جريح في وطني

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 16

‫جزيح يف وطين"‬

‫إٌمان الحُرٌبً‬
‫اإلهداء‬
‫إلى من قُتل والدها أمام عٌنٌها إلى التً فقدت زوجها وحبٌبها إلى الذي بُترت‬
‫أقدام ُه جراء إنفجار لغم وآخر تمزق جسدهُ أشالء إلى األطفال الذٌن لم تكتمل‬
‫طفولتهم إلى الشباب الذٌن لم تكتمل أحالمهم إلى الذٌن حَ طمت أمالهم الحرب‬
‫إلى كل ٌمنً وٌمنٌة مازال ٌُحاول أن ٌكون سعٌدا فً ٌمن كان ٌسمى‬

‫" بـالـٌـمـن الـسـعـٌـد"‬


‫لم ٌبقَ َشط إلٌ ِه ترج ُع ال ُسفُنُ‬

‫جنُ‬ ‫ُ‬
‫ٌهبط ال َش ِ‬ ‫وال مطار‪ ..‬علٌ ِه‬

‫ال شً َء إال أمانٌنا ُتص ّبرُنا‬

‫الحمد هلل‪ ..‬ال أهـل وال وطـنُ !‬

‫ُنرٌ ُد أن ُنر ِ‬
‫جعَ األمجا َد دولتها‬

‫أٌا َم ك ّنا ٌدا تنؤى بها المِحنُ‬

‫أٌا َم إن عارضت صنعاء عارضة‬


‫ُ‬
‫دمشق وبغداد هنا الٌمنُ !‬ ‫صاحت‬

‫‪ ..........................‬حذيفة العزجي‬
‫عندما ميوت االنسان وهو ما سال على قيد احلياة‬
‫"لقد قدسوا التضحٌة والبحث عن الحق ‪،‬على أمل أن ٌجدوا الوطن فً نهاٌة‬
‫المطاف لكنهم ما ُتوا وهم ٌبحثون عن وطن" ( إٌمان الحرٌبً )‬

‫بؤلم شدٌد ودم ٌسٌل ٌنزف هذا الوطن الجرٌح ببطء ٌتؤوهُ من ألم ال ٌداوٌ ِه‬
‫ُ‬
‫تتدفق الدموع بخفة‬ ‫سوى الحر ٌّ ُة المنشودة والسالم الدابم واالستقرار المُنشود‬
‫من عٌون أبنا ِء هذا الوطن المكلوم وقلوبهم تتؤلم بشدة وعتاب وتوجع عمٌق‬
‫فهً أجساد ضعٌفة وأرواح شجاعة كافحت لوقت طوٌل وال تزال تكافح‬
‫بإصرار وعناد‪.‬‬

‫إنها سلمى المرأة التً بعد رحٌل زوجها وحبٌبها كافحت من أج ِل أوالدها‬
‫كانت لهم السند والعون كانت األم واألب معا قُتل زوجها برصاصة قناص‬
‫أطلقها فً صدر رجل ٌحمل فً صدر ِه حب أبنابه ٌسعى لطلب رزقه فً‬
‫شوارع الحالمة ٌنتظر حلول المساء لٌعود إلٌهم بلقمة عٌش من عرق جبٌنه‬
‫ِ‬
‫ذاك النهار لن تنساهُ سلمى ٌظل ٌُوخز فً قلبها فقد فقدت حبٌبها وقوتها فقدت‬
‫السند والعون‬

‫لقد رحل وترك خلف ُه زوجة وطفلٌن صالح ابن السابعة من العمر ورهف ابنة‬
‫الخامسة كٌف تخبرهم أن والدهم قد قُتل وهو عابد إلٌهم كٌف تخبرهم أنهم لن‬
‫ٌروه بعد الٌوم ؟!‬

‫وأنهم ٌتامى األب ؟!‬

‫سلمى المنهارة بعد رحٌل حبٌبها المدمرة بعد رحٌل زوجها تقف من أجل‬
‫أطفالها بكام ِل قوتِها علٌها أن ُتكافح من أجلهم تؤخذ دورات فً مجال الخٌاطة‬
‫ثالث أٌام فً األسبوع مع أخرٌات من نساء الحً تبٌ ُع العطور والبخور من‬
‫صنع ٌدٌها لـنساء الحً مقابل مبلغ زهٌد من المال ‪،‬ال ٌكفً لسد حاجتها‬
‫الٌومة وعند حلول المساء ُتخٌط بعض األقمشة لتبٌعها للعم خالد الذي ٌحاول‬
‫أن ٌدعمها فٌشتري منها وٌعرضها فً محله للبٌع‪ ،‬لم تكن سلمى امرأة عادٌة‬
‫لقد كافحت‬

‫بمفردِها تحاول أن ال تطلب العون من أحد سوى من ربها تتلقى عروض‬


‫الزاوج فترفض ألنها التزال ُتكن لزوجها الحب العظٌم تعٌش قوٌة من أجل‬
‫طفلٌها ‪،‬تقاوم ذاك األلم الذي ٌعصر قلبها تظهر القوة رغم الهشاشة‬

‫التً فً داخلها لم تكن سلمى تتوقع ألما سٌصٌبُ روحها أكبر مما قد‬
‫أصابهاكانت تطمبن روحها أنه إبتالء من الرحمن الرحٌم لقلبها والصبر على‬
‫بؤرواح‬
‫ِ‬ ‫محل بها لكن هللا امتحنها إمتحان أقوى من السابق ها هً قذٌفة تفت ُ‬
‫ك‬
‫صغٌرٌها وأخرٌن من أطفال الحً‬

‫لما تلك القذابف ال تؤخذ سوى أرواح األطفال ؟‬

‫لماذا ال تؤخذ إال األرواح البرٌبة ؟!‬

‫هاهً سلمى أمام مصٌبة أكبر من السابقة تخرج مهرولة من منزلها على‬
‫صوت القذٌفة لتجد رهف ممزقة إلى أشالء وصالح أغتسل بدماب ِه ٌتنفس‬
‫بصعوبة لٌس بإستطاعتها عمل شًء طفلتها ذات الخامسة ربٌعا ممزقة‬
‫أمامها واألخر ٌنادٌها بصوت خافت ال ٌكاد ٌُسمع أماااااااه أمااااااه ‪ٌ ،‬داها‬
‫ممتلبة بدمابهم ٌخذون صالح إلى المستشفى لٌنقذون حٌاته ورهف الطفلة‬
‫الممزقة بحضن والدتها ‪ ،‬تلك الطفلة التً لم ترى السعادة فً حٌاتها ولم تعش‬
‫حٌاتها مثل أطفال العالم عاشت على أصوات القذابف والرصاص قضت‬
‫طفولتها فً خوف وهاهم ٌؤخذونها من حضن ولدتها لٌدفنوها مع أخٌها الذي‬
‫مات قبل أن ٌصِ لوا به إلى المستشفى ‪ ،‬هاهم ٌدفنون بجانب ولدهم الذي أخذته‬
‫رصاصة قناص لعٌن أستكثر علٌهم طفولتهم أغتال البسمة فً شفاتهم‬
‫جعلهم ٌتاما األب ولم ترحم ٌُ َتمهم‪ ،‬أُرسلت لهم فؤخذت أرواحهم الطاهرة‬
‫والبرٌبة‪...‬‬

‫آه ٌا سلمى كٌف ستستقبلٌن الفاجعة وهل فٌكِ متسع لها‬

‫غٌر مستوعبة لم تراه عٌناها إنها تنظر إلى وجوه طفلٌها بعٌون تنزفُ دما‬
‫وقلب ٌعتص ُر ألما إنها تدفن قطعتٌن من روحها تحت التراب فقدت الحبٌب‬
‫والزوج والرفٌق وهاهً اآلن تودع صغٌرٌها تقبلهم بحرارة تحتضنهم للمر ِة‬
‫األخٌرة ٌؤخذوهم من حضنها بالقوة ال تستطٌع الوقوف على قدمٌها لقد ماتت‬
‫سلمى للمرة ِِالثانٌة‪ ،‬هذه المرة ماتت بالفعل إنها تنتظر دورها لتلحق بحٌبها‬
‫وطفلٌها دعوتها الوحٌدة أن ٌُعجل هللا أجلها لم ٌعد لها طاقة فً العٌش تشعر‬
‫بإختناق ال تقوى على الفراق أكثر‪ ،‬هذا الفراق الذي ٌق ُتلها كل ما نظرت إلى‬
‫ُ‬
‫تبحث‬ ‫أرجاء المنزل الذي أصبح فارغا ‪ ،‬تحتضن ثٌابهم تفتشُ عن رابحتهم و‬
‫عنهم فً زواٌا المنزل تسمع منادتهم بٌن الحٌن واألخر لم تعد سلمى طبٌعٌة‬
‫لقد أصابها الجنون بعدهم إنها تنادي الجمٌع بؤسم زوجها رٌاض تحتضن‬
‫أطفال الحً وتنادي الجمٌع برهف وصالح تحاول أسرتها إبقابها فً المنزل‬
‫لكنها تؤبا المكوث فٌه إنها تذهب للجلوس معهم تمكث نهارها بؤكمله بجانب‬
‫قبورهم‪،‬وحٌن ٌحاولون أن ٌؤخذوها إلى المنزل تخبرهم أن هنا منزلها هنا‬
‫أحبابها ذاك المنزل أصبح جحٌمها ترٌد البقاء بجانب أحبابها ٌحل الظالم‬
‫وسلمى بجانب قبورهم تؤبى العودة إلى المنزل سلمى لم تكن المرأة األولى‬
‫التً فقدت زوجها وطفلٌها فً الحرب سلمى واحدة من عشرات النساءفً‬
‫هذا الوطن تعٌش الكثٌرات من أمثال سلمى هذا اآللم‬
‫كٌف حال قلبك بعد حكاٌة سلمى ؟‬
‫يُغادرون الوطن بال عودة‬
‫ك الصباح كعادته ُِ ُتودعه إبنته سارة إلى حٌن ٌغٌب عن نظرها‬ ‫خر َج فً ذل َ‬
‫تجهز له وجبة الغداء مع والدتها فهو راجع من عمال شاق‪ ،‬تنتظ ُر سارة‬
‫طرق والعٌناها تكحلت برإٌته‬ ‫طرق الباب وعٌناها تترقب الطرٌق فال الباب ُ‬
‫ٌح ُل المساء ووالدها لم ٌعد ٌغشى على قلب سارة القلق والخوف فتسؤل والدتها‬
‫عن سبب تؤخر والدها لٌس من عادت ِه أن ٌتؤخر وهاتف ُه مغلقا " الشًء فً‬
‫قلب سارة سوى القلق ٌحل المساء ووالدها لم ٌعد إلى المنزل تذهب إلى‬
‫والدتها لتسؤلها لما لم ٌعد والدتها أٌضا ال تعلم سبب تؤخر زوجها ُتهدئ من‬
‫روع إبنتها و ُتطمبنها بؤنه سٌعود ربما لدٌه عمل مهم تؤمرها بالذهاب إلى‬
‫النوم ‪ ،‬ذهبت سارة إلى نومها تحاربُ الكوابٌس فتستٌقظ بٌن كل ساعة‬
‫ت قلبها ُتردد قل أعوذ برب الفلق فتمسك أٌسر صدرها‬ ‫وأخرى على دقا ِ‬
‫وتذك ُر هللا وتحاول العودة إلى نومها‪ ،‬استٌقظت صباح الٌوم التالً لكنه لم ٌعد‬
‫فتٌل الحرٌق بٌن ثناٌا قلبها ‪ُ ،‬تراودها‬
‫ِ‬ ‫توجهت صوب مدرستها والقلق من‬
‫االسبلة دفعةواحدة! ُتكمل إمتحانها وتعود مسرعة ِ إلى المنزل تقطع‬
‫الشوارع والتهتم لوجود السٌارات غاٌتها الوحٌدة الوصول إلى المنزل‬
‫وصلت سارة إلى منزلها الذي تتعالى من جانبه األصوات والصرخات ترى‬
‫الوجوه شاحبة المكان ممتلا بؤشخاص ال تعرفهم ‪،‬تنهمر دموع بعضهم على‬
‫وجناهم الكل ٌنظر لها بؤنظار غرٌبة ‪،‬تراودها االسبلة!‬

‫ماذا هناك؟‬

‫لماذا الجمٌع هنا ؟‬

‫ولماذا الجمٌع ٌبكً؟‬

‫تدخل المنزل وجمٌع األنظار علٌهاتسبلهم ماذا ٌجري هنا؟! لكن ال مجٌب‬
‫ٌجٌبها‬

‫لماذا أنتم متجمعون هكذا ؟!!!‬


‫ُ‬
‫ٌمزق القلب إربا ٌُصٌبها داء عدم التصدٌق‬ ‫ٌبتعد أحدهم من أمامها فترى ما‬
‫َ‬
‫الغرق فً عٌنٌها وظلمة بداخلها فقط تنظر وال تبح لقد كان والدها كان‬
‫مستلقً على األرض ثٌابه ملطخة بالدماء ‪،‬لقد أُصٌب بطلقة نارٌة وهو فً‬
‫طرٌق عودته جثت بجانب ِه ال تصدق ما ترى لتسقُط عشابر الدمع على وجنتٌها‬
‫تحتضنه وتقبله فٌمر الوقت وهً التزال تحتضنه ٌحاولون أن ٌُبعدوها من‬
‫على صدره فتحتضنه األحتضان األخٌرةلسفر ِ بال عودة لفراق أبدي لن‬
‫ترى ضحكته بعد الٌوم ولن تسمع صوته لقد ذهب بال عودة ‪ ،‬تشد قافلة‬
‫الموت رحلها وحُملت جنازة أبٌها على أكتاف الرجال‪ ،‬تنظر إلٌهم وهم‬
‫ٌحملون والدها بعٌدا عنها تسقط على األرض هذه المرة سقوطا ال نهوض‬
‫بعده‪ ،‬وبعد أن تم مراسم الدفن وغادر الجمٌع المقبرة تذهب لزٌارة والدها فً‬
‫ب القبر تحدثه بعد قراءة الفاتحة على روحه الطاهرة‬ ‫منزله الجدٌد تجلسُ بجان ِ‬
‫ُ‬
‫كنت أعلم ُِ بؤنك لن‬ ‫ك لو‬
‫ك ٌؤبً وقتلونً مع َ‬‫"لقد ذهبت ومن دون عودة قتلو َ‬
‫ك ستكون ‪......‬‬‫ك بالخروج كٌف الحٌاة بدون َ‬ ‫ُ‬
‫كنت سمحت ل َ‬ ‫تعود ما‬

‫ك‬
‫ما أثقلها ٌا أبً‪ ،‬من أنا بعد َ‬

‫ماحاجتً لهذا الوطن الذي ٌتقاتلون علٌه وقد أخذوك منً فٌالٌت الحرب لم‬
‫ك وٌالٌت األباء الٌرحلون كٌف لً أن أعٌش فً منزلنا وأنتَ لست فٌه‬ ‫تؤخذ َ‬
‫لم ٌعد ٌهمنً العٌش فً هذا الوطن لقد فقدت الشهٌة تجاه هذا العالم وأنت‬
‫لست معً‪ٌ ،‬عتصر قلبً ألما ٌؤبً وهذا الشعور المسٌطر على قلبً ال ٌترجم‪،‬‬
‫أنا منكسرة من بعدك لقد أنطفبت وال نور لً ٌا أبً كنت أنت النور‬
‫لحٌاتً‪ ،‬بعدك لم ٌعد ٌستهوٌنً البقاء على هذا الكوكب رحمة هللا تغشاك ٌا‬
‫أبً‪،‬أنا التً قُتل والدها أنا الٌتٌمة بعد الٌوم أرادت أن تقف إال أن أرجلها أبت‬
‫الوقوف فقد قُتل الذي كان ٌسندها ‪ٌ،‬صرخ قلبها صرخة ٌهتز على أثرها العالم‬

‫هل الٌزال قلبك ٌستحمل لسماع المزٌد من الحكاٌات فً هذا الوطن؟‬

‫ك ٌا وَ َطنً المم ّزق‪ٌ ،‬ا ُحبًّ األبدي‪ٌ ،‬ا جُرحً العمٌق‪ٌ ،‬ا أ َملًّ‬
‫سالم علٌ َ‬
‫األخٌر‬
‫خالد‬
‫خالد الطفل الذي ٌسمونه فً الحً صاحب اإلبتسامة صبً فً العاشرة من‬
‫العمر لم ٌرى من الحٌاة شًء بعد صبً متفابل ومرح ٌحبه الصغٌر والكبٌر‬
‫فً الحً ٌحلم بؤحالم عظٌمة لكنه فً وطن ُتقتل فٌه األحالم ٌحلم بالكثٌر من‬
‫أج ِل الوطن ٌحلم بتطوٌره عندما ٌكبر لكن القدر شاء أن تتبخر تلك األحالم‬
‫مقتبس العمر ‪ ،‬أنفجرت أحالمه مع إنفجار لغم سرق منه‬‫ِ‬ ‫من روح صبً فً‬
‫أقدامه كان عابدا إلى منزله الذي خرج منه بقدمٌه وعاد إلٌه محموال بدونهما‪،‬‬
‫تلك األلغام المزروعة أخذت‬
‫الكثٌر من األرواح ‪ ،‬أما خالد فقد أخذت منه أقدامه _أصبح على كرسً‬
‫متحرك بعد الٌوم الطفل صاحب اإلبتسامة سُرقت إبتسامته وهُدمت طفولته‬
‫ٌعد األٌام لتمضً لم ٌتخٌل ٌوما ما أنه سٌُصبح بدون قدمٌن لن ٌلعب ولن‬
‫ٌتجول فً الحً كما كان ٌفعل سابقا وأن ذهابه ُِ إلى المدرسة أصبح صعبا‬
‫علٌه إال أنه مازال ٌتحمل تلك الصعوبة‪ٌ ،‬حاول التؤقلم مع شكله الجدٌد ٌحاول‬
‫تقبل الصدمة فال مجال سوى لتعاٌش مع حالته التً جعلوه تجار الحرب‬
‫ٌعٌشها لقد أصبح خالد بدون قدمٌن داس على تراب الوطن بؤمان فافقد قدمٌه‬

‫تلك األلغام المزروعة بشكل عشوابً فً هذه المدٌنةضحاٌاها الكثٌر من‬


‫األطفال أمثال خالد‪ ،‬هناك من فقدوا أرواحهم ومزقت قلوب أحبابهم من بعدِهم‬
‫وآخرون كانت تسرق أقدامهم‬

‫حاول أن تتخٌل أنك أنت الطفل صاحبة اإلبتسامة ولم ٌعد لدٌك قدمٌن تقف‬
‫بها كٌف حالك اآلن ؟ عم ٌتسآءلُون؟! عَن كثرة المحن تحت األنقاض عن‬
‫جثث األطفال عن كثرت القلوب المحطمة واألرواح المختنقة‬
‫ُ‬
‫بقٌت على‬ ‫إنً ألخج ُل من أ ّنً‬

‫قٌد الحٌا ِة‪ ..‬وأمًّ لفّها الكفنُ !‬

‫ب َم التعللُ؟ قلبً صارَ ٌُنكرُنً‬

‫سلّم على المو ِ‬


‫ت فٌ ِه ال َعٌشُ وال َسكنُ‬

‫األرض أوردتً‬
‫ِ‬ ‫فكٌفَ أحٌا وتحتَ‬

‫ب لً مُدنُ‬
‫ب مِنَ األحبا ِ‬
‫وفً الترا ِ‬

‫‪ ................‬حذٌفة العرجً‬
‫حروب وصراعات وفساد ٌجتاح هذا الوطن‪ ،‬مخلفا دماء وأوجاعا‪ ،‬ال ٌفوت‬
‫ٌوم أو لٌلة إال وتسم ُع فٌها أخبارا عن فقدان جدٌد أو معاناة متواصلة‪ ،‬فهذا‬
‫الوطن لم ٌعد ٌقوى على تحم ِل المزٌد من األلم‪ ،‬والمعاناة‪ ،‬والحزن خرج‬
‫لطلب لقمة العٌش له وإلسرته فً صباح األثنٌن قبْل أوالده ومسح على‬
‫روإسهم وقبل ٌد أمه وودع زوجته بإبتسامة لم ٌكن ٌعلم أن تلك القُبل على‬
‫خدود أوالده هً القُبالت االخٌرة وأن ٌد أمه ودعوتها له هً أخر دعوة‬
‫سٌسمعها ‪،‬وأن إبتسامة زوجته فً وجهه عند خروجه من المنزل هً أخر‬
‫إبتسامة ٌراها من وجهها المالبكً ‪ ،‬سعٌد الذي لم ٌلقى نصٌبه من إسمه بعد‬
‫خروجه من منزله إلى مكان عمله ٌتلقى مكالمة هاتفٌه من أحد أفراد الحً‬
‫بؤن علٌه العودة إلى المنزل أخذ ٌجري بسرعة فً شوارع المدٌنة ٌركب‬
‫الباصات فالخبر الذي تلقاه كان كارثٌا‪ٌ ،‬صل إلى منزل ِه الشًء فً المكان‬
‫سوى الركام ٌصرخ من هول الصدمة‪ ،‬واآللم ٌعصف بقلبه ‪ ،‬عابلت ُه كانت فً‬
‫المنزل أٌن هم تحت هذا الركام ٌحاول البحث عنهم مع مجموعة من األفراد‬
‫بحثا على عابلته ٌستمر بإزالة الركام قلقا وخابفا ِ ٌبحث عنهم والدموع‬
‫تنهمر من عٌنٌه وأخٌرا بعد عناء من البحث مع تلقً المساعدة وجد طفلت ُه‬
‫سالً وجهها الملٌا بالغبار وبجانبها لعبتها لقد فارقت الحٌاة ٌحتضنها‬
‫وٌصرخ بإسمها ألما و ٌبحث األخرون عن باقً أفراد العابلة فٌجدون أمه بعد‬
‫سالً هً األخرى قد فارقت الحٌاة جثى على ركبتٌه واضعا راسه على‬
‫صدرها باكٌا كطفال فً الرابعة من العمر ٌنادي بإسمها ٌضعون أمه بجانب‬
‫ابنته سالً بعد أربع ساعات من البحث وجدوا زوجت ُه وطفل ُه علً ‪،‬انثنى على‬
‫ركبتٌه من هول الصدمة محاوال التنفس ال ٌصدق ما ٌجري أفراد عابلته‬
‫واحدا تلوا األخر ٌُخرجوهم من تحت الركام أمواتا‪ٌ ،‬جلس بالقرب من زوجته‬
‫باكٌا ٌمسح بٌدٌه على راسه ووجهه وٌصرخ ٌااااااارب ٌااااارب ال طاقة لً‬
‫بتحمل هذا االلم ‪،‬لم ٌتبقى سوى ابنته أمل ٌستمرون بالبحث عنها ٌحل الظالم‬
‫وأمل ال أثر لها أما سعٌد قد اصابه اإلنهٌار فقد خسر عابلته بؤسرها لم تبقى‬
‫سوى أمل تحت الركام هً األخرى بعد عناء البحث أخرجوا جثتها ‪ ،‬كانت‬
‫أمل هً أمله األخٌر وقد فقده ‪ ،‬لقد ماتوا جمٌعهم إنهم جثث أمام نظره‬
‫وجوههم وثٌابهم ملٌبة بالغبار والدم‪ٌ ،‬حل النهار وتشرق الشمس على العالم‬
‫وقلب سعٌد مازال مظلما فقد فقد نورهُ روحه ُِ مصابة بجروح ال عالج لها‬
‫وقلب ُه ٌعتصر ألم ال ٌمكن تصوره وال ٌمكن تخٌله‪ٌ ،‬حتضن أمه وٌقبل ٌدٌها‬
‫ُتطوف ذكرٌاته معها طفولته ضحكتها دعواتها فً خٌاله ٌتؤمل بوجه زوجته‬
‫وحبٌبت ُه التً ودعته قبل خروجه بإبتسامة أخٌرة ٌُقبل أطفاله ٌودعهم الوداع‬
‫األخٌر ٌدفن عابلته تحت التراب وٌدفن قلبه معهم ‪ ،‬سعٌد الذي لم ٌلقى‬
‫السعادة مثل وطنه ٌسمى بالسعٌد وال وجود لسعادة ال توجد سوى مآسً‬
‫والآللم وجروح ال تشفى ‪.‬إذا أنتهت الحرب هل ٌنتهً ألم سعٌد هل ستطٌب‬
‫جروح روحه؟‬

‫لن ٌنتهً ألم سعٌد ولن تطٌب جروحه لم ٌكن ألمه عادٌا وال جرحه عادٌا‬
‫لٌطٌب ‪ .‬قُتلت طفولتهم وتبعثرت أحالمهم‬
‫متسولون يف شوارع الوطن‬
‫فكٌفَ أسكنُ بٌتا أطمبن ب ِه‬

‫وطفلة فً بالدي ما لها سكنُ‬

‫وكٌفَ ألتذ أو أهنا بمابدة‬

‫وٌُشتهى فً بالدي الخب ُز وال ُجبُنُ‬

‫حذٌفة العرجً‬

‫عشت فً الرٌف طوال‬ ‫ُ‬ ‫لم أكن أراهم سوى فً القنوات األخبارٌة فقط‬
‫ت التً مضت من عمري ولم أشاهد أحدهم ٌقترب منً وٌمد لً ٌده لم‬ ‫السنوا ِ‬
‫أكن أشاهد أولبك الذي اتخذو من األرصفة منازل لهم إال فً التلفاز‬

‫لكن زٌارتً إلى العاصمة جعلتنً أشاهدهم أمامً اعتصر قلبً ألما عندما‬
‫رأٌت رجال كبٌر فً السن مشلول الٌد الٌسرى وٌدهُ الٌمنى ممدودة لً ٌدعو‬
‫لً بدعوات أهتز لها عرش قلبً هزت جسدي بإكمله لم ٌكن لدي سوى‬
‫القلٌل من المال فً حقٌبتً أعتطٌته بعض مما عندي فتمنٌت لو كان لدي‬
‫الكثٌر ألعطٌه فمازالت دعوات ذاك الرجل تطنُ كل مساء فً رأسً لم ٌسبق‬
‫أن دعى لً أحدهم كما دعى لً هو لم أشاهد مثل تلك المآساوٌة فً قرٌتً‬
‫لكن شاهدتها فً أولبك األطفال الذٌن كانوا ٌحملون فً أعٌنهم براءة الطفولة‬
‫وفً قلوبهم أحالم مقتولة كانوا ٌنظرون إلى العالم بتفابل وأمل ‪،‬لكنها الحرب‬
‫قتلت طفولتهم‪ ،‬وبعثرت نظراتهم الملٌبة باألمل والتفابل تالشى األمل‬
‫تدرٌجٌا ِ من قلوبهم خٌم على طفولتهم الٌؤس متنقلون بٌن أكوام األلم‬
‫‪،‬ضحكاتهم المرحة تحولت إلى صوت مكسور ‪ ،‬وبرابتهم تالشت أمام‬
‫ظروف الحٌاة القاسٌة‪ ،‬تبعثرت أحالمهم وتحطمت فً قلوبهم كؤوراق متناثرة‬
‫لم ٌكن هذا حلمهم قبل الحرب كانت لدى البعض أحالم جمٌلة لكن الحرب‬
‫أخذت رب األسرة فصار من حقه أن ٌتحمل مسإولٌات تلك األسرة كان‬
‫تجولً ومشاهدتً للبعض ٌمزق قلبً كانت نظراتهم للحٌاة نظرات ٌؤس منها‬
‫الطفولة فً هذا الوطن دفنت مقتولة ‪ٌ ،‬ا هللا كم من طفل بريء أوجعته وشٌبته‬
‫هذه الحرب المجنونة‪ ،‬إلى متى ستسمرون بقتل الطفولة ٌا تجار الحرب؟‬

‫إلى متى ستظل الطفولة فً بلدي معذبة ؟‬

‫الطفولة فً بلدي محرومة فإن سؤلوك عن الطفولة فً الٌمن السعٌد كٌف‬


‫حالها ؟‬

‫أخبرهم بؤنهم قتلوها !‬


‫هل مر علٌك أن أقترب منك طفال متسول؟‬

‫هل مر علٌك أن شاهدت طفال ٌكافح من أجل أسرته؟‬

‫هل مر علٌك أن أخبرك طفال أنه كان ٌحلم أن ٌصبح طبٌبا كً ٌعالج الناس‬
‫الن أبوه مات ولم ٌجد حق العالج؟‬

‫هل مر علٌك أن ٌُخبرك أحدهم أنه كان ٌتمنى أن ٌكمل دراسته لكن الظروف‬
‫قاسٌة؟‬

‫هل مر علٌك موقف أحزن قلبك؟‬

‫أَ َنا الغرٌب ُِ المنفً فً َو َطنًِ‪َ ،‬شاهِدا َعلَى مشاهد الح ُْز ِن أَسْ عَى ِإلِ ٌْجَ ا ِد َمعْ َنى‬
‫لِ ْلحَ ٌَاة‬

‫ها نحن نتجول بٌن مخٌمات الالجبٌٌن أردتك أن تتجول معً بقلبك‪ ،‬كل‬
‫هإالء خرجوا من منازلهم ناجٌن بؤنفسهم‬

‫ٌبحثون عن مؤوى خرجوا من منازلهم خوفا ِ من القصف خرجوا هاربٌن‬


‫من القذابف ومن أصوات المدافع ‪ ،‬خرجوا من منازلهم إلى المخٌمات ‪ ،‬تمر‬
‫علٌهم أٌاما وهم ٌُحاربون الجوع ‪ ،‬والعطش ال مدفا لهم من البرد سوى تلك‬
‫الحافات الخفٌفة‪ ،‬شٌوخ ال ٌجدون العالج ‪ ،‬وأطفال فً مجاعة‬

‫كٌف حال قلبك؟‬

‫"تتحول األفراح إلى أحزان"‬

‫ك من وطن‬ ‫ُ‬
‫الموت ما أحال َ‬ ‫ٌا أٌها‬

‫ك شهٌدا جرح ُه الوطن‬


‫لمن أتا َ‬

‫حذٌفة العرجً‬

‫الشهٌد عزام القابل قبل موته "نحن بعنا أرواحنا من أجل الوطن"‬

‫هذا الشاب الذي موته حطم قلوب الكثٌر ترك قلوبا تنزف من بعده التزال‬
‫عٌون أمه تمطر الدموع علٌه ‪،‬تلك المرأة التً‬

‫ال تعرف قبر ولدها وال بؤي أرض قبر هذا منزل عزام الذي لم ٌدخل‬
‫منزله ولم ٌعرفه‪.‬‬
‫محمد الشاب الذي تحول فرحه إلى عزاء كان عابدا إلى مدٌنته بعد أن أكمل‬
‫دراسته ٌنتظره جمٌع أهله وأحبابه عودته فقط خطبت له ولدته حب طفولته‬
‫عابد إلٌهم بفرح تخرجه وفرح عرسه القرٌب عابد من أجل قلبها الذي‬
‫أنتظره كل هذه السنوات ها قد أقترب اللقاء وأقترب ٌوم إجتماعهم لم ٌتبقى‬
‫سوى القلٌل لتصبح حالال له كال منهم ٌنتظر رإٌة األخر ‪ ،‬لكنها أقدار‬
‫مكتوبة لم تكتمل الفرحة ٌتعرض لمحمد قطاع طرق سرقوا كل ما لدٌه‬
‫اطلقوا علٌه الرصاص ومضوا كالب طرق مجهولٌن ‪ ،‬شاء هللا أن ٌتحول‬
‫الفرح إلى حزن !‬

‫لقد عاد إلٌهم لكن عاد إلٌهم مٌتا محموال على األكتاف‪ ،‬تنهار أمه عند رإٌة‬
‫أبنها عٌنها تنزف وقلبها محطم وجسدها منهار تصرخ وتكبر وتهلل كٌف‬
‫طاوعتهم قلوبهم أن ٌقتلوك أي قلوب ٌمتلكوها عندما أمطروا علٌك‬
‫ت تنتظرٌن عودته‬ ‫بالرصاص ‪ٌ ،‬اوجعك ٌا أم محمد جرحك لن ٌشفى ُكن ِ‬
‫لكنه ذهب من دون عوده‬

‫أما هً فال تزال تحب محمد ال ٌزال الخاتم فً ٌدها غادر محمد من هذا‬
‫العالم لكنه لم ٌغادر قلبها ال تزال تتذكر نظراته وطفولتهم معا ترفض جمٌع‬
‫الرجال فقلبها ٌسكنه محمد وحبها كان وال ٌزال لمحمد هً التً قتلوا حبها‬

‫وكسروا قلبها هً التً اخذوا حبٌبها قبل أن تجتمع به‬

‫لم ٌكن لهم نصٌب اإلجتماع فً الدنٌا لكن موعدهم الجنة هناك اإلجتماع الذي‬
‫ال ٌعقبه فراق فصبرا ٌا قلبها‬

‫دخل الراء بٌن الحاء والباء فقتل حبها‬

‫هل قتلت الحرب حبك؟‬


‫مدين الطفل املنشق‬
‫ك الطف ُل الذي شاهدت ُه‬ ‫ُ‬
‫أردت أن ٌكون حاضرا فكل ما كتبت ُه هنا من أجله ‪ ،‬ذا َ‬
‫ممزقا فً ٓٔ‪ٕٓٔ2/ٔٔ/‬‬

‫ت الحرب فطرقها بحجر فتمزق إربا ال تزال صورته‬ ‫كان ٌلعب بإحدى مخلفا ِ‬
‫أمام عٌنً حُفرت فً الذاكرة لن تمحى وإن طال الزمن ‪ ،‬سؤظل أتذكر مدٌن‬
‫دابما‪ ،‬مدٌن الذي كان محبوبا من قبل الجمٌع ‪ ،‬الذي لم ٌزل اسمه محفور فً‬
‫قلوب زمالبه ومعلمٌه ‪ ،‬مدٌن الذي بكت من أجل ِه خمس قُرئ ‪ ،‬مدٌن الذي‬
‫مزق قلوبنا من بعده متى لهذه الحرب أن تضع أوزارها متى ٌعود المختطف‬
‫إلى عابلته؟ ومتى ٌرجع األسٌر ؟ متى لهذا األلم أن ٌنتهً؟‬

‫ستنتهً الحرب ذات ٌوم و ستخرس أصوات المدافع ‪،‬وسٌختفً عرف البارود‬
‫‪،‬هذه الحرب البشعة التً مزقت قلوب الكثٌر ستصبح مجر ُد ذكرى ألٌمة‬
‫سٌلم ُع تارٌخ الحرٌة والتحرٌر فً جبٌن التارٌخ سٌحتفلون به الٌمنٌٌن بفخر ‪،‬‬
‫سنقص لؤلحفاد عما عشناه خالل سنوات الحرب ‪ ،‬وكٌف واجهنا أوجاعنا‬
‫بشجاعة ‪ ،‬كٌف حاربنا الفقر‪ ،‬والجوع ‪،‬وكٌف تحملنا الحصار كٌف كبُرنا قبل‬
‫اآلوان‪ ،‬سنحكً لهم الحكاٌات كما كان األجداد ٌحكون لنا قصصهم‬
‫وبطوالتهم ‪ ،‬سنقص علٌهم الحكاٌات والقصص ‪.‬‬

‫رُفعت األقالم وجفت الصحف وأنشلت أناملً وتمزق قلبً فإن سؤلوك عن‬
‫حالً‬

‫أخبرهم بؤننً الجرٌح فً وطنً‪.‬‬

‫واألرض مُعتصمً‬
‫ِ‬ ‫هلل ربّ السما‬
‫با ِ‬
‫وفٌ ِه صبري‪ ،‬إلٌ ِه السر والعلنُ‬
‫ُ‬
‫ولست أقط ُع آمالً بثورتنا‬

‫لكل وجه قبٌح آخر حسنُ ‪.‬‬

‫حذٌفة العرجً‬
‫وقفة خاصة‬
‫بعد أبً وتاج رأسً كنت أول من أخبره عن‬
‫(جرٌح فً وطنً) فقلت لً حٌنها بؤنها بداٌة موفقة وبؤنه‬
‫علً اإلستمرار فها أنا قد أكملتها من أجل تشجٌعك هذا‬
‫الكتاب إلى تلك الهاء التً سٌطرت على لسانً‪،‬لخالً القدٌر‬
‫الشاعر محمد عبد هللا الحرٌبً هذا الكتاب لكل من قال لً‬
‫علٌكِ اإلستمرار أناملكِ مبدعة لكل شخص غالً على قلبً‬
‫لشمس العمر أمً وثروتً ولصدٌقاتً أفنان وبشرى‬
‫وصفاء ومنار وطٌفً تقى‪.‬‬

You might also like