Professional Documents
Culture Documents
الجريمة الإلكترونية والإجراءات التشريعية لمواجهتها في الجزائر
الجريمة الإلكترونية والإجراءات التشريعية لمواجهتها في الجزائر
الجريمة الإلكترونية والإجراءات التشريعية لمواجهتها في الجزائر
ملخص:
لقد تناولت في هذه املقالة اإلطار املفاهيمي للجريمة اإللكترونية وإبراز مدى إهتمام
املشرع الجزائري بتنظيمها والتصدي لها بإعتبار الجريمة االلكترونية من الجرائم املستحدثة
الناتجة عن املمارسة السيئة للتكنولوجيا املعلوماتية.
إذ نجد ان املشرع الجزائري قد قام بسن نصوص قانونية لقمع الجريمة املعلوماتية
وذلك بسبب التزايد الالمتناهي لإلعتداءات على األنظمة املعلوماتية في الجزائر.
الكلمات املفتاحية :الجريمة اإللكترونية ،إجراءات مواجهة الجريمة اإللكترونية ،الجزائر.
Résumé :
Dans cet article, j›ai discuté du cadre conceptuel de la cybercriminalité et sou-
ligné l›intérêt du législateur algérien concernant son organisation afin de la com-
battre en tant que crime électronique suite à la pratique frauduleuse concernant les
technologies de l›informatique.
Le législateur algérien a promulgué des textes légaux visant à réprimer la cy-
bercriminalité en raison du nombre croissant d›attaques contre les systèmes infor-
matiques en Algérie.
Mots clés : Crime électronique, Action contre la cybercriminalité, Algérie.
نوع من املعدات الرقمية ،وتعرف الجرائم اإللكترونية على أنها الجرائم التي ترتكب بإستخدام
الحاسوب والشبكات واملعدات التقنية مثل الجوال.
وهناك من عرفها على أنها الجرائم ذات الطابع املادي التي تتمثل في كل سلوك غيرقانوني
من خالل إستخدام األجهزة اإللكترونية ينتج منها حصول املجرم على فوائد مادية أو معنوية
مع تحميل الضحية خسارة مقابلة ،وغالبا ما يكون هدف هذه الجرائم هو القرصنة من أجل
السرقة أو إتالف املعلومات املوجودة في األجهزة ،ومن تم ابتزاز األشخاص بإستخدام تلك
املعلومات.1
فقد انقسم أنصارتعريف الجريمة من الجانب التقني والفني فالبعض استند إلى موضوع
الجريمة والبعض األخرإلى وسيلة الجريمة. 2
-أهم التعريفات التي استندت على موضوع الجريمة:
ويذهب أصحاب هذا اإلتجاه الفقهي إلى التركيزعلى الجانب املوضوعي في تعريف الجريمة
املعلوماتية بإعتباران هذه الجريمة ليست الجريمة التي يستخدم الحاسب اآللي كأداة في إرتكابها
حسب بل تقع على الحاسب األلي او في داخل نظامه.
فعرفت الجريمة املعلوماتية من قبل أنصار هذا اإلتجاه بأنها (نشاط غير مشروع لنسخ
او تغيير او حذف أو الوصول الى املعلومات املخزونة داخل الحاسب أو التي تحول عن طريقه)
وعرفت كذلك بأنها(غش معلوماتي ينصرف إلى كل سلوك غير مشروع يتعلق باملعلومات
املعالجة ونقلها).3
-أهم التعريفات التي استندت على وسيلة الجريمة:
-إن أنصار هذا اإلتجاه ينطلقون من أن جريمة الكمبيوتر تتحقق بإستخدام الكمبيوتر
كوسيلة إلرتكاب الجريمة ،وبالتالي تعرف على أنها «فعل إجرامي يستخدم الكمبيوتر في إرتكابه
كأداة رئيسية» كما تعرف بأنها «كل أشكال السلوك غير املشروع الذي يرتكب بإستخدام
الحاسوب» وكذلك تعرف بأنها «الجريمة التي تلعب فيها البيانات الكمبيوترية والبرامج
املعلوماتية دورا رئيسا» وإنها كل فعل أوإمتناع من شأنه اإلعتداء على األمواج املادية أواملعنوية
يكون ناتجا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن تدخل التقنية املعلوماتية» يعتبر هذا التعريف
األخير الرأي الراجح لتبنيه من قبل العديد من الباحثين والدارسين نظرا لشمولية بحيث يعبر
4
عن الطابع التقني أو املميزالذي تنطوي تحته أبرز صور الجريمة اإللكترونية.
ويعرفها مكتب تقييم التقنية بالواليات املتحدة األمريكية بأنها »:الجريمة التي تلعب فيها
البيانات الحاسوبية ،والبرامج املعلوماتية دورا رئيسيا» ،وقد اتجه جانب كبير من الفقهاء
إلى إعتماد التعريف الذي تبنته منظمة التعاون االقتصادي والتنمية ( ) OCDEللجريمة
351 مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية
العدد الحادي عشر
الجريمة اإللكترونية واإلجراءات التشريعية ملواجهتها في الجزائر سبتمبر2018
املعلوماتية في اجتماع باريس عام ،1983من أنها »:كل سلوك غير مشروع ،أو غير أخالقي ،أو
غير مصرح به ،يتعلق باملعالجة اآللية للبيانات أو نقلها» ،وهو تعريف تبنى أكثر من معيار،
يتعلق األول بوصف السلوك ،أما الثاني فاتصال السلوك باملعالجة اآللية للبيانات أو نقلها. 5
كما يعرفها خبراء منظمة التعاون االقتصادي والتنمية OECDبأنها « كل سلوك غير
مشروع أو غيرأخالقي أو غيرمصرح به يتعلق باملعالجة اآللية للبيانات أو نقلها « .ويعرفها الفقيه
الفرن�سي Vivantبأنها» مجموعة من األفعال املرتبطة باملعلوماتية والتي يمكن أن تكون جديرة
بالعقاب. 66
وقد جاء في توصيات مؤتمراألمم املتحدة العاشرملنع الجريمة ومعاقبة املجرمين املنعقد
في فيينا سنة 2000تعريف الجريمة اإللكترونية بأنها «أية جريمة يمكن إرتكابها بواسطة
نظام حاسوبي أو شبكة حاسوبية ،أو داخل نظام حاسوبي ،والجريمة تلك تشمل من الناحية
املبدئية ،جميع الجرائم التي يمكن إرتكابها في بيئة إلكترونية.
أما التعريف الدولي للجريمة اإللكترونية فهو يعتمد في الغالب على الغرض من استخدام
املصطلح :فهناك عدد محدود من األفعال التي تمس السرية والنزاهة وبيانات الكمبيوتروأنظمة
تمثل جوهر الجريمة اإللكترونية ،كما أن هناك أعمال متعلقة بالكمبيوتر لتحقيق مكاسب
شخصية أو مالية أو ضرر بما في ذلك األفعال املتصلة بجرائم محتويات الكمبيوتر.7
2-التعريف القانوني للجريمة اإللكترونية:
ّأما بالنسبة للتعریف الذي جاء به املشرع الجزائري للجرائم املتصلة بتكنولوجیات
اإلعالم واإلتصال فإنه يعرفها بأنها« :جرائم املساس بأنظمة املعالجة اآللیة للمعطیات املحددة
في قانون العقوبات وأي جریمة أخرى ترتكب أو یسهل إرتكابها عن طریق منظومة معلوماتیة أو
نظام لإلتصاالت اإللكترونية» ،وبهذا فقد ُوفق املشرع برأینا في تعریفه ألنه جمع الحاالت التي
تكون فیها نظم املعلوماتیة وشبكات اإلتصال إما موضوعا للجریمة أو وسیلة أو دعامة لجرائم
تقلیدیة ،ولوال هذه النظم املعلوماتیة وشبكات اإلتصاالت ما كان أن نصبغ صفة املعلوماتیة
على هذه الجرائم.8
على خالف املشرع الفرن�سي الذي لم يعطي تعريفا للجريمة اإللكترونية فإن املشرع
الجزائري قد إصطلح على تسميتها بمصطلح الجرائم املتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واإلتصال،
وعرفها بموجب املادة الثانية من القانون 04-09على أنها «جرائم املساس بأنظمة املعالجة
اآللية للمعلومات املحددة في قانون العقوبات أو أية جريمة ترتكب أو يسهل إرتكابها عن طريق
منظومة معلوماتية أو نظام لالتصاالت اإللكترونية.
ويالحظ على هذا التعريف ما يلي:
أوال :أن املشرع الجزائري قد إعتمد على معيار الجمع بين عدة معايير لتعريف الجريمة
اإللكترونية أولها معياروسيلة الجريمة وهو نظام اإلتصاالت االلكترونية ،وثانيها معيارموضوع
الجريمة املساس بأنظمة املعالجة اآللية للمعطيات ،وثالثها معيار القانون الواجب التطبيق أو
الركن الشرعي للجريمة املنصوص عليها في قانون العقوبات.
ثانيا :كما حدد املشرع الجزائري نطاق الجريمة اإللكترونية وذلك عن طريق إقراره بأن
الجريمة اإللكترونية ترتكب في نظام معلوماتي أو يسهل إرتكابها عليه ،وهذا ما يوسع من نطاق
مجال الجرائم اإللكترونية في القانون الجزائري.9
ب -الطبيعة القانونية للجريمة اإللكترونية:
تكمن الطبيعة الخاصة لهذه الجرائم في قدرة شبكة املعلومات على نقل وتبادل معلومات
ذات طابع شخ�صي وعام في آن واحد مما يؤدي إلى إرتكاب الفعل ،والسبب في ذلك توسع بنوك
املعلومات بأنواعها عالوة على رغبة األفراد وسعيهم إلى ربط حواسبهم بالشبكة ،على أساس
أن هذه الجرائم ترتكب ضمن نطاق املعالجة اإللكترونية للبيانات سواء أكان في تجميعها أو
تجهيزها أم في إدخالها إلى الحاسب املرتبط بشبكة املعلومات ولغرض الحصول على معلومات
معينة كما قد ترتكب هذه الجرائم في مجال معالجة النصوص ،وصعوبة التكييف القانوني
لهذه الجرائم تكمن في طبيعتها الخاصة.
بحيث أن القواعد التقليدية لم تكن مخصصة لهذه الظواهر اإلجرامية املستحدثة،
وبالتالي تطبيقها على هذا النوع من الجرائم يثير مشاكل عديدة في مقدمتها مسألة اإلثبات،
ومتابعة مرتكبيها وعلى ضوء اإلعتبارات السابقة يمكن القول بأن هذه الجرائم تتمتع بطبيعة
قانونية خاصة.10
الفرع الثاني :أركان الجريمة اإللكترونية وخصائصها
أ -أركان الجريمة اإللكترونية.
-1الركن املادي للجريمة اإللكترونية:
تنهض الجريمة على ركنين رئيسيين هما الركن املادي والركن املعنوي ،فال بد للجريمة
املعلوماتية إذن من ركن مادي يمثل كيانها امللموس ويعبرعن إرادة الفاعل بصورة يمكن إثباتها،
وال بد أيضا من ركن معنوي يعبرعن إرادة املجرم املعلوماتي.
1 1-الركن املادي:
البد من فعل أو إمتناع يمكن إثباته إذ ال عبرة بما في خلد اإلنسان من أفكارألنها ال تدخل
دائرة التجريم ،والركن املادي هنا يختلف من حال ألخرحسب التصنيف الذي يقع على الفعل
353 مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية
العدد الحادي عشر
الجريمة اإللكترونية واإلجراءات التشريعية ملواجهتها في الجزائر سبتمبر2018
وعليه ال يمكن حصر الجريمة املعلوماتية تحت تكييف واحد ،فقد تشكل الواقعة املرتكبة
والتي تحمل وصف الجريمة املعلوماتية واقعة قذف أو تهديد أو تحريض وبشكل مطابق تماما
ملا يجري عليه قانون العقوبات من خالل بعض القواعد التي ينطبق حكمها حتى على الجرائم
الواقعة عن طرق جهاز الكمبيوتر ،وهذا ال يسبب إشكاال ،إذ يمكن تطبيق نصوص قانون
العقوبات على هذه السلوكيات التقليدية ،إال أن هناك أنواعا من السلوك يتطلب التمييزبينها
وبين سابقتها ،وهذا ما يدعو للتدخل التشريعي.11
يتكون الركن املادي للجريمة اإللكترونية من السلوك اإلجرامي والنتيجة والعالقة
السببية ،علما أنه يمكن تحقق الركن املادي دون تحقق النتيجة ،كالتبليغ عن الجريمة قبل
تحقيق نتيجتها( ،مثال :إنشاء موقع للتشهيربشخص معين دون طرح هذا املوقع على الشبكة اإل
أنه ال مناص من معاقبة الفاعل).
يتخذ الركن املادي في هذه الجريمة عدة صور بحسب كل فعل إيجابي مرتكب (مثال :
جريمة الغش املعلوماتي :الركن املادي فيها هو تغيير الحقيقة في التسجيالت اإللكترونية أو
املحررات اإللكترونية.12
2-الركن املعنوي للجريمة اإللكترونية:
تعد الجرائم املعلوماتية كغيرها من الجرائم والتي تفترض باألساس وجود القصد العام
(العلم ،واإلرادة) لتحديد املسؤولية الجنائية ،وال يمكن تصور وجود قصد خاص بالجريمة
دون أن يسبقه القصد العام ،أما عن وجود القصد الخاص في الجرائم املعلوماتية ،فهذا يرجع
بالدرجة األولى إلى طبيعة الجريمة املرتكبة والنية الخاصة لدى الجاني من وراء القيام بالفعل
غيراملشروع أو إرتكاب الجريمة.13
يتكون الركن املعنوي للجريمة اإللكترونية من عنصرين هما العلم واإلردة.
-العلم :هو إدراك الفاعل لألمور.
-أما اإلرادة :فهي اتجاه السلوك اإلجرامي لتحقيق النتيجة.
طبقا للمبادئ العامة املعروفة في قانون العقوبات ،قد يكون القصد الجنائي عاما
وخاصا ،القصد الجنائي العام :هو الهدف املباشر للسلوك اإلجرامي وينحصر في حدود إرتكاب
الفعل.
أما القصد الجنائي الخاص :هو ما يتطلب توافره في بعض الجرائم دون األخرى فال يكتفي
الفاعل بإرتكابه الجريمة ،بل يذهب إلى التأكد من تحقيق النتيجة (مثال :في جريمة القتل ال
يكتفي الجاني بالفعل بل يتأكد من إزهاق روح املجني عليه) وعليه ما هو القصد الجنائي الذي
يحقق اإلعتداء الذي يعاقب عليه القانون على إعتبار أنه قد ذهب بأهمية ال�شيء بالنسبة
ملالكه.
ومن اجل اإلشارة إلى مدلول اإلتالف إستخدم املشرع الجزائري عدة تعابيرحيث إستخدم (أدخل
.أ ال ّ ،
عدل) وإن كان لهذه التعابير مدلوالت خاصة إال أنها تندرج تحت مدلول اإلتالف و هو ز
ما ذهبت إليه بعض التشريعات املقارنة خاصة التشريع الفرن�سي ،و بالتالي يمكن القول كذلك
أن املشرع الجزائري قد أورد هذه الصور التي يتحقق بها اإلتالف على سبيل املثال ال الحصر،
وبمعنى أخر يمكن أن يتحقق اإلتالف بصور أخرى غير تلك التي أوردها املشرع الجزائري في
قانون العقوبات.
إن املقصود باإلتالف في هذا اإلطار ذلك الذي يوجه إلى الجانب املنطقي و املعنوي في الحاسب
اآللي ،و الذي بات يشكل قيمة إقتصادية عالية ،فإتالف برامج و معلومات الحاسب اآللي فيه
إفقاد ملنفعة هذه البرامج واملعلومات.31
جـ -الجرائم الواقعة على البرامج اإللكترونية:
وتنقسم هذه الجرائم بدورها إلى الجرائم الواقعة على البرامج التطبيقية ،عن طريق تحديد
البرنامج أوال ثم التالعب به أوتعديله ،ومن أمثلتها قيام أحد املبرمجين بالبنوك األمريكية بتعديل
برنامج بإضافة دوالر واحد على كل حساب يزيد عن عشرة دوالرات وقام بتقييد املصاريف
الزائدة في حساب خاص به أطلق عليه اسم .zzwick
وكذلك تضم هذه الجرائم .الجرائم الواقعة على برنامج التشغيل وهي البرامج املسؤولة
عن عمل النظام املعلوماتي ،ومن حيث قيامها بضبط ترتيب العمليات الخاصة بالنظام ،وتقوم
هذه الجريمة عن طريق تزويد البرنامج بمجموعة تعليمات إضافية للوصول إليها بشيفرة تسمح
بالدخول إلى جميع املعطيات التي يتضمنها النظام املعلوماتي ومثالها :جريمة تصميم برنامج
وهمي من خالله يتم تنفيذ الجريمة ،ومثاله ما قامت به إحدى الشركات التأمين األمريكية في
مدينة لوس أنجلوس بواسطة مبرمجها ،إذ قامت بتصميم برنامج يقوم بتصنيع وثائق تأمين
ألشخاص وهميين بلغ عددهم 46000بهدف تقا�ضي هذه الشركة لعموالت من اتحاد شركات
التأمين.32
املبحث الثاني :املكافحة التشريعية للجريمة اإللكترونية في الجزائر
رغبة من املشرع الجزائري في التصدي لظاهرة اإلجرام اإللكتروني و ما یصاحبها من أضرار
معتبرة على األفراد وعلى مؤسسات الدولة من جهة ،ومحاولة منه للتدارك الفراغ التشریعي
القائم في هذا املجال من جهة أخرى ،عمد منذ األلفیة الثانیة الى تعدیل العدید من القوانین
الوطنیة بما فیها التشریعات العقابیة على رأسها قانون العقوبات لجعلها تتجاوب مع التطورات
اإلجرامية في مجال تكنولوجیة اإلعالم و اإلتصال ،وقام باستحداث قوانین أخرى خاصة
لضمان الحمایة الجنائیة للمعامالت اإللكترونية ،ومع هذا فیبقى السؤال مطروح حول مدى
فعلیة وفعالیة هذه القوانین في مواجهة الجرائم اإللكترونية.
نتناول في هذا املبحث مظاهر مكافحة املشرع الجزائري للجريمة اإللكترونية من خالل
التطرق إلى دور القوانين العامة الجزائرية في مكافحة الجريمة اإللكترونية وذلك في املطلب
األول ،وصوال في األخير إلى دراسة القوانين والهياكل الخاصة في مكافحة الجريمة اإللكترونية
بالجزائروذلك في املطلب الثاني.
املطلب األول :مكافحة الجريمة اإللكترونية بموجب القوانين العامة
حاول املشرع الجزائري ،إصدار قوانين عامة وخاصة وهياكل وأجهزة للتصدي للجرائم
اإللكترونية ،فهناك جهود معتبرة قام بها املشرع الجزائري في محاربة قراصنة األنترنت وإحالتهم
قانونا على املحاكم ،متأثرا بجل الدول العربية التي وضعت قوانين ملكافحة الجريمة اإللكترونية،
ومن أهم األمور التي أولها املشرع الجزائري أهمية قصوى أمن الدولة والحفاظ على النظام
العام.
الفرع األول :مكافحة الجريمة اإللكترونية بموجب الدستور الجزائري والقانون املدني
أ -مكافحة الجريمة اإللكترونية بموجب الدستور الجزائري :لقد كفل دستور الجزائر
لسنة 1996وكذا التعديل الطارئ عليه بموجب القانون املعدل له سنة 2016حماية حقوق
األساسية والحريات الفردية ،وعلى أن تضمن الدولة عدم إنتهاك حرمة اإلنسان ،وقد تم
تكريس هذه املبادئ الدستورية في التطبيق بواسطة نصوص تشريعية أوردها قانون العقوبات
واإلجراءات الجنائية وقوانين خاصة أخرى والتي تحظر كل مساس بهذه الحقوق ،ومن أهم
املبادئ الدستورية العامة:
املادة :38الحريات األساسية وحقوق اإلنسان واملواطن مضمونة.
املادة :44حرية اإلبتكارالفكري والفني والعلمي مضمونة للمواطن ،حقوق املؤلف يحميها
القانون.
ال يجوز حجز أي مطبوع أو تسجيل أو أية وسيلة أخرى من وسائل التبليغ واإلعالم إال
بمقت�ضى أمر قضائي ،الحريات األكاديمية وحرية البحث العلمي مضمونة وتمارس في إطار
القانون.
تعمل الدولة على ترقية البحث العلمي وتثمينه خدمة للتنمية املستدامة لألمة.
إذ ال يجوز إنتهاك حرمة حياة املواطن الخاصة ،وحرمة شرفه ،كما أن القانون يحمي
361 مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية
العدد الحادي عشر
الجريمة اإللكترونية واإلجراءات التشريعية ملواجهتها في الجزائر سبتمبر2018
سرية املراسالت واالتصاالت الخاصة بكل أشكالها مضمونة .أن القانون يحمي حقوق املؤلف
وال يجوز حجز أي مطبوع أو تسجيل أو أية وسيلة أخرى من وسائل التبليغ واإلعالم إال أمر
قضائي.33
ب -مكافحة الجريمة اإللكترونية بموجب القانون املدني الجزائري :ترتيبا على األهمية
الدستورية لحرمة الحياة الخاصة فقد سارع املشرع ونص على أن لكل من وقع عليه اعتداء
غير مشروع في حق من الحقوق املالزمة لشخصيته أن يطلب وقف هذا اإلعتداء مع التعويض
عما يكون قد لحقه من ضرر في املادة 124من التقنين املدني الجزائري «كل عمل أيا كان
يرتكبه املرء يسبب ضررا للغيريلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض» وقد جاء هذا النص
عاما وشامال ألي إعتداء يقع على أي حق من الحقوق املالزمة للشخصية بما فيها الحق في
الحياة الخاصة ،وقد أورد هذا النص مبدأ مهما هو حق من وقع إعتداء على حياته الخاصة في
التعويض عما لحقه من ضرر ،فاملسؤولية املدنية ترتب الحق في الحكم بالتعويض «فالفعل
الضار هو أساس املسؤولية» وهو الركن األسا�سي الذي يؤسس عليه الحق في رفع الدعوى
القضائية عن اإلعتداءات اإللكترونية التي تمس بالحياة الخاصة على شبكة األنترنت ،وهو
عنصر متحول وصعب التحديد في الجرائم التي تمس الخصوصية على املواقع اإللكترونية ملا
تشكله من صعوبات في اإلثبات ،وفي تحديد هوية املعتدى ،وفي هذه املسألة املشرع الجزائري
حذا حذو املشرع الفرن�سي الذي أقام املسؤولية عن الفعل اإللكتروني الشخ�صي على أساس
الخطأ الواجب اإلثبات فال يكفي أن يحدث الضرر الذي يمس عناصرالحياة الخاصة بل يجب
أن يكون ذلك الفعل اإللكتروني قد وصل إلى درجة الخطأ الذي يشكل إعتداء قابل لإلثبات وإن
وقع على الشبكة.34
الفرع الثاني :مكافحة الجريمة اإللكترونية بموجب قانون العقوبات
الجزائري وقانون اإلجراءات الجزائية الجزائري
أ -مكافحة الجريمة اإللكترونية بموجب قانون العقوبات الجزائري :لقد تطرق املشرع
الجزائري إلى تجريم األفعال املاسة بأنظمة الحاسب األلي وذلك نتيجة تأثره بما أفرزته الثورة
املعلوماتية من أشكال جديدة من اإلجرام مما دفع املشرع الجزائري إلى تعديل قانون العقوبات
بموجب القانون رقم 15- 04املؤرخ في 10نوفمبر 2004املتمم ألمررقم 15 -22املتضمن قانون
العقوبات تحت عنوان املساس بأنظمة املعالجة األلية للمعطيات ويتضمن هذا القسم ثمانية
مواد من املادة 394مكرر إلى 394املادة مكرر.735
وبغرض تدارك الفراغ القانوني ،فقد قام املشرع الجزائري بموجب القانون رقم -04
36 15بإستحدث جملة من النصوص والتي جرم من خاللها األفعال املتصلة باملعالجة اآللیة
للمعطیات ،وحدد لكل فعل منها ما یقابله من الجزاء ،إذ قام املشرع الجزائري بسن» جملة من
القواعد القانونیة املوضوعیة والتي حدد من خاللها كل األفعال املاسة بنظم املعالجة اآللیة
للمعطیات وما یقابلها من جزاء أو عقوبة ،37وإلى جانب ذلك فقد قام املشرع الجزائري بسن
قواعد إجرائیة جدیدة تتعلق بالتحقیق تتماش مع الطبیعة املمیزة للجرائم اإللكترونية وذلك
من خالل تعدیل قانون اإلجراءات الجزائية بموجب قانون رقم .2238-06
إذ نصت املادة 394مكرر منها يلي« :يعاقب بالحبس من ثالثة أشهر إلى سنة وبغرامة
من 50000إلى 100000دج كل من يدخل أو يبقى عن طرق الغش في كل أو جزء من منظومة
للمعالجة األلية للمعطيات أو يحاول ذلك» ،وتضاعف العقوبة إذا ترتب عن ذلك حذف أو
تغيير ملعطيات املنظومة وإذا ترتب عن األفعال املذكورة أعاله تخريب نظام إشتغال املنظومة
«تكون العقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنتين والغرامة من 50000إلى 150000دج» ،
وذلك مهما كانت قاعة املعلوماتية أو طبيعتها لذلك يمكن أن تندرج ضمن هذه اإلعتداءات تلك
التي تمس ببعض صور الحياة الخاصة ،ونصت املادة 394مكرر 2على أنه »:يعاقب ...كل من
يقوم عمدا وعن طريق الغش بما يأتي:
-1تصميم أو بحث أو تجميع أو توفيرأو نشرأو اإلتجارفي معطيات مخزنة أو معالجة أو
مراسلة عن طريق منظومة معلوماتية يمكن أن ترتكب بها الجرائم املنصوص عليها في هذا
القسم.
-2حيازة أو إفشاء أو نشر أو استعمال ألي غرض كل املعطيات املتحصل عليها من
إحدى الجرائم املنصوص عليها في هذا القسم».
وتضيف املادة 394مكرر 6أنه باإلضافة إلى العقوبات األصلية أي الحبس والغرامة
وباإلحتفاظ بحقوق الغير الحسن النية يحكم بالعقوبات التكميلية التالية« :يحكم بمصادرة
األجهزة والبرامج والوسائل املستخدمة مع إغالق املواقع التي تكون محال لجريمة من
الجرائم املعاقب عليها وفقا لهذا القسم ،عالوة على إغالق املحل أو املكان اإلستغالل إذا
39
كانت الجريمة قد إرتكبت بعلم مالكها»
ب -مكافحة الجريمة اإللكترونية بموجب قانون اإلجراءات الجزائية الجزائرية:
بالنسبة ملتابعة الجريمة اإللكترونية تتم بنفس اإلجراءات التي تتبع بها الجريمة التقليدية،
كالتفتيش واملعاينة وإستجواب املتهم والضبط والتسرب والشهادة والخبرة.40
نجد أن املشرع نص على تمديد اإلختصاص املحلي لوكيل الجمهورية في الجرائم
اإللكترونية في املادة 37قانون اإلجراءات الجزائية ،ونص على التفتيش في املادة 45الفقرة741
من نفس القانون املعدلة حيث إعتبرأن التفتيش املنصب على املنظومة املعلوماتية يختلف عن
التفتيش املتعارف عليه ،في القواعد اإلجرائية العامة من حيث الشروط الشكلية واملوضوعية،
فالتفتيش وإن كان إجراء من اإلجراءات التحقيق قد أحاطه املشرع بقواعد صارمة ،وبالتالي
363 مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية
العدد الحادي عشر
الجريمة اإللكترونية واإلجراءات التشريعية ملواجهتها في الجزائر سبتمبر2018
ال تطبق األحكام الواردة في املادة 44من قانون اإلجراءات الجزائية إذا تعلق األمر بالجرائم
اإللكترونية ،ونص على توقيف النظرفي جريمة املساس بأنظمة املعالجة في املادة 51الفقرة 6
وكذا على «إعتراض املراسالت وتسجيل األصوات وإلتقاط الصور من املادة 65مكرر. 42 5
لقد أدرك املشرع الجزائري جیدا بأن املواجهة الفعالة لإلجرام اإللكتروني ال تكون فقط
بإرساء قواعد قانونیة موضوعیة ذات طبیعة ردعیة ،إنما ال بد من مصاحبة هذه القواعد
بقواعد أخرى إجرائیة وقائیة وتحفظیة ،والتي من شأنها أن تفادى وقوع الجریمة اإللكترونیة
أو على األقل الكشف عنها في وقت مبكر یسمح بتدارك مخاطرها ،وهو ما إستدركه املشرع
بتضمین القانون رقم 22-06املعدل لقانون اإلجراءات الجزائیة تدابیرإجرائیة مستحدثة تتعلق
بالتحقیق في الجرائم اإللكترونیة تتمثل في مراقبة اإلتصاالت اإللكترونیة تسجیلها والتسرب.
یقصد بإعتراض املراسالت إعتراض أو تسجیل أو نسخ املراسالت التي تكون في شكل
بیانات قابلة لإلنتاج و التوزیع ،التخزین ،اإلستقبال و العرض ،التي تتم عن طریق قنوات أو
وسائل اإلتصال السلكیة و الالسلكیة في إطارالبحث و التحري عن الجریمة و جمع األدلة عنها.
ولقد أشار املشرع الجزائري إلى ظروف وكیفیة اللجوء هذا اإلجراء في املادة 65مكرر 5
من قانون اإلجراءات الجزائية على النحو « :إذا اقتضت ضرورات التحري في الجریمة املتلبس
بها ،أو التحقیق اإلبتدائي في ...الجرائم املاسة بأنظمة املعالجة اآللیة للمعطیات ...یجوز
لوكیل الجمهوریة املختص أن يأذن:
-باعتراض املراسالت التي تتم عن طریق وسائل اإلتصال السلكیة والالسلكي.
-وضع الترتیبات التقنیة ،دون موافقة املعنیین ،من أجل التقاط و تثبیت وبث
وتسجيل الكالم املتفوه به بصفة خاصة أو سریة من طرف شخص أو عدة أشخاص في
أماكن خاصة أو عمومیة أو التقاط صور لشخص أو عدة أشخاص یتواجدون في مكان
خاص».
فموجب هذه املادة فان املشرع الجزائري یسمح لسلطات التحقیق واإلستدالل إذا
إستدعت ضرورة التحري في الجریمة املتلبس بها ،أو التحقیق في الجریمة اإللكترونیة ،اللجوء
الى إجراء إعتراض املراسالت السلكیة الالسلكیة وتسجیل املحادثات و األصوات و التقاط
الصور ،و اإلستعانة بكل الترتیبات التقنیة الالزمة لذلك من اجل الوصول إلى الكشف عن
مالبسات الجریمة و إثباتها دون أن یتقیدوا بقواعد التفتیش و الضبط املألوفة.
ومع هذا فان املشرع الجزائري لم یطلق حق اللجوء إلى هذا اإلجراء ،بل أحاطه بمجموعة
من الضمانات القانونیة التي تحد من تعسف سلطات اإلستدالل و التحري وتصون الحقوق و
43
الحریات العامة و الحیاة الخاصة لألفراد
يخرب البريد أو ينتهكه يعاقب الجاني بالحرمان من كافة الوظائف أو الخدمات العمومية من
خمس إلى عشرسنوات.45
جـ-القانون الخاص بالوقاية من الجرائم املتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واإلتصال
ومكافحتها :لقد جاء في القانون 04-09مجموعة من التدابیر الوقائیة التي یتم إتخاذها مسبقا
من طرف مصالح معینة لتفادي وقوع جرائم معلوماتیة أو الكشف عنها وعن مرتكبیها في وقت
مبكر ،وهي كالتالي:
-1مراقبة اإلتصاالت اإللكترونیة :لقد نصت املادة 04من القانون 04-09على أربع
حاالت التي یجوز فیها لسلطات األمن القیام بمراقبة املراسالت واإلتصاالت اإللكترونیة ،وذلك
بالنظرإلى خطورة التهدیدات املحتملة وأهمیة املصلحة املحمیة وهي:
-للوقایة من األفعال التي تحمل وصف جرائم اإلرهاب و التخریب و جرائم ضد أمن
الدولة.
-عندما تتوفرمعلومات عن احتمال وقوع إعتداء على منظومة معلوماتیة على نحو یهدد
مؤسسات الدولة أو الدفاع الوطني أو النظام العام.
-لضرورة التحقیقات و املعلومات القضائیة حینما یصعب الوصول إلى نتیجة تهم
األبحاث الجاریة دون اللجوء إلى املراقبة اإللكترونیة.
-في أطارتنفیذ طلبات املساعدات القضائیة الدولیة املتبادلة.
-2إقحام مزودي خدمات اإلتصاالت اإللكترونیة في مسار الوقایة من الجرائم
املعلوماتیة :وذلك من خالل فرض علیهم مجموعة من اإللتزامات مذكورة في املواد ،11 ،10
12بالشكل التالي:
-اإللتزام بالتعاون مع مصالح األمن املكلف بالتحقیق القضائي عن طریق جمع أو
تسجیل املعطیات املتعلقة باإلتصاالت و املراسالت و وضعها تحت تصرفها مع مراعاة سریة
هذه اإلجراءات و التحقیق.
-اإللتزام بحفظ املعطیات املتعلقة بحركة السیروكل املعلومات التي من شانها أن تساهم
في الكشف عن الجرائم ومرتكبیها ،وهذین اإللتزامين موجهین لكل مقدمي خدمات اإلتصاالت
اإللكترونیة ( ) Fournisseurs de servicesدون إستثناء.
-اإللتزام بالتدخل الفوري لسحب املحتویات التي یسمح لهم اإلطالع علیها بمجر العلم
طریقة مباشرة أو غیرمباشرة بمخالفتها للقانون ،و تخزینها أو جعل الوصول إلیها غیرممكن.
-اإللتزام بوضع ترتیبات تقنیة للحد من إمكانیة الدخول إلى املوزعات التي تحتوي على
معلومات متنافیة مع النظام العام و اآلداب العامة مع إخطاراملشتركین لدیهم بوجودها.
ونشیر إلى أن هذین اإللتزامین یخصان فقط مقدمي الدخول إلى األنترنیت ( �Fournis
.) seurs D’accès a l’internet
إضافة الى التدابیر الوقائیة السالفة الذكر تبنى املشرع في القانون رقم 04-09إجراءات
جديدة یدعم بها تلك املنصوص علیها في قانون اإلجراءات الجزائیة الخاصة بمكافحة جرائم
تكنولوجیة اإلعالم و اإلتصال تتلخص فیما یلي:
-السماح للجهات القضائیة املختصة و ضباط الشرطة بالدخول لغرض التفتیش ولو
عن بعد إلى منظومة معلوماتیة أو جزء منها و املعطیات املعلوماتیة املخزنة فیها و إستنساخها،
مع أمكانیة تمدید التفتیش لیشمل املعطیات املخزنة في منظومة معلوماتیة أخرى التي یمكن
الدخول إلیها بواسطة املنظومة األصلیة ،بشرط إخطارالسلطات املختصة مسبقا.
-إمكانیة اإلستعانة بالسلطات األجنبیة املختصة للحصول على املعطیات محل البحث
املخزنة في منظومة معلوماتیة موجودة خارج اإلقلیم الوطني ،و ذلك طبقا لإلتفاقیات الدولیة
و مبدأ املعاملة باملثل.
-توسیع دائرة إختصاص الهیئات القضائیة الجزائرية لتشمل النظر في الجرائم املتصلة
بتكنولوجیة اإلعالم و اإلتصال املرتكبة من طرف األجانب خارج اإلقلیم الوطني ،عندما تكون
مؤسسات الدولة الجزائریة والدفاع الوطني واملصالح اإلستراتیجیة للدولة الجزائریة مستهدفة.
-السماح للسلطات الجزائریة املختصة اللجوء إلى التعاون املتبادل مع السلطات
األجنبیة في مجال التحقیق و جمع األدلة للكشف عن الجرائم املتصلة بتكنولوجیة اإلعالم و
اإلتصال عبر الوطنیة و مرتكبیها ،و ذلك عن طریق تبادل املعلومات أو إتخاذ تدابیر احترازية في
إطاراإلتفاقیات الدولية ومبدأ املعاملة باملثل.46
د -قانون التأمينات :قد تطرق هذا القانون كذلك إلى تنظيم الجريمة اإللكترونية
من خالل هيئات الضمان اإلجتماعي ،في نصوص قانونية عديدة تخص البطاقة اإللكترونية
التي تسلم للمؤمن له إجتماعيا مجانا بسبب العالج وهي صالحة في كل التراب الوطني ،وكذا
للجزاءات املقررة في حالة اإلستعمال غيراملشروع أو من يقوم عن طريق الغش بتعديل أو نسخ
أو حذف كلي أو جزئي للمعطيات التقنية أو اإلدارية املدرجة في البطاقة اإللكترونية للمؤمن له
إجتماعيا أو في املفتاح اإللكتروني لهيكل العالج أو في املفتاح اإللكتروني ملهن الصحة للبطاقة
اإللكترونية حسب املادة 93مكرر.247
ب -املعهد الوطني لألدلة الجنائية على اإلجرام :يتكون من إحدى عشرة دائرة متخصصة
في مجاالت مختلفة ،جميعها تضمن إنجازالخبرة ،التكوين والتعليم وتقديم املساعدات التقنية،
ودائرة اإلعالم األلي واإللكتروني مكلفة بمعالجة وتحليل وتقديم كل دليل رقمي يساعد للعدالة،
كما تقدم مساعدة تقنية للمحقيقين في املعاينات.50
جـ -الهيئات القضائية الجزائية املتخصصةَّ :إن السلطة القضائیة ستتعامل تأكیدا في
ّ
قضایا الجرائم املتصلة بتكنولوجیات اإلعالم واإلتصال ،والسیما بعد اللجوء الواسع واملتزاید
إلى الشبكات الرقمیة في حیاة املواطنین ،بینما یتطلب األمرمظاهرتقنیة وقانونیة ملعالجة هذه
القضایا ،وعلى هذا فإن حتمیة املعرفة ولو في حدها األدنى ملعالجة فعالة في هذه املواد التي
تجتاح املجال العقابي.
ومنذ سنة 2003وفي إطار إصالح العدالة ،قامت وزارة العدل بإطالق برنامج تكوین
خاص بالقضاة هدفه رفع مستوى أداء القضاة ،لیواكب التطور القانوني الجاري الخاص
بجرائم املعلوماتیة ألجل هذا تم إجراء أوال :دمج مادة « الجریمة املعلوماتیة « في برنامج تكوین
طلبة املدرسة الوطنیة للقضاء على شكل ملتقیات ینشطها خبراء ،العدید من دورات التكوین
في مختلف مجاالت الجرائم املتصلة بتكنولوجیات اإلعالم واإلتصال منظمة بالخارج لصالح
القضاة ٕواطارات وزارة العدل في إطار التعاون الثنائي ،ومنها :التعاون الجزائري الفرن�سي،
الجزائري البلجیكي ،والجزائري .األمریكي الذي تناول خاصة التكوین املتخصص في امللكیة
الفكریة املتمحورة حول التزویر املتصل بالبیئة الرقمیة وال شك َّأن تخصیص جهات القضاء
وتخصص القضاة هما من السمات الحدیثة البارزة للتنظیم القضائي الجزائري ،وقد جاء في
إتفاقیة التمویل الجزائریة األوربیة ملشروع دعم إصالح العدالة في الجزائر َّأن :هذا املشروع
یهدف إلى دعم التخصص وتكوین القضاة داخل وخارج الوطن لإلستجابة للمتطلبات املستجدة
الناتجة عن التزاید املستمر للمنازعات التي یجب علیهم الفصل فیها ،ونظرا ألهمیة التخصص
القضائي فقد عقد له عدة مؤتمرات دولیة منها :مؤتمرروما سنة ، 1958مؤتمرنیس سنة 1972
،مؤتمرریو دي جانیرو لسنة ، 1978وقد أكدت هذه املؤتمرات أن التخصص في مجال القضاء
فعال في رفع مستوى العمل القضائي ،ولنظام التخصص جانبین هما: له أهمیة كبیرة ودور ّ
تخصص القضاة ،وتخصیص جهات القضاء .
ویتجه النظام القضائي الجزائي إلى إرساء فكرة القضاء املتخصص ،وما یؤكد ذلك ما
نص علیه القانون رقم 14/04املؤرخ في 10نوفمبر 2004املعدل واملتمم لقانون اإلجراءات
الجزائیة (ق.إ.ج) على َّأنه یجوز تمدید دائرة اإلختصاص للمحكمة وكذا لوكیل الجمهوریة
وقا�ضي التحقیق عن طریق التنظیم في جرائم املخدرات والجریمة املنظمة عبرالحدود الوطنیة،
والجرائم املاسة بأنظمة املعالجة اآللیة للمعطیات وجرائم تبییض األموال واإلرهاب والجرائم
ُ
املتعلقة بالتشریع الخاص بالصرف ،كما نصت املادة 40مكرر من ق إ ج على َّأنه « تطبق قواعد
هذا القانون املتعلقة بالدعوى العمومیة والتحقیق واملحاكمة أمام الجهات القضائیة التي یتم
توسیع إختصاصها املحلي طبقا للمواد 329 ،37، 40من هذا القانون مع مراعاة أحكام املواد
من 40مكرر 1إلى 40مكرر 5أدناه».
ٕواذا كان للقضاء املتخصص جانبین هما تخصص القضاة واألجهزة القضائیة املتخصصة
فإن هذه األخیرة تتطلب رصد إمكانیات مادیة وبشریة ضخمة ،وهو األمرالذي نعتقد َّأنه جعل
املشرع الجزائري لتالفي هذه العقبات التي تواجه القضاء املتخصص یختار أسلوب األقطاب
لكنه یوسع من دائرة اإلختصاص اإلقلیميالقضائیة ،51فیتجنب إنشاء هیئات قضائیة جدیدة ّ
للمحاكم لتشكل أقطاب قضائیة ویمنحها إختصاص نوعي معین في مواد معینة دون أن یمنعها
ذلك من الفصل في املواد التي تدخل ضمن إختصاصها العادي ،وهذا ما یجعلنا نعتقد من
جانب آخر َّأن التخصص الذي سیسود التنظیم القضائي الجزائري سیرتكز أكثر على الجانب
البشري أي تخصص القضاة ،لیشكل ذلك حجرالزاویة لفكرة األقطاب القضائیة.
هذه األقطاب الجزائیة املتخصصة طبقا لنصوص املرسوم التنفیذي رقم 348 /06
املؤرخ في 05أكتوبر 2006املتضمن تمدید اإلختصاص املحلي لبعض املحاكم ووكالء الجمهوریة
وقضاة التحقیق(جریدة رسمیة رقم( 63 :في جرائم املخدرات والجریمة املنظمة عبر الحدود
الوطنیة ،والجرائم املاسة بأنظمة املعالجة اآللیة للمعطیات وجرائم ریع الخاص بالصرفَّ ،
وألن
الجریمة املنظمة تشمل جرائم تبییض األموال واإلرهاب والجرائم املتعلقة بالتش متنوعة تتعلق
ُ
بسلوكیات خطیرة ألنها تستهدف األشخاص واملمتلكات والدولة ،وترتكب من طرف عدة أفراد
تعد الجرائم املعلوماتیة بشكل من األشكال جریمة منظمة ترتكب یتصرفون بطریقة منظمةُّ ،
عن طریق الشبكات الرقمیة ،والتي یمكن معالجتها عن طریق األقطاب الجزائیة املتخصصة،
وكما الحظنا سابقا فإن الحركة املتزایدة والضروریة أدت إلى تركیزاإلختصاص القضائي في إطار
اإلهتمام بجدوى وفاعلیة الجهازالقضائي في مكافحة الجرائم املستحدثة.52
الخاتمــة:
أهم النتائج التي توصلت لها الدراسة:
-لم يتفق الفقهاء على تعريف جامعا مانعا للجريمة اإللكترونية.
-تبين من خالل دراسة خصائص الجريمة اإللكترونية أنها تتمتع بطبيعة قانونية مغايرة
تماما للجريمة التقليدية.
-قصور القوانين التقليدية أمام هذه الجرائم املستحدثة.
-رغم إجتهاد املشرع الجزائري للتصدي لهذه الجريمة ،إال أنه لم يخصها بقانون قائم
بذاته للتحكم فيها بصرامة.
371 مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية
العدد الحادي عشر
الجريمة اإللكترونية واإلجراءات التشريعية ملواجهتها في الجزائر سبتمبر2018
-إن التطور التكنولوجي والتقني يحتم على املشرع تعديل القواعد القانونية ،خاصة فيما
يتعلق بحقوق امللكية الفكرية والحقوق املجاورة لم تعد قابلة للتطبيق في بيئة الرقمية.
-أن النصوص الوضعية لحماية حقوق املؤلف والحقوق املجاورة تعتبرغيركافية ملواجهة
اإلعتداءات الواقعة عليها عبراألنترنت.
-ضرورة مراجعة التشريعات الوطنية من خالل تشديد الوصف الجنائي والعقوبات
املقررة لألنماط اإلجرامية للجريمة املعلوماتية ،بغية تحقيق الردع والقضاء على اإلجرام
املعلوماتي.
-ضرورة تعديل بعض التشريعات الجزائرية الحالية وخاصة في مجال امللكية الفكرية
بما يتالئم مع طبيعة جرائم األنترنت ،والتقنية ،وتثقيف العاملين في الجهات ذات العالقة بهذه
التعديالت وشرحها لهم بشكل واضح.
-اإلسراع في اصدارالقوانين التنظيمية ،من خالل وضع مدونة قواعد السلوك في مجال
املعلوماتية ،تتناسب والتطورات التي يعرفها اإلجرام املعلوماتي.
-ضرورة إبرام إتفاقات عربية ودولية في مجال مكافحة الجرائم املعلوماتية ،وذلك
لتحديد إطاراإلختصاص القضائي الدولي والتعاون في كشف وإثبات الجريمة املعلوماتية.
-ضرورة إيجاد الوسائل املناسبة للتعاون الدولي للمكافحة هذه الجريمة من الناحية
اإلجرائية بهدف التوفيق بين التشريعات الخاصة بهذه الجرائم كالتعاون الدولي على تبادل
املعلومات وتسليم املجرمين وقبول أي دولة لألدلة املجموعة في دول أخرى لضمان الحماية
العاملية الفعالة لبرامج املعطيات األلية والكمبيوتروشبكة األنترنت ككل.
-مساعدة شركات التقنية واألنترنت في اتخاذ إجراءات أمنية مناسبة ،سواءا من حيث
سالمة املنشآت أو ما يختص بقواعد حماية األجهزة ،والبرامج.
-التنسيق إلنشاء مركز معلومات عربي مشترك يهتم برصد وتحليل جرائم الحاسوب،
يضم معلومات مكتملة عن أي واقعة ومعلومات عن املدانين واملشتبه بهم.
-اإلستعانة بمختصين وخبراء قادرين على تشخيص الجريمة والعمل على تكوين فرق من
الضبطية القضائية والقضاة مع توفير كافة الوسائل املادية والتقنية الالزمة لها ألداء عملها
ومهامها على أحسن صورة.
-عقد دورات مكثفة للكوادرالبشرية العاملين في حق التحري والتحقيق ،واملحاكمة حول
جرائم املساس بأنظمة املعالجة اآللية للمعطيات وتطبيقات الحاسوب ،والجرائم املرتبطة بها،
والنظر في تضمين مناهج التحقيق الجنائي في كليات ،ومعاهد تدريب الشرطة موضوعات عن
مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية
372
العدد الحادي عشر
سبتمبر2018
الجريمة اإللكترونية واإلجراءات التشريعية ملواجهتها في الجزائر
جرائم األنترانت.
-ضرورة خلق ثقافة إجتماعية جديدة تندد بجرائم األنترنت مع تفعيل أسلوب التوعية
والتهذيب لدى مستخدمي شبكة اإلتصاالت العاملية وحثهم على اإلستخدام األمثل لهذه
التقنيات.
-ضرورة نشر الوعي الرقمي بين املستخدمين وكيفية تفادي التعدي على بياناتهم
الشخصية وتعريفهم بحجم الخطورة التي ترصدهم في حالة عدم إتخاذ اإلحتياطات الوقائية
الالزمة.
-تشجيع الجامعات واملراكز البحثية على تنظيم العديد من الندوات واملؤتمرات التي
تعالج تطور اإلجرام املعلوماتي وكيفية مكافحة الجريمة املعلوماتية والحد من أثارها.
الهوامش :
1مختارية بوزيدي ،ماهية الجريمة االلكترونية ،امللتقى الوطني “أليات مكافحة الجرائم االلكترونية في التشريع الجزائري” ،الجزائر
العاصمة ،بتاريخ 29مارس ،2017ص.09
أنظر ايضا :مجمع البحوث والدراسات ،الجريمة اإللكترونية في املجتمع الخليجي وكيفية مواجهتها ،أكاديمية السلطان قابوس لعلوم
الشرطة ،سلطنة عمان،2016 ،ص .20
2فضيلة عاقلي ،الجريمة اإللكترونية وإجراءات مواجهتها من خالل التشريع الجزائري ،املؤتمرالدولي الرابع عشر«الجرائم اإللكترونية»،
طرابلس ،بتاريخ 25-24مارس ،2017ص .118
3عادل يوسف عبد النبي الشكري ،الجريمة املعلوماتية وأزمة الشرعية الجزائية ،مجلة مركز دراسات الكوفة ،جامعة الكوفة «كلية
القانون» ،العدد السابع ،2008،ص . 113
فضيلة عاقلي ،مرجع سابق ،ص.118 4
ياسمينة بونعارة ،الجريمة اإللكترونية ،مجلة املعيارلكلية أصول الدين ،جامعة األميرعبد القادر ،2015/06/19،العدد ، 39ص.4 5
6محمد علي قطب ،الجرائم املعلوماتية وطرق مواجهتها ،الجزء الثاني ،وزارة الداخلية “ األكاديمية امللكية للشرطة” ،البحرين،
مارس ،2010ص .02
مختارية بوزيدي ،مرجع سابق ،ص.10 7
8أنهال عبد القادراملومني ،الجرائم املعلوماتية ،الطبعة األولى ،دارالثقافة للنشروالتوزيع ،األردن ،2008 ،ص.52
9نمديلي رحيمة ،خصوصية الجريمة اإللكترونية في القانون الجزائري والقوانين املقارنة ،املؤتمر الدولي الرابع عشر ،طرابلس ،بتاريخ
25-24مارس ،2017ص .100
محمد زكي أبو عامروعلي عبد القادرالقهوجي ،قانون العقوبات “ القسم الخاص” ،دارالنهضة العربية ،القاهرة ،1993 ،ص.09 10
11بن غدفة شريفة و القص صليحة ،الجريمة اإللكترونية املمارسة ضد املرأة على صفحات األنترنات وطرق محاربتها ،أعمال امللتقى
الوطني“ ،آليات مكافحة الجرائم االلكترونية في التشريع الجزائري” ،الجزائر29 ،مارس ،2017ص .48
12فضيلة عاقلي ،مرجع سابق ،ص .120-119
13لورنس سعيد الحوامدة“ ،الجرائم املعلوماتية أركانها وآلية مكافحتها” دراسة تحليلية مقارنة ،مجلة ميزان للدراسات القانونية
والشرعية ،األردن ،2016/08/13 ،ص.24
14فضيلة عاقلي ،مرجع سابق ،ص .120
34حسين نوارة ،آليات تنظيم املشرع الجزائري لجريمة اإلعتداء على الحق في الحياة الخاصة إلكترونيا ،امللتقى الوطني “اليات
مكافحة الجرائم االلكترونية في التشريع الجزائري” ،الجزائر29 ،مارس ،2017ص .122 -121
فضيلة عاقلي ،مرجع سابق ،ص .127 35
36قانون رقم 15-04مؤرخ في 2004/11 /10يعدل ويتمم االمررقم ،156-66يتضمن قانون العقوبات ،جريدة رسمية عدد ،71
صادربتاريخ ،2004/11/10معدل ومتمم.
37قانون رقم 22-06مؤرخ في 2006/12/20يعدل ويتمم االمررقم ،155-66يتضمن قانون االجراءات الجزائية ،جريدة رسمية ،عدد
،84صادربتاريخ .2006/12/24
38براهيمي جمال ،مكافحة الجريمة االلكترونية في التشريع الجزائري ،املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو ،العدد ،2الصادرة في ،2016/11/15ص .125-124
حسين نوارة ،مرجع سابق ،ص .119-118 39
41مولود ديدان ،قانون اإلجراءات الجزائية ،األمر ، 02 -11داربلقيس ،الجزائر ،ص .33
فضيلة عاقلي ،مرجع سابق ،ص.130 42
48ملعرفة مهام الهیئة الوطنیة للوقایة من الجرائم املتصلة بتكنولوجیات اإلعالم واالتصال ومكافحتها املستقبلیة.
أنظر www. legifrance..gouv . .fr/affich texte.de
49عبد الفتاح بیومي حجازي ،اإلثبات الجنائي في جرائم الكمبیوترواألنترنت ،دارالكتب القانونیة ،مصر، 2007 ،ص .233 -232
فضيلة عاقلي ،مرجع سابق ،ص .133 50
51عماربوضياف ،النظام القضائي الجزائري ،دار ریحانة ،الجزائر ،2003 ،ص . 229،230
52أحمد مسعود مريم ،آليات مكافحة جرائم تكنولوجيا اإلعالم واالتصال في ضوء القانون رقم ،04/09مذكرة لنيل شهادة املاجستير،
تخصص قانون جنائي ،جامعة قاصدي مرباح “ كلية الحقوق” ،ورقلة ، 2013-2012،ص .50-49