Professional Documents
Culture Documents
المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد
المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد
أتليف
الشيخ عادل بن عبد اخلالق بن فاضل العدين الشعييب
املدرس مبعهد دار احلديث لإلرث النبوي برتي
الطبعة األوىل
مجادى الثانية 1444هـ
يناير 2023
3 المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد
احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على خري املرسلني وعلى
آله وأصحابه أمجعني.
وبعد ،فهذا خمتصر مفيد ،حمضته للمسائل اليت استند إليها أهل
الغلو يف تكفري عموم املسلمني ،مسيته "املختصر املفيد فيما
التبس على أدعياء التوحيد" ،فأقول:
كان القرب بني يدي املصلي ،ونقله عن الصحابة عامة ،وما ورد
من النهي منسوخ ومدفوع عندهم حبديث" :جعلت يل األرض
مسجداً وطهوراً" ،مكروهة عند الشافعية إال إذا قصد التربك
والتعظيم فيحرم ،واستثنت احلنفية من الكراهة قبور األنبياء إذا مل
يكن القرب يف القبلة ،ونص فقهاء احلنفية على أنه ال أبس
ابلصالة يف املقربة إذا كان فيها موضع أُعد للصالة وليس فيه
قرب ،وإذا كان يف موض ٍع قربٌ أو قربان مل ُُتنع الصالة فيه عند
احلنابلة ،إذ ال يتناوله اسم املقربة ،وكانت عائشة تصلي يف
احلجرة الشريفة حيث يرقد صلى هللا عليه وسلم هو وصاحباه،
وكان الناس إذا ضاق هبم املسجد يدخلون يف حجر أزواجه
صلى هللا عليه وسلم يصلون اجلمعة ،كما أخرجه ابن شبة يف
"اتريخ املدينة" عن مالك.
أحىي ليليت العيد أحىي هللا قلبه يوم ُتوت القلوب" رواه ابن
ماجه ،وله شواهد يف "البدر املنري" البن امللقن ،وهو منقول عن
السلف وكانوا يتواصون به ،وكان ابن عمر يقومها كلها ،واتفقت
عليه املذاهب األربعة والعلماء يف مجيع األمصار ،قال الشافعي
يف "األم"" :وبلغنا أنه كان يقال :إن الدعاء يُستجاب يف مخس
ٍ
ليال ،يف ليلة اجلمعة ،وليلة األضحى ،وليلة الفطر ،وأول ليلة يف
رجب ،وليلة النصف من شعبان" ،ومثله عند عبد الرزاق عن
عمر بن عبد العزيز ،وقال الشافعي" :أخربان إبراهيم بن حممد
قال :رأيت مشيخة من خيار أهل املدينة يظهرون على مسجد
النيب صلى هللا عليه وسلم ليلة العيد ،فيدعون ،ويذكرون هللا،
حىت ُتضي ساعة من الليل ،وبلغنا أن ابن عمر كان حييي ليلة
مجع ،وليلة مجع هي ليلة العيد ،ألن صبيحتها النحر" ،قال
الشافعي" :وأان أستحب كل ما حكيت يف هذه الليايل ،من غري
أن يكون فرضاً"
وليلة النصف من شعبان وهي أفضل ليلة بعد ليلة القدر ،ملا يف
7 المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد
املسند عن ابن عمرو" :يطَّلِع هللا عز وجل إىل خلقه ليلة النصف
من شعبان فيغفر لعباده إال الثنني ،مشاحن ،وقاتل نفس" ،وعن
عائشة" :إن هللا عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إىل
السماء الدنيا ،فيغفر ألكثر من عدد شعر غنم كلب" ،وروى
أحاديثها طوائف من الصحابة منهم أبو بكر الصديق ،وعلي
بن أيب طالب ،وأبو هريرة ،وأبو موسى األشعري ،ومعاذ بن
جبل ،وعثمان بن أيب العاص ،وأبو ثعلبة اخلشين ،واستحب
أكثر العلماء إحياءها ،وعليه عمل املسلمني ،قال عمر بن عبد
العزيز" :عليك أبربع ٍ
ليال يف السنة ،فإن هللا تعاىل يُفرغ فيهن
الرمحة إفراغة ،أول ليلة من رجب ،وليلة النصف من شعبان،
وليلة الفطر ،وليلة النحر" ،وكان مجاعة من عباد السلف يلبسون
فيها أحسن ثياهبم ويتبخرون ويكتحلون ،ونُقل عن مالك وأكثر
احلجازيني إنكار فضلها.
وجوههم أبيديهم ،وقال معمر" :مل أر أحداً يستلم إال وهو يقبل
يده".
صلب زيد بن علي كان العباد أيوون إىل قبلهم يفعله" ،وعندما ُ
خشبته ابلليل يتعبدون عندها ،وقل من قصده حلاجة فدعا عند
موضع اخلشبة إال استُجيب له ،كما قال ابن حبان ،وعن قرب
الشافعي قال ابن اجلزري" :الدعاء عنده مستجاب" ،وقال
إبراهيم احلريب" :قرب معروف الرتايق اجملرب" ،،وعن قرب نصر
املقدسي قال النووي" :مسعنا الشيوخ يقولون :الدعاء عند قربه
يوم السبت مستجاب" ،وقال السبكي عن ابن الصالح:
"الدعاء عند قربه مستجاب" ،ونص الذهيب على أن الدعاء
مستجاب عند قرب السيدة نفيسة ،وعند قبور األنبياء واألولياء
عموماً ،ويف "اتريخ بغداد" ابب خاص يف بيان قبور الصاحلني
اليت يُستجاب عندها الدعاء ببغداد ،ويف "بغية الطلب" البن
العدي "ابب يف ذكر ما حبلب وأعماهلا من املزارات وقبور األنبياء
واألولياء واملواطن الشريفة اليت هبا مظان إجابة الدعاء" ،وال
مدخل هنا للنهي عن اختاذ القبور مساجد ،ومل يصح عن أحد
إنكاره ،وهو داخل يف عموم أدلة استحباب الدعاء ،وموضع
قربه صلى هللا عليه وسلم أفضل بقاع األرض إمجاعاً.
17 المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد
وشد الرحال لزايرة قرب النيب صلى هللا عليه وسلم من أجل
الطاعات إمجاعاً ،كما حكاه التقي السبكي -ويقرب عند فقهاء
احلنفية من الوجوب -ويشملها عموم األدلة املتواترة يف
استحباب زايرة القبور ،قوله تعاىل (ولو أهنم إذ ظلموا أنفسهم
جاؤوا فاستغفروا هللا واستغفر هلم الرسول لوجدوا هللا تواابً رحيما)
و"إذ" ظرف ملا يستقبل من الزمان ،كقوله تعاىل (ولو ترى إذ
الظاملون يف غمرات املوت) (إذ األغالل يف أعناقهم) ،وأحاديث
الزايرة كثرية ،أثبتها األئمة ،كابن السكن ،والسبكي ،والسيوطي،
منها" :من زار قربي وجبت له شفاعيت" ،ويف "فيض الباري"
للكشمريي" :آالف األلوف من السلف كانوا يشدون الرحال
لزايرة النيب صلى هللا عليه وسلم" ،واستبشع األئمة شذوذ ابن
تيمية ،وال يصح اخلالف عن القاضي حسني وأيب حممد اجلويين
من الشافعية ،وال عن القاضي عياض من املالكية ،وال عن ابن
بطة من احلنابلة ،لكن نقله ابن قدامة عن ابن عقيل ،وحديث
"ال تشد الرحال إال إىل ثالثة مساجد" معناه –عند العلماء
كافة -ال تشد الرحال ملسجد إال هذه الثالثة ،ويف رواية شهر
المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد 18
بن حوشب –وهو حسن احلديث -عند أمحد" :ال تشد الرحال
إىل مسجد إال إىل ثالثة مساجد" ،ولذا قال الفريوآابدي فيمن
جعله دليالً على حتري الزايرة" :فيه برهان قاطع على غباوة
قائله" ،ومحله العلماء على النذر ،وال يتوجه لشد الرحال لقبور
الصاحلني للتربك –كما قال ابن بطال -ويف "شرح مسلم"
للنووي" :والصحيح عند أصحابنا وهو الذي اختاره إمام احلرمني
واحملققون أنه ال حيرم ،وال يكره" ،ويف "املغين" البن قدامة:
"الصحيح إابحته ،وجواز القصر فيه" واستدل أبن رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم أييت قباء كل سبت ماشياً وراكباً ،ويف
"اتريخ املدينة" البن شبة –إبسناد صحيح ،كما قال احلافظ يف
"الفتح" -عن سعد بن أيب وقاص" :لو يعلمون ما يف قباء
لضربوا إليه األكباد" ،ويف مصنفي عبد الرزاق وابن أيب شيبة حنوه
عن عمر.
وإهداء الثواب إىل امليت يصح عند أيب حنيفة ،وأمحد ،وهو
املعتمد عند أصحابه ،وأفىت به ابن تيمية –ونصه" :يصل إىل
امليت قراءة أهله وتسبيحهم وتكبريهم وسائر ذكرهم هلل تعاىل،
إذا أهدوه إىل امليت وصل إليه" -ومجاعة من كبار املالكية،
الربين احلنبلي-
والشافعية ،وعامة أهل احلديث –كما نقله ابن َ ْ
وعليه عمل الناس يف كل األعصار واألمصار من غري نكري –
كما يف مغين احملتاج -ويف "املغين" البن قدامة احلنبلي" :وأنه
إمجاع املسلمني ،فإهنم يف كل عصر ومصر جيتمعون ويقرؤون
القرآن ،ويهدون ثوابه إىل مواتهم من غري نكري" ،وقال ابن
21 المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد
وكره أبو حنيفة –وهو املشهور عند املالكية -القراءة عند القرب
لعدم عمل السلف ،وانشغال القارئ ابلقراءة عن التفكر يف
املوت ،واستحبه الشافعية ،واحلنابلة ،وعليه الفتوى عند احلنفية
–ونقله القرطيب عن علماء املالكية ،-قال اإلمام النووي:
"يُستحب لزائر القبور أن يقرأ ما تيسر من القرآن ،ويدعو هلم
عقبها ،نص عليه الشافعي ،واتفق عليه األصحاب" ،وقال
اإلمام أمحد –كما يف املغين البن قدامة :-إذا دخلتم املقابر
اقرؤوا آية الكرسي ،وثالث مرات (قل هو هللا أحد) ،مث قل:
اللهم إن فضله ألهل املقابر" ،وعنه قال" :إذا دخلتم املقابر
فاقرؤوا بفاحتة الكتاب ،واملعوذتني ،وقل هو هللا أحد ،واجعلوا
المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد 22
ثواب ذلك ألهل املقابر ،فإنه يصل إليهم" ،وثبت عن ابن عمر،
ونقله الشعيب عن األنصار ،وأوصى مجاعة من السلف أن يُقرأ
عند قبورهم وقت الدفن ،كما نقله ابن القيم ،ومحل عبد الواحد
املقدسي ،واحملب الطربي ،وابن الرفعة ،والزركشي ،وأبو سعيد بن
لُب املالكي ،حديث" :اقرؤوا يس على مواتكم" على القراءة
عند القرب ،واستدل العلماء –كما نقله ابن النووي ،والقرطيب-
حبديث اجلريدتني ،وصلى النيب على اجلنازة يف املقربة ،والصالة
مشتملة على القراءة ،وقال الشعيب –كما يف "األمر ابملعروف
والنهي عن املنكر" للخالل" :-كانت األنصار إذا مات ميت
اختلفوا إىل قربه يقرؤون عنده القرآن".
وبناء ِ
القبَاب على القبور خيتلف حبال املقربة ،فإذا كانت ُم َسبَّـلَة
–وهي ما جرت العادة ابلدفن فيه وإن مل يوقفُ -منع عند عامة
الفقهاء ،قالوا" :ملا فيه من التضييق" ،ويؤخذ من "املنهاج" أنه
مكروه تنزيهاً ،واملعتمد –كما يف "اجملموع" -التحري ،وهو
املقصود بقول الشافعي يف "األم"" :ورأيت من الوالة من يهدم
23 المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد
ما بُين فيها ،ومل َأر الفقهاء يعيبون عليه ذلك ،وألن يف ذلك
تضييقا على الناس" ،ومذهب احلنابلة أن بناء القباب يف املسبلة
مكروه ،للتضييق ،واعتمد الرملي أن املراد ابملسبلة املوقوفة ،وأما
غريها فال حيرم البناء فيه ،وعلى الغري ُمحل ما يف القرافة ،ويف
الش ْ َرب ُاملُّسي" :وليس من البناء ما اعتيد من توابيت األولياء"،
َ
وإن كانت ملكاً جاز أن يبين ما شاء ،بدون كراهة عند املالكية،
واحلنابلة ،وكذا أطلقه يف "البيان" ،و"احمللي" ،وشيخ اإلسالم يف
"شرح املنهج" ...ويف "اجملموع" نقالً عن األصحاب" :مع
الكراهة ،وال يُهدم عليه" ،ودليل اجلواز دفنه صلى هللا عليه وسلم
يف حجرته ،وقد رأت عائشة يف املنام يف حجرهتا ثالثة أقمار،
كما يف "املستدرك" ،ويف احلديث" :ما قُبض نيب إال دفن حيث
يقبض" ،وصح أن عيسى بعد نزوله سيدفن يف حجرة عائشة،
وأن احلسن قال عندما حضرته الوفاة" :ادفنوين عند أيب -يعين
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم -إال أن ختافوا الدماء فال هتريقوا
يفَّ دماً ،ادفنوين يف مقابر املسلمني" ،وعند احلنفية "ال يكره
البناء –يف غري املسبلة -إذا كان امليت من املشايخ ،والعلماء،
المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد 24
والطواف حول القبور بدعة اتفق األئمة على النهي عنها ،وهو
مكروه اجلمهور ،حرام عند احلنابلة ،والقول إنه شرك بدعة أشنع
المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد 26
منها ،ففي "الدر الثمني واملورد املعني" –من كتب املالكية: -
"وليحذر الزائر مما يفعله بعض اجلهلة من الطواف ابلقرب الشريف
على ساكنه أفضل الصالة وأزكى السالم" ،ويف "اجملموع"
و"عمدة السالك" :وال جيوز الطواف بقربه صلى هللا عليه
وسلم" ،ويف "حاشية قليويب" – من كتب الشافعية" : -وليحذر
من الطواف ابلقرب والصالة داخل احلجرة بقصد تعظيمه أو
استقباله ابلصالة".
ألنه مل يرد فيه هني" ،وسئل أمحد عن التمائم تعلق بعد نزول
البالء ،فقال" :أرجو أن ال يكون به أبس" ،قال اخلالل :وحدثنا
عبد هللا بن أمحد ،قال" :رأيت أيب يكتب التعويذ للذي يفزع،
وللحمى بعد وقوع البالء" ،وقال أبو داود" :رأيت على اب ٍن أليب
عبد هللا -وهو صغريُ -تيمة يف رقبته يف أدي" ،قال اخلالل" :قد
كتب هو من احلمى بعد نزول البالء ،والكراهة من تعليق ذلك
قبل وقوع البالء ،وهو الذي عليه العمل" ،قال ابن مفلح:
"وتُباح قالدة فيها قرآن ،أو ذكر غريه ،وتعليق ما مها فيه ،نص
عليه ،وكذا التعاويذ" ،أخرج البيهقي عن سعيد بن املسيب أنه
كان أيمر بتعليق القرآن وقال" :ال أبس به" ،ويف "زاد املعاد":
"ورخص أبو جعفر حممد بن علي يف التعويذ يعلق على
الصبيان" ،وكان ابن سريين –كما يف تفسري القرطيب -ال يرى
أبساً ابلشيء من القرآن يعلقه اإلنسان ،كبرياً أو صغرياً ،قال
األلوسي" :وهو الذي عليه الناس ،قدمياً ،وحديثاً ،يف سائر
األعصار" ،وأخرج البيهقي عن سعيد بن جبري أنه كان يكتب
البنه املعاذة .قال :وسألت عطاء فقال" :ما كنا نكرهها إال شيئاً
المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد 30
والذبح لغري هللا فيه تفصيل ،فإذا ذُكر على الذبيحة غري هللا،
فقد رأى طائفة من العلماء أهنا ال تُؤكل ،وقالت طائفة -منهم
مجاعة من الصحابة -حيل أكلها ،وإذا توجه الكتايب ابلذبيحة
لغري هللا ،حرمت عند الشافعية ،وحلت مع الكراهة عند مالك،
وهو الصحيح عند احلنابلة ،ونص عليه أمحد ،ومن ذبح لغري هللا
من حيوان أو مجاد ،كالصنم ،على وجه التعظيم ،والعبادة ،مل حتل
ذبيحته ،وكان فعله كفراً ،وإذا ذبح لغريه ال على هذا الوجه ،أبن
ضحى أو ذبح للكعبة ،تعظيماً هلا ،ألهنا بيت هللا ،أو الرسول
ألنه رسول هللا ،فهذا ال جيوز أن مينع حل ذبيحته ،فلو قال
الذابح "بسم هللا ،وابسم حممد" وأراد أذبح بسم هللا ،وأتربك ابسم
حممد ،فينبغي أن ال حيرم ،كما يف "الروضة" ،وعند املالكية" :من
المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد 32
نذر ذبيحة لويل ،وجب عليه ذحبها ،والتصدق هبا عند قربه على
الفقراء ،هذا إذا قصد ثواهبا لذلك الويل ،وإن مساها له قاصداً
التوسعة على نفسه وعياله ،فال يلزمه شيء".
وأمساء هللا على ثالثة أقسام :األول خمتص ابهلل ال جيوز إطالقه
على غريه ،كـ"هللا" ،و"الرمحن" ،و"اخلالق" ،و"الرازق" تنعقد به
اليمني ولو نوى هبا غريه ،والثاين :يطلق عليه وعلى غريه،
واألغلب إطالقها عليه ،وال تطلق على غريه إال بقيد ،كـ"اجلبار"،
و"احلق" ،و"الرب" ،و"املتكرب" ،و"القاهر" ،و"القادر" ،وتنعقد
هبا اليمني ،ما مل ينو غريه ،والثالث :يطلق عليه على غريه
ابلسواء ،كـ"احلي" ،و"الغين" ،و"الكري" ،و"السميع"،
و"البصري" ،و"العليم" ،و"احلكيم" ،فإن نوى غريه أو أطلق فليس
بيمني ،وإن نواه فقوالن ،املعتمد عند الشافعية أنه ميني.
والنذر التزام قربة مل تتعني ،والقول "إن النذر لغري هللا شرك"
بدعة ،ويقع عند أصحابنا الشافعية وغريهم على صور :فإن نذر
لغري هللا مبعىن التوجه ابلقلب والتقرب إىل املخلوق ،معتقداً فيه
التصرفَ ،ك َفر ،وإن نذر حنو قراءة لويل ،مبعىن جعل ثواب النذر
له ،فهو من إهداء الثواب ،وإن نذر عيناً ملصاحل القرب فهو قربة،
وصرف فيها ،وإن نذر خلدمة الزائرين حنو التنوير هلم ،فهو قربة،
ُ
المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد 34
وإن نذر ماالً ،أو حنو طعام للزائرين ،أو مريدي الويل ،واملنتسبني
إليه ،فهو كذلك ،ويُصرف هلم ،وإن نذر اإلهداء لراتج الكعبة،
لزم صرفه يف كسوهتا ،وإن قصد صرفه يف طيبها ،أو غري ذلك مما
صرف إليه ،وإن نذر عيناً للنيب صلى هللا عليه يصح نذرهُ ،
وسلم ،أو للشيخ عبد القادر اجليالينُ ،حيمل حيث يُعرف قصد
الناذر ،على ما اطرد به العرف ،وإن قصد به اإليقاد على القرب،
ولو مع قصد التنوير ،فال ،وإن نذر عيناً ونوى ُتليك صاحب
القرب ،فهو ابطل ،قال األحناف" :وإن قال :اي هللا ،إين نذرت
لك إن شفيت مريضي ،أو رددت غائيب ،أو قضيت حاجيت ،أن
أطعم الفقراء الذين بباب السيدة نفيسة ،أو الفقراء الذين بباب
صراً ملساجدهم،اإلمام الشافعي ،أو اإلمام الليث ،أو أشرتي ُح ُ
أو زيتاً لوقودها ،أو دراهم ملن يقوم بشعائرها ،إىل غري ذلك مما
يكون فيه نفع للفقراء والنذر هلل عز وجل فال أبس به" ،وقد كان
يف بغداد قرب مشهور ابسم "قرب النذور" ،أو "مشهد النذور"،
كان العلماء واخللفاء والعوام ينذرون له ،فتُقضى هلم احلوائج،
واألصل يف النذر للمكان حديث اثبت بن الضحاك –عند أيب
35 المختصر المفيد فيما التبس على أدعياء التوحيد
داود -قال :نذر رجل على عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
أن ينحر إبالً بِبُـ َوانة ،فأتى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،فقال:
إين نذرت أن أحنر إبالً ببوانة ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم" :هل كان فيها وثن من أواثن اجلاهلية يعبد؟" قالوا :ال،
قال" :هل كان فيها عيد من أعيادهم؟" قالوا :ال ،قالِ :
"أوف
بنذرك ،فإنه ال وفاء لنذر يف معصية هللا ،وال فيما ال ميلك ابن
آدم".
يكون هللا ورسوله أحب إليه مما سوامها ،وأن حيب املرء ال حيبه
إال هلل ،وأن يكره أن يعود يف الكفر كما يكره أن يُقذف يف
فشرك يف قوله ":مما سوامها" ،والنهي يف حديث "بئس النار"َّ ،
اخلطيب أنت" لكون اخلطب شأهنا البسط واإليضاح وجتنب
اإلشارات والرموز ،ويف سنن أيب داود "من يطع هللا ورسوله فقد
رشد ،ومن يعصهما فإنه ال يضر إال نفسه ،وال يضر هللا شيئاً".
القصائد ،وكان هذا اليوم يوم بسط وسرور عند أئمة اإلسالم
تنشرح فيه نفوسهم ،وكان هذا معروفاً عنهم لدى العامة ،حىت
إهنم كانوا يقصدوهم يف هذا اليوم للشفاعة ،كما أثر عن ابن
امللقن وغريه ،قال السخاوي" :ما زال أهل اإلسالم يف سائر
األقطار واملدن العظام حيتفلون يف شهر مولده صلى هللا عليه
وسلم" ،وال يذكر عن عامل معترب أنه أفىت بتحرميه ،والذي ذهب
إليه الفاكهاين إمنا هو الكراهة.
ومدح النيب صلى هللا عليه وسلم من أرجى األعمال ،وليس يف
مدحه غلو ما مل يوصف بصفات اإلهلية ،وقد أمجع العلماء على
تلقي الربدة ابلقبول ،وقوله:
وحىت ُمي َّر هبا على أزواج الين صلى هللا عليه وسلم ،فيدعون هلا"،
ويف "األذكار النووية"" :يستحب صيام يوم اخلتم ،إال أن
يصادف يوماً هنى الشرع عن صيامه" ،وفيه" :قال بعض
أصحابنا :من دخل املسجد فلم يتمكن من صالة حتية املسجد،
إما حلدث ،أو لشغل ،أو حنوه ،يستحب أن يقول أربع مرات:
سبحان هللا ،واحلمد هلل ،وال إله إال هللا ،وهللا أكرب ،فقد قال به
بعض السلف ،وهذا ال أبس به".
السرية الذاتية
الشيوخ
.1الشيخ العالمة أمحد ِولْد أمحد الشنقيطي رمحه هللا (أصول
الفقه /بالغة)
.2الشيخ العالمة النحوي الزاهد حممد أحيد عمر الشنقيطي
(حنو/صرف)
.3الشيخ العالمة الدكتور حممد املختار بن اإلمام حممد األمني
الشنقيطي (أصول الفقه)
.4العالمة الكبري املريب احلبيب أبو بكر العدين بن علي املشهور
رمحه هللا (تصوف/فقه التحوالت)
.5الشيخ العالمة املتكلم العارف املسلك الدكتور عاصم الكيايل
(تصوف/توحيد)
.6الشيخ العالمة احملقق العلم العامل حممود سعيد ممدوح
(حديث)
.7الشيخ العالمة الفقيه أبو بكر بن زين الراقي (فقه)
49 السيرة الذاتية
وغريهم
املؤلفات
.1فقه التنازالت ..إىل أين (جملد كبري)
.2الذريعة إىل معرفة الشريعة
.3وجهاً لوجه من اخلطاب الديين املعاصر
.4ابن تيمية صوفياً
.5الصوفية مبعايري العلم وشواهد التاريخ
.6نذير العباد من خطر اخللط بني الفقه واالعتقاد
.7الطريق إىل أهل السنة
.8الشذوذ الفقهي (جملد كبري)
.9دستور الشعراء
.10ظاهرة الدس يف كتب العلماء
.11تعدد اجلمع يف املصر الواحد دراسة فقهية اترخيية
مقارنة ابلواقع
.12مقارنة بني عقائد أهل احلديث وعقائد الوهابية
السيرة الذاتية 52
ونش سنة نبيه صىل هللا وهللا أسأل أن يوفقن وإياهم لخدمة دينه ،ر
ي
نفس وإياهم بتقوى هللا يف الش والعلن ، ي وأوص
ي عليه وآله وسلم ،
والجد واالجتهاد يف طلب العلم والعمل به ،والدعوة إىل هللا ،وهللا
ومشايخ بصالح
ي يذكرون ووالدي
ي وىل المتقي ،راجيا منهم أن
ي
دعواتهم ،وآخر دعواهم أن الحمد هلل رب العالمي وصىل هللا عىل
سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .
الشعين
ري العدن
ي كتبه الفقب إىل هللا /عادل بن عبد الخالق بن فاضل