Professional Documents
Culture Documents
جريح في وطني
جريح في وطني
جريح في وطني
إٌمان الحُرٌبً
اإلهداء
إلى من قُتل والدها أمام عٌنٌها إلى التً فقدت زوجها وحبٌبها إلى الذي بُترت
أقدام ُه جراء إنفجار لغم وآخر تمزق جسدهُ أشالء إلى األطفال الذٌن لم تكتمل
طفولتهم إلى الشباب الذٌن لم تكتمل أحالمهم إلى الذٌن حَ طمت أمالهم الحرب
إلى كل ٌمنً وٌمنٌة مازال ٌُحاول أن ٌكون سعٌدا فً ٌمن كان ٌسمى
جنُ ُ
ٌهبط ال َش ِ وال مطار ..علٌ ِه
ُنرٌ ُد أن ُنر ِ
جعَ األمجا َد دولتها
..........................حذيفة العزجي
عندما ميوت االنسان وهو ما سال على قيد احلياة
"لقد قدسوا التضحٌة والبحث عن الحق ،على أمل أن ٌجدوا الوطن فً نهاٌة
المطاف لكنهم ما ُتوا وهم ٌبحثون عن وطن" ( إٌمان الحرٌبً )
بؤلم شدٌد ودم ٌسٌل ٌنزف هذا الوطن الجرٌح ببطء ٌتؤوهُ من ألم ال ٌداوٌ ِه
ُ
تتدفق الدموع بخفة سوى الحر ٌّ ُة المنشودة والسالم الدابم واالستقرار المُنشود
من عٌون أبنا ِء هذا الوطن المكلوم وقلوبهم تتؤلم بشدة وعتاب وتوجع عمٌق
فهً أجساد ضعٌفة وأرواح شجاعة كافحت لوقت طوٌل وال تزال تكافح
بإصرار وعناد.
إنها سلمى المرأة التً بعد رحٌل زوجها وحبٌبها كافحت من أج ِل أوالدها
كانت لهم السند والعون كانت األم واألب معا قُتل زوجها برصاصة قناص
أطلقها فً صدر رجل ٌحمل فً صدر ِه حب أبنابه ٌسعى لطلب رزقه فً
شوارع الحالمة ٌنتظر حلول المساء لٌعود إلٌهم بلقمة عٌش من عرق جبٌنه
ِ
ذاك النهار لن تنساهُ سلمى ٌظل ٌُوخز فً قلبها فقد فقدت حبٌبها وقوتها فقدت
السند والعون
لقد رحل وترك خلف ُه زوجة وطفلٌن صالح ابن السابعة من العمر ورهف ابنة
الخامسة كٌف تخبرهم أن والدهم قد قُتل وهو عابد إلٌهم كٌف تخبرهم أنهم لن
ٌروه بعد الٌوم ؟!
سلمى المنهارة بعد رحٌل حبٌبها المدمرة بعد رحٌل زوجها تقف من أجل
أطفالها بكام ِل قوتِها علٌها أن ُتكافح من أجلهم تؤخذ دورات فً مجال الخٌاطة
ثالث أٌام فً األسبوع مع أخرٌات من نساء الحً تبٌ ُع العطور والبخور من
صنع ٌدٌها لـنساء الحً مقابل مبلغ زهٌد من المال ،ال ٌكفً لسد حاجتها
الٌومة وعند حلول المساء ُتخٌط بعض األقمشة لتبٌعها للعم خالد الذي ٌحاول
أن ٌدعمها فٌشتري منها وٌعرضها فً محله للبٌع ،لم تكن سلمى امرأة عادٌة
لقد كافحت
التً فً داخلها لم تكن سلمى تتوقع ألما سٌصٌبُ روحها أكبر مما قد
أصابهاكانت تطمبن روحها أنه إبتالء من الرحمن الرحٌم لقلبها والصبر على
بؤرواح
ِ محل بها لكن هللا امتحنها إمتحان أقوى من السابق ها هً قذٌفة تفت ُ
ك
صغٌرٌها وأخرٌن من أطفال الحً
هاهً سلمى أمام مصٌبة أكبر من السابقة تخرج مهرولة من منزلها على
صوت القذٌفة لتجد رهف ممزقة إلى أشالء وصالح أغتسل بدماب ِه ٌتنفس
بصعوبة لٌس بإستطاعتها عمل شًء طفلتها ذات الخامسة ربٌعا ممزقة
أمامها واألخر ٌنادٌها بصوت خافت ال ٌكاد ٌُسمع أماااااااه أمااااااه ٌ ،داها
ممتلبة بدمابهم ٌخذون صالح إلى المستشفى لٌنقذون حٌاته ورهف الطفلة
الممزقة بحضن والدتها ،تلك الطفلة التً لم ترى السعادة فً حٌاتها ولم تعش
حٌاتها مثل أطفال العالم عاشت على أصوات القذابف والرصاص قضت
طفولتها فً خوف وهاهم ٌؤخذونها من حضن ولدتها لٌدفنوها مع أخٌها الذي
مات قبل أن ٌصِ لوا به إلى المستشفى ،هاهم ٌدفنون بجانب ولدهم الذي أخذته
رصاصة قناص لعٌن أستكثر علٌهم طفولتهم أغتال البسمة فً شفاتهم
جعلهم ٌتاما األب ولم ترحم ٌُ َتمهم ،أُرسلت لهم فؤخذت أرواحهم الطاهرة
والبرٌبة...
غٌر مستوعبة لم تراه عٌناها إنها تنظر إلى وجوه طفلٌها بعٌون تنزفُ دما
وقلب ٌعتص ُر ألما إنها تدفن قطعتٌن من روحها تحت التراب فقدت الحبٌب
والزوج والرفٌق وهاهً اآلن تودع صغٌرٌها تقبلهم بحرارة تحتضنهم للمر ِة
األخٌرة ٌؤخذوهم من حضنها بالقوة ال تستطٌع الوقوف على قدمٌها لقد ماتت
سلمى للمرة ِِالثانٌة ،هذه المرة ماتت بالفعل إنها تنتظر دورها لتلحق بحٌبها
وطفلٌها دعوتها الوحٌدة أن ٌُعجل هللا أجلها لم ٌعد لها طاقة فً العٌش تشعر
بإختناق ال تقوى على الفراق أكثر ،هذا الفراق الذي ٌق ُتلها كل ما نظرت إلى
ُ
تبحث أرجاء المنزل الذي أصبح فارغا ،تحتضن ثٌابهم تفتشُ عن رابحتهم و
عنهم فً زواٌا المنزل تسمع منادتهم بٌن الحٌن واألخر لم تعد سلمى طبٌعٌة
لقد أصابها الجنون بعدهم إنها تنادي الجمٌع بؤسم زوجها رٌاض تحتضن
أطفال الحً وتنادي الجمٌع برهف وصالح تحاول أسرتها إبقابها فً المنزل
لكنها تؤبا المكوث فٌه إنها تذهب للجلوس معهم تمكث نهارها بؤكمله بجانب
قبورهم،وحٌن ٌحاولون أن ٌؤخذوها إلى المنزل تخبرهم أن هنا منزلها هنا
أحبابها ذاك المنزل أصبح جحٌمها ترٌد البقاء بجانب أحبابها ٌحل الظالم
وسلمى بجانب قبورهم تؤبى العودة إلى المنزل سلمى لم تكن المرأة األولى
التً فقدت زوجها وطفلٌها فً الحرب سلمى واحدة من عشرات النساءفً
هذا الوطن تعٌش الكثٌرات من أمثال سلمى هذا اآللم
كٌف حال قلبك بعد حكاٌة سلمى ؟
يُغادرون الوطن بال عودة
ك الصباح كعادته ُِ ُتودعه إبنته سارة إلى حٌن ٌغٌب عن نظرها خر َج فً ذل َ
تجهز له وجبة الغداء مع والدتها فهو راجع من عمال شاق ،تنتظ ُر سارة
طرق والعٌناها تكحلت برإٌته طرق الباب وعٌناها تترقب الطرٌق فال الباب ُ
ٌح ُل المساء ووالدها لم ٌعد ٌغشى على قلب سارة القلق والخوف فتسؤل والدتها
عن سبب تؤخر والدها لٌس من عادت ِه أن ٌتؤخر وهاتف ُه مغلقا " الشًء فً
قلب سارة سوى القلق ٌحل المساء ووالدها لم ٌعد إلى المنزل تذهب إلى
والدتها لتسؤلها لما لم ٌعد والدتها أٌضا ال تعلم سبب تؤخر زوجها ُتهدئ من
روع إبنتها و ُتطمبنها بؤنه سٌعود ربما لدٌه عمل مهم تؤمرها بالذهاب إلى
النوم ،ذهبت سارة إلى نومها تحاربُ الكوابٌس فتستٌقظ بٌن كل ساعة
ت قلبها ُتردد قل أعوذ برب الفلق فتمسك أٌسر صدرها وأخرى على دقا ِ
وتذك ُر هللا وتحاول العودة إلى نومها ،استٌقظت صباح الٌوم التالً لكنه لم ٌعد
فتٌل الحرٌق بٌن ثناٌا قلبها ُ ،تراودها
ِ توجهت صوب مدرستها والقلق من
االسبلة دفعةواحدة! ُتكمل إمتحانها وتعود مسرعة ِ إلى المنزل تقطع
الشوارع والتهتم لوجود السٌارات غاٌتها الوحٌدة الوصول إلى المنزل
وصلت سارة إلى منزلها الذي تتعالى من جانبه األصوات والصرخات ترى
الوجوه شاحبة المكان ممتلا بؤشخاص ال تعرفهم ،تنهمر دموع بعضهم على
وجناهم الكل ٌنظر لها بؤنظار غرٌبة ،تراودها االسبلة!
ماذا هناك؟
تدخل المنزل وجمٌع األنظار علٌهاتسبلهم ماذا ٌجري هنا؟! لكن ال مجٌب
ٌجٌبها
ك
ما أثقلها ٌا أبً ،من أنا بعد َ
ماحاجتً لهذا الوطن الذي ٌتقاتلون علٌه وقد أخذوك منً فٌالٌت الحرب لم
ك وٌالٌت األباء الٌرحلون كٌف لً أن أعٌش فً منزلنا وأنتَ لست فٌه تؤخذ َ
لم ٌعد ٌهمنً العٌش فً هذا الوطن لقد فقدت الشهٌة تجاه هذا العالم وأنت
لست معًٌ ،عتصر قلبً ألما ٌؤبً وهذا الشعور المسٌطر على قلبً ال ٌترجم،
أنا منكسرة من بعدك لقد أنطفبت وال نور لً ٌا أبً كنت أنت النور
لحٌاتً ،بعدك لم ٌعد ٌستهوٌنً البقاء على هذا الكوكب رحمة هللا تغشاك ٌا
أبً،أنا التً قُتل والدها أنا الٌتٌمة بعد الٌوم أرادت أن تقف إال أن أرجلها أبت
الوقوف فقد قُتل الذي كان ٌسندها ٌ،صرخ قلبها صرخة ٌهتز على أثرها العالم
ك ٌا وَ َطنً المم ّزقٌ ،ا ُحبًّ األبديٌ ،ا جُرحً العمٌقٌ ،ا أ َملًّ
سالم علٌ َ
األخٌر
خالد
خالد الطفل الذي ٌسمونه فً الحً صاحب اإلبتسامة صبً فً العاشرة من
العمر لم ٌرى من الحٌاة شًء بعد صبً متفابل ومرح ٌحبه الصغٌر والكبٌر
فً الحً ٌحلم بؤحالم عظٌمة لكنه فً وطن ُتقتل فٌه األحالم ٌحلم بالكثٌر من
أج ِل الوطن ٌحلم بتطوٌره عندما ٌكبر لكن القدر شاء أن تتبخر تلك األحالم
مقتبس العمر ،أنفجرت أحالمه مع إنفجار لغم سرق منهِ من روح صبً فً
أقدامه كان عابدا إلى منزله الذي خرج منه بقدمٌه وعاد إلٌه محموال بدونهما،
تلك األلغام المزروعة أخذت
الكثٌر من األرواح ،أما خالد فقد أخذت منه أقدامه _أصبح على كرسً
متحرك بعد الٌوم الطفل صاحب اإلبتسامة سُرقت إبتسامته وهُدمت طفولته
ٌعد األٌام لتمضً لم ٌتخٌل ٌوما ما أنه سٌُصبح بدون قدمٌن لن ٌلعب ولن
ٌتجول فً الحً كما كان ٌفعل سابقا وأن ذهابه ُِ إلى المدرسة أصبح صعبا
علٌه إال أنه مازال ٌتحمل تلك الصعوبةٌ ،حاول التؤقلم مع شكله الجدٌد ٌحاول
تقبل الصدمة فال مجال سوى لتعاٌش مع حالته التً جعلوه تجار الحرب
ٌعٌشها لقد أصبح خالد بدون قدمٌن داس على تراب الوطن بؤمان فافقد قدمٌه
حاول أن تتخٌل أنك أنت الطفل صاحبة اإلبتسامة ولم ٌعد لدٌك قدمٌن تقف
بها كٌف حالك اآلن ؟ عم ٌتسآءلُون؟! عَن كثرة المحن تحت األنقاض عن
جثث األطفال عن كثرت القلوب المحطمة واألرواح المختنقة
ُ
بقٌت على إنً ألخج ُل من أ ّنً
األرض أوردتً
ِ فكٌفَ أحٌا وتحتَ
ب لً مُدنُ
ب مِنَ األحبا ِ
وفً الترا ِ
................حذٌفة العرجً
حروب وصراعات وفساد ٌجتاح هذا الوطن ،مخلفا دماء وأوجاعا ،ال ٌفوت
ٌوم أو لٌلة إال وتسم ُع فٌها أخبارا عن فقدان جدٌد أو معاناة متواصلة ،فهذا
الوطن لم ٌعد ٌقوى على تحم ِل المزٌد من األلم ،والمعاناة ،والحزن خرج
لطلب لقمة العٌش له وإلسرته فً صباح األثنٌن قبْل أوالده ومسح على
روإسهم وقبل ٌد أمه وودع زوجته بإبتسامة لم ٌكن ٌعلم أن تلك القُبل على
خدود أوالده هً القُبالت االخٌرة وأن ٌد أمه ودعوتها له هً أخر دعوة
سٌسمعها ،وأن إبتسامة زوجته فً وجهه عند خروجه من المنزل هً أخر
إبتسامة ٌراها من وجهها المالبكً ،سعٌد الذي لم ٌلقى نصٌبه من إسمه بعد
خروجه من منزله إلى مكان عمله ٌتلقى مكالمة هاتفٌه من أحد أفراد الحً
بؤن علٌه العودة إلى المنزل أخذ ٌجري بسرعة فً شوارع المدٌنة ٌركب
الباصات فالخبر الذي تلقاه كان كارثٌاٌ ،صل إلى منزل ِه الشًء فً المكان
سوى الركام ٌصرخ من هول الصدمة ،واآللم ٌعصف بقلبه ،عابلت ُه كانت فً
المنزل أٌن هم تحت هذا الركام ٌحاول البحث عنهم مع مجموعة من األفراد
بحثا على عابلته ٌستمر بإزالة الركام قلقا وخابفا ِ ٌبحث عنهم والدموع
تنهمر من عٌنٌه وأخٌرا بعد عناء من البحث مع تلقً المساعدة وجد طفلت ُه
سالً وجهها الملٌا بالغبار وبجانبها لعبتها لقد فارقت الحٌاة ٌحتضنها
وٌصرخ بإسمها ألما و ٌبحث األخرون عن باقً أفراد العابلة فٌجدون أمه بعد
سالً هً األخرى قد فارقت الحٌاة جثى على ركبتٌه واضعا راسه على
صدرها باكٌا كطفال فً الرابعة من العمر ٌنادي بإسمها ٌضعون أمه بجانب
ابنته سالً بعد أربع ساعات من البحث وجدوا زوجت ُه وطفل ُه علً ،انثنى على
ركبتٌه من هول الصدمة محاوال التنفس ال ٌصدق ما ٌجري أفراد عابلته
واحدا تلوا األخر ٌُخرجوهم من تحت الركام أمواتاٌ ،جلس بالقرب من زوجته
باكٌا ٌمسح بٌدٌه على راسه ووجهه وٌصرخ ٌااااااارب ٌااااارب ال طاقة لً
بتحمل هذا االلم ،لم ٌتبقى سوى ابنته أمل ٌستمرون بالبحث عنها ٌحل الظالم
وأمل ال أثر لها أما سعٌد قد اصابه اإلنهٌار فقد خسر عابلته بؤسرها لم تبقى
سوى أمل تحت الركام هً األخرى بعد عناء البحث أخرجوا جثتها ،كانت
أمل هً أمله األخٌر وقد فقده ،لقد ماتوا جمٌعهم إنهم جثث أمام نظره
وجوههم وثٌابهم ملٌبة بالغبار والدمٌ ،حل النهار وتشرق الشمس على العالم
وقلب سعٌد مازال مظلما فقد فقد نورهُ روحه ُِ مصابة بجروح ال عالج لها
وقلب ُه ٌعتصر ألم ال ٌمكن تصوره وال ٌمكن تخٌلهٌ ،حتضن أمه وٌقبل ٌدٌها
ُتطوف ذكرٌاته معها طفولته ضحكتها دعواتها فً خٌاله ٌتؤمل بوجه زوجته
وحبٌبت ُه التً ودعته قبل خروجه بإبتسامة أخٌرة ٌُقبل أطفاله ٌودعهم الوداع
األخٌر ٌدفن عابلته تحت التراب وٌدفن قلبه معهم ،سعٌد الذي لم ٌلقى
السعادة مثل وطنه ٌسمى بالسعٌد وال وجود لسعادة ال توجد سوى مآسً
والآللم وجروح ال تشفى .إذا أنتهت الحرب هل ٌنتهً ألم سعٌد هل ستطٌب
جروح روحه؟
لن ٌنتهً ألم سعٌد ولن تطٌب جروحه لم ٌكن ألمه عادٌا وال جرحه عادٌا
لٌطٌب .قُتلت طفولتهم وتبعثرت أحالمهم
متسولون يف شوارع الوطن
فكٌفَ أسكنُ بٌتا أطمبن ب ِه
حذٌفة العرجً
عشت فً الرٌف طوال ُ لم أكن أراهم سوى فً القنوات األخبارٌة فقط
ت التً مضت من عمري ولم أشاهد أحدهم ٌقترب منً وٌمد لً ٌده لم السنوا ِ
أكن أشاهد أولبك الذي اتخذو من األرصفة منازل لهم إال فً التلفاز
لكن زٌارتً إلى العاصمة جعلتنً أشاهدهم أمامً اعتصر قلبً ألما عندما
رأٌت رجال كبٌر فً السن مشلول الٌد الٌسرى وٌدهُ الٌمنى ممدودة لً ٌدعو
لً بدعوات أهتز لها عرش قلبً هزت جسدي بإكمله لم ٌكن لدي سوى
القلٌل من المال فً حقٌبتً أعتطٌته بعض مما عندي فتمنٌت لو كان لدي
الكثٌر ألعطٌه فمازالت دعوات ذاك الرجل تطنُ كل مساء فً رأسً لم ٌسبق
أن دعى لً أحدهم كما دعى لً هو لم أشاهد مثل تلك المآساوٌة فً قرٌتً
لكن شاهدتها فً أولبك األطفال الذٌن كانوا ٌحملون فً أعٌنهم براءة الطفولة
وفً قلوبهم أحالم مقتولة كانوا ٌنظرون إلى العالم بتفابل وأمل ،لكنها الحرب
قتلت طفولتهم ،وبعثرت نظراتهم الملٌبة باألمل والتفابل تالشى األمل
تدرٌجٌا ِ من قلوبهم خٌم على طفولتهم الٌؤس متنقلون بٌن أكوام األلم
،ضحكاتهم المرحة تحولت إلى صوت مكسور ،وبرابتهم تالشت أمام
ظروف الحٌاة القاسٌة ،تبعثرت أحالمهم وتحطمت فً قلوبهم كؤوراق متناثرة
لم ٌكن هذا حلمهم قبل الحرب كانت لدى البعض أحالم جمٌلة لكن الحرب
أخذت رب األسرة فصار من حقه أن ٌتحمل مسإولٌات تلك األسرة كان
تجولً ومشاهدتً للبعض ٌمزق قلبً كانت نظراتهم للحٌاة نظرات ٌؤس منها
الطفولة فً هذا الوطن دفنت مقتولة ٌ ،ا هللا كم من طفل بريء أوجعته وشٌبته
هذه الحرب المجنونة ،إلى متى ستسمرون بقتل الطفولة ٌا تجار الحرب؟
هل مر علٌك أن أخبرك طفال أنه كان ٌحلم أن ٌصبح طبٌبا كً ٌعالج الناس
الن أبوه مات ولم ٌجد حق العالج؟
هل مر علٌك أن ٌُخبرك أحدهم أنه كان ٌتمنى أن ٌكمل دراسته لكن الظروف
قاسٌة؟
أَ َنا الغرٌب ُِ المنفً فً َو َطنًَِ ،شاهِدا َعلَى مشاهد الح ُْز ِن أَسْ عَى ِإلِ ٌْجَ ا ِد َمعْ َنى
لِ ْلحَ ٌَاة
ها نحن نتجول بٌن مخٌمات الالجبٌٌن أردتك أن تتجول معً بقلبك ،كل
هإالء خرجوا من منازلهم ناجٌن بؤنفسهم
ك من وطن ُ
الموت ما أحال َ ٌا أٌها
حذٌفة العرجً
الشهٌد عزام القابل قبل موته "نحن بعنا أرواحنا من أجل الوطن"
هذا الشاب الذي موته حطم قلوب الكثٌر ترك قلوبا تنزف من بعده التزال
عٌون أمه تمطر الدموع علٌه ،تلك المرأة التً
ال تعرف قبر ولدها وال بؤي أرض قبر هذا منزل عزام الذي لم ٌدخل
منزله ولم ٌعرفه.
محمد الشاب الذي تحول فرحه إلى عزاء كان عابدا إلى مدٌنته بعد أن أكمل
دراسته ٌنتظره جمٌع أهله وأحبابه عودته فقط خطبت له ولدته حب طفولته
عابد إلٌهم بفرح تخرجه وفرح عرسه القرٌب عابد من أجل قلبها الذي
أنتظره كل هذه السنوات ها قد أقترب اللقاء وأقترب ٌوم إجتماعهم لم ٌتبقى
سوى القلٌل لتصبح حالال له كال منهم ٌنتظر رإٌة األخر ،لكنها أقدار
مكتوبة لم تكتمل الفرحة ٌتعرض لمحمد قطاع طرق سرقوا كل ما لدٌه
اطلقوا علٌه الرصاص ومضوا كالب طرق مجهولٌن ،شاء هللا أن ٌتحول
الفرح إلى حزن !
لقد عاد إلٌهم لكن عاد إلٌهم مٌتا محموال على األكتاف ،تنهار أمه عند رإٌة
أبنها عٌنها تنزف وقلبها محطم وجسدها منهار تصرخ وتكبر وتهلل كٌف
طاوعتهم قلوبهم أن ٌقتلوك أي قلوب ٌمتلكوها عندما أمطروا علٌك
ت تنتظرٌن عودته بالرصاص ٌ ،اوجعك ٌا أم محمد جرحك لن ٌشفى ُكن ِ
لكنه ذهب من دون عوده
أما هً فال تزال تحب محمد ال ٌزال الخاتم فً ٌدها غادر محمد من هذا
العالم لكنه لم ٌغادر قلبها ال تزال تتذكر نظراته وطفولتهم معا ترفض جمٌع
الرجال فقلبها ٌسكنه محمد وحبها كان وال ٌزال لمحمد هً التً قتلوا حبها
لم ٌكن لهم نصٌب اإلجتماع فً الدنٌا لكن موعدهم الجنة هناك اإلجتماع الذي
ال ٌعقبه فراق فصبرا ٌا قلبها
ت الحرب فطرقها بحجر فتمزق إربا ال تزال صورته كان ٌلعب بإحدى مخلفا ِ
أمام عٌنً حُفرت فً الذاكرة لن تمحى وإن طال الزمن ،سؤظل أتذكر مدٌن
دابما ،مدٌن الذي كان محبوبا من قبل الجمٌع ،الذي لم ٌزل اسمه محفور فً
قلوب زمالبه ومعلمٌه ،مدٌن الذي بكت من أجل ِه خمس قُرئ ،مدٌن الذي
مزق قلوبنا من بعده متى لهذه الحرب أن تضع أوزارها متى ٌعود المختطف
إلى عابلته؟ ومتى ٌرجع األسٌر ؟ متى لهذا األلم أن ٌنتهً؟
ستنتهً الحرب ذات ٌوم و ستخرس أصوات المدافع ،وسٌختفً عرف البارود
،هذه الحرب البشعة التً مزقت قلوب الكثٌر ستصبح مجر ُد ذكرى ألٌمة
سٌلم ُع تارٌخ الحرٌة والتحرٌر فً جبٌن التارٌخ سٌحتفلون به الٌمنٌٌن بفخر ،
سنقص لؤلحفاد عما عشناه خالل سنوات الحرب ،وكٌف واجهنا أوجاعنا
بشجاعة ،كٌف حاربنا الفقر ،والجوع ،وكٌف تحملنا الحصار كٌف كبُرنا قبل
اآلوان ،سنحكً لهم الحكاٌات كما كان األجداد ٌحكون لنا قصصهم
وبطوالتهم ،سنقص علٌهم الحكاٌات والقصص .
رُفعت األقالم وجفت الصحف وأنشلت أناملً وتمزق قلبً فإن سؤلوك عن
حالً
واألرض مُعتصمً
ِ هلل ربّ السما
با ِ
وفٌ ِه صبري ،إلٌ ِه السر والعلنُ
ُ
ولست أقط ُع آمالً بثورتنا
حذٌفة العرجً
وقفة خاصة
بعد أبً وتاج رأسً كنت أول من أخبره عن
(جرٌح فً وطنً) فقلت لً حٌنها بؤنها بداٌة موفقة وبؤنه
علً اإلستمرار فها أنا قد أكملتها من أجل تشجٌعك هذا
الكتاب إلى تلك الهاء التً سٌطرت على لسانً،لخالً القدٌر
الشاعر محمد عبد هللا الحرٌبً هذا الكتاب لكل من قال لً
علٌكِ اإلستمرار أناملكِ مبدعة لكل شخص غالً على قلبً
لشمس العمر أمً وثروتً ولصدٌقاتً أفنان وبشرى
وصفاء ومنار وطٌفً تقى.