على التنج$$يز فيجب الوف$$اء ب$$ه في الح$$ال
وان كان على التعلي$ق فيجب الوف$اء ب$ه عن$د حص$ول المعل$ق علي$ه ،فالوف$اء اذا في ك$ل عق$د
بحسبه و ليس ذلك اال الن مرجع اوفوا بالعقود الى اوفوا بالعهود كما ورد في ص$$حيحة عبدهللا
بن سنان ان الصادق عليه السالم فسر االية باوفوا بالعهود ،و من المعلوم ان معاه$$دة االنس$$ان
لربه مثال يمكن ان تكون معلقه على حصول ام$$ر في المس$$تقبل ،فهك$$ذا الح$$ال في العق$$ود ،و
المتحصل ان الوفاء في كل شيء بحسبه.
وبكلمة اخرى :يحتمل من سببية العقد لمسبب ما احد احتمالين :
االول :ان يقصد من ذلك ان الفاظ الصيغة سبب لمدلولها.
و االحتمال الثاني ان يراد من ذلك ان الصيغة عند الشارع س$$بب ل$$ترتب االث$$ر المنظ$$ور ل$$دى
الشارع عليها ،ونعني باالثر كالملكية والزوجية و ما شبهها.
فان اريد من الس$ببية المع$نى االول فنس$لم ان العق$د والص$يغة ال يمكن ان يتخل$ف عن مدلول$ه
ضرورة ان نسبة اللفظ الى المع$$نى كنس$$بة االيج$$اد الى الوج$$ود ال يختل$$ف الم$$دلول عن معن$$اه
المستعمل فيه ،ولكن هذه السببية ال تنافي التعليق ،كما هو الحال في االوام$ر فل$و ق$ال المتكلم
اكرم زيدا ان امطرت السماء فان مدلول الكالم يحص$$ل بمج$رد االنته$$اء من$$ه و ان ك$$ان يوج$د
تعليق وان اريد المعنى الثاني هذا السببية بالمعنى الثاني يمكن ان نتصورها على نحوين:
النحو االول السببية التامة بان يكون العقد سببا تاما لتحقق االثر .
النحو الثاني السببية الناقصة بان يكون العقد جزء سبب لتحقق االثر فان اريد من السببية النحو
االول فالحق مع المستدل فان السببية التامة تتن$$افى م$$ع التعلي$$ق ،ولكن الس$ببية الناقص$$ة للعق$$د
كثيرة جدا فكثيرا ما نالحظ ان الملك يتخلف عن العقد بل يحصل بعد حصول شيء اخ$$ر ،كم$$ا
هو الحال في بيع الصرف والسلم ،حيث ان العقد يحصل و ال يحصل المل$$ك اال بع$$د التق$$ابض
في المجلس ،فالعقد جزء سبب والتقابض ه$و الج$زء االخ$ر ،ف$اذا امكن ان يك$ون عق$د ال$بيع
جزء سبب فال مانع من التعليق حينئذ.
152
المناقشة الثالثة :انه على تقدير تسليم الوجه الث$$اني المتق$$دم من الوج$$وه المدخول$$ة فه$$ذا ال$$دليل
يكون اخص من المدعى ،اذ المدعى هو ان التعليق في البيع مبطل مطلقا ،و ال$$دليل المتق$$دم ،
ال يثبت مبطلية التعليق في البيع مطلقا النه قد ركز الدليل المتقدم على مسالة ان التعليق يتن$$افى
مع سببية العقد ،ونحن في بعض االمثلة عندنا تعليق وال يتنافى مع سببية العقد ،كم$$ا في مث$$ل
قولنا بعتك ان قبلت فانه بمجرد حصول الجزء الث$اني من العق$د وه$و القب$ول يتحق$ق االث$ر فال
يتنافى التعليق في المثال مع سببية العقد.
المناقشة الرابعة :ايضا ترجع الى اخصية الدليل من المدعى فان من جمل$$ة ان$$واع التعلي$$ق في
البيوع التعليق على امر مشكوك الحصول في الحال ،كما لو ادعى ش$$خص الوكال$$ة ع$$ني ،و
اش$$ترى لي ش$$يئا وان$$ا نس$$يت التوكي$$ل ،ف$$اقول ان ك$$ان لي فق$$د بعت$$ه ،و ه$$و في الواق$$ع لي ،
فالتعليق هنا ال يتنافى مع سببية العقد ،والفرق بين هذا المثال و المثال في المناقشة الس$$ابقة ان
التعليق في هذا المثال مشكوك الحصول ،بخالفه في المثال السابق فانه معلوم الحصول ال اقل
من احد طرفي العقد وهو المشتري في المثال ،فاذا في ه$$ذا الن$$وع من ال$$بيع يق$$ع ال$$بيع ولكن$$ه
يكون مراعى بحصول الملكية كما هو الحال في العقد الفضولي .
المناقشة الخامسة :ايض$ا يش$ترك م$ع المناقش$تين الس$ابقتين فيك$ون ال$دليل اخص من الم$دعى
ولكن الفرق بين هذه المناقشة والسابقتين ان االخصية في السابقتين كانت بلحاظ ذات عقد البيع
بينما هنا بلحاظ سائر العقود ،تقريبها انه من الواضح ان القائل بامتناع التعلي$$ق في ال$$بيع قائ$$ل
بامتناع التعليق في مطلق العقود ،فالمدعى ال ينحصر بالبيع .
واالشكال ان كثيرا من العقود يكون العق$د فيه$ا ج$زء س$بب ال س$ببا تام$ا ،كم$ا ه$و الح$ال في
الوصية التمليكية بناءا على كونها من العقود ،ف$$ان ت$$رتب االث$$ر يك$$ون موقوف$$ا على الم$$وت ،
فالعقد حصل قبل الموت ولم يترتب عليه االثر ،وهكذا الحال في مثل الوقف على البطون ف$$ان
ملكية البطون المتأخرة تتوقف على انعدام البطون المتقدمة وهكذا الح$$ال في النك$$اح الفض$$ولي
بناءا على كون االجازة ناقلة .
وبهذا تم الكالم في الوجه الثاني .
الوجه الثالث :التمسك بتوقيفية االسباب الشرعية التي جع$$ل الش$$ارع س$$ببيتها ل$$ترتب االث$$ار ،
توضيح ذل$ك ان$ه ال ش$ك ان العق$ود المتعارف$ة بين الن$اس قب$ل الش$ارع ال تك$ون مش$روعة اال
بامضائها و االمضاء عبارة عن جعل مماثل و النتيجة ان سببية كل عقد متع$ارف تتوق$ف على
اذن الشارع و ال شك ان الق$$در الم$$تيقن من اذن الش$$ارع ه$$و العق$$د المج$$رد عن التعلي$$ق ،ام$$ا
المعلق فمشكوك فيندرج تحت اصالة الفساد الجارية في العقود .
يجيب المصنف عن هذا الوجه بم$$ا حاص$$له ان المقص$$ود من الق$$در الم$$تيقن ال يخل$$وا من اح$$د
احتمالين :
153
االحتمال االول :القدر المتيقن عن عروض السؤال و قبل البحث ،
الثاني :القدر المتيقن بعد البحث.
فان اريد االول فالحق مع المستدل النه عندما يطرح سؤال هل يجوز التعليق في العقود قبل ان
نبحث نعرف بان الق$در الم$تيقن ه$و العق$د المنج$ز ،و لكن بع$د ان نبحث و ن$رى اطالق ادل$ة
االمضاء الشاملة للمنجز و المعلق فال يبقى المنجز هو القدر المتيقن .
69
الكالم في ان الشاك في تحقق االثر هل يلحق عقده ب$التعليق ام ال ،ه$ذا البحث يرتب$ط ارتباط$ا
وثيقا في كون التنجيز من شرائط الصيغة ام ال ،فاذا قلنا ان التنجيز من شرائط الص$$يغة وليس
من شرائط العقد الواقعي المحكي عنه بالصيغة فحينئذ اذا وجد التعليق في اللفظ بطلت المعاملة
و ان لم يوجد تعليق في اللفظ ـ و ان كان العقد مبتنيا على شيء واقعا ـ فال تبط$$ل المعامل$$ة ،و
هذا البحث في مقامنا وقع محال للنقض واالب$$رام من قب$$ل المعلقين ،فت$$ارة اس$$تفاد البعض من
الشيخ انه يبني على ان التنجيز من شرائط الصيغة و اخ$$رى اس$$تفاد البعض ان$$ه يب$$ني على ان
التنجيز من شرائط العقد المحكي بالصيغة ،و كل من الطرفين استش$$هد لم$$دعاه ببعض مق$$اطع
من كالم الشيخ ،في البداية طرح الش$$يخ االنص$$اري ان العاق$$د اذا انش$$أ عق$$ده من غ$$ير تعلي$$ق
فيصح العقد و ان كان العاقد المنشئ مترددا في ترتب االثر شرعا ،ب$$ل وان ك$$ان عالم$$ا بع$$دم
ترتبه شرعا ،و يستفاد من مجموع كلماته ان الش$$اك و الع$$الم بالع$$دم يص$$ح عق$$ده ل$$و لم يعل$$ق
بشرطين :
الشرط االول ان يتأتى منه القصد في صورة شكه او علم$$ه بالع$$دم ،فل$$و لم يت$$أتى من$$ه القص$$د
فتبطل المعاملة ال للتعليق بل لعدم القصد الى مضمونها .
الثاني :ان ال يكون المشكوك او المقطوع العدم مما يتوقف عليه صحة العقد عرفا ،بمع$نى ان
ال يكون المشكوك دخيال في التس$$مية و العن$$وان فمثال في الطالق ال$$ذي ه$$و ايق$$اع ص$$دق ه$$ذا
العن$وان و ص$دق التس$مية عرف$ا يتوق$ف على ت$أخره عن وج$ود علق$ة زوجي$ة ،فل$و ش$ك في
الزوجية اثناء الطالق او قطع بعدمها فان المعاملة تبطل ،اما في صورة القطع بالعدم فواض$$ح
اذ ال يتأتى القصد فينتفي الشرط االول واما في صورة الشك في الزوجية فال يتأتى القص$$د الى
العقد المنجز بل يكون القصد الى الطالق معلقا في الواقع على تحقق الزوجية ،من ه$$ذا الكالم
نفهم بل يمكن التوفيق بين كلمات المصنف ،فنقول ان التنجيز ليس من شرائط الصيغة اللفظية
بل هي من شرائط الواقع غاية االمر كثيرا ما يكون التنجيز في اللف$$ظ كاش$$فا عن التنج$$يز في
الواقع ،و نفرق حينئذ بينما يتوقف عليه الص$دق و م$ا يص$دق العن$وان من دون$ه فم$ا يتوق$ف
عليه الصدق يكون العقد معلقا عليه في الواقع وان كان في مقام التعبير جاء بدون تعليق ،وم$$ا
ال يتوقف عليه الصدق في الواقع لو انشأ الصيغة بدون تعليق يكون العقد منجزا و صحيحا ،و
154
عليه فلو أراد العاقد ان يحتاط فبلحاظ ما ال يتوقف عليه الصدق واقعا يكفيه في االحتياط ان ال
يكون هنلك تعليق في الصيغة ،فمثال لو كان البائع شاكا في ملكية المبيع فمقتضى االحتياط ان
يقول بعتك الكتاب بدون تعليق في ظاهر الصيغة ،و الوجه في كون ذلك مقتضى االحتياط هو
ان التنجيز ال يخلو ام$ا ه$و من ش$رائط الص$يغة او من ش$رائط المنش$أ بالص$يغة ف$ان ك$ان من
شرائط الصيغة فهي بحس$$ب الف$$رض ج$$اءت منج$$زة و ان ك$$انت من ش$$رائط المنش$$أ بالص$$يغة
فالقعد بحسب الفرض ال يتوقف صدقه على ملكية المبيع و لذا يصدق على عق$$د الفض$$ولية ان$$ه
بيع .
اما اذا اردنا االحتياط فيما يتوقف صدق العنوان عليه كما ه$$و الح$$ال في الزوجي$$ة بالنس$$بة الى
الطالق و كما هو الحال في الرقي$$ة بالنس$$بة للعت$$ق فاالحتي$$اط في ه$$ذه الص$$ورة يك$$ون بتوكي$$ل
الجاهل بالحال فلو كنت انا لدي شك بالزوجية او قاطعا بعدمها فمقضى االحتياط اوكل ش$$خص
ال يعرف بحالي فيطلق فان كان التنجيز من شرائط الصيغة فالوكيل لم يعلق بحس$$ب الف$$رض ،
وان كان التنجيز من شرائط المنشا بالصيغة فالمفروض ان الوكيل ليس مرددا او قاطعا بالع$$دم
فيصح الطالق على كل تقدير.
ان قلت :انه ال نوافق على تحقق االحتياط الثاني بالطريقة الم$$ذكورة و ذل$$ك الن$$ه في الف$$رض
المزب$$ور يوج$$د معاملت$$ان االولى الوكال$$ة والثاني$$ة الطالق ،ف$$الطالق وان ك$$ان يق$$ع بالطريق$$ة
المشار اليها ،لكن يشكل االمر في الوكالة فان المفروض ان الموكل وكل بالقيام بفعل ال يملكه
،فاذا كان التعلق مبطال لها فيقع الطالق بدون وكالة .
قلت :اننا نسلم بان الوكالة باطلة ،لكن فساد الوكالة بواسطة التعليق ال يستوجب ارتفاع رض$$ا
الموكل و اذنه فيكفي في صحة الطالق عن االجنبي ان يكون ماذونا وان ك$$ان اذن$$ه ق$$د حص$$ل
من معاملة فاسدة ،فيصح طالق االجنبي حينئذ الن طالقه يحتاج الى ركنين كالهما متحقق في
البين :االول االذن الثاني ان يطلق بدون تعليق ال في الصيغة وال في المنشأ بها.
من جملة الشروط التي وق$$ع فيه$$ا الكالم التط$$ابق بين االيج$$اب والقب$$ول ومتعل$$ق التط$$ابق ه$$و
التطابق في المضمون من حيث خصوصياته ،فالبد ان يتوارد القبول على عين ما توارد عليه
االيج$$اب لم$$ا ع$$رفت من ان القب$$ول يحم$$ل مع$$نى المطاوع$$ة وهي ال تتحق$$ق اال باالتح$$اد
بالمضمون.
70
هذا الش$$رط من الش$$روط ال$$تي قياس$$اتها معه$$ا اذ انن$$ا عن$$دما نق$$ول العق$$د م$$ركب من االيج$$اب
والقبول فهذا يعني ان القبول رضا بذلك االيجاب وال يكون القبول رضا به ما لم يتطابق معه .
155
اال ان الكالم في االم$$ور ال$$تي يجب ان يحص$$ل التط$$ابق فيه$$ا ال ش$$ك ان االم$$ور الدخيل$$ة في
غرض المتعاقدين البد ان يحصل التطابق فيها من قبيل م$$ا يرتب$$ط ب$$المثمن والثمن و المال$$ك و
من يراد تمليكه .
اما االمور التي ال ترجع الى االختالف في المضمون والمقص$$ود النه$$ائي فال يض$$ر االختالف
فيها كما لو اوجب البائع البيع للوكيل عن موكله فقبل الموك$$ل ف$ان ه$$ذا الن$$وع من االختالف ال
يضر في شرطية التطابق اذ ان المقصود االصلي ه$$و تملي$$ك الموك$$ل و ق$$د حص$$ل ،والوكي$$ل
بمثابة االلة عن الموكل فاذا قبل الموكل صح العقد و ان لم يكن هنلك تط$$ابق في الظ$$اهر و ق$$د
ذكر الماتن فروعا متعددة لشرطية التطابق:
منه$$ا :ان ي$$بيع الب$$ائع للوكي$$ل لمص$$لحة موكل$$ه فيقب$$ل الوكي$$ل لمص$$لحته و عن نفس$$ه في ه$$ذه
الصورة يبطل العقد و ذلك لعدم التطابق في المقصود االصلي الن المالك والمملك له دخ$$ل في
اغراض العقالء عند البيع .
الفرع الثاني لو قال البائع لالصيل بعتك فامر االصيل وكيل$$ه ب$$القبول عن$$ه ص$$حت المعامل$$ة و
انعقدت لما ذكرناه من ان الوكيل مجرد اله عن الموكل.
الثالث لو قال البائع بعتك العبد ب 1000مثال فقال المش$$تري قبلت نص$$ف العب$$د ب ، 1000
في ه$ذه الص$ورة حكم الم$اتن بع$دم االنعق$اد وان ك$ان الثمن واح$دا و ذل$ك لع$دم التط$ابق في
المثمن .
الفرع الرابع :الصورة السابقة نفسها م$$ع ق$$ول المش$$تري قبلت نص$$فه بنص$$ف الثمن و ه$$ذه ال
تنعقد ايضا.
الفرع الخامس :لو ق$ال الب$ائع بعت$ك العب$د ب 100و ق$ال المش$تري قبلت ب 10دن$انير حكم
بعدم االنعقاد مع كون الدنانير ال 10تساوي الدراهم ال ،100الن القيمة وان كانت واح$$دة اال
ان االغراض قد تتفاوت بين الدراهم و الدنانير.
الفرع السادس ل$و ق$ال الب$ائع الث$نين بعتكم$ا العب$د ب 1000فقب$ل اح$دهما النص$ف بالنص$ف
واالخر لم يقبل ،لم يقع البيع .
الفرع : 7كسابقه في البيع لالثنين مع قبولهما كل واحد منهما قبل النصف بالنص$$ف ،في ه$$ذا
الفرع نفى الماتن البعد عن الجواز النه بالتالي الغرض تعلق ب$$بيع العب$$د وق$$د باع$$ه فلم يختل$$ف
المبيع ولم تختلف القيمة.
يشبه هذا الفرع وهو لو باع العبد ب 100فقبل المشتري كل نصف منه ب . 50
156
لكنه في ختام البحث استشكل في هذا الجواز و جمل$$ة من المعلقين ق$$ووا االش$$كال و ذهب$$وا الى
عدم الجواز.
منشأ االشكال هو ان المبيع على نحو المجموع فالتجزئة المذكورة تتنافى مع بيع المجموع بم$$ا
هو مجموع.
الشرط االخر هو اشتراط اهلية المتعاقدين معا حين العقد فالبد ان يقع االيجاب في وقت يك$$ون
المشتري له قابلية القبول كما انه البد ان يق$$ع القب$$ول في وقت يك$$ون الب$$ائع ل$$ه اهلي$$ة االيج$$اب
ومرجع ذلك الى ان االيجاب ليس من قبيل االشياء التي تحدث مع توفر الشروط فيها و تس$$تمر
وان انعدمت الشروط نظير العلل المحدثة غير المبقية ،كالبناء والمهندس.
هكذا الحال في جانب القبول ثم يوقع البحث في مقامين:
االول :ان تكون انتفاء القابلي$$ة فيهم$$ا او في اح$$دهما من ناحي$$ة ع$$دم قابلي$$ة التخ$$اطب كم$$ا ل$$و
عرض الموت او االغماء او الجنون او السكر .
المقام الثاني ان يكون عدم قابليتهما ناشئا من عدم اعتبار الشارع بكالمهما وان كان لهما قابلية
التخاطب كما هو الحال في الرقية و التحجير و ما شاكل ذلك.
اما الكالم في المقام االول فالوجه في هذا االشتراط واضح لتوق$$ف مع$$نى المعاه$$دة و المعاق$$دة
على هذا الشرط فان البائع لو اوجب بيع$$ه م$$ع ميت او ان المش$$تري قب$$ل بع$$د م$$وت الب$$ائع فال
تصدق حقيقة المعاقدة و مع عدم صدقها ال يشمله قوله تعالى اوفوا بالعقود .
ان قلت ان هذا الكالم ينقض عليه بالوصية فان الموصى له يقبل بع$$د م$$وت الموص$$ي فحص$$ل
القبول في وقت عدم قابلية الموجب .
قلت الوصية كما ذكر في محله على نحوين الوصية العهدية و الوصية التمليكية .
اما االولى فهي ليست بعقد اتفاقا ،فال ينقض بها ،واما الثانية فقد و قع الخالف فيها .
و التحقيق انها ليست بعقد و هذا القبول ليس ركنا بل هو شرط و ذلك الن مرج$$ع الوص$$ية الى
االيصاء و المراد من االيصاء هو جع$$ل م$$الي للغ$$ير و بم$$ا ان قاع$$دة الس$لطنة تقتض$$ي حري$$ة
المال$$ك ب$$اخراج مال$$ه عن ملك$$ه لكن قاع$$دة الس$$لطنة ال تل$$زم الغ$$ير بقب$$ول ملك$$ه فاحتجن$$ا الى
القبول ،و عليه فالوصية التمليكية ايقاع يؤثر اثره بشرط القبول .
المقام الثاني :لو كان عدم القابلي$$ة لتنزي$$ل الش$ارع رض$$اهما منزل$$ة الع$$دم اس$تدل الم$$اتن على
اعتبار هذا الشرط في هذا المقام ايضا بتوقف صدق مفهوم المعاقدة و المعاهدة عليه فلو اوجب
البائع في حال كان حرا ثم قبل تحقق القبول انتقل البائع من الحرية الى الرقية و المف$$روض ان
157
العبد كل على مواله ال يقدر على شيء فقبوله منزل منزلة الع$$دم و حينئ$$ذ ال يتحق$$ق التعاه$$د و
التعاقد فتبطل المعاملة.
71
بعد ذلك يذكر المصنف االصل في جميع تلك الفروع ال$$تي تق$$دمت ،و ي$$رى ان المس$$ألة يمكن
ان توجه من خالل االلتفات الى ان الموجب لو فسخ قبل قب$$ول القاب$$ل ،فه$$ل يب$$نى على لغوي$$ة
االيجاب السابق او عدم لغويته ،فان بنينا على عدم اللغوية فهذا يعني ان الحادث مستمر بينم$$ا
ل$$و بنين$$ا على اللغوي$$ة فيع$$ني ان الح$$ادث كم$$ا يحت$$اج في حدوث$$ه الى عل$$ة فيحت$$اج في بقائ$$ه
واس$تمراره الى عل$ة ايض$ا وبم$ا ان الفقه$اء اتفق$وا على ان فس$خ االيج$اب قب$ل القب$ول يجع$ل
االيجاب السابق الغيا فهذا يعني ان االيجاب بحاجة الى علة محدثة و مبقية ،و من هنا نس$$تفيد
عدم كفاية قابلية الموجب لاليجاب عند ايجابه مع فرض فقد القابلية عند القب$$ول ،الن$$ه ال يكفي
الحدوث بل البد من االستمرار فاذا الحكم بالغاء الفسخ لاليجاب المتقدم يكشف عن ل$$زوم ك$$ون
قابلية الموجب مستمرة الى حين القبول .
ثم بعد ذلك يرجع الى ذكر فروع للمسالة فمن جملة الفروع التي يذكرها ترتبط بمس$$الة الرض$$ا
فل$و فرض$نا ان المش$تري في زم$ان االيج$اب لم يكن راض$يا او ال قيم$ة لرض$اه كم$ا ل$و ك$ان
صغيرا فال يكفي لتصحيح المعاملة ان يكون راضيا و قابال حين القبول لفقد الشرط الم$$ذكور ،
هذا المثال االخير يمكن ان ننطلق من$ه لبي$ان اش$كالية في المق$ام حيث ان الفقه$اء تعرض$وا في
كتبهم الفقهية لبيع المكره فذكروا ان المكره لو انشأ البيع و قبل المشتري ثم رضي المك$$ره بع$$د
ذلك صحت المعاملة فالر ضا المتأخر عن القبول كاف في تصحيح المعاملة ،و هذا يتنافى
مع ما تقدم حيث اثبتنا ان جميع الشروط الدخيلة في القابلية البد ان تكون متوفرة حين االيجاب
و حين القبول من كل واحد منهما .
يجيب الماتن عن هذه االشكالية بان القاع$$دة المس$$تفادة من الش$$رط المتق$$دم تقتض$$ي بطالن بي$$ع
المكره لكن يكون بيع المكره قد خرج عن عموم القاعدة باالجماع ،وال يس$$توجب الخ$$ارج عن
عموم القاعدة بدليل خاص بطالن القاعدة ،و اال لل$$زم ان ال تبقى قاع$$دة في الوج$$ود اذ م$$ا من
عام اال و قد خص ولكل قاعدة استثناء .
فرع :في هذا الفرع يتناول الماتن صورة االختالف بين المتعاقدين في شرائط العقد اجتهادا او
تقليدا كم$$ا ل$$و فرض$$نا ان الم$$وجب يعت$$بر العربي$$ة و القاب$$ل يكتفي ب$$اي لغ$$ة ف$$اوجب الم$$وجب
بالعربية و قبل القابل بالفارسية ،فهل تصح المعاملة م$$ع ه$$ذا االختالف قب$$ل بي$$ان الوج$$وه في
المسالة البد ان نسلط الضوء على وجه ارتباط هذا الفرع بالشرط الذي تقدم .
158
نقول هذا فرع لتمام الشروط ال للشرط السابق فبعد ان اعتبرنا شروطا معينة يقع الكالم ان هذه
الشروط المتقدمة المعتبرة هل يشترط اضافة عليها اتح$اد الب$$ائع والمش$تري في الش$روط او ال
فيرجع هذا الفرع الى وجود شرط زائد على بقية الشروط .
في المسالة وجوه : 3االول جواز االكتفاء بالمعامل$$ة م$$ع االختالف بين المتعاق$$دين اجته$$ادا او
تقليدا.
الوجه الثاني عدم الصحة مطلقا .
الوجه الثالث التفصيل بين نوعين من االختالف النوع االول االختالف الذي ي$$ؤدي الى وج$$ود
مركب ال يقول به اح منهما فتكون المعاملة باطلة .
النوع الثاني االختالف المؤدي الى وجود مركب يقول احدهما بصحته .
مثال االول كما لو اختلفا في العربية و الفارسية ومن جهة اخرى اختلفا في اشتراط الماض$$وية
فالبائع يرى اشتراط العربية والمشتري ال يرى ،والمشتري يرى اش$$تراط الماض$$وية والب$$ائع
ال يرى ،فاوجب البائع بالمضارع العربي وقبل المشتري بالماضي الفارس$$ي ه$$ذا الم$$زيج ليس
صحيحا عند البائع او المشتري.
مثال النوع الثاني ان يكون االختالف واعقعا ف شرط واحد ،الثالث بالتفصيل بين ان يك$$ون
هنلك من ييقول به ،وه$$و اردأ الوج$$وه والوج$$ه في ردائت$$ه ان وج$$ه التفص$$يل ال يخل$$و ام$$ا ان
يرجع الى دليل خاص او الى قاعدة او الى التمسك باالجماع المركب والجميع باطل .
اما الدليل الخاص فلعدمه ،واما القاعدة فكذلك لعدم وجود قاع$$دة في ب$$اب المع$$امالت تقتض$$ي
تناول هذا الفرع ،بل سوف يأتي ان القاعدة االصولية تقتضي احد القولين االولين .
واما االجماع المركب فمضافا الى االشكاالت العامة في مطلق االجماع ه$$ذا االجم$$اع الم$$دعى
فيما نحن فيه ليس هو المقصود باالجماع المركب اذ ه$و ن$اظر الى اتف$اق االم$ة على نفي ال3
واالمر ليس كذلك فيما نحن فيه.
اما الوجهان االوالن فينشئان من مسالة بحثت في علم االصول حاصلها ان االحك$$ام الظاهري$$ة
التي هي محل اجتهاد المجتهد وتقلي$د المقل$د ه$ل هي من قبي$ل االحك$ام الواقعي$ة االض$طرارية
بحيث تكون االحكام كلها واقعية غاية االمر تنقسم االحكام الواقعي$$ة الى واقعي$$ة اولي$$ة وواقعي$$ة
ثانوي$$ة ،والثانوي$$ة عب$$ارة عن تعن$$ون المكل$$ف بعن$$وان ع$$ارض علي$$ه اعم من ان يك$$ون ه$$و
االضطرار او الجهل والشك فالحكم الظاهري حكم واقعي غاية االمر حكم واقعي ثانوي .
وان الحكم الواقعي بجميع انحائه يكون العنوان بمثاب$$ة الس$$بب والموض$$وع والمب$$نى االخ$$ر ان
االحكام الظاهرية صرف احكام عذرية فال تكون عذرا اال بمن امن بها اجتهادا او تقليدا ،فان
159
اخذنا بالمبنى الثاني فينبغي ان نقول في الفرع المتقدم ان المعاملة باطل$$ة الن من اجته$$د او قل$$د
في اشتراط العربية ال يكون معذورا في العقد الفارسي بخالف مبنى االول فانه لما نزلن$$ا الحكم
الظاهري منزلة الحكم االضطراري فكما ان الصحيح النط$$ق ل$$و تعاق$$د م$$ع االخ$$رس ف$$اوجب
صحيح النطق باللف$$ظ وقب$$ل االخ$$رس باالش$$ارة تص$$ح المعامل$$ة فك$$ذلك فيم$$ا نحن في$$ه الن من
يشترط العربية يكون حكمه الواقعي بالنسبة اليه هي العربية وال يؤثر عليه كون االخ$$ر حكم$$ه
الواقعي االنشاء بغير العربية فتصح المعاملة.
اذا اتضح ان منشأ االشكال والنزاع هو حسم هذه المسالة المحررة في علم االصول.
71
يقسم المصنف الشراط المختلف فيها الى : 2االول الشرائط التي لو وق$ع االختالف فيه$ا الدت
الى كون بطالن العقد مس$تندا الى فع$ل اح$دهما كش$رطية العربي$ة فل$و ان من يش$ترط العربي$ة
اوجب بالعربية و االخر غير المشترط قبل بغير العربية فحينئ$$ذ يك$$ون س$$بب بطالن العق$$د ه$$و
فعل احدهما استنادا الى اجتهاد االخر او تقليده ،الصنف الثاني ما كان بطالن العقد مستندا الى
االخالل بالمجموع كما هو الحال في مث$$ل ش$$رطية الم$$والة و التنج$$يز فل$$و ان الم$$وجب اوجب
العقد و ت$أخر المش$تري في انش$اء القب$ول ت$أخرا يخ$ل ب$الموالة و ك$انت الم$واالة ش$رطا عن$د
الموجب و ليست كذلك عن$$د القاب$$ل ففي مث$$ل ه$$ذه الص$$ورة تك$$ون عب$$ارة الم$$وجب ق$$د فس$$دت
فيحتاج الى ان يكررها فمع عدم تكرارها يكون العقد في الواقع يبطل لعدم تركب$$ه من االيج$$اب
والقبول والفرق بين هذا القسم و سابقه انه في القس$$م االول الفس$$اد يس$$تند الى فع$$ل اح$$دهما في
هذا القسم يستند الفساد لعدم تحقق اركان العقد و لع$دم ك$ون المعامل$ة ق$د ت$ركبت من ايج$اب و
قبول ،فيستند الفساد حينئذ الى فعل كليهما الن الموجب حس$$ب الف$$رض ك$$ان علي$$ه ان ي$$وجب
ثانية بعد االخالل بالمواالة و لم يفعل من القسم االول ع$$د الم$$اتن اش$$تراط الص$$راحة والعربي$$ة
والماضوية والترتيب و في القسم الثاني ادرج المواالة والتنجيز و بق$$اء المتعاق$$دين على ص$$فاة
الصحة ،في القسم االول يكون العقد فاسدا لفساد ركن بينما في القسم الثاني يكون العق$$د فاس$$دا
لفساد ركني المعاملة ،لكن هنا اشكال قد يسجل حاصل االشكال انه ال نرى فرق$$ا بين ال$$ترتيب
و بين المواالة ،فكما ان الموالة شرط قائم بالطرفين كذلك ال$$ترتيب ش$$رط ق$$ائم ب$$الطرفين الن
الترتيب عبارة عن تقدم االيجاب و تأخر القبول ،و التقدم والتاخر من الصفات المتضايفة التي
ال تقوم اال بالطرفين ،فلو قدم القبول و اخر االيجاب الستند البطالن الى فعل المجموع .
لكن بالتامل فيما ذكره الماتن في شرطية الترتيب يتضح الج$$واب عن ه$$ذا االش$$كال ف$$ان منش$$أ
بطالن االخالل بالترتيب عند الماتن عبارة عن ان القبول المتقدم ال يتضمن انش$$اء الرض$$ا الن
الرضا البد ان يكون مطاعا لشيء حصل فالذي يشترط في الواقع تأخر القبول ال تقدم االيجاب
وان كان الزم تأخر القبول تقدم االيجاب لكنه ليس ش$$رطا الن االيج$$اب يقب$$ل انش$$اء مض$$مونه
160
تقدم او تأخر النه ال يوجد فيه معنى المطاوع$$ة بخالف القب$$ول و علي$$ه فيك$$ون البطالن منتس$با
الى فعل القابل ال الى فعل الموجب ،
ربما يكون االمر بالتامل يش$$ير الى ان العق$$د وان بط$$ل في الف$$رض لكن يمكن ان يص$$حح عن
طريق كون المعاطاة قد تحصل بالفعل الذي اختل فيه شرائط الصيغة وقد تقدم عن$د الم$اتن ان$ه
اختار كون المعاطاة عقدا الزما ،وربما يك$$ون اش$$ارة الى ان م$$ا ذك$$ر في القس$$م الث$$اني ال يتم
دائما فمثال لو كان التعليق من جانب القابل ال الموجب بحيث ق$$ال القاب$$ل بعت$$ك الكت$$اب منج$$زا
فقبل المشتري معلقا في هذه الصورة يستند البطالن الى فعل القابل ال الى المجموع.
احكام المقبوض بالعقد الفاسد
يعتبر هذا البحث من امهات مباحث البيع ،والوجه في التعرض لهذه المس$$الة في المق$$ام اع$$ني
بعد االنتهاء من شرائط العقد والصيغة واضح باعتبار انه باختالل الشرائط يصبح العق$$د فاس$$دا
فيقع الكالم عن احكام المقبوض بالعقد الفاسد .
هنلك احكام متعددة تترتب على المقبوض بالعقد الفاسد منها ما هو تكليفي ومنها ما هو وضعي
فمثال من االحك$$ام التكليفي$$ة وج$$وب ال$$رد ف$$ورا ،ومن جمل$$ة االحك$$ام الوض$$عية ع$$دم ملكيت$$ه
للمقبوض بالعقد الفاسد ،في االبتداء تعرض الماتن لحكمين :الحكم االول :ع$$دم تحق$$ق المل$$ك
ودليله في غاية الوضوح ،الن الكالم عن العقد الفاسد وواضح انه ال يؤدي الى الملك .
الحكم الثاني الضمان والضمان يطلق على احد معن$$يين :المع$$نى االول ض$$مان التل$$ف المع$$نى
الثاني ضمان االتالف ،ال اشكال وال بحث في ض$$مان االتالف ،ض$$رورة اندراج$$ه بوض$$وح
تحت قاعدة من اتلف مال الغير .وانم$$ا الكالم في المق$$ام في ض$$مان التل$$ف اس$$تدل الم$$اتن على
ضمان التلف بوجوه :
الوجه االول االجماع ويستفاد ذلك من كالم الش$$يخ ص$$راحة و كناي$$ة ،وهك$$ذا يس$$تفاد من ابن
ادريس دعوى االجماع الن$ه ق$ال في الس$رائر ان ال$بيع الفاس$د يج$ري عن$د المحص$لين منزل$ة
الغصب ،فسوى بين البيع الفاسد والغصب و في عملية التنزيل ال اق$$ل ان الم$$نزل ياخ$$ذ الحكم
االب$$رز للم$$نزل علي$$ه ،والحكم االب$$رز للغص$$ب ه$$و الض$$مان ،وعن$$دما نس$$ب المس$$الة الى
المحصلين تكون ظاهرة في اجماع العلماء واصرح من$$ه نس$$بة ذل$$ك من$$ه في موض$$ع اخ$$ر الى
اصحابنا.
الدليل الثاني النبوي المشهور الوارد عن طريق ابن جندب قال على اليد ما اخذت ح$$تى ت$$ؤدي
و سياتي في المباحث القادمة ان الماتن يجبر ضعف سند الحديث بعم$$ل المش$$هور ب$$ه ،ام$$ا ان
الحديث ضعيف السند فهو من الواضحات لكون الراوي هو ابن جندب الناصبي المعادي اله$ل
البيت بل غ$$ير المطي$$ع للن$$بي االعظم ص$$لى هللا علي$$ه وال$$ه في حيات$$ه في قض$$ية ال ض$$رر وال
161
ضرار ،اما مسالة الجبر فواضح فان المشهور عملوا بهذا الحديث وانما الكالم في داللته لقائل
ان يقول ان الخبر اجنبي عن الضمان النه ن$$اظر الى الحكم التكليفي بقرين$$ة قول$$ه "على" فان$$ه
نظير هلل على الناس ،و كتب عليكم الصيام و ما ش$$اكل ذل$$ك ول$$ذا اخت$$ار ش$$يخ الطائف$$ة ان ه$$ذا
الحديث ناظر الى وجوب الرد و هذا شيء والض$$مان ش$$يء اخ$$ر ،وال$$نراقي رحم$$ة هللا علي$$ه
بقرينة على جعله ناظرا ايضا الى الحكم التكليفي ال المتعلق بالرد بل بالحفض من هن$$ا نالح$$ظ
ان المصنف لم يناقش في احد الرأيين وانما ناقش في الج$$امع و ه$$و ان تك$$ون للحكم التكليفي ،
وان كان كالم الطوسي يرد عليه اشكال وهو ان الرد جعل في الخبر غاية فال مع$$نى الن يق$$ال
يجب عليك الرد الى ان ترد ،والوجه في المناقشة في الحكم التكليفي ان م$$ا جع$$ل قرين$$ة علي$$ه
ليس بقرين$$ة الن على تك$$ون على ن$$وعين ت$$ارة ت$$دخل على الفع$$ل كقول$$ه كتب عليكم الص$$يام
واخرى تدخل على المال والعين فاذا دخلت على االول فهي تدل على التكليف ام$$ا على الث$$اني
كقوله له علي دين ،فغاية ما تدل عليه هو دخول المال في العهدة اما بنفسه او ببدله و ه$$ذا ه$$و
الضمان.
72
البحث في الدليل الثاني و هو التمسك بقاعدة على اليد ما اخذت و تقدم االشكال على االس$$تدالل
بظهور القاعدة في الحكم التكليفي بقرينة االستعالء واجاب المصنف عن هذا االشكال ب$$وجهين
األول التفريق بين على التي تدخل على الفعل الصادر من المكلف و بين على التي ت$$دخل على
االموال واالعيان ،فاالولى تكون ظاهرة في الحكم التكليفي كاالمثلة المتقدمة والثاني$$ة ال نس$$لم
ظهورها في الحكم التكليفي بل هي ظاهرة في الحكم الوضعي كما يقال ل$$ه علي م$$ال ف$$ان ه$$ذا
التعبير يدل على اشتغال ذمة المستدين بمال لص$$احب ال$$دين وال يم$$انع ان يس$$تفاد التكلي$$ف من
باب االلتزام لكنها ابتداءا ظاهرة في الحكم الوضعي .
الوجه الثاني يرج$$ع الى ان االص$$حاب والفقه$$اء س$$وى من ذكرن$$ا كالش$$يخ الطوس$$ي وال$$نراقي
استدلوا بهذه القاعدة في موارد الحكم الوضعي فيكون عم$ل االص$حاب ج$ابرا لض$عف الدالل$ة
في الحكم الوضعي لو كان او لتقوية االستظهار في الحكم الوض$$عي ل$$و ك$$انت الرواي$$ة في ح$د
ذاته$$ا مجمل$$ة ،وعلى ه$$ذا االس$$اس يص$$ح ان نتمس$$ك بقاع$$دة على الي$$د إلثب$$ات الض$$مان على
الصغير مع انه لو كانت القاعدة ظاهرة في الحكم التكليفي ال مج$$ال لش$$مولها للص$$غير ،نعم ال
نقصد من الصغير مطلق الصغير وان لم يكن شاعرا و مميزا بل الصغير لذي تك$$ون ي$$ده على
الشيء قوية اما مسلوب الشعور فيده بمثابة العدم فال تشملها القاعدة فالص$$بي المم$$يز بمقتض$$ى
القاعدة يضمن و بهذا تم الكالم في الدليل الثاني.
الدليل الثالث الذي يمكن ان يتمسك به في المقام ما ورد في ضمان المنافع غير المستوفاة حيث
سئل االمام عليه السالم عن رجل ابتاع امة فاولدها ثم تبين انها مسروقة و جاء ص$$احبها فحكم
االمام عليه السالم ان الجارية ترجع لصاحبها و يأخذ المشتري الولد مع ضمان قيمته لصاحب
162
الجارية ،وله ان يرجع الى من باعه الجارية ،محل الشاهد هو تضمين قيمة الولد للمش$$تري ،
توضيح االستدالل هو ان الجارية كان لها نم$$اء وه$$و الول$$د ولكن ه$$ذا النم$$اء من المن$$افع غ$$ير
المستوفاة لكون نطفته قد انعقدت على الحرية لكون النطفة تلحق باالب في الحرية والرقية ،او
باشرف االبوين و عليه فال يقابل بالمال وليس كاستعمال الجاري$$ة في الخدم$$ة فان$$ه من المن$$افع
المستوفاة لكن باعتبار ان النطفة بانعقادها ح$$رة ق$$د ف$$ات على المال$$ك االص$$لي االنتف$$اع بالول$$د
فتضمين الشارع له للولد بقيمته مع كونه نماءا للجارية يستلزم ضمان الجارية لو تلفت من باب
اولى.
وبعبارة اخرى كالمنا عن ضمان المبيع بالبيع الفاسد والجارية في المثال هي الم$$بيع ولكنه$$ا لم
تتلف ولكن باعتبار تضمين الشارع للنم$$اء ال$$ذي ه$$و من تواب$$ع االص$$ل فنس$$تفيد باالولوي$$ة ان
االصل يضمن لو تلف.
ان قلت :ان هذا الخبر يدل على الض$$مان في النم$$اء ونس$$لم ان ض$$مان النم$$اء يس$$تلزم ض$$مان
االصل لكن الكالم في منشأ الضمان هل ه$و التل$$ف ام االتالف ،و نحن ن$$رى ان الخ$بر ن$$اظر
الى االتالف وال اشكال في الضمان باالتالف لدخوله تحت قاع$$دة من اتل$$ف و الوج$$ه في ك$$ون
الخبر ظاهرا في االتالف ان النطفة التي انعق$$دت في الجاري$$ة هي من تواب$$ع الجاري$$ة فكم$$ا ان
الجارية ملك لصاحبها فالنطفة كذلك لكن بعروض الحرية على النطفة بواسطة المشتري يكون
قد اتلفها على صاحب الجارية ،فالرواية ن$اظرة الى اتالف النم$اء وم$ا ينفعن$ا ه$و نظره$ا الى
تلف النماء ،يجيب المصنف عن هذا االشكال ان االتالف لغة و عرفا ظاهر في اع$$دام الش$$يء
وفيما نحن فيه النطفة لم يطرأ عليها العدم غاية االمر الشارع المقدس جعلها واعتبره$$ا ح$$رة ،
فهذا ال يصدق عليه انه اتالف بل يصدق عليه انه تل$$ف الن$$ه خ$$ارج عن فع$$ل ص$$احب النطف$$ة
وهو الواطيء في ختام البحث يأمر المصنف بالتامل الحتمال ان يك$$ون التعلي$$ل الم$$ذكور غ$$ير
كاف في اخراج المورد عن حكم االتالف فقد يقال انه نظير تحوي$$ل الخ$$ل الى خم$$ر ،فان$$ه في
تحويله الى خمر الذي حكم بزوال ملكيته هو الشارع لكن مع ذلك يجري علي$$ه حكم االتالف ،
او ربما يكون اشارة الى انه ل$$و س$$لمنا ك$$ون الم$$ورد من م$$وارد التل$$ف لكن م$$ع ذل$$ك ال يص$$ح
االستدالل به لما نحن فيه الن الكالم فيما نحن فيه عن فساد العقد الختالل بعض ش$$رائطه وفي
مورد الرواية تبين وجود غاصب فالحكم بالض$$مان في م$$ورد الخ$$بر ال يالزم الحكم بالض$$مان
فيما نحن فيه وبما ان الغالب في فافهم هو التقوية ال التضعيف فمن الممكن ان يكون اشارة الى
الجواب عن هذين االشكالين اما االول فقياسه مع الفارق ،فان وطيء المشتري للجارية ج$$ائز
بينما التحويل المذكور غير جائز ولو من مالكه ،ولذا يعتبر مع االلتلفا ت الى الحرم$$ة ان$$ه من
االتالف وال يرد اشكال االيراواني .
اما الثاني فان مورد الرواية من موارد اختالل الشرط فان البائع باع ما ال يملك مع عدم اج$$ازة
المالك فكان البيع فاسدا.
163
وص$$ل الكالم الى البحث عن قاع$$دة م$$ا يض$$من بص$$حيحة يض$$من بفاس$ده ال ب$$د ان يتض$$ح لن$$ا
موقعية هذا البحث في بحث المقب$وض بالعق$د الفاس$د ظ$اهر المتعرض$ين لش$رح المتن ان ه$ذا
البحث يعت$$بر على بعض التق$$ادير دليال رابع$$ا على الض$$مان الن قاع$$دة م$$ا يض$$من اذا لم يكن
مدركها قاعدة على اليد المتقدمة فتصلح دليال رابعا على الض$مان بخالف م$ا ل$و ك$ان م$دركها
قاعدة على اليد فانها ال تصلح دليال رابعا ولكن ظاهر سوق العبارة ان موقعية قاعدة ما يضمن
ليس في مقام ابراز دليل ، 4بل في مقام بيان موارد الضمان و عدمه.
تقريبه ان مقتضى الوجوه المتقدمة هو ان الضمان ال يختص ب$$البيع ب$$ل يس$$تفاد مم$$ا تق$$دم ان
مطلق ما يؤخذ بالعقد الفاس$$د ول$$و لم يكن بيع$$ا ه$$و الض$$مان و ه$$ذا االطالق يتن$$افى م$$ع عكس
قاعدة ما يضمن حيث ان عكسها ي$$رى ان م$$ا ال يض$$من بص$$حيحه ال يض$$من بفاس$$ده فمن هن$$ا
دخل في البحث عما يضمن و عما ال يضمن .
ثم ان هذه القاعدة بالفاظها غير موجودة في الروايات بل غير موجودة في كلم$$ات الفقه$$اء قب$$ل
العالمة نعم تستفاد ضمنا من بعض كلمات الشيخ الطوس$$ي ،وحاص$$ل تعليل$$ه للض$$مان ان ك$$ل
طرف لمعاملة يقدم على ضمان العين باحد انحاء 3فالبد ان يض$$من النح$$و االول االق$$دام على
الضمان بالقيمة الواقعية ،الثاني االق$$دام على الض$$مان بالمس$$مى الث$$الث االق$$دام على الض$$مان
بالقيمة االعلى من احدهما فحينئذ ك$$ل من اق$$دم على ش$$يء باح$$د ه$$ذه االنح$$اء فالب$$د ان يك$$ون
ضامنا في صورة فساد المعاملة.
73
الكالم في الحديث عن قاعدة ما يضمن و عكسها والبحث فيها في نقاط النقطة االولى في شرح
مفرداتها و قبل الدخول في ذلك نتعرض الشكال اشار اليه االخوند في تعليقته على المكاسب و
تبعه عليه اكثر من تأخر عنه ،حاصل االشكال ان هذه القاعدة بالفاظها لم ترد في آية او رواية
بل وال في معاقد اجماعاتهم لما عرفت من انها برزت بهذه االلفاظ في زمن العالمة ،فان كان
االمر كذلك فال معنى للبحث عن مفرداها وال تظهر الثمرة في ذلك بل علينا مباشرة ان نص$$ب
البحث على مدرك هذه القاع$$دة فمثال من جمل$$ة البح$$وث ال$$تي ترتب$$ط بش$$رح مف$$ردات القاع$$دة
البحث عن المراد من الضمان و هل هو الض$$مان ال$$واقعي ام ان$$ه الض$$مان الجعلي ،ينبغي ان
نكون في سعة الضمان و ضيقه تابعين لمدرك هذه القاع$$دة س$واء س$اعد اطالق اللف$$ظ على م$$ا
ينسجم مع المدرك ام لم يساعد فالعمدة اذا هو البحث عن مدرك القاع$$دة ال عن دالل$$ة مفرداته$$ا
و هذا بخالف سائر القواعد التي وردت الفاظها في ضمن روايات كقاعدة على الي$$د م$$ا اخ$$ذت
فانه يوجد ثمرة للبحث عن المراد من اليد مثال و هل المقصود منها يد العدوان ام يد االمان$$ة ام
االعم منهما ،النه باالخير يرجع الى االستظهار من كالم المعصوم واالستظهار من المدرك و
ما نحن فيه االمر ليس كذلك لعدم ورودها بهذه االلفاظ في كلمات المعصومين .
164
االنصاف ان هذا االشكال فني ،ولكن مع ذلك يمكن االعت$$ذار عن الش$$يخ في التع$$رض لش$$رح
المفردات بما حاصله ان البحث عن المفردات كما سوف نالحظ ينحل الى نحوين :
النحو االول :البحث عن المفردات بما ينسجم مع مدرك القاعدة ،فمثال عندما بحث عن المراد
بالضمان وانه الغرامة الواقعية ال الجعلية يرجع ذلك الى ان أي دليل من ادل$$ة ه$$ذه القاع$$دة ق$$د
ورد فيه لفظ الضمان فالبد ان يكون الفقهاء القائلون بهذه القاعدة يقصدون من الضمان عين ما
ورد في دليل القاعدة والبالتي يرجع البحث عن مفردة القاعدة الى البحث عن مفردة المدرك .
النح$$و الث$$اني البحث عن بعض المف$$ردات المختص$$ة بالقاع$$دة من دون ارتباطه$$ا بالم$$درك
كالبحث عن المقصود من العموم المستفاد من ما الموصولية.
بالنس$$بة للنح$$و االول ال اش$$كال على الش$$يخ لرجوع$$ه الى البحث عن مف$$ردات الم$$درك وام$$ا
بالنسبة الى النحو الثاني فيمكن الدفاع عن الشيخ بان البحث عن مثل هذه المفردات مرجعه الى
البحث عن مراد الفقهاء من القاعدة ليعرض هذا المراد على الم$$دارك ل$$يرى ه$$ل تس$$اعد علي$$ه
االدلة ام ال .
بعدها يتعرض الشيخ لمفردات :
المفردة االولى :العق$$د ،وال بحث لن$$ا في مفهوم$$ه لكون$$ه اتض$$ح من المب$$احث المتقدم$$ة وانم$$ا
البحث مصداقي هل يش$مل العق$$د والج$ائز ام ان$$ه يختص ب$$العقود الالزم$$ة ،يخت$$ار الش$يخ ان
المراد من العق$$د في المق$$ام معن$$اه الوس$$يع و علي$$ه في$$دخل في القاع$$دة ام$$ور : 4االول :العق$$د
الممحض في العقدية مع كونه الزما مثل البيع ،الثاني :العق$$د الممحض في العقدي$$ة م$$ع كون$$ه
جائزا مثل الهبة ،الثالث ما اختلف في عقديته مع كونه فيه شائبة االيقاع كالجعالة فعند البعض
ان الجعالة من االيقاعات لعدم تقومه$$ا ب$$القبول ب$$ل تتك$$ون من االيج$$اب فق$$ط وعن$$د البعض ان
االقدام على العمل بمقتضى الجعالة ه$$و القب$$ول فتك$$ون عق$$دا لكن غاي$$ة االم$$ر ال يش$$ترط فيه$$ا
شروط العقد كالمواالة بين االيجاب والقبول ،االمر الرابع ما كان في الواقع ايقاعا لكن عرض
عليه ما هو من شؤون العقود كالخلع فان الخلع عبارة عن طالق مع ب$$ذل فمن ناحي$$ة كون$$ه من
اقسام الطالق فهو ايقاع و من ناحية تقومه بالبذل الذي يحتاج الى موافقة الط$$رفين ففي$$ه حيثي$$ة
العقد ولكن لما كان المقصود االصلي منه هو ايجاد البينونة بين الرجل والم$$رأة المختلع$$ة ك$$ان
اقرب الى االيقاع منه الى العقد فاذا لفظ العق$$د ال$$وارد في القاع$$دة يقص$$د من$$ه الج$$امع بين ه$$ذه
االمور ،وليس ذلك للتمسك باطالق الكلمة ليقال انها لم ترد في كالم معصوم بل ه$$و من ب$$اب
االستنتاج من تتبع جريان القاعدة في هذه االمور .
المفردة الثانية :الضمان ،يحتمل بدوا في المقصود من الضمان في القضيتين االصل والعكس
احتماالن :
165
االول :ان يقصد من الض$$مان الخس$ارة و ك$$ون درك المض$$مون على الض$$امن مثال ل$$و بعت$$ك
الكتاب بدينار وصار الكتاب في يدك والدينار في يدي وتبين فساد العقد وتلف الكت$$اب في ي$$دك
فمقتضى كون الضمان بمعنى درك المضمون وخسارته في مال الضامن ان$$ك بتغريم$$ك لقيم$$ة
الكتاب او لبدله سوف يعرض النقص على مالك .
االحتمال الثاني :ان يقصد من الضمان التلف في الملك ففي المثال المتقدم مع$$نى الض$$مان ان
الكت$$اب تل$$ف في ملك$$ك فيكش$$ف التل$$ف عن ملكي$$ة آني$$ة س$$ابقة على التل$$ف ش$$بيه م$$ا تق$$دم في
المعاطاة .
المصنف يختار االول و نسب الثاني الى حفيد الشهيد 2في بعض حواشيه و كيفما كان يس$$تدل
المصنف على م$$دعاه بالص$$دق الع$$رفي ف$ان الض$$مان عرف$ا بمع$$نى الغرام$$ة والخس$ارة وليس
بمعنى التلف في مال الشخص الن مرجع االحتمال الثاني ان يك$ون االنس$ان ض$امنا لمال$ه الن
الملكية بحسب الفرض سبقت التلف ،وفسرنا الضمان بمع$$نى التل$$ف فيك$$ون ض$$امنا لمال$$ه ،و
هذا خالف الفهم العرفي فال تحمل عليه القاعدة .
اذا ثبت ان الضمان بمعنى درك الخسارة فيتصور خسارة من مال$$ه والت$$دارك من مال$$ه على 3
انحاء النحو االول :ان يكون التدارك باداء العوض الجعلي اعني المس$$مى كم$$ا ه$$و الح$$ال في
العقود الصحيحة ففي العقود الصحيحة تضمن المسمى.
النحو الثاني :ان يكون الضمان باداء العوض الواقعي كما هو الحال في باب الغص$$ب ،الب$$دل
او القيمة.
النحو الثالث :ان يكون الضمان باداء اقل االمرين من العوض الواقعي والجعلي ،و يظهر من
المحقق 2تطبيق ه$ذا النح$و على الهب$ة المعوض$ة فمثال ل$و وهبت$ك الكت$اب بش$رط التع$ويض
بدينار ،فتلف الكتاب قبل ان تدفع لي الدرهم فيضمن ،فذكر ان القيمة الواقعية ان كانت اكثر
من دينار فنكتفي بالدينار لفرض انني اردت التخلي عن الكتاب بهذه القيمة ،وان ك$$انت القيم$$ة
الواقعية اقل من دينار فارجاع بدل الكتاب لي او قيمته الواقعية االقل ال ي$$دخل علي الخس$$ارة ،
و عليه فعلى كل حال نكتفي باقل االمرين .
بعد وضوح المراد من الضمان وانه يطلق على االنحاء ال 3يق$$ع الكالم في النح$$و الم$$راد في
القاعدة و خالصة المطلب ان المصنف يرى ان االصل في الضمان ه$$و الض$$مان ال$$واقعي أي
اداء القيمة الواقعية و غيره يحتاج الى قرينة ،فعندما ترد لفظة الضمان في الرواي$$ات من دون
أي قرينة نحملها على اداء القيمة الواقعية اال اذا دلت قرينة على الخالف فالتدارك بغير القيم$$ة
الواعقية يحتاج الى دليل ففي العقد الص$$حيح ك$$ان دلي$$ل االمض$$اء من قبي$$ل اح$$ل هللا ال$$بيع ه$$و
الدليل على ارادة الض$$مان الجعلي حيث امض$$ى الش$$ارع ان يك$$ون المس$$مى عوض$$ا عن العين
فبامضائه خرجنا عن مقتضى القاعدة من الضمان الواقعي.
166
74
احتمل كاشف الغطاء ان يراد بالضمان في قولنا يضمن بفاس$$ده ان المقص$$ود من الض$$مان ه$$و
الضمان الجعلي والمسمى ،فلو بعتك الكت$$اب بمائ$$ة وك$$انت قيمت$$ه الواقعي$$ة ، 50وت$$بين فس$$اد
المعاملة وتلف الكتاب في يدك من دون اف$$راط او تفري$$ط فالض$$مان من قب$$ل المش$$تري للكت$$اب
يكون ب 100ال 50الن هذا هو المسمى ،هذا االحتمال نوقش فيه بوجهين :
االول :انه يترتب على هذا االحتمال تال فاس$$د وه$$و ان$$ه يل$$زم من وج$$ود الش$$يء عدم$$ه بي$$ان
المالزمة ان تضمين البائع للمشتري بالمسمى يعني ان المعاملة صحيحة وان ما سمي ق$$د اق$$ره
الشارع والحال ان سبب التضمين هو الفساد فيل$$زم من الفس$$اد ع$$دم الفس$$اد ،وه$$و بالض$$رورة
باط$$ل ،ه$$ذا الوج$$ه ال يرتض$$يه المص$$نف نقض$$ا وحال ،ام$$ا نقض$$ا فبالمعاط$$اة حيث تق$$دم في
المعاطاة انه على القول باالباحة ل$$و تل$$ف اح$$د العي$$نين يك$$ون الض$$مان بالمس$$مى ،وبالض$$مان
الجعلي ،والحال ان االباحة ال تفيد التمليك فلو ان الضمان الجعلي يقتضي امضاء الشارع لم$$ا
قصده المتعاطيان و هذا يقتضي افادة الملك والحال ان المفروض انها تفيد االباح$$ة ،فيل$$زم من
القول باالباحة عدم القول باالباحة.
اما الجواب الحلي :ان البيع الفاسد في المثال يكفي في تحقق فرض الفس$$اد ان يبقى ك$$ل واح$$د
من العوضين على ملك صاحبه االول ،النه مع بقائهما كذلك يعني ان$ه لم يتحق$ق نق$ل وانتق$ال
وعدم تحقق النقل واالنتقال يعني ان المعاملة مسلوبة االثر ،وما هذا شأنه يكون فاس$$دا ،غاي$$ة
االمر عند تلف احد العينين يتعين االخر للعوض$ية ،ال ان$ه عن$د التل$ف تتح$ول المعاوض$ة الى
معاوضة صحيحة ،وبعبارة اوضح لو ان الشارع حكم بفساد معامل$$ة وفي ال$$وقت نفس$$ه جع$$ل
الضمان هو البدل الجعلي فال يعتبر هذا امضاء من قبل الشارع للمعاملة ،فالفساد يقتض$$ي ع$$دم
ت$$رتب االث$$ر من النق$$ل واالنتق$$ال ،والتض$$مين بالب$$دل الجعلي ال يتن$$افى م$$ع الحكم بالفس$$اد في
صورة التلف .
الوجه الثاني وهو الذي اختاره الماتن وحاصله ان السبب في بطالن ان يك$$ون الض$$مان بالب$$دل
الجعلي هو ما عرفته من كون اطالق الض$$مان يقتض$$ي حقيق$$ة الض$$مان ال$$واقعي وان الت$$دارك
بالبدل الجعلي بحاجة الى قرينة كامضاء الشارع للعقد الصحيح ،وعلى هذا االس$$اس ال يش$$كل
علينا اننا في جملة واح$دة اس$تعملنا الض$$مان بمعن$$يين حيث ان العق$$د االول من قض$$ية االص$$ل
اعني ما يض$من بص$حيحه اري$د من الض$مان الض$مان الجعلي ،والعق$د الث$اني اع$ني يض$من
بفاسده اريد من الضمان الواقعي ،ال يشكل بما تقدم لم$$ا ع$$رفت من ان الض$$مان فيهم$$ا بمع$$نى
واحد وهو التدارك من مال نفسه ،غاية االمر دلت القرين$ة الخارجي$ة على ص$رف االول الى
الض$$مان الجعلي ،فيبقى 2على حقيقت$$ه وال$$ذي ه$$و مس$$تهجن ان نفك$$ك في كالم واح$$د بين
الضمان من دون قرينة .
167
بعدها يقع الكالم في المراد من اداة العموم و هي اسم الموصول "ما" وهي بمعنى ان كل الذي
يضمن بص$$حيحه يض$$من بفاس$$ده و هك$$ذا الح$$ال في قض$$ية العكس ،وق$$د وق$$ع الكالم بينهم ان
العموم في القاع$دة ه$ل ه$و باعتب$ار االن$واع ام باعتب$ار االص$ناف ام باعتب$ار االف$راد ،فمثال
الصلح كنوع من انواع العقود بحسب ذاته ال اقتضاء له للضمان ولذا قد يك$$ون بمع$$نى االب$$راء
وتفريغ الذمة مما يحتمل اشتغالها به .
لكن بعض اصناف هذا النوع كالصلح الذي يفيد فائدة البيع هذا الصنف يقتضي الض$$مان ،فل$$و
صالحتك على نقل الكتاب الى ملكك بدرهم ثم تبين ان الصلح فاسد وتلف الكتاب في ي$$دك ،ان
كان اسم الموصول في القاعدة ناظرا الى النوع فالصلح كنوع ال يقتضي الضمان بصحيحه فال
يقتضي الضمان بفاسده ،اما لو اريد منه الصنف ف$$ان الص$$لح كن$$وع وان لم يقتض$$ي الض$$مان
ولكن احد اصنافه وهو الصلح المفي$$د لفائ$$دة ال$$بيع يقتض$$ي الض$$مان ،ف$$اذا اختلفت النتيج$$ة في
تضمين من بيده الكتاب بعد فساد الصلح بلحاظ ان العموم في القاعدة ه$$ل ه$$و بلح$$اظ الن$$وع ام
بلحاظ الصنف .
وهكذا الحال في العارية فان العارية كنوع ال ضمان فيها اال ب$$افراط او تفري$$ط الم$$دخل للتل$$ف
حينئذ في حيز االتالف ،ولكن بعض اصناف العارية كعارية الذهب والفضة نص$$ت الرواي$$ات
على وجود ضمان فيها فان كان المدار على النوع ففي عارية الذهب والفضة الفاسدة ينبغي ان
نلتزم بان القاعدة ال تقتض$$ي الض$$مان ،بينم$$ا ل$$و ك$$ان الم$$راد في العم$$وم ه$$و الص$$نف لك$$انت
القاعدة موافقة لالخبار.
يختار الماتن ان العموم في القاعدة ليس بلحاظ الن$وع ب$ل بلح$اظ الص$نف ولكن$ه لم ي$ذكر دليال
على ذلك سوى االستظهار من كالم القوم ،في مثل هذا المورد يتحكم اشكال االخوند .
ويمكن ان يستدل على ارادة الصنف ان بعض الروايات ض$$منت في بعض اص$$ناف الن$$وع في
الصورة الصحة مع انها لم تضمن في مطلق النوع ،كما هو الحال في العارية ،و حينئذ يدور
االمر بين تشريع قاعدة نخالفها في بعض الم$$وارد و بين تش$ريع قاع$$دة ال تك$$ون تل$$ك الم$$وارد
خارجة عنها ،وال شك ان العقالء يحملون على الثاني ال االول .
لقائل ان يقول :كيف يسند المصنف الى القوم ان المراد من العم$$وم بلح$$اظ االص$$ناف والح$$ال
ان جمعا من الفقهاء كالشهيد 2صرحوا في ان الصيد الذي استعاره المحرم ال ض$$مان في$$ه ل$$و
تلف و عللوا ذلك ان صحيح العارية ال ضمان فيه فال تضمن بفاس$$ده علم$$ا ان عاري$$ة المح$$رم
فاسدة و هذا التعليل يكشف عن ان المدار عندهم على النوع.
يجيب المصنف انه من المحتمل ان يكون مقصودهم من ان صحيح العارية الذي ال ضمان في$$ه
ليس مطلق العارية بل عارية غير ال$$ذهب والفض$$ة ،فيك$$ون كالم الش$$هيد 2منس$$جما م$$ع ارادة
الصنف.
168
في هذا السياق يتعرض الماتن لبحث حاص$$له ان اقتض$$اء الص$$حيح للض$$مان م$$اذا ي$$راد من$$ه :
يحتمل احتماالن :
االول :ان يراد اقتضاؤه للضمان بحسب ذاته .
الثاني :ان يراد اقتضاؤه للضمان مطلقا ولو بسبب خارج عن ذاته .
وتظهر الثمرة لو ان شخصا آجر داره بشرط ضمانها ،وقلنا بان صحيح االجارة بحسب ذاته$$ا
ال يقتضي الضمان ومن جهة اخرى صححنا هذا الشرط ،الن اشتراط الضمان ال يندرج تحت
الش$$روط المخالف$$ة للكت$$اب والس$$نة او المخالف$$ة لمقتض$$ى العق$$د اذ ف$$رق بين ان نق$$ول العق$$د ال
يقتضي الضمان وبين ان نقول العقد يقتضي عدم الضمان لو كان مقتضى عقد االجارة بحس$$ب
ذاته عدم الضمان لكان شرط الضمان فاسدا لمخالفته لمقتضى العقد ،اما لو قلن$$ا مقتض$$ى عق$$د
االجارة ال يقتضي الضمان فاشتراط الضمان ال يكون مخالفا لمقتضى العقد ،و على كل ح$$ال
فلو اجره بشرط الضمان فتبين ان االجارة فاسدة الختالل شرط من شروط صحتها فان قلن$$ا ان
ما يضمن بصحيحه ناظر الى كون ذات العقد يقتضي الض$$مان ففي المث$$ال ال يض$$من الن ذات
االج$$ارة ال تقتض$$ي الض$$مان ،وان قلن$$ا مع$$نى م$$ا يض$$من بص$$حيحه ان يك$$ون القع$$د مقتض$$يا
للضمان ولو بامر خارج عن ذاته كالشرط فحينئذ في المثال يضمن .
يستظهر المصنف من كلمات الفقهاء االول .
75
المتبادر بحسب كالم الفقهاء ان اقتضاء الضمان للص$$حة لكي يقتض$$ي الفس$$اد و ع$$دم اقتض$$ائه
صحيحا للضمان لكي يترتب عليه عدم ضمان فاسده انما هو بلحاظ ذات العقد ال بلحاظ ما ه$$و
خارج عن العقد كالشرط و مثلنا على ذلك في البحث السابق .
في مقابل ما اختاره المصنف يظهر من صاحب الرياض ان صحيح المعامل$$ة اذا ك$$ان يقتض$$ي
الضمان بأي سبب من االسباب فالبد ان يكون فاسدها مقتضيا للضمان ،ويمكن ان نذكر مث$$اال
اخر مضافا الى ما تقدم وهي الهبة المعوضة حيث انه في حقيقة الهبة المعوضة يوج$$د مبني$$ان
اشرنا اليهما عند الحديث عن تعريف البيع :
المبنى االول ان الهبة المعوضة من المعامالت المعاوضية وعليه فتختلف سنخا عن ذات الهب$$ة
الن الهبة المتعارفة ال يوجد فيها معاوضة بل االعط$$اء فيه$$ا على نح$$و المجاني$$ة بخالف الهب$$ة
المعوضة على هذا المب$$نى يش$$كل التفري$$ق بين ال$$بيع و بين الهب$$ة المعوض$$ة ،على ال$$رغم من
اختالفهما صورة .
169
المبنى الثاني ان الهبة المعوضة ال تخرج عن سنخ الهبة ،كما ان البيع بشرط الخيار ال يخ$$رج
عن حقيقة البيع على ال$$رغم من ان االص$$ل في ال$$بيع ه$$و الل$$زوم و ذل$$ك الن الج$$واز ج$$اء من
خارج عن البيع وهو الشرط و صححناه بدليل المؤمنون عند ش$$روطهم ك$$ذلك الح$$ال في الهب$$ة
المعوضة ،فانها وان دلت على المعاوضة لكن المعاوضة لم تستفد من ذات العق$$د والمعامل$$ة ،
بل استفيدت من الشرط فلذا اخترنا سابقا انها مبادلة بين فعلين ،وليست مبادلة بين م$$الين ،أي
اعطي$$ك و تعطي$$ني ،اذا اخ$$ذنا ب$$المبنى الث$$اني ف$$ان ذات الهب$$ة من العق$$ود ال$$تي ال يوج$$د في
صحيحها ضمان ولكن بواسطة الشرط لو شرط الضمان مع العوض فبنظر ص$$احب الري$$اض
ان هذه الهبة لو كانت صحيحة فان الطرف يضمن بمقتضى المؤمنون عند شروطهم فاذا ت$$بين
انها فاسدة فال بد ايضا ان يضمن ،الن المدار عنده على الضمان في الصحيح و لو من خ$$ارج
العقد .
من خالل هذا البحث انطلق الماتن لتحقي$$ق مس$$الة اخ$$رى ه$$ذه المس$$الة يمكن ان ت$$بين بطريق$$ة
منفصلة عن هذا النزاع بين المصنف و صاحب الرياض ،و تكون في الواقع مرتبطة ب$$البحث
السابق على هذا النزاع وهو ان العم$$وم في القاع$$دة ه$$ل ه$$و ان$$واعي او اص$$نافي او شخص$$ي
فتك$$ون المس$$الة ال$$تي نري$$د ان ن$$ذكرها االن مرتبط$$ة ب$$العموم الشخص$$ي ليك$$ون ال$$نزاع بين
المصنف و صاحب الرياض مقحما.
ويمكن ان تبين مسالة الخالف مع صاحب الرياض على اساس انها تمهيد له$$ذه المس$$الة االتي$$ة
فال تكون مقحمة ،توضيح المسالة االتية ،انه فيما تقدم كنا نفهم القاعدة على اس$اس ان$ه يوج$د
عقد له فردان فرد صحيح و اخر فاسد ،كالبيع والعارية المنقس$$مين الى ص$$حيح وفاس$$د ،ف$$اذا
كان الفرد الصحيح في نوعه او في صنفه على الخالف ضمان فيوجد ضمان في الفرد الفاسد ،
لكن عندما ادخلنا البحث مع صاحب الرياض اختل$$ف االم$$ر ،و اص$$بحنا من الممكن ان ننظ$$ر
الى فرد من المعاملة فنقول هذا الفرد لو فرض صحيحا ان كان في$$ه ض$$مان فل$$و ف$$رض فاس$$دا
ففيه ضمان ،ومن الواضح ان تقسيم الفرد ال يكون بالفعل وانم$$ا يك$$ون تق$$ديريا بخالف تقس$$يم
الكل فيكون بالفعل ،و ذلك الن معاملة واحدة كاالج$$ارة ال$$تي اش$$ترطنا فيه$$ا ض$$مان العين ل$$و
فرضناها صحيحة فهو يضمن بمقتضى المؤمنون عند شروطهم هذه نفسها لو فرضناها فاس$$دة
فعند المصنف ال يضمن وعند صاحب الرياض يضمن ،النه عند الرياض ان الضمان ولو من
خارج المعاملة.
من هذا انطلق الماتن لتحقيق الكبرى التي يندرج تحتها الخالف مع صاحب الرياض و هو انه
هل معنى قوله كلما يضمن بصحيحه يض$من بفاس$ده ه$و النظ$ر الى ش$خص واح$د من العق$ود
يض$$من ب$$ه على تق$$دير الص$$حة و ك$$ذا على تق$$دير الفس$$اد لينتج ذل$$ك ان العم$$وم في القاع$$دة
شخصي .
170
الثمرة التي تترتب على ذلك ان المتعاملين لو اق$$دما على اج$$ارة بش$$رط ع$$دم االج$$رة او اق$$دما
على بيع بال ثمن فهذه المعاملة ليس لها بالفعل قسمان صحيح وفاسد ب$$ل ه$$ذه المعامل$$ة هي ام$$ا
صحيحة واما فاسدة فعلى تقدير صحتها ان كان فيها ضمان فيضمن على تقدير الق$$ول بفس$$ادها
و على تقدير صحتها ان لم يكن فيه$$ا ض$$مان فال يض$$من ،وان ك$$ان ن$$وع ال$$بيع او ص$$نفه في$$ه
ضمان صحيحا و فاسدا .
المصنف يضعف كون المدار على العموم الشخصي وان يكون مرجع القاع$$دة ان ف$$ردا واح$$دا
من العقود ل$$و فرض$$ناه ص$$حيحا لك$$ان في$$ه ض$$مان فينتج انن$$ا ل$$و فرض$$ناه فاس$$دا ال يوج$$د في$$ه
ضمان ،و كذلك عكس القاع$دة ،ه$ذا البي$ان ال يرتض$يه المص$نف و ذل$ك الن الموض$وع في
قاعدة ما يضمن للضمان و عدمه هو العقد الذي يوجد له بالفعل ص$حيح و فاس$د ال العق$د ال$ذي
يكون اما صحيحا واما فاسدا فان المتبادر من قولنا ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ان هنلك
صحيح فيضمن فيه و ما كان فاسدا ومشاركا للص$$حيح في الن$$وع او في الص$$نف فيض$$من في$$ه
ايضا ،و بالتالي تكون النتيجة النهائية من هذا البحث ان العموم في القاعدة بلحاظ االصناف ال
بلحاظ االنواع وال االفراد.
ثم ان الشهيد 2في المسالك ذكر احد ادلة القاعدة ان مرجعه$$ا الى قاع$$دة االق$$دام ،ان من اق$$دم
على معاملة مع الضمان فال بد ان يضمن ،لو اخذنا بهذا المدرك حينئذ في الفرع المتقدم و هو
البيع بال ثمن فالبيع بال ثمن اقدم فيه على الضمان فال تجري فيه قاعدة ما يضمن.
76
من جملة المفردات التي يبحث فيها في قاعدة ما يضمن لفظة الباء فم$$ا ه$$و المقص$$ود منه$$ا في
القاعدة وهل هي في الموردين بمعنى واحد ام بينهما فرق ،ابتداءا يوجد احتم$$االن ،االحتم$$ال
االول ان تحم$$ل الب$$اء على الظرفي$$ة في ك$$ل من عق$$د الوض$$ع و عق$$د الحملين في كال قض$$يتي
االصل والعكس ،فيكون معنى ما يضمن بصحيحه يضمن بفاس$ده ان$$ه كلم$$ا تحق$$ق ض$$مان في
عقد ص$$حيح فيتحق$$ق الض$$مان في الفاس$$د من ذل$$ك العق$$د ف$$الظرف الس$$تقرار الض$$مان في كال
العقدين ،االحتمال الثاني ان تحمل الباء على السببية فيكون معنى الباء في العقدين م$$ا يض$$من
بسبب العقد الصحيح يضمن بسبب العق$$د الفاس$$د ،و يق$$اس على ذل$$ك االم$$ر في العكس ،ومن
ناحية االستعمال اللغوي للباء في الظرفية والسببية ال يوجد أي محذور ،فقد ورد كال المعن$$يين
في الق$ران الك$$ريم ،فمن المع$$نى األول نجين$$اهم بس$حر ،أي في وقت الس$حر ،فك$$ان الس$حر
ظرفا للنجاة او لالنجاء ،و هكذا الح$$ال في المع$$نى الث$$اني كقول$$ه فب$$ذنوبهم اغرق$$وا أي بس$$بب
ذنوبهم ،لكن قد يقال انه في القاعدة هنلك ما يمنع من استعمال الب$$اء للس$$ببية و ذل$$ك الن العق$$د
الفاسد ال يكون سببا للضمان فاذا لم يصح استعمال الباء في الس$$ببية في عق$$د الحم$$ل فال يص$$ح
استعمالها كذلك في عقد الوضع و ذلك لوحدة السياق فان العقد الصحيح وان كان يص$$لح س$$بب
171
للضمان ولكن الفاسد ليس كذلك ،بخالف ما لو جعلنا الباء للظرفية فهذه قرينة مرجحة للمعنى
االول.
يجيب المصنف عن هذا االشكال ان السببية المستعملة فيها الباء في المقام ال يخلو ام$$ا ان ي$$راد
منها السببية التامة و اما ان يراد منه$ا الس$ببية الناقص$ة ،ف$ان اري$د من الس$ببية االول فكم$ا ال
يصح ان يكون العقد الفاسد سببا تاما للضمان فكذلك العقد الصحيح ،الن عقدا ص$$حيحا ك$$البيع
على نحوين :
االول :ما يشترط فيه التقابض في المجلس واالخر ما ال يشترط ،فان كان العقد الص$$حيح من
قبيل االول فمن الواضح ان العقد بمجرده ليس علة تام$$ة ب$$ل العق$$د ج$$زء العل$$ة والتق$$ابض ه$$و
الجزء االخر كما في بيع الصرف و السلم ،وما كان من النح$$و الث$$اني فايض$$ا ال نس$$لم الس$$ببية
التامة للعقد و ذلك للقاعدة التي ذكرها الفقهاء وهي ان المبيع قبل القبض من م$$ال ص$$احبه ف$$اذا
كان المبيع قبل تسليمه للمشتري من م$$ال الب$$ائع فه$$ذا الن$$وع من الض$$مان غ$$ير الض$$مان ال$$ذي
نبحث عنه ،الن المراد من كونه من مال البائع انه يرج$$ع الثمن فكان$$ه لم يحص$$ل بي$$ع بخالف
الضمان الذي نبحث عنه ،فاذا حتى في غير الصرف والسلم القبض له مدخلي$$ه في الض$$مان ،
فاذا كان االمر كذلك فالعقد الصحيح مطلقا ليس سببا تاما ،وام$$ا ل$$و اري$$د من الس$ببية الس$ببية
الناقصة فهي متحققة في ك$ل من الص$حيح والفاس$د ،ام$ا تحققه$ا في الص$حيح مم$ا تق$دم وام$ا
تحققها في الفاسد فظهر من تعليل الشهيد الثاني تبعا لش$$يخ الطائف$$ة للض$$مان في الفاس$$د بقاع$$دة
االقدام ،فان المتبايعين اقدما على الضمان بواسطة العقد الفاسد ،فالعقد الفاسد له مدخلية ،فاذا
كان له مدخلية فيصلح سببا ولو على نحو السبب الناقص.
بعبارة اخرى ان سببية العقد الفاسد يمكن توجيهها باحد امرين :
االمر :االول ان سبب الضمان ليس هو القع$$د الفاس$$د ب$$ل الس$$بب المباش$$ر للض$$مان ه$$و قبض
المبيع ملتزما بضمانه ،ولكن هذا السبب المباشر سببه ليس اال العقد الفاسد ،فهو س$$بب لس$$بب
الضمان و سبب السبب سبب.
الثاني :ان العقد الفاسد سبب للضمان بشرط القبض فيكون ج$$زء س$$بب و على كال الت$$وجيهين
تصح السببية في العقد الفاسد ،فدعوى ان الباء في عقد الحمل ال تصلح للسببية في غير محلها.
البعض توهم ان ظاهر قاعدة ما يضمن ان الضمان في الفاس$$د ال يتوق$$ف على القبض وبم$$ا ان
الواقع ليس كذلك فالبد ان نلتزم بتخصيص القاع$$دة بص$$ورة القبض ام$$ا باجم$$اع او بغ$$يره ،و
هذا التوهم ظهر فساده مما تقدم وهو ان الصحيح مع عدم القبض ال ضمان في$$ه ب$$المعنى ال$$ذي
نبحث عنه بمعنى كون جبر الخسارة على القابض اذ ال قبض في البين .
و بهذا تم الكالم في شرح مفردات القاعدة
172
قوله فتامل اشارة الى ان العين لو تلفت وهي ما زالت في يد الب$$ائع فتكش$$ف عن ان$$ه في آن م$$ا
قبل التلف قد انفسخت المعاملة فيكون التلف من ماله فال يكون العقد ال سببا تاما وال جزء سبب
لزوال العقد قبل التلف .
البحث 2في المقام وهو المهم وهو مدرك القاعدة ،ذكر لهذه القاعدة مدارك : 4
االول :قاعدة االقدام ،فالشهيد 2في المسالك مث$$ل بمث$$ال ،تقريب$$ه ل$$و اقترض$$ت من$$ك م$$اال و
رهنت عن$$دك الكت$$اب الى اج$$ل مس$$مى ،وقلت اذا لم اس$$دد في ذل$$ك االج$$ل فتس$$تطيع ان ت$$بيع
الكتاب في هذا المثال كما ترى يوجد رهن وبيع ،وفي المثال كل من الرهن والبيع من العق$$ود
الفاسدة اما فساد الرهن فلتعليقه على اجل فان الرهن من$$وط بتس$$ديد الق$$رض وال$$دين و ال ين$$اط
باج$ل ،ف$ان ذل$ك يفس$ده ،ام$ا فس$اد ال$بيع فلم$ا تق$دم من ان التعلي$ق في ال$بيع يقتض$ي الفس$اد
والمفروض ان قصد الراهن ه$$و ان يك$$ون ع$$دم تس$ليم ال$$دين في االج$ل بمثاب$$ة ش$رط النتيج$ة
لتحقق البيع و بما انه معلق على عدم التسليم فيفسد النه بيع تعليقي.
فحينئذ لو تلف الكتاب في يد صاحب الدين فبما انه رهن ال يضمن وبما انه بيع يضمن ام$$ا ان$$ه
ال يض$من بم$ا ان$ه رهن فالن$ه في ص$حيح ال$رهن ال يوج$د ض$مان ففي فاس$ده االم$ر ك$ذلك ،
بخالف البيع فان الضمان في فاسده للضمان في صحيحه ،وعلل ذلك بامرين:
االول :االقدام الثاني اليد ،اما االول وهو محل كالمنا فتوضيحه ان البائع اق$$دم على الض$$مان
بالمسمى ولكن لم يسلم له المسمى لتبين فس$$اد العق$$د و ع$$دم امض$$ائه من الش$$ارع ف$$اذا لم يس$$لم
المسمى سلم له المثل او القيمة .
78
الدليل االول الذي تقدم عن الشهيد 2تبعا للشيخ االنصاري هو التمسك بقاعدة االق$$دام ،ين$$اقش
المصنف في هذا المدرك بوجوه : 3
االول :ان المتبايعين بالعقد الفاسد تارة يكونان على علم بالفساد ،و اخرى ال يكونا ك$$ذلك ،ثم
يتبين الفساد بعد العقد ،فعلى االول اذا كانا مع علمهم$$ا بالفس$$اد و م$$ع ذل$$ك اق$$دما على ت$$رتيب
االثر الص$حيح فام$ا ان ترج$ع ه$ذه المعامل$ة الى كونه$ا من ب$اب المعاط$اة وام$ا ان تبقى على
فسادها ،فعلى االول تتحول المعاملة من فاسدة الى معاملة صحيحة ،غاي$$ة االم$$ر كعق$$د لفظي
هي فاسدة و كمعاطاة تكون صحيحة فيترتب عليها االثر الم$$ترتب على العق$$د الص$$حيح ،وام$$ا
مع بقائها على الفساد فحينئذ ال يترتب عليها اثار الصحيح و بما ان$$ه لم يحص$$ل وانتق$$ال فربم$$ا
يقال ان رضا كل واحد منهما بكون ماله في يد االخ$$ر فال ض$$مان خصوص$$ا م$$ع ع$$دم جري$$ان
بعض ادلة الض$$مان في ص$$ورة الفس$$اد كقاع$$دة ال ض$$رر وال ض$$رار ام$$ا في ص$$ورة جهلهم$$ا
بالفس$اد و ه$$ذا مف$$روض الكالم بين الق$$وم فالمالح$ظ حينئ$$ذ ان ك$$ل واح$د منهم$$ا ق$د اق$دم على
173
الضمان بالمسمى وبما ان المعاملة قد حكم الشارع بفس$$ادها فه$$ذا يع$$ني ان$$ه لم يمض$$ي ض$$مان
المسمى فتضمينه للضمان الواقعي من المثل او القيمة يحتاج الى دليل ،الن ما اق$$دم علي$$ه ه$$و
ض$مان المس$مى و ه$ذا لم يمض$ه الش$ارع وض$مان المث$ل او القيم$ة لم يق$دما علي$ه وعلي$ه فال
صغرى لقاعدة االقدام.
المناقشة الثانية ان النسبة بين االقدام والضمان هي العموم والخص$$وص من وج$$ه ،فيش$$تركان
في جهة و يفترقان في جهتين .
اما جهة االشتراك بينهما فكما هو الحال في غالب العقود الفاس$$دة ال$$تي تض$$من بص$$حيحها م$$ع
قطع النظر عن المناقشة االولى ،كما فيما لو بعتك الكتاب بالفارسية ب$$درهم فيوج$$د اق$$دام على
الضمان و يوجد ضمان على تقدير اشتراط العربية.
اما جهة وجود االقدام وانتفاء الضمان فك$$البيع الفاس$$د او الص$$حيح قب$$ل القبض فل$$و قلت بعت$$ك
الكتاب بدرهم و تلف الكتاب في يدي قبل ان يقبضه المشتري فبمقتضى البيع اقدم كل واحد من
البائع والمشتري على الضمان ولكن بما انه قبل القبض يكون التلف من مال صاحبه كما تقدم .
اما جهة اختالف الضمان عن االقدام فكما لو باع بشرط عدم الثمن او اجر بشرط عدم االج$$رة
فان االقدام على الضمان منتف للشرط ،والشارع حكم بفساد المعاملة فتنطبق عليه$$ا قاع$$دة م$$ا
يضمن فلو تلف المبيع بيد المشتري يضمن نعم هذا المثال االخير ال يصح على جميع المباني ،
الن الشهيدين ذهبا الى عدم الضمان فيه .
والنتيجة ان$ه اذا ك$انت النس$بة بين االق$دام والض$مان هي نس$بة العم$وم والخص$وص من وج$ه
فكيف يستدل على الضمان باالقدام ،لما عرفت من ان االق$$دام ق$$د يتخل$$ف عن الض$$مان ،فه$$و
كاالستدالل على وجود الطير في الغرفة بوجود االبيض.
المناقشة 3يشير اليها الماتن ض$$منا وهي ترج$ع الى مناقش$ة كبروي$$ة حيث انكم تس$تدلون على
قاعدة ما يضمن بقاعدة االقدام و هذه القاعدة ال دليل عليها.
الدليل الثاني الذي اشار اليه الشهيد 2هو التمس$ك بخ$بر الي$د أي على الي$د م$ا اخ$ذت ..و ه$ذا
الدليل نوقش فيه بوجوه : 3
االول :ضعف السند واالمر فيه سهل النجباره بعمل المشهور.
الثاني :الوجه الثاني انه ضعيف الداللة من ناحية ظهور على في الحكم التكليفي و ه$$ذا الوج$$ه
قد تقدم الجواب عنه.
الوجه الثالث وهو ما يرتضيه المصنف وحاصله ان الدليل اخص من المدعى ف$$ان الم$$دعى ان
قاعدة ما يضمن تجري في االعيان والمنافع و االعمال المضمونة .
174
والحال ان حديث على اليد ظاهر في االختصاص باالعي$$ان الن المن$$افع و االعم$$ال ال يص$$دق
عليه اخذ اليد .
الدليل الثالث :التمسك بقاعدة احترام مال المسلم فهنا مطلبان:
االول ثبوت اصل قاع$$دة االح$$ترام ،الث$$اني جريانه$$ا فيم$$ا نحن في$$ه ،ام$$ا اص$$ل ثب$$وت قاع$$دة
االحترام فيدل عليها مجموع$$ة من النص$$وص كقول$$ه علي$$ه الس$$الم ال يح$$ل م$$ال أم$$رئ اال عن
طيب نفس وما دل من الروايات على انه ال يصلح ذهاب المال المحترم و ما شاكل ذلك فاص$ل
القاعدة ثابت بال اشكال واما انطباقها على المورد فمثال من الموارد التي لم تشملها قاع$$دة على
اليد االعمال المضمونة فلو ان رجال استأجر اخر على خياط ثوب فخاطه ثم تبين فاسد االجارة
فالقول بعدم ضمان ما خاطه من قبل المتسأجر باالجارة الفاسدة معناه ان عمله هذا ال$$ذي يقاب$$ل
بالمال غير محترم وانه يضيع و هذا يتنافى مع قاع$$دة االح$$ترام ،و على ه$$ذا االس$$اس يك$$ون
االستدالل بهذا الدليل الى االن تام ،النه يشمل ما لم تشمله قاعدة على اليد.
ال$$دليل الراب$$ع التمس$$ك بقاع$$دة نفي الض$$رر والض$$رار ،وتق$$ريب االس$$تدالل ان ع$$دم تض$$مين
المستاجر باالجارة الفاسدة لخياطة الثوب يؤدي الى اضرار بمن خ$اط و ه$ذا االض$رار منت$ف
بقاعدة ال ضرر.
79
اتضح ان قاعدة االح$$ترام و نفي الض$$رر يص$$ح التمس$$ك بهم$$ا إلثب$$ات الض$$مان ،ثم في نهاي$$ة
البحث يحاول ان يوجه كالم الش$$يخ في اس$$تدالله بقاع$$دة االق$$دام و خالص$$ة التوجي$$ه ان قاع$$دة
االقدام لم يجعلها الطوسي دليال مستقال إلثبات الضمان ،وانم$$ا جع$$ل قاع$$دة االق$$دام دليال على
احد اجزاء العلة التامة اذ من المعلوم ان العلة التامة إلثبات شيء يتوقف على ثبوت اجزائه ال
، 3المقتضي والشرط و عدم المانع ،والمقتضي للض$مان فيم$ا نحن في$ه ه$و االح$ترام و الي$د
لكن يتوقف تأثير هذا المقتضي في ايج$$اب الض$$مان على ان ال تك$$ون الي$$د الواقع$$ة على الم$$ال
التالف يدا مجانية فان كونها مجانية تجعل اليد الواقعة ال تؤثر في الض$$مان ف$$اذا نحت$$اج الى م$$ا
يرفع المانع الذي هو ك$ون الي$د مجاني$ة و راف$ع الم$انع ه$و االق$دام ف$ان المتب$ايعين اق$دما على
المبادلة المقتضي للضمان و عدم قصد المجانية فعلى هذا االساس يكون ال$$دليل االص$$لي لش$$يخ
الطائفة هو قاعدة اليد واالحترام غاية االمر االقدام يثبت لنا ان اليد المتسلطة على العين لم تكن
مجانية واال ال تنفعنا قاعدة االحترام والي$$د ،و علي$$ه فع$$دم التزامن$$ا بدليلي$$ة قاع$$دة االق$$دام على
الضمان ال يعد خالفا لشيخ الطائفة واتباعه لم$$ا ع$$رفت ان مقص$$وده رف$$ع الم$$انع عن مقتض$$ي
االحترام وهو قصد المجانية ،نعم هذا الدفاع عن الشيخ ال يمكن ان يج$$ري عن$$د الش$$هيد 2في
175
المسالك لعطفه لقاعدة اليد على قاعدة االق$دام الظ$$اهر في ك$$ون ك$$ل واح$د منهم$$ا دليال مس$تقال
على المدعى .
اتضح ان قاعدة ما يضمن ببركة االدلة ال 3المعتبرة في الجملة نس$$تطيع ان نثبت الض$$مان في
بيع االعيان و في نقل المنافع وفي االعمال المضمونة التي يرجع نفعها الى الضامن ،كم$$ا ل$$و
امرتك بخياطة الثوب و خطته فان هذا العمل يرجع نفعه الذي انا الضامن فبمقتض$$ى االدل$$ة ال
3اثبتن$$ا الض$$مان في ه$$ذه االم$$ور ال ، 3يبقى الكالم في االعم$$ال ال$$تي ال يرج$$ع نفعه$$ا الى
الضامن ،كما هو الحال في السبق في المسابقة الفاسدة ،فل$و تس$ابقنا بخ$ف او ح$افر او نص$ل
على مال معين ،و سبق احدنا ثم تبين ان المسابقة فاسدة الشتراط العربية فيه$$ا و ق$$د عق$$دناها
بالفارسية ،هذا العمل يفرق عن خياطة الثوب من جهتين :
االولى :ان العمل في خياطة الثوب صدر عن امر الضامن ،بينما هنا االمر ليس كذلك و انما
صدر السبق بفعل السابق و ارادته و تعاقده مع الغير .
الجهة الثانية :ان العمل في خياطة الثوب يرجع نفعه الى الضامن ،بينما في الس$بق ل$و س$بقت
انت ووجب علي ان ادفع المال فانا ادفعه بازاء عمل لك ال يرجع نفعه الي .
ال شك ان قاعدة اليد ال تجري هنا الختصاصها باالعي$$ان كم$$ا تق$$دم ،كم$$ا ان قاع$$دة ال ض$$رر
كذلك ال تجري ،اذ ان االضرار على القول بعدم الضمان ال يتحقق الن العامل لم يقدم لي شيئا
لكي يكون عدم ضماني له اضرارا به و تفويتا لحقه ،كما ان$$ه لم$$ا لم يع$$ده نفع$$ه الي فال يك$$ون
عدم ضماني له منافيا الحترام عمل الغير والحال ان قاعدة ما يضمن بصحيحه يض$$من بفاس$$ده
تشمل عقد المسابقة النها من العقود التي تضمن بصحيحها فكذا بفاسدها.
و هذا المثال يعتبر من ثمرات النزاع في كون قاعدة االقدام دليال مستقال كما يظهر من الش$$هيد
2ام عدم كونها كذلك .فان قلنا باستقالليتها نوجب الض$$مان في المس$$ابقة الفاس$$دة الن المس$$ابقة
على الحافر قد قام صاحبه به مق$دما على الج$ائزة المعين$ة بينم$ا ل$و قلن$ا بع$دم دليليته$ا مس$تقال
فحينئذ يجب ان نقول بعدم الضمان لكون االدلة ال 3ال تجري فيها.
ثم يوكل المصنف تحقيق هذا الفرع الى محله من كتاب السبق والرماية .
بعد ذلك يتعرض لبحث بين$$ه وبين المق$$دس االردبيلي حاص$$ل ه$$ذا الف$$رع ان$$ه بع$$د ان ثبت لن$$ا
الضمان في العقود الفاسدة التي تضمن بصحيحها هل يفرق ذلك بين العلم بالفساد و الجه$$ل ب$$ه
ام ال ،الوجه المتصورة : 4
االول :ان يجهال معا الفساد و هذا هو القدر المتيقن لجريان القاعدة .
الثاني :ان يعلما معا بالفساد.
176
الثالث :ان يعلم الدافع بالفساد و يجهله القابض.
الرابع :بالعكس .
صب المصنف البحث حول صورة جهل القابض بالفساد و علم الدافع لكون المق$$دس االردبيلي
قال بعدم الضمان في هذه الصورة والزمه ان يقول بعدم الضمان في صورة علمهما معا ،الن
مناط االستشكال هو علم الدافع فسواء علم القابض ام جهل ال يضر و وجه االستشكال ه$$و ان$$ه
مع علمي بان البيع فاسد و مع ذلك سلمتك الكتاب مثال فصار الكتاب عن$$دك امان$$ة مالكي$$ة الن$$ه
عن اذن المالك فلو تلف الكتاب ال اتلف فيشمله ما دل على نفي الضمان في االمان$ة ب$التلف من
دون تفريط او افراط .
المصنف يخ$الف المق$$دس االردبيلي في ذل$$ك عن طري$$ق التمس$ك ب$$اطالق النص والفت$$وى من
جهة و برفع المانع من جهة اخرى و بعبارة اخرى الض$$مان في ص$$ور علم ال$$دافع يحت$$اج الى
مقتضي وهو اطالق فتوى االصحاب النهم اطلقوا قاعدة ما يضمن و لم يفصلوا فيه$$ا بين العلم
و الجهل ،والنص الدال عليها من قبيل خ$$بر على الي$$د و م$$ا دل على االح$$ترام و نفي الض$$رر
مطلق ايضا فتم المقتضي للضمان وبقي ان نرفع المانع و المانع كونها امانة مالكية .
يجيب الماتن بمنع كونها امانة مالكية وذلك الن العالم بالفساد عن$$دما دف$$ع الكت$$اب الى الجاه$$ل
دفعه على اساس انه اصبح مملوك$$ا بالعق$$د الفاس$$د و يش$$هد ل$$ذلك ان س$$ائر احك$$ام القع$$د الفاس$$د
تترتب عليه فان القابض لو علم بالفساد يجب عليه ارجاعه و ال يجوز له ان يتص$$رف ب$$ه ول$$و
كان امانة او عارية ال يجب عليه رده و يجوز له ان يتصرف به.
80
الكالم في تحقي$$ق عكس القض$$ية ،و ه$$و قولن$$ا م$$ا ال يض$$من بص$$حيحه ال يض$$من بفاس$$ده ،و
االلفاظ المشتركة بين القاعدتين تقدم الحديث عنها فالجل ذلك تع$$رض المص$$نف ابت$$داءا لبي$$ان
المضمون النهائي لهذه القاعدة ،و حاصله ان كل عقد ال يفيد صحيحه الضمان في مورد العق$د
الصحيح منه فهو ال يفيد الضمان في الفاسد من$$ه ،و المالح$$ظ في ه$$ذا المض$$مون ان الب$$اء في
بص$حيحه و بفاس$ده حملت على الظرفي$ة الن ص$حيح العق$د ل$ه وج$ه ان يك$ون س$ببا للض$مان
فاحتمل في قاعدة االصل ان تك$ون الب$اء للس$ببية ،ام$ا ان ص$حيح العق$د ق$د يك$ون س$ببا لع$دم
الضمان فهذا ليس محتمال وانما العقد الصحيح يعرض عليه عدم الضمان ،و عليه فالباء تكون
للظرفية ،هذا هو الم$راد الكلي من ه$ذه القاع$دة ،وام$ا امثلته$ا فكث$يرة ولكن في ك$ل من عق$د
الوضع لقاعدة االصل و قاعدة العكس البد ان يثبت هذا العقد ب$$دليل خ$$ارجي بمع$$نى ان ال$$دليل
الخارجي هو الذي يثبت لنا ان صحيح العقد فيه ضمان ليترتب عليه عقد الحمل في االص$$ل او
ليس فيه ضمان ليترتب عليه عقد الحمل في العكس ،و م$$ا دلت االدل$$ة على ع$$دم الض$$مان في
صحيحه هو في الغالب عقود جائزة من الطرفين وفي قبال هذا الغالب ما كان جائزا من طرف
177
واحد كما هو الحال في عقد الرهن فيصدق عقد الوضع في هذا العكس على الرهن والوكال$$ة و
المضاربة و العارية غير ال$$ذهب والفض$$ة ،فتش$$مل العاري$$ة بش$$رط الض$$مان لم$$ا تق$$دم من ان
المدار في ص$دق عق$د الوض$ع ذات العق$د بم$ا ه$و و العاري$ة المش$روط فيه$ا الض$مان اس$تفيد
الضمان ببركة الشرط.
وقع الكالم في ان العين في االجارة الفاسدة هل تضمن ام ال بع$$د الف$$راغ عن ض$$مان المنفع$$ة ،
علما ان االجارة بلحاظ العين تتنوع الى انواع : 3
النحو االول :ما توقف فيها استيفاء المنفعة على تسليم العين .
كما هو الحال في االستفادة من سكنى الدار .
النح$$و الث$$اني :ان يك$$ون االس$$تيفاء بلح$$اظ تس$$ليم العين على نح$$و الالبش$$رط فمن الممكن ان
تستوفى المنفعة بدون تسليم العين ،و مثلو لذلك باستئجار السفينة للنقل.
النحو الثالث :ما ال يمكن فيه تسليم العين كما هو الحال في عمل الحر .
فوق$$ع االختالف بينهم في االج$$ارة ه$$ل تقتض$$ي ض$$مان العين كض$$مان المنفع$$ة ام ال ،ذهب
جماعة الى العدم ،و البعض علل ذلك بان دليل االجارة واحد ،و بما ان بعض انحاء االج$$ارة
ال تسليم فيها للعين فكيف تقتضي ضمان العين .
بينما يستفاد ،صاحب الرياض ان االجارة تقتضي ضمان العين و البد من تخصيصه بص$$ورة
تسليم العين اذ ال يعقل ان يقول بضمانها مع عدم تسليمها و منش$$أ ه$$ذا ال$$نزاع ان االج$$ارة ه$$ل
تتعلق بالمن$$افع ام تتعل$$ق باالعي$$ان ،يظه$$ر من ص$$احب الري$$اض ان االج$$ارة تتعل$$ق بالمنفع$$ة
فتك$$ون نظ$$ير ال$$بيع فتقتض$$ي الض$$مان ،و حكى عن المق$$دس االردبيلي ان المفه$$وم من كالم
االصحاب هو ضمان العين في االجارة .
فحينئذ قاعدة العكس ال تشمل االج$$ارة النه$$ا بلح$$اظ المنفع$$ة ت$$دخل في االص$$ل و بلح$$اظ العين
كذلك.
و يتعجب المص$$نف في المق$$ام من وج$$ود نس$$بتين متب$$اينتين الى االص$$حاب ف$$االردبيلي ينس$$ب
الضمان اليهم بينما المحقق الكركي نص على ان ال$$ذي يل$$وح من كلم$$ات االص$$حاب ه$$و ع$$دم
ضمان العين المستاجرة اذا استوفى المنفعة و تبين الفساد فتلتف العين .
ولكن على ال$$رغم من ان المحق$$ق الك$$ركي نس$$ب الى االص$$حاب ع$$دم الض$$مان اال ان$$ه اخت$$ار
الضمان ،و علل ذلك بان االجارة مع فسادها تكون يد المس$تأجر عليه$ا ي$د ع$دوان و غص$ب
فال يج$وز التص$$رف فيه$$ا ،فكم$$ا ان الغاص$$ب ل$$و تص$$رف في العين و تلفت العين ب$$دون تع$$د
178
يضمن فكذلك فيما نحن فيه فان اس$$تيفائه للمنفع$$ة من العين ح$$رام بحس$$ب الف$$رض ،فل$$و تلفت
العين يضمن ايضا.
ثم احتمل ان تكون قاعدة العكس مبطلة لذلك الدليل المتقدم و ذلك لصدق عقد الوض$$ع فيه$$ا الن
االجارة الصحيحة ال ضمان في عينها و واضح الن التصرف باستفياء المنفعة م$$أذون في$$ه فال
تكون يده على العين يد عدوان فلو تلفت ال يضمن ،ومقتضى قاع$$دة االص$$ل ان ال يض$$من في
الفاسد.
والحاصل ان ضمان العين في االج$$ارة عن$$د من يق$$ول بالض$$مان يعت$$بر ذل$$ك نقض$$ا على كلي$$ة
العكس.
فاذا رجحنا و ما زال الكالم للكركي فاذا رجحنا عموم قاعدة العكس فكيف نوجه عدم الض$$مان
بالفاسد مع ان يده على العين مع الفساد يد عدوان .
يوجه ذلك المحقق الك$$ركي ان المف$$روض ان المس$$تأجر للعين لم يكن على علم بفس$$اد االج$$ارة
فيكون باستيالئه ووضع يده على العين قد دخ$$ل على ع$$دم الض$$مان ال ان$$ه اق$$دم على الض$$مان
العتقاده بصحة المعاملة ،فلو تبين بعد ذلك الفساد و تلفت العين ،فنشك في اشتغال ذمته ب$$ذلك
،واالصل يقتضي براءة الذمة ،ثم ينظر للمسالة بمسالة فساد ال$$رهن فان$$ه في فس$$اد ال$$رهن ق$$د
يقال ان يد المرتهن حينئذ تكون يد عدوان فاذا تلف الرهن عنده يجب ان يض$$من الن اس$$تيالؤه
على الرهن بغير حق و الحال انهم باالتفاق يقولون بعدم الضمان فاالجارة الفاسدة مثله.
بعده يشرع الماتن بعد نقل كلمات القوم و خالفهم في تحقيق هذا الفرع ،و هو ان العين تضمن
في االجارة الفاسدة ام ال ،يقول انه يوجد منشئان للقول بالض$$مان االول ان يق$$ال ب$$ان االج$$ارة
الفاسدة خارج تخصصا عن موضوع قاعدة ما ال يضمن ،والوجه في الخروج الموضوعي ان
متعلق العموم في القاعدة ه$$و العق$$د و العق$$د في االج$$ارة يتعل$$ق بالمنفع$$ة فال عق$$د على العين ،
لتدخل في موضوع القاعدة و اذا خ$$رجت عن القاع$$دة مض$$مونا فال تص$$لح القاع$$دة لمعارض$$ة
الدليل الذي يدل على الضمان لو كان ،اذ ان معارضة دلي$$ل الخ$$ر ف$$رع دخ$$ول الم$$ورد تحت
موضوع الدليلين و المفروض ان العين في االجارة خارجة عن موضوع القاعدة ،و على ه$$ذا
االس$$اس فال يق$$ع قاع$$دة م$$ا ال يض$$من م$$وردا للمعارض$$ة فالب$$د في م$$ورد العين ان نبحث عن
مقتضى القواعد االخرى و نالحظ انه يوجد ف$رق بين ص$حيح االج$ارة و فاس$دها ففي ص$حيح
االجارة اليد على العين يد امانة لكونها ماذونا بها و ممض$$اة من قب$$ل الش$$ارع ام$$ا في الفاس$$دة
فدفع صاحب العين لها للمستاجر اعتق$ادا من$ه باس$تحقاقها الس$تيفاء منفعته$ا و ه$ذا االعتق$اد لم
يمضه الشارع بحسب الفرض فتكون يده عليه يد عدوان ،فيضمن.
81
179
في االجارة الصحيحة ال ضمان للعين فبمقتضى ما ال يضمن بصحيحه ال يضمن بفاسده ينبغي
ان ال تض$$$من العين في االج$$$ارة الفاس$$$دة ،ولكن ذك$$$ر لض$$$مان العين في االج$$$ارة الفاس$$$دة
توجيهان :
التوجيه الثاني :ما ذكره صاحب الجواهر وألغ$$زه المص$$نف حيث ان$$ه غاي$$ة م$$ا اش$$ار الي$$ه ان
ضمان العين في الفاسدة مع عدم ضمانها في الصحيح الجل ان قاع$$دة م$$ا ال يض$$من معارض$$ة
بقاع$$دة الي$$د و ه$$ذا البي$$ان على اجمال$$ه غ$$ير واف في اثب$$ات الض$$مان اذ ق$$د يق$$ال ان مقتض$$ى
التعارض التس$$اقط فنش$$ك في الض$$مان واالص$$ل ع$$دم الض$$مان ،ولكن بع$$د التام$$ل فيم$$ا اف$$اده
ص$$احب الج$$واهر يتض$$ح مقص$$ود المص$$نف اوال توض$$يح المعارض$$ة حيث ان قاع$$دة العكس
تقتضي عدم الضمان في االجارة الفاسدة واما قاعدة الي$$د فباعتب$$ار ان ي$$د المس$تأجر على العين
ليست مأذونه بمقتض$$ى فس$$اد االج$$ارة فالب$$د حينئ$$ذ بمقتض$$ى قاع$$دة الي$$د ان يض$$من العين الى
حين .
ثانيا في بيان النسبة بين القاعدتين يظهر من الجواهر ان النسبة بينهما هي العموم والخصوص
من وجه حيث انهما يش$تركان في العق$$ود ال$$تي ال ض$$مان في ص$$حيحها لكن يوج$د ض$$مان في
فاسدها ،فبمقتضى اليد يضمن و بمقتضى القاعدة ال يضمن ،و اما جهة االختالف فاليد تشمل
المغص$$وب و القاع$$دة ال تش$$مله ،ام$$ا جه$$ة اختالف القاع$$دة عن الي$$د ففي المن$$افع واالعم$$ال
فالقاعدة تشمل المنافع واالعيان واليد تقدم انه ال تشملهما .
ثالث$$ا :القاع$$دة في التع$$ارض على وج$$ه العم$$وم والخص$$وص من وج$$ه تقتض$$ي التس$$اقط في
المجمع اال اذا دلت قرينة على ت$رجيح اح$دهما ،فق$د يق$ال ان القرين$ة م$ع القاع$دة باعتب$ار ان
العين المس$$لمة في االج$$ارة الفاس$$دة ع$$دم الض$$مان فيه$$ا مط$$ابق لقاع$$دة ع$$دم ض$$مان االمين ،
واالجارة وان كانت فاس$دة ولكن الم$ؤجر باختي$اره ورض$اه س$لمه العين ،فتك$ون قاع$دة ع$دم
ضمان االمين مرجحة لقاعدة ما ال يضمن ،و لكن قد تق$$دم جواب$$ه ،ف$ان تس$ليم الم$$وجر العين
لالجير قضاءا لحق االجارة ،و بعد تبين فسادها فليس من المعلوم رضاه و طيب نفس$$ه ،ول$$ذا
يجب عليه الرد فورا ،وانما المرجح لقاعدة اليد الن قاعدة ما ال يضمن لو خصص$$ناها بقاع$$دة
الي$$د يبقى له$$ا م$$ورد في العق$$ود ،وه$$و في م$$وارد المن$$افع واالعم$$ال ،بينم$$ا قاع$$دة الي$$د ل$$و
خصصناها ال يبقى لها مورد في العقود لعدم جريانها في المن$$افع واالعم$$ال كم$$ا تق$$دم ،او الن
لسان قاعدة على اليد آب عن التخصيص بخالف ك$$ل م$$ا ال يض$$من فان$$ه ال ي$$أبى التخص$$يص،
وعليه فمقتضى قاع$$دة الي$$د ه$$و ض$$مان العين في االج$$ارة الفاس$$دة ،بع$$د ان بين الم$$اتن وجهي
الض$$مان ش$$رع في تحقي$$ق المس$$الة وق$$وى الق$$ول بع$$دم الض$$مان و بم$$ا ان الف$$رق بين وجهي
الضمان المتقدمين آنفا عبارة عن ان الوجه الثاني يكون من باب التخصيص والوجه االول كما
تقدم يكون من باب التخص$$ص والخ$$روج الموض$$وعي فل$$ذا الب$$د من رف$$ع ك$$ل من التخص$$ص
والتخصيص ،و كالمه في الكتاب على حد الفتوى.
180
اما عدم االلتزام بالخروج التخصصي فالن وجه الخروج التخصصي هو ان م$$ا ال يض$$من في
القاعدة هو مورد العقد و مورد العقد في االجارة هو المنفعة ال العين ،فال تشمل القاع$$دة العين
لينقض بالعين على القاعدة .
الجواب ان العين وان لم تكن موردا لالجارة صراحة ولكنها موردا لها ض$$منا الن الح$$ديث في
هذا النقض انما في النحو االول من االجارة اعني االجارة التي يكون العق$$د فيه$$ا بلح$$اظ تس$$ليم
العين على نحو البشرط شيء ،فبما انها بشرط تسليم العين فالعين داخلة ضمنا فيشملها كل م$$ا
ال يضمن ،فليس المورد خارجا تخصصا عن عموم القاعدة .
اما دعوى تخصيص القاعدة بقاعدة على الي$$د فلم نفهم وجه$$ه ،الن دع$$وى ان تخص$$يص على
اليد ال يبقي لها موردا واضح البطالن ،اذ يبقى لها مورد في العقود التي تضمن بصحيحها مع
كون متعلقها االعيان كعقد البيع .
ام$$ا دع$$وى ان لس$$انها آب عن التخص$$يص فليس$$ت بتام$$ة الن الغ$$الب ان اللس$$ان اآلبي عن
التخصيص هو اللسان المعلل كما في الخبر قف عند الشبهات فان الوقوف عند الشبهة خير من
االقتحام في الهلكة.
فال وجه على تقدير داللة الخبر على ل$$زوم االحتي$$اط على تخصيص$$ه بش$$بهة دون اخ$$رى ،اذ
يصبح المعنى على التخصيص قف عند الشبهة الفالنية الن الوقوف عندها ال خير في$$ه بخالف
الوقوف عند شبهة اخرى فانه فيه خير ،و قاعدة على ليد ليست من هذا القبيل.
يقع البحث في الموارد التي توهم اختالل عموم القاعدة فيها اشكل السيد اليزدي على الشيخ بان
البحث السابق كان من موارد توهم النقض على القاعدة ،فكان ينبغي ان ي$$ذكر في ض$$من ه$$ذا
العنوان ال قبله .
هذا االشكال فنيا يرد على المصنف ولكن لعل الذي يسهل الخطب في ذلك شدة الخالف في هذا
المورد من جهة مع كونه مرتبطا عندما ذكر باصل مفاد القاعدة ،بمعنى ان العين في االج$$ارة
هل تدخل في مورد القاعدة ام ال ،فتحقي$ق ح$ال ه$ذا الم$ورد ليس من جه$ة النقض ب$ه ب$ل من
جهة شمول عموم القاعدة له و عدم شموله ،فحيثية ذكره مختلفة .
المورد االول من موارد النقض على القاعدة مسالة الصيد الذي استعاره المحرم ،هنا اش$$كالية
نشأت من خلط حصل بين متن الشرائع و ش$رح الج$واهر ،ففي الج$واهر اض$اف كلم$ة ت$وهم
البعض انها من متن الشرائع فصار ذلك منشأ لالعتراض على هذا المورد اوال نوضح الم$$ورد
الشك ان المح$$رم ليس ل$$ه ان يأخ$$ذ الص$$يد فض$$ال عن ان يص$$طاد فل$$و ف$$رض ان محال اعطى
محرما صيدا عبارة الشرائع فامسكه اضاف في الجواهر وبعد امساكه ارس$$له فباالرس$$ال تل$$ف
الصيد فيضمن المحرم ،و الحال انها عارية والعارية في صحيحها ال يوجد ضمان فكيف وجد
181
في فاسدها ،بناءا على ان عارية المحرم فاسدة فاشكل على ه$ذا المث$ال ان ه$ذا من االتالف ال
من التلف ،فان المرس$$ل ول$$و بحكم الش$$ارع ه$$و المس$$تعير و ه$$ذا بحكم االتالف ال التل$$ف ،و
قاعدة ما يضمن مورده$$ا التل$$ف ال االلتالف ،ولكن ه$$ذه الزي$$ادة ليس$$ت موج$$ودة في الش$$رائع
فيمكن التصوير بحيث يدخل البحث في التلف بحيث يق$$ال ان المح$$رم امس$$ك الص$$يد و قب$$ل ان
يرسله تلف بافة سماوية .
يجيب المص$$نف عن م$$ورد النقض ان ه$$ذا الم$$ورد خ$$ارج عن القاع$$دة تخصص$$ا باعتب$$ار ان
المستعير بمجرد اخ$$ذه للص$$يد م$$ع تكليف$$ه الش$$رعي باالرس$$ال ص$$ارت ذمت$$ه مش$$غولة بالقيم$$ة
فانشغال الذمة بالقيمة ليس الجل ضمان التلف النها انشغلت قبل التلف فانشغال الذم$$ة بض$$مان
القيمة الجل االتالف بحكم الشارع بوجوب االرسال ال ان التلف بافة س$ماوية ه$$و ال$$ذي اوجب
الضمان ،فيكون المورد خارجا عن موضوع القاعدة.
82
المورد الثاني المنافع غير المستوفاة فل$$و اج$$ر االنس$$ان داره فت$$ارة يس$$كن المس$$تاجر في ال$$دار
فيقال حينئذ ان المنفعة قد استوفيت و اخرى ال يسكن في الدار فتكون س$$كنى ال$$دار من المن$$افع
غ$$ير المس$$توفاة ،ف$$الكالم في ه$$ذا النقض في المن$$افع غ$$ير المس$$توفاة اتفق$$وا على ان االج$$ارة
الصحيحة او البيع الصحيح ال يقتضي الضمان في المن$$افع غ$$ير المس$$توفاة فل$$و باع$$ه ال$$دار او
اجره ايها و كان البيع او االج$ارة ص$$حيحه واقال$$ه بفس$خ او نح$وه فيس$ترجع الثمن بتمام$$ه من
دون ان ينقص من$$ه م$$ا ب$$ازاء المنفع$$ة غ$$ير المس$$توفاة و ه$$ذا ام$$ر متف$$ق علي$$ه بينهم في العق$$د
الصحيح ،ولكنهم ذهبوا الى ضمان المن$$افع غ$$ير المس$$توفاة فيم$$ا ل$$و ك$$ان العق$$د فاس$$دا و ه$$ذا
مخالف لقاعدة ما ال يضمن اذ وجد مورد ال يضمن بصحيحه ولكنه يضمن بفاسده .
هنلك محاولة للجواب عن هذا النقض حاصلها ان هذا المورد في الحقيقة ينبغي ان يندرج تحت
قضية االصل ال العكس بدعوى ان المنافع غير المستوفاة تض$$من في الص$$حيح والفاس$$د مع$$ا ،
وبعبارة اخرى ان النقض بالمنافع غير المستوفاة فرع تسليم ان العق$$د الص$$حيح ال تض$$من في$$ه
المنافع غير المستوفاة والحال ان المنافع المستوفاة مضمونة على كل من تقدير الصحة والفساد
،تقريب الوجه في ذلك ان المؤجر او البائع عندما سلم العين التي تقبل االستفادة منه$$ا الى م$$دة
زمانية محدودة فعدم االستفادة من العين في تلك المدة يرج$ع الى تقص$ير من قب$ل المش$تري او
المستاجر فهو الذي يضمنه .
يجيب المص$$نف ان الم$$دار في الض$$مان و عدم$$ه ه$$و ك$$ون الثمن ب$$ازاء العين ام ب$$ازاء العين
والمنفعة ف$$ان قلن$$ا ان الثمن في ال$$بيع مثال ب$$ازاء ك$$ل من العين و المنفع$$ة بحيث يقب$$ل التقس$$يط
فلتفويت المنفعة و ان كان بعدم اس$تيفائها قس$ط من الثمن فجيب ض$$مانه ولكن ال$$بيع في الواق$ع
والحقيقة الثمن فيه بازاء العين ،و المنافع تعتبر من الدواعي التي من اجلها ترتف$$ع قيم$$ة العين
182
او تنخفض ال ان الثمن يوزع على كل من العين والمنفعة ،والدواعي وان كان مما يقدم بسببها
العقالء ولكنها ال يوزع عليها الثمن عندهم وانما يبذل تمام الثمن بازاء العين ،و عليه فالمن$$افع
غ$$ير المس$$توفاة في العق$$د الص$$حيح ال تض$$من ،والح$$ال انهم اتفق$$وا على ض$$مانها في الفاس$$د
فيصلح هذا المورد نقضا على قاعدة العكس.
المورد الثالث :حمل المبيع الفاسد فلو ان شخصا باع شاة و كانت حامال ثم تبين ان البيع فاس$$د
هذه المسالة يمكن ان يذكر لها صور اذ ت$$ارة يك$$ون ق$$د باع$$ه كال من الحام$$ل والمحم$$ول على
اساس ان الثمن بازائهما معا واخ$رى يك$ون الم$بيع ه$و خص$وص الحام$ل ،دون المحم$ول و
ثالثة بالعكس :
على االول يدخل الم$$ورد في قاع$$دة االص$$ل بلح$$اظ ك$$ل من الحام$$ل والمحم$$ول ،الن الش$$يء
يضمن بصحيحه فيضمن بفاسده ،و على الثاني لو تبين ان ال$$بيع فاس$$د وتل$$ف الحم$$ل في ه$$ذه
الصورة ال ضمان للحمل في البيع الصحيح في صورة التلف ،النه امانة عنده الى ان تلد الشاة
واالمانة ال ضمان فيها في صورة التلف ،فينتج ذلك ان الحمل ال يضمن في العقد الصحيح مع
ان الفقهاء ضمنوا في العقد الفاسد فصح النقض اذ ان الحمل ال يضمن في الصحيح فك$$ان حق$$ه
بمقتضى القاعدة ان ال يضمن في الفاسد ولكنهم ضمنوا.
الصورة الثالثة :الحمل فانه يضمن بصحيحه وفاسده النه هو المبيع.
ح$اول الش$هيد االول ان يوج$ه االم$ر ب$ان يح$ول ه$ذه الص$ورة ال$تي نبحث عنه$ا الى ص$ورة
تخرجها عن محل النزاع وهو ان يكون الكالم فيما اذا اشترط المشتري دخول الحمل في ال$$بيع
وحينئذ يكون المورد اجنبيا عن قاعدة العكس الن الحمل اذا كان جزءا من المبيع صار يض$$من
بصحيحه و فاسده ،و هذا كما ترى توجيه لفتوى االصحاب الذي بحسب الظاهر االص$$ل فيه$$ا
هو العالمة ،وليس توجيها لرواية واردة في البين .
المورد الرابع :يرتب$$ط بالش$$ركة الفاس$$دة ،فالش$$ركة عق$$د من العق$$ود ال$$تي تقتض$$ي المش$$اركة
واالشتراك بالمال بين طرفين ولها شروط مذكورة في محلها لو اخت$ل بعض$ها تحكم بالفس$اد و
بعد الحكم بالفساد يوجد نظريتان :
االولى :انه بعد فساد الشركة يجوز لكل واحد من الشريكين ان يتص$$رف في االم$$ر المش$$ترك
الن الشركة كاشفة عن االذن و فساد الشركة ال يمنع كشفها .
والنظرية الثانية مفادها ان الكاش$$ف عن االذن ه$$و الش$$ركة لكن االذن ك$$ان على تق$$دير ص$$حة
الشركة فاالذن المعلق على امر اذا تبين عدم وجوده فال يكون االذن متحققا ،وكالمن$$ا في م$$ور
النقض بناءا على هذه النظرية الثانية ،فان احد الشريكين تل$$ف في ي$$ده حص$$ة الش$$ريك ،ففي
العقد الصحيح للشركة ال ضمان بينما في العقد الفاسد حكم$$وا بالض$$مان وليس ذل$$ك اال الن ي$$د
183
الش$$ريك على الم$$ال المش$$ترك بع$$د ف$$رض ع$$دم االذن ي$$د ع$$دوان فت$$دخل في قاع$$دة على الي$$د
ذن فان يده يد امانة فال يضمن. فيضمن ،بخالف ما لو قلنا باال
بعد ذلك يتعرض الماتن لمدرك هذه القاعدة فالمدارك المتقدمة في قاع$$دة االص$$ل ال تج$$ري في
المقام الن المدارك ال 3المتقدمة كانت تثبت الضمان في الفاسد ونحن هنا نري$$د ان نثبت ع$$دم
الضمان ،فال تجري ،الشيخ الطوسي في الكالم المتقدم عنه تمسك بمفهوم األولوية و ص$$ياغة
قياس االولوية كالتالي :اذا كان العقد الصحيح ال يستوجب الضمان فالعقد الفاسد من ب$$اب اولى
ال يستوجبه ووجه االولوية ان العقد الذي امضاه الشارع لم يكن سببا للض$مان ف$اذا ك$ان فاس$دا
فهذا يعني ان الشارع نزله منزلة العدم فلو قلنا بالضمان في$$ه فال يخل$$و من اح$$د وجهين ،فمثال
الرهن الصحيح ال ضمان فيه فاذا كان في فاسده ضمان فاما لالقدام على الضمان ،وام$$ا لحكم
الشارع بالضمان و كالهما باطل اما االول فلكون$$ه خالف الف$$رض ،ف$$ان المتراه$$نين لم يق$$دما
على الضمان بل الرهن مجرد وثيقة عند المرتهن لمن له عليه دين ،لو كان فيه اق$$دام الوجبن$$ا
الضمان في الصحيح ايضا اما ان الثاني باطل فالمفروض ان الش$$ارع حكم بالفس$$اد والفاس$$د ال
يترتب عليه االثر فال سبب يوجب الضمان .
83
هنلك اشكال في توضيح الشيخ لالولوية او بعب$$ارة اخ$$رى هنل$$ك اش$$كال في توجي$$ه االولوي$$ة ،
حيث ان الشيخ الطوسي اراد ان ينتقل من عدم الضمان في الرهن الص$حيح الى ع$دم الض$مان
في الرهن الفاسد و ذلك الن القضية العكس في الواقع تتركب من قضيتين اح$$داهما تمث$$ل عق$$د
الوضع و االخرى تمثل عقد الحمل ،اما ما يمثل عقد الوضع فهو قولنا ما ال يضمن بص$$حيحه
التي مرجعها الى كون عقد ال$$رهن ال ض$$مان في ص$$حيحه ،و ه$$ذه القض$$ية ال$$تي يمثله$$ا عق$$د
الوضع تثبت من دليل خارجي وهو ما دل على ان الرهن ال يضمن بصحيحه ،والقض$$ية ال$$تي
يمثلها عقد الحمل هو قولنا ال يضمن بفاسده ،المدعى عند الشيخ الطوسي اولوية عدم الضمان
في الرهن الفاسد من عدمه في الرهن الصحيح ،باعتبار ان الصحيح ال$$ذي امض$$اه الش$$ارع لم
يؤثر في ال$رهن فكي$ف بالفاس$د ،ه$ذه االولوي$ة وجهه$ا الش$يخ باالس$تعانة بالض$مان في العق$د
الصحيح و حقه ان يستفيد من عدم الضمان في العقد الص$$حيح الن االولوي$$ة بحاج$$ة الى مقيس
عليه و مقيس بحيث يكون مناط الحكم في المقيس عليه اقوى منه في المقيس والمقيس عليه في
قياس االولوية في المقام هو عدم الضمان في العق$$د الص$$حيح ال الض$$مان في العق$$د الص$$حيح ،
والوج$$ه في ه$$ذا الع$$زوف من الش$$يخ عن قض$$ية ع$$دم الض$$مان في الص$$حيح الى الض$$مان في
الصحيح هو ان يبين النكتة التالية ،وهي ان الضمان في الصحيح من مقتض$$يات الص$$حة ف$$اذا
وجد في مقام صحة وال ضمان فهذا يع$$ني ان الص$$حة ليس له$$ا ق$$درة على اقتض$$اء الض$$مان ،
فينتج ان الفاسد من باب اولى ،لما عرفت من ان الشارع نزل الفاسد منزلة العدم ،الن االق$دام
184
ال يجري في الفاسد الن م$$ا اق$$دم علي$$ه ض$$مان خاص$$ه وه$$و لم يمض$$ه الش$$ارع ،وبالت$$الي فال
اشكال على الماتن ،بعد بيان االولوية تعرض الشيخ االعظم الى اشكالين على هذه االولوية :
االشكال االول وهو ما يرتضيه الشيخ و حاصله ان قي$$اس االولوي$$ة بحاج$$ة الى وج$$ود ارك$$ان
اربعة :
االول :المقيس عليه كحرمة الضرب ،الثاني المقيس وهو حرمة التأفف ،الثالث المناط وه$$و
االذية في المثال ،الرابع كون المناط في المقيس عليه اقوى منه في المقيس.
وفي المقام قد يقال تمام اركان قياس االولوية لم تجتمع و ذلك الختالل ال$$ركن الث$$الث وبالت$$الي
يختل الرابع و ذلك المكان ان يقال ان صحة الرهن في المقيس علي$$ه لم تكن م$$ؤثرة في اثب$$ات
الضمان باعتبار ان تسلط المرتهن على العين بالتوافق العقدي كان موجبا لرفع ضمانه ،بينم$$ا
في الرهن الفاسد ال يوجد تسليط ليكون رافعا للضمان ،و ذلك لتبين فساد الرهن.
االشكال الثاني على مفهوم االولوية حاصله انه عندنا قاعدة عام$$ة تقتض$$ي الض$$مان في جمي$$ع
االمور وهي احد اهم المدارك في الضمان ،و قد تقدمت و هي عبارة عن قاعدة الي$$د ،فقاع$$دة
اليد لكونها دليال نقليا قابلة للتخصيص ،بينما اددل$$ةة ع$$دم الض$$مان في بعض العق$$د الص$$حيحة
تكون موجة لتخصيص القاع$$دة ،فيخ$$رج من تحت القاع$$دة بعض العق$$ود الص$$حيح ة ك$$الرهن
والهبة والعارية فيبق غيرها داخال تحت اليد ،والعقود الفاسدة لتل$$ك العق$$ود الص$$حيحة يص$$دق
عليها انها غيرها ،فتبقى داخلة تحت قاعدة اليد ،وبعبارة اخرى ان قي$$اس األولوي$$ة يص$$ح ل$$و
كان مدرك الضمان هو الدخول على الض$$مان ،فيق$$ال حينئ$$ذ ان ه$$ذا غ$$ير موج$ود في ال$$رهن
والعارية الصحيحين و غير موجود في الفاسدين ،اما لو كان المناط هو قاع$دة الي$د فال يخ$رج
عنها اال بمقدار م$$ا دل علي$$ه ال$$دليل و ال$$دليل دل على خ$روج بعض العق$$ود الص$$حيحة ،وام$$ا
الفاس منها فيبق داخال تحت عموم قاعدة اليد
يجيب المصنف عن هذا االشكال ،انه نسلم بان عم$وم قاع$دة الي$د يقتض$ي الض$مان في جمي$ع
العقود الصحيح منها والفاسد وسلمنا ايضا ان بعض العقود الصحيح خرجت عن تحت العم$وم
بدليل و لكن اذا الحظنا ذلك الدليل و حللناه لوجدنا ان المنشا في عدم الضمان في ص$$حيح ه$$ذه
العقود ينطبق على العقود الفاسدة ايضا فمثال في الموارد التي يملك المالك العين مجانا كالهبة ،
او الموارد التي يسلط المال$$ك غ$$يره على االنتف$$اع ب$$العين كاالج$ارة والعاري$$ة و الم$$وارد ال$$تي
يستأمن المالك فيها غيره على العين كالوديعة و ما شاكل ذلك من هذه الموارد ف$$ان منش$$أ ع$$دم
التضمين فيها موجود في فاسد هذه المعامالت وهو التسليط المجاني او االس$$تئمان و م$$ا ش$$اكل
ذلك و فساد الهبة مثال الختالل صيغتها ال يعني ان المالك ال يريد ان يسلك غيره على االنتف$$اع
بالعين مثال فما دام هذا موجودا في صورة الفساد فيك$$ون ض$$امنا ايض$$ا ولكن ال نبغي ان نغف$$ل
185
ان هذا الذي ذكره الماتن في المقام يكون دليال اخر على قاع$$دة م$$ا ال يض$$من و ليس ه$$و دلي$$ل
االولوية بل هو اقرب ما يكون الى دليل المساواة .
84
الحكم التكليفي بوجوب رد المقبوض ،وهو يتف$$رع في الواق$$ع على الق$$ول بفس$$اد المعامل$$ة ،و
عدم ترتب االثر عليها فان العين الموجودة في يد المشتري مثال ال تكون ملكا ل$$ه ،وال امان$$ة ،
وعموما ال تكون ماذونا بها والمسالة ترتب$ط ارتباط$ا وثيق$ا ب$القول بع$دم ج$واز التص$رف في
المقبوض بالعقد الفاسد فانه ل$و قلن$ا بع$دم ج$واز التص$رف في$ه فوج$وب ال$رد ف$ورا يك$ون من
الواضحات ،الن ابقاء العين تحت اليد نوع من انواع التصرف ،والمفروض انه مح$$رم ،وال
يتخلص عن هذا الحرام اال ب$$الرد الف$$وري فيك$$ون ال$$رد الف$$وري مقدم$$ة للتخلص من الح$$رام ،
فيجب الن مقدمة ترك الحرام واجبة ،هذا ما يفهم من جماعة من الفقهاء كالمقدس االردبيلي و
جامع المقاصد الكركي والعالمة قبلهم في التذكرة وحاصل ما يمكن ان يستدل به على ذلك اوال
االجماع المدعى في كلمات المقدس االردبيلي ،حيث عبر عن ذلك بقوله عند علمائن$$ا اجم$$ع ،
الدليل الثاني التمسك بما ورد عن امامنا صاحب االمر سالم هللا عليه في توقيعه ال يجوز الح$$د
ان يتصرف في مال غيره اال باذنه ،وتق$$ريب االس$$تدالل ان$$ه بع$$د الف$$راغ عن فس$$اد المعامل$$ة
يصدق على العين في يد المشتري انه$$ا م$$ال الغ$$ير فتنقح موض$$وع الح$$ديث فيثبت الحكم وه$$و
عدم جواز التصرف ،وعدم جواز التصرف كما تقدم قبل قليل يالزم وجوب الرد ،ه$$ذا ال$$دليل
يمكن ان يناقش فيه بامرين :
االول :اننا ال نسلم بان االمساك يكون تص$$رفا الن التص$$رف من الص$$رف بمع$$نى القلب ،فال
يصدف التص$$رف اال ب$$التقلب ب$$العين ،واالمس$$اك ال يص$$دق علي$$ه تقلب في العين ،فحينئ$$ذ ال
يصدق موضوع الحديث فال يشمله الحكم.
يجيب المصنف عن هذا االشكال اوال ال نسلم بان االمساك ال يصدق عليه انه تصرف ب$$ل ه$$و
عند العرف يصدق على االبقاء في اليد انه تصرف فيما ليس له .
ثانيا :لو تنزلنا و قلنا بع$دم ص$دق التص$رف على االمس$اك ،ف$ان ه$ذا المض$مون ال ينحص$ر
ب$$التوقيع الص$$ادر من الناحي$$ة المقدس$ة ب$$ل عن$$دنا م$$ا يفي$$د ه$$ذا المض$$مون وال يوج$د في$$ه لف$$ظ
التصرف ك$النبوي المش$هور ال يح$ل م$ال ام$ريء اال عن طيب نفس حيث يص$دق على العين
التي في يد المشتري بعد الحكم بالفساد انها مال امريء فيشملها الحكم من عدم الحلية .
المناقش$$ة الثاني$$ة وهي ال تختص ب$$التوقيع ب$$ل تش$$مل النب$$وي ،وحاص$$لها ان الموض$$وع في
الخبرين ليس مطلقا بل هو بقيد عدم االذن فليس مطلق مال الغير محرما بل المحرم مال الغ$$ير
من دون اذنه من دون طيب نفسه و هذا القيد ال يتحقق في المقبوض بالعقد الفاسد ،و ذلك الن
البائع قد دفع اليه العين باختياره و دفع العين الى شخص باختياره اذن و طيب نفس .
186
يجيب قده عن هذه المناقشة ان طيب نفس البائع واذنه ليس على نحو االطالق ايض$$ا ،ب$$ل ه$$و
حيثي أي ان نفسه طابت بالتسليم من حيث انه طرف في المعاوضة ،النه اخ$$ذ في مقابل$$ه ف$$اذا
تبين فساد المعاملة يزول االذن الن اقدامه على تسليم العين ليس مجان$$ا وال امان$$ة ب$$ل من حيث
انه طرف في المعاوضة و بعد بطالن المعاوضة يزول االذن النه كما عرفت حيثي.
وبهذا يثبت وجوب الرد ،اال ان الذي يشوش علينا في هذه المس$$الة ان الش$$يخ الطوس$$ي يظه$$ر
منه ان االمساك ال اثم فيه ،فلو كان الرد واجب$$ا لك$$ان الممس$$ك ماثوم$$ا ،ب$$ل ادعى ابن ادريس
االجماع على عدم االثم .
يجيب المصنف عن ذلك اوال بان ما نسبه ابن ادريس الى االصحاب غير ثابت كيف! والكثير
لم يتعرض الى مسالة االثم وثانيا ان من تعرض للمسالة على وجه االطالق من القريب جدا ان
يكون ناظرا الى صورة الجهل بالفساد .
ونفي االثم في صورة الجهل ال يالزم نفي وجوب الرد مع العلم بالفساد ،بعد ان ثبت المقتضي
للمسالة وهي االدلة ال 3المتقدمة وارتفع المانع وهو التوهم المتقدم ما نسب الى االصحاب بقي
لدينا امر ذكره الكركي ،فانه بعد ان التزم بوجوب الرد على المشتري تعرض لف$$رع وه$$و ان
الرد قد يستلزم مؤونة فمؤونة الرد على المش$$تري والوج$$ه في ذل$$ك ان مقدم$$ة ال$$واجب واجب$$ة
فالرد واجب علي ،وهو يتوقف على بذل مؤونة فتجب.
كالمه هذا ال يفرق فيه بين المؤونة القليلة والمؤونة الكثيرة وظ$$اهره ان المؤون$$ة يجب تحمله$$ا
بلغت ما بلغت ،اال ان الذي يقف في مقابل هذا االطالق قاعدة ال ضرر فان المؤون$$ة المجحف$$ة
في حق المشتري مرفوع$ة بقول$ه ص$لى هللا علي$ه وال$ه ال ض$رر وال ض$رار فتك$ون قاع$دة ال
ضرر مقيدة ألدلة وجوب الرد.
لقائل ان يقول انه اذا كانت ادلة نفي الضرر تشمل م$$ا نحن في$$ه فال ف$$رق ب$$بين المؤون$$ة القليل$$ة
والكثيرة ،الن كالهما نوع من انواع الضرر ،و الجواب ان المقصود من الكثير في المقام هو
الزائد عن الحد المتعارف.
85
االمر الثالث من االمور التي تترتب على المقبوض بالعقد الفاس$د م$ا يرتب$ط بض$مان المن$افع ،
فالمنافع الثابتة للمقبوض بالعقد الفاسد تصنف الى صنفين :
االول :المنافع التي تفوت باالستيفاء كما لو اشترى دارا بعقد فاسد وانتفع بها بالسكنى .
الثاني :المنافع التي تفوت بمرور الوقت كما لو اشترى دارا بالعق$$د الفاس$د ولم ينتف$$ع منه$$ا الى
وقت ما.
187
الكالم فعال في الص$$نف االول ذهب المش$$هور الى ان ه$$ذا الص$$نف من المن$$افع مض$$مون على
المتشري بل يظهر من صاحب السرائر ان المسالة محل اتفاق بن الفقهاء ،حيث انه تق$$دم من$$ه
سابقا و جعل المقبوض بالعقد الفاس$د بمنزل$$ة المغص$$وب ،والح$ال ان الفقه$$اء اتفق$$وا ص$$راحة
على ان الغاص$$ب يض$$من المن$$افع المس$$توفاة ولم يظه$$ر من اح$$د خالف في المس$$الة س$$وى م$$ا
صرح به ابن حمزة في الوسيلة لكن ال على وجه االطالق بل خصوص كون المقبوض بالعق$$د
الفاسد قد استوفيت منافعه مع جهل المتعاقدين بالفساد ،في خصوص ص$$ورة الجه$$ل ذهب الى
القول بعدم ضمان المنافع المستوفاة ،وعليه ففي المسالة قوالن :
االول :الضمان مطلقا جهال بالفساد ام علما ام علم احدهما .
الثاني عدم الضمان في صورة الجهل .
اما القول االول فاستدل له الفقهاء بقوله صلى هللا عليه واله ال يحل م$$ال ام$$ريء مس$$لم اال عن
طيب نفسه ،تقريب االستدالل يتوقف على اثبات صدق المال على المنفعة و اال ل$$و لم يص$$دق
المال على المنفعة لكان من التمسك بالعام في غير موضوعه ،او شككنا في صدق الم$$ال على
المنفعة فانه يكون من التمسك بالعام في الشبهة المفهومية.
المصنف يستدل على كون المنفعة ماال بوجهين :
االول :انه يصح جعلها ثمنا في البيع والحال ان البيع عبارة عن مال مبادل$$ة م$$ال بم$$ال فل$$و لم
يكن المال صادقا على المنفعة لما صدق على صورة جعل المنفعة ثمنا انها بيع .
الثاني :ان المنفعة باالتفاق يصح وقوعها صداقا ومهرا بل ورد في ذلك بعض االخبار والحال
ان المهر من االموال مما يتمول به ،بل يمكن الق$$ول ان وراء ه$$ذين ال$$وجهين وج$$ه اخ$$ر ه$$و
الدليل االصلي ،فان المال و المالي$$ة عن$$د الع$$رف والعقالء هي م$$ا تنش$$أ من رغب$$ة العقالء في
الشيء فعندما يرغبون في ش$$يء اعم من كون$$ه عين$$ا و ذات$$ا او منفع$$ة و اس$$تفادة يكتس$$ب ذل$$ك
الشيء المالية فالمنافع يصدق عليها المال هذا هو الدليل و ل$$ذا ص$$ح وقوعه$$ا مه$$را و ثمن$$ا في
البيع .
اما القول الثاني الظاهر من ابن حمزة فاحتج له ب$$النبوي الخ$راج بالض$$مان و ه$$ذا النص يمكن
جبره عن طريق استفادة هذا المضمون من نصوص كثيرة كما هو الحال في الروايات الواردة
لالستشهاد على كون منفعة المبيع في زمان الخيار للمشتري كقوله عليه السالم اال ترى انها لو
احرقت ك$$انت من م$$ال المش$$تري ،ف$$ان االم$$ام علي$$ه الس$$الم اس$$تدل على ك$$ون منفع$$ة الم$$بيع
للمشتري بكون المشتري ضامنا للمبيع لو تلف.
اما ارتباط ه$ذه النص$وص ب$النبوي الم$ذكور فالن مف$اد الح$ديث س$واء حملن$ا الب$اء في قول$ه
بالضمان على السببية نظير قوله تعالى بذنوبهم اغرقوا ،ام حملناه$$ا على المعاوض$$ة كم$$ا ه$$و
188
االكثر في موارد المعامالت حيث تدل على المقابلة و البدلية فانه على ك$$ل تق$$دير يك$$ون مع$$نى
الح$$ديث ان خ$$راج العين و منافعه$$ا تك$$ون لض$$امن اص$$ل العين ،فكم$$ا ان المش$$تري بالعق$$د
الصحيح تثبت له منافع العين لكونه هو الضامن للعين فكذلك في كل عق$$د يثبت على المش$$تري
ضمان العين .و حينئذ ففيما نحن فيه لو اشترى شخص دارا بعقد فاسد و س$$كنها فان$$ه في ه$$ذه
الصورة ينبغي القول بعدم الضمان وليس ذلك اال النه في ص$$ورة الجه$$ل كم$$ا ه$$و المف$$روض
عند ابن حمزة قد اقدم على تقبل الخراج و المنافع مجانا ال على وج$$ه الض$$مان ،الن$$ه بحس$$ب
الفرض كان جاهال بفس$اد المعامل$ة فاق$دم على االس$تفادة من س$كنى ال$دار مجان$ا ال على وج$ه
التضمين ،فبالتالي ليس عليه ضمان ما يستوفيه من المنفعة للعين المقبوضة بالعقد الفاسد.
المصنف ال يرتضي هذا االستدالل ،ويفرق بين ص$$ورتين الص$$ورة االولى فلنس$$مها الض$$مان
المعاوضي او الضمان بالمسمى والثانية نسمها الضمان القهري ف$االولى كم$ا في م$وارد العق$د
الصحيح فان المشتري بالعقد الصحيح لم يضمن المنافع الن المن$$افع في مقاب$$ل ض$$مانه للعين ،
فمن كان عليه الغرم بالنسبة للعين فله الغنم بالنسبة للمنفعة .
اما الصورة الثانية فيمكن ان نمثل عليها بمثالين ،االول المضمون بالسوم كما ل$$و كنت اس$$اوم
البائع على سلعة لش$رائها و في وقت المس$اومة تلفت الس$لعة في ي$دي ف$ان الفقه$اء اتفق$وا على
ضمان السائم للسلعة ،والحال ان هذا ليس من الضمان المعاوضي وبالمس$$مى ب$$ل ه$$و ض$$مان
قه$$ري اثبت$$ه الش$$ارع بدليل$$ه ،ال ان المس$$اوم والمس$$اوم اق$$دما على الض$$مان بمعين و امض$$اه
الشارع كما في البيع الصحيح وانما هو تضمين قهري بدليله .
المثال الثاني كما لو تلف الماخوذ بالغصب فانهم اتفقوا على ضمان الفاسد مع ان$$ه ليس ض$$مانا
اختياريا من المتعاقدين امضاه الشارع بل هو ضمان قهري ثبت بدليله .
اذا اتضح الفرق بين الصورتين فما نحن فيه و هو المقب$$وض بالعق$$د الفاس$$د من قبي$$ل الص$$ورة
الثانية ف$ان الض$مان فيه$ا ليس اختياري$ا لف$رض ان الش$ارع حكم بفس$اد المعامل$ة و لم يمض$ها
وحينئذ يكون الق$ول بالض$مان ي$ترقب ال$دليل الش$رعي وه$و موج$ود وهي قاع$د ال يح$ل م$ال
امريء مس$لم ،و الم$وارد المتقدم$ة لقاع$دة الخ$راج هي م$وارد الض$مان بالمس$مى والض$مان
االختياري فال تصلح للوقوف في وجه قاعدة عدم حلية مال امريء مسلم في مقامنا لعدم دخول
المقام في قاعدة الخراج بالضمان.
86
قد يسجل نقض على جواب المصنف حيث ان النتيجة التي توصلنا اليها في الحديث السابق هو
ان الخراج في مقابل ما يتقبله اح$$د المتع$$املين على نفس$$ه و يمض$$ه الش$$ارع وعلي$$ه ففي بحث
العارية اش$$رنا ان االص$$ل فيه$$ا وان ك$$ان ع$$دم الض$$مان اال ان$$ه في م$$وردين تض$$من العين في
العارية ،االول عارية الذهب والفضة ،و الثاني العارية المشروطة بالضمان ،فلو ان شخصا
189
اعار اخر ثوب$$ا و ش$$رط علي$$ه الض$$مان و امض$$ى الش$$ارع ه$$ذا الش$$رط بقول$$ه المؤمن$$ون عن$$د
شروطهم فيكون المستعير حينئذ بمقتض$$ى الش$رط ق$د اق$دم على ض$$مان العين ،و الش$ارع ق$د
امضى ذلك ،فيكون نظ$ير الم$بيع في ال$بيع الص$حيح ،م$ع ان من$افع العين ليس$ت ل$ه ،وانم$ا
الثابت للمستعير تمل$$ك االنتف$$اع ال تمل$$ك المنفع$$ة ،و يظه$$ر ذل$$ك في عاري$$ة الحي$$وان ل$$و اول$$د
الحيوان المستعار عند المستعير ،فما للمستعير هو الركوب على الحيوان ،الذي هو انتف$$اع ال
وليد الحيوان الذي هو منفعة ،فاذا ثبت في م$$ورد من الم$$وارد ان تقب$$ل الممض$$ى من الش$$ارع
ثابت ولم يحصل في قباله تملك مج$$اني للمنفع$$ة ،ثم ي$$أمر في خت$$ام النقض بالتام$$ل ،يمكن ان
يكن االمر بالتامل راجع الى الحصيلة االتية من ان الحديث قاصر داللة الجماله كقصوره سندا
الرساله .
كما انه يمكن ان يكون ان النقض المذكور انما سجل على الحديث بع$$د الف$$راغ عن تماميت$$ه ل$$و
كان الحديث ابيا عن التخصيص ،فيقال حينئذ ان$ك حملت$ه على مع$نى يتوج$ه الي$ه النقض واال
فيكون مورد النقض خارجا حكما و تخصيصا عن مورد الحديث.
يظه$$ر من العالم$$ة و جماع$$ة ممن ت$$أخر عن$$ه مناقش$$ة ابن حم$$زة فيم$$ا ذهب الي$$ه بوج$$ه اخ$$ر
وحاص$$له ان م$$ا ذهب الي$$ه ابن حم$$زة ال يتناس$$ب م$$ع م$$ا ورد في بعض الرواي$$ات في ش$$راء
الجارية المسروقة حيث سئل االمام عن رجل سرق جارية وباعها فاجاب عليه السالم بض$$مان
قيمة الولد الذي تولده الجارية عند المشتري كما انه يضمن عوض اللبن الذي اعطته لولي$$دها ،
كما انه يضمن خدمة الجارية التي ادتها للمشتري ،اما ضمان قيمة الولد مع ع$$دم تلف$$ه فلكون$$ه
صار حرا واما البقية فلكونها من المنافع المستوفاة.
المصنف ال يرتضي هذه المناقشة الن اخبار سرقة الجارية اجنبية عم$$ا نحن في$$ه ،فيمكن البن
حمزة فيما نحن فيه ان يلتزم بعدم الضمان و يل$$تزم بالض$$مان في من$$افع الجاري$$ة المس$$روقة ،
لعدم المالزمة بينهما و ذلك الختالف مورد بحثنا عن مورد الجارية المسروقة ،فان بحثنا عن
بيع وعن عقد البيع الحاصل بين المالكين للعوضين فيمكن القول حينئذ ان الب$ائع فيم$ا نحن في$ه
اقدم برضاه واختياره على اعطاء ماله للمشتري فعدم الضمان له وجه ام$$ا في مس$$الة الجاري$$ة
المسروقة مالك الجارية لم يقدم على ذلك فهنلك امكانية للتفكيك بين م$$ا نحن في$$ه وبين الجاري$$ة
المسروقة ،هنلك ايضا وج$$ه اخ$$ر في المق$$ام تمس$$كوا ب$$ه البط$$ال كالم ابن حم$$زة عن طري$$ق
التمسك بصحيحة ابي والد ...المصنف يرى ان التمس$$ك به$$ذه الص$$حيحة لمناقش$$ة ابن حم$$زة
اضعف من التمسك بخبر الجارية المسروقة ولعل$$ه الج$$ل ان موض$$وع ص$$حيحة اب$$و والد ه$$و
كراء البغل و كالمنا في البيع فمن الممكن ان يفكك ابن حم$$زة بين ال$$بيع و بن االج$$ارة والس$$ر
في ذلك ان النبوي المرسل المتقدم الذي جعل ضمان العين في قب$ال مجاني$ة المنفع$ة ال يص$دق
على العين في االجارة ،الن االجارة ليست عق$$دا على االعي$$ان ب$$ل هي عق$$د على المن$$افع ففي
االجارة الصحيحة يكون المستأجر قد تقبل ضمان المنفعة و دفع المال بازائها فحينئذ ال يص$دق
190
الحديث المتقدم على العين لتكون المنفع$$ة مجان$$ا .فال يص$$ح مناقش$$ة ابن حم$$زة بص$$حيحة ابي
والد فتبين ان المناقشتين االخيرتين ال تتمان بنظر المصنف .
ثم يستدرك قائال ب$$ان ابن حم$$زة ل$$و ذهب الى الق$$ول ب$$االطالق و ان قاع$$دة الخ$راج بالض$$مان
مقبولة مطلقا كما هو مختار ابو حنيف$ة لص$حت مناقش$ة ابن حم$زة بص$حيحة ابي والد و خ$بر
سرقة الجارية ولكنه لم يعلم من ابن حمزة موافقة البو حنيفة .
المق$$ام 2في المنفع$$ة غ$$ير المس$$توفاة ويقص$$د منه$$ا ان تك$$ون العين له$$ا قابلي$$ة االنتف$$اع اال ان
القابض للعين لم ينتفع منها بالفعل فاذا بقبضه للمبيع بالبيع الفاس$$د يك$$ون ق$$د ف$$وت على المال$$ك
منفعة االستفادة من المبيع و ان لم يكن المفوت قد اس$تفاد فعال من تل$ك المنفع$ة ،على مس$توى
األقوال نفس ما قلناه في المقام االول يقال هنا فالمش$$هور ذهب$$وا الى الض$$مان و يظه$$ر من ابن
ادريس دعوى االجماع النه جعل المقبوض بالبيع الفاسد بمنزلة الغصب و في الغصب تض$$من
المنافع وان كانت غير مستوفاة لما ورد من ان الغاصب يؤخذ باشد االحوال.
يمكن ان يستدل على ضمان المنافع غير المستوفاة بدليل مركب من نقاط:
االولى ،ان المنفعة مال النقطة الثاني$$ة ان قبض العين قبض للمنفع$$ة ه$$ذه النقط$$ة يمكن اثبته$$ا
بشاهدين :
االول :انه يكفي في باب االجارة ان يقبض ص$$احب العين العيَن للمس$$تاجر لي$$ترتب على ذل$$ك
االجارة مع ان االجرة في االج$$ارة على المن$$افع ال على العين فمج$$رد تس$$ليم المال$$ك للعين الى
المستاجر يستطيع ان يطالبه بتسليمه لالجرة مع انه في مقابل المنفعة ،الشاهد ، 2انه في ب$$اب
السلم لو ان شخصا جعل خدمة الجارية ثمنا لمبيع والسلم كما هو واضح تعجيل الثمن و ت$$اخير
المثمن ،فلو ان المشتري سلم الجارية في المجلس فيصدق علي$$ه ان$$ه س$$لم الثمن فل$$و انص$$رف
البائع بالجارية قب$ل ان يس$تفيد منه$ا ال يبط$ل الس$لم ب$دعوى ان$ه يش$ترط في الس$لم التس$ليم في
المجلس و ليس ذلك اال الن تسليم الجارية تسليم لمنفعتها.
النقطة 3ان المنفعة حينئذ تدخل في قاعدة الي$$د م$$ع ص$$دق الي$$د على المنفع$$ة بك$$ون ال$$ذي على
العين فجيب عليه حينئذ ضمان المنفعة وان لم يستوفها.
87
المصنف يظهر منه ان الضمان في المنافع غير المستوفاة يتوق$$ف على ثب$$وت ام$$رين كالهم$$ا
يمكن المناقش$$ة في$$ه االم$$ر االول ان يص$$دق على المن$$افع غ$$ير المس$$توفاة انه$$ا م$$ال لكي يق$$ال
بضمانها ،االم$$ر الث$$اني ان يق$$وم دلي$$ل على الحكم واالم$$ر االول مرتب$$ط بالموض$$وع والث$$اني
بالحكم و للمناقشة في كال االمرين مجال :
191
اما 1فكلمة المال في االصل استعملت في الذهب والفضة ،وواضح انه بلحاظ اصلها ال يصح
اطالق هذه الكلمة على المنافع غير المستوفاة وبلح$$اظ م$$ا بع$$د التوس$$ع والخ$$روج عن االص$$ل
اللغوي االول فنفرق بين المنفعة المستوفاة وبين غيرها ،فلصدق المال على المنفعة المس$$توفاة
مجال اما غير المستوفاة فهي مال بالقوة ال بالفعل ،ولو تنزلنا وقلنا بص$$دق الم$$ال على مطل$$ق
المنافع توسعا فللمناقشة في االمر 2مجال واسع ،الن الدليل على الحكم :
اما هو قاعدة على اليد واما هو احترام مال المسلم ،اما قاعدة على اليد فلكي يتم االستدالل به$$ا
نحن بحاجة الى وجود عموم فيها يشمل المنافع غير المستوفاة ،والصلة في قوله على الي$$د م$$ا
اخذت ال يصدق على المنفعة وان اعتقدنا ان قبض العين قبض للمنفع$$ة ،ام$$ا االخ$$ذ ال يص$$دق
على المنفعة اال باستيفائها .
ان قلت ان االخذ في القاعدة المذكورة كناية على االستيالء ،واالستيالء على المن$$افع انم$$ا ه$$و
باالستيالء على االعيان .
قلت :ان هذا يتم في الشيء الحاصل بالفعل ،وليس فيما له استعداد ان يحص$$ل فال يق$$ال بان$$ه
استولى على المنفعة فاذا هو ضامن لها اال اذا كان قد استفاد من المنفعة فعال ،كم$$ا ه$$و الح$$ال
في البيع الصحيح عندما يستفيد من المنفعة ،ولكن فيه ال تج$$ري قاع$$دة الي$$د الن االس$$تفادة من
المنفعة مجانية بخالفه في العقد الفاسد ولذا التزمنا بالضمان في المنافع المستوفاة .
اما القاعدة الثانية وهي احترام مال المسلم بان يقال ان المنفعة غير المستوفاة بعد ص$$دق الم$$ال
عليها ال تذهب هدرا الن ذلك يتنافى مع احترام مال المسلم .
يجيب الماتن عن ذلك بان هذه القاعدة تدل على عدم حلية التصرف فيما يصدق علي$$ه ان$$ه م$$ال
وان$$ه ال يج$$وز ل$$ه ان يتلف$$ه بال ع$$وض ،و ه$$ذا يص$$دق على العين و يص$$دق على المنفع$$ة
المس$$توفاة ،ام$$ا غ$$ير المس$$توفاة فلم يحص$$ل تص$$رف ليق$$ال ال يح$$ل بال ع$$وض ،وعلى ه$$ذا
االساس يشكل الحكم بضمان المنافع المس$توفاة واالص$$ل الج$اري في المق$$ام ه$$و ع$$دم اش$تغال
الذمة بالضمان فال نرفع اليد عنه اال بدليل وقد عرفت ان الدليل غير تام ،بل نالح$$ظ ان بعض
الفقهاء اقام الدليل على الع$$دم ،وحاص$$له ان قاع$$دة م$$ا ال يض$$من بص$$حيحه ال يض$$من بفاس$$ده
شاملة للمنافع غير المستوفاة بتق$$ريب ان$$ه في ص$$حيح ال$$بيع المش$$تري ال يض$$من المن$$افع غ$$ير
المس$$توفاة الن المنفع$$ة بالنس$$بة للمش$$تري مجاني$$ة وانم$$ا اش$$ترى العين ال ان الثمن يقس$$ط على
العين و على المنفعة ،فاذا كان في صحيح البيع ال يضمن المنافع غير المستوفاة ففي فاسده ال
يضمن.
ان قلت :ان هذا الدليل لو تم لشمل المنافع المستوفاة مع انكم تقولون فيها بالضمان.
192
يجيب المصنف عن هذا االشكال ،بانه قياس غير المستوفاة على المستوفاة مع الفارق فان$$ه في
المستوفاة يصدق االتالف بينما في غير المستوفاة يصدق التلف و قد تقدم سابقا ان قاعدة م$$ا ال
يضمن ناظرة الى صورة التلف ال االتالف ،فتكون المنافع المستوفاة خارجة عنها تخصصا ال
انها مشمولة و نريد ان نخرجها حكما.
كما انه يمكن اقام$$ة دلي$$ل اخ$$ر على ع$$دم ض$$مان المن$$افع غ$$ير المس$$توفاة ،من قبي$$ل االخب$$ار
الواردة في ضمان المغصوب والمسروق ،كما في الجارية المسروقة المبيعة ،ف$$ان المعص$$وم
عليه السالم نص على ضمان اللبن الذي اعطي للولد والخدمة التي استفيدت من الجاري$$ة و م$$ا
شاكل ذلك و سكت عن المنافع غ$$ير المس$$توفاة مم$$ا ي$$دل على ان الض$$مان لخص$$وص المن$$افع
المستوفاة فاذا كان االمر في المسروق و المغصوب هكذا فهو ك$$ذلك في مح$$ل البحث من ب$$اب
اولى .
بعد ذلك يشير المصنف الى وج$$ود اق$$وال خمس$$ة في مس$$الة ض$$مان المن$$افع غ$$ير المس$$توفاة ،
القول االول :الضمان و هذا يظهر من المشهور و االكثر .القول الثاني عدم الض$مان وه$و م$ا
يظهر من فخر المحققين ،القول الث$الث الض$مان في ص$ورة جه$ل الب$ائع و ع$دم الض$مان في
صورة علم$$ه بالفس$$اد ،الراب$$ع التوق$$ف في المن$$افع غ$$ير المس$$توفاة م$$ع علم الب$$ائع ،الخ$$امس
التوقف مطلقا علم البائع ام ال .
المصنف في البداي$$ة يمي$$ل الى التوق$$ف و ك$$ذا على مس$$توى البحث العلمي الن$$ه من جه$$ة ادل$$ة
الضمان المتقدمة غير تامة و من جهة اخرى االصل يثبت عدم الضمان مع االولوية المتقدمة ،
لكن في االولوية المتقدمة يوجد اشكال وهو ان الفقهاء لم يعملوا بتلك االخبار المشار اليه$$ا في
المنافع غير المستوفاة كصحيحة ابي والد المتقدمة ،لالجماع على ان الغاصب يض$$من مطل$$ق
المنافع و حينئذ ال يتم قياس االولوية الن الحكم الذي يراد تعديت$$ه من المقيس علي$$ه الى المقيس
ليصح ذلك البد من ثبوته للمقيس عليه ،فاذا لم يكن ثابتا له كيف يعدى باالولوية الى المقيس ،
ففي البحث العلمي يتوقف و في الفتوى يفتي بالضمان اعتم$$ادا على االجم$$اع الم$$دعى من قب$$ل
جماعة.
88
االم$$ر الراب$$ع :في كيفي$$ة الض$$مان ،والمع$$روف بين الفقه$$اء التفص$$يل بين ض$$مان المثلي
والقيمي ،فالمثلي يضمن بمثله والقيمي يضمن بقيمته ،وكيف كان فالكالم يقع في مقامين :
االول :في المثلي والبحث فيه تارة يكون حكميا واخرى مفهوميا .
اما البحث الحكمي فحاصله ان ما يصدق عليه انه مثلي فيض$$من بمثل$$ه ومش$$ابهه وال$$دليل على
ذلك بعد عدم ورود لفظ المثلي والقيمي في النص$$وص الش$$رعية ه$$و االجم$$اع ،نعم يحكى عن
193
ابن الجنيد ،الى القول بض$$مان المثلي بالقيم$$ة ،وان ك$$انت عبارت$$ه المنقول$$ة عن$$ه في الخالف
يمكن ان تحمل على غير ظاهرها ،وكيفما كان فالمراد من ضمان المثلي بالمثل ليس
بمعنى انه لو توافقا على غير المثل فال يجوز وانما الكالم في مقتضى الحقانية ،فحق ص$$احب
العين المقبوضة بالقبض الفاسد ان يرجع له اوال تلك العين م$$ع وجوده$$ا وم$$ع تلفه$$ا يرج$$ع ل$$ه
المثل ولكن له ان يتنازل عن حق$$ه ه$$ذا فيقب$$ل بالقيم$$ة ،ف$$البحث اذا في ض$$مان المثلي ب$$المثلي
بحث في الحقانية وليس تعبديا .
اما البحث المفهومي وهو العمدة في المقام فقد وق$$ع الخالف بين االص$$حاب في تعري$$ف المثلي
ليميز من خالله بين المصاديق التي تضمن بالمثل والتي تضمن بالقيمة ،و قد اط$$الوا في ذل$$ك
و تبعهم الشيخ في ذلك ،التعريف المشهور بين فقهائنا ان المثلي ما يتس$$اوى اج$$زاؤه من حيث
القيمة .
هذا التعريف بظاهره كان محال لالشكال حاصله انه اذا نظرنا الى بعض مصاديق المسلم انه$$ا
من المثليات وجزئناها الى اجزاء وابعاض لما كانت قيمة هذه االبع$$اض واالج$$زاء متس$$اوية ،
بل تختلف فيما بينها بالقيمة ،فهذا يعني ان التعريف المتقدم غير ج$$امع لجمي$$ع اف$$راده ،الج$$ل
ذلك تصدى جمع الفقهاء لبيان ان المقصود من االجزاء في التعريف ليس ه$و جم$ع الج$زء في
قبال الكل وانما هي االفراد في مقابل الكلي ،فحينئذ ال يرد االشكال المتقدم .
ومن هذا المنطلق ذهب الشهيد 2الى توضيح التعريف المتق$$دم بقول$$ه ان المق$$دار من$$ه اذا ك$$ان
يستوي قيمة فنصفه يستوي نصف القيمة ،فلو فرضنا ان صاعا من صنف من الحنطة يس$اوي
100فنصفه يس$اوي ، 50نعم ق$د يحص$$ل في بعض االحي$$ان تبع$$ا للرغب$$ة ان ال ي$$دفع ب$$ازاء
النصف نصف القيمة ولكن هذا ناشيء من الرغبة .
بناءا على هذا التعريف المتقدم رجح الش$$هيد 2ان م$$ا يص$$اغ من النق$$دين ين$$درج تحت القيمي
النه لو صغنا من الفضة او الذهب عقدا ف$$ان نص$$ف العق$$د ال يس$$اوي نص$$ف قيم$$ة العق$$د الن$$ه
بتنصيفه يختزل ما بازاء الصياغة ،فعلى هذا االساس يعد ذلك قيميا .
المصنف يعلق على ذلك بانه لو تم كالم الشهيد 2لترتب على ذلك ت$ال اخ$ر ،و ه$و ان يك$ون
الدرهم الواحد قيميا الن هذا الدرهم لو قسمناه الى 2لما كان نصفه يساوي نصف قيمة ال$$درهم
النه حينئذ يدفع بازائه ما يدفع في مقابل الفضة غير المسكوكة ،بعدها يجيب عن هذا االش$$كال
بان هذا التالي رجوع الى حمل االجزاء في تعريف المشهور على االبعاض دون االفراد ،ولو
حملناها على االفراد فحينئذ ينظر الى الدرهم الفرد بانه مثلي بالنسبة الى افراد نوعه والش$$اهد
على هذا الحمل انهم اتفقوا على ان ج$$ريش الحنط$$ة ال يع$$د مثال للحنط$$ة م$$ع ان الج$$ريش ه$$و
ابعاض الحنطة.
194
وعليه فالنتيجة النهائية ان نلتزم بان نالحظ االفراد بلحاظ بعض$$ها اذا ك$$انت تن$$درج تحت ن$$وع
بل في بعض االحيان نحتاج الى الصنف كما هو الحال في االرز .
المق$$دس االردبيلي اع$$ترض على تعري$$ف المش$$هور ب$$اعتراض ذي 3ش$$عب ان$$ه ق$$د ورد في
التعريف كلمة التساوي ،فال يخلوا اما ان ي$راد من التس$اوي ه$و التس$اوي بالكلي$ة ومن جمي$ع
الجهات واما ان يراد بالتس$$اوي التس$$اوي في الجمل$$ة وام$$ا ان ي$$راد من التس$$اوي التس$$اوي في
شيء معين ،فاالول يرجع الى قض$$ية كلي$$ة والث$$اني الى مهمل$$ة في حكم الجزئي$$ة والث$$الث الى
قضية شخصية ،فان اريد من التساوي االول فيرد على التعريف انه ال يك$$ون جامع$$ا اذ كث$$يرا
مما عد من المثليات ال يوجد فيه تساوي من جميع الجهات ،وام$$ا ل$$و اري$$د التس$$اوي على نح$$و
القضية المهملة فيرد على تعريف انه ال يكون مانعا من االغيار فان كثير ما عدم من القيميات
يوجد بين افرادها مشتركات في الخصوصيات.
وان اريد التساوي في امر معين فال يخلو اما ان يك$$ون ه$$ذا االش$$تراك المعين مح$$ددا لن$$ا او ال
فعلى االول ال دليل على التحديد وعلى الثاني ارجاع الى الجهالة .
السيد اليزدي ق$$ال ان المثلي والقيمي لم ي$$ردا في نص ح$$تى نبحث عن تعريف$$ه وانم$$ا مقتض$$ى
القاعدة ان االنسان يضمن عين ما اخذه بالعق$$د الفاس$$د فلم$$ا تع$$ذر ارج$$اع العين لف$$رض التل$$ف
ف$$نرجع الى م$$ا يش$$ابهه ب$$ان ال يك$$ون االختالف الحاص$$ل بين الت$$الف وعوض$$ه مم$$ا ي$$وجب
االختالف في المالية والقيمة ورب مثلي في زمن قيمي وبالعكس كما في القماش كان يعتبر من
القيميات واالن مثلي.
بعد بيان هذا االشكال في كالم المقدس االردبيلي نفسه يوجد ما يلوح الى الجواب عنه ،هو م$$ا
تقدم قبل قليل توضيحه انه لنا ان نختار الشق 1وهو التساوي الكلي وال يرد ما ذك$$ره المق$$دس
االردبيلي فانه قوله ما من مثلي اال واجزاؤه مختلفة في القيمة ومثل على ذلك بالحنطة فان$$ه في
هذا المثال ناظر الى االفراد التي تندرج تحت نوع واحد والحال الب$$د ان نلح$$ظ االف$$راد بلح$$اظ
االصناف التي تندرج تحت النوع وحينئذ ال يكون قفيز من حنطة يساوي 10واخر يساوي 20
الن المدار على االفراد من صنف 1ال على االفراد من نوع .1
المصنف ال يرتضي هذا الجواب ويرى انه ال يدفع المشكلة لعدم مناس$$بة التوجي$$ه لظ$$اهر كالم
المشهور.
89
الن حمل تعريف المشهور على التماثل بلحاظ االنواع واالصناف ال التماثل بمجرد االن$$واع او
مطلق االجناس هذا الحمل على خالف ظاهر كلماتهم ،حيث اننا نالحظهم يطلقون المثلي على
جنس الحنط$$ة و هك$$ذا الح$$ال في بقي$$ة االم$$ور ال$$تي ع$$دت عن$$دهم من المثلي$$ات ،والتعري$$ف
195
المذكور ال يصدق على المثليات بلحاظ الجنس ،وعلي$$ه ف$االمر ي$$دور بين 1من احتم$$الين 1 :
ان نرفع اليد عن التعريف ونقول بعدم صحته مع محافظتنا على ما هو ظ$$اهر كالم االص$$حاب
من كون المثلي يطلق على افراد الجنس اذ ال يمكن الجمع بين ص$$حة التعري$$ف واطالق المثلي
على افراد الجنس .
االحتمال الثاني :ان نتصرف في اطالق كلم$$اتهم م$$ع االل$$تزام بص$$حة التعري$$ف ب$$ان يق$$ال ان
اطالق المثلي في كلم$$اتهم على الجنس ال يك$$ون باعتب$$ار ذات$$ه ،ب$$ل باعتب$$ار مثلي$$ة اص$$نافه ،
فيكون نظير اس$ناد اللف$ظ الى غ$ير م$ا ه$و ل$ه ،وه$و ن$وع من التج$وز على خالف الظ$اهر ،
فنذهب اليه للمحافظة على صحة التعريف ،ولكن هذا االحتمال بعي$$د اذ ان اطالق المثلي على
الجنس ظاهر انه بلحاظ ذاته ال بلحاظ اصنافه ،فبالتالي ل$$و اردن$$ا ان نص$$حح التعري$$ف فالب$$د
من حمل كلماتهم على وجه بعيد ،لقائل ان يقول لماذا ال نحافظ على ظاهر كلماتهم مع االلتزام
بصدق التعريف على الجنس ونفرق بين امرين:
االمر االول بين ما يصدق عليه المثلي وبين ما يجب رعايته عن$$د االداء فيق$$ال ب$$ان الجنس من
المثليات ولكن عند اداء ما يضمن يالحظ خصوصية االصناف .
مثال لو بعتك طنا من االرز درجة 1فتبين ان العقد فاس$$د واالرز باعتب$$ار جنس$$ه من المثلي$$ات
فتلف المبيع في يدي ،فعند الضمان ال بد ان اراعي خصوصية الت$$الف ف$$ادفع ل$$ك م$$ا ك$$ان من
الدرجة االولى وان كان تعريف المثلي ينطبق على غيره.
يعلق الماتن بان هذا الوجه ابع$$د من س$$ابقه والوج$$ه في االبعدي$$ة ان غرض$$نا من التع$$اريف ان
نأتي بتعريف شامل لما يحتاج اليه في مقام العمل و هذا الوج$$ه ي$$ؤدي الى ان التعري$$ف ينطب$$ق
على شيء وفي مقام االداء العملي يؤدي شيءا اخر .
ثم بعد ذلك يس$$جل المص$$نف اعتراض$$ا اخ$$ر على ارادة الص$$نف من التعري$$ف ه$$و يرج$$ع الى
االعتراض المتقدم لالردبيلي ،فيقال ان تساوي افراد الصنف الواح$د من حيث القيم$$ة ال يخل$$و
اما ان يراد به التساوي الحقيقي واما ان يراد منه التقابض ف$$ان اري$$د االول لم$$ا ك$$ان التعري$$ف
جامعا لجميع مصاديق المثلي اذ قلما يتفق التساوي الحقيقي في اف$$راد ص$$نف من ن$$وع واح$$د ،
بل في االعم االغلب يكون بينها نوع من التفاوت في القيمة ،وان اريد الثاني لما كان التعريف
مانعا لالغيار فان كثيرا من القيميات متقاربة في القيمة ،مثال الشيخ عد الجاري$$ة من القيمي$$ات
ولكن في كثير من االحي$$ان يحص$$ل التق$$ارب في القيم$$ة بين جاري$$ة وجاري$$ة اخ$$رى اذا ك$$انت
صفاتهما متقاربة ،ثم يستشهد الماتن بشواهد 3على انه في القيميات كثيرا ما تتقارب القيمة:
الشاهد االول صحة بيع السلم في القيميات ،و جه الش$$اهدية ان بي$$ع الس$$لم عب$$ارة عن تعجي$$ل
الثمن و تاجيل المثمن ،اشترط فيه الفقهاء لكون المثمن مؤجال ان تذكر جميع اوصافه الدخيل$$ة
في القيمة وفي الوقت نفسه جوزوا بيع مثل الجارية بالسلم ،ولما كان اشتراط ذك$$ر االوص$$اف
196
لرفع الغرر فلو لم يكن في الجارية تق$$ارب في القيم$$ة لم$$ا ارتف$$ع الغ$$رر فتص$$حيحهم للس$$لم في
الجارية يلزم انه ال غرر فيه والزم عدم الغرر ان القيمة متقاربة .
الشاهد الثاني وهو يترتب على الشاهد المتقدم وحاصله ان العالم$$ة في ق$$رض الت$$ذكرة ص$$حح
في القرض ما يصح فيه السلم ح$تى ل$$و ك$$ان قيمي$$ا واف$تى بان$$ه في الق$$رض يض$$من بمثل$$ه فل$$و
اقرضه جارية مثال فله ان يضمن مثلها فلو لم تكن القيمة في الجواري في بعضها متقارب$$ة لم$$ا
صح ضمان المثل .
الشاهد 3ان الشيخ في المبسوط اختار ان الرطب والفواكه من القيميات مع ان ه$$ذه االن$$واع ال
شك انها تشتمل على اصناف متقاربة في القيمة بل عرفا تعد في كثير من االحيان متساوية .
ان قلت :لعل الف$$رق بين القيمي$$ات والمثلي$$ات ان التق$$ارب في المثلي$$ات كث$$يرا م$$ا التق$$ارب في
القيميات عزيز وبعبارة اخرى لنا ان نختار الشق 2من الترديد المتقدم ،وال يرد االشكال الن$$ه
مبني على الغالب والغالب في المثليات ان تكون متقاربة في القيمة ،بينما الغ$$الب في القيمي$$ات
ان ال تكون كذلك.
قلت :ان المدار في صحة التعاريف وعدمها هو االطراد واالنعكاس ويكفي لبطالن تعريف ان
ينتقض طرده او عكس ولو بم$$ورد واح$$د ،نعم م$$ا ذك$$ر يص$$لح حكم$$ة لحكم الش$$ارع بض$$مان
المثلي في المثليات وضمان القيمة في القيميات الن الغ$$الب في المثلي$$ات ان تك$$ون متقارب$$ة في
القيمة ولكن حكمة الحكم الشرعي والتعريف شيء اخر .
ثم بعد ذلك يذكر المصنف مجموعة من التع$$اريف بعض$$ها يك$$ون اعم من تعري$$ف المش$$هور و
بعضها يكون اخص والكثير منها يشترك مع تعريف المشهور بالنقض على طرده.
90
بعد هذا االستعراض الطويل لتعريف المثلي والنقض واالبرام فيه ذك$$ر المص$$نف ان ك$$ل ه$$ذه
التعاريف ال تنفعن$$ا في مق$$ام اس$$تنباط الحكم الش$$رعي الن لفظ$$ة المثلي والقيمي ب$$المعنى ال$$ذي
استعملت فيه عن الفقهاء لم ترد في اية او رواية ليك$$ون له$$ا حقيقي$$ة ش$$رعية او متش$$رعية لكي
نبحث حينئذ عما استقر عليه اصطالح النصوص وليس المراد من المثلي فيم$$ا نحن في$$ه معن$$اه
اللغوي الدال على مطلق التماثل الن اشكال الطرد والعكس المتق$$دم س$$ابقا يس$$جل على المع$$نى
اللغوي اذ لو اريد من مطلق التماثل التماثل من جميع الجهات فال يكون التعريف جامعا لجمي$$ع
مصاديق المثلي وان اريد التماثل من بعض الجهات فال يكون التعريف طاردا لبعض مصاديق
القيمي و عليه فاذا كان الخوض في التعاريف ليس نافعا فم$$ا ه$$و الطري$$ق الص$$حيح لتش$$خيص
المثلي عن القيمي ليتضح لنا م$تى نض$من بالمث$ل و م$تى نض$من بالقيم$ة لم$ا ك$ان لف$ظ المثلي
والقيمي قد ورد في كلمات الفقهاء و معاقد اجماعاتهم القائمة على الضمان بالمث$$ل في المثلي و
197
بالقيمة في القيمي فحينئ$$ذ ل$$و ثبت اجم$$اع على ان بعض المبيع$$ات من المثلي او القيمي فيك$$ون
المعتمد هو االجماع ،اذ ال يجوز ان نعتمد في تعيين مفردة في معقد االجماع على ق$$ول بعض
المجمعين مع مخالفة االخر .
اما في المصاديق الخارجة عن االتفاق فاألمر فيها مش$$كل ،و ذك$$ر في المتن مجموع$$ة كب$$يرة
من المص$$اديق ال$$تي وق$$ع الخالف في مثليته$$ا او قيميته$$ا ،فم$$ا ه$$و الح$$ل في ه$$ذه المص$$اديق
المختلف فيها .
بطبيعة الحال البد ان نرجع الى االصل س$$واء ك$$ان ذل$$ك االص$$ل اص$$ال لفظي$$ا ام عملي$$ا ،فل$$و
فرضنا بعتك ثوبا بعقد فاسد و تلف الثوب في يدك واختلف الفقه$$اء في مثلي$$ة الث$$وب او قيميت$$ه
ففي المسالة مع قطع النظر عن االصل الحاكم في المقام وجوه كثيرة منها ان يكون القول ق$$ول
الضامن فيخير الضامن و منها تخيير المالك ،ومنها اجراء القرعة ومنه$$ا المص$$الحة ،ومنه$$ا
تحكيم ، 3ومنها تعّين المثلي او القيمي .
لو فرضنا ال يوجد اصل لفظي حاكم في المقام ،كما هو ليس ببعيد الن الدال على الضمان هو
قاعدة على اليد و هذه ال تقتضي اك$$ثر من اثب$$ات الض$$مان و ال تع$$رض له$$ا لكيفي$$ة الض$$مان ،
فيدور االمر بين ضمان المثلي او ضمان القيمة ،فلو فرضنا اخترنا ان ه$ذا ال$دوران من قبي$ل
الدوران بين االقل و االكثر بدعوى ان ضمان القيمة في القيمي$$ات انم$$ا هي لالرف$$اق بحيث ل$$و
ان الضامن في القيميات وجد عينا مشابهة للتالف بحيث تق$$اربت القيم$$ة فل$$ه ان يض$$من بالمث$$ل
الن ضمان القيمة من باب االرفاق مما يعني ان ضمان القيم$$ة ه$$و االق$$ل و ض$$مان المثلي ه$$و
االكثر.
وحينئذ فان اخذنا بمبنى المشهور في دوران االمر بين االقل واالكثر ال$$ذي مرجع$$ه الى االخ$$ذ
باألقل و جريان البراءة عن الزائ$$د ففيم$$ا نحن في$$ه يمكن للض$$امن ان يكتفي بالقيم$$ة ،وام$$ا ل$$و
اخذنا بالقول االخر ،و هو انه يؤخذ باالحتياط فيعمل ب$$االكثر في ك$$ل م$$ورد ال تك$$ون الزي$$ادة
مفسدة فحينئذ يتعين على الضامن الضمان بالمثل .
اما لو انكرنا صغروية المقام لدوران االمر بين االقل واالكثر كما هو الحق ف$$ان دوران االم$$ر
فيما نحن فيه من قبيل دوران االم$$ر بين المتب$$اينين ،وليس االق$$ل االك$$ثر اذ كث$$يرا م$$ا تتف$$اوت
القيمة بين ذات المثل و قيمته ،فقد تكون قيمة المثل ازيد مما باع من السلعة و قد تكون انقص.
و عليه فينظر الى ذات المفهومين و هما من قبيل المتباينين ،فاذا كان االمر من المتباينين فال
يخلو اما ان يكون من دوران االمر بين المحذورين ،واما ان ال يكون كذلك ف$$ان ك$$ان من غ$$ير
دوران االمر بين المحذورين كما لعله هو الظاهر بدوا فحينئذ ل$$و فرض$$نا ان$$ه ال يوج$$د اجم$$اع
على امتناع جريان البراءة فنأخذ بالبراءة الحد مبنيين اما بدعوى عدم منجزي$$ة العلم االجم$$الي
كما نسب الى الميرزا القمي ،وام$$ا لك$$ون ال$$دوران في المالي$$ات ال$$تي نح$$رز فيه$$ا ان مش$$رب
198
الشارع ليس على االحتياط ،بخالف الفروج والدماء ،فحينئذ عندما يخت$ار الض$امن دف$ع اح$د
االمرين من المثل او القيمة يشك في وجوب االخر عليه فتجري البراءة .
لكن هذا الكالم مدخول باحد وجهين :
االول :اما بدعوى وجود اجماع على نفي البراءة فحينئذ ننتقل من تخي$$ير الض$$امن الى تخي$$ير
المالك ،فما يرض$$ى ب$$ه المال$$ك يتعين على الض$$امن لف$$رض قي$$ام االجم$$اع على ع$$دم جري$$ان
البراءة في حق الضامن.
واما ان يقال انه في المقام يوجد اصل لفظي فال تصل النوبة الى البراءة وهو عم$$وم على الي$$د
ما اخذت بدعوى ان هذه القاعدة اوال وبالذات تقتضي ض$مان العين ،بمع$نى ان الذم$ة ال ت$برأ
اال بإرجاع العين وخرج عن ذلك بالقطع والوجدان ما يرضى ب$ه المال$ك ،ف$التخيير اذا تخي$ير
المالك.
واما بان يقال حتى على تقدير عدم االجماع على امتن$$اع ال$$براءة ف$$ان ال$$براءة في ح$$د ذاته$$ا ال
تجري والوجه في ذلك انها تكون من االصل المثبت فان اجراء ال$$براءة عن ل$$زوم دف$$ع االخ$$ر
الزمه فراغ الذمة بما دفعه و هذا من اللوازم غير الشرعية فال يثبت بالبراءة.
91
بعد ان تبين حكم المسالة بناءا على المباني المختلفة فيم$$ا ل$$و ك$$ان الم$$ورد من مص$$اديق االق$$ل
واالكثر و كذا فيما لو كان من مصاديق دوران االمر بين المتباينين الذين يمكن فيهما االحتي$$اط
وثبت انه على هذا االخير يثبت تخير المالك الشتغال ذمة الضامن ،اما لو قلنا بان الم$$ورد من
دوران االمر بين المحذورين فما هو الحكم المتعين في المقام ؟.
اوال الب$$د لن$$ا من ان نص$$ور كيفي$$ة ك$$ون المق$$ام من مص$$اديق دوران االم$$ر بين المح$$ذورين ،
حاصل ما افاده المصنف بانه ان جئنا من ناحية الضامن فال يخل$$و في الواق$$ع و علم هللا ام$$ا ان
يكون المتعين عليه هو المثل واما هو القيمة لالجماع على عدم وجوب كليهما عليه ،ف$$ان ك$$ان
المتعين هو المثل فليس للض$$امن ان يمتن$$ع عن ادائ$$ه وليس للمال$$ك ان يط$$الب بالقيم$$ة و هك$$ذا
الحال لو كان المتعين عليه هو القيمة فحينئ$ذ ي$دور االم$ر فيم$ا نحن في$ه بين تعين المث$ل علي$ه
ليحرم عليه االمتناع ويجب على المالك القبول وبين تعين القيمة علي$$ه ليح$رم علي$$ه االمتن$$اع و
يجب على المالك القبول ،فكل واحد من الطرفين يدور امره بين ان يقبل بما يؤدي$$ه االخ$$ر ل$$و
كان ما يؤديه هو المتعين واقعا أو يمتنع عن المطالبة بغيره ،ولما لم يكن هنلك متقين في البين
لترددنا بين المثل والقيمة و ال يمكن اجراء البراءة في صورة النزاع فيشبه ما نحن في$$ه م$$ا ل$$و
دار امر المجتهد بحسب االدلة بين احدى فتويين فانه من جهة ال يمكن ان يرفع اليد عنهما مع$$ا
لفرض دوران االمر بينهما ،و من جهة ال يمكن الحكم بهما مع$$ا لتنافيهم$$ا فيحكم العق$$ل حينئ$$ذ
199
ب$$التخيير .ففي ك$$ل من المقيس والمقيس علي$$ه يوج$$د دوران ام$$ر بين المح$$ذورين ،ام$$ا في
المقيس عليه وهو الفتوى فلوضوح انه ال يمكن الجمع بين الفتويين وال رفع اليد عن كليهما فال
الموافقة القطعية ممكنة لعدم امكان الجم$ع وال المخالف$ة القطعي$ة ممكن$ة لع$دم ج$واز رف$ع الي$د
عنهما فيحكم العقل حينئذ ب$$التخيير ،ام$$ا ك$$ون المقيس من دوران االم$$ر بين المح$$ذورين فالن
الضامن ال يمكن له ان يرفع اليد عن ض$$مان المث$$ل والقيم$$ة مع$$ا وليس علي$$ه ان يجم$$ع بينهم$$ا
لإلجماع ودفع احدهما قد يكون مخالفا لما عليه الواقع فال مجال إللزام المالك ب$$ه ،فحينئ$$ذ يق$$ع
التخيير .
والفرق بين التخيير هنا والتخيير المتق$$دم ال$$ذي ك$$ان ه$$و اح$$د االق$$وال في المس$$الة ان التخي$$ير
المتقدم شرعي و هذا التخيير عقلي ،فان الحكم بالتخيير فيما تق$$دم يرج$$ع الى ان الش$$رع ي$$رى
ان الواجب في صورة التردد ه$$و دف$ع الج$امع والمكل$$ف مخ$ير بين ك$$ل ف$رد من اف$راده بينم$$ا
التخيير في المقام يراد منه الال حرج العقلي كما هو معنى التخيير في مس$$الة دوران االم$$ر بين
المحذورين.
و في ختام البحث يأمر الماتن بالتامل و مرجعه الى ان قياس ما نحن فيه على التخيير في ب$$اب
الفتوى مع الفارق اذ انه في التخيير في باب الفتوى ال يمكن الموافقة القطعية لعدم امكان الجمع
بين الفت$$ويين المتن$$افيتين ،وال يمكن المخالف$$ة القطعي$$ة الن المف$$روض ان الحكم ال$$واقعي ال
يخرج عن احدى الفتويين.
اما فيما نحن فيه فاالمر ليس كذلك النه من الممكن االحتياط ب$$ان ي$$دفع الض$$امن للمال$$ك المث$$ل
والقيمة وما قام عليه االجماع هو عدم وجوب ذل$ك ال حرم$ة الجم$ع ،كم$ا ان المال$ك يمكن ان
يتن$$ازل عن ك$$ل من المث$$ل والقيم$$ة او يرض$$ى بم$$ا يدفع$$ه الي$$ه الض$$امن ،وعلى كال الح$$التين
تحصل الموافقة القطعية ،فال يكون ما نحن فيه من دوران االمر بين المحذورين .
في ختام هذا البحث يقترح الماتن حال جديدا حاصله ان مقتضى اطالق ادل$$ة الض$$مان في ب$$اب
الغصب و في االمانات المفرط فيها و في باب القرض مثال مقتضى ه$$ذه االطالق$$ات ان ي$$نزل
الضمان على اقرب االشياء الى التالف ،واقرب االشياء الى التالف هو م$$ا ك$$ان مش$$تمال على
المالي$$ة من جه$$ة و على الص$$فات من جه$$ة اخ$$رى .و تق$$ارب الب$$دل م$$ع الت$$الف في المالي$$ة
والصفات ال يكون اال في المثل ،فبناءا على ذلك يكون االصل في الضمان ه$$و ض$$مان المث$$ل
وال يصار الى القيمة اال بعد فقدان المثل ،و عندما ننتقل الى القيمة ال يجوز االنتقال الى مطلق
القيمة بل الى ما كان من قبيل النقدين و شبههما فيخرج حينئذ ضمان الكتاب بصاع من الحنطة
و ان كان قيمة صاع منا لحنطة يعادل قيمة الكتاب ،حتى مع فق$$دان المث$$ل و ليس ذل$$ك اال الن
الضمان بعين اخرى تساوي التالف في القيمة يكون في طول االرجاع الى القيمة حيث اننا اوال
ننظر الى ما يسوى التالف ثم نفتش عن عين مساوية له بالقيمة.
200
ويدعي المصنف ان هذا هو الظاهر من اطالقات ادلة الضمان ويؤكد هذا الشيء بانه مع ك$$ثرة
اخبار باب الضمان في االمانات و المغصوبات ...الخ مع ذل$$ك ال نج$$د فيه$$ا عين وال اث$$ر ان
الشارع قد عين ما يضمن به انه المثل او القيم$$ة وليس ذل$$ك اال اعتم$$ادا على ه$$ذا الظه$$ور من
كون المثل هو االقرب الى التالف وبعده تاتي القيمة و بعده ي$$أتي الض$$مان باألجن$$اس االخ$$رى
فلوال ان الشارع اعتمد على هذا الظهور المتعارف لما كان يحق له ان يسكت في ه$$ذه المس$$الة
كثيرة االبتالء.
الى هنا نكون قد اقمنا دليلين على ان المثلي يضمن بالمثل والقيمي يضمن بالقيمة .
الدليل االول :ما اشار اليه المصنف مرارا تلويحا وهو اجم$$اع الفقه$$اء على ان المثلي يض$$من
بمثله والقيمي يضمن بقيمته .
الدليل الثاني هو القاعدة المستظهر من االطالقات.
الدليالن يفترقان من حيث النتيجة فان نتيجة االجماع ال تقتضي ان يكون ضمان القيمي بالقيم$ة
على نحو البدلية عن المثل بل مستقال يوجد المثل ام لم يوجد في القيمي فانه يضمن بقيمته بينما
الدليل الثاني على تقدير تماميت$$ه يقتض$$ي التبادلي$$ة بين الض$$مان بالمث$$ل والقيم$$ة فال يص$$ار الى
الضمان بالقيمة اال بعد فقدان المثل ومن جهة اخرى مقتضى الدليل االول نكون بحاج$$ة للبحث
عن تشخيص المثلي والقيمي ومقتضى الدليل 2ال حاجة .
الدليل الثالث :ما يظهر من بعض كلمات الشيخ الطوسي في الخالف والمبسوط وه$$و التمس$$ك
بقوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم.
تقريب االستدالل بحسب ما اشار اليه في الخالف هو ان الغاصب مثال لو اتلف او تلف في ي$$ده
ما غصبه فهذا اعتداء و مماثل ما اعتدى في المثل هو المثلي وفي القيمة هو القيمي و مقتض$$ى
هذا الدليل كالدليل االول لو تم القتضى استقاللية ضمان القيمي بقيمته .
ه$$ذا ال$$دليل ن$$وقش اوال بان$$ه اخص من الم$$دعى حيث يختص ب$$اإلتالف وال يش$$مل التل$$ف
والمف$$روض ان العين المقبوض$$ة بالعق$$د الفاس$$د تض$$من س$$واء تلفت في ي$$د الق$$ابض او اتلفه$$ا
القابض واآلية بما انها عبرت بمفهوم االعتداء فتختص باإلتالف وال تشمل التلف .
يجيب الماتن عن هذا االشكال انه صحيح ولكن يتمم المدعى بعد عدم القول بالفصل الن ما في
يد الغاصب س$واء تل$ف ام اتل$ف يص$دق في حق$ه االعت$داء وبم$ا ان االجم$اع ق$ام على تنزي$ل
المقبوض بالعقد الفاسد عليه فال يفرق حينئذ بين التلف واالتالف .
92
201
صاحب الرياض ناقش في داللة هذه االي$$ة على م$$ا نحن في$$ه ب$$دعوى ان االي$$ة مفاده$$ا اعتب$$ار
المماثلة في النوع و العدد وليست ناظرة الى اعتبار المماثلة من ناحية الكيفي$$ة و ان م$$ا يعت$$دى
به كيف يضمن حيث ان العرف يفهم من هذه اآلية المباركة سواء حملن$ا م$ا في قول$ه بمث$ل م$ا
اعتدى على الموصولية ام حملناها على المصدرية على كل تقدير العرف يفهم ان مرج$$ع ه$$ذه
اآلية الى قولنا فمن اعتدى عليكم باعتداء فاعتدوا عليه بالنوع الذي اعتدى به عليكم ان اعت$$دى
عليكم بالضرب فاضربوه وهكذا وال نظر لها الى المعتدى به الذي يقابل ذل$$ك االعت$$داء فيك$$ون
معنى اآلية يدل على ما يفيده المفعول المطلق النوعي كما يقال جلست جلسة االسد ،ف$$اذا ك$$ان
االمر كذلك فاالية اجنبية عما نحن فيه .
يعلق المصنف على هذا االشكال بقوله وفيه نظر ،في تعليقة له على المكاس$$ب ي$$بين لن$$ا وج$$ه
النظر توضيحه ان ما الواقعة في اآلية على كل تق$$دير بمع$$نى االعت$$داء اذ ل$$و ك$$انت مص$$درية
تؤول مع ما بعدها بمصدر ،و مصدر اعتدى هو االعتداء وان كانت موص$$ولية فاالس$$م المبهم
يأتي و يفسر بحسب الصلة والصلة من سنخ االعتداء فعلى كل تقدير دلت اآلية عرف$$ا على ان
المجازاة البد ان تكون مماثلة لالعتداء ،واطالق المماثلة يقتض$$ي المماثل$$ة من جمي$$ع الجه$$ات
الممكنة وال اختصاص له بالمماثلة بحسب النوع ،فتدل على المماثلة بحس$$ب الن$$وع و بحس$$ب
العدد والقيمة المالية فكل بحسبه فان كان قد اعتدى عليكم بغصب مال له مثل فمجازات اعتدائه
باخذ مال له مماث$$ل لم$$ا غص$$به وان اعت$$دى عليكم بغص$$ب م$$ال ليس ل$$ه مث$$ل ف$اقرب االم$ور
المماثلة هي القيمة .
بعد هذا الدفاع عن داللة اآلية يقول المصنف ان هذين الدليلين وان ك$$ان لهم$$ا نظ$$ر الى مس$$ألة
الضمان في مح$$ل البحث و ي$$دالن على الض$$مان لكن م$$ا يس$$تفاد منهم$$ا مغ$$اير لم$$ا يس$$تفاد من
المشهور حيث عرفت ان المشهور ذهبوا الى ان المثلي يضمن بمثله و القيمي يضمن بقيمته ال
ان االص$$ل في الض$$مان ه$$و ض$$مان المث$$ل و الص$$يرورة الى القيم$$ة تك$$ون لتع$$ذره بينم$$ا في
االستظهار العرفي المتقدم وفي االية المس$$تظهر ه$$و ل$$زوم اعتب$$ار المماثل$$ة في ك$$ل ش$$يء هي
ممكنة فيه و هذا يعني انه لو وجد المثل فيما عد من القيميات يضمن الت$$الف بالمث$$ل لكون$$ه ه$$و
االقرب من القيمة الى التالف ،ولنمثل لذلك بمثال فمثال الثوب عندهم يعتبر قيمي$$ا فل$$و فرض$$نا
اتلف ذراعا من ثوب ذرعه 20ذراعا وكان لهذه االذرع تش$$ابه من جمي$$ع الجه$$ات فالمش$$هور
يضمنون متلف الذراع القيمة ،بينما مقتضى االي$$ة واالس$$تظهار الع$$رفي المتق$$دم ه$$و تض$$مين
المتلف بتحصيل ذراع ،حتى لو كان تحصيل الذراع يعادل تمام الثوب من ناحية القيمة ،ف$$اذا
في هذا المثال يظهر الفرق بين فتوى المشهور وبين ما ي$$دل علي$$ه ال$$دليالن االخ$$يران ،ومث$$ل
هذا المثال ما لو اتلف عبدا وكان له في ذمة مالك العب$د عب$دا اخ$ر ،كم$ا ل$و ك$ان ق$د اق$ترض
المالك منه عبدا ،وكان بين العبد التالف والعبد الذي في ذمة المالك اشتراك في الص$$فات فعن$$د
الفقهاء العبد يعتبر من القيمات بمقتضى الدليلين االخيرين يحصل التهاتر ،فتفرغ ذم$$ة المال$$ك
بالعبد المتلف ،وذمة الضامن بالعبد الذي له على ذمة المالك ،وذلك لصدق االعتداء بمث$$ل م$$ا
202
اعتدى عليكم ولصدق االستظهار العرفي من كون االصل في الضمان بالعين و ينتقل منها الى
االقرب عليها وليس هو اال المثل.
بينما الفقهاء ال يحكم$$ون بالته$$اتر وال$$ذي ي$$دلنا على ان الفقه$$اء ال يحكم$$ون بالته$$اتر ه$$و تتب$$ع
كلماتهم في بيع عبد من عبدين ,حيث انه من الفروعات الفقهية في البيع هو بيع عب$$د بعب$$دين ،
و هذا الفرع ينحل الى فرعين ،في احدهما يكون لنا شاهد وفي االخر ال يكون .
الفرع االول يبحث في مسالة غرر المبيع فذهب المش$$هور الى ع$$دم ج$$واز بي$$ع عب$$د من 2من
دون تحديد النه يستلزم الغرر ،هو الفرع ال ربط له فيما نحن فيه .
الفرع الثاني :ان اشتري مثال منك عبدا في الذمة مع ذكر تمام االوصاف الرافعة للجهال$$ة ثم
سلمتني عبدين الختار احدهما ،فكان العبدان في يدي لكي اختار ،و قب$$ل اختي$$اري تل$$ف اح$$د
العبدين او صار في حكم التالف ،كما لو ابق ،فوقع الخالف بين الفقهاء في هذا الفرع فهنل$$ك
من يرى ان التالف يكون من كيسهما معا فكل واحد يض$$من النص$$ف والب$$اقي يأخ$$ذه المش$$تري
وفاءا بعقد البيع ،وهنلك قول اخر وهو ان المالك يضّم ن المشتري نصف العب$$د الت$$الف و على
المالك ان يضمن له نصف العبد الموجود ،من هنا يحصل لنا الشاهد فان التهاتر لو كان ثابت$$ا
لما احتجنا الى هذا االمر ،فما في يد المشتري يبقى في ي$$ده وم$$ا في ي$$د المال$$ك من الثمن يبقى
في يده ،النه يحصل التهاتر ،فيكون العبد الباقي في مقابل العبد الت$$الف ،و يبقى الثمن في ي$$د
المالك ،فعدم حكمهم بالتهاتر كاشف على ان القيمي ال يضمن بالمثل.
لقائل ان يقول انه لم يحرز مخالفة المشهور لمفاد ال$$دليلين االخ$$يرين و عن$$دنا ش$$اهد على ذل$$ك
وهو ان جماعة منهم الشهيدان ذهبوا الى ان شخصا لو اقترض عينا قيمية وبقيت في يده يجوز
له ان يرد العين نفسها فاذا ليس الجميع يرون ان القيمي يضمن بقيمته اذ لو كان القيمي يض$$من
بقيمته مطلقا ففي هذه الصورة كان يلزم المقترض باخ$$ذ العين ودف$$ع القيم$$ة ،يجيب المص$$نف
قائال بان هذه الفتوى التي ذكرها جماعة ليست صريحة في مخالف$$ة راي المش$$هور اذ لقائ$$ل ان
يقول انه في المثال لم يضمن القيمي بمثله وانما ارج$$ع عين م$$ا اخ$$ذ فال ض$$مان للقيمي بالمث$$ل
ليكون خرقا لما عليه المشهور ،ويشهد لذلك انه في المث$$ال الم$$ذكور اتفق$$وا على ع$$دم وج$وب
قبول غيرها ( العين او القيمة) وان كان مماثال من جميع الجهات.
في عبارة المص$$نف اذا قلن$$ا غيره$$ا يرج$$ع العين يتم الش$$اهد باعتب$$ار ان العين ال يص$$دق فيه$$ا
الضمان وانما ارجع ما اخذها ،اما لو قلنا ان غيرها القيمة فهو اظهر في دخالته في هو الشهاد
،اذ لو كان القيمي يضمن مثله وان القيمة بدل عنه لكان وجب ان نلزمه بالمثل ال بالقيمة .
اما لو تلف القيمي ولم يوج$د المث$ل ف$اذا اخ$ذنا بال$دليلين االخ$يرين فالمث$ل ال يس$قط عن الذم$ة
بالتعذر فتبقى الذمة مشغولة به الى حين افراغها ،وحينئذ تظهر الثمرة فيما ل$$و تلفت العين في
يوم الجمع$$ة ،و ك$$ان ي$$وم الس$$بت المث$$ل متع$$ذرا و في ي$$وم االح$$د اراد ان يض$$من فعلى االي$$ة
203
واالستظهار العرفي لو كان قيمة المثل في يوم السبت مائة و كانت قيمته في يوم االداء مائ$$ة و
خمسون فانه يضمن القيمة االخرى وهي المائة والخمسين وليس ذلك اال لك$$ون تع$$ذر المث$$ل ال
يسقطه عن الذمة فتبقى ذمت$$ه مش$$غولة ب$$ه الى حين االداء فنقيم$$ه بحس$$ب وقت االداء ام$$ا على
رأي المشهور القائل بتعلق الضمان بالقيمة فالمدار يكون على وقت التلف ،فان ذمت$$ه اش$$تغلت
بقيمة التالف في وقت تلفه فيدفع القيمة .
93
في هذه الصورة يختلف الدليالن مع مختار المشهور ،فان مقتضى الدليلين ع$$دم س$$قوط المث$$ل
من الذمة بتعذره خارجا و هذا يعني اننا علينا ان نض$$من المثلي المتع$$ذر حين ارادة ال$$دفع كم$$ا
هو الحال في ضمان المثلي بمثله .
بينما ذهب المشهور كما سوف يأتي الى ض$$مان القيم$$ة حين التل$$ف ،ال حين ال$$دفع ،ففي ه$$ذا
المورد و ان كنا نرجع الى القيمة لتعذر المثل بحس$$ب الف$$رض ولكن تختل$$ف النتيج$$ة بين مف$$اد
الدليلين و بين مخت$$ار المش$$هور ،و يمكن ان يمث$$ل ايض$$ا بمث$$ال اخ$$ر ،يق$$ع في$$ه التف$$اوت بين
مختار المشهور و بين ما يقتضيه الدليالن ،حاصل المثال انه لو كان المثل الذي يراد دفعه في
قب$$ال الت$$الف في المثلي ل$$و ك$$ان ناقص$$ا من ناحي$$ة القيم$$ة عن الت$$الف نقص$$ا فاحش$$ا فعلى رأي
المشهور ال مانع من دفع هذا المثل ما دام يصدق عليه انه مثل ،اما بحسب ما تقتضيه اآلي$$ة و
االستظهار العرفي فال يمكن دفع هذا المثل و ال يجوز الزام المالك به ،و ذل$$ك لم$$ا ع$$رفت من
لزوم التماثل في الحقيقة والمالية ،و مع النقصان الفاحش وان كان هنلك اتحاد في الحقيق$$ة لكن
ال يوجد اتحاد في المالية ،نعم هذا االشكال ال يتم على رأي الش$$هيد األول في ال$$دروس ،حيث
ذهب الى عدم لزوم الزام المالك بالقبول ،في صورة التفاوت الف$$احش ،و ه$$ذا و ان ك$$ان ليس
مخالفا لظاهر الدليلين ،لكن كالمنا في رأي المش$هور ،و البعض من المش$هور احتم$$ل ج$واز
دفع المثل وان سقط عن القيمة بالكلية ،فهذا يؤكد التنافي بين مقتض$$ى ال$$دليلين و بين م$$ا ذهب
اليه المشهور ،و خالصة البحث ان الدليلين المتقدمين ال يشوش عليهما سوى مخالفتهما ل$$رأي
المشهور ،حيث ان النسبة بين مقتضى الدليلين و بين رأي المشهور هي العم$$وم والخص$$وص
من وجه .
اما افتراق المشهور عن الدليلين في مسألة الض$$مان فكم$$ا في مس$$ألة اتالف الكرب$$اس حيث ان
مقتضى الدليلين كما تقدم هو لزوم الضمان بتحصيل مثل الذراع التالف ،و ل$$و ك$$ان باض$$عاف
قيمته ،بينما على رأي المشهور يضمن بالقيمة و ال يجب تحصيل المثل .
وأما اختالف الضمان من ناحية االيتين فكما في المث$$ال المتق$$دم فيم$$ا ل$$و ك$$ان المث$$ل في المثلي
ناقصا نقصا فاحشا في المالية فان$ه على رأي المش$هور ال م$انع من اعط$اء المث$ل الن$اقص في
المالي$ة بينم$ا بمقتض$ى االي$تين ال يج$وز ال$زام المال$ك بهك$ذا مث$ل و ب$اق الم$وارد هي م$وارد
204
االشتراك بين رأي المشهور و مقتضى الدليلين ،فتكون النس$$بة هي العم$$وم و الخص$$وص من
وجه .
ثم بعد ذلك يتعرض الماتن الى انه انم$ا نأخ$ذ باالجم$اع في قب$ال ال$دليلين حيث ان ال$دليلين داّل
على ضمان القيمي بمثله فنخصص اآلية ببركة االجماع المدعى على ضمان القيمي ب$$القيمي ،
و لكن هذا االجماع انما ينفع فيما لو احرز قيمية التالف وبعبارة اخ$$رى لكي نخ$$رج عن عم$$وم
اآلية البد لنا من اجماعين :
االول :االجماع على الكبرى وهو ان القيمي يضمن بقيمته .
الثاني :االجماع على الصغرى وهو ان هذا التالف قيمي .
اما لو شككنا في شيء في انه هل هو قيمي او مثلي فمقتضى اآلية ان نضمنه بمثله ،وتخريجه
فنيا ان يق$$ال ان المق$$ام من التمس$ك بالع$$ام في الش$بهة المفهومي$$ة للمخص$$ص ال$$دائر بين االق$ل
واالكثر ،كما لو ورد اكرم كل عالم وورد ال تكرم الفساق و ت$$ردد مفه$$وم الفس$$ق بين م$$رتكب
مطلق الذنب و بين مرتكب الكب$$يرة ،ففي غ$$ير م$$رتكب الكب$$يرة ،يك$$ون المرج$$ع ه$$و اص$$الة
العموم ،لكونه من الشك في التخصيص الزائد ،و ما نحن فيه من هذا القبيل ،ف$$ان اآلي$$ة دلت
على ضمان كل تالف بمثله و ورد مخص$$ص وه$$و االجم$$اع ي$$دل على ض$$مان القيمي الت$$الف
بقيمته و القيمي المأخوذ في المخصص يدور امره بين خصوص ما اجمع على قيميته او االعم
منه ،ومما ذهب البعض الى قيميته فنقتصر في التخصيص على القدر المتيقن و هو م$$ا اجم$$ع
على قيميته ،اما ما ذهب البعض دون البعض الى قيميته فيكون خروجه من تحت عموم الع$$ام
من قبيل الشك في التخصيص الزائد ،والمرجع حينئذ هو اصالة العموم .
النتيجة النهائية ما اتفق عليه الفقهاء انه مثلي فال ش$ك ان$ه يض$من بمثل$ه ولكن كم$ا تق$دم س$ابقا
يعت$$بر في ص$$دق المثلي$$ة مالحظ$$ة خصوص$$يات االص$$ناف ،ال$$تي تختل$$ف فيه$$ا الرغب$$ات ،
ومقتضى عموم اآلية ان التفاوت في المالية مع االتحاد في خصائص الصنف ان ال يج$$وز لن$$ا
ان نلزم المالك به اال اذا قام اجماع على اغتف$$ار ه$$ذا التف$$اوت الم$$الي ،او دل دلي$$ل لفظي على
اغتفاره التي ربما يقال بوجوده كما ورد ان من اقترض دراهم ثم اسقطها السلطان عن التداول
وروج غيرها فورد في بعض االخبار انه ال يجب على المقترض اال ان يرجع ال$$دراهم االولى
مع انه بطبيعة الح$$ال ال$$دراهم االولى وان ك$$انت مثال لل$$دراهم الم$$أخوذة ولكن س$$وف تتف$$اوت
معها في القيمة ،لكون السكة والرواج لها قسط من الثمن .
اما بلحاظ القيمي فما اجمع على كونه قيميا يضمن بقيمت$$ه وان وج$$د ل$$ه مث$$ل وام$$ا م$$ا ش$$ك في
كونه قيميا او مثليا فيلحق بالمثلي لما تقدم من ان المرجع في دوران االم$$ر بين االق$$ل واالك$$ثر
اصالة العموم اال اذا وجد التفاوت بين المثل المدفوع و المثل التالف في القيم$$ة ،فحينئ$$ذ يلح$$ق
بالقيمة بالضمان.
205
94
االمر الخامس يتناول فيه مسالة ما لو تعذر المثل ولم يوجد اال بأكثر من ثمن المث$$ل فه$$ل يجب
فهل يجب على الضامن ان يشتريه ام ال .
العالمة طرح هذه المسالة في القواعد و تردد فيها ،و ذكر في القواعد منشأ لتردده فمن جهة قد
يقال ان هذه المسالة ،تشبه باب الكفارات ال$تي بينه$ا ت$رتيب فكم$ا ان$ه في الكف$ارة المرتب$ة اذا
وجد العدل االول بثمن مجحف فان الشارع جوز االنتق$$ال الى الع$$دل الث$$اني ،كم$$ا ل$$و وج$$دت
الرقبة باكثر من ثمنها ،فان الشارع جوز االنتقال الى الصيام فكذلك فيما نحن فيه فان$$ه بوج$ود
المثل باكثر من قيمة المثل يجوز لنا االنتقال الى قيمة المث$$ل ،ه$$ذا ه$$و المنش$$ا االول لل$$تردد و
على تقدير تماميته يثبت عدم جواز الزام الضامن بالشراء .
المنشأ الثاني ان المثل كالعين فكما ان االنسان لو غصب عينا او اخذها عارية الى مدة و توقف
ارجاعها على مؤونة فانه يجب عليه دفعها ،والمثل في المقام ب$$دل العين ،و ه$$ذا المنش$$أ على
تقدير تماميته يجوز للمالك الزام الضامن بالشراء .
المصنف في مقام تحقيق هذا الفرع يذكر صورتين لكثرة الثمن :
الصورة االولى :ان تكون الكثرة ناشئة من زي$$ادة القيم$$ة الس$$وقية والتف$$اوت الس$$وقي بين ي$$وم
التلف و يوم الدفع ،و هذا كثيرا ما يحصل .
الصورة الثانية :ان ال يحصل زيادة في القيمة اال ان المثل موجود عند من ال يعطيه اال بأزي$$د
من قيمته (والقيمة السوقية هي من حددها الحاكم او الدولة) .
فاذا كان من قبيل الصورة االولى فال وج$ه ل$تردد العالم$ة ب$ل الظ$اهر ان المس$الة اجماعي$ة و
يجب على الضامن ان يشتري المثل مهما ارتفعت قيمته ،و يدلنا على ذلك بعد االجماع عموم
النص ،وهي اية االعتداء المتقدمة ،كما يمكن ان يستدل له بمفهوم االولوي$$ة حيث ان الفقه$$اء
حكموا في صورة ت$$نزل قيم$$ة المث$$ل حين ال$$دفع عن ي$$وم التل$$ف ب$$أن ه$$ذا الت$$نزل ال يس$$توجب
االنتقال الى القيمة .
يمكن تقريب االولوية بوجوه نقتصر على اثنين منها :
االول :انه في صورة تنزل القيمة يكون الخاسر هو المالك بينما في صورة ارتفاع القيمة يكون
الخاسر هو الضامن ،و في صورة خسران المالك هنلك وجه لجريان قاعدة ال ضرر ليق$$ال من
خالل القاعدة بلزوم االنتقال الى دفع قيمة يوم التلف ،لكي ال يتضرر المالك ،بينما في ص$$ورة
تض$رر الض$امن ال تج$ري قاع$دة ال ض$رر الن الض$امن ال يخل$و ام$ا غاص$ب وام$ا في حكم
الغاصب و الغاصب و من في حكمه مقدم على الض$$رر ،والمق$$دم على الض$$رر ال تج$$ري في
206
حقه قاعدة ال ضرر ،فاذا كان من تجري في حقه قاعدة ال ضرر لم ننتقل معه الى القيم$$ة فمن
باب اولى ان ال ننتقل الى القيمة فيمن ال تجري معه قاعدة ال ضرر.
التقريب الثاني :ما ذكره المحقق االص$$فهاني لالولوي$$ة و حاص$$له ان$$ه في ص$$ورة ت$$نزل قيم$$ة
المثل فانه ال تصدق المماثلة مع التالف في الماهية و المالية ،ومع ذلك لم يلزموا الفقه$$اء ب$$دفع
الزائد بينما في صورة زيادة القيمة فان مالية الناقص محفوظة في ضمن الزائد الن الزائ$$د ه$$و
الناقص و زيادة ،فاذا كان ال يضمن الزيادة مع عدم صدق المثلية في المالية فمن باب اولى ان
ال يضمنها مع صدقها.
ولما ك$$ان للمناقش$ة مج$ال في كال التقري$$بين ت$$نزل الم$$اتن من الدليلي$$ة الى المؤيدي$$ة ،حيث ان
االول ففيه ان قاعدة ال ضرر اما ال ص$$غرى له$$ا على جمي$$ع التق$$ادير وام$$ا له$$ا ص$$غرى على
تقدير دون اخر ،اما انه ال صغرى لها على جميع التقادير فالمكان ان يقال ان ضمان الت$$الف
بحسب الفرض بالمثل فلم يفوت الض$$امن على المال$$ك ش$$يئا لكي يك$$ون هنل$$ك مج$$ال لقاع$$دة ال
ضرر ،وهكذا الحال في جانب الضامن من ناحية الزي$$ادة ،ففي كليهم$$ا ال ص$$غرى لقاع$$دة ال
ضرر ،وان ابيت عن ذلك فعلى بعض التقادير تجري قاعدة ال ضرر في ح$$ق الض$$امن اذ من
الممكن ان يكون جاهال بفساد العقد فال يص$$دق االق$$دام في ص$$ورة الجه$$ل ليمن$$ع عن قاع$$دة ال
ضرر.
هذا تمام الكالم في الصورة االولى .
الصورة الثانية :اوال الماتن نزل عبارة القواعد على هذه الص$$ورة وليس تنزي$$ل كالم العالم$$ة
على الصورة الثانية لمجرد ان الصورة االولى توافقية ،بل يمكن ان يق$$ال ان الص$$ورة االولى
خارجة عن كالم العالمة خروج$$ا موض$$وعيا ،والوج$$ه في ذل$$ك ان$$ه ال يص$$دق على الثمن في
الصورة االولى بانه بازيد من ثمن المث$$ل ب$$ل ه$$و مس$$او لثمن المث$$ل وقت ال$$دفع ،فال يتص$$ور
االكثرية عن قيمة المثل الن قيمة المثل هي القيمة السوقية وقت الدفع.
بعد ذلك يذكر الماتن منشأ تردد العالمة اما منشأ ع$$دم ال$$زام الض$$امن بالش$$راء فق$$د تق$$دم ،ام$$ا
منشأ الزامه بالشراء فقد ذكر الشيخ االنصاري وجها اخر غ$$ير م$$ا ذك$$ره العالم$$ة وه$و عم$$وم
اآلية وعموم الفتوى.
95
في ختام االمر الخامس يتعرض لفرع فقهي حاصله انه هل يج$$وز للمال$$ك المطالب$$ة بالمث$$ل في
غير مكانه او ال يجوز ،والظاهر من العبارة ان الضمير في قوله بين كونه يرجع الى المثل ال
الى المالك و عليه فيكون البحث ان المالك لو كان في بل$$د و المث$$ل في آخ$$ر فه$$ل يج$$وز ل$$ه ان
يطالب به ام ال ،مقتضى عموم الفتوى والدليل ان$$ه يج$$وز للمال$$ك المطالب$$ة مطلق$$ا س$$واء ك$$ان
207
المثل موجودا في مكان التلف او في مكان اخر ،ايضا من الفروع في المقام انه بعد ان اطلقن$$ا
جواز المطالبة فهل يجوز ذلك مطلقا بال فرق بين كون القيمة في مكان المطالبة بالمثل مساوية
لمك$$ان التل$$ف او كونه$$ا ازي$$د ،ايض$$ا هن$$ا يتمس$$كون بعم$$وم ال$$دليل و عم$$وم الفت$$اوى و معق$$د
االجماعات إلثبات عدم التفريق بين الصورتين ،طبعا هذا التعميم كل$$ه في ص$$ورة ع$$دم تع$$ذر
المثل اما في صورة تعذر المثل فسوف يأتي الحديث عنه في االمر .6
االمر السادس
موضوعه صورة تعذر المثل و قد كان مقتضى البحث الصناعي والفني ان يتق$$دم الح$$ديث عن
المراد من تعذر المثل ،ضرورة تق$$دم فهم الموض$$وع على بي$$ان حكم$$ه طبع$$ا فال ب$$د ان يتق$$دم
البحث عنه وضعا ليتوافق الوضع مع الطبع اال ان المص$$نف كعادت$$ه ق$$دم البحث الحكمي على
البحث الموضوعي.
في البداية يبحث عما تقتضيه القاعدة ،وفي المسالة صورتان :
االولى :ان يكون المالك مطالِبا فلو طالب المالك بالضمان ،فمقتض$$ى الجم$$ع بين حِّ$ق المال$$ك
من جهة و عدِم التكليِف بما ال يطاق من جهٍة اخ$رى ان يق$ال ان الض$امَن عن$د المطالب$ة ي$دفع
القيمة ،الَّن عدم دفع القيمة وانتظار وجوِد المثل عند المطالبة يعتبر ظلما للمالِك ،لم$$ا ع$$رفَت
من انُه له حق المطالبة.
و تكليُف الضامن بالمثل مع فرض تعذره تكليٌف بما ال يطاق ،فكاَن مقتضى الجمع بين الحقين
ان نلزم الضامن بدفع القيمة ،وان كان الدليل االولي يقتضي ض$$مان المث$$ل ،و لكن ينتقُ$$ل الى
المقدوِر في صورِة التعذر ،واقرُب شيء الى التالف بعد فرِض تعذر المثل هي القيمة.
و هذا هو مقصوُد المصنف من مقتضى القاعدة ،أي الجمع بين الحقيِن .
ويمكن ان يستدَّل لذلك ايضا باي$$ة االعت$$داء ،تقريب$$ه :ان الزام$$ه بالمث$$ل غ$$ير ممكن لتع$$ذره ،
والزامه بالقيمة ال يصدق على المالك حينئذ انه فد اعتدى عليِه بازيد مما ُاعتدي به عليه ،ف$$ان
العرَّف يرى ان هذه القيمة هي اعتداء بالمثل ال باالزيد .
لكن هذا الدليل الثاني فيه اشكال فانه مع قطع النظر عّم ا تقتضيه القاعدة من الجم$$ع بين الحقيِن
لم يثبت لنا هذا الدليل لزوم اداء القيمة من قبل الضامن عند المطالبة ،ب$$ل غاي$$ة م$$ا ي$$دل علي$$ه
هذا الدليل هو انه لو اخذنا القيمة من الضامن ال نكون قد اعتدينا عليه ازيد مما اعت$$دى ه$$و ب$$ه
من الممكن ان ي$$ؤخر الى حص$$ول المث$$ل اال اذا قلت ان ه$$ذا ظلم للمال$$ك ولكن ه$$ذا يرج$ع الى
الدليل االول .
208
الصور الثانية :ان ال يكون المالك مطالب$$ا بمع$$نى ان$$ه من الممكن ان ينتظ$$ر فحينئ$$ذ ت$$ارة يق$$ع
الحديث عن الزام الضامن بدفع القيمة ،و اخرى يقع الحديث عن الزام المالك بقبول القيم$$ة ل$$و
دفعها الضامن ،اما االول فال الزام بدفع الحق مع عدم مطالبة صاحبه ،ام$$ا ل$$و دف$$ع الض$$امن
القيمة فيقع الحديث عن امكان الزام المالك بقبولها يرى الماتن انه ال دليل على الزام$$ه ب$$القبول
والوجه في ذلك انه في الصورة السابقة كانت القيمة عالجا لمطالبة المالك لكي ال يقع في الظلم
،و جمع بين حق المالك بسلطنه على ماله و المطالبة به وبين حق الضامن بعدم تكليفه بم$$ا ال
يطاق ،و هذا فيما نحن فيه ال يوجد ظلم على المالك لعدم مطالبته كم$$ا ال يوج$$د تكلي$$ف بم$$ا ال
يط$$اق في ح$ق الض$$امن لكي نجم$$ع بينهم$$ا ،فال دلي$$ل حينئ$$ذ على ج$واز ال$$زام المال$$ك بقب$$ول
القيمة ،وبالتالي ال يسقط حقه عن المثل .
ثم يستشهد ببعض الكلمات التي يظهر من بعض$$ها االطالق لص$$ورتي المطالب$$ة وع$$دمها و في
بعضها االطالق.
المطلب الثاني :لو وصل االمر الى دفع القيمة فقد يمر التالف من ناحية التقييم بمراحل متعددة
من ناحية ارتفاع القيمة فتكون قيمته وقت التسليم او الغصب ش$$يئا وقيمت$$ه وقت المطالب$$ة ش$$يئا
اخر و وقت االداء شيئا 3و قد تتحد القيمة في جمي$$ع االوق$$ات ،في ص$$ورة االتح$$اد ال تظه$$ر
الثمرة وانما الكالم في صورة االختالف ،المشهور يظهر منهم ان الع$$برة في تق$$ييم المث$$ل ه$$و
تقييمه بقيمته يوم الدفع ،قبل بيان الدليل على ذلك للوهلة 1قد يبدو التهافت بين م$$ا نس$$به هن$$ا
الى المشهور وبين ما حكاه عن االكثر في المؤيد من ان العبرة بقيمة يوم المطالبة .
يمكن رف$$ع ه$$ذا الته$$افت ب$$اختالف الموض$$وع ب$$ان الكالم في المؤي$$د عن الق$$رض وهن$$ا عن
المضمون بالعقد الفاسد او بالغصب فبالتالي مع اختالف الموضوع يرتفع التهافت.
استدل للمشهور ان الثابت في ضمان المثل في الذمة هو مثل ،و هذا المثل يبقى في ذمت$$ه الى
حين ادائه و التعذر كما تقدم ال يسقط المثل و لذا قال العالمة وولده ان المثل ال يسقط باالعواز
فما دام المثل في ذمته ففي اليوم الذي يريد ان يدفع قيمته يقوم المثل فيوم الدفع هو يوم التقييم .
96
المش$$هور :الم$$دار على ي$$وم دف$$ع الض$$امن ،و تق$$دم االس$$تدالل علي$$ه ،و ه$$ذا االس$$تدالل من
المصنف ليس شيئا مبتكرا منه وانم$$ا ص$$رح ب$$ه جمل$$ة من الفقه$$اء ،في مقاب$$ل رأي المش$$هور
ذهب ابن ادريس الحلي في خصوص البيع الفاسد و اختاره العالمة في قرض التحرير و ذهب
اليه الش$هيد الث$اني في بي$ع المس$الك ص$راحة الى ان الم$دار على وقت اع$واز المث$ل ،ويمكن
االستدالل بهذا الوجه كما عن الشهيد في المسالك بان وقت االعواز هو الوقت ال$$ذي ينتق$$ل في$$ه
الى القيمة لما عرفت من ان مطالبة الض$$امن بالمث$$ل في وقت االع$$واز تكلي$$ف بم$$ا ال يط$$اق ،
209
فهذا يعني ان وقت االعواز انتقل فيه المثل الى القيمة وبما انه وقت االنتقال فتحسب القيم$$ة في
ذلك الوقت.
اعترض المصنف على هذا الدليل بانه ما هو المقصود من كون وقت التعذر هو وقت االنتق$$ال
الى القيمة:
ال يخلو اما ان يراد من االنتقال ان م$$ا في الذم$$ة و ه$$و المث$$ل ينقلب الى القيم$$ة ،فيص$$بح بع$$د
االنقالب المضمون اوال و بالذات هو القيمة ،و قد تقدم انه ال دليل على هذا االنقالب و مج$$رد
االعواز ال يؤثر في االنقالب ،والشاهد على ذلك انه مع عدم المطالبة لو وجد المث$ل بع$د ذل$ك
يضمن المثل ،فال دليل على االنقالب ان لم يكن الدليل قائما على العدم.
وان اريد من االنتقال ان الضامن ال يجب عليه ان يفرغ ذمته اال بالقيمة ،فهذا المعنى ص$$حيح
لكن ال ينتج ان المدار على وقت التعذر الن غاية ما يدل عليه ان الضامن يجب ان يفرغ ذمت$$ه
بالقيمة ،جمع$$ا بين الحقين ف$$اذا لم ي$$ؤد في االن االول بع$$د االع$$واز واراد ان ي$$ؤدي في الي$$وم
الثاني فالبد ان يحسب قيمة وقت االداء ،اذ ال معنى لتكليفه في آن بما كان يصدق عليه في ان
اخر ،بال فرق بين كون تفاوت القيمة بين االنين لصالح المالك كما لو ك$$انت قيم$$ة االن الث$$اني
اكثر ،او كان تفاوتها لصالح الضامن كما لو كانت قيمة االن الثاني اقل ،وبعبارة واض$$حة م$$ا
دام االنقالب لم يتحقق فالذمة تبقى منشغلة بالمثل فان وج$$د فينحص$$ر االداء ب$$ه ،وان لم يوج$$د
ينتقل الى قيمته في وقت االداء ما دام االنقالب لم يحصل.
بعد ذلك يعود المصنف ليستدرك على هذه المناقشة ليقول ان االمر في الواقع يختلف ب$$اختالف
ال$$دليل فت$$ارة يك$$ون دلين$$ا على ض$$مان المثلي ه$$و االجم$$اع واخ$$رى يك$$ون دليلن$$ا ه$$و اآلي$$ة
واالستظهار العرفي المتقدمان .فان كان دليلنا هو االجماع فما تقدم من النقاش يكون تاما ،ام$$ا
لو كان دليلنا االستظهار واالية فما تقدم يكون مشكال ،الن االعتداء بمثل ما اعت$$دي يع$$ني ان
نتحرى اقرب االمور الى المعتدى به فمع وجود المثل يك$ون ه$و اق$رب االم$ور لمش$ابهته م$ع
المعتدى به بالماهية والمالية ،وبعد اعوازه ينتقل الى االق$رب وه$و المش$ابه في المالي$ة و ه$ذا
يعني االنقالب وبم$$ا ان االنقالب يحص$$ل في وقت التع$$ذر فالم$$دار على قيم$$ة وقت التع$$ذر ،و
الجل ذلك قلنا سابقا انه لوال االجماع لكان االصل في ضمان القيمي ان يضمن بالمثل لكن بم$$ا
ان الغالب في القيمي ان يكون التعذر ابتدائيا ك$انت القيم$ة تلح$ظ من االبت$داء بينم$ا الغ$الب في
المثل ان التعذر في االثناء فتلحظ القيمة عند التعذر.
لقائل ان يقول ان اآلية واالستظهار و كذا س$$ائر اطالق$$ات الض$$مان ب$$الحكم بالقيم$$ة ت$$نزل على
التعذر االبتدائي للمثل الذي ه$و موج$ود دائم$ا في القيم$ة وال تش$مل م$ا نحن في$ه من ع$روض
التعذر في االثناء.
210
يجيب المصنف عن ذلك ان صرف المطلقات الى هذه الحصة بحاجة الى منشأ وال بد ان يكون
المنشأ مما يصلح لتقييد المطلقات واال مع عدمه فيكون رفع الي$$د عن االطالق بال دلي$$ل ،و م$$ا
يصلح منشأ في المق$$ام ليس اال غلب$$ة االف$$راد الن التع$$ذر في القيم$$ة ليس ب$$اكثر من التع$$ذر في
المثلي وبم$$ا ان التع$$ذر في القيمي ابت$$دائي فينص$$رف االطالق الى ذل$$ك ولكن غلب$$ة الوج$$ود ال
توجب انصراف المطلق الى الحصة ،
بعد ان حقق هذين القولين يذكر االحتماالت في المسالة مع مبانيها:
االحتمال االول وهو ما تقدم من تبني المش$هور ل$ه و يص$رح المص$نف هن$ا باختي$اره ه$و ان
الذمة تبقى مشتغلة بالمثل الى اوان تفريغها بدفع القيمة ،و الج$$ل ذل$$ك تعت$$بر قيم$$ة ي$$وم االداء
والدفع .
االحتمال الثاني :ان يقال بصيرورة المثلي قيميا عند االعواز هذا االحتمال يردد الى شقين :
االول :ان صيرورة المثلي قيمي$$ا في وقت االع$$واز بمع$$نى ان المث$$ل المس$تقر في الذم$$ة قيمي
والقيمي اذا تلف ينتقل فيه الى القيمة ،فالقيمية هنا وصف للمثل ال للعين.
الثاني :ان يقال ان المغصوب و الموجود باليد ينقلب قيميا بعد ان كان مثليا .
وفرق هذا الشق عن االول انه في االول يكون المستقر في الذم$$ة ه$$و مث$$ل الت$$الف اال ان ه$$ذا
المثل لتعذره يصير قيميا.
بينما على الشق الثاني ،القيمي وصف للعين التالفة ال وصف للمثل كما في الشق االول.
حينئذ لو اخذنا بالشق االول فالبد ان يبحث عن وقت التقييم في القيمي (أي تقييم قيمة المثل):
فهنلك قول بان المدار في القيمي بيوم تلفه ،فحينئذ تتعين قيمة المثل بيوم تلفه وه$$و االع$$واز ،
واختار هذا الراي في اعواز المثلي الحلي في السرائر في البيع .
اما لو جعلنا االعتبار في تقييم القيمي بيوم الضمان فحينئذ كان المتعين هو زمن تلف العين.
واذا قلنا ان المراد بها زمن التعذر فيتحد مع السابق وال يبقى وجه للترديد فالبد ان يحمل زمن
تلف العين على تلف ما وقع في اليد ال على اعواز المثل ،والوجه في ذلك ان المثل يستقر في
الذمة واول وقت استقراره في الذمة هو ال$$وقت ال$$ذي تتل$$ف في$$ه العين ،وبم$$ا ان المث$$ل ص$$ار
موصوفا بالقيمية فيكون هو وقت الضمان.
اما لو اخذنا بالراي الثالث ب$$القيمي وه$$و ض$$مان اعلى القيم من زم$$ان وض$$ع الي$$د الى زم$$ان
التلف هنا في الشق االول ايضا عند تع$$ذر المث$$ل يض$$من ب$$اعلى القيم من زمن تل$$ف العين الى
زمن االعواز.
211
97
المثل الذي يستقر في الذمة قيمي أي انها وصف للمثل ال للعين التالفة ،الش$ق الث$اني ان تك$ون
القيمية وصفا للعين التالفة بمعنى ان المغصوب او المقبوض بتلفه ينقلب الى قيمي بعد ان ك$$ان
مثليا .
اذا اخذنا بالشق االول بان تك$$ون القيمي$$ة وص$$فا للمث$$ل فحينئ$$ذ ي$$ترتب على ذل$$ك االق$وال ال 3
الموجودة في بحث القيمي .
اما الشق 2وهو ان يصير المثل قيميا يراد من$$ه ان العين بع$$د ان ك$$انت مثلي$$ة فب$$اعواز المث$$ل
تحولت العين الى قيمية ،فحينئذ احتمل الماتن وجهين :
االول ان يكون المدار على يوم الغصب و وجه هذا االحتمال ان العين لما فرضناها انقلبت الى
قيمية فتأخذ حكم العين القيمية المغصوبة ،فكما ان العين القيمية المغصوبة يكون االعتبار فيها
بيوم الغصب او االخذ كذلك فيما نحن فيه لما انقلبت العين الى القيمية فتأخذ حكمها.
الوجه 2ان يكون المدار على اعلى القيم ،و مساحة تحديد اعلى القيم مب$$دؤها ي$$وم الغص$$ب و
منتهاها يوم االعواز المعبر عنه بيوم التلف ،الن اعواز المثل فيما نحن فيه بحكم التل$ف ،فل$و
فرضنا انه في يوم الغصب كانت القيمة 100وفي يوم االعواز صارت القيم$$ة ، 200فيك$$ون
المدار في الضمان على اعلى القيم ،و قد ينعكس.
والوجه في هذا االحتمال هل هو لوجود قول في باب القيمي بضمان اعلى القيم ام لخصوصية
في المقام للوهلة االولى قد يقال ان مدرك هذا الوجه وجود خصوص$$ية في المق$$ام ،و يستش$$هد
لذلك بانه لو كان المناط هو وجود قول في القيمي بضمان اعلى القيم لم$$ا وجب ان يتف$$اوت في
هذا الشق م$$ع الح$$ال في الش$$ق الس$$ابق ،فان$$ه في الش$$ق الس$$ابق في االحتم$$ال ال 3في$$ه جعلن$$ا
االعتبار باعلى القيم لكن من زم$$ان الض$$مان الى زم$$ان االع$$واز بينم$$ا هن$$ا جعلن$$اه من زم$$ان
الغصب الى زمان االعواز ،فهذا التفاوت بينهما يدل على ان ضمان اعلى القيم فيم$$ا نحن في$$ه
ال يرجع الى وجود قول بالقيمي بل ربما يكون من باب االحتي$$اط ،ولكن ه$$ذا الت$$وهم ض$$عيف
باعتبار انه فيما نحن فيه عندما تحولت العين الى قيمي$$ة فبطبيع$$ة الح$$ال يك$$ون المب$$دأ ليس ه$$و
وقت تلف المثل الن العين تضمن بقيمتها من حين غصبها واخذها بخالفه في الشق السابق فان
القيمية لما لم تكن وصفا للعين كان البد ان نالحظ ارتفاع القيمة في مب$$دا ض$$مان المث$$ل ،ول$$ذا
اختلف الحال بالتعبير ال من كون هذا الشق له خصوصية لم ينطبق عليها اقوال ض$$مان القيمي
بل تنطبق على كال الشقين غاية االمر يختلفان وقت الضمان و مبدأه.
وان قلنا :في مقابل ما تقدم قد يقال انه بتعذر المثل مع كونه موجودا من االبتداء يش$$كل االم$$ر
في فكون القيمية وصفا للعين او كونها وصفا للمثل ،فليست وص$$فا للعين لك$$ون العين بحس$$ب
212
الفرض مثلية ،وال انها وصفا للمثل الن الضمان اوال وبالذات يتعل$ق ب$العين وينتق$ل منه$ا الى
بدله وهو المثل فلما اشكل االمر لكي نأتي بقول وسط بينهما ونأخذ بالمشترك بين العين والمثل
ونقول هو الذي يصبح قيميا ال العين وال المثل ،و المقصود من االمر المشترك الخصوصيات
المصنفة و المنوعة التي تك$$ون دخلي$$ة في القيم$$ة مثال ل$$و اتل$$ف مق$$دار من االرز ،من ص$$نف
معين في يد القابض والغاصب ثم تعذر مثل$$ه فال نعت$$بر العين التالف$$ة قيمي$$ة وال مثله$$ا المتع$$ذر
كذلك ،وانما نقول ان االوص$$اف المش$$تركة بين العين والمث$$ل هي ال$$تي تك$$ون قيمي$$ة فتض$$من
بقيمتها بناءا على ذل$$ك يتوج$$ه احتم$$ال االعتب$$ار ب$$أعلى القيم وذل$$ك ب$$ان يك$$ون المب$$دأ من ي$$وم
الضمان الى يوم تعذر المثل ال الى يوم تلف العين كما نق$$ول في الش$ق الس$ابق وذل$$ك الن م$$ا
بعد تلف العين ،اذا اخذنا باالمر المشترك يكون المثل دخيال بخالف م$$ا ل$$و تح$$ولت العين الى
قيمية ،فال يكون المثل دخيال وعليه فالمضمون هو اعلى القيم لترددنا بين ضمان العين لكونها
مص$$داقا للمش$$ترك وبين ض$$مان المث$$ل لكون$$ه مص$$داقا للمش$$ترك فيعت$$بر اعلى القيم من حين
ض$مان العين الى حين فق$دان المث$ل وتع$ذره ،و ه$ذا االحتم$ال ذك$ره العالم$ة في القواع$د 3
االحتماالت.
ويحتمل ايضا في هذا الشق ان نأخ$ذ ب$$أعلى القيم لكن من ي$$وم وض$$ع الي$$د الى ي$$وم دف$ع قيم$$ة
المثل كما صرح العالمة في القواعد في االحتمال الراب$$ع ،فل$$و فرض$$نا ان قيم$$ة المش$$ترك في
سوم الغصب كان 100وفي يوم دفع القيمة كانت اكثر فيؤخ$$ذ ب$$االكثر وان ك$$انت اق$$ل فيؤخ$$ذ
بقيمة يوم الغصب .
ولد العالمة استدل لهذا االحتمال المذكور رابعا في القواعد ب$$ان المث$$ل لّم ا لم يس$$قط ب$$االعواز
كما يشهد له ان المال$$ك ل$$و لم يط$$الب الى حين وج$$دان المث$$ل ثاني$$ة اس$$تحق المال$$ك ان يط$$الب
بالمثل ولو كان المثل ساقطا باإلعواز لما استحق له هذه المطالبة ،وعلى هذا االساس البد من
ان نلحظ القيمة في ي$$وم تغ$$ريم الغاص$$ب ومن المعل$$وم ان الغاص$$ب يؤخ$$ذ باش$$د االح$$وال فل$$و
حصل في عمود الزمان تفاوت في القيمة نجعله يضمن باعلى القيم.
98
المصنف كثر الشقوق بطريق$$ة ربم$$ا تش$وش المطلب ،الج$ل ذل$$ك ال م$$انع من التع$$رض له$$ذا
البحث بصورة مستقلة عن عبارة الماتن ليتضح الوجوه المتصورة في المسالة :
فاصل هذه التشقيقات هو العالمة في القواعد و شرحها ولده في االيضاح و كيفما كان يوجد في
المسالة احتماالت ،بل ربما تتجاوز المسالة مرحلة االحتمال الى مرحلة اتخاذ الرأي:
االحتمال االول :الذي جعله في القواعد خامس االحتماالت حاصله ان العبرة بقيمة يوم الدفع و
هذا الذي نقلنا سابقا عن المشهور اختياره و مدرك هذا القول م$$ا عرفن$$ا س$$ابقا من ان المث$$ل ال
213
يسقط باإلعواز فيبقى المثل في الذمة غاية االمر عند المطالبة او عند ارادة تفريغ الذمة في هذا
االن نراعي قيمة المثل فينتج ذلك ان المدار على يوم الدفع.
االحتمال الثاني :ان يصير المثل قيميا عند االع$واز بمع$نى ان القيمي$ة وقعت وص$فا للمث$ل ال
وصفا للعين التالفة ،اذ العين بمجرد تلفها انتقلنا الى بدلها و الب$دل ه$و المث$ل ولم$ا ك$ان المث$ل
متعذرا صار قيميا ،فبصيرورته قيميا البد ان نطبق عليه االقوال في القيمي والمع$$روف منه$$ا
:3
االول :ان العبرة بيوم االع$واز فل$$و فرض$$نا ان العين تلفت ي$$وم الجمع$$ة ،و تع$$ذر المث$$ل ي$$وم
السبت واراد الغاصب ان يؤدي يوم االحد فالمدار على قيمة يوم السبت ،النه هو يوم االعواز
واليوم الذي انقلب المث$$ل في$$ه الى قيمي فالم$$دار علي$$ه ،و ه$$ذا االحتم$$ال لم ي$$ذكره العالم$$ة في
القواعد من بين االحتماالت الخمسة.
الثاني :ان االعتبار بأعلى القيم من زمان تل$ف العين الى زم$ان التع$ذر فحينئ$ذ فيم$ا نحن في$ه
يالحظ ارفع قيمة في عامود الزمن الذي مبدؤه تلف العين ومنتهاه االعواز والتع$ذر و ه$ذا ه$و
ثاني احتماالت القواعد .
الثالث :ان العبرة في القيمي بزم$$ان الض$$مان ،ولم$$ا ك$$ان اول زمن الض$$مان ه$$و تل$$ف العين
حيث انه من حين تلف العين يثبت المثل في الذمة فحينئذ البد ان تكون العبرة بيوم تلف العين .
االحتمال الثالث :ان المثل يصير قيميا بمعنى ان القيمي هو المبدل عنه ال البدل ،و انم$$ا ك$$ان
تعذر البدل سببا في تحول العين والمبدل منه الى القيمي ،و فرق ه$$ذا االحتم$$ال عن الث$$اني ان
القيمية فيه وصف للعين.
فحينئذ يأتي اول احتماالت القواعد وه$$و ان الم$$دار على اقص$$ى القيم$$ة :من ي$$وم الغص$$ب في
المغصوب ومن يوم القبض في المقبوض بالعقد الفاسد الى يوم تلف العين ،وال اعتبار بزيادة
قيمة االمثال واالبدال الن المف$$روض ان العين هي ال$$تي تح$$ولت الى القيمي فتأخ$$ذ حينئ$$ذ حكم
القيمي باألصالة ،فكما ان القيمي باألصالة لو فرض له مثل فال عبرة بقيمة المث$ل فك$ذلك فيم$ا
نحن فيه ،وانما اخذنا بأقصى القيم بين المبدأ وهو يوم الغصب والمنتهى وهو يوم تل$$ف العين
باعتبار انه بالقبض والغصب قد فوت على المالك فيضمن اعلى ما فوته .
االحتم//ال الراب//ع :ان يك$$ون الم$$دار على اقص$$ى القيم ايض$$ا لكن من وقت الغص$$ب الى وقت
االع$$واز ،فل$$و غص$$ب في الس$$اعة االولى و تلفت العين في الثاني$$ة واع$$وزت في الثالث$$ة ك$$ان
المدار على اقصى القيمة في هذه الساعات الثالث ،و هذا االحتمال نالحظ ان عمود الزم$$ان
االمتدادي اوسع من االحتمال السابق .
214
هذا االحتمال يبت$$ني على ان القيمي ليس$$ت وص$$فا للمث//ل كاالحتم$$ال ، 2وليس$$ت وص$$فا للعين
كاالحتمال الثالث بل هي وصف للمشترك بينهما ،اذ ال مرجح الح$$دهما و لم$$ا ك$$ان المش$$ترك
امرا كليا والكلي ال ينعدم اال بانعدام تم$$ام اف$$راده فالب$$د ان تتل$$ف العين ويتل$$ف المث$$ل بواس$$طة
التعذر ،فالبد ان يكون مساحة اعتبار اقصى القيم بين تلف العين و تعذر المثل .
وبعبارة اخرى هذا االحتمال لما كان مبتنيا على االحتياط بمراعاة المش$$ترك بين العين والمث$$ل
كان البد في الضمان ايضا من االحتياط ،بان نعتبر اقصى قيمة من حين بداي$$ة التف$$ويت وه$$و
يوم الغصب الى حين زوال الكلي المشترك وهو يوم التعذر ،و هذا االحتمال هو 3احتماالت
القواعد.
االحتمال الخامس :ان يقال ان االعتبار بالمشترك ألجل االحتياط ال يتالءم مع كون المبدأ ه$$و
يوم الغصب والمنتهى يوم االعواز ،بل مقتضى االحتياط ان يكون االمتداد اوسع من ذلك ب$$ان
يكون المبدأ يوم الغصب والمنتهى يوم الدفع ،فلو غصب في الساعة االولى وحصل التل$$ف في
الثانية و تع$$ذر المث$$ل في الثالث$$ة واراد ال$$دفع في الرابع$$ة ،ف$$ان المض$$مون ه$$و اعلى القيم بين
الساعات االربع بخالف االحتمال السابق فان المضمون كان اقصى القيم بين الس$$اعات الثالث
االولى ،هذا تمام الكالم في المحتمالت والتشقيقات ال$$تي ذكره$$ا الم$$اتن في الكت$$اب وال$$تي في
ضمنها بينت احتماالت العالمة في القواعد.
بعد ذكر االحتماالت يأتي بحث بما يس$$اعد علي$$ه مق//ام االثب//ات ،يظه$$ر من$$ه ان الحكم يختل$$ف
باختالف مدرك الض$$مان ف$$ان ك$$ان الم$$درك ه$$و االجم$$اع المحكي والمتق$$دم س$$ابقا ب$$ان المثلي
يضمن بمثله حينئذ فالحكم هو ان المث$$ل ال يس$$قط من الذم$$ة بالتع$$ذر وال يتح$$ول ه$$و وال العين
بسبب التعذر الى القيمي ،ولما لم يسقط بالتع$$ذر فال نحت$$اج الى مالحظ$$ة االم$$ر المش$$ترك بين
العين والمثل فالذي يستفاد من اطالقاتهم في معاقد اجماعاتهم ان العبرة بيوم تفريغ الذمة ،ففي
ذل$$ك الي$$وم يلح$ظ قيم$$ة المث$$ل لم$$ا ع$$رفت من ان المث$$ل ال يس$قط ب$$اإلعواز فالص$$حيح من بين
المحتمالت المتقدمة هو مختار المشهور.
99
الكالم في تحقيق المسالة ،تقدم انه لو كان المدرك لضمان المثلي بالمث$$ل و القيمي بالقيم$$ة ه$$و
االجماع فحينئذ يكون المناسب الطالق كالمهم لض$$مان المث$$ل في المثلي و ع$$دم س$$قوط المثلي
من الذمة بتعذره وينتج ذلك ان المناط على يوم تفريغ الذمة ،فالقيمة هي قيم$$ة ي$$وم االس$$قاط ،
اما لو بنينا على م$$ا تق$$دم م$$رارا من المص$$نف من ك$$ون المتب$$ادر من دلي$$ل على الي$$د ومن اي$$ة
االعتداء مثال هو ان يغرم الغاصب باقرب االمور الى التالف ،وانم$$ا اوجبن$$ا المث$$ل في المثلي
لكون المثل مع تيسره اقرب الى العين التالفة من قيمتها وذلك الن المثل متحد م$$ع العين التالف$$ة
في الحقيقة والمالية بينما القيمة تتحد معه في خصوص المالية ف$اذا ك$ان المث$ل متيس$را ،فه$و
215
المتعين واما لو كان متعذرا فالتعذر على نحوين :باعتبار زمانه اذ تارة يك$$ون التع$$ذر ابت$$دائيا
كما هو الحال في القيمي ،حيث ان العين القيمية وجدت ولم يكن لها مثل ،فحينئذ ك$ان المتعين
االنتقال الى القيمة في ذلك االن الذي صارت فيه العين قيمية وهو في القيمي حين تلفه .
النحو الثاني :ان يكون التعذر متأخرا عن التمكن كما هو الحال فيم$$ا نحن في$$ه ،فأيض$$ا يك$$ون
المدار على القيمة في وقت صيرورة العين قيمية ،والعين في ه$$ذا النح$و ص$$ارت قيمي$$ة حين
االعواز فيكون المدار على قيمة يوم االع$$واز وبالت$$الي يق$$وى م$$ا ذهب الي$$ه ابن ادريس الحلي
فيما نقلناه عنه سابقا ،هذا كله لو قلنا بان القيمي يعتبر فيه يوم التلف ،ام$$ا ل$$و بنين$$ا في القيمي
على ما يظه$$ر من الق$دماء توج$ه ان يق$$ال ان الع$$برة ب$$اعلى القيم من حين الغص$$ب الى زم$$ان
االعواز ،تقريب ذلك ان القدماء في القيمي اعت$$بروا اقص$$ى القيم من حين تحق$$ق الغص$$ب الى
حين تلف العين ،فاذا كان كذلك في القيمي ففي المثلي ال$$ذي ط$$رأ االع$$واز على مثل$$ه الب$$د ان
يكون الض$$مان بأقص$$ى القيم ايض$$ا ولكن من حين الغص$$ب الى زمن االع$$واز ال تل$$ف العين ،
وذل$$ك الن القيمي حينئ$$ذ ص$$فة للمث$$ل ال للعين التالف$$ة ،لم$$ا ع$$رفت من ان ظ$$اهر االدل$$ة ه$$و
الضمان باقرب االشياء الى العين فالضمان اوال وبال$$ذات يتعل$$ق بالمث$$ل ثم ب$$اعوازه ينقلب الى
القيمة ،فال فرق حينئذ بين المثلي والقيمي من ناحية ان ارتفاع القيم$$ة في القيمي يض$$من الى
حين التلف والى حين االنتقال الى القيمة ،فكذلك الحال في المثلي الذي تعذر مثل$$ه ف$$ان قيمت$$ه
تضمن الى حين اعواز المثل فكما انه في القيمي لو كانت العين باقية ال نض$$من ارتف$$اع القيم$$ة
السوقية وانما نضمنها اذا تلفت العين كذلك في المثلي مع وجود المثل ال يضمن االرتف$$اع فم$$ع
اع$$وازه يض$$من الى حين تحق$$ق االع$$واز ،ففي القيمي يس$$تقر الض$$مان بتل$$ف العين في المث$$ل
يستقر الضمان باعواز المثل فاعواز المث$$ل في المثلي يق$$وم مق$$ام تل$$ف العين في القيمي و ه$$ذا
الرأي هو ما عليه الشافعية.
في مقابل ذلك لو قلنا ان قياس اعواز المثل في المثلي على تلف العين في القيمي مع الف$$ارق ،
حيث ان المثل المستقر في الذمة عند تلف العين في المثلي ه$$و كلي والكلي ال يس$$قط من الذم$$ة
باإلعواز بخالف العين فالعين المضمونة جزئية فقياس احدهما على االخر م$$ع الف$$ارق ،ف$$اذا
اصرينا على ضمان القيمة المرتفعة الب$د ان يلح$ظ منتهى االس$تقرار وقت دف$ع القيم$ة ال وقت
االعواز ،و هذا ما اختاره فخر المحققين .
المصنف يعلق على هذا الوجه بانه اوجه االحتماالت لكن وجاهته متوقف$$ة على الق$$ول بض$$مان
اعلى القيم ،اما لو لم نقل بذلك و قلنا بان المضمون هي قيمة احد االوقات المعين$$ة كم$$ا س$$وف
يأتي تحقيقه في االمر السابع فحينئذ ال يتم هذا القول ،والوجه في اوجهتيه امران االول ما تقدم
من ان المثل المستقر في الذمة لما كان كليا فال يسقط باإلعواز فهذا يقتضي ان ال يك$$ون منتهى
الضمان هو وقت االعواز ،اذ مع اعوازه ما زالت الذمة مشتغلة بالمثل.
216
االمر الثاني :ان هذا ما يقتضيه ما هو معروف بينهم من كون الغاصب يؤخ$$ذ بأش$$د االح$$وال
وال شك ان رعاية اعلى القيم في الدائرة االوسع اشد من رعاية اعلى القيم في الدائرة االض$$يق
وتقدم سابقا دعوى االجماع عن ابن ادريس في الحاق المقبوض بالعقد الفاسد بالغصب .
بعد ذلك يأتي المصنف ليحرر محل النزاع ،العالمة ذك$$ر في القواع$$د 5احتم$$االت ولكن ه$$ذه
االحتماالت التي ذكرها العالمة فرضها في الموض$$وع الت$$الي وه$$و ان يك$$ون االع$$واز طارئ$$ا
على وجود المثل بعد غصب العين ،أي العين كانت بيد مالكها وله$$ا مث$$ل فغص$$بت وك$$ان له$$ا
مثل ،ثم تلفت وكان لها مثل ثم طرأ االعواز قبل تفريغ ذمة الضامن ،فمحل كالم العالم$$ة في
هذه االحتماالت الخمسة هو هذا فال يشمل ما لو كان المثل متعذرا ابتداءا .
بعدها شرع المصنف في بيان كلمات الفقهاء في هذه الصورة أي ان يكون التعذر ابتداءا.
100
اتضح ان مصب كالم العالمة كان فيما لو طرأ االعواز بعد تلف العين ولم يكن ناظرا فيم$$ا ل$$و
كان االعواز ابتداءا المحقق الكركي في جامع المقاصد يظهر منه ان$$ه في ه$$ذه الص$$ورة يك$$ون
المدار على قيمة العين يوم التلف ،وجه له المصنف هذا االختيار بان المثل ع$$دم وج$$ود العين
لم يدخل في عهدته و مع تلفها لم يكن هنلك مثل ليدخل في العه$$دة ،و علي$$ه ف$$التكليف بض$$مان
المثل لم يجب عليه في وقت من االوقات لكي يضمن المثل و نبحث عن زمان قيمته لما عرفت
من انه مع وجود العين ال يتعلق الضمان بالمثل و مع تلفها لم يكن هنلك مثل.
هذا الوجه ناقش فيه المص$نف بم$ا حاص$له ان المث$ل ت$ارة يك$ون متع$ذرا من االبت$داء كم$ا في
مفروض البحث و اخرى يكون متعذرا بقاءا ال حدوثا ،كما في مف$$روض بحث العالم$$ة ،ف$$اذا
كان وجود المثل شرطا لدخول ض$$مانه في العه$$دة فال ينبغي ان يف$$رق بين التع$$ذر الح$$دوثي و
التعذر البقائي و اذا لم يكن شرطا فالمثل يدخل في العهدة سواء تعذر حدوثا ام بقاءا.
وبعبارة اخرى ان ضمان المثل بمعنى دخول$$ه في العه$$دة ال يخل$$و ام$$ا ان تش$$تغل العه$$دة بكلي
المثل واما ان تشتغل بجزئّيه فان كانت مشتغلة بكلي المثل فال يش$$ترط وج$$ود المث$$ل وال يف$$رق
حينئذ بين التعذر الحدوثي والتعذر البقائي ،و ان كان الداخل في العهدة هو جزئي المث$$ل فكم$$ا
ال يضمن المث$$ل بتع$$ذره ح$$دوثا يجب ان ال يض$$من بتع$$ذره بق$$اءا ،والج$$ل ذل$$ك ال نج$$د ق$$ائال
بالتفصيل في باب القرض ،فمثال لو اقرضتك 1000درهم فان الفقهاء لم يفصلوا في ض$$مانك
للمثل بين ان يكون المثل حين القرض موجودا ام معدوما ولم يفرق$$وا بين ان يع$$رض االع$$واز
في االثناء ام ال فهذا كاشف على ان الداخل في العهدة هو الكلي واشتغال الذمة به ال يؤثر فيها
اعواز المثل ابتداءا واستدامة .
ثم يستدرك المصنف بان صاحب الجواهر اعترض على المحقق الكركي باشكالين :
217
االول :نقضي واالخر حلي ،اما االشكال الحلي فهو عين ما تق$$دم ويرتض$$يه المص$$نف ،ام$$ا
اشكال الجواهر النقضي حاصله انه بناءا على ما ذكره المحقق الكركي من ان التل$$ف للعين ل$$و
طرأ بعد اعواز المثل فيكون الم$دار على القيم$ة ي$وم التل$ف ،ه$ذا الكالم ينقض علي$ه بان$ه ل$و
فرض وجود المثل قبل دفع القيمة فالزم المحقق الكركي ان ال يجوز للمالك المطالب$$ة بالمث$$ل ،
وبيان المالزمة ان المفروض ان الذمة لم تشتغل بالمثل في وقت من االوقات فاذا وجد المثل ال
يتحول الضمان اليه ،و هذا خالف ظاهر كلماتهم و تصريحات بعضهم .
المصنف ال يرتضي هذا االشكال ،و يقول بانه فيه تأمل ووجه ان$$ه من الممكن ان يق$$ال ح$$تى
على مبنى المحقق الكركي ب$$ان ال$$ذهاب الى قيم$$ة العين في وقت التل$$ف مش$$روط بع$$دم وج$$ود
المثل ،فاذا وجد المث$$ل بط$$ل التكلي$$ف بالقيم$$ة ض$$رورة ان ثب$$وت ك$$ل تكلي$$ف ي$$راعى بوج$$ود
شرطه ،فلو كان التكليف بضمان القيم$$ة مش$$روطًا بع$$دم المث$$ل يبقى ه$$ذا التكلي$$ف ثابتً$ا اال اذا
تحقق احد امرين :
االول :تسديد القيمة قبل وجود المث$$ل ،الن التكلي$$ف حينئ$$ذ يس$$قط باالمتث$$ال ،والث$$اني وج$$ود
المثل الن المشروط عدم عند عدم شرطه ،و بهذا تم الكالم في البحث الحكمي ،و يق$$ع الكالم
فيما به يتحقق االعواز.
بعد ورود االشكال االول على المحقق الك$ركي ح$اول المص$نف ان ي$ذكر وجه$ا للتفص$يل بين
صورة التعذر االبتدائي وصورة التعذر استدامة ،وجه التفصيل ان يق$$ال ان االدل$$ة الدال$$ة على
وجوب الضمان بالمثل وان لم تكن مقيدة عقال بوجود المثل لما عرفت من ان متعلق ال$$ذمم ه$$و
الكلي ال الجزئي والكلي يص$$ح دخول$$ه في العه$$دة وان لم يوج$$د ل$$ه مص$$داق في الخ$$ارج ولكن
يمكن القول بان ادلة وجوب المثل منص$$رفة الى ص$$ورة وج$$وده عن$$د الوج$$وب ،وفي ص$$ورة
التع$ذر االبت$دائي لم يكن المث$ل موج$ودا بخالف التع$ذر في االثن$اء ف$ان ادل$ة الوج$وب ش$ملت
المورد مع ك$ون المث$ل موج$ودا فاس$تقر ض$مان كلي المث$ل فال ينقلب الى قيمي بط$رو التع$ذر
والعرف يمكن ان يفرق بين هذين فيقال بان فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم منص$$رف الى
صورة وجود المثل عن$$د االعت$$داء و تل$$ف العين ،ف$$اذا لم يكن المث$$ل موج$$ودا حينه$$ا فيحص$$ل
االنقالب الى القيمي ،بينما في صورة طرو التعذر يكون المث$$ل ق$$د اس$$تقر في الذم$$ة فال ينقلب
بالتعذر الى القيمية ،اال ان الكالم في اثبات هذا االنصراف.
البحث االخر ال$$ذي يتع$$رض ل$$ه في المق$$ام في الم$$راد من االع$$واز والبحث هن$$ا ليس بحث$$ا في
مفهوم االعواز فان هذه الكلمة بحسب وض$عها اللغ$وي واض$حة وانم$ا الكالم فيم$ا يتحق$ق ب$ه
االعواز ،فهل ان االعواز ال يتحقق اال بانعدام المثل في الدنيا ،او انه اقل من ذلك ،فالعالم$$ة
في التذكرة حدد االعواز بعدم وجود المثل في البلد وما حوله .
218
الشهيد 2اضافا قيدا ربما يكون توضيحيا الى كالم العالمة ففسر قول العالمة و م$$ا حول$$ه ليس
مطلق ما حوله ،بل اذا كان مما ينقل عادة منه الى البل$د ،واستش$هد ل$ذلك ب$بيع الس$لم ،ال$ذي
حقيقت$ه تعجي$ل الثمن و تأجي$ل المثمن ،فل$و بعت$ك الكت$اب ب$بيع الس$لم وقبض$ت الثمن على ان
اسلمك الكتاب الى مدة ،فلو اعوز الكتاب ،ذكروا في بيع السلم ان محل االعواز هو م$ا ينتق$ل
عنه عادة .
في جامع المقاصد بحسب ظاهر عبارة المصنف انه احال المسالة الى العرف ،و ه$$ذا يختل$$ف
باختالف كل زمان.
ولكن اذا رجعنا الى كالم ج$$امع المقاص$$د نج$$د ان$$ه لم يكن بص$$دد اعط$$اء رأي في مقاب$$ل رأي
العالمة ،بل ارجع الى العرف لتحديد قول العالمة و ما حوله .
ام$$ا رأي الم$$اتن ،ي$$رى المص$$نف ان مقتض$$ى عم$$وم م$$ا دل على وج$$وب اداء م$$ال الن$$اس و
تسليطهم على ما يملكون االعم من االعيان و الذمم مقتض$$ى ه$$ذه االدل$$ة ه$$و وج$$وب تحص$$يل
المثل اينما كان ،ولو كان في تحصيله مؤونه كثيرة ،و ال يوجد ما يدل على التحديد بما ذك$$ره
العالمة في التذكرة ،والحاصل ان المقتضي للتوسعة في مع$$نى االع$$واز موج$$ود وه$$و اطالق
االدلة ،والمانع مفقود لعدم وجود دلي$$ل على م$$ا ذك$$ره العالم$$ة ،ثم بع$$د ذل$$ك يح$$اول ان يؤي$$د
نظرية جامع المقاصد ،حاصل التأييد ان$$ه ل$$و قلن$$ا بقي$$ام االجم$$اع على تعين القيم$$ة للعين عن$$د
اعواز المثل وورد لفظ االعواز في معاقد اجماعاتهم ،فحينئذ طبقا للقاعة ن$$نزل اللف$$ظ على م$$ا
يصدق عليه عرفا ،فنق$$ول اذا اع$$وز المث$$ل ينتق$$ل الى القيم$$ة ،ام$$ا اذا اختل$$ف المجمع$$ون في
التعبير فالبعض عبر باإلعواز واالخر بالتعذر فاذا اجمعوا على حكم و اختلفوا في دائرة الحكم
كان الحمل على المتيقن هو المتعين و بما ان التعذر اخص من االعواز فالبد حينئذ من ان يقال
ان المدار على التعذر .
101
من هذا الكالم نفهم ان االعواز و التعذر يختلفان سعة و ضيقا ،لكن المص$$نف بع$$د ذل$$ك يب$$دي
محاولة إلرجاع التعذر الى االعواز و حينئذ ال يؤثر اختالف كلم$$ات المجمعين ببن االع$$واز و
التعذر النهما بمعنى واحد .
مستند هذه المحاولة انه في بعض روايات عقد السلم ورد التعبير بالقدرة ،بمع$$نى ان الب$$ائع اذا
لم يقدر على تسليم العين في المدة المعلومة تخير المشتري بين الفسخ و الصبر .
ومن الواضحات ان عدم القدرة الواردة في هذه االخبار ليست بمع$$نى التع$$ذر العقلي ،ب$$ل ق$$د
توجد العين ولو في بلد قريب لكن بلحاظ ظروف البائع وخصوصيته يصعب عليه تس$$ليم العين
219
في الوقت المحدد ،و عليه فيراد ،القدرة هي العرفية ،فاذا انتفت يخ$$ير المش$$تري المس$$لم بين
الفسخ و االنتظار .
وباب عقد السلم من هذه الناحية ال يفترق عما نحن فيه اال في كون التخيير في انتظ$$ار الق$$درة
بينما فيما نحن فيه يكون التخيير بين رضا المالك بالقيمة او االنتظار الى تيسر المث$$ل و ه$$ذا ال
يضر وعليه فتكون النتيجة النهائية ان ما ذك$$ره العالم$$ة في الت$$ذكرة من ارج$$اع االع$$واز الى
البلد و حواليها هو المتعين .
وبالتالي نخرج عن عم$وم ل$زوم ارج$اع االم$وال الى اص$حابها بم$ا ل$و فق$د المث$ل من البل$د و
حواليها .
البحث االخر الذي يتعرض اليه الماتن ،انه بعد تحق$ق االع$واز ب$اي مع$نى من المع$اني يب$ني
عليه الفقيه ،اتفقوا على انه يرجع الى القيمة ،حينئذ توجد في المقام شبهة حاصلها :ان$ه كي$ف
نرجع الى قيمة شيء غير موجود بحسب الفرض ،فالقيمة تعرف من ناحية العرض والطلب ،
والعرض والطلب يكون في شيء موجود ،ال في شيء تعذر و ال تصل اليه يد الناس ،فكي$$ف
اذا نعين هذه القيمة ؟.
من هنا وقع البحث بينهم في انه هل المدار بعد عدم وجود المثل البد ان يف$$رض موج$$ودا فه$$ل
المدار ان يفرض موجودا في وقت عزت$$ه و ندرت$$ه ،ام يف$$رض موج$$ودا في وقت وفرت$$ه ،او
يسلك في ذلك سبيال وسطا .
يستظهر الماتن ان يجعل مناط التقييم بفرض وج$$ود المث$$ل في وقت عزت$$ه ،والوج$$ه في ه$$ذا
االستظهار ليس مرجعه الى تنزيل لفظ على الفهم العرفي ،ليشكل عليه ان االلف$$اظ ت$$نزل على
الحال$$ة المتعارف$$ة ،و هي الحال$$ة الوس$$طى ال حال$$ة الن$$درة و الع$$زة ،وانم$$ا مقص$$وده من
االستظهار االستظهار بحسب القواعد حيث قد اشرنا سابقا ان قاع$$دة ل$$زوم تس$$ليم االم$$وال الى
اصحابها تقتضي عدم الخروج عنها اال بالقدر المتيقن فلو ان المغصوب كان مقدارا من فاكه$$ة
ثم فقدت من السوق ،فاذا قيمناه$$ا باعتب$$ار غ$$ير وقت عزته$$ا س$$وف تك$$ون القيم$$ة اق$$ل ،فال
يحرز باننا ارجعنا االموال الى اصحابها ،مضافا الى ان قاع$$دة اخ$$ذ الغاص$$ب بأش$$د االح$$وال
تقتضي هذا االمر ،و غير الغاصب يلحق به باالجماع الذي ذكره الحلي .
ولكن على الرغم من هذا االستظهار يقيد الماتن المطلب بقيد تخفيفي ،وه$$و ان يف$$رض المث$$ل
مع قطع النظ$$ر عن الخصوص$$يات الخارج$$ة واال مثال ل$$و فرض$$نا ه$$ذه الفاكه$$ة موج$$ودة عن$$د
السلطان ،بحيث ال يرغب ببيعها اال اذا بذل له في سبيلها مال ال يبذله الراغبون حتى في وقت
عزتها ،فهذا ال يمكن ان نكلف به الضامن ،الن هذا ال يعتبر ضمانا لقيمة المث$$ل ،ب$$ل اخ$$ذت
فيه خصوصيات خارجة عنه .
220
الفرع االخر الذي يتعرض له المصنف و هو من الفروع التي وقع فيها الخالف على اش$ده ان$$ه
بعد ان شخصنا العبرة بتقييم المثل المتع$$ذر فمن الناحي$$ة المكاني$$ة ه$$ل الع$$برة ببل$$د المطالب$$ة ام
العبرة في بلد التلف ام العبرة باعلى قيمة البلدين اختالف و اقوال .
ذكر الشهيدي :ال يخفى عليك أّنه بعد البناء على قيمة معّينة في المسألة قيمة يوم الّتعّذ ر أو يوم
المطالبة أو يوم الّد فع أو غير ذلك ال يبقى مج$$ال له$$ذا اإلش$$كال و الّتردي$$د ب$$ل يتعّين أّن الع$$برة
بفرض وجوده في ذلك اليوم اّلذي بني على اعتبار قيمة ذلك اليوم و هو يوم معّين ال ترديد فيه
فتدّبر.
ويمكن دفع هذا االشكال انه بالدقة المصنف لم يجعل المدار على فرض وجوده مع كونه
عزيزا ،بل المدار عند المصنف على فرض وجوده و لو في غاية العزة ،فهذا يعني ان العزة
ليست ماخوذة بشكل دائمي ،في مقابل اخذ الحالة الوسطى بشكل دائمي ،و عليه فيكون
المصنف قد اشار الى وجهين في المسالة :
االول :ان يكون المدار على فرض وجود المثل في حالة التوسط بين العزة و الوفرة .
الثاني :ان العبرة بفرض وجوده بلحاظ وقت الضمان و لو كان في غاية العزة ،و حينئذ ال
مانع من الجمع بين ما تقدم و بين هذا البحث .
فعلى الوجه االول في اي وقت كان يوم الدفع بناءا على رأي المشهور و مختار المصنف نقدر
الحالة الوسطى فالحالة الوسطى في هذا الوقت بالتحديد ما هي قيمتها .
و على الوجه الثاني الذي يستظهره المصنف ففي يوم الدفع قد يكون وقت الوفرة فكم القيمة ؟ ،
و قد يكون وقت التوسط و قد يكون وقت العزة فكم القيمة و قد يك$$ون في غاي$$ة الع$$زة فتحس$$ب
قيمته بلحاظ غاية عزته في وقت الدفع فال موجب من خالل هذا البحث لإللغاء البحث المتقدم .
102
ثم يق$$ع الكالم في ان االعتب$$ار بقيم$$ة بل$$د المطالب$$ة ام بل$$د التل$$ف ام اعلى القيم ،و ه$$ذا البحث
يختلف عن السابق ان هذا البحث يرتبط بمكان اعتبار القيمة ،بينم$$ا ال$$ذي تق$$دم يرتب$$ط بزم$$ان
اعتبار القيمة ،وفي المسالة وجوه :
الوجه االول ان المدار في صورة التعذر على قيمة المثل في بلد التلف ،هذا الوجه مدركه ان$$ه
في هذه البلد خوطب الضامن والغاصب بالضمان فالبد ان يكون المدار عليه .
الوجه الثاني ان المدار على بلد المطالبة ،فان الضمان و ان تعل$$ق ببل$$د التل$$ف ،لكن لم ينتق$$ل
المثل الى القيمة ببلد التل$$ف على رأي المش$$هور ،حيث تق$$دم انهم ي$$رون القيم$$ة و قت ال$$دفع و
عليه فلو طالبه في غير بلد التلف يتعين اعتبار بلد المطالبة .
221
الوجه الثالث ان نذهب الى اعتبار اعلى القيم$تين بين بل$د المطالب$ة و بل$د التل$ف و ه$ذا الوج$ه
يبتني على رعاية حال المغصوب منه ،باعتبار ان العين لو كانت في يده ربما كان باعها عن$$د
ارتفاع قيمتها ،فالبد من ضمان ارتفاع القيمة .
الشيخ الطوسي في المبسوط في باب الغص$$ب ال في ب$$اب الق$$رض يظه$$ر من$$ه التفص$$يل ،وان
كان الفرع الذي ذكره في محل الشاهد قد يقال بانه ناظر الى صورة وجود المثل ،و بحثنا في
صورة تعذر المثل لكن باعتبار تغاير البلدين أي بلد المطالبة و بلد التلف ،المقتض$$ي الس$$تتباع
النقل من بلد الى اخر الى زيادة القيمة ،فيتحد المناط حينئذ بينه و بين ما نحن فيه ،ذكر الشيخ
ان المالك لو طالب بالمثل في غير بلد التلف حيث ان$$ه عن$$ون الف$$رع الفقهي بغص$$ب الم$$ال في
مصر مع مالقاة الغاصب بمكة ،فطالب المال$$ك الغاص$$ب بالمث$$ل ف$$ذكر الش$$يخ ان القض$$ية ال
تخلو من احد امرين ،اما ان يكون للنقل مؤونة او ال ،ففي الفرض الثاني الذي ال يكون للنقل
مؤونة عادة من قبيل االثمان حيث انها مما خف حمله وارتفع قيمته ،فحينئ$$ذ يج$$وز للمال$$ك ان
يطالبه بذلك في غير بلد الغصب والتلف بال فرق بين ان يكون صرف الثمن في البلدين متح$$دا
ام مختلفا النه مع وجود العين يرجع العين وال مؤونة للنقل و مع وجود المث$ل والش$بيه يرجع$ه
بال مؤونة و تفاوت صرفه بين البلدين ال يؤثر ،ه$$ذا كل$$ه ان لم يكن لنقل$$ه مؤون$$ة ام$$ا ان ك$$ان
للنقل مؤونة فال يخلو من احد امرين :
االول :ان يك$$ون للمغص$$وب مثال ك$$الحبوب واالده$$ان فحينئ$$ذ ننظ$$ر ف$$ان ك$$انت القيمت$$ان في
البلدين متفقة فيجوز للمالك ان يط$$الب الغاص$$ب بالمث$$ل ،و عل$$ل الج$$واز بوج$$ود المقتض$$ي و
فقدان المانع ،اما ان المقتضي موجود فالنه مسلط على ماله ،فله ان يطالب به ام$ا ان الم$انع
مفقود فالن ما يتصور ان يكون مانعا هو جريان قاعدة ال ضرر في ح$$ق الغاص$$ب الض$$امن ،
والمفروض عدمها لفرض تساوي القيمتين فال ضرر اما لو فرضنا ان القيمتين بينهم$$ا اختالف
،فاختار الشيخ ان الحكم فيما له مثل و فيما ال مثل له سواء بمعنى ان للمغص$$وب من$$ه ام$$ا ان
يأخذ من الغاصب بمكة قيمة المغصوب بمصر واما ان يدعه و يصبر يستوفي ذلك منه عن$$دما
يرجع الى مصره ،و ذلك لصدق موضوع ال ض$$رر من جه$$تين من جه$$ة وج$$ود المؤون$$ة في
النقل و من جهة اختالف القيمة و عليه فان صبر فال كالم النه حصل التراضي وان اخذ القيمة
يملكها من دون ان يملك الغاصب ما غصبه ،ويترتب على ذلك ثمرة سوف يأتي االشارة اليها
في احد الفروع .
في ختام البحث يختار المصنف انه ينبغي ان نف$رق بين ب$ابين بين ب$اب الق$رض والس$لم و بين
باب الضمان ،والوجه في هذا التفصيل و التفريق في باب الق$$رض مثال عن$$دما اقرض$$ك م$$اال
على ان ترجعه في وقت محدد فان اطالق القرض ينصرف الى بلد القرض ال الى بلد اخر.
222
بينما في باب الضمان االمر ليس كذلك اذ ال يوجد معاملة و تعاقد كي يق$$ال ان المعامل$$ة منزل$$ة
على البلد المعين ،و على ه$$ذا االس$$اس ففي أي مك$$ان ط$$الب المال$$ك الغاص$$ب يجب علي$$ه ان
يوفيه اذ ال يوجد انصراف .
الفرع االخير في هذا البحث يرتبط بصورة سقوط المثل عن المالية ،لنفترض غصب لي م$$اء
في الصحراء ،وهو له مالية مرتفعة ،ثم وجدت الغاصب على الش$$اطئ والم$$اء على الش$$اطئ
ال قيمة له ،فالمثل موجود ،لكن هذا المثل سقط عن المالي$$ة ،فه$$ل ت$$نزل ه$$ذه الص$$ورة على
صورة تعذر المثل فنلزم الغاصب والضامن بان يدفع قيمة الماء في الصحراء .
المصنف اختار و قوى في هذا الفرع انه ي$نزل على ص$ورة تع$ذر المث$ل و حكى عن جماع$ة
نسبة هذا الراي الى اصحابنا بل و الى غيرهم ،فيتولد مما قواه فرع اخر وهو انه لو جعلناه$$ا
من صورة تعذر المثل فالعبرة بقيمة الماء في المف$ازة او ال ؟ ،و تظه$ر الثم$رة فيم$ا ل$و ك$ان
الفاصل مثال بين الصحراء والشاطئ 10فراسخ ،والقيم$$ة في المف$$ازة تس$$اوي 100درهم ،
ثم اذا انطلقنا من المفازة نحو الشاطئ تبدا القيمة بالتنزل الى ان تنعدم في الشاطئ فل$$و فرض$$نا
في اخر مكان كان للماء قيمة كان يسوى درهم فهل يدفع قيمة المفازة او اخر مكان ك$$ان للم$$اء
قيمة ،قوى المصنف االول الن الغصب حصل بالمفازة والمثل مع تلف العين ب$$اق في ال1م$$ة
ولم يسقط من الذمة اال في مكان زوال ماليته فحينئذ يضمن قيمة العين في مكان اتالفها ،و ان
كان الشهيد في الدروس قد احتمل قيمة اخر مكان كان للماء مالية .
يختم المصنف االم$$ر الس$$ادس بف$$رع حاص$$له :ه$$ذا ل$$و تع$$ذر المث$$ل وانتقلن$$ا الى القيم$$ة عن$$د
المطالبة فدفع الضامن القيمة و بعد ذلك وجد المثل فهل للمالك ان يطالب بالمثل ام ال ؟ ،يرى
المصنف ان المسالة تختلف باختالف المبنى وهنلك 3مبان :
االول ان المثل ال يسقط عن الذمة ب$اإلعواز وه$و ال$ذي اخت$اره المص$نف س$ابقا ،على ه$ذا
المبنى ليس للمالك ان يطالب بالمثل بعد وجوده الن المثل كان كليا في الذمة تراضيا على دف$$ع
عوضه فبرئت الذمة ،ووجود المثل خارجا ليست من اسباب اشتغال الذمة ،و هذا نظ$$ير م$$ا
اذا كان المثل موجودا ولكن المالك رضي باخذ القيمة فان الذمة حتما تبرأ .
المبنى الثاني ان يقال انه مع تعذر المثل و مع االعواز يسقط المثل و تصبح القيمة وصفا للعين
المغصوبة فهنا من باب اولى ال يجوز للمالك ان يطالب بالمثل بعد وجوده اذ مع اشتغال الذم$$ة
بالمثل لم نجوز فكيف اذا زال اشغالها بالمثل وكانت القيمة وصفا للعين المغصوبة بمع$$نى انه$$ا
بدل عن العين ال عن المثل فال وجه لجواز المطالبة .
103
223
وانما الكالم على المبنى الثالث فيما لو حصل االنقالب باإلعواز مع كون القيمة وصفا للمث$$ل ،
احتمل المصنف انه بعد وجود المثل للمالك ان يطالب به ،و جعل ذلك من صغريات ما يسمى
ببدل الحيلولة ،فهنا مقدمتان ،االولى بمثابة الكبرى وهو انه فيما يسمى ببدل الحيلولة لو وج$$د
المبدل منه بعد دفع البدل ال تبرأ الذمة .
المقدمة الثانية بمثابة الصغرى هو ان ما نحن فيه من صغريات بدل الحيلول$$ة و س$$يأتي الكالم
في الصغرى والكبرى ،ولكن في المقام اشكال وهو انه اذا ك$$ان االم$ر كم$$ا ذك$$ر فلم$$اذا جع$$ل
المصنف المسالة من باب االحتمال ،فان الكبرى ان كانت صادقة م$$ع ص$$دق االنطب$$اق يك$$ون
الحكم الثابت لالكبر في الكبرى ضروري الثبوت لالصغر في الصغرى .
لدفع هذا االشكال البد من توضيح المقدمتين :
ام$$ا الك$$برى فمثل$$وا له$$ا ب$$ان الغاص$$ب ل$$و القى م$$ال الغ$$ير في البح$$ر مثال ،ولم يتمكن من
استرجاعه فدفع القيمة بدال عن العين التي لم يتمكن من استرجاعها ،فالقيمة بدل والعين الملقاة
في البحر مبدل منه ،وحصل حائل بين المالك و بين ماله ،فذكروا انه اذا ارتفع الحائل للمالك
ان يرجع القيمة ويأخذ العين التي له ،و هذا ما يسمى بب$$دل الحيلول$$ة ،ل$$و القت االم$$واج الم$$ال
الى الشاطئ فالمالك ياخذ ماله و يرجع القيمة بدعوى ان بدلية البدل تكون على القاع$$دة م$$ا دام
المبدل منه قد احيل بينه و بين مالكه ،فاذا ارتفع الحائل تسقط بدلية البدل عن كونه$$ا ب$$دال ،و
هذا طبيعة كل امر ،يكون على نحو الشرطية الدائمة .
اما الصغرى وهو كون ما نحن في$$ه من ب$$دل الحيلول$$ة فب$$دعوى ان القيم$$ة لم$$ا ص$$ارت وص$$فا
للمث$$ل فهي وص$$ف م$$ادام االع$$واز ثابت$$ا ،ف$$اذا زال االع$$واز بوج$$ود المث$$ل تس$$قط القيم$$ة عن
البدلية ،الن الذي حال بين المالك والمثل هو االعواز وهنا زال ،فاذا زال الحائ$$ل ال بدلي$$ة ل$$ه
نرجع الى المثل .
لقائل ان يقول انه لم لم نطبق بدل الحيلولة في ما لو التزمنا بالنظرية الثانية حيث ان القيمة لم$$ا
صارت وصفا للعين باإلعواز فبزواله ال تبقى القيمة كذلك .
والجواب ان القيمة بدل ولكن بوجود المثل ال يوجد المبدل منه ،اذ المب$دل ه$و العين ال المث$ل
فيبقى يصدق الدوام المأخوذ في القيمة .
اما الوجه في ذكر ما تقدم من ب$$اب االحتم$$ال ،فالمك$$ان المناقش$$ة في الص$$غرى واالنطب$$اق ،
بدعوى ان ما نحن فيه ليس من بدل الحيلول$$ة ،الن المف$$روض حص$$ول االنقالب ب$$اإلعواز ،
وان المثلي تحول الى قيمي فالقضية ليست بدلية لحائل لكي نلتزم بع$$ود المب$$دل من$$ه م$$ع زوال
الحائل و على هذا االساس ال تتفاوت النظري 3عن النظرية الثاني .
224
االم//ر الس//ابع وه$$و يرتب$$ط بض$$مان القيمي$$ات ،والقيمي ه$$و العين ال$$تي تك$$ون االوص$$اف
الشخصية دخيلة عند العقالء يقع الكالم هنا في دليل ضمان القيمي بالقيمي .
استدل على ذلك بوجوه االول االجماع المحكي عن جماع$ة منهم ص$احب مفت$اح الكرام$ة ،و
هذا االجماع مدركي .
الدليل الثاني :التمسك بصحيحة ابي والد في ضمان البغل .
الدليل الثالث التمسك بما دل على ان من اعتق شقصا من عبد قوم عليه.
و ه$$ذان الخ$$بران تمس$$ك بهم$$ا في الج$$واهر إلثب$$ات الض$$مان ام$$ا خ$$بر ض$$مان البغ$$ل فالن
الحيوانات كما هو معلوم من القيميات و االمام عليه السالم مباشرة ض ّ$م ن المتل$$ف للبغ$$ل قيم$$ة
البغل يوم تلفه مما يدل على ان القيمي يضمن بقيمته .
اما خبر اعتاق الشقص فباعتبار ان العتق لما كان يج$$ر فل$$و ان شخص$$ا اعت$$ق حص$$ة من عب$$د
فيكون قد فوت على اصحابه هذا العبد فال بد ان ينجر العتق الى تمامه فذكر االمام عليه السالم
ان العبد يقوم عليه ولم يقل يدفع لهم مثل هذا العبد .
يرى المصنف عدم الحاج$ة الى ه$ذين ال$دليلين ،لوج$ود نص$وص ص$ريحة كث$يرة في م$وارد
متعددة تقتضي ضمان القيمي بقيمته ،وعندئذ ال نحتاج الى االستدالل بما يمكن المناقشة فيه ،
حيث نوقش برواي$ة الش$قص بانه$ا ال عم$وم فيه$ا لس$ائر القيمي$ات الحتم$ال ان يك$ون التش$بث
بالحرية بجزء من العبد دخيال في انج$$رار العت$$ق و يك$$ون ض$$مان القيم$$ة تعب$$ديا فال يعمم على
سائر الموارد ،و اما خبر البغل ،فقد يقال بوجود قرائن في الخبر تدل على عدم وجود المثل .
من جملة االخبار التي يرتضيها المصنف خ$$بر الس$$فرة الموج$$ودة في الطري$$ق ام$$ر االم$$ام ان
يأكلها الواجد بعد تقييمها لكونها في معرض الفساد .
الدليل الثالث :ان نتمسك باطالقات ادلة الضمان في القيميات ،فما ي$$دل على الض$$مان كقاع$$دة
اليد و اية االعتداء تدل على ان الت$$الف يض$$من ب$$اقرب االش$$ياء الي$$ه والقيمي لم$$ا ك$$ان بحس$$ب
المتعارف ليس له مث$$ل فنتن$$ازل عن المماثل$$ة في الماهي$$ة و نكتفي بالمماثل$$ة في المالي$$ة ،ه$$ذا
االستدالل يرى المصنف انه نافع في مورد ال نزاع فيه ،و ال نحتاج في$$ه الى دلي$$ل وه$$و فيم$$ا
اذا تلف القيمي وال يوجد له مثل ،وال ينفعنا في مورد وج$د المث$ل ول$و ك$ان ذل$ك من الم$وارد
النادرة ،و حينئذ في م$$ورد ال$$نزاع ق$د يق$$ال ان اطالق$$ات ادل$$ة الض$$مان منص$$رفة الى الغ$$الب
فالغالب في المثلي وجود المث$$ل والغ$$الب في القيمي تع$$ذر المث$$ل فال تك$$ون ن$$اظرة الى ص$$ورة
تتعذر المثل في المثلي ووجود المثل في القيمي فحينئذ يبقى محل النزاع بال دليل الن الدليل اما
االطالقات ادلة الضمان وقد عرفت انصرافها واما االجماع وهو لبي ينزل على القدر الم$$تيقن
225
والمتيقن في القيمي صورة تعذر المث$$ل وام$$ا ه$$و االخب$$ار المتقدم$$ة كرواي$$ة البغ$$ل وهي قابل$$ة
لالنصراف الى صورة تعذر المثل اللهم اال ان يتمسك باطالق معاقد االجماعات .
104
هل االنتقال الى القيمة مشروط بانتفاء المثل ،استظهر المصنف في االبتداء وجود اجماع على
ضمان القيمي بالقيمة في صورة تيسر المثل لكن لو فرض وجود هكذا اجماع فهل يشمل جميع
صور تيسر المثل حيث ان تيسر المثل مفهوم مشكك ذو م$راتب ف$الثوب ال$ذي يع$د عن$دهم من
القيميات قد يكون تيسر المثل فيه باشتمال المثل على بعض اوصاف الت$الف و ق$د يك$ون تيس$ر
المثل باشتماله على جميع اوصاف التالف كما في ذراع من كرباس منسوج على طريقة واحدة
مع التالف ،يرى المصنف ان شمول االجماع لهذه المرتبة من تيسر المثل محل تأمل بل يمكن
ان يقال بعدمه و ذلك بعد االلتفات الى ان جماعة منهم الشيخ في الخالف اس$$تدلوا على ض$$مان
القيمي بالقيمة باية االعتداء و قربوا ذلك بان القيمة مماثلة للتالف في المالية ،و لما كان المدار
في ثبوت الشيء و عدمه على سعة التعليل و ضيقه فهذا يعني انه لو وجد مث$$ل مط$$ابق للت$$الف
القيمي من جميع الجهات لكان اولى بالضمان من ضمان القيمة ،الشتماله على المالية و زيادة
و هي خصائص الماهية ،مضافا الى انه يمكن المناقشة في اصل انعقاد االجماع فقد خالف في
المسالة جماعة عن ابن الجنيد و الشيخ الطوسي في الخالف و المحقق في الشرائع غاية االم$$ر
خالف المحقق وارد في باب القرض دون باب الغصب فان$$ه في ب$$اب الق$$رض ال$$تزم بان$$ه م$$ع
تيسر المثل ال ينتقل الى القيمة ولكنه في باب الغصب التزم باالنتقال الى القيمة ،و كيفم$$ا ك$$ان
فيظهر من مجموع ما تقدم قوالن:
االول ان القيمّي يضمن بقيمته مطلقا تيسر المثل ام ال ،وعمدة هذا االطالق هو االجماع .
الثاني ان القيمّي ال يضمن بقيمته وه$$و و ه$$و م$$ا يظه$$ر من الش$$يخ في الخالف و المحق$$ق في
قرض الشرائع اما االول فقد ناقشنا باالجماع المتقدم ،وام$ا الق$ول الث$اني فيحتم$ل من كالمهم
احد وجهين :
االول ان يكونوا بصدد نفي ضمان القيمي بالقيم$$ة مطلق$$ا ح$$تى في ص$$ورة تع$$ذر المث$$ل ،مم$$ا
يعني ان الضمان اوال و بالذات يتعلق بالعين مع وجودها ،و مع تلفه$$ا يتعل$$ق الض$$مان بالمث$$ل
في الذمة ،فاعواز المثل ال يخرج ضمانه عن الذم$$ة ،فيبقى المث$$ل مض$$مونا الى حين ال$$دفع ،
فان كان فيسلم الى المالك واال فتدفع قيمة المثل يوم الدفع ،و ارادة تفريغ الذمة .
ان كان هذا مقصودهم فيرده الروايات الكثيرة التي االش$$ارة الى بعض$$ها و ك$$ان اص$$ل ض$$مان
المثل بالقيمة موجبة جزئية مفروغ عنه في النصوص .
226
الثاني ان يكون مقصودهم انه مع تيسر المثل ال يكون ضمان القيمي بالقيم$$ة ،ب$$ل بالمث$$ل فنفي
ضمان المثل بالقيمة ليس مطلقا بل في خصوص صورة التيسر .
يرى المصنف ان هذا لو كان هو المقصود فليس ببعيد ،و ذلك لوجود المقتضي و فقدان المانع
.
اما ان المقتضي موجود فالية االعتداء حيث ان ظاهرها ل$$زوم تح$$ري االق$$رب الى الت$$الف في
الضمان و مع تيسر المثل ال اشكال انه اقرب من القيمة .
ثانيا :ان قاعدة نفي الضرر تقتض$$ي ذل$$ك ،فان$$ه ل$$و فرض$$نا تلفت العين و ك$$ان له$$ا مث$$ل ف$$ان
خصوصيات الحقائق قد تقصد لمالكها فالزامه بقبول القيمة اضرار عليه منفي .
اما فقدان المانع فما يمكن ان يكون مانع$ا عب$ارة عن االجم$اع المتق$دم ،واالجم$اع الم$انع في
المقام من قبيل االجماع المركب و ذلك الن فقهاء االمة بين قائل بض$$مان القيمي بالقيم$$ة و بين
مطلق للضمان بالمثل الشامل لص$$ورة تيس$$ر المث$$ل ،وحينئ$$ذ ل$$و اخ$$ذنا بالتفس$$ير الث$$اني لكالم
صاحب الشرائع و الخالف للزم اح$$داث ق$$ول ث$$الث ،وه$$و التفص$$يل بين ص$$ورة تع$$ذر المث$$ل
فالضمان بالقيمة و بين صورة تيسر المثل فالضمان بالمثل و هذا خ$$رق لالجم$$اع الم$$ركب فال
يصح .
هذا كله يتم على تقدير تمامية االجماع .
لو التزمنا ب$$ان القيمي يض$$من بقيمت$$ه فم$$ا ه$$و الض$$ابط في تع$$يين القيم$$ة في المقب$$وض بالعق$$د
الفاسد ،ذهب المشهور واالكثر الى ان المتعين قيمة ي$$وم التل$$ف ،ال قيم$$ة ي$$وم االخ$ذ والقبض
وال قيمة يوم الدفع .
هذا الرأي استدل له جماعة بان السبب في تعين يوم التل$$ف ان$$ه ه$$و الي$$وم ال$$ذي ينتق$$ل في$$ه الى
البدل ،الن قبل التلف المتعين ضمان العين نفسها.
السيد المجاهد في المناهل اعترض على هذا الوجه بانه نسلم ان اليوم الذي ننتقل فيه الى الب$$دل
و هو القيمة هو يوم التلف ،لكن من قال اننا ننتقل في يوم التلف الى القيمة بقيم$$ة ي$$وم التل$$ف ،
ال شك ان يوم التلف هو يوم االنتقال الى الب$$دل ولكن القيم$$ة المنتق$$ل اليه$$ا ال يص$$ح ان يس$$تدل
على كونها قيمة يوم التلف بمجرد ان يوم التلف هو يوم االنتق$$ال الى القيم$$ة ،ال$$ذي يؤك$$د ه$$ذا
االشكال انه ثبوتا للشارع ان يق$ول اذا تلفت العين تنتق$ل الى قيمته$ا في ي$وم تلفه$ا بحس$ب ي$وم
الدفع ،فاذا كان هذا ثبوتا ال مانع منه فمجرد كون االنتقال الى الب$$دل ه$$و ي$$وم التل$$ف ال يجع$$ل
المدار على قيمة يوم التلف.
227
المصنف يجيب عن هذا االشكال انه عندما يقال ان العين مضمونة بالعق$$د الفاس$$د ه$$و ان العين
تدخل في عهدة الضامن فمع وجودها ترجع و مع تلفه$$ا يجب الت$$دارك ،بب$$دلها في ي$$وم التل$$ف
وبم$$ا ان المث$$ل متع$$ذر فينبغي تح$$ري اق$$رب االم$$ور الى الت$$الف ،فعن$$دما تتح$$ول العه$$دة من
االشتغال بالعين المبدل منه الى االشتغال بالبدل البد من ان نشخص ما اش$تغلت ب$$ه العه$$دة ،و
تشخيصه بيوم ضمانه بالبدل و ليس هو اال يوم التلف .
105
مقتضى القاعدة واالصل االولي في ضمان القيمي في جميع موارده في مورد الغصب و مورد
القبض بالعقد الفاسد وموارد العارية و مورد القبض بالسوم الى اخر الموارد ال$$تي يتحق$$ق به$$ا
الضمان القاعدة المتقدمة تقتض$$ي ض$$مان القيم$$ة في وقت التل$$ف ،و علي$$ه ف$$الخروج عن ه$$ذه
القاعدة في بعض الموارد المشار اليها بحاجة الى دليل خاص كما ادعي ذلك في ب$$اب الغص$$ب
انه يوجد دليل خاص يخرج الغصب عن القاعدة المتقدمة ،هنلك محاولتان الخ$$راج المقب$$وض
بالعقد الفاسد عن عموم القاعدة كالغصب .
المحاول//ة االولى :التمس$$ك باالجم$$اع المتق$$دم عن ابن ادريس من ان المقب$$وض بالعق$$د الفاس$$د
بمنزلة المغصوب في جميع االمور اال االثم باالتفاق فاذا تم االجماع في تنزيل المقبوض بالعقد
الفاسد منزلة المغص$$وب فحينئ$$ذ ل$$و دل دلي$$ل كص$$حيحة ابي والد على ان المغص$$وب يض$$من
بقيمته في يوم الض$$مان ال في ي$$وم التل$$ف ،فالب$$د بمقتض$$ى اإلجم$$اع ان نعمم ه$$ذا الحكم على
المقبوض بالعقد الفاسد .
و كما ترى هذه المحاولة تتوقف على 2تحقق االجماع بتنزيل المقب$$وض بالعق$$د الفاس$$د منزل$$ة
المغصوب ،الثاني داللة صحيحة ابي والد على ان المدار في الغصب على اعتبار قيم$$ة ي$$وم
الضمان .
المحاولة 2و تفترق عن 1بعموم النتيجة ،فان المحاولة 1على تق$$دير تماميته$$ا ال يخ$$رج عن
تحت القاعدة االولية غير الغصب سوى المقبوض بالعقد الفاسد .
ام$ا المحاول$ة الثاني$ة فنخ$رج عن عم$وم القاع$دة األولوي$ة في جمي$ع الم$وارد ،نظ$ير ال$براءة
الشرعية و من يقول باالحتياط العقلي .
توضيح هذه المحاول$$ة ان$$ه ال ش$$ك في تق$$دم ي$$وم الض$$مان على ي$$وم التل$$ف زمان$$ا ،وفي االعم
االغلب القيم ترتفع ال انها تنخفض ،فلو كان الضمان في الغصب بيوم الضمان وهو يوم تحقق
الغصب و في غيره في يوم التل$ف فه$ذا يع$ني ان قيم$ة المض$مون في ب$اب الغص$ب في االعم
االغلب اقل من قيمة المضمون في غ$$ير ب$$اب الغص$$ب ،و ه$$ذا خالف ك$$ون الغاص$$ب يؤخ$$ذ
بأشد االحوال بل يصبح الغاصب احسن حاال من غيره.
228
حينئذ لو دل دليل على الضمان بيوم الغصب في الغاصب فالبد لكي ال يك$$ون الغاص$$ب احس$$ن
حاال من غيره ان نلتزم بكون الضمان في جميع الموارد بيوم الضمان ال بيوم التلف .
وجه اشتراك ه$ذه المحاول$ة م$ع س$ابقتها ه$و ابتناؤهم$ا مع$ا على وج$ود دلي$ل ي$دل على ك$ون
الضمان في المغصوب بيوم الضمان .
106
محل االستشهاد في هذه الرواية عبارة عن فقرتين :
االولى قوله نعم قيمة بغل يوم خالفته هذه الجملة يبتني االستدالل فيها على ان يكون الض$$رف
قيدا للقيمة ليدل حينئذ على ان القيمة هي قيمة يوم المخالفة ،
فيستظهر الماتن ان القيمة قيد لليوم ولكن لما وجد فاصل بين القيمة و بين اليوم بواس$$طة البغ$$ل
احتاج هذا االستظهار الى توجيه ووجه ذلك بامرين :
االول :ان تكون القيمة التي اضيفت الى البغل اوال قد اضيفت الى اليوم ثانيا ،هذه العبارة من
قبل المصنف كانت محال لالشكال وانقسم المشكلون الى فرقتين :فرق$$ة اس$$تبعدت االض$$افة الى
اليوم لعدم معهدوية اضافة الكلمة الواحدة مرتين.
الفرقة الثانية و على راسهم االخوند ذهب الى االستحالة و قرب االس$$تحالة بم$$ا يش$$به الطري$$ق
المذكور في االصول باستعمال اللفظ في اكثر من مع$$نى ففي مقامن$$ا ال يمكن للواح$$د ان يك$$ون
طرفا لإلضافتين النه بطرفيته لإلضافة االولى استعمل في نوع خاص من االض$$افة فاس$$تعماله
ثانية في اضافة طرف في اضافة ثانية يرجع الى اجتماع لحاظين وهو مستحيل .
فهل ان الماتن ناظر الى ظاهر عبارته ام ال او ان ما نحن فيه من صغريات ما يسمى بنتيج$$ة
المعنى ال انه يقصد من العبارة ما يكون على وف$$ق قواع$$د اللغ$$ة فال يش$$كل علي$$ه ان الواح$$د ال
يضاف مرتين ،بل بقرينة ما سوف يذكر الحقا من ان االلف والالم في البغل ح$$ذفت الض$$افته
الى اليوم فبحسب قواعد النحو اليوم مضاف الى البغل ،ولكن بحسب المع$$نى بم$$ا ان االض$$افة
تعطي تقييدا فباضافة القيمة الى البغل خرجنا عن مطل$$ق القيم$$ة الى حص$$ة منه$$ا ،و هي قيم$$ة
البغل ،و باضافة البغل الى اليوم خرجن$$ا عن مطل$$ق قيم$$ة بغ$$ل الى حص$$ة خاص$$ة وهي قيم$$ة
البغل في يوم المخالفة ،فبلحاظ المع$$نى الي$$وم كأن$$ه اض$$يف الى القيم$$ة ال ان الش$$يخ يتكلم على
وفق قواعد اللغة ،بهذا البيان نخرج جعل الظرف قيدا للقيمة .
التخريج الثاني ان يجع$ل الي$وم قي$دا ال للقيم$ة ب$ل لالختص$اص و التقيي$د الحاص$ل من اض$افة
القيمة الى البغ$$ل ،ف$$ان القيم$$ة لم$$ا اض$$يفت الى البغ$$ل و نع$$رف ان االض$$افة الى معرف$$ة تفي$$د
االختص$$اص ف$$اليوم يك$$ون قي$$دا له$$ذا االختص$$اص فالقيم$$ة المختص$$ة بكونه$$ا قيم$$ة بغ$$ل ه$$ذا
229
االختصاص مقي$$د بي$$وم المخالف$$ة ،واالش$$كال علي$$ه ب$$ان االختص$$اص مع$$نى ح$$رفي والمع$$نى
الحرفي غير قابل للتقييد تقدم نظائره في علم االصول .
ثم انه بالتخريج االول يتضح لنا ببطالن ما يظهر من بعضهم من التمس$$ك به$$ذه الفق$$رة إلثب$$ات
ان القيمة هي قيمة للمث$ل ،وليس$ت للعين ،ليك$ون المس$تفاد ان القيمي يض$من بمثل$ه ال بقيمت$ه
شاهدهم على ذلك ان البغل الذي اضيف الى القيمة نك$$رة فالقيم$$ة قيم$$ة بغ$$ل م$$ا ال البغ$$ل ال$$ذي
عطب فالقيمة قيمة للمثل ،فتكون الفقرة اجنبة اجنبية عما نحن فيه .
والجواب عن ذل$$ك ظه$$ر ب$$التخريج االول حيث قلن$$ا ان البغ$$ل معرف$$ة ح$$ذفت الالم من$$ه الج$$ل
اضافته الى يوم المخالفة ،فان االضافة كما هو معلوم تفيد تضييق دائرة الشياع فال تحت$$اج الى
الالم .
في مقابل هذا صاحب الجواهر و المحقق النراقي على الرغم من اعتقادهما بص$$حة االس$$تدالل
على قيمة يوم المخالفة بصحيحة ابي والد لكن ال الجل الفقرة االولى بل الجل الفق$$رة الثاني$$ة ،
و ذلك لعدم تمامية االستدالل باألولى حيث ان الظرف ظاهر بتعلقه بنعم اذ ان ح$$رف الج$$واب
في المقام ناب مناب الفعل في المعنى اذ ان السؤال كان اليس كان يلزمني فقوله نعم أي يلزمك
،فالظرف الزماني يكون متعلقا بالفعل الذي نابت منابه اداة الجواب فيكون المع$$نى يلزم$$ك في
يوم المخالفة قيمة بغل ،و حينئذ ال داللة لها على ان الض$$مان بقيم$$ة ي$$وم المخالف$$ة ،اذ مع$$نى
الجملة حينئذ ان يوم المخالفة هو زمن شروع الض$$مان ام$$ا كي$$ف يض$$من و ب$$أي قيم$$ة يض$$من
فالجملة ساكتة عن ذلك.
المصنف يصف هذه المحاولة بالبعيدة جدا ثم يترقى الى عدم امكانها ،ام$$ا االس$$تبعاد فلم ي$$ذكر
وجهه ،واما عدم االمكان فقد ذكر .
والصحيح في توجيه االستبعاد هو انه لما استظهرنا في البحث السابق ك$$ون القيم$$ة قيم$$ة للي$$وم
فكل ما يخالف هذا االستظهار سيكون بعيدا.
اما وجه عدم االمكان فهو ينشأ من لزوم اللغوي$$ة ببي$$ان ان الس$$ائل س$$أل عن ان البغ$$ل اذا تل$$ف
ماذا يلزمه بسبب المخالفة فه$و يع$رف ان زم$ان المخالف$ة ه$و زم$ان ح$دوث الض$مان بقرين$ة
السؤال التقريري المستفاد من قول السائل اليس كان يلزمني وهو يع$$رف ان$$ه يلزم$$ه ،فعن$$دما
قال االمام عليه السالم نعم يلزمك فاذا جعلنا اليوم ظرف$ا للفع$$ل فيك$$ون االم$$ام علي$$ه الس$الم ق$د
اجاب عن شيء معلوم للسائل فيلغو بخالف م$$ا اذا جعلن$$ا الي$$وم قي$$دا للقيم$$ة فان$$ه حينئ$$ذ يك$$ون
اضافة لمطلب جديد ليس واضحا عند السائل.
107
230
العبارة الثانية التي تقبل االستدالل لما نحن فيه ،هو قوله عليه الس$$الم او ي$$أتي ص$$احب البغ$$ل
بشهود يشهدون ان قيمة البغل يوم اكتري ك$ذا و ك$ذا ،في ه$ذا المقط$ع لم$ا س$ئل الس$ائل عمن
يعرف القيمة فذكر اإلمام عليه السالم له ان ال$$ذي يع$$رف القيم$$ة كالهم$$ا ف$$ان توافق$$ا فب$$ه و ان
اختلفا و جاء احدهما بشهود يشهدون على قيمة البغل في يوم االكتراء ،فالظرف المضاف الى
االكتراء كان قيدا للقيمة من خالل تقي$د القيم$ة بي$وم االج$ارة نس$تفيد ان الم$دار على قيم$ة ي$وم
الغصب على الرغم من اختالف زمن الغصب مع زمن االكتراء لكن لما كان الفاصل الزم$$اني
بين االكتراء و الغصب ال يحصل فيه عادة التفاوت في القيمة فذكر يوم االكتراء ،و الوجه في
كون الفاصل الزماني ال يحصل فيه اختالف في القيمة هو ان الظ$$اهر فيمن يس$$تأجر البغ$$ل ان
يستأجره لحاجت$$ه الفعلي$$ة ال ان يس$$تأجره ايام$$ا لكي يس$$تفيد من$$ه بع$$د ذل$$ك بم$$دة فه$$ذا يع$$ني ان
الفاصل بين يوم االكتراء و بين يوم الغصب عند االنحراف عن قنط$$رة الكوف$$ة ان المق$$دار في
بضع يوم و على اكثر التقادير في يوم ،و هذا التف$$اوت الزم$$اني ال يحص$$ل في$$ه ع$$ادة اختالف
في القيمة .
ان قلت :اذا كان االمر كذلك لماذا لم يعبر بيوم الغصب.
قلت :ربما يكون السبب في ذلك انه في يوم االكتراء يكون في العادة في الس$$وق فل$$ه قابلي$$ة ان
يشه الشهود ،بخالفه في يوم الغصب ،و عليه فالتعبير بيوم االك$$تراء ليس ل$$ه خصوص$$ية في
الحديث بل هو محمول على يوم الغصب و ربم$ا تك$ون ه$ذه الفق$رة اوض$ح دالل$ة من س$ابقتها
لعدم تأتي جميع االحتماالت المتقدمة هنا .
ان قلت :ان هذا الفهم من هذا المقطع معارض بمقطع اخر و ذلك المقطع المرتب$ط في الس$ؤال
عن اصابة البغل بعيب ،فان اإلمام عليه السالم اوجب االرش والطريقة المعروفة لالرش كم$$ا
اشار اإلمام عليه السالم ان يقوم صحيحا و معيبا و يؤخذ ما به التفاوت و اإلم$$ام علي$$ه الس$الم
في بيان هذه الطريقة قال عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده ،فيوم الرد جعل في هذا
المقطع قيدا للقيمة ،و عليه فالمناط في تقييم البغل هو يوم الرد ،و هذا قد تتفاوت به القيمة فال
يصح جعله كناية عن يوم الغصب ،اذ الفاضل بين يوم ال$$رد و ي$$وم الغص$$ب 15يوم$$ا ويمكن
ان تتغير فيه القيمة .
يجيب الماتن ان الظرف في هذا المقطع وهو قوله يوم ترده متعلق بعليك أي يلزم عليك م$$ا ب$$ه
التفاوت في يوم الرد ،وال ارتباط له بالقيمة ،فيكون المعنى انه عندما ترجع الى البل$$د و تري$$د
ان ترد البغل عليك ان تدفع ما به التفاوت ،اما المعيار الزماني للتقييم فلم يذكر في هذا المقطع
لكي يتنافى مع ما دل على اعتبار يوم الغصب .
231
ان قلت :انه سابقا لم تقبل م$$ا ذك$$ره في الج$$واهر في المقط$$ع األول من تعل$$ق الظ$$رف بالفع$$ل
المستفاد من نعم وارجعته الى القيمة تعيين$$ا ،بينم$$ا هن$$ا ارجعت الظ$$رف الى علي$$ك المتض$$من
لمعنى الفعل و رفضت ارجاعه الى القيمة ،فما هو الفرق ؟.
قلت :فرق بين المقامين لما عرفت ان االرجاع الى الفعل في المورد السابق يل$$زم من$$ه تك$$رار
ما يعترف به السائل بينما هنا االمر ليس كذلك و ذلك النه ال ع$$برة عن$$دهم في ارش العيب في
يوم الرد اجماع$$ا ،و ذل$$ك الن النقص الط$$ارئ على العين ت$$ابع في تع$$يين قيمت$$ه الى العين و
على هذا االساس ال يصح ان يكون الظرف قيدا للقيمة ،و لم يتقدم ما يظهر منه اق$$رار الس$$ائل
بان لزوم االرش واضح انه في يوم الرد ،لكي يق$$ال بلغويت$$ه ،و علي$$ه فال م$$انع من$$ه بخالف$$ه
فيما تقدم فالقياس مع الفارق .
الى االن نكون قد ذكرنا احتمالين في متعلق يوم ترده :
االول ارجاعه الى القيمة الذي رفضه الماتن .
الثاني ارجاعه الى عليك .
و يوجد احتمال ثالث في البين وهو ان يكون قيدا للعيب ،هذا االحتم$$ال ل$$ه وج$$ه تقريب$$ه :ان
العيب من االم$$ور الطارئ$$ة و القابل$$ة للزي$$ادة والنقص$$ان ،فق$$د يح$$دث في االثن$$اء عيب قلي$$ل
المؤنة ،ثم يتطور فيؤدي الى االزدياد فاالمام عليه السالم اراد ان يضمن الزي$$ادة و ان الم$$دار
في العيب على خاتمته و هي تكون يوم الرد فالمدار على عيب يوم ال$$رد ال ي$$وم ح$$دوث العيب
مع هذا االحتمال الثالث ال معارض$$ة بين م$$ا تق$$دم في المقطعين االول$$يين و بين ه$$ذا المقط$$ع و
على هذا االحتم$$ال الث$$الث يك$$ون اإلم$$ام علي$$ه الس$$الم ق$$د ارج$$ع الى قيم$$ة التف$$اوت بين البغ$$ل
صحيحا و البغل معيبا من دون ان يتعرض ليوم هذه القيمة ،فتكون مجمل$$ة و المقط$$ع المجم$$ل
ال يعارض به المقطع الظاهر .
بعد ان ثبت المقتضي في الفقرتين على ان العبرة بيوم الغص$$ب ،ب$$دأ ب$$ذكر الموان$$ع و اقتص$$ر
هنا على مانع ومؤيد له اما المانع فان يق$ال ان$ه من الممكن ان يك$ون الم$دار في ض$مان البغ$ل
على يوم التسليم مثال ،ال يلزم اخالل في الفقرتين المتقدمتين ،و ذلك الن مجم$$وع م$$دة كراي$$ة
البغل كما عرفت في الصحيحة عبارة عن 15يوما ،و البغل في هذه المدة ال تتفاوت قيمته فال
يضر التعبير بيوم الغصب او بيوم الدفع ،الن القيمة واحدة .
اما المؤيد فهو ما تقدم سابقا عندما وجه المصنف ي$$وم االك$$تراء بكون$$ه ال خصوص$$ية ل$$ه لع$$دم
تفاوت القيمة فيقال انه في المقطعين المستدل بهم$$ا التعب$$ير بي$$وم المخالف$$ة ليس ل$$ه خصوص$$ية
لعدم اختالف القيمة.
108
232
نتيجة صحيحة ابي والد اعتبار القيم$$ة في ي$$وم الغص$$ب ،و تق$$دم ايض$$ا م$$ا ي$$وهم االس$$تظهار
المتقدم وهو ان الصحيح لما كانت المدة التي حصلت فيها المعاملة و وقع فيها الغصب قص$$يرة
بحيث في العادة ال تتبدل القيمة فحينئذ ال يكون التعبير باحد االيام التي يمكن اعتبارها محم$$وال
على الموضوعية فسواء عبر بيوم المخالفة او يوم االكتراء او يوم الدفع فال موضوعية لواح$$د
من هذه التعابير لعدم تفاوت القيمة .
ان قلت :انه اذا كان االمر كذلك فالبد حينئذ الختيار احد التعابير ،من نكتة اضافية في البين ،
فما هو السر في التعبير بيوم المخالفة ان لم يكن لهذا اليوم موضوعية ،
قلت :ان نكتة هذا التعبير هو لدفع توهم من قبل مالك البغل ان الضمان ليس على القيم$$ة ال$$تي
اشتري بها البغل ،فقد يتوهم المالك المشتري للبغل بمائة ان$$ه على$$ه ان يض$$من الغاص$$ب ه$$ذه
المائة ،ان كانت قيمة البغل االن اقل من مائة ،فجاء التعبير بيوم المخالفة ليدفع هذا التوهم .
ان قلت :هذا التوهم كما يندفع بالتعبير بيوم المخالفة يندفع بيوم االكتراء مثال ،ما دمت تعتق$$د
بعدم تغير القيمة ،بين يوم االكتراء و يوم المخالفة .
قلت :ان بين التعابير تفاوت في دفع التوهم المذكور حيث ان يوم المخالفة يشعر بان الض$$مان
بسبب المخالفة ،ليكون المدار على ما يفوته حين المخالفة ال مطلقا.
و بعبارة اخرى ان التعابير ال 3كلها تدفع التوهم ،لكن التعبير بيوم المخالفة يشعر بمناط دفع
التوهم ،و هذا ال يتأتى في التعابير االخرى.
بعد ذلك يأتي الماتن بمؤيدين لتقوية ما استدركه من عدم الموضوعية ليوم المخالفة :
المؤي$$د االول :تغي$$ير التعب$$ير في ذي$$ل الرواي$$ة من ي$$وم المخالف$$ة الى ي$$وم االك$$تراء ف$$ان ي$$وم
المخالفة لو كان له موضوعية لما صح تغيير التعبير اليه ،والوج$$ه في الت$$نزل من الدليلي$$ة الى
المؤيدية ما تقدم سابقا من ان التعبير بيوم االكتراء قد ينسجم مع موضوعية يوم المخالفة ولكن
لقرب يوم المخالفة من يوم االكتراء مع كون يوم االكتراء الذي يك$ون في الس$وق ق$ابال القام$ة
الشهود عليه لذا عبر بيوم االكتراء .
ثم في ختام البحث يأمر بالتأمل :فاما ان يكون ذلك اش$$ارة الى م$$ا تق$$دم من االش$$كال او يك$$ون
ناظرا الى المؤيد االخير حيث انه يظه$$ر الته$$افت في كالم الم$$اتن ،حيث جع$$ل التعب$$ير بي$$وم
االكتراء مؤيدا لعدم موضوعية يوم المخالفة ،والحال انه فيما سبق جع$$ل التعب$$ير بيم االك$$تراء
شاهدا على ان العبرة بيم المخالفة ،لقربه منه.
المؤيد الثاني :لتوضحيه ،بحاجة الى استذكار مقدمتين ،في باب القضاء :
233
المقدمة األولى ان تشخيص المنكر من المدعي في باب القضاء ان المنكر من كان قوله موافق$$ا
لالصل ،او القاعدة او الظاهر و المدعي خالفة .
المقدمة الثانية ان الظاهر من الحصر في بعض اخبار القضاء ان ما كان من وظيف$$ة المنك$$ر ال
يسري و ينسحب الى المدعي ،اذا اتضحت هاتين المقدمتين ففي ذيل صحيحة ابي والد عن$$دما
يسأل السائل عمن بعهدته ان يعرف القيمة ،فقال االمام عليه السالم انت و ه$$و ام$$ا ان يحل$$ف
هو على القيمة فيلزمك فان رد اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه .
حيث ان االمام عليه السالم خير بين حلف المالك و بين اتيان$$ه بالش$$هود ،و حينئ$$ذ ف$$ان ك$$انت
العبرة بيوم المخالفة فما ذك$$ره اإلم$$ام علي$$ه الس$$الم يك$$ون مخالف$$ا لقواع$$د ب$$اب القض$$اء ،الن
صاحب البغل اذا ادعى الزيادة فقوله مخالف لالصل فيكون بمقتضى ذلك ان ال يقبل يمينه النه
على المدعي البينة ال اليمين ،مع ان االمام عليه السالم ذك$$ر ان الق$$ول قول$$ه م$$ع يمين$$ه ،ول$$و
تمحلنا و وجها لصيرويته منكرا ،ليقبل قوله مع يمينه فحينئذ البينة تكون من نصيب الضامن ،
مع ان اإلمام عليه السالم قال او يأتي صاحب البغل بشهود .
بخالف ما لو كان المدار على يوم الدفع فان المنفصلة حينئذ تكون ص$$ادقة ،اذ ال يخل$$و ام$$ا ان
يكون الضامن يرى ان القيمة قبل يوم الدفع ك$$انت زائ$$دة ولكنه$$ا االن ت$$نزلت فبن$$اءا على ذل$$ك
يكون الموافق لالصل ص$$احب البغ$$ل الستص$$حاب ع$$دم الت$$نزل ،فيثبت ل$$ه الش$$ق االول من
المنفصلة وان القول قوله مع يمينه ،وان كانت القضية انهما اتفقا على قيم$$ة في ي$$وم االك$$تراء
ولكن صاحب البغل يدعي انها ارتفعت فيكون قول$ه مخالف$ا لألص$$ل ،في$أتي الش$ق الث$اني من
المنفصلة ،والوجه في التنزل من الدليلية الى المؤيدية احد امرين :
األول :اننا ال نسلم المقدم$$ة الثاني$$ة وهي ان الوظ$$ائف اختصاص$$ية ب$$ل س$$وف ي$$أتي في خي$$ار
الغبن ان المصنف يقبل البينة من المنكر .
الثاني :ان عين ما ذكرناه في يوم الدفع يمكن ان نتكلف مثله يوم المخالفة.
109
الشيخ الطوسي في بعض كتبه ذك$ر ان الحكم المس$تفاد من ص$حيحة ابي والد ه$و حكم تعب$دي
بمعنى ان$$ه ال ين$$درج تحت قاع$$دة ،ف$ان القاع$$دة في ص$$ورة االختالف ان البين$$ة على الم$$دعي
واليمين لمن انكر ،واذا حملنا الخبر على صورة يوم المخالفة فيلزم ما تق$$دم في$$دور االم$$ر ام$$ا
ان نرفع اليد عن مدلول الخبر لنحاف$ظ على القاع$دة وام$ا ان نرف$ع الي$د عن القاع$دة في م$ورد
الخبر اختار الشيخ رف$$ع الي$$د عن القاع$$دة في م$$ورد الخ$$بر وه$$و الداب$$ة المغص$$وبة او مطل$$ق
المغصوب .
234
يستبعد المصنف هذا الوج$ه باعتب$ار ان المعص$وم علي$ه الس$الم عن$دما يقنن قاع$دة و يس$تعمل
االلفاظ المشابهة لتلك القاعدة في مورد فل$$و اراد التعب$$د والخ$$روج عن القاع$$دة لك$$ان ذل$$ك من$$ه
ايقاعا في الجهالة فالبد ان ينبه فمع عدم التنبيه ال نحمل الخبر على التعبد وانما نرفع الي$$د عن
ظهوره في كون العبرة على يوم المخالفة ،ونحمله على كون العبرة على يوم االرجاع .
بعد ذلك يتعرض لنظر اشار اليه جمع من العلماء ،وهو ان نحمل الص$$حيح على اعتب$$ار اعلى
القيم ،من حين المخالفة الى يوم التلف ،المصنف يعلق على ذلك بان هذا القول ان كان مدركه
الصحيحة فلم يتضح لنا وجه داللة الصحيحة عليه لما عرفت من ان أمر الص$$حيحة ي$$دور بين
يوم االكتراء و يوم المخالف$$ة و ي$$وم التل$$ف و ي$$وم االداء وال يوج$$د م$$ا ي$$دل على ض$$مان اعلى
القيم ،وان كان مدركه امرا خارجا عن الصحيحة كان يقال ان العين التي تقع في يد الغاص$$ب
مضمونة عليه في جميع االزمن$ة ،و بم$ا ان االق$ل قيم$ة داخ$ل في االك$ثر فبض$مان االق$ل ال
تفرغ الذمة و بضمان االكثر تفرغ و هذا يعني ان العين تضمن باعلى قيمة له$$ا ،ان ك$$ان ه$$ذا
هو الدليل فيمكن المناقشة فيه ان في تفسير ما تقدم يوجد 3احتماالت :
االحتمال األول ان يقصد بان العين على تقدير تلفها و القيمة المرتفعة تضمن بالقيمة المرتفعة.
االحتمال الثاني ان يراد استقرار القيمة المرتفعة سواء تنزلت بع$$د اس$$تقرارها ام ال ،فمثال ل$$و
غصب العين و كانت قيمته$ا مائ$ة ثم بع$د ذل$ك ص$ارت 200ثم عن$د ارادة االداء و بع$د تلفه$ا
صارت 150فحينئذ نضمن ارتفاع القيمة .
االحتمال الثالث :ان يقال ان ارتفاع القيمة مضمون بمراعاة التلف ،بمعنى ان العين لو تلت$$ف
يض$$من ارتف$$اع القيم$$ة واال فعلي$$ه ارج$$اع العين ،ح$$تى ل$$و ت$$نزلت قيمته$$ا و الف$$رق بين ه$$ذه
االحتماالت واضح اذ االحتمال األول تقديري بمعنى انه لو قدر للعين ان تتلف في وقت ارتفاع
القيمة ،والجل ذلك اعترض المصنف على هذا الوجه بانه صحيح و لكنه اجنبي عما نحن فيه
،اذ المفروض ان البغل لم يتلف ،والحكم التعليقي ال ي$$دل على الحكم الفعلي بع$$د ف$$رض ع$$دم
وجود المعلق عليه وهو تلف العين.
بينما ال يحمل االحتمال الثاني على التقديرية بل حتى لو لم يتل$$ف البغ$$ل ف$$ان اعلى القيم تس$$تقر
في ذمة الغاصب ،المكان ان يكون صاحب البغل يريد ان يبيعه وقت ارتفاع القيم$$ة و بغص$$به
فوت عليه تلك القيمة المرتفعة ،فحتى لو لم يتلف البغل و ارجعه البد بالفعل ان يضمن له تل$$ك
القيمة المرتفعة ،هذا االحتمال رده الماتن بانه خالف التسالم ،بينهم من كونه م$$ع رد العين ال
ينظر الى المالية ،فلو رد البغل ال يضمن القيمة المرتفعة التي وص$$ل اليه$$ا البغ$$ل ،بينم$$ا في
االحتمال الثالث حوفظ على ه$$ذا التس$$الم حيث جع$$ل اس$$تقرار اعلى القيم م$$راع بتل$$ف العين ،
بان يقال لو ارجع البغل فال شيء و لو تلف البغل فيض$$من اعلى القيم ه$$ذا االحتم$$ال ال يخ$$الف
التسالم المتقدم ،لكن المشكلة فيه ان اصالة االباحة الجارية عن الزائ$$د ال يوج$$د دلي$$ل يخرجن$$ا
235
عنها ،صاحب الرياض حكى عن خاله الوحي البهبهاني وجود دليل حاكم على اص$$ال ال$$براءة
والحل وهو قاعدة نفي الضرر في حق المالك النه لو لم يضمن عليه ارتف$$اع القيم$$ة وه$$و ك$$ان
من الممكن ان يبيعها لو كانت تحت يده فبعدم ضمانها يكون قد فوت على المالك هذه الزيادة ،
و هذا ضرر عليه منفي بقاعدة نفي الضرر.
يجيب المصنف عن هذا االشكال بقوله وفيه نظر ،وجه النظر ان هذه الزيادة القيمية ال تك$$ون
من صغريات الض$$رر م$$ا دامت العين لم تتل$$ف في وقته$$ا ،فال يعت$$بر ه$$ذا من الض$$رر ال$$ذي
يضمن بقاعدة ال ضرر ،خصوصا م$$ع ع$$دم وج$$ود م$$ا ي$$دل على ذل$$ك في الم$$وارد المختلف$$ة
الكثيرة فمثال في مسالة الدين ،لو ان المستدين لم يؤد الدين في وقته ،فاالي$$ة تق$$ول فنظ$$رة الى
ميسرة ،فلو كان ارتفاع القيمة مضمونا لكان حينئذ تقي$$د اآلیات والرواي$$ات بان$$ه ينتظ$$ر علي$$ه
ولكن باعتبار انه قد فوت عليه القيمة المرتفع$$ة فيجب علي$$ه حين االداء ان تض$$من ولم يق$$ل ب$$ه
احد.
في باقي البحث يحاول المصنف ان يوجه االستدالل المتق$$دم على ض$$مان اعلى القيم ،حيث ان
المستدل ذكر ان العين مضمونة في جميع تل$ك االزمن$ة ال$تي منه$ا ارتف$اع القيم$ة ،وذل$ك عن
طريق التمسك بالحيلول$$ة ب$$دعوى ان العين اذا ط$$را عليه$$ا زم$$ان ارتفعت قيمته$$ا في$$ه فكم$$ا ان
العين لو تلفت في ذلك الزمان يجب على الغاصب ان يضمن القيمة المرتفعة فكذلك لو لم تتلف
الن الغاصب قد ح$$ال بينه$$ا و بين ص$$احبها الى ان تلفت اذ من الواض$$ح ج$$دا ان$$ه ال ف$$رق بين
تفويت القيمة بتلف العين و بين تفوتيها بحبسها و الحيلولة دون وصول المالك اليها .
110
هنلك محاولة لتوجيه ضمان اعلى القيم ،حاصلها ان الغاصب واالخذ لمال الغير ب$$دون ح$$ق ،
مكلف برد العين ما دامت موجودة ،مهما كانت قيمة هذه العين سواء كانت اكثر من قيمتها في
يوم غصبها اما كانت اقل ،اذ ما دام مكلفا برد العين و قد ردها فال يضمن ماليته$$ا ،الن ذمت$$ه
مع وجود العين لم تش$$تغل بالب$$دل لكي ي$$أتي من يق$$ول ان قاع$$دة نفي الض$$رر تقتض$$ي ض$$مان
القيمة الفائتة ،ولكن بعد ان ازال الغاصب يد المالك عن العين بم$$ا للعين من مالي$$ة ،وال ريب
انه لو رد العين ال يكون ضامنا لماليتها ،ضرورة ان المض$$مون في ب$$اب الغص$$ب ه$$و الم$$ال
بالحمل الشايع ،مع وجود العين ،و ليس شيئا في الذمة فاذا رّد تضيع على المالك بتل$$ف العين
ولم ت$$رد الى مالكه$$ا يجب ض$$مانها ،وذل$$ك لحيلول$$ة الغاص$$ب بين المال$$ك و تل$$ك المالي$$ة
المرتفعة ،اذ من الممكن ان المالك كان يريد ان ينتفع من تلك القيمة المرتفعة وفعل الغاص$$ب
حال بينه وبين هذا االنتفاع ،و الحاصل ان رد العين يزيل اثر الحيلولة ال ان$$ه من اول االم$$ر
لم يكن اثر للحيلولة ليقال اذا لم يكن لها اثر فبعد تلفها ال يض$$من القيم$$ة في جمي$$ع االزمن$$ة ،و
عليه فاذا كان الرد للعين مزيال ألثر الحيلولة فمع التلف و ع$$دم ال$$رد ال يوج$$د م$$ا يزي$$ل االث$$ر
فيضمن ارتفاع القيمة ،هذا هو التوجيه االخر لضمان ارتفاع القيمة.
236
بعدها يأمر بالتأمل و يمكن ان يرجع الى احد امور :
منها ان هذا على تقدير تماميته خروج عن صحيحة ابي والد ،وعليه فل$$و ك$$انت ص$$حيحة ابي
والد ظاهرة في ضمان قيمة معينة كقيمة يوم الغصب او التل$$ف فتك$$ون الص$$حيحة مقدم$$ة على
مقتضى هذا االستدالل ،فحينئذ ال ينفع .
ومنها ،ان ارتفاع القيمة ما دام من االمور االعتباري$$ة فالب$$د من لحاظه$$ا عن$$د التلبس بض$$مان
البدل وال يجوز لحاظها ما دمنا لم ننتق$$ل الى الب$$دل ،فل$$و ك$$انت العين عن$$د االرتف$$اع موج$$ودة
فالبدل لم ُينتقل الي$$ه فال اث$$ر ل$$ذلك االرتف$$اع ،و عن$$د االنتق$$ال الى الب$$دل بحس$ب الف$$رض ك$$ان
االرتفاع قد زال ،و ال دليل على عوده اال اص$$الة االش$$تغال او االستص$$حاب وه$$و يرج$$ع الى
الوجهين اآلتيين .
ابن ادريس في السرائر استدل لضمان ارتفاع القيمة باصالة االشتغال بتقريب ان ذمة الغاصب
بتلف العين مشتغلة يقينا بالقيمة ،هذا االشتغال اليقيني بدفع غير القيم$$ة العلي$$ا ال يح$$رز الف$$راغ
منه و االشتغال اليقيني يستلزم الفراغ اليقيني ،وهو غير حاصل اال باعلى القيم .
ه$$ذا الوج$$ه ال يتالءم م$$ع مب$$اني االص$$وليين الن الم$$ورد من م$$وارد دوران االم$$ر بين االق$$ل
واالكثر االستقالليين فتجري البراءة عن الزائد .
التوجيه االخير لضمان اعلى القيم التمسك باالستصحاب تقريبه ان العين في زمان من ازمنة
الغصب ازيلت فيه يد المالك فعند االرتفاع كانت يد المالك مزالة ،فتضمن ،بع$د الت$نزل نش$ك
في انه يضمن القيمة العليا ام المتنزلة ،نستصحب ما كان ثابتا ،وهو ضمان القيمة العليا .
المصنف لم يعلق على هذا الوج$$ه فق$$د ي$$وهم ذل$$ك ان$$ه يرتض$$يه ،لكن في الواق$$ع بمقتض$$ى م$$ا
ذكرناه في التامل يظهر الجواب عن هذا الوج$ه ،الن ان اري$د من االستص$حاب االستص$حاب
التنجيزي فهذا اول الكالم اذ مع بقاء العين عند ارتفاع القيم$$ة ال يض$$من االرتف$$اع ،و ان اري$$د
االستصحاب التعليقي وهو ان ارتفاع القيمة يضمن على تقدير تلف العين حين االرتف$$اع فه$$ذا
جوابه ظاهر حتى ل$$و آمن$$ا بك$$برى االستص$$حاب التعليقي ،اذ ه$$ذا ليس من$$ه الن$$ه عن$$دما تلفت
العين لم يكن الوصف متحققا .
هنلك رأي آخر في المقام محكي عن جماعة كالمفي$$د والقاض$$ي والحل$$بي وه$$و ان الم$$دار على
ي$وم ال$بيع ،ولكن ال مطلق$ا ب$ل بش$رط ان يك$ون ال$بيع بحكم المش$تري وه$و ال$ذي يع$بر عن$ه
بالتفويض كان اقول بعتك الكتاب بما ترتضيه من ثمن او بعتك الكت$$اب بحكم$$ك ،فبم$$ا ان ه$$ذا
البيع باطل لدخوله في نهى النبي صلى هللا عليه و اله عن بيع الغرر ،فلو ان العين تلفت في يد
المشتري ف يمثل هذا الفرض ذكروا ان المشتري يضمن قيمة العين في وقت بيعها .
237
يذكر المصنف انه بما ان هذه النظرية ليس عليها دليل واضح فالب$$د ص$$يانة لكالمهم ان توج$$ه
بمعنى يمكن اقامة الدليل عليه ،وهو ان نحمل يوم البيع في كلماتهم على يوم القبض ال$$ذي ه$$و
عبارة اخرى عن يم الغصب فغي المغصوب وانما عبروا بيوم البيع لغلبة اتحاد زم$$ان ال$$بيع و
زمان القبض ،و هذا حينئذ تشمله الوجوه التي ذكرت للتحديد بيوم الغصب.
111
يذكر المصنف نقاطا 3في ارتفاع القيمة ،
االولى :ان محل النزاع في زيادة القيمة و عدمها فيما لو كانت الزيادة قبل التلف اما ل$$و زادت
قيمة العين بعد تلفها فال عبرة بهذه الزيادة و كانه متفق عليه عندهم والوج$$ه في ذل$$ك ان الكالم
لما ك$$ان في القيمي فعن$$د تل$$ف العين ننتق$$ل الى الب$$دل ،وهي قيم$$ة العين ،فبحس$$ب م$$ا تك$$ون
تض$من ب$ه ،على االق$وال المتقدم$ة ،ام$ا ل$و ارتفعت قيم$ة العين بع$د التل$ف ف$ان ه$ذه القيم$ة
المرتفعة ،تراعى فيما لو كان المضمون هو المبدل منه او المثل وه$$و خالف الف$$رض ،نعم
المحقق تردد في الشرائع بالنسبة الرتفاع القيمة بعد التلف و وجه$$ه الش$$هيد 2ه$$و م$$ا تق$$دم من
احتمال ضمان جميع االشياء بامثلها غاية االمر بعض االشياء لها مثل و بعضها ال مث$$ل له$$ا و
عدم وجود المثل لها ال يجوز االنتقال الى القيمة اال حين االداء فبع$$د التل$$ف ل$$و ارتفعت القيم$$ة
تكون ملحوظة لعدم االنتقال الى القيمة قبل ارتفاعها ،ولكن قد تقدم س$$ابقا المناقش$$ة في دع$$وى
ضمان جميع االشياء بمثلها ،بل تقدم دعوى االجماع على ان القيمي يض$$من بقيمت$$ه ،النقط$$ة
الثانية ان ارتفاع القيمة تارة يكون بحسب تبدل االزمنة و اخرى يكون بحس$$ب تب$$دل االمكن$$ة ،
كالمنا السابقة كان الملحوظ في$$ه تغ$$ير االزمن$$ة فه$$ل يلح$$ق ب$$ه تب$$دل االمكن$$ة ام ال ،فمثال ل$$و
حصل الغصب في مكان كانت قيمة العين في$$ه 100و تلفت العين في مك$$ان ك$$انت قيمته$$ا في$$ه
200ولكن ما زالت على حالها في الزمنين في البلدين فال يوجد ارتفاع بحسب تبدل االزمن$$ة ،
وانما االرتفاع بتبدل االمكنة ،ثم في مكان المطالبة صارت القيم$$ة ، 300فه$$ل تض$$من القيم$$ة
المرتفعة ام ال .
يرى المصنف انه ال عبرة بارتفاع القيمة بحسب تبدل االمكنة ،فالبد ان يضمن بحسب مك$$ان
التلف سواء ك$$ان ن$$ازال ام ال ،تق$$ريب ذل$$ك ان االمكن$$ة ال ش$$ك انه$$ا ت$$وجب تف$$اوت الرغب$$ات
وبالتالي توجب تفاوت القيم والمدار في الضمان اذا كان ال يعتبر بعد تلف العين فالبد ان نلحظ
قيمة مكان التلف ،لما عرفت من ان القيمي ينتقل من$$ه الى قيمت$$ه ،فالم$$دار بحس$$ب قيمت$$ه في
مكان تلفه ،نازلة كانت ام صاعدة ،النقطة 3ان ارتفاع القيمة تارة يكون مع بق$$اء العين على
ما هي عليه من دون زيادة في العين متصلة ام منفصلة ،و اخرى يلحظ االرتفاع بلح$$اظ تب$$دل
العين ،و مث$$ل ل$$ذلك الش$$هيد 2بمن اش$$ترى جاري$$ة ض$$عيفة ب 100ثم س$$منت فص$$ارت ب
، 200ثم بعد ذلك رجعت الى هزالها فصارت ، 100فهل نضمن اعلى القيم على القول به ،
238
اخرج الماتن هذا االرتفاع في القيم$$ة عن مح$$ل ال$$نزاع و ي$$رى ان$$ه ال اش$$كال في ض$$مان ه$$ذا
االرتف$$اع فل$$و فرض$$نا ك$$انت الجاري$$ة امي$$ة ،ب 100ثم تعلمت فص$$ارت ب 200ثم نس$$يت
فرجعت الى 100في هذه الصورة اذا تلفت العين يدفع اعلى القيم ،فعلى كال المث$$الين ،يمكن
ان يقال ان قيمة التالف ليست متفاوتة النه لو بقيت العين على ما هي عليه لبقيت قيمتها و احدة
،من هنا يظهر من المصنف التفص$يل بين الزي$ادة العيني$ة كس$من الجاري$ة وبين غيره$ا كتعلم
الحرفة و المهنة فالزيادة العينية لما كانت بمنزلة الجزء الذي فوته الغاصب بالحيلول$$ة فيض$$من
فهذه الزيادة ال اشكال في ضمناها و هذا ليس من ض$$مان اعلى القيم الن قيم$$ة العين في جمي$$ع
االزمنة كانت واح$دة وانم$ا ارتفعت لتل$ك الزي$ادة العيني$ة نعم حينئ$ذ ي$أتي الخالف المتق$دم ،و
نطبقه على الزيادة العيني$$ة الفائت$$ة ،فمص$$ال اش$$تريت الجاري$$ة النحيل$$ة ب 100او غص$$بت ثم
سمنت فصارت ب 200ثم نحلت فرجعت الى 100فيقال ان تل$$ك الزي$$ادة ال$$تي حين وجوده$$ا
كانت تس$اوي 100االن عن$د زواله$ا على تق$دير وجوده$ا ل$و ك$انت تس$اوي اك$ثر فيق$ع الكالم
المتقدم في ضمان ارتفاع اعلى القيم ،والحاصل ان ضمان ارتفاع اعلى القيم ال يتأتى في ذات
العين لعدم زيادة قيمتها بحسب الفرض و لكنه يتأتى في تلك الزيادة .
وبهذا تم الكالم في تل$ف العين ،و اتض$ح ل$دينا ان النتيج$ة النهائي$ة ان$ه في تل$ف العين القيمي$ة
المختار عند المصنف هو ضمان المثل وقت التلف .
هنا يتعرض لفرع يجري في المثلي ،فلو لم يحصل تلف و لكن تعذر الوصول الى العين ،كما
لو القيت في بحر عميق ،او فتح باب القفص فطار الطير ،او ارجع الس$مك الى البح$ر ،فه$ل
حكمه حكم التالف يستظهر المصنف الحاقه بالتالف ،و يستدل على ذلك بظاهر ادل$$ة الض$$مان
في باب االمانات المضمونة حيث ان هذه االدلة تقتض$$ي الض$$مان في ص$$ورة ع$$دم التمكن من
ارجاع العين ،اعم من ان تكون لتلف او لضياع او الب$$اق و نح$$و ذل$$ك ،و علي$$ه ف$$العين ال$$تي
تعذر الوصول اليها في حكم التالفة ،لكن السؤال متى تصبح في حكم التالفة.
في المسالة وجوه الوجه األول ان تصبح بحكم التالف اذا حصل اليأس من الوصول اليها .
الثانية :انه يصبح في حكم التالف مع عدم رجاء وجدانه فهنا وقع الكالم بينهم في التفري$$ق بين
حصول اليأس من الوصول و بين عدم رجاء الوجدان ،و ذكرت ل$ذلك تفاس$ير متع$ددة ،منه$ا
انه في االول يقصد االطمئنان ،و في الثاني يقصد الظن ،فمن اطمئن بع$$دم الع$$ود يحص$$ل ل$$ه
الياس من الرجوع اليه و اذا كان يظن بعدم الوصول فهذا ال يكون له رجاء في الوصول .
بينما البعض دقق اكثر ،فيرى ان حمل احدهما على االطمئنان واالخر على الظن ان كان ه$$ذا
اصطالح فال مشاحة في$$ه ،و ان لم يكن اص$$طالحا فلم يظه$$ر لن$$ا وج$$ه الحم$$ل ،ول$$ذا اق$$ترح
وجها اخر ،نشأ من التفريق بين الوصول و الوجدان ،فان بين المفهومين يوجد تفاوت ،فانه
قد يجد شيئا ولكن ال يصل اليه ،فهذا يعني ان مفه$$وم الوج$$دان اعم من مفه$$وم الوص$$ول كلم$$ا
239
وصل الى شيء فقد وجدته ولكن ليس كلما وجد شيئا وصل اليه فاذا كان الوجدان اعم فيصبح
عدم الوجدان اخص من عدم الوصول كما ثبت في المنطق .
و هذا يعني ان اليأس من الوصول الى شيء ،اعم من عدم وجدانه فلو وقع شيء في قعر بحر
يقطع بعدم وجدان هذا الشيء ،فيشترك عدم الوجدان مع حصول الي$$أس من الوص$$ول ،ولكن
في بعض الموارد يحصل يأس من الوصول ولكن قد يتفق الوجدان فلذا كان اعم .
النظرية الثالثة ان يقال بانه يصبح في حكم التالف ،حتى لو علم بوجدانه ولكن في مدة طويله .
النظرية الرابعة ان يقال انه يصبح بحكم التالف و لو كانت المدة قصيرة ،اذا كان ي$$ترتب على
االنتظار ضرر والصحيح هو القول 4بدوا .
112
لو ان العين فقدت في الجملة تلحق بصورة التلف و يج$$ري عليه$$ا م$$ا ذك$$ر في التل$$ف ،و انم$$ا
الكالم في الطالق الفقد و تقيده و في المسالة كما تقدم وجوه : 4المصنف ي$$رى ان$$ه ل$$و اخ$$ذنا
بظاهر الدلة الفقد المقصود منها ادلة السرقة ،و االباق والضياع و ما شابه لو اخذنا بظاهره$$ا
لكان ال$راجح من بين الوج$وه االربع$ة ه$و الوج$ه األول و الث$اني ،اع$ني حص$ول الي$أس من
الوصول او عدم رجاء الوجدان ،و الوجه في هذا االستظهار ،لو اخذنا دليل الضياع كمث$$ال ،
لو ان شخصا اضاع متاعا و علم بانه سوف يصل اليه يعد م$$دة ط$$الت او قص$$رت ،فحينئ$$ذ ال
يصدق في مثل هذا المورد عنوان الضياع و ربما يكون االمر اوضح في عنوان االب$$اق ،ف$$ان
العبد الذي فر اذا علمت بالوصول اليه ،بعد مدة ال يصدق في العرف انه آبق فاذا عناوين تل$$ك
االمور اما ال تصدق مع الوجهين االخرين او يشك في ص$$دقها ،او ال اق$$ل يك$$ون ص$$دقها م$$ع
االولين اوضح ،وعليه فاذا جعلنا المرجع هو ادلة تلك العن$$اوين ف$$المرجح ه$$و الوج$$ه األول و
الثاني ،اما لو اخذنا و جعلنا المرجع اطالق الفتاوى بدعوى ان تلك العن$$اوين ليس$$ت هي ال$$تي
تلحق الشيء بالتالف ،اذ ال يوجد عندنا آية او رواية تقول اذا ابق العبد فه$$و في حكم الت$$الف ،
و كذا اذا سرق المتاع ،فيبق المدرك هو معاقد االجماع$$ات ،و م عاق$$د االجماع$$ات مطلق$$ة ،
فمثال من الفتاوى المشهورة بينهم في باب الغصب ان اللوح المغصوب لو جعل دف$$ة في س$$فينة
او سد به فج$$وة و ك$$انت الس$$فينة في البح$$ر و ل$$و ن$$زع يل$$زم الض$$رر ،ف$$افتوا في ه$$ذه الحال$$ة
باالنتق$$ال الى القيم$$ة ،و مقتض$$ى االطالق و ع$$دم التفص$$يل بين ك$$ون الس$$فينة قريب$$ة من
الشاطيء او بعيدة هو البناء على الوجه الرابع .
ثم ان$$ه ذك$$ر مؤي$$دا للوج$$ه الراب$$ع تقريب$$ه بع$$د االلتف$$ات الى نكت$$ة ،و هي ان ه$$ذه االمثل$$ة من
مصاديق ما يسمى ببدل الحيلول$$ة وه$$و بع$$د زوال الحيلول$$ة يمكن للض$$امن ان يس$$ترجع القيم$$ة
فبناءا على ذلك مقتضى الجمع بين الحقين ان نلتزم باالخير ،الحق األول هو قاعدة الس$$لطنة ،
فايقاف الضمان الى مدة طويلة المؤدية الى سلب االستفادة من قبل صاحب السلطنة ينافي ح$$ق
240
السلطنة الثابت له ،وال يتنافى مع حق الضامن لو ضمناه في المدة القصيرة ،الن ماله في بدل
الحيلولة سوف يرجع له بعد عود العين ،فالتضمين بالمدة القصيرة جمع بين حق المالك و حق
الضامن ،والجل ذلك ينبغي ان نفصل في الوج$$ه االخ$$ير ،ال$$ذي ه$$و الض$$مان ول$$و في الم$$دة
القصيرة بان نفرق بين مراتب القصر فان كانت مددة القصر بمقدار ال يصدق عن$$وان الغرام$$ة
و التدراك على اداء القيمة فالحكم فيها بالضمان مشكل .
بعد هذا البحث سوف ينجر الكالم في مجموعة من البحوث ال$$تي تن$$درج تحت ب$$دل الحيلول$$ة ،
من جملة هذه البحوث تفسير التعذر المسقط للتكليف بارجاع العين ،حتى ال يكون عندنا ش$$بهة
مفهومية
من جملة المباحث ان تعذر العين ،ه$ل يش$ترك م$ع التل$ف في جمي$ع االم$ور مثال في ص$ورة
التلف ان كان التالف مثليا فيجب على المال$$ك القب$$ول بالمث$$ل ،و في ص$$ورة كون$$ه قيمي$$ا يل$$زم
بالقيمة ،فهل االمر كذلك في صورة التعذر .
من جملة الفروعات ان المالك في بدل الحيلولة اذا اخذ القيمة فهل يملكه$$ا او مج$$رد اباح$$ة ،و
اذا كانت اباحة فبعد الوصول الى المبدل منه ما هو الحكم ،و هك$$ذا على الق$$ول بالتملي$$ك و في
مقابل ذلك لو قلنا بالملك فهل المبدل منه يصبح مملوكا للضامن.
241