Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫مدرسة فرانكفورت‬

‫تعرض مشروع الحداثة الغربية العقالني الذي انبثق عن عصر التنوير الى سيل من‬
‫االنتقادات من قبل فالسفة القرن العشرون‪،‬نتيجة لم ا تمخض عن تل ك العقالني ة من‬
‫ويالت ومآس ي ك الحروب و ومعس كرات الم وت(األوش فيتز)‪،‬وقي ام االنظم ة‬
‫الكليانية(الشيوعية‪،‬النازية‪،‬والفاشية)‪.‬‬
‫ففي كتاب (خسوف العقل) يذكر هوركهايمر‪ ،‬انه اذا كان المقصود ب التنوير والتق دم‬
‫الفك ري ه و تحري ر االنس ان من االيم ان الباط ل ب القوى الش ريرة وبالش ياطين‬
‫وبالحوري ات والمص ير االعمى‪ ،‬أي اذا ك ان المقص ود ه و تحري ر االنس ان من‬
‫الخوف‪ ،‬فعندئذ تصبح ادانة ما يسمى بالعقل اكبر خدم ة ت ؤدي لالنس ان‪ .‬له ذا ن راه‬
‫يعتبر التنوير فكرا برجوازيا‪.‬‬
‫ويرى نقاد مشروع الحداثة ان سبب تلك الويالت يع ود الى اس تخدام العق ل بطريق ة‬
‫نفعية وفئوية وايديولوجية‪ ،‬وليس بطريقة انسانية وللخير العام‪،‬اذ ان العقل الح داثوي‬
‫تأسس على مبدأ الذاتية‪،‬ذل ك المب دأ ال ذي ي رى ان ال ذات االنس انية هي ذات واعي ة‬
‫وعاقلة وكونية‪،‬التأثر فيه ا الظ روف الخارجي ة اذ ت درك ذاته ا وت درك الع الم ع بر‬
‫مقوالت ذاتية ننتج بها المعارف(العلوم)وان تلك المعرفة الناتجة عنه تسمى حقيقة‪.‬‬
‫ويرى فيلسوفا مدرسه فرانكفورت ادورن و ( ‪ ) 1969 – 1903‬وهوركيه ايمر (‬
‫‪ " ) 1973 – 1895‬إن العقالنية بوصفها هيمنة اإلنسان على الطبيع ة ‪ ,‬وهيمن ة‬
‫اإلنسان على غ يره من البش ر تع ود أساس ا إلى عالق ة المفه وم باألش ياء الجزئي ة ‪,‬‬
‫فعندما يهيمن المفهوم على موضوع م ا ‪ ,‬فأن ه س يهمش خصوص ياته ‪ ,‬من اج ل ان‬
‫يخضع لسلطته الشمولية " ‪ ,‬وهذا ما حص ل لعقالني ه عص ر الحداث ة ال ذي أض حى‬
‫العقل فيه أدانيا وخاضعًا للقي اس الكمي ‪ ,‬ولأله داف السياس ية ال تي رس متها الق وى‬
‫السياسية التي تبنته بهدف السيطرة علة الطبيعة ‪ ,‬وعلى بقية الشعوب غير الغربية ‪,‬‬
‫ولذلك فلم يعد الوعي الذاتي " فعًال نقديا ‪ ,‬يحرر اإلنسان من جبروت الع الم ( ‪, ) ..‬‬
‫بل أصبح فعًال أدانيا يستعمل لصالح فئة ما ‪ ,‬بغيه السيطرة أو المراقبة أو التدمير "‬
‫‪ ,‬لكل ما ال يخضع للعقالنيه ‪.‬‬
‫لقد سميت تلك العقالنية(بالنزعة العلموية)وت رى تل ك النزع ة ان العلم وح ده ق ادرا‬
‫على تفسير ظواهر العالم والكون برمته تفسيرا منطقيا وعقالنيا‪.‬كذلك لقد اطلق على‬
‫تلك العقالنية بالعقالنية االداتية(‪)instrumental reason‬تلك العقالنية التي ت ولي‬
‫اهتمامها بالمنهج العلمي بقطع النظر عن طبيعة الموضوع المراد بحثه فضال ان انه‬
‫اليهتم بموضوعاته اال من جهة النزعة الذاتية‪.‬ومن هنا ج اءت مدرس ة فرانكف ورت‬

‫‪1‬‬
‫لتقدم نقدا لتلك العقالنية عبر ادخال البعد االجتماعي في البحث الفلسفي‪.‬اذ ترى تل ك‬
‫المدرسة ان النقد نشاط نظري واداة اجرائيةفي النظر والتفكير تس تهدف نق د النت ائج‬
‫التي تكون االعتقادات‪،‬فضال عن فتح مج ال النق د على النظري ات االجتماعي ة‪،‬اذ ان‬
‫النقد الذي تأسس في عصر الحداثة التن ويري لم يكتش ف امت داده االجتم اعي‪.‬ول ذلك‬
‫ترى مدرسة فرانكفورت ومن خالل احد فالسفتها(هربرت ماركيوز)ان الفلس فة هي‬
‫قوة تاريخية حقيقية تعبر عن ظرف تاريخي اجتماعي بوضوح وعمق‪.‬‬
‫يمكن الح ديث عن بداي ة المش روع الفك ري لمدرس ة فرانكف ورت م ع انبث اق(معه د‬
‫البحث االجتماعي)الذي ابتدأ نشاطه بمدينة فرانكفورت ع ام ‪،1923‬وق د تم افتتاح ه‬
‫رسميا ع ام ‪، 1924‬ذا تك ونت بص فتها حلق ة فكري ة تقدمي ة‪،‬ومن خالل المناقش ات‬
‫الجماعية لؤسسيها‪،‬وتشاركوا في رفضهم للمشروع الثقافي الغ ربي ال ذي انبث ق عن‬
‫عصر التنوير الحداثي‪.‬‬
‫النظرية النقدية‬
‫ظه ر مفه وم النظري ة النقدي ة بع د ظه ور كت اب هوركه ايمر (النظري ة التقليدي ة‬
‫والنظرية النقدية‪-‬عام ‪، 1937‬اذ ميز في ذلك الكتاب بين النظرية التقليدية وهي ذلك‬
‫االتج اه ال ذي يفس ر الموض وعات في نط اق الحتمي ة الميكانيكي ة(=العل وم‬
‫الطبيعي ة)‪،‬على حين ان النظري ة النقدي ة تفس ر موض وعاتها في اط ار الوق ائع‬
‫االجتماعية والتاريخية‪.‬ويرى هوركهايمر ان النظرية النقدية تس عى الى الكش ف عن‬
‫المص الح الذاتي ة وااليديولوجي ة ال تي التناس ب القيم االنس اية ‪،‬وفي اط ار ت اريخي‬
‫اجتم اعي‪،‬فض ال عن التص دي لمختل ف االش كال الآلمعقول ة ال تي س عت المص الح‬
‫الطبقية ان تلبسها للعقل وان تؤسس اليقين بها‪.‬‬
‫وأما زميله تيودور ادورنو وفي كتابه (جدل السلب)فيرى ان فهم النقد الفلسفي يكمن‬
‫في تقويض مفهوم الكليانية(‪،)totality‬وان المجتمع بصفته ص يغة ش املة اليفهم اال‬
‫عبر نقيضه المطلق المتمث ل ب الفرد‪.‬وي رى ادورن و ان النظري ة النقدي ة كيم ا تك ون‬
‫عقالني ة عليه ا ان تض ع مف اهيم من قبي ل الش مولية‪،‬والكلي ة‪،‬والع ام خ ارج مي دان‬
‫التفكير‪،‬وتؤكذ النظر لماهو خ اص وف ردي من قبي ل التكلم في ال دفاع عن الف رد في‬
‫عصر الليبرالية الزائفة وعدم توحيد الموضوعات في صيغ ومفاهيم كلية‪.‬‬
‫لقد تقاسمت حياة ادورنو عشق الموسيقى والفلس فة وه ذا م اظهر جلي ا في عدي د من‬
‫كتاباته من قبي ل (فلس فة الموس يقى الجدي دة)و(الشخص ية التس لطية محاول ة في فهم‬
‫فاغنر)و(جدلية العقل باالشتراك مع هوركهايمر)و(النظرية الجمالية)‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫واما الفيلسوف االخر لهذه المدرس ة فه و ه يربرت م اركيوز فيمكن تلخيص فلس فته‬
‫النقدية عبر كتابه الهام االنسان ذو البع د الواح د‪.‬ي رى م اركيوز ان التكنولوجي ا في‬
‫الحض ارة الغربي ة ق د انتجت اش كاال متط ورة من الرقاب ة االنس انية ال تي س حقت‬
‫االنس ان وحرمت ه من حريت ه ع بر تحويل ه الى ك ائن مس تهلك بالدرج ة االولى اي‬
‫اصبح حيوانا ذا بعد واحد متكيفا مع واقعه بطريقة عمياء‪،‬وذلك عبرتجريده من ق وة‬
‫المعارضة‪،‬على حين ان التفكير النقدي هو اهم مايميز االنسان الحر الذي تتوفر في ه‬
‫الجرأة التي يقول عبرها(ال)‬
‫أزاء ذل ك الواق ع ال ذي انتق ده فالس فة الجي ل االول من مدرس ة‬
‫فرانكفورت(هوركهايمر‪،‬ادورنو‪،‬ماركيوز)وجدت لك المدرسة ان الخالص من ذل ك‬
‫الواقع يكمن في اعطاء مكانه للفن والجمال بأعتبارهما مج االن تنكش ف في ه الثقاف ة‬
‫االنسانية بكل تفاصيلها‪،‬وتناقضاتها‪،‬فضال عن انه يمكن من خاللهم ا مقاوم ة هيمن ة‬
‫النظم االستبدادية والشمولية‪.‬بتعبير اخر فأن الفن والجمال يش كالن الوس يلة االخ يرة‬
‫الممكنة لمقاومة الف رد ولحماي ة وعي ه من االغ تراب‪،‬بي د ان ه ذا التعب ير ينبغي ان‬
‫يكون متفوقا ومتعاليا على التكنو لوجيا‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like