Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 134

‫ماستر المهن القانونية والقضائية‬

‫(الفوج الثاني)‬

‫رسالة لنيل شهادة الـماستر في موضوع‪:‬‬

‫دورخاليا التكفل بالنساء واألطفال‬


‫ضحايا العنف في حماية الحقوق‬

‫تحت إشراف الدكتور‪:‬‬


‫رضوان عسويات‬ ‫من إعداد الطالبة الباحثة‪:‬‬
‫إيمان شفيق‬

‫الجامعية‪2222-2222 :‬‬
‫‪1‬‬ ‫السنة‬
2
3
4
‫مقدمة‬
‫يعد موضوع العنف ضد النساء واألطفال من المواضيع التي حظيت باهتمام كبير سواء على الصعيد‬
‫الوطني أو الدولي‪ ،‬باعتباره انتهاكا للكرامة اإلنسانية وخرقا للمواثيق الدولية وهدرا لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫فظاهرة العنف تشكل أحد أبرز صور االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان والحريات األساسية وعقبة أمام‬
‫تحقيق المساواة والتنمية‪ ،‬ومكافحتها ال تتأتى إال بإرساء ثقافة مجتمعية مرتكزة على قيم حقوق اإلنسان‬
‫وعلى مبادئ اإلنصاف والمساواة‪ ،‬ثقافة تقر بضرورة تمكين النساء وتوفير الحماية لهن وألبنائهن‪.‬‬
‫فالمطلع على وضعية المرأة والطفل وأساليب معاملتهم في العقود السابقة يندهش من المعاملة التي كانوا‬
‫يعاملون بها‪ ،‬فالمرأة كانت تعامل معاملة البضائع تباع وتشترى كما كان األطفال يحرمون من حقهم في‬
‫الحياة حيث يتم قتلهم بمجرد والدتهم وكان يمارس عليهم أبشع أنواع األذى‪ ،‬بل كانوا يدفنون أحياء ليقدموا‬
‫قربانا إلى اآللهة‪.1‬‬
‫إلى أن جاء اإلسالم والذي نظر للمرأة والطفل نظرة تكريم حيث اعتبر الدين اإلسالمي نقطة تحول في الحياة‬
‫البشرية‪ ،‬وذلك من خالل القضاء على األعراف التي كانت تحط من قيمة المرأة والطفل‪ ،‬كما ضمن لهما‬
‫الحق في الحياة والعيش الكريم وشرع لهما من األحكام ما يرفع من شأنهما ويحفظ كرامتهما بنبذ كل أشكال‬
‫التمييز والعنف‪ ،‬وقد أسست لهذه الكرامة اإلنسانية مجموعة من اآليات القرآنية التي دعت إلى حماية‬
‫المرأة والطفل‪.‬‬
‫َ َ ْ َ ْ ُ َ ُ ُ َ ْ َ ِّ َ ْ ُ َ‬
‫ي ذن ٍب ق ِتلت} وقوله‬ ‫فالشريعة اإلسالمية حرمت قتل األطفال بدليل قوله تعالى‪{ :‬وإذا الموءودة س ِئلت * ِبأ ِ‬
‫َ َ ُ ِّ َ َ َ ُ ُ ْ ُ َ َ َّ َ ْ ُ ُ ُ ْ َ ًّ َ ُ َ َ ِ ٌ َ َ َ َ َ ْ َ ْ ْ ُ َ ُ َِّ‬
‫وء ما ب ِشر ِب ِه‬ ‫عز وجل‪{ :‬و ِإذا ب ِشر أحدهم ِباألنثى ظل وجهه مسودا وهو ك ِظيم * يتوارى ِمن القو ِم ِمن س ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُّ َ َ‬ ‫َأ ُي ْمس ُك ُه َع َلى ُهون َأ ْم َي ُد ُّس ُ‬
‫اب أال َس َاء َما َي ْحك ُمون}‪ ،‬كما جاء في الكتاب الحكيم أيضا قوله تعالى‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫الت‬ ‫ي‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وهنَّ‬ ‫{ َوَال َت ْق ُت ُلوا َأ ْوَال َد ُك ْم م ْن إ ْم َالق َن ْح ُن َن ْر ُز ُق ُك ْم َ إ َّي ُ‬
‫اه ْم} وقوله تعالى‪َ { :‬و َعاش ُر ُوه َّن ب ْال َم ْع ُروف َفإ ْن َكر ْه ُت ُم ُ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َو ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ ِ ٍ‬
‫َْ َْ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ ً‬
‫ف َع َس ى أن تك َر ُهوا ش ْيئا َو َي ْج َع َل الله ِف ِيه خ ْي ًرا ك ِث ًيرا} فهذه اآلية الكريمة ترشد إلى معاملة النساء معاملة‬
‫بالمعروف والحسنى‪.‬‬
‫ومع ذلك ظلت مشكلة العنف سارية إذ لم تقتصر على مجتمع معين وال على فئة معينة‪ ،‬بل شملت كل‬
‫الثقافات وتعدت كل الحدود والفئات االجتماعية‪.2‬‬

‫‪1‬نوفل يخليفي‪ ،‬العنف ضد األطفال‪-‬دراسة عملية‪ ،-‬بحث نهاية التدريب‪ ،‬المعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج‪ ،62‬فترة التدريب‪،6022-6002‬‬
‫الصفحة ‪.6‬‬
‫‪2‬خديجة الفياللي‪ ،‬العنف األسري ضد المرأة بالمغرب أية حماية؟ ‪-‬العنف الزوجي نموذجا‪ ،-‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،6002-6002‬الصفحة ‪.2‬‬
‫‪5‬‬
‫ومع تطور الحياة اليومية تطورت مظاهر العنف الممارس على المرأة والطفل وتعددت أشكاله‪ ،‬لتكشف‬
‫عن أنواع جديدة من العنف وأكثرها خطورة‪ ،‬ويتعلق األمر بالعنف األسري والذي يعد من أبرز مظاهر‬
‫العنف وأكثرها شيوعا د اخل املجتمعات‪ ،‬كونه يطال المرأة داخل مؤسسة األسرة والتي من المفترض أن‬
‫تكون وحدة األمان واالستقرار التي ينطلق منها الفرد إلى مجتمعه‪.‬‬
‫وإلى عهد قريب كان العنف ينظر إليه کشأن داخلي ال ينبغي التصريح به علنا إلى أن أصبح في ظل التطور‬
‫الحضاري مسألة مكشوفة وموضوعة على طاولة البحث والتدقيق والمساءلة واإلدانة‪ ،‬حيث أضحى في‬
‫العقد األخير من القرن العشرين من أهم القضايا التي أميط عنها اللثام وزعزعت سلطتهـا التي تخفي وراءها‬
‫مجموعة من الممارسات العدوانية والالإنسانية‪.‬‬
‫وهكذا تعالت األصوات المنادية بضرورة التدخل الدولي إلقرار حماية خاصة للمرأة والطفل من كل أشكال‬
‫العنف‪ ،‬وعليه بادرت الدول إلى إصدار العديد من المواثيق والمعاهدات الدولية مما أدى إلى انبثاق‬
‫مجموعة من المنظمات والهيئات على رأسها منظمة األمم المتحدة التي عملت على خلق مجموعة من‬
‫المبادئ واآلليات التي شكلت األرضية األساسية لكل االستراتيجيات وبرامج العمل في وضع التدابير القانونية‬
‫واإلجرائية الرامية إلى حماية كل من المرأة والطفل وضمان حقوقها‪.3‬‬
‫وفي هذا اإلطار صادق المغرب على عدة اتفاقيات دولية وسار على نهجها حيث أولى حيزا هاما لحماية النساء‬
‫واألطفال ضمن ترسانته القانونية وذلك باعتماده تشريعات وطنية منها بالخصوص القانون الدستور‬
‫كأسمى تشريع داخلي بالمملكة وتأتي بعده باقي القوانين‪ ،‬ويبقى للقانون الجنائي الدور الرئيس ي لحماية‬
‫النساء واألطفال نظرا لما يوفره من جانب ردعي اتجاه منتهكي حقوق هذه الفئة ويضاف له باقي القوانين‬
‫التي تعرض فيها المشرع لحماية النساء واألطفال ( مدونة األسرة‪ ،‬مدونة الشغل‪ ،‬قانون المسطرة الجنائية‪،‬‬
‫قانون الحالة المدنية‪ ،‬قانون كفالة األطفال المهملين‪ ،‬قانون الجنسية ‪ ،‬وهكذا فدستور ‪ 1122‬جاء‬
‫بمجموعة من اإلصالحات وتضمن ميثاقا للحقوق والحريات ورسخ مبادئ وقيم تصب في اتجاه حماية حقوق‬
‫المرأة والطفل والنهوض بهذه الحقوق وحظر كل أشكال التمييز‪.‬‬
‫كما قامت المملكة المغربية بتبني مجموعة من االستراتيجيات الوطنية أولها استراتيجية وطنية لمواجهة‬
‫ظاهرة العنف ضد النساء سنة ‪ ،1111‬ثم وضع مخطط تنفيذي لها سنة ‪ 1112‬واعتماد رؤية جديدة‬
‫لمناهضة العنف ضد النساء لسنة ‪ ،1121‬ثم االستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النسا ‪-1111‬‬
‫‪ ،1101‬ولعل ما أفرزته هذه االسراتيجيات المتعاقبة هو العمل على االرتقاء بمستوى التكفل بالنساء‬
‫واألطفال ضحايا العنف‪.‬‬

‫‪3‬محمد بلحاج الفحصي‪ ،‬حماية األطفال ضحايا االستغالل في المنظومة الجنائية الدولية‪ ،‬مقال منشور بمجلة محيط للدراسات‬
‫واألبحاث الدراسية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬سنة ‪ ،6020‬الصفحة ‪.29‬‬
‫‪6‬‬
‫وسعيا نحو إرساء منظور جديد يتوخى توفير تكفل حقيقي لهذه الفئة من املجتمع وفي سبيل تحقيق هذه‬
‫الغاية أحدثت خاليا للتكفل منذ سنة ‪ 1112‬أعقبتها خلق لجان محلية وجهوية باعتبارها آليات للتنسيق‪.‬‬
‫والتكفل القضائي بالنساء واألطفال ضحايا العنف يشكل جزءا ال يتجزأ إلى جانب الخاليا الموجودة‬
‫بالمصالح المركزية والالمركزية للقطاعات المكلفة بالعدل والصحة وبالشباب وبالمرأة وكذا المديرية‬
‫العامة لألمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي‪.‬‬
‫وفي ظل ما شهده املجتمع من ظهور أشكال جديدة للعنف األمر الذي دفع الحركات النسائية للقيام‬
‫بمطالبات وحمالت تحسيسية ملحاربة مختلف أنواع العنف الموجه للمرأة‪ ،‬ووضعت ضمن أولوياتها ضرورة‬
‫وجود قانون يحمي النساء من العنف بمختلف أشكاله وعلى نحو يتالءم والمعايير الدولية‪ ،‬وفعال‬
‫استطاعت تحقيق مطالبها‪ ،‬حيث شهدت الساحة القانونية صدور قانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف‬
‫ضد النساء‪.‬‬
‫وذلك إيمانا بأن التصدي للعنف المسلط على النساء واالرتقاء الفعلي بالتكفل بهن يحتاج إلى مقاربة‬
‫قانونية حيث اعتبر هذا القانون أول التفاتة تشريعية تهتم بمحاربة العنف ضد النساء بأبعادها الوقائية‬
‫والزجرية والحمائية ثم التكفلية‪ ،‬فالبعد التكفلي يأخد حيزا مهما من هذا القانون‪ ،‬إذ تم وضع خاليا التكفل‬
‫في إطارها القانوني والمؤسساتي فضال عن إحداثه ألول مرة لجنة وطنية للتكفل كآلية للتنسيق‪ ،‬ليعقبه‬
‫المرسوم التطبيقي الصادر بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ ،1122‬الذي حدد بدقة تأليف جميع الخاليا وحدد كيفيات‬
‫عمل اللجنة الوطنية‪.‬‬
‫فخاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف آلية تبنتها وزارة العدل كخطوة من أجل ترجمة خطة عملها‬
‫والتزاماتها الدولية والوطنية تعزيزا للحماية الجنائية للمرأة والطفل وتسهيل ولوجهما إلى مرفق العدالة‪،‬‬
‫بهدف ضمان تكفل قضائي فعال مبني على أساس إنساني موجه لفائدة المرأة من جهة وتحقيق المصلحة‬
‫الفضلى للطفل من جهة ثانية‪.4‬‬
‫كما اتسم مسار إحداثها بالتدرج إذ ظهرت أولى مالمحها بموجب الرسالة الدورية الصادرة عن وزير العدل‬
‫بتاريخ ‪ 02‬دجنبر ‪ 1112‬التي وضعت اإلطار العام لدور هذه الخاليا في االرتقاء بالعمل القضائي وإعطائه‬
‫البعد االجتماعي واإلنساني مع وضع خطة عملية لتحقيق هذه األهداف‪ ،‬كما كان يطلق عليها اسم الخلية‬
‫القضائية ملحاربة العنف ضد النساء‪ ،‬وتم إحداثها على صعيد املحاكم االبتدائية المتواجدة بكل من مدينة‬
‫فاس وطنجة والرباط‪ ،‬ليتم تعميمها وتوسيع نشاطها بمختلف محاكم المملكة وهو ما جاء به القانون‬
‫‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪.‬‬

‫‪ 4‬خديجة المصمودي‪ ،‬الحماية الجنائية للمرأة بين االلتزامات الدولية والقانون الوطني‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم نهاية التكوين في سلك الماستر‪،‬‬
‫ماستر المنظومة الجنائية والحكامة األمنية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة ابن زهر بأكادير‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،6062-6060‬الصفحة ‪.20‬‬
‫‪7‬‬
‫فالتكفل بالنساء واألطفال هو توفير الوقاية والحماية من كافة مظاهر العنف والقهر االجتماعي‪ ،‬التي يمكن‬
‫أن تتعرض لها هذه الفئة وقد كان وال زال يمثل األولوية في الفكر اإلنساني‪ ،‬ويعتبر موضوعا وثيق الصلة‬
‫بثقافة حقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا‪ ،‬إذ يتمحور حول كيان المرأة والطفل بهدف إعادة‬
‫االعتبار لهما وإلنسانيتهما وصيانة حقوقهما وحرياتهما األساسية‪.‬‬
‫فالتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف يعتبر من أهم مقومات كل قانون يتوخى مناهضة هذه الظاهرة‬
‫وحماية النساء واألطفال منه‪ ،‬ويقتض ي بموازاة مع التجريم والعقاب تحديد سبل اإلنصاف وضمان تدابير‬
‫حمائية ناجعة ووضع آليات عملية وفعالة للتكفل بالنساء واألطفال الضحايا‪ ،‬تشمل ما قبل المسار‬
‫القضائي وأثناءه بدءا من االستقبال واالستماع والتوجيه وتلقي الشكايات ومرورا بالبحث والتحري‬
‫والتحقيق إلى المتابعة واملحاكمة والحكم والتنفيذ‪.‬‬
‫ولعل الهدف األساي ي من إحدا هذه الخاليا‪ ،‬هو ضمان نجاعة وفعالية المؤسسة القضائية في مجال‬
‫توفير الحماية للنساء واألطفال وتيسير ولوجهم للمحاكم‪ ،‬وتوفير املخاطب المتخصص في قضاياهم‬
‫وإعطاء لتدخله البعد اإلنساني واالجتماعي المالئم ألوضاعهم من جهة وتعزيز سبل التعاون والتنسيق من‬
‫جهة أخرى مع باقي القطاعات الحكومية وغير الحكومية‪.5‬‬
‫ويقصد بخاليا التكفل بالنساء واألطفال‪ ،‬تلك اآللية التي تبنتها وزارة العدل‪ ،‬كخطوة من أجل ترجمة خطة‬
‫عملها والتزاماتها الوطنية والدولية تعزيزا للحماية الجنائية المرأة والطفل وتسهيال لولوجهما إلى مرفق‬
‫العدالة بهدف ضمان تكفل قضائي فعال‪ ،‬مبني على أساس إنساني موجه لفائدة المرأة من جهة‪ ،‬وتحقيق‬
‫المصلحة الفضلي للطفل من جهة ثانية‪.6‬‬
‫إضافة إلى إحدا خاليا التكفل بالنساء واألطفال بمقرات النيابات العامة باملحاكم االبتدائية واالستئناف‬
‫تم إحدا مكاتب المساعدة االجتماعية‪ ،‬لتشمل في سنة ‪ 1121‬قضاء الحكم والتحقيق‪ ،‬إيمانا منها بالدور‬
‫المهم الذي لعبته في تأهيل الجانب الحقوقي على مستوى اإلجراءات القضائية الموجهة لفائدة المرأة‬
‫والطفل وفي تفعيل استراتيجية وزارة العدل والمقاربة التي تنهجها في التكفل وحماية النساء عن طريق توفير‬
‫مخاطب متخصص في مجال المساعدة االجتماعية والذي من شأنه أن يضفي الطابع اإلنساني على تدخالت‬
‫مرفق العدالة ويضع النساء في جو مالئم يساعدهن على البوح بأدق التفاصيل التي تعرضن لها والمعاناة‬
‫التي عشنها‪ ،‬بما سيساعد املحكمة على اتخاذ العقوبة األنسب في حق مرتكب العنف‪.‬‬
‫إن موضوع دور خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف في حماية الحقوق يكتس ي أهمية بالغة على‬
‫عدة مستويات يمكن اختزالها في الجانب االجتماعي والمؤسساتي‪ ،‬فظاهرة العنف ضد النساء واألطفال‬
‫باعتبارها قضية اجتماعية باألساس‪ ،‬وبالنظر لما تخلفه من آثار وانعكاسات سلبية على السالمة الجسدية‬

‫‪5‬ربيع الكرامة‪ ،‬قراءة نقدية لمشروع قانون ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة‬
‫‪( ،6022‬بدون ذكر عدد الطبعة)‪ ،‬الصفحة ‪.29‬‬
‫‪6‬خديجة المصمودي‪ ،‬الحماية الجنائية للمرأة بين االلتزامات الدولية والقانون الوطني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.20‬‬
‫‪8‬‬
‫والنفسية لكل من النساء واألطفال بل كذلك على األسرة واملجتمع ككل ومحاولة كسر الصمت عن‬
‫الظاهرة‪ ،‬ذلك أن األمر يتعلق بظاهرة تمارس غالبا في فضاء مغلق‪ ،‬الش يء الذي يفرض تسليط الضوء على‬
‫موضوع خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف للوقوف على دور هذه الخاليا في توفير الحماية لهذه‬
‫الفئة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لألهمية القانونية لهذا الموضوع فتتجلى في الوقوف عند مختلف اإلجراءات المسطرية المتبعة‬
‫في تفعيل المقتضيات الحمائية الخاصة بالنساء واألطفال خالل مسار التكفل بهما‪ ،‬والوقوف كذلك عند‬
‫آليات التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف وتناولها بالدراسة والتحليل ودورها في تطويق ظاهرة العنف‬
‫ضد هذه الفئات وما يقتضيه ذلك من توفير حماية خاصة لهما كلما تعرضت حقوقهما لالنتهاك‪ ،‬وكذا‬
‫تسليط الضوء على سبل تعزيز التنسيق بين جميع المتدخلين في عملية التكفل ودور العمل القضائي في‬
‫حماية هذه الفئة‪.‬‬
‫كما أن هذا الموضوع يطرح إشكالية مفادها‪:‬‬
‫إلى أي حد استطاعت خاليا التكفل توفيرالحماية للنساء واألطفال ضحايا العنف؟‬

‫ولإلجابة عن هذه اإلشكالية سيتم االعتماد على المنهج التحليلي من خالل شرح وتحليل النصوص‬
‫القانونية واالتفاقيات الدولية وتحليل مراحل التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف فضال عن دراسة‬
‫وتحليل لألحكام والقرارات القضائية ذات الصلة بالموضوع‪.‬‬
‫المنهج اإلحصائي من خالل تقديم بعض المعطيات اإلحصائية للعنف ضد النساء واألطفال من سنة‬
‫‪ 1122‬إلى سنة ‪ 1111‬والمتعلقة بتدابير الحماية واإلحصائيات الصادرة عن خاليا التكفل بالنساء واألطفال‬
‫ضحايا العنف على مستوى املحاكم واألمن الوطني والدرك الملكي والمستشفيات العمومية‪.‬‬
‫المنهج المقارن‪ :‬وذلك باستحضار كل من التشريع الفرنس ي والتونس ي والمصري والكردستاني واللبناني‪.‬‬

‫ولإلجابة عن اإلشكالية المطروحة سيتم االعتماد على التصميم التالي‪:‬‬


‫الفصل األول‪ :‬التنظيم العام لخاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬
‫الفصل الثاني‪ :‬آليات حماية النساء واألطفال ضحايا العنف‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التنظيم العام لخاليا التكفل بالنساء‬
‫واألطفال ضحايا العنف‬
‫عرف المغرب في السنوات الماضية تطورا ملحوظا على مستوى الترسانة القانونية المنظمة لوضعية األسرة‬
‫المرأة والطفل بصفة خاصة‪ ،‬بدءا بالمصادقة على مجموعة من االتفاقيات الدولية وصوال إلى تحيين عدة‬
‫نصوص قانونية سعيا إلى مالمتها مع االتفاقيات الدولية التي وقع عليها في هذا الباب‪.‬‬
‫وتفعيال لدور المملكة المغربية في هذا السياق الحقوقي والقانوني عملت وزارة العدل على توفير العناية‬
‫واالهتمام الالزمين لضمان الحماية القضائية للنساء واألطفال ضحايا العنف على اختالف أوضاعهم وزجر‬
‫كل أنواع اإلساءة التي يمكن أن تقع هذه الفئة ضحية لها وذلك بإحدا خاليا للتكفل بالنساء واألطفال‬
‫بجميع محاكم المملكة‪ ،‬ولعل الهدف األساي ي من إحدا هذه الخاليا ضمان نجاعة وفعالية المؤسسة‬
‫القضائية في مجال توفير الحماية للنساء واألطفال وتيسير ولوجهم للمحاكم وتوفير املخاطب المتخصص‬
‫في قضاياهم وإعطاء لتدخله البعد اإلنساني واالجتماعي المالئم ألوضاعهم من جهة‪ ،‬وتعزيز سبل التعاون‬
‫والتنسيق من جهة أخرى مع باقي القطاعات‪.‬‬
‫تبعا لذلك سيتم تقسيم في هذا الفصل لماهية خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف {المبحث‬
‫األول} وعمل خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف في {المبحث الثاني}‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫سعيا نحو إرساء منظور جديد يتوخى توفير تكفل حقيقي بالنساء واألطفال ضحايا العنف أحدثت وزارة‬
‫العدل بكافة محاكم المملكة خاليا التكفل بقضايا هذه الفئة‪ ،‬تستهدف تأهيل المؤسسة القضائية لتقديم‬
‫خدمات ناجعة لهذا النوع من القضايا وإعطائها بعدا اجتماعيا وإنسانيا؛‬
‫والتكفل بالنساء واألطفال يعني توفير الوقاية والحماية من كافة مظاهر العنف والقهر االجتماعي التي يمكن‬
‫أن تتعرض لها هذه الفئة‪.‬‬
‫وتعد خاليا التكفل بالنساء واألطفال اآللية التي تبنتها وزارة العدل كخطوة من أجل ترجمة خطة عملها‬
‫والتزاماتها الدولية والوطنية تعزيزا للحماية الجنائية للمرأة والطفل وتسهيل ولوجهما إلى مرفق العدالة‪،‬‬
‫بهدف ضمان تكفل قضائي فعال مبني على أساس إنساني موجه لفائدة المرأة من جهة وتحقيق المصلحة‬
‫الفضلى للطفل من جهة ثانية‪.7‬‬

‫خديجة المصمودي‪ ،‬الحماية الجنائية للمرأة بين االلتزامات الدولية والقانون الوطني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.20‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪11‬‬
‫وتبعا لذلك سيتم التطرق لإلطار المفاهيمي لخاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف في {المطلب‬
‫األول}‪ ،‬ثم نطاق حماية النساء واألطفال ضحايا العنف في {المطلب الثاني}‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلطارالمفاهيمي لخاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫إن مساطر التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف تندرج ضمن سياسة جنائية تبناها المشرع المغربي‬
‫والتي انطلقت بتطوير القوانين الخاصة بالمرأة والطفل‪ ،‬ال سيما في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية‪،‬‬
‫فإحدا خاليا للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف يشكل النواة األبرز ونقطة االتصال األولى للمرأة‬
‫والطفل مع المؤسسة القضائية كما تعتبر املخاطب المباشر لباقي المؤسسات الشريكة في عملية التكفل‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬فإن بسط النقاش حول خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف يستلزم ضرورة بحث‬
‫إطار مفاهيمي قصد تحديد المقصود بالعنف والوقوف عند أنواعه‪ ،‬والتعريف بالنساء واألطفال ضحايا‬
‫هذا العنف ثم التطرق فيما بعد لهذه الخاليا ودورها في التكفل بقضايا النساء واألطفال ضحايا العنف وعلى‬
‫هذا األساس سيقسم هذا المطلب لفقرتين بحيث ستخصص {الفقرة األولى} للحديث عن خاليا التكفل‬
‫بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬على أن تخصص {الفقرة الثانية} للتعريف بالنساء واألطفال ضحايا‬
‫العنف‬

‫الفقرة األولى‪ :‬خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫في إطار الرعاية السامية لصاحب الجاللة نصره الله والتي يوليها لحقوق اإلنسان بصفة عامة وحقوق المرأة‬
‫والطفل بصفة خاصة في ظل دولة الحق والقانون‪ ،‬قامت الوزارة العدل والحريات بوضع استراتيجية وطنية‬
‫تسعى لضمان حقوق األفراد والجماعات ومناهضة جميع أشكال العنف الموجه ضد النساء واألطفال‬
‫بالنظر إلى هشاشة وضعهما سعت إلى وضع برامج خاصة قصد االرتقاء بمستوى التكفل بالمرأة والطفل في‬
‫العمل القضائي حتى يضمن تحقيق حمايتهما ويكرس احترام حقوقهما‪.‬‬
‫وتأسيسا لذلك البد من التطرق لتعريف خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫الوقوف على تعريفها {أوال} والتطريق لخاليا التكفل بالنساء واألطفال وفق دليل المعايير النموذجية {ثانيا}‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬
‫تباينت التعاريف المتعلقة بخاليا التكفل بالنساء واالطفال ضحايا العنف‪ ،‬وتنوعت ضيقا واتساعا حسب‬
‫الزاوية التي ينظر بها‪ ،‬وعليه سنقف عند بعض المفاهيم لتحديد تعريف دقيق لخاليا التكفل بالنساء‬
‫واالطفال ضحايا العنف‪.‬‬
‫أصبح مفهوم خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف التي أحدثت داخل محاكم المملكة في‬
‫السنوات األخيرة يتردد بكثرة على السنة الناس قاطبة والوافدين منهم على المؤسسات القضائية‪ ،‬حيث إن‬
‫هذه الخاليا أصبحت تمثل مخاطبا لوزارة العدل والحريات لدى مجموعة من الهيئات الحكومية وغير‬
‫الحكومية‪ ،‬عبر اللقاءات والندوات المنعقدة والمراسالت التي توجه للمحاكم في هذا الشأن والذي يتم ربطه‬
‫غالبا بصفة أوتوماتيكية‪ ،‬أوال بذلك الفضاء المعد داخل الحكمة وأيضا بالمساعد(ة االجتماعي(ة ‪.‬‬
‫يمكن القول أن مفهوم خاليا التكفل بالنساء واألطفال يتعدى بكثير ذلك المفهوم المادي المرتبط بالفضاء‬
‫املخصص الستقبال النساء واألطفال ضمانا ألريحية و نجاعة التواصل مع المرأة والطفل‪.‬‬
‫فيقصد بها تلك اآللية التي تبنتها وزارة العدل والحريات كخطوة من أجل ترجمة خطة عملها والتزاماتها‬
‫الوطنية‪ ،‬تعزيزا للحماية الجنائية للمرأة والطفل وتسهيال لولوجهما إلى مرفق العدالة‪.8‬‬
‫وعليه تعتبر خاليا التكفل النساء واألطفال المنظومة المؤسساتية التي بلورت كإجابة القطاع العدل تنفيذا‬
‫لالستراتجيات الوطنية بهدف ضمان تكفل ناجع مبني على أساس النوع االجتماعي الموجه ضد المرأة من‬
‫جهة وتحقيق المصلحة الفضلى للطفل من جهة أخرى والتكفل بقضاياهم وتضم إليها عددا من المهنيين‬
‫كل حسب اختصاصاته ومجال تدخله يشتغلون بشكل هيكلي خارج ذلك الفضاء املحد تنفيذا‬
‫للمقتضيات التي جاء بها القانون في مجال الحماية الجنائية للمرأة والطفل‪.9‬‬
‫إن خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف تتواجد على صعيد كل محكمة ابتدائية واستئناف تعنى‬
‫بتوفير الوقاية والحماية من كافة مظاهر العنف الذي يمكن أن تتعرض لها النساء واألطفال وتشكل همزة‬
‫وصل بين القضاء والضحايا وتقوم بتقديم كل المساعدات القانونية الهادفة إلى تسريع البت في ملفات‬
‫العنف‪ ،‬وضمان الخدمات الصحية واإلدارية للضحايا‪.‬‬
‫وعليه تعتبر هذه الخاليا األداة التنفيذية لبلورة استراتيجية وزارة العدل في ميدان التكفل بالنساء األطفال‬
‫واالرتقاء بالعمل القضائي في هذا املجال التي تسهر على تتبعها وتنفيذها الخلية المركزية للتكفل بالنساء‬
‫واألطفال التابعة لمديرية الشؤون الجنائية والعفو‪.10‬‬

‫‪8‬خديجة المصمودي‪ ،‬الحماية الجنائية للمرأة بين االلتزامات الدولية والقانون الوطني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.20‬‬
‫‪9‬أنس سعدون‪ ،‬تجربة خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف بالمغرب الحصيلة واآلفاق‪ ،‬مقال منشور بمجلة الفقه والقانون‪،‬‬
‫العدد ‪ ،10‬سنة ‪ ،6022‬الصفحة ‪.26‬‬
‫‪10‬وزارة العدل والحريات موجز الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مديرية الشؤون الجنائية‬
‫والعفو‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫ثانيا‪ :‬خاليا التكفل بالنساء واألطفال وفق دليل المعاييرالنموذجية‬
‫يعتبر دليل المعايير النموذجية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬المرجع األساي ي والمهم في توجيه‬
‫وتأطير عمل خاليا التكفل بالنيابة العامة‪.‬‬
‫فالدليل العملي للمعايير النموذجية نجده حدد نقط تدخل هذه الخاليا لدى املحاكم عبر النقط التالية‪:11‬‬
‫‪ ‬استقبال النساء واألطفال ضحايا العنف واألطفال في وضعية صعبة‪ ،‬واألطفال في وضعية إهمال وتقديم‬
‫الدعم النفس ي لهم؛‬
‫‪ ‬االستماع إلى كل من المرأة والطفل في أي من الوضعيات المذكورة‪ ،‬وتعريفهم بالحقوق التي يخولها لهم‬
‫القانون والقيام بمهام التوجيه واإلرشاد؛‬
‫‪ ‬توجيه النساء واألطفال ضحايا العنف إلى وحدات التكفل بالنساء واألطفال بالمصالح الطبية لتقديم‬
‫العالج والحصول على شهادة طبية؛‬
‫‪ ‬تتبع وضعية المرأة؛‬
‫‪ ‬مواكبة مسار التكفل القضائي واطالعهم على كل المراحل التي تهم قضاياهم؛‬
‫‪ ‬القيام بناء على أمر قضائي‪ ،‬أو بناء على أمر من وكيل الملك بمجموعة من اإلجراءات منها‪:‬‬
‫‪ ‬زيارة أماكن إقامة الضحايا مع العمل على إنجاز بحث اجتماعي ورفع تقرير إلى الجهة التي أمرت به؛‬
‫‪ ‬تفقد أماكن اإليواء بالنسبة لألطفال والنساء وإنجاز تقرير بذلك؛‬
‫‪ ‬اإلسهام في التنسيق بين أجهزة خلية التكفل القضائي وباقي الجهات األخرى المعنية؛‬
‫‪ ‬القيام بمهمة المقرر في أشغال اللجان املحلية والجهوية للتكفل بالنساء واألطفال وإنجاز تقرير بخصوص‬
‫اجتماع هذه اللجن؛‬
‫‪ ‬تسهيل الولوج إلى المعلومة المتعلقة بهذا النوع من القضايا؛‬
‫‪ ‬تدبير الشؤون اإلدارية للخلية القضائية للتكفل بالنساء واألطفال ومسك السجالت الخاصة بقضايا المرأة‬
‫والطفل‪ ،‬وذلك تحت إشراف رئيس كتابة الضبط‪.‬‬

‫‪ 11‬يونس النهاري‪ ،‬التكفل بقضايا النساء واألطفال أماما النيابة العامة وأقسام قضاء األسرة‪ ،‬مقال منشور بموقع‪:‬‬
‫‪ ،frssiwa.blogspot.com‬تم االطالع عليه بتاريخ ‪ 22‬غشت ‪ ،6061‬على الساعة‪ :‬الرابعة زواال‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التعريف بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬
‫من خالل هذه الفقرة سيتم التعريف بالنساء ضحايا العنف {أوال} ثم التعريف باألطفال ضحايا العنف‬
‫{ثانيا}‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التعريف بالنساء ضحايا العنف‬
‫تتعرض المرأة ألشكال مختلفة من العنف والذي وإن اختلفت أسبابه ودوافعه فإن آثاره تبقى من المفاعيل‬
‫األساسية التي تهدر حقوق المرأة وتضرب استقرار املجتمع وإذا كانت ظاهرة العنف ذات أهمية كبيرة نظرا‬
‫لكونها من الظواهر المبرزة النحراف سلوك أفراد املجتمع‪ ،‬فإنها تستدعي ضرورة التدخل ملحاصرتها‬
‫ومكافحتها‪ ،‬ولذلك فإن اإلحاطة بها من الناحية المفاهيمية تبقى مسألة غاية في األهمية‪ ،‬قصد تحديد‬
‫أنواعها كما أن كشف مختلف أشكال العنف تعتبر مسألة هامة كونها تشكل تشخيصا لواقع الظاهرة‬
‫وكشفا لمستوياتها في املجتمع المغربي‪.12‬‬
‫فالعنف لغة هو‪" :‬الخرق باألمر وقلة الرفق به أو عدم الرفق‪ ،‬ليشمل كل سلوك يتضمن معاني الشدة‬
‫والقسوة والتوبيخ‪ ،"13‬لكن المفهوم والسياق اللغوي ما هو إال شرح ظاهري جاء بصيغة العموم‪ ،‬وعليه ال‬
‫بد من ضبط معناه االصطالحي للوصول إلى المعنى الحقيقي وبدقة‪.‬‬
‫فالعنف يتخذ صورا متعددة سواء داخل األسرة أو في املحيط الخارجي‪ ،‬كما نجده ال يخص فئة معينة بذاتها‬
‫بل يشمل كل الفئات وكل الطبقات لذا شكل حيزا هاما لدى الفقهاء‪ ،‬إلدراكهم بأنه ظاهرة حقيقية مستمرة‬
‫ومتفاقمة يوما بعد يوم‪ ،‬فحاول كل منهم وضع تعريف لمصطلح العنف للوصول إلى تحديد تعريف جامع‬
‫مانع له‪ ،‬كل حسب تخصصه‪.‬‬
‫ومن بين التعاريف التي جاء بها فقه علم النفس االجتماعي بالنسبة لمصطلح العنف أنه سلوك أو فعل‬
‫يتسم بالعدوانية يصدر من فرد قد يكون فردا أو جماعة أو طبقة اجتماعية بهدف استغالل وإخضاع طرف‬
‫آخر في إطار عالقة قوة غير متكافئة مما يتسبب في أضرار مادية أو معنوية أو نفسية أو كلها مجتمعة‪.14‬‬
‫وقد عرف الفقه الفرنس ي العنف بأنه المساس المباشر والحقيقي بجسم اإلنسان على وجه ينال من‬
‫سالمته أو يلحق األذى به‪.15‬‬

‫‪ 12‬لميسي عابد‪ ،‬ظاهرة العنف ضد النساء قراءة في القوانين واالحصائيات‪ ،‬مؤلف جماعي‪ ،‬التمكين االجتماعي واالقتصادي والسياسي‬
‫للمرأة‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬سنة ‪ ،6066‬الطبعة األولى‪ ،‬الصفحة ‪.12‬‬
‫‪13‬محمد بن مكرم بن علي أبو الفضل جمال الدين ابن منظور‪ ،‬معجم لسان العرب‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪( ،2292 ،‬بدون ذكر عدد‬
‫الطبعة)‪ ،‬الصفحة ‪.1211‬‬
‫‪ 14‬خديجة المصمودي‪ ،‬الحماية الجنائية للمرأة بين االلتزامات الدولية والقانون الوطني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.12‬‬
‫‪15‬‬
‫‪Michele Laure Rassal; droit penal special infractions des et contre les particuliers, Dalloz 1997, n°‬‬
‫‪446, p 447.‬‬
‫‪15‬‬
‫وانطالقا مما سبق يمكن تعريف العنف بأنه ذلك السلوك العدواني الصادر من الجاني ضد املجني عليه‬
‫ب غية استغالله والسيطرة عليه‪ ،‬مشكال بذلك عالقة غير متكافئة‪ ،‬من شأنها إحدا‬
‫أضرار بمختلف صورها‪.‬‬
‫وتعرفه المنظمة العالمية للصحة بأنه‪" :‬االستعمال العمدي للسلطة أو القوة الجسدية أو التهديد‬
‫باستعمالها من طرف اإلنسان ضد نفسه أو ضد شخص آخر أو مجموعة أو جماعة ما‪ ،‬مما يؤدي أو يحتمل‬
‫أن يؤدي إلى إحدا جروح أو إلى الموت أو إلى إحدا أضرار نفسية أو عاهات أو عجز‪."16‬‬
‫والمرأة قد تتعرض ألشكال مختلفة من العنف‪ ،‬فالعنف ضد المرأة كما يعرف باسم العنف القائم على نوع‬
‫الجنس‪ ،‬والعنف الجنس ي والجسدي هو مصطلح يستخدم بشكل عام لإلشارة إلى أي أفعال عنيفة تمارس‬
‫بشكل متعمد أو بشكل استثنائي تجاه النساء‪.‬‬
‫ويقصد بمصطلح العنف ضد المرأة أي عمل من أعمال العنف القائم الذي يترتب عليه أذى بدني أو جنس ي‬
‫أو نفس ي أو اجتماعي‪ ،‬وكذا معاناة المرأة كالتهديد بالقيام بعمل معين أو اإلكراه على القيام بعمل أو‬
‫الحرمان التعسفي من الحرية سواء في الحياة العامة أو الخاصة ويتخذ العنف الذي يمارس على المرأة عدة‬
‫أشكال وتقف وراءه عدة أسباب باختالف المسبب في هذا العنف ودوافعه‪ ،‬من عنف لفظي وجسدي من‬
‫كالم إلى سب وشتم وقذف إلى ضرب وجرح‪ ،‬كسر‪ ،‬بتر عضو من أعضاء الجسم‪ ،‬الحرق‪ ،‬الحرمان من األكل‬
‫والحبس في مكان معين ومظاهر العنف متنوعة من االغتصاب والتحرش الجنس ي أو بالتهديد أو االعتداء‪17...‬‬

‫وينص إعالن األمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة على أن‪" :‬العنف ضد المرأة هو مظهر‬
‫من مظاهر عالقات القوة غير المتكافئة تاريخيا بين الرجال والنساء" و"العنف ضد المرأة هو إحدى‬
‫اآلليات االجتماعية الحاسمة التي تضطر المرأة بموجبها إلى الخضوع بالمقارنة مع الرجل‪."18‬‬
‫وقد عرفت األمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنه‪" :‬أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس‬
‫ويترتب عليه‪ ،‬أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة‪ ،‬سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو‬
‫النفسية‪ ،‬بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية‪ ،‬سواء حد‬
‫ذلك في الحياة العامة أو الخاصة"‪.‬‬
‫ويعتبر اإلعالن العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة‪ ،‬أول صك دولي يعرف العنف في مادته األولى حيث‬
‫جاء فيه ما يلي‪" :‬أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة‬

‫‪ 16‬تعريف صدر في التقرير العالمي للمنظمة العالمية للصحة حول العنف والصحة‪ ،‬سنة ‪.6006‬‬
‫‪ 17‬بشرى العلوي‪ ،‬العنف المسلط على المرأة يعد انتهاكا صريحا لحقوق االنسان‪ ،‬مقال منشور بمجلة الودادية الحسنية للقضاة‪ ،‬مجلة‬
‫دورية تعنى بالشأن القضائي والقانوني‪ ،‬العدد األول‪ ،‬أبريل‪ ،‬سنة ‪ ،6002‬الصفحة ‪.290‬‬
‫‪ 18‬اإلعالن العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة‪ ،‬اعتمدته الجمعية العامة لألمم المتحدة بموجب قرارها ‪ ،29/202‬المؤرخ في ‪60‬‬
‫شتنبر ‪.2221‬‬
‫‪16‬‬
‫جسدية أو جنسية أو نفسية للمرأة بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل واإلكراه أو الحرمان‬
‫التعسفي من الحرية سواء وقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة ‪."19‬‬
‫والمشرع المغربي بموجب القانون ‪20022.02‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء قدم تعريفا للعنف ضد‬
‫النساء بل واألكثر من ذلك عدد أنواعه وأشكاله (الجسدي والنفس ي‪ ،‬الجنس ي واالقتصادي ‪.‬‬
‫بحيث جاء في المادة األولى من هذا القانون بأنه‪" :‬العنف ضد المرأة‪ :‬كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع‬
‫أساسه التمييز بسبب الجنس‪ ،‬يترتب عليه ضرر جسدي أو نفس ي أو جنس ي أو اقتصادي للمرأة؛‬
‫العنف الجسدي‪ :‬كل فعل أو امتناع يمس أو من شأنه المساس بالسالمة الجسدية للمرأة‪ ،‬أيا كان مرتكبه‬
‫أو وسيلته أو مكان ارتكابه؛‬
‫العنف الجنس ي‪ :‬كل قول أو فعل أو استغالل من شأنه المساس بحرمة جسد المرأة ألغراض جنسية أو‬
‫تجارية‪ ،‬أيا كانت الوسيلة المستعملة في ذلك؛‬
‫العنف النفس ي‪ :‬كل اعتداء لفظي أو إكراه أو تهديد أو إهمال أو حرمان‪ ،‬سواء كان بغرض المس بكرامة‬
‫المرأة وحريتها وطمأنينتها‪ ،‬أو بغرض تخويفها أو ترهيبها؛‬
‫العنف االقتصادي‪ :‬كل فعل أو امتناع عن فعل في طبيعة اقتصادية أو مالية يضر‪ ،‬أو من شأنه أن يضر‬
‫بالحقوق االجتماعية أو االقتصادية للمرأة"‪.‬‬
‫والمشرع التونس ي على غرار المشرع المغربي نجده هو اآلخر يعرف العنف ضد المرأة في القانون رقم ‪85‬‬
‫لسنة‪ 1122‬المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة‪ 21‬وذلك في الفصل ‪ 0‬منه بأنه‪ " :‬كل اعتداء مادي أو‬
‫معنوي أو جنس ي أو اقتصادي ضد المرأة أساسه التمييز بسبب الجنس والذي يتسبب في إيذاء أو ألم أو‬
‫ضرر جسدي أو نفس ي أو جنس ي أو اقتصادي للمرأة ويشمل أيضا التهديد بهذا االعتداء أو الضغط أو‬
‫الحرمان من الحقوق والحريات‪ ،‬سواء في الحياة العامة أو الخاصة ويتضمن أيضا التهديد بالهجوم‪ ،‬أو‬
‫الضغط أو الحرمان من الحقوق والحريات‪ ،‬سواء في الحياة العامة أو الخاصة"‪ ،‬كما ذهب هو اآلخر إلى‬
‫تعداد أنواع وأشكال العنف إلى عنف مادي وجنس ي وسياي ي ومعنوي‪ ،‬اقتصادي‪ ،‬وحدد المقصود بكل نوع‬
‫شأنه شأن المشرع المغربي‪.‬‬
‫وعلى خالف المغرب والتونس ففي مصر ال يوجد تعريف محدد للعنف ضد النساء والفتيات في التشريعات‬
‫الجزائية‪ ،‬في حين أن المادة ‪ 1‬من قانون الحماية من العنف األسري لعام ‪ 1122‬تعرف العنف األسري بأنه‪:‬‬
‫"الجرائم التي يرتكبها أفراد األسرة بحق أي من أفرادها اآلخرين"‪.‬‬

‫‪ 19‬اإلعالن العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة‪ ،‬السالف الذكر‪.‬‬


‫‪ 20‬القانون رقم ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪ ،‬الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ ،2329322‬الصادر بتاريخ (‪66‬‬
‫فبراير ‪ ،)6029‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2222‬بتاريخ ‪ 61‬جمادى االخرة ‪ 26( 2212‬مارس ‪ ،)6029‬الصفحة ‪.2222‬‬
‫‪ 21‬القانون األساسي رقم ‪ 29‬لسنة ‪ ،6029‬المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة‪ ،‬المؤرخ في ‪ 22‬غشت ‪.6029‬‬
‫‪17‬‬
‫وبالرجوع للتعريف الوارد بالقانون ‪ 210.20‬لمتعلق بمحاربة العنف ضد النساء يتضح أنه جاء متشابها مع‬
‫المادة األولى من اإلعالن بشأن القضاء على العنف ضد المرأة‪ ،‬إال أنه ال يتسم بالدقة والتفصيل الواردين‬
‫في المادة الثانية من هذا اإلعالن‪ ،‬والتي قامت بسرد قائمة غير حصرية ألشكال العنف ضد المرأة التي‬
‫تحد في نطاق األسرة أو املجتمع العام‪ ،‬كما يفتقر القانون إلى تعريف ما يعتبر تمييز ضد المرأة‪ ،‬بما‬
‫يتماش ى مع المادة األولى من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة‪.‬‬
‫فالقانون وضع تعريفات للعنف بشكل حصري ال يسمح بإدخال أنواع أخرى على العنف والتي يمكن أن‬
‫تظهر مع التطورات الفاعلة في املجتمع‪ ،‬كالعنف الرقمي الذي أصبح يشكل أكثر أنواع العنف المرتكب في‬
‫حق المرأة‪ ،‬فهذا التعريف من شأنه أن يعيق السلطة التقديرية للقاض ي ويحد من اجتهاد القضاء في تكييف‬
‫أفعال قد تلحق ضررا بالمرأة وال يمكن إدخالها في نطاق العنف ضد المرأة‪ ،‬ويعيق تطور التفسير القضائي‬
‫لمفهوم العنف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعريف باألطفال ضحايا العنف‬


‫إن الحديث عن العنف ضد األطفال يقتض ي أوال تعريف الطفل‪ ،‬إال أن المالحظ على المستوى الدولي أن‬
‫معظم االتفاقيات والوثائق الدولية لم تحدد المقصود بمصطلحي الطفل والطفولة‪.‬‬
‫فاإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة ‪ 2222‬والعهدان الدوليان لسنة ‪ 2211‬تمت فيهم اإلشارة للطفل‬
‫وإلى حاجته للحماية والرعاية ولكن دون تحديد سنه‪ ،‬كما أنه كل من إعالن جنيف لحقوق الطفل سنة‬
‫‪ 2212‬وإعالن حقوق الطفل لسنة ‪ 2292‬اشتمال أيضا على مبادئ عامة لحماية الطفل‪.‬‬
‫غير أنه يمكن اعتبار اتفاقية حقوق الطفل لسنة ‪220151‬هي الوثيقة الوحيدة التي تحدد بشكل صريح‬
‫المقصود بالطفل وذلك في المادة األولى منها على أنه‪" :‬كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر ما لم يبلغ سن‬
‫الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه"‪.‬‬
‫وجاء في قواعد األمم المتحدة بشأن حماية األحداث املجرمين من حريتهم لسنة ‪ 0112‬ما يلي‪" :‬الحد‬
‫هو كل شخص دون ‪ 22‬سنة من العمر ويحدد القانون السن التي ال ينبغي دونها عدم السماح بتجريد الطفل‬
‫من حريته أو الطفلة من حريتها"‪.‬‬
‫كما جاء في قواعد األمم المتحدة النموذجية إلدارة شؤون قضاء األحداث ‪-‬قواعد بيجين‪-‬لسنة ‪2229‬‬
‫حين الحديث عن نطاق القواعد والتعاريف المستخدمة ما يلي‪" :‬الحد هو طفل أو شخص صغير السن‬
‫يجوز بموجب النظم القانونية ذات العالقة مساءلته عن جرم بطريقة تختلف عن طريقة مساءلة‬
‫البالغين‪"...‬‬

‫‪ 22‬اتفاقية حقوق الطفل‪ ،‬اعتمدت وعرضت للتوقيع واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪ 62/22‬المؤرخ في ‪/60‬‬
‫نونبر ‪ ،2292‬تاريخ بدء التنفيذ ‪ 6‬دجنبر‪ ،2220‬وفقا للمادة ‪ 22‬من االتفاقية‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫وصفوة القول فكل من الطفل والشخص الصغير والحد نفس المعنى في المواثيق الدولية وأن مناط‬
‫اتحاد التعريف به هو عدم تجاوزه لسن ‪ 05‬سنة‪.‬‬
‫كما أن المشرع المغربي لم يضع أي تعريف للطفل شأنه في ذلك شأن باقي التشريعات المقارنة وإيمانا منه‬
‫بعدم صمود التعاريف مع تعاقب األيام والسنين ترك أمر تعريف الطفل للفقه بشتى مشاربه وتوجهاته‪،‬‬
‫غير أنه في المقابل وظف العديد من المرادفات للطفل ومنها الوليد (المادة ‪ 212‬من القانون الجنائي ‪.‬‬

‫ثم جمع بين الطفل والوليد في (المادة ‪ 021‬من القانون الجنائي كما جمع بين الطفل والصغير في (المادة ‪012‬‬
‫من القانون الجنائي واستعمل الصغيرالذي بلغ سن التمييز (المادة ‪ 122‬واستعمل كذلك مصطلح الحدث‬
‫في القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية ومدونة الشغل والقانون المتعلق بتسيير المؤسسات‬
‫السجنية‪ ،‬كما استعمل مصطلح القاصر في العديد من مواد القانون الجنائي كالمواد (‪-222-222-229-222- 22‬‬
‫‪. 991 – 222‬‬

‫ولعل الجامع والموحد بين كافة هاته التسميات أو المصطلحات التي ألبسها المشرع المغربي للطفل هو‬
‫عدم تجاوزها لسقف عمري حدد في ‪ 22‬سنة‪ ،‬مما يقوم دليال على توطيد المشرع المغربي للرؤية الشمولية‬
‫والكونية والمتساوية لهاته الفئة ذكورا وإناثا‪ ،‬مغاربة وأجانب مقيمين وعابرين والجئين أو مهاجرين أو‬
‫منحدرين من عالقة شرعية أو غير شرعية‪.‬‬
‫وإلى جانب المرأة التي قد تتعرض للعنف فالطفل هو اآلخر قد يكون ضحية عنف‪ ،‬فقد عرفت اتفاقية‬
‫حقوق الطفل الصادرة سنة ‪ 230151‬في المادة ‪ 01‬العنف ضد األطفال بأنه‪ ":‬كافة أشكال العنف أو الضرر‬
‫أو اإلساءة ا لبدنية أو العقلية واإلهمال‪ ،‬أو المعاملة المنطوية على إهمال وإساءة المعاملة أو االستغالل‬
‫بما في ذلك اإلساءة الجنسية" إذن فالعنف ضد األطفال يتضمن كل أشكال العنف الجسدي والنفس ي‬
‫والجنس ي واإلهمال والتخلي‪.‬‬
‫والطفل بطبيعته من الفئات الهشة‪ ،‬فعندما يتعرض للعنف يكون أكثر هشاشة ويحتاج إلى دعم صحي‬
‫ونفس ي واجتماعي وقانوني‪ ،‬وهذا الدعم ينبغي استمراره في مختلف المراحل إلى أن يتجاوز اآلثار السلبية‬
‫التي خلفتها له الجريمة لذا يتعين مواكبته أمام املحكمة بعدما تحرك النيابة العامة الدعوى العمومية‬
‫في مواجهة الجاني‪ ،‬فالنيابة العامة وبصفتها تمثل املجتمع وتدعم موقف الحق والقانون بصفة عامة‬
‫والضحية بصفة خاصة‪ ،‬وهذا الدعم ال يقتصر على النيابة العامة لوحدها وإنما تساهم فيه المساعدة‬
‫االجتماعية بشكل فعال وناجع كما يلعب املجتمع المدني من خالل الجمعيات دورا أساسيا فيه‪ ،‬ومن أهم‬

‫‪ 23‬اتفاقية حقوق الطفل‪ ،‬اعتمدت وعرضت للتوقيع واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪ 62/22‬المؤرخ في ‪ 60‬نونبر‬
‫‪ ،2292‬تاريخ بدء التنفيذ ‪ 6‬دجنبر‪ ،2220‬وفقا للمادة ‪ 22‬من االتفاقية‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫الحقوق التي يكفلها القانون للضحية أمام املحكمة حق االنتصاب كمطالب بالحق المدني في إطار الدعوى‬
‫المدنية التابعة‪.24‬‬
‫وبالرجوع للمادة ‪ 7‬من قانون المسطرة الجنائية نجدها تنص على أنه‪" :‬يرجع الحق في إقامة الدعوى‬
‫المدنية للتعويض عن الضرر الناتج عن جناية أو جنحة أو مخالفة‪ ،‬لكل من تعرض شخصيا لضرر‬
‫جسماني أو مادي أو معنوي تسببت فيه الجريمة المباشرة"‪.‬‬
‫والطفل الضحية طبقا للمادة المذكورة يكون من حقه االنتصاب كمطالب بالحق المدني في إطار الدعوى‬
‫المدنية التابعة إال أن المشرع المغربي في الفصل األول من قانون المسطرة المدنية‪ 25‬نص على شرط‬
‫األهلية الذي يقصد به أن يكون‪ ":‬المدعي متمتعا باألهلية القانونية لممارسة حقوقه‪".‬‬
‫واألهلية نوعان أهلية وجوب وأهلية أداء‪ ،‬فبالنسبة ألهلية الوجوب هي‪ ":‬صالحية الشخص لثبوت الحقوق‬
‫وااللتزامات له وعليه وهي مالزمة للشخص تثبت لإلنسان من وقت والدته حيا إلى حين وفاته‪ ،‬بصرف النظر‬
‫عن كونه عاقل أو غير عاقل صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى" أما أهلية األداء فهي صالحية الشخص لممارسة‬
‫حقوقه الشخصية والمالية ونفاذ تصرفاته‪ ،‬ونوع األهلية الذي يهمنا في إطار مقتضيات الفصل األول من‬
‫قانون المسطرة المدنية هو أهلية األداء‪.‬‬
‫فإذا كان الشخص كامل األهلية يحق له التقاض ي أي رفع الدعوى أمام القضاء‪ ،‬أما إذا كان الشخص فاقد‬
‫األهلية أو ناقصها‪ ،‬فإن التقاض ي يكون لنائبه القانوني‪.26‬‬
‫ومادام أن الطفل ال يتوفر على األهلية القانونية التي تمكنه من تقديم الطلبات المدنية بنفسه فإن وليه‬
‫القانوني هو الذي ينوب عنه في تقديمها‪ ،‬وإذا لم يكن للطفل ممثل قانوني‪ ،‬فإن النيابة العامة تتقدم‬
‫بملتمس إلى املحكمة لتعيين وكيل خصوص ي يتقدم بالطلبات المدنية لفائدته وهذا ما نصت عليه المادة‬
‫‪ 282‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫وإذا كانت األفعال الجرمية المرتكبة في حق الطفل منسوبة لممثله القانوني‪ ،‬فإن املحكمة املحالة عليها‬
‫القضية تعين للطفل وكيال خصوصيا ليقوم بتقديم الطلبات المدنية لفائدته وهذا ما نصت عليه الفقرة‬
‫الثانية من المادة ‪ 282‬من قانون المسطرة الجنائية ويمارس الوكيل المذكور جميع الصالحيات والحقوق‬
‫التي للمطالب بالحق المدني‪ ،‬كما يتولى مواكبة الطفل الضحية خالل المسطرة القضائية كاملة إلى غاية‬
‫صيرورة الحكم نهائيا وتنفيذه‪.27‬‬

‫‪ 24‬نجيبة بوقديدة‪ ،‬توجه المحكمة االبتدائية بفاس حول موضوع التكفل القضائي بالنساء واألطفال‪ ،‬بحث نهاية التدريب‪ ،‬المعهد العالي‬
‫للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ ،22‬فترة التدريب ‪ ،6029-6022‬الصفحة ‪.22‬‬
‫‪ 25‬ينص الفصل األول من قانون المسطرة المدنية على أنه‪ ":‬ال يصح التقاضي إال ممن له الصفة واألهلية‪ ،‬والمصلحة‪ ،‬إلثبات حقوقه‪"...‬‬
‫‪ 26‬حنان سعيدي‪ ،‬قانون المسطرة المدنية" الجزء األول "‪ ،‬مطبعة وراقة‪ ،‬مكناس‪ ،‬سنة ‪ ،6062‬الطبعة األولى‪ ،‬الصفحة ‪.69‬‬
‫‪ 27‬نجيبة بوقديدة‪ ،‬توجه المحكمة االبتدائية بفاس حول التكفل القضائي بالنساء واألطفال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.26‬‬
‫‪20‬‬
‫وباإلضافة إلى حق االنتصاب كمطالب بالحق المدني في إطار الدعوى المدنية التابعة أعطى المشرع للطفل‬
‫ضحية الفعل الجرمي حق تحريك الدعوى العمومية عن طريق تقديم استدعاء مباشر في مواجهة الجاني‬
‫إلى املحكمة مباشرة مع االنتصاب كمطالب بالحق المدني أمام قاض ي التحقيق حسب األحوال‪.28‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نطاق حماية النساء واألطفال ضحايا العنف‬
‫إن الحديث عن نطاق حماية النساء واألطفال ضحايا العنف يقتض ي استحضار اإلعالنات الدولية لحقوق‬
‫اإلنسان بصفة عامة وكذلك االتفاقيات الخاصة بحماية المرأة والطفل من مختلف أشكال التمييز‪،‬‬
‫فالمواثيق الدولية ركزت على ضرورة اعتبار هذه الحقوق عالمية وعمومية باعتبارها تنطلق من طبيعة‬
‫اإلنسان أخدا بعين االعتبار الفئات املجتمعية التي تتطلب بطبيعتها حماية أكثر‪ ،‬األمر يتعلق بالمرأة‬
‫والطفل كما يشكل العنف ضد هذه الفئة انتهاكا جسيما لحقوق اإلنسان والحريات األساسية‪.‬‬
‫وأمام تنامي هذه الظاهرة أصبحت تشكل تهديدا ليس على السالمة الجسدية والنفسية للمرأة فقط بل‬
‫كذلك على الكيان األسري واملجتمعي‪ ،‬ووعيا بالتداعيات املجتمعية واالقتصادية لهذه الظاهرة بادر المغرب‬
‫إلى اتخاذ التدابير الالزمة للتصدي لها ولتكريس حقوق المرأة التي تعد جزء ال يتجزأ من الحقوق اإلنسانية‪.‬‬
‫ولدراسة نطاق حماية النساء واألطفال ضحايا العنف ال بد من التطرق للحماية المقررة لهما سواء على‬
‫المستوى الدولي وكذلك على المستوى الوطني‪ ،‬وعلى هذا األساس سيقسم هذا المطلب إلى فقرتين بحيث‬
‫ستخصص {الفقرة األولى} لنطاق حماية النساء ضحايا العنف في حين ستخصص {الفقرة الثانية} لنطاق‬
‫حماية األطفال ضحايا العنف‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬نطاق حماية النساء ضحايا العنف‬


‫تعرضت المرأة ألشكال مختلفة من العنف‪ ،‬والذي وإن اختلفت دوافعه فإن آثاره تبقى من األسباب‬
‫الرئيسية التي تهدر حقوق المرأة وتضرب استقرار املجتمع‪ ،‬وإذا كانت ظاهرة العنف ضد المرأة ذات أهمية‬
‫كبيرة نظرا لكونها من الظواهر المبرزة النحراف سلوك أفراد املجتمع‪ ،‬فإنها تستدعي ضرورة التدخل‬
‫ملحاصرتها ومكافحتها‪.‬‬
‫والستحضار مختلف مظاهر الحماية الدولية والوطنية للمرأة ال بد من إبراز اإلعالنات الدولية لحقوق‬
‫اإلنسان بصفة عامة وكذلك االتفاقيات الخاصة بحماية النساء ثم الحديث عن األسس الوطنية ملحاربة‬
‫العنف ضد النساء‪.‬‬

‫‪ 28‬نصت المادة ‪ 22‬من قانون المسطرة الجنائية على أنه‪ ":‬يمكن للطرف المدني أن يتقدم بطلباته بعد فتح التحقيق‪ ،‬وفي أية مرحلة‬
‫وكيفما كان نوع الجريمة"‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫أوال‪ :‬حماية النساء من العنف عن طريق االتفاقيات الدولية‬
‫أولى املجتمع الدولي أهمية قصوى لمسألة حقوق المرأة‪ ،‬كونها جزء ال يجزأ من حقوق اإلنسان كما ركزت‬
‫المواثيق الدولية على ضرورة اعتبار هذه الحقوق عالمية وعمومية باعتبارها تنطلق من طبيعة اإلنسان‪،‬‬
‫وأخدت بعين االعتبار بعض الفئات التي تتطلب حماية أكثر من ضمنها المرأة حيث أنها ظلت تعاني لفترة‬
‫طويلة من اإلقصاء والتمييز والعنف‪...‬‬
‫وعليه سيتم االقتصار على ذكر نماذج من االتفاقيات الدولية التي كان لها الدور الكبير في مناهضة العنف‬
‫ضد النساء والتأسيس لخاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬األمر يتعلق باإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسان والعهدان الدوليان لحقوق اإلنسان االقتصادية واالجتماعية والمدنية والسياسية‪.‬‬
‫‪ ‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان كأساس لحماية المرأة‬
‫يعد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ 29‬أول ميثاق دولي يشير وبصورة محددة إلى العنف ضد المرأة إلى‬
‫جانب المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق ونبذ كل المعامالت الحاطة بالكرامة اإلنسانية‪ ،‬حيث نص‬
‫في المادة األولى منه على أنه‪ ":‬يولد جميع الناس أحرار ومتساوين في الكرامة والحقوق‪ ،‬وهم قد وهبوا العقل‬
‫والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح اإلخاء"‪.‬‬
‫كما نصت المادة الثالثة منه على أنه‪ " :‬لكل فرد الحق في الحياة والحرية وفي األمان على شخصه"‪ ،‬وأيضا‬
‫نصت المادة الخامسة منه على أنه‪" :‬ال يجوز إخضاع أحد للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة القاسية أو‬
‫الالإنسانية أو الحاطة بالكرامة" كما أن هذا اإلعالن أحاط األسرة بعناية واهتمام حيث اعتبرها النواة‬
‫الطبيعية واألساسية في املجتمع‪ ،‬ولها حق التمتع بحماية املجتمع الدولي‪.30‬‬
‫ومن خالل ما تم بسطه يتضح أن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان حاول جاهدا سد أي باب من شأنه أن‬
‫يؤدي إلى انتهاك حق من حقوق المرأة وما دام أن العنف هو انتهاكا لكرامتها وحقوقها األساسية فاإلعالن‬
‫جاء لنبذ العنف وحماية المرأة‪ ،‬غير أنه بالرغم من التأكيد الواضح والصريح في نص اإلعالن العالمي على‬
‫المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق ونبذ العنف إال أن الواقع تجاه وضع المرأة كان مختلف حينها‬
‫في معظم دول العالم‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن هذا اإلعالن شجع على صدور مواثيق واتفاقيات متعددة إلضفاء مزيدا من الحماية‬
‫على المرأة‪.‬‬
‫‪ ‬العهدان الدوليان لحقوق اإلنسان االقتصادية واالجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية كأساس‬
‫لحماية المرأة‬

‫‪ 29‬اإلعالن العالمي لحقوق االنسان لسنة ‪ ،2229‬اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة ‪ 629‬ألف‪ ،‬المؤرخ في ‪ 20‬دجنبر ‪.2229‬‬
‫‪ 30‬سالم علي محمد الطنحاني‪ ،‬حماية المرأة والطفل في المواثيق الدولية‪ ،‬دراسة نظرية مع التطبيق على الحالة اإلماراتية‪ ،‬رسالة‬
‫الدكتوراه في العلم والسياسة‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6022-6021‬الصفحة ‪.22‬‬
‫‪22‬‬
‫نتيجة لما تعانيه المرأة من االعتداء على حقوقها ومن أجل حماية حقوق وحريات األفراد جاء العهدين‬
‫الدوليين بحقوق ملزمة قانونا على كافة األفراد دون تمييز‪ ،‬بل وتلزم كذلك الدول المنتمية إلى عضويتها على‬
‫توقيع وتنفيذ ما جاءت به بنود العهدين‪.‬‬
‫فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ 31‬نص على مبدأ المساواة بين الرجال والنساء‬
‫والتمتع بجميع الحقوق‪ ،‬حيث أقر للمرأة الحق في الحياة والحق في التحرر من كافة أنواع المعامالت‬
‫القاسية أو الالإنسانية أو الحاطة بكرامتها‪ ،‬فقد جاء في المادة الثالثة منه على أنه تتعهد الدول األطراف‬
‫في هذا العهد بكافة تساوي الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص‬
‫عليها في هذا العهد ومن أهم هذه الحقوق الحق في الحياة فرغم كونه حقا طبيعيا ومالزما لإلنسان والقانون‬
‫أن يحمي هذا الحق وال يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا إال أن لجوء بعض األنظمة الحاكمة إلى إهداره‬
‫بشكل تعسفي ألسباب عنصرية أو عقدية أو سياسية دفع األمم المتحدة إلى التأكيد عليه وذلك من خالل‬
‫التنصيص على عدم إخضاع أي فرد للتعذيب أو المعاملة الالإنسانية أو العقوبة القاسية‪.32‬‬
‫كما تضمن العهد الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ 33‬ضمانات أساسية للنساء وذلك‬
‫بالنص صراحة على المساواة بين الرجل والمرأة والحق في التمتع بالحقوق في جميع املجاالت كما ألزمت‬
‫الدول األطراف بالتعهد بمبدأ المساواة وذلك وفقا للمادة ‪ 2‬من هذا العهد والتي نصت على أنه‪ " :‬تتعهد‬
‫الدول األطراف في هذا العهد بضمان مساواة الذكور واإلنا في حق التمتع بجميع الحقوق االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية المنصوص عليها في هذا العهد‪".‬‬
‫ومن خالل المادة ‪ 02‬يتضح أن العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية أولى هو‬
‫اآلخر حماية لألسرة‪ ،‬حيث أكدت هذه المادة على ضرورة تخويلها ‪-‬األسرة‪-‬أوسع حماية ومساعدة ممكنة‪.‬‬
‫يمكن القول أنه من خالل مبدأ المساواة المنصوص عليه في كل من العهدين وكذا من خالل نبذ كل أشكال‬
‫العنف والمعاملة القاسية والحاطة بالكرامة اإلنسانية للمرأة فإنها شملت بحماية مثلها مثل الرجل كما تم‬
‫حظر أي عنف يمارس ضدها‪ ،‬إال أنه وبالرغم من إلزامية العهدين فالتمييز ظل مستفحال‪ ،‬والعنف هو‬
‫شكل من أشكال التمييز ضد المرأة ومن أجل ذلك تم إحدا اتفاقيات خاصة بالمرأة‪.‬‬

‫‪ ‬اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييزضد المرأة‬

‫‪ 31‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬اعتمد وعرض للتصديق واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة‬
‫في القرار ‪ 6600‬ألف المؤرخ في ‪ 22‬دجنبر ‪ ،2222‬تاريخ بدء التنفيذ ‪ 1‬يناير ‪ 2292‬وفقا للمادة ‪.22‬‬
‫‪ 32‬نهى القاطرجي‪ ،‬المرأة في منظومة األمم المتحدة رؤية إسالمية‪ ،‬منشورات المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫سنة ‪ ،6002‬الطبعة األولى‪ ،‬الصفحة ‪.291‬‬
‫‪ 33‬العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬اعتمد وعرض للتصديق واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة‬
‫لألمم المتحدة ‪ 6600‬ألف د‪ / 62-‬المؤرخ في ‪ 22‬شتنبر‪ ،2222‬تاريخ بدء التنفيذ ‪ 1‬يناير ‪.2292‬‬
‫‪23‬‬
‫حسب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة‪ 34‬فالتمييز يعد شكال من أشكال العنف‪،‬‬
‫فقد عرفته هذه االتفاقية في مادتها األولى بأنه‪ ":‬أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس‬
‫ويكون من أثاره أو أغراضه‪ ،‬توهين أو إحباط االعتراف للمرأة بحقوق اإلنسان والحريات األساسية في‬
‫الميادين السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر‪ ،‬أو توهين أو إحباط‬
‫تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين‬
‫الرجل"‪.‬‬
‫كما دعت في المادة الثانية جميع الدول األطراف إلى نهج سياسة تستهدف القضاء على صور التمييز ضد‬
‫المرأة‪ ،‬هنا ال بد من اإلشارة إلى أن العنف الذي تتعرض له النساء يتعارض ويعوق تحقيق المساواة والسلم‬
‫والتنمية‪ ،‬ويشكل خرقا صريحا للحقوق اإلنسانية والحريات األساسية ويعوق جزئيا أو كليا تمتع النساء‬
‫بهذه الحقوق والحريات‪.‬‬
‫وفي إطار تفعيل الحماية الدولية‪ ،‬تم إقرار بروتوكول اختياري ملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال‬
‫التمييزضد المرأة‪ 35‬وذلك من أجل تعزيز هذه االتفاقية‪.‬‬
‫كما أكد المؤتمرالدولي لحقوق االنسان لسنة ‪ 0112‬بفيينا على أن تلتزم كل دولة باالنخراط في االتفاقية‬
‫الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز بمالءمة تشريعاتها الوطنية مع قواعد االتفاقية وأن تدمج في‬
‫ذلك أيضا أفعال العنف المرتكب في إطار األسرة دون أن تنفي عنها صفة الجريمة بدعوى أنها تدخل في إطار‬
‫الخصوصية‪.36‬‬

‫‪ ‬اإلعالن العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة‬


‫بالرجوع للفصل األول من هذا اإلعالن نجده حدد تعريفا شامال للعنف ضد المرأة حيث جاء فيه‪ ":‬كل‬
‫فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية‬
‫أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسرأو الحرمان من الحرية سواء حدث ذلك‬
‫في الحياة العامة أو الحياة الخاصة"‪.‬‬
‫كما عدد هذا اإلعالن بعض أشكال العنف الممارس ضد المرأة وأشار إلى أن هذا التعداد هو ليس على‬
‫سبيل الحصر مما يعني أنه تنبه إلى مسألة تطور أشكال العنف بتطور أنماط الحياة وهو ما يشكل حماية‬
‫مستقبلية للمرأة من بعض أنواع العنف التي لم تظهر بعد وذلك من خالل المادة الثانية منه والتي جاءت‬

‫‪ 34‬اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة‪ ،‬اعتمدتها الجمعية العامة وعرضتها للتوقيع وللتصديق بقرارها ‪ 290/02‬المؤرخ‬
‫في ‪ 29‬دجنبر ‪.2292‬‬
‫‪35‬بروتوكول اختياري ملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عرض للتوقيع والتصديق واالنضمام بموجب قرار‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة في الدورة ‪ 22‬بتاريخ ‪ 2‬أكتوبر ‪ ،2222‬ودخل حيز التنفيذ في ‪ 66‬دجنبر ‪ ،6000‬وفقا ألحكام المادة ‪.22‬‬
‫‪ 36‬فاتحة اليزيدي‪ ،‬الحماية الجنائية للمرأة من العنف الزوجي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬وحدة العلوم الجنائية‬
‫وحقوق االنسان‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6020-6002‬الصفحة ‪.12‬‬
‫‪24‬‬
‫ببعض أنواع العنف على سبيل المثال والتي يمكن تصنيفها في إطار العنف الجسدي والنفس ي والجنس ي‬
‫وغيرها من الممارسات المؤذية للمرأة‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بدور الدول تؤكد المادة الرابعة من اإلعالن أنه على الدول أن تصوغ وبدون تأخير برنامجا‬
‫للقضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة وأن تعمل على جعل التشريعات الوطنية قادرة على حماية المرأة‬
‫من ممارسة العنف‪ ،‬وعلى معاقبة ممارسيه ضد النساء وإزالة األضرار المترتبة على خضوع النساء‬
‫لممارسات العنف‪ ،‬وأن تضمن لهن وألبنائهن مساعدة خاصة‪ ،‬بما فيها إعادة التأهيل والعالج والتوجيه‬
‫والخدمات الطبية واالجتماعية وكل اإلجراءات الكفيلة بإعادة التأهيل الجسيمة والنفسية‪.37‬‬
‫إضافة إلى مجموعة من اإلجراءات التي طالب الدول باتباعها‪ ،‬كل ذلك لمناهضة العنف وحماية المرأة وهذا‬
‫ما جاءت به المادة الرابعة من اإلعالن العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حماية النساء في التشريع الوطني‬


‫كان لالهتمام الدولي بموضوع حماية المرأة تأثير كبير على التشريعات الوطنية التي تدخلت لوضع آليات‬
‫قانونية تؤطر وضعية المرأة قصد حمايتها‪ ،‬فصادق المغرب على المواثيق الدولية ذات الصلة‪ ،‬وبعد‬
‫التأكيد الدستوري على التزام المملكة المغربية بسمو االتفاقيات الدولية وحظر مختلف أشكال التمييز‬
‫ضد النساء‪ ،‬سعى المغرب إلى مالءمة التشريع الداخلي مع المواثيق الدولية‪.‬‬
‫وقد اتخذ المغرب في هذا السياق مجموعة من التدابير القانونية للنهوض بالمركز القانوني للمرأة وتجاوز‬
‫القصور التشريعي في مجال الحماية من التمييز ضد المرأة‪ ،‬وذلك في إطار وفاء المغرب بالتزاماته الدولية‬
‫المتضمنة في االتفاقيات الدولية التي صادق عليها‪ ،‬وكذلك في سياق التنزيل السليم لمقتضيات دستور‬
‫‪ 2200‬باعتباره دستور الحقوق والحريات الذي ضمن تمتع المرأة والرجل على قدم المساواة بجميع‬
‫الحقوق والحريات في نطاق أحكام الدستور الذي ترجم إلى مجموعة من القوانين التي تبناها سواء من خالل‬
‫نصوص القانون الجنائي أو مواد مدونة األسرة والقانون ‪ 210.20‬المتعلق بالعنف ضد النساء‪.‬‬
‫‪ ‬حماية المرأة من خالل القانون الجنائي ومدونة األسرة‬
‫انطالقا من مقتضيات نصوص القانون الجنائي يمكن القول بأن المرأة قد تكون ضحية العتداء يتناول‬
‫عرضها عن طريق االغتصاب أو هتك العرض كما قد تكون ضحية لجريمة العنف ومن هذا المنطلق سيتم‬
‫التطرق للحماية المقررة لها وذلك من خالل الحديث عن بعض النماذج من الجرائم التي تكون فيها المرأة‬
‫ضحية‪.‬‬

‫‪ 37‬الجمعية المغربية لحقوق النساء‪ ،‬العنف ضد النساء أية حماية؟ أعمال المناظرة الوطنية‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬يناير ‪،2222‬‬
‫(بدون ذكر الطبعة)‪ ،‬الصفحة ‪.62‬‬
‫‪25‬‬
‫فقد ذهب المشرع لحماية المرأة من الجرائم ذات الطابع الجنس ي التي تتناول باالعتداء عرض الضحية‬
‫ويتعلق األمر باالغتصاب وهتك العرض‪ ،‬فبالنسبة لجريمة هتك العرض ذهب إلى تحديد حاالت هتك‬
‫العرض والعقوبة الالزمة لكل حالة واألكثر من ذلك فالمشرع اعتبر العنف ظرفا مشددا حتى يبسط حماية‬
‫أكثر للمرأة التي ينتهك جسدها وشرفها‪ ،‬واعتبر األفعال الجرمية المقرونة بهذا الظرف تشكل أفعاال جنائية‬
‫كما اعتبر اقتران هتك العرض بالعنف واالفتضاض وارتكابه من طرف أحد أصول الضحية يمنع تمتع‬
‫المتهم الجاني بظروف التخفيف‪ ،‬وهذا ما كرسته محكمة النقض في إحدى قرارتها حيث اعتبرت أن نية‬
‫االنتقام لدى الجاني تعتبر قرينة قوية على توافر ظرف العنف المبرر لقيام الجناية‪.38‬‬
‫أما فيما يتعلق بجريمة االغتصاب فقد عرف الفصل ‪ 654‬من القانون الجنائي االغتصاب بأنه‪ ":‬مواقعة‬
‫رجل المرأة بدون رضاها" كما تمت إضافة بموجب الفقرة الثانية من هذا الفصل ذوات العاهات والحوامل‬
‫حيث شدد العقوبة في حق الفاعل‪ ،‬وبذلك يكون المشرع قد وسع من مفهوم المرأة الوارد في الفقرة األولى‬
‫من نفس الفصل بل واألكثر من ذلك يكون بهذا قد وسع من دائرة الحماية الجنائية لتشمل المرأة بصفة‬
‫عامة كما أنه تم تجريم العنف في حق الزوجة بموجب الفصل ‪ 626‬من القانون الجنائي‪.‬‬
‫ومدونة األسرة هي األخرى ومن أجل النهوض بحقوق اإلنسان بصفة عامة والمرأة بصفة خاصة تبنت‬
‫نصوصا إلنصاف المرأة من ذلك نذكر تخويل النيابة العامة سلطة إرجاع الزوجة إلى بيت الزوجية في الحال‬
‫مع اتخاد التدابير الكفيلة بضمان أمنها وسالمتها (المادة ‪ 90‬من مدونة األسرة ‪.‬‬

‫ومن أجل تطويق العنف النفس ي الممكن وقوعه على المرأة المطلقة نص المشرع على مقتض ى هام وهو‬
‫سكن الزوجة خالل العدة في بيت الزوجية أو في بيت مالئم (المادة ‪ 22‬من مدونة األسرة ‪ ،‬كما سمح لها إن هي‬
‫عجزت عن إثبات العنف للضرر سلوك مسطرة الشقاق (المادة ‪ 22‬من مدونة األسرة ‪.‬‬

‫إضافة إلى ما خوله المشرع للمرأة من طلب وضع حد للعنف عن طريق طلب التطليق للضرر‪ ،‬حيث اعتبر‬
‫المشرع كل تصرف مشين من الزوج أو مخل باألخالق الحميدة ضررا يلحق بالزوجة وإساءة مادية أو معنوية‬
‫تجعلها غير قادرة على االستمرار في العالقة الزوجية طبقا للمادة ‪ 22‬من المدونة وسمح لها بطلب التطليق‬
‫لرفع العنف المادي المتمثل في عدم اإلنفاق (المادة ‪ 211‬من مدونة األسرة أو رفع العنف النفس ي المتمثل في‬
‫غيبة الزوج أو الحكم عليه بعقوبة حبسية ألكثر من ثال سنوات وهذا ما نصت عليه المادتين ‪ 212‬و‪211‬‬
‫من مدونة األسرة أو المتمثل في عيب بالزوج مؤثر على استقرار الحياة الزوجية بدليل ما جاء في المادة ‪212‬‬
‫من مدونة األسرة أو المتمثل في اإليالء والهجر (المادة ‪ 221‬من مدونة األسرة ‪.‬‬

‫‪ 38‬قرار صادر عن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض‪ ،‬عدد ‪ ،990/1‬ملف جنائي عدد ‪ ،6029/1/2/29222‬بتاريخ ‪،6029/02/02‬‬
‫مشار إليه لدى أقبور حسين‪ ،‬السياسة الجنائية المغربية لحماية المرأة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم نهاية التكوين في ماستر المنظومة الجنائية‬
‫والحكامة األمنية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة ابن زهر بأكادير‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6060/6062‬الصفحة‬
‫‪.69‬‬
‫‪26‬‬
‫كما قض ى المشرع بنهائية األحكام القضائية الصادرة في موضوع التطليق طبقا للمادة ‪ 212‬من المدونة إنهاء‬
‫للضرر بمفهومه الواسع وبشكل ال يقبل المراجعة‪.‬‬

‫‪ ‬حماية المرأة من خالل القانون ‪ 022.02‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‬


‫عمل القانون ‪ 39210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء على تجريم أفعال‪ 40‬لم تكن مجرمة من قبل‪،‬‬
‫على رأسها اإلكراه على الزواج‪ ،‬والمس بحرمة الحياة الخاصة‪ ،‬والتحرش الجنس ي في الفضاء العام‪ ،‬والطرد‬
‫من بيت الزوجية واالمتناع عن إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية‪ ،‬وتبديد ممتلكات األسرة بسوء نية‪،‬‬
‫فضال عن تشديده العقوبات على الجرائم األخرى املجرمة من قبل منها اإلمساك عمدا عن تقديم مساعدة‬
‫لشخص في خطر أو المساعدة على األعمال التحضيرية لالنتحار أو غيرها من أعمال العنف أو السب أو‬
‫القذف متى ارتكب هذا الفع ل في حق امرأة بسبب جنسهاـ وهو ما يعني توسيع نطاق تجريم العنف القائم‬
‫على أساس النوع االجتماعي‪.‬‬
‫وفي سبيل فرض الحماية الالزمة للمرأة المعنفة‪ ،‬ارتأى المشرع المغربي من خالل قانون محاربة العنف‬
‫ضد النساء التنصيص على مجموعة من التدابير الحمائية أوكلها للجهاز القضائي‪ ،‬الذي يمكن أن يتخذها‬
‫بصفة فورية كلما اقتض ى األمر ذلك وفي هذا اإلطار نص القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد‬
‫النساء وألول مرة في مادته الثامنة‪ 41‬على تدابير الحماية الفورية‪ ،‬فضال عن التدابير التي جاءت بها المادة‬
‫الخامسة من نفس القانون ويتعلق األمر بمقتضيات الفصل ‪ 22-2‬وتتجلى فيما يلي‪:‬‬
‫‪-‬إرجاع املحضون مع حاضنته إلى السكن المعين له من قبل املحكمة إذ يقوم بهذا التدبير على تمكين‬
‫األم من ابنها املحضون الذي خوله لها القانون إلى السكن المعين من قبل املحكمة إذ يحقق هذا التدبير‬
‫حماية مزدوجة لكل من املحضون والحاضنة‪.‬‬
‫‪-‬إنذار المعتدي بعدم االعتداء في حال التهديد بارتكاب العنف مع تعهده بعدم االعتداء‪ ،‬وما يميز هذا‬
‫التدبير أنه يتخذ طابع استباقي للحيلولة دون التعرض للعنف غير أن ما يالحظ على المشرع لم يحدد طبيعة‬
‫التعهد هل يكفي التعهد الشفوي أو ضرورة أن يكون التعهد الكتابي الش يء الذي من شأنه أن يفتح املجال‬
‫للتعهد الشفوي علما أن هذا األخير قد ال يوفر الحماية الكافية‪ ،‬وعليه يتعين على المشرع النص على‬

‫‪39‬القانون ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪ ،‬الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ ،2232932‬صادر في ‪ 2‬جمادى االخرة‬
‫‪ 66( ،2212‬فبراير ‪.)6029‬‬
‫‪ 40‬أنظر الباب الثاني من القانون ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪.‬‬
‫‪ 41‬تنص المادة الثامنة من قانون ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء على أنه‪ ":‬تتمم على النحو التالي أحكام القانون رقم‬
‫‪ 66302‬المتعلق بالمسطرة الجنائية المشار إليه بالمادة ‪".96-2-6‬‬
‫‪27‬‬
‫ضرورة إفراغ التعهد في شكل كتابي بحضور موظف مختص‪ ،‬ومن بين التشريعات التي نصت على هذا‬
‫التدبير نجد المشرع الكردستاني في قانون محاربة العنف األسري‪.‬‬
‫‪-‬إشعار المعتدي بأنه يمنع عليه التصرف في األموال المشتركة للزوجين ويتمحور هذا التدبير حول‬
‫الحيلولة دون تبديد أو تفويت األموال المشتركة للزوجين حيث يقض ي هذا اإلشعار بحظر التصرف في‬
‫األموال‪ ،‬وهو ما يجعل المعتدي في وضعية قانونية صعبة إذ يقض ي هذا اإلشعار إلى تجميد يد الشخص‬
‫من التصرف في الممتلكات تحت طائلة المعاقبة‪.‬‬
‫‪-‬إحالة الضحية على مركز االستشفاء قصد العالج‪ ،‬وهذا التدبير جاء مراعاة لوضعيته الصحية سواء‬
‫تعلق األمر بالصحة البدنية أو الصحة النفسية وقد أحسن المشرع صنعا بسنه هذا التدبير لما يكفله من‬
‫حماية الضحية لكون العنف يترك آثارا مدمرة‪ ،42‬وهو نفس التدبير الذي نص عليه المشرع الكردستاني‪43‬‬

‫في قانون مناهضة العنف األسري‪ ،‬أما بخصوص المشرع اللبناني فقد ألزم بنقل الضحية للعالج على نفقة‬
‫المشكو منه‪.44‬‬
‫‪-‬األمرباإليداع بمؤسسات اإليواء أومؤسسات الرعاية االجتماعية للمرأة المعنفة أوالتي تحتاج وترغب‬
‫في ذلك‪ ،‬وهذا التدبير جاء مراعيا لمشكل اإليواء في الحالة التي تجد المعنفة نفسها عرضة للشارع‪ ،‬أو ترغب‬
‫في االبتعاد من العنف الممارس عليها إال أنه يطرح التساؤل في هذا السياق حول مدى إمكانية تنزيل هذا على‬
‫مستوى الممارسة ويعد هذا التدبير من التدابير التي نص عليها المشرع الكردستاني في قانون محاربة‬
‫العنف األسري حيث نص على توفير مراكز اإليواء لضحايا العنف األسري بخدمات شبكة الحماية‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫وقد أقر المشرع اللبناني هو اآلخر مقتض ى توفير المكان اآلمن مع جعله على نفقة المشكو منه وفق‬
‫قدرته‪ ،45‬ولهذا الغرض أنشأ المشرع اللبناني صندوقا يتمتع بالشخصية المعنوية يتولى مساعدة ضحايا‬
‫العنف األسري وتأمين الرعاية لهم والذي يمول من الدولة والهبات‪.‬‬
‫‪-‬منع املحكوم عليه من االتصال بالضحية أو االقتراب من مكان تواجدها أو التواصل معها بأية وسيلة‪،‬‬
‫حيث خول المشرع المغربي للجهات القضائية حكما ونيابة عامة وقضاء التحقيق حسب األحوال إمكانية‬

‫‪ 42‬محمد اغربي‪ ،‬األبعاد السيكولوجية لألطفال ضحايا الطالق‪ ،‬مقال منشور بمجلة المعيار‪ ،‬العدد ‪ ،22‬دجنبر ‪( ،6020‬بدون ذكر‬
‫الطبعة)‪ ،‬الصفحة ‪.269‬‬
‫‪ 43‬تنص المادة الرابعة‪ /‬ثانيا‪ 6 /‬من قانون مناهضة العنف األسري بكردستان على ما يلي‪ ":‬يتضمن أمر الحماية ما يلي‪ :‬نقل الضحية‬
‫إلى أقرب مستشفى أو مركز صحي للعالج عند الحاجة أو إذا طلبت الضحية ذلك"‪.‬‬
‫‪ 44‬تنص المادة ‪/ 22‬الفقرة (ج) من قانون حماية النساء وسائر أفراد األسرة من العنف األسري اللبناني على ما يلي‪ " :‬إذا نتج عن‬
‫العنف ما يستوجب عالجا طبيا أو استشفائيا تنقل ضحية العنف إلى المستشفى على أن يتكلف المشكو منه بنفقات العالج‪ ،‬إذا امتنع‬
‫المشكو منه عن تسليف النفقات المبينة ‪-‬في البند ‪ 1‬من الفقرة (ب) وفي الفقرة (ج) من هذه المادة تطبق في حقه األصول المتبعة لتنفيذ‬
‫أحكام النفقة في قانون أصول المحاكمات المدنية‪ .‬خالفا للمادة ‪ 222‬من قانون أصول المحاكمات المدنية‪ ،‬يصدر قرار حبس المشكو‬
‫منه الممتنع عن تسليف النفقات المذكورة انفا عن النيابة العامة"‬
‫‪ 45‬تنص المادة ‪ 22‬من قانون حماية النساء وسائر أفراد األسرة من العنف األسري اللبناني على ما يلي‪-1... ":‬نقل الضحية وسائر‬
‫األشخاص المذكورين إذا رغبوا إلى مكان آمن على نفقة المشكو منه وفق قدرته"‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫الحكم أو األمر بمنع الشخص املحكوم عليه أو المتابع من االتصال بالضحية‪ ،‬وهو نفس التدبير الذي عمل‬
‫به المشرع التونس ي في القانون ‪ 92‬لسنة ‪ 1122‬المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة‪ ،46‬مع وجوب‬
‫التنصيص في قرار الحماية على مدته التي ال يمكن أن تتجاوز في كل األحوال ستة أشهر مع إمكانية تمديدها‬
‫مرة واحدة ولنفس المدة بقرار معلل لقاض ي األسرة‪ 47‬إذ يقع اتخاذ هذا التدبير في حاالت الخطر الملم‬
‫بالضحية أو بأطفالها المقيمين معها‪ ،‬كحالة تعرضها العتداء جنس ي أو عنف جسدي مما يخش ى معه من‬
‫تواصل الخطر‪.48‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الصلح المبرم بين الزوجين يضع حدا لتنفيذ المنع من االتصال بالضحية‪ ،‬إال أنه في‬
‫حالة التراجع عن التنازل نتيجة إعادة التعنيف يمكن للمحكمة أن تستأنف التدبير القاض ي بمنع االقتراب‬
‫حرصا على سالمة الزوجة المعنفة‪.‬‬
‫فالضحية قد تتنازل للمتهم للحفاظ على بيت الزوجية لكنها قد تتراجع عن تنازلها‪ ،‬نظرا لمعاودته تعنيفها‪،‬‬
‫في هذه الحالة تقرر املحكمة استئناف الحكم لهذا التدبير مرة أخرى‪ ،‬فهي تقرر ذلك بالرغم من قيام‬
‫العالقة الزوجية‪ ،‬قد يتضح أن هذا األمر يتعارض مع الحقوق المتبادلة بين الزوجين في إطار المادة ‪ 92‬من‬
‫مدونة األسرة لكن يمكن القول أن الهدف من وراء استئناف الحكم بهذا التدبير أن هذا المنع يكون نتيجة‬
‫معاودة تعنيف الزوج لزوجته‪ ،‬ومن هنا تتضح أهمية هذا التدبير ومدى انعكاسه اإليجابي على‬
‫سالمة الزوجة المعنفة‪.‬‬
‫‪-‬خضوع ا ملحكوم عليه خالل المدة المشار إليها سلفا المتعلقة بالمنع من االتصال بالضحية أو أثناء‬
‫تنفيذه لعقوبة سالبة للحرية لعالج نفس ي مالئم‪ ،‬وذلك إلعادة الجاني إلى وضعه الطبيعي‪ ،‬ومن‬
‫خصوصيات هذا التدبير تحقيق حماية متبادلة للطرفين فهو وقائي حمائي للمعنفة وعالجي للمعنف‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المعنف يبقى تحت المراقبة طيلة مدة العالج إذ يعد الطبيب المعالج تقريرا عن تطور‬
‫حالة املحكوم عليه بالخضوع للعالج النفس ي كل ثالثة أشهر على األقل للتأكد من تحسن سلوكه وتفادي‬
‫عودته إلى نفس األفعال التي أدين من أجلها‪ ،‬فإذا استقر رأي الطبيب المعالج على إنهاء هذا التدبير قبل‬
‫الوقت املحدد له‪ ،‬فإنه يخطر قاض ي تطبيق العقوبات بواسطة تقرير مفصل يبرر ذلك‪ ،‬مع وجوب إشعار‬
‫الضحية بنتيجة تقرير الطبيب المعالج بقرار القاض ي الزجري‪ ،49‬وفي هذا الصدد نورد حكم يقض ي بإيداع‬

‫‪ 46‬ينص الفصل ‪ 11‬من القانون ‪ 29‬المتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء التونسي على ما يلي‪" :‬يمكن لقاضي األسرة بموجب قرار‬
‫الحماية أن يتخذ أحد التدابير التالية‪ :‬المنع من االتصال بالضحية أو األطفال المقيمين معها في المسكن العائلي أو في مكان العمل أو في‬
‫مكان الدراسة أو في مركز اإليواء أو في أي مكان يمكن أن يتواجدوا فيه"‪.‬‬
‫‪ 47‬ينص الفصل ‪ 12‬من قانون ‪ 29‬المتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء التونسي على ما يلي‪ " :‬يجب أن يتم التنصيص في قرار‬
‫الحماية على مدته التي ال يمكن أن تتجاوز في كل الحاالت ستة أشهر‪.‬‬
‫ويمكن لقاضي األسرة التمديد من مدة قرار الحماية الصادر عنه وعن محكمة االستئناف مرة واحدة لنفس المدة بمقتضى قرار معلل‬
‫يخضع لنفس اإلجراءات المبينة في الفصول ‪ 16 12 10‬من هذا القانون"‬
‫‪ 48‬مكرم العزيزي‪ ،‬اختصاص قاضي األسرة على ضوء القانون األساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة‪ ،‬مقال منشور بمجلة‬
‫الوقائع القانونية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬دجنبر ‪ ،6022‬الصفحة ‪.209‬‬
‫‪ 49‬الفصل ‪ 6-99‬المضاف إلى مجموعة القانون الجنائي بمقتضى المادة ‪ 2‬من القانون ‪.201321‬‬
‫‪29‬‬
‫متهم في قضية عنف زوجي بمؤسسة للعالج النفس ي جاء في إحدى حيثياته‪...":‬وحيث إن املحكمة ارتأت‬
‫الحكم بخضوع المتهم لعالج نفس ي على يد طبيب متخصص وذلك لمدة سنة ‪ 1‬أشهر‪"50...‬‬
‫وفي قرار آخر صادرا عن استئنافية تازة بتاريخ‪ ،51‬يتعلق بإحدى قضايا العنف الزوجي والذي جمع بين‬
‫تدبيرين للحماية‪ ،‬األول يتعلق بالمنع من االتصال بالضحية واالقتراب منها والثاني إخضاع املحكوم‬
‫عليه للعالج النفس ي‪.‬‬
‫عموما توفق المشرع المغربي في إقرار تدابير حمائية للنساء ضحايا العنف مع إقرانها بجزاءات حال‬
‫مخالفتها وذلك بمقتض ى الفصلين ‪ 52010-2‬و‪ ،53010-1‬وهو نفس ما أقره المشرع الكردستاني‪ 54‬وكذا‬
‫المشرع التونس ي‪.55‬‬
‫وعليه يمكن القول أن كل هذه التدابير التي جاء بها القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‬
‫تكتس ي أهمية بالغة في التخفيف من أثر العنف الواقع على المرأة والمنع من تفاقم آثاره والحد من األسباب‬
‫المؤدية إليه‪ ،‬وألجل ذلك فرئاسة النيابة العامة تعمل على تتبع تفعيل هذه التدابير‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد نشير إلى اإلحصائيات المتعلقة بهذه التدابير على الشكل التالي‪:56‬‬

‫‪50‬حكم المحكمة االبتدائية بوجدة في ملف جنحي رقم ‪ ،262‬ملف رقم ‪ ،612/6222/6029‬الصادر بتاريخ ‪ 09‬يناير ‪( ،6022‬غير‬
‫منشور)‪.‬‬
‫‪51‬قرار محكمة االستئناف بتازة‪ ،‬عدد ‪ ،622‬ملف جنحي عنف ضد نساء عدد ‪ ،6022_6212_19‬الصادر بتاريخ ‪،20/20/6022‬‬
‫(غير منشور)‪.‬‬
‫‪52‬ينص الفصل ‪ 161-2‬من القانون الجنائي المضاف بمقتضى القانون ‪ 201321‬على ما يلي‪" :‬يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين‬
‫وغرامة من ‪ 63000‬إلى ‪ 60000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين من خرق تدبير المنع من االتصال بالضحية أو االقتراب منها أو‬
‫التواصل معها بأي وسيلة أو رفض الخضوع لعالج نفسي مالئم تطبيقا للفصول ‪ 99-2‬و‪."99-1‬‬
‫‪ 53‬ينص الفصل ‪ 323-2‬على ما يلي" يعاقب من شهر إلى ثالثة أشهر وغرامة من ‪ 2000‬إلى ‪ 60000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‬
‫فقط على مخالفة تدابير الحماية المشار إليها في المادة ‪ 96-2-6‬من قانون المسطرة الجنائية"‪.‬‬
‫‪ 54‬تنص المادة الرابعة من قانون مناهضة العنف األسري لكوردستان على ما يلي‪ ":‬في حالة انتهاك أمر الحماية يعاقب المخالف بالحبس‬
‫مدة ل تزيد عن ‪ 29‬أو بغرامة ال تقل عن ‪ 1003000‬دينار"‪.‬‬
‫‪ 55‬ينص الفصل ‪ 19‬من قانون محاربة العنف ضد النساء التونسي على ما يلي‪ ":‬يعاقب بالسجن مدة أقصاها ستة أشهر أو بخطية قدرها‬
‫ألف دينار أو بكلتا العقوبتين كل من يتصدى أو يحول دون تنفيذ قرارات ووسائل الحماية‪ ،‬والمحاولة موجبة للعقاب"‪ .‬كما ينص الفصل‬
‫‪ 19‬من نفس القانون على أنه "يعاقب السجن مدة عام وبخطية قدرها خمسة االف دينار كل من يتعمد خرق قرارات ووسائل الحماية‬
‫بعد تنفيذها والمحاولة موجبة للعقاب"‪.‬‬
‫‪ 56‬تقرير رئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة‪ ،‬سنة ‪ ،6062‬الصفحة ‪.699‬‬
‫‪30‬‬
‫عدد تدابير سنة ‪2020‬‬ ‫عدد تدابير سنة ‪2021‬‬ ‫النسبة المئوية‬

‫‪9000‬‬
‫‪7923‬‬
‫‪8000‬‬
‫‪7000‬‬
‫‪6000‬‬
‫‪5000‬‬
‫‪4000‬‬ ‫‪3114‬‬
‫‪2740‬‬
‫‪3000‬‬
‫‪1857‬‬ ‫‪1870‬‬ ‫‪1651‬‬
‫‪2000‬‬ ‫‪1130967‬‬
‫‪1000‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪23%‬‬ ‫‪91‬‬ ‫‪24%‬‬ ‫‪12%‬‬ ‫‪100 123 2%‬‬ ‫‪35%‬‬ ‫‪134 366 5%‬‬ ‫‪100%‬‬
‫‪0‬‬
‫ارجاع المحضون لمنع من االتصال أو‬ ‫إحالة الضحية على اشعار المعتدي بأنه انذار المعتدي بعدم‬ ‫األمر باإليداع‬ ‫المجموع‬
‫االقتراب من‬ ‫مع حاضنته‬ ‫بمؤسسات االيواء أو مراكز االستشفاء يمنع عليه التصرف االعتداء مع التعهد‬
‫الضحية‬ ‫بذلك‬ ‫في األموال‬ ‫قصد العالج‬ ‫الرعاية االجتماعية‬
‫أو التواصل معها‬ ‫المشتركة للزوجين‬
‫بأي وسيلة‬

‫وهكذا فقد عرفت سنة ‪ 1112‬ارتفاعا مهما في عدد التدابير المتخذة‪ ،‬حيث تم تسجيل نسبة تطور توازي‬
‫‪ 29 ٪‬مقارنة بالتدابير المتخذة سنة ‪.1111‬‬

‫‪ ‬االستراتيجيات الوطنية ملحاربة العنف ضد النساء‬


‫عملت المملكة المغربية على وضع استراتيجيات وخطط عمل‪ ،‬قصد توفير اآلليات الضرورية للنهوض‬
‫بواقع المرأة وتجسيدا لذلك انخرط المغرب مبكرا في محاربة ظاهرة العنف ضد النساء‪ ،‬في إطار تفعيل‬
‫االستراتيجيات الوطنية ملحاربة العنف ضد المرأة وإحدا خدمات أولية للتكفل بالضحايا‪ ،‬من خالل‬
‫إعداد واعتماد استراتيجية وطنية ملحاربة العنف ضد النساء سنة ‪ ،1111‬واعتبار رؤية جديدة لمناهضة‬
‫العنف ضد النساء ‪ ،1121‬ثم االستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء ‪.571101-1111‬‬
‫فاالستراتيجية الوطنية ملحاربة العنف ضد النساء لسنة ‪ 1111‬ركزت على النهج الشمولي الذي يربط بين‬
‫تدابير سياسية عامة للدفع بدسترة المساواة وبين التدابير التربوية والتوعوية والتواصلية والتدابير‬
‫المتعلقة بتنمية الموارد البشرية وتأهيلها‪ ،‬كما اهتمت بالجوانب المرتبطة بالتكفل والمتابعة والبنيات‬
‫والموارد المالية‪ ،‬وبتعزيز القوانين والتشريعات‪ ،‬وتلك المتعلقة بالبحث وتنمية الشراكة‪.58‬‬

‫‪ 57‬مليكة ابن المهدي‪ ،‬دور خاليا التكفل بالنساء واألطفال في تطويق ظاهرة العنف‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬‬
‫ماستر األسرة في القانونين المغربي والمقارن‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة ابن زهر بأكادير‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،6060-6022‬الصفحة ‪.26‬‬
‫‪ 58‬المختار العيادي‪ ،‬تأمالت حول مشروع االستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد النساء‪ ،6010/6060 :‬مقال منشور بمجلة فضاء‬
‫المعرفة القانونية‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬يونيو ‪ ،6062‬الصفحة ‪.612‬‬
‫‪31‬‬
‫وبفضل هذا التدخل االستراتيجي الذي ترجم سنة ‪ 1112‬إلى مخطط عملي شامل‪ ،‬تحققت مجموعة من‬
‫المبادرات أحدثت تغييرات مهمة على صعيد كل مجال من مجاالت التدخل منها‪:59‬‬
‫‪ -‬برنامج تمكين ‪ 1122-1112‬الذي كان من بين أهدافه االستراتيجية تقديم خدمات التكفل بالنساء‬
‫والفتيات ضحايا العنف‪.‬‬
‫‪ -‬إحدا منظومة معلوماتية مؤسساتية للعنف المبني على النوع االجتماعي كآلية مؤسساتية سنة ‪1112‬‬
‫وذلك بهدف تجميع مختلف البيانات والمعطيات الخاصة بالنساء والفتيات ضحايا العنف المبني على النوع‬
‫االجتماعي على الصعيدين الجهوي والوطني‪ ،‬تعزز بإجراء البحث الوطني األول حول العنف ضد النساء سنة‬
‫‪ ، 1112‬الذي سعى إلى قياس مدى انتشار هذه الظاهرة في املجتمع وإلى تحديد نوع ومكان حدوثه وخصائص‬
‫النساء المعنفات‪ ،‬إضافة إلى قياس مدى لجوء النساء المعنفات للتبليغ عن االعتداء لدى المصالح‬
‫املختصة‪.‬‬
‫وأماما تزايد االهتمام الحكومي واملجتمعي بقضية مناهضة العنف ضد النساء وذلك بعد ‪ 21‬سنوات من‬
‫اعتماد االستراتيجية الوطنية ملحاربة العنف ضد النساء‪ ،‬كان ال بد من استشراف رؤية استراتيجية جديدة‬
‫في هذا املجال لسنة ‪ ،1121‬من خالل إطالق تقييم حكومي الستراتيجية وخطة عمل مناهضة العنف ضد‬
‫النساء بالمغرب‪ ،‬وتقويم وتطوير اإلطار االستراتيجي الذي تم العمل به منذ سنة ‪ ،1110‬مع العمل على خلق‬
‫نفس جديد في مجال مناهضة العنف ضد النساء‪ ،‬أساسه توافق كل اإلرادات الحكومية والسياسية‬
‫واملجتمعية‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس وفي إطار تعزيز استجابة السياسات العمومية الحتياجات النساء وتفعيل انتقائية العمل‬
‫الحكومي‪ ،‬تم اعتماد الخطة الحكومية للمساواة إكرام في أفق المناصفة‪ 60‬وإنشاء مؤسسة للرصد‬
‫والتقييم‪ ،‬منها المرصد الوطني ملحاربة العنف ضد النساء‪ 61‬والمرصد الوطني لتحسين صورة المرأة في‬

‫‪ 59‬اإلطار االستراتيجي لمناهضة العنف ضد النساء ‪ ،6022-6026‬وزارة األسرة والتضامن والمساواة والتنمية االجتماعية‪ ،‬مطبعة‬
‫أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬طبعة ‪ ،6022‬الصفحة ‪.22‬‬
‫‪ 60‬وقد تضمنت تدابير ركزت على حماية النساء وتمكينهن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا كما أفردت مجالها الثاني لمناهضة جميع‬
‫أشكال التمييز والعنف ضد النساء‪ ،‬كإطار استراتيجي جديد يوحد الرؤى والقوى الفاعلة في مجال مناهضة العنف ضد النساء‪ ،‬حيث‬
‫يرصد هذا المجال‬
‫‪ -‬جهود القطاعات المعنية في محاربة كل أشكال التمييز والعنف على المستويين القانوني والمؤسساتي من خالل العديد من اإلجراءات‬
‫الهادفة إلى تعزيز الترسانة القانونية والتنظيمية لحماية النساء ومحاربة التمييز‪ ،‬وتحسين المعرفة العلمية بهذه الظاهرة وإنشاء نظام‬
‫التتبع والرصد‪ ،‬ودعم السياسة الوقائية من خالل التصدي ألسباب العنف الممارس ضد النساء والرفع من الوعي المجتمعي بمخاطر‬
‫هذه الظاهرة وكذا تحسين التكفل بالنساء ضحايا العنف عن طريق تطوير مجموعة من الخدمات أصدر اإلطار االستراتيجي لمناهضة‬
‫العنف ضد النساء ‪.6022-6026‬‬
‫‪ 61‬تم إحداثه سنة ‪ ، 6022‬الذي يشكل خطوة مهمة إلعطاء عملية الرصد بعدا غنيا‪ ،‬سواء من ناحية تجميع المعطيات والمؤشرات أو‬
‫على مستوى استثمارها في إعداد تقارير وخطط تميز بالموضوعية‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫اإلعالم‪ ،62‬وتطوير منظومة الشراكة مع جمعيات املجتمع المدني‪ ،63‬وفي هذا السياق تم إطالق خطتين‬
‫حكوميتين للمساواة‪:‬‬
‫" الخطة الوطنية للمساواة (إكرام ‪"641121-1121 2‬و "الخطة الوطنية للمساواة (إكرام ‪-1122 1‬‬
‫‪."651111‬‬
‫‪ ‬التوقيع على إعالن مراكش بتاريخ ‪ 25‬مارس ‪ :2222‬حيث ترأست صاحبة السمو األميرة اللة مريم رئيسة‬
‫االتحاد الوطني للنساء بالمغرب مراسيم االحتفال باليوم العالمي للمرأة والذي توج بالتوقيع على إعالن‬
‫مراكش للتكفل بالنساء ضحايا العنف‪ ،66‬ونتج عن هذا اإلعالن مبادرات ملموسة حول آليات التكفل‬
‫بالنساء ضحايا العنف‪ ،‬وكذا النهوض بثقافة الالعنف وفقا لبرنامج معد لهذا الغرض‪.‬‬

‫‪ ‬إحداث منصات رقمية وآليات للتشكي عن بعد‪ :‬على إثر حالة الطوارئ الصحية إثر تفش ي فيروس كوفيد‬
‫‪ ،22‬بادرت رئاسة النيابة العامة إلى إحدا منصات رقمية بمختلف النيابات العامة‪ ،‬تخص خاليا التكفل‬
‫بالنساء ضحايا العنف‪ ،‬وذلك لتمكين المرأة الضحية من تقديم شكايتها دون الحاجة إلى تنقلها إلى مقر‬
‫املحكمة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬نطاق حماية األطفال ضحايا العنف‬


‫دراسة نطاق حماية األطفال ضحايا العنف تقتض ي باألساس الوقوف عند مختلف النصوص واآلليات‬
‫الدولية ذات الصلة بالموضوع‪ ،‬ووعيا من املجتمع الدولي بضرورة االهتمام بالطفل من خالل توفير الحماية‬
‫والرعاية له تم إصدار مجموعة من اإلعالنات واالتفاقيات المتخصصة في حماية حقوق الطفل‪ ،‬كما أن‬
‫المشرع المغربي سار على نفس نهج المواثيق الدولية حيث أولى حيزا هاما لحماية الطفل ضمن ترسانته‬
‫القانونية وهذا ما سيتم التطرق إليه من خالل هذه الفقرة بحيث ستخصص {أوال} للحديث عن اآلليات‬
‫الدولية لحماية األطفال من العنف و{ثانيا} للحديث عن حماية الطفل في التشريع المغربي‪.‬‬

‫‪ 62‬تم إحداثه سنة ‪ ،6022‬كلية وطنية لرصد وتتبع صورة المرأة في مختلف الوسائط االعالمية المكتوبة والسمعية والبصرية‪ ،‬وجوابا‬
‫مؤسساتيا لمطلب مجتمعي قوي لتحسين صورة المرأة في اإلعالم‪.‬‬
‫‪ 63‬نظرا ألهمية فهم الظاهرة وحجمها وطبيعتها على الصعيد الوطني‪ ،‬وأهمية توثيق وقياس هذا العنف من خالل توفير البيانات‬
‫واإلحصاءات الضرورية لوضع سياسات وبرامج عمومية واقعية وناجعة في هذا الشأن أولت الحكومة المغربية أهمية بالغة لتطوير‬
‫المعرفة بهذه الظاهرة عبر إرساء وتنويع مصادر المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع‪.‬‬
‫‪ 64‬الخطة الحكومية "إكرام –‪ 6022-6026 "2‬التي أعدتها وزارة التضامن واألسرة والتنمية االجتماعية والمساواة بتنسيق مع مختلف‬
‫القطاعات الحكومية‪.‬‬
‫‪ 65‬الخطة الحكومية "إكرام –‪ ،6062-6029 6‬منشورات وزارة األسرة والتضامن والتنمية االجتماعية‪.‬‬
‫‪ 66‬وقع على هذا إعالن مراكش كل من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة‪ ،‬وزير التربية الوطنية والتكوين‬
‫المهني والتعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬ووزير الصحة‪ ،‬وزير الثقافة والشباب والرياضة‪ ،‬ووزير التضامن والتنمية االجتماعية‬
‫والمساواة واألسرة‪ ،‬باإلضافة إلى الوزير المنتدب المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬ورئيسة الهيأة العليا لالتصال السمعي‬
‫البصري‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫أوال‪ :‬اآلليات الدولية لحماية األطفال من العنف‬
‫تبرز اآلليات الدولية في مكافحة ظاهرة العنف ضد األطفال من خالل مجموعة من اإلعالنات واالتفاقيات‬
‫الصادرة عن منظمة األمم المتحدة وتلك الصادرة عن بعض الهيئات المتخصصة بحماية الطفل‪.‬‬
‫‪ ‬المو اثيق الدولية الخاصة بحقوق الطفل‬
‫عرفت سنة ‪ 2222‬البدايات األولى لتدخل املجموعة الدولية لصالح الطفل وذلك بإصدار أول اتفاقية تحمي‬
‫الطفل من االستغالل في القطاع الصناعي‪ ،‬ولقصور هذه االتفاقية واقتصارها على جانب معين من قضايا‬
‫الطفل تطلب األمر انتظار تأسيس عصبة األمم ليصدر أول إعالن في التاريخ يهم الطفولة وهو إعالن جنيف‬
‫لكن عدم استقرار الساحة الدولية بفعل الحربين العالميتين جعل مسلسل حماية الطفل يتعثر ليأخذ‬
‫انطالقته الحقيقية مع اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ثم ليتوج بإصدار اتفاقية حقوق الطفل‪.‬‬
‫‪ ‬اإلعالن العالمي لحقوق الطفل لسنة ‪0181‬‬
‫نص اإلعالن العالمي لحقوق الطفل لسنة ‪ 670181‬على أن الجمعية العامة تنادي من خالله بضرورة أن‬
‫ينعم الطفل بطفولة هنيئة وأن يتمتع بالحقوق والحريات الواردة في هذا اإلعالن وقد اشتمل على ‪ 21‬مبادئ‬
‫وصار بذلك من أهم الوثائق الدولية الخاصة بحقوق الطفل كما دعا هذا اإلعالن السلطات املحلية‬
‫والحكومات إلى حماية الطفولة ووقاية الطفل من اإلهمال والقسوة واالستغالل سواء كان هذا األخير‬
‫استغالال اقتصاديا أو جسمانيا ‪...‬‬
‫وكذلك يحظر اإلعالن استرقاق الطفل وتجارة الرقيق التي تجد سوقا رائجة وسهلة في األطفال‪ ،‬وهذا النوع‬
‫من التجارة أبشع ما يمكن أن يحطم الطفولة‪ ،‬كما يحظر استخدام الطفل المتهان حرفة أو عمل معين قبل‬
‫بلوغه السن المالئم خاصة إذا كان من شأن ذلك أن يلحق الضرر بصحته وأن يحرمه من التعليم وأن يؤثر‬
‫بشكل سلبي على نموه الجسمي ونضجه العقلي والخلقي‪.68‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن حقوق الطفل لم تصبح واقعا ملموسا إال بعد صياغة اتفاقية األمم المتحدة الخاصة‬
‫بحقوق الطفل‪ ،‬وذلك مع بروز الحاجة إلى صياغتها نظرا لكون أن اإلعالن العالمي لحقوق الطفل ‪ 2292‬لم‬
‫يكن يتمتع بقوة إلزامية بقدر ما كان وثيقة معنوية الش يء الذي أدى بالجمعية العامة إلى مطالبة لجنة‬
‫حقوق االنسان بصياغة اتفاقية خاصة بحقوق الطفل‪.‬‬
‫‪ ‬حماية الطفل من العنف في ظل اتفاقية حقوق الطفل ‪0151‬‬

‫‪67‬اإلعالن العالمي لحقوق الطفل‪ ،‬اعتمد ونشر بموجب قرار الجمعية العامة ‪ ،2192‬المؤرخ في ‪ 60‬نونبر ‪.2222‬‬
‫‪ 68‬انظر المبدأ التاسع من اإلعالن العالمي لحقوق الطفل‪ ،‬حق الطفل في الحماية القانونية من القسوة واالستغالل‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫عرفت اتفاقية حقوق الطفل ‪ 692222‬الطفل بكونه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر مالم يبلغ سن الرشد‬
‫قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه وتهدف هذه االتفاقية إلى وضع معايير دولية لحماية األطفال من‬
‫كافة صور اإلساءة واالستغالل‪ ،‬فقد أكدت على أنه يجب على الدول األطراف أن تتخذ جميع التدابير الالزمة‬
‫لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو اإلساءة البدنية أو العقلية واإلهمال أو المعاملة‬
‫المنطوية على إهمال‪ ،‬أو إساءة المعاملة أو االستغالل‪ ،‬بما في ذلك اإلساءة الجنسية حتى عندما يكون في‬
‫رعاية والديه أو الوص ي القانوني عليه أو أي شخص آخر يتعهد برعايته بدليل ما جاءت به المادة ‪ 22‬من‬
‫اتفاقية حقوق الطفل لسنة ‪.2222‬‬
‫كما تحظر االتفاقية أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة‪ ،‬وأي مساس بشرفه أو‬
‫سمعته وللطفل الحق في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أو المساس وهو ما نصت عليه المادة‬
‫‪ 21‬من اتفاقية حقوق الطفل لسنة ‪.2222‬‬
‫أما فيما يتعلق بالحماية من االستغالل االقتصادي‪ ،‬فقد دعت االتفاقية الدول األطراف إلى حماية الطفل‬
‫من أداء أي عمل يرجح أن يمثل خطر على تعليم الطفل أو يعوقه أو يكون ضارا بصحة الطفل وبنموه البدني‬
‫أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو االجتماعي كما أقرت كذلك بموجب المادة ‪ 02‬حماية خاصة لألطفال‬
‫ضد جميع أشكال االستغالل الجنس ي واختطاف األطفال وبيعهم أو االتجار بهم‪.‬‬

‫‪ ‬حماية الطفل من العنف من خالل بعض الهيئات والمبادرات الدولية‬


‫أولت منظمة العمل الدولية اهتماما خاصا لموضوع تشغيل األطفال وكانت اإلرادة في جعل محاربة تشغيل‬
‫األطفال هدفا‪ ،‬حيث عملت منظمة العمل على إصدار العديد من االتفاقيات بشأن حماية الطفل العامل‪70‬‬

‫منها‪:‬‬
‫‪ ‬االتفاقية رقم‪ ،71202‬بشأن تحديد السن األدنى لقبول األطفال في العمل‪.‬‬
‫‪ ‬االتفاقية رقم‪ ،72221‬المتعلقة "بحظر أسوأ أشكال عمل األطفال"‬

‫‪ 69‬اعتمدتها الجمعية العامة لألمم المتحدة وعرضتها للتوقيع والمصادقة واالنضمام بقرارها رقم ‪ 62 /22‬الصادر في ‪ 60‬نونبر ‪2292‬‬
‫وقد صادق عليها المغرب بمقتضى ظهير رقم ‪ 2321121‬بتاريخ ‪ 2222. 62‬ونشر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 2220‬بتاريخ ‪ 22‬دجنبر‬
‫‪.2222‬‬
‫‪ 70‬سميرة شويشو‪ ،‬مكانة الطفل في وضعية صعبة في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪-6009‬‬
‫‪ ،6002‬الصفحة ‪.19‬‬
‫‪ 71‬اتفاقية رقم ‪ 219‬المتعلقة بتحديد السن األدنى لقبول األطفال في العمل‪ ،‬الصادرة سنة ‪ ،2291‬والتي دخلت حيز التطبيق سنة ‪.2292‬‬
‫‪72‬اعتمدت هذه االتفاقية من قبل المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في ‪ 29‬يونيو ‪ 2222‬من قبل منظمة العمل الدولية ودخلت حيز‬
‫التنفيذ ‪ 22‬نونبر ‪.6000‬‬
‫‪35‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬اتجهت منظمة العمل الدولية إلى تقديم المساعدة التقنية المباشرة للدول األعضاء في‬
‫إطار البرنامج الدولي للقضاء على ظاهرة تشغيل األطفال ‪ ،IPEC‬والذي تمخض عنه مجموعة من اللقاءات‬
‫والمؤتمرات الدولية‪:‬‬
‫‪ ‬مؤتمر ستوكلوهم حول مكافحة االستغالل التجاري والجنس ي لألطفال‪ ،‬حيث أفض ى هذا المؤتمر إلى‬
‫إصدار إعالن وخطة عمل ستوكهولم سنة ‪ 2221‬اللذين اعتمدا من قبل ‪ 211‬دولة‪ ،‬وقد التزمت هذه الدول‬
‫بوضع استراتيجيات وخطط عمل في إطار مبادئ توجيهية متفق عليها‪.‬‬
‫‪ ‬مؤتمر أوسلو حول تشغيل األطفال ‪.2222‬‬
‫‪ ‬مؤتمر يوكوهاما باليابان سنة ‪ 1112‬الذي يعتبر من أهم المؤتمرات التي تعنى بحماية األطفال من االستغالل‬
‫الجنس ي بشراكة مع الفاعلين في مجال الطفولة وعلى رأسهم اليونيسيف‪.‬‬
‫يضاف إلى هذه املجهودات البروتوكول الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع األطفال واستغاللهم‬
‫في البغاء والمواد اإلباحية‪ ،73‬وقد اعتمدته األمم المتحدة كأساس الحماية الخاصة لألطفال ضد جميع‬
‫أشكال االستغالل الجنس ي واختطاف األطفال أو بيعهم أو االتجار بهم ألي غرض‪.‬‬
‫وبذلك يلزم البروتوكول الدول األطراف باتخاذ التدابير الالزمة لتجريم بيع األطفال باعتباره أي فعل أو‬
‫عملية تجارية يتم بموجبها نقل الطفل من جانب أي شخص أو مجموعة أشخاص إلى شخص آخر أو‬
‫مجموعة أخرى مقابل أجر‪ ،‬وأي شكل من العوض وكذلك تجريم استغالل األطفال في البغاء لغرض أنشطة‬
‫جنسية واستغاللهم في المواد اإلباحية بتصويرهم بأي وسيلة كانت‪.‬‬
‫وتشمل مقتضيات البروتوكول باإلضافة إلى ذلك االنتهاكات ذات الصلة بإنتاج أو توزيع أو نشر‪ ،‬أو استيراد‬
‫أو تصدير األطفال أو عرض أو بيع وحيازة مواد إباحية متعلقة بالطفل حيث يلزم البروتوكول الدول‬
‫األطراف كحد أدنى بتجريم االستغالل الجنس ي التجاري لألطفال في قوانينها الجنائية كتغطية شاملة‬
‫لألنشطة التالية سواء تم ارتكابها على المستوى املحلي أو عبر الحدود ما بين الدول‪ ،‬وسواء أكانت ترتكب‬
‫بشكل فردي أم منتظم من خالل‪:74‬‬
‫‪-‬عرض طفل ما أو تسليمه أو القبول بتسليمه بأية وسيلة من الوسائل األغراض استغالل الطفل جنسيا‪.‬‬
‫‪-‬حمل أو تعاطي طفل أي نشاط جنس ي غير مشروع‪.‬‬
‫‪-‬استغالل األطفال في الدعارة‪ ،‬أو غيرها من الممارسات الجنسية غير المشروعة أو استغاللهم في العروض‬
‫أو المواد اإلباحية‪.‬‬

‫‪73‬اعتمد وعرض للتصديق واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪ ،621‬الدرة الرابعة والخمسون المؤرخ في ‪ 62‬ماي‬
‫‪ ،6000‬دخل حيز التنفيذ في ‪ 29‬يناير ‪.6006‬‬
‫‪ 74‬المادة ‪ 1‬من البروتوكول االختياري‪ ،‬المتعلق ببيع األطفال واستغاللهم في البناء وفي المواد اإلباحية‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫وكذلك البروتوكول االختياري التفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك األطفال في المنازعات المسلحة‪75‬‬

‫حيث يلزم البروتوكول الدول األطراف‪ ،‬ضمان عدم إشراك األطفال الذين لم يبلغوا الثامنة عشرة من العمر‬
‫في األعمال الحربية‪ ،76‬والتجنيد اإلجباري في قواتها المسلحة‪.‬‬
‫يجب التأكيد على أن البروتوكولين نصا على مجموعة من اإلجراءات للحد من هذه الظواهر باعتبارها من‬
‫أهم مظاهر العنف التي يعاني منه األطفال‪.‬‬
‫ولم يقف االهتمام الدولي بحماية األطفال من العنف عند هذا الحد‪ ،‬فهناك مجهودات تبدلها منظمة األمم‬
‫المتحدة للطفولة ‪-‬اليونيسيف‪-77‬على المستوى العملي من المساعدات لألطفال خصوصا ضحايا العنف‬
‫بشتى أنواعه‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬تدخل أيضا املجهودات المبذولة على الصعيد اإلقليمي مثال‪:‬‬
‫‪-‬اتفاقية مجلس أوربا بشأن الجريمة اإللكترونية واتفاقية املجلس األوربي سنة ‪ 1119‬العمل ضد االتجار‬
‫باألشخاص‪.‬‬
‫وقد أقر الميثاق اإلفريقي لحقوق ورفاهية الطفل سنة ‪ 2221‬وجوب اتخاذ الدول األطراف جميع اإلجراءات‬
‫التشريعية واإلدارية واالجتماعية والتربوية لحماية الطفل من كافة أشكال التعذيب أو المعاملة غير‬
‫اإلنسانية أو المهينة‪ ،‬وخاصة اإليذاء البدني أو العقلي‪ ،‬أو إساءة المعاملة‪ ،‬بما في ذلك االعتداء الجنس ي‬
‫أثناء رعاية الطفل‪.‬‬
‫بعد أن تم التطرق ملختلف مظاهر وتجليات الحماية الدولية لألطفال من خالل النصوص الدولية التي‬
‫تعالج حماية الطفل من العنف‪ ،‬سنعمل على توضيح كيفية معالجة الحماية التشريعية الوطنية لظاهرة‬
‫العنف ضد األطفال‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماية الطفل في التشريع المغربي‬
‫عمل المغرب على بذل مجهودات بهدف حماية الطفولة من االنتهاكات التي تقوض حقوقها وذلك باعتماده‬
‫تشريعات وطنية منها بالخصوص القانون الدستور كأسمى تشريع داخلي بالبلد وتأتي بعده باقي القوانين‪،‬‬
‫ويبقى للقانون الجنائي الدور الرئيس ي لحماية الطفل نظرا لما يوفره من جانب ردعي اتجاه منتهكي حقوق‬
‫الطفل ويضاف له باقي القوانين الجنائية الخاصة التي تعرض فيها المشرع لحماية الطفل‪.‬‬
‫ومع تطور منظومة الحقوق المعتمدة على المستوى الدولي خاصة المتعلقة بالطفل بموجب معاهدات‬
‫دولية أصبحت التشريعات الوطنية للدول منها المغرب ذات التأثر بالتوجه الدولي لحقوق الطفل عرفت‬

‫‪75‬عرض للتوقيع والتصديق واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة ‪ 621‬الدورة الرابعة والخمسون المؤرخ في ‪62‬‬
‫ماي ‪ 6000‬ودخل التنفيذ في ‪ 61‬فبراير ‪.6006‬‬
‫‪ 76‬المادة ‪ 6‬من البروتوكول‪ ،‬بشأن إشراك األطفال في المنازعات المسلحة‪.‬‬
‫‪77‬ظهر في بداية األمر سنة ‪ 2222‬كصندوق مؤقت أطلق عليه "صندوق طوارئ األمم المتحدة بهدف توفير الطعام والمسكن والملبس‬
‫األطفال الدول التي كانت ضحية العدوان في أعقاب الحرب العالمية الثانية‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫تطورا واهتمام كبيرين في المغرب منذ عقد التسعينات خاصة مع اعتماد دستور ‪ 2221‬الذي نص على التزام‬
‫المغرب بحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا‪.78‬‬
‫وفي هذه الفترة صادق المغرب على عدة اتفاقيات دولية تعنى بحقوق اإلنسان عامة والطفل خاصة‪ ،‬ومع‬
‫اعتماد دستور ‪ 1122‬أقر بسمو المواثيق الدولية على القوانين الداخلية للمملكة مما أصبح معه المغرب‬
‫ملزما بمالءمة تشريعاته الوطنية بما يتناسب وروح تلك االتفاقيات‪.‬‬
‫‪ ‬حماية الطفل في الدستورالمغربي‬
‫تعتبر الدساتير الوطنية بمثابة التشريعات المعبرة على إرادة الدول من حيث رسم التوجهات العامة لها‬
‫ومنها باألساس التشريعية التي ستتعامل بها اتجاه المواثيق الدولية‪ ،‬عبر تضمينها المبادئ المراد ترجمتها في‬
‫تشريعاتها الداخلية املختلفة‪.‬‬
‫والمغرب كان من الدول األوائل المصادقة والمنضمة‪ 79‬لعدة مواثيق دولية ذات الصلة بالطفل ولتسجيل‬
‫االهتمام بالمواثيق الدولية‪ ،‬فإن المغرب بموجب دستور ‪ 2221‬و‪ 2221‬عبر فيهما على التزامه بحقوق‬
‫اإلنسان كما هي متعارف عليها دوليا‪.80‬‬
‫وهذا ما لم يكن منصوص عليه في سابق دساتير المملكة‪ ،‬مما يعكس ذلك الرغبة الواضحة في النهوض‬
‫بحماية حقوق اإلنسان ومن بينها تلك المقررة للطفل‪ ،‬باعتبار حقوقه جزء من حقوق اإلنسان ككل‪.‬‬
‫وتم التأكيد في دستور‪ 2200‬على تمسك المغرب بحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها دوليا بصريح العبارة‬
‫في تصدير الدستور‪.‬‬
‫كما أكد من خالل الفصل ‪ 22‬منه على تشبته الدائم بمبادئ الكرامة والمساواة بين جميع البشر وتمسكه‬
‫بمبادئ حقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا‪ ،‬وأكد كذلك على عدم جواز المساس بالسالمة‬
‫الجسدية أو المعنوية ألي شخص في أي ظرف ومن قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة‪ ،‬كما نص في الفصل‬
‫‪ 22‬منه على أن "الدولة تسعى لتوفير الحماية القانونية‪ ،‬واالعتبار االجتماعي والمعنوي لجميع األطفال‪،‬‬
‫بكيفية متساوية بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية"‪.‬‬
‫ومن خالل ما تم بسطه يتضح أن الدستور ارتقى بحق الطفل في الحماية وجعله حقا دستوريا‪.‬‬
‫ولإلشارة فإن الدستور الحالي تضمن فصول تتعلق بحماية الطفل‪ ،‬كما تعمل الدولة في سبيل ذلك برصد‬
‫كل ما من شأنه أن يضمن تلك الحماية سواء التشريعية أو المؤسساتية التي جاء ذكرها في الفصل ‪ 22‬منه‪،‬‬

‫‪ 78‬رشيد اقرجي‪ :‬المغرب وااللتزامات الدولية في مجال حقوق االنسان‪ ،‬مطبعة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،6002‬الطبعة األولى‪ ،‬الصفحة ‪.61‬‬
‫‪79‬يقصد بالتصديق‪ ،‬القبول‪ ،‬الموافقة واالنضمام حسب المادة ‪ 6‬من اتفاقية فيينا المنظمة لقانون المعاهدات لعام ‪ ،2222‬بأنها ذلك اإلجراء‬
‫الدولي الذي به تعترف الدولة على المستوى الدولي برضاها االلتزام بالمعاهدة‪.‬‬
‫‪ 80‬رشيد اقرجي‪ ،‬المغرب وااللتزامات الدولية في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.19‬‬
‫‪38‬‬
‫وذلك بخالف سابق الدساتير التي لم تشر للطفل في صلب فصولها وهذا ما يعتبر من بوادر التفاعل مع ما‬
‫تم التنصيص عليه في تصدير الدستور خاصة الجانب المتعلق بالطفل‪.‬‬
‫وبهذا يتضح السير الواضح للمغرب نحو ترسيخ وحماية حقوق اإلنسان‪-‬الطفل‪-‬كما هي متعارف عليها دوليا‪.‬‬
‫وقد خصص الدستور المغربي لفئة األطفال حماية ذات فعالية كبيرة لضمان حقوقها وخصوصا بعد‬
‫التأكيد على تخصيص الحماية الالزمة للطفل‪ ،‬ذلك أنه تضمن مقتضيات تروم النهوض‬
‫بأوضاع األطفال وأسرهم‪.81‬‬

‫‪ ‬حماية الطفل في ظل القوانين األخرى‬


‫انسجاما مع المبدأ الدستوري الذي يقوم على التشبت الدائم بمبادئ الكرامة والمساواة بين جميع البشر‪،‬‬
‫وتمسكه أيضا بمبادئ حقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا خاصة مع إقرار المساواة في الحقوق‬
‫والواجبات المنصوص عليها في المادة الخامسة منه‪ ،‬فإن المشرع المغربي أكد في مختلف القوانين على‬
‫المساواة ومنع كافة مظاهر التمييز ولعل أن ذلك يتبين من خالل مجموعة من القوانين‪:‬‬
‫‪ ‬على مستوى القانون الجنائي‬
‫مادام أن الطفل عاجز عن مجابهة املخاطر التي تحدق به‪ ،‬تدخل المشرع الجنائي فجرم العديد من األفعال‬
‫كاختطاف األطفال وكذا حمايته من االستغالل الجنس ي واالقتصادي‪.‬‬
‫‪-‬تجريم االختطاف‪ :‬فاالختطاف كما هو معروف احتجاز شخص دون رضاه بممارسة العنف عليه‪ ،‬وهو‬
‫بذلك يعتبر من بين أخطر أشكال االعتداءات التي يمكن أن يتعرض لها اإلنسان لمساسه بالحرية‬
‫الشخصية مع ما قد يترتب عن ذلك من أخطار قد تصل إلى حد قتل املخطوف خاصة كلما كان املخطوف‬
‫قاصرا وذلك بسبب ضعف قدرته الجسمية والعقلية حيث يمكن أن يقع بسهولة ضحية االختطاف‪ ،82‬األمر‬
‫الذي جعل المشرع يتعامل معه بنوع من التشديد حسب مقتضيات الفصل ‪ 201‬من القانون الجنائي‪83‬‬

‫وتم تشديد العقوبة عند تعريض املختطفة للعنف‪.‬‬


‫وكذلك تم التطرق لحماية األطفال من االختطاف ضمن نصوص القانون الجنائي من ‪ 222‬إلى ‪ 222‬من‬
‫خالل الحديث عن خطف القاصرين دون سن الثامنة عشر‪ ،‬سواء من طرف الجاني نفسه أو بواسطة غيره‬
‫ورتب على ذلك عقوبة تقدر بخمس سنوات وصوال إلى عشر سنوات‪ ،‬طبقا للفصل ‪ 221‬القانون الجنائي‪.‬‬

‫‪ 81‬نعيمة البالي‪ ،‬مالءمة التشريع المغربي التفاقيات حقوق الطفل‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانون‪ ،‬شعبة القانون العام‪ ،‬وحدة التكوين‬
‫والبحث الدينامية الجديدة للعالقات الدولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد األول بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6001-6006‬الصفحة ‪.222‬‬
‫‪82‬بنطاهر حورية‪ ،‬الحماية القانونية لألسرة في التشريع الجنائي المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون المنازعات‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة موالي إسماعيل بمكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6026-6022‬الصفحة ‪.19‬‬
‫‪ 83‬ينص الفصل ‪ 212‬من القانون الجنائي‪ ":‬يعاقب بالحبس من خمس الى عشر سنوات كل من اختطف شخصا أو يقبض عليه أو يحبسه‬
‫أو يحجزه دون أمر من السلطات المختصة وفي غير الحاالت التي يجيز فيها القانون أو يوجب ضبط األشخاص‪".‬‬
‫‪39‬‬
‫وقد نص الفصل ‪ 222‬من القانون الجنائي على أنه في الحاالت المشار إليها في الفصول من ‪ 222‬إلى ‪220‬‬
‫على أنه يعاقب على االختطاف باإلعدام إذا نتج عنه موت القاصر‪.‬‬
‫‪ -‬حماية الطفل من االستغالل الجنس ي‪ :‬لقد جرم القانون الجنائي العديد من األفعال لحماية الطفل نجد‬
‫جريمة االغتصاب وهتك عرض قاصر فبالنسبة لالغتصاب فنظرا لخطورة هذه الجريمة وتأثيراتها‬
‫الجسدية والنفسية تم تشديد العقوبة في حالة ما إذا كانت الضحية قاصر تقل عن ثمان عشر سنة وهو‬
‫ما نص عليه الفصل ‪ 292‬من القانون الجنائي وفي هذا اإلطار كذلك تم تشديد العقوبة إذا ما اقترن هتك‬
‫العرض بالعنف‪.‬‬
‫‪-‬تجريم تحريض األطفال على الفساد وتسخيرهم في المواد اإلباحية حيث يتعرض األطفال من الذكور‬
‫واإلنا لوسائل اإلغراء والتحريض على الدعارة والبغاء ويسهل استدراجهم بشتى الطرق‪ ،‬وقد عدد القانون‬
‫الجنائي مجموعة من األفعال التي يأتيها الجاني بهدف استغالل األطفال في الدعارة والبغاء‪ ،‬ويمكن تصنيفها‬
‫على الشكل اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬تجريم تحريض األطفال على الدعارة وتشجيعهم عليها‪ ،‬وتسهيلها لهم (الفصل ‪ 222‬من القانون الجنائي‬
‫‪ ‬تجريم استخدام األطفال أو استدراجهم الرتكاب الدعارة أو البغاء (الفصل ‪ 222‬من القانون الجنائي ‪.‬‬
‫‪ ‬تجريم بيع األطفال ونقلهم من شخص أو مجموعة أشخاص إلى شخص آخر أو مجموعة أشخاص بمقابل‬
‫كيفما كان نوعه (الفصل ‪ 212-2‬من القانون الجنائي‬
‫‪ ‬تجريم استغالل األطفال في المواد اإلباحية (الفصل ‪ 910-1‬من القانون الجنائي ‪.‬‬
‫‪ ‬تجريم التحرش الجنس ي بالطفل (الفصل ‪ 910-2‬من القانون الجنائي ‪.‬‬

‫‪-‬الحماية الجنائية للطفل من اإلهمال األسري واالستغالل االقتصادي‬


‫لقد شكلت حماية الطفل من اإلهمال األسري واالستغالل االقتصادي أحد األولويات في التشريع الداخلي‪،‬‬
‫فقد تضمن القانون الجنائي المغربي بعض المقتضيات الزجرية من أجل ضمان هذه الحماية وقد اعتبر‬
‫إهمال األسرة جريمة يعاقب عليها‪ ،‬وقد تناول هذه الجريمة في ‪ 2‬فصول من المواد ‪ 222‬إلى ‪ 221‬من القانون‬
‫الجنائي‪.‬‬
‫كما يعتبر االستغالل االقتصادي من أخطر أنواع سوء معاملة األطفال‪ ،‬وقد جرم المشرع كل من التسول‬
‫والتشرد وذلك بموجب الفصول من ‪ 011‬الى ‪ 000‬من القانون الجنائي‪.‬‬
‫ومن خالل ما تم بسطه يتضح حرص المشرع المغربي في القانون الجنائي على تعزيز حماية الطفل بتجريم‬
‫األفعال التي تمس حقوقه فضال عن تشديد العقوبات في حق كل من اعتدى على الطفل ليتضح بذلك أن‬
‫البنية التشريعية المغربية ألغت كافة المقتضيات القانونية التمييزية ضد الطفل ووفرت حماية خاصة له‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫‪ ‬على مستوى مدونة األسرة‬
‫تعتبر مدونة األسرة األكثر توجها من حيث اعتماد المبادئ الدولية لحقوق الطفل انطالقا من تصديرها‬
‫الذي أقر بأن حماية الطفل تستدعي إدراج المقتضيات الدولية في صلب نصوصها فأخذت بذلك في‬
‫مختلف موادها والتي أقرت مجموعة من الحقوق كحق الطفل في الحياة حيث تبنته في مادتها ‪ 92‬هذا الحق‬
‫عبر إلزام اآلباء بتحملهم المسؤولية منذ الحمل إلى انتهاء فترة الطفولة أو إتمام الدراسة‪.‬‬
‫وكذلك نصت على اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية الطفل لحقه في الحياة والسالمة البدنية‪ ...‬مسايرا‬
‫بذلك نص المادة ‪ 4‬من العهد الدولي للحقوق المدنية‪ 84‬في حماية هذا الحق كما اعتبرت الدولة مسؤولة‬
‫عن اتخاذ التدابير الالزمة لحماية الطفل وهو ما ينطبق والمواد رقم ‪ 0‬و‪ 2‬وغيرها من اتفاقية حقوق الطفل‬
‫التي تدعوا الدول إلعمال تلك التدابير‪.‬‬
‫ومن مظاهر المالءمة أيضا نص المادة ‪ 01‬التي حددت من ‪22‬سنة إلبرام عقد الزواج مما في ذلك حماية‬
‫للمصالح العليا للطفل كما جاءت بها اتفاقية الطفل‪ ،‬كما تضمنت بنود حمائية للطفل املحضون وذلك‬
‫بإقرار مواد عدة ‪ 212‬و‪ 212‬أو ‪ 212‬و‪ 229‬و‪ 222‬حيث جعلت المادة األولى لحضانة الطفل على عاتق‬
‫األبوين ما دامت عالقة الزواج قائمة والمادة ‪ 229‬نصت على عدم سقوط الحضانة حالة زواج األم‬
‫الحاضنة إذا كان املحضون صغيرا وغيرها من المواد‪ ،‬مما تكرس بذلك نص المادة ‪ 05‬من اتفاقية الطفل‪.‬‬
‫واعتبارا لما نصت عنه المادة ‪ 22‬من اتفاقية حقوق الطفل حول ضرورة حماية الطفل المعاق‪ ،‬نجد أن‬
‫المدونة قد تضمنت عدة مواد في ذات النطاق‪ ،‬منها المادة ‪ 222‬التي نصت على استمرار إلنفاق األب على‬
‫األطفال المعاقين‪ ،‬وفي ذات السياق‪ ،‬أولت المدونة أهمية للنفقة حيث اعتبرت كل تقاعس يتابع من تجب‬
‫عنه النفقة من األبوين بمقتضيات إهمال األسرة المنصوص على مقتضياتها في القانون الجنائي‪ ،‬وكذلك‬
‫اهتمت بحماية هوية الطفل طبقا للمادة ‪ 292‬من مدونة األسرة‪ ،‬وغيرها من المقتضيات التي تبنتها مدونة‬
‫األسرة المغربية بما لتالءم والمواثيق الدولية ذات الصلة بالطفل‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬عمل خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫رتبت االستراتيجيات الوطنية سواء المتعلقة بالمرأة أو تلك المتعلقة بالطفل التزامات على كافة القطاعات‬
‫الحكومية على رأسها وزارة العدل التي بادرت إلى تفعيل هذه االلتزامات من خالل االنخراط الفعلي في‬
‫اإلصالح‪ ،‬تستهدف النهوض بأوضاع المرأة والطفل وتعزيز حمايتهما الجنائية‪ ،‬وقد انطلق هذا المسار‬

‫‪84‬العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬اعتمد وعرض للتصديق واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة في‬
‫القرار ‪ 6600‬ألف‪ ،‬المؤرخ في ‪ 22‬دجنبر ‪ ،2222‬دخل حيز التنفيذ ‪ 1‬يناير ‪ 2292‬وفقا للمادة ‪.22‬‬
‫‪41‬‬
‫بإحدا خاليا للتكفل بالنساء واألطفال‪ ،‬والتي تعتبر اآللية التنفيذية الستراتيجية وزارة العدل في ميدان‬
‫التكفل بالنساء واألطفال‪.85‬‬
‫وعليه سيخصص هذا المبحث للحديث عن الخدمات التي تقدمها هذه الخاليا بالنسبة للنساء واألطفال‬
‫ضحايا العنف وهذا ما سيتم التطرق له من خالل {المطلب األول} الذي سيخصص للحديث عن لمسار‬
‫التكفل بالنساء ضحايا العنف على أن يخصص {المطلب الثاني} للحديث عن مسار التكفل مسار التكفل‬
‫باألطفال‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مسارالتكفل بالنساء ضحايا العنف‬


‫نتيجة لما يترتب عن العنف ضد المرأة من آثار حيث إنه يجردها من حقوقها وحرياتها األساسية وينجم عنه‬
‫أذى ومعاناة جسدية ونفسية للمرأة‪ ،‬األمر الذي يتطلب توفير سلسلة من الخدمات للتكفل بها بهدف رد‬
‫االعتبار لها وتكريس إنسانيتها هكذا فمهمة التكفل بالنساء ضحايا العنف من طرف الخلية تتحقق من‬
‫خالل مجموعة من األدوار التي تقوم بها أعضاء هذه الخلية من نيابة عامة ومساعدة اجتماعية وضابطة‬
‫قضائية‪.‬‬

‫ولمعالجة إجراءات التكفل بالنساء ضحايا العنف يقتض ي التطرق إلى ثالثة مراحل‪:‬‬
‫المرحلة األولى تشمل إ جراءات البحث التمهيدي إلى جانب الرعاية الطبية البدنية والنفسية التي تمنح‬
‫للضحايا إلى غاية صدور قرار المتابعة واإلحالة على املحكمة‪.‬‬
‫المرحلة الثانية وهي مرحلة الدعوى القضائية أو املحاكمة وتشمل كافة اإلجراءات التي تباشرها املحكمة‬
‫عند نظرها في القضية على مستوى درجتي التقاض ي ابتدائيا واستئنافيا‪.‬‬
‫ثم المرحلة الثالثة وهي مرحلة التنفيذ وتهتم باإلجراءات الالحقة على الدعوى القضائية وصدور الحكم‪.‬‬
‫وعليه سيتم تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين بحيث ستخصص {الفقرة األولى} لمرحلة ما قبل املحاكمة‬
‫على أن تخصص {الفقرة الثانية} لمرحلتي املحاكمة والتنفيذ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مرحلة ما قبل املحاكمة‬

‫‪85‬امنة أفروخي‪ ،‬خاليا من أجل تكفل قضائي ناجع بالنساء واألطفال‪ ،‬مقال منشور بمجلة الشؤون الجنائية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬سنة ‪،6022‬‬
‫الصفحة ‪.22‬‬
‫‪42‬‬
‫لنجاح مسار التكفل وبالضبط في هذه المرحلة‪ ،‬تم إحدا خاليا للتكفل بالنساء واألطفال بكافة محاكم‬
‫المملكة‪ ،‬ويتولى تسيير إجراءات هذه المرحلة ممثل النيابة العامة حيث يسهر هذا األخير على التدخل‬
‫بوجه السرعة لحظة علمه بوقوع فعل جرمي يكتس ي طبيعة عنف ضد امرأة‪ ،‬وكذلك فكل اإلجراءات‬
‫الموالية وجب أن تكون تحت إشراف النيابة العامة‪ ،‬بدءا من الفحص الطبي والنفس ي للضحية والحرص‬
‫على توفير كل الضمانات لكي تقدم الضحية شكايتها بدون أي إكراه أو ضغط‪ ،‬إلى غاية إجراء المتابعة‪،‬‬
‫وتتجلى هذه المراحل فيما يلي‪:86‬‬
‫أوال‪ :‬مرحلة االستقبال واالستماع‬
‫تتولى خاليا التكفل بالنساء ضحايا العنف مهام االستقبال واالستماع والدعم والتوجيه والمرافقة لفائدة‬
‫النساء ضحايا العنف وذلك طيلة مسار التكفل‪:87‬‬
‫‪ ‬إجراءات استقبال الضحية‪:‬‬
‫تعتبر هذه المرحلة ذات أهمية خاصة‪ ،‬وأثر كبير على مدى نجاعة آليات التكفل من عدمها بل ويتحدد من‬
‫خاللها االنطباع حول مدى وجود آليات حقيقية للتكفل بها لدى المؤسسة القضائية‪ ،‬لذا يتعين الحرص‬
‫على احترام سير مجموعة من اإلجراءات وفقا لما نص عليه دليل المعايير النموذجية للتكفل باألطفال‬
‫والنساء ضحايا العنف‪ ،‬وتتجلى هذه اإلجراءات فيما يلي‪:88‬‬
‫االستقبال األولي لدى النيابة العامة بحيث أن هذا االستقبال يجب أن يكون من طرف المساعدة‬
‫االجتماعية لدى الخلية التي تقدم الدعم النفس ي للضحية‪ ،‬وبعد ذلك تستقبل الضحية من طرف نائب‬
‫وكيل الملك عضو الخلية بحضور المساعدة االجتماعية بفضاء خاص يراعي خصوصية وضعيتها وظروفها‬
‫اإلنسانية واالجتماعية ويتم االطالع على كافة الوثائق التي تتوفر عليها الضحية من شكايات وغيرها‪.‬‬
‫واالستقبال يتم من خالل مرحلتين فالمرحلة األولى يتم فيها االستقبال من طرف المساعدة االجتماعية‬
‫والمرحلة الثانية يتم االستقبال من طرف ممثل للنيابة العامة ولعل أن االستقبال الثنائي للمرأة المعنفة‬
‫تبقى الطريقة األفضل‪ ،‬خاصة مع ما كشفت عنه من نتائج إيجابية من بعث الطمأنينة في نفس الضحية‪.‬‬
‫وبمجرد تعبير الضحية عن رغبتها في تقديم الشكاية يتم فتح ملف وتعبأ االستمارة اإلحصائية الخاصة‬
‫بالعنف ضد النساء ويتم بعد ذلك المرور لمرحلة االستماع‪.‬‬

‫‪ ‬إجراءات االستماع للضحية‪:‬‬

‫‪86‬الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء واألطفال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.26‬‬
‫‪ 87‬ينص الفصل ‪ 20‬من القانون ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء على أنه‪...":‬تتولى هذه الخاليا مهام االستقبال واالستماع‬
‫والدعم والتوجيه والمراقبة‪ ،‬لفائدة النساء ضحايا العنف‪"...‬‬
‫‪ 88‬الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.90‬‬
‫‪43‬‬
‫فاالستماع يتيح للمرأة المعنفة صياغة المشاكل والصعوبات واأللم وإعطائها حجما يختلف حسب وضعية‬
‫الراهنة أي التي تكون عليها داخل وسطها األسري واالجتماعي‪.‬‬
‫ولالستماع أهداف أساسية من بينها‪:‬‬
‫‪-‬إعطاء الكلمة للنساء ضحايا العنف ومساعدتهم على كسر حاجز الصمت؛‬
‫‪-‬الدفع بالنساء ضحايا العنف إلى تحديد قصدهن مع عدم إعطاء الحلول أو حتى التعبير عن انتظارات‬
‫واضحة من اإلجراء الذي ينبغي على الخلية اتباعه؛‬
‫‪-‬تجاوز الحاجز النفس ي والخوف من العنف وتفريغ الضغط النفس ي وعدم اعتبار العنف مسألة طبيعية؛‬
‫‪-‬تشجيع طلب المساعدة من اآلخرين‪ ،‬وأيضا يساعد االستماع على الوعي بخطورة العنف وآثاره السلبية‬
‫على الصحة الجسدية والنفسية على المعنفة واملحيطين بها؛‬
‫فمرحلة االستماع تعتبر جد مهمة في مسار التكفل بالمرأة ضحية العنف‪ ،‬وإذا كان األصل أن الضابطة‬
‫القضائية هي التي تتولى البحث في الجرائم واالستماع ألطراف الشكاية والبحث في موضوع الشكاية المقدمة‬
‫سواء أمام النيابة العامة أو أمامها مباشرة‪ ،‬فإن االستثناء الذي جاءت به خاليا التكفل بالنساء هو أن‬
‫االستماع للمرأة ضحية العنف يتم من طرف نائب وكيل الملك المكلف بالخلية بصفته ضابطا ساميا‬
‫للشرطة القضائية‪.89‬‬
‫حيث تعمل النيابة العامة على االستماع للمرأة ضحية العنف في أغلب الحاالت‪ ،‬وذلك حرصا على مصلحة‬
‫المرأة المعنفة ونجاعة البحث‪ ،‬ومن أجل تحقيق السرعة في البحث في موضوع الشكاية وتفادي توجيهها إلى‬
‫الضابطة القضائية تفاديا للضغط الذي يمكن أن تعيشه لدى مراكز الدرك أو الشرطة على عكس فضاء‬
‫الخلية الذي يخلق لديها جوا من الطمأنينة واألمان‪.‬‬
‫واالستماع للضحية يتم بحضور المساعدة االجتماعية‪ ،‬حيث يعمل ممثل النيابة العامة على إعطاء‬
‫الضحية فرصة لتقديم أقوالها بحرية وبدون أي ضغط الش يء الذي تساعده فيه المساعدة االجتماعية‬
‫التي يكون دورها هو التخفيف من حدة الخوف لدى الضحية‪.‬‬
‫والمالحظ أن أغلب املحاكم توكل مهمة اإلشراف على الخلية للمرأة التي تشغل صفة نائب وكيل الملك‪،‬‬
‫وذلك ألن المرأة الضحية تستطيع أن تبوح للمرأة مثلها بما ال تبوح به أمام الرجل‪.‬‬
‫ويدور محضر االستماع الذي تقوم به نائبة وكيل الملك حول هوية الضحية وهوية المعتدي وعالقة‬
‫الضحية به واستفسارها على نوع العنف الممارس عليها‪ ،‬هل عنف جسدي أو جنس ي أو معنوي والوسائل‬
‫التي استعملت في العنف كع ترك الضحية تتكلم عن وقائع قضيتها بتلقائية ودون توقف وبالطريقة التي‬

‫‪ 89‬تنص المادة ‪ 22‬من قانون المسطرة الجنائية على أنه‪ ":‬تضم الشرطة القضائية إضافة الى الوكيل العامة للملك ووكيل الملك ونوابهما‬
‫وقاضي التحقيق بوصفهم ضباطا سامين للشرطة القضائية‪"...‬‬
‫‪44‬‬
‫تفضلها مع عدم اإلصرار على أخذ تفاصيل لم ترد الضحية اإلدالء بها لحاجة في نفسها‪ ،‬خاصة إذا لم تكن‬
‫ضرورية للبحث وتفادي األسئلة التي من شأنها تكريس المزيد من الخوف والهواجس في نفسية الضحية‬
‫والسيما األسئلة المباشرة مع عدم طرح أي سؤال من شأنه تحسيس الضحية أن لها يد في تعرضها للعنف‬
‫أو أنها كانت سببا في تحقق هذا العنف ويتم استفسارها عن الجهة األمنية املختصة باالستماع إليها في الحالة‬
‫التي يقرر ممثل النيابة العامة إرسالها إلى الضابطة القضائية قصد االستماع إليها‪.‬‬
‫وتضمن أقوال الضحية في محضر استماع والذي يتضمن تاريخ وساعة تلقي الشكاية وهوية المشتكية‬
‫والتعريف بالمشتكى به‪ ،‬ونوع االعتداء الذي تعرضت له وكذا مكان وقوع االعتداء وتاريخه وساعته‪ ،‬إضافة‬
‫تحديد ما إذا وقع االعتداء بحضور أشخاص‪ ،‬وفيما إذا كان لديها شهود حضروا االعتداء أم ال‪ ،‬والوقوف‬
‫على ط بيعة العنف موضوع الشكاية ومدى جسامته‪ ،‬والتأكد مما إذا استعمل المعني باألمر سالحا أو‬
‫استخدم أداة في االعتداء ونوعها‪.90‬‬
‫يمكن القول أن االستماع للضحية مباشرة ووفقا للمشار إليه أعاله يتيح لممثل النيابة العامة التعرف عن‬
‫قرب على طبيعة االعتداء وخصوصياته ومدى خطورته ومعاينة ما قد يكون قد ترتب عنه من آثار ظاهرة‪،‬‬
‫وتضمين ذلك في صلب الشكاية‪.‬‬
‫كما يسمح له ذلك باطالع الضحية على طبيعة المسطرة واإلجراءات القانونية الالزم اتباعها وإعطائها صورة‬
‫عن حقوقها المترتبة قانونا والمتعلقة بالقضية موضوع الشكاية‪ .‬كما يمكن هذا االستماع عضو النيابة‬
‫العامة من أخذ انطباع واضح عما ينبغي اتخاذه من إجراءات فورية إضافة إلى أن محضر االستماع يضمن‬
‫فيه ما عاينته المساعدة االجتماعية من آثار للعنف على جسد الضحية في حالة العنف الجسدي‪ ،‬وفي آخر‬
‫املحضر يجب أن يتضمن توقيع المشتكية وممثل النيابة العامة‪.91‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن نشاط خاليا التكفل لسنة ‪ 1112‬عرف ارتفاعا ملحوظا مقارنة بسنة ‪ 1111‬إذ بلغ‬
‫مجموعة ‪ 221021‬إجراء‪ ،‬حيث استقبال النساء المعنفات (‪ 22292‬حالة واالستماع إليهن (‪21122‬‬
‫حالة ‪.92‬‬

‫ثانيا‪ :‬أجرأة الشكاية والتدابيرالتدابير الالزمة بشأنها‬


‫بالنسبة لشكايات العنف ضد النساء فقد تم تسهيل ولوج النساء المعنفات إلى مصالح النيابة العامة‬
‫واستقبالهن من طرف خاليا متخصصة ومؤهلة لتدبير وتصريف هذه الشكايات من خالل اتباع اإلجراءات‬
‫التي سبق اإلشارة إليها في كل من مرحلتي االستقبال واالستماع‪.‬‬

‫‪ 90‬الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.21‬‬
‫‪91‬انظر الملحق رقم (‪.)2‬‬
‫‪ 92‬التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة ‪ ،6062‬الصفحة ‪.692‬‬
‫‪45‬‬
‫حيث يصدر ممثل النيابة العامة الذي استمع للضحية مباشرة تعليماته لضابط الشرطة القضائية‬
‫المكلف بإجراء األبحا في قضايا العنف‪ ،‬الذي يتعين عليه أن يصاحب الضحية بداية إلى المصالح الطبية‬
‫املختصة‪ ،‬أو يتخذ كل ما يلزم ليسهل عليها ولوج هذه المصالح إلجراء الفحوصات وإنجاز شهادة طبية‪93‬‬

‫تثبت الحالة الصحية للضحية‪ ،‬ويمكن أيضا عند االقتضاء تكليف المساعدة االجتماعية بمصاحبة‬
‫الضحية لهذه الغاية‪.‬‬
‫أما إذا تعلق األمر بزوجة معنفة فإننا نكون أمام حالة خاصة تستدعي توفير الحماية الكافية بالشكل الذي‬
‫يضمن منع استمرار تعرضها للعنف حيث تحتاج هذه األخيرة للمزيد من العناية خاصة في مرحلة البحث‬
‫التمهيدي بسبب قابلية تعرضها للعنف في حالة عودتها لبيت الزوجية لذلك فالنيابة العامة ملزمة باتباع‬
‫مجموعة من التدابير نوردها على الشكل التالي‪:94‬‬
‫‪-‬ضمان منع استمرار تعرضها للعنف؛‬
‫‪-‬التأكد من رغبتها في الرجوع إلى بيت الزوجية في الحالة التي تكون فيها مطرودة قبل مباشرة أي إجراء بهذا‬
‫الخصوص؛‬
‫‪-‬تجنب االستماع إليها بحضر أبنائها بالتفصيل الذي من شأنه اإلساءة إليهم؛‬
‫‪-‬العمل على اتخاذ ما يلزم من تدابير لضمان عودة سريعة ومالئمة لألطفال إلى بيت األسرة وإذا لم تكن‬
‫الزوجة ترغب في الرجوع إلى بيت الزوجية فإنه يتعين العمل على تمكينها بالسرعة الالزمة من أمتعتها‬
‫الشخصية وحاجيات أبنائها ولوازمهم‪.‬‬
‫وإذا قام الزوج بحرمان الزوجة المعنفة من أبنائها فإنه يتعين على النيابة العامة اتخاذ اإلجراءات الضرورية‬
‫والكفيلة بتمكينها من الحصول على أبنائها خصوصا بالنسبة لحاالت األطفال في طور الحضانة اعتبارا‬
‫لمصلحتهم الفضلى وفي حاالت العنف الزوجي المستمرة والمتكررة ينبغي أخد ذلك بعين االعتبار بالنظر لما‬
‫يوحي تكرار العنف ومعاودة ممارسته من طرف الزوج من خطورة هذا األخير وإصراره على إيذاء الزوجة‬
‫واألطفال‪ ،‬وعدم نجاعة ما تم اتخاذه من إجراءات وتدابير‪ ،‬وعليه ينبغي اإلسراع بتقديم المعنف أمام‬
‫النيابة العامة مع حت الضابطة القضائية على ضرورة التعجيل باتخاذ المتعين بشأنه أمام ثبوت خطورته‬
‫على أمن وسالمة الضحية وأبنائها كما ينبغي التدخل بكل سرعة وجدية من طرف عناصر الضابطة‬
‫القضائية بالشكل الذي من شأنه توفير الحماية الناجعة والفعالة للضحية ودرء األخطار التي‬
‫تحدق بها وبأبنائها‪.95‬‬

‫‪ 93‬انظر الملحق رقم (‪.)6‬‬


‫‪94‬أحمد قيلش‪ ،‬التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف على ضوء السياسة الجنائية بالمغرب‪ ،‬الواقع والرهانات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة‬
‫‪.92‬‬
‫‪ 95‬الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء واألطفال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.22‬‬
‫‪46‬‬
‫وحرصا على فعالية إجراءات البحث التمهيدي يجب تحديد شخص ممثل النيابة العامة املختص‪ ،‬غالبا ما‬
‫يكون هو منسق الخلية‪ ،‬وإيجاد مخاطب مباشر من أحد أفراد الضابطة القضائية يختص بهذا النوع من‬
‫المساطر‪ ،‬ويبقى على اتصال مباشر مع النيابة العامة‪ ،‬حتى يتم إنجاز المطلوب في أقرب وقت‪ ،‬وتوفير‬
‫شروط وآليات حقيقية للتكفل أثناء فترة البحث التمهيدي‪ ،‬وبعد دراسة المسطرة سواء في األحوال العادية‬
‫أو التقديم‪ ،‬إذا ما تم تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬يجب إحالتها على أقرب جلسة ممكنة مع اتخاذ كل ما‬
‫يلزم لضمان حقوقها‪.96‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مرحلتي املحاكمة والتنفيذ‬


‫من خالل هذه الفقرة سيتم التطرق لمرحلة املحاكمة {أوال}‪ ،‬ثم مرحلة التنفيذ {ثانيا}‬
‫أوال‪ :‬مرحلة املحاكمة‬
‫بمجرد تحريك المتابعة من طرف النيابة العامة في حق مرتكب العنف ضد المرأة‪ ،‬ينبغي توفير مجموعة‬
‫من الضمانات األساسية لتمكين الضحية من استيفاء حقوقها بما في ذلك‪:97‬‬
‫‪ ‬تمكين المشتكية من مساعدة محام في إطار المساعدة القضائية للدفاع عن حقوقها في حالة عوزها؛‬
‫‪ ‬االستماع إلى المشتكية وتمكينها من أن تعرض شكايتها بكل تفصيل وتقديم كل ما تتوفر عليه من معلومات‬
‫وأدلة وقرائن‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار صعوبة اإلثبات خاصة في قضايا العنف الزوجي؛‬
‫‪ ‬إجراء الخبرات الطبية إن اقتضت طبيعة النزاع ذلك؛‬
‫‪ ‬االستماع للشهود ومواجهة المتهم بتصريحاتهم؛‬
‫‪ ‬إمكانية إجراء جلسة سرية حسب طبيعة النزاع أو بناء على طلب األطراف؛‬
‫‪ ‬الحرص على أن يكون تأخير القضية إذ كان ضروريا ألجال قريبة تحترم الحدود الدنيا لآلجال القانونية؛‬
‫‪ ‬تقدير العقوبة ينبغي أن يراعي ظروف الطرفين االجتماعية ومدى إمكانية استعداد المعنف لاللتزام بعدم‬
‫معاودة ممارسة العنف؛‬
‫‪ ‬تقدير التعويض عن الضرر على أساس حجم الضرر الالحق بالضحية وأبنائها من جراء االعتداء وكذا‬
‫الجانب المتعلق بالضرر الحاصل بحرمانها من نفقتها هي وأبناؤها طيلة أمد النزاع والمصاريف التي تكبدتها؛‬

‫‪ 96‬أحمد قيلش‪ ،‬التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف على ضوء السياسة الجنائية بالمغرب‪ ،‬الواقع والرهانات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة‬
‫‪.96‬‬
‫‪ 97‬الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء واألطفال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.29‬‬
‫‪47‬‬
‫‪ ‬إشمال الحكم الصادر في الشق المتعلق بالمطالب المدنية بالنفاذ المعجل تفعيال المقتضيات الفصل‬
‫‪ 021‬من قانون المسطرة الجنائية؛‬
‫‪ ‬الحرص على النطق باألحكام محررة بالجلسة‪ ،‬مع تسليم نسخة منها لكل طرف عند حضوره؛‬
‫‪ ‬استئناف األحكام الصادرة في موضوع العنف ضد النساء كلما كانت هناك مصلحة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مرحلة التنفيذ‬
‫إن المسار التكفلي بالنساء ضحايا العنف ال يكتمل إال بالعناية بمرحلة التنفيذ كمرحلة أساسية تتمكن‬
‫من خاللها الضحية من استيفاء حقوقيا خاصة المدنية منها‪ ،‬باإلضافة إلى ضرورة مواكبة دعمها النفس ي‬
‫ما بعد املحاكمة‪ ،‬غير أن هذه المواكبة النفسية تظل متعذرة بتعذر وجود الطب النفس ي داخل تأليف‬
‫الخلية القضائية كما أنه في بعض الحاالت ال يتواجد كذلك حتى في المستشفيات العمومية‪.‬‬
‫وعموما يرشدنا الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل إلى مجموعة من اإلجراءات يتعين اتخاذها لبلوغ‬
‫أهداف مسار التكفل خالل هذه المرحلة‪:‬‬
‫‪ ‬أن يتولى اإلشراف على هذه المرحلة قاض ي التنفيذ؛‬
‫‪ ‬أن تستمر المساعدة القضائية حتى في هذه المرحلة أيضا؛‬
‫‪ ‬أن يشرع في مباشرة إجراءات التنفيذ بمجرد تقديم طلب بذلك ويعذر المنفذ املحكوم عليه‪.‬‬
‫‪ ‬الوفاء بما قض ى به الحكم حاال؛‬
‫‪ ‬أن يتم تفعيل مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل ‪ 221‬من قانون المسطرة المدنية‪ 98‬المتعلق باإلذن‬
‫بإجراء حجز تحفظي على أموال المدين لضمان استيفاء حقوق املحكوم لها؛‬
‫‪ ‬أن يباشر التنفيذ على األموال المنقولة فإن لم توجد يجرى التنفيذ على األموال العقارية للمحكوم عليه‪،‬‬
‫وعلى المنفذ أال يسارع إلى إنهاء عملية التنفيذ بتحرير محضر امتناع أو بعدم وجود ما يحجز على الرغم‬
‫من تملك المنفذ عليه لما يمكن أن يقع عليه التنفيذ‪ ،‬فالمالحظ عمليا بأن مساطر التنفيذ تنتهي عادة‬
‫بتحرير محضر بعدم وجود ما يحجز بمجرد امتناع المنفذ عليه عن التنفيذ وإعالن رفضه بالرغم من تملكه‬
‫المنقوالت وعقارات وأرصدة بنكية أو مداخيل شهرية قارة فال بد من تفعيل كافة المساطر‬
‫المتعلقة بالتنفيذ‪.99‬‬

‫‪ 98‬تنص الفقرة الثانية من الفصل ‪ 220‬على أنه‪...":‬إذا طلب المدين اجاال أخبر العون الرئيس الذي يأمر بحجز أموال المدين تحفظيا‬
‫إذا بدا ذلك ضروريا للمحافظة على حقوق المستفيذ من الحكم‪"...‬‬
‫‪ 99‬الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.29‬‬
‫‪48‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مسارالتكفل باألطفال‬
‫إذا كانت خلية التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف تلعب دورا مهما في مجال التكفل بالمرأة وتنزيل‬
‫النصوص القانونية الخاصة بحمايتها على أرض الواقع‪ ،‬فإن دورها يشمل التكفل بالطفل باعتباره أكبر فئة‬
‫ضعيفة داخل املجتمع وال تقوى على الدفاع عن نفسها‪ ،‬هذا التكفل الذي يروم إلى الوقاية والحماية والعالج‬
‫والتربية واإلدماج بغاية الوصول بالطفل في وضعية سليمة إلى املحطة التي يصبح فيها‬
‫قادرا على حماية نفسه‪.‬‬
‫وتشكل خاليا التكفل باألطفال بمحاكم المملكة آلية أساسية في مجال توفير الحماية الالزمة لألطفال على‬
‫اختالف أوضاعهم وتيسير ولوجهم للعدالة وتوفير املخاطب المتخصص في قضاياهم‪ ،‬في إطار مقاربة‬
‫إنسانية واجتماعية تخدم مصالحهم الفضلى بالدرجة األولى وعلى هذا األساس سيتم تقسيم هذا المطلب‬
‫إلى فقرتين بحيث ستخصص {الفقرة األولى} للتكفل باألطفال ضحايا العنف على أن تخصص {الفقرة‬
‫الثانية} للتكفل باألطفال في وضعية خاصة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التكفل باألطفال ضحايا العنف‬


‫بالموازاة مع االرتفاع الذي شهده عدد قضايا العنف ضد األطفال خالل سنة ‪ 2220‬حيث سجل عدد‬
‫األطفال الضحايا ارتفاعا واضحا‪ ،‬إذ بلغ ‪ 1212‬طفال مقابل ‪ 9011‬سنة ‪ 2222‬أي بزيادة تقدر ب‬
‫‪ ،100%12.90‬األمر الذي يتطلب معه التدخل للتكفل باألطفال الضحايا وحمايتهم‪.‬‬
‫فأول مرحلة في مسار التكفل بالطفل ضحية العنف هي مرحلة التبليغ الذي يقصد به أنه إخبار موجه‬
‫لسلطة إدارية أو قضائية تترتب عنه آثار قانونية حددها المشرع وينبني على وقائع أو آثار تمت معاينتها أو‬
‫سماعها تفيد أن الطفل تعرض العتداء جرمي‪.101‬‬
‫حيث عاقب كل من علم بوقوع جناية أو الشروع فيها ولم يشعر السلطات فورا‪ ،‬ولتوفير أكبر حماية للطفل‬
‫ضاعف العقوبة إذا كان ضحية الجناية أو ضحية املحاولة طفال يقل سنه عن ثمان عشرة سنة‪ ،‬ولم يستثني‬
‫المشرع أحد ا من واجب التبليغ إذا كانت الضحية طفال‪ ،‬كما عاقب عن اإلمساك عمدا عن تقديم‬
‫المساعدة لشخص في خطر (‪ 201‬و‪ 202‬من القانون الجنائي ‪.‬‬
‫وفي نفس اإلطار تم وضع العديد من اآلليات لضمان التكفل بالطفل الضحية سواء أمام جهاز الشرطة‬
‫القضائية{أوال} أو أمام النيابة العامة {ثانيا}‪.‬‬

‫‪ 100‬التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة ‪ ،6062‬الصفحة ‪.101‬‬
‫‪ 101‬موجز الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل بالنساء واألطفال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.21‬‬
‫‪49‬‬
‫أوال‪ :‬التكفل بالطفل الضحية أمام جهازالشرطة القضائية‬
‫طبقا للمواد ‪ 62-20‬و‪ 61‬من قانون المسطرة الجنائية فإن الجهات التي يجب تبليغها بالجرائم المرتكبة‬
‫ضد األطفال هم الوكالء العامون ووكالء الملك‪ ،‬وضباط الشرطة القضائية لكونهم هم املختصون بتلقي‬
‫الشكايات والوشايات وألزمهم بالبحث فيها‪ ،‬ومن أجل ضمان حماية أكثر لألطفال فإن المشرع وسع من‬
‫دائرة الجهات التي يمكن تبليغها بالعنف ضد األطفال حيث نص في المادة ‪ 62‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائية على أنه‪ ":‬يجب على كل من شاهد ارتكاب جريمة تمس باألمن العام‪ ،‬أو بحياة شخص أو أمواله أن‬
‫يبلغ وكيل الملك‪ ،‬أو الوكيل العام للملك‪ ،‬أو الشرطة القضائية وإذا كان الضحية قاصرا أو معاقا ذهنيا‪،‬‬
‫تبلغ أي سلطة قضائية أو إدارية مختصة"‬
‫وكذلك المادة ‪ 87‬من نفس القانون التي تنص على أنه عند إشعار الضابط بحالة تلبس بجناية أو جنحة‪،‬‬
‫يتعين عليه أن يخبر النيابة العامة فورا وينتقل في الحال إلى مكان ارتكابها إلجراء المعاينات‪ ،‬فالضابطة‬
‫القضائية هي أول من يتحرك لتقديم المساعدة للطفل الضحية والتكفل به وإسعافه‪ ،‬حيث يكون للطفل‬
‫الضحية مجموعة من الحقوق وبناء على ذلك فإن الضابط ينتقل لعين المكان ويقوم بالمعاينات الالزمة‬
‫مع استعانته بخبير في حالة ما إذا كانت المعاينات ال تقبل التأخير وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 46‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫مع العلم أن هذه المعاينة يجب أن يصاحبها فحص جسم الضحية ويضمن باملحضر الحالة التي وجده‬
‫عليا بكل دقة مع أخذ صور لها إن أمكن ومعاينة مكان الحاد ومحيطه مع مباشرة التحريات الضرورية‬
‫بالبحث وتحديد مختلف ظروف القضية من حيث الزمان والمكان‪ ،‬وتحديد طبيعة العنف واألدوات‬
‫المستعملة فيه وتلقي أي إفادة في الموضوع مع الحرص على أن يحال الضحية على وحدة التكفل بالنساء‬
‫واألطفال ضحايا العنف بالمستشفى اإلقليمي لضمان تكفل أكثر نجاعة‪ ،‬ومن أهم اإلجراءات التي يقوم بها‬
‫ضابط الشرطة القضائية ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬االستماع للطفل الضحية‪ :‬إن االستماع للطفل الضحية يتطلب تقنيات خاصة ذلك أن التواصل مع‬
‫األطفال يتطلب بعض المهارات التي تمكن من ضمان حماية أنجع ولن يتحقق ذلك إال إذا كان ضابط‬
‫الشرطة القضائية يتصف بالقدرة على استخدام لغة بسيطة تناسب الطفل وثقافته وكذلك القدرة على‬
‫كسب ثقة الطفل مع التحلي بالصبر البلوغ هذا الهدف مع القدرة على فهم تعبيرات األطفال وخاصة منها‬
‫الرمزية‪.102‬‬
‫دون أن ننس ى اإلشارة إلى ضرورة توفر ضابط الشرطة القضائية على تقنيات االستماع لما لها من دور كبير‬
‫في مساعدة الطفل الضحية على التعبير‪.‬‬

‫‪ 102‬الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.29-29‬‬
‫‪50‬‬
‫والمشرع الفرنس ي‪ ،‬أخد على عاتقه ضمان حماية إجرائية خاصة للطفل الضحية‪ ،‬وهو ما بلوره في مسطرة‬
‫التحقيق والبحث‪ ،‬إذ أوجب على الشرطة القضائية التنفيذ بالتسجيل المسموع والمرئي بالخصوص إذا‬
‫كان الطفل ضحية اعتداء جنس ي‪103‬‬

‫وإن كانت هذه التقنيات تبقى نسبية وقد تختلف من ثقافة إلى أخرى إال أن خطوطها العريضة أثبتت‬
‫نجاعتها لذلك ينبغي مراعاة هذه التقنيات ما أمكن عند االستماع للطفل ومن بين هذه التقنيات‪:‬‬
‫‪-‬إخبار الطفل بأن ما سيصرح به سيبقى سريا؛‬
‫‪-‬استخدام لغة بسيطة يقيمها الطفل مع تكرار الكالم إذا شك الضابط بأن الطفل لم يفهم شيئا؛‬
‫‪ -‬تجنب األسئلة المباشرة مع استخدام أحاديث عامة ال يشعر معها الطفل بأنه يخضع لالستجواب مع‬
‫اتباع صبغة الود واالبتعاد ما أمكن عن الرسمية حتى يشعر الطفل باالرتياح؛‬
‫‪-‬إتاحة الفرصة للطفل ليطرح التساؤالت التي يرغب في طرحها‪ ،‬وإعطاء خالصة ألقواله ومن األفضل إنهاء‬
‫الحديث بأقوال تبعث على األمل والتأكيد له بأنه سيتلقى الدعم والمساندة‪.‬‬
‫‪ ‬إنجازاملحضر‪ :‬املحضر هنا يجب أن يكون أكثر دقة مراعاة لكون ضحية العنف في هذه الحالة طفال فضال‬
‫عن التقيد باإلجراءات الشكلية التي نصت عليها المادة ‪ 26‬من قانون المسطرة الجنائية مع األخذ بعين‬
‫االعتبار خصوصية أنواع العنف الذي يطال الطفل‪.‬‬
‫يجب أن يتضمن املحضر اسم املحرر وصفته ومكان عمله وتوقيعه ويشار فيه إلى تاريخ وساعة إنجاز‬
‫اإلجراء‪ ،‬وساعة تحرير املحضر إذا كانت تخالف إنجاز اإلجراء ويتضمن الهوية الكاملة للمستمع إليه‬
‫وتصريحاته بدقة وموضوعية ومن واجب الضابطة القضائية تسريع اإلجراءات مع الحرص على استمرار‬
‫االتصال أثناء البحث مع ممثل النيابة العامة إلخباره بتقدم البحث وتلقي تعليماته بشأن اإلجراءات‬
‫المتخذة في حق المشتبه فيه وبشأن الطفل الضحية الضمان أكبر حماية له وكذلك لتوفير الشهود وإحالة‬
‫المسطرة على النيابة العامة فور انتهاء البحث‪.104‬‬
‫ثانيا‪ :‬التكفل بالطفل الضحية أمام النيابة العامة‬
‫طبقا لمقتضيات المادتين ‪ 62‬و‪ 61‬من قانون المسطرة الجنائية يتضح أن النيابة العامة تحرص على‬
‫استقبال الطفل ضحية العنف واالستماع إليه ما أمكن حرصا على مصلحته الفضلى‪ ،‬حيث يتلقى كل من‬
‫الوكيل العام للملك لدى محاكم االستئناف ووكيل الملك لدى املحاكم االبتدائية إجراءات الشكايات‬
‫واملحاضر واتخاذ اإلجراءات المالئمة بشأنها‪.‬‬

‫‪ 103‬رحمة خودي‪ ،‬دور خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬األسرة والقانون‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل بمكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6062-6060‬الصفحة ‪.20‬‬
‫‪ 104‬الدليل لعملي للمعايير النموذجية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.90-22‬‬
‫‪51‬‬
‫وللطفل أيضا الحق في التقدم بمفرده مباشرة إلى النيابة العامة بشكاية أو للتبليغ عما تعرض له من اعتداء‬
‫ويتعين على النيابة العامة في هذه الحالة استقباله واالستماع إليه ومباشرة إجراءات البحث تحت إشرافها‪،‬‬
‫وبعد إنجاز البحث وتحرير املحاضر القانونية في الموضوع تتخذ النيابة العامة أحد اإلجراءات التالية‪:105‬‬
‫‪ -‬متابعة الفاعل أو الفاعلين وإحالتهم على املحكمة مباشرة أو على قاض ي التحقيق حسب الحاالت؛‬
‫‪-‬حفظ المسطرة إذا لم تكن هناك عناصر كافية تبرر المتابعة وتبليغ مقدم الشكاية بقرار الحفظ المتخذ‬
‫بشأن شكایته خالل ‪ 29‬يوما من اتخاذ هذا القرار؛‬
‫وفي إطار تفعيل عمل الخاليا باملحاكم‪ ،‬يتم إحالة المساطر والشكايات المتعلقة بالعنف ضد األطفال على‬
‫ممثل النيابة العامة في خلية التكفل باملحكمة ليتخذ اإلجراء القانوني المناسب بشأن التكفل بالطفل‬
‫الضحية‪ ،‬والتنسيق مع مختلف الفاعلين والمتدخلين المهتمين باألطفال ضحايا العنف‪.‬‬
‫بما في ذلك تفعيل مقتضيات المادة ‪ 802‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬التي أعطت الصالحية للنيابة‬
‫العامة إذا ارتكبت جناية أو جنحة ضد طفل‪ ،‬عرضه على خبرة طبية أو نفسية لتحديد نوع وأهمية األضرار‬
‫الالحقة به‪ ،‬وبيان ما إذا كان يحتاج إلى عالج مالئم لحالته حاال أو مستقبال‪.‬‬
‫كما يمكن للنيابة العامة تقديم ملتمس لقاض ي األحدا أو المستشار المكلف باألحدا بإجراء الخيرة‬
‫المذكورة أو بإيداع الحد الضحية لدى شخص جدير بالثقة‪ ،‬أو مؤسسة خصوصية أو جمعية ذات نفع‬
‫عام مؤهلة لذلك أو بتسليمه لمصلحة أو مؤسسة عمومية مكلفة برعاية الطفولة‪ ،‬إلى أن يصدر حكم بهائي‬
‫في موضوع الجنابة أو الجنحة‪.106‬‬
‫وينبغي التأكيد هنا على الدور األساي ي المنوط بخلية التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف خالل هذه‬
‫المرحلة المهمة من مسار التكفل التي تتولى تقديم العديد من الخدمات بما في ذلك خدمة االستقبال في‬
‫أماكن خاصة‪ ،‬من شأنها توفير الطمأنينة والتوجيه والدعم النفس ي للضحية ثم االستماع إليه مع مراعاة‬
‫تقنيات االستماع‪ ،‬والسهر بتنسيق مع مختلف الفاعلين خاصة‪.‬‬
‫وإحدا التكفل بالنساء واالطفال ضحايا العنف بالمستشفيات على توفير الخدمة الطبية المتمثلة في‬
‫الفحص والعالج الجسدي والنفس ي والحصول على شهادة طبية كانطالقة لجمع وسائل اإلثبات ثم‬
‫الحصول على الدعم والمواكبة الذي توفره جمعيات املجتمع المدني‪ ،‬فضال عن مواكبة الضحية وتتابع‬
‫حالتها أثناء فترة املحاكمة وبعدها‪.‬‬
‫والمساعدة االجتماعية يعتبر تدخلها أساسيا وحاسما في تجسيد هذه اإلجراءات بشكل فعال يضمن تكفال‬
‫ناجعا بالطفل‪ ،‬حيث إن المساعدة االجتماعية هي التي تتولى استقبال الطفل الضحية وتوجيهه إلى‬

‫‪ 105‬وزارة العدل والحريات‪ ،‬مديرية الشؤون ال جنائية والعفو‪ ،‬الدراسة التشخيصية حول تقييم نظام عدالة األحداث‪ ،‬بدون مطبعة‪،‬‬
‫‪ ،6022‬الصفحة ‪.22‬‬
‫‪ 106‬الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.96‬‬
‫‪52‬‬
‫المصالح الطبية بغرض تلقي العالجات والحصول على شهادة طبية تحدد مدة العجز وكذا تتولى المساعدة‬
‫االجتماعية مصاحبة الضحية لهذه الغاية عند االقتضاء‪.‬‬
‫وبعد مرحلة االستقبال يتم االستماع إليه وتعد مرحلة االستماع أهم مرحلة كما سبقت اإلشارة إلى ذلك‪،‬‬
‫والتي تتوالها المساعدة االجتماعية باعتبارها األقدر على مباشرة هذه المهمة‪ ،‬ويتم االستماع في فضاء‬
‫خاص باألطفال‪ ،‬وذلك بما تتوفر عليه من إمكانيات وقدرات على تقديم الدعم النفس ي للطفل وزرع الثقة‬
‫في نفسه‪ ،‬ومنحه شعور باالطمئنان واألمان من أجل أن يتمكن من البوح بحيثيات واقعة العنف الذي‬
‫تعرض إليه وهو ما تم يتواجد في كل من املحكمة االبتدائية واالستئنافية بالقنيطرة والتي تتوفر خلية‬
‫التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف على فضاء خاص باستقبال األطفال مجهز ومؤهل بطريقة تمنح‬
‫الطفل راحة نفسية واطمئنان‪.107‬‬
‫فتبدأ مرحلة االستماع إلى األطفال في محضر قانوني تتوفر فيه الشروط القانونية للمحضر التي نص عليها‬
‫الفصل ‪ 12‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬حيث أن االستماع للطفل يتطلب تقنيات خاصة والتي يتلقى‬
‫بخصوصها كل من ممثل النيابة العامة المكلف بالخلية والمساعدة االجتماعية تكوينا خاصا بشكل دوري‪.‬‬
‫حيث تعطى للطفل الحرية من أجل التصريح بكل ما يريده وتفادي الضغط عليه ومحاصرته باألسئلة‪ ،‬حيث‬
‫تعمل المساعدة االجتماعية على محاولة جعله يبوح بجميع معطيات واقعة العنف دون أن توجه إليه‬
‫أسئلة كثيرة‪ ،‬ويتم االستماع للطفل بحضور وليه القانوني في حالة وجوده رفقته‪.‬‬
‫وتنتهي عملية االستماع بتحرير محضر قانوني وفق نموذج معد‪ ،‬تتوفر فيه الشروط القانونية وجميع‬
‫المعطيات المتعلقة بمحرري املحضر وصفتهم وهوية األطراف والتصريحات التي تلقاها المعاينات التي قام‬
‫بها وأسماء الشهود إضافة إلى تاريخ املحضر ثم التوقيع عليه‪.‬‬
‫فجميع حاالت األطفال المعنفين والتي ترد على املحكمة يتم االستماع إليها من طرف نائب وكيل الملك‬
‫والمساعدة االجتماعية‪ ،‬عكس حاالت العنف ضد النساء التي يتم في بعض الحاالت توجيهها إلى الضابطة‬
‫القضائية من أجل االستماع إليها‪ ،‬وكل هذا من أجل تفادي تعرض الطفل للضغط والخوف الذي يمكن أن‬
‫يتعرض له داخل مركز الشرطة أو الدرك لكون النيابة العامة تعمل على توفير الحماية النفسية أوال قبل‬
‫الحماية الجسدية‪.108‬‬
‫وبعد إنجاز املحضر يتم تسجيل الشكاية من طرف المساعدة االجتماعية في سجل الكتروني يحمل اسم‬
‫سجل شكايات العنف ضد األطفال ويضمن فيه رقم الشكاية ومعلومات األطراف واإلجراء المتخذ من طرف‬
‫ممثل النيابة العامة‪.‬‬

‫‪ 107‬انظر الملحق رقم (‪)1‬‬


‫‪ 108‬الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل بالمساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.92‬‬
‫‪53‬‬
‫ويمكن لممثل النيابة العامة أن يقرر إجراء البحو الضرورية من أجل الوصول إلى الجاني وذلك عن طريق‬
‫توجيه تعليمات كتابية إلى الضابطة القضائية املختصة مرفقة بنسخة من الشكاية ومحضر االستماع‪،‬‬
‫والتي تتضمن غاليا تعليمات باالستماع إلى المشتكى به والشهود وكل من سيفيد في البحث مع ربط االتصال‬
‫بالنيابة العامة‪.109‬‬
‫وبعد اكتمال البحث التمهيدي تقرر النيابة العامة إما متابعة الفاعل أو الفاعلين من أجل الجرائم المرتكبة‬
‫وإحالتهم على املحكمة مباشرة أو تقوم باإلحالة على قاض ي التحقيق‪ ،‬وذلك باعتبارها طرفا رئيسيا تقوم‬
‫بتحريك الدعوى العمومية وممارستها في مواجهة الجاني أو حفظ المسطرة إذا لم تتوفر العناصر األساسية‬
‫التي تستوجب المتابعة‪ ،‬ومن أسباب الحفظ نجد انعدام اإلثبات أو تعذر العثور على المشتكى به‪ ،‬أو‬
‫التنازل وعدم رغبة المشتكي في تأكيد شكايته‪ ،‬وتقوم المساعدة االجتماعية على إثر اتخاد قرار الحفظ‬
‫بتبليغ إشعار بذلك للمشتكي داخل أجل ‪ 29‬من تاريخ اتخاذ القرار‪.‬‬
‫أما في حالة تحريك الشكاية بناء على تبليغ من إحدى الجهات التي تم الحديث عنها‪ ،‬فإنه على خلية التكفل‬
‫بالنساء واألطفال إشعار المبلغ بمآل الحالة المبلغ عنها‪.‬‬
‫بعد توفر النيابة العامة على قناعة كافية ودالئل على ارتكاب الفعل الجرمي من طرف المشتكى به في حق‬
‫الطفل الضحية‪ ،‬تقرر متابعته بناء على الفصول القانونية المنظمة لتلك الجريمة‪ ،‬تقوم المساعدة‬
‫االجتماعية بفتح ملف خاص للقضية‪ ،‬يتضمن هذا الملف رقما ترتيبيا وتاريخ أول جلسة سيدرج فيها‬
‫الملف وأسماء كل من الضحية والمتهم والتهمة الموجهة للمتهم والفصول القانونية التي نظمها‪ ،‬وتسجله‬
‫في السجل االلكتروني الخاص بقضايا العنف ضد األطفال‪ ،‬وتحميل استدعاء قانوني من أجل الحضور في‬
‫الجلسة المبينة تاريخها في االستدعاء‪ ،‬وإرسالها إلى السلطات املحلية من أجل تبليغها لألطراف والشهود‬
‫وإرجاع شهادة التسليم‪.‬‬
‫وبعد ذلك إحالة الملف األصلي على كتابة الضبط برئاسة املحكمة‪ ،‬واالحتفاظ بنظير الملف الذي تتوفر‬
‫فيه نسخ وثائق الملف األصل ي فقط لدى النيابة العامة من أجل تتبعه ومنحه لممثل النيابة العامة الذي‬
‫يتولى حضور الجلسة المدرج فيها الملف‪.110‬‬
‫وتتدخل النيابة العامة من أجل حماية الطفل حتى بعد إحالة الملف على الجلسة وذلك في إطار تتبع ملفات‬
‫األطفال ضحايا العنف حيث يمكن للنيابة العامة أن تعرض الطفل على خبرة طبية أو نفسية أو عقلية من‬
‫أجل تحديد األضرار التي لحقت به وما إذا كان يحتاج إلى عالج أو مراقبة طبيا مستقبال وذلك وفق نموذج‬
‫معد لهذا الغرض‪ ،‬كما أنه في إطار اختصاصات النيابة العامة يمكن لها تقديم ملتمس لقاض ي األحدا‬
‫بإجراء الخبرة المذكورة‪ ،‬ولضمان حماية أكثر للطفل الضحية إلى حين أن تصدر املحكمة حكمها النهائي في‬

‫‪109‬أحمد قيلش‪ ،‬التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف على ضوء السياسة الجنائية بالمغرب‪ ،‬الواقع والرهانات‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫الصفحة ‪.26‬‬
‫‪ 110‬الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.29‬‬
‫‪54‬‬
‫الجريمة تقوم النيابة العامة بتقديم ملتمس لقاض ي األحدا بإيداع الحد ضحية العنف لدى شخص‬
‫جدير بالثقة‪ ،‬أو مؤسسة خصوصية‪ ،‬أو إحدى جمعيات ذات المنفعة العامة أو تسليمه لمؤسسة عمومية‬
‫مكلفة برعاية الطفولة إلى حين صدور حكم نهائي في الجنحة المرتكبة‪.111‬‬
‫وتفعيال للمقتضيات الحمائية التي خص بها المشرع المغربي األطفال ضحايا الجرائم عملت النيابات‬
‫العامة لدى مختلف محاكم المملكة على تقديم الملتمسات الضرورية إلى قضاة األحدا والمستشارين‬
‫المكلفين باألحدا ‪ ،‬من أجل اتخاذ تدابير الحماية المالئمة حسب احتياجات كل حالة تطبيقا ألحكام‬
‫المادتين ‪ 802‬و‪ 800‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫وقد بلغ عدد التدابير التي تم اتخاذها سنة ‪ 2220‬لفائدة األطفال ضحايا الجرائم‪ ،‬بناء على ملتمسات‬
‫النيابة العامة على مستوى املحاكم االبتدائية ومحاكم االستئناف ما مجموعه ‪ 2122‬تدبيرا‪ ،‬مسجلة بذلك‬
‫ارتفاعا ملحوظا مقارنة بنظيرتها سنة ‪ 2222‬التي اتخذ خاللها ‪ 2220‬تدبيرا‪ .‬ويأتي تسليم الطفل الضحية‬
‫لولي أمره أو الوص ي في مقدمة التدابير المتخذة بما مجموعه ‪ 222‬تدبيرا (أي بنسبة ‪ ، %91,21‬يليه تدبير‬
‫التسليم لمؤسسة عمومية مكلفة برعاية الطفولة بما قدره ‪ 029‬تدبيرا‪.112‬‬
‫أما بعد صدور الحكم في الجنحة المرتكبة ضد الطفل يمكن للنيابة العامة أن تحيل القضية على قاض ي‬
‫األحدا إذا ارتأت أن مصلحة الطفل تقتض ي ذلك وتطلب منه اتخاد إحدى تدابير الحماية المناسبة في‬
‫حقه‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن تدابير الحماية التي تم الحديث عنها يتم تطبيقها من أجل حماية الطفل وضمان استقراره‬
‫داخل محيطه وتفادي تعرضه للعنف مرة أخرى أو أن ينتج عن ذلك العنف انحراف في سلوك الطفل‪ ،‬حيث‬
‫إن مصلحة الطفل في بعض الحاالت تكون في تسليمه إلحدى المؤسسات التربوية والتي ال يتم اللجوء إليها‬
‫إال كمالذ أخير وألقصر مدة الزمة وفي حاالت استثنائية مثال‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كان االعتداء ضد الطفل صادر عن والديه أو أولياء أموره؛‬
‫‪-‬إذ كان العنف نتيجة إهمال من والديه أو أولياء أموره؛‬
‫‪ -‬إذا كان سلوك الوالدين يشكل خطرا على صحة الطفل الجسدية والنفسية وسلوكه األخالقي‪.‬‬
‫حيث تراعي النيابة العامة المصلحة الفضلى للطفل والتي غالبا ما تقتض ي وجوده مع والديه إال أن هناك‬
‫بعض الحاالت يكون محيطه األسري غير كافي وغير قادر على حمايته مما يتطلب إيداعه لدى جهات أخرى‪.‬‬

‫‪111‬محمد أزراف‪ ،‬الطفل الضحية في التشريع الجنائي المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6020-6002‬الصفحة ‪.626‬‬
‫‪ 112‬التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة ‪ ،6062‬الصفحة ‪.102‬‬
‫‪55‬‬
‫فرئاسة النيابة العامة تولي أهمية خاصة لقضايا األطفال‪ ،‬سواء كانوا ضحايا االعتداءات الجسدية أو‬
‫الجنسية‪ ،‬أو كانوا في نزاع مع القانون أو في وضعية صعبة‪ ،‬حيث تعتبر المصلحة الفضلي الطفل الهدف‬
‫الرئيس ي والغاية األسمى ألي إجراء متخذ في القضايا المرتبطة باألطفال‪.‬‬
‫ويتجلى اهتمام النيابة العامة بحماية الطفل من خالل دوريات رئيس النيابة العامة‪ ،‬التي ركزت على عدة‬
‫مواضيع كتسجيل األطفال بالحالة المدنية (الدورية رقم ‪ 21‬م‪ .‬ن‪ .‬ع بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ 1131122‬والدورية‬
‫رقم ‪ 22‬س ر‪ .‬ن‪ .‬ع بنفس التاريخ‪ ،‬التي تم بمقتضاها توجيه أعضاء النيابة العامة إلى التفاعل اإليجابي مع‬
‫جميع قضايا األسرة وإيالئها العناية الالزمة للمساهمة في استقرار وتمامك األسر‪ ،‬واطمئنان أفرادها‬
‫واستحضار المصالح الفضلى لألطفال وحقوقهم‪.114‬‬
‫وكذلك الدورية رقم ‪ 11‬س‪/‬ر‪ .‬ن‪ .‬ع بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪ 1122‬التي وجهت أعضاء النيابة العامة إلى االضطالع‬
‫بدورهم في مراعاة المصلحة الفضلى لألطفال‪.115‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التكفل باألطفال في وضعية خاصة‬


‫إذا كان دور خاليا التكفل بالنساء واألطفال في التكفل بالطفل ضحية العنف أساي ي على اعتبار أنها هي من‬
‫تقوم بتحريك المتابعة ضد الجناة وتوفير الحماية للطفل‪ ،‬فإن دورها يتجاوز ذلك من خالل الدور العالجي‬
‫التي تلعبه في حاالت وجود أطفال تكون وضعيتهم خاصة ومختلفة عن باقي األطفال داخل املجتمع ويقصد‬
‫هنا األطفال في وضعية صعبة {أوال} واألطفال في وضعية إهمال {ثانيا}‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األطفال في وضعية صعبة‬


‫عالجت مقتضيات الكتاب الثالث من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬إلى جانب وضعية األطفال الضحايا‬
‫واألطفال في نزاع مع القانون‪ ،‬قضايا األطفال في وضعية صعبة‪ ،‬ويقصد بالطفل في وضعية صعبة كل طفل‬
‫يتواجد في ظروف تشكل خطرا يهدد سالمته البدنية والنفسية واألخالقية والتربوية مما يجعله معرضا‬
‫لالنحراف‪ ،‬وبالتالي فقد وفر له المشرع الحماية الخاصة والالزمة إلخراجه من الوضعية الصعبة التي يوجد‬
‫فيها بشكل يراعي دائما مصلحته الفضلى ويتفادى انتقاله للوضعية املخالفة للقانون‪.116‬‬

‫‪ 113‬دورية رئيس النيابة العامة‪ ،‬رقم ‪ 22‬س‪ /‬رن ع‪ ،‬حول الحملة الوطنية لتسجيل األطفال غير المسجلين في سجالت الحالة المدنية‪،‬‬
‫بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪.6029‬‬
‫‪ 114‬دورية رئيس النيابة العامة‪ ،‬رقم ‪ 29‬س‪ /‬ر ن ع‪ ،‬حول قضايا األسرة‪ ،‬بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪.6029‬‬
‫‪ 115‬دورية رئيس النيابة العامة‪ ،‬رقم ‪ 22‬س‪ /‬ر ن ع‪ ،‬حول تقصي المصلحة الفضلى لألطفال في تماس مع القانون‪ ،‬بتاريخ ‪ 22‬نونبر‬
‫‪.6022‬‬
‫‪ 116‬فاتحة اليزيدي‪ ،‬خاليا التكفل بالنساء واألطفال " المحكمة االبتدائية بتمارة نموذجا"‪ ،‬بحث نهاية التكوين‪ ،‬المعهد العالي للقضاء‪،‬‬
‫الفوج ‪ ،22‬فترة التدريب ‪ ،6029-6022‬الصفحة ‪.22‬‬
‫‪56‬‬
‫وباعتبارهم في حاجة إلى تدابير حمائية تسمح بتقديم الرعاية الضرورية لهم‪ ،‬وكفيلة بوقايتهم وحمايتهم من‬
‫خطر االنحراف الذي يتهدد سلوكهم بفعل الظروف املحيطة بهم والمشار إليها في المادة ‪ 920‬من نفس‬
‫القانون‪.117‬‬
‫وتفعيال لهذه التدابير الحمائية‪ ،‬تتلقى النيابة العامة التبليغات بخصوص وجود طفل في وضعية صعبة كما‬
‫أنها تعمد إلى تقديم ملتمساتها الرامية إلى تحريك هذه المساطر‪ ،‬بعد التشخيص السليم لوضعية الطفل‬
‫في مراعاة تامة لمصلحته الفضلى‪.‬‬
‫فالمشرع المغربي حدد الجهات المكلفة بالتبليغ عن األطفال في وضعية صعبة في الشرطة والدرك الملكي‬
‫والسلطة املحلية‪ ،‬إضافة إلى األبوين أو الحاضن أو الوص ي أو المقدم أو الكافل وكذا المؤسسة المكلفة‬
‫بالرعاية‪ ،‬كما أدرج مدير المؤسسات التعليمية والتكوين المنهي والمدرسون في خانة الجهات المكلفة بتبليغ‬
‫النيابة العامة في حالة وجود الطفل في إحدى الحاالت التي نص عليها الفصل ‪ 920‬من القانون الجنائي‪.‬‬
‫وتتلقى خلية التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف التبليغات وذلك عن طريق إما املحاضر التي يحررها‬
‫ضباط الشرطة القضائية في حالة إذا ما وجدو طفل متشرد أو متسول أو مختلط مع المنحرفين‪ ،‬أو عن‬
‫طريق تقارير ترفعها المؤسسات التعليمية وتقوم الضابطة القضائية بالتنسيق مع النيابة العامة والتي بناء‬
‫على وضعية الطفل تعطي تعليماتها للضابطة القضائية إما بإرجاع الطفل إلى منزله وتسليمه لعائلته إذا كان‬
‫ذلك ممكنا وإنجاز محضر بذلك وإرساله إلى النيابة العامة على شكل معلومات قضائية‪ ،‬وإما تقديم الطفل‬
‫أمام النيابة العامة‪.‬‬
‫وبعد إحضار الطفل من طرف الضابطة القضائية ووضع محضره لدى ممثل النيابة العامة تعمل‬
‫المساعدة االجتماعية على استقبال الطفل وتقديم الدعم النفس ي واالجتماعي له ثم االستماع له وفق‬
‫تقنيات سبق التحد عنها وبناء على املحضر أو التقرير الموضوع بين يدي ممثل النيابة العامة الذي‬
‫يدرسه من أجل التأكد من وجود إحدى األسباب املحددة في الفصل ‪ 920‬من القانون الجنائي وما إذا كان‬
‫الطفل تنطبق عليه شروط حماية األطفال الموجودين في حالة صعبة‪.‬‬
‫وتقوم المساعدة االجتماعية بفتح ملف خاص للطفل وتسجيله في سجل خاص يحمل اسم سجل األطفال‬
‫في وضعية صعبة‪ ،‬وتضمن في هذا السجل مجموعة من البيانات من الرقم الترتيبي الذي يفتح الملف‪ ،‬ورغم‬
‫محضر الضابطة القضائية أو رقم التقرير‪ ،‬وتاريخه‪ ،‬واسم الطفل وسنه وجنسه‪ ،‬وبيان وضعيته الصعبة‪،‬‬
‫والتدبير المطلوب اتخاده من قاض ي األحدا ‪.118‬‬

‫‪ 117‬تنص المادة ‪ 221‬من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي‪" :‬يعتبر الحدث البالغ من العمر أقل من ست عشرة (‪ 22‬سنة ) في‬
‫وضعية صعبة‪ ،‬إذا كانت سالمته البدنية أو الذهنية أو النفسية أو األخالقية أو تربيته معرضة للخطر من جراء اختالطه بأشخاص‬
‫منحرفين أو معرضين لالنحراف أو معروفين بسوء سيرتهم أو من ذوي السوابق في اإلجرام‪ ،‬أو إذا تمرد على سلطة أبويه أو حاضنه‬
‫أو الوصي عليه أو المقدم عليه أو كافله أو الشخص أو المؤسسة المكلفة برعايته‪ ،‬أو لكونه اعتاد الهروب من المؤسسة التي يتابع بها‬
‫دراسته أو تكوينه‪ ،‬أو هجر مقر إقامته‪ ،‬أو لعدم توفره على مكان صالح يستقر فيه"‪.‬‬
‫‪ 118‬مليكة ابن المهدي‪ ،‬دور خاليا التكفل بالنساء واألطفال في تطويق ظاهرة العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.92‬‬
‫‪57‬‬
‫وبعد هذا وإذا ارتأى وكيل الملك أن الطفل هو في وضعية صعبة يحيل ملفه على قاض ي‬
‫األحدا بنفس املحكمة‪.‬‬
‫فالنيابة العامة هي الجهة الوحيدة التي لها الحق في تقديم ملتمس إلى قاض ي األحدا باتخاذ التدابير‬
‫الكفيلة بحماية الطفل‪ ،‬ولذلك فهي ترفع الملف إلى قاض ي التحقيق مرفق بملتمس النيابة العامة لحماية‬
‫حد في وضعية صعبة‪ ،‬ويتضمن هذا الملتمس نوع الملف ورقمه واسم الحد والحالة التي وجد عليها‪،‬‬
‫والتماس من النيابة العامة إلى قاض ي األحدا باعتبار الحد المذكور في وضعية صعبة واتخاذ التدابير‬
‫المالئمة لحمايته‪ ،‬ويوقع هذا الملتمس من طرف ممثل النيابة العامة المكلف بالخلية‪.‬‬
‫ويتولى قاض ي األحدا دراسة الملف واالستماع للطفل ووليه والتأكد من وصف الوضعية الصعبة‪ ،‬وإذا‬
‫تبين له أن الطفل هو فعال في وضعية صعبة فإنه يتخذ في حقه تدبيرا من تدابير الحراسة المؤقتة‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 222‬من قانون المسطرة الجنائية‪.119‬‬
‫وفي هذا الصدد تجدر اإلشارة إلى أنه قد بلغ عدد التدابير المتخذة لفائدة األطفال في وضعية صعبة بناء‬
‫على ملتمسات النيابة العامة لسنة ‪ ،1112‬ما مجموعه ‪ 2012‬تدبيرا‪.120‬‬
‫كما يمكن للنيابة العامة أن تطلب من قاض ي األحدا تمديد مفعول التدبير المأمور به من طرف قاض ي‬
‫األحدا أو تغييره أو إلغاء التدبير إذا رأت أن مصلحة الحد تقتض ي ذلك ويمكن لها كذلك الطعن في‬
‫قرار قاض ي األحدا كلما رأت في ذلك مصلحة للطفل في وضعية صعبة ويمكن للمساعدة االجتماعية‬
‫بانتداب من قاض ي األحدا إجراء بحث اجتماعي حول حالة الطفل ووضعيته داخل المركز أو المؤسسة‬
‫التي تم إيداعه بها‪.‬‬
‫وتقوم بإنجاز تقرير مفصل عن عملية التتبع والزيارة التي قامت بها للطفل في وضعية صعبة وإحالته على‬
‫قاض ي األحدا ‪ ،‬الذي يبني عليه مجمل قرارته فيما يخص إنهاء التدبير أو تغييره‪ ،‬كما يمكنه أن يقرر تسليم‬
‫الطفل لعائلته إذا تبين له من تقرير المساعدة االجتماعية أن وضعيته تم تقويمها‪.‬‬

‫‪ 119‬تدابير نظام الحراسة المؤقتة المنصوص عليها في الفصل ‪ 292‬من قانون المسطرة الجنائية هي تسليمه‪:‬‬
‫‪ 2-‬الى ابويه او الوصي عليه او المقدم عليه او كافله او الى حاضنه او الى اي شخص جدير بالثقة‬
‫‪6-‬الى مركز للمالحظة‪.‬‬
‫‪1-‬الى قسم االيواء بمؤسسة عمومية أو خصوصية معدة لهذه الغاية‪.‬‬
‫‪-2-‬الى مصلحة عمومية او مؤسسة عمومية مكلفة برعاية الطفولة او الى مؤسسة صحية باألخص في حالة ضرورة معالجة‬
‫الحدث من التسمم‪.‬‬
‫‪- 2-‬إلى احدى المؤسسات أو المعاهد المعدة للتربية أو الدراسة او التكوين المهني او للمعالجة التابعة للدولة أو إلدارة عمومية‬
‫مؤهلة لهذه الغاية او الى مؤسسة خصوصية مقبولة للقيام بهذه المهمة‪.‬‬
‫‪- 2‬إلى جمعية ذات منفعة عامة مؤهلة لهذه الغاية‪.‬‬
‫كما يمكن بمركز مقبول مؤهل إذا كانت حالة الحدث الصحية أو النفسانية أو سلوكه تستوجب فحصا عميقا لمدة ال‬
‫تتجاوز ثالثة أشهر‪.‬‬

‫‪ 120‬التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة ‪ ،6062‬الصفحة ‪.102‬‬
‫‪58‬‬
‫وال يقتصر دور النيابة العامة على استقبال الطفل وتلقي التبليغ عن حالة وجود طفل في وضعية صعبة‪،‬‬
‫إذ يستمر دورها حتى بعد تسلم قاض ي األحدا لملف الطفل وذلك في مراقبة التدابير التي يأمر بها هذا‬
‫األخير وله الحق في طلب تغييره او تمديده أو االستغناء عنه وال تنس ى دور المساعدة االجتماعية في زيارة‬
‫االماكن المودع بها الطفل‪.‬‬
‫وعموما فإن االرتقاء بوضعية هذه الفئة التي غالبا ما تكون بدون مأوى يتطلب توفير بنيات مستقلة‬
‫ومتخصصة الستقبال األطفال في وضعية صعبة تستجيب الحتياجاتهم وتجنبهم خطر االختالط بفئات‬
‫أخرى من األطفال لها خصوصيتها‪ ،‬كاألطفال في نزاع مع القانون المودعين بمراكز حماية الطفولة الرتكابهم‬
‫جرائم لما قد يكون لذلك من انعكاسات سلبية على سلوكهم ووضعهم بصفة عامة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األطفال في وضعية إهمال‬


‫إذا كانت الخلية األسرية هي المكان الرئيس ي والطبيعي لرعاية وتنشئة األطفال وحمايتهم‪ ،‬فإن الواقع‬
‫المعيش ونتيجة لتداخل عدة عوامل يشهد على تنامي حاالت األطفال المهملين‪ ،‬األمر الذي حدا بجل‬
‫التشريعات بسن عدة مقتضيات قانونية في محاولة إليجاد بديل عن األسرة الطبيعية‪.121‬‬
‫وقد عمل المغرب على تنظيم مقتضيات خاصة بكفالة األطفال المهملين من خالل القانون ‪ 29.12‬المتعلق‬
‫بكفالة األطفال المهملين‪ ،122‬وبرجوعنا المادة األولى من هذا القانون نجدها تعرف الطفل المهمل بأنه‪":‬‬
‫يعتبر مهمال الطفل من كال الجنسين الذي لم يبلغ سنه ثمان عشرة سنة شمسية كاملة إذا وجد في إحدى‬
‫الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪-‬إذا ولد من أبوين مجهولين‪ ،‬أو ولد من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنه بمحض إرادتها؛‬
‫‪-‬إذا كان يتيما أو عجز أبواه عن رعايته وليست له وسائل مشروعة للعيش؛‬
‫‪-‬إذا كان أبواه منحرفين وال يقومان بواجبهما في رعايته وتوجيهه من أجل اکتساب سلوك حسن‪ ،‬كما في حالة‬
‫سقوط الوالية الشرعية‪ ،‬أو كان أحد أبويه الذي يتولى رعايته بعد فقد اآلخر أو عجزه على رعايته منحرفا‬
‫وال يقوم بواجبه المذكور إزاءه‪".‬‬
‫وباستقراء مقتضيات المادة أعاله يتضح أن المشرع أورد هذه الحاالت على سبيل الحصر مما يعني أنه كل‬
‫شخص وجد في إحدى هذه الحاالت يعتبر مهمالت بمقتض ى القانون كمامنح لخلية التكفل باملحكمة‬

‫‪ 121‬حسن إبراهيمي‪ ،‬الطفل المغربي بين الكفالة والتبني في العمل القضائي‪ ،‬بحث نهاية التمرين‪ ،‬المعهد العالي للقضاء بالرباط‪ ،‬الفوج‬
‫‪ ،12‬المدة التدريبية ‪ ،6009/6002‬الصفحة ‪.1‬‬
‫‪122‬القانون رقم ‪ 22302‬المتعلق بكفالة األطفال المهملين‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،2-06-296‬الصادر في فاتح ربيع الثاني‬
‫‪ 21/ 2261‬يونيو ‪ 6006‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2012‬بتاريخ ‪ 20‬جمادى الثاني ‪ 22 / 2261‬غشت ‪.6006‬‬
‫‪59‬‬
‫االبتدائية صالحية استقبال األطفال المهملين وتلقي التبليغات عن حاالت اإلهمال وتوفير مؤسسة ترعاه‪،‬‬
‫وضمان تسجيله بسجالت الحالة المدنية‪ ،‬دون أن ننس ى دورها في مسطرة الكفالة‪.‬‬
‫وأوجب على كل من عثر على طفل في وضعية إهمال أن يقدم له المساعدة والعناية الالزمة‪ ،‬وأن يبلغ مصالح‬
‫الشرطة أو الدرك أو السلطات املحلية بمكان العثور عليه كما أن المادة ‪ 202‬من نفس القانون قد حددت‬
‫الجزاء الجنائي عن عدم تقديم المساعدة والرعاية لكل طفل مهمل ولم يبلغ المصالح املختصة بمكان‬
‫العثور على الطفل المهمل‪ ،‬وهو ما ينسجم مع الفصل ‪ 212‬من القانون الجنائي‪.123‬‬
‫وتقوم جريمة عدم التصريح بالعثور على وليد يتوفر العناصر األساسية لها والتي تتمثل في العثور على وليد‬
‫مهمل وعدم إخطار الجهات املحلية بذلك والقصد الجنائي‪124‬مما يعني أن مجرد العثور على الوليد المهمل‬
‫ال يعتبر في حد ذاته فعال مجرما يعاقب عليه القانون وإنما ال بد من توفر الفعل السلبي المتمثل في عدم‬
‫إخطار السلطات املختصة‪.125‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن أغلب حاالت األطفال المهملين يكون للضابطة القضائية السبق في اكتشافها ووضع‬
‫اليد عليها‪ ،‬حيث فور بلوغ علم الضابطة بوجود حالة طفل مهمل تقوم باإلجراءات األولية لحماية وضمان‬
‫سالمته وكل هذا تحت إشراف النيابة العامة التي تعطي تعليماتها بإنجاز بحث حول الطفل المهمل وإنجاز‬
‫محضر يتضمنه الحالة التي وجد عليها الطفل ومكان العثور عليه وحالته الصحية ووصف للظروف‬
‫املحيطة به وجميع اإلجراءات التي قام بها ضابط الشرطة القضائية وتحيل املحضر على خلية التكفل‬
‫بالنساء واألطفال والتي تباشر بعدها اإلجراءات الالحقة للتكفل بالطفل‪.126‬‬
‫وفي بعض الحاالت يتم استقبال الطفل المهمل بخلية التكفل بالنساء واألطفال متى كان سنه يسمح بذلك‪،‬‬
‫وخاصة إذا كان الطفل هو من لجأ لطلب الحماية‪ ،‬وهنا يبرز دور المساعدة االجتماعية التي تقوم باستقبال‬
‫الطفل وتقديم الدعم النفس ي واالجتماعي له واالستماع إليه‪.‬‬
‫وبعد توصل النيابة العامة باملحضر المنجز من طرف الضابطة يقوم نائب وكيل الملك المكلف بالخلية‬
‫بالتأكد من وضعية اإلهمال‪ ،‬ومدى توفر إحدى الحاالت المنصوص عليها في المادة األولى من قانون كفالة‬
‫األطفال المهملين ويعمل ممثل النيابة العامة على توفير رعاية عاجلة لألطفال الرضع المتخلى عنهم ألن‬
‫وضعيتهم تحتاج إلى سرعة التدخل‪.‬‬

‫‪123‬ينص الفصل ‪ 964‬من القانون الجنائي على أنه‪ ":‬من عثر على وليد ولم يخبر به ضابط الحالة المدنية وال السلطات المحلية‬
‫يعاقب بالحبس من شهر إلى شهرين وغرامة من مائة وعشرين إلى مائتي درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط"‪.‬‬
‫‪ 124‬أدولف رييوليت‪ ،‬القانون الجنائي في شروح‪ ،‬منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية‪ ،‬طبعة ‪( ،2220‬بدون ذكر‬
‫الطبعة)‪ ،‬الصفحة ‪.290‬‬
‫‪125‬أحمد البنوضي‪ ،‬دور النيابة العامة في قضايا األسرة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة التكوين‬
‫والبحث في قانون األسرة المغربي والمقارن‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي بطنجة‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،6002-6002‬الصفحة ‪.99‬‬
‫‪ 126‬عبد العزيز عدوي‪ ،‬ضوابط األسرة وحقوقها على ضوء مدونة األسرة والتشريع اإلسالمي والعمل القضائي‪ ،‬المطبعة والوراقة‬
‫الوطنية‪ ،6029 ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الصفحة ‪.662‬‬
‫‪60‬‬
‫وإذا كانت أغلب حاالت األطفال المهملين هي من فئة األطفال حديثي الوالدة‪ ،‬والتي تكون والدتهم نتيجة‬
‫عالقة غير شرعية‪ ،‬والتي تصرح األمهات برغبتهن في التخلي عنهم‪ ،‬حيث يقوم نائب وكيل الملك بإيداع‬
‫الطفل المهمل لدى إحدى مؤسسات أو مراكز الرعاية االجتماعية الخاصة بالطفولة‪.127‬‬
‫ويكون هذا اإليداع عن طريق انتداب ضابط الشرطة القضائية بمكان العثور على الطفل أو مكان الوالدة‬
‫الغير شرعية للقيام بإيداع الطفل لدى إحدى الجهات المكلفة برعاية األطفال وموافاة النيابة العامة بما‬
‫يفيد هذا اإليداع‪.128‬‬
‫والنيابة العامة تعمل على إعطاء تعليمات للضابطة القضائية بإيداع الطفل خاصة الحديث الوالدة فور‬
‫العثور عليه أو تصريح األم بالتخلي عنه‪ ،‬على أن يتم وضع محضر البحث والتحري بخلية التكفل‬
‫بالنساء واألطفال الحقا‪.‬‬
‫وتحرص خلية التكفل بالنساء واألطفال على أن توفر للطفل المهمل جميع الحقوق األساسية التي يتمنع‬
‫بها األطفال في سنه ومن بين هذه الحقوق الحق في أن يكون مسجال في سجالت الحالة المدنية‪.129‬‬
‫بعد القيام بإ جراءات تسجيل الطفل بالحالة المدنية يقدم وكيل الملك طلبا للتصريح باإلهمال مرفقا‬
‫بنسخة من محضر الضابطة القضائية إلى املحكمة االبتدائية الواقع بدائرة نفوذها مقر إقامة الطفل‪ ،‬أو‬
‫مكان العثور عليه أو مقر المركز االجتماعي المودع به‪.‬‬
‫فإذا كان الطفل مجهول األبوين فإن املحكمة تصدر حكما تمهيديا تبين فيه كافة البيانات الالزمة للتعريف‬
‫بالطفل باالستناد إلى األبحا والوثائق المرفقة بالمقال‪ ،‬ولها القيام بكافة األبحا والخبرات قبل إصدار‬
‫حكمها‪ ،‬ويتم في هذه الحالة تعليق الحكم بمكاتب السلطة املحلية بمكان العثور على الطفل أو الموجود به‬
‫مقر إقامته أو المؤسسة المودع بها‪ ،‬أو في أي مكان تقريره املحكمة وذلك لمدة ‪ 0‬أشهر‪ ،‬إذ بمض ي هذه‬
‫المدة ولم يتقدم أي شخص إلثبات أبوته له‪ ،‬تصرح املحكمة بأن الطفل مهمل‪ ،‬وبعد صدور الحكم‬
‫باإلهمال تعمل خلية التكفل بالنساء واألطفال على توجيه نسخة من الحكم ونسخة من رسم الوالدة إلى‬

‫‪ 127‬تنص المادة ‪ 2‬من القانون ‪ 22302‬المتعلق بكفالة األطفال المهملين على أنه‪ ":‬يقوم وكيل الملك لدى المحكمة االبتدائية الواقع بدائرة‬
‫نفوذها مقر إقامة الطفل أو مكان العثور عليه بإيداع الطفل مؤقتا بإحدى المؤسسات أو المراكز المذكورة في المادة ‪ 9‬أدناه‪ ،‬إما تلقائيا‬
‫أو بناء على إشعار من طرف الغير ‪"...‬‬
‫‪ 128‬عبد القادر قرموش‪ ،‬كفالة األطفال المهملين‪ ،‬دراسة تحليلية نقدية لظهير ‪ 21‬يونيو ‪ ،6006‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬وحدة األسرة والطفولة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،6001-6006‬الصفحة ‪.222‬‬
‫‪129‬تنص المادة ‪ 2‬من القانون ‪ 22302‬المتعلق بكفالة األطفال المهملين على أنه‪ " ":‬يقوم وكيل الملك عند االقتضاء بكل اإلجراءات‬
‫الرامية إلى تسجيل الطفل بالحالة المدنية قبل تقديمه طلب التصريح باإلهمال ومن بينها إقامة الدعوى وكل ذلك مع مراعاة أحكام‬
‫القانون المتعلقة بالحالة المدنية‪ ،" ...‬وطبقا لمقتضيات المادة ‪ 29‬من قانون الحالة المدنية رقم ‪ 36.23‬المتعلق بالحالة المدنية فإن‬
‫التصريح األولي يكون من طرف أقرباء المولود حسب الترتيب المحدد في المادة ‪ ،29‬غير أنه إذا تعلق األمر بمولود من أبوين‬
‫مجهولين‪ ،‬أو مولود وقع التخلي عنه بعد الوضع‪ ،‬يصرح بوالدته وكيل الملك بكيفية تلقائية او بناء على طلب من السلطة اإلدارية‬
‫المحلية أو بطلب من يعنيه األمر معززا تصريحه بمحضر يحرر في هذا الشأن‪ ،‬وبشهادة طبية تحدد عمر المولود‬
‫على وجه التقريب‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫القاض ي المكلف بشؤون القاصرين وإلى مركز اإليواء الذي يتواجد به الطفل‪ ،130‬ويترتب عن صدور الحكم‬
‫بإهمال الطفل وضعا جديدا بالنسبة لهذا األخير‪ ،‬إذ يصبح طفال مهمال يمكن تقديم طلبات الكفالة بشأنه‪.‬‬
‫فتسليم الطفل المهمل ال يتم إال بعد صدور أمر بإسناد الكفالة من طرف القاض ي المكلف بشؤون القاصر‬
‫باعتباره الجهة الوحيدة التي لها صالحية البت في طلبات إسناد الكفالة‪ ،‬إال أن سلوك هذه المسطرة‬
‫واالنتظار إلى حين صدور أمر بإسناد الكفالة من شأنه أن يؤدي إلى اإلضرار بالطفل المهمل‪ ،‬في هذه المرحلة‬
‫يمكن لوكيل الملك قبل صدور األمر بشأن الكفالة أن يقرر تسليم الطفل مؤقتا للشخص أو المؤسسة‬
‫المؤهلة قانونا ويتم هذا التسليم بواسطة محضر يحرر من طرف ممثل النيابة العامة أو‬
‫الضابطة القضائية وبعد استكمال إجراءات التسليم المؤقت يأتي دور القاض ي المكلف بشؤون القاصرين‬
‫مما لهذا األخير من دور مهم في حماية الطفل المهمل باعتباره الجهة الوحيدة التي لها صالحية البت في‬
‫طلبات إسناد الكفالة‪.‬‬
‫وقد قيد المشرع الراغبين في كفالة الطفل المهمل بمجموعة من الشروط والتي ميز فيها بين األشخاص‬
‫الطبيعيون والمعنويون‪.‬‬
‫فبالنسبة لألشخاص الطبيعيون اشترط المشرع المغربي أن يكون الشخصين طالبي كفالة الطفل المهمل‬
‫زوجين‪ ،‬وأن يكونا مسلمان وأن يكونا بالغين لسن الرشد القانوني مع كونهما صالحين للكفالة أخالقيا‬
‫واجتماعيا وأال يكون سبق الحكم على كالهما أو أحدهما من أجل جريمة ماسة باألخالق أو جرائم ضد‬
‫األطفال‪ ،‬ويعتبر هذا شرطا للتأكد من مدى صالحيتهما لرعاية طفل وكذلك اشترط المشرع المغربي أن‬
‫يكونا سليمين من كل مرض معد أو مانع من تحمل مسؤوليتهما وأال يكون بينهما وبين الطفل الذي يرغبان‬
‫في كفالته أو بينهما وبين والديه نزاع قضائي‪ ،‬أو خالف عائلي يخش ى منه على مصلحة المكفول‪ ،‬حيث يكون‬
‫للمحكمة السلطة التقديرية للوقائع الموضوعية واستنباط ما إذا كان النزاع يؤثر في واجبات الكفالة أو ال‬
‫يؤثر‪ ،‬وذلك سواء كان قائما أو انتهى‪.131‬‬
‫ففي قرار صادر عن استئنافية مكناس والذي أسس فيه المستأنفان استئنافهما على القرار الجنائي‬
‫القاض ي باإلدانة صدر سنة ‪ 2221‬وقد مضت ثالثين سنة على رد االعتبار والتمسا الغاء الحكم المستأنف‬
‫والحكم بإسناد كفالة الطفل لهما كما أدلت النيابة العامة باستئناف فرعي التمست من خالله تأييد الحكم‬
‫المستأنف والبت في وضعية الطفلة المهملة‪ ...‬وبكون الجريمة التي كان قد أدين بها المستأنف فيرجع تاريخ‬

‫‪ 130‬المادة ‪ 2‬من القانون ‪ 22302‬المتعلق بكفالة األطفال المهملين‪ ...":‬إذا تبين للمحكمة أن الطفل مجهول األبوين‪ ،‬فإنها تصدر حكما‬
‫تمهيديا يتضمن كافة البيانات الالزمة للتعريف بالطفل ومنها أوصافه ومكان العثور عليه وتأمر وكيل الملك بالقيام بما يلزم لتعليق الحكم‬
‫وخاصة في مكاتب الجماعة المحلية والقيادة بمكان العثور على الطفل‪ ،‬أو عند االقتضاء في أحد المكانين اآلخرين المذكورين في الفقرة‬
‫الثانية من المادة الرابعة أعاله أو فيهما معا أو في أي مكان آخر تراه المحكمة مالئما‪ ،‬وذلك لمدة ثالثة أشهر يمكن أثناءها ألبوي‬
‫الطفل أن يعرفا بنفسيهما ويطالبا باسترداده‪.‬‬
‫إذا انصرمت هذه المدة‪ ،‬دون أن يتقدم أي شخص إلثبات أبوته للطفل ويطالب باسترداده‪ ،‬فإن المحكمة تصدر حكما تصرح‬
‫فيه بأن الطفل مهمل‪".‬‬
‫‪131‬مريم الولشكي‪ ،‬الطفولة المهملة دراسة سوسيو قانونية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،6026-6020 :‬الصفحة ‪.202‬‬
‫‪62‬‬
‫اقترافها الى ‪ 12‬سنة خلت وقد استرجع المعني باألمر اعتباره‪ ،‬وتبعا لذلك تشفع للمستأنفين في كفالة‬
‫الطفلة موضوع الطلب مما يتعين الحكم لهما بذلك‪.132‬‬
‫ويتضح أنه ال يتم تسليم الطفل المهمل لطالب الكفالة إال بعد استيفائه للشروط املحددة قانونا والتأكد‬
‫من توفرها مما في ذلك تحقيق المصلحة الفضلى للطفل‪.‬‬
‫أما بالنسبة لألشخاص المعنويون فتسند الكفالة إلى المؤسسات العمومية المكلفة برعاية األطفال‬
‫والهيئات والمنظمات والجمعيات المتوفرة على الوسائل المادية والموارد والقدرات البشرية المؤهلة‬
‫لرعاية األطفال وحسن تربيتهم‪.133‬‬
‫وسواء تعلق األمر باألشخاص الطبيعيون أو المعنويون فإنه يتعين على الراغب في الكفالة تقديم طلب‬
‫بشأن إسناد الكفالة مرفقا بالوثائق المثبتة وبنسخة من رسم الوالدة للطفل المراد كفالته إلى القاض ي‬
‫المكلف بشؤون القاصرين املختص‪ 134‬وبعد قيام هذا األخير بجمع المعلومات والمعطيات المتعلقة‬
‫بالظروف التي ستتم فيها الكفالة يصدر أمرا بإسناد كفالة الطفل المهمل إلى الشخص أو الجهة التي تقدمت‬
‫بالطلب وذلك إذا أسفر البحث عن توفر الشروط المتطلبة قانونا‪.‬‬
‫وفي حالة ما إذا كان البحث إيجابيا‪ ،‬أي في الحالة التي تتوافر فيها الشروط المطلوبة في طالب الكفالة‪ ،‬فإن‬
‫القاض ي المكلف بشؤون القاصرين يصدر أمرا بإسناد كفالة الطفل المهمل إلى الشخص أو الجهة التي‬
‫تقدمت بالطلب ويكون هذا األمر مشموال بالنفاذ المعجل بقوة القانون‪.‬‬
‫وعلى مستوى العمل القضائي جاء في تصدير قرار محكمة االستئناف بورزازات‪" :‬إرفاق الكافلين طلبهما‬
‫بجميع الوثائق المنصوص عليها قانونا‪ ،‬كما أن إنجاز البحو االجتماعية طبقا للمادة ‪ 21‬من قانون ‪29.12‬‬
‫المتعلق بكفالة األطفال المهملين يجعل طلبهما مطابقا للقانون‪ "135‬وعلى نفس النهج سارت املحكمة‬
‫االبتدائية بالرباط _قسم قضاء األسرة_ حيث جاء في تصدير الحكم‪ ":‬استجابة طلب الكفالة للشروط‬
‫المنصوص عليها قانونا سواء من خالل الوثائق المدلى بها أو من خالل البحو االجتماعية المنجزة‪ ،‬يجعل‬
‫إسناد الكفالة اليها موافق للقانون‪".136‬‬
‫ويترتب عن األمر المتعلق بإسناد كفالة الطفل المهمل تتبع ومراقبة شؤون الطفل المكفول في مدى وفاء‬
‫الكافل بالتزاماته‪ ،‬حيث إن هذه المراقبة تشكل إجراء وقاني يحمي الطفل المكفول‪ ،‬وذلك لما لوحظ في‬

‫‪ 132‬قرار صادر عن محكمة االستئناف بمكناس‪ ،‬عدد ‪ ،262‬ملف رقم ‪ ،22290/60/99‬بتاريخ ‪( ،6060/02/22‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ 133‬محمد الشافعي‪ ،‬كفالة األطفال المهملين دراسة في القانون المغربي " التبني في القانون الفرنسي"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.12‬‬
‫‪ 134‬الدليل العملي للمعاير النموذجية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.266‬‬
‫‪ 135‬قرار محكمة االستئناف بورزازات عدد ‪ ،692‬ملف األحوال الشخصية عدد ‪ ،6026 /229‬بتاريخ ‪ 09‬نونبر ‪ ،6026‬مشار إليه‬
‫لدى‪ :‬مصطفى سدني‪ ،‬كفالة األطفال المهملين في التشريع المغربي‪ ،‬مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬أكتوبر‬
‫‪ ،6022‬ص ‪.102‬‬
‫‪ 136‬حكم المحكمة االبتدائية بالرباط‪ ،‬عدد ‪ ،262‬ملف رقم ‪ ،6020/99‬الصادر بتاريخ ‪ 61‬غشت ‪( ،6020‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫الواقع من أوضاع مزرية ألطفال أسندت كفالتهم إلى اشخاص لم تتم مراقبتهم وال متابعة تنفيذهم‬
‫اللتزاماتهم المترتبة عن إسنادهم الكفالة‪.137‬‬
‫ويمكن القول أن دور القاض ي المكلف بشؤون القاصرين في مراقبة وتتبع شؤون المكفول بكل الصالحيات‬
‫التي أوكلها إياه قانون الكفالة قد استوفى كل الشروط التي تجعله يحقق مصلحة الطفل المكفول وذلك من‬
‫خالل اعتماد القاض ي المكلف بشؤون القاصرين في مراقبته شؤون المكفول على وسائل إثبات واقعية‬
‫المراقبة هذه الوسائل تتمثل في األبحا التي تجريها كل من النيابة العامة أو السلطة املحلية أو المساعدة‬
‫االجتماعية أو المصالح القنصلية‪.‬‬
‫إضافة إلى إرفاق أمر القاض ي المكلف بشؤون القاصرين القاض ي بإلغاء الكفالة بضمانات التنفيذ المعجل‬
‫والقوة العمومية حماية للطفل المكفول من الكافل؛ فإذا أصدر القاض ي المكلف بشؤون القاصرين أمرا‬
‫يقض ي بإلغاء كفالة الطفل المكفول عن الكافل‪ ،‬وامتنع هذا األخير عن تنفيذ مقتضيات هذا األمر القضائي‬
‫فإن القاض ي يحيل الملف على النيابة العامة لتسهر على تنفيذه بواسطة القوة العمومية أو بما تراه مالئما‬
‫من الوسائل‪ ،‬مع اتخاذ اإلجراءات المناسبة لمصلحة الطفل المكفول‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه رغم أن المشرع في قانون الكفالة جعل من النيابة العامة جهازا مساهما في تتبع‬
‫ومراقبة شؤون الطفل المكفول ومدى وفاء الكافل بالتزاماته‪ ،‬إال أن هذه الرقابة ليست مباشرة وإنما جعلها‬
‫المشرع بعد أن يعهدها إليها القاض ي المكلف بشؤون القاصرين‪.‬‬
‫فالنيابة العامة وبعد قيامها بهذه المراقبة فهي ال تملك الصالحية في إلغاء الكفالة‪ ،‬وإنما تكتفي فقط بوضع‬
‫تقارير األبحا التي قامت بها بين يدي القاض ي أو تقترح عليه التدابير التي تراها مالئمة وتقديم الملتمسات‬
‫الضرورية بما فيها الغاء الكفالة‪.138‬‬
‫وقد تفاعلت دورية رئيس النيابة العامة عدد ‪/21‬س‪ /‬ر ن ع الصادرة بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ ،1112‬مع هذا األمر‪،‬‬
‫ووجهت تعليمات لقضاة النيابة العامة بضرورة تتبع تنفيذ الكفالة‪ ،‬ومدى وفاء الكافل بالتزاماته‪ ،‬وذلك‬
‫بمسك سجل في الموضوع قصد التتبع والمواكبة والضبط والمراقبة‪ ،‬مع االستعانة بالمساعدين‬
‫االجتماعيين في عملية التتبع‪ ،‬وترتيب اآلثار القانونية في حالة إخالل الكافلين بالتزاماتهم‪ ،‬بما في ذلك تقديم‬
‫ملتمس إلغاء الكفالة‪ ،‬أو تعديلها‪.‬‬

‫‪ 137‬عبد القادر قرموش‪ ،‬الدور القضائي الجديد في قانون األسرة المغربي‪ ،‬منشورات المعارف‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫طبعة ‪ ،6021‬الصفحة ‪.99‬‬
‫‪ 138‬رئاسة النيابة العامة‪ ،‬دليل النيابة العامة بشأن كفالة األطفال المهملين‪ ،‬مديرية الشؤون الجنائية والعفو‪ ،‬أكتوبر ‪ ،6062‬الصفحة‬
‫‪.26‬‬
‫‪64‬‬
65
‫الفصل الثاني‬

‫الفصل الثاني‪ :‬آليات حماية النساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫لحماية النساء واألطفال ضحايا العنف وتحقيق التكفل بهما يقتض ي األمر سلسلة من الخدمات‬
‫المترابطة والتي ال قيمة للجزء فيها دون الجزء اآلخر‪ ،‬وفقا لمنظور نسقي يمثل كل عنصر فيه ركنا ال‬
‫غنى عنه نحو إعادة االعتبار لكل من الطفل والمرأة‪ ،‬وتكريس إنسانيتهما في وجه ما قد يمس حقوقهما‬
‫هذا الحرص على التكامل في تقديم الخدمات المرتبطة بالتكفل‪ ،‬هو الذي دفع بالقطاعات المعنية إلى‬

‫‪66‬‬
‫التفكير في إحدا آليات للتنسيق وتطوير قدرات المتدخلين وكفاءاتهم‪ ،‬وتقديم خدمات شاملة بشكل‬
‫احترافي‪.‬‬
‫إن أولى ثمرات هذا السعي نحو إقرار آليات للتكفل بالنساء واألطفال‪ ،‬جسدته االستراتيجية الوطنية من‬
‫أجل اإلنصاف والمساواة‪ ،‬واالستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء والخطة الوطنية‬
‫للطفولة "مغرب جدير بأطفاله"‪ ،‬حيث أكدت كل منها الحاجة إلى استحضار البعد التكاملي في معالجة‬
‫أوضاع هذه الفئات ومعالجة واقع هشاشتها والتركيز في كل ذلك على ضرورة تجميع قدرات كل‬
‫المتدخلين‪ ،‬وتركيز جهودهم ضمانا لنجاعتها وإمعانا في الحرص على توجيهها نحو خدمة الطفل والمرأة‪،‬‬
‫وفق تصور جماعي يراعي محدودية اإلمكانيات وخطورة ما آلت إليه أوضاعهما‪ ،‬والحرص على ابتكار أكثر‬
‫األساليب قدرة على تحقيق التكفل بهما وفق منظور يعتمد المصلحة الفضلى لكل منهما‪.‬‬
‫إن المقاربة التشاركية والمندمجة التي أقرتها االستراتيجيات الوطنية‪ ،‬أكدت دائما على ضرورة إيجاد‬
‫آليات للربط والتواصل والتنسيق بين كل الجهات المتدخلة في التكفل‪ ،‬وهو ما استجابت إليه كل‬
‫القطاعات الحكومية المعنية من خالل إحدا خاليا لدى المصالح الخارجية والمرافق العمومية‬
‫التابعة لكل من وزارة الصحة ومصالح األمن الوطني والدرك الملكي‪ ،‬وجسدته أيضا الخاليا املحدثة بكافة‬
‫محاكم المملكة والتي أوكل لها مهام التنسيق بين مجهودات الخلية باملحكمة وباقي القطاعات الحكومية‬
‫الممثلة بكافة مدن المملكة وإلى جانبها هيئات املجتمع المدني‪ ،‬إيمانا بما يمكن أن تسهم به هذه األخيرة‬
‫في مسار التكفل بالنساء واألطفال‪.‬‬
‫وعليه فقد اعت برت هذه الخاليا نواة لتطوير آليات التنسيق مع باقي الشركاء الفاعلين في مجال حماية‬
‫النساء واالطفال‪ ،‬وهو ما تعزز بتكليف هاته الخاليا بمهام التكفل باألطفال أيضا تكريسا لحرص الوزارة‬
‫على إيالء هذه الفئة ما ينبغي من اهتمام وعناية‪ ،‬واعترافا أيضا بالنتائج التي تم تحقيقها في تفعيل سبل‬
‫التنسيق‪ ،‬السيما فيما يتعلق باالنفتاح الملحوظ لمكونات القطاعات الحكومية المعنية على باقي هيئات‬
‫املجتمع المدني‪.139‬‬
‫من جهة أخرى اعتبرت هذه الخاليا األداة التنفيذية لبلورة خطة وزارة العدل في ميدان التكفل بالنساء‬
‫واألطفال واالرتقاء بالعمل القضائي في هذا املجال‪ ،‬هذه الخطة التي تسهر على تتبعها وتنفيذها الخلية‬
‫المركزية للتكفل بالنساء واألطفال التابعة لمديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل‪.‬‬
‫وقد تعزز هذا المسار بمجهودات كل من اللجان املحلية واللجان الجهوية والوطنية للتكفل بالنساء‬
‫واألطفال‪ ،‬والتي فتحت آفاقا أوسع وأرحب للتنسيق وتحقيق التكامل فيما يتم بذله من جهود‪.‬‬

‫‪ 139‬الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.269‬‬
‫‪67‬‬
‫وبعد التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف في مراحله األولى من استقبال واستماع‪ ،‬ففي حالة اقتناع‬
‫النيابة العامة بمتابعة المشتكى به يأتي دور الجهاز القضائي املختص في استئناف مسار التكفل في إطار‬
‫محاكمة عادلة‪.‬‬
‫وتأسيسا لما سبق سيتم التطرق من خالل هذا الفصل آلليات التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬
‫في {المبحث األول} على أن يتم التطرق لدور العمل القضائي في حماية النساء واألطفال ضحايا العنف‬
‫في {المبحث الثاني}‬

‫المبحث األول‪ :‬آليات التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫شكل صدور قانون محاربة العنف ضد النساء رقم ‪ 210.20‬محطة أساسية لمأسسة الخاليا‬
‫المؤسساتية للتكفل بالنساء ضحايا العنف الموجودة على مستوى املحاكم والمستشفيات ومصالح‬
‫الشرطة والدرك الملكي‪ ،‬كما عمل على إحدا خاليا إضافية على مستوى القطاعات المكلفة بالعدل‬
‫والمرأة والشباب والرياضة‪.‬‬
‫ومع صدور المرسوم التطبيقي رقم ‪1401.22.291‬بتطبيق القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد‬
‫النساء تمت مأسسة مجموعة من اللجان والخاليا في إطار منظومة متكاملة تشمل‪:‬‬
‫الخاليا المؤسساتية المركزية والالمركزية للتكفل بالنساء ضحايا العنف على مستوى املحاكم وكذا‬
‫القطاعات المكلفة بالعدل والصحة والشباب والمرأة والمديرية العامة لألمن الوطني والقيادة‬
‫العليا للدرك الملكي‪ 141‬واللجنة الوطنية والجهوية واملحلية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪.‬‬
‫وتأسيسا لما سبق سيقسم هذا المبحث إلى مطلبين‪ ،‬بحيث سيخصص {المطلب األول} لخلية التكفل‬
‫بالنساء واألطفال ضحايا العنف على أن يتم التطرق في {المطلب الثاني} للجان التنسيق ودورها في حماية‬
‫النساء واألطفال ضحايا العنف‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬خلية التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬

‫‪ 140‬مرسوم رقم ‪ 63293922‬صادر في ‪ 20‬أبريل ‪ 6022‬بتطبيق القانون رقم ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية عدد ‪ ،2992‬صادر في ‪ 06‬ماي ‪.6022‬‬
‫‪141‬تنص المادة ‪ 20‬من القانون ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪" ":‬تحدث خاليا التكفل بالنساء ضحايا العنف بالمحاكم‬
‫االبتدائية ومحاكم االستئناف وبالمصالح المركزية والالممركزة للقطاعات المكلفة بالصحة وبالشباب وبالمرأة وكذا للمديرية العامة‬
‫لألمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي‪"...‬‬
‫‪68‬‬
‫تشكل خاليا التكفل بالنساء واألطفال نقطة االتصال األولى بين القضاء والفئات المعنية واملخاطب‬
‫المباشر لباقي المؤسسات الشريكة في هذا املجال كما تشكل أيضا نقطة ارتكاز لتفعيل التنسيق بين‬
‫مختلف المتدخلين وتتألف هذه الخاليا من مختلف مكونات الجسم القضائي داخل املحكمة باإلضافة‬
‫إلى توظيف مساعدات اجتماعيات يتكلفن باستقبال الضحايا وهو ما من شأنه أن يدعم عمل هذه ومن‬
‫أجل تعزيز عمل هذه الخاليا وهذا ما سيتم التطرق إليه من خالل {الفقرة األولى} التي ستخصص‬
‫لتأليف ومهام خلية التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬ومن أجل تعزيز عمل هذه الخاليا والرفع‬
‫من قدرات أعضائها تم وضع مجموعة من الموارد البشرية المؤهلة وكذا موارد اللوجستيكية للمض ي‬
‫قدما بهذه الخطة وبالتالي ستخصص {الفقرة الثانية} لوسائل عمل خلية التكفل بالنساء واألطفال‬
‫ضحايا العنف‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تأليف ومهام خلية التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬
‫إن وزارة العدل والحريات عند وضعها لخطة التكفل بالنساء واألطفال من خالل إحدا الخاليا أخذت‬
‫بعين االعتبار التنوع واالختالف والشمولية لتمثيل كافة المؤسسة القضائية ضمانا لجودة أداء الخلية‬
‫في تنفيذ وبلورة دورها وعلى هذا األساس سيتم التطرق لتأليف خلية التكفل بالنساء واألطفال ضحايا‬
‫العنف{أوال} ومهام خلية التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف{ثانيا}‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تأليف خلية التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫بلغ حاليا عدد خاليا التكفل بالنساء واألطفال على المستوى الوطني باملحاكم االبتدائية واالستئناف‬
‫حوالي ‪ 22‬خلية‪ 19 ،‬خلية باملحاكم االبتدائية و‪ 12‬خلية بمحاكم االستئناف وتتكون خلية على مستوى‬
‫كل نيابة عامة من نائبة للوكيل العام للملك أو نائبة لوكيل الملك‪.142‬‬
‫كما أنه تمت االستعانة بخبرة المساعدات االجتماعيات في تيهئ أبحا اجتماعية لفائدة النساء واألطفال‬
‫ضحايا العنف‪ ،‬فتم انتقاء موظفات لهن تكوين أساي ي يؤهلهن لذلك‪ ،‬وذلك بتعيين المساعدات‬
‫االجتماعيات المتخصصات في مجال المساعدة االجتماعية إلعطاء البعد االجتماعي للتدخل القضائي‬
‫وتعزيز الولوج إلى المؤسسة القضائية وخدماتها‪ ،‬وتم توسيع دائرة هذه الخاليا بتعيين مساعدين‬
‫اجتماعيين مكلفين بمسك سجالت قضايا األحدا في الرئاسة‪.‬‬

‫‪142‬أنس سعدون‪ ،‬تجربة خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف بالمغرب الحصيلة واآلفاق‪ ،‬مقال منشور بالمجلة المغربية‬
‫لنادي القضاة‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬سنة ‪ ،6029‬الصفحة ‪.222‬‬
‫‪69‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه بموجب القانون ‪ 02.29‬تم التنصيص على مأسسة المساعدة االجتماعية باملحاكم‬
‫وإحدا مكاتب المساعدة االجتماعية بكل من املحاكم االبتدائية ومحاكم االستئناف وذلك بموجب‬
‫المادة ‪ 91‬منه‪.‬‬
‫كما أنه بلغ عدد المساعدات والمساعدين االجتماعيين باملحاكم ما مجموعه ‪.227‬‬
‫وباعتبار الموظفات المكلفات بمهام المساعدة االجتماعية ينتمين لهيئة كتابة الضبط فكان لزاما ضم‬
‫هذا الجهاز لعضوية هذه الخاليا‪ ،‬وتتألف الخلية من نائب وكيل الملك وقاض األحدا ومساعدة‬
‫اجتماعية‪ ،‬ممثل القطاع الوزاري المكلف بالصحة وممثل القطاع الوزاري المكلف بالشباب‪ ،‬ممثل‬
‫القطاع الوزاري المكلف بالمرأة‪.143‬‬
‫كما تم إسناد مهام التنسيق داخل الخلية إلى جهاز النيابة العامة بالنظر لخصوصية موقعها كجهاز‬
‫مشرف على عمليات البحث التمهيدي المنجزة من طرف الشرطة القضائية ودورها الفاعل في الدعوى‬
‫العمومية منذ تحريكها إلى غاية مرحلة تنفيذ األحكام الصادرة بشأنها وبحكم طبيعة عالقة هذا الجهاز‬
‫مع محيطه من قطاع صحي ومجتمع مدني وهيئات أخرى مما يجعل جهاز النيابة العامة هي التي تستطيع‬
‫اإلحاطة بظروف اشتغال وإكراهات عمل هذه الجهات وحدود إمكانياتها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مهام خلية التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫عالقة بما تم تناوله في الفصل األول خاصة ما يتعلق بمسار التكفل بالنساء واألطفال والذي تسهر خلية‬
‫التكفل بالنساء واألطفال على تحقيقه بتنسيق مع جميع أعضائها‪ ،‬فإن ممثل النيابة العامة وباعتباره‬
‫منسق لعمل الخلية يتولى رفقة المساعدة االجتماعية ضمان تفاعل مكونات الخلية مع تمكين الضحية‬
‫من تتبع وضعية الملف أمام مختلف الهيئات القضائية‪.‬‬
‫كما تسهر مكونات الخلية على بقاء التواصل بينها وبين مجموع الهيئات المساعدة للقضاء من محامين‬
‫وخبراء ومفوضين كل من موقعه‪ ،‬وطبيعة الدور الذي يمكن أن يسهم به في تعزيز الحماية والتكفل كما‬
‫هو الشأن بالنسبة لدعم آلية المساعدة القانونية في باب الدفاع وتطوير أدائها وتعزيز فعاليتها لمصلحة‬
‫المرأة والطفل أمام الهيئات القضائية وكذا بالنسبة لتوفير وسائل اإلثبات الضرورية لمصلحتها من‬
‫خالل الخبرات القضائية مع ما يستلزم ذلك من إنجازها بالسرعة والدقة‪.‬‬
‫كما تتولى الخلية إعمال قواعد الربط بين منسق خلية للتكفل وبين باقي مكونات الخاليا المتخصصة‬
‫األخرى لدى كل من الضابطة القضائية والمصالح الطبية ومؤسسات اإليداع واإليواء واملجتمع المدني‬
‫وكل ذلك بقصد تحقيق تكفل ناجع شامل متكامل وسريع‪.‬‬

‫‪ 143‬وزارة التضامن والتنمية االجتماعية والمساواة واألسرة‪ ،‬دليل الخاليا واللجان المؤسساتية للتكفل بالنساء ضحايا العنف‪ ،‬مطبعة‬
‫‪ ،Editions-AZ‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪ ،6062‬الصفحة ‪.22‬‬
‫‪70‬‬
‫وإلى جانب دور ممثل النيابة العامة تقوم المساعدة االجتماعية بدور فعال في هذا اإلطار ويمكن اختزاله‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬استقبال النساء واألطفال ضحايا العنف واألطفال في وضعية صعبة واألطفال في وضعية مخالفة‬
‫للقانون واألطفال في وضعية إهمال‪ ،‬وكذا النساء واألطفال ضحايا االتجار بالبشر وتقديم الدعم‬
‫النفس ي لهم؛‬
‫‪ ‬االستماع لكل من المرأة والطفل وتعريفهم بالحقوق التي يخولها لهم القانون‪ ،‬والقيام بمهام‬
‫التوجيه واإلرشاد وتزويدهم بالمطويات‪ 144‬التي توضح مسار التكفل بالنسبة لكل فئة؛‬
‫‪ ‬توجيه األطفال والنساء الضحايا إلى وحدات التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف بالمصالح‬
‫الطبية‪ ،‬لتقديم العالج والحصول على الشهادة الطبية ومصاحبتهم عند االقتضاء؛‬
‫‪ ‬تتبع وضعية المرأة والطفل ومواكبة مسار التكفل القضائي واطالعهم على كل المراحل التي تهم‬
‫قضاياهم ومالها؛‬
‫‪ ‬القيام بناء على أمر قضائي أو إذن من وكيل الملك بإنجاز أبحا اجتماعية‪ ،‬ورفع تقارير بشأنها‬
‫إلى الجهة التي أمرت بها وزيارة أماكن إقامة الضحايا من النساء واألطفال‪ ،‬وإنجاز تقرير بذلك‬
‫وتفقد أماكن اإليواء بالنسبة لألطفال والنساء وإنجاز تقرير بذلك وتفقد أماكن إيداع األطفال‬
‫بكافة المؤسسات وإنجاز تقرير بذلك؛‬
‫‪ ‬اإلسهام في تعزيز التنسيق بين مكونات الخلية القضائية للتكفل بالنساء واألطفال وبين هذه‬
‫المكونات وباقي الشركاء المعنيين بمسار التكفل لدى القطاعات األخرى سواء الحكومية أو غير‬
‫الحكومية‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بمهمة المقرر في أشغال اللجن املحلية واللجان الجهوية للتكفل بالنساء واألطفال وإنجاز‬
‫تقارير بخصوص اجتماعات هذه اللجن؛‬
‫‪ ‬المساعدة في تسهيل الولوج إلى المعلومة المتعلقة بهذا النوع من القضايا ومعرفة مالها وضبط‬
‫اإلحصائيات؛‬
‫‪ ‬تدبير الشؤون اإلدارية للخلية القضائية للتكفل بالنساء واألطفال ومسك السجالت الخاصة‬
‫بقضايا المرأة والطفل وذلك تحت إشراف رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فإن دور المساعدات االجتماعيات المعينات لدى الخاليا كان له أثر ملحوظ أيضا في‬
‫تحسين استقبال وولوج النساء واألطفال للمحاكم‪ ،‬الذي أضفى بعدا اجتماعيا وإنسانيا على تدخل‬

‫‪144‬انظر الملحق رقم (‪)2‬‬


‫‪71‬‬
‫القضاء لحماية هذه الفئات‪ ،‬من خالل االنخراط الفعلي الذي عبرت عنه هاته الموظفات المكلفات‬
‫بمهام المساعدة االجتماعية في أداء الدور المنوط بهن‪.‬‬
‫وبخصوص اإلحصائيات المرتبطة بعمل خاليا التكفل بالنساء واألطفال سيتم الوقوف على نشاط هذه‬
‫األخيرة باالعتماد على التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة وذلك في الفترة الممتدة من سنة ‪ 1122‬إلى‬
‫سنة ‪.1112‬‬
‫بالنسبة لنشاط خاليا التكفل باألطفال‪:‬‬
‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫نوع‬
‫جلسات‬ ‫الزيارات‬ ‫الحاالت‬ ‫الحاالت‬ ‫الحاالت‬ ‫الحاالت‬
‫العنف‬ ‫المنجزة‬ ‫التي تم‬ ‫المستفيد‬ ‫التي تم‬ ‫التي تم‬
‫ضد‬ ‫من طرف‬ ‫انجاز بحث‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫االستماع‬ ‫استقبالها‬ ‫النشاط‬
‫األطفال‬ ‫المساعد(ة‬ ‫اجتماعي‬ ‫المساعد‬ ‫اليها‬
‫)‬ ‫بشأنها من‬ ‫ة‬
‫االجتماعية‬ ‫طرف‬ ‫القانونية‬
‫لمؤسسات‬ ‫المساعدة‬ ‫السنة‬
‫الرعاية أو‬ ‫االجتماعية‬
‫مراكز‬
‫االيواء‬

‫‪2706‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪022‬‬ ‫‪2227‬‬ ‫‪7024‬‬ ‫‪02160‬‬ ‫سنة‪145 2205‬‬

‫‪2212‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪062‬‬ ‫‪0056‬‬ ‫‪5622‬‬ ‫‪04241‬‬ ‫سنة ‪1462201‬‬

‫‪2268‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪420‬‬ ‫‪2606‬‬ ‫‪5250‬‬ ‫سنة ‪1472222‬‬

‫‪2862‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪022‬‬ ‫‪2228‬‬ ‫‪7220‬‬ ‫‪02150‬‬ ‫سنة‪1482220‬‬

‫يتضح من خالل الجدول أعاله أن خلية التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف استقبلت خالل سنة‬
‫‪ 2201‬ما مجموعه ‪ 04241‬طفال ضحية عنف بزيادة تقدر بنسبة ‪ ٪12‬مقارنة مع سنة ‪ 2205‬والتي تم‬
‫فيها استقبال ‪ 02160‬طفال‪ ،‬وزيادة كذلك في نسبة الحاالت التي تم االستماع إليها‪ ،‬حيث تم االستماع ل‬
‫‪ 5622‬طفال خالل سنة ‪ 2201‬خالفا لسنة ‪ 2205‬التي تم االستماع خاللها ل ‪ 7024‬طفال‪.‬‬
‫إال أنه هناك اخفاض في عدد جلسات العنف ضد األطفال حيث شهدت سنة ‪2706 ،1205‬جلسة‬
‫متعلقة بالعنف ضد األطفال عكس سنة ‪ 2201‬التي شهدت ‪ 2212‬جلسة متعلقة بالعنف ضد‬
‫األطفال‪.‬‬

‫النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة ‪ ،6029‬الصفحة ‪.612‬‬ ‫‪ 145‬التقرير السنوي لرئاسة‬
‫النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة ‪ ،6022‬الصفحة ‪.166‬‬ ‫‪ 146‬التقرير السنوي لرئاسة‬
‫النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة ‪ ،6060‬الصفحة ‪.622‬‬ ‫‪ 147‬التقرير السنوي لرئاسة‬
‫النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة ‪ ،6062‬الصفحة ‪.129‬‬ ‫‪ 148‬التقرير السنوي لرئاسة‬
‫‪72‬‬
‫أما خالل سنة ‪ 2222‬مقارنة بسنتي ‪ 1122‬و‪ 1122‬فهناك انخفاض سواء على مستوى الحاالت التي تم‬
‫استقبالها والتي تم االستماع إليها حيث بلغ عدد الحاالت التي تم استقبالها خالل هذه السنة إلى ما‬
‫مجموعه ‪ 5250‬و‪ 2606‬بالنسبة للحاالت التي تم االستماع إليها كما بلغ عدد الجلسات خاللها ل ‪2268‬‬
‫جلسة بنسبة تقل عن سنتي ‪ 1122‬و‪.1122‬‬
‫إال أنه خالل سنة ‪ 2220‬استقبلت الخلية ما مجموعه ‪ 02150‬طفال ضحية‪ ،‬بنسبة ارتفاع تقدر ب‬
‫‪ 02.12‬مقارنة مع سنة ‪ ،2222‬التي تم خاللها استقبال ‪ 5250‬طفال كما شهدت هذه السنة ارتفاعا في‬
‫عدد الحاالت التي تم االستماع اليها حيث بلغ ‪ 7220‬حالة وبنسبة تفوق بكثير سنة ‪ ،1111‬كما شهدت‬
‫سنة ‪ 1112‬ارتفاعا في عدد جلسات العنف ضد األطفال مقارنة بالسنوات السابقة الذي بلغ ‪2862‬‬
‫جلسة‪.‬‬
‫بالنسبة لنشاط خاليا التكفل بالنساء‪:‬‬
‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫عدد‬ ‫نوع‬
‫جلسات‬ ‫الزيارات‬ ‫الحاالت‬ ‫الحاالت‬ ‫الحاالت‬ ‫الحاالت‬ ‫النشاط‬
‫العنف‬ ‫المنجزة‬ ‫التي تم‬ ‫المستفيد‬ ‫التي تم‬ ‫التي تم‬
‫ضد‬ ‫من طرف‬ ‫انجاز بحث‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫االستماع‬ ‫استقبالها‬
‫النساء‬ ‫المساعد(‬ ‫اجتماعي‬ ‫المساعد‬ ‫اليها‬
‫ة)‬ ‫بشأنها من‬ ‫ة‬
‫االجتماعية‬ ‫طرف‬ ‫القانونية‬
‫لمؤسسات‬ ‫المساعدة‬
‫الرعاية أو‬ ‫االجتماعية‬ ‫السنة‬
‫مراكز‬
‫االيواء‬

‫‪6222‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪421‬‬ ‫‪20855‬‬ ‫‪25722‬‬ ‫‪12267‬‬ ‫سنة‪1492205‬‬

‫‪//‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪122‬‬ ‫‪4584‬‬ ‫‪62272‬‬ ‫‪024412‬‬ ‫سنة‪1502201‬‬

‫‪//‬‬ ‫‪081‬‬ ‫‪2524‬‬ ‫‪2141‬‬ ‫‪22257‬‬ ‫‪80087‬‬ ‫سنة‪1512222‬‬

‫‪6402‬‬ ‫‪014‬‬ ‫‪407‬‬ ‫‪06627‬‬ ‫‪62276‬‬ ‫‪56685‬‬ ‫سنة‪1522220‬‬

‫‪ 149‬التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة ‪ ،6029‬الصفحة ‪.612‬‬
‫‪ 150‬التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة ‪ ،6022‬الصفحة ‪.162‬‬
‫‪ 151‬التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة ‪ ،6060‬الصفحة ‪.696‬‬
‫‪ 152‬التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة ‪ ،6062‬الصفحة ‪.620‬‬
‫‪73‬‬
‫من خالل الجدول يمكننا القول أن سنة ‪ 2201‬شهدت ارتفاعا سواء على مستوى عدد حاالت األطفال‬
‫التي تم استقبالها واالستماع إليها حيث تم استقبال ‪024412‬طفال خالفا لسنة ‪ 2205‬التي تم فيها‬
‫استقبال ‪ 12267‬وتم االستماع ل ‪62272‬طفال نسبة تفوق سنة ‪ 2205‬التي تم االستماع خاللها‬
‫ل‪ 25722‬طفال‪ ،‬إال أنه انخفض عدد المستفيدين من المساعدة القانونية حيث بلغ عددهم خالل سنة‬
‫‪ 1291 1122‬مستفيد بنسبة تقل عن عددهم في سنة ‪ 2205‬والتي عرفت ‪ 20855‬مستفيدا من‬
‫المساعدة القانونية‪ ،‬إال أنه خالل سنتي ‪ 2222‬و ‪ 2220‬نالحظ انخفاضا في عدد الحاالت التي تم‬
‫استقبالها مقارنة مع ‪ 2201‬حيث بلغ عدد الحاالت التي تم استقبالها سنة ‪ 80087 ،2222‬حالة و في سنة‬
‫‪ 2220‬ما مجموعه ‪ 56685‬حالة‪ ،‬أما بالنسبة للحاالت التي تم االستماع إليها فقد عرفت انخفاضا سنة‬
‫‪ 2222‬مقارنة مع سنة ‪2220‬حيث شهدت ما مجموعه ‪22257‬حالة خالفا لسنة ‪ 2220‬التي شهدت‬
‫ارتفاعا في عدد الحاالت التي تم االستماع إليها والتي بلغت ‪ 62276‬حالة‪ ،‬كما أن المستفيدين من‬
‫المساعدة القانونية خالل هذه السنة بلغ ‪ 06627‬مستفيد بنسبة تفوق السنوات الماضية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬وسائل عمل خلية التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬
‫من أجل تحسين أداء خاليا التكفل بالنساء واألطفال‪ ،‬واالرتقاء بالعمل القضائي في هذا املجال عملت‬
‫وزارة العدل والحريات على دعم هذه الخاليا بالموارد المادية {أوال} والبشرية الكفيلة باضطالعها بمهامها‬
‫{ثانيا}‬

‫أوال‪ :‬الموارد المادية واللوجستيكية‬


‫إن إرساء خطة إحدا خاليا التكفل بالنساء واألطفال وتحديد أعضائها‪ ،‬كان البد من توفير الموارد‬
‫المادية واللوجستيكية الالزمة لعمل هذه الخاليا بما في ذلك إيجاد حيز مكاني لهذه الخاليا فجاءت‬
‫مضامين الدورية عدد ‪ 19‬س‪ 0/‬المؤرخة في ‪ 12‬أكتوبر ‪ 1122‬لتفعل ذلك مشيرة إلى أنه "‪ ...‬وحيث تبين‬
‫أن هذه الخاليا ببعض املحاكم ال تتوفر على حيز مكاني مناسب مما يجعل من الصعب على أعضائها‬
‫استقبال ضحايا العنف من النساء واألطفال في الظروف المالئمة لوضعيتهم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫الخاصة‪ ،‬باإلضافة إلى عدم توفر هذه الخاليا على حيز مستقل ال يساعد على التعريف بوجودها ‪...‬لذا‬
‫اطلب منكم العمل على تخصيص مكتب ألعضاء خلية العنف ضد النساء واألطفال على مقربة من‬
‫الموظفين المساعدين لهم‪ ،‬وتكليف هؤالء بمسك سجالت خاصة بالخلية تحت إشرافهم‪"153...‬‬

‫‪ 153‬الدورية الصادرة عن وزير العدل والحريات تحت عدد ‪ 62‬س‪ 1 /‬بتاريخ ‪.6029 /20 /9‬‬
‫‪74‬‬
‫وتجهيز هذه الخاليا بالمعدات والتجهيزات الضرورية من أجل توفير فضاء مالئم الستقبال النساء‬
‫واألطفال في ظروف تراعي أوضاعهم االجتماعية الخاصة‪ ،‬وتعتبر خلية التكفل بالقنيطرة ضمن املحاكم‬
‫النموذجية من حيث التجهيز وكذا من حيث الخدمات التي تقدمها للوافدين عليها‪.‬‬
‫ومن أجل تسهيل الولوج إلى خدمات الخاليا‪ ،‬تم طبع بطائق وعالمات التشوير الخاصة بهذه الخاليا‬
‫لتسهيل الولوج إليها من طرف المتقاضين المستفيدين من خدماتها وكذا المطويات المعدة لفائدتهم من‬
‫أجل تعريفهم بالخدمات الموضوعة رهن إشارتهم‪ ،‬حيث تم إعداد مطوية خاصة بالمرأة والطفل‬
‫الضحية‪ ،‬الطفل في وضعية مخالفة للقانون‪ ،‬الطفل في وضعية صعبة‪ ،‬الطفل المهمل الطفل‪.154‬‬
‫فضال عن تطوير وسائل تجميع المعلومات والرفع من جودتها من خالل دعم تجربة المنظومة‬
‫المعلوماتية حول العنف ضد النساء من أجل تطوير المعلومات في هذا الباب ورصد الظاهرة وأبعادها‪،‬‬
‫مع الشروع في إحدا برنامج مماثل حول قضايا الطفل المعروضة على القضاء؛ كما تم إحدا‬
‫المطبوعات والسجالت لضبط مسار قضايا النساء واألطفال لدى جميع محاكم المملكة من أجل توفير‬
‫إمكانية الحصول على معلومات وإحصائيات علمية في هذا النوع من القضايا لما لذلك من وقع إيجابي‬
‫في تطوير العمل القضائي في هذا الباب‪ ،‬ما يقتض ي إعادة تزويد املحاكم سنويا بها وكذا توفير اآلليات‬
‫المعلوماتية التي تسهل عمل الخاليا في مجال تجميع المعلومات ورصدها وتوجيهها إلى اإلدارة المركزية‬
‫الستغاللها‪.‬‬
‫وفي نفس اإلطار ومن أجل حث املحاكم على العمل بهذه السجالت وتفعيل العمل بها تم توجيه‬
‫دورية لجميع محاكم المملكة سنة ‪ 1122‬حول العمل بالسجالت والمطبوعات بعد تزويد السادة‬
‫المديرين الفرعيين بهذه السجالت قصد توزيعها على كافة املحاكم لبدء العمل بها رسميا مطلع سنة‬
‫‪ ، 1121‬حيث جاء في هذه الدورية "‪ ...‬لذا اهيب بكم العمل على حث كتابة الضبط وكتابة النيابة العامة‬
‫لديكم على العمل بالسجالت والمطبوعات الجديدة والحرص على حسن مسكها واستعمالها‪ ،‬واتخاذ ما‬
‫يلزم لتجميع القضايا والملفات الخاصة بالنساء واألطفال بشكل يسهل تدبيرها ومسك السجالت‬
‫الخاصة بها ‪"...‬‬
‫ومن أجل توحيد عمل هذه الخاليا أعدت وزارة العدل والحريات الدليل العملي للمعايير النموذجية‬
‫للتكفل بالنساء واألطفال‪ ،‬يتوخى تفعيل مسار عملي واضح ومتكامل للتكفل القضائي بالنساء واألطفال‪،‬‬
‫مرورا بكافة المراحل التي تعرفها العملية القضائية بدء من مرحلة البحث التمهيدي إلى غاية مرحلة‬
‫التنفيذ‪.‬‬

‫‪ 154‬انظر الملحق رقم (‪.)2‬‬


‫‪75‬‬
‫من خالل تحقيق مجموعة من األهداف أهمها‪:155‬‬
‫‪ ‬توحيد آليات التدخل ومعايير التكفل على مستوى كافة محاكم المملكة؛‬
‫‪ ‬توفير مرجعية آلليات التدخل تراعي خصوصية عمل خاليا التكفل بالنساء واألطفال وتوضح‬
‫غاية المشرع؛‬
‫‪ ‬استعمال أكبر قدر من االحترافية والتخصص لدى كافة األطر القضائية العاملة في مجال‬
‫التكفل بالنساء واألطفال؛‬
‫‪ ‬تثبيت اإلجراءات وتعميمها بهدف مأسستها وتوطيدها كآليات أساسية يجب إتباعها في تطبيق‬
‫المساطر القانونية؛‬
‫‪ ‬توخي السرعة والنجاعة والفعالية في تطبيق القانون بغية تحقيق التكفل بالنساء واألطفال؛‬
‫‪ ‬توفير آلية لتقييم أداء الجهاز القضائي في ميدان التكفل بالنساء واألطفال؛‬
‫‪ ‬توفير آلية لتأطير الممارسة العملية في الميدان ولتكوين وتطوير قدرات العاملين في الخاليا‪.‬‬
‫إلى جانب هذا الدليل ومن أجل تسهيل الولوج إلى خدمات الخاليا‪ ،‬تم إعداد المرشد القضائي لتقنيات‬
‫االستماع لتطوير قدرات أعضاء الخاليا ال سيما المساعدات االجتماعيات فيما يتعلق باالستقبال‬
‫واالستماع‪.‬‬
‫ويهدف هذا المرشد إلى تجاوز الممارسات السلبيات‪ ،‬ووضع ضوابط وتقنيات لالستقبال واالستماع من‬
‫شأن توظيفها ضمان تكفل قضائي ناجع لألطفال والنساء‪ ،‬يراعي الضوابط الشكلية واإلجرائية المقررة‬
‫قانونا‪ ،‬ويتماش ى مع ما أقره دليل المعايير النموذجية للتكفل القضائي بالنساء واألطفال‪.‬‬
‫وبالرغم من مجهودات وزارة العدل والحريات لتفعيل عمل الخاليا ووضع الموارد المادية واللوجيستيكية‬
‫رهن إشارتها فلم يكن هناك إطار قانوني منظم لعملها‪ ،‬وبالتالي تظل قاصرة في القيام بالمهام المنوطة‬
‫بها‪ ،‬ولهذا السبب ثم التفكير في مأسسة هذه الخاليا بموجب قانون المسطرة الجنائية والذي نص على‬
‫مأسسة خاليا التكفل القضائي بالنساء واألطفال باملحاكم وتحديد هيكلتها واألدوار المنوطة بها والتي يأتي‬
‫على رأسها تدبير إجراءات الحماية لفائدة النساء واألطفال في قضايا العنف وسوء المعاملة واالعتداءات‬
‫الجنسية واالتجار بالبشر ومأسسة مهام المساعدة االجتماعية وتكليف الموظفين القائمين بهذه المهمة‬
‫بإجراء األبحا االجتماعية ذات الصلة بقضايا العنف وسوء المعاملة واالعتداءات الجنسية ضد‬

‫‪ 155‬امنة افروخي‪ ،‬خاليا من أجل تكفل قضائي ناجع بالنساء واألطفال‪ ،‬مجلة الشؤون الجنائية والعفو‪ ،‬العدد األول‪ ،‬دجنبر ‪،6022‬‬
‫الصفحة ‪.22‬‬
‫‪76‬‬
‫النساء واالطفال واالتجار بالبشر إضافة إلى التنصيص على ضرورة التكفل بالضحية بكيفية فورية‬
‫وتقديم الحماية لها بالسرعة التي يتطلبها الموقف فضال على ضرورة توفر املحاكم على فضاء خاص‬
‫الستقبال ضحايا العنف مجهزة بما يراعي خصوصية أوضاعهم النفسية واالجتماعية‪.‬‬
‫ثم عمل المغرب على المصادقة على جل الصكوك الدولية الخاصة بحماية المرأة والطفل‪ 156‬السيما‬
‫اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وكذلك تبني مجموعة من االستراتيجيات الوطنية‬
‫ابتداء من سنة ‪ ،1111‬وأبرز ما أفرزته هذه االستراتيجيات هو العمل على االرتقاء بمستوى التكفل‬
‫بالنساء واألطفال ضحايا العنف سعيا نحو إرساء منظور يتوخى توفير تكفل حقيقي لهذه الفئة وألجل‬
‫ذلك أحدثت وزارة العدل بكافة محاكم المملكة خاليا للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف منذ سنة‬
‫‪ 1112‬لكن رغم ذلك ظلت المرأة تعاني من مظاهر التمييز الذي يعتبر العنف من أبرز تجلياته وكذلك‬
‫نفس األمر بالنسبة للطفل‪ ،‬الش يء الذي أدى إلى إصدار القانون رقم ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف‬
‫ضد النساء والذي يعد بمثابة أول التفاتة تشريعية اهتمت بمحاربة العنف ضد النساء في أبعادها‬
‫الوقائية والزجرية والحمائية والتكفلية‪ 157‬وبموجبه تم التنصيص على إحدا خاليا للتكفل بالنساء‬
‫واألطفال ضحايا العنف بجميع محاكم الممملكة وآليات للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف إال أنه‬
‫ليس ال يتضمن مقتضيات لعمل لهذه الخاليا ومسار التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف مما يتعين‬
‫معه الرجوع للدليل العملي باعتباره المرجع الوحيد المنظم لعمل هذه الخاليا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعزيزودعم الموارد البشرية‬


‫وضعت وزارة العدل والحريات خطة من أجل تعبئة الموارد البشرية ألعضاء خاليا التكفل بالنساء‬
‫واألطفال تقوم على أساس التتبع والتكوين‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالقائمين على قضاء األحدا ومن أجل ضمان التتبع والتقييم التلقائي للقائمين على هذا‬
‫النوع من القضايا باعتبارهم المعنيين بالطفل في وضعية مخالفة للقانون‪ ،‬والذي يعتبر من أهم‬
‫الوافدين على الخاليا وتتولى التكفل بهم‪ ،‬حرصت هذه الوزارة على مواكبة تعديلها لمضامين تشريعاتها‬
‫المذكورة خاصة منها ما يتعلق بحماية الطفل وصون كافة حقوقه بإحداثها لعدد من اآلليات واتخاذها‬

‫‪ 156‬أحمد قيلش‪ ،‬التكفل بالنساء ضحايا العنف على ضوء السياسة الجنائية بالمغرب‪ ،‬الواقع والرهانات‪ ،‬مؤلف جماعي‪ :‬السياسة الجنائية‬
‫بالمغرب الواقع واالفاق‪ :6029-6002 ،‬دار األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬طبعة ‪ ،6029‬الصفحة ‪.22‬‬
‫‪ 157‬تنص المادة ‪ 20‬من القانون ‪ 201321‬على أنه‪ ":‬تحدث خاليا للتكفل بالنساء ضحايا العنف بالمحاكم االبتدائية ومحاكم االستئناف‪،‬‬
‫والمصالح المركزية والالمركزية القطاعات المكلفة بالصحة والشباب وبالمرأة وكذا بالمديرية العامة لألمن الوطني والقيادة العليا للدرك‬
‫الملكي‪.‬‬
‫تتولى هذه الخاليا المحدثة على مستوى المحاكم االبتدائية ومحاكم االستئناف باإلضافة لممثلي اإلدارة‪ ،‬من نائب وكيل الملك وقاضي‬
‫األحداث والمساعد أو المساعدة االجتماعية‪.‬‬
‫يحدد بنص تنظيمي تأليف الخاليا المحدثة على مستوى المصالح المركزية والالمركزية للقطاعات المكلفة بالعدل وبالصحة وبالشباب‬
‫وبالمرأة وكذا للمديرية العامة لألمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي‪ ،‬وكذا ممثلي اإلدارة بالخاليا المحدثة على مستوى المحاكم‬
‫االبتدائية ومحاكم االستئناف يراعى في تكوين هذه الخاليا مبدأ التخصص ومبدأ المناصفة‪".‬‬
‫‪77‬‬
‫لجملة من التدابير العملية المصاحبة لها وذلك لتتبع وتقييم مدى االلتزام الفعلي بالتطبيق السليم‬
‫للمقتضيات التشريعية المعنية بحماية الطفل وتحقيق الغايات المرجوة من سنها والتي تهدف في‬
‫مجموعها إلى تحقيق المصلحة الفضلى للطفل بشكل عام‪.158‬‬
‫في هذا الصدد تتم اإلشارة إلى الدورية عدد ‪ 29‬س ر ع وتاريخ ‪ 2‬أبريل‪159 1122‬والمتعلقة بتغيير التدابير‬
‫فإنها أوصت السادة الرؤساء األولين ملحاكم االستئناف على تكليف السادة القضاة والمستشارين‬
‫المكلفين باألحدا بالقيام بزيارة مراكز حماية الطفولة الموجودة بدوائر نفوذهم وكذا المؤسسات‬
‫السجنية وذلك قصد تفعيل دورهم في تغيير التدبير عند اقتضاء مصلحة الطفل ذلك واستبدالها بتدبير‬
‫أنسب للمصلحة الفضلى للحد كالتسليم إلى العائلة خاصة إذا تعلق األمر باألحدا دون ‪ 21‬سنة‪.‬‬
‫والدورية رقم ‪ /22‬س ر ن بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ 1122‬التي تم بمقتضاها توجيه أعضاء النيابة العامة إلى‬
‫التفاعل اإليجابي مع قضايا األسرة وإيالئها العناية الالزمة للمساهمة في استقرار وتماسك األسرة‬
‫واطمئنان األطفال واستحضار المصالح الفضلى لهم‪.‬‬
‫ومن أجل ضمان تفرغ المساعدين والمساعدات للمهام المسندة إليهم بالخاليا فقد وجهت وزارة العدل‬
‫والحريات دورية إلى مختلف املحاكم حول ضرورة التفرغ للمهام وإعفاء المساعدات من باقي مهام كتابة‬
‫الضبط‪ ،‬وكذا توظيف المساعدين والمساعدات االجتماعيين الجدد في المهام التي عينوا من أجلها‬
‫بالخلية‪.‬‬
‫إلى جانب التتبع ومن أجل دعم وتعزيز قدرات أعضاء الخاليا تسهر وزارة العدل والحريات ممثلة من‬
‫طرف مديرية الشؤون الجنائية والعفو على تكوينهم من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬تنظيم برامج سنوية للتكوين والتكوين المستمر على األمدين القريب والمتوسط‪ ،‬الفائدة جميع‬
‫مكونات الخلية من القضاة واألطر‪ ،‬مع إشراك ممثلين لباقي القطاعات على رأسها ضباط الشرطة والدرك‬
‫الملكي والمربون بمراكز حماية الطفولة وكذا ممثلين للجمعيات الفاعلة في املجال؛‬
‫‪ -‬تنظيم لقاءات تواصلية مستمرة لفائدة أعضاء الخاليا من قضاة وأطر مساعدة من أجل تعريفهم‬
‫بالمستجدات القانونية والتشريعية في قضايا المرأة والطفل وكذلك تقييم أدائهم الوظيفي في الموضوع؛‬
‫‪ -‬تعزيز تكامل مهام وقدرات المتدخلين الرئيسيين في ميدان التكفل بالنساء واألطفال من خالل العمل‬
‫على تأطير كافة أعضاء الخلية بما في ذلك عناصر الضابطة القضائية من شرطة ودرك ملكي والعاملين‬
‫في املجال‪.‬‬

‫‪158‬فاتحة اليزيدي‪ ،‬خاليا التكفل بالنساء واألطفال المحكمة االبتدائية بتمارة نموذجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.92‬‬
‫‪159‬دورية رئيس النيابة العامة‪ ،‬رقم ‪ 22‬س‪ /‬ر ن ع‪ ،‬المتعلقة بتغيير التدابير كلما اقتضت مصلحة الحدث الفضلى ذلك‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 3‬أبريل ‪.6022‬‬

‫‪78‬‬
‫تلك أهم املجهودات التي قامت بها وزارة العدل والحريات من أجل الرفع من قيمة أداء الخاليا من خالل‬
‫دعم وتعزيز قدرات أعضاء هذه الخاليا‪ ،‬وال زالت مستمرة في عملية التتبع السيما فيما يتعلق بتطبيق‬
‫المقتضيات القانونية وتفعيل مقتضيات الدليل العملي للتكفل بالنساء واألطفال الذي يتوخى مجموعة‬
‫من األهداف أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬توحيد اليات التدخل ومعايير التكفل على مستوى كافة محاكم المملكة؛‬
‫‪ ‬توفير مرجعية آلليات التدخل تراعي خصوصية عمل خاليا التكفل بالنساء واألطفال وتوضح غاية‬
‫المشرع؛‬
‫‪ ‬استعمال أكبر قدر من االحترافية والتخصص لدى كافة األطر القضائية العاملة في مجال التكفل بالنساء‬
‫واألطفال؛‬
‫‪ ‬تثبيت اإلجراءات وتعميمها بهدف مأسستها وتوطيدها كآليات أساسية يجب إتباعها في تطبيق‬
‫المساطر القانونية؛‬
‫‪ ‬توخي السرعة والنجاعة والفعالية في تطبيق القانون بغية تحقيق التكفل بالنساء واألطفال؛‬
‫‪ ‬توفير آلية لتقييم أداء الجهاز القضائي في ميدان التكفل بالنساء واألطفال؛‬
‫‪ ‬توفير آلية لتأطير الممارسة العملية في الميدان ولتكوين وتطوير قدرات العاملين في الخاليا‪.160‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬لجان التنسيق كآلية لتعزيزعمل خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬
‫إن عملية التكفل تقتض ي تقديم خدمات مترابطة وألجل ذلك أكدت االستراتيجيات الوطنية على ضرورة‬
‫إيجاد آليات للربط والتواصل والتنسيق بين جميع الجهات المتدخلة في عملية التكفل‪ ،‬وهو ما‬
‫استجابت إليه القطاعات الحكومية‪ ،‬حيث تم إحدا خاليا لدى المصالح الخارجية والمرافق العمومية‬
‫التابعة لكل من وزارة الصحة ومصالح األمن الوطن والدرك الملكي وجسدته كذلك الخاليا املحدثة بكافة‬
‫محاكم المملكة حيث تقوم بالتنسيق بين مجهودات الخلية باملحكمة وبين باقي القطاعات الحكومية‬
‫الممثلة بكافة مدن المملكة وإلى جانبها هيئات املجتمع المدني إيمانا بما يمكن أن تتسم به في مسار‬
‫التكفل بالنساء واألطفال وقد تعزز مسار التكفل بمجهودات كل من اللجان املحلية والجهوية والمركزية‬
‫والتي فتحت افاقا أوسع للتنسيق‪.‬‬
‫األمر الذي يقتض ي توضيح هذه المستويات للتنسيق ويجعلنا نتساءل عن الدور المنوط بهذه الجهات‪،‬‬
‫وعلى هذا األساس سيقسم هذا المطلب لفقرتين بحيث سيتم التطرق في {الفقرة األولى} آلليات‬

‫‪160‬امنة أفروخي‪ ،‬خاليا من أجل تكفل قضائي ناجع بالنساء واألطفال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.29‬‬
‫‪79‬‬
‫التنسيق داخل الخلية املحلية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف ثم آليات التنسيق على المستوى‬
‫الجهوي والوطني في {الفقرة الثانية}‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬آليات التنسيق داخل الخلية املحلية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬
‫لما كانت الخدمات القضائية المقدمة لفائدة النساء واألطفال تتداخل فيها مختلف القطاعات " األمن‪،‬‬
‫الدرك الملكي‪ ،‬الصحة‪ ،‬األسرة والتنمية االجتماعية وغيرها من فعاليات املجتمع المدني" فاألمر الذي‬
‫فرض ضرورة التفكير في إيجاد آلية لتأطير هذه األدوار وذلك بهدف ضمان نجاعتها‪ ،‬وألجل ذلك اعتمدت‬
‫وزارة العدل والحريات تجربة نموذجية شكلت مكان مالئم لتعزيز التنسيق بين الخلية باملحكمة والخاليا‬
‫الموجودة لدى المصالح الخارجية والمرافق العمومية للقطاعات األخرى‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس سيتم التطرف من خالل هذه الفقرة إلى كل من التنسيق على المستوى املحلي من‬
‫خالل اللجنة املحلية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف {أوال} ودور املجتمع المدني في التكفل‬
‫بالنساء واألطفال ضحايا العنف {ثانيا}‬

‫أوال‪ :‬التنسيق على المستوى املحلي من خالل اللجنة املحلية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا‬
‫العنف‬
‫تم إحدا اللجنة املحلية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف لتشكل فضاء للتداول بين جميع‬
‫المتدخلين والتي عرفت مأسسة بمقتض ى قانون ‪ 210.20‬ومرسومه التطبيقي من أبرز مهامها عقد‬
‫اجتماعات تضم جميع أعضائها‪ ،‬لتشكل بذلك أداة للترافع عن اإلشكاالت الحقيقية التي تعاني منها خاليا‬
‫التكفل القضائية والغير القضائية لذلك سيتم العمل على إبراز تأليف ومهام اللجنة املحلية للتكفل‬
‫بالنساء واألطفال ضحايا العنف (‪ )0‬على أن يتم التطرق لدور الخاليا الموجودة على مستوى كل من‬
‫األمن الوطني والمستشفيات العمومية(‪)2‬‬

‫‪ )0‬تأليف ومهام اللجنة املحلية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫بالرجوع للقانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء نجده نص على أنه تحد لجنة محلية‬
‫للتكفل بالنساء ضحايا العنف على مستوى الدائرة القضائية لكل محكمة ابتدائية وتتألف من‪:‬‬
‫‪ -‬وكيل للملك أو نائبه رئيسا؛‬
‫‪ -‬قاض للتحقيق وقاض للحكم وقاض األحدا ‪ ،‬يعينهم رئيس املحكمة؛‬
‫‪ -‬رئيس كتابة النيابة العامة أو من يمثله؛‬

‫‪80‬‬
‫‪ -‬المساعد أو المساعدة االجتماعية باملحكمة المذكورة؛‬
‫‪ -‬ممثلي اإلدارة؛‬
‫‪ -‬ممثل املجلس اإلقليمي؛‬
‫‪ -‬محام يعينه نقيب هيئة املحامين بالدائرة القضائية االستئنافية؛‬
‫‪ -‬مفوض قضائي‪ ،‬يعينه رئيس املجلس الجهوي للمفوضين القضائيين؛‬
‫‪ -‬كما يمكن أن يحضر أشغال اللجنة‪ ،‬كل شخصية معروفة باهتمامها بقضايا المرأة‪ ،‬وكذا ممثلو‬
‫الهيئات والمؤسسات والجمعيات التي ترى اللجنة فائدة في دعوتها‪.161‬‬
‫ومن خالل المادة أعاله يتضح أن المشرع المغربي من خالل القانون الخاص بمحاربة العنف ضد النساء‬
‫وسع من دائرة المتدخلين في اللجان املحلية للتكفل بالنساء ضحايا العنف على مستوى الدائرة‬
‫القضائية لكل محكمة ابتدائية‪ ،‬إذ تم االنفتاح على بعض الهيئات المساعدة للعدالة كاملحامين‬
‫والمفوضين القضائيين بحيث أصبح حضور ممثلهم األشغال اللجنة إجباريا‪.‬‬
‫وتحقيق التنسيق داخل اللجنة املحلية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف رهين أساسا بالتوفر‬
‫على آليات وأدوات االشتغال ووسائل التنسيق الكفيلة ببلورة اختصاصاتها وتجسيدها ومن جملة هذه‬
‫اآلليات عقد اجتماع كل ثالثة أشهر مع وجوب االنتظام في هذه االجتماعات‪.‬‬
‫والتي يجب أن تكون بدعوة مسبقة من النيابة العامة لكافة مكوناتها‪ ،‬استنادا إلى جدول أعمال مضبوط‬
‫ومعد بتنسيق بينها وبين باقي مكونات اللجنة‪ ،‬لتدارس القضايا التي تهم جانب تعزيز التنسيق وتجاوز‬
‫إشكاالت التكفل‪ ،‬مع ضمان حد أدنى من الثبات واالستقرار في مكوناتها وذلك بالشكل الذي يضمن‬
‫تطوير قدرات أعضائها وتكريس التواصل بين مجموع ممثلي الجهات المعنية بالتكفل وتوفير األرقام‬
‫والمعطيات اإلحصائية المتاحة محليا وتيسير سبل تبادلها فيما بين القطاعات‪.‬‬
‫سعيا إلى رصد الصورة الحقيقية لظاهرة العنف وألوضاع النساء واألطفال محليا والتأكد من مدى‬
‫انسجام بيانات الفاعلين أعضاء اللجنة املحلية مع تقييم ما يتم إنجازه‪ ،‬وإصدار توصيات حول ما ينبغي‬
‫اعتماده من آليات وتدابير تعزز قدرات مختلف المتدخلين والشركاء‪.‬‬
‫كما ينبغي أيضا وضع قائمة بأسماء وصفات ومهام وأرقام الهواتف الخاصة بكل عضو في اللجنة رهن‬
‫إشارة كل مكوناتها مع ضرورة التحيين الدوري لهذه القائمة لما يتيحه ذلك من فائدة بالنسبة للتحضير‬
‫الجتماعات اللجنة‪ ،‬وللتدخل المباشر والفوري لمعالجة بعض القضايا والحاالت بما يتطلبه ذلك من‬
‫سرعة وفعالية وبشكل يحقق نجاعة وتكامل تدخالت الخاليا القطاعية المتخصصة‪.162‬‬

‫‪161‬المادة ‪ 22‬من القانون ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪.‬‬


‫‪ 162‬الدليل العملي للمعايير النموذجية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.219‬‬
‫‪81‬‬
‫من خالل ما تم بسطه يمكن القول أن تأليف اللجن املحلية وإن كان يسمح بتقييم متبادل ألداء كل‬
‫مكون من مكونات هذه اللجنة بشكل أفقي ويمثل بتنوعه فرصة لمكونات املجتمع المدني الفاعلية محليا‬
‫للوقوف على طبيعة صالحية هذه المكونات القطاعية وحدود إمكانياتها‪.‬‬
‫إال أن ما يؤخذ على هذا التأليف أن املجتمع المدني بالرغم من أهميته في التقييم لم يحظ بإلزامية‬
‫الحضور على غرار المتدخلين اآلخرين أو على األقل ترك الباب مفتوحا إلمكانية حضوره التلقائي وبقي‬
‫بذلك خارج تشكيلة اللجنة إذ أن إمكانية حضوره متوقفة على توجيه الدعوة إليه من قبل اللجن‬
‫املحلية‪.‬‬
‫ولتحقيق األهداف التي من أجلها أنشئت اللجنة املحلية أوكل لها المشرع مجموعة من االختصاصات‬
‫بحيث تتراوح هذه االختصاصات بين إعداد خطط العمل املحلية وضمان التواصل والتنسيق بين‬
‫السلطة القضائية وباقي القطاعات واإلدارات المعنية بقضايا التكفل بالنساء ضحايا العنف وجمعيات‬
‫املجتمع المدني العاملة في املجال وبين رصد اإلكراهات والمعيقات المرتبطة بعمليات التكفل بالنساء‬
‫واألطفال ضحايا العنف واقتراح الحلول المناسبة لها بشكل تشاركي وفي حدود صالحيات وإمكانيات كل‬
‫قطاع سواء تعلق األمر باإلكراهات التي تقتض ي تدخال على المستوى المركزي أو المستوى الجهوي‬
‫إضافة إلى إعداد تقارير دورية‪.163‬‬
‫وكل ذلك من أجل تحقيق أهداف تصب في مجال حماية النساء واألطفال ولعل أبرز األهداف تتجلى في‪:‬‬
‫‪ ‬حماية المرأة من العنف ومناهضة ظاهرة التفكك األسري ولتحقيق ذلك عملت اللجنة على اتخاذ‬
‫سلسلة من التدابير على رأسها اإلسراع في إنجاز املحاضر بخصوص الشكايات المقدمة من طرف النساء‬
‫واألطفال ضحايا العنف وتتبع المساطر؛‬
‫‪ ‬اللجوء إلى مسطرة الصلح‪ ،‬فضال عن مشاركة الخلية في ندوات ومحاضرات ولقاءات تواصلية دائما في‬
‫إطار التحسيس بظاهرة العنف من جوانب مختلفة وتقديم برامج إذاعية لتقريب المستمع أكثر من‬
‫الصورة؛‬
‫‪ ‬إنقاذ األطفال من الهدر المدري ي؛‬
‫‪ ‬ضمان حق الطفل في التمدرس بدون عنف حيث تم القيام بدور الوساطة واالنصات للتقرب أكثر من‬
‫المتمدرس إضافة إلى المشاركة في األنشطة والندوات واللقاءات التي يقوم بها قطاع التعليم؛‬
‫‪ ‬االستفادة من تدابير الوقاية وبرامج التكوين في مراكز اإليداع على أن تحقيق هذا الهدف يستوجب‬
‫التنسيق مع باقي الهيئات القضائية حتى يتم ترشيد االعتقال بالنسبة لألحدا واللجوء إلى تفعيل تدبير‬

‫‪ 163‬المادة ‪ 22‬من القانون ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪.‬‬


‫‪82‬‬
‫الوقاية من طرف قضاة األحدا وعدم اللجوء إلى العقوبات السالبة للحرية مراعاة لنوعية الفعل‬
‫وشخصية الفاعل؛‬
‫‪ ‬مناقشة ما ينبغي اتخاذه من تدابير وإجراءات عملية لتجاوز اإلكراهات التي تعترض أداء مجموع‬
‫المتدخلين في االتجاه الكفيل برفع المردودية وتحقيق النجاعة؛‬
‫‪ ‬تعزيز سبل التواصل واالنفتاح بين المتدخلين الحكوميين فيما بينهم من جهة وبين أوساط املجتمع‬
‫المدني المهتم بأوضاع المرأة والطفل محلها من جهة أخرى‪.164‬‬

‫‪ 1‬الخاليا الموجودة على مستوى األمن الوطني والدرك الملكي والمستشفيات العمومية‬
‫انخراط عناصر الدرك الملكي واألمن الوطني في منظومة التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬بناء‬
‫على دورهم الريادي في استقبال الشكايات بمختلف أنواعها وحاالتها والقيام بالبحث والتقص ي المادي‬
‫للوصول إلى الحقيقة في سبيل معاقبة الجاني ومنح املجني عليه حقه المؤطر قانونا‪.165‬‬
‫وتسهر هذه الخاليا الموجودة بمصالح األمن الوطني والدرك الملكي على املحافظة على النظام العام‬
‫وتأمين السكينة العامة لكافة المواطنين وحماية ممتلكاتهم وحرياتهم‪ ،‬وفي هذا اإلطار ومن أجل تطويق‬
‫ظاهرة العنف ضد النساء واألطفال تتدخل هذه المصالح حيث يلقى على عاتقها التكفل بجمع المادة‬
‫الخام للجريمة من حيث ظروفها ومالبساتها‪.166‬‬
‫وتتحدد وظائف هذه المصالح باعتبارها أول من يستقبل الضحية في أنها تتخذ إجراءات استباقية في‬
‫أفق حماية وتوعية النساء على ولوجهن بتلقائية إلى مراكز الشرطة والدرك من أجل وضع شكايتهن‪.‬‬
‫كما تسهر على تحقيق تكفل سريع وخصوص ي لفائدة النساء ضحايا العنف واالستماع للضحية‪ ،‬ثم‬
‫البحث والتحري وإنجاز املحاضر بشكل فوري وإحالتها إلى النيابة العامة بعد تسليمها للضحية مباشرة‪،‬‬
‫كما تسهر هذه الخاليا على تكوين العاملين بها من أعوان الشرطة والدرك الملكي تكوينا متخصصا في‬
‫مجال محاربة العنف واستقبال الضحية‪ ،‬وضبط جميع المعلومات والبيانات وتحيينها بهدف تحقيق‬
‫عمل أفضل مع مختلف الشركاء‪.167‬‬

‫‪ 164‬رحمة خودي‪ ،‬دور خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.92‬‬
‫‪165‬حنان المعيطي‪ ،‬المرأة على ضوء المتغيرات التشريعية الجديدة‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪ ،‬عدد ‪ ،66‬سنة ‪،6029‬‬
‫الصفحة ‪.162‬‬
‫‪ 166‬الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء‪ ،‬دليل خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬الطبعة األولى دجنبر‪،6022‬‬
‫مطبعة ‪ ZINO MAR‬الدار البيضاء‪ ،‬الصفحة ‪.62‬‬
‫‪ 167‬وزارة التضامن والمرأة واألسرة والتنمية االجتماعية‪ ،‬دليل الخاليا المؤسساتية الستقبال النساء واألطفال ضحايا العنف‪،6060 ،‬‬
‫الصفحة ‪.20‬‬
‫‪83‬‬
‫وتتكون الخاليا الموجودة على مستوى األمن الوطني من ضابط للشرطة القضائية وموظفي األمن كما‬
‫تتكون الخاليا الموجودة على مستوى القيادة العليا للدرك الملكي من ضابط للشرطة القضائية‬
‫وعناصر من الدرك الملكي‪.‬‬
‫وألجل ضمان جودة التكفل من طرف هذه المصالح تسهر الخلية القضائية من خالل مهام التنسيق‬
‫الموكولة لعضو النيابة العامة على ضمان الفعالية والنجاعة في أداء الضابطة القضائية لمهام التدخل‬
‫والمعالجة لكافة أشكال االعتداء وانتهاك حقوق الفئات المستهدفة بالتكفل‪ ،‬وذلك من خالل الدور‬
‫الموكول لجهاز النيابة العامة في اإلشراف على مهام البحث التمهيدي‪ ،‬وبالرغم من الطبيعة القانونية‬
‫لهذا اإلشراف فإن واجب التنسيق والتكامل في أداء كل جهاز لمهامه يبقى ضروريا لتحقيق التكفل‬
‫الشامل وعليه فإن التدابير التي تتخذها النيابة العامة ينبغي التمييز فيما بين شروط تعامل الضابطة‬
‫القضائية مع كل من المرأة والطفل بالنظر لخصوصيات كل مهما فبالنسبة للمرأة يجب مراعاة التدابير‬
‫التالية‪:168‬‬
‫‪ ‬الحث على قيام كافة مكونات الضابطة القضائية بإخطار النيابة العامة بكل حاالت العنف واالعتداءات‬
‫ضد النساء المبلغ عنها أو المشتكى بها وذلك على وجه السرعة بكل الوسائل المتوفرة لتمكين النائب‬
‫المكلف بمهام الخلية من تقدير اإلجراءات االستعجالية الممكن اتخاذها لمصلحة المرأة غير تلك التي‬
‫تباشرها مصالح الضابطة القضائية عادة كالتطبيب والعالج وكذا اإليواء إذا لزم األمر بالسرعة‬
‫والفعالية الالزمتين‪.‬‬
‫‪ ‬معرفة املخاطب المباشر للخلية القضائية بكل مركز من مراكز الدرك الملكي‪ ،‬وكذا كل دائرة من دوائر‬
‫الشرطة والمصلحة الوالئية للشرطة القضائية مع ضرورة توفر الخلية على قائمة بأسماء كل واحد من‬
‫هؤالء املخاطبين وأرقام هواتفهم النقالة وضمان استمرار االتصال الدائم بكل منهم وتيسير سبل‬
‫التواصل معهم لضمان معالجة الحاالت الواردة على الخلية بما فيها تلك التي تتطلب معالجتها تدخل‬
‫أكثر من جهة‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد المصلحة املختصة ترابيا بشكل دقيق عند إحالة الضحية على الضابطة القضائية مع الحرص‬
‫على إحالتها مباشرة على العنصر المكلف بهذا النوع من القضايا والمعين كمخاطب للخلية القضائية‬
‫لديها‪ ،‬فمن شأن اإلحالة وفقا لهذه الشروط أن تسهم ليس فقط في تيسير سبل استقبال النساء‬
‫المتكفل بهن فحسب‪ ،‬وإنما أيضا تمكينين ومعهن الخلية القضائية من تتبع مسار البحث التمهيدي‬
‫بكل يسر ومرونة واالطالع على مال إجراءات البحث والتحري‪.‬‬

‫‪ 168‬الدليل العملي لخاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.211‬‬
‫‪84‬‬
‫أما بالنسبة للطفل فينغي اتخاذ إجراءات خاصة وذلك نظرا لخصوصية هذه الفئة املجتمعية حيث‬
‫يجب أن تكون سبل الرعاية والحماية حاضرة في كل مرحلة من مراحل التكفل ومن ضمن‬
‫هذه التدابير نذكر‪:169‬‬
‫‪ ‬الحرص على بقاء االتصال مستمرا بين النيابة العامة وأجهزة الضابطة القضائية بخصوص كل القضايا‬
‫والمساطر التي يكون أحد أطرافها طفال‪ ،‬أيا كان موقعه في القضية طوال إجراءات البحث التمهيدي‬
‫وذلك بشكل إجباري وفوري ومستمر‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان إعمال واحترام قواعد الحماية والتكفل الخاصة باألطفال المنصوص عليها قانونا أو الواردة في‬
‫االتفاقيات والمعاهدات الدولية وتكريس الوعي في أوساط العناصر العاملة في مجال األحدا والطفولة‬
‫عموما‪ ،‬والحرص على تطبيقها بكافة مراكز الشرطة والدرك الملكي‪ ،‬مع ما يستلزمه ذلك من اإلشراف‬
‫المباشر على العمليات المنجزة بخصوص هذه الفئة في أدق تفاصيلها واالطالع أوال بأول على وضعية‬
‫وظروف التعامل مع هذه الفئات من األطفال إما باعتماد االتصال المباشر هاتفيا أو غيره من الزيارات‬
‫القانونية كالزيارة الدورية التي تقوم بها النيابة العامة ألماكن االحتفاظ لدى الضابطة القضائية‪.‬‬
‫‪ ‬الحرص ما أمكن على أن تتولى مهام البحث والتحري في هذه القضايا عناصر فرق األحدا لدى مصالح‬
‫الشرطة القضائية بالنسبة للمناطق الحضرية والعناصر المؤهلة لذلك بمراكز الدرك الملكي وذلك‬
‫بإسناد األبحا والقضايا ما أمكن لهذه العناصر مع تواصل مسبق فيما بينها وبين عضو النيابة العامة‬
‫املختص من جهة وبين باقي األطراف المتدخلة من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬حرص مكونات الخاليا القضائية دعما ملجهود التنسيق على إعداد دليل بأسماء وهواتف أعضاء الخلية‬
‫القضائية ومكونات أجهزة الشرطة والدرك الملكي المكلفة بأوضاع الطفولة وكذا أرقام هواتف وعناوين‬
‫المؤسسات المكلفة باإليواء واإليداع ووضع هذا الدليل رهن إشارة كافة المتدخلين في حماية الطفل‬
‫على المستوى املحلي‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه خالل سنة ‪ 1122‬سجلت مصالح المديرية العامة لألمن الوطني ما مجموعه‬
‫‪ 92199‬قضية متعلقة بالعنف ضد النساء‪ ،‬و‪ 92221‬ضحية تتعلق بالقاصرات‪ ،‬حيث مكنت‬
‫املجهودات األمنية المبذولة بهذا الصدد من استجالء الحقيقة بمعدل إنجاز بنسبة ‪21٪‬وتقديم ‪22112‬‬
‫شخصا مشتبها فيه الى العدالة‪.‬‬
‫أما خالل سنة ‪ ،1111‬فقد سجلت مصالح المديرية العامة لألمن الوطني انخفاض بنسبة ‪ ٪22‬فيما‬
‫يتعلق بالقضايا المتعلقة بالعنف ضد النساء حيث سجلت ‪ 91222‬قضية تخص ‪ 22100‬ضحية منها‬

‫‪ 169‬الدليل العملي لخاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.212‬‬
‫‪85‬‬
‫‪ 2٪‬تتعلق بالقاصرات‪ ،‬حيث تمكنت مصالح الشرطة من استجالء الحقيقة بمعدل إنجاز بنسبة ‪22٪‬‬
‫مع تقديم ‪ 29211‬شخصا مشتبها فيه الى العدالة‪.170‬‬

‫عدد قضايا العنف ضد النساء لدى المديرية العامة لألمن الوطني‬


‫خالل سنتي ‪ 2019‬و‪2020‬‬
‫‪70000‬‬
‫‪57255‬‬ ‫‪58142‬‬
‫‪60000‬‬
‫‪50841‬‬
‫‪50000‬‬ ‫‪47033‬‬

‫‪40000‬‬

‫‪30000‬‬

‫‪20000‬‬

‫‪10000‬‬

‫‪0‬‬
‫العنف ضد النساء‬ ‫العنف ضد القاصرات‬
‫سنة ‪2019‬‬ ‫‪57255‬‬ ‫‪58142‬‬
‫سنة ‪2020‬‬ ‫‪50841‬‬ ‫‪47033‬‬

‫سنة ‪2019‬‬ ‫سنة ‪2020‬‬

‫‪170‬فرح مشعر‪ ،‬ظاهرة العنف ضد النساء‪ :‬قراءة في القوانين واالحصائيات‪ ،‬مؤلف جماعي‪ ،‬التمكين االجتماعي واالقتصادي‬
‫والسياسي للمرأة‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬سنة ‪ ،6066‬الطبعة األولى‪ ،‬الصفحة ‪.96‬‬
‫‪86‬‬
‫‪50%‬‬
‫‪44%‬‬
‫‪45%‬‬
‫‪40%‬‬
‫‪40%‬‬
‫‪35%‬‬
‫‪30%‬‬
‫‪30%‬‬ ‫‪26%‬‬
‫‪25%‬‬
‫‪20%‬‬
‫‪20%‬‬ ‫‪17%‬‬
‫‪15%‬‬
‫‪9%‬‬
‫‪10%‬‬
‫‪5%‬‬ ‫‪1%‬‬ ‫‪1%‬‬
‫‪0%‬‬
‫‪0%‬‬
‫العنف المرتكب‬
‫العنف الجنسي‬ ‫العنف القتصادي‬ ‫العنف النفسي‬ ‫العنف الجسدي‬ ‫بواسطة وسائل‬
‫التكنولوجيا‬
‫سنة ‪2019‬‬ ‫‪0%‬‬ ‫‪30%‬‬ ‫‪17%‬‬ ‫‪40%‬‬ ‫‪1%‬‬
‫سنة ‪2020‬‬ ‫‪9%‬‬ ‫‪26%‬‬ ‫‪20%‬‬ ‫‪44%‬‬ ‫‪1%‬‬

‫سنة ‪2019‬‬ ‫سنة ‪2020‬‬

‫يالحظ أنه خالل سنة ‪ 1122‬يأتي العنف الجسدي على رأس القضايا المسجلة بنسبة ‪ 21٪‬متبوعا‬
‫بالعنف االقتصادي بنسبة ‪ ،01٪‬فيما يشكل العنف النفس ي ‪ 22٪‬والعنف الجنس ي ‪ 21٪‬من مجموع‬
‫العنف‪ ،‬أما فيما يتعلق بالعنف المرتكب بواسطة وسائل التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬فهو يشكل فقط ‪٪2‬من‬
‫مجموع القضايا المسجلة‪.171‬‬
‫أما برسم سنة ‪ ،1111‬يأتي العنف الجسدي‪ ،‬على رأس القضايا المسجلة بنسبة ‪ 22٪‬متبوعا بالعنف‬
‫االقتصادي بنسبة ‪ ،٪11‬فيما يشكل العنف النفس ي ‪ ٪11‬والعنف الجنس ي ‪ ٪2‬من مجموع العنف‪ ،‬أما‬
‫فيما يتعلق بالعنف المرتكب بواسطة التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬فهو يشكل فقط ‪ ٪2‬من مجموع القضايا‬
‫المسجلة‬

‫أما بخصوص معطيات القيادة العليا للدرك الملكي فقد بلغ عدد حاالت العنف ضد النساء المسجلة‬
‫على مستوى مصالح الدرك الملكي خال سنة ‪ 1111‬ما مجموعه ‪ 10212‬حالة‪ ،‬وهو ما يشكل انخفاضا‬
‫في عدد الحاالت المسجلة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من سنة ‪ 1122‬حيث بلغ عدد الحاالت المسجلة ما‬
‫مجموعه ‪ 19112‬حالة‪.‬‬
‫ويظهر توزيع أشكال العنف تبوأ العنف الجسدي مركز الصدارة ب ‪ 21022‬حالة سنة ‪ 1111‬مقابل‬
‫‪ 21292‬سنة ‪ ،1122‬يليه العنف الجنس ي ب ‪ 2029‬حالة سنة ‪ 1111‬مقابل ‪ 2222‬سنة ‪ ،1122‬ثم العنف‬

‫‪171‬فرح مشعر‪ ،‬ظاهرة العنف ضد النساء‪ :‬قراءة في القوانين واالحصائيات‪ ،‬مؤلف جماعي‪ ،‬التمكين االجتماعي واالقتصادي‬
‫والسياسي للمرأة‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬سنة ‪ ،6066‬الطبعة األولى‪ ،‬الصفحة ‪.91‬‬
‫‪87‬‬
‫النفس ي ب ‪ 2220‬حالة سنة ‪ 1111‬مقابل ‪ 22912‬سنة ‪ ،1122‬وجاء العنف االقتصادي كأقل عنف‬
‫ممارس سنة ‪ 1111‬ب ‪ 2201‬حالة مقابل ‪ 2922‬سنة ‪.1122‬‬

‫معطيات الدرك الملكي‬


‫حول عدد حاالت العنف ضد النساء خالل سنتي ‪ 2019‬و‪2020‬‬
‫‪14000‬‬
‫‪11528‬‬
‫‪12000‬‬
‫‪10451 10387‬‬
‫‪9913‬‬
‫‪10000‬‬

‫‪8000‬‬

‫‪6000‬‬

‫‪4000‬‬
‫‪1718 1385‬‬ ‫‪1547 1432‬‬
‫‪2000‬‬

‫‪0‬‬
‫العنف الجسدي‬ ‫العنف الجنسي‬ ‫العنف النفسي‬ ‫العنف االقتصادي‬
‫سنة ‪2019‬‬ ‫‪10451‬‬ ‫‪1718‬‬ ‫‪11528‬‬ ‫‪1547‬‬
‫سنة ‪2020‬‬ ‫‪10387‬‬ ‫‪1385‬‬ ‫‪9913‬‬ ‫‪1432‬‬

‫سنة ‪2019‬‬ ‫سنة ‪2020‬‬

‫أما بالنسبة للخاليا الموجودة بالمستشفيات العمومية فتلبية لالحتياجات الصحية للمرأة والطفل‬
‫ضحايا العنف والعناية الصحية المالئمة لهما بما في ذلك المعلومات والنصائح والخدمات المتعلقة‬
‫بالعالج تتكلف الوحدات المندمجة للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف الطبية بما يلي‪:172‬‬
‫‪ ‬حسن استقبال النساء واألطفال ضحايا العنف وتشخيص حالتهم وتحديد األضرار الجسدية والنفسية‬
‫التي لحقت بهم؛‬
‫‪ ‬تأمين التكفل الطبي الالئق؛‬
‫‪ ‬تقديم المساعدة النفسية والمعاينة الطبية الشرعية؛‬
‫‪ ‬إنجاز وتسليم الشواهد الطبية التي تؤكد العنف‪ ،173‬مجانا التي يكون لها دور أساي ي في تحديد نسبة‬
‫العجز الصحي‪ ،‬ووسيلة إثبات معتمد عليها لجبر ضرر المشتكية المعنفة؛‬

‫‪ 172‬وزارة التضامن والتنمية االجتماعية والمساواة واألسرة‪ ،‬دليل الخاليا واللجان المؤسساتية للتكفل بالنساء ضحايا العنف‪ ،‬مطبعة‬
‫‪ ،Editions-AZ‬أكدال الرباط‪ ،6062 ،‬الصفحة ‪.62‬‬
‫‪ 173‬دراسة تشخيصية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف بالمغرب‪ ،‬وزارة العدل‪ ،‬مديرية الشؤون الجنائية والعفو‪ ،‬سنة ‪،6009‬‬
‫الصفحة ‪.29‬‬
‫‪88‬‬
‫‪ ‬تسهيل المساطر اإلدارية داخل المؤسسات الصحية وتوجيه النساء واألطفال ضحايا العنف إلى‬
‫الجهات املختصة حسب اختصاصاتها؛‬
‫‪ ‬جمع المعطيات والمعلومات حول الظروف العامة لحاالت العنف والتي تعد الحلقة المتينة في سلسلة‬
‫التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬سواء من خالل الخدمات الصحية أو من خالل إعمال التعاون‬
‫والشراكات مع القطاعات الحكومية األخرى‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إ لى أن هذه الخاليا تتألف من طبيب (ة ومساعد(ة في املجال الطبي االجتماعي‪،‬‬
‫ممرض(ة ‪ ،‬مقر الخلية‪ :‬مصالح المستعجالت تحت إشراف الطبيب الرئيس ي‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه قد بلغ مجموع حاالت العنف المتكفل بها على مستوى مستشفيات المملكة خالل‬
‫سنة ‪ 1122‬ما مجموعه ‪ 11221‬حالة‪ ،‬ويظهر توزيع أشكال العنف المسجلة تبوأ العنف الجسدي مركز‬
‫الصدارة ب ‪ 22229‬حالة‪ ،‬يليه العنف الجنس ي ب ‪ 200‬حالة‪ ،‬ثم العنف النفس ي ‪ 002‬حالة‪.‬‬
‫وبخصوص صلة القرابة بين الضحية والمعتدي‪ ،‬تظهر معطيات وزارة الصحة أن االعتداءات الممارسة‬
‫من طرف الزوج تأتي في المقدمة بنسبة ‪ ،21.2٪‬فيما تشكل أفعال العنف الممارسة من طرف أشخاص‬
‫ال تربطهم أية صلة بالضحايا نسبة ‪ ،22.2٪‬بينما بلغت نسبة االعتداءات الممارسة من طرف أب‪ /‬أخ ‪/‬‬
‫ابن ‪ 1.2٪‬و‪ 2.1٪‬بالنسبة للعنف الممارس من طرف زميل في العمل‪.174‬‬

‫‪174‬فرح مشعر‪ ،‬ظاهرة العنف ضد النساء‪ :‬قراءة في القوانين واالحصائيات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.92‬‬
‫‪89‬‬
‫حاالت العنف المتكفل بها على مستوى مستشفيات ال مملكة‬
‫خالل سنة ‪2019‬‬
‫‪5‬‬

‫‪4,5‬‬

‫‪4,3‬‬
‫‪4‬‬

‫‪3,5‬‬
‫‪3,5‬‬
‫‪3‬‬

‫‪2,5‬‬
‫‪2,5‬‬
‫‪2‬‬

‫‪1,5‬‬

‫‪1‬‬

‫‪0,5‬‬

‫‪0‬‬
‫العنف الجسدي‬ ‫العنف الجنسي‬ ‫العنف النفسي‬

‫سنة ‪2019‬‬

‫ثانيا‪ :‬دوراملجتمع المدني في التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫وعيا منها بخطورة تنامي ظاهرة العنف ضد النساء وانعكاساتها السلبية على باقي مكونات املجتمع‪ ،‬بادرت‬
‫عدة جمعيات نسائية ومنظمات حقوقية بتعبئة كافة الجهود لرصد الظاهرة والتصدي لها‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫وهكذا فقد تركزت الجهود بداية بخلق مراكز االستماع واإلرشاد القانوني والدعم النفس ي‪ ،‬والتي كان لها‬
‫دور كبير في التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف عن طريق توفير خدمات اجتماعية وصحية‬
‫وقانونية‪ ،‬إضافة إلى تنظيم حمالت تحسيسية بغية تحسين الوعي بخطورة هذه الظاهرة االجتماعية‪.‬‬
‫وإن الوقوف على أهمية الدور الذي يلعبه املجتمع المدني في مكافحة مختلف أشكال العنف‪ ،‬يفترض‬
‫االطالع على ما تقدمه مراكز االستماع والمساعدة {‪ }0‬ثم الوقوف على دوره المتمثل في التحسيس‬
‫بخطورة العنف وخلق الشراكات القطاعات مع المعنية {‪}2‬‬

‫‪ )0‬خدمات مراكزاالستماع والدعم النفس ي‬


‫من دون شك أن خلق مراكز االستماع والمساعدة من طرف الجمعيات شكل خطوة أساسية ومهمة في‬
‫سبيل تكسير حاجز الصمت عن موضوع العنف الممارس على المرأة وخصوصا داخل بيت الزوجية‪،‬‬
‫حيث مكنت العديد من النساء الخروج من صمتهن وتشجيعهن على اإلفصاح عن معاناتهم جراء‬
‫الممارسات الشنيعة التي تمارس من طرف الزوج‪.‬‬
‫غير أن عمل هذه المراكز لم يقتصر فقط على مجرد اإلفصاح عن هذا العنف بل تعداها ليشمل‬
‫أساسا التكفل بالنساء الضحايا وذلك من خالل مختلف الخدمات التي يتم تقديمها في هذا املجال‪.‬‬
‫وهكذا من خالل االطالع على عمل هذه المراكز‪ ،‬يالحظ أن النساء ضحايا العنف يستفدن من خالل‬
‫زيارتهن لمراكز االستماع القانوني والمساعدة من الخدمات األساسية اآلتية‪:175‬‬
‫‪ ‬االستماع‪ :‬حيث يتم استقبال المرأة عمليا في قاعات مخصصة ليتم االستماع لها من طرف مستمعة‬
‫متخصصة التي غالبا ما يكون قد سبق لها وأن تلقت تكوين خاصا في هذا املجال‪ ،‬ويعد هذا اللقاء أول‬
‫مرحلة في المتابعة التي تخضع لها المعنفة في المراكز‪ ،‬ويعتبر الهدف األساي ي من حصة االستماع هو‬
‫تمكين ضحية العنف من الكالم ومساعدتها على كسر جدار الصمت والتعبير علينا عن معاناتها وعن‬
‫كل أشكال العنف التي تواجهها‪.‬‬
‫‪ ‬الدعم النفس ي‪ :‬غالبا ما يرتبط بحصة االستماع وهو يهدف أساسا إلى إعادة االعتبار لنساء ضحايا‬
‫العنف اللواتي غالبا ما يعانين من اإلحباط واإلحساس باستنقاص النفس والشعور بالذنب والفشل‪،‬‬
‫لذلك ف إن النساء في هذه المرحلة بحاجة إلى كل أنواع الدعم وخصوصا الدعم النفس ي‪ ،‬عن طريق‬
‫منحهن كل المساعدة الضرورية الممكنة‪.‬‬
‫‪ ‬اإلرشاد القانوني‪ :‬وهو يشكل إحدى الخدمات الجوهرية المقدمة للنساء ضحايا العنف وتتمثل في‬
‫تقديم المعلومات للنساء حسب طلبهن فيما يتعلق بالنصوص القانونية الجاري بها العمل والمساطر‬

‫‪175‬دراسة تشخيصية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.29‬‬
‫‪91‬‬
‫القضائية واإلدارية واإلجراءات الممكنة للدفاع عن النفس ضد العنف‪ ،‬وهنا تتخذ المشتكية قرارها‬
‫تبعا للمعلومات واإلمكانيات المقدمة لها‪ .‬ينهض بهذه الخدمات مجموعة من العامالت ذوو تكوين‬
‫أساي ي ومتنوع كل حسب تخصصه من محاميات ومساعدات اجتماعية ومتخصصات في علم االجتماع‬
‫أو علم النفس‪.‬‬
‫وهناك من المراكز من تقدم خدمات متخصصة من قبيل المساعدة القضائية خصوصا في صفوف‬
‫النساء المعوزات عن طريق مرافقتهن إلى املحكمة وتحمل كل مصاريف اإلجراءات اإلدارية والقضائية‬
‫ومتابعة الملفات منذ رفع الدعوى إلى حين البت فيها أو في الحاالت التي تنصب فيها الجمعيات نفسها‬
‫طرف مدني‪.176‬‬
‫هناك أيضا الحاالت التي يتم توجيه الضحايا فيها إلى الوحدات الطبية قصد العالج من األضرار‬
‫الجسدية أو إلى مراكز الطب النفس ي وذلك بالنسبة للنساء اللواتي يحملن أعراض اضطرابات نفسية‬
‫تتطلب عالجا دقيقا من طرف الهياكل النفسية المتخصصة‪.‬‬
‫كما أن هناك من المراكز من يعتمد على آليات خاصة في التكفل بالنساء ضحايا العنف كآلية الصلح‬
‫عن طريق إصالح ذات البين بين الضحية وزوجها وجبر الضرر حفاظا على استقرار األسرة واستمرار‬
‫العالقة الزوجية‪ ،‬إضافة إلى اعتماد آيات اإليواء بالنسبة للنساء المعنفات‪ ،‬وهي تعتبر خدمة متميزة‬
‫السيما النساء اللواتي تم طردهن من بيت الزوجية‪ ،‬حيث يتم تقديم خدمات اجتماعية وتربوية ومهنية‬
‫لفائدة النزيالت تكوين منهي‪ ،‬دروس محو األمية‪ ،‬مساعدة اجتماعية‪ ،‬التكفل باألطفال ‪. ...‬‬
‫إذن أمام أهمية الخدمات المقدمة من طرف هذه المراكز‪ ،‬فإن اإلقبال عليها عرف تزايدا سنة بعد‬
‫أخرى خصوصا بعد اإلشهار لفائدتها من طرف النساء اللواتي سبق وأن استفدن من هذه الخدمات وهو‬
‫ما تبين من خالل المعطيات المقدمة من طرفها‪.‬‬

‫‪ )2‬دورالتحسيس والتنسيق مع كافة القطاعات المعنية‬


‫استكماال للدور المه م الذي تقوم به مختلف فعاليات املجتمع المدني في إطار التكفل بالنساء ضحايا‬
‫العنف من خالل مراكز االستماع والمساعدة املحدثة‪ ،‬يسجل أيضا دورها المهم في مجال التحسيس‬

‫‪ 176‬خديجة الفياللي‪ ،‬العنف األسري ضد المرأة بالمغرب أية حماية –العنف الزوجي نموذجا‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬القانون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد الله‪ ،‬بفاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،6002-6002‬الصفحة ‪.201‬‬
‫‪92‬‬
‫والتوعية بخطورة هذا العنف ضد المرأة وهو ما تعكف على إعادة العديد من الجمعيات والمنظمات‬
‫الغير حكومية وذلك من خالل القيام بمجموعة من الحمالت واألنشطة واأليام الدراسية بهدف‬
‫التحسيس بكل أشكال العنف واالضطهاد الذي تتعرض له المرأة‪ ،‬داخل البيت وخارجه وتسليط الضوء‬
‫على خطورة هذه الظاهرة والدعوة إلى تكثيف جهود التدخل من أجل مواجهتها‪.‬‬
‫كما تسعى من خالل هذه الحمالت إلى إشاعة ثقافة حقوق اإلنسان في كل تجلياها وأبعادها التربوية‬
‫واالجتماعية واإلنسانية والتأكيد على ضرورة مكافحة كل الممارسات الشنيعة التي تنتهك حقوق المرأة‬
‫وتخدش كرامتها وتجردها من إنسانيتها خصوصا داخل األسرة‪.‬‬
‫وال يخفى على أحد أن الجهود التحسيسية التي تبذلها مكونات املجتمع المدني في سبيل التعريف‬
‫بالظاهرة والكشف عن مخاطرها كان لها الدور الرئيس ي في استقطاب الرأي العام المغربي بمختلف‬
‫مؤسساته قصد التدخل السريع من أجل التصدي لهذا الوضع‪ ،‬وهو ما توج بالفعل بإعداد االستراتيجية‬
‫الوطنية ملحاربة العنف ضد النساء‪ 177‬والتي جاءت استجابة لتطلعات املجتمع المدني ونقله هامة في‬
‫مجال محاربة كل أشكال العنف الممارس على المرأة خصوصا وأنها جاءت نتيجة المسلسل عرف‬
‫استشارة واسعة بين مختلف المؤسسات الحكومية واملجتمع المدني‪.‬‬
‫وبفضل جهودها المضنية في مجال التكفل بالنساء ضحايا العنف فقد حظيت الجمعيات ومراكز‬
‫االستماع باألولوية ضمن اهتمامات االستراتيجية وذلك عبر تطوير قدراتها وتحسين جودة الخدمات‬
‫المقدمة في مجال االستقبال والمساعدة وفي هذا اإلطار تم إنشاء صندوق مالي لدعم مراكز االستماع‬
‫واإلرشاد القانوني منذ سنة ‪ 1110‬يغطي مختلف المناطق المغربية‪.‬‬
‫وهو نفس االهتمام أيضا الذي حظيت به ضمن املخطط التنفيذي والذي جاء بمجموعة من التدابير‬
‫واإلجراءات التي تستهدف االرتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للنساء ضحايا العنف إلى مستوى‬
‫االحترافية للمراكز المتخصصة في االستقبال واالستماع وتعزيز سبل الدعم والتطوير خصوصا في‬
‫مجال الخبرات والتكوين ملختلف األطر العاملة بهذه المراكز ومدها بكل وسائل الدعم وأدوات العمل‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التنسيق على المستوى الجهوي والوطني‬

‫‪ 177‬االستراتيجية التي تم الحديث عنها في الفصل األول‪.‬‬


‫‪93‬‬
‫سنتطرق من خالل هذه الفقرة للتنسيق على المستوى الجهوي من خالل اللجنة الجهوية للتكفل‬
‫بالنساء واألطفال ضحايا العنف {أوال} والتنسيق على المستوى الوطني من خالل اللجنة الوطنية‬
‫للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف{ثانيا}‬

‫أوال‪ :‬التنسيق على المستوى الجهوي من خالل اللجنة الجهوية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا‬
‫العنف‬
‫يأتي سياق إحدا اللجان الجهوية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف لتعزيز التنسيق بين‬
‫المتدخلين في سلسلة خدمات التكفل بالنساء واألطفال وفق منظور تشاركي مندمج بغية تحقيق حماية‬
‫شاملة بأبعاد ثال ‪ ،‬قبلية‪ ،‬آنية والحقة‪.‬‬
‫وقد خص القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء هذه اللجان بجملة من المهام قوامها‬
‫توحيد الرؤى وانسجام الممارسات وانخراط كافة مكوناتها في العمل على تحديد وحصر المعيقات‬
‫وإيجاد السبل الكفيلة بتذليلها خالل االجتماعات الدورية وإعداد تقارير دورية حول سير عملها‪.178‬‬
‫وتأسيسا لما سبق سيتم التطرق من خالل هذه الفقرة لتأليف اللجان الجهوية للتكفل بالنساء واألطفال‬
‫ضحايا العنف {‪ }0‬ثم لمهام اللجان الجهوية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف {‪}2‬‬

‫‪ )0‬تأليف اللجان الجهوية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫تحد لجنة جهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف على مستوى الدائرة القضائية لكل محكمة‬
‫استئناف وتتألف من‪:179‬‬
‫‪ ‬الوكيل العام للملك أو نائبه رئيسا؛‬
‫‪ ‬قاض للتحقيق ومستشار للحكم ومستشار مكلف باألحدا ‪ ،‬يعينهم الرئيس األول ملحكمة االستئناف؛‬
‫‪ ‬رئيس كتابة النيابة العامة أو من يمثله؛‬
‫‪ ‬رئيس كتابة الضبط أو من يمثله؛‬
‫‪ ‬المساعد أو المساعدة االجتماعية باملحكمة المذكورة؛‬
‫‪ ‬ممثلي اإلدارة؛‬

‫‪ 178‬وزارة التضامن والتنمية االجتماعية والمساواة واألسرة‪ ،‬دليل الخاليا واللجان المؤسساتية للتكفل بالنساء ضحايا العنف‪ ،‬الصفحة‬
‫‪.269‬‬
‫‪ 179‬المادة ‪ 21‬من القانون ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫‪ ‬ممثل مجلس الجهة؛‬
‫‪ ‬محام؛ يعينه نقيب هيئة املحامين بالدائرة القضائية االستئنافية؛‬
‫‪ ‬مفوض قضائي‪ ،‬يعينه رئيس املجلس الجهوي للمفوضين القضائيين‪.‬‬

‫كما يمكن أن يحضر أشغال اللجنة‪ ،‬كل شخصية معروفة باهتمامها وخبرتها بقضايا المرأة‪ ،‬وكذا ممثلو‬
‫الهيئات والمؤسسات والجمعيات التي ترى اللجنة فائدة في دعوتها‪.‬‬
‫إال أنه يطرح إشكال فيما يتعلق بممثلي اإلدارة على غرار الغموض الذي كان يكتنف المقصود من ممثلي‬
‫اإلدارة المنصوص عليهم في تأليف اللجان املحلية‪ ،‬إال أنه بموجب المرسوم التطبيقي نجده حدد‬
‫المقصود بممثلوا اإلدارة وذلك من خالل المادة ‪ 2‬التي نصت على ما يلي‪:‬‬
‫"تطبيقا ألحكام المادة ‪ 02‬من القانون رقم ‪ ،210.20‬يحدد ممثلوا اإلدارة باللجان الجهوية للتكفل‬
‫بالنساء ضحايا العنف كالتالي‪:‬‬
‫‪-‬ممثل عن القطاع الوزاري المكلف بالصحة؛‬
‫‪-‬ممثل عن القطاع الوزاري المكلف بالشباب؛‬
‫‪-‬ممثل عن القطاع الوزاري المكلف بالمرأة؛‬
‫‪-‬ممثل عن المديرية العامة لألمن الوطني؛‬
‫‪-‬ممثل عن القيادة العليا للدرك الملكي؛"‬
‫يالحظ من خالل تأليف اللجان الجهوية‪ ،‬أنها ال تختلف عن تكوين اللجان املحلية‪ ،‬إذ تتميز عنها فقط‬
‫ببعدها الجهوي سواء على مستوى المسؤولين القضائيين أو المصالح الحكومية والمنتخبة‪.‬‬
‫هذه اللجنة تعقد اجتماعات دورية وذلك بمعدل اجتماعين في السنة مع العلم أن عدد االجتماعات غير‬
‫كافي حيث يجب أن يصل على األقل ألربعة اجتماعات في السنة لتدارس مختلف الحاالت والوضعيات‬
‫ودراسة الحلول واالقتراحات التي من شأنها أن تنهض بوضعية كل من المرأة والطفل‪.180‬‬
‫فاالجتماعات التي تعقدها اللجنة تكون ألهداف عدة من بينها‪:‬‬
‫الرفع من جودة خدمات التكفل بالنساء واألطفال الضحايا الرفع من عدد مراكز اإليواء لفائدة األطفال‬
‫في مختلف الوضعيات {األطفال في وضعية صعبة أو في وضعية إهمال ‪ -‬األطفال في نزاع مع القانون}‬
‫وتكوين مختلف المتدخلين في مجال محاربة العنف ضد النساء واألطفال حول تقنيات ومهارات‬

‫‪180‬فريدة بناني‪ ،‬محاربة العنف ضد النساء التفاف وتحايل على االلتزام والملتزم به‪ ،‬المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق‬
‫االنسان‪ ،‬مطبعة الوراقة الوطنية‪ ،‬سنة ‪ ،6060‬الصفحة ‪.210‬‬
‫‪95‬‬
‫االستماء والتوجيه والتواصل بشكل عام بشراكة مع قطاعات عدة عبر توفير تكوين مالئم املختلف‬
‫العاملين في مجالي االستقبال واالستماع والدعم النفس ي والتوجيه للنساء واألطفال ضحايا العنف وكذا‬
‫القيام بزيارات لتفقد وضعية األطفال الجانحين المودعين بالمؤسسة السجنية‪ 181‬وتعزيز التواصل‬
‫والتنسيق بين كل ممثلي القطاعات المشاركة من جهة وبين المؤسسات‬
‫القضائية من جهة أخرى‪،182‬فضال عن تسهيل ولوج النساء للقضاء والعدالة الجنائية‪.‬‬

‫‪ )2‬مهام اللجان الجهوية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫طبقا للقانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء فاللجنة الجهوية للتكفل بالنساء واألطفال‬
‫ضحايا العنف أسندت لها مجموعة من المهام واألدوار والتي تتجلي في‪:183‬‬
‫‪ ‬إعداد خطط عمل جهوية في إطار االختصاصات الموكولة لها؛‬
‫‪ ‬ضمان التواصل والتنسيق بين السلطة القضائية وباقي القطاعات واإلدارات المعنية بقضايا التكفل‬
‫بالنساء ضحايا العنف على المستوى الجهوي؛‬
‫‪ ‬التواصل والتنسيق مع جمعيات املجتمع المدني العاملة في هذا املجال؛‬
‫‪ ‬العمل على توحيد كيفيات اشتغال الخاليا واللجن املحلية‪ ،‬بما يكفل تجانس وتكامل الخدمات على‬
‫مستوى الدوائر القضائية التابعة لنفوذ محكمة االستئناف وباقي القطاعات واإلدارات المعنية؛‬
‫‪ ‬رصد اإلكراهات والمعيقات المرتبطة بعمليات التكفل بالنساء ضحايا العنف واقتراح الحلول المناسبة‬
‫لها بشكل تشاركي وفي حدود صالحيات وإمكانيات كل قطاع؛‬
‫‪ ‬رصد اإلكراهات والمعيقات المرتبطة بعمليات التكفل بالنساء ضحايا العنف التي تقتض ي تدخال على‬
‫الصعيد المركزي؛‬
‫‪ ‬ترصيد مختلف الخبرات والتجارب الناجحة وتعميمها على مختلف اآلليات املحلية؛‬
‫‪ ‬إعداد تقارير دورية وتقرير سنوي حول سير وحصيلة عملها وعمل اللجان املحلية وكذا خاليا التكفل‬
‫بالنساء ضحايا العنف‪.‬‬
‫‪ ‬ترفع تقارير اللجان الجهوية‪ ،‬بما في ذلك تقريرها السنوي‪ ،‬إلى اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا‬
‫العنف‪.‬‬

‫‪ 181‬راجع المادة ‪ 222‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬


‫‪ 182‬فريدة بناني‪ ،‬محاربة العنف ضد النساء التفاف وتحايل على االلتزام والملتزم به‪ ،‬المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق‬
‫االنسان‪ ،‬مطبعة الوراقة الوطنية‪ ،‬سنة ‪ ،6060‬الصفحة ‪.211‬‬
‫‪ 183‬المادة ‪ 22‬من القانون ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫‪ ‬كما تعقد اللجان الجهوية اجتماعاتها مرتين في السنة على األقل‪ ،‬وكلما دعت الضرورة ذلك‪ ،‬بدعوة من‬
‫رئيسها‪ ،‬وذلك بحضور نصف أعضائها‪ ،‬على األقل‪ ،‬وتتخذ قراراتها بأغلبية األعضاء الحاضرين‪.‬‬
‫‪ ‬وتجدر اإلشارة الى أن كتابة النيابة العامة بمحكمة االستئناف هي التي تتولى مهام كتابة اللجنة الجهوية‪.‬‬
‫فبالنظر لهذه المهام يتضح أن اللجن الجهوية من خالل مجهوداتها استطاعت تحقیق نتائج إيجابية‬
‫تجاوزت من خاللها العديد من التحديات وإيجاد حلول للعديد من المشاكل التي تواجه عملية التكفل‪.‬‬

‫فنجاح عملية التنسيق ال يمكن أن يتحقق إال بالعمل المتكامل المشترك واستحضار كافة المتدخلين‬
‫لروح التشريع وهو ما يستلزم وجود أطر مؤهلة قادرة على التوجيه والبناء اإليجابي تملك تصورا واضحا‬
‫ورؤيا محددة وموحدة حول أفضل وأنجع الطرق لتعزيز الحماية القانونية للمرأة والطفل مجسدة فعال‬
‫وحقيقة غايات المشرع‪.184‬‬

‫ثانيا‪ :‬التنسيق على المستوى الوطني من خالل اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا‬
‫العنف‬
‫على غرار كل من اللجنتين املحلية والجهوية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف تم إحدا اللجن‬
‫الوطنية كذلك بموجب القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء كآلية للتنسيق في مجال‬
‫التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف وذلك قصد القيام بمجموعة من المهام {‪ }0‬والتي ال تتحقق إال‬
‫بواسطة قواعد تحدد طريقة سير عملها {‪.}2‬‬

‫‪ )0‬تأليف ومهام اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫تعد اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف آلية وطنية تتولى النظر في قضايا التكفل بالنساء‬
‫واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬تتمتع باالستقاللية التدبيرية والتقريرية‪ ،‬طبقا ألحكام القانون ‪210.20‬‬
‫المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ومرسومه التطبيقي‪.‬‬
‫وتهدف هذه اللجنة إلى تطوير منظومة التكفل بالنساء ضحايا العنف وطنيا وجهويا ومحليا وتعزيز‬
‫التقائية التدخالت وتكاملها في مجال مناهضة العنف ضد النساء وطنيا وجهويا ومحليا كما أنها تهدف‬
‫إلى العمل على تيسير ولوج النساء لخدمات العدالة والخدمات المؤسساتية في مختلف املجاالت الترابية‬

‫‪ 184‬الدليل العملي للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.219‬‬
‫‪97‬‬
‫وتعزيز الوقاية من العنف ضد النساء فضال عن تقوية الشراكة مع املجتمع المدني والفاعلين‬
‫على المستوى الوطني‪.‬‬
‫وباستقرائنا للمادة ‪ 22‬من القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء نجدها أشارت فقط‬
‫إلى كون أن رئيس اللجنة يعين من طرف رئيس املحكمة باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالمرأة‬
‫ولم تحدد مكونات اللجنة الوطنية إال أنها أشارت في فقرتها األخيرة إلى أن التأليف يحدد بموجب نص‬
‫تنظيمي‪.‬‬
‫وهو ما تم التنصيص عليه من خالل المرسوم الصادر بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ ،1851122‬إذ نص في المادة‬
‫الرابعة على أنه تطبيقا ألحكام المادة ‪ 22‬من القانون ‪ 210.20‬تتألف اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء‬
‫ضحايا العنف عالوة على الرئيس الذي يعينه السيد رئيس الحكومة من ‪ 22‬عضوا يمثلون‪:‬‬
‫‪ -‬السلطة الحكومية المكلفة بحقوق اإلنسان؛‬
‫‪ -‬السلطة الحكومية المكلفة بحقوق اإلنسان؛‬
‫‪-‬السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية؛‬
‫‪ -‬السلطة الحكومية المكلفة بالخارجية؛‬
‫‪ -‬السلطة الحكومية المكلفة بالعدل؛‬
‫‪ -‬السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف والشؤون اإلسالمية؛‬
‫‪ -‬السلطة الحكومية المكلفة بالمالية؛‬
‫‪ -‬السلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية؛‬
‫‪ -‬السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم العالي؛‬
‫‪ -‬السلطة الحكومية المكلفة بالصحة؛‬
‫‪ -‬السلطة الحكومية المكلفة بالثقافة واالتصال؛‬
‫‪ -‬السلطة الحكومية المكلفة بالمرأة؛‬
‫‪ -‬السلطة الحكومية المكلفة بالشغل؛‬
‫‪-‬السلطة الحكومية المكلفة باملجتمع المدني؛‬
‫‪-‬السلطة الحكومية المكلفة بالهجرة؛‬

‫‪ 185‬مرسوم رقم ‪ 63293922‬صادر في ‪ 2‬شعبان ‪ 20(2220‬أبريل ‪ )6022‬بتطبيق القانون رقم ‪ 201321‬المتعلق‬


‫بمحاربة العنف ضد النساء‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫‪-‬املجلس األعلى للسلطة القضائية؛‬
‫‪-‬رئاسة النيابة العامة؛‬
‫‪-‬المديرية العامة لألمن الوطني؛‬
‫‪-‬القيادة العليا للدرك الملكي؛‬
‫‪ -‬السلطة الحكومية المكلفة بالشباب؛‬
‫ومن خالل ما تم بسطه يمكن القول أن المشرع قد أحسن صنعا في تأليف اللجنة الوطنية؛ بضمها‬
‫ملختلف القطاعات الحكومية‪ ،‬فضال عن التمثيلية القضائية واألمنية‪.‬‬
‫إال أن المالحظة التي يمكن أن نبديها في هذا الصدد‪ ،‬تتعلق بتغييب المنظمات غير الحكومية المعنية‬
‫بقضايا المرأة عن هذه التشكيلة على غرار تأليف اللجان املحلية والجهوية‪ ،‬واالكتفاء فقط باإلشارة إلى‬
‫إمكانية حضورها أشغال اللجنة إذا رأت هذه األخيرة فائدة في ذلك‪.‬‬
‫حيث جاء في المادة ‪ 22‬من قانون ‪ ..." :210.20‬يمكن أن يحضر أشغال اللجنة الوطنية شخصيات‬
‫وممثلون عن الهيئات الوطنية والمنظمات المعنية بقضايا المرأة إذا رأت اللجنة فائدة في ذلك"‪.‬‬

‫وتناط باللجنة الوطنية المهام التالية‪:186‬‬


‫‪ ‬ضمان التواصل والتنسيق وطنيا بين تدخالت القطاعات الحكومية واإلدارات المركزية المعنية‬
‫بموضوع العنف ضد النساء؛‬
‫‪ ‬إبداء الرأي في مخططات عمل اللجن الجهوية واملحلية‪ ،‬وتتبع تنفيذها؛‬
‫‪ ‬تلقي تقارير اللجن الجهوية واملحلية وفحصها؛‬
‫‪ ‬رصد واقتراح إمكانات تطوير عمل اللجن املحلية والجهوية؛‬
‫‪ ‬المساهمة في وضع آليات لتحسين تدبير عمل الخاليا المشار إليها في المادة ‪ 21‬أعاله‪ ،‬واللجن الجهوية‬
‫واملحلية ومواكبة عملها مركزيا؛‬
‫‪ ‬تقوية وتفعيل آليات الشراكة والتعاون بين اللجن الجهوية واللجن املحلية وجمعيات املجتمع المدني‬
‫وباقي المتدخلين‪.‬‬
‫‪ ‬إصدار تقرير سنوي عن حصيلة العمل‪.‬‬

‫‪ 186‬المادة ‪ 26‬من القانون ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪.‬‬


‫‪99‬‬
‫فالمالحظ أن هذه المهام متعددة الش يء الذي من شأنه أن يساهم في الرقي بعمل خاليا التكفل بالنساء‬
‫واألطفال ضحايا العنف‪.‬‬
‫إال أن هذه المهام ال تتحقق إال بواسطة قواعد تحدد طريقة سير عملها‪.‬‬

‫‪ )2‬سيرعمل اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‬


‫لقد حدد المرسوم التطبيقي لقانون محاربة العنف ضد النساء‪ ،‬عالوة على تأليف اللجنة الوطنية‬
‫كيفيات سير عملها‪ ،‬وضح بذلك ضوابط االجتماع واتخاذ القرار‪ ،‬ثم الجهة التي تتولى كتابة اللجنة وفق‬
‫مهام محددة‪.‬‬
‫وتنص المادة الخامسة من المرسوم أعاله على أنه‪" :‬تجتمع اللجنة الوطنية مرة في السنة على األقل‪،‬‬
‫وكلما دعت الضرورة إلى ذلك بدعوة من رئيسها أو من أغلبية أعضائها‪ ،‬بناء على جدول أعضاء يحدده‬
‫هذا األخير ويرسله مرفقا بالوثائق المتعلقة به إلى أعضاء اللجنة‪ ،‬عشرة أيام على األقل قبل التاريخ‬
‫املحدد النعقاد االجتماع"‪.‬‬
‫تعتبر اجتماعات اللجنة الوطنية صحيحة بحضور ثلثي أعضائها على األقل وفي حالة عدم اكتمال هذا‬
‫النصاب يدعو الرئيس إلى اجتماع ثان داخل أجل ال يتجاوز خمسة عشر يوما‪ ،‬وفي هذه الحالة يكون‬
‫اجتماع اللجنة صحيحا بحضور نصف أعضائها‪.‬‬
‫تتخذ اللجنة الوطنية قراراتها بأغلبية أصوات أعضائها الحاضرين‪ ،‬وفي حالة تعادل األصوات يرجح‬
‫الجانب الذي يكون فيه الرئيس‪ ،‬وإذا تغيب أي عضو من أعضاء اللجة الوطنية عن اجتماعاتها ثال‬
‫مرات على التوالي دون مبرر مقبول يعمل رئيس اللجنة على مراسلة القطاع أو اإلدارة التي يمثلها العضو‬
‫المتغيب ألجل تعويضه‪.‬‬
‫وتتولى السلطة الحكومية المكلفة بالمرأة كتابة اللجنة الوطنية ولهذا الغرض تضطلع بالمهام التالية‪:187‬‬
‫تحضير وتنظيم اجتماعات اللجنة وإعداد محاضرها ومسك وضبط وحفظ بيانات اللجنة وملفاتها‬
‫وتقاريرها ومستنداها ومحفوظاتها‪.‬‬
‫ولتوثيق مختلف أعمال اللجنة يتم تعيين مقرر أو مقررة للجنة تعهد إليها إعداد تقارير ومحاضر‬
‫اجتماعات اللجنة بتعاون مع كتابتها ووضعها رهن إشارة الرئيس والسادة األعضاء قصد اإلغناء‬
‫والمصادقة‪.‬‬

‫وزارة التضامن والتنمية االجتماعية والمساواة واألسرة‪ ،‬دليل عمل اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف ‪ ،6060‬الصفحة‬ ‫‪187‬‬

‫‪.29‬‬
‫‪100‬‬
‫كما يمكن أيضا للجنة الوطنية أن تحد كلما دعت الضرورة لذلك فرق عمل موضوعاتية لبلورة‬
‫مضمون معين‪ ،‬وذلك باالعتماد على أعضاء اللجنة كما يمكن تدعيم فرق العمل الموضوعاتية بخبراء‬
‫أو فاعلين من خارج اللجنة عند الحاجة‪.‬‬
‫أما فيما يخص عالقة هذه اللجنة برئيس الحكومة فهذه اللجنة ترفع تقريرا سنويا للسيد رئيس الحكومة‬
‫متضمنا للخالصات والمقترحات والتوصيات مبوبة حسب املجاالت والقطاعات والجهات المعنية‪.‬‬
‫وتتوجه اللجنة الوطنية لرئاسة الحكومة في كل ما يتعلق بالموارد المالية واللوجستيكية الالزمة لتنفيذ‬
‫برنامج عملها وذلك بتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالمرأة‪.‬‬
‫وبخصوص عالقة هذه اللجنة مع المؤسسات والهيئات الوطنية وجمعيات املجتمع المدني ففي هذا‬
‫الصدد يحضر اجتماع هذه اللجنة ممثلون عن الهيئات الوطنية وجمعيات املجتمع المدني والمنظمات‬
‫المعنية بقضايا المرأة أو شخصية ذاتية لها صلة بالموضوع‪ ،‬وتعمل اللجنة الوطنية على اقتراح تدابير‬
‫لتعزيز الشراكة والتعاون بين مكونات املجتمع المدني ومختلف اللجان الجهوية واملحلية‪.‬‬
‫ولضمان التوصل والتنسيق بين مختلف التدخالت ذات الصلة بمناهضة العنف ضد النساء تعقد‬
‫اللجنة اجتماعات تشاورية مع القطاعات الحكومية واإلدارات المركزية والسلطة التشريعية والقضائية‬
‫والمؤسسات العمومية المعنية حول المواضيع التي تحددها‪ ،‬كما يمكنها طلب تقارير موضوعاتية من‬
‫الجهات المذكورة كل في حدود اختصاصه‪ ،‬حول المواضيع ذات الصلة باختصاصات اللجنة‪.‬‬
‫ومن أجل تحقيق األهداف المسطرة تربط اللجن الوطنية عالقات مع باقي اللجن األخرى من خالل ربط‬
‫اللجنة الوطنية عالقات مع رؤساء اللجان املحلية والجهوية في كل ما يتعلق بتطوير أدائها بدء بإبداء‬
‫الرأي في مخططات عملها أو فحص تقاريرها أو تدعيم تبادل التجارب والشراكة بينها وبين جمعيات‬
‫املجتمع المدني وباقي المتدخلين كما ترفع اللجن املحلية والجهوية تقاريرها للجنة الوطنية بشكل دوري‬
‫أو بناء على طلب هذه األخيرة‪.188‬‬
‫وهكذا يمكن القول أن إحدا اللجنة الوطنية للتكفل من شأنها تعزيز مأسسة آليات التنسيق بين‬
‫المتدخلين في مجال مناهضة العنف ضد النساء وحمايتهن‪ ،‬باعتبار الصالحيات الهامة التي أسندت إليها‬
‫بموجب هذا القانون خاصة على مستوى ضمان التواصل والتنسيق بين مختلف التدخالت لمواجهة‬
‫العنف عند النساء واألطفال والمساهمة في وضع آليات لتحسين تدبير عمل خاليا التكفل على‬
‫صعيد التراب الوطني‪.‬‬

‫‪ 188‬وزارة التضامن والتنمية االجتماعية والمساواة واألسرة‪ ،‬دليل عمل اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف ‪ ،6060‬الصفحة‬
‫‪.29‬‬
‫‪101‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬دورالعمل القضائي في حماية النساء واألطفال ضحايا العنف‬
‫يقوم القضاء الزجري بدور مهم في مناهضة العنف ضد النساء واألطفال‪ ،‬عندما يتبنى المعايير الدولية‬
‫لمكافحة هذه الظاهرة خالل فترة املحاكمة‪ ،‬ويلتزم بالمبادئ الدستورية المتعلقة بضمان الحق في‬
‫التقاض ي‪ ،‬والتحقيق في أفعال العنف المرتكبة‪ ،‬ومعاقبة مرتكبي هذه األفعال من أجل القضاء على‬
‫اإلفالت من العقاب‪ ،‬بما يحقق الردع العام والخاص والتعويض عن األضرار التي تلحق بضحايا هذه‬
‫األفعال‪.‬‬
‫ولتسليط الضوء على العمل القضائي في مجال العنف ضد النساء واألطفال‪ ،‬سيتطلب األمر االستدالل‬
‫بمجموعة من األحكام والقرارات القضائية ذات الصلة بالموضوع وتحليلها ومناقشتها‪.‬‬
‫تأسيسا لما سبق سيتم تقسيم هذا المبحث لمطلبين بحيث سيخصص {المطلب األول} لدور العمل‬
‫القضائي في حماية النساء ضحايا العنف على أن يخصص {المطلب الثاني} لدور العمل القضائي في‬
‫حماية األطفال ضحايا العنف‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دورالعمل القضائي في حماية النساء ضحايا العنف‬


‫عمل المشرع من خالل القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء على التصدي ملجموعة‬
‫من التحديات التي كان يواجهها القضاء‪ ،‬تتعلق أساسا بغياب تجريم صريح لبعض األفعال باعتبارها‬
‫عنفا يلحق ضررا بالمرأة‪ ،‬وذلك من خالل نصه على العديد من المقتضيات الزجرية‪ ،‬حيث قام هذا‬
‫القانون بتجريم أفعال لم تكن مجرمة من قبل على رأسها اإلكراه على الزواج‪ ،‬والمس بحرمة الحياة‬
‫الخاصة‪ ،‬والطرد من بيت الزوجية‪ ،‬وتبديد ممتلكات األسرة بسوء نية‪ ،‬فضال عن تجريم بعض األفعال‬
‫باعتبارها صورا من صور التحرش الجنس ي والمساس بحرمة جسد المرأة بأي وسيلة كانت سواء بالتقاط‬
‫أو تسجيل أو بت أو توزيع أقوال او معلومات صادرة بشكل خاص أو سري دون موافقة أصحابها‪ ،‬فضال‬
‫عن تشديده العقوبات على جرائم أخرى كانت مجرمة من قبل ‪ ,‬منها اإلمساك عمدا عن تقديم مساعدة‬
‫لشخص في خطر أو المساعدة على األعمال التحضيرية لالنتحار أو غيرها من أعمال العنف أو السب أو‬
‫القذف متى ارتكب هذا الفعل في حق امرأة بسبب جنسها‪ ،‬وهو ما يعني توسيع نطاق تجريم العنف‬
‫القائم على أساس النوع االجتماعي‪.‬‬
‫وسيتم االقتصار على بعض التطبيقات القضائية التي تتعلق بجريمة الطرد من بيت الزوجية واالمتناع‬
‫عن إرجاع الزوج المطرود في {الفقرة األولى}‪ ،‬على أن يتم التطرق لجريمتي العنف ضد امرأة التحرش‬
‫الجنس ي في {الفقرة الثانية}‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬جريمة الطرد من بيت الزوجية واالمتناع عن ارجاع الزوج المطرود‬
‫عمل المشرع على وضع مقتض ى قانوني جديد‪ ،‬يتعلق األمر بالفصل ‪ 221.2‬والذي عاقب فيه على الطرد‬
‫من بيت الزوجية أو االمتناع عن إرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية وفقا لما هو منصوص عليه في‬
‫المادة ‪ 90‬من مدونة األسرة كما ضاعف العقوبة الحبسية في حالة العود‪.‬‬
‫إذ يعتبر تجريم فعل طرد الزوج من بيت الزوجية أو االمتناع عن إرجاعه إليه من بين أهم المقتضيات‬
‫التي أقرها القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف النساء وبذلك يكون قد وضع حدا لفراغ تشريعي‪.‬‬
‫فإذا كانت مدونة األسرة تنص على أنه إذا قام أحد الزوجين بإخراج اآلخر من بيت الزوجية دون مبرر‬
‫تتدخل النيابة العامة من أجل إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية مع اتخاد اإلجراءات الكفيلة بأمنه‬
‫وحمايته‪.189‬‬
‫إال أنه على المستوى الواقع العملي لم يكن هناك أي مقتض ى قانوني يجرم فعل الطرد أو االمتناع عن‬
‫إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية‪ ،‬الش يء الذي ساهم في إفراغ هذا النص أي حمولة إلزامية‪.‬‬
‫وهذا ما تم تجاوزه بموجب القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الذي نص في الفصل‬
‫‪ 212.2‬على أنه‪ ":‬يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ‪ 0‬أشهر وبغرامة من ‪ 1.111‬إلى ‪ 9.111‬درهم‪ ،‬عن‬
‫الطرد من بيت الزوجية أو االمتناع عن إرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية وفقا لما هو منصوص‬
‫عليه في المادة ‪ 90‬من مدونة األسرة‪ ،‬وتضاعف العقوبة في حالة العود‪".‬‬
‫فالطرد من المسكن بأي وجه من الوجوه هو مساس بحق من الحقوق األساسية للفرد‪ ،‬وهو حق السكن‬
‫واعتداء على حياته الخاصة‪ ،‬كما أن االمتناع عن إرجاع الزوج المطرود سلوك أو فعل جرمي يدخل‬
‫ضمن الجرائم المعاقب عليها قانونا بمقتض ى الفصل ‪ 222-2‬من القانون الجنائي‪ ،‬وبالتالي فالمشرع‬
‫حاول تطويق الحياة الزوجية بنوع من الحماية الجنائية وتسييج العالقة األسرية حتى ال يدخلها أي فعل‬
‫يمكن أن يمس بأمنها وسالمتها‪.‬‬
‫ومما يجب اإلشارة إليه أنه في حالة العود وتكرار الفعل فإن العقوبة تضاعف وتشدد أكثر من األولى‬
‫على مرتكب الفعل‪ ،‬وفي ذلك إيماءة قوية إلى توفير أسباب األمن القانوني للطرف الضعيف في العالقة‬
‫الزوجية‪.190‬‬

‫‪189‬الفصل ‪ 21‬من مدون األسرة‪.‬‬


‫‪190‬محمد الزماط‪ ،‬إشكاليات ومستجدات الطرد من بيت الزوجية‪ ،‬مقال منشور بمجلة " مغرب القانون االلكترونية"‪ ،‬مقال منشور‬
‫بالموقع االلكتروني‪ ،www maroclaw.com :‬تم االطالع عليه بتاريخ‪ ،6061 /02/69 :‬على الساعة السابعة صباحا‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن أقسام قضاء األسرة توصلت خالل سنة ‪ 1112‬بما مجموعه ‪ 2221‬طلبا يتعلق‬
‫باإلرجاع إلى بيت الزوجية‪ ،‬حيث بلغ عدد الطلبات المقدمة من طرف الزوج ‪ 022‬طلبا في حين تقدمت‬
‫الزوجات ب ‪ 2929‬طلبا‪ ،‬بما يشكل نسبة تجاوزت ‪ 21٪‬من مجموع الطلبات المقدمة‪.191‬‬
‫وباستقراء هذه المعطيات نستشف أن غالبية ضحايا هذا النوع من العنف األسري هن نساء‪.‬‬
‫كما أنه بلغ عدد النساء ضحايا جريمة الطرد من بيت الزوجية ‪2211‬ضحية‪ 211 ،‬منهن بدون عمل‪،‬‬
‫وبخصوص مستواهن الدراي ي ‪ 112‬غير متمدرسة و‪ 011‬تعليم أساي ي‪ ،‬و‪ 201‬ثانوي‪ 12 ،‬جامعي‪02 ،‬‬
‫تكوين منهي‪.‬‬
‫كما أنه ‪ 92٪‬من فئة النساء بدون مهنة‪ ،‬وبلغ مجموع من تمارس منهن أعماال حرة نسبة ‪ 22.9٪‬والعامالت‬
‫بالقطاع الخاص ‪ 22٪‬وفي القطاع العام ‪.1922.2٪‬‬
‫وهذا يعكس عالقة الظاهرة التي تتعرض لها النساء مع المستوى االقتصادي لهن إذ أن الظاهرة تطال‬
‫جميع لنساء بغض النظر عن مجال اشتغالهن إال أنه هناك نسبة كبيرة من الضحايا من النساء بدون‬
‫مهنة حيث بلغ عددهن نسبة ‪ 92‬والغير المتمدرسة كذلك األكثر عرضة للعنف‪ ،‬مما يدفعنا للقول‬
‫بمدى أهمية وتأثير المستوى التعليمي على األقل في التخفيف من حدة هذه الظاهرة وليس الحد منها‬
‫بشكل نهائي‪.‬‬
‫وألجل حماية النساء فاملحكمة كلما اقتنعت من واقعة الطرد من بيت الزوجية أو االمتناع عن إرجاعها‬
‫فإنها ال تتردد في مؤاخذة المتهم‪.‬‬
‫ففي حكم صادرعن املحكمة االبتدائية بتارودانت‪ 193‬قض ى بمؤاخدة المتهم من أجل جنحتي السب في‬
‫حق امرأة بسبب جنسها والطرد من البيت الزوجية‪ ،‬وتم الحكم عليه بشهرين حبسا موقوفة التنفيذ‬
‫وغرامة نافذة قدرها ‪ 1111‬درهما‪ ،‬مع تحميله الصائر واإلجبار في األدنى‪.‬‬
‫وجاء في وقائع هذه النازلة كون أن المشتكى به قام بطرد المشتكية من بيت الزوجية تحت التهديد وقام‬
‫بدفعها مما ترتب عنه سقوطها أرضا‪ ،‬وفي محاولة من ابنتهما للصلح بينهما قام مرة أخرى بطردها من‬
‫بيت الزوجية تحت وابل من السب والشتم‪.‬‬
‫فبالرجوع للفصل ‪ 662‬من القانون الجنائي نجده ينص على أنه‪ ":‬يعد سبا كل تعبير شائن أو عبارة‬
‫تحقير أو قدح ال تتضمن نسبة أي واقعة معينة‪".‬‬

‫‪ 191‬التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة وسير السياسة الجنائية لسنة ‪ ،6062‬الصفحة ‪.222‬‬
‫‪ 192‬التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة وسير السياسة الجنائية لسنة ‪ ،6062‬الصفحة ‪.690‬‬
‫‪193‬حكم المحكمة االبتدائية بتارودانت‪ ،‬حكم عدد ‪ ،92‬ملف عدد ‪ ،6022/6222/29‬الصادر بتاريخ ‪( ،6022/22/02‬حكم غير‬
‫منشور)‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫وطبقا لمقتضيات الفصل ‪ 666-0‬من القانون الجنائي الذي يعاقب على السب المرتكب ضد امرأة‬
‫بسبب جنسها بغرامة مالية وفقا للتحديد الوارد بها‪ ،‬كما نص الفصل ‪ 652-0‬من القانون الجنائي‬
‫يتضمن الركن المادي لجنحة الطرد من البيت الزوجية يجرم الفعل المذكور‪.‬‬
‫وألجل ذلك قامت املحكمة بمؤاخدة المتهم وبالرغم من أنه أنكر ما نسب إليه‪ ،‬فاملحكمة اعتبرت أن‬
‫تصريح المشتكية كاف للقول بمسؤولية الظنين جنائيا ومؤاخدته‪ ،‬وإن كانت قد جعلت العقوبة‬
‫الصادرة في حقه موقوفة التنفيذ لعدة اعتبارات‪.‬‬
‫ومادام أن الطرد من المسكن كما سبقت اإلشارة إلى كونه مساسا بحق من الحقوق األساسية للفرد‬
‫والحق في السكن واعتداء على حياته الخاصة‪ ،‬فالمشرع اعتبره سلوك إجرامي ومعاقب عليه وهو األمر‬
‫الذي اتضح لنا من خالل هذا الحكم‪.‬‬
‫الش يء الذي يدفعنا للقول بأن هذا الحكم جاء مسايرا كذلك لما نص عليه العهد الدولي الخاص‬
‫بالحقوق المدنية والسياسية الذي نص على التمتع بجميع الحقوق كما أنه أقر للمرأة الحق في الحياة‬
‫والحق في التحرر من كافة أنواع المعامالت القاسية أو الالإنسانية أو الحاطة بكرامتها والطرد من‬
‫المسكن هو انتهاكا لكرامتها‪.‬‬
‫وفي حكم آخرصادرعن املحكمة االبتدائية بوجدة‪ 194‬قض ى بإدانة المتهم من أجل ارتكابه جنحة الطرد‬
‫من بيت الزوجية واالمتناع عن إرجاعها إليه‪ ،‬وعقابه تبعا لذلك ب ‪ 0‬أشهر حبسا موقوفة التنفيذ‬
‫وبغرامة نافذة قدره ‪ 9111‬درهم وبتحميله الصائر وتحديد مدة اإلكراه في ‪ 29‬يوم جاء فيه‪ ":‬حيث إن‬
‫المتهم اعترف تمهيديا باالمتناع عن إرجاع زوجته إلى بيت الزوجية نظرا للمبررات التي تمسك بها والمشار‬
‫إليها أعاله‪ ،‬وهي أسباب ال تبرر ما قام به‪ ،‬لذلك فالجنحة التي يتابع من أجلها في الشق المتعلق باالمتناع‬
‫ثابتة في حقه‪ ،‬مما يتعين الحكم بإدانته وعقابه من أجلها؛ وحيث إن واقعة الطرد من بيت الزوجية غير‬
‫ثابتة بدليل مقبول‪ ،‬وتصريحات المشتكية وحدها ال تعتبر مثبتة لها ‪ ،‬مما يتعين أمام إنكار المتهم الحكم‬
‫ببراءته منه؛ وحيث إنه نظرا لعدم سوابق المتهم‪ ،‬فإن املحكمة ارتأت تمتيع المتهم بميزة إيقاف العقوبة‬
‫الحبسية طبقا للفصل ‪ 99‬من القانون الجنائي‪ ،‬وحيث يتعين تحميل المتهم الصائر"‪.‬‬
‫وبالتالي يتضح أن القضاء ال يتردد في مؤاخدة المتهم كلما ثبت لديه واقعة طرد الزوجة أو االمتناع عن‬
‫ارجاعها‪ ،‬ولحماية النساء ضحايا هذا النوع من الجرائم بل األكثر من ذلك نجده أحيانا يكتفي بأقوال‬
‫المشتكية كأساس للقول بثبوت األفعال المتابع من شأنها المتهم‪.‬‬

‫‪194‬حكم المحكمة االبتدائية بوجدة‪ ،‬حكم رقم ‪ ،222‬ملف رقم ‪ ،6022/6222/102‬الصادر بتاريخ ‪( ،6022/22/26‬حكم غير منشور)‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬جريمتي العنف ضد امرأة والتحرش الجنس ي‬
‫سيتم التطرق من خالل هذه الفقرة لجريمة العنف ضد المرأة {أوال} ثم جريمة التحرش الجنس ي {ثانيا}‬
‫أوال‪ :‬جريمة العنف ضد امرأة‬
‫بموجب قانون محاربة العنف ضد النساء تم تشديد عقوبة العنف متى ارتكب الفعل أو اإليذاء ضد‬
‫امرأة بسبب جنسها أو ضد امرأة حامل‪ ،‬إذا كان حملها بينا أو معلوما لدى الفاعل‪ ،‬أو في وضعية إعاقة‬
‫أو معروفة بضعف قواها العقلية‪ ،‬أو ضد أحد األصول أو ضد كافل أو ضد زوج أو خاطب‪ ،‬أو ضد‬
‫شخص له والية أو سلطة عليه أو مكلف برعايته أو ضد طليق أو بحضور أحد األبناء أو أحد الوالدين‪.‬‬
‫ومن التطبيقات القضائية لهذا المقتض ى الحكم الصادرعن املحكمة االبتدائية بوجدة‪ 195‬الذي قض ى‬
‫بإدانة المتهم من أجل ارتكابه لجنحتي الضرب والجرح والعنف في حق امرأة وعقابه تبعا لذلك ‪...‬بغرامة‬
‫نافذة قدرها ‪ 911‬درهم مع الصائر واإلجبار في الحد األدنى بالرغم من إنكاره لما نسب إليه فإن‬
‫تصريحات الضحية التي كانت مؤيدة بتصريحات المصرحتين التي أفادت قيامه بتعنيف الضحية‪ ،‬مما‬
‫تعين معه الحكم بإدانته وعقابه‪.‬‬
‫والحكم الصادر عن املحكمة االبتدائية بالعرائش‪ 196‬الذي قض ى بإدانة منهم بجنحة العنف في حق‬
‫امرأة بسبب جنسها‪ ،‬ومعاقبته بشهرين حبسا نافدا‪ ،‬وغرامة مالية نافدة قدرها ألف درهم‪ ،‬وبمنعه من‬
‫االتصال بالضحية أو االقتراب من مكان تواجدها لمدة سنة واحدة ابتداء من تاريخ انتهاء العقوبة‬
‫الحبسية املحكوم بها عليه‪ ،‬وفي الدعوى المدنية التابعة بأداء المتهم المدان لفائدة المطالبة بالحق‬
‫المدني تعويضا مدنيا إجماليا قدره (‪ 1111‬درهم وتحميله الصائر‪ ،‬وكان املحكوم عليه قد اعترف أمام‬
‫املحكمة بأنه صفع المشتكية‪ ،‬بعدما دخل معها في خالف وأدلت المشتكية بشهادة طبية تتجاوز مدة‬
‫العجز فيها ‪ 11‬يوما‪.‬‬
‫وقضت املحكمة االبتدائية بوجدة‪ 197‬بإدانة متهم من أجل العنف في حق امرأة بسبب جنسها‪ .‬بعدما‬
‫اعترف قضائيا بصفع زوجته على إثر دخوله في خالف معها‪ ،‬وأمام تنازل الزوجة عن شكايتها‪ ،‬ارتأت‬
‫املحكمة تمتيعه بظروف التخفيف ومعاقبته بغرامة نافذة قدرها خمسمائة درهم‪ ،‬وبخضوعه لعالج‬
‫نفس ي مالئم لمدة ستة أشهر‪.‬‬
‫وقد أقرت املحكمة االبتدائية بوجدة‪ 198‬نفس التوجه وقضت في حكم آخر بإدانة المتهم من أجل ما‬
‫نسب إليه من العنف الزوجي‪ ،‬وعقابه بثالثة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ‪ ،‬وبغرامة نافذة قدرها ألف‬

‫‪195‬حكم المحكمة االبتدائية بوجدة‪ ،‬حكم رقم ‪ ،222‬ملف عدد ‪ ،6022/6222/222‬صادر بتاريخ ‪( ،6022/22/26‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪196‬حكم المحكمة االبتدائية بالعرائش‪ ،‬عدد ‪ ،699‬ملف عدد ‪ ،6022/62‬صادر بتاريخ ‪( ،6022/02/66‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪197‬حكم المحكمة االبتدائية بوجدة‪ ،‬ملف ‪ ،6022 /62‬صادر بتاريخ ‪ ،6022/02/66‬مشار إليه لدى أنس سعدون‪ ،‬قانون محاربة العنف‬
‫ضد النساء بالمغرب في ضوء العمل القضائي‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،6060 ،‬الصفحة ‪.26‬‬
‫‪198‬حكم المحكمة االبتدائية بوجدة‪ ،‬ملف ‪ ،6029/6222/121‬صادر بتاريخ ‪ ،6029/22/69‬مشار إليه لدى أنس سعدون‪ ،‬قانون‬
‫محاربة العنف ضد النساء بالمغرب في ضوء العمل القضائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.21‬‬
‫‪106‬‬
‫درهم‪ ،‬وبخضوعه لعالج نفس ي مالئم لمدة ‪ 21‬شهرا‪ ،‬معللة حكمها بأنه‪« :‬نظرا للوثائق التي أدلت بها‬
‫المشتكية‪ ،‬والتي يتبين منها أنها سبقت أن قدمت عدة شكاوى ضد زوجها المتهم في موضوع العنف‬
‫الزوجي‪ ،‬وبالرغم من ذلك يعاود في كل مرة تعنيفها دون أن يكون للتنازالت التي كانت تدلي بها‬
‫أمام العدالة أثرا في وضع حد لسلوكه العنيف اتجاهها ‪ ،‬فإنها ارتأت الحكم بخضوعه لعالج نفس ي على‬
‫يد طبيب متخصص وذلك لمدة ‪ 21‬شهرا‪.‬‬
‫وفي حكم آخرصادرعن املحكمة االبتدائية بالدارالبيضاء‪ 199‬الذي قض ى بإدانة المتهم من أجل ارتكابه‬
‫لجنحة العنف الزوجي والحكم عليه بثالثة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ وغرامة نافذة قدرها ‪ 911‬درهم‬
‫حيث أن المتهم اعترف بما نسب إليه ولكون أن الضابطة القضائية الحظت جرح على جبين المشتكية‬
‫فضال عن الشهادة الطبية المدلى بها‪ ،‬إال أنه نظرا لظروف المتهم االجتماعية قررت املحكمة تمتيعه‬
‫بظروف التخفيف بجعل العقوبة موقوفة التنفيذ‪.‬‬
‫وفي قرارآخرصادرعن محكمة االستئناف بمراكش‪ 200‬الذي أيد الحكم المستأنف القاض ي بمؤاخدة‬
‫المتهم من أجل ارتكابه لجنحة الضرب والجرح بالسالح ضد امرأة والحكم عليه بشهر واحد حبسا‬
‫موقوف التنفيذ وغرامة نافذة قدرها ‪ 911‬درهم‪ ،‬حيث اتضح لها أن الحكم المستأنف صادق الصواب‬
‫فيما قض ى به وأنه جاء معلال تعليال سليما من الناحيتين الواقعية والقانونية الش يء الذي جعلها تتبناه‬
‫وتصرح بتأييده‪ ،‬وذلك بعدما اعتبرت هي األخرى أن جنحة الضرب والجرح بالسالح ضد امرأة ثابتة في‬
‫حق المتهم‪.‬‬
‫ومن بين أهم التطبيقات القضائية الحديثة إلعمال تدابير الحماية في قضايا العنف الزوجي قرارمحكمة‬
‫االستئناف بتازة‪ 201‬الذي أيد حكما ابتدائيا أدان زوجا من جنحة تعنيف زوجته‪ ،‬وجاء في حيثيات القرار‬
‫ما يلي‪ :‬وحيث إن الحكم المستأنف قد صادف الصواب فيما قضاه من إدانة المتهم من أجل الضرب‬
‫والجرح ضد الزوجة أمام تصريحات المشتكية أنه قام بتوجيه عدة ركالت ولكمات إليها والتي جاءت‬
‫منسجمة مع ما وصفته الشهادة الطبية المؤرخة في تزامن مع يوم الواقعة من آثار اعتداء مختلفة على‬
‫أنحاء متباينة من جسمها وما عاينته النيابة العامة أثناء االستماع إلى المشتكية من عدة خدوش على‬
‫مستوى الوجه‪.‬‬
‫وحيث تداولت املحكمة بخصوص تمتيع المتهم بظروف التخفيف وقررت تمتيعه بها نظرا لقساوة الجزاء‬
‫المقرر ودرجة إجرام المتهم‪ ،‬وحيث إنه نظرا لخطورة الفعل الجرمي المرتكب من قبل المتهم قررت‬
‫املحكمة بعد التداول جعل العقوبة الحبسية املحكوم بها على المتهم نافذة في حقه‪ ،‬وحيث تبين أن‬

‫‪199‬حكم المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء‪ ،‬حكم عدد ‪ ،699‬ملف عدد ‪ ،22/6222/622‬الصادر بتاريخ ‪( ،6022/26/02‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ 200‬قرار محكمة االستئناف بمراكش‪ ،‬قرار عدد ‪ ،2221‬ملف عدد ‪ ،6022/6206/6210‬صادر بتاريخ ‪( ،6029/26/02‬غير‬
‫منشور)‪.‬‬
‫‪201‬قرار محكمة االستئناف بتازة‪ ،‬ملف ‪ ،22/6212/19‬صادر بتاريخ ‪ ،6022/20/20‬مشار إليه لدى أنس سعدون‪ ،‬قانون محاربة‬
‫العنف ضد النساء بالمغرب في ضوء العمل القضائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.21‬‬
‫‪107‬‬
‫الضحية تنازلت للمتهم بتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪ 1122‬للحفاظ على بيت الزوجية ثم عادت وتراجعت عن تنازلها‬
‫بتاريخ ‪ 22/1/1122‬نظرا لمعاودته تعنيفها جسديا ومعنويا وتهديدها لها وعائلتها بالقتل والتصفية‬
‫الجسدية‪ ،‬وحيث تداولت املحكمة وقررت منع املحكوم عليه من االتصال بالضحية او االقتراب من مكان‬
‫تواجدها او التواصل معها بأي وسيلة لمدة سنة من تاريخ تبليغه هذا القرار‪ ،‬وحيث تداولت املحكمة‬
‫وقررت خضوع املحكوم عليه خالل مدة سنة لعالج نفس ي مالئم على تدبير الغضب وحسن التواصل ونبذ‬
‫العنف وينفذ هذا التدبير فور توصله بهذا القرار بالرغم من استعمال أي طريق من طرق الطعن»‪.‬‬
‫يمكن القول أن هذا القرار عمل على تطبيق تدبير المنع من االتصال بالضحية‪ ،‬رغم أن المعنف هو‬
‫زوج للمشتكية مما يفيد بإمكانية تطبيق هذا التدبير رغم قيام العالقة الزوجية‪ ،‬كما أنه جمع بين‬
‫تدبيرين هما المنع من االتصال وإيداع املحكوم عليه بمؤسسة للعالج النفس ي‪.‬‬
‫وفي حكم آخر صادر عن املحكمة االبتدائية بوجدة‪ 202‬الذي قض ى بإدانة المتهم من أجل ارتكابه‬
‫لجنحتي العنف في حق المطلقة وخرق تدبير المنع من االتصال بالضحية‪ ،‬وعقابه بشهرين حبسا نافذا‬
‫وبغرامة نافذة قدرها ‪ 1111‬درهم‪ ،‬وبتحميله الصائر وتحديد مدة اإلجبار في الحد األدنى‪ ،‬جاء في أسباب‬
‫هذا الحكم كون أن المشتكية أدلت بشهادة طبية وأفادت بأنها تعرضت للعنف من طليقا المتهم أثناء‬
‫خروجها من جلسة املحكمة كرد فعل منه على عدم قبوله للحكم الصادر في حقه‪ ،‬واملحكمة تعتبر ذلك‬
‫قرينة على ثبوت الفعل المنسوب إليه‪.‬‬
‫كما أن المتهم قد منع من التواصل مع المشتكية بشكل نهائي باستثناء ما يتعلق بالحق في صلة الرحم‬
‫باألبناء‪ ،‬ولما كان المتهم قد ثبت في حقه ارتكابه للعنف في حق طليقته‪ ،‬فهو بذلك خرق المنع املحكوم‬
‫به‪.‬‬
‫فالهدف من المنع هو تقرير حماية للمرأة الضحية وذلك بدفع كل خطر مستقبلي لم يتحقق بعد‪،‬‬
‫وحسنا فعل المشرع عندما قرر العقوبة الواجبة التطبيق في حالة خرق هذا التدبير وهو ما نستشفه‬
‫من خالل الفصل ‪ 222-0‬من القانون الجنائي والذي ينص على أنه‪ ":‬يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى‬
‫سنتين وغرامة من ‪ 1.111‬إلى ‪ 11.111‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ ،‬من خرق تدبير المنع من‬
‫االتصال بالضحية أو االقتراب منها أو التواصل معها بأي وسيلة‪ ،‬أو رفض الخضوع لعالج نفس ي مالئم‬
‫تطبيقا للفصول ‪ 22-2‬و‪ ".22-0‬وهو ما أخد به هذا الحكم حيث اعتبر أن خرق المتهم لتدبير المنع من‬
‫االتصال بالضحية يتعين معه إدانة المتهم وعقابه‪.‬‬
‫وإذا كانت هذه األحكام والقرارات القضائية في مجملها تقض ي بمؤاخدة المتهم‪ ،‬وإن كانت العقوبة‬
‫المقررة قليلة مقارنة بالفعل المرتكب والتي تتراوح بين شهر و ‪ 0‬أشهر مع األخذ بوفق تنفيذ هذه العقوبة‬
‫ومراعاة الظروف االجتماعية وانعدام السوابق القضائية‪ ،‬في المقابل نجد مجموعة من التطبيقات‬

‫‪202‬حكم المحكمة االبتدائية بوجدة‪ ،‬رقم ‪ ،22‬ملف جنحي رقم ‪ ،6022/6222/102‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬فبراير ‪( ،6060‬غير‬
‫منشور)‪.‬‬
‫‪108‬‬
‫القضائية تقض ي بالبراءة‪ ،‬نذكر حكم املحكمة االبتدائية بالصويرة‪ 203‬الذي قض ى بعدم مؤاخدة‬
‫المتهمم والتصريح ببراءته لكونه انكر تعريض زوجته المشتكية للعنف وألجل ذلك وعمال بمبدأ البراءة‬
‫هي األصل وأن الشك يفسر لصالح المتهم تم الحكم ببراءته‪.‬‬
‫وفي نفس التوجه ذهبت املحكمة االبتدائية بالدار البيضاء‪ 204‬إلى القول بعدم مؤاخدة المتهم والحكم‬
‫ببراءته حيث هو اآلخر أنكر المنسوب إليه وبالرغم من إدالء المشتكية بشهادة طبية إال أن املحكمة‬
‫اعتبرتها عاجزة عن نسبة الفعل الجرمي للمتهم األمر الذي يجعل المنسوب إليه منعدم‪.‬‬
‫وفي حكم آخر صادر عن نفس املحكمة‪ 205‬والذي جاء فيه كون أن المشتكية تقدمت بشكاية مفادها‬
‫أنها تعرضت للعنف من قبل زوجها مدلية بشهادة طبية مدة العجز فيها ‪ 11‬يوما ومرفقة بصور‬
‫فوتوغرافية‪ ،‬إال أن المتهم أنكر المنسوب إليه‪ ،‬وتبعا لذلك املحكمة اعتبرت إنكار المتهم وأن الشهادة‬
‫الطبية والصور المدلى بها وإن كانت تثبت الضرر فإنها تبقى عاجزة عن نسبة الفعل الجرمي للمتهم‪،‬‬
‫األمر الذي يجعل المنسوب إليه منعدم اإلثبات‪.‬‬
‫وعموما يمكن القول أن العنف ضد الزوجة يصطدم بمجموعة من اإلكراهات‪ ،‬من قبيل صعوبة إثبات‬
‫الزوجة تعرضها للعنف‪ ،‬وحتى في الحاالت التي تقض ي املحكمة بمؤاخدة المتهم نجد أن العقوبة المقررة‬
‫غير متناسبة مع الضرر من جهة‪ ،‬فضال عن عدم تمكينها في بعض الحاالت من ممارسة حقها بالمطالبة‬
‫بالتعويض‪.‬‬
‫في هذا الصدد يمكن القول كون أن القضاء يأخد بعين االعتبار الحفاظ على كيان األسرة‪ ،‬إال أن هذا‬
‫األمر من شأنه عدم تحقيق الردع بل سيساهم في ظاهرة العود والتمادي في تعنيف الزوجة وارتباطا‬
‫بهدف المشرع أال وهو الحفاظ على كيان األسرة فيجب أن تتجه التطبيقات القضائية إلى الحكم في هذا‬
‫النوع من الجرائم بعقوبات بديلة بما يتماش ى مع ما تم األكيد عليه في ميثاق إصالح منطومة العدالة‬
‫(يوليوز ‪ 1120‬في الهدف الفرعي السابع ضمن الهدف الرئيس ي الرابع المتعلق باالرتقاء بفعالية ونجاعة‬
‫القضاء على ضرورة تشجيع اللجوء إللى الوسائل البديلة لحل المنازعات وذلك من خالل عدة آليات‬
‫منها إقرار بدائل للدعوى العمومية خارج القضاء الزجري كالصلح والوساطة بشأن بعض الجرائم‪.‬‬
‫وهو ما تم إغفاله بموجب القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء حيث تم التغاض ي على‬
‫هذا التوجه واكتفى المشرع بالعقوبات التقليدية كالحبس والغرامة‪ ،‬كما نلمس من خالل هذا القانون‬
‫المبالغة في طبيعة العقوبات مع العلم أن هذه التوجهات ال تقض ي بتشديد العقاب على هو وارد في هذا‬

‫‪203‬حكم المحكمة االبتدائية بالصويرة‪ ،‬رقم ‪ ،620‬ملف جنحي عادي عدد ‪ ،6022/6222/222‬الصادر بتاريخ ‪( ،6022/26/62‬غير‬
‫منشور)‪.‬‬
‫‪204‬حكم المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء‪ ،‬عدد ‪ ،622‬ملف جنحي عدد ‪ ،22/6222/620‬الصادر بتاريخ ‪( ،6022/26/60‬غير‬
‫منشور)‪.‬‬
‫‪205‬حكم المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء‪ ،‬عدد ‪ ،622‬ملف جنحي عدد ‪ ،22/6222/606‬الصادر بتاريخ ‪( ،6022/22/02‬غير‬
‫منشور)‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫القانون وتقض ي بعقوبات أخف وإذا كان الهدف من ذلك هو الحفاظ على كيان األسرة فينبغي األخذ‬
‫بالعقوبات البدلية مما في ذلك من ردع لمرتكبي هذه األفعال من جهة وحماية الضحايا من جهة أخرى‬
‫وتحقيق الهدف بالحفاظ على األسرة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جريمة التحرش الجنس ي‬


‫تعتبر المقتضيات المتعلقة بتجريم التحرش الجنس ي من بين أهم المستجدات التي أقرها قانون‬
‫‪ ،210.20‬والذي وسع من دائرة تجريم التحرش الجنس ي ليشمل باإلضافة إلى الصورة التقليدية‪،‬‬
‫المتمثلة في تحرش الرئيس بمرؤوسته‪ ،‬كل حاالت اإلمعان في مضايقة الغير ألغراض جنسية‪ ،‬وهكذا‬
‫نص الفصل ‪ 822-0-0‬على ما يلي‪« :‬يعتبر مرتكبا لجريمة التحرش الجنس ي ويعاقب بالحبس من شهر‬
‫واحد إلى ستة أشهر وغرامة من ‪ 1.111‬إلى ‪ 21.111‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أمعن في‬
‫مضايقة الغير في الحاالت التالية‪:‬‬
‫في الفضاءات العمومية أو غيرها‪ ،‬بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو ألغراض جنسية‬
‫بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيالت أو صور ذات طبيعة جنسية أو ألغراض‬
‫جنسية‪.‬‬
‫تضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الفعل زميال في العمل أو من األشخاص المكلفين بحفظ النظام واألمن‬
‫في الفضاءات العمومية أو غيرها‪".‬‬
‫كما نص الفصل ‪ 822-0-2‬على أنه‪ ":‬يعاقب بالحبس من ثال إلى خمس سنوات وغرامة من ‪ 9.111‬إلى‬
‫‪ 91.111‬درهم‪ ،‬إذا ارتكب التحرش الجنس ي من طرف أحد األصول أو املحارم أو من له والية أو سلطة‬
‫على الضحية أو مكلفا برعايته أو كافال له‪ ،‬أو إذا كان الضحية قاصرا"‪ .‬إال أنه على مستوى التطبيق‬
‫العملي تم رصد عدة إشكاليات أولية في تطبيق النص‪ ،‬من قبيل عدم تحديد المقصود بعبارة «اإلمعان»‪،‬‬
‫وما إذا كانت تقتض ي بالضرورة تكرار الفعل‪ ،‬ومدة زمنية لتحقيق هذا الفعل وتكراره‪.‬‬
‫ويالحظ بأن جانبا من االجتهاد القضائي يعتمد في تحديد عنصر اإلمعان على السياق العام الذي تم فيه‬
‫فعل التحرش‪ ،‬خاصة إذا كان مصحوبا بأفعال أخرى‪ ،‬كالتحريض على الفساد‪ ،‬أو السب أو القذف في‬
‫حق امرأة‪ ،‬أو العنف‪ ،‬أو السكر العلني أو استهالك املخدرات‪.‬‬
‫وهكذا قضت املحكمة االبتدائية بالسمارة‪ 206‬بإدانة متهم من أجل جنحة التحرش الجنس ي ومعاقبته‬
‫بسنة حبسا نافذا وغرامة مالية نافذة قدرها ‪ 2111‬درهم‪ ،‬بعدما كان في حالة سكر طافح وتوجه إلى‬

‫‪206‬حكم المحكمة االبتدائية بالسمارة‪ ،‬عدد ‪ ،6022/99‬في الملف عدد ‪ ،60222/6202/96‬الصادر بتاريخ ‪ ،6022/02/22‬مشار‬
‫إليه لدى أنس سعدون‪ ،‬قانون ‪ 201321‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء بعد سنتين من التطبيق قراءة في ضوء تقرير رئاسة النيابة‬
‫‪110‬‬
‫منزل الضحية ليال‪ ،‬وتحرش بها‪ ،‬وحينما حاولت ثنيه عن فعلته‪ ،‬عرضها للعنف مسببا لها عجزا تتجاوز‬
‫مدته ‪ 11‬يوما‪.‬‬
‫كما أدانت املحكمة االبتدائية بالخميسات‪ 207‬شخصا من أجل التحرش الجنس ي‪ ،‬وقضت في حقه‬
‫بعقوبة شهرين حبسا نافذا وغرامة مالية نافذة ‪ 2111‬درهم‪ ،‬وبأدائه للضحية تعويضا مدنيا قدره‬
‫‪ 21.111‬درهما‪ ،‬وذلك بعدما تبين للمحكمة أن المتهم كلما احتس ى الخمر إال ويقوم بالتحرش بالمشتكية‬
‫ويتغزل بها جنسيا ويعمد إلى مضايقتها بالشارع العام متسببا لها في إحراج دائم سواء أمام عائلتها أو‬
‫جيرانها وذلك بشكل إرادي متعمد عن طريق أقوال وإشارات ذات إيحاءات جنسية‪ ،‬وقد اعترف المتهم‬
‫في محضر الشرطة بذلك مؤكدا أنه يقوم بالتحرش بالمشتكية جنسيا بسبب حبه لها‪ ،‬األمر الذي يدفعه‬
‫إلى التغزل بها وبقوامها‪ ،‬وقد سبق وتقدم لخطبتها غير أنها ترفضه‪.‬‬
‫والمالحظ بهذا الخصوص أن املحكمة لم تعمد إلى تطبيق تدابير الحماية المقررة قانون ‪210.20‬‬
‫وباألخص تدبيري المنع من االقتراب أو االتصال بالضحية‪ ،‬كما أن دفاع الضحيتين في المثالين‬
‫السابقين لم يطلبا ذلك‪.‬‬
‫وفي حكم آخرصادرعن املحكمة االبتدائية بوجدة‪ 208‬والذي أدانت فيه المتهم من أجل ارتكابه لجنحة‬
‫التحرش الجنس ي وعقابه تبعا لذلك بشهرين حبسا نافذة وبغرامة قدرها ‪ 0111‬درهم وبتحميله الصائر‬
‫وتحديد مدة اإلكراه في الحد األدنى وبأدائه لفائدة المطالبة بالحق المدني تعويض عن الضرر قدره‬
‫‪ 9111‬درهم وبتحمله الصائر وتحديد مدة اإلكراه في ‪ 21‬أيام‪.‬‬
‫جاء في وقائع هذا الملف كون أن المشتكية تعرضت للتحرش الجنس ي بواسطة إيحاءات جنسية وذلك‬
‫بحضور الشاهدة‪ ،‬واملحكمة اعتبرت تصريحاتها مؤيدة بتصريحات المصرحة التي أفادت فيها بأنها كانت‬
‫شاهدة أثناء قيام المتهم بفعل التحرش‪ ،‬وبالرغم من تنصيب المتهم لدفاع لمؤازرته إال أن املحكمة‬
‫اعتبرت أنه مجرد إشارة أو فعل ذو طبيعة جنسية كاف للقول بإدانته وعقابه‪ ،‬ونظرا لما تسبب فيه هذا‬
‫الفعل من ضرر معنوي ونفس ي قضت بتعويضها عن تلك األضرار‪.‬‬
‫وبالرجوع للفصل ‪ 822-0-0‬من القانون الجنائي فإنه يعتبر مرتكبا لجريمة التحرش الجنس ي ويعاقب‬
‫بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من ‪ 1111‬إلى ‪ 2111‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل‬
‫من أمعن في مضايقة الغير في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -2‬في الفضاءات العمومية أو غيرها‪ ،‬بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو ألغراض جنسية‪...‬‬

‫العامة لسنة ‪ 6022‬والعمل القضائي‪ ،‬مقال منشور بمجلة ابن خلدون للدراسات القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬العدد ‪ ،02‬ماي‬
‫‪ ،6062‬الصفحة ‪.616‬‬
‫‪207‬حكم المحكمة االبتدائية بالخميسات‪ ،‬عدد ‪ ،612‬في الملف عدد ‪ ،6029/610‬الصادر بتاريخ ‪ ،6029/20/20‬مشار إليه لدى نفس‬
‫المرجع‪.‬‬
‫‪208‬حكم المحكمة االبتدائية بوجدة‪ ،‬حكم رقم ‪ ،212‬ملف جنحي عدد ‪ ،6029/6222/22‬الصادر بتاريخ ‪( ،6022/26/20‬غير‬
‫منشور)‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫وبرجوعنا لإلعالن العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة نجده نص في المادة الثانية منه ‪209‬نجدها‬
‫جاءت ببعض أنواع للعنف ومن ضمنها العنف الجنس ي‪ ،‬كما أنه دعا الدول للتصدي للعنف ونهج‬
‫سياسة تستهدف القضاء على العنف ضد المرأة‪.‬‬
‫وتبعا لما تم بسطه يمكن القول أن حكم املحكمة جاء مسايرا لما نص عليه الفصل ‪ 910-2-2‬من‬
‫القانون الجنائي وكذا لما جاء به اإلعالن العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة كما اتضح أن هذا‬
‫الحكم أخد بتصريحات المشتكية للقول بإدانة المتهم والحكم عليه بالتعويض عما لحق الضحية من‬
‫أضرار‪ ،‬إال أنه ما يعاب على هذا الحكم كونه لم يتضمن أي تدبير من تدابير الحماية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دورالعمل القضائي في حماية األطفال ضحايا العنف‬


‫يتعرض األطفال ألشكال مختلفة من العنف‪ ،‬ومادام أن الطفل عاجز عن مجابهة املخاطر التي تحدق‬
‫به‪ ،‬تدخل المشرع الجنائي فجرم العديد من األفعال كما وفر له الحماية من أي نوع من أنواع الضرر أو‬
‫اإلساءة أو اإلهمال‪ ،‬أو اإليذاء الجسدي‪ ،‬أو اإلساءة النفسية‪ ،‬أو االستغالل الجنس ي‪...‬‬
‫فالقضاء الزجري يقوم بدور مهم عندما يتبنى المعايير الدولية لمكافحة هذه الظاهرة خالل فترة‬
‫املحاكمة‪ ،‬ويلتزم المبادئ الدستورية المتعلقة بضمان الحق في التقاض ي‪ ،‬والتحقيق في أفعال العنف‬
‫المرتكبة‪ ،‬ومعاقبة مرتكبي هذه األفعال‪.‬‬
‫ولمالمسة دور القضاء في حماية األطفال ضحايا العنف سيتطلب األمر االستدالل باألحكام والقرارت‬
‫الصادرة في هذا الشأن ومناقشتها وتحليلها وسيتم االقتصار في هذا الصدد على بعض التطبيقات‬
‫القضائية التي تتعلق بجريمة العنف ضد قاصر {الفقرة األولى} وجريمة اإليذاء النفس ي ضد قاصر‬
‫ومحاولة شراء طفل {الفقرة الثانية}‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬العنف ضد قاصر‬
‫تهدف اتفاقية حقوق الطفل لسنة ‪ 0151‬إلى وضع معايير دولية لحماية األطفال من كافة صور اإلساءة‪،‬‬
‫فقد أكدت االتفاقية بموجب المادة ‪ 01‬منها على أنه يجب على الدول األطراف أن تتخذ جميع التدابير‬
‫الالزمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو اإلساءة البدنية أو العقلية واإلهمال أو‬
‫المعاملة المنطوية على إهمال‪ ،‬أو إساءة المعاملة‪.‬‬
‫كما تحظر االتفاقية أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة‪ ،‬وأي مساس بشرفه أو‬
‫سمعته وللطفل الحق في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أو المساس‪.‬‬

‫‪ 209‬راجع المادة الثانية من اإلعالن العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة‪.‬‬


‫‪112‬‬
‫كما أنه يعاقب من سنة إلى ثال سنوات كل من ضرب أو جرح عمدا طفال دون الخامسة عشرة سنة من‬
‫عمره أو ارتكب عمدا ضده أي نوع من العنف أو اإليذاء وهذا نص عليه الفصل ‪ 212‬من القانون‬
‫الجنائي‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار صدرت مجموعة من األحكام تقض ي بإدانة مرتكبي العنف في حق قاصر‪ ،‬نذكر حكم‬
‫صادر عن املحكمة االبتدائية بوجدة‪ 210‬الذي قض ى بإدانة المتهمة من أجل ارتكابها لجنحة العنف في‬
‫حق قاصر‪ ،‬حيث اعترفت بتعنيف ابنتها عن طريق العض وعقابها تبعا لذلك بشهر واحد حبسا موقوف‬
‫التنفيذ‪ ،‬مع تحميلها الصائر وتحديد مدة اإلكراه في الحد األدنى‪.‬‬
‫جاء في أسباب هذا الحكم‪" :‬حيث أنها اعترفت بتعنيف القاصرة بواسطة العض وأنه نظرا لقساوة‬
‫العقوبة المقررة في الفصل ‪ 212‬من القانون الجنائي (الحبس من سنة إلى ثال سنوات‪ ،‬ارتأت املحكمة‬
‫تمتيعها بظروف التخفيف طبقا للفصل ‪ 221‬من القانون الجنائي‪ ،‬ونظرا لعدم سبقية الحكم عليها‬
‫بالحبس من أجل جناية أو جنحة تم تمتيعها بميزة إيقاف العقوبة الحبسية طبقا للفصل ‪ 99‬من نفس‬
‫القانون‪".‬‬
‫وفي حكم آخر صادر عن نفس املحكمة تمت إدانة المتهمة بمقتضاه بشهرين حبسا موقوفة التنفيذ‬
‫وبتحميلها الصائر وبأدائها لفائدة المطالبة بالحق المدني تعويض عن الضرر قدره ‪ 9111‬درهم‪ ،‬جاء في‬
‫حيثيات هذا الحكم كون أن المشتكية تقدمت بشكاية نيابة عن ابنتها‪ ،‬أفادت كون أن هذه األخيرة‬
‫تعرضت للعنف بواسطة ضرب رأسها مع الحائط من طرف زوجة والدها‪ ،‬وقد عرضتها على الطبيب ومنح‬
‫لها شهادة طبية تتضمن عجزا مدته ‪ 11‬يوما‪ ،‬إال أن المتهمة أنكرت ما نسب إليها‪ ،‬وبالرغم من ذلك‬
‫املحكمة اعتبرت أن ما جاء في إفادة القاصرة من تعرضها للعنف قرينة على ثبوت الفعل المنسوب إلى‬
‫المتهمة‪ ،‬ويؤيد ذلك اإلدالء في الملف بشهادة طبية‪.‬‬
‫ومن خالل ما تم بسطه يتضح أن املحكمة لم تأخذ إنكار المتهمة بعين االعتبار ووفقا لسلطنها في تكوين‬
‫قناعتها اعتبرت أن ما جاء في إفادة القاصرة كاف للقول بمتابعة المتهمة من أجل ارتكابها لجنحة العنف‬
‫في حق قاصر‪ ،‬إال أن املحكم في هذا الصدد لم تقرر أي تدبير من تدابير الحماية خاصة وأن المتهمة هي‬
‫زوجة أب القاصرة‪ ،‬كما أنها تسكن معها كما جاء في وقائع الحكم‪ ،‬كان من األجدر التنصيص على تدبير‬
‫منع املحكوم عليه من االتصال بالضحية أو االقتراب من مكان تواجدها‪.‬‬
‫وفي حكم آخرصادرعن نفس املحكمة تمت إدانة المتهمة من أجل ارتكابها لجنحة العنف في حق قاصر‬
‫وذلك بتعريض القاصرة للعنف والضرب بواسطة عصا خشبي مع الركل والشد من الشعر والسب‬

‫‪210‬حكم المحكمة االبتدائية بوجدة‪ ،‬حكم رقم ‪ ،219‬ملف رقم ‪ ،6022/6221/26‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪( ،6022‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫بالفاحش من العبارات وعقابها تبعا لذلك بأربعة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ نظرا لسبقية الحكم عليها‬
‫بالحبس من أجل جناية أو جنحة‪.211‬‬
‫وفي قضية أخرى‪ 212‬تمت إدانة المتهم بستة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ وبغرامة نافذة قدرها ‪2111‬‬
‫درهم الرتكابه لجنحة العنف في حق قاصر وذلك بإصابة القاصر على مستوى فخذه وهو مايعتبر عنفا‬
‫عمديا‪.‬‬
‫من خالل ما تم بسطه يتضح أن املحكمة تقض ي بعقوبات أخف مقارنة مع ما جاء به الفصل ‪ 212‬من‬
‫القانون الجنائي الذي يحدد العقوبة من سنة إلى ‪ 0‬سنوات‪ ،‬فاألحكام التي بين أيدينا تتراوح فيها العقوبة‬
‫من شهر إلى ‪ 1‬أشهر كأقص ى عقوبة بخصوص جنحة العنف في حق قاصر‪ ،‬كما أنها تقض ي بتمتيع المتهم‬
‫عالوة على ظروف التخفيف بميزة إيقاف العقوبة الحبسية‪.‬‬
‫فهي تتجه إلى الحكم بالعقوبات السالبة للحرية القصيرة األمد وإذا كان األمر يتعلق بجرائم العنف ضد‬
‫هذه الفئة الغير القادرة عل ى مواجهة ما تتعرض إليه من عنف األمر الذي يفرض تشديد العقوبة في‬
‫حق مرتكبي هذه الجرائم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬جريمة اإليذاء النفس ي ضد قاصرومحاولة شراء طفل‬


‫سيتم التطرق من خالل هذه الفقرة لجريمة اإليذاء النفس ي ضد قاصر {أوال} ثم محاولة شراء طفل‬
‫{ثانيا}‬
‫أوال‪ :‬جريمة اإليذاء النفس ي ضد قاصر‬
‫أصدرت املحكمة االبتدائية بوجدة‪ 213‬اجتهادا قضائيا حديثا يعتبر االيذاء النفس ي ضد قاصر جريمة‬
‫يعاقب عليها القانون تماما مثل اإلساءة الجسدية طبقا للفصل ‪ 212‬من القانون الجنائي‪ ،‬ويمكن أن‬
‫تأخد اإلساءة النفسية لألطفال أشكاال عديدة مثل اإلهانات التهديدات اللفظية‪ ،‬الرعب‪ ،‬الترهيب‬
‫واإلذالل‪.‬‬
‫وقضت املحكمة بمؤاخدة المتهمة من أجل المنسوب إليها وعقابها بشهر واحد حبسا موقوف التنفيذ‬
‫وغرامة قدرها ‪ 911‬درهم مع الصائر واإلجبار في الحد األدنى‪.‬‬

‫‪211‬حكم المحكمة االبتدائية بوجدة‪ ،‬حكم رقم ‪ ،212‬ملف رقم ‪ ،6022/6221 /62‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪( ،6022‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪212‬حكم المحكمة االبتدائية بوجدة‪ ،‬حكم رقم ‪ ،222‬ملف رقم ‪ ،6022/6221/11‬الصادر بتاريخ ‪ 26‬نونبر ‪( ،6022‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪213‬حكم المحكمة االبتدائية بوجدة‪ ،‬حكم عدد ‪ ،11‬ملف جنحي رقم ‪ ،2322.2333.32‬الصادر بتاريخ ‪،2323/30/32‬‬
‫منشور بموقع مغرب القانون‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫وقد جاء في تعليل الحكم أنه‪ ":‬حيث تابعت النيابة العامة المتهمة من أجل جنحة االيذاء في حق قاصر‬
‫والسب والشتم األفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول ‪ 220‬و‪ 222‬و‪ 211‬و‪ 212‬من القانون‬
‫الجنائي‪.‬‬
‫وحيث يعاقب طبقا للفصل ‪ 212‬من مجموعة القانون الجنائي بالحبس من سنة إلى ثال سنوات كل‬
‫من جرح أو ضرب عمدا طفال الخامسة عشرة من عمره أو تعمد حرمانه من التغذية أو العناية‪ ،‬حرمانا‬
‫يضر بصحته‪ ،‬أو ارتكب عمدا ضد هذا الطفل أي نوع آخر من العنف أو اإليذاء‪ ،‬فيما عدا اإليذاء دون‬
‫الخفيف‪.‬‬
‫وحيث تخلفت المتهمة عن الحضور أمام هيئة املحكمة رغم استدعائها دون جدوى‪ ،‬مما يتعين االكتفاء‬
‫بتصريحاتها التمهيدية الموثوق بها عمال بنص المادة ‪ 121‬من قانون المسطرة الجنائية والتي أكدت فيها‬
‫أنها أنه عاد ابنها القاصر و مالبسه ملطخة بالتراب وعند استفساره عن األمر أخبرها بأن الشاكي قام‬
‫بإسقاطه أرضا ‪ ،‬فتوجهت للحي من أجل التكلم مع الشاكي إال أنه قام بالهروب منها و عندما ملحته فقامت‬
‫بمالحقته للمنزل‪ ،‬وعند طرقه للباب بالقوة قام القاصر بفتح الباب الرئيس ي للمنزل فقامت بسبه وشتمه‬
‫و الصراخ في وجهه و تأنيبه عما فعله البنها القاصر فتدخلت شقيقة القاصر التي أخبرتها بأن شقيقها‬
‫لم يقم بتعنيف ابنها ‪ ،‬وعلى إثر ذلك قامت بلطخ الباب الرئيس ي بالقوة وتوجهت بعدها لمنزلها‪ ،‬نافيا أن‬
‫تكون قد عرضته للعنف الجسدي‪.‬‬
‫وبالرجوع للمادة ‪ 27‬من اتفاقية حقوق الطفل لسنة ‪ 0151‬تنص على تكفل الدول األطراف‪ :‬أال يعرض‬
‫أي طفل ‪ ...‬أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو المهنية‪.‬‬
‫وحيث يقصد بالعنف ضد األطفال بأنه كل سلوك كان لفظي أو غير لفظي وفيه إساءة للطفل‪ ،‬تؤدى‬
‫حتما إلى اضطرابات نفسية‪ ،‬والشعور بالنقص وفقدان الثقة في نفسه‪ ،‬من خالل إشارات أو عبارات‬
‫لفظية سيئة أو جارحة أو مهينة‪ ،‬وقد يشمل أيضا تهديدات تسبب في أضرار جسدية مرئية ولكنه يسبب‬
‫ألما في نفس الضحية‪ ،‬ويظل جريمة مثل اإليذاء الجسدي‪.‬‬
‫يمكن القول أن هذا الحكم جاء مسايرا لالتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب وفي مقدمتها‬
‫اتفاقية حقوق الطفل لسنة ‪ 0151‬والتي تنص في دباجتها على أنه‪ ... ":‬أن األمم المتحدة قد أعلنت في‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان أن للطفولة الحق في رعاية ومساعدة خاصتين‪ ،‬واقتناعا منها بأن األسرة‬
‫باعتبارها الوحدة األساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو ورفاهية جميع أفرادها وبخاصة األطفال‪،‬‬
‫ينبغي أن تولى الحماية والمساعدة الالزمتين لتتمكن من االضطالع الكامل بمسؤولياتها داخل املجتمع‬
‫‪."...‬‬
‫كما نصت في المادة ‪ 02‬على أن تكفل الدول األطراف أال يعرض أي طفل أو غيره من ضروب المعاملة‬
‫أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو المهينة‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫وهذا ما اعتمدته املحكمة في تعليلها‪ ،‬إذ يالحظ أن املحكمة كونت قناعتها بناء على وسائل إثبات متنوعة‬
‫من بينها تصريحات المدعى عليها التي اعترفت بتعريضها الطفل التوبيخ والتأنيب نتيجة حالة الغضب‬
‫التي كانت عليها‪ ،‬فضال عن التقرير الطبيب النفس ي الذي كان يواكب حالته النفسية‪.‬‬
‫وإن كانت املحكمة صائبة في مؤاخدة المتهمة وعقابها جراء االيذاء النفس ي ضد قاصر‪ ،‬مما يتبين معه‬
‫السير الواضح لالجتهاد القضائي في توسيع الحماية المقررة للطفل‪.‬‬
‫إال أن املحكمة لم تقرر في هذه النازلة أي تدبير من تدابير الحماية المقررة في القانون ‪ 210.20‬المتعلق‬
‫بمحاربة العنف ضد النساء من قبيل المنع من االتصال أو االقتراب بالضحية رغم أن المتهمة تسكن في‬
‫نفس الحي الذي يقيم فيه الطفل المشتكي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬محاولة شراء طفل‪:‬‬


‫بناء على انضمام المملكة المغربية سنة ‪ 1112‬إلى البروتوكول الملحق باالتفاقية الدولية لمنع الجريمة‬
‫المتعلق باإلتجار بالبشر خاصة النساء واألطفال‪ ،‬ودخول البروتوكول المذكور حيز التنفيذ بالنسبة‬
‫للمملكة منذ ‪ 19‬ماي ‪ ،1122‬حيث صارت المملكة المغربية ملزمة دستوريا بتطبيقه‪ ،‬وعلى إثر صدور‬
‫القانون رقم ‪ 12.22‬المتعلق بمكافحة اإلتجار في البشر‪.214‬‬
‫وعلى اعتبار أن االتجار بالبشر صورة من صور الرق في الزمن الحديث‪ ،‬تضرب األمن البشري وأمن‬
‫الدولة تستهدف فئة النساء واألطفال‪ ،‬وأن المغرب ليس في مأمن من هذه الجريمة وتداعياتها‬
‫املختلفة‪.215‬‬
‫وعمال باتفاقية حقوق الطفل لسنة ‪ 0151‬التي منعت البيع واالتجار باألطفال حيث نصت على أنه‬
‫يجب على الحكومات حماية األطفال والتأكد من أن األطفال ال يتعرضون لالختطاف أو البيع أو النقل‬
‫إلى بلدان أو أمكنة أخرى من أجل استغاللهم‪.216‬‬
‫واستنادا على هذه المقتضيات القانونية أعاله وتلك الواردة بالقانون الجنائي‪ ،‬واستنادا أيضا على دور‬
‫القضاء في تفعيل النصوص القانونية بما يكفل حماية الحقوق األساسية خاصة بالنسبة األطفال‪ ،‬و‬
‫هو ما وضحه الحكم الصادر عن املحكمة االبتدائية بفاس‪ 217‬بتاريخ ‪ 22‬يناير ‪ 1122‬وهي تبث في‬
‫الجنحية التلبسية في الملف رقم‪ ،1121/ 2011‬والذي ترجع وقائعه إلى القضايا متابعة النيابة العامة‬

‫‪214‬القانون رقم ‪ 69322‬المتعلق بمكافحة اإلتجار بالبشر‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،2322369‬المؤرخ في ‪ 62‬غشت ‪،6022‬‬
‫المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،2202‬بتاريخ ‪ 22‬شتنبر‪.6022‬‬
‫‪215‬دورية حول تفعيل القانون رقم ‪ 69322‬المتعلق بمكافحة اإلتجار بالبشر‪ ،‬موجهة من وزير العدل والحريات إلى السادة الوكالء‬
‫العامين للملك لدى محكمة االستئناف‪ ،‬والسادة وكالء الملك لدى المحاكم االبتدائية بفاس‪ ،‬بتاريخ ‪ 9‬فبراير ‪.6029‬‬
‫‪216‬المادة ‪ 12‬من اتفاقية حقوق الطفل لسنة ‪.2292‬‬
‫‪217‬حكم المحكمة االبتدائية بفاس‪ ،‬ملف رقم ‪ ،6022/2122‬بتاريخ ‪ 22‬يناير ‪ ،6029‬مشار إليه لدى‪ ،‬نجيبة بوقديدة‪ ،‬توجه المحكمة‬
‫االبتدائية بفاس حول موضوع التكفل القضائي بالنساء واألطفال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.92‬‬
‫‪116‬‬
‫ضد أربعة متهمات بتهمة محاولة شراء طفل لألولى طبقا للفصلين ‪ 2-212‬و‪ 0-212‬من القانون الجنائي‪،‬‬
‫والمشاركة في محاولة شراء طفل للثانية والثالثة طبقا للفصول ‪ 212‬و‪ 2-212‬و‪ 0-212‬من القانون‬
‫الجنائي والفساد للرابعة طبقا للفصل ‪ 221‬من القانون الجنائي‪.‬‬
‫واستنادا على محضر الضابطة القضائية عدد ‪ 9902‬بتاريخ ‪ 11/21/1121‬والذي يستفاد منه أن‬
‫عناصر الشرطة انتقلت إلى مستشفى ابن الخطيب بفاس‪ ،‬بتوجيه من قاعة المواصالت‪ ،‬حيث وجدو‬
‫األمر يتعلق بنزاع نشب بين بالمسماة أم الطفل موضوع الشراء مع المتهة األولى التي تريد االحتفاظ‬
‫بالمولود المذكور مقابل مبلغ مالي قدره ‪ 1911‬درهم‪ ،‬تسلمت منه أم الطفل ‪ 211‬درهم على أساس تتمة‬
‫المبلغ بعد التسلم إال أنهما دخال في خالف‪ ،‬وأن المتهمتين الثالثة والرابعة كانا وسيطتين في العملية‬
‫مقابل مبلغ ‪ 211‬درهم‪.‬‬
‫فتم االستماع إلى أم الطفل صرحت بأنها تعرف المتهمة األولى وأنها أخبرتها بعدم قدرتها على اإلنجاب‬
‫وطلبت منها أن تمنحها مولودها لتربيته مقابل مبلغ مالي قدره ‪ 1911‬درهم‪ ،‬وأفادت أنها بعد والدة ابنها‪،‬‬
‫أصيب بمرض ولم تستطع تحمل مصاريف العالج باإلضافة لعدم إنفاق زوجها عليها‪ ،‬فرافقتها المتهمة‬
‫األولى إلى المستشفى وألحت عليها في تسليمها الطفل‪ ،‬فصادفتا المتهمتين الثانية والثالثة‪ ،‬فطلبت منهما‬
‫المتهمة األولى اقناعها بالتخلي عن ابنها‪ ،‬فاقتنعت وأخدت مبلغ ‪ 211‬درهم‪ ،‬ثم عدلت عن الفكرة فوقع‬
‫الخالف بينهما إلى أن تم إيقافهم وحجز مبلغ مالي قدره ‪ 911‬درهم‪.‬‬
‫وعند االستماع إلى المتهمة األولى صرحت أنها ال تستطيع اإلنجاب‪ ،‬ولها سبق أن اقترحت على المتهمة‬
‫الرابعة أن تبيعها مولودها‪ ،‬ولما علمت أن أم الطفل حامل اقترحت عليها مسألة التخلي عن مولودها‪،‬‬
‫فوافقت ثم عدلت عن فكرة التخلي عن ابنها فنشب نزاع بينهما فطلبت من المتهمة الثانية والثالثة‬
‫التوسط إلقناع أم الطفل بالتخلي عنه‪.‬‬
‫وعند االستماع إلى المتهمة الثانية‪ ،‬صرحت أنها التقت بالمتهمة األولى وأم الطفل بالمستشفى وفعال‬
‫توسطت بمعية المتهة الثالثة في إقناع أم الطفل بالتخلي عنه‪ ،‬وأنها تسلمت مقابل التوسط مبلغ ‪211‬‬
‫درهم‪.‬‬
‫وعند االستماع إلى المتهمة الثالثة أكدت نفس تصريحات المتهمة الثانية‪.‬‬
‫وعند االستماع إلى المتهمة الرابعة صرحت أنها تتعاطى الفساد وأنها أم عازبة وحامل‪ ،‬وأن المتهمة األولى‬
‫طلبت منها بيعها مولودها بمقابل مادي‪.‬‬
‫وعند استنطاق جميع المتهمات أمام السيد وكيل الملك أنكرو المنسوب إليهم‪ ،‬فقرر متابعتهم جميعا‪،‬‬
‫باستثناء أم الطفل التي حفظ المسطرة في حقها لعدم قيام عناصر المتابعة ولعدولها اإلرادي عن‬
‫ارتكاب الجريمة‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫وأمام هيئة املحكمة أنكرت المتهمات المنسوب إليهم جملة وتفصيال كما أن أم الطفل حضرت كشاهدة‬
‫وتراجعت عن تصريحاتها التمهيدية‪.‬‬
‫وخالل الجلسة المنعقدة أمام هيئة املحكمة أنكرت جميع المتهمات المنسوب إليهن‪ ،‬إال أن املحكمة‬
‫اعتبرت بالنسبة للمتهمة األولى أن ما قامت به في الشروع في أخذ الطفل مبلغ مالي قدره ‪ 1911‬درهم مع‬
‫علمها أن المعاملة في حقيقتها هي شراء‪ ،‬وأنها منحت أم الطفل مبلغ ‪ 211‬درهم كتسبيق‪ ،‬وأن ذلك كان‬
‫بنيتها الحرة وبنية نقل الطفل من أمه إليها بمقابل‪ ،‬وأنه حال بينها وبين تحقق النتيجة مانع خارج عن‬
‫إرادتها يتمثل في تراجع أم الطفل عن منحها الطفل‪ ،‬مما يجعل عناصر الجريمة مكتملة‪.‬‬
‫وأمام إنكار جميع المتهمات‪ ،‬اعتبرت املحكمة أن محاضر الشرطة القضائية يوثق بمضمنها إلى أن يثبت‬
‫ما يخالفها بشأن التثبت من الجنح طبقا لمقتضيات المادة ‪ 121‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬واعتبرت‬
‫أن تراجع الشاهدة (أم الطفل أمام املحكمة على تصريحاتها التمهيدية ال يعدد إثباتا لما يخالف ما دون‬
‫بمحضر الشرطة القضائية‪.‬‬
‫كما أخدت هيئة الحكم باعتراف المتهمة الرابعة بأنها حامل وتجهل والد الطفل كونها تتعاطى الفساد‪،‬‬
‫فأخدتها من أجل ذلك‪.‬‬
‫فحكمت املحكمة بمؤاخذة المتهمات األولى والثانية والثالثة من أجل المنسوب إليهن والحكم على كل‬
‫واحدة منهن بالحبس النافذ لمدة سنتين وغرامة نافذة قدرها ‪ 9111‬درهم‪ ،‬وبمؤاخذة المتهم الرابعة من‬
‫أجل المنسوب إليها والحكم عليها بالحبس الموقوف التنفيذ لمدة ثالثة أشهر مع تحميل كافة المتهمات‬
‫الصائر تضامنا وتحديد مدة اإلكراه البدني في حق كل واحدة منهما في الحد األدنى‪ ،‬ومصادرة المبلغ‬
‫المالي المحجوز وقدره ‪ 911‬درهم لفائدة الخزينة العامة للمملكة‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫خاتمة‬
‫وصفوة القول‪ ،‬فمن خالل دراسة موضوع "دور خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف في حماية‬
‫الحقوق" يمكن القول أن هذه الخاليا جاءت نتيجة ملجموعة من الجهود الدولية والوطنية‪ ،‬بغية الرقي‬
‫بعملية التكفل بالمغرب والوصول إلى حلول للقضاء على هذه الظاهرة التي تتعدد أسبابها‪.‬‬
‫فال يمكن إنكار اإلصالحات التي شملت املجال القانوني وما رافقها من إصالحات على مستوى المؤسسة‬
‫القضائية‪ ،‬فالدولة قامت بمجهودات في مجال مناهضة العنف ضد النساء واألطفال‪ ،‬خاصة منها إنشاء‬
‫خاليا التكفل بهذه الفئة وتعميمها على مستوى مختلف محاكم المملكة لتطويق ظاهرة العنف وتوفير‬
‫الحماية للنساء واألطفال ضحايا العنف‪.‬‬
‫فقد شكلت الخلية نقطة اتصال بين القضاء وضحايا العنف كما أعطي لتدخلها أبعادا اجتماعية ألجل‬
‫تعزيز الولوج إلى المؤسسة القضائية وخدماتها انطالقا من استقبال النساء واألطفال في مختلف‬
‫الوضعيات واالستماع إليهم وتعريفهم بحقوقهم‪ ،‬فضال عن اإلسهام في تعزيز التنسيق بين الخلية وباقي‬
‫المتدخلين في عملية التكفل‪.‬‬
‫فمن خالل دراسة الموضوع وجوابا عن االشكالية املحورية تم رصد العديد من المالحظات‬
‫وتتمثل أبرزها في‪:‬‬

‫‪ ‬على الرغم من تحديد القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء إلطار مفاهيمي إال أنه‬
‫ال يتسم بالدقة والتفصيل حيث تم سرد قائمة حصرية ألشكال العنف وتم االقتصار على أربعة‬
‫أنواع (العنف النفس ي والجنس ي والجسدي واالقتصادي وبالتالي ال يسمح بإدخال أنواع أخرى‬
‫للعنف والتي يمكن أن تظهر مع التطورات الفاعلة في املجتمع والش يء الذي من شأنه كذلك أن‬
‫يعيق السلطة التقديرية للقاض ي ويحد من اجتهاد القضاء في تكييف أفعال جديدة ويضيق‬
‫التفسير القضائي للعنف‪.‬‬

‫‪ ‬القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والحال أن هذا القانون يتضمن مقتضيات‬
‫تعدل القانون الجنائي والمسطرة الجنائية فاألمر ال يتعلق بقانون خاص ملحاربة العنف ضد‬
‫النساء‪ ،‬وبالتالي نكون أمام قانون مكمل ومعدل للقانون الجنائي وليس أمام قانون إطار ملحاربة‬
‫العنف ضد النساء‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫‪ ‬مقتضيات القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء باإلضافة إلى أنه قانون يحمي‬
‫النساء المعنفات فهو يشمل مقتضيات لحماية مجموعة من فئات املجتمع األمر الذي كان ينبغي‬
‫معه والحالة هذه تسميته بقانون محاربة العنف دون تحديد الفئة المعنية باألمر لطالما نص على‬
‫حماية فئات أخرى غير فئة النساء‪.‬‬

‫‪ ‬غياب نصوص قانونية تنضم عمل الخاليا بشكل دقيق‪.‬‬

‫‪ ‬غياب مراكز للعالج النفس ي على مستوى الخاليا الموجودة باملحاكم وبالمستشفيات العمومية‪.‬‬

‫‪ ‬تم تجريم الممارسات المتعلقة بالتقاط الصور والمكالمات والحال أنها تقدم كدليل أمام القاض ي‬
‫الجنائي إلثبات التعرض للعنف‪.‬‬

‫‪ ‬غياب تام للعقوبات البديلة وهو أمر مخالف لما تتجه إليه السياسة الجنائية المغربية‪.‬‬

‫‪ ‬غياب الحماية القانونية للنساء المعنفات خالل مرحلة وضع الشكاية والتحقيق‪.‬‬

‫‪ ‬عدم تحديد طبيعة التعهد بخصوص تدبير إنذار المعتدي بعدم االعتداء في حال التهديد بارتكاب‬
‫العنف مع تعهده بعدم االعتداء‪ ،‬فالمشرع لم يحدد طبيعة هذا التعهد هل يكفي التعهد الشفوي‬
‫أو ضرورة أن يكون تعهدا كتابيا؟ الش يء الذي من شأنه أن يفتح املجال للتعهد الشفوي علما أن‬
‫هذا األخير قد ال يوفر الحماية الكافية‪.‬‬

‫‪ ‬من خالل األحكام والقرارات التي تم اعتمادها للوقوف على دور العمل القضائي في حماية النساء‬
‫واألطفال ضحايا العنف نجد أغلبها تمتع املحكوم عليه بظروف التخفيف وال يتم تفعيل مقتض ى‬
‫التشديد المنصوص عليه في القانون ‪ 210.20‬المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء وإن كانت هذه‬
‫المقتضيات من شأنها أن تنعكس سلبا على تماسك األسرة واستقرارها‪ ،‬باعتبار العقوبات توجه‬
‫ضد الزوج العنيف‪.‬‬

‫‪ ‬اتضح من خالل التطبيقات القضائية عدم تحقيق الردع الالزم في قضايا العنف ضد واألطفال‬
‫حيث العقوبة ال تتناسب مع الفعل الجرمي وبالتالي التشجيع على حالة العود خصوصا أن األمر‬
‫يتعلق بهذه الفئة الغير القادرة على مواجهة العنف المرتكب ضدها‬
‫‪ ‬غالبية النساء المعنفات ال يلتمسن الحصول على التعويضات المدنية‪ ،‬وفي حالة صدور‬
‫التعويضات تبقى غير كافية لجبر الضرر الالحق بهن بسبب هزالتها‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫‪ ‬صعوبة اإلثبات خصوصا في العنف الزوجي‪ ،‬كما أنه يتم أحيانا الحكم ببراءة الزوج المعنف بمجرد‬
‫أن ينكر تعنيفه لزوجته وعدم األخذ بتصريحات الزوجة المعنفة والشهادة الطبية بعين االعتبار‪.‬‬

‫‪ ‬تنازل الزوجة للزوج المنعف نظرا لعدم استقاللها ماديا وبالتالي ترجع لدوامة العنف للحفاظ على‬
‫استقرار األسرة خاصة في حالة وجود األطفال‪.‬‬

‫‪ ‬في حالة عجز املحكوم عليه أداء التعويض يطبق عليه اإلكراه البدني وبالتالي تبقى النساء المعنفات‬
‫بدون تعويض في ظل غياب صندوق ائتمان يحل محل املحكوم عليه في أداء مبلغ التعويض املحكوم‬
‫به‪.‬‬

‫‪ ‬ضعف اإلمكانيات الكفيلة بضمان تكفل ناجع بالنساء المعنفات خاصة في حالة الطرد من بيت‬
‫الزوجية الذي يطرح إشكال عدم وجود فضاء آمن إليوائهن والتدابير الكفيلة بتحقيق حماية أكبر‬
‫لهن من العنف خاصة في حالة غياب اإلثبات‪.‬‬

‫‪ ‬غياب دور اإلعالم في التعريف بعمل خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪.‬‬

‫وفي المقابل ولتجاوز اإلشكاالت التي تحد من نجاعة منظومة التكفل ككل يمكن تقديم بعض االقتراحات‪:‬‬
‫‪ ‬توعية النساء واألطفال من خالل الحمالت التحسيسية والندوات بالمدارس بأدوار خاليا التكفل‬
‫بالنساء واألطفال ضحايا العنف‪.‬‬
‫‪ ‬تعميم خاليا اإلنصات والحوار بالمؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫‪ ‬تفعيل مبدأ المواكبة النفسية وذلك بإحدا مراكز للطب النفس ي على مستوى الخاليا الموجودة‬
‫باملحاكم والمستشفيات العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬حث وسائل اإلعالم ودفعها نحو االهتمام بقضايا العنف ضد النساء واألطفال وتوعية هذه الفئة‬
‫بحقوقها‪.‬‬
‫‪ ‬االعتماد على العقوبات البديلة للتخفيف من اكتظاظ السجون والحد من ظاهرة العود في جرائم‬
‫العنف األسري‪.‬‬
‫‪ ‬إحدا صندوق ائتماني لدعم النساء الناجيات من العنف‪ ،‬ويكفل لهن جبر الضرر الالحق بهن في‬
‫حالة العجز عن أداء التعويضات املحكوم بها‪.‬‬
‫‪ ‬إشراك مختلف الفاعلين (علماء‪ ،‬باحثين‪ ،‬خبراء‪ ،‬عاملين في املجال القانوني والقضائي‪ ،‬مجالس‬
‫علمية‪ ...‬في جهود التحسيس بخطورة العنف في املجتمع‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫‪ ‬تطوير منظومة نشر األحكام القضائية لما سيكون له من دور في التحسيس بمقتضيات قانون‬
‫محاربة العنف ضد النساء‪.‬‬
‫‪ ‬تدخل المشرع المغربي وتشديد العقوبات لمنع وصول شكايات كيدية لقلب الخلية فبعض‬
‫الشكايات التي تتلقاها هذه الخاليا تكون مجرد شكايات كيدية حيث إن العديد من النساء عند‬
‫نشوب نزاع بسيط بينهن وبين أزواجهن يقدمن على جرح أنفسهن ومن ثم االفتراء عليهم بغية‬
‫االنتقام ال غير وحتى إن كان األمر كذلك فالعديد من النساء يضخمن األمر ويخفين تفاصيل‬
‫الحقيقة‪.‬‬
‫‪ ‬تدخل المشرع المغربي بإدخال فصول أخرى على القانون المنظم لعمل خاليا التكفل كإضافة‬
‫فصول توضح مهام المساعدة االجتماعية داخل الخاليا‪.‬‬
‫‪ ‬تعديل المقتضيات المتعلقة بتأليف لجان التنسيق‪ ،‬في اتجاه جعل حضور فعاليات املجتمع‬
‫المدني إلزامي كبقية األعضاء‪ ،‬عوض تمثيليتهم االختيارية والمتوقفة على استدعاء اللجنة‪.‬‬
‫‪ ‬إضافة نصوص قانونية تنضم عمل الخاليا بشكل دقيق‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف لتشمل استقبال الرجال أو إنشاء خاليا‬
‫مستقلة على غرار خاليا التكفل بالنساء واألطفال ضحايا العنف تعنى بمحاربة مختلف أشكال‬
‫العنف ضد الرجال‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫المالحق‬

‫‪123‬‬
‫الملحق رقم (‪)0‬‬

‫‪124‬‬
‫الملحق رقم (‪)2‬‬

‫‪125‬‬
‫الملحق رقم (‪)2‬‬

‫‪126‬‬
127
‫الملحق رقم (‪)6‬‬

‫‪128‬‬
129
130
‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫‪131‬‬
132
133
‫الفهرس‪:‬‬

‫‪134‬‬

You might also like