Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 58

‫فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫أتليف‬
‫الشيخ عادل بن عبد اخلالق بن فاضل العدين الشعييب‬
‫املدرس مبعهد دار احلديث لإلرث النبوي برتي‬
‫الطبعة األوىل‬
‫مجادى الثانية ‪ 1444‬هـ‬
‫يناير ‪2023‬‬
‫‪3‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫‪‬‬
‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على خري املرسلني وعلى‬
‫آله وأصحابه أمجعني‪.‬‬

‫وبعد‪ ،‬فهذا خمتصر مفيد‪ ،‬حمضته للمسائل اليت استند إليها أهل‬
‫الغلو يف تكفري عموم املسلمني‪ ،‬مسيته "املختصر املفيد فيما‬
‫التبس على أدعياء التوحيد"‪ ،‬فأقول‪:‬‬

‫بناء املساجد على القبور حرام عند احلنابلة‪ ،‬مكروه عند‬


‫اجلمهور‪ ،‬ولو كان امليت مشهوراً ابلصالح‪ ،‬والوعيد خاص‬
‫أبهل الكتاب الذين عبدوها من دون هللا‪ ،‬واختاذ القرب مسجداً‬
‫معناه الصالة عليه أو إليه‪ ،‬وإليه اإلشارة يف حديث‪" :‬اللهم ال‬
‫جتعل قربي وثناً يُعبد‪ ،‬اشتد غضب هللا على قوم اختذوا قبور‬
‫أنبيائهم مساجد"‪ ،‬وقيد البخاري الكراهة بوقوع مفسدة‪ ،‬وال‬
‫أبس ببناء مسجد يف موضع مقربة عافية‪ ،‬وكذب من نقل اتفاق‬
‫املذاهب األربعة على حتري اختاذ القبور مساجد‪ ،‬وقد أُدخل القرب‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪4‬‬

‫الشريف إىل املسجد إبمجاع السلف‪ ،‬وكان فيهم من الصحابة‬


‫أنس بن مالك‪ ،‬وسهل بن سعد الساعدي‪ ،‬والسائب بن يزيد‪،‬‬
‫وعبد هللا بن بسر‪ ،‬واملقدام بن معدي كرب‪ ،‬وخارجة بن زيد‪،‬‬
‫وحممود بن الربيع‪ ،‬وأبو أمامة بن سهل‪ ،‬وأبو الطفيل عامر بن‬
‫واثلة‪ ،‬وعبد هللا بن ثعلبة‪ ،‬وحممود بن لبيد األنصاري‪ ،‬وغريهم‪،‬‬
‫ومل يصح عن سعيد بن املسيب وال غريه كراهة إدخال القرب يف‬
‫املسجد‪ ،‬ويف احلديث‪" :‬ما بني قربي ومنربي روضة من رايض‬
‫اجلنة"‪ ،‬ويف البزار والطرباين عن ابن عمر مرفوعاً إبسناد صحيح‬
‫–كما قال احلافظ ابن حجر‪" :-‬يف مسجد اخليف قرب سبعني‬
‫نبياً"‪ ،‬وصح عن عدد من السلف أن عدداً من األنبياء دفنوا بني‬
‫زمزم والركن واملقام‪ ،‬وصح مرسالً‪ ،‬ونص عدد من املؤرخني –‬
‫منهم ابن إسحاق‪ ،‬وابن اجلوزي‪ ،‬وابن األثري‪ ،‬وابن كثري‪،‬‬
‫والسهيلي‪ ،‬والذهيب‪ -‬على أن سيدان إمساعيل دفن يف احلجر‪،‬‬
‫وأن الصحابة بنوا مسجداً على قرب أيب بصري‪.‬‬

‫والصالة يف املقربة حرام عند احلنابلة‪ ،‬مباحة عند مالك ولو‬


‫‪5‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫كان القرب بني يدي املصلي‪ ،‬ونقله عن الصحابة عامة‪ ،‬وما ورد‬
‫من النهي منسوخ ومدفوع عندهم حبديث‪" :‬جعلت يل األرض‬
‫مسجداً وطهوراً"‪ ،‬مكروهة عند الشافعية إال إذا قصد التربك‬
‫والتعظيم فيحرم‪ ،‬واستثنت احلنفية من الكراهة قبور األنبياء إذا مل‬
‫يكن القرب يف القبلة‪ ،‬ونص فقهاء احلنفية على أنه ال أبس‬
‫ابلصالة يف املقربة إذا كان فيها موضع أُعد للصالة وليس فيه‬
‫قرب‪ ،‬وإذا كان يف موض ٍع قربٌ أو قربان مل ُُتنع الصالة فيه عند‬
‫احلنابلة‪ ،‬إذ ال يتناوله اسم املقربة‪ ،‬وكانت عائشة تصلي يف‬
‫احلجرة الشريفة حيث يرقد صلى هللا عليه وسلم هو وصاحباه‪،‬‬
‫وكان الناس إذا ضاق هبم املسجد يدخلون يف حجر أزواجه‬
‫صلى هللا عليه وسلم يصلون اجلمعة‪ ،‬كما أخرجه ابن شبة يف‬
‫"اتريخ املدينة" عن مالك‪.‬‬

‫وبناء املساجد جوار قبور الصاحلني ال يدخل يف النهي عن‬


‫اختاذ القبور مساجد كما نص عليه البيضاوي‪ ،‬والطييب‪ ،‬والقاري‪.‬‬

‫وإحياء ليليت العيدين فرادى مستحب‪ ،‬حلديث أيب أمامة‪" :‬من‬


‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪6‬‬

‫أحىي ليليت العيد أحىي هللا قلبه يوم ُتوت القلوب" رواه ابن‬
‫ماجه‪ ،‬وله شواهد يف "البدر املنري" البن امللقن‪ ،‬وهو منقول عن‬
‫السلف وكانوا يتواصون به‪ ،‬وكان ابن عمر يقومها كلها‪ ،‬واتفقت‬
‫عليه املذاهب األربعة والعلماء يف مجيع األمصار‪ ،‬قال الشافعي‬
‫يف "األم"‪" :‬وبلغنا أنه كان يقال‪ :‬إن الدعاء يُستجاب يف مخس‬
‫ٍ‬
‫ليال‪ ،‬يف ليلة اجلمعة‪ ،‬وليلة األضحى‪ ،‬وليلة الفطر‪ ،‬وأول ليلة يف‬
‫رجب‪ ،‬وليلة النصف من شعبان"‪ ،‬ومثله عند عبد الرزاق عن‬
‫عمر بن عبد العزيز‪ ،‬وقال الشافعي‪" :‬أخربان إبراهيم بن حممد‬
‫قال‪ :‬رأيت مشيخة من خيار أهل املدينة يظهرون على مسجد‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم ليلة العيد‪ ،‬فيدعون‪ ،‬ويذكرون هللا‪،‬‬
‫حىت ُتضي ساعة من الليل‪ ،‬وبلغنا أن ابن عمر كان حييي ليلة‬
‫مجع‪ ،‬وليلة مجع هي ليلة العيد‪ ،‬ألن صبيحتها النحر"‪ ،‬قال‬
‫الشافعي‪" :‬وأان أستحب كل ما حكيت يف هذه الليايل‪ ،‬من غري‬
‫أن يكون فرضاً"‬

‫وليلة النصف من شعبان وهي أفضل ليلة بعد ليلة القدر‪ ،‬ملا يف‬
‫‪7‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫املسند عن ابن عمرو‪" :‬يطَّلِع هللا عز وجل إىل خلقه ليلة النصف‬
‫من شعبان فيغفر لعباده إال الثنني‪ ،‬مشاحن‪ ،‬وقاتل نفس"‪ ،‬وعن‬
‫عائشة‪" :‬إن هللا عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إىل‬
‫السماء الدنيا‪ ،‬فيغفر ألكثر من عدد شعر غنم كلب"‪ ،‬وروى‬
‫أحاديثها طوائف من الصحابة منهم أبو بكر الصديق‪ ،‬وعلي‬
‫بن أيب طالب‪ ،‬وأبو هريرة‪ ،‬وأبو موسى األشعري‪ ،‬ومعاذ بن‬
‫جبل‪ ،‬وعثمان بن أيب العاص‪ ،‬وأبو ثعلبة اخلشين‪ ،‬واستحب‬
‫أكثر العلماء إحياءها‪ ،‬وعليه عمل املسلمني‪ ،‬قال عمر بن عبد‬
‫العزيز‪" :‬عليك أبربع ٍ‬
‫ليال يف السنة‪ ،‬فإن هللا تعاىل يُفرغ فيهن‬
‫الرمحة إفراغة‪ ،‬أول ليلة من رجب‪ ،‬وليلة النصف من شعبان‪،‬‬
‫وليلة الفطر‪ ،‬وليلة النحر"‪ ،‬وكان مجاعة من عباد السلف يلبسون‬
‫فيها أحسن ثياهبم ويتبخرون ويكتحلون‪ ،‬ونُقل عن مالك وأكثر‬
‫احلجازيني إنكار فضلها‪.‬‬

‫وأول ليلة من رجب‪ ،‬صح عن عمر بن عبد العزيز والشافعي أن‬


‫الدعاء فيها مستجاب‪ ،‬واستحب العلماء إحياءها ابلذكر‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪8‬‬

‫والصالة والدعاء‪ ،‬ومل خيالف يف ذلك أحد‪ ،‬ويكفي معظمها‪،‬‬


‫وأقله صالة العشاء يف مجاعة‪ ،‬ويف "املدخل" البن احلاج املالكي‪:‬‬
‫يعظمون هذا الشهر أعين‬ ‫" وما كان السلف رضوان هللا عليهم ِ‬
‫شهر رجب وحيرتمونه إال بزايدة العبادة فيه‪ ،‬والتشمري ألداء‬
‫حقوقه الشرعية وإقامة حرمته‪ ،‬لكونه أول األشهر احلرم‪ ،‬وأول‬
‫شهور الربكة"‪ ،‬ويف "الغنية" لسيدي عبد القادر اجليالين‪:‬‬
‫"يُستحب أن يدعو يف أول ليلة من رجب إذا فرغ من صالته‬
‫ض لك يف هذه الليلة‬ ‫تعر َ‬
‫هبذا الدعاء وهو أن يقول‪ :‬إهلي َّ‬
‫املتعرضون‪ ،‬وقصدك القاصدون‪ ،‬و َّأم َل فضلك ومعروفك‬
‫اهب‪،‬‬
‫ائز وعطااي ومو ُ‬ ‫نفحات وجو ُ‬
‫ٌ‬ ‫الطالبون‪ ،‬ولك يف هذه الليلة‬
‫ُتن هبا على من تشاء من عبادك‪ ،‬وُتنعُها ممن مل تسبق له العناية‬ ‫ُّ‬
‫املؤمل فضلَك ومعروفك‪ ،‬فإن‬ ‫عبدك الفقري إليك‪ِ ،‬‬ ‫منك‪ ،‬وها أان ُ‬
‫َّلت يف هذه الليلة على أحد من خلقك‬ ‫كنت اي موالي تفض َ‬
‫وجد‬
‫فصل على حممد وآله‪ُ ،‬‬ ‫ت عليه بعائدة من عطفك‪ِ ،‬‬ ‫وج ْد َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫علي بطَْولك ومعروفك اي رب العاملني"‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪9‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫والتعريف –وهو اجتماع الناس للذكر والدعاء بعد صالة العصر‬


‫من يوم عرفة‪ -‬وهي عادة جرى عليها العمل يف سائر اآلفاق‪،‬‬
‫ونقل عن ابن عباس‪ ،‬وعمرو بن حريث من الصحابة‪ ،‬واحلسن‬
‫البصري‪ ،‬ونص عليه أمحد –وهو املعتمد عند أصحابه‪ -‬واحتج‬
‫بعمل السلف‪ ،‬وهو املعتمد عند الشافعية‪ ،‬وبه قال أبو يوسف‪،‬‬
‫وحممد بن احلسن‪ ،‬وكرهه احلنفية إذا فعله الناس تشبهاً أبهل‬
‫وسئل عنه مالك فقال‪" :‬ما نعرف‬ ‫عرفة ال لشرف ذلك اليوم‪ُ ،‬‬
‫هذا وإن الناس عندان اليوم يفعلونه"‪ ،‬وقال النووي‪" :‬من جعله‬
‫بدعة ال يلحقه بفاحشات البدع"‪.‬‬

‫والتوسل ابألنبياء والصاحلني صيغة من صيغ الدعاء املأمور به‪،‬‬


‫ويف السنن أن النيب صلى هللا عليه وسلم علَّم رجالً ضريراً أن‬
‫أتوجه إليك بنبيك حممد‬
‫يدعو هبذا الدعاء‪" :‬اللهم إين أسألك‪ ،‬و َّ‬
‫توجهت بك إىل ريب يف حاجيت هذه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫نيب الرمحة‪ ،‬اي حممد‪ ،‬إين‬
‫يف"‪ ،‬واتفقت املذاهب على جوازه‪،‬‬
‫فتُقضى يل‪ ،‬اللهم شفعه َّ‬
‫ونص عليه أمحد –كما يف الفروع‪ -‬قال يف منسكه الذي كتبه‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪10‬‬

‫للمروذي‪" :‬إنه يتوسل ابلنيب صلى هللا عليه وسلم يف دعائه"‪،‬‬


‫وقال يف "اإلنصاف"‪" :‬جيوز التوسل ابلرجل الصاحل على‬
‫الصحيح من املذهب"‪ ،‬قال السبكي‪" :‬جيوز وحيسن التوسل‬
‫واالستغاثة والتشفع ابلنيب صلى هللا عليه وسلم إىل ربه سبحانه‬
‫وتعاىل‪ ،‬وجواز ذلك وحسنه من األمور املعلومة لكل ذي دين‪،‬‬
‫املعروفة من فعل األنبياء واملرسلني‪ ،‬وسري السلف الصاحلني‪،‬‬
‫والعلماء والعوام من املسلمني‪ ،‬ومل ينكر أحد ذلك من أهل‬
‫األداين‪ ،‬وال ُمسع به يف زمن من األزمان‪ ،‬حىت جاء ابن تيمية‪،‬‬
‫فتكلم يف ذلك بكالم يـُلَبِس فيه على الضعفاء األغمار‪ ،‬وابتدع‬
‫ما مل يسبق إليه يف سائر األعصار"‪ ،‬ونص األئمة على أن إنكاره‬
‫بدعة‪ ،‬ويف نسبة املنع من التوسل ابلصاحلني إىل الشيخ عز الدين‬
‫بن عبد السالم نظر‪.‬‬

‫والتربك ابلصاحلني مستحب‪ ،‬وهو التماس الربكة من اخلالق‬


‫حيث تُظن‪ ،‬وهو جممع عليه سلفاً‪ ،‬وخلفاً‪ ،‬وفعله األئمة املقتدى‬
‫هبم من الفقهاء‪ ،‬وأهل احلديث‪ ،‬وغريهم‪ ،‬سواء بذواهتم‪ ،‬أو‬
‫‪11‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫آباثرهم‪ ،‬أو بقبورهم‪ ،‬أو دعائهم‪ ،‬وتواتر تربك الصحابة ابلنيب‬


‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وكل مزية أُعطيها صلى هللا عليه وسلم فإن‬
‫ألمته مثلها ما مل يدل دليل على االختصاص‪-‬كما قال‬
‫الشاطيب‪ -‬ويف "الصحيح" أن النيب صلى هللا عليه وسلم ملا علم‬
‫أن أصحابه استقوا من بئر مثود هناهم‪ ،‬وأمرهم أن يستقوا من‬
‫البئر اليت كانت تردها الناقة‪ ،‬وفيه جواز التربك آباثر األنبياء‬
‫والصاحلني وإن تقادمت أعصارهم وخفيت آاثرهم‪ ،‬كما قال‬
‫القرطيب‪ ،‬قال ابن بطال‪" :‬قدمياً أحب الناس التربك أبثواب‬
‫الصاحلني‪ ،‬وموافقتهم يف احمليا واملمات‪ ،‬رغبة يف اخلري‪ ،‬وحرصاً‬
‫عليه"‪ ،‬وقال َزُّروق‪" :‬ومل يزل أكابر امللة يتربكون أبهل الفضل من‬
‫كل عصر وقطر‪ ،‬فلزم االقتداء هبم حسب ما يهتدي إليه الظن‬
‫الس َالوي‪" :‬التربك آباثر األنبياء عليهم الصالة‬
‫من األشخاص"‪َّ ،‬‬
‫والسالم واألولياء رضي هللا عنهم وزايرة مشاهدهم من األمر‬
‫املعروف عند أمة حممد صلى هللا عليه وسلم اجملمع عليه خلفاً‬
‫وسلفاً‪ ،‬ال يسع إنكاره"‪ ،‬وفعله من أئمة الفقه واحلديث‬
‫الشافعي‪ ،‬وأمحد‪ ،‬واخلالل‪ ،‬والبخاري‪ ،‬وابن خزمية‪ ،‬وابن حبان‪،‬‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪12‬‬

‫والدارقطين‪ ،‬ونص على استحبابه ابن عبد الرب‪ ،‬والغزايل‪ ،‬وابن‬


‫اجلوزي‪ ،‬وابن قدامة‪ ،‬والنووي‪ ،‬وابن دقيق العيد‪ ،‬ابن حجر‬
‫العسقالين‪ ،‬وشيخه ابن امللقن‪ ،‬والعيين‪ ،‬الشوكاين‪ ،‬وغريهم‪ ،‬وهم‬
‫ال ُحيصون عدداً‪ ،‬ويف "جممع األهنر‪" :‬ويستحب أن خيرج إىل‬
‫البقيع‪ ،‬ويزور القبور اليت يُتربك هبا‪ ،‬كقرب عثمان‪ ،‬وعباس‪ ،‬وقبور‬
‫األصحاب األبرار‪ ،‬واآلل األخيار"‪ ،‬ويف "القوانني الفقهية" البن‬
‫جزي‪" :‬ومن املواضع اليت ينبغي قصدها تربكاً‪ :‬قربُ إمساعيل عليه‬
‫السالم‪ ،‬وأمه هاجر‪ ،‬ومها يف احلِ ْجر‪ ،‬وقربُ آدم عليه السالم يف‬
‫الغار املذكور يف القرآن‪ ،‬وهو يف جبل أيب ثور‪،‬‬
‫جبل أيب قبيس‪ ،‬و ُ‬
‫والغار الذي يف جبل ِحَراء‪ ،‬حيث ابتدأ نزول الوحي على رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وزايرة قبور من مبكة واملدينة من‬
‫الصحابة والتابعني واألئمة"‪ ،‬ويف "حاشية الدسوقي"‪" :‬وأما ما‬
‫يفعله الناس من محل تراب املقابر للتربك فذكر يف املعيار أنه‬
‫جائز‪ ،‬قال‪ :‬ما زالت الناس حيملونه‪ ،‬ويتربكون بقبور العلماء‪،‬‬
‫والشهداء‪ ،‬والصاحلني" ‪،‬وكان عبد هللا بن الزبري‪ ،‬وعمر بن عبد‬
‫العزيز وسامل بن عبد هللا وأيوب السختياين إذا استلموا مسحوا‬
‫‪13‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫وجوههم أبيديهم‪ ،‬وقال معمر‪" :‬مل أر أحداً يستلم إال وهو يقبل‬
‫يده"‪.‬‬

‫واالستسقاء بقبور الصاحلني‪ ،‬سنة املسلمني‪ ،‬وأقرها أئمة الدين‪،‬‬


‫وذكر األئمة عدداً من القبور اليت يستسقى هبا‪ ،‬منها قرب أيب‬
‫أيوب األنصاري‪ ،‬وقرب أم حرام بنت ملحان‪ ،‬وسليمان بن ربيعة‬
‫الباهلي‪ ،‬قرب حيىي بن حيىي الليثي‪ ،‬وقرب حيىي بن معاذ الرازي‪ ،‬وقرب‬
‫اإلمام البخاري‪ ،‬وقرب معروف الكرخي‪ ،‬وعن صفوان بن سليم‬
‫قال أمحد‪" :‬يستنزل بذكره القطر"‪ ،‬وقرب أيب احلسن بن فورك‪.‬‬

‫واالستغاثة ابألنبياء واألولياء أحياءً وأموااتً‪ ،‬ال خالف يف‬


‫جوازها وحسنها‪ ،‬وهو توسل مبن حيبه اخلالق وجتنب لتوسل‬
‫اإلنسان بعمل نفسه امللطخة ابملعاصي‪ ،‬والنهي عن دعاء غري‬
‫هللا املقصود به العبادة‪ ،‬ولو كان الدعاء مبعىن النداء شركاً لوجب‬
‫استغناء اخللق عن حروف وأساليب النداء‪ ،‬وقوله تعاىل (ما‬
‫نعبدهم إال ليقربوان إىل هللا زلفى) نص على أن اختاذ الوسائط‬
‫صرفت هلم العبادة‪ ،‬واالستغاثة توسل وطلب دعاء من‬ ‫شرك إذا ُ‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪14‬‬

‫أهل الربزخ‪ ،‬واألنبياء واألولياء أحياء يف قبورهم‪ ،‬وإنكاره يف حق‬


‫النيب صلى هللا عليه وسلم زندقة‪ ،‬والتفريق بني احلي وامليت شرك‪،‬‬
‫ألنه يدل على اعتقاد التأثري يف األحياء‪ ،‬ولو كان نداء املخلوق‬
‫عبادة ملا جاز التفريق بني احلي وامليت‪ ،‬وال احلاضر والغائب‪ ،‬وال‬
‫بني ما يقدر عليه اإلنسان وما ال يقدر –وهو تفصيل مل يقله‬
‫عامل معترب‪ -‬ألن العبادة ال جتوز لغري هللا مطلقاً‪ ،‬ونص فقهاء‬
‫املذاهب األربعة على استحباب االستغاثة ابلنيب صلى هللا عليه‬
‫وسلم عند زايرته‪ ،‬وطلب الشفاعة‪ ،‬واالستغفار منه‪ ،‬وعرض‬
‫احلاجات عليه‪ ،‬والتوسل بصاحبيه للفوز بشفاعته‪ ،‬واتفقوا على‬
‫استحباب تالوة قوله تعاىل عند ذلك (ولو أهنم إذ ظلموا أنفسهم‬
‫جاءوك فاستغفروا هللا واستغفر هلم الرسول لوجدوا هللا توااب‬
‫رحيما)‪ ،‬ويقول‪ " :‬وقد جئناك ظاملني ألنفسنا‪ ،‬مستغفرين‬
‫لذنوبنا‪ ،‬فاشفع لنا إىل ربك"‪ ،‬وذكر فقهاء املالكية والشافعية‬
‫واحلنابلة أنه يستحب أن يقول مع ذلك‪:‬‬

‫األكم‬ ‫فطاب ِمن‬ ‫ِ‬


‫طيبهن القاعُ و ُ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ابلقاع أعظُ َمهُ‬
‫نت ِ‬ ‫خري َم ْن ُدف ْ‬
‫اي َ‬
‫‪15‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬
‫ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫الكرم‬
‫اجلود و ُ‬
‫العفاف وفيه ُ‬ ‫فيه‬ ‫نفسي الفداءُ لق ٍرب َ‬
‫أنت ساكنُهُ‬
‫ويف "مراقي الفالح"‪ " :‬ال يُستغاث وتُستنزل الرمحة يف مدينته‬
‫بغري حضرته ومشاهدته"‪ ،‬وقال ابن احلاج‪" :‬فمن توسل به‪ ،‬أو‬
‫استغاث به‪ ،‬أو طلب حوائجه منه‪ ،‬فال يُرد‪ ،‬وال خييب‪ ،‬ملا‬
‫شهدت به املعاينة"‪ ،‬ويف "فتاوى الرملي"‪ " :‬االستغاثة ابألنبياء‬
‫واملرسلني واألولياء والعلماء والصاحلني جائزة"‪ ،‬ويف "اجلوهر‬
‫املنظم" االبن حجر‪" :‬من خرافات ابن تيمية اليت مل يقلها عامل‬
‫قبله‪ ،‬وصار هبا بني أهل اإلسالم ُمثْـلَة أنه أنكر االستغاثة‬
‫والتوسل به صلى هللا عليه وسلم"‪.‬‬

‫وحتري الدعاء عند قبور الصاحلني سنة أهل اإلسالم‪ ،‬فعله‬


‫األئمة األعالم‪ ،‬وكان الشافعي يكثر من زايرة قرب أيب حنيفة‪،‬‬
‫والتربك به‪ ،‬والدعاء عنده‪ ،‬وقال أبو بكر بن أيب عاصم عن قرب‬
‫طلحة بن عبيد هللا‪" :‬رأيت مجاعة من أهل العلم والفضل‪ ،‬إذا‬
‫َه َّم أحدهم أبمر‪ ،‬قصد إىل قربه‪ ،‬فسلَّم عليه‪ ،‬فدعا حبضرته‪،‬‬
‫فيكاد يعرف اإلجابة‪ ،‬وأخربان مشاخينا به قدمياً أهنم رأوا من كان‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪16‬‬

‫صلب زيد بن علي كان العباد أيوون إىل‬ ‫قبلهم يفعله"‪ ،‬وعندما ُ‬
‫خشبته ابلليل يتعبدون عندها‪ ،‬وقل من قصده حلاجة فدعا عند‬
‫موضع اخلشبة إال استُجيب له‪ ،‬كما قال ابن حبان‪ ،‬وعن قرب‬
‫الشافعي قال ابن اجلزري‪" :‬الدعاء عنده مستجاب"‪ ،‬وقال‬
‫إبراهيم احلريب‪" :‬قرب معروف الرتايق اجملرب"‪ ،،‬وعن قرب نصر‬
‫املقدسي قال النووي‪" :‬مسعنا الشيوخ يقولون‪ :‬الدعاء عند قربه‬
‫يوم السبت مستجاب"‪ ،‬وقال السبكي عن ابن الصالح‪:‬‬
‫"الدعاء عند قربه مستجاب"‪ ،‬ونص الذهيب على أن الدعاء‬
‫مستجاب عند قرب السيدة نفيسة‪ ،‬وعند قبور األنبياء واألولياء‬
‫عموماً‪ ،‬ويف "اتريخ بغداد" ابب خاص يف بيان قبور الصاحلني‬
‫اليت يُستجاب عندها الدعاء ببغداد‪ ،‬ويف "بغية الطلب" البن‬
‫العدي "ابب يف ذكر ما حبلب وأعماهلا من املزارات وقبور األنبياء‬
‫واألولياء واملواطن الشريفة اليت هبا مظان إجابة الدعاء"‪ ،‬وال‬
‫مدخل هنا للنهي عن اختاذ القبور مساجد‪ ،‬ومل يصح عن أحد‬
‫إنكاره‪ ،‬وهو داخل يف عموم أدلة استحباب الدعاء‪ ،‬وموضع‬
‫قربه صلى هللا عليه وسلم أفضل بقاع األرض إمجاعاً‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫وشد الرحال لزايرة قرب النيب صلى هللا عليه وسلم من أجل‬
‫الطاعات إمجاعاً‪ ،‬كما حكاه التقي السبكي ‪-‬ويقرب عند فقهاء‬
‫احلنفية من الوجوب‪ -‬ويشملها عموم األدلة املتواترة يف‬
‫استحباب زايرة القبور‪ ،‬قوله تعاىل (ولو أهنم إذ ظلموا أنفسهم‬
‫جاؤوا فاستغفروا هللا واستغفر هلم الرسول لوجدوا هللا تواابً رحيما)‬
‫و"إذ" ظرف ملا يستقبل من الزمان‪ ،‬كقوله تعاىل (ولو ترى إذ‬
‫الظاملون يف غمرات املوت) (إذ األغالل يف أعناقهم)‪ ،‬وأحاديث‬
‫الزايرة كثرية‪ ،‬أثبتها األئمة‪ ،‬كابن السكن‪ ،‬والسبكي‪ ،‬والسيوطي‪،‬‬
‫منها‪" :‬من زار قربي وجبت له شفاعيت"‪ ،‬ويف "فيض الباري"‬
‫للكشمريي‪" :‬آالف األلوف من السلف كانوا يشدون الرحال‬
‫لزايرة النيب صلى هللا عليه وسلم"‪ ،‬واستبشع األئمة شذوذ ابن‬
‫تيمية‪ ،‬وال يصح اخلالف عن القاضي حسني وأيب حممد اجلويين‬
‫من الشافعية‪ ،‬وال عن القاضي عياض من املالكية‪ ،‬وال عن ابن‬
‫بطة من احلنابلة‪ ،‬لكن نقله ابن قدامة عن ابن عقيل‪ ،‬وحديث‬
‫"ال تشد الرحال إال إىل ثالثة مساجد" معناه –عند العلماء‬
‫كافة‪ -‬ال تشد الرحال ملسجد إال هذه الثالثة‪ ،‬ويف رواية شهر‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪18‬‬

‫بن حوشب –وهو حسن احلديث‪ -‬عند أمحد‪" :‬ال تشد الرحال‬
‫إىل مسجد إال إىل ثالثة مساجد"‪ ،‬ولذا قال الفريوآابدي فيمن‬
‫جعله دليالً على حتري الزايرة‪" :‬فيه برهان قاطع على غباوة‬
‫قائله"‪ ،‬ومحله العلماء على النذر‪ ،‬وال يتوجه لشد الرحال لقبور‬
‫الصاحلني للتربك –كما قال ابن بطال‪ -‬ويف "شرح مسلم"‬
‫للنووي‪" :‬والصحيح عند أصحابنا وهو الذي اختاره إمام احلرمني‬
‫واحملققون أنه ال حيرم‪ ،‬وال يكره"‪ ،‬ويف "املغين" البن قدامة‪:‬‬
‫"الصحيح إابحته‪ ،‬وجواز القصر فيه" واستدل أبن رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم أييت قباء كل سبت ماشياً وراكباً‪ ،‬ويف‬
‫"اتريخ املدينة" البن شبة –إبسناد صحيح‪ ،‬كما قال احلافظ يف‬
‫"الفتح"‪ -‬عن سعد بن أيب وقاص‪" :‬لو يعلمون ما يف قباء‬
‫لضربوا إليه األكباد"‪ ،‬ويف مصنفي عبد الرزاق وابن أيب شيبة حنوه‬
‫عن عمر‪.‬‬

‫وتلقني امليت بعد دفنه استحبه سائر الفقهاء من املذاهب‬


‫األربعة‪ ،‬وعليه عمل الصاحلني من أهل املدينة‪ ،‬والشام‪ ،‬كما نقله‬
‫‪19‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫ابن العريب‪ ،‬وابن الطََّّالع املالكي‪ ،‬وصورته أن جيلس امللقن عند‬


‫رأس امليت بعد دفنه‪ ،‬ويقول خماطباً إايه‪" :‬اي عبد هللا‪ ،‬ابن أمة‬
‫هللا‪ ،‬اذكر ما خرجت عليه من دار الدنيا‪ ،‬شهادة أن ال إله إال‬
‫هللا‪ ،‬وأن حممداً رسول هللا‪ ،‬وأن اجلنة حق‪ ،‬وأن النار حق‪ ،‬وأن‬
‫البعث حق‪ ،‬وأن الساعة آتية ال ريب فيها‪ ،‬وأن هللا يبعث من يف‬
‫القبور‪ ،‬وأنك رضيت ابهلل رابً‪ ،‬وابإلسالم ديناً‪ ،‬ومبحمد صلى هللا‬
‫عليه وسلم نبياً‪ ،‬وابلقرآن إماماً‪ ،‬وابلكعبة قبلة‪ ،‬وابملؤمنني‬
‫إخواانً"‪ ،‬واالستحباب ينقله فقهاء احلنفية عن أهل السنة‪ ،‬خالفاً‬
‫للمعتزلة‪ ،‬قالوا‪" :‬وعلى قول املعتزلة ال يفيد التلقني بعد املوت‪،‬‬
‫ألن اإلحياء عندهم مستحيل"‪ ،‬قال ابن تيمية –كما يف‬
‫"اإلنصاف"‪" -‬تلقينه بعد دفنه مباح عند أمحد‪ ،‬وبعض‬
‫أصحابنا"‪ .‬وقال‪" :‬اإلابحة أعدل األقوال"‪ ،‬ويف "جمموع‬
‫الفتاوى"‪" :‬والتحقيق أنه جائز وليس بسنة راتبة"‪ ،‬ويف "كشاف‬
‫القناع"‪" :‬استحب األكثر تلقينه بعد الدفن"‪ ،‬وشذ ما نُقل عن‬
‫ابن عبد السالم‪ ،‬واعتضد حديث التلقني بعمل السلف واخللف‬
‫–وبه احتج أمحد‪ -‬واتفاق األئمة على املساحمة يف أحاديث‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪20‬‬

‫الفضائل‪ ،‬وقال ابن الصالح والنووي‪" :‬اعتضد بشواهد‪ ،‬وبعمل‬


‫أهل الشام قدمياً"‪ ،‬ومحل عليه بعض املالكية حديث "لقنوا‬
‫مواتكم ال إله إال هللا"‪ ،‬واستدل له النووي وابن القيم وابن احلاج‬
‫حبديث‪" :‬استغفروا ألخيكم‪ ،‬وسلوا له ابلتثبيت‪ ،‬فإنه اآلن‬
‫يُسأل"‪ ،‬قال ابن القيم‪" :‬فأخرب أنه يُسأل حينئذ‪ ،‬وإذا كان يُسأل‬
‫فإنه يسمع التلقني"‪.‬‬

‫وإهداء الثواب إىل امليت يصح عند أيب حنيفة‪ ،‬وأمحد‪ ،‬وهو‬
‫املعتمد عند أصحابه‪ ،‬وأفىت به ابن تيمية –ونصه‪" :‬يصل إىل‬
‫امليت قراءة أهله وتسبيحهم وتكبريهم وسائر ذكرهم هلل تعاىل‪،‬‬
‫إذا أهدوه إىل امليت وصل إليه"‪ -‬ومجاعة من كبار املالكية‪،‬‬
‫الربين احلنبلي‪-‬‬
‫والشافعية‪ ،‬وعامة أهل احلديث –كما نقله ابن َ ْ‬
‫وعليه عمل الناس يف كل األعصار واألمصار من غري نكري –‬
‫كما يف مغين احملتاج‪ -‬ويف "املغين" البن قدامة احلنبلي‪" :‬وأنه‬
‫إمجاع املسلمني‪ ،‬فإهنم يف كل عصر ومصر جيتمعون ويقرؤون‬
‫القرآن‪ ،‬ويهدون ثوابه إىل مواتهم من غري نكري"‪ ،‬وقال ابن‬
‫‪21‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫القيم‪" :‬وهذا عمل سائر الناس حىت املنكرين يف سائر األعصار‬


‫واألمصار من غري نكري من العلماء"‪ ،‬وال يصل عند املالكية‪،‬‬
‫والشافعية لقوله تعاىل (وأن ليس لإلنسان إال ما سعى) و"إذا‬
‫مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث"‪ ،‬واتفقوا على انتفاع‬
‫امليت يف حال دعاء القارئ بوصول ثواب قراءته‪.‬‬

‫وكره أبو حنيفة –وهو املشهور عند املالكية‪ -‬القراءة عند القرب‬
‫لعدم عمل السلف‪ ،‬وانشغال القارئ ابلقراءة عن التفكر يف‬
‫املوت‪ ،‬واستحبه الشافعية‪ ،‬واحلنابلة‪ ،‬وعليه الفتوى عند احلنفية‬
‫–ونقله القرطيب عن علماء املالكية‪ ،-‬قال اإلمام النووي‪:‬‬
‫"يُستحب لزائر القبور أن يقرأ ما تيسر من القرآن‪ ،‬ويدعو هلم‬
‫عقبها‪ ،‬نص عليه الشافعي‪ ،‬واتفق عليه األصحاب"‪ ،‬وقال‬
‫اإلمام أمحد –كما يف املغين البن قدامة‪ :-‬إذا دخلتم املقابر‬
‫اقرؤوا آية الكرسي‪ ،‬وثالث مرات (قل هو هللا أحد)‪ ،‬مث قل‪:‬‬
‫اللهم إن فضله ألهل املقابر"‪ ،‬وعنه قال‪" :‬إذا دخلتم املقابر‬
‫فاقرؤوا بفاحتة الكتاب‪ ،‬واملعوذتني‪ ،‬وقل هو هللا أحد‪ ،‬واجعلوا‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪22‬‬

‫ثواب ذلك ألهل املقابر‪ ،‬فإنه يصل إليهم"‪ ،‬وثبت عن ابن عمر‪،‬‬
‫ونقله الشعيب عن األنصار‪ ،‬وأوصى مجاعة من السلف أن يُقرأ‬
‫عند قبورهم وقت الدفن‪ ،‬كما نقله ابن القيم‪ ،‬ومحل عبد الواحد‬
‫املقدسي‪ ،‬واحملب الطربي‪ ،‬وابن الرفعة‪ ،‬والزركشي‪ ،‬وأبو سعيد بن‬
‫لُب املالكي‪ ،‬حديث‪" :‬اقرؤوا يس على مواتكم" على القراءة‬
‫عند القرب‪ ،‬واستدل العلماء –كما نقله ابن النووي‪ ،‬والقرطيب‪-‬‬
‫حبديث اجلريدتني‪ ،‬وصلى النيب على اجلنازة يف املقربة‪ ،‬والصالة‬
‫مشتملة على القراءة‪ ،‬وقال الشعيب –كما يف "األمر ابملعروف‬
‫والنهي عن املنكر" للخالل‪" :-‬كانت األنصار إذا مات ميت‬
‫اختلفوا إىل قربه يقرؤون عنده القرآن"‪.‬‬
‫وبناء ِ‬
‫القبَاب على القبور خيتلف حبال املقربة‪ ،‬فإذا كانت ُم َسبَّـلَة‬
‫–وهي ما جرت العادة ابلدفن فيه وإن مل يوقف‪ُ -‬منع عند عامة‬
‫الفقهاء‪ ،‬قالوا‪" :‬ملا فيه من التضييق"‪ ،‬ويؤخذ من "املنهاج" أنه‬
‫مكروه تنزيهاً‪ ،‬واملعتمد –كما يف "اجملموع"‪ -‬التحري‪ ،‬وهو‬
‫املقصود بقول الشافعي يف "األم"‪" :‬ورأيت من الوالة من يهدم‬
‫‪23‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫ما بُين فيها‪ ،‬ومل َأر الفقهاء يعيبون عليه ذلك‪ ،‬وألن يف ذلك‬
‫تضييقا على الناس"‪ ،‬ومذهب احلنابلة أن بناء القباب يف املسبلة‬
‫مكروه‪ ،‬للتضييق‪ ،‬واعتمد الرملي أن املراد ابملسبلة املوقوفة‪ ،‬وأما‬
‫غريها فال حيرم البناء فيه‪ ،‬وعلى الغري ُمحل ما يف القرافة‪ ،‬ويف‬
‫الش ْ َرب ُاملُّسي‪" :‬وليس من البناء ما اعتيد من توابيت األولياء"‪،‬‬
‫َ‬
‫وإن كانت ملكاً جاز أن يبين ما شاء‪ ،‬بدون كراهة عند املالكية‪،‬‬
‫واحلنابلة‪ ،‬وكذا أطلقه يف "البيان"‪ ،‬و"احمللي"‪ ،‬وشيخ اإلسالم يف‬
‫"شرح املنهج"‪ ...‬ويف "اجملموع" نقالً عن األصحاب‪" :‬مع‬
‫الكراهة‪ ،‬وال يُهدم عليه"‪ ،‬ودليل اجلواز دفنه صلى هللا عليه وسلم‬
‫يف حجرته‪ ،‬وقد رأت عائشة يف املنام يف حجرهتا ثالثة أقمار‪،‬‬
‫كما يف "املستدرك"‪ ،‬ويف احلديث‪" :‬ما قُبض نيب إال دفن حيث‬
‫يقبض"‪ ،‬وصح أن عيسى بعد نزوله سيدفن يف حجرة عائشة‪،‬‬
‫وأن احلسن قال عندما حضرته الوفاة‪" :‬ادفنوين عند أيب ‪-‬يعين‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ -‬إال أن ختافوا الدماء فال هتريقوا‬
‫يفَّ دماً‪ ،‬ادفنوين يف مقابر املسلمني"‪ ،‬وعند احلنفية "ال يكره‬
‫البناء –يف غري املسبلة‪ -‬إذا كان امليت من املشايخ‪ ،‬والعلماء‪،‬‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪24‬‬

‫والسادات"‪ ،‬كما يف "حاشية ابن عابدين"‪ ،‬قال ابن رجب‪:‬‬


‫"أكثر العلماء على جواز الدفن يف البيوت"‪ ،‬ووصى يزيد بن عبد‬
‫فدفن فيها‪ ،‬وشهد احلسن‬ ‫الش ِخري أن يُدفن يف داره‪ُ ،‬‬
‫هللا بن ِ‬
‫جنازته‪ ،‬ومل ينكر ذلك أحد"‪ ،‬وملا مات احلسن بن احلسن بن‬
‫علي ضربت امرأته ‪-‬وهي فاطمة بنت احلسني بنت عمه‪ -‬القبة‬
‫على قربه سنة‪ ،‬ذكره البخاري معلقاً بصيغة اجلزم‪ ،‬ويف "مصنف‬
‫ابن أيب شيبة"‪" :‬ضرب عمر على قرب زينب بنت جحش‬
‫فسطاطاً"‪ ،‬وبىن ابن احلنفية على قرب ابن عباس بناءً ثالثة أايم‪،‬‬
‫وأوصى أبو هريرة‪ ،‬وأبو سعيد‪ ،‬وسعيد بن املسيب‪ ،‬أن ال يُبىن‬
‫على قبورهم فسطاط –والفسطاط اخليمة‪ ،‬أو اخلباء‪ -‬وكلها يف‬
‫"املصنف"‪ ،‬قال ابن حبيب املالكي –كما يف "النوادر‬
‫والزايدات"‪" :-‬ومن كرهه فإمنا كرهه من جهة النفخة والسمعة"‪،‬‬
‫واملقصود ابلنهي عن البناء على القبور البناء على القرب نفسه أبن‬
‫يوضع عليه احلجارة أو اللنب ويُرفع‪ ،‬وال يشمل البناء حوله كقبة‬
‫–إال إذا قصد به املباهاة‪ -‬وال البناء للفصل بني القبور‪ ،‬وهو‬
‫"التحويز"‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫ومن البدع املخالفة للسنة إخفاء قبور األنبياء والصاحلني‬


‫وطمسها‪ ،‬ويف قرب موسى قال الرسول صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫"وهللا لو أين عنده ألريتكم قربه إىل جانب الطريق عند الكثيب‬
‫األمحر" وما زال العلماء واملؤرخون يصفون قبور األولياء‬
‫والصاحلني ويعينون أماكنها من غري نكري‪ ،‬وجرى عمل املسلمني‬
‫على بناء القباب عليها لتُعرف‪ ،‬ونص على جوازه فقهاء احلنفية‪،‬‬
‫واملالكية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬واحلنابلة‪ ،‬يف األمالك اخلاصة‪ ،‬وبعضهم يف‬
‫املسبلة أيضاً‪ ،‬وجرى العمل على الكتابة على القبور تعريفاً هبا‪،‬‬
‫وهو مذهب احلنفية‪ ،‬وقال احلاكم يف حديث النهي‪" :‬ليس‬
‫العمل عليها فإن أئمة املسلمني من املشرق إىل املغرب مكتوب‬
‫على قبورهم وهو عمل أخذ به اخللف عن السلف"‪ ،‬واتفقت‬
‫املذاهب األربعة على استحباب وضع عالمة على القرب‪ ،‬وإمنا‬
‫أخفى الصحابة قرب النيب دانيا لئال يُنبش‪.‬‬

‫والطواف حول القبور بدعة اتفق األئمة على النهي عنها‪ ،‬وهو‬
‫مكروه اجلمهور‪ ،‬حرام عند احلنابلة‪ ،‬والقول إنه شرك بدعة أشنع‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪26‬‬

‫منها‪ ،‬ففي "الدر الثمني واملورد املعني" –من كتب املالكية‪: -‬‬
‫"وليحذر الزائر مما يفعله بعض اجلهلة من الطواف ابلقرب الشريف‬
‫على ساكنه أفضل الصالة وأزكى السالم"‪ ،‬ويف "اجملموع"‬
‫و"عمدة السالك‪" :‬وال جيوز الطواف بقربه صلى هللا عليه‬
‫وسلم"‪ ،‬ويف "حاشية قليويب" – من كتب الشافعية‪" : -‬وليحذر‬
‫من الطواف ابلقرب والصالة داخل احلجرة بقصد تعظيمه أو‬
‫استقباله ابلصالة"‪.‬‬

‫وتقبيل القبور والتمسح هبا مكروه يف األشهر عند املذاهب‬


‫األربعة‪ ،‬ملخالفته األدب‪ ،‬والكراهة عند الفقهاء مقيدة مبا إذا مل‬
‫يقصد التربك –كما قال ابن حجر‪ ،‬والرملي‪ -‬فإن قصده فال‬
‫كراهة‪ ،‬وكذا إن غلبه حال‪ ،‬وأجازه بعض احلنابلة‪ ،‬وبعض‬
‫فقهاء أهل احلديث –كالذهيب‪ ،‬والعالئي‪ ،‬والعراقي‪ -‬وثبت عن‬
‫أمحد –كما قال الذهيب‪ -‬أنه سئل عن تقبيل منرب النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وتقبيل قربه‪ ،‬فلم َير به أبساً‪ ،‬ويف "فتح الباري"‪:‬‬
‫"عن ابن أيب الصيف اليماين أحد علماء مكة من الشافعية جواز‬
‫‪27‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫تقبيل املصحف‪ ،‬وأجزاء احلديث‪ ،‬وقبور الصاحلني"‪ ،‬وقال احملب‬


‫الطربي‪" :‬إن عليه عمل العلماء والصاحلني"‪ ،‬واستحب إبراهيم‬
‫احلريب تقبيل حجرة النيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وعند أمحد‬
‫واحلاكم عن داود بن أيب صاحل‪ ،‬قال‪ :‬أقبل مروان يوماً فوجد‬
‫رجالً واضعاً وجهه على القرب‪ ،‬فقال‪ :‬أتدري ما تصنع؟ فأقبل‬
‫عليه فإذا هو أبو أيوب‪ ،‬فقال‪ :‬نعم‪ ،‬جئت رسول هللا صلى هللا‬
‫آت احلجر‪ ،‬مسعت رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫عليه وسلم ومل ِ‬
‫وسلم يقول‪" :‬ال تبكوا على الدين إذا وليه أهله‪ ،‬ولكن ابكوا‬
‫عليه إذا وليه غري أهله"‪ ،‬قال احلاكم‪" :‬هذا حديث صحيح‬
‫اإلسناد‪ ،‬ومل خيرجاه"‪ ،‬وصححه الذهيب يف "تلخيصه"‪،‬‬
‫والسيوطي يف "اجلامع الصغري"‪ ،‬وقال املناوي يف "فيض القدير"‪:‬‬
‫مرغ وجهه على‬ ‫"إسناده حسن"‪ ،‬وعن بالل رضي هللا عنه أنه َّ‬
‫القرب الشريف‪ ،‬كما يف "اتريخ دمشق" البن عساكر‪ ،‬وصححه‬
‫السبكي يف "شفاء السقام"‪ ،‬وقال الشوكاين يف "نيل األوطار"‪:‬‬
‫"سند جيد"‪.‬‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪28‬‬

‫وتعليق التمام واحلروز –سواء على الرقبة أو ُش ِدت يف العضد‪-‬‬


‫إن كانت من القرآن‪ ،‬أو األذكار‪ ،‬واألدعية ابلعربية‪ ،‬استحبه‬
‫عامة الفقهاء‪ ،‬إذا ِصينت‪ ،‬بعد نزول املرض إمجاعاً‪ ،‬وقبله عند‬
‫اجلمهور‪ ،‬ويف "حاشية ابن عابدين"‪" :‬وعلى اجلواز عمل الناس‬
‫وسئل مالك‪ :‬يعلق يف أعناق النساء من القرآن وهن‬ ‫اليوم"‪ُ ،‬‬
‫ُحيَّض‪ ،‬فقال‪" :‬ليس بذلك أبس إذا ُجعل يف كِ ٍن‪ ،‬يف قصبة‬
‫حديد‪ ،‬أو جلد‪ ،‬خيرز عليه‪ ،‬وكذلك الصبيان‪ ،‬فال أرى بذلك‬
‫أبساً"‪ ،‬ويف "القوانني الفقهية" البن جزي‪" :‬جيوز تعليق التمائم‪،‬‬
‫وهي العوذة اليت تُعلَّق على املريض‪ ،‬والصبيان‪ ،‬وفيها القرآن‪،‬‬
‫وذكر هللا تعاىل‪ ،‬إذا ُخرز عليها جلد‪ ،‬وال خري يف ربطها‬
‫ابخليوط‪ ،‬هكذا نقل القرايف‪ ،‬وجيوز تعليقها على املريض‪،‬‬
‫والصحيح ‪-‬خوفاً من املرض‪ ،‬والعني‪ -‬عند اجلمهور‪ ،‬وقال قوم‬
‫ال يعلقها الصحيح"‪ ،‬وقال ابن الصالح‪" :‬جيوز تعليق احلروز‬
‫وجيعل هلا حجاب كثيف‪ ،‬من مشع‪،‬‬ ‫للصغار‪ ،‬وتُعلَّق يف أعناقهم‪ُ ،‬‬
‫وجلد"‪ ،‬وكره بعضهم التعاويذ للمحدث‪ ،‬فقال النووي يف‬
‫"اجملموع"‪" :‬املختار أنه ال يكره‪ ،‬إذا ُجعل عليه مشع‪ ،‬أو حنوه‪،‬‬
‫‪29‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫ألنه مل يرد فيه هني"‪ ،‬وسئل أمحد عن التمائم تعلق بعد نزول‬
‫البالء‪ ،‬فقال‪" :‬أرجو أن ال يكون به أبس"‪ ،‬قال اخلالل‪ :‬وحدثنا‬
‫عبد هللا بن أمحد‪ ،‬قال‪" :‬رأيت أيب يكتب التعويذ للذي يفزع‪،‬‬
‫وللحمى بعد وقوع البالء"‪ ،‬وقال أبو داود‪" :‬رأيت على اب ٍن أليب‬
‫عبد هللا ‪-‬وهو صغري‪ُ -‬تيمة يف رقبته يف أدي"‪ ،‬قال اخلالل‪" :‬قد‬
‫كتب هو من احلمى بعد نزول البالء‪ ،‬والكراهة من تعليق ذلك‬
‫قبل وقوع البالء‪ ،‬وهو الذي عليه العمل"‪ ،‬قال ابن مفلح‪:‬‬
‫"وتُباح قالدة فيها قرآن‪ ،‬أو ذكر غريه‪ ،‬وتعليق ما مها فيه‪ ،‬نص‬
‫عليه‪ ،‬وكذا التعاويذ"‪ ،‬أخرج البيهقي عن سعيد بن املسيب أنه‬
‫كان أيمر بتعليق القرآن وقال‪" :‬ال أبس به"‪ ،‬ويف "زاد املعاد"‪:‬‬
‫"ورخص أبو جعفر حممد بن علي يف التعويذ يعلق على‬
‫الصبيان"‪ ،‬وكان ابن سريين –كما يف تفسري القرطيب‪ -‬ال يرى‬
‫أبساً ابلشيء من القرآن يعلقه اإلنسان‪ ،‬كبرياً أو صغرياً‪ ،‬قال‬
‫األلوسي‪" :‬وهو الذي عليه الناس‪ ،‬قدمياً‪ ،‬وحديثاً‪ ،‬يف سائر‬
‫األعصار"‪ ،‬وأخرج البيهقي عن سعيد بن جبري أنه كان يكتب‬
‫البنه املعاذة‪ .‬قال‪ :‬وسألت عطاء فقال‪" :‬ما كنا نكرهها إال شيئاً‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪30‬‬

‫جاءان من قِبَلِكم"‪ ،‬وحديثا "إن الرقى والتمائم والتولة شرك"‬


‫عل ُتيمة فال أمت هللا له" املقصود به رقى وُتائم اجلاهلية‪،‬‬
‫و"من َّ‬
‫أو اعتقد أهنا تؤثر بطبعها‪.‬‬

‫واالستشفاء ابلقرآن من أي داء على أي وجه‪ ،‬حق‪ ،‬ومنه‬


‫كتابته يف حنو إانء وغسله وشرب غسالته‪ ،‬أجازه طائفة من‬
‫السلف‪ ،‬وهو مذهب الشافعية‪ ،‬واحلنابلة‪ ،‬ويف "املصنف" البن‬
‫أيب شيبة‪" :‬كتب أو قالبة كتاابً من القرآن‪ ،‬مث غسله مباء‪،‬‬
‫وسقاه رجالً به جنون"‪ ،‬وكان حممد الباقر يقول‪" :‬من وجد يف‬
‫قلبه قسوة فليكتب (يس) يف جاء مباء ورد وزعفران‪ ،‬مث يشربه"‪،‬‬
‫قال ابن احلاج املالكي‪" :‬ما زال األشياخ األكابر ‪-‬رمحة هللا‬
‫عليهم‪ -‬يكتبون اآلايت من القرآن‪ ،‬واألدعية‪ ،‬فيسقوهنا‬
‫ملرضاهم‪ ،‬وجيدون العافية عليها"‪ ،‬وسئل عنه أمحد فأجازه‪ ،‬وفعله‬
‫لولده صاحل‪ ،‬ولنفسه‪ ،‬وكره االغتسال به‪ ،‬ونقل عنه فعله‪،‬‬
‫فيحمل على اختالف احلالني‪ ،‬والقرآن أخرب أنه شفاء‪ ،‬وتركت‬
‫طريقة االستشفاء به للتجربة‪ ،‬أو ما يفاض على قلوب أهل هللا‪،‬‬
‫‪31‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫ونقل عن األئمة كتابته للحامل إذا تعسرت والدهتا‪ ،‬وحلفظ املال‬


‫واألهل‪ ،‬وحلفظ النفس يف السفر‪ ،‬وعالج األوجاع‪ ،‬وصرف‬
‫أبصار األعداء‪ ،‬والتحصن منهم‪ ،‬وعالج الرمد‪ ،‬والرعاف‪،‬‬
‫واستعادة قوة البصر‪.‬‬

‫والذبح لغري هللا فيه تفصيل‪ ،‬فإذا ذُكر على الذبيحة غري هللا‪،‬‬
‫فقد رأى طائفة من العلماء أهنا ال تُؤكل‪ ،‬وقالت طائفة ‪-‬منهم‬
‫مجاعة من الصحابة‪ -‬حيل أكلها‪ ،‬وإذا توجه الكتايب ابلذبيحة‬
‫لغري هللا‪ ،‬حرمت عند الشافعية‪ ،‬وحلت مع الكراهة عند مالك‪،‬‬
‫وهو الصحيح عند احلنابلة‪ ،‬ونص عليه أمحد‪ ،‬ومن ذبح لغري هللا‬
‫من حيوان أو مجاد‪ ،‬كالصنم‪ ،‬على وجه التعظيم‪ ،‬والعبادة‪ ،‬مل حتل‬
‫ذبيحته‪ ،‬وكان فعله كفراً‪ ،‬وإذا ذبح لغريه ال على هذا الوجه‪ ،‬أبن‬
‫ضحى أو ذبح للكعبة‪ ،‬تعظيماً هلا‪ ،‬ألهنا بيت هللا‪ ،‬أو الرسول‬
‫ألنه رسول هللا‪ ،‬فهذا ال جيوز أن مينع حل ذبيحته‪ ،‬فلو قال‬
‫الذابح "بسم هللا‪ ،‬وابسم حممد" وأراد أذبح بسم هللا‪ ،‬وأتربك ابسم‬
‫حممد‪ ،‬فينبغي أن ال حيرم‪ ،‬كما يف "الروضة"‪ ،‬وعند املالكية‪" :‬من‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪32‬‬

‫نذر ذبيحة لويل‪ ،‬وجب عليه ذحبها‪ ،‬والتصدق هبا عند قربه على‬
‫الفقراء‪ ،‬هذا إذا قصد ثواهبا لذلك الويل‪ ،‬وإن مساها له قاصداً‬
‫التوسعة على نفسه وعياله‪ ،‬فال يلزمه شيء"‪.‬‬

‫واألمساء املعبدة لغري هللا –كعبد الكعبة‪ ،‬وعبد النيب‪ ،‬وعبد‬


‫احلسني وحنوها‪ ،‬حكى ابن حزم اإلمجاع على حترميها عدا عبد‬
‫املطلب‪ ،‬واملعتمد عند ابن حجر حتري "عبد النيب"‪ ،‬واألوجه عند‬
‫الرملي واخلطيب جوازه‪.‬‬

‫واحللف بغري هللا يف حكمه أربعة أقوال‪ :‬األول‪ :‬الكراهة‪ ،‬وهو‬


‫قول املالكية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬وجزم طائفة من احلنابلة أنه املذهب‪ ،‬ما‬
‫مل يقصد تعظيمه كتعظيم هللا‪ ،‬وعليه ُمحل حديث "من حلف‬
‫بغري هللا فقد أشرك"‪ ،‬وإذا جرى على اللسان من غري قصد‬
‫احللف فال كراهة‪ ،‬والثاين ‪ :‬حيرم‪ ،‬ومذهب احلنابلة‪ ،‬والثالث‪:‬‬
‫اجلواز‪ ،‬كما حكاه ابن قدامه‪ ،‬ومل ِ‬
‫يسم قائله‪ ،‬والرابع‪:‬‬
‫االستحباب‪ ،‬واملنهي عنه خصوص أميان اجلاهلية‪ ،‬قال ابن‬
‫املنذر‪" :‬مال إىل هذا القول غري واحد ممن لقيناه"‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫وأمساء هللا على ثالثة أقسام‪ :‬األول خمتص ابهلل ال جيوز إطالقه‬
‫على غريه‪ ،‬كـ"هللا"‪ ،‬و"الرمحن"‪ ،‬و"اخلالق"‪ ،‬و"الرازق" تنعقد به‬
‫اليمني ولو نوى هبا غريه‪ ،‬والثاين‪ :‬يطلق عليه وعلى غريه‪،‬‬
‫واألغلب إطالقها عليه‪ ،‬وال تطلق على غريه إال بقيد‪ ،‬كـ"اجلبار"‪،‬‬
‫و"احلق"‪ ،‬و"الرب"‪ ،‬و"املتكرب"‪ ،‬و"القاهر"‪ ،‬و"القادر"‪ ،‬وتنعقد‬
‫هبا اليمني‪ ،‬ما مل ينو غريه‪ ،‬والثالث‪ :‬يطلق عليه على غريه‬
‫ابلسواء‪ ،‬كـ"احلي"‪ ،‬و"الغين"‪ ،‬و"الكري"‪ ،‬و"السميع"‪،‬‬
‫و"البصري"‪ ،‬و"العليم"‪ ،‬و"احلكيم"‪ ،‬فإن نوى غريه أو أطلق فليس‬
‫بيمني‪ ،‬وإن نواه فقوالن‪ ،‬املعتمد عند الشافعية أنه ميني‪.‬‬

‫والنذر التزام قربة مل تتعني‪ ،‬والقول "إن النذر لغري هللا شرك"‬
‫بدعة‪ ،‬ويقع عند أصحابنا الشافعية وغريهم على صور‪ :‬فإن نذر‬
‫لغري هللا مبعىن التوجه ابلقلب والتقرب إىل املخلوق‪ ،‬معتقداً فيه‬
‫التصرف‪َ ،‬ك َفر‪ ،‬وإن نذر حنو قراءة لويل‪ ،‬مبعىن جعل ثواب النذر‬
‫له‪ ،‬فهو من إهداء الثواب‪ ،‬وإن نذر عيناً ملصاحل القرب فهو قربة‪،‬‬
‫وصرف فيها‪ ،‬وإن نذر خلدمة الزائرين حنو التنوير هلم‪ ،‬فهو قربة‪،‬‬
‫ُ‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪34‬‬

‫وإن نذر ماالً‪ ،‬أو حنو طعام للزائرين‪ ،‬أو مريدي الويل‪ ،‬واملنتسبني‬
‫إليه‪ ،‬فهو كذلك‪ ،‬ويُصرف هلم‪ ،‬وإن نذر اإلهداء لراتج الكعبة‪،‬‬
‫لزم صرفه يف كسوهتا‪ ،‬وإن قصد صرفه يف طيبها‪ ،‬أو غري ذلك مما‬
‫صرف إليه‪ ،‬وإن نذر عيناً للنيب صلى هللا عليه‬ ‫يصح نذره‪ُ ،‬‬
‫وسلم‪ ،‬أو للشيخ عبد القادر اجليالين‪ُ ،‬حيمل حيث يُعرف قصد‬
‫الناذر‪ ،‬على ما اطرد به العرف‪ ،‬وإن قصد به اإليقاد على القرب‪،‬‬
‫ولو مع قصد التنوير‪ ،‬فال‪ ،‬وإن نذر عيناً ونوى ُتليك صاحب‬
‫القرب‪ ،‬فهو ابطل‪ ،‬قال األحناف‪" :‬وإن قال‪ :‬اي هللا‪ ،‬إين نذرت‬
‫لك إن شفيت مريضي‪ ،‬أو رددت غائيب‪ ،‬أو قضيت حاجيت‪ ،‬أن‬
‫أطعم الفقراء الذين بباب السيدة نفيسة‪ ،‬أو الفقراء الذين بباب‬
‫صراً ملساجدهم‪،‬‬‫اإلمام الشافعي‪ ،‬أو اإلمام الليث‪ ،‬أو أشرتي ُح ُ‬
‫أو زيتاً لوقودها‪ ،‬أو دراهم ملن يقوم بشعائرها‪ ،‬إىل غري ذلك مما‬
‫يكون فيه نفع للفقراء والنذر هلل عز وجل فال أبس به"‪ ،‬وقد كان‬
‫يف بغداد قرب مشهور ابسم "قرب النذور"‪ ،‬أو "مشهد النذور"‪،‬‬
‫كان العلماء واخللفاء والعوام ينذرون له‪ ،‬فتُقضى هلم احلوائج‪،‬‬
‫واألصل يف النذر للمكان حديث اثبت بن الضحاك –عند أيب‬
‫‪35‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫داود‪ -‬قال‪ :‬نذر رجل على عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫أن ينحر إبالً بِبُـ َوانة‪ ،‬فأتى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫إين نذرت أن أحنر إبالً ببوانة‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪" :‬هل كان فيها وثن من أواثن اجلاهلية يعبد؟" قالوا‪ :‬ال‪،‬‬
‫قال‪" :‬هل كان فيها عيد من أعيادهم؟" قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ِ :‬‬
‫"أوف‬
‫بنذرك‪ ،‬فإنه ال وفاء لنذر يف معصية هللا‪ ،‬وال فيما ال ميلك ابن‬
‫آدم"‪.‬‬

‫والنهي عن التلفظ بكلمة "ما شاء هللا‪ ،‬وشئت" لألدب‪ ،‬كما‬


‫قال العلماء‪ ،‬ويف التنزيل (وما نقموا إال أن أغناهم هللا ورسوله)‪،‬‬
‫وبقوله تعاىل (وإذ تقول للذي أنعم هللا عليه وأنعم عليه)‪ ،‬وحنوه‬
‫"توكلت على هللا‪ ،‬وعليك"‪ ،‬و"أان عند هللا‪ ،‬وعندك"‪( ،‬إمنا‬
‫وليكم هللا ورسوله والذين آمنوا)‪ ،‬ومنها (وهلل العزة ولرسوله‬
‫وللمؤمنني)‪ ،‬ومنها قوله تعاىل (اي أيها النيب حسبك هللا ومن‬
‫اتبعك من املؤمنني)‪ ،‬يف "الصحيحني" عن أنس‪ ،‬عن النيب صلى‬
‫كن فيه وجد حالوة اإلميان‪ :‬أن‬ ‫هللا عليه وسلم قال‪" :‬ثالث من َّ‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪36‬‬

‫يكون هللا ورسوله أحب إليه مما سوامها‪ ،‬وأن حيب املرء ال حيبه‬
‫إال هلل‪ ،‬وأن يكره أن يعود يف الكفر كما يكره أن يُقذف يف‬
‫فشرك يف قوله ‪":‬مما سوامها"‪ ،‬والنهي يف حديث "بئس‬ ‫النار"‪َّ ،‬‬
‫اخلطيب أنت" لكون اخلطب شأهنا البسط واإليضاح وجتنب‬
‫اإلشارات والرموز‪ ،‬ويف سنن أيب داود "من يطع هللا ورسوله فقد‬
‫رشد‪ ،‬ومن يعصهما فإنه ال يضر إال نفسه‪ ،‬وال يضر هللا شيئاً"‪.‬‬

‫والبدعة املذمومة ابتفاق العلماء –كما حكاه أبو شامة‪،‬‬


‫والعالئي‪ -‬خاصة مبا كان خمالفاً لقواعد الكتاب‪ ،‬أو السنة‪ ،‬أو‬
‫اإلمجاع –وهو البدعة الشرعية اليت اشتد نكري السلف عليها‪-‬‬
‫وما كان مردوداً إليها‪ ،‬له أصل يف الشرع‪ ،‬فال يطلقون عليه اسم‬
‫البدعة‪ ،‬وإن كان حمداثً بصورته اخلاصة‪ ،‬وهو داخل يف عموم‬
‫قوله تعاىل (وافعلوا اخلري لعلكم تفلحون)‪ ،‬فمن هنى عن عمل‬
‫أصله مشروع طولب ابلدليل‪ ،‬وحديث‪" :‬وكل بدعة ضاللة"‬
‫خمصوص مبا ليس له أصل خاص‪ ،‬أو عام‪ ،‬ولذا أمجع الصحابة‬
‫على مجع املصحف‪ ،‬وقال عمر يف الرتاويح‪" :‬نعمت البدعة"‪،‬‬
‫‪37‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫وأحدث عثمان األذان الثاين يوم اجلمعة‪ ،‬وقال احلسن يف‬


‫القصص‪" :‬نعمت البدعة"‪ ،‬واستحب مالك قنوت الوتر‪ ،‬وقال‬
‫–كما يف "املدونة"‪" :-‬إنه حلسن وإنه أمر حمدث مل يكن يف‬
‫زمن أيب بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثمان"‪ ،‬واستحب ابن عباس وطوائف‬
‫من الفقهاء التعريف يوم عرفة‪ ،‬وأمجع العلماء على تدوين‬
‫احلديث‪ ،‬وكتابة العلوم‪ ،‬وأتصيل القواعد‪ ،‬ونقط املصحف‪،‬‬
‫وشكله‪ ،‬واستحب الفقهاء التلفظ يف النية‪ ،‬وقراءة الفاحتة عقب‬
‫الصالة‪ ،‬وعند االنصراف من اجملالس‪ ،‬والدعاء للصحابة وأئمة‬
‫املسلمني يف خطبة اجلمعة‪ ،‬والنداء لصالة العيد واالستسقاء‬
‫بـ"الصالة جامعة"‪ ،‬واستحب احلنفية واملالكية التسليم أو التذكري‬
‫بعد األذان –وقد حدث سنة ‪781‬هـ‪ ،-‬وغريها‪.‬‬

‫واالحتفال ابملولد النبوي الشريف‪ ،‬سنَّه املظفر صاحب إربل‬


‫وهو أبو سعيد كوكربي بن علي بن بكتكني بن حممد الرتكماين‪،‬‬
‫املتويف سنة ‪630‬هـ ‪-‬ال الفاطميون‪-‬وهو أحد األمراء األجواد‬
‫األخيار احملبني للعلماء‪ ،‬والصاحلني‪ ،‬فألَّف له احلافظ ابن دحية‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪38‬‬

‫كتاب "التنوير يف مولد البشري النذير"‪ ،‬وكان حيضره العلماء‪،‬‬


‫والفقهاء‪ ،‬والوعاظ‪ ،‬والزهاد‪ ،‬كما نقله عامة املؤرخني‪ ،‬وكان‬
‫احتفاله ابملولد النبوي الشريف يفوق الوصف‪ ،‬حىت قال ابن‬
‫خلكان والذهيب‪" :‬وأما احتفاله ابملولد‪ ،‬فيقصر التعبري عنه"‪،‬‬
‫وجرى عليه عمل املسلمني يف مجيع األمصار واألعصار‪ ،‬كما‬
‫ذكره مراراً ابن تغري يف "النجوم الزاهرة"‪ ،‬ونص على استحبابه‬
‫أبو شامة شيخ النووي يف كتابه "الباعث على إنكار البدع‬
‫واحلوادث"‪ ،‬وأبو عبد هللا بن عباد‪ ،‬وظهري الدين التزمنيت شيخ‬
‫الشافعية يف زمانه مبصر‪ ،‬واإلمام ابن احلاج املالكي‪ ،‬واإلمام‬
‫اجملتهد التقي السبكي‪ ،‬وهو الذي سن فيه القيام‪ ،‬كما يف‬
‫"السرية احللبية"‪ ،‬وابن اجلزري‪ ،‬والسخاوي‪ ،‬كما يف "األجوبة‬
‫املرضية"‪ ،‬وشيخ اإلسالم البلقيين‪ ،‬وأبو عبد هللا ال َكَركي‪ ،‬واحلافظ‬
‫ابن حجر‪ ،‬والسيوطي‪ ،‬كما يف "حسن املقصد"‪ ،‬وعمدة‬
‫الشافعية ابن حجر اهليتمي‪ ،‬كما يف "السري احللبية"‪ ،‬وأبو زرعة‬
‫العراقي‪ ،‬والربهان احلليب الشافعي‪ ،‬والشرواين‪ ،‬وابن شطا البكري‪،‬‬
‫يف "إعانة الطالبني"‪ ،‬وكان ابن خلدون حيضر املولد‪ ،‬وينشد فيه‬
‫‪39‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫القصائد‪ ،‬وكان هذا اليوم يوم بسط وسرور عند أئمة اإلسالم‬
‫تنشرح فيه نفوسهم‪ ،‬وكان هذا معروفاً عنهم لدى العامة‪ ،‬حىت‬
‫إهنم كانوا يقصدوهم يف هذا اليوم للشفاعة‪ ،‬كما أثر عن ابن‬
‫امللقن وغريه‪ ،‬قال السخاوي‪" :‬ما زال أهل اإلسالم يف سائر‬
‫األقطار واملدن العظام حيتفلون يف شهر مولده صلى هللا عليه‬
‫وسلم"‪ ،‬وال يذكر عن عامل معترب أنه أفىت بتحرميه‪ ،‬والذي ذهب‬
‫إليه الفاكهاين إمنا هو الكراهة‪.‬‬

‫ومدح النيب صلى هللا عليه وسلم من أرجى األعمال‪ ،‬وليس يف‬
‫مدحه غلو ما مل يوصف بصفات اإلهلية‪ ،‬وقد أمجع العلماء على‬
‫تلقي الربدة ابلقبول‪ ،‬وقوله‪:‬‬

‫الع ِم ِم‬ ‫ِ‬ ‫اخللق مايل من ألوذُ ِبه سو َاك َ ِ‬ ‫أكرم ِ‬


‫عند ُحلُول احلادث َ‬ ‫َْ‬ ‫اي َ‬
‫يكن يف َم َعادي آخذاً بيدي فضالً وإال فَـ ُق ْل اي زلةَ ال َق َدِم‬
‫إ ْن مل ْ‬
‫املراد به الشفاعة يوم القيامة‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫وضَّرَهتا أي خريي الدنيا واآلخرة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫فإن م ْن ُجود َك الدنيا َ‬
‫اللوح وال َقلَ ِم‬
‫علم ِ‬ ‫ومن علُ ِ‬‫ِ‬
‫ك َ‬ ‫وم َ‬ ‫ْ ُ‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪40‬‬

‫أي علم اللوح والقلم الذي يطلع عليها املخلوق‪.‬‬

‫وختصيص الطاعات اليت أطلقها الشارع بوقت‪ ،‬أو عدد‪ ،‬أو‬


‫مكان‪ ،‬جائز‪ ،‬ما مل يعتقد فضيلة خاصة يف الوقت‪ ،‬أو املكان‬
‫املخصوص‪ ،‬أو َمنَـ َع َها يف غريمها –وهو ملمح من منع‬
‫التخصيص من العلماء‪ -‬واألصل فيه ختصيص النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم يوم السبت لزايرة قباء‪ ،‬قال القاضي عياض‪،‬‬
‫والنووي‪ ،‬وابن‪ ،‬مفلح‪ ،‬واحلافظ ابن حجر‪ ،‬وغريهم‪" :‬فيه جواز‬
‫ختصيص بعض األايم ببعض األعمال الصاحلة"‪ ،‬وأضاف‬
‫النووي‪" :‬فيه جواز ختصيص بعض األايم ابلزايرة‪ ،‬وهذا هو‬
‫الصواب وقول اجلمهور"‪ ،‬وجزئيات العام اليت ُختص بعدد‪ ،‬أو‬
‫وقت‪ ،‬داخلة فيه‪ ،‬قال ابن احلاج‪" :‬املداومة على ما التزمه املرء‬
‫من األوراد الشرعية مأخوذ من نص احلديث الصحيح‪ ،‬وهو قوله‬
‫عليه الصالة والسالم "واعلموا أن أحب العمل إىل هللا أدومه‪،‬‬
‫وإن قل"‪ "...‬وأقر النيب صلى هللا عليه وسلم صحابياً على‬
‫مالزمة قراءة سورة اإلخالص يف كل ركعة‪ ،‬وأمجع الصحابة على‬
‫‪41‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫صالة الرتاويح عشرين ركعة‪ ،‬وكان عثمان خيتم يف ركعة‪ ،‬ومنهم‬


‫من خيتم كل يوم مرة‪ ،‬ومنهم مرتني‪ ،‬ومنهم أكثر‪ ،‬وكان أبو هريرة‬
‫يسبح كل يوم ‪ 12000‬تسبيحة‪ ،‬وكان علي بن احلسني‪ ،‬وعلي‬
‫السجاد‪ ،‬وَك ْه َمس العابد‪ ،‬ومصعب بن اثبت‪ ،‬يصلون كل يوم‬
‫ألف ركعة‪ ،‬وكان بشر بن منصور يصلي ‪ 500‬ركعة‪ ،‬وكان حممد‬
‫الباقر يصلي ‪ 150‬ركعة‪ ،‬وكان أبو حنيفة يصلي قيام الليل‬
‫‪ 300‬ركعة‪ ،‬وكان أبو يوسف القاضي يصلي ‪ 200‬ركعة‪ ،‬وكان‬
‫بشر بن املفضل يصلي ‪ 400‬ركعة‪ ،‬وكان أمحد يصلي ‪300‬‬
‫ركعة‪ ،‬فلما ضعف صلى ‪150‬ركعة‪ ،‬وكان من الصحابة ينشئ‬
‫بعض األذكار وخيصصها بعد الصالة‪ ،‬وكان أنس وطائفة من‬
‫السلف إذا ختموا مجعوا أهاليهم ودعوا‪ ،‬واستحبه أمحد يف‬
‫الصالة‪ ،‬واستحب أن تبتدأ الرتاويح بسورة القلم‪ ،‬وكان الصحابة‬
‫إذا اجتمعوا ال يفرتقون حىت يقرؤوا (والعصر إن اإلنسان لفي‬
‫خسر‪ ،)...‬وكان أهل مكة يطوفون بني كل تروحيتني طوافاً‪،‬‬
‫وقالت أم سلمة –كما رواه ابن أيب شيبة‪" :-‬كانت ال تُزف‬
‫ابملدينة جارية إىل زوجها حىت ُميَّر هبا يف املسجد فتصلي فيه‪،‬‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪42‬‬

‫وحىت ُمي َّر هبا على أزواج الين صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فيدعون هلا"‪،‬‬
‫ويف "األذكار النووية"‪" :‬يستحب صيام يوم اخلتم‪ ،‬إال أن‬
‫يصادف يوماً هنى الشرع عن صيامه"‪ ،‬وفيه‪" :‬قال بعض‬
‫أصحابنا‪ :‬من دخل املسجد فلم يتمكن من صالة حتية املسجد‪،‬‬
‫إما حلدث‪ ،‬أو لشغل‪ ،‬أو حنوه‪ ،‬يستحب أن يقول أربع مرات‪:‬‬
‫سبحان هللا‪ ،‬واحلمد هلل‪ ،‬وال إله إال هللا‪ ،‬وهللا أكرب‪ ،‬فقد قال به‬
‫بعض السلف‪ ،‬وهذا ال أبس به"‪.‬‬

‫والذكر اجلماعي مستحب عند سائر األئمة‪ ،‬إال أن يشوش‬


‫على انئم‪ ،‬أو ٍ‬
‫مصل‪ ،‬أو قارئ قرآن‪ ،‬ويف الصحيحني‪" :‬إن هلل‬
‫مالئكة يطوفون يف الطرق‪ ،‬يلتمسون أهل الذكر‪ ،‬فإذا وجدوا‬
‫قوماً يذكرون هللا تنادوا‪ :‬هلموا إىل حاجتكم " قال‪" :‬فيحفوهنم‬
‫أبجنحتهم إىل السماء الدنيا" قال‪ " :‬فيسأهلم رهبم‪ ،‬وهو أعلم‬
‫منهم‪ ،‬ما يقول عبادي؟ قالوا‪ :‬يقولون‪ :‬يسبحونك‪ ،‬ويكربونك‪،‬‬
‫وحيمدونك‪ ،‬وميجدونك"‪ ،‬ويف "مرقاة املفاتيح"‪" :‬فيه داللة على‬
‫أن لالجتماع على الذكر مزية ومرتبة"‪ ،‬قال احلافظ ابن حجر‪:‬‬
‫‪43‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫"ويف دخول قراءة احلديث النبوي ومدارسة العلم الشرعي‬


‫ومذاكرته واالجتماع على صالة النافلة يف هذه اجملالس نظر‪،‬‬
‫واألشبه اختصاص ذلك مبجالس التسبيح‪ ،‬والتكبري‪ ،‬وحنومها"‪،‬‬
‫ويف "صحيح مسلم" عن أيب سعيد اخلدري‪ ،‬قال‪ :‬خرج معاوية‬
‫على حلقة يف املسجد‪ ،‬فقال‪ :‬ما أجلسكم؟ قالوا‪ :‬جلسنا نذكر‬
‫هللا‪ ،‬قال آهلل ما أجلسكم إال ذاك؟ قالوا‪ :‬وهللا ما أجلسنا إال‬
‫ذاك‪ ،‬قال‪ :‬أما إين مل أستحلفكم هتمة لكم‪ ،‬وما كان أحد مبنزليت‬
‫من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أقل عنه حديثاً مين‪ ،‬وإن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه‪،‬‬
‫فقال‪" :‬ما أجلسكم؟" قالوا‪ :‬جلسنا نذكر هللا وحنمده على ما‬
‫هداان لإلسالم‪ ،‬ومن به علينا‪ ،‬قال‪" :‬آهلل ما أجلسكم إال ذاك؟"‬
‫"أما إين مل أستحلفكم هتمةً‬
‫قالوا‪ :‬وهللا ما أجلسنا إال ذاك‪ ،‬قال‪َ :‬‬
‫لكم‪ ،‬ولكنه أاتين جربيل فأخربين‪ ،‬أن هللا عز وجل يباهي بكم‬
‫املالئكة"‪ ،‬وقد بوب عليه القاضي عياض‪" :‬ابب فضل االجتماع‬
‫على تالوة القرآن وعلى الذكر"‪ ،‬ويف املستدرك عن حبيب بن‬
‫مسلمة الفهري‪ ،‬مرفوعاً‪" :‬ال جيتمع مأل فيدعو بعضهم‪ ،‬ويؤمن‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪44‬‬

‫البعض‪ ،‬إال أجاهبم هللا"‪ ،‬وأفىت عبد الغين النابلسي احلنفي‬


‫بتكفري من يعيب جمالس الصوفية‪ ،‬وأفىت بذلك أيضاً العماد‬
‫احلنبلي‪ ،‬ومن املتأخرين خالئق‪ ،‬منهم الشيخ حممد آل انصر‬
‫املغريب احلسين‪ ،‬والسيد اإلمام املفيت حممد بن أمحد بن عبد‬
‫الباري األهدل‪ ،‬والشيخ إمساعيل السنجيدي الشافعي‪ ،‬والشيخ‬
‫عثمان الفتوحي احلنبلي‪ ،‬وصاحب "السرية الشامية"‪ ،‬واإلمام نور‬
‫الدين احلليب األمحدي‪ ،‬صاحب "السرية احللبية"‪ ،‬والشيخ اجلليل‬
‫حسني بن علي الطوري احلنفي‪ ،‬والشيخ الكبري ويل هللا البيتييت‬
‫احلنفي‪ ،‬والشيخ إبراهيم بن أيب الشريف الشافعي‪ ،‬وأفىت سلطان‬
‫العلماء الشيخ عز الدين بن عبد السالم وشيخ اإلسالم البلقيين‬
‫واحلافظ ابن حجر العسقالين بوجوب تعزيز من ينكر على‬
‫الصوفية االجتماع للذكر‪ ،‬وكان الشيخ عز الدين حيضر جمالسهم‬
‫ويرقص متواجداً‪ ،‬وذكر حرب صاحب اإلمام أمحد أنه رأى أهل‬
‫دمشق وأهل محص‪ ،‬وأهل مكة‪ ،‬وأهل البصرة‪ ،‬جيتمعون على‬
‫القرآن بعد صالة الصبح‪ ،‬لكن أهل الشام يقرءون القرآن كلهم‬
‫مجلة من سورة واحدة أبصوات عالية‪ ،‬وأهل مكة وأهل البصرة‬
‫‪45‬‬ ‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬

‫جيتمعون‪ ،‬فيقرأ أحدهم عشر آايت‪ ،‬والناس ينصتون‪ ،‬مث يقرأ‬


‫آخر عشر آايت‪ ،‬حىت يفرغوا‪ .‬قال حرب‪ :‬و"كل ذلك حسن‬
‫مجيل"‪ ،‬وعن مالك كراهة ذلك‪.‬‬

‫وترتيب الفاحتة يف خوامت اجملالس‪ ،‬ودبر الصلوات مستحب‬


‫عند فقهاء الشافعية‪ ،‬ويف "فتاوى الرملي"‪" :‬قراءة الفاحتة عقب‬
‫الدعاء بعد الصوات له أصل يف السنة"‪ ،‬وكرهه بعض املالكية‪،‬‬
‫كان اخلطيب الشربيين إذا زار سيدي عبد الوهاب الشعراين‬
‫يقف ساعة عند الباب وال يدق‪ ،‬فإن فتح له أحد وإال قرأ‬
‫الفاحتة وانصرف‪ ،‬واستحب طوائف من فقهاء احلنفية وغريهم‬
‫قراءهتا دبر الصلوات‪ ،‬وهو داخل يف عمومات الشريعة‪ ،‬مثل‬
‫حديث‪" :‬ما جلس قوم جملساً مل يذكروا هللا تعاىل فيه‪ ،‬ومل يصلوا‬
‫على نبيه صلى هللا عليه وسلم إال تفرقوا على أننت من جيفة‬
‫محار"‪ ،‬وعن عطاء‪" :‬إذا ما أردت حاجة فاقرأ بفاحتة الكتاب‬
‫حىت ختتمها تقضى إن شاء هللا"‪.‬‬
‫المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪46‬‬

‫قال الشافعي‪" :‬كل ما له مستند من الشرع فليس ببدعة‪،‬‬


‫وإن مل يعمل به السلف‪ ،‬ألن تركهم للعمل به قد يكون لعذر قام‬
‫هلم يف الوقت‪ ،‬أو ملا هو أفضل منه‪ ،‬أو لعله لو بلغ مجيعهم عمل‬
‫به‪ ،‬واألحكام مأخوذة من الشارع وقد أثبته"‪ ،‬وترك السلف لقربة‬
‫ما ال يدل على أكثر من جواز الرتك‪.‬‬

‫وهللا تعاىل أعلم ‪ ،‬وصلى هللا وسلم على سيدان حممد‬


‫وعلى آله وأصحابه ‪.‬‬

‫كتبه‪ /‬عادل الشعييب‬


‫املدرس مبعهد دار احلديث لإلرث النبوي برتي‬
‫‪47‬‬ ‫السيرة الذاتية‬

‫السرية الذاتية‬

‫عادل بن عبد اخلالق بن فاضل العدين الشعييب ‪ .‬ولد يف ردفان‬


‫حمافظة حلج اليمن ‪ 4 ،‬أغسطس ‪ 1979‬م ‪ .‬ونشأ يف مدينة‬
‫عدن اليمن ‪.‬‬
‫حصل على إجازة القرآن من رابطة حفاظ القرآن الكري‬
‫املوريتانيني‪ .‬وتلقى معظم العلوم الشرعية يف عدد من البلدان‬
‫(اليمن‪/‬اململكة السعودية‪/‬موريتانيا‪/‬اإلمارات) وعلى عدد كبري من‬
‫املشايخ احملققني ‪ ،‬فقرأ عليهم قراءة حبث وحتقيق علوم اللغة‬
‫(النحو‪ ،‬الصرف‪ ،‬والبالغة‪ ،‬والعروض)‪ ،‬وأصول الفقه‪ ،‬واملنطق‪،‬‬
‫ومصطلح احلديث‪ ،‬وعلم احلديث دراية‪ ،‬والفقه‪ ،‬والتوحيد‪،‬‬
‫والتفسري‪ ،‬والتصوف‪ ،‬والفلك‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫ومحل العديد من اإلجازات العلمية واألسانيد املتصلة أبصحاب‬
‫الصحاح والسنن واملسانيد‪.‬‬
‫السيرة الذاتية‬ ‫‪48‬‬

‫الشيوخ‬
‫‪ .1‬الشيخ العالمة أمحد ِولْد أمحد الشنقيطي رمحه هللا (أصول‬
‫الفقه‪ /‬بالغة)‬
‫‪ .2‬الشيخ العالمة النحوي الزاهد حممد أحيد عمر الشنقيطي‬
‫(حنو‪/‬صرف)‬
‫‪ .3‬الشيخ العالمة الدكتور حممد املختار بن اإلمام حممد األمني‬
‫الشنقيطي (أصول الفقه)‬
‫‪ .4‬العالمة الكبري املريب احلبيب أبو بكر العدين بن علي املشهور‬
‫رمحه هللا (تصوف‪/‬فقه التحوالت)‬
‫‪ .5‬الشيخ العالمة املتكلم العارف املسلك الدكتور عاصم الكيايل‬
‫(تصوف‪/‬توحيد)‬
‫‪ .6‬الشيخ العالمة احملقق العلم العامل حممود سعيد ممدوح‬
‫(حديث)‬
‫‪ .7‬الشيخ العالمة الفقيه أبو بكر بن زين الراقي (فقه)‬
‫‪49‬‬ ‫السيرة الذاتية‬

‫‪ .8‬الشيخ العالمة الدكتور حسن مقبويل األهدل رمحه هللا‬


‫(حديث‪/‬أصول الفقه)‬
‫‪ .9‬الشيخ العالمة الفقيه علي بن سامل بن سعيد ابغيثان‬
‫(فقه‪/‬فرائض ‪/‬حديث‪/‬تصوف‪/‬اتريخ)‬
‫‪ .10‬العالمة املفيت احلبيب علي املشهور بن حممد بن سامل بن‬
‫حفيظ رمحه هللا (فقه‪/‬تصوف‪/‬فلك)‬
‫‪ .11‬اإلمام العامل البحر أمحدو ولد حممدو احلسين الشنقيطي‬
‫رمحه هللا (حنو)‬
‫‪ .12‬الشيخ العالمة الفقيه احملقق حممد بن علي اخلطيب الرتميي‬
‫(فقه)‬
‫‪ .13‬الشيخ العالمة الفقيه حممد ابعوضان الرتميي (فقه)‬
‫‪ .14‬الشيخ العالمة عبد هللا األمني بن أسلم الشنقيطي‬
‫(توحيد‪/‬منطق)‬
‫‪ .15‬الشيخ العالمة املتفنن حممد األمني بن احلافظ أَ ْكتُـ ْو ْش ِين‬
‫الشنقيطي (حنو‪/‬توحيد‪/‬أصول الفقه)‬
‫السيرة الذاتية‬ ‫‪50‬‬

‫‪ .16‬العالمة الفقيه احلبيب أبو بكر بلفقيه الرتميي (فقه)‬


‫‪ .17‬الشيخ خالد بن إبراهيم (فقه‪/‬مصطلح احلديث‪/‬عقيدة‪/‬‬
‫أصول الفقه)‬
‫‪ .18‬الشيخ حممد بن صاحل بن رجب (فقه)‬
‫‪ .19‬الشيخ عوض بن خبيت (توحيد)‬
‫‪ .20‬الشيخ العالمة مصطفى بن مسلم (فرائض)‬
‫‪ .21‬الشيخ عبد الرمحن الزهري رمحه هللا (فرائض)‬
‫‪ .22‬الشيخ العالمة أمحد الطالب الشنقيطي (عروض)‬
‫‪ .23‬الشيخ العالمة املتفنن عبد الرمحن بن عوف كوين (بالغة)‬
‫‪ .24‬الشيخ العالمة األصويل أمحد حممد بن عبد الوهاب‬
‫الشنقيطي (أصول الفقه)‬
‫‪ .25‬الشيخ عبد الرمحنخليفة (فقه‪/‬تفسري‪/‬أصول الفقه‪/‬فرائض)‬
‫‪ .26‬الشيخ املقرئ حممد اجلبايل (قرآن)‬
‫‪ .27‬الشيخ املقرئ عادل الكلباين (قرآن)‬
‫‪ .28‬القاضي العالمة حممد الضيعة الصنعاين الزيدي (عقيدة)‪،‬‬
‫‪51‬‬ ‫السيرة الذاتية‬

‫وغريهم‬

‫املؤلفات‬
‫‪ .1‬فقه التنازالت‪ ..‬إىل أين (جملد كبري)‬
‫‪ .2‬الذريعة إىل معرفة الشريعة‬
‫‪ .3‬وجهاً لوجه من اخلطاب الديين املعاصر‬
‫‪ .4‬ابن تيمية صوفياً‬
‫‪ .5‬الصوفية مبعايري العلم وشواهد التاريخ‬
‫‪ .6‬نذير العباد من خطر اخللط بني الفقه واالعتقاد‬
‫‪ .7‬الطريق إىل أهل السنة‬
‫‪ .8‬الشذوذ الفقهي (جملد كبري)‬
‫‪ .9‬دستور الشعراء‬
‫‪ .10‬ظاهرة الدس يف كتب العلماء‬
‫‪ .11‬تعدد اجلمع يف املصر الواحد دراسة فقهية اترخيية‬
‫مقارنة ابلواقع‬
‫‪ .12‬مقارنة بني عقائد أهل احلديث وعقائد الوهابية‬
‫السيرة الذاتية‬ ‫‪52‬‬

‫إزالة التخوف من سلوك طريق التصوف‬ ‫‪.13‬‬


‫الكوكب الوقاد الكاشف لظالم التجسيم واإلحلاد‬ ‫‪.14‬‬
‫التعرف على موقف العلماء احملققني من التصوف‬ ‫‪.15‬‬
‫املختصر املفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد‬ ‫‪.16‬‬
‫موقف األئمة األربعة من التصوف ‪ ،‬وغريها‬ ‫‪.17‬‬
‫األعمال‬
‫عمل خطيباً‪ ،‬ومدرساً‪ ،‬لدى جامع الشيخ زايد بن سلطان‬ ‫‪.1‬‬
‫يف مدينة عدن‪.‬‬
‫ومدرسا لعلوم احلديث‪ ،‬والتوحيد‪ ،‬والنحو‪ ،‬وأصول الفقه‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫يف عدد من دور احلديث يف اليمن‪.‬‬
‫وابحثا يف مكتب الشيخ عادل الكلباين إمام احلرم املكي‬ ‫‪.3‬‬
‫سابقاً‪ ،‬يف الرايض‪.‬‬
‫ومستشارا شرعياً لدى جمموعة جتارية يف الرايض‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫وكاتب صحفياً يف صحيفة "األوىل" وكاتباً يف جملة "اإلميان"‬ ‫‪.5‬‬
‫يف اليمن‪.‬‬
‫‪53‬‬ ‫السيرة الذاتية‬

‫‪ .6‬ومدرسا للتوحيد والنحو يف رابط اإلمام أمحد بن عيسى‬


‫املهاجر‪ ،‬حبضرموت‪.‬‬
‫‪ .7‬ويعمل حالياً مدرساً للعقيدة واملنطق والبالغة يف دار‬
‫احلديث لإلرث النبوي برتي‪.‬‬
‫‪ .8‬وأقام دورات علمية يف التوحيد‪ ،‬واحلديث‪ ،‬يف عدد من‬
‫البلدان‪ ،‬منها السعودية‪ ،‬ومصر‪ ،‬والسودان‪.‬‬
‫احملتوايت‬
‫بناء املساجد على القبور ‪3 .................................‬‬
‫والصالة يف املقربة ‪4 .......................................‬‬
‫وبناء املساجد جوار قبور الصاحلني ‪5 ........................‬‬
‫وإحياء ليليت العيدين ‪5 .....................................‬‬
‫وليلة النصف من شعبان ‪6 .................................‬‬
‫وأول ليلة من رجب ‪7 .....................................‬‬
‫والتوسل ابألنبياء والصاحلني ‪9 ..............................‬‬
‫والتربك ابلصاحلني ‪10 .....................................‬‬
‫واالستسقاء بقبور الصاحلني ‪13 ............................‬‬
‫واالستغاثة ابألنبياء واألولياء ‪13 ............................‬‬
‫وشد الرحال لزايرة قرب النيب صلى هللا عليه وسلم ‪17 ..........‬‬
‫وتلقني امليت بعد دفنه ‪18 .................................‬‬
‫وإهداء الثواب إىل امليت ‪20 ...............................‬‬
‫القبَاب على القبور ‪22 ...............................‬‬ ‫وبناء ِ‬
‫‪55‬‬ ‫المحتويات‬
‫والطواف حول القبور ‪25 ..................................‬‬
‫وتقبيل القبور والتمسح ‪26 .................................‬‬
‫وتعليق التمام واحلروز ‪28 ..................................‬‬
‫واالستشفاء ابلقرآن‪30 ....................................‬‬
‫والذبح لغري هللا ‪31 .......................................‬‬
‫واألمساء املعبدة لغري هللا ‪32 ................................‬‬
‫واحللف بغري هللا ‪32 .......................................‬‬
‫وأمساء هللا على ثالثة أقسام ‪33 .............................‬‬
‫والنذر التزام قربة مل تتعني ‪33 ...............................‬‬
‫والبدعة املذمومة ‪36 ......................................‬‬
‫واالحتفال ابملولد النبوي الشريف ‪37 .......................‬‬
‫ومدح النيب صلى هللا عليه وسلم ‪39 ........................‬‬
‫وختصيص الطاعات اليت أطلقها الشارع بوقت‪ ،‬أو عدد‪ ،‬أو ‪40‬‬
‫والذكر اجلماعي ‪42 .......................................‬‬
‫وترتيب الفاحتة يف خوامت اجملالس ودبر الصلوات ‪45 ...........‬‬
‫اإلجازة‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫تق به‬
‫الحمد هلل الذي أكرمنا بنعمة اإلسناد المتصل ‪ ،‬وجعله سلما نر ي‬
‫إىل سيد الرسل ‪ ،‬والصالة والسالم عىل سيدنا محمد القائل ‪(( :‬بلغوا‬
‫عن ولو آية)) ‪ ،‬وعىل آله وصحبه الذين حملوا راية دينه وقاموا‬ ‫ي‬
‫بتبليغه‪.‬‬
‫من األخ ‪.................................................... /‬‬
‫وبعد ‪ ،‬فقد طلب ي‬
‫لك ندخل يف‬ ‫اإلجازة المتعارف عليها بي طلبة العلم وعلماء األمة ‪ ،‬ي‬
‫سلك أولئك الرجال تشبها بهم ‪ ،‬مع قلة البضاعة ‪ ،‬فأقول لقد أجزت‬
‫المذكور فيما حواه هذان الكتاب والمنظومة ‪ ،‬وبما تصح يىل روايته وكل‬
‫المعتب ‪.‬‬
‫ر‬ ‫بشطه‬ ‫ما يقرب إىل هللا تعاىل ‪ ،‬إجازة عامة شاملة ‪ ،‬ر‬

‫ونش سنة نبيه صىل هللا‬ ‫وهللا أسأل أن يوفقن وإياهم لخدمة دينه ‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫نفس وإياهم بتقوى هللا يف الش والعلن ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وأوص‬
‫ي‬ ‫عليه وآله وسلم ‪،‬‬
‫والجد واالجتهاد يف طلب العلم والعمل به ‪ ،‬والدعوة إىل هللا ‪ ،‬وهللا‬
‫ومشايخ بصالح‬
‫ي‬ ‫يذكرون ووالدي‬
‫ي‬ ‫وىل المتقي ‪ ،‬راجيا منهم أن‬
‫ي‬
‫دعواتهم ‪ ،‬وآخر دعواهم أن الحمد هلل رب العالمي وصىل هللا عىل‬
‫سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬

‫يف تاري خ ‪ 144 /....... /.......‬ـه الموافق ‪ 202.../....../.....‬م‬

‫الشعين‬
‫ري‬ ‫العدن‬
‫ي‬ ‫كتبه الفقب إىل هللا ‪ /‬عادل بن عبد الخالق بن فاضل‬

You might also like