Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 33

‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬

‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬


‫د‪ .‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫أستاذ مساعد في األدب والنقد بقسم اللغة العربية‬
‫بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بجامعة طيبة بالمدينة المنورة‬
‫الملخص‬
‫من منظور االهتمام بالنظريات النقدية الجديدة‪ ،‬أوقفت دراستي على النقد الثقافي‪ ،‬الذي‬
‫يمثل جزًءا ال يتجزأ‪ ،‬من مجموعة نظريات النقد العربي المعاصر‪ ،‬التي تشتمل على المجموعة‬
‫عد من حقل الدراسات الثقافية الغربية‪ .‬وال بد لي هنا‪ ،‬من أن أميز بين النقد‬
‫البحثية‪ ،‬التي تُ ُ‬
‫األدبي من جهة‪ ،‬والنقد الثقافي من جهة أخرى‪ ،‬مع اإلطاللة على أصول هذا النمط الجديد‪،‬‬
‫وعلى ينبوعه األول‪ ،‬ذلك أنه في عقد التسعينيات من القرن الماضي‪ ،‬عرفت الدراسات الثقافية‬
‫ظا‪.‬‬
‫ازدهار ملحو ً‬
‫ًا‬
‫هذا ما أبانت عنه هذه الدراسة في مبحثين‪ ،‬تسبقهما تمهيد‪ ،‬ثم مقدمة‪ ،‬وتقفوهما خاتمة‪،‬‬
‫تتضمن أهم النتائج والتوصيات‪ ،‬وقائمة بالمراجع والمصادر‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫‪1‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫الم َق ِّ‬
‫ـــدمة‬ ‫ُ‬
‫أعان‪ ،‬والصالة‬
‫يسر و َ‬ ‫عم الخالئق رأف ًة وحنانا‪ ،‬والشكر له ـ ‪ ‬ـ على ما َّ‬
‫الحمد هلل قد َّ‬
‫سالما يمأل‬
‫ً‬ ‫والسالم على من أُولِي بمحمود المقام‪ ،‬وعلى اآلل والصحب‪ ،‬ومن تبعه‪ ،‬وسلَّم‬
‫َ‬
‫ان‪.‬‬
‫األكو َ‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فقد شكلت الدراسات الثقافية‪ ،‬خلفية معرفية للكثير من الدراسات‪ ،‬التي ال غنى عنها‬
‫اما‬
‫ونظر لتنامي نظريات نقدية جديدة‪ ،‬كان لز ً‬
‫ًا‬ ‫لتنمية وتغذية "النص األدبي"‪ ،‬بمختلف تنوعاته‪.‬‬
‫على الدراسات األدبية بين الحين واآلخر‪ ،‬مراجعة الطرق والمناهج المتبعة لفتح المجال لمناهج‬
‫جديدة‪ ،‬وإلعادة بناء النص‪ ،‬وتأطيره بمنظورات أخرى مغايرة‪.‬‬
‫ونظرية النقد الثقافي جزء ال يتجزأ‪ ،‬من مجموعة نظريات النقد العربي المعاصر‪ ،‬التي‬
‫تشتمل على المجموعة البحثية‪ ،‬التي تُ ُّ‬
‫عد من حقل الدراسات الثقافية الغربية‪ .‬وال بد لي هنا‪،‬‬
‫من أن أميز بين النقد األدبي من جهة‪ ،‬والنقد الثقافي من جهة أخرى‪ ،‬مع اإلطاللة على أصول‬
‫هذا النمط الجديد‪ ،‬وعلى ينبوعه األول‪ ،‬ذلك أنه في عقد التسعينيات من القرن الماضي‪ ،‬عرفت‬
‫ظا‪.‬‬
‫ازدهار ملحو ً‬
‫ًا‬ ‫الدراسات الثقافية‬
‫والدراسة تتكون من مبحثين‪ ،‬تسبقهما تمهيد‪ ،‬ثم مقدمة‪ ،‬وتقفوهما خاتمة‪ ،‬تتضمن أهم‬
‫النتائج والتوصيات‪ ،‬وقائمة بالمراجع والمصادر‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫تمهيد‪ :‬تناولت فيه التساؤل التالي‪ :‬هل يستطيع النقد الثقافي‪ ،‬أن يكون بديالً عن النقد األدبي؟!‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ثم المبحث األول‪ :‬النقد الثقافي (ظروف النشأة‪ ،‬والتعريف‪ ،‬واالنتشار العربي والعالمي)‪ ،‬وفيه‬
‫ثالثة مطالب‪ ،‬هي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ظروف النشأة‪ ،‬والدواعي إلى هذه النظرية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التعريف بنظرية النقد الثقافي‪.‬‬
‫ومرور‬
‫ًا‬ ‫ابتداء من العالم الغربي‪،‬‬
‫ً‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬انتشار نظرية النقد الثقافي عالميًّا وعربيًّا‪،‬‬
‫بالوطن العربي‪ ،‬إلى المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المفاهيم األساسية في نظرية النقد الثقافي‪ ،‬وقيمتها اإلجرائية‪ ،‬وفيه مطلبان‪:‬‬

‫‪2‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫المطلب األول‪ :‬المفاهيم األساسية في نظرية النقد الثقافي‪ ،‬وهي‪ :‬النسق المضمر‪ ،‬و ِ‬
‫الداللة‬
‫النسقية‪ ،‬والوظيفة‪ ،‬والجملة الثقافية‪ ،‬والمجاز الكلي‪ ،‬والتورية الثقافية‪ ،‬والمؤلف المزدوج‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القيمة اإلجرائية لنظرية النقد الثقافي‪ ،‬في دراسة الشعر العربي (المكاسب‬
‫والحدود)‪ ،‬التي تجسد النظرية‪ ،‬وتبرر مضمونها‪ ،‬من خالل ذكر ما لهذه النظرية من إيجابيات‬
‫وسلبيات‪.‬‬
‫وسأردف المبحثين بخاتمة‪ ،‬أعرض فيها أهم الخالصات والنتائج‪ ،‬التي توصل إليها‬
‫البحث‪.‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫‪3‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫التمهيد‬
‫هل يستطيع النقد الثقافي أن يكون بديالً عن النقد األدبي؟!‪.‬‬
‫نظر ألن مفهوم‬‫من المفيد الوقوف على هذا السؤال‪ ،‬فضالً عن بيان أهميته في األدب؛ ًا‬
‫النقد الثقافي‪ ،‬من أكثر المفاهيم تأَِب ًيا على التفسير والتبيين؛ نتيجة لتباين اآلراء حوله واختالفها‪،‬‬
‫أدت إلى الخلط في تحديد المراد منه‪ ،‬وبخاصة حين يستعمل في مجال الدراسات األدبية‬
‫التطبيقية‪.‬‬
‫فهو سؤال يبين إن التفاعل الذي استحدثته عملية االحتكاك بين الشعوب‪ ،‬قد أدى إلى‬
‫فرز جملة من المعطيات واالنشغاالت‪ ،‬مما ساعد على استقدام أفكار وجملة من التيارات‬
‫الفكرية واألدبية‪ ،‬والفلسفية ذات التوجه الجديد‪ ،‬كما هو الحال في كتاب‪( :‬النقد الثقافي‪ :‬قراءة‬
‫في األنساق الثقافية العربية)‪ ،‬للدكتور عبدهللا الغذامي‪ ،‬وهو جملة من االنشغاالت الحادة‪،‬‬
‫مفصلة للمشروع‪ ،‬الذي ينبغي أن يعرض ويثري الحداثة العربية‪،‬‬ ‫ظهرت في مقدمته أسئلة َّ‬
‫والمشروع الثقافي المحتمل؟‪.‬‬
‫وينبغي على الناقد؛ أن يترجم تجربته في األدب إلى مصطلحات فكرية‪ ،‬وأن يتمثلها‬
‫ويحولها إلى خطة متماسكة وعقالنية‪ .‬كما أن النقد يحتاج إلى شيء من الفن والحس‪ ،‬في بناء‬
‫المعرفة بالموضوع الذي يشتغل عليه؛ ألن النقد ال يهدف إلى إنتاج معرفة عملية فقط‪ ،‬بل إنه‬
‫أيضا‪ ،‬يزاوج فيها بين التأمل والخيال‪ ،‬بقصد بلوغ معرفة باألدب تكشف‬ ‫ممارسة جمالية ً‬
‫خصوصيته الثقافية‪.‬‬
‫((‬
‫يقر الغذامي قائالً‪ :‬إنني‬‫ومن منطلق توازي القوى الفاعلة على مستوى النقد الثقافي‪ُّ ،‬‬
‫أحس أننا بحاجة إلى النقد الثقافي أكثر من النقد األدبي‪ ،‬ولكن انطال ًقا من النقد األدبي؛ ألن‬
‫فعالية النقد األدبي ُجربت‪ ،‬وصار لها حضور في مشهدنا الثقافي‪ ،...‬أدعو إلى العمل على‬
‫فعالية النقد الثقافي‪ ،‬انطال ًقا من النقد األدبي وعبر أدواته‪ ،‬التي حازت على ثقتنا‪ ،‬بعدما‬
‫أخضعناها للمعايير المعروفة عالميًّا‪ ،...‬وأن المشكالت أو المالحظات التي تسجل على النقد‬
‫األدبي؛ ال تتوجه نحو األدوات أو الضرورات‪ ،‬وإنما تتوجه إلى الغايات والمقاصد))(‪.)1‬‬
‫أما بخصوص العالقة‪ ،‬أو الفرق بين النقد األدبي والنقد الثقافي‪ ،‬فمن الممكن البحث‬
‫عن إجابات لألسئلة اآلتية‪ :‬هل في النقد األدبي سلبيات؛ تجعلنا نبحث له عن بديل آخر؟‪.‬‬
‫مثال هل بمقدور النقد الثقافي‪ ،‬أن يكون بديالً عن النقد األدبي؟‪ .‬أو أن النقد الثقافي في الحقيقة‬
‫مصطلح ومنهج حديث‪ ،‬لوظيفة أدبية ونقدية قديمة؟‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪(( :‬ما زال كثير من‬
‫الباحثين‪ ،‬مثل عبدالعزيز حمودة‪ ،‬يرون في النقد الثقافي (مجرد) افتنان فئة‪ ،‬من األساتذة‬
‫العرب بمنهج نقدي غربي‪ ،‬لم يثبت فعاليته حتى داخل الثقافات الغربية التي أفرزته‪ .‬ومنهم‬
‫من ال يرى في النقد الثقافي‪ ،‬إال إحدى مظاهر العولمة))(‪.)2‬‬

‫‪4‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫ظروف النشأة‪ ،‬والتعريف‪ ،‬واالنتشار العربي والعالمي‪:‬‬
‫عد األدب ظاهرة إنسانية‪ ،‬وفهم اإلنسان وفكره عملية معقدة‪ ،‬وبالتالي يستلزم علينا‬ ‫ُي ُّ‬
‫اإلقرار بإشكالية األدب‪ ،‬وعدم شمولية النظريات والممارسات النقدية للظاهرة األدبية‪.‬‬
‫ونظرية النقد الثقافي؛ واحدة من تلك النظريات‪ ،‬بل من أحدث التوجهات النقدية‬
‫والمعرفية‪ ،‬التي ظهرت على الساحة األدبية‪ ،‬في تحليل الخطاب األدبي‪ ،‬من حيث المعايير‬
‫النقدية‪ ،‬واألداء الذي يجمع آليات المدارس النقدية المختلفة‪ .‬لذا سأتناول في هذا المبحث؛‬
‫ظروف نشأة نظرية النقد الثقافي‪ ،‬مع التعريف بتلك النظرية‪ ،‬وانتشارها العربي والعالمي‪ ،‬من‬
‫خالل المطالب الثالثة التالية‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ظروف النشأة‪ ،‬والدواعي إلى هذه النظرية‪:‬‬
‫لم تكن نظرية النقد الثقافي وليدة اليوم‪ ،‬بل ظهرت في الغرب في القرن الثامن عشر‪،‬‬
‫واهتمت بالمهمل والمهيمن والمعارض‪ ،‬مستفيدة من التاريخ والفلسفة‪ ،‬والدراسات االجتماعية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬ومن الخطأ الشائع عند البعض؛ أنها نظرية ابتكرها َّ‬
‫الغذامي‪ ،‬فهو قد انطلق من‬
‫تلك الدراسات الثقافية؛ ليضع نظرية في حالة العرب الشعرية‪ ،‬ولكنه لم يحسن االستفادة من‬
‫تلك النظريات‪.‬‬
‫إذن تندرج الدراسات الثقافية‪ ،‬في إشكالية دراسة كل أنماط اإلنتاج الثقافي‪ ،‬في عالقاتها‬
‫بالممارسات اليومية؛ األيديولوجيات‪ ،‬المؤسسات‪ ،‬اللغات‪ ،‬السلطات‪ ،‬وهي خالصة نقد ال يرتكز‬
‫على منهج‪ ،‬أو حقول استثمارات واضحة‪ ،‬بل يتمرد على المناهج المحصلة دون الخضوع‬
‫إلحداهما(‪.)1‬‬
‫ويبدو أن معالم النقد الثقافي‪ ،‬اتضحت بشكل منهجي في بداية الثمانيات في كتابات عدد‬
‫من النقاد‪ .‬وال سيما أستاذ جامعة بيركلي ـ كاليفورنيا (ستيفن جرينبالت ‪،)Stephen Greenbelt‬‬
‫وتحديدا في دراسته الذائعة‬
‫ً‬ ‫الذي قام بدراسات جادة حول عصر النهضة والدراما الشكسبيرية‪،‬‬
‫الصيت‪( :‬الرصاصات الخفية ـ ‪ ،) Invisible‬وقدد حدد جرينبالت معالم التحليل الثقافي‪،‬‬
‫بقوله‪ (( :‬في النهاية ال بد للتحليل الثقافي الكامل‪ ،‬أن يذهب إلى ما هو أبعد من النص؛ ليحدد‬
‫الروابط بين النص والقيم من جهة‪ ،‬والمؤسسات والممارسات األخرى في الثقافة من جهة‬
‫أخرى))(‪.)2‬‬

‫‪5‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫مستندا على القراءة المتأنية المحللة‪ ،‬إلى‬
‫ً‬ ‫ويرى (جرينبالت) أن هذا المنهج يسعى‬
‫استعادة القيم الثقافية‪ ،‬التي امتصها النص األدبي؛ ألن ذلك النص خالف النصوص األخرى‪،‬‬
‫يستطيع أن يتضمن بداخله السياق الجديد‪ ،‬وبالتالي تكوين صورة للثقافة كنظام معقد(‪،)3‬‬
‫((‬
‫أيضا‪ ،‬من خالل مؤسسات‬
‫أو شبكة من المفاوضات لتبادل السلع واألفكار‪ ،‬بل وتبادل البشر ً‬
‫مثل‪ :‬االسترقاق‪ ،‬والتبني‪ ،‬والزواج))(‪.)4‬‬
‫بل‬ ‫إن النقد الثقافي؛ ال يدرس النص من ناحيته الجمالية المعروفة في نصوصنا األدبية‪،‬‬
‫يتعـمق إلى أكثر من ذلك‪ ،‬من خالل ربـط النـص باأليديـولوجيـات‪ ،‬والعوامل األخـرى المؤثـرة؛‬
‫كالسياسة‪ ،‬واالجتماع‪ ،‬واالقتصاد‪ ،‬وغيرها‪ ،‬من أجل الكشـف عنها‪ ،‬وتحليلها بعد االنتهاء من‬
‫عملية تفكيك النص وتشريحة‪.‬‬
‫ومنهج (فنسنت ب‪ .‬ليتش)‪ ،‬في النقد الثقافي‪ ،‬يقوم على التحليل والدمج بين المعطيات‬
‫مستخدما علم االجتماع‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬والسياسة‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬دون أن يهمل‬ ‫ً‬ ‫النظرية والمنهجية‪،‬‬
‫منهج التحليل النقدي األدبي‪ ،‬جاعالً النقد الثقافي مراد ًفا لمصطلح الحداثة‪ ،‬وما بعد البنيوية(‪،)1‬‬
‫خصه بميزات ثالث‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫ثم َّ‬
‫كالسياسة‪ ،‬واالجتماع‪ ،‬واالقتصاد‪ ،‬وغيرها‪ ،‬من أجل الكشـف عنها‪ ،‬وتحليلها بعد االنتهاء من‬
‫عملية تفكيك النص وتشريحة‪.‬‬
‫ومنهج (فنسنت ب‪ .‬ليتش)‪ ،‬في النقد الثقافي‪ ،‬يقوم على التحليل والدمج بين المعطيات‬
‫مستخدما علم االجتماع‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬والسياسة‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬دون أن يهمل‬ ‫ً‬ ‫النظرية والمنهجية‪،‬‬
‫منهج التحليل النقدي األدبي‪ ،‬جاعالً النقد الثقافي مراد ًفا لمصطلح الحداثة‪ ،‬وما بعد البنيوية(‪،)1‬‬
‫خصه بميزات ثالث‪ ،‬هي‪:‬‬
‫ثم َّ‬
‫((أوالً‪ :‬إنه يتمرد على الفهم الرسمي‪ ،‬الذي تشيعه المؤسسات للنصوص الجمالية‪ ،‬فيتسع إلى‬
‫ما هو خارج مجال اهتمامها‪.‬‬
‫يجا من المناهج‪ ،‬التي تعنى بتأويل النصوص‪ ،‬وكشف خلفياتها التاريخية‪،‬‬
‫ثانيا‪ :‬إنه يوظف مز ً‬‫ً‬
‫آخ ًذا باالعتبار األبعاد الثقافية للنصوص‪.‬‬

‫‪6‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫ثال ًثا‪ :‬إن عنايته تنصرف بشكل أساسي‪ ،‬إلى فحص أنظمة الخطابات‪ ،‬والكيفية التي بها يمكن‬
‫أن تفصح بها النصوص عن نفسها‪ ،‬ضمن إطار منهجي مناسب))(‪.)2‬‬
‫مجسدة بصورة تمتاز‬
‫وهذي جملة خصائص ظهرت في النصف الثاني من الستينيات‪َّ ،‬‬
‫بالسهولة في عرض أفكار ومناهج شخصيات؛ مثل‪( :‬بارت‪ ،‬وتودروف‪ ،‬وفوكو‪ ،‬ودريدا‪ ،‬وإدوارد‬
‫سعيد‪ ،‬وكرستيفا)‪ .‬فـ (تودروف) مثالً تنقل بين البنيوية‪ ،‬ثم النقد الحواري‪ ،‬عند تحليله البارع‬
‫لخطابات الفتح اإلسباني لألمريكيتين‪ ،‬وانتقل إلى دراسة األخالقيات والتاريخ‪ ،‬وانتهى بمعالجات‬
‫ثقافية خاصة بالعالقات‪ ،‬كالعالقة بين (األنا)‪ ،‬و(اآلخر)(‪ .)3‬شأنه في ذلك شأن إدوارد سعيد‪،‬‬
‫الذي مازج بحرية بين األدب الروائي واألدب المقارن‪ ،...‬التي أوجدها الغرب في الثقافات‬
‫والشعوب األخرى‪ ،‬ثم الربط بين نشأة الرواية كظاهرة ثقافية وامبريالية بصورة بارزة(‪.)4‬‬
‫وبناء على ما ذكرت سابًقا عن النقد الثقافي؛ أجمل األستاذ محمد الناغي أهمية هذا‬
‫ً‬
‫النقد فيما يلي‪:‬‬
‫((أوالً‪ :‬إبعاد االنتقائية المتعالية‪ ،‬التي تفصل بين اإلنتاج النخبوي‪ ،‬واإلنتاج الشعبي؛ فيقوم‬
‫بدراسة ما هوجمالي وغير جمالي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬كشف جماليات أخرى في النص‪ ،‬لم ُيلتَفت إليها من قبل‪.‬‬
‫ً‬
‫ثال ًثا‪ :‬الدخول في عمق النص‪ ،‬بدالً من النظرة السطحية‪.‬‬
‫ابعا‪ :‬كشف القيم الفضلى والحقيقية للنص‪.‬‬‫ر ً‬
‫خامسا‪ :‬تذوق النص باعتباره قيمة ثقافية‪ ،‬ال مجرد قيمة جمالية‪ ،‬وذلك من خالل عن الكشف‬
‫ً‬
‫عن األنساق المضمرة في الخطاب الثقافي‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬الكشف عن حقائق تحيط بالنص وقائله‪ ،‬من معرفة الخلفية التاريخية للنص وقائله‪،‬‬
‫ً‬
‫وأهم المقومات التي أثرت في شخصية القائل‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬ربط العل وم اإلنسانية باألدب (علم االجتماع ـ علم النفس ـ التاريخ)؛ مما يساهم في‬
‫ً‬
‫إثراء النص والساحة الثقافية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫المهمشة‪ ،‬من خالل إلقاء الضوء عليها‪ ،‬حيث يهتم هذا‬
‫َّ‬ ‫ثامًنا‪ :‬كشف حقائق متعلقة بالنصوص‬
‫النوع من النقد بنصوص المعارضة‪ ،‬واألدب الشعبي‪ ،‬األدب النسوي‪ ،‬ونحو ذلك))(‪.)1‬‬
‫وعليه فإن النقد الثقافي‪ ،‬فضاء رحب ال تحكمه قيود الموضوع والمنهج‪ ،‬ألنه نتاج فكر‬
‫بشري‪ ،‬يسير وفق نشاطهم وحركهتم وتفاعلهم‪ ،‬مع المعرفة اإلنسانية‪ ،‬والكيفية الواقعية‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التعريف بنظرية النقد الثقافي‪:‬‬
‫كي تتضح تلك الظروف والدواعي‪ ،‬ال بد من البحث عن تعريف نظرية النقد الثقافي‪،‬‬
‫ولعل من أشهر تعريفات النقد الثقافي؛ محاولة تعريف الدكتور عبدهللا َّ‬
‫الغذامي‪ ،‬فهو يرى أنه‬
‫(( فرع من فروع النقد النصوصي العام‪ ،‬ومن ثم فهو أحد علوم اللغة‪ ،‬وحقول (األلسنية)‪ ،‬معني‬
‫بنقد األنساق المضمرة‪ ،‬التي ينطوي عليها الخطاب الثقافي‪ ،‬بكل تجلياته وأنماطه وصيغه‪ ،‬ما‬
‫هو غير رسمي‪ ،‬وغير مؤسساتي‪ ،‬وما هو كذلك سواء بسواء‪ ،...‬وهو لذا معني بكشف ال‬
‫الجمالي‪ ،‬كما شأن النقد األدبي‪ ،‬وإنما همه كشف المخبوء من تحت أقنعة البالغي ‪/‬‬
‫الجمالي))(‪.)1‬‬
‫أما في اللغة العربية‪ ،‬فيرى سعيد البازعي‪ ،‬وميجان الرويلي في كتابهما‪ ،‬أن النقد الثقافي‬
‫في داللته العامة‪ ،‬يمكن أن يكون مراد ًفا "للنقد الحضاري"‪،‬كما مارسه طه حسين‪ ،‬والعقاد‪،‬‬
‫وأدونيس‪ ،‬ومحمد عابد الجابري‪ ،‬وعبدهللا العروي‪ .‬لهذا فهما يعرفان النقد الثقافي على أنه‪:‬‬
‫موضوعا لبحثه وتفكيره‪ ،‬ويعبر عن مواقف إزاء‬
‫ً‬ ‫((نشاط فكري يتخذ من الثقافة بشموليتها‬
‫تطوراتها وسماتها))(‪.)2‬‬
‫ومن خالل ما سبق؛ أذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ النقد الثقافي؛ هو الذي يدرس النص ال من الناحية الجمالية‪ ،‬بل من حيث عالقته‬
‫باأليديولوجيات‪ ،‬والمؤثرات التاريخية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬والفكرية‪ ،‬ويقوم‬
‫بالكشف عنها‪ ،‬وتحليلها بعد عملية التشريح النصيَّة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى اهتمامه بموضوعات تتعلق بالسلطة‪ ،‬وتهدف من ذلك إلى اختيار مدى‬
‫تأثير تلك العالقات‪ ،‬على شكل الممارسات الثقافية‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫بعيدا عن حدود الدراسات‬
‫‪2‬ـ وهو النقد‪ ،‬الذي يستكشف الجماليات الثقافية في الخطاب‪ً ،‬‬
‫النصيَّة‪ ،‬التي تستكشف جماليات الكلمة‪ ،‬داخل إطار النص المغلق‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وهو النقد‪ ،‬الذي يدرس األنساق الثقافية في الخطاب‪ ،‬باعتباره ال يصدر عن فراغ‪ ،‬بل هو‬
‫متفاعل مع بيئته وتاريخه وثقافته‪ ،‬بمعناها األعم‪.‬‬
‫كالما‬
‫عرا‪ ،‬أو ً‬
‫‪4‬ـ وهو النقد‪ ،‬الذي يدرس كل خطاب‪ ،‬بما أنه خطاب‪ ،‬بغض النظر عن كونه ش ً‬
‫شعبيًّا‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬فيقوم بتحليله؛ لكشف أنظمته العقلية‪ ،‬وغير العقلية‪ ،‬بتعقيداتها‬
‫وتعارضاتها‪.‬‬
‫فالنقد الثقافي يعني؛ التوسع في مجاالت االهتمام والتحليل لألنساق‪ ،‬حتى غدا جزء من‬
‫كل "الدراسات الثقافية"‪ ،‬بما تعنيه الثقافة التي توجز بأنها‪(( :‬دائرة نشاط اإلنسان المتحققة على‬
‫باقيا))(‪.)3‬‬
‫أثر ً‬‫مستقرا‪ ،‬والراسخة فيمن يدب فوقها من البشر ًا‬
‫ً‬ ‫األرض فعالً‬
‫وعلى هذا األساس؛ يمكن لنا أن ندخل النقد األدبي مع النقد الثقافي‪ ،‬الذي بدوره يضم‬
‫كما من المعارف اإلنسانية‪ ،‬والفلسفية‪ ،‬واألدبية‪ ،‬ومن هنا؛ فال خوف على األدب من هجر‬
‫ًّ‬
‫أدبا‪ ،‬وبكونه‬
‫الخصوصية‪ ،‬التي يمثلها في طريقة التعامل معه‪ ،‬وبذلك تتم دراسة النص بكونه ً‬
‫خطابا ثقافيًّا‪.‬‬
‫ً‬
‫وعربيا‪:‬‬
‫ًّ‬ ‫عالميا‬
‫ًّ‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬انتشار نظرية النقد‬
‫إن الظهور الفعلي والحقيقي للنقد الثقافي‪ ،‬لم يتحقق إال في الثمانيات من القرن العشرين‬
‫(‪ 1985‬م)‪ ،‬وذلك في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬حيث استفاد هذا النقد من البنيوية اللسانية‪،‬‬
‫والنتروبولوجيا‪ ،‬والتفكيكية‪ ،‬ونقد ما بعد الحداثة‪ ،‬والحركة النسوية‪ ،‬ونقد العنوسة‪ ،‬وأطروحات‬
‫ما بعد االستعمارية(‪.)1‬‬
‫ومن ثم؛ لم ينطلق النقد الثقافي‪ ،‬إال بظهور مجلة‪( :‬النقد الثقافي)‪ ،‬التي كانت تصدر‬
‫في جامعة مينيسوتا في شتى المجاالت الثقافية‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬أصبح النقد الثقافي يدرس في‬
‫معظم جامعات الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬التي كانت تعنى أيما عناية بتدريس العلوم‬

‫‪9‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫اإلنسانية‪ .‬بيد أن مصطلح النقد الثقافي‪ ،‬لم يتبلور منهجيًّا ومعرفيًّا‪ ،‬إال مع بداية التسعينيات‬

‫من القرن الماضي‪ ،‬مع الناقد األمريكي (فنسنت ب‪ .‬ليتش)‪ ،‬الذي أصدر سنة ‪1992‬م‪ً ،‬‬
‫كتابا‬
‫قيما بعنوان‪( :‬النقد الثقافي نظرية األدب لما بعد الحداثة)(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫لذا فإن (ليتش)؛ هو أول من أطلق مصطلح النقد الثقافي‪ ،‬على نظرية ما بعد الحداثة‪،‬‬
‫واهتم بدراسة الخطاب‪ ،‬في ضوء التاريخ والسوسيولوجيا‪ ،‬والسياسة‪ ،‬والمؤسساتية‪ ،‬ومناهج النقد‬
‫األدبي‪ ،‬وتعامل معها من خالل رؤية ثقافية‪ ،‬تستكشف ما هو غير مؤسساتي‪ ،‬وما هو غير‬
‫جمالي‪ .‬كما يعتمد النقد الثقافي عند ليتش‪ ،‬على التأويل التفكيكي‪ ،‬واستقراء التاريخ‪ ،‬واالستفادة‬
‫من المناهج األدبية المعروفة‪ ،‬واالستعانة بالتحليل المؤسساتي‪.‬‬
‫كما أن منهجية (ليتش)؛ هي منهجية حفرية لتعرية الخطابات‪ ،‬بغية تحصيل األنساق‬
‫وتأثيرا‪ ،‬مع التركيز‬
‫ً‬ ‫مضمونا‬
‫ً‬ ‫استكناها‪ ،‬وتقويم أنظمتها التواصلية والمرجعية‬
‫ً‬ ‫الثقافية‪ ،‬استكشا ًفا و‬
‫متأثر في ذلك بـ‬
‫على األنظمة العقلية والالعقلية للظواهر النصية؛ لرصد األبعاد األيديولوجية‪ً ،‬ا‬
‫(جاك ديريدا)‪ ،‬و(روالن بارت)‪ ،‬و(ميشيل فوكو)‪.‬‬
‫بمعنى أن (فنسنت ب‪ .‬ليتش)‪ ،‬يدعو إلى "نقد ثقافي ما بعد بنيوي"‪ ،‬تكون مهمته‬
‫األساسية‪ ،‬تمكين النقد المعاصر من الخروج من نفق الشكالنية‪ ،‬والنقد الشكالني‪ ،‬الذي حصر‬
‫الممارسات النقدية داخل إطار األدب‪ ،‬كما تفهمه المؤسسات األكاديمية الرسمية‪ ،‬وبالتالي‬
‫تمكين النقاد من تناول مختلف أوجه الثقافة‪ ،‬وال سيما تلك التي يهملها عادة النقد األدبي‪ ،‬مع‬
‫استعراضه لمجموعة من األعمال الثقافية‪ ،‬التي تنتمي إلى النقد المؤسساتي‪.‬‬
‫ويؤكد (ليتش)‪ ،‬عند تناوله لطبيعة الروابط‪ ،‬بين النقد الثقافي‪ ،‬والنقد األدبي‪ ،‬أن هذين‬
‫النقدين مختلفان‪ ،‬على الرغم من وجود بعض نقاط االلتقاء‪ ،‬واالهتمامات المشتركة بينهما‪.‬‬
‫ويعكس بعض المهتمين اآلخرين بالنقد الثقافي‪ ،‬الذين يرون أن على النقد الثقافي‪ ،‬أن يركز‬
‫على تلك الظواهر‪ ،‬ال تي يهملها النقد األدبي‪ ،‬مثل‪ :‬مظاهر الثقافة الشعبية أو الجماهيرية‪،‬‬
‫ويبتعد عن الميادين األدبية "المتعالية" كنظرية األدب‪ ،‬يرفض (فنسنت ب‪ .‬ليتش)‪ ،‬الفصل بين‬

‫‪10‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫النقد األدبي والنقد الثقافي‪ ،‬ويرى أن اختصاصيي األدب‪ ،‬يمكن أن يمارسوا النقد الثقافي‪،‬‬
‫دون أن يتخلوا عن اهتماماتهم األدبية‪.‬‬
‫ومن أهم النقاد العرب‪ ،‬الذين انبهروا بالنقد الثقافي عند (ليتش)‪ ،‬الناقد السعودي عبدهللا‬
‫الغذامي(‪ ، )1‬في مجموعة من كتبه النظرية والتطبيقية‪ ،‬وأشهرها‪( :‬النقد الثقافي قراءة في‬‫محمد َّ‬
‫مشبوبا‪،‬‬
‫ً‬ ‫جديا‬
‫طرحا ً‬
‫األنساق الثقافية العربية)‪ ،‬حيث تولى بجرأة وشجاعة طرح فكرة النقد الثقافي ً‬
‫وكتاب‪( :‬تأنيث القصيدة والقارئ المختلف)‪ ،‬وكتاب‪( :‬نقد ثقافي أم نقد أدبي)‪.‬‬
‫فإذا أخذت كتابه‪( :‬النقد الثقافي)‪ ،‬الذي ظهر في طبعته األولى سنة ‪2000‬م‪ ،‬وجدت‬
‫أن الكاتب يحدد فيه فهمه للنقد الثقافي‪ ،‬ويذكر أهم الخلفيات المعرفية‪ ،‬التي كانت وراء ظهور‬
‫ائدا له‪ ،‬في الحقل النقدي األمريكي‪.‬‬
‫هذا النقد‪ ،‬مع التركيز على (فنسنت ب‪ .‬ليتش)‪ ،‬باعتباره ر ً‬
‫وبعد ذلك‪ ،‬ينتقل الكاتب إلى توضيح عدته المنهجية‪ ،‬التي حصرها في مجموعة من المفاهيم‪،‬‬
‫كالجملة الثقافية‪ ،‬والمجاز الثقافي‪ ،‬والتورية الثقافية‪ ،‬والداللة الثقافية‪ ،‬والوظيفة النسقية‪ ،‬والنسق‬
‫المضمر‪ ،‬والمؤلف المزدوج‪ ،...‬ومن ثم‪ ،‬يخلص إلى تطبيق منهجيته الثقافية‪ ،‬على الشعر‬
‫مركز على أشعار المتنبي‪ ،‬وأبي تمام‪ ،‬ونزار قباني‪،‬‬
‫ًا‬ ‫العربي القديم والحديث والمعاصر‪،‬‬
‫وأدونيس‪.‬‬
‫ويمكن اعتبار د‪ .‬عبدهللا َّ‬
‫الغذامي؛ أول من حاول تبني مفهوم النقد الثقافي في معناه‬
‫الحديث‪ ،‬الذي حدده (فنسنت ب‪ .‬ليتش)‪ ،‬واستخدم أدواته الستكشاف عدد من الظواهر الثقافية‬
‫العربية‪ ،‬التي لم تستطع‪ ،‬مختلف مدارس النقد األدبي السابقة التصدي لها‪.‬‬
‫قديما‪ ،‬وحديثًا لم يتعامل إال مع النصوص‪،‬‬ ‫َّ‬
‫كما يتهم د‪ .‬عبدهللا الغذامي النقد األدبي أنه ً‬
‫التي تعترف المؤسسة الثقافية الرسمية بأدبيتها وجمالها‪ ،‬واستبعد النصوص والظواهر الثقافية‬
‫األخرى‪ ،‬التي ال تحظى باستحسان تلك المؤسسة‪ ،‬التي وضعت معايير صارمة لتقنين ما هو‬
‫جمالي‪ ،‬وما هو غير جمالي‪ ،‬وقد أدى ذلك‪ ،‬إلى إهمال ما هو مستحسن جماهيريًّا‪ ،‬مثل‪ :‬كتاب‬
‫(ألف ليلة وليلة)‪ ،‬واألغنية الشبابية‪ ،‬والنكتة الشائعة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫ويرى َّ‬
‫الغذامي؛ أن تركيز النقد األدبي على النصوص األدبية (الرسمية)‪ ،‬قد جعل منه‬
‫قلعة أكاديمية معزولة‪ ،‬وغير فاعلة بين عامة الناس‪.‬‬
‫لهذا يرى َّ‬
‫الغذامي؛ أن النقد األدبي الذي لم يلتفت إال إلى الجماليات‪ ،‬قد فشل في‬
‫الكشف عن القبح‪ ،‬الذي يستتر تحت الغطاء البالغي‪ .‬ومهمة النقد الثقافي الذي يسعى إلى‬
‫رفع ستار البالغة عن العمل األدبي‪ ،‬هي تبصيرنا بخطر العيوب النسقية المختبئة تحت عباءة‬
‫الجمالي‪.‬‬
‫أما في كتابه الثاني‪( :‬نقد ثقافي أم نقد أدبي؟)(‪ ،)2‬فقد دخل في سجال نقدي مع الدكتور‬
‫أصطيف (الباحث السوري)‪ ،‬حول مبادئ النقد الثقافي‪ ،‬وقد تبين لنا مدى التباعد بين الكاتبين‪،‬‬
‫واختالف وجهة نظريهما بشكل طبيعي؛ فاألول يدافع عن النقد الثقافي‪ ،‬والثاني يدافع عن النقد‬
‫األدبي‪.‬‬

‫هذا؛ وقد أصـدر الباحـث الج ازئـري حـفناوي بعلـي كت ً‬


‫ـابا‪ ،‬بعـنوان‪( :‬مدخـل إلى نظرية‬
‫معتمدا في عرض آرائه على كتابات عبدهللا َّ‬
‫الغذامي‪ ،‬التي تُ ُّ‬
‫عد مراجع‬ ‫ً‬ ‫النقـد الثقافي المقارن)‪،‬‬
‫ونقدا(‪.)1‬‬
‫وجمعا‪ ،‬وتوثيًقا ً‬
‫ً‬ ‫ومصادر أساسية لكل الكتابات العربية‪ ،‬في النقد الثقافي بحثًا‬
‫أما الدكتور صالح قنصوة‪ ،‬في كتابه‪( :‬تمارين في النقد الثقافي)(‪ ،)2‬فإنه يدرس الجمل‬
‫واألمثال الشعبية الشائعة والمتداولة بين الناس‪ ،‬وذلك في ضوء المقارنة الثقافية‪ ،‬القائمة على‬
‫مجموعة من التصورات الفلسفية ذات الطابع االجتماعي‪ ،‬لكي يقيم الدليل على انعدام الهوة‪،‬‬
‫بين اإلنسان العامي‪ ،‬واإلنسان المثقف‪ ،‬مختلًفا في ذلك مع أبي حامد الغ ازلي‪ ،‬وابن سينا‪ ،‬وأبي‬
‫حيان التوحيدي‪ ،‬ومن ثم يتضمن الكتاب قواعد وتمارين تطبيقية‪ ،‬ووضعيات لإلنجاز‪.‬‬
‫ويرى صالح قنصوة؛ أن النقد الثقافي يقوم على دراسة النصوص والخطابات في ضوء‬
‫المقاربة‪ ،‬وبالتالي؛ يحصر النقد الثقافي‪ ،‬في نقد األساطير واألوهام‪ ،‬على غرار تفكيكية (جاك‬
‫وتفكيكا‪.‬‬
‫ً‬ ‫تقويضا‬
‫ً‬ ‫ديريدا)‪ ،‬ونقد األصولية الدينية‬
‫عالوة على ذلك؛ ينتقد بعض النصوص في ضوء المقاربة الثقافية؛ كدراسة (ألف ليلة‬
‫وليلة)‪ ،‬الزاخرة باألنساق الجمالية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والفلسفية‪ ،‬والحجاجية‪ .‬كما يرصد المؤلف ثنائية‬

‫‪12‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫الهوية والغير‪ ،‬من خالل الدفاع عن الذات‪ ،‬ولكن الكاتب يمارس في الوقت نفسه النقد الذاتي؛‬
‫ورصدا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يحا‬
‫تفكيكا وتشر ً‬
‫ً‬ ‫لتقويم بنية الثقافة العربية‪،‬‬
‫ومن الكتب التي تندرج ضمن النقد الثقافي‪ ،‬ما كتبه محسن جاسم الموسوي تحت‬
‫عنوان‪( :‬النظرية والنقد الثقافي)(‪ ،)3‬حيث يرى؛ أن النقد الثقافي‪ ،‬قد ظهر مرافًقا لنظريات ما‬
‫بعد الحداثة‪ ،‬أو ما بعد البنيوية‪ ،‬وأن هذا النقد‪ ،‬يستعين بمجموعة من العلوم المعرفية؛ لمعرفة‬
‫أثر فعل الثقافة في المجتمعات‪ .‬ويعنى الكتاب بقضية الحياة الثقافية وتعقيداتها‪ ،‬وأنساقها في‬
‫المجتمعات العربية‪ ،‬والكتاب في الحقيقة‪ ،‬دعوة صريحة لممارسة النقد الذاتي‪ ،‬وتصحيح‬
‫أخطائنا وعيوبنا‪ ،‬والنظر إلى الواقع بمنظار تفكيكي حقيقي‪ ،‬بغية التحرر من شرنقات النقص‪،‬‬
‫والتخلف والتقوقع الحضاري‪.‬‬
‫وبرى جاسم الموسوي؛ أن النقد الثقافي‪ ،‬يهتم ًا‬
‫كثير بتناول النصوص والخطابات‪ ،‬التي‬
‫تحيل على الهامشي‪ ،‬والعادي‪ ،‬والمبتذل‪ ،‬والعامي‪ ،‬واليومي‪ ،‬والسوقي‪ ،‬والوضيع‪ ،‬وذلك في‬
‫مقابل النصوص المنتقاة للكبار والمشهورين‪ ،‬من الكتَّاب والمبدعين‪.‬‬
‫ويكاد يتفق محسن جاسم الموسوي‪ ،‬مع عبدهللا َّ‬
‫الغذامي‪ ،‬حينما َي ُّ‬
‫عد نظرية السرقات الشعرية‪،‬‬
‫يسا للثقافة المركزية القرشية‪ ،‬التي كانت تتحكم بشكل‬
‫وفكرة الطبقية لدى الجمحي وغيره‪ ،‬تكر ً‬
‫من األشكال‪ ،‬في توجيه متلقي الشعر العربي‪ ،‬إذ كانت تفرض مجموعة من مقاييس التقبل‬
‫واالستجابة‪ ،‬وتشترط معايير االستساغة الجمالية‪ ،‬والفنية الصحيحة‪.‬‬
‫وبعد هذا العرض المجمل؛ النتشار نظرية النقد الثقافي عالميًّا وعربيًّا‪ ،‬فإني سأقف‬
‫وقفات موجزة‪ ،‬ألهم المفاهيم األساسية‪ ،‬أستشرف من خاللها مضمون كل واحدة منها‪ ،‬وهذا‬
‫ما سيأتي في المبحث الثاني‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬


‫المبحث الثاني‬
‫المفاهيم األساسية في نظرية النقد الثقافي وقيمتها اإلجرائية‪:‬‬
‫يبدو أن النقد الثقافي‪ ،‬ليس نقد ثقافي فحسب‪ ،‬وإنما نعني به قراءة الثقافة‪ ،‬للبحث عن‬
‫المفاهيم األساسية في نظرية النقد الثقافي‪ ،‬وهي مفاهيم تعتمد على أدوات النقد األدبي‪ ،‬المعدلة‬
‫تعديالً ثقافيًّا‪ .‬لذا سأتناول في هذا المبحث؛ المفاهيم األساسية في نظرية النقد الثقافي‪ ،‬وقيمتها‬
‫اإلجرائية‪ ،‬من خالل المطلبان التاليان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المفاهيم األساسية في نظرية النقد الثقافي‪:‬‬
‫ينبني النقد الثقافي‪ ،‬على مجموعة من الثوابت والمفاهيم النظرية والتطبيقية‪ ،‬وهي بمثابة‬
‫مرتكزات فكرية ومنهجية‪ ،‬ال من بد أن ينطلق منها الباحث أو الدارس؛ لمقاربة النصوص‬
‫وتفسير وتأويالً‪ .‬وتتمثل هذه المفاهيم والمرتكزات في العناصر التالية‪:‬‬
‫ًا‬ ‫فهما‬
‫والخطابات‪ً ،‬‬
‫أوالً‪ :‬النسق المضمر‪:‬‬

‫النسق في اللغة‪ :‬النَّ ُ‬


‫((‬
‫عام في‬
‫سق من كل شيء‪ :‬ما كان على طريقة نظام واحد‪ٌّ ،‬‬
‫األشياء‪ .‬والتَّ ْن ِسيق‪ :‬التنظيم))(‪ .)1‬فمن خالل معنى النسق في اللغة‪ ،‬يمكن أن تأتي مرادفة لمعنى‬
‫البنية (‪ ،)Structure‬أو معنى النظام (‪ ،) System‬حسب مصطلح (دي سوسير)‪ .‬واجتهد‬
‫باحثون عرب‪ ،‬في تحديد مفهومهم الخاص للنسق(‪.)2‬‬
‫اصطالحا‪ ،‬فليس هناك تحديد متفق عليه‪ ،‬ومع ذلك استطاع محمد‬
‫ً‬ ‫أما تعريف النسق‬
‫مكون من‬
‫مفتاح(‪ ،)3‬أن يستخلص النواة المشتركة‪ ،‬من تلك التعريفات‪ ،‬والنواة؛ هي أن النسق َّ‬
‫مجموعة من العناصر‪ ،‬أو من األجزاء التي يترابط بعضها ببعض‪ ،‬مع وجود مميز‪ ،‬أو مميزات‬
‫اعتمادا على هذا التحديد‪ ،‬يمكن أن تستخلص عدة خصائص للنسق‪:‬‬
‫ً‬ ‫بين كل عنصر وآخر‪.‬‬

‫‪14‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫مكون من عناصر مشتركة ومختلفة فهو نسق‪.‬‬
‫‪1‬ـ كل شيء َّ‬
‫‪2‬ـ له بنية داخلية ظاهرة‪.‬‬
‫‪3‬ـ حدود مستقرة بعض االستقرار‪ ،‬يتعرف عليها الباحثون‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ قبوله من المجتمع؛ ألنه يؤدي وظيفة فيه ال يؤديها نسق آخر‪.‬‬
‫عاما‪ ،‬يتولد‬
‫وبناء على الخاصية األخيرة؛ يمكن اعتبار مجتمع ما من المجتمعات نسًقا ً‬
‫عنه نسق سياسي‪ ،‬ونسق اقت صادي‪ ،‬ونسق علمي‪ ،‬ونسق ثقافي‪ ،‬تنسج عالقاتها فيما بينها‪،‬‬
‫في مسافات متفاعلة ومتداخلة‪.‬‬
‫انتظاما بنيويًّا‪ ،‬فإنه في هذا المفهوم‪ ،‬يصبح أعم وأشمل من البنية؛ ((ألن‬
‫ً‬ ‫وما دام النسق‬
‫النسق البنيوي مظهر من مظاهر النسق العام‪ ،‬فقد يكون هذا النسق مغلًقا‪ ،‬كما تطرحه البنيوية‬
‫مفتوحا‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة إلى المناهج النقدية األخرى‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ً‬ ‫الصورية‪ ،‬وقد يكون‬
‫وتبعا للتصورات التي تقدمها القراءة للنسق تتحدد‬
‫ً‬ ‫السيـميائيات والتأويليات المعاصرة‪،‬‬
‫طبيعته))(‪.)1‬‬
‫وبناء على ما سبق من تصور‪ ،‬ألحظ أن قراءة األنساق‪ ،‬فتحت المجال على التأويل‪،‬‬
‫كما يخضع هذا النسق‪ ،‬إلى شروط موضوعية‪ ،‬تتمثل في الجوانب االجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫فالنسق الثقافي‪ ،‬أحد أنواع األنساق االجتماعية؛ ألنه مجموعة من العالقات المترابطة‪،‬‬
‫القابلة لالنتقال من جيل إلى جيل‪ ،‬في ثقافة من الثقافات‪ ،‬لما لها من مرونة ومرجعية داللية‬
‫خاصة‪.‬‬
‫كما أن ا لنسق الثقافي‪ ،‬مجموعة اآلليات المعرفية والفكرية لفئة اجتماعية ما‪ ،‬أو‬
‫أليديولوجيا مترابطة ومتمايزة ومتفاعلة‪ ،‬تخص المعارف والفنون‪ ،‬واألخالق والمعتقدات‪ ،‬واللغة‪،‬‬
‫وغيرها من أنساق المجتمع‪ ،‬وتتصف بالمرونة‪ ،‬في االنتقال بين األفراد والجماعات واألجيال‪،‬‬
‫كما أنه سريع التأثر في الخطابات االجتماعية‪.‬‬
‫ولعلني في هذا السياق‪ ،‬أتذكر ما ذكره (فالديمير بروب)‪ ،‬من أن نسق الحكاية‪ ،‬مرتبط‬
‫بالنسق السردي العام‪ ،‬وهذا ما حاولت أن تطوره النظرية السردية(‪.)2‬‬

‫‪15‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫وي ُّ‬
‫عد (ليفي شتراوس)‪ ،‬من أوائل الذين نقلوا مصطلح (النسق) إلى الحقل الثقافي‪ ،‬في‬ ‫ُ‬
‫مؤكدا على وجود كلي‪ ،‬أو شامل وعالمي سابق على األنساق‪،‬‬
‫دراسته (األنثربولوجيا البنيوية)‪ً ،‬‬
‫أو األنظمة الفردية للنصوص‪ ،‬فظاهرة اللغة والثقافة‪ ،‬ذات طبيعة واحدة الثقافة‪ ،‬بينما اقترح‬
‫(أمبرتو إيكو)‪ ،‬مصطلح الوحدة الثقافية‪ ،‬وهي أي شيء‪ ،‬يمكن أن يعرف ثقافيًّا ويميز بوصفه‬
‫توجسا بالشر‪ ،‬خياالً‪ ،‬هلوسة فكرية‪.‬‬
‫ً‬ ‫شعورا‪ ،‬حالة‪،‬‬
‫ً‬ ‫مكانا‪،‬‬
‫شخصا‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫وحدة مستقلة‪ ،‬قد يكون‬
‫ونظر (أمبرتو إيكو) إلى الوحدة الثقافية‪ ،‬بوصفها وحدة داللية سميائية مدمجة في نظام‪ ،‬وقد‬
‫تتجاوز هذا النظام إلى التفاعل بين ثقافتين‪.‬‬
‫فالنسق (الثقافي) في هذه الحالة‪ ،‬هو وحدة ثقافية دالة‪ ،‬داخل حقل من الوحدات‪ ،‬يتطابق‬
‫مع تلك التي تحيل عليها العالمات‪(( ،‬فإن الثقافة في كليتها‪ُ ،‬ينظر إليها باعتبارها نسق‪ ،‬من‬
‫أنساق العالمات‪ ،‬حيث يصبح داخلها مدلوالً داالً لمدلول جديد‪ ،‬كيفما كانت طبيعة النسق‬
‫(كالم‪ ،‬موضوعات‪ ،‬سلع‪ ،‬أفكار‪ ،‬قيم‪ ،‬أحاسيس‪ ،‬إيماءات‪ ،‬أو سلوكات‪ .)...‬إن الثقافة؛ هي‬
‫الطريقة التي يتم بها تفكيك النسق‪ ،‬داخل ظروف تاريخية‪ ،‬وأنثروبولوجية بعينها‪ ،‬ضمن حركة‬
‫بدءا من الوحدات‬
‫بعدا موضوعيًّا‪ .‬وهذا التجزيء‪ ،‬يتم على كل المستويات‪ً ،‬‬ ‫تمنح المعرفة ً‬
‫اإلدراكية األولية‪ ،‬وانتهاء باألنساق األيديولوجية)) (‪.)3‬‬
‫بينما ينتهي محمد مفتاح‪ ،‬إلى مالحظة ((أن المفهوم المالئم في األنساق الثقافية‬
‫المفتوحة‪ ،‬هو التأرجح واألنموذج‪ ،‬وإن المنهاجية الشمولية‪ ،‬إذا حللت عناصر كل بنية وكشفت‬
‫عن خصائصها‪ ،‬واهتدت على القوانين التي تحكمها‪ ،‬ثم استخلصت الوظيفة الجامعة بينها‪،‬‬
‫فعندها تؤدي إلى الكشف عن نظام العناصر‪ ،‬وانتظامها‪ ،‬وإلى إحالل كل عنصر مرتبته‬
‫ودرجته‪ ،‬ضمن النسق العام)) (‪.)4‬‬
‫وفي سـؤاله عن ماهية النسـق الثـقافي‪ ،‬ذهـب َّ‬
‫الغذامي إلى تحليـل عناصـره ومكوناتـه‪،‬‬
‫((‬
‫قيما داللية‪ ،‬وسمات‬
‫ورأى وجوب توفر مجموعة من الشروط الجمالية والمعرفية‪ ،‬و يكتسب ً‬
‫اصطالحية خاصة تتحدد في‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أن النسق يتحدد عبر وظيفته‪ ،‬وليس عبر وجوده المجرد‪ ،‬والوظيفة النسقية‪ ،‬ال تحدث إال‬
‫في وضع محدد ومقيد‪ ،‬وهذا يكون حينما يتعارض نسقان‪ ،‬أو نظامان من أنظمة الخطاب‬
‫وناسخا للظاهر‪ ،‬ويكون ذلك في نص‬
‫ً‬ ‫أحدهما ظاهر‪ ،‬واآلخر مضمر‪ ،‬ويكون المضمر ً‬
‫ناقضا‬

‫‪16‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫واحد‪ ،‬أو فيما هو في حكم النص الواحد‪ ،‬ويشترط في النص‪ ،‬أن يكون جماليًّا‪ ،‬وإن يكون‬
‫جماهيريًّا‪ ...‬وإنما الجمالي ما اعتبره الرعية الثقافية جميالً))(‪.)1‬‬
‫ومن الشروط الجمالية والمعرفية األخرى‪ ،‬التي ذكرها َّ‬
‫الغذامي(‪.)2‬‬
‫نصا‬
‫‪2‬ـ أن نق أر النصوص واألنساق قراءة خاصة‪ ،‬باعتبارها حالة ثقافية‪ ،‬والنص هنا؛ ليس ًّ‬
‫أيضا حالة ثقافية‪.‬‬
‫أدبيًّا وجماليًّا فحسب‪ ،‬لكنه ً‬
‫‪3‬ـ النسق من حيث هو داللة مضمرة‪ ،‬فإن هذه ِ‬
‫الداللة ليست مصنوعة من مؤلف‪ ،‬ولكنها‬
‫منكتبة ومنغرسة في الخطاب‪ ،‬مؤلفتها الثقافة‪ ،‬ومستهلكوها جماهير اللغة‪.‬‬
‫‪4‬ـ النسق هنا ذو طبيعة سردية‪ ،‬يتحرك في حبكة متقنة‪ ،‬ولذا فهو خفي ومضمر‪،‬وقادر على‬
‫دائما‪ ،‬ويستخدم أقنعة كثيرة‪.‬‬
‫االختفاء ً‬
‫دائما‪.‬‬
‫‪5‬ـ األنساق الثقافية؛ أنساق تاريخية وراسخة‪ ،‬ولها الغلبة ً‬
‫‪6‬ـ النسق تورية ثقافية تشكل المضمر الجمعي‪.‬‬
‫قاهر قسريًّا مغفل الهوية‪ ،‬فحديثه عن هيمنة النسق‪،‬‬
‫فكر ًا‬
‫ويمثل النسق عند (فوكو)‪ً ،‬ا‬
‫يوضح طبيعة االشتغال على موضوعات الهامش‪ ،‬وتحليلها ثقافيًّا؛ ذلك ألنها وردت ضمن‬
‫ثنائيات ضدية‪ ،‬ذات طابع اجتماعي؛ كالفوقية‪ ،‬والدونية‪ ،‬والمركز‪ ،‬والهامش‪ ،‬وغيرها(‪.)3‬‬
‫بينما يرى سعيد يقطين‪ ،‬أن يكتب النص في زمن تاريخي‪ ،‬ويتحدد هنا الزمن أوالً‬
‫((‬

‫خارجا عن هذا‬
‫ً‬ ‫بسياق اجتماعي وثقافي محددين‪ ،‬وال يمكن إلنتاج الكاتب النصي‪ ،‬أن يكون‬
‫رفضا‪ ،‬وهذه البنيات المنتج في زمنيتها‬
‫سلبا‪ ،‬قبوالً أو ً‬
‫إيجابا أو ً‬
‫ً‬ ‫السياق‪ ،‬الذي يتفاعل معه‬
‫التاريخية هذا النص‪ ،‬تتجلى لنا ضمنيًّا‪ ،‬أو مباشرة في النص ذاته‪ ،‬لذلك يجب أن نقرأها من‬
‫داخل النص ذاته))(‪.)4‬‬
‫وبعد عرض التعريفات المختصرة عن مفهوم النسق‪ ،‬يمكننا القول‪ :‬إن النقد الثقافي‪،‬‬
‫يعتمد على مصطلح النسق المضمر‪ ،‬وهو نسق مركزي في إطار المقاربة الثقافية‪ .‬باعتبار أن‬
‫كل ثقافة معنية‪ ،‬تحمل في طياتها أنسا ًقا مهيمنة‪ ،‬فالنسق الجمالي والبالغي في األدب‪ ،‬يخفي‬
‫أنسا ًقا ثقافية مضمرة‪ .‬ويعني هذا؛ أن النقد الثقافي‪ ،‬يكشف أنسا ًقا متناقضة ومتصارعة‪ ،‬فيتضح‬

‫‪17‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫ـمر غير وا ٍع وغير معلن‪ ،‬يقول شـيئًا آخر‪ .‬وهذا‬
‫ظاهر يقول شـيئًا‪ ،‬ونسًقا مض ًا‬
‫ًا‬ ‫بأن هناك نسًقا‬
‫المضـمر؛ هو الذي‬
‫وغالب ا ما يختفي النسق الثقافي‪ ،‬وراء النسق الجمالي واألدبي‪.‬‬
‫ً‬ ‫يسمى بالنسق الثقافي‪.‬‬
‫ثانيا‪ِّ :‬‬
‫الداللة النسقية‪:‬‬ ‫ًّ‬
‫تبلورت ِ‬
‫الداللة النسقية‪ ،‬من خالل (( تضمن النص اإلبداعي لشقين دالليين؛ األول‪ ،‬هي‪:‬‬
‫الداللة الصريحة‪ ،‬التي تقع في نطاق الجملة النحوية‪ .‬والثاني‪ِ :‬‬
‫الداللة الضمنية‪ ،‬التي تقع في‬
‫كثيرا‪ ،‬لذا راح‬ ‫َّ‬
‫نطاق الجملة األدبية‪ .‬ومع قيمة الداللة الضمنية‪ ،‬فإن الغذامي‪ ،‬ال يعول عليها ً‬
‫الداللة النسقية‪ ،‬التي هي حاصل جمع ِ‬
‫الداللتين السابقتين؛‬ ‫يؤسس له داللة ثالثة‪ ،‬وهي‪ِ :‬‬
‫الصريحة والضمنية))(‪.)1‬‬
‫الداللة المباشرة الحرفية‪ ،‬و ِ‬
‫الداللة اإليحائية‬ ‫لذا يستند النقد الثقافي‪ ،‬إلى ثالث دالالت‪ِ :‬‬
‫المجازية الرمزية‪ ،‬و ِ‬
‫الداللة النسقية الثقافية‪.‬‬
‫بالداللة النسقية‪ ،‬ويهمنا هي‪ :‬الدَّالالت الثالث؛ ِ‬
‫الداللة الثقافية الرمزية‪ ،‬التي‬ ‫وما يتصل ِ‬
‫تكتشف على مستوى الباطن والمضمر‪ ،‬فتصبح أهم من ِ‬
‫الداللتين السابقتين‪ :‬الحرفية والجمالية‪.‬‬
‫الداللتين؛ الصريحة والضمنية‪ ،‬وكونهما ضمن حدود الوعي‬ ‫و((نحن نسلم بوجود ِ‬
‫المباشر‪ ،‬كما في الصريحة‪ ،‬أو الوعي النقدي‪ ،‬كما في الضمنية‪ ،‬أما ِ‬
‫الداللة النسقية‪ ،‬فهي في‬
‫المضمر‪ ،‬وليست في الوعي‪ ،‬وتحتاج إلى أدوات نقدية مدققة‪ ،‬تأخذ بمبدأ النقد الثقافي؛ لكي‬
‫تكتشفها‪ ،‬ولكي تكتمل منظومة النظر واإلجراء))(‪.)2‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬الوظيفة النسقية‪:‬‬
‫ُحدد النسق في جملة من األمور عبر وظيفته‪ ،‬حيث يتعارض النظامان (النسقان)‪،‬‬
‫وناسخا له‪ ،‬وهو النسق الظاهر‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫ً‬ ‫ناقضا لآلخر‬
‫مضمرا‪ً ،‬‬
‫ً‬ ‫اللذان يكون أحدهما‬
‫ضرورة وجود هذا النسق‪ ،‬في الخطاب الجمهوري‪ ،‬وال بد من اعتبار الخطاب حادثة ثقافية‪،‬‬
‫از ثقافيًّا‪ ،‬يستهلكه الجمهور باختالف الجنس‪ ،‬والطبقات‪ ،‬واألشكال‪ ،‬واعتبار‬
‫واعتبار النسق إفر ًا‬
‫قناعا‪ ،‬تمر من خالله األنساق بأمان‪ ،‬هذا إلى جانب اعتبار األنساق أزلية‬
‫الجماليات البالغية ً‬
‫تاريخية وراسخة‪ ،‬وغالبة على الذوق الجمهوري‪ ،‬وذلك ما يحدث في األغاني‪ ،‬والحكايات‪،‬‬

‫‪18‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫واألمثال والنكت‪ ،‬والشائعات واألشعار‪ ،‬وهو بهذا تورية ثقافية‪ ،‬تضم المضمر الجمعي في‬
‫صورة رمزية(‪.)3‬‬
‫بمسمى‬
‫َّ‬ ‫قديما‬
‫جديدا في الطرح األدبي‪ ،‬إال أنني أجده ً‬
‫ً‬ ‫ومع أن النسق الثقافي‪ ،‬يبدو‬
‫آخر‪ ،‬وهو ( الالشعور الجمعي)‪ ،‬عند العالم النفسي يونج(‪ ،)4‬فقد تحدث يونج عن الالشعور‬
‫الجمعي‪ ،‬والالشعور الشخصي‪ ،‬الذي يتكون من خبرات الفرد المكبوتة‪ ،‬والعقد‪ .‬ويستخدم في‬
‫اكتشافه اختبار تداعي الكلمات‪ .‬أما الالشعور الجمعي‪ ،‬فهو مشترك بين كل األشخاص‪،‬‬
‫ويتكون من تراث النماذج األص يلة لإلنسان؛ مثل‪ :‬نموذج األم العامة‪ ،‬ونموذج الميالد‪ ،‬ونموذج‬
‫الموت‪ ،‬ويمكن فهم الالشعور الجمعي‪ ،‬عن طريق األحالم‪ ،‬واألساطير‪ ،‬والطقوس‪.‬‬
‫فوظـيفة النص في الوظـيفة النسقـية؛ ليست وظـيفة أدبيـة‪ ،‬أو شعورية‪ ،‬أو جمالـية‪ ،‬كما‬
‫يقـول رومان جاكبسون‪ ،‬في نظامه التواصلي‪ ،‬بل هي الوظيفة النسقية الثقافية(‪.)1‬‬
‫ابعا‪ :‬الجملة الثقافية‪:‬‬
‫ر ً‬
‫تعتمد الجملة الثقافية في النقد الثقافي‪ ،‬على التمييز المنهجي‪ ،‬بين ثالث جمل رئيسة؛‬
‫هي‪ :‬الجملة النحوية ذات المدلول التداولي‪ ،‬والجملة األدبية ذات المدلول الضمني والمجازي‪،‬‬
‫واإليحائي‪ ،‬والجملة الثقافية‪ ،‬التي هي‪(( :‬حصيلة الناتج ِ‬
‫الداللي للمعطى النسقي‪ ،‬وكشفها يأتي‬
‫الداللة النسقية‪ ،‬وهذه ِ‬
‫الداللة سوف‬ ‫عبر العنصر النسقي في الرسالة‪ ،‬ثم عبر تصور مقولة ِ‬
‫عددا كميًّا‪ ،‬إذ قد نجد جملة ثقافية‬
‫تتجلى وتتمثل عبر الجملة الثقافية‪ .‬والجملة الثقافية‪ ،‬ليست ً‬
‫واحدة‪ ،‬في مقابل أل ف جملة نحوية‪ .‬أي‪ :‬إن الجملة الثقافية‪ ،‬هي داللة اكتنازية وتعبير‬
‫مكثف))(‪.)2‬‬
‫وأفهم من كل هذا؛ أن الجملة الثقافية‪ ،‬هي الهدف والمرمى‪ ،‬وأنها تعنى باستكشاف‬
‫المنطوق الثقافي‪ ،‬وتحصيل المعنى السياقي‪ ،‬الذي يحيل على المرجع الثقافي الخارجي‪.‬‬
‫لذا فإن الجملة الثقافية؛ متولدة عن الفعل النسقي‪ ،‬في المضمر الداللي للوظيفة النسقية‬
‫في اللغة‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬المجاز الكلي‪:‬‬
‫ً‬

‫‪19‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫يهدف النقد الثقافي‪ ،‬إلى استخالص المجازات الثقافية الكبرى‪ ،‬التي تتجاوز المجاز‬
‫البالغي واألدبي المفرد‪ ،‬حيث يتحول النص أو الخطاب‪ ،‬إلى مضمرات ثقافية مجازية‪(( :‬وهذا‬
‫معناه أننا بحاجة إلى كشف مجازات اللغة الكبرى‪ ،‬والمضمرة‪ ،‬ومع كل خطاب لغوي‪ ،‬هناك‬
‫مضمر نسقي‪ ،‬يتوسل بالمجازية والتعبير المجازي؛ ليؤسس عبره قيمة داللية غير واضحة‬
‫المعالم‪ ،‬ويحتاج كشفها إلى حفر‪ ،‬في أعماق التكوين النسقي للغة‪ ،‬وما تفعله في ذهنية‬
‫مستخدميها‪.‬‬
‫قناعا تتقنع به اللغة‪ ،‬لتمرر أنساقها الثقافية دون‬
‫والمجاز الكلي؛ هو الجانب الذي يمثل ً‬
‫وعي منا‪ ،‬حتى لنصاب بما سميته من قبل ـ يقول الغذامي ـ بالعمى الثقافي‪ .‬وفي اللغة مجازاتها‬
‫الكبرى والكلية‪ ،‬التي تتطلب منا عمالً مختلًفا لكي نكشفها‪ ،‬وال تكفي األدوات القديمة لكشف‬
‫ذلك‪ ،‬وخطاب الحب مثالً؛ هو خطاب مجازي كبير‪ ،‬يختبئ من تحته نسق ثقافي‪ ،‬ويتحرك‬
‫عبر جمل ثقافية غير ملحوظة)) (‪.)3‬‬
‫ويعني هذا؛ أن النص أو الخطاب الثقافي‪ ،‬يتحول إلى استعارات ومجازات كلية‪ ،‬تحمل‬
‫في طياتها مدلوالت ومقصديات ثقافية مباشرة‪ ،‬وغير مباشرة‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬التورية الثقافية‪:‬‬
‫ً‬
‫تتكئ التورية الثقافية‪ ،‬في النقد الثقافي إلى معنيين‪ :‬معنى قريب غير مقصود‪ ،‬ومعنى‬
‫بعيد مضمر‪ ،‬وهو المقصود‪ .‬ويعني هذا؛ أن التورية الثقافية‪ ،‬هي كشف للمضمر الثقافي‬
‫((‬
‫وتبعا لمفهوم المجاز الكلي بوصفه‬
‫ً‬ ‫المختبئ وراء السطور‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول الغذامي‪:‬‬
‫مفهوما مختلًفا‪ ،‬عن المجاز البالغي والنقدي‪ .‬فإن التورية؛ هي مصطلح دقيق ومحكم‪ ،‬وهو‬
‫ً‬
‫في المعهود منه‪ ،‬يعني وجود معنيـين أحدهما قريـب واآلخر بعيد‪ ،‬والمقصود هو البعيد‪ ،‬وكشـفه‬
‫هو لعبة بالغية منضبطة‪،‬‬
‫ونحن هنا؛ نوسع من مجال التورية‪ ،‬ال لتكون بهذا المعنى البالغي المحدد‪ ،‬ولكننا نقول بالتورية‬
‫الثقافية‪ .‬أي‪ :‬إن الخطاب يحمل نسقين‪ ،‬ال معنيين‪ ،‬وأحد هذين النسقين واع‪ ،‬واآلخر‬
‫مضمر))(‪.)1‬‬
‫جديدا‪،‬‬
‫مفهوما إجرائيًّا ً‬
‫ً‬ ‫وهكذا؛ يوسع الغذامي البالغة العربية القديمة؛ ليتخذ من التورية‬
‫بغية تطبيقه على النصوص‪ ،‬في ضوء المقاربة الثقافية‪.‬‬

‫‪20‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫سابعا‪ :‬المؤلف المزدوج‪:‬‬
‫ً‬
‫يمكن الحديث في إطار المقاربة الثقافية ـ بشكل من األشكال ـ عن مؤلف مزدوج‪ ،‬الكاتب‬
‫الجمالي واألدبي‪ ،‬الذي ينتج أنسا ًقا أدبية وجمالية فنية‪ ،‬ظاهرة ومباشرة‪ ،‬أو غير مباشرة‪ ،‬وذلك‬
‫عن طريق الرمزية واإليحائية‪ ،‬وهناك في المقابل المبدع الثقافي‪ ،‬الذي يتمثل في الثقافة نفسها‪،‬‬
‫التي تتوارى وراء الظاهر‪ ،‬في شكل أنساق مضمرة غير واعية‪(( :‬يأتي مفهوم المؤلف المزدوج‪،‬‬
‫بعد هذه المنظومة االصطالحية؛ لتأكيد أن هناك مؤلًفا آخر‪ ،‬بإزاء المؤلف المعهود‪ ،‬وذلك هو‬
‫أن الثقافة ذاتها‪ ،‬تعمل عمل مؤلف آخر‪ ،‬يصاحب المؤلف المعلن‪ ،‬وتشترك الثقافة بغرس‬
‫أنساقها من تحت نظر المؤلف‪ ،‬ويكون المؤلف في حالة إبداع كامل اإلبداعية‪ ،‬حسب شرط‬
‫الجميل اإلبداعي‪ ،‬غير أننا سنجد من تحت هذه اإلبداعية وفي مضمر النص‪ ،‬سنجد نسًقا‬
‫مضمر‪،‬‬
‫ًا‬ ‫كامنا وفاعالً‪ ،‬ليس في وعي صاحب النص‪ ،‬ولكنه نسق له وجود حقيقي‪ ،‬وإن كان‬ ‫ً‬
‫نصا جميالً‪ ،‬فيما الثقافة تبدع‬
‫إننا نقول بمشاركة الثقافة كمؤلف فاعل ومؤثر‪ ،‬والمبدع يبدع ًّ‬
‫مضمرا‪ ،‬وال يكشف ذلك‪ ،‬غير النقد الثقافي بأدواته المقترحة هنا))(‪.)2‬‬
‫ً‬ ‫نسًقا‬
‫أيضا بالمبدع األدبي‬
‫ويعني هذا؛ أن هناك فاعلين رئيسين‪ :‬المبدع الفردي‪ ،‬أو ما يسمى ً‬
‫والجمالي والفني‪ ،‬والفاعل الثقافي؛ الذي يتمثل في السياق الثقافي‪ .‬وثمة مفاهيم أخرى‪ ،‬لم يشر‬
‫إليها عبدهللا الغذامي‪ ،‬مثل‪ :‬السياق الثقافي‪ ،‬والمقصدية الثقافية‪ ،‬والتأويل الثقافي‪...‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القيمة اإلجرائية لنظرية النقد الثقافي في دراسة الشعر العربي‪:‬‬
‫هذا المطلب؛ هو جوهر الوريقات والدراسة‪ ،‬فالثقافة تتعلق بالدراسة من جانبين؛ الجانب‬
‫األول‪ :‬كونها مستند الناقد‪ ،‬فهو ينقد وفق معاييره الثقافية‪ ،‬والجانب الثاني‪ :‬إجرائية النقد الثقافي‪،‬‬
‫فهو ُيعنون بقراءة في أنساق الثقافة‪.‬‬
‫لقد حظيت قضية الشعر العربي بمساحة شاسعة‪ ،‬من اهتمام الباحثين والنقاد والشعراء‪،‬‬
‫وهي قضية تتناول في مضمونها موضوع الحداثة والقدامة‪ ،‬في كل من الشكل والمضمون‪،‬‬
‫وبمنظور آخر الصراع المحتدم‪ ،‬بين دعاة تعريبه‪ ،‬ودعاة تغريبه‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫وهنا يجدر بي على سبيل التذكير ليس إال‪ ،‬أن الشعر العربي كان ُمعتدًّا بنفسه‪ ،‬إلى‬
‫اسخا‪ ،‬له جذور عميقة في األرض‪ ،‬والتاريخ‬ ‫أقصى حدود االعتداد‪ ،‬واثًقا من خطاه كونه ر ً‬
‫واالعتزاز واالنتماء‪.‬‬
‫قديما‪:‬‬
‫وغني عن القول؛ إن الشعر العربي كان يحتل مكانة مرموقة عند العرب‪ ،‬فقد قيل ً‬
‫إنه كان ديوان العرب وال يزال‪ ،‬وإذا كانت الحضارات القديمة قد عرف بعضها بالمنجزات‬
‫القانونية‪ ،‬وبعض ها بالطبية‪ ،‬أو النحت‪ ،‬أو الفلسفة‪ ،‬أو المسرح‪ ،‬فقد عرف العرب من خالل‬
‫شعرهم ببحوره وأوزانه‪ ،‬وموسيقاه وقوافيه‪ ،‬مما شكل نسيج وحدة‪ ،‬قل أن وجد له مثيل عند األمم‬
‫األخرى‪ ،‬ومن هنا اكتسب الشعر العربي‪ ،‬صورة من الوحدانية والتفرد والتميز في هذا المجال‪.‬‬
‫ويقودني الحديث عن الشعر‪ ،‬إلى الحديث عن مكانة الشاعر العربي‪ ،‬فهو صوت قومه‬
‫ورائدهم‪ ،‬ينطق بلسانهم ويتحدث بلغتهم‪ ،‬ويعيش قضاياهم ويدافع عنها‪.‬‬
‫وعليه؛ ال يمكننا أن نتجاهل البنية التحتية‪ ،‬التي أقيم عليها الشعر العربي‪ ،‬ونقصد بها‪:‬‬
‫الفصاحة والبالغة‪ ،‬والبيان والمعاني‪ ،‬وما إلى ذلك من رقة وعذوبة وعاطفة‪ ،‬وفحولة ومتانة‪،‬‬
‫وجمالية وتصوير مجازي واستعاري وخيال‪ ،‬وحكمة وفلسفة‪.‬‬
‫هذا هو الشعر العربي؛ الذي ورثناه عن ثقافتنا وعشش في ذاكرتنا عبر القرون‪ ،‬وما‬
‫زلنا نعيش كل دقائقه‪ ،‬التي التصقت بجوارحنا‪ ،‬ونزلت إلى أعمق أعماق وجداناتنا‪ ،‬وتقاطعت‬
‫تبعا للظروف‬
‫مع أحاسيسنا وعواطفنا‪ .‬ونحن هنا؛ ال ننكر أن الشعر كائن‪ ،‬يتغير ويتطور ً‬
‫والمتغيرات المختلفة‪ .‬ولكنه ربما يكون أقل ًا‬
‫تغير من غيره‪ ،‬أو أبطأ ‪ ،‬ذلك أن التغيير في العادة‬
‫يكمن في المضمون‪ ،‬وتصوير الحدث اآلني‪ ،‬وكل المستجدات‪.‬‬
‫أضف إلى ذلك؛ أنه ال يخفى على ناظر في تاريخ العرب‪ ،‬عنايتهم الظاهرة باللغة‪،‬‬
‫والفصاحة‪ ،‬والقيم البالغية‪ ،‬ومنها الشعر‪.‬‬
‫قال ابن العبري(‪(( :)1‬فأما علم العرب الذي كانوا يفاخرون به؛ فعلم لسانهم‪ ،‬وأحكام‬
‫لغتهم‪ ،‬ونظم األشعار‪ ،‬وتأليف الخطب‪ ،...‬فهذه كانت حالهم في الجاهلية)) (‪.)2‬‬
‫معجز في‬
‫ًا‬ ‫مخاطبا هذه الروح لدى العرب‪ ،‬ونزل القرآن بلسانهم‪ ،‬وجاء‬
‫ً‬ ‫وقد جاء اإلسالم‬
‫بيانه‪ ،‬فكانت معجزة اإلسـالم الخالدة‪ ،‬مطابـقة ألعلى اهتمامات العرب‪ ،‬األمر الذي جعلـهم‬
‫يشهدون بإعجاز هذا الكتاب‪ ،‬بلسان الحال أو المقال‪ ،‬آمنوا به أو لم يؤمنوا‪.‬‬

‫‪22‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫إن بيان حدود دائرة النقد الثقافي واجب حتمي‪ ،‬على كل من خاض في غمار هذه‬
‫الم َسلمين بمبادئها وعقائدها‪.‬‬
‫المجاالت‪ ،‬طالما أنه من أبناء أمة اإلسالم‪ُ ،‬‬
‫وعليه؛ يتبادر إلى الذهن السؤال التالي‪ :‬ماذا بين النقد الثقافي‪ ،‬والنقد النصي؟‪.‬‬
‫من خالل فهمي للنقد الثقافي؛ فإنني أستنتج أنه يحاول أن يجمع النص مع ما يحيط‬
‫به‪ ،‬فهو يتعدَّى الكلمات؛ ليغوص في ما وراءها وما يحيط بها من قريب أو بعيد‪ ،‬بينما يهتم‬
‫النقد النصي بالكلمات؛ بمعنى أنه ينظر للجماليات البالغية من تقديم وتأخير‪ ،‬وأساليب خبرية‬
‫وإنشائية‪ ،‬وصور فنية وتعبيرات مجازية‪ ،‬ومحسنات لفظية ومعنوية‪ ،‬فال يتعدَّى النص‪.‬‬
‫بمعنى أن النقد الثقافي؛ يهتم بكل ما يحيط بالنص بصورة شاملة‪ ،‬من خالل ربطه‬
‫بسياقه وظرفه‪ ،‬فهو يجمع كل أشكال الخطاب‪ ،‬بغض النظر عن كون الخطاب‪ ،‬يحظى بقدرات‬
‫بالغية أم ال‪ ،‬االهتمام باألفكار والمعاني‪ ،‬االستفادة من العلوم اإلنسانية‪ ،‬االهتمام بالنصوص‬
‫سلوكا نفسيًّا واجتماعيًّا‪ ،‬حيث إن‬
‫ً‬ ‫المهمشة‪ ،‬باإلضافة إلى النصوص األخرى‪ ،‬اعتبار الكلمات‬
‫َّ‬
‫إيجابا‪ ،‬مع القدرة على اكتشاف أخطائنا‬
‫سلبا و ً‬‫ذلك االختيار جاء عن طريق التفاعل مع البيئة ً‬
‫الحضارية‪ ،‬باعتبار النص حادثة ثقافية‪.‬‬
‫بينما النقد النصي (األدبي)؛ يهتم بالنص فقط بصورة مبسطة؛ ألنه ال يتعدَّى كلمات‬
‫النص‪ ،‬وال يأخذ إال النصوص البالغية‪ ،‬االهتمام بالجانب الفني‪ ،‬االهتمام باأللفاظ وطريقة‬
‫التعبير بها‪ ،‬االستفادة من طرق التعبير المتوارثة‪ ،‬ال يهتم إال بالنصوص الجمالية‪ ،‬اعتبار‬
‫الكلمات قدرة بالغية‪ ،‬خاضعة لمعايير فنية خاصة‪ ،‬ال يعنيه إصالح الثقافة‪ ،‬بل يهتم بإصالح‬
‫نوعا ما‪،‬‬
‫ناتجا لغويًّا‪ ،‬ومنهج عربي قديم؛ ألن أدواته محدودة ً‬
‫العبارة والكلمة‪ ،‬اعتبار النص ً‬
‫وطريقة ربطها مباشرة‪.‬‬
‫أما بخصوص السؤال‪ ،‬الذي جعلته عنو ًانا لتمهيد بحثي هذا‪ :‬هل يستطيع النقد الثقافي‬
‫أن يكون بديالً عن النقد األدبي؟!‪.‬‬
‫فإنني أقول بضرورة المصالحة بين النقد األدبي والنقد الثقافي‪ ،‬وهي مصالحة توضح‬
‫كثير من الحقائق‪ ،‬منها أن النقد الثقافي يقوم على النقد األدبي‪.‬‬
‫ًا‬

‫‪23‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫عددا من النقاط‪:‬‬
‫ولممارسة النقد الثقافي؛ يجب أن نعرف ً‬
‫منتجا ثقافيًّا‬
‫ً‬ ‫أوالً‪ :‬إن النقد الثقافي يبتعد عن حدود الكلمات المباشرة‪ ،‬لدراسة األدب باعتباره‬
‫مؤث ًرا‪ ،‬ومتأث ًار في عملية التفاعل الثقافي‪ ،‬وبالتالي نربط النص بكل ما يحيط به‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬يجب أن ندرس كل أشكال الخطاب‪ ،‬ذات الصفة الجمالية الجماهيرية‪ ،‬أي تناول الخطاب‬
‫ً‬
‫الذي له جمهور عريض من الناس‪ ،‬بغض النظر عن شكل الخطاب‪ ،‬فقد يكون ً‬
‫شعرا‪،‬‬
‫أو خطبة‪ ،‬أو مثالً‪ ،‬أو حكمة‪ ،‬أو أغنية‪ ،‬أو نكتةً‪ ،‬أو أي شيء يصدق عليه مفهوم‬
‫الخطاب‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬االستفادة من العلوم اإلنسانية المرتبطة باألدب‪ ،‬وأشكال الخطاب‪.‬‬
‫ابعا‪ :‬معرفة الحياة االجتماعية ألمة من األمم‪ ،‬حين الدخول في لجج الخطاب؛ من فهم طريقة‬
‫ر ً‬
‫التفكير‪ ،‬وأشكال السلوك‪ ،‬والتطلعات واآلمال‪ ،‬وأساليب التعبير‪ ،‬واألعراف والعادات‬
‫والتقاليد‪ ،‬وكل ما يتصل بالجوانب المادية والروحية‪ ،‬والفكرية والعاطفية‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬اإللمام بسيرة الشاعر ‪ ،‬واالستفادة من الحكايات‪ ،‬التي تسردها الكتب التاريخية عن‬
‫ً‬
‫الشاعر‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬القدرة على الربط بين الشاعر ونصه وثقافته‪.‬‬ ‫ً‬
‫وكثير ما تختبئ‬
‫ًا‬ ‫سابعا‪ :‬معرفة الدالالت؛ وال سيما الداللة النسقية‪ ،‬والتي تكون في جملة ثقافية‪،‬‬
‫ً‬
‫وكثير ما نرى شعراء يعبرون عن أنساق ثقافية‪ ،‬مع أن‬
‫ًا‬ ‫تلك األنساق خلف الجماليات‪،‬‬
‫عما في أشعارهم‪.‬‬
‫سيرهم التاريخية تختلف َّ‬
‫ثامًنا‪ :‬استنتاج األفكار الناتجة عن استخدام كلمة معينة‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬القدرة على كشف الرموز واألقنعة‪ ،‬والقدرة على تحليلها‪.‬‬
‫ً‬
‫عاشرا‪ :‬معرفة سياق الخطاب‪ ،‬والقدرة على الربط بين النص‪ ،‬وسياقه وقائله‪.‬‬
‫ً‬
‫األمر الحادي عشر واألخير‪ :‬هو كشف المثاقفة‪ ،‬التي تعبر عن اتصال ثقافتين مختلفتين‪،‬‬
‫تغيير في شكل الثقافة السائدة‪.‬‬
‫ًا‬ ‫بحيث يفرض هذا االتصال‬
‫وعلى ضوء ما سبق؛ ال أحد ينكر أن للنقد الثقافي‪ ،‬كما طرحه فنسنت‪ .‬ب‪ .‬ليتش‪،‬‬
‫وعبدهللا الغذامي‪ ،‬مجموعة من اإليجابيات‪ ،‬تتمثل في أن للنقد الثقافي نظرية منهجية جديدة‪،‬‬

‫‪24‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫في عالم النقد األدبي‪ ،‬تعتمد على الرؤية الثقافية الشاملة حسب اختالفها؛ اجتماعية كانت‪ ،‬أم‬
‫سياسية‪ ،‬أم اقتصادية‪ ،‬أم تاريخية‪ ،‬حتى وإن كانت نفسية‪ ،‬ورصد األنساق الثقافية المضمرة‪،‬‬
‫وعالقتها بالسياق المرجعي‪ ،‬والثقافي‪ ،‬واأليديولوجي وغيرها‪ ،‬حيث أعادا النظر‪ ،‬في الكثير من‬
‫المفاهيم والمسلمات‪ ،‬التي تقبلناها حينما كنا ندرس أدبنا العربي‪ ،‬على أنها أحكام صحيحة‪،‬‬
‫ويقينية بشكل من األشكال‪ .‬كما صححا لنا مجموعة من هذه المفاهيم الخاطئة‪ ،‬في ضوء‬
‫المقاربة الثقافية‪ ،‬وذلك بفضل منهجهما النقدي الثقافي‪ ،‬على الرغم من بعض هناتهما النظرية‬
‫الطفيفة‪ ،‬وتصوراتهما المجانبة للصواب‪ ،‬وأحكامهما األيديولوجية المتسرعة‪.‬‬
‫وهي هنات تتمثل في اقتصاء الفن‪ ،‬والجمال‪ ،‬والوظيفة الشعرية‪ ،‬وكذلك البنية الشعرية‪،‬‬
‫واللسانية‪ ،‬والسيميائية‪ ،‬الظاهرة في النص األدبي‪ ،‬أو الخطاب األدبي‪ ،‬وهذا ال شك خروج عن‬
‫أيضا‪ ،‬التي لها دور مهم في بيان قيمة‬
‫خصوصية األدب وماهيته‪ ،‬بل ووظيفة النقد األدبي ً‬
‫النص األدبي‪ ،‬ومكانته في سير األدب وتطوره‪ ،‬ومن هنا تبرز ضرورة المصالحة بين النقد‬
‫الثقافي‪ ،‬والنقد األدبي‪ ،‬وهذا ما يدعو إليه البحث‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫‪25‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬

‫الخاتمة‬
‫بعد السعي الجاد‪ ،‬والدراسة المتواضعة‪ ،‬لموضوع نظرية النقد الثقافي مالها وما عليها‪،‬‬
‫تمخضت الدراسة عن خالصات ونتائج‪.‬‬
‫لقد حرصنا على دراسة موضوع نظرية النقد الثقافي؛ من حيث ظروف النشأة‪ ،‬والدواعي‪،‬‬
‫أخير قيمتها اإلجرائية في دراسة‬
‫ثم التعريف بها‪ ،‬وانتشارها عالميًّا وعربيًّا والمفاهيم األساسية‪ ،‬و ًا‬
‫الشعر العربي‪.‬‬
‫والذي نراه؛ أنه على الرغم من أهمية المنهج الثقافي‪ ،‬في التعامل مع النص أو الخطاب‬
‫األدبي‪ ،‬انطال ًقا مع كونه ظاهرة ثقافية‪ ،‬فقد حاول أن يضع له مصطلحات‪ ،‬عندما عمد إلى‬
‫مقاربته مع النصوص في ضوء رؤية ثقافية شاملة؛ سواء أكانت اجتماعية‪ ،‬أم سياسية‪ ،‬أم‬
‫اقتصادية‪ ،‬أم تاريخية‪ ،‬أم نفسية‪ .‬مع التركيز منهجيًّا‪ ،‬على رصد األنساق الثقافية المضمرة‪،‬‬
‫وموقعها في سياقها المرجعي والثقافي‪ ،‬واأليديولوجي‪ .‬وعليه فإن النقد الثقافي‪ ،‬فضاء رحب ال‬
‫تحكمه قيود الموضوع والمنهج‪ ،‬ألنه نتاج فكر بشري‪ ،‬يسير وفق نشاطهم وحركهتم وتفاعلهم‪،‬‬
‫مع المعرفة اإلنسانية‪ ،‬والكيفية الواقعية االجتماعية‪.‬‬
‫توجها منهجيًّا‬
‫ً‬ ‫ومن خالل المصالحة بين النقد الثقافي‪ ،‬والنقد األدبي؛ يمكن أن نطرح‬
‫جديدا‪ ،‬في إطار ا لنقد الثقافي‪ ،‬يتسم بشكل من األشكال‪ ،‬بنوع من الوضوح واالنسجام‪ ،‬والتسلسل‬
‫ً‬
‫واإلضافة العلمية‪ ،‬مع استخدام المفاهيم نفسها‪ ،‬التي طرحها أصحاب النقد الثقافي‪ ،‬ويمكن‬
‫حصر هذه الخطوات المنهجية‪ ،‬في المراحل التالية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬مرحلة المناص الثقافي‪ :‬ندرس فيها كل العتبات الثقافية من مؤلف‪ ،‬وعنوان‪ ،‬ومقدمة‪،‬‬
‫وإهداءات‪ ،‬وسياق‪ ،‬وهوامش‪ ،‬ومقتبسات‪ ،‬وصور‪ ،‬وأيقونات‪ ،‬ووسائط إعالمية‪ ،...‬وكل‬
‫ذلك من أجل استخالص األبعاد الثقافية‪ ،‬في هذه العتبات الفوقية والمحيطة‪.‬‬

‫‪26‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫ثانيا‪ :‬مرحلة التقسيم الداخلي‪ :‬هنا نقوم بتحليل النص‪ ،‬وتقسيمه وتفكيكه؛ جماليًّا‪ ،‬وبنيويًّا‪،‬‬
‫ً‬
‫وسيميائيًّا‪ ،‬وأسلوبيًّا‪ ،‬فال بد من االهتمام بما هو فني‪ ،‬ولغوي‪ ،‬وأسلوبي‪ ،‬وبالغي؛ لفهم‬
‫ما هو ثقافي‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬مرحلة الرصد الثقافي‪ :‬تعتمد هذه المرحلة‪ ،‬على رصد التمظهرات الثقافية‪ ،‬واستخالص‬
‫األنساق الثقافية المضمرة‪ ،‬وذلك بالوقوف عند الجمل والمجازات‪ ،‬والكنايات والصور‪،‬‬
‫والدالالت‪ ،‬واألنساق الثقافية المضمرة‪.‬‬
‫ابعا‪ :‬مرحلة التأويل الثقافي‪ :‬نتكئ في هذه المرحلة‪ ،‬على العلوم اإلنسانية؛ كالتاريخ‪ ،‬والفلسفة‪،‬‬
‫ر ً‬
‫وعلم االجتماع‪ ،‬وعلم الثقافة‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬والنقد األدبي‪ ،‬في استجالء األبعاد الثقافية‪،‬‬
‫وفضح األيديول وجيات‪ ،‬ونقد األوهام‪ ،‬واألساطير المؤسساتية‪ ،‬وذلك في شكل أحكام‪،‬‬
‫وخالصات واستنتاجات ثقافية‪.‬‬

‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‪،،،‬‬


‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫‪27‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬

‫ثبت المصادر والمراجع‬


‫ُ‬
‫‪ -1‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫المصادر والمراجع العربية‪:‬‬
‫‪ -2‬إيكو‪ ،‬أمبرتو‪ .‬العالمة تحليل المفهوم وتاريخه‪( .‬ترجمة‪ :‬سعيد بنكراد‪ .‬راجع النص‪:‬‬
‫سعيد الغانمي)‪ .‬ط‪1 :‬؛ الدار البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي‪1428 ،‬هـ ـ ‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬أحمد‪ ،‬د‪ .‬سامي شهاب‪ .‬ومضات نقدية في تحليل الخطابين األدبي والنقدي (دراسة في‬
‫عمان‪ :‬دار غيداء للنشر والتوزيع‪1433 ،‬هـ ـ ‪2012‬م‪.‬‬
‫الشعر والنثر ونقد النقد)‪ .‬ط‪1 :‬؛ َّ‬
‫‪ -4‬األنصاري‪ ،‬أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي بن أحمد‪ .‬لسان العرب‪ .‬ط‪2 :‬؛ بيروت‪:‬‬
‫دار إحياء التراث العربي ومؤسسة التاريخ العربي‪1417 ،‬هـ ـ ‪1997‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬بعلي‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬حفناوي‪ .‬مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن‪ .‬ط‪1 :‬؛ بيروت‪ :‬الدار‬
‫العربية للعلوم‪1428 ،‬هـ ـ ‪2007‬م‪ :‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -6‬بومزبر‪ ،‬الطاهر بن حسين‪ .‬التواصل اللساني والشعرية مقاربة تحليلية لنظرية رومان‬
‫جاكبسون‪ .‬ط‪1 :‬؛ الجزائر‪ :‬منشورات االختالف‪ ،‬وبيروت‪ :‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪،‬‬
‫‪1428‬هـ ـ ‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬تودوروف‪ ،‬تزفيتان‪ .‬نحن واآلخرين‪( .‬ترجمة‪ :‬ربى حمود)‪ .‬د‪ :‬ط؛ دمشق‪ :‬دار المدى‪،‬‬
‫‪1998‬م‪.‬‬
‫عمان‪ :‬دار جرير للنشر‬ ‫‪ -8‬الرباعي‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬عبدالقادر‪ُّ .‬‬
‫تحوالت النقد الثقافي‪ .‬ط‪1 :‬؛ َّ‬
‫والتوزيع‪1428 ،‬هـ ـ ‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬الرويلي‪ ،‬د‪ .‬ميجان؛ والبازعي‪ ،‬د‪ .‬سعد‪ .‬دليل الناقد العربي‪ .‬ط‪4 :‬؛ الدار البيضاء‪،‬‬
‫وبيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي‪2005 ،‬م‪.‬‬

‫‪28‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫‪ -10‬الزركلي؛ خير الدين‪ .‬األعالم قاموس تراجم ألشهر الرجال والنساء من العرب‬
‫والمستعربين والمستشرقين‪ .‬د‪ :‬ط؛ بيروت‪ :‬دار العلم للماليين‪1980 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬سعيد‪ ،‬إدوارد‪ .‬الثقافة واإلمبريالية‪( .‬ترجمة‪ :‬كمال أبو ديب)‪ .‬د‪ :‬ط؛ بيروت‪ :‬دار اآلداب‪،‬‬
‫‪1997‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬السماهيجي‪ ،‬حسين‪ ،‬وآخرون‪ .‬عبدهللا الغذامي والممارسة النقدية والثقافية‪ .‬ط‪1 :‬؛‬
‫بيروت‪ :‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬ومملكة البحرين‪ :‬و ازرة اإلعالم الثقافية‬
‫والتراث الوطني‪2003 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -13‬عبدالرحمن‪ ،‬طه‪ .‬اللسان والميزان أو التكوير العقلي‪ .‬ط‪1 :‬؛ بيروت‪ ،‬والدار البيضاء‪:‬‬
‫المركز الثقافي العربي‪1998 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -14‬ابن العبري؛ غريغوريوس أبي الفرج بن أهرون الطيب المَل ِطي‪ .‬تاريخ مختصر الدول‪.‬‬
‫(وقف على طبعه‪ :‬األب أنطون صالحاني اليسوعي)‪ .‬د‪ :‬ط؛ بيروت‪ :‬المطبعة‬
‫الكاثوليكية لآلباء اليسوعيين‪1890 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -15‬علوش‪ ،‬سعيد‪ .‬نقد ثقافي‪ ..‬أم حداثة سلفية؟!‪ .‬ط‪1 :‬؛ القاهرة‪ :‬المجلس األعلى للثقافة‪،‬‬
‫‪1430‬هـ ـ ‪2010‬م‪.‬‬
‫‪َّ -16‬‬
‫الغذامي‪ ،‬د‪ .‬عبدهللا؛ وأصطيف‪ ،‬د‪ .‬عبدالنبي‪ .‬نقد ثقافي أم نقد أدبي؟‪ .‬ط‪1 :‬؛ دمشق‪:‬‬
‫دار الفكر‪1425 ،‬هـ ـ ‪2004‬م‪.‬‬
‫‪َّ -17‬‬
‫الغذامي‪ ،‬عبدهللا‪ .‬النقد الثقافي قراءة في األنساق الثقافية العربية‪ .‬ط‪2 :‬؛ الدار البيضاء‪،‬‬
‫وبيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -18‬قنصوة‪ ،‬د‪ .‬صالح‪ .‬تمارين في النقد الثقافي‪ .‬ط‪1 :‬؛ القاهرة‪ :‬ميريت للنشر والمعلومات‪،‬‬
‫‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ -19‬ليتش‪ ،‬فينيست ب‪ .‬النقد األدبي األمريكي من الثالثينيات إلى الثمانينيات‪( .‬ترجمة‪:‬‬
‫محمد يحيى)‪ .‬ط‪1 :‬؛ القاهرة‪ :‬المجلس األعلى للثقافة‪2000 ،‬م‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫‪ -20‬مفتاح‪ ،‬محمد‪ .‬التشابه واالختالف نحو منهاجية شمولية‪ .‬ط‪1 :‬؛ الدار البيضاء‪ :‬المركز‬
‫الثقافي العربي‪1996 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬الموسوي‪ ،‬محسن جاسم‪ .‬النظرية والنقد الثقافي الكتابة العربية في عالم متغير واقعها‬
‫سياقاتها وبناها الشعورية‪ .‬ط‪1 :‬؛ بيروت‪ :‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬يقطين‪ ،‬سعيد‪ .‬انفتاح النص الروائي النص والسياق‪ .‬ط‪2 :‬؛ الدار البيضاء‪ :‬المركز‬
‫الثقافي العربي‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬يوسف‪ ،‬أحمد‪ .‬القراءة النسقية سلطة البنية ووهم المحايثة‪ .‬ط‪1 :‬؛ الجزائر‪ :‬منشورات‬
‫االختالف‪ ،‬وبيروت‪ :‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪1428 ،‬هـ ـ ‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ -24‬يوسف‪ ،‬مصطفى‪ .‬األسس النفسية لإلبداع الفني من الثالثينيات إلى الثمانينيات‪.‬‬
‫(ترجمة‪ :‬محمد يحيى)‪ .‬ط‪1 :‬؛ القاهرة‪ :‬المجلس األعلى للثقافة‪2000 ،‬م‪.‬‬
‫المقاالت العربية‪:‬‬
‫‪ -25‬التميمي‪ ،‬عبدهللا حبيب؛ والشجيري‪ ،‬سحر كاظم حمزة‪ .‬مقالة بعنوان‪" :‬دونية المرأة في‬
‫المجتمع الجاهلي وفوقيتها في الشعر"‪ ،‬مجلة بابل للعلوم اإلنسانية الصادرة عن جامعة‬
‫بابل بالعراق‪ ،‬المجلد (‪ ،)22‬العدد (‪ ،)2‬عام ‪2014‬م‪.‬‬
‫‪ -26‬عمشوش‪ ،‬د‪ .‬مسعود‪ .‬مقالة بعنوان‪" :‬النقد الثقافي والنقد األدبي"‪ ،‬نشرت في الصحيفة‬
‫اإللكترونية‪" :‬مأرب برس باليمن"‪ ،‬يوم األربعاء‪ 29 ،‬يونيو حزيران‪ ،‬عام ‪2011‬م‪.‬‬
‫‪ -27‬الناغي‪ ،‬أ‪ .‬محمد حسين‪ .‬مقالة بعنوان‪" :‬النقد الثقافي"‪ .‬صدرت عن صفحة‪" :‬نقد القصة‬
‫القصيرة" بتاريخ ‪ 17‬يناير ‪2018‬م‪ ،‬على رابط‪:‬‬
‫‪https://www.facebook.com/NqdAlqstAlqsyrt/posts/1626410604085804‬‬
‫اللقاءات العربية‪:‬‬
‫‪ -28‬لقاء مع الدكتور عبدهللا محمد َّ‬
‫الغذامي أجراه إياد ناصر‪ ،‬تجده على الرابط‪:‬‬
‫‪www. Fm-m.com/2004/iul2004/story26.htm.‬‬
‫المصادر والمواجع األجنبية‪:‬‬
‫‪29- Greenbelt, s, Shakespearean Negotiations, university Of‬‬
‫‪California Press, Berkeley, 1988.‬‬

‫‪30‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫‪30- Litchi,‬‬ ‫‪V. B, Cultural Criticism, Literary Theory,‬‬
‫‪Poststucturalism, Columbia University Press, New York, 1992.‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫الهوامش‬

‫(‪ )1‬من لقاء مع الدكتور عبدهللا محمد الغذَّامي أجراه إياد ناصر‪ ،‬تجده على الرابط‪:‬‬
‫‪www. Fm-m.com/2004/iul2004/story26.htm.‬‬
‫(‪ ) 2‬عمشوش‪ ،‬د‪ .‬مسعود‪ .‬مقالة بعنوان‪" :‬النقد الثقافي والنقد األدبي"‪ .‬نشرت في الصحيفة اإللكترونية‪:‬‬
‫"مأرب برس باليمن"‪ ،‬يوم األربعاء‪ 29 ،‬يونيو حزيران‪ ،‬عام ‪2011‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬علوش‪ ،‬سعيد‪ .‬نقد ثقافي‪ ..‬أم حداثة سلفية؟!‪ .‬ط‪1 :‬؛ القاهرة‪ :‬المجلس األعلى للثقافة‪1430 ،‬هـ‬
‫ـ ‪2010‬م‪ :‬ص ‪.110‬‬
‫‪(4) Greenbelt, s, Shakespearean Negotiations, university Of California Press,‬‬
‫‪Berkeley, 1988, P. 226 - 232.‬‬
‫(‪ ) 5‬انظر‪ :‬الرويلي‪ ،‬د‪ .‬ميجان؛ والبازعي‪ ،‬د‪ .‬سعد‪ .‬دليل الناقد العربي‪ .‬ط‪4 :‬؛ الدار البيضاء‪ ،‬وبيروت‪:‬‬
‫العربي‪2005 ،‬م‪ :‬ص ‪.80‬‬ ‫المركز الثقافي‬
‫‪(6) Greenbelt, s, Shakespearean Negotiations, P. 226 – 232.‬‬
‫‪(7) Litchi, V. B, Cultural Criticism, Literary Theory, Poststucturalism, Columbia‬‬
‫‪University Press, New York, 1992, P. 2 - 3.‬‬
‫(‪ )8‬السماهيجي‪ ،‬حسين‪ ،‬وآخرون‪ .‬عبدهللا الغذامي والممارسة النقدية والثقافية‪ .‬ط‪1 :‬؛ بيروت‪ :‬المؤسسة‬
‫العربية للدراسات والنشر‪ ،‬ومملكة البحرين‪ :‬وزارة اإلعالم الثقافية والتراث الوطني‪2003 ،‬م‪ :‬ص‬
‫‪.42‬‬
‫(‪ ) 9‬انظر‪ :‬تودوروف‪ ،‬تزفيتان‪ .‬نحن واآلخرين‪( .‬ترجمة‪ :‬ربى حمود)‪ .‬د‪ :‬ط؛ دمشق‪ :‬دار المدى‪1998 ،‬م‪:‬‬
‫ص ‪.18‬‬
‫(‪ ) 10‬انظر‪ :‬سعيد‪ ،‬إدوارد‪ .‬الثقافة واإلمبريالية‪( .‬ترجمة‪ :‬كمال أبو ديب)‪ .‬د‪ :‬ط؛ بيروت‪ :‬دار اآلداب‪،‬‬
‫‪1997‬م‪ :‬ص ‪ 70‬ـ ‪.75‬‬

‫‪31‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬
‫د‪ /‬ملحة بنت معلث بن رشاد السحيمي‬
‫الناغي‪ ،‬أ‪ .‬محمد حسين‪ .‬مقالة بعنوان‪" :‬النقد الثقافي"‪ .‬صدرت عن صفحة‪" :‬نقد القصة القصيرة"‬
‫بتاريخ ‪ 17‬يناير ‪2018‬م‪ ،‬على رابط‪:‬‬
‫)‪(11)https://www.facebook.com/NqdAlqstAlqsyrt/posts/1626410604085804‬‬
‫(‪)12‬الغذَّامي‪ ،‬عبدهللا‪ .‬النقد الثقافي قراءة في األنساق الثقافية العربية‪ .‬ط‪2 :‬؛ الدار البيضاء‪ ،‬وبيروت‪ :‬المركز‬
‫الثقافي العربي‪ 2001 ،‬م‪ :‬ص ‪ 83‬ـ ‪.84‬‬
‫(‪)13‬الرويلي‪ ،‬د‪ .‬ميجان؛ والبازعي‪ ،‬د‪ .‬سعد‪ .‬دليل الناقد العربي‪ .‬ط‪4 :‬؛ الدار البيضاء‪ ،‬وبيروت‪ :‬المركز‬
‫الثقافي العربي‪2005 ،‬م‪ :‬ص ‪.305‬‬
‫تحوالت النقد الثقافي‪ .‬ط‪1 :‬؛ ع َّمان‪ :‬دار جرير للنشر والتوزيع‪1428 ،‬هـ ـ‬ ‫(‪)14‬الرباعي‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬عبدالقادر‪ُّ .‬‬
‫‪2007‬م‪ :‬ص ‪.15‬‬
‫تحوالت النقد الثقافي‪ :‬ص ‪ .15‬ودليل الناقد العربي‪ :‬ص ‪.305‬‬ ‫(‪ )15‬انظر‪ّ :‬‬
‫(‪ ) 16‬انظر‪ :‬ليتش‪ ،‬فينيست ب‪ .‬النقد األدبي األمريكي من الثالثينيات إلى الثمانينيات‪( .‬ترجمة‪ :‬محمد يحيى)‪.‬‬
‫ط‪1 :‬؛ القاهرة‪ :‬المجلس األعلى للثقافة‪2000 ،‬م‪ :‬ص ‪ ،410‬وما بعدها‪.‬‬
‫الغذَّامي‪ ،‬د‪ .‬عبدهللا؛ وأصطيف‪ ،‬د‪ .‬عبدالنبي‪ .‬نقد ثقافي أم نقد أدبي؟‪ .‬ط‪1 :‬؛ دمشق‪ :‬دار الفكر‪،‬‬
‫(‪)17‬انظر‪:‬‬
‫‪1425‬هـ ـ ‪2004‬م‪ :‬ص ‪.11‬‬
‫بعلي‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬حفناوي‪ .‬مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن‪ .‬ط‪1 :‬؛ بيروت‪ :‬الدار العربية للعلوم‪،‬‬
‫(‪)18‬انظر‪:‬‬
‫‪1428‬هـ ـ ‪2007‬م‪ :‬ص ‪.20‬‬
‫(‪ )19‬انظر‪ :‬الغذَّامي‪ ،‬عبدهللا‪ .‬النقد الثقافي قراءة في األنساق الثقافية العربية‪ :‬ص ‪ ،118‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )20‬انظر‪ :‬قنصوة‪ ،‬د‪ .‬صالح‪ .‬تمارين في النقد الثقافي‪ .‬ط‪1 :‬؛ القاهرة‪ :‬ميريت للنشر والمعلومات‪2007 ،‬م‪:‬‬
‫ص ‪ 9‬ـ ‪.11‬‬
‫(‪ )21‬انظر‪ :‬الموسوي‪ ،‬محسن جاسم‪ .‬النظرية والنقد الثقافي الكتابة العربية في عالم متغيّر واقعها سياقاتها‬
‫وبناها الشعوريّة‪ .‬ط‪1 :‬؛ بيروت‪ :‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪2005 ،‬م‪ :‬ص ‪ 9‬ـ ‪.14‬‬
‫(‪ ) 22‬األنصاري‪ ،‬أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي بن أحمد‪ .‬لسان العرب‪ .‬ط‪2 :‬؛ بيروت‪ :‬دار إحياء‬
‫التراث العربي ومؤسسة التاريخ العربي‪1417 ،‬هـ ـ ‪1997‬م‪ :‬ج ‪ ،14‬ص ‪ .127‬مادة‪( :‬نسق)‪.‬‬
‫(‪ ) 23‬انظر‪ :‬عبدالرحمن‪ ،‬طه‪ .‬اللسان والميزان أو التكوير العقلي‪ .‬ط‪1 :‬؛ بيروت‪ ،‬والدار البيضاء‪ :‬المركز‬
‫الثقافي العربي‪1998 ،‬م‪ :‬ص ‪ 21‬ـ ‪.199 ،22‬‬
‫(‪ )24‬مفتاح‪ ،‬محمد‪ .‬التشابه واالختالف نحو منهاجية شمولية‪ .‬ط‪1 :‬؛ الدار البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي‪،‬‬
‫‪1996‬م‪ :‬ص ‪ 158‬ـ ‪.159‬‬
‫(‪)25‬يوسف‪ ،‬أحمد‪ .‬القراءة النسقية سلطة البنية ووهم المحايثة‪ .‬ط‪1 :‬؛ الجزائر‪ :‬منشورات االختالف‪،‬‬
‫وبيروت‪ :‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪1428 ،‬هـ ـ ‪2007‬م‪ :‬ص ‪.116‬‬
‫(‪)26‬انظر‪ :‬السابق‪ :‬ص ‪.120‬‬
‫(‪)27‬إيكو‪ ،‬أمبرتو‪ .‬العالمة تحليل المفهوم وتاريخه‪( .‬ترجمة‪ :‬سعيد بنكراد‪ .‬راجع النص‪ :‬سعيد الغانمي)‪ .‬ط‪:‬‬
‫‪1‬؛ الدار البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي‪1428 ،‬هـ ـ ‪2007‬م‪ :‬ص ‪.177‬‬

‫‪32‬‬ ‫مجلة بحوث كلية اآلداب‬


‫نظرية النقد الثقافي ما لها وما عليها‬
‫(‪ )1‬يوسف‪ ،‬أحمد‪ .‬القراءة النسقية سلطة البنية ووهم المحايثة‪ :‬ص ‪.143‬‬
‫(‪ )1‬الغذَّامي‪ ،‬عبدهللا‪ .‬النقد الثقافي قراءة في األنساق الثقافية العربية‪ :‬ص ‪.80‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬السابق‪ :‬ص ‪ 82‬ـ ‪.83‬‬
‫انظر‪ :‬التميمي‪ ،‬عبدهللا حبيب؛ والشجيري‪ ،‬سحر كاظم حمزة‪ .‬مقالة بعنوان‪" :‬دونية المرأة في المجتمع الجاهلي وفوقيتها في الشعر"‪ ،‬مجلة بابل للعلوم اإلنسانية‬ ‫(‪) 3‬‬

‫الصادرة عن جامعة بابل بالعراق‪ ،‬المجلد (‪ ،)22‬العدد (‪ ،)2‬عام ‪2014‬م‪ :‬ص ‪.315‬‬

‫الروائي النص والسياق‪ .‬ط‪2 :‬؛ الدار البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي‪،‬‬ ‫يقطين‪ ،‬سعيد‪ .‬انفتاح النص ّ‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪2001‬م‪ :‬ص ‪.34‬‬
‫أحمد‪ ،‬د‪ .‬سامي شهاب‪ .‬ومضات نقدية في تحليل الخطابين األدبي والنقدي (دراسة في الشعر والنثر‬ ‫(‪)1‬‬
‫ونقد النقد)‪ .‬ط‪1 :‬؛ ع َّمان‪ :‬دار غيداء للنشر والتوزيع‪1433 ،‬هـ ـ ‪2012‬م‪ :‬ص ‪.199‬‬
‫الغذَّامي‪ ،‬د‪ .‬عبدهللا؛ وأصطيف‪ ،‬د‪ .‬عبدالنبي‪ .‬نقد ثقافي أم نقد أدبي؟‪ :‬ص ‪ 26‬ـ ‪.27‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫انظر‪ :‬الغذَّامي‪ ،‬عبدهللا‪ .‬النقد الثقافي قراءة في األنساق الثقافية العربية‪ :‬ص ‪.77‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫انظر‪ :‬يوسف‪ ،‬مصطفى‪ .‬األسس النفسية لإلبداع الفني من الثالثينيات إلى الثمانينيات‪( .‬ترجمة‪ :‬محمد‬ ‫(‪)4‬‬
‫يحيى)‪ .‬ط‪1 :‬؛ القاهرة‪ :‬المجلس األعلى للثقافة‪2000 ،‬م‪ :‬ص ‪ 309‬ـ ‪.346‬‬
‫انظر‪ :‬بومزبر‪ ،‬الطاهر بن حسين‪ .‬التواصل اللساني والشعرية مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ط‪1 :‬؛ الجزائر‪ :‬منشورات االختالف‪ ،‬وبيروت‪ :‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪1428 ،‬هـ ـ ‪2007‬م‪ :‬ص‬
‫‪ 35‬ـ ‪.65‬‬
‫الغذَّامي‪ ،‬د‪ .‬عبدهللا؛ وأصطيف‪ ،‬د‪ .‬عبدالنبي‪ .‬نقد ثقافي أم نقد أدبي؟‪ :‬ص ‪ 27‬ـ ‪.28‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫السابق‪ :‬ص ‪ 28‬ـ ‪.29‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الغذَّامي‪ ،‬د‪ .‬عبدهللا؛ وأصطيف‪ ،‬د‪ .‬عبدالنبي‪ .‬نقد ثقافي أم نقد أدبي؟‪ :‬ص ‪.29‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫السابق‪ :‬ص ‪ 33‬ـ ‪.34‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫أبو الفرج غريغوريوس بن أهرون بن توما الملَطِ ي‪ ،‬المعروف بابن العبري‪ :‬مؤرخ سرياني مستغرب‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫من نصارى اليعاقبة‪ .‬توفي (‪685‬هـ)‪.‬‬
‫انظر‪ :‬الزركلي؛ خير الدين‪ .‬األعالم قاموس تراجم ألشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين‬
‫والمستشرقين‪ .‬د‪ :‬ط؛ بيروت‪ :‬دار العلم للماليين‪1980 ،‬م‪ :‬ج ‪ ،5‬ص ‪.117‬‬
‫ابن العبري؛ غريغوريوس أبي الفرج بن أهرون الطيب الملَطِ ي‪ .‬تاريخ مختصر الدول‪( .‬وقف على‬ ‫(‪)2‬‬
‫طبعه‪ :‬األب أنطون صالحاني اليسوعي)‪ .‬د‪ :‬ط؛ بيروت‪ :‬المطبعة الكاثوليكية لآلباء اليسوعيين‪،‬‬
‫‪1890‬م‪ :‬ص ‪.159‬‬

‫‪33‬‬
‫مجلة‬
‫بحوث كلية اآلداب‬

You might also like