Professional Documents
Culture Documents
محاضرة الثانية مبحث القيم
محاضرة الثانية مبحث القيم
ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺷﻲء ﻫو " ﻗدرﻩ " وﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣﺗﺎع ﺛﻣﻧﻪ وﻧﻘول ﻗﯾم اﻟﺷﻲء ﺗﻘﯾﯾﻣﺎ " ﻗدر ﻗﯾﻣﺗﻪ
"واﻟﻘﯾﻣﺔ واﺣدة )ﺟﻣﻌﻬﺎ( اﻟﻘﯾم وأﺻﻠﻪ اﻟواو ﻷﻧﻪ ﯾﻘوم ﻣﻘﺎم اﻟﺷﻲء ،ﯾﻘﺎل ﻗوﻣت اﻟﺳﻠﻌﺔ ،وأﻫل
ﻣﻛﺔ ﯾﻘوﻟون :اﺳﺗﻘﻣت اﻟﺳﻠﻌﺔ.
واﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻣﺛﻠﻪ وﯾﻘﺎل "أﯾﺎم ﻛﻧت ﺣﺳن اﻟﻘوﻣﯾﺔ" أﻣﺎ ﻣن ﺣﯾث اﻹﺷﺗﻘﺎﻗﻪ اﻷﺟﻧﺑﻲ
ﻟﻠﻛﻠﻣﺔ ،ﻓﺗﺳﻣﻰ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﺿت ﻟﻠﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻘﯾم أو اﻟﻣﺛل اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻘﯾم "
" PHILOSOPHY OF VALUEأو ﺑﻌﻠم اﻷﻛﺳﯾوﻟوﺟﯾﺎ " " AXIOLOGYﻧﺳﺑﺔ ﻏﻠﻰ
اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ "أﻛﺳﯾوس" " " AXIOSوﻣﻌﻧﺎﻫﺎ " اﻟﺛﻣﯾن " " " Préciousوذﻟك ﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﻫذﻩ
اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ أو ﻫذا اﻟﻌﻠم ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻘﯾﯾم أو اﻟﺗﻘدﯾر " ." estimation
"ﺗدل ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻋن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ )ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺟﻠﯾزﯾﺔ " " Valueوﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ
" "Valeurوﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ " (" Axiosﻋﻠﻰ اﻻﻋﺗداﻟواﻻﺳﺗواء وﺑﻠوغ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﺷﺗﻘﺔ
أﺻﻼ ﻣن اﻟﻔﻌل " ﻗﺎم " ﺑﻣﻌﻧﻰ وﻗف ،وأﻋﺗدل ،واﻧﺗﺻب ،وﺑﻠﻎ واﺳﺗوى "
ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن اﻟﻘﯾم ﻫو اﻟﻣﺳﺗﻘﯾم واﻟدﯾﺎﻧﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻫﻲ اﻟدﯾﺎﻧﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘﯾﻣﺔ ﯾﻘول ﺗﻌﺎﻟﻰ" :وذﻟك
دﯾن اﻟﻘﯾﻣﺔ" اﻟﺑﯾﻧﺔ 5و"ﻓﯾﻬﺎ ﻛﺗب ﻗﯾﻣﺔ" اﻟﺑﯾﻧﺔ .3وﯾدل ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺳورة اﻟﻛﻬف" :اْﻟ َﺣ ْﻣ ُد
ﻟِﻠﱠ ِﻪ اﻟﱠِذي أ َْﻧ َز َل ﻋﻠَﻰ ﻋ ْﺑ ِد ِﻩ اْﻟ ِﻛﺗَﺎب وﻟَم ﯾ ْﺟﻌ ْل ﻟَﻪ ِﻋوﺟﺎ ) (1ﻗَﯾﱢﻣﺎ ﻟِﯾ ْﻧ ِذر ﺑﺄْﺳﺎ َﺷ ِد ً ِ
ﯾدا ﻣ ْن ﻟَ ُد ْﻧﻪُ ً ُ َ َ ً َ َ ْ َ َ ُ ًَ َ َ
1
ﺳورة اﻟﺑﯾﻧﺔ ،اﻵﯾﺔ.5 :
9
ﻓﻨﻘﺎل ﻧﺒﯿﻞ اﻟﻘﯿﻢ/اﻷﺧﻼق-اﻟﺠﻤﺎل-اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺒﺤﺚ :1ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻘﯿﻢ )أو اﻻﻛﺴﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ(
َﺟ ًار َﺣ َﺳًﻧﺎ"1وﻫذا دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘﺎﻣﺔ اﻟدﯾن وﯾﺑ ﱢﺷر اْﻟﻣؤ ِﻣﻧِﯾن اﻟﱠِذﯾن ﯾﻌﻣﻠُون اﻟﺻﱠﺎﻟِﺣ ِ
ﺎت أ ﱠ
َن ﻟَﻬُ ْم أ ْ َ َ ََْ َ َ َُ َ ُ ْ َ
اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻛﻣﺎل ﻗﯾﻣﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺷرﯾﺔ.
ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﺛل " اﻻﺳﺗﻘﺎﻣﺔ واﻟﺛﺑﺎت واﻻﻋﺗدال ﺑﻠوغ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﺗدل ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻣﺎل ﻷﻧﻬﺎ
ﻣﺳﺗﺣﺑﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن وﻏﯾرﻩ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾدل ﻣﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻘﺻﺎن "
اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ
ﯾﻌد ﻣﺑﺣث اﻟﻘﯾم ﻣن ﺑﯾن أﻫم ﻣﺑﺎﺣث اﻟﻔﻛر اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺑﺣﺛﻲ
اﻟوﺟود واﻟﻣﻌرﻓﺔ ،ورﻏم ﺣﺿور اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻓﻲ أﻏﻠب اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻟﻘدﯾﻣﺔ إﻻ أﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﺻﺑﺢ ﻣﺑﺣﺛﺎ
ﻣﺳﺗﻘﻼ إﻻ ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة اﻟﻣﻌﺎﺻرة.
ﻓﻔﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ظﻬر ﻣﻔﻬوم اﻟﻘﯾﻣﺔ ،وﻋوﻟﺟت اﻟﻘﯾم ﻓﻲ ﻋﻠوم ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ،ﻋﻧدﻣﺎ
ﺗﻧﺎول " ﻛﺎﻧط "* ﺑﺎﻟﻌرض ﺑﺣث اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻌرﻓﺔ واﻟﻘﯾم اﻟﺧﻠﻘﯾﺔ واﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ واﻟدﯾﻧﯾﺔ "واﻟﺣق
ﻓﺈن ﻓﻠﺳﻔﺔ " ﻛﺎﻧط " ﻣﺎ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾﻘﯾﻬﺎ إﻻ ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻗﯾﻣﺔ " وﺟﺎءت ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻧﯾﺗﺷﻪ ﻣﺷﺣوﻧﺔ
ﺑﺎﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﻘﯾم وﻗﻠب اﻟﻘﯾم ﻓﻲ اﻟﻐرب واﻟدﻋوة إﻟﻰ ﻗﯾم اﻹﻧﺳﺎن اﻷﻋﻠﻰ.
1
ﺳورة اﻟﻛﮭف ،اﻵﯾﺔ.02-01 :
10
ﻓﻨﻘﺎل ﻧﺒﯿﻞ اﻟﻘﯿﻢ/اﻷﺧﻼق-اﻟﺠﻤﺎل-اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺒﺤﺚ :1ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻘﯿﻢ )أو اﻻﻛﺴﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ(
وﻛﺎن ﻟﻧﺟﺎح ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ )ﻧﯾﺗﺷﻪ( أﺛر ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺷﯾوع اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻛﻠﻣﺔ
)اﻟﻘﯾﻣﺔ( ﺑﯾن ﺟﻣﻬرة اﻟﻣﺛﻘﻔﯾن ،ﻓﺎﻫﺗﻣﻧﯾﺗﺷﻪ ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻘﯾم ،وﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺻﺎﺣب
ﻣذﻫب ﻓﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ ،زﻋزع ﻓﯾﻪ اﻟﯾﻘﯾن ﻓﻲ اﻟﻘﯾم اﻟﻣﻌروﻓﺔ " واﺣﺗﻠت ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﻘﯾم اﻟﻣﻛﺎﻧﺔ اﻷوﻟﻰ
ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻧﻣﺳﺎ وأﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺣواﻟﻲ ﻋﺎم 1900وﻓﻲ إﻧﺟﻠﺗ ار وأﻣرﯾﻛﺎ ﺣواﻟﻲ ﺳﻧﺔ 1910وﻓﻲ
ﻓرﻧﺳﺎ أﺧﯾ ار "
ﯾﻌرﻓﻬﺎ ﺟﻣﯾل ﺻﻠﯾﺑﺎ ﺑﻘوﻟﻪ " :ﯾﺑدو أن ﻫذا اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺎدي اﻟذي ﯾﺷﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾم
ﺑﺎﻷﺛﻣﺎن ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن وﺑﺎﻟﺟزء اﻟﺷﻌوري واﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻪ ،ﻓﻘد ﻻ ﺗﻛون ﻟﻬذا اﻟﺷﻲء ﻗﯾﻣﺔ
ﻣﺎدﯾﺔ ،وﻟﻛﻧﻪ ﯾﺣﺿﻰ ﺑﺗﻘدﯾر ﺷﺧص ﻣﺎ ،ﻓﺗﻛون ﻟﻪ ﻗﯾﻣﺔ واﻋﺗﺑﺎر ﻟﻬذا اﻟﺗواطؤ اﻟﻣؤﺳس ﻋﻠﻰ
ﺻﯾﻐﺔ اﻟوﺟدان اﻟﻧﻔﺳﺎﻧﻲ.ﻓﺈن ﻣن ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺛﺑﺎت واﻻﺳﺗﻘﺎﻣﺔ واﻟدوام ﻋﻠﻰ اﻷﻣر ،ﻓﯾﻘﺎل
ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣرء ﻣﺎ ﯾﺣﺳﻧﻪ وﻟﻣﺎ ﻟﻔﻼن ﻗﯾﻣﺔ ،أي ﻣﺎ ﻟﻪ ﺛﺑﺎت ودوام ﻋﻠﻰ اﻷﻣر "
أﻣﺎ أﻧدري ﻻﻻﻧد ﻓﯾرى أن اﻟﻘﯾﻣﺔﺗدل"ﻋﻠﻰ ﺗﺻور ﻣﺗﺣرك ﯾﻣر ﻣن اﻟواﻗﻊ إﻟﻰ اﻟﺣق،
وﻣن اﻟﻣرﻏوب ﻓﯾﻪ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺑل ﻟﻠرﻏﺑﺔ " .ﻟذا ﻻ ﺗوﺟد ﻗﯾﻣﺔ واﺣدة ،ﺑل ﻋدد ﻣن اﻟﻘﯾم ﻧﻔﺿل
ﺑﻌﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض ﺑﺻﻔﺔ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ إﻟﻰ ﺣد ﻣﺎ وﺗﻧﻘﺳم ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻛل إﻧﺳﺎن إﻟﻰ ﻗﯾم ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ "
" authentiqueوﻗﯾم ﻏﯾر ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ " " inauthentiqueﻓﻣﺛﻼ ،ﻗد ﺗﻛون اﻟﻘﯾﻣﺔ ﺧﯾ ار ﻓﻲ
ﻗوﻟﻧﺎ :اﻟﺻﺣﺔ ﺧﯾر ﻣن اﻟﻣرض " .إذ ﻛل ﻗﯾﻣﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ،إﻧﻬﺎ ﻗﯾم ﺗظﻬر ﻟﻧﺎ ذات ﺻﻠﺔ
ﺑرﻏﺑﺗﻧﺎ ،ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﻋﻧﺎ ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ".
11
ﻓﻨﻘﺎل ﻧﺒﯿﻞ اﻟﻘﯿﻢ/اﻷﺧﻼق-اﻟﺠﻤﺎل-اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺒﺤﺚ :1ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻘﯿﻢ )أو اﻻﻛﺴﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ(
ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻘﯾم
-1إﻧﻬﺎ ﻣﺗﻌددة وﻣﺗﻧوﻋﺔ:ﯾﻣﺛل اﻟﺗﻌدد واﻟﺗﻧوع أﻫم ﺻﻔﺎت اﻟﻘﯾم ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟوﺟود
اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،واﻟوﺟود أوﺳﻊ ﻣن أن ﯾﺣﺻر ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺔ واﺣدة.ﻓﺎﻟﻣﺟد واﻻﺳﺗﻘﻼﻟوﺗﻘرﯾر اﻟﻣﺻﯾر
ﻗﯾم ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،اﻟﻬدف ﻣﻧﻬﺎ ﺿﻣﺎن اﻟﻛراﻣﺔ واﻟﻣﺳﺎواة واﻟﻌدل ،وﻫﻲ ﻛذﻟك ﻗﯾم ﻏﺎﺋﯾﺔ ﺗﺄﺗﻲ
ﻓﻲ ظل اﻟدوﻟﺔ ﻟﺗﺻﺑﺢ أﺧﻼﻗﯾﺎت واﺳﻌﺔ ،ﻓﯾﻣﺎ " ﯾرﺗﺑط اﻟﻣﺎل ﺑﺎﻟﻘﯾم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،واﻟﻔﻧون
ﺑﺎﻟﻘﯾم اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ،واﻟﻣﺣﺑﺔ ﺑﺎﻟﻘﯾم اﻟدﯾﻧﯾﺔ ،واﻟﺣق ﺑﺎﻟﻘﯾم اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ،واﻟﻐذاء واﻟﻣﺎء واﻟﻬواء ﺑﺎﻟﻘﯾم
اﻟﺻﺣﯾﺔ".
-2إﻧﻬﺎ ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ :Idéalﺗﺑدو ﻟﻧﺎ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﯾﺳت ﺷﯾﺋﺎ ،ﺑﺄﯾﺔ ﺣﺎلٕ ،وان ﻛﺎﻧت اﻷﺷﯾﺎء
ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣﻠﻬﺎ )ﻷن اﻟﺷﻲء ﺗﺗﺑدل ﻗﯾﻣﺗﻪ(.
-3إﻧﻬﺎ ﺗﺟرﺑﺔ " :"épreuveﻷن وﺟودﻫﺎ ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﺑﺎﻟﺷﺧص ،وﻟﻠﺷﺧص أن ﯾﺟرﺑﻬﺎ ﻓﻲ
ﻓﻌل أﺻﯾل ﻫو ﻓﻌل اﻟﺗﻘدﯾر ﻓﻧﺣن ﻻ ﻧﻘدر اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻣﺛﻼ ،ﺑﻣﺛل ﻣﺎ ﻧﻘدر اﻟﻘﯾﻣﺔ
اﻟﻔﻧﯾﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾﺔ.
-4إﻧﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻌرف:ﺣﺗﻰ ٕوان ﻛﺎﻧت ﺗﻔرض ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻬﻲ ﻟﯾﺳت ﻋﻣﻼ ﻣن
أﻋﻣﺎﻟﻪ ،ﻓﻬو ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻘرر ﻣﺎ ﻫو اﻟﺧﯾر ﻓﻲ ذاﺗﻪ ،وﻣﺎ ﻫو اﻟﺣق ﻓﻲ ذاﺗﻪ ،ﻓﺎﻟﻘﯾﻣﺔ
ﻗﯾﻣﺔ ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن ﻣوﻗﻔﻪ ﻣﻧﻬﺎ.
-5إﻧﻬﺎ ﺗﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻻﻧدﻓﺎع " :" élanﻷﻧﻬﺎ ﺗﺳﻣو ﺑﻧﺎ ،وﺗﺣﻣﻠﻧﺎ وﺗﺑﺗﻌد ﺑﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻼﻣﺑﺎﻻة
اﻟﺗﻲ ﺗظﻬر ﻋﻧد اﻹﻧﺳﺎن اﻟذي ﻻ ﯾﺣس ﺑﻬﺎ وﻻ ﯾﺟرﺑﻬﺎ ،ﺑﻣﺎ أﻧﻬﺎ ذات ﻗطﺑﯾن )أﺣدﻫﻣﺎ
إﯾﺟﺎﺑﻲ واﻷﺧر ﺳﻠﺑﻲ( اﻷول ﺑﺟﻧﺑﻧﺎ واﻷﺧر ﯾﺑﻌدﻧﺎ ،ﻟذا ﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧرﻓض اﻟﺑداﻫﺔ وﻻ
اﻟﺗﺟرﺑﺔ وﻻ اﻟﺟﻣﺎل واﻟﺧﯾر.
-6اﻟﺳﻌﻲ ﻧﺣو ﺑﻠوغ ﻣراﻗﻲ اﻟﻛﻣﺎل " :إن اﻟﻬدف ﻣن ﻛل ﻓﻌل ﺑﻠوغ أﻋﻼﻩ وأﺳﻣﺎﻩ وأﺗﻣﻪ،
واﻟﻛﻣﺎل ﻛﻧوع ﻣن اﻟﺗﻣﺎم ﯾﺄﺗﻲ اﻟﻔﻛر "
12
ﻓﻨﻘﺎل ﻧﺒﯿﻞ اﻟﻘﯿﻢ/اﻷﺧﻼق-اﻟﺠﻤﺎل-اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺒﺤﺚ :1ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻘﯿﻢ )أو اﻻﻛﺴﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ(
ﯾﺑﻘﻰ ﺳﻌﻲ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻟﻠﻛﻣﺎل اﻟﻣﻧﺑﻊ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻘﯾﻣﺔ ،وذﻟك أن ﻋدم ﻗﺑوﻟﻬﺎ ﻟﻠواﻗﻊ
اﻟﺣﯾﺎدي ﯾﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗطرح اﻟﻘﯾﻣﺔ ،ﻓﺎﻟﻔرد اﻟﻣﻧﻌزل ﻻ ﯾﻌرف ﻋﺎﻟم اﻟﻘﯾمٕ ،واﻧﻣﺎ ﺗﻛون ﻫذا اﻟﻌﺎﻟم
ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻻﻟﺗﻘﺎء اﻹﯾرادات ﺣول ﻏﺎﯾﺎت ﻣﺎ ،ﻓﻣﺟرد اﻻﺟﺗﻣﺎع ﻻ ﯾوﻟد ﻗﯾﻣﺔٕ ،واﻧﻣﺎ ﺗﺗوﻟد ﻧﺗﯾﺟﺔ
ﻻﻟﺗﻘﺎء ﻫذﻩ اﻹرادات ﺑﻐﯾﺔ ﺗﺟﺎوز ﻣﺎ ﻫو ﻛﺎﺋن ﻟدى ذﻟك اﻻﺟﺗﻣﺎع " ،إن ﻋدم اﻟرﺿﺎ ﺑﻬذﻩ
اﻟﺣﯾﺎة ﯾوﻟد اﻟﺗﺟﺎوز ،ﻓﺎﻟﻘﯾﻣﺔ ﺗﻧﻬض ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺗﺟﺎوز ،وﻛﻠﻣﺎ ﺗﻌﻣق اﻟوﻋﻲ اﻟﻘﯾﻣﻲ ،ﻧﻬﺿت
اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣرﯾض ﺑﻣﺎ ﯾﺧﺎل أﻧﻪ اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ أو اﻟﻛﻣﺎل اﻟﻣطﻠق "
ﯾﻣﺛل ﺳﻌﻲ اﻟﻔرد واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء إﻟﻰ ﺑﻠوغ اﻟﻛﻣﺎل أﻫم وﺛﺑﺎت اﻟﺗﺟﺎوز
واﻟﺳﻌﻲ ﻧﺣو اﻟﻣطﻠق ﻣﻣﺎ ﯾﺣدد ﻧوﻋﯾﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ وﺧﺻوﺻﯾﺗﻬﺎ ﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺣﯾﻠﻧﺎ
ﻟﻠﺣدﯾث ﻋن ﻏﺎﺋﯾﺔ ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة وارﺗﺑﺎطﻬﺎ اﻟوﺛﯾق ﺑﺎﻟوﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻻرﺗﻘﺎء
واﻟﺗطور ﻛﻐﺎﯾﺔ أوﻟﻰ وﻫدف أﺳﻣﻰ ﻣن أي أﻛﺳﯾوﻟوﺟﯾﺎ ﯾﺗﺑﻧﺎﻫﺎ اﻟﺑﺷر ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻬم.
-7ارﺗﺑﺎطﻬﺎ ﺑﺎﻟوﺟود وﻏﺎﯾﺎﺗﻪ " :اﻟوﺟود واﻟﺧﯾر ﻣﺗﻣﺎﺛﻼن )ﯾﺗﻧﺎول ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ اﻷﺧر ﺑﺷﻛل
ﻣﺗﺑﺎدل( ﻓﺄوﻟﻬﻣﺎ اﻟوﺟود ،ﻷن اﻟوﺟود ﻫو اﻟﻣوﺿوع اﻷول ﻟﻠﻔﻬم ،وﻷﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺗﺻور اﻟﺧﯾر
13
ﻓﻨﻘﺎل ﻧﺒﯿﻞ اﻟﻘﯿﻢ/اﻷﺧﻼق-اﻟﺠﻤﺎل-اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺒﺤﺚ :1ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻘﯿﻢ )أو اﻻﻛﺴﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ(
ﻛﺧﯾر إﻻ ﻣﺎ ﻧﺗﺻورﻩ وﺟودا ،واﻟﻘﯾﻣﺔ ﻟﯾﺳت ﺳوى ﺧﺎﺻﯾﺔ ﻟﻠوﺟود ،ﻓﺎﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻟﻧﺎ
ﻋن اﻟوﺟود ﺗﺳﯾر ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﻣﻌن ﺗﺟرﺑﺔ ﻟﻠﻘﯾﻣﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ ،ﻓﺎﻟوﺟود ﻫو اﻷول وﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻠﻘﯾﻣﺔ
إﻻ ﺑﻪ "
ﻓﺎﻟﻘول ﺑﺄن اﻟوﺟود ﻗﯾﻣﺔ ،ذﻟك ﻷﻧﻧﺎ ﻧﻌﺛر ﻓﯾﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺎس اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻓﻬو
اﻟﻘوة اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﺷروع ﻓﻲ ﺷﻲء ﺑدوﻧﻬﺎ ،واﻷﻣن اﻟذي ﺗﺟﻌﻠﻧﺎ ﺣﺻﺎﻧﺗﻪ ﻧﺣس ﺑﻪ ،ﻓﺎﻟﻘﯾﻣﺔ
ﻫﻲ اﻷوﻟﻰ ،وأن ﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻠوﺟود ﺑدوﻧﻬﺎ " ،ﻓﺎﷲ ﻫو اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل ﻧﻔﺳﻬﺎ وﺟودا ،ﻣن
ﺣﯾث ﻛوﻧﻪ ﺳﺑب ذاﺗﻪ ،ﻓﻬو اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻛﻌﻠﺔ ،وﻫو اﻟوﺟود ﻛﻣﻌﻠول ،وأﻧﺎ أﻋﺑدﻩ ﻻ ﻟﻛوﻧﻪ وﺟودا ﺑل
ﻟﻛوﻧﻪ ﻗﯾﻣﺔ " ﻓﻼ ﻗﯾﻣﺔ دون وﺟود ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻻ وﺟود دون ﻗﯾﻣﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﻘﯾﻣﺔ
ﺗﻛون ﺣﺿو ار وﻣﺛﻼ أﻋﻠﻰ ﻓﻲ آن واﺣد " .اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻫﻲ اﻟﺧﺎﺻﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد اﻷﺷﯾﺎء ،واﻟﺗﻲ
ﻧﺟﻌل ﻣﻧﻬﺎ أﺷﯾﺎء ﺟدﯾرة ﺑﺎﻟوﺟود أي ﺑﺄن ﺗﻛون ﻣرادﻩ "
وﻋﺑﻘرﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺗﻛﻣن ﻓﻲ وﺿﻌﻪ اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻓﻲ اﻟوﺟود ،ﻟﺗﺟﺎوزﻩ ٕواﻛﻣﺎﻟﻪ ،إذ ﻣﺎ
أﻛﺛر اﻟﻣﻧﺎﺳب ،وﻣﺎ أﻗل اﻟﻘﯾﻣﻲ ،ﻋدا ذﻟك ﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻘوﻟﻧﺎ ﺣرﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن أو اﺧﺗﯾﺎرﻩ " ﻟو ﻛﺎن
اﻷﻣر ﯾﺗم ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ وﺑﯾﺳر ،ﻟﺳرﻧﺎ ﻧﺣو اﻟﺟﻧﺔ ﻣﻐﻣﺿﻲ اﻷﻋﯾن ،ﻟﻛن اﻻﺧﺗﯾﺎر وﻋﻲ وﺻراع،
وﺗﺄزم واﻧﻔﺻﺎلٕ ،واﺑداع ﺧﻼق "
وﻋﻠﻰ ﺣﯾن ﺗﺑدو ﺑﻌض اﻻﺧﺗﯾﺎرات ﻗﻣﻣﺎ ﺷﺎﻣﺧﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،ﺗﺑدو ﺳواﻫﺎ
ﻣﻧﺣدرات رﻫﯾﺑﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﯾﺎة ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾوﻟد ﺣ ار ،ﻣﺛﻠﻣﺎ رأى روﺳو ،وﺣﺗﻣﺎ ﻋﻠﯾﻪ أن
ﯾﻧﺣت ﻓﻲ اﻟﺻﺧر ﺑﺄظﺎﻓرﻩ ﻟﻧﯾل ﺣرﯾﺗﻪ ،ﻓﺈﻣﺎ أن ﯾﺗﻘدم ﺧطوةٕ ،واﻣﺎ أن ﯾﺻل إﻟﻰ اﻟﻬﺎوﯾﺔ،
ﺑﺣﺳب ﻣﺎ ﯾﺿﻌﻪ ﻣن اﻟﻘﯾم ،إن وﺿﻊ ﻧظﺎم ﺟﺎﺋر ﻻ ﯾدل ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻗواﻧﯾن اﻟوﺟود ،ﺑل ﻫو
ﺗﺄﻛﯾد ﻟﻬذﻩ اﻟﻘواﻧﯾن " ﻋﻠﻰ ﺣﯾن أن وﺿﻊ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻘﯾﻣﯾﺔ ﯾدل ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ وﯾؤﻛد إرادة
اﻹﻧﺳﺎن وطﻠﺑﻪ ﻟﻠﻛﻣﺎل "
14
ﻓﻨﻘﺎل ﻧﺒﯿﻞ اﻟﻘﯿﻢ/اﻷﺧﻼق-اﻟﺠﻤﺎل-اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺒﺤﺚ :1ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻘﯿﻢ )أو اﻻﻛﺴﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ(
-8اﻻﺧﺗﻼف ﺣول ﻧﺳﺑﯾﺔ اﻟﻘﯾم ﻣن ﻣطﻠﻘﯾﺗﻬﺎ :ﯾﺗﺄرﺟﺢ رأي اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺣول ﻧﺳﺑﯾﺔ اﻟﻘﯾم
وﻣطﻠﻘﯾﺗﻬﺎ وﻫذا طﺑﻘﺎ ﻟﻣﻧطﻠﻘﺎت وأﺳس ﻛل ﻓﯾﻠﺳوف وﺣﺗﻰ ﻟو ﺗزاﻣﻧوا ،ﻓﺑروﺗﺎﻏوراس ﯾﻘول
" اﻹﻧﺳﺎن ﻫو ﻣﻘﯾﺎس اﻷﺷﯾﺎء ﻛﻠﻬﺎ " وﯾﻘﺎﺑﻠﻪ أﻓﻼطون ﺑﺎﻟﻘول أن أﺻل ﻛل ﺷﻲء ﻫو ﻋﺎﻟم
اﻟﻣﺛل اﻟذي ﯾﻣﺗﺎز ﺑﺎﻟﺛﺑﺎت واﻟﻣطﻠﻘﯾﺔ ،وﺳﺎرت اﻟﺗوﺟﻬﺎت اﻟدﯾﻧﯾﺔ اﻟﺳﻣﺎوﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟطرح
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أواﻣر اﻟﺧﺎﻟق وﻧواﻫﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻛﺗب اﻟﻣﻘدﺳﺔ ﻫﻲ اﻷﺳﺎس واﻟرﻛﯾزة اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ
اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،ﻓﺈذا ﺳﻠﻣﻧﺎ أن اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻗﺑس إﻟﻬﻲ ﻓﻬﻲ ﺗﻣﺗﺎز ﺑﺻﻔﺔ اﻟﻘداﺳﺔ واﻟﺛﺑﺎت،
واﻟﻣﺗﻐﯾر ﻓﯾﻬﺎ ﻫو طرﯾﻘﺔ اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﻣطﻠق ﻓﻘط .وﯾﻠﺧص اﻟﺷﯾﺦ "أﺑو ﻣدﯾن ﺷﻌﯾب"
ﻣﺟﻣل ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎﻩ أﻧﻔﺎ ﻓﻲ ﺑﯾت ﺷﻌري ﺑﻠﯾﻎ اﻟدﻻﻟﺔ إذ ﯾﻘول
" اﷲ ﻗل وذر اﻟوﺟود وﻣﺎ ﺣوﯨﺈن ﻛﻧت ﻣرﺗﺎدا ﺑﻠوغ ﻛﻣﺎل "
ﻓﺎﻟﺗﺧﻠق ﺑﺄﺧﻼق دﻋﺎ إﻟﯾﻬﺎ اﷲ ،ﯾﺄﺗﻲ ﺑﺈﺗﺑﺎع أواﻣر اﻟﺣق وﺗﺟﻧب ﻧواﻫﯾﻪ،أي ﻣن أراد ﺑﻠوغ
اﻟﻣطﻠق ﻓﻠﯾﺗﺑﻊ وﻟﯾﻘﺗدي ﺑﻣﺎ ﺷرﻋﻪ اﻟﺣق اﻟذي ﯾﺄﺗﻲ اﻟﻛﻣﺎل أﻫم ﺧﺎﺻﯾﺔ ﻟﻪ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾزﯾد ﻣن
إطﻼﻗﯾﺔاﻟﻘﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﺳﺎﺋر اﻷدﯾﺎن اﻟﺳﻣﺎوﯾﺔإن اﻟﻘﯾم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺧﺎﻟدة ﻣوﺟودة ﻣﻧذ اﻷزل وﻛﻠﻬﺎ
ﺗدﻋو إﻟﻰ اﻟﻌدل واﻟﻣﺳﺎواة واﻟﻌﻔﺔ واﻟﺻﺑر واﻟﺷﺟﺎﻋﺔ واﻟﺗﻌﺎطف واﻟﻛراﻣﺔ واﻟﺣرﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ
أﻧﻬﺎﺟﺎءت ﻣﻔﻌﻣﺔ ﺑﻣﺑﺎدئ اﻹﺧﺎء واﻟﺗﺳﺎﻣﺢ واﻟدﻋوة إﻟﻰ اﻟﻣﺣﺑﺔ ﺑﯾن ﻛل أﺑﻧﺎء اﻟﺑﺷر .وأﻫل
اﻷﺧﻼق اﻟراﻗﯾﺔ ﻻ ﯾﺑﺣﺛون ﻋن ﺗﺣﻘﯾق ﺣﺎﺟﺎت ﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،أو إﺷﺑﺎع ﻏراﺋزﻫم ،ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾﺳﻌون
إﻟﻰ ﺗﺣﺳﯾن ﺧﻠﻘﻬم وأﺧﻼﻗﻬم.وﺗﺗﻣﺛل" اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺧﯾرة اﻟوﺣﯾدة ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻹﻧﺳﺎن أن ﯾﺣﯾﺎ ﺣﯾﺎة
اﻟﻌدل اﻟﻛﺎﻣل ،واﻟرﺣﻣﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،واﻟﺻﺑر اﻟﻛﺎﻣل ﻣﻊ إﺧوﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺧﻠﯾﻘﺔ ﻣﻌﺗﻣدا ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻔﻘﺔ،
واﻟﺗﻘوى واﻟﻣﺣﺑﺔ .
ﻓﺎﻟدﻋوة إﻟﻰ اﻟﻣﺣﺑﺔ واﻟﺗﺳﺎﻣﺢ واﻟﻌدل ﺑﯾن أﻓراد اﻟدوﻟﺔ اﻟواﺣدة ،ﺑل ﺣﺗﻰ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺟﻌﻠت
ﻗﯾم اﻟﯾوﻧﺎن ﺗﻛﺗﺳﻲ طﺎﺑﻊ اﻟﻛوﻧﯾﺔ وﺗﻧﺎل رﺿﺎ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﻟﺣﻛﻣﺎء ﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎرات واﻷﻣم
اﻟﻼﺣﻘﺔ ،وﺗﻛون ﻟﺑﻧﺔ اﻧطﻼق ﻟﻠﻛﺛﯾر ﻣن ﻓﻠﺳﻔﺎﺗﻬم وﻧظرﯾﺎﺗﻬم اﻷﻛﺳﯾوﻟوﺟﯾﺔ.
15
ﻓﻨﻘﺎل ﻧﺒﯿﻞ اﻟﻘﯿﻢ/اﻷﺧﻼق-اﻟﺠﻤﺎل-اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺒﺤﺚ :1ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻘﯿﻢ )أو اﻻﻛﺴﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ(
اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟطرح اﻟدﯾﻧﻲ ﻟﻠﻘﯾم ﻫو رﺑط اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺑﺷري "ﺑﻣﺎ ﯾرﯾدﻩ ﻟﻪ اﷲ أن ﯾﻛوﻧﻌﻠﯾﻪ"إذ
أن طﺎﻋﺔ ﻫذﻩ اﻷواﻣر وﺗﺟﻧب اﻟﻧواﻫﻲ ﯾؤدي ،ﻓﻲ اﻷﺧﯾر ،إﻟﻰ اﻟﻔوز ﺑرﺿوان اﷲ ﻓﻲ
اﻟﺣﯾﺎﺗﯾن .ﻓﺎرﺗﺑطت ﻛل اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم واﻟﻘﯾم ﺑﻣﺎ ﺗﻣﻠﯾﻪ اﻷدﯾﺎﻧوﻋﻠﻣﺎؤﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،وﻗد ﺗﺟﺎوز
اﻟطرح اﻟدﯾﻧﻲ اﻻﻋﺗﻘﺎد وأﺻﺑﺢ ﯾﻔرض ﻧﻔﺳﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠوﻛﯾﺎت اﻟﻔردﯾﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ وﻋﻠﻰ اﻷﻧﻣﺎط
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن ﻧواﺣﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ...،إﻟﺦ.
ﻋﻣل رﺟﺎل اﻟدﯾن ﻋﻠﻰ ﺗوﺟﯾﻪ اﻟﻔﻛر اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،ﺑﻣﺎ ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ ﻣﻊ اﻟﺷﻌﺎﺋر اﻟﻣﻧزﻟﺔٕ .وان وﺟد
ﻋز وﺟل -ﻓﺈن
اﺧﺗﻼف ﺑﯾن اﻷدﯾﺎن اﻟﺳﻣﺎوﯾﺔ ﺣول ﻛﯾﻔﯾﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺷﻌﺎﺋر واﻟﺗﻘرب إﻟﻰ اﷲ ّ -
اﻟﻣﺻدر واﻷﺳﺎس ﻟﻛل اﻟﻘﯾم ﻛﺎن ﻣن ﻣدوﻧﺎت اﻟوﺣﻲ اﻟﺳﻣﺎوي واﻟﻛﺗب اﻟﻣﻘدﺳﺔ .وﻧﺟد دﻻﻻت
واﺿﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﯾﻼد ﻣﻔﻬوم اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻓﻲ اﻷدﯾﺎن اﻟﺳﻣﺎوﯾﺔ ﻣﻊ ﻗﺻﺔ اﻟﻬﺑوط أو اﻟﺳﻘوط ،اﻟﺗﻲ
"ﺟﺎء ﻓﯾﻬﺎ أن آدم –ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﻼم -وﺣواء ،وﻫﻣﺎ أول اﻟﻣوﺟودات اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻛﺎﻧﺎ ﯾﻌﯾﺷﺎن ﻓﻲ
اﻟﺟﻧﺔ ،ﺣﯾث ﻧﻣت ﺷﺟرﺗﺎن ﺷﺟرة اﻟﺧﻠد وﺷﺟرة اﻟﻣﻌرﻓﺔ ) ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺧﯾر واﻟﺷر( ،وﺗﻘول اﻟﻘﺻﺔ
أن اﷲ ﺣرم ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ اﻷﻛل ﻣن ﺷﺟرة اﻟﻣﻌرﻓﺔ ،وﺗﺣرﯾم اﻷﻛل ﻣن ﺷﺟرة اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﯾﻌﻧﻲ ﺑوﺿوح
أن اﻹﻧﺳﺎن ﯾﻧﺑﻐﻲ أﻻ ﯾﻧﺷد اﻟﻣﻌرﻓﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾظل ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﺑراءﺗﻪ اﻷوﻟﻰ.
وﻧﺣن ﻧﺟد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ،أن اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺎﻗت اﻹﻧﺳﺎن ﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن وﺣدﺗﻪ
اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺗﻧﺳب إﻟﻰ ﻏواﯾﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻓﻘد ﻛﺎﻧت اﻟﺣﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﻣﻐوي ،ﻏﯾر أن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻫﻲ أن
اﻟوﻗوع ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎرض أدى إﻟﻰ ﯾﻘظﺔ اﻟوﻋﻲ ،وﻫﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﺻل ﯾﻧﺑﻌﺎن ﻣن طﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎن
ذاﺗﻬﺎ .ﯾﻛﻣن اﻟﺗﻌﺎرض ﻓﻲ رﻏﺑﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻛﻣﺎل )ﻛﻣﺎل اﻟﻣﻌرﻓﺔ( ،ﻣن ﺟﻬﺔ ،ودﻋوﺗﻪ إﻟﻰ
اﻟﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺟﻬل )واﻟﺟﻬل ﻣﻌﺎرض ﻟﻠﻛﻣﺎل وﻣﻧﺎﻗض ﻟﻪ( ﻓﻼ ﺧطﯾﺋﺔ إذن.
ﻛذﻟك ﯾﻌﺗﺑر إﻋﻼﻧﺎ ﻋن ﻣﻔﻬوم اﻟﻘﯾﻣﺔ أﺳﺎﺳﺎ وﻣﻌﯾﺎ ار ﯾﻣﯾز ﺑﻪ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﯾن اﻟﺟﻣﯾل
واﻟﻘﺑﯾﺢ ،وﺑﯾن اﻟﺧﯾر واﻟﺷر ...إﻟﺦ.
16
ﻓﻨﻘﺎل ﻧﺒﯿﻞ اﻟﻘﯿﻢ/اﻷﺧﻼق-اﻟﺠﻤﺎل-اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺒﺤﺚ :1ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻘﯿﻢ )أو اﻻﻛﺴﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ(
إن اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺻوﻓﯾﺔ ﺗﺣﻣل ﻓﻲ أﻋﻣﺎﻗﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻧزﻋﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﻣن ﺑﺎﻟﺣب
اﻹﻟﻬﻲ،ﻓﻛﺷف ﻟﻠﻣﺗﺻوف أﺳرار اﻟوﺟود ،وﻫﻲ ﺑوﺻﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺷﻛل ﺗرﻓض ﻛل أﺷﻛﺎل
اﻻﻧﻐﻼق واﻟﺗﺣﺟر» ﻓﺎﻟﻬوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺻوﻓﯾﺔ ،ﺗﻔﺗﺢ ﻣﺳﺗﻣر ،ذﻟك أن اﻟذات ﺗﺗﺟﺎوز ﻓﻲ
اﺗﺟﺎﻩ اﻵﺧرﯾن أﯾن ﺗﺟد ﺣﺿورﻫﺎ ﺑﺻورة ﻣﻛﺗﻣﻠﺔ«.
وﻛﺎن اﻟﺷﯾﺦ اﻷﻛﺑر "ﻣﺣﻲ اﻟدﯾن ﺑن ﻋرﺑﻲ"ذو ﻧظرة ﺷﻣوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻌرﻓﺔ ،داﻋﯾﺎ إﻟﻰ
ﺗﺟﺎوز اﻟﺻراﻋﺎت اﻟﻣذﻫﺑﯾﺔ واﻟﻌﻘﺎﺋدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﻊ ﻓﯾﻬﺎ أﻫل اﻟظﺎﻫر ﻓﯾﺳﻘطون ﻓﻲ ﻗﯾﺎﺳﺎت
اﻟﻔﻘﻬﺎء أﻧﺻﺎر اﻟﻧزﻋﺔ اﻟدوﻏﻣﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺄوﯾل اﻟﻧﺻوص .وﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﻫو اﻟﺣد اﻟﻔﺎﺻل ﺑﯾن
اﻟﻣﺗﺻوﻓﺔ وﻏﯾرﻫم ﺣﺳب اﻟﺷﯾﺦ اﻷﻛﺑر اﺑن ﻋرﺑﻲ» .ﻷن اﻟﻌﺎرف اﻟﻛﺎﻣل ﯾﻌرﻓﻪ ﻓﻲ أي ﺻورة
ﯾﺗﺟﻠﻰ ﻓﯾﻬﺎ ،وﻓﻲ ﻛل ﺻورة ﯾﻧزل ﻓﯾﻬﺎ وﻏﯾر اﻟﻌﺎرف ﻻ ﯾﻌرﻓﻪ إﻻ ﻓﻲ ﺻورة ﻣﻌﺗﻘدﻩ,وﻫذا ﻣﺎﻻ
ﯾﺗﻌﺎرض اﻟﺑﺗﺔ ﻣﻊ روح اﻟوﺣﻲ اﻟﻘرآﻧﻲ إذ ﯾﻘول اﻟﺣق ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ:
وﺑﺎ َوﻗَ َﺑ ِﺎﺋ َل ﻟِﺗَ َﻌ َﺎرﻓُوا إِ ﱠن أَ ْﻛ َرَﻣ ُﻛ ْم ﺎس إِ ﱠﻧﺎ َﺧﻠَ ْﻘ َﻧﺎ ُﻛ ْم ِﻣ ْن َذ َﻛ ٍر َوأُْﻧﺛَﻰ َو َﺟ َﻌ ْﻠ َﻧﺎ ُﻛ ْم ُ
ﺷ ُﻌ ً ﱡﻬﺎ اﻟ ﱠﻧ ُ
" َﯾﺎ أَﯾ َ
ِ ﱠ ِ ﱠِ ِ
ﯾر"ﯾم َﺧ ِﺑ ٌﻋ ْﻧ َد اﻟﻠﻪ أَﺗْﻘَﺎ ُﻛ ْم إ ﱠن اﻟﻠ َﻪ َﻋﻠ ٌ
1
ﻓﻬ ــذا دﻟﯾ ــل ﻗ ــﺎطﻊ ﻋﻠ ــﻰ وﺟ ــود ﺗﻌ ــﺎﯾش اﻟﻣﺳ ــﻠم ﻣ ــﻊ اﻟﻣﺳ ــﺎﻟم دون أدﻧ ــﻰ ﺻ ــﻔﺎت اﻟ ــذم
واﻻﺣﺗﻘ ــﺎر أو اﻟﺗﻛﺑ ــر ،ﻣ ــﻊ اﺣﺗـ ـرام ﻓ ــﻲ اﻟﻣﻌﺗﻘ ــد واﻟﻌ ــرف واﻟﻧﺳ ــب ،ﻣﻬﻣ ــﺎ ﻛﺎﻧ ــت ﺻ ــﻔﺗﻪ وﻧوﻋ ــﻪ
وﻟوﻧﻪ ...اﻟﺦ .إن اﺣﺗرام اﻵﺧر ﻫﻧﺎ واﺟب ﺷرﻋﻲ ﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣق ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓـﻲ أﻛﺛـر
ﻣن آﯾﺔ إذ ﯾﻘول:
ﻣﺗﺻوف ﻋرﻓﺎﻧﻲ أﻧدﻟوﺳﻲ ،ﻋﺎش ﻣﺎ ﺑﯾن 1240-1165م ﻟﻪ ﻣؤﻟﻔﺎت ﻋدﯾدة ،ﻣن أﻫم ﻛﺗﺑﻪ :اﻟﻔﺗوﺣﺎت اﻟﻣﻛﯾﺔ ،اﻟﺗدﺑﯾرات
اﻹﻟﻬﯾﺔ ،ﻣﻔﺎﺗﯾﺢ اﻟﻐﯾب ،ﻛﺗﺎب اﻟﺣق.
1
اﻟﺣﺟرات اﻵﯾﺔ .13
اﻟﻣﺳﺎﻟﻣون ﻫم ﻏﯾر اﻟﻣﺳﻠﻣون اﻟذﯾن ﯾﻌﯾﺷون ﺗﺣت راﯾﺔ اﻹﺳﻼم وأﺧذوا ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺳﻬم اﻟﻌﻬد ﺑﻌدم اﻟﺗﻌدي ﻋﻠﻰ ﺣرﻣﺎت
اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وﻣﻘدﺳﺎﺗﻬم وأﻣﻼﻛﻬم.
17
ﻓﻨﻘﺎل ﻧﺒﯿﻞ اﻟﻘﯿﻢ/اﻷﺧﻼق-اﻟﺠﻤﺎل-اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺒﺤﺚ :1ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻘﯿﻢ )أو اﻻﻛﺴﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ(
وت َوُﯾ ْـؤ ِﻣ ْن ِﺑﺎﻟﻠﱠ ِـﻪ ﻓَﻘَ ِـد ـﻲ ﻓَﻣ ْـن ﯾ ْﻛﻔُـر ِﺑﺎﻟطﱠـﺎ ُﻏ ِ
ـن ا ْﻟ َﻐ ﱢ َ َ ْ ﺷ ُـد ِﻣ َ اﻟر ْ
ﱠن ﱡ "َﻻ إِ ْﻛ َراﻩَ ِﻓـﻲ اﻟـد ِ
ﱢﯾن ﻗَ ْـد ﺗََﺑـﯾ َ
ون )(2 َﻋ ُﺑ ُـد َﻣـﺎ ﺗَ ْﻌ ُﺑ ُـد َ
ﯾم" ،وﻗوﻟـﻪَ" :ﻻ أ ْ ِ اﺳﺗَﻣﺳ َك ِﺑﺎ ْﻟﻌروِة ا ْﻟوﺛْﻘَﻰ َﻻ ا ْﻧ ِﻔﺻﺎم ﻟَﻬﺎ واﻟﻠﱠ ُﻪ ِ
ﺳﻣﯾﻊٌ َﻋﻠ ٌ
1
َ َ َ َ َ ُْ َ ُ ْ ْ َ
َﻋ ُﺑ ُـد ) (5ﻟَ ُﻛ ْـم ون َﻣﺎ أ ْ َﻋ ُﺑ ُد )َ (3وَﻻ أََﻧﺎ َﻋﺎ ِﺑ ٌد َﻣﺎ َﻋ َﺑ ْدﺗُ ْم )َ (4وَﻻ أَ ْﻧﺗُ ْم َﻋﺎ ِﺑ ُد َ َوَﻻ أَ ْﻧﺗُ ْم َﻋﺎ ِﺑ ُد َ
ون َﻣﺎ أ ْ
ـﻲ ِدﯾـ ِـن ) .2"(6وﻗــد ﻋﻣــل اﻟﺣﺑﯾــب -ﺻــﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾــﻪ وآﻟــﻪ وﺳــﻠم -ﻋﻠــﻰ ﺗرﺳــﯾﺦ ﻫــذﻩ ِ ِ
دﯾ ـ ُﻧ ُﻛ ْم َوﻟـ َ
اﻟﻌﻘﻠﯾــﺔ ﻓــﻲ ﻧﻔــوس اﻟﻣﺳــﻠﻣﯾن اﻷواﺋــل .وﻫــذﻩ اﻟﻧﺻــوص ﻫــﻲ ﺗﺟﻠﯾــﺎت ﺣﻘﯾﻘــﺔ ﻣﻘﺗﺑﺳــﺔ ﻣــن ﺳــﯾرﺗﻪ
اﻟﻌطرة وﺗﻌﺎﻣﻼﺗﻪ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣﻊ ﻛل أﺑﻧﺎء اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،وﯾﻛﻔـﻲ ﻓﺧـ ار ﺑـذﻟك وﺛﯾﻘـﺔ اﻟﻌﻬـد اﻟﻌﻣرﯾـﺔ اﻟﺗـﻲ
ﺿﻣن ﻓﯾﻬﺎ ﺳﯾدﻧﺎ ﻋﻣر –رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻪ -ﺣﻘوق أﻫل اﻟﻛﺗﺎب ﻓـﻲ ﺑﯾـت اﻟﻣﻘـدس ﻛﺎﻣﻠـﺔ ،وأﻣـﻧﻬم
ﻋﻠــﻰ أﻣﻼﻛﻬــم ودﯾــﻧﻬم وأﻋ ارﺿــﻬم ،ﻣﻣــﺎ ﺳــﻬل ﻧﺷــر اﻟــدﻋوة وﺗﻌــﺎﯾش اﻟﻣﺳــﻠﻣﯾن ﻣﻌﻬــم ﻓــﻲ اﻟــﺑﻼد
اﻟﻣﻔﺗوﺣﺔ .
ﻛﻣﺎ أن ﻫذا اﻟطرح اﻹﺑداﻋﻲ اﻟﻔذ ﻟﻬذﻩ اﻟﻘﯾم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻗﯾﺎم ﻋﺎﻟم ﯾؤﻣن
ﺑﻘﯾم ﻣﺷﺗرﻛﺔ ،وﯾﺗﺣﻠﻰ ﺑﺻﻔﺎت اﻟﺗﺳﺎﻣﺢ ﻓﻲ اﻵراء وﯾرﺳﺦ ﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺗﻧوع واﻟﺗﻌدد .وﻫذا ﺑﺗﻔﻌﯾل
ﻫذﻩ اﻟﻘﯾم اﻟروﺣﯾﺔ اﻟﻧﺑﯾﻠﺔ ،وﺗﻌﻠﯾﻣﻬﺎ ﻟﻛﺎﻓﺔ أﺑﻧﺎء اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻓﻲ وﻗت ﯾﺳﻌﻰ ﻓﯾﻪ اﻟرادﯾﻛﺎﻟﯾون
واﻟﻣﺗﺷددون وأﺻﺣﺎب اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻛﺑرى إﻟﻰ ﺗوﺟﯾﻪ اﻟﻣﻌﺗﻘد ﻧﺣو إﺷﻌﺎل ﻧﯾران اﻟﺣروب
واﻟﻧﻌرات اﻟطﺎﺋﻔﯾﺔ واﻟﻘوﻣﯾﺔ ،ﺑﻌﯾدا ﻋن ﻛل ﻓﻛر دﯾﻧﻲ ﻗﯾﻣﻲ ﺑﻧﺎء ،وﻫذا ﻟﺧدﻣﺔ طﻣوﺣﺎﺗﻬم
اﻟﺗﺳﻠطﯾﺔ اﻻﺳﺗدﻣﺎرﯾﺔ ﻓﻲ ﺣق اﻟﺷﻌوب ،ﺑﺎﺳم اﻷدﯾﺎن وﺣﻘوق اﻷﻗﻠﯾﺎت وﻏﯾرﻫﺎ.
وﻫذا ﻛﻠﻪ ﻻ ﯾﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻛﻧﻪ اﻟﻧص اﻟدﯾﻧﻲ ،ﺑل اﻻﺧﺗﻼف ﺳﻧﺔ اﷲ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻘدر
وت َوﯾُ ْؤ ِﻣ ْن ِﺑﺎﻟﻠﱠ ِﻪ
ﺷ ُد ِﻣ َن ا ْﻟ َﻐ ﱢﻲ ﻓَﻣ ْن ﯾ ْﻛﻔُر ِﺑﺎﻟطﱠﺎ ُﻏ ِ
َ َ ْ اﻟر ْ
ﱠن ﱡ وﯾﻘول ﺗﻌﺎﻟﻰَ" :ﻻ إِ ْﻛ َراﻩَ ِﻓﻲ اﻟد ِ
ﱢﯾن ﻗَ ْد ﺗََﺑﯾ َ
ﯾم "3وﻟﻬذا ﻓﺎﻷدب ﻣﻊ اﻟﻘدر ِ ﻓَﻘَ ِد اﺳﺗَﻣﺳ َك ِﺑﺎ ْﻟﻌروِة ا ْﻟوﺛْﻘَﻰ َﻻ ا ْﻧ ِﻔﺻﺎم ﻟَﻬﺎ واﻟﻠﱠ ُﻪ ِ
ﺳﻣﯾﻊٌ َﻋﻠ ٌ َ َ َ َ َ ُْ َ ُ ْ ْ َ
ﺎس ﺎء َرﱡﺑ َك ﻟَ َﺟ َﻌ َل اﻟﻧﱠ َ
ﺷ َواﺟب ﻋﻧد اﻟﺳﺎدة اﻟﻌﺎرﻓﯾن وﻣﺎ ﯾؤﻛدﻩ ﺟﻣﻠﺔ وﺗﻔﺻﯾﻼﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ " :وﻟَ ْو َ
18
ﻓﻨﻘﺎل ﻧﺒﯿﻞ اﻟﻘﯿﻢ/اﻷﺧﻼق-اﻟﺠﻤﺎل-اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺒﺤﺚ :1ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻘﯿﻢ )أو اﻻﻛﺴﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ(
ﯾن ) (118إِﱠﻻ َﻣ ْن َر ِﺣ َم َرﱡﺑ َك َوﻟِ َذﻟِ َك َﺧﻠَﻘَ ُﻬ ْم َوﺗَ ﱠﻣ ْت َﻛ ِﻠ َﻣ ُﺔ َرﱢﺑ َك ون ُﻣ ْﺧﺗَﻠِ ِﻔ َ
اﺣ َدةً َوَﻻ َﯾ َازﻟُ َ أُ ﱠﻣ ًﺔ و ِ
َ
َﺟ َﻣ ِﻌ َ َن َﺟ َﻬ ﱠﻧم ِﻣ َن ا ْﻟ ِﺟ ﱠﻧ ِﺔ َواﻟ ﱠﻧ ِ
1
ﯾن" ﺎس أ ْ َ َﻷ َْﻣ َﻸ ﱠ
ﺑﻣﻧﻬﺟﻪ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻋﻠﻰ إﺑراز أﻫﻣﯾﺔ ودور اﻹﻧﺳﺎن وﺳﯾﺎدﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟظﺎﻫرة
ﻋﻣل اﺑن ﺧﻠدون
اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﺻﺎﻧﻊ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ،ﺑﻣﺎ ﯾﺗﺑﻧﺎﻩ ﻣن ﻗﯾم ﻗد ﺗﻛون إﺑداﻋﯾﺔﺧﻼﻗﻪ ﺗﺑﻧﻲ ﻟﻪ ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ
أﻓﺿﻼ ،وﻗد ﯾﺗﺑﻧﻰ ﻣﻧظوﻣﺔ ﻗﯾﻣﯾﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ ﺗﺗﻧﺎﻓﻰ وروح اﻟﺗﻘدم واﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻓﺗﻛون ﺳﺑب ﺗﻘﻬﻘرﻩ
واﻧﻛﺳﺎرﻩ.
ﻓﺎﻟﻌﺎﻣﻼﻷول ﻟﻘﯾﺎم اﻟﺣﺿﺎرة ﻫو اﻟﻌﺻﺑﯾﺔ ،وﻫﻲ ﺳﻣﺔ اﻟﺟﯾل اﻟﻣؤﺳس وﻫو ﺟﯾل اﻟﺑداوة اﻟذي
ﯾﺗﺑﻧﻰ ﻗﯾم اﻟرﺟوﻟﺔ واﻟﻣروءة وﯾﺳﻌﻰ و ارء اﻟﻣﺟد وﺑﻧﺎء أواﺻر دوﻟﺔ ﻗوﯾﺔ ﻣوﻫوﺑﺔ ﺑﯾن اﻷﻣم.
ﯾﻘول اﺑن ﺧﻠدون ﻓﻲ ذﻛر ﺻﻔﺎت ﻫذا اﻟﺟﯾل» :ﻷن اﻟﺟﯾل اﻷول ﻟم ﯾزاﻟوا ﻋﻠﻰ ﺧﻠق اﻟﺑداوة
وﺧﺷوﻧﺗﻬﺎوﺗوﺣﺷﻬﺎ،ﻣن ﺷظف اﻟﻌﯾش واﻟﺑﺳﺎﻟﺔ واﻻﻓﺗراس واﻻﺷﺗراك ﻓﻲ اﻟﻣﺟد ،ﻓﻼ ﺗزال ﺑذﻟك
ﺻورة اﻟﻌﺻﺑﯾﺔ ﻣﺣﻔوظﺔ ﻓﯾﻬم ،ﻓﺣدﻫم ﻣرﻫف وﺟﺎﻧﺑﻬم ﻣوﻫوب ،واﻟﻧﺎس ﻟﻬم ﻣﻐﻠوﺑون«.
أﻣﺎ اﻟﺟﯾل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻬو ﺟﯾل ﻣﻘﻠد ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻘرار واﻟﺑﻧﺎء وﺗﺷﯾﯾد اﻟﻘﺻور واﻻﻫﺗﻣﺎم
ﺑﺎﻟﺻﻧﺎﺋﻊ واﻟﻌﻠم ،وﯾﺟري ﻫذا اﻟﺟﯾل ﺣﺛﯾﺛﺎ وراء اﻷﺑﻬﺔ واﻟﺗرف وﻛﺳب اﻷﻣوال ،ﻓﺗﺿﻌف ﻓﯾﻬم
ﻗﯾم اﻟﺑداوة وﺧﺷوﻧﺗﻬﺎ وأﺧﻼﻗﻬﺎ ﻣن ﻣروءة وﺣب اﻟﺗوﺳﻊ واﻟﺑﺳﺎﻟﺔ ﻣن أﺟل ﻧﺻرة أﺑﻧﺎء اﻟﺟﻠدة
اﻟواﺣدة.
ﯾﻘول اﺑن ﺧﻠدون» :واﻟﺟﯾل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺗﺣول ﺣﺎﻟﻬم ﺑﺎﻟﻣﻠك واﻟﺗرف ﻣن اﻟﺑداوة إﻟﻰ اﻟﺣﺿﺎرة،
وﻣن اﻟﺷطف إﻟﻰ اﻟﺗرف واﻟﺧﺻب ،وﻣن اﻹﺷراك ﻓﻲ اﻟﻣﺟد إﻟﻰ إﻧﻔراد اﻟواﺣد ﺑﻪ وﻛﺳل
19
ﻓﻨﻘﺎل ﻧﺒﯿﻞ اﻟﻘﯿﻢ/اﻷﺧﻼق-اﻟﺠﻤﺎل-اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺒﺤﺚ :1ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻘﯿﻢ )أو اﻻﻛﺴﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ(
اﻟﺑﺎﻗﯾن ﻋن اﻟﺳﻌﻲ ﻓﯾﻪ ،وﻣن ﻋز اﻻﺳﺗطﺎﻟﺔ إﻟﻰ ذل اﻻﺳﺗﻛﺎﻧﺔ ،ﻓﺗﻧﻛﺳر ﺻورة اﻟﻌﺻﺑﯾﺔ
ﺑﻌض اﻟﺷﻲء.«...
أﻣﺎ اﻟﺟﯾل اﻟﺛﺎﻟث :ﻓﻬو ﺟﯾل ﺗﻧﺧﺿد ﻓﯾﻪ ﺷوﻛﺔ اﻟﻌﺻﺑﯾﺔ واﻟﺷﺟﺎﻋﺔ واﻟﻣﺟد ﻓﺗزول
ﻗﯾم اﻟﺗﺄﺳﯾس ﻣن ﺷﺟﺎﻋﺔ وﻋﻠو اﻟﻬﻣﺔ وﺣب اﻟﻣﺟد إﻟﻰ اﻻﻧﻐﻣﺎس ﻓﻲ اﻟﻣﻠذات واﻟﺗرف وﺷراء
اﻟﻣﻧﺎﺻب واﻟﺗزﯾن واﻟﺗﺟﻣل وﺟﻣﻊ اﻷﻣوال ﻣﻣﺎ ﯾﻧذر ﺑﻔﺳﺎد اﻟدوﻟﺔ وزوال ﺳﻠطﺎﻧﻬﺎ ﻓﺗﺻﺑﺢ ﺗﺣت
أطﻣﺎع اﻷﺟﺎﻧب.
ﯾﻘول اﺑن ﺧﻠدون» :أﻣﺎ اﻟﺟﯾل اﻟﺛﺎﻟث ﻓﯾﻧﺳون ﻋﻬد اﻟﺑداوة واﻟﺧﺷوﻧﺔ ﻛﺄن ﻟم ﺗﻛن،وﯾﻔﻘدون
ﺣﻼوة اﻟﻌز واﻟﻌﺻﺑﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﻫم ﻓﯾﻪ ﻣن ﻣﻠﻛﺔ اﻟﻘﻬر ،وﯾﺑﻠﻎ ﻓﯾﻬم اﻟﺗرف ﻏﺎﯾﺗﻪ ،وﺗﺳﻘط اﻟﻌﺻﺑﯾﺔ
ﻓﯾﻬم ﺑﺎﻟﺟﻣﻠﺔ وﯾﻧﺳون اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ واﻟﻣداﻓﻌﺔ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ،وﻫم ﻓﻲ اﻷﻛﺛر أﺟﺑن ﻣن اﻟﻧﺳوان ﻋﻠﻰ
ظﻬورﻫﺎ ،ﻓﺈذا ﺟﺎء اﻟﻣطﺎﻟب ﻟﻬم ﻟم ﯾﻘﺎوﻣوا ﻣداﻓﻌﺗﻪ«.
وﯾﺻدق ﻋﻠﯾﻬم ﻗول اﻟﺣق ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰٕ " :وِا َذا أَرْد َﻧﺎ أ ْ ِ
ﺳﻘُوا َﻣ ْرَﻧﺎ ُﻣﺗْ َرِﻓ َ
ﯾﻬﺎ ﻓَﻔَ َ َن ُﻧ ْﻬﻠ َك ﻗَ ْرَﯾ ًﺔ أ َ َ َ
ﺎﻫﺎ ﺗَ ْد ِﻣ ًا
ﯾر".1 ﯾﻬﺎ ﻓَ َﺣ ﱠ
ق َﻋﻠَ ْﯾ َﻬﺎ ا ْﻟﻘَ ْو ُل ﻓَ َد ﱠﻣ ْرَﻧ َ ﻓ َ
ِ
إن اﺑن ﺧﻠدون ﺑﻬذا اﻟﻔﻬم اﻟﺣﺎذﻗﺗﻣﻛن ﻣن اﻛﺗﺳﺎب ﺻﻔﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر اﻟظﺎﻫرة
اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ.
ﻣﺛﻠت اﻟﻘراءات اﻟﺧﻠدوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺗﺎرﯾﺦ واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟﻘراءات اﻟرﺷدﯾﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺣﻛﻣﺔ واﻟﺷرﯾﻌﺔ
واﻟﻔﻬم اﻟذوﻗﯾﺎﻟﻌرﻓﺎﻧﻲ ﻟﻠﻧﺻوص اﻟدﯾﻧﯾﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻗﻣﺔ اﻹﺑداﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،إذ أن ﻗﯾﻣﺔ
اﻟﻔﻛر اﻟﺧﻠدوﻧﻲ ﻫو دراﺳﺗﻪ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ دراﺳﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻣﻧطﻠﻘﺔ ﻣن اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﯾﺔ واﻟﻘﯾﻣﯾﺔ
ﻟﻪ ،ورﺑط اﻟظﺎﻫرة اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﺑﺣﺗﻣﯾﺔ اﻟﻘﯾم اﻟﺳﺎﺋدة ﻓﯾﻪ ﻓﻲ ﻛل ﻣرﺣﻠﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ.
20
ﻓﻨﻘﺎل ﻧﺒﯿﻞ اﻟﻘﯿﻢ/اﻷﺧﻼق-اﻟﺠﻤﺎل-اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﻤﺒﺤﺚ :1ﻣﺒﺤﺚ اﻟﻘﯿﻢ )أو اﻻﻛﺴﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺎ(
أﻣﺎ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟرﺷدﯾﺔ ﻓﻘد اﺳﺗطﺎﻋت ﺑﺟدارة ﺣل ﻣﻌﺿﻠﺔ ﺑﺎﺗت ﺗؤرق اﻟﻌﻠم واﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻓﻲ
وﻗﺗﻪ.وﻗد اﺳﺗطﺎع اﻟﻔﻬم اﻟﻌرﻓﺎﻧﻲ واﻟﺻوﻓﻲ ﻟﻠﻧﺻوص اﻟدﯾﻧﯾﺔ ﻣن ﻓﺗﺢ أﻓق اﻟﻌﻠم واﻟﻣﻌرﻓﺔ،
ﺑﻌﯾدا ﻋن ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ اﻟﺟﺎﻣدة واﻟﺗﻲ ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ إﺷﻌﺎل اﻟﻔﺗن ﺑﯾن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وﺑﯾن
ﻏﯾر اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،ﺑﺣﺟﺞ ﺳطﺣﯾﺔ واﻫﯾﺔ ،وﺷرﺣت اﻟﺻدور ﻧﺣو ﻓﻬم ﻛوﻧﻲ ﻟﻠظﺎﻫرة اﻟدﯾﻧﯾﺔ.وﻫﻧﺎ
ﯾﻛﻣن ﺳر اﻷﻋﻣﺎل اﻹﺑداﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،ﻷن أﻫم ﺧﺻوﺻﯾﺎﺗﻪ ﻫو إﺗﯾﺎن اﻟﻔﯾﻠﺳوف ﺑﺣل
وﻋﻼج ﻟﻣﻌﺿﻠﺔ اﺳﺗﻌﺻﻰ ﻋﻠﻰ أﺑﻧﺎء زﻣﺎﻧﻪ ﺣﻠﻬﺎ .وﻗد ﻛﺎﻧﻠﻬذﻩ اﻟﻘﯾم،وأﺧرى،اﻟدور اﻟﻔﻌﺎل
ﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻐرب ﻣﻧذ ﻓﺟر اﻷزﻣﻧﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ.
21