سوال الماء التحديات والافاق

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 31

‫السياسات المائية اإلفريقية‪:‬‬

‫لم تكن لدى كثير من الدول اإلفريقية عشية االستقالل رؤية واضحة للحكامة المائية على الرغم من كون‬
‫االقتصاد القاري قائما على الزراعة والرعي‪ ،‬مما خلف تبعات حالت دون االستفادة من المياه فضال عن‬
‫استثمارها استثمارا مثاليا‪ ،‬وبرهن العجز عن كسب الرهان التنموي على فشل الدول في سياساتها‬
‫الهيدرولوجية‪.‬‬
‫فيما تتردد الدول اإلفريقية بين خطرين‪ :‬صعوبة الوصول إلى المياه الصالحة للشرب وبكميات كافية من‬
‫جهة واستغالل المياه في حال وفرتها من جهة أخرى‪ ،‬وهو ما يستدعي من صانع القرار اتخاذ كافة‬
‫التدابير إليجاد حلول في ظل عالم متغير‪.‬‬
‫وظل تحقيق السلم واألمن في مختلف المناطق اإلفريقية قضية جوهرية لالنطالق نحو االستفادة من‬
‫الثروات‪ ،‬إذ أن تكلفة عدم االستقرار باهظة بكل المقاييس‪ ،‬وهو ما طبع الحياة السياسية اإلفريقية في‬
‫العقود الماضية‪ ،‬وعلى هذا فال بد من السعي نحو االستقرار وتهيئة األسباب والظروف المركبة للوصول‬
‫إلى استغالل مختلف الموارد‪ ،‬ويمكن مالحظة الوفرة المائية بالوسط مع متتالية عدم االستقرار ما كان‬
‫عائقا دون تثمين الموارد بصورة عامة‪.‬‬
‫ولم يكن تجاوب الشراكة المالية اإلقليمية والدولية واالستثمار في المورد الحيوي كافيان إلحداث نقلة‬
‫نوعية في المجال مما سبب ركودا طويل األمد ينضاف إليه الفساد وسوء التدبير‪ ،‬وصار من المألوف‬
‫إلى اليوم انقطاع المياه في العواصم والمدن الكبرى بدولة جنوب إفريقيا فضال عن غيرها‪ ،‬ويؤكد رئيس‬
‫الجمعية األفريقية للمياه سيلفان أوشر على أن االفتقار إلى اإلرادة السياسية وجهود تحسين البنية التحتية‬
‫‪1‬‬
‫يعد من بين األسباب التي تحول دون استفادة أفريقيا من مواردها المائية بشكل مفيد‬
‫غير أن تدبير المياه يحتاج إلى تنوع في التخطيط واألساليب باعتبار أنه مطلب يومي بل وقتي وتختلف‬
‫المناطق داخل الدولة الواحدة فضال عن الدول فيما بينها‪ ،‬وقد تساعد الالمركزية وتوسيع صالحيات‬
‫اإلدارة المحلية في عالج األزمة‪ ،‬بل إن إدراجها في التسيير ضروري لمواجهة مشكلة المياه والصرف‬
‫الصحي واإلشراف على جودة شبكات توزيع المياه المحلية باألساس وتأمين مرافق إمداد حديثة وإنهاء‬
‫انقطاع المياه كليا‪.‬‬
‫وقد سرعت األزمات المناخية المتكررة من دق ناقوس الخطر وفرضت على األفارقة مسايرة اآلثار‬
‫المناخية واالنتباه لقضايا الماء بشكل خاص وانتهاج سياسات إقليمية ووطنية‪ ،‬ومع نهايات األلفية الثانية‬
‫بدأت ترتسم معالم سياسات إقليمية جهوية مصاحبة تأسيس مجالس بيئية تسعينيات القرن المنصرم "‬
‫المجالس االقتصادية واالجتماعية والبيئة "؛ باعثها التكيف مع األوضاع المناخية الجديدة واستشراف‬
‫المستقبل‪ ،‬وتمخض عن النسق العام الرؤية اإلفريقية للمياه ‪ 2025‬مع مجموعة من الشركاء من داخل‬
‫القارة وخارجها‪.‬‬
‫وأفضى أن يكون الوصول إلى الماء حقا دستوريا كما في حالة جنوب إفريقيا ‪ 1996‬المادة ‪ :27‬الرعاية‬
‫الصحية والغذاء والمياه والتأمين االجتماعي"‪ ،‬وتنص المادة ‪ 44‬من الدستور التونسي‪ ،‬المعتمدة في عام‬
‫‪ ،2014‬على ما يلي‪" :‬الحق في الماء مضمون‪ .‬والمحافظة على الماء وترشيد استغالله واجب على‬
‫الدولة والمجتمع"‪.‬‬

‫‪ 1‬معضلة المياه تؤرق أفريقيا العاجزة عن استغالل كل مواردها المائية‪ ،‬موقع العرب بتاريخ ‪ 29‬مارس ‪ ،2022‬تاريخ الدخول ‪:2022 /12/06‬‬
‫‪https://bit.ly/3xmRh1x‬‬
‫ورغم ذلك أثبتت الرؤية السالفة محدوديتها في واقع الحياة اإلفريقية بحكم إنجازاتها المتواضعة وطنيا مع‬
‫تقاعس المجتمع الدولي عن الوفاء بالتزاماته بتقديم ‪ 100‬مليار دوالر أمريكي بحلول ‪ 2020‬لتنفيذ‬
‫‪2‬‬
‫إجراءات التخفيف والتكيف‬
‫فال يتوفر الماء الشروب إال لعدد قليل من ساكنة القارة ال يتعدى ربعها حسب دراسات أممية‪ ،‬أما‬
‫الوصول إلى المياه بكمية كافية وبتكلفة ميسورة فال يزاالن بعيدي المنال على الغالبية العظمى من أبناء‬
‫القارة‪.‬‬
‫وينبغي اعتبار البعد المتعلق بصحة اإلنسان عنصرا رئيسيا في تنفيذ اإلدارة المتكاملة للموارد المائية‪،‬‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬من بين األمراض التي تنقلها المياه اإلسهال المعدي حيث تنتشر العدوى عن طريق‬
‫مياه الشرب أو األغذية الملوثة‪ ،‬أو من شخص إلى آخر نتيجة لسوء النظافة الصحية‪ .‬كذلك‪ ،‬يؤدي‬
‫اإلسهال الحاد إلى فقدان السوائل ويمكن أن يهدد الحياة‪ ،‬وال سيما لدى األطفال الصغار واألشخاص‬
‫‪3‬‬
‫الذين يعانون من سوء التغذية أو من ضعف المناعة‬
‫تطالب الدول األفارقة العالم الغربي منذ فترة بالعدالة المناخية وآخرها ما كان في قمة التكيف المناخي‬
‫في إفريقيا ‪ 2022‬بهولندا‪ ،‬وحسب تقارير إقليمية فإن أفريقيا هي أيضا أقل مناطق العالم قدرة على‬
‫التكيف مع تغير المناخ‪ ،4‬ويقدر التقرير أنه منذ العام ‪ ،2015- 1986‬خسرت أفريقيا ما بين ‪ ٪5‬و‪15‬‬
‫‪ ٪‬من نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي بسبب تغير المناخ‪ ،5‬مع تواني المجتمع الدولي لدعم‬
‫التغير المناخي بالقارة‪.‬‬
‫ومن متطلبات توظيف المياه اإلبقاء على حيوية ودينامية الموارد وحمايتها من كل ما قد يؤدي إلى‬
‫إتالفها أو التقليل من مفعولها نضوبًا‪ ،‬غورًا‪ ،‬تلوثًا‪ ،‬ومن ثَّم ضرورة إعادة تغذية المجاري المائية‬
‫الناضبة مثل بحيرة تشاد وصوال إلى رفاهية الشعوب‬
‫آفاق الموارد المائية بالقارة الخضراء في عالم متغير‪:‬‬
‫تضاعف عدد سكان القارة منذ االستقالل من ‪ 285‬مليون نسمة ليصل إلى ‪ 1,2‬مليار نسمة ما جعل‬
‫إفريقيا أمام تحد ديمغرافي حقيقي‪ ،‬لكن ال تزال أمام القارة فرص لم يتم استغاللها‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى‬
‫أن نسبة ‪ %3‬فحسب من مجموع األراضي الزراعية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هي أراض‬
‫‪6‬‬
‫مروية‪ ،‬وال ُتروى إال نسبة ‪ %5‬من هذه األراضي بالمياه الجوفية‬

‫ويتيح إنشاء منطقة التجارة الحرة وانطالق أعمالها ‪ 2021‬زيادة تحسين تدبير المياه بناء على أن غالب‬
‫اقتصاديات إفريقيا قائمة على الزراعة ما يقتضي حسن استغالل لزيادة الغالت الزراعية إلدرار األرباح‬
‫وتنشيط الحركة التجارية بين الدول سعيا لتحقيق اكتفاء ذاتي قاري‪.‬‬
‫وال غنى عن العمل الجماعي للتعاون بحثا عن حلول مشتركة لقضايا المياه‪ ،‬وتتمتع المغرب بأكبر محطة‬
‫لتحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية‪ ،‬باإلضافة إلى هذه التقنية الواعدة في المستقبل فإن ما تزخر به دول‬
‫‪ 2‬القادة اإلفريقيون يدفعون نحو دعم مالي وتقني كاف للمساعدة في التصدي لتحديات تغيرات المناخ استعدادا للمؤتمر السابع والعشرين لتغير‬
‫المناخ‪ ،‬موقع االتحاد اإلفريقي بتاريخ ‪ 6‬فبراير ‪ :2022‬تاريخ الدخول ‪https://rb.gy/9ktotc 2022 /09 /06‬‬
‫‪ 3‬تقرير المياه والتنمية الثامن‪ ،‬أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه في المنطقة العربية‪ ،‬األمم المتحدة ‪ 2020‬ـ بيروت ص‪ .23 :‬تاريخ‬
‫الدخول‪https://rb.gy/9ktotc 2022 /06/09 :‬‬
‫‪ 4‬إطالق تقرير التوقعات االقتصادية اإلفريقية لعام ‪ ،2022‬االجتماعات السنوية لمجموعة بنك التنمية األفريقي‪ ،‬أكرا‪ ،‬غانا‪ 25 ،‬مايو ‪،2022‬‬
‫ص‪ ،6:‬تاريخ الدخول ‪https://rb.gy/hdbvxj 2022 /06/09‬‬
‫‪ 5‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.7 :‬‬
‫‪ 6‬تقرير األمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية لعام ‪ ،2022‬المياه الجوفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6 :‬‬
‫إفريقيا الوسطى والجنوبية يمثل مخزونا مائيا لمسايرة التطورات والتغيرات المناخية فيما يخص المياه‪،‬‬
‫ويفضي التحام تلك الموارد والوسائل إلى تعزيز الدبلوماسية المائية للسالم بما يتفق مع تطلعات التنمية‬
‫ومبادئ االتحاد من التضامن اإلفريقي‪.‬‬
‫ال تزال الدول اإلفريقية تعاني نقصا في المعلومات في قطاع المياه‪ ،‬ما يستوجب األخذ بزمام المبادرة‬
‫للتغلب على هذا العائق وتجاوزه بتوفير بيانات وافية سواء عن طريق استجواب أو استبيان أو بحوث‬
‫علمية تمكن من بناء رؤية كلية وشاملة حول السياسات المائية على األمد القريب والبعيد‪.‬‬
‫ولتجاوز العقبة يلزم العمل على إيجاد العدد الكافي من العناصر البشرية ثم الوسائل على تنوعها‪ ،‬ولعل‬
‫هذين األمرين يتوقف عليهما تفعيل كثير من المؤسسات والهيئات اإلفريقية لتؤتي ثمارها؛ ما يطلق عليه‬
‫في األدبيات اإلدارية‪ :‬تعزيز الكفاءات والقدرات وتعزيز قيم المواطنة والشفافية في تدبير الشأن العام‪.‬‬
‫ويفضي حسن استغالل المياه التغلب على مشاكل الشباب بما في ذلك الهجرة والبطالة من خالل‬
‫استصالح األراضي الصالحة للزراعة وتوجيه اليد العاملة الشابة نحو المشاريع الزراعية خصوصا وأن‬
‫‪7‬‬
‫كثيرا من المهاجرين األفارقة يعملون في المزارع األوربية سواء في إيطاليا أو إسبانيا وغيرها‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫يعتبر الماء المورد الحيوي جوهريا لمستقبل إفريقيا في ظل الزيادة الديمغرافية ومقتضيات التنمية‬
‫بأبعادها المعاصرة سواء االقتصادية أو االجتماعية أو البيئية وتكالب القوى على خيراتها‪ ،‬ومن ثم تتحول‬
‫المياه إلى أن تكون مسألة سيادية متعلقة بتحقيق مطالب األمن القومي‪.‬‬
‫وال تختلف مقاربة المورد االستراتيجي في هذه الورقة عن غيره من الموارد األخرى‪ ،‬ما يضع األفارقة‬
‫غالبا في مأزق مع خيراتهم وثرواتهم المتعددة‪ ،‬ولعل حياة المواطنين " الظامئة " تكفي شاهدا على‬
‫الحقيقة الماثلة أمام القاصي والداني‪.‬‬
‫على أنه من المداخل الواعدة إلفريقيا تجاه مواردها عامة تأهيل أبنائها علميا ومعرفيا وتكنلوجيا‪ :‬إنتاجا‬
‫وابتكارا وتخطيطا وطرح بدائل إفريقية قياما بالواجب واستفادة من الثروات؛ وهو مدخل ضروري‬
‫وعمود أي تغيير أو إصالح‪.‬‬
‫ويلحق بذلك تدريب الشباب األفارقة على حسن استغالل الموارد من أي صنف كانت وعلى المواطنة‬
‫والصالح العام‪ ،‬وهذا يتطلب تحسين التعليم العالي وباألخص العلمي ورفع نسبة الملتحقين به‪ ،‬علما أن‬
‫نسبة التعليم العالي ال ترقى إلى المستوى المطلوب‪.‬‬

‫المراجع‬

‫‪1‬ـ تقرير األمم المتحدة عن تنمية الموارد المائية لعام ‪ 2021‬تقدير قيمة المياه‪ ،‬ص ‪ .7 :‬موقع األمم‬
‫اليونسكو ‪ ،2021‬تاريخ الدخول ‪.07/09/2022‬‬
‫‪https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000375750_ara‬‬

‫‪ 7‬الماء في إفريقيا بين تحديات الجغرافيا ومطامع السياسة هارون با باحث سنغالي مختص في العلوم السياسية ‪ 12‬أكتوبر ‪ 2022‬على الموقع‬
‫‪ https://studies.aljazeera.net/ar/article/5480‬الساعة ‪ 13:41‬يوم ‪2023/05/09‬‬
‫‪ 2‬ـ هارون باه‪ ،‬دول غرب إفريقيا في ميزان الجيوبوليتيك‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس ـ السويسي‪ ،‬وحدة الدبلوماسية المغربية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2007‬ـ ‪ ،2008‬ص ‪:‬‬
‫‪ 16‬و‪.17‬‬
‫‪3‬ـ انظر ‪:‬‬
‫‪Mbaye Dieng, L’eau en Afrique, les paradoxes d’une ressource très convoitée,‬‬
‫‪site : Lead in Africa du Janvier 2011, vu le 12 September 2022: shorturl.at/eln59‬‬

‫‪4‬ـ هارون باه‪ ،‬دول غرب إفريقيا في ميزان الجيوبوليتيك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19 :‬‬
‫‪le bulletin du forum, quotidien du 9 forum mondial de l’eau, "Dakar 2022 " -5‬‬
‫‪vu le 12 September 2022 : https://rb.gy/rumewl‬‬

‫‪6‬ـ تقرير األمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية لعام ‪ ،2022‬المياه الجوفية ‪ :‬إماطة اللثام عن‬
‫المستور‪ ،‬ص ‪ .4 :‬تاريخ الدخول ‪.2022 /12/06‬‬
‫‪https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000380726_ara‬‬
‫‪7‬ـ تقرير األمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية لعام ‪ ،2022‬المياه الجوفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪2‬‬

‫‪8‬ـ المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3 :‬‬

‫‪9‬ـ تقرير األمم المتحدة عن تنمية الموارد المائية لعام ‪ 2021‬تقدير قيمة المياه‪ ،‬ص ‪ .6 :‬تاريخ الدخول‬
‫‪https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000375750_ara :07/09/2022‬‬

‫‪10‬ـ معضلة المياه تؤرق أفريقيا العاجزة عن استغالل كل مواردها المائية‪ ،‬موقع العرب بتاريخ ‪29‬‬
‫مارس ‪ ،2022‬تاريخ الدخول ‪12/06/2022‬‬
‫‪https://bit.ly/3xmRh1x‬‬

‫‪11‬ـ القادة اإلفريقيون يدفعون نحو دعم مالي وتقني كاف للمساعدة في التصدي لتحديات تغيرات المناخ‬
‫استعدادا للمؤتمر السابع والعشرين لتغير المناخ‪ ،‬موقع االتحاد اإلفريقي بتاريخ ‪ 6‬فبراير ‪ : 2022‬تاريخ‬
‫الدخول ‪09/2022 /06‬‬
‫‪https://rb.gy/9ktotc‬‬
‫‪12‬ـ تقرير المياه والتنمية الثامن‪ ،‬أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه في المنطقة العربية‪ ،‬األمم‬
‫المتحدة ‪ 2020‬ـ بيروت ص ‪ .23 :‬تاريخ الدخول‪:‬‬
‫‪2022https://rb.gy/9ktotc /06/09‬‬

‫‪13‬ـ إطالق تقرير التوقعات االقتصادية اإلفريقية لعام ‪ ،2022‬االجتماعات السنوية لمجموعة بنك‬
‫التنمية األفريقي‪ ،‬أكرا‪ ،‬غانا‪ 25 ،‬مايو ‪ ،2022‬ص ‪ ،6 :‬تاريخ الدخول ‪: 2022 /06/09‬‬
‫‪https://rb.gy/hdbvxj‬‬

‫‪14‬ـ المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.7 :‬‬

‫‪15‬ـ تقرير األمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية لعام ‪ ،2022‬المياه الجوفية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.6 :‬‬

‫المياه هي في قلب التنمية المستدامة‪ ،‬وهي ضرورية للتنمية االقتصادية االجتماعية‪ ،‬والطاقة وإنتاج‬
‫الغذاء وسالمة النظم اإليكولوجية وبقاء اإلنسان‪ .‬كما أن المياه كذلك في صلب عملية التكيف مع تغير‬
‫المناخ حيث تضطلع بدور الرابط بين المجتمع والبيئة‪.‬‬
‫والمياه هي كذلك مسألة حقوق‪ .‬ففي حين يزداد تعداد سكان العالم‪ ،‬تزداد الحاجة إلى خلق توازن بين‬
‫جميع المتطلبات التجارية من موارد المياه بما يتيح للمجتمعات الحصول على كفايتها من المياه‪ .‬وينبغي‬
‫أن تحصل النساء والفتيات — على وجه التخصيص — على مرافق صحية خاصة ونظيفة تكفل لهن‬
‫السالمة والكرامة عند التعامل مع المسائل األنثوية البيولوجية من مثل مسائل الحيض واألمومة‪.‬‬
‫وعلى المستوى اإلنساني‪ ،‬ال يمكن النظر إلى المياه بمعزل عن الصرف الصحي‪ .‬فهما معا عاملين‬
‫حيويين في خفض العبء العالمي من األمراض‪ ،‬فضال عن مالهما من دور في تحسين الصحة والتعليم‬
‫‪8‬‬
‫واإلنتاجية االقتصادية للسكان‪.‬‬
‫تغير المناخ‬
‫يشكل تغير المناخ تهديدا كبيرا للتنمية االقتصادية واالجتماعية والبيئية في أفريقيا‪ .‬هناك أدلة قويــة تشــير‬
‫بأن ارتفاع درجات الحرارة في أفريقيــا زادت بشــكل كبــير خالل ال ‪ 50‬إلى ‪ 100‬ســنة الماضــية‪ ،‬حيث‬
‫ظهرت آثارها الواضحة على صحة وسبل عيش الناس وأمنهم الغذائي في أفريقيا‪ .‬من المرجح أن يــؤدي‬
‫تغــير المنــاخ إلى تقليــل المحاصــيل وزيــادة نــدرة الميــاه وتفـاقم فقـدان التنــوع الــبيولوجي والمســاهمة في‬
‫‪9‬‬
‫التصحر‪ ،‬ومن ثم فرض تحٍد خطير على القارة‪.‬‬

‫يعتمد الوجود البشري على المياه بالكامل؛ إذ ترتبط المياه بجميع جوانب التنمية البشرية‪ ،‬وهي القوة‬
‫الكبرى لدفع عملية التصنيع والصحة والمساواة بين الجنسين‪.‬‬
‫وطالما كان هناك اعتقاد بأن مشكالت الحياة ال توجد إال في المجتمعات الريفية الفقيرة‪ ،‬واألحياء‬
‫الحضرية الفقيرة‪ ،‬إال أنه ‪-‬وللمرة األولى‪-‬قد تتعرض مدينة عالمية كبيرة‪ ،‬مثل "كيب تاون"‪ ،‬ألزمة نفاد‬
‫المياه‪.‬‬

‫‪ 8‬موقع األمم المتحدة تاريخ الدخول ‪ 2023/05/09‬على الساعة ‪https://www.un.org/ar/global-issues/water 14 :26‬‬


‫‪ 9‬موقع األمم المتحدة تاريخ الدخول ‪ 2023/05/09‬على الساعة ‪https://www.un.org/ar/global-issues/africa 14 :36‬‬
‫وقد ُأطلق على اليوم الذي تنفد فيه المياه "اليوم صفر"؛ حين تجف الصنابير‪ ،‬ويواجه آالف األشخاص‬
‫صعوبة في العثور على المياه للقيام باألنشطة اليومية‪ ،‬مثل االستحمام والطهي والتنظيف‪.‬‬
‫وتشير اإلحصاءات إلى أن في العالم ‪ 663‬مليون شخص يعيشون بدون مياه نظيفة‪ ،‬وأن شخًص ا من بين‬
‫كل ‪ 3‬أشخاص ال يمتلك مرحاًض ا الئًقا‪ ،‬وأن شخًص ا واحًد ا من بين كل ‪ 9‬أشخاص ليس لديه مياه نظيفة‬
‫بالقرب من المنزل‪.‬‬

‫حجم مشكالت المياه في إفريقيا‬


‫‪ -‬ال يزال الحصول على مياه نظيفة يشكل تحدًيا كبيًر ا في أجزاء من القارة اإلفريقية‪ ،‬وله عواقب وخيمة‬
‫على الصحة والنظافة‪.‬‬
‫‪ -‬كل جزء من القارة يواجه تحدياته الخاصة المرتبطة بأزمة المياه‪ .‬وتعد المجتمعات الريفية في إفريقيا‬
‫هي األكثر تضرًر ا من مشكلة نقص مياه الشرب النظيفة‪.‬‬
‫‪ -‬في هذه المناطق‪ ،‬يمشي األشخاص عدة أميال يومًّي ا للبحث عن مياه تكفي احتياجاتهم اليومية‪ .‬ومعظم‬
‫المياه التي يجدونها تكون ملوثة؛ لذلك فإن المجتمعات الريفية التي تواجه مشكالت مياه‪ ،‬غالًبا ما تكون‬
‫بؤًر ا للمرض‪.‬‬
‫‪ -‬وألن معظم األشخاص ال يمتلكون مراحيَض نظيفة‪ ،‬أو ال يكون لديهم طريقة للتخلص من النفايات‪،‬‬
‫فمن الشائع أن تنتشر أمراض مثل اإلسهال والكوليرا بسرعة كبيرة في المجتمع‪.‬‬
‫المناطق الحضرية‬
‫‪ -‬مع زيادة عدد الذين يهاجرون إلى المناطق الحضرية في إفريقيا‪ ،‬تزايد الضغط على إمدادات المياه‬
‫هناك‪.‬‬
‫‪ -‬ال تزال العديد من المناطق الحضرية ال تمتلك وسائل مخصصة لتنظيف إمدادات المياه قبل أن‬
‫يستخدمها السكان‪.‬‬
‫‪ -‬يؤدي االفتقار إلى أعمال السباكة وإزالة النفايات‪ ،‬إلى انتشار البكتيريا والطفيليات وغيرها من‬
‫الملوثات؛ ما يؤدي إلى تراكمها وتلوث إمدادات المياه‪.‬‬
‫‪ -‬كما يؤدي الضغط الكبير على المياه السطحية من قبل السكان الذين يزداد أعدادهم‪ ،‬إلى تضاؤل‬
‫مصادر المياه كثيًر ا‪.‬‬

‫الزراعة واألراضي الرطبة‬


‫‪ُ -‬تشكل الزراعة في القارة أيًض ا عبًئ ا كبيًر ا على إمدادات المياه‪ ،‬وتتسبب في تلوث المياه في الوقت‬
‫نفسه‪.‬‬
‫‪ -‬فالقطاع الزراعي يستخدم المياه السطحية أكثر من الجوفية؛ ما يتسبب في تجفيف المسطحات المائية‬
‫الكبيرة واألنهار في إفريقيا‪.‬‬
‫‪ -‬كما تعد األراضي الرطبة في إفريقيا‪ ،‬من غابات المياه العذبة إلى البحيرات المالحة والسهول الفيضية‬
‫الضخمة؛ من أكثر النظم البيئية تنوًع ا في العالم‪.‬‬
‫‪ -‬تؤدي هذه األراضي وظائف بيئية هامة‪ ،‬مثل ترشيح المياه‪ ،‬وتحسين جودة الهواء‪.‬‬
‫‪ -‬يتسبب التوسع الحضري السريع في إفريقيا‪ ،‬والتلوث‪ ،‬واستنزاف المياه في الزراعة‪ ،‬فضال عن‬
‫التحديات التي يفرضها تغير المناخ في تهديد األراضي الرطبة الموجودة في القارة‪.‬‬
‫حل للخروج من األزمة‬
‫‪ -‬على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه القارة‪ ،‬فإن هناك العديد من الحلول لمواجهة األزمة‪.‬‬
‫‪ -‬يعد االبتكار والتكنولوجيا والتدريب جزًءا أساسًّي ا من إيجاد حلول ُمستدامة تساعد على إدارة الموارد‬
‫المائية المحدودة بالقارة‪.‬‬
‫‪ -‬تقوم العديد من المنظمات بتشييد مشروعات مائية مستدامة؛ للمساعدة على تحسين حالة المياه في‬
‫إفريقيا‪ ،‬وتشمل هذه المبادرات والخدمات ‪:‬‬
‫‪ -‬المراحيض التي يديرها المجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬التغذية بالجاذبية (جهاز تسقط فيها المواد بفعل الجاذبية ال بوسائل آلية)‪.‬‬
‫‪ -‬حفر اآلبار باليد‪.‬‬
‫‪ -‬إصالح اآلبار‪.‬‬
‫‪ -‬أنظمة التطهير الشمسي‪.‬‬
‫‪ -‬المضخات اليدوية‪.‬‬
‫‪ -‬الصرف الصحي المنزلي‪.‬‬
‫‪ -‬حماية مياه الينابيع‪.‬‬

‫‪ -‬حصاد مياه األمطار‪.‬‬


‫‪ -‬نظم النظافة والصرف الصحي‪.‬‬
‫‪ -‬إدارة حفر النفايات في المناطق الحضرية‪.‬‬
‫‪ -‬معالجة مياه الصرف الصحي‪.‬‬
‫‪ -‬السدود الرملية‪.‬‬
‫‪ -‬حصاد الضباب‪.‬‬
‫‪ -‬تنقية المياه المحمولة‪.‬‬
‫بعض االبتكارات المثيرة‬
‫ابتكر اثنان من جنوب إفريقيا ‪-‬وهما‪ :‬بيتي بيتزر وجون جونكر‪ ،Hippo Water Roller -‬وهي حاوية‬
‫على عجالت ُت ستخدم لحمل المياه النظيفة بطريقة أكثر سهولة وفاعلية من الطرق التقليدية الُمستخدمة في‬
‫معظم المناطق الريفية؛ ما يساعد على مساعدة الريفيات واألطفال على الحصول على مياه آمنة صالحة‬
‫للشرب‪.‬‬
‫كما أطلق مارك ألجرا من كيب تاون مبادرة أخرى للحفاظ على المياه باسم "‪"Aquatrap‬؛ وذلك‬
‫باستخدام اإلطارات الُمعاد تدويرها‪ ،‬وقام بتنفيذ تصميمه في المدارس المحلية‪.‬‬
‫ويساعد مارك على تعليم األطفال كيفية الحفاظ على المياه‪ ،‬من خالل تزويدهم بالمعرفة التي يمكنهم‬
‫‪10‬‬
‫مشاركتها في المنزل مع عائالتهم ومجتمعاتهم‪.‬‬

‫حول تخزين المياه في أفريقيا‬

‫وتعد ندرة المياه ظاهرة طبيعية وبشرية المنشأ وهي تصنف إلى نوعين‪ :‬ندرة اقتصادية‪ ،‬وندرة مادية‪.‬‬
‫وتمثل الندرة االقتصادية للمياه شكًال من أشكال ندرة المياه بسبب نقص االستثمارات في مجال المياه؛‬
‫بينما تشتمل أعراض الندرة االقتصادية للمياه على نقص البنية التحتية‪ ،‬حيث يضطر الناس في الغالب‬
‫إلى جلب المياه من األنهار أو البحيرات بأنفسهم أو عن طرق غير متطورة من أجل استخدامها‬
‫لألغراض المحلية والزراعية‪ .‬وتعاني أجزاء كبيرة من أفريقيا من ظاهرة الندرة االقتصادية للمياه‪ ،‬بينما‬
‫تحدث الندرة المادية عندما ال يتوفر مقدار كاٍف من المياه في مكان والتوقيت والسعر المناسب‪.‬‬
‫ووفقًا لتقرير للجمعية األفريقية للمياه كان شعاره "المياه الجوفية" صدر في مارس‪2022‬م بمناسبة اليوم‬
‫العالمي للمياه (الذي يصادف ‪ 22‬مارس من كل عام) فإن حوالي ‪ 500‬مليون شخص في إفريقيا يعانون‬

‫‪ 10‬مقال كيف يمكن إلفريقيا أن تصبح أقوى بأزماتها المائية؟ ‪ 2018/07/15‬على الموقع‬
‫‪https://www.argaam.com/ar/article/articledetail/id/559580‬‬
‫من صعوبة الوصول لموارد الماء‪ .‬ويهدف االحتفال باليوم العالمي للمياه إلى رفع الوعي بأزمة المياه‬
‫العالمية‪ ،‬بما في ذلك المياه الجوفية‪ ،‬وتأثيرات األزمة على دول العالم‪ ،‬والطرق الواجب اتباعها لمنع‬
‫الهدر واالستغالل األمثل للموارد المائية‪.‬‬
‫وأشار تقرير لألمم المتحدة حول التنمية المائية في العالم تم إعداده بالتعاون مع منظمة األمم المتحدة‬
‫للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)‪ ،‬أن المياه الجوفية تشكل ما نسبته ‪ % 99‬من المياه العذبة حول العالم‪.‬‬
‫ولفت التقرير كذلك إلى أن القارة األفريقية تعتبر من المناطق الغنية بالموارد المائية‪ ،‬ولكن رغم ذلك فإن‬
‫أكثر من ‪ 500‬مليون شخص في القارة يعانون من مشاكل تتعلق بتوفير المياه‪ ،‬بما في ذلك مياه الشرب‪.‬‬
‫وذكر التقرير أن كًال من هذه الدول اإلفريقية‪ :‬مصر وبوتسوانا والغابون وموريشيوس وتونس‪ ،‬تتمتع‬
‫بأعلى نسبة وصول إلى المياه؛ في حين وصفت دول الصومال وتشاد والنيجر بأنها دول لديها أدنى‬
‫مستوى وصول للمياه‪ .‬كما أفاد التقرير أن ‪ 3‬من كل ‪ 10‬أشخاص في القارة ال يمكنهم الحصول حتى‬
‫على مياه الشرب‪.‬‬
‫كذلك ورد في مارس‪2021‬م تقرير صادر عن صفحة غير ربحية تهتم بالنقل المائي الداخلي واألنهار‬
‫عنوانها (النقل المائي الداخلي والمعارف) عن المياه الجوفية وأهميتها في أفريقيا‪ ،‬أن المياه الجوفية تمثل‬
‫حوالي‪ %15‬من إجمالي طاقة المياه المتجددة في القارة اإلفريقية‪ ،‬التي يقدر حجمها بنحو ‪ 421‬ألف‬
‫مليون متر مكعب في السنة‪ .‬وتشير التقديرات إلى أن أكثر من ‪ % 75‬من السكان األفارقة يستخدمون‬
‫المياه الجوفية بحسبانه مصدرًا رئيسيًا إلمدادات مياه الشرب‪ ،‬خاصة في بلدان شمال إفريقيا‪ ،‬مثل ليبيا‬
‫وتونس وأجزاء من الجزائر والمغرب‪ ،‬وكذلك في بلدان الجنوب األفريقي مثل بوتسوانا وناميبيا‬
‫وزيمبابوي‪ .‬بينما تمثل المياه الجوفية جنوب إفريقيا على سبيل المثال ‪ % 9‬من المياه المتوفرة بالبالد‪.‬‬
‫غير أن السودان ُيعد من الدول التي يعتمد ‪ %80‬من سكانه على المياه الجوفية على الرغم من وجود‬
‫نهر النيل وبعض األنهر الموسمية األخرى به‪ ،‬والتي تسهم في توفير المياه فقط بنسبة ‪ %40‬من‬
‫المصادر النيلية مقابل ‪ %60‬للمصادر المياه الجوفية‪ .‬وتذكر بعض الدراسات أن عدم مقدرة السودان‬
‫على إنشاء محطات مياه نيلية هي التي جعلت االتجاه يميل أكثر نحو استهالك أكبر للمياه الجوفية‪ .‬كذلك‬
‫يوصف السودان بأنه من الدول المهددة بنضوب المياه الجوفية والتي تشكل المورد الرئيسي للشرب‬
‫للكثير من المناطق‪ .‬وتشير بعض الدراسات إلى احتمالية نضوب الحوض النوبي الجوفي بحلول عام‬
‫‪2060‬م‪ ،‬إذا لم تتخذ اإلجراءات الالزمة للحافظ على مخزون المياه الجوفية الذي يتم استهالكه دون‬
‫استراتيجية واضحة وال ترشيد مخطط‪.‬‬
‫كذلك نشرت مجموعة من الجهات البحثية المتخصصة التابعة لهيئة األمم المتحدة مثل «المعهد الكندي‬
‫للبيئة المائية" تقييمًا جديدًا لقياس األمن المائي في دول إفريقيا‪ .‬واستخدم ذلك التقييم عشرة مؤشرات‬
‫لقياس األمن المائي في ‪ 54‬دولة في إفريقيا‪ .‬حيث أن مفهوم األمم المتحدة لألمن المائي يشير بصورة‬
‫عامة إلى احتياجات وشروط عديدة تتعلق باألمن المائي منها مياه للشرب‪ ،‬والنشاط االقتصادي‪،‬‬
‫واألنظمة البيئية‪ ،‬باإلضافة إلى مقاومة المخاطر‪ ،‬والحوكمة‪ ،‬والتعاون عبر الحدود‪ ،‬والتمويل‪،‬‬
‫واالستقرار السياسي فقد ذكر ذلك المعهد‪ " ...‬كما وتنصب مفاهيم األمن المائي في قياس قدرة السكان‬
‫على حصولهم المستدام على الكميات الكافية من المياه الجيدة المقبولة بحيث تضمن سبل العيش ورفاهية‬
‫اإلنسان والتنمية االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬ومن أجل الحفاظ على النظم البيئية في مناخ يسوده السالم‬
‫واالستقرار السياسي"‪ .‬والجدير بالذكر أن ذلك التقييم أظهر بشكل عام‪ ،‬أن مصر وبوتسوانا والجابون‬
‫وموريشيوس وتونس هي الدول الخمس األولى في إفريقيا من حيث األمن المائي‪ .‬ويشير (المؤشر‬
‫الخامس الذي هو " كفاءة االستخدام") إلى أن كفاءة استخدام المياه هي األدنى في شمال إفريقيا‪ ،‬واألعلى‬
‫في وسط إفريقيا؛ بينما يشير (المؤشر السادس الذي هو "البنية التحتية") أن البنية التحتية للمياه هي‬
‫األفضل في منطقة جنوب إفريقيا الفرعية‪ ،‬واألسوأ في شرق إفريقيا‪ .‬أما المؤشر (الثامن الذي هو "إدارة‬
‫المياه") فيبدو أنه هو األكثر تقدمًا في المناطق الفرعية لشمال وجنوب إفريقيا‪ ،‬في حين أن وسط إفريقيا‬
‫هي األقل تقدما؛ أما فيما يتعلق بـ (المؤشر العاشر الذي هو "االعتماد والتنوع") الذي يشير إلى االعتماد‬
‫على مصدر المياه اآلتية من الدول المجاورة‪ ،‬وبتنوع الموارد المائية‪ ،‬فتبرز فيه مصر كأكثر دول إفريقيا‬
‫اعتمادًا على المياه من دول مجاورة‪ .‬والمالحظ أن ذلك التقرير لم يشر قط لدولة السودان في أي مؤشر‬
‫من المؤشرات العشرة‪.‬‬
‫تعتبر بعض الدول االفريقية حق الحصول على المياه حقا دستوريا أصيًال‪ .‬فدستور تونس مثًال ينص‬
‫على أن "الحق في الماء مضمون‪ .‬والمحافظة على الماء وترشيد استغالله واجب على الدولة والمجتمع"‪.‬‬
‫كما ينص قانون المغرب على أن الماء يعتبر ملكًا مشتركًا يقتسمه كل أفراد المجتمع‪ ،‬بينما ينص دستور‬
‫جنوب أفريقيا على أن "الرعاية الصحية والغذاء والمياه والتأمين االجتماعي" هي حق دستوري‪ .‬ويجدر‬
‫بكافة دول القارة السير على ذات النهج في اعتبار حق الحصول على المياه حقا دستوريا أصيًال‪ .‬ويظل‬
‫الماء هو المورد الحيوي لمستقبل إفريقيا‪ ،‬ومن أهم مقتضيات التنمية بأبعادها المعاصرة‪ ،‬سواًء‬
‫االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬البيئية أو حتى السياسية‪ /‬السيادية‪ ،‬حيث أخذ هذا المورد الحيوي يجذب هجرة‬
‫متنوعة سواًء أكانت هجرة شرعية أم غير شرعية للسكن بالقرب من مصادر المياه‪ .‬وقد تكون هذه‬
‫الهجرة هجرًة بين دول القارة االفريقية نفسها أو حتى من قارات أخرى تعاني من شح مصادر المياه‪،‬‬
‫باإلضافة لعوامل إضافية أخرى‪ .‬وعادة ما توصف الهجرات غير الشرعية تحديدًا بأنها تتسبب في‬
‫انتقاص حقوق المواطن الحاليين واألجيال القادمة في المياه؛ هذا بإضافة إلى االنتهاكات لقوانيين استخدام‬
‫المياه والحفاظ على البيئة‪ .‬ومن جانب آخر ينظر الكثير من المحللين السياسيين للصراع الحديث في‬
‫أفريقيا بأنه تكالب على مورد المياه سواًء أكان بين الدول االفريقية أو من بعض القوى الدولية‪ ،‬ويوصف‬
‫أحيانًا بأنه االستعمار السياسي الجديد المبني على اإلستفادة من خيرات القارة االفريقية المتعددة‪ ،‬خاصة‬
‫مورد المياه‪.‬‬
‫نخلص إلى أن األزمات المناخية المتكررة قد فرضت على القارة األفريقية مسايرة اآلثار المناخية‬
‫واالنتباه لقضايا المياه بشكل خاص‪ ،‬وانتهاج سياسات إقليمية ووطنية في إطار تشاركي بين دول القارة‬
‫تماشيًا مع النسق العام الرؤية اإلفريقية للمياه ‪2063‬م‪ .‬ومن جانب آخر ينبغي على تلك الدول االهتمام‬
‫بزيادة كفاءة المياه عبر إصالح نظم توزيع المياه في القطاع الزراعي‪ ،‬وزراعة المحاصيل التي تتطلب‬
‫قدرًا أقل من المياه‪ ،‬واالستثمار في التقنيات الحديثة لتحقيق اإلستدامة خاصة في الدول التي ترتبط عندها‬
‫وفورات المياه بالطاقة‪.‬‬
‫لذلك ينبغي على الدول االفريقية أن تحول نهجها التنموي نحو المياه‪ ،‬وأن تغدو تلك مسألًة سيادية متعلقة‬
‫بتحقيق مطالب األمن القومي‪ .‬ويظل تحقيق السلم واألمن في مختلف المناطق اإلفريقية قضية جوهرية‬
‫لالنطالق نحو االستفادة من الثروات‪ ،‬وإن ما تزخر به دول إفريقيا الوسطى والجنوبية يمثل مخزونا‬
‫مائيا لمسايرة التطورات والتغيرات المناخية فيما يخص المياه‪ ،‬ويفضي التحام تلك الموارد والوسائل إلى‬
‫تعزيز الدبلوماسية المائية للسالم بما يتفق مع تطلعات التنمية ومبادئ االتحاد اإلفريقي حول تضامن دول‬
‫القارة‪.‬‬
‫ومن جانب آخر يتطلب اإلصالح في قطاع المياه في أفريقيا معالجة نقص المعلومات في هذا القطاع‬
‫الحيوي‪ ،‬بتوفير بيانات وافية سواًء عن طريق استبيانات ميدانية أو بحوث علمية تمكن من بناء رؤية‬
‫كلية وشاملة حول السياسات المائية على المستوى القاري والوطني لكل دولة‪ ،‬وعبر تعزيز دور‬
‫المؤسسات والهيئات بوسائل وأدبيات علم اإلدارة لتعزيز الكفاءات والقدرات‪ ،‬وتعزيز قيم المواطنة‬
‫‪11‬‬
‫والشفافية في تدبير الشأن العام‪.‬‬

‫الجوانب األساسية لحق اإلنسان في الحصول على المياه وخدمات الصرف الصحي‬
‫إن الوصول إلى مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي بطريقة مأمونة وبأسعار ميسورة وكافية هو حق‬
‫أساسي من حقوق اإلنسان‪ .‬ويعُّد ذلك مسألة ضرورية الستدامة سبل عيش سليمة والحفاظ على كرامة‬
‫الناس‪ .‬ويعتبر حق اإلنسان في الحصول على المياه وخدمات الصرف الصحي أساسيًا للقضاء على الفقر‬
‫وبناء مجتمعات سلمية ومزدهرة وضمان’ شمل الجميع من دون أي استثناء ‘في الطريق إلى تحقيق‬
‫التنمية المستدامة‪.‬‬
‫ويلزم القانون الدولي لحقوق اإلنسان الدول على العمل باتجاه تحقيق الوصول الشامل إلى المياه وخدمات‬
‫الصرف الصحي للجميع‪ ،‬من دون أي تمييز مع إعطاء األولوية إلى األشخاص األشد حاجة إليها‪ .‬أما‬
‫العناصر األساسية للحق في الحصول على المياه وخدمات الصرف الصحي‪ ،‬فهي‪:‬‬
‫التوافر؛‬
‫إمكانية الوصول؛‬
‫القدرة على تحمل الكلفة؛‬
‫الجودة والسالمة؛‬
‫‪12‬‬
‫المقبولية‪.‬‬

‫تعاني جنوب أفريقيا نقص المياه وندرتها منذ عام ‪ .2015‬وبدت هذه األزمة جلية في أيار‪/‬مايو ‪،2017‬‬
‫عندما تصّد رت كيب تاون ‪-‬واحدة من أكثر المناطق الحضرية اكتظاظًا بالسكان في جنوب أفريقيا ‪-‬‬
‫منصات األخبار بسبب الخوف من "يوم الصفر" (‪ ،)Day Zero‬وهو مصطلح ُتوصف به حالة انخفاض‬
‫السدود الرئيسة إلى نسبة ‪ 13.5‬في المئة من سعتها‪ ،‬األمر الذي يستدعي إغالق شبكة المياه البلدية‬
‫ومواجهة ماليين السكان قيودًا شديدة على المياه‪.‬‬
‫وأرجع خبراء البيئة والمياه ومسؤولو الحكومة في جنوب أفريقيا سبب األزمة إلى عدة أمور وعوامل‪،‬‬
‫بعضها مادي‪ ،‬باإلضافة إلى عوامل أخرى اقتصادية وبيئية واجتماعية ومناخية‪ ،‬إلى جانب ضعف ثقافة‬
‫استهالك المياه‪.‬‬
‫العوامل المادية‬

‫‪ 11‬مقال حول تخزين المياه في أفريقيا د‪ .‬نازك حامد الهاشمي ‪ February, 2023 26‬موقع ‪https://sudanile.com/%D8%AD‬‬
‫‪%D9%88%D9%84-%D8%AA%D8%AE%D8%B2%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A‬‬
‫‪%D8%A7%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-‬‬
‫‪ /%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85-%D8%AF-%D9%86%D8%A7%D8%B2‬يوم ‪ 2023/05/09‬على الساعة ‪14 :51‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ https://www.ohchr.org/ar/water-and-sanitation‬يوم ‪ 2023/05/09‬على الساعة ‪14 :56‬‬
‫اتفق العلماء وخبراء المياه والبيئة ومسؤولون في جنوب أفريقيا على أن تهالك البنية التحتية المستخدمة‬
‫للمياه من األسباب الرئيسة لهذه األزمة‪ ،‬بحيث إن أغلبية مناطق البالد ال تزال تستخدم البنية التحتية التي‬
‫يزيد عمرها على ثالثة عقود من دون صيانة أو استبدال‪ ،‬بينما ُيدار نحو ‪ 64‬في المئة من المياه‬
‫الصالحة لالستخدام من جانب هذه البنية التحتية‪ ،‬وهو ما أدى إلى انخفاض مستويات إمدادات المياه في‬
‫كيب تاون وجيكبيرها (‪.)Gqeberha‬‬
‫تحدث أزمة المياه في وقت تعاني جنوب أفريقيا أيضًا أزمة انقطاع التيار الكهربائي‪ ،‬وهو ما يفاقم‬
‫الوضع ويزيد في الضغط على الحكومة ومسؤولي قطاعي المياه والكهرباء‪ .‬وهناك عالقة بين األزمتين‪،‬‬
‫إذ تتوقف إمدادات المياه عندما تحاول شركة الكهرباء التخلص من األحمال‪ ،‬بينما يعني انقطاع الكهرباء‬
‫ارتفاع الطلب على المياه‪ ،‬وخصوصًا في حاالت انقطاع التيار الكهربائي فترات طويلة‪ ،‬بحيث تسبب‬
‫درجات الحرارة الحارقة‪ ،‬إلى تسجيل ثالث بلديات أعلى معدل استهالك للمياه‪ ،‬وإلى استنزاف بعض‬
‫خزانات المياه في "غاوتينغ"؛ المركز االقتصادي الذي قال مسؤولون إن إمدادات مياهه معرضة لخطر‬
‫الجفاف‪.‬‬
‫وُيلَم س من تصريحات المسؤولين أن عدة محّط ات ضخ للمياه في "جوهانسبرغ" و"تشواني" في حاجة‬
‫إلى إمدادات ثابتة من الكهرباء لتغذية أبراج مياهها‪ ،‬بينما يفرض الوضع الراهن على سكان المدينتين‬
‫التزام قيود "المستوى األول" وتقليل االستهالك من أجل المحافظة على إمدادات مياه ثابتة‪ .‬وتحظر قيود‬
‫"المستوى األول " استخدام خراطيم المياه بين الساعتين الـسادسة صباحًا والـسادسة مساًء‪ ،‬واستخدام‬
‫خراطيم المياه في المناطق المرصوفة والممرات‪ ،‬كما تحث على استخدام المياه الرمادية في رّي الحدائق‬
‫وغسل السيارات‪.‬‬
‫بناًء على ما سبق‪ ،‬فإن معالجة أزمة المياه تعني ضرورة التحّسن في التيار الكهربائي‪ ،‬الذي يعاني أيضًا‬
‫بسبب بنيته التحتية القديمة المتهالكة‪ .‬وأثبتت حوادث األشهر الماضية أن االكتفاء بمعالجة عوارض أزمة‬
‫المياه ال ُيجدي نفعًا‪ ،‬ففي مايو الماضي اسُت نفدت السدود في بلدية "نيلسون مانديال باي"‪ ،‬التي تضم مدينة‬
‫"جكيبرها"‪ ،‬وأدى اإلفراط في استخدام المواد الكيميائية من أجل معالجة المياه اآلسنة المتبقية إلى وفاة‬
‫طفلين ونفوق المواشي وإتالف النباتات‪.‬‬

‫عوامل اقتصادية واجتماعية ومعرفية‬


‫تكبر نسبة نقص المياه في المدن الكبرى‪ ،‬ذات األنشطة االقتصادية المتعددة‪ ،‬مثل مدينة "غاوتينغ" التي‬
‫تتحمل وطأة األزمة بسبب ارتفاع الطلب على المياه فيها‪ .‬وشملت العوامل االقتصادية لألزمة نقص‬
‫االستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا الالزمة لجمع المياه من األنهار واستغالل طبقات المياه الجوفية‬
‫ومصادر المياه األخرى‪ ،‬والتي يمكن استغاللها ألغراض متعددة‪ ،‬بما في ذلك الزراعة‪ ،‬إلى جانب‬
‫القدرات البشرية غير الكافية لتلبية الطلب على المياه‪.‬‬
‫وهناك عامل المعرفة والتثقيف بأهمية عدم اإلفراط باستخدام المياه في جنوب أفريقيا‪ ،‬بحيث أفادت عدة‬
‫دراسات بأن معظم مواطني البالد غير مدركين كيفية حماية المياه وإدارتها‪ ،‬وأن أغلبية حكومات‬
‫البلديات المحلية ال تملك المهارات والقدرات على إدارة البنية التحتية للمياه‪ ،‬بصورة صحيحة‪.‬‬
‫ُيضاف إلى ما سبق أن السكان يستخدمون من المياه أكثر من المتوسط العالمي بنحو ‪ 234‬لترًا من الماء‬
‫للفرد يوميًا‪ ،‬وهو ما يزيد على المتوسط العالمي البالغ ‪ 173‬لترًا‪ ،‬باإلضافة إلى أن مليارات الغالونات‬
‫من مياه الصرف الصحي والنفايات االصطناعية والصيدالنية تهدر في األنهار والبحار من دون استغالل‬
‫وإعادة تدوير‪ ،‬بينما ما مجموعه ‪ 56‬في المئة من محطات المعالجة في البالد في حالة سيئة‪.‬‬
‫ما ال شك فيه أن عامل التاريخ وعنصر التوزيع غير المتكافئ للمياه يؤثران في األزمة‪ ،‬إذ إن التخطيط‬
‫الجغرافي المكاني لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وّفر المياه للمناطق الحضرية‪ ،‬بينما المناطق‬
‫الفقيرة والريفية الكثيرة تعاني عدم توافر المياه وتفتقر إلى خدمات إمدادات المياه والصرف الصحي‬
‫األساسية‪ .‬ويؤكد هذا أنه يوجد ألقل من ‪ 40‬في المئة أو ‪ 45‬في المئة صنابير مياه في منازلهم‪ .‬وعلى‬
‫الرغم من موقف حكومات جنوب أفريقيا السابقة والراهنة بشأن مشاريع تحسين حالة المياه في المناطق‬
‫الفقيرة والريفية‪ ،‬فإن تقارير الصحف المحلية أظهرت أن هذه المشاريع لم ُتحدث فارقًا كبيرًا‪ ،‬وأن‬
‫التباينات ال تزال كبيرة فيما يتعلق بتوزيع البنية التحتية للمياه بين المجتمعات الريفية والحضرية‪.‬‬
‫عامل تغير المناخ‬
‫ال يمكن إبعاد عامل تغير المناخ عن أزمة ندرة المياه التي تواجهها جنوب أفريقيا‪ ،‬ألن البالد تشهد تأخر‬
‫هطول األمطار وقلتها وعدم اتساقها‪ .‬وتستقبل البالد ‪ 497‬مليمترًا من األمطار سنويًا في المتوسط‪ ،‬وهو‬
‫أقل بنسبة تزيد على ‪ 50‬في المئة من المتوسط العالمي البالغ ‪ 860‬مليمترًا في السنة‪ ،‬يؤدي إلى خفض‬
‫مستويات السدود‪ ،‬وبالتالي الجفاف في أجزاء متعددة من البالد‪.‬‬
‫وُتَع ّد جنوب أفريقيا ودول أخرى في أفريقيا بين أكثر الدول عرضة النعدام األمن الغذائي والمائي‪،‬‬
‫والناجم عن الظواهر الجوية الشديدة‪ ،‬والتي كانت من آثارها حاالت الفيضانات والجفاف طوال عام‬
‫‪ ،2022‬والتي عانتها دول كثيرة‪ ،‬بما في ذلك موزامبيق والنيجر ونيجيريا ورواندا والسنغال‬
‫وسيراليون‪.‬‬
‫وكشفت "‪ "ESI Africa‬في تقريرها أن جنوب أفريقيا على وشك الوقوع في مشكلة نقص في المياه بنسبة‬
‫‪ 17‬في المئة بحلول عام ‪ ،2030‬وأن تغير المناخ والظروف الجوية القاسية ستفاقم المشكلة‪ .‬وهذا‬
‫يستدعي خطة شاملة لتفادي ما وقع في كيب تاون عام ‪ 2017‬عندما أجبر الجفاف سكان المدينة‪ ،‬البالغ‬
‫‪13‬‬
‫عددهم أكثر من ‪ 4‬ماليين نسمة‪ ،‬على خفض استهالكهم اليومي من المياه إلى النصف‪.‬‬

‫‪ 13‬مقال بعنوان ما وراء ازمة المياه في جنوب افريقيا للكاتب حكيم االدي نجم الدين كاتب نجيري مهتم بافريقيا جنوب الصحراء الكبرى‬
‫‪https://www.almayadeen.net/research-papers/%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-‬‬
‫‪%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A‬‬
‫‪%D8%A7%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A‬‬
‫‪%D9%82%D9%8A%D8%A7‬‬
‫الحق في المياه باعتباره حقًا اجتماعيًا وحقًا جماعيًا‬
‫دانيلو زولو‬

‫‪ -1‬القانون الدولي والحق في المياه‬


‫من المالحظات األولى التي أتطرق إليها في هذا الفصل أن القانون الدولي ال يتضمن في معاييره أية‬
‫صيغة صريحة تنظم حق األفراد في المياه‪ .‬كما ال يشتمل هذا القانون على أي تعريف صريح للمياه‬
‫النقية باعتبارها تشّك ل حقًا جماعيًا يمكن المطالبة به‪ .‬ومما ال شك فيه أن هذا الوضع يشّك ل فجوة في‬
‫النظام القانوني الدولي‪ ،‬بحيث يتحتم العمل على تصويبه في أسرع وقت ممكن‪ ،‬كما طالبت بذلك مختلف‬
‫المنظمات والحركات الدولية على مدى سنوات عدة‪.‬وقد تمثلت بواكير النشاطات الدولية التي تناولت‬
‫الحق في المياه في مؤتمر األمم المتحدة للمياه‪ ،‬الذي ُعقد في مار دي ال بالتا في األرجنتين عام ‪1977‬؛‬
‫حيث نص البيان الختامي لهذا المؤتمر على أنه "لكل شخص الحق في الحصول على مياه الشرب‬
‫بكميات وبجودة تلّبي احتياجاته األساسية"‪ .‬كما عقدت األمم المتحدة المؤتمر الختامي حول العقد الدولي‬
‫لمياه الشرب (‪ )1990- 1980‬في نيودلهي في شهر أيلول‪/‬سبتمبر ‪ .1990‬وفي شهر كانون‬
‫الثاني‪/‬يناير ‪ُ ،1992‬عقد مؤتمر األمم المتحدة في دبلين حول المياه والبيئة‪ ،‬والذي اختتم بـ «إعالن‬
‫دبلين الختامي" الذي يكتسب أهمية خاصة‪ .‬وقد اخُت تمت هذه المرحلة األولية من العمل الدولي بشأن‬
‫المياه بمؤتمر األمم المتحدة حول البيئة والتنمية‪ ،‬الذي انعقد في ريو دي جانيرو في شهر حزيران‪/‬يونيو‬
‫‪ ،1992‬حيث ناقش المجتمعون فيه قضية المياه بصورة مستفيضة‪ .14‬ومن بين المبادرات الدولية‬
‫األخيرة التي كانت مؤثرة على هذا الصعيد ما قامت به مجموعة لشبونة (‪ )Lisbon Group‬ومؤسسة‬
‫ماريو سواريس (‪ )Mario Soares Foundation‬من حمل المنتدى العالمي الذي انعقد في مراكش‬
‫‪15‬‬
‫عام ‪ 1997‬وفي الهاي عام ‪ 2000‬على إصدار البيان بشأن المياه في شهر أيلول‪/‬سبتمبر ‪.1998‬‬
‫وقد تال هذه المبادرة نشاطات أخرى تمثلت بانعقاد المنتديات االجتماعية الدولية في بورتو أليجري‪ ،‬إلى‬
‫جانب المنتديات العالمية البديلة للمياه في فلورنسا عام ‪ 2003‬وجنيف عام ‪.2005‬وعلى الرغم من‬
‫أهمية هذه المبادرات‪ ،‬ال توفر القواعد النافذة على المستويين الدولي والوطني إجابات شافية عن المشاكل‬
‫البيئية والسياسية القائمة في ظل الطلب المتزايد على المياه‪ ،‬وما ينتج عن ذلك من منازعات‪ .‬فالطلب‬
‫العالمي على المياه في ازدياد مستمر بسبب زيادة أعداد السكان وانتشار النموذج الصناعي التكنولوجي‬
‫الذي يمثل الحداثة الغربية‪ .‬وفي نفس الوقت‪ ،‬تتعرض كميات المياه النقية الصالحة للشرب المتوفرة‬
‫للناس للتناقص المستمر بسبب اختالل التوازن المناخي‪ ،‬وارتفاع نسبة التلوث إلى مستويات غير‬
‫مسبوقة‪ ،‬إلى جانب انتشار ظاهرة ملوحة المياه النقية‪ .‬وفي هذه األيام‪ ،‬ال يتمكن ما يقرب من ‪ 1,5‬مليار‬
‫إنسان من الحصول على حاجتهم من مياه الشرب‪ .‬وُيتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى الضعف بحلول عام‬
‫‪.2020‬وفي عدد كبير من الدول الفقيرة والضعيفة‪ ،‬يموت ما يزيد عن مليوني طفل سنويًا بسبب نقص‬
‫المياه أو بسبب استهالك المياه غير الصحية‪ ،‬كما تتسبب المياه غير النقية في انتشار ما نسبته ‪ %80‬من‬
‫األمراض الُمعدية‪ .‬وعالوًة على ذلك‪ ،‬يؤدي نقص المياه إلى انخفاض خطير في إنتاج المواد الغذائية‬
‫وانتشار المجاعات واألمراض الناجمة عن سوء التغذية‪ .‬وتتأثر بعض المناطق في العالم بهذه الظاهرة‬
‫أكثر من غيرها‪ ،‬وال سيما في أمريكا الالتينية‪ ،‬والمناطق الواقعة في جنوب القارة األفريقية‪ ،‬وشمال‬
‫أفريقيا والشرق األوسط‪ .‬ولهذه األسباب‪ ،‬تزداد حدة النزاعات الدائرة حول المياه‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬تشير‬
‫فاندانا شيفا الى أن عددًا كبيرًا من المنازعات اإلقليمية تثور من أجل السيطرة على المصادر المائية‪ ،‬كما‬
‫تتحول هذه المنازعات إلى أشكال عنيفة بسبب غياب اإلطار القانوني والمؤسسات اإلقليمية والدولية التي‬
‫تملك القدرة على حلها‪.‬‬
‫كما يفترض بعض المؤلفين‪ ،‬ومن بينهم المفكر القانوني اإليطالي ليجي فيراجولي ‪ ،16‬بأنه يمكن القول‬
‫بأن العديد من اإلعالنات واالتفاقيات متعددة األطراف تنص على االعتراف بالحق في المياه باعتباره من‬
‫الحقوق المهمة التي يتضمنها النظام القانوني الدولي‪ .‬فبادئ ذي بدء‪ ،‬يمثل الحق في المياه نتيجة‬
‫طبيعية والزمة للحق في الحياة‪ ،‬والذي تنص عليه المادة ‪ 3‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر عن‬
‫األمم المتحدة عام ‪1948‬؛ فإذا كان "لكل شخص الحق في الحياة"‪ ،‬كما تنص هذه المادة‪ ،‬فمن‬
‫الطبيعي أن يكون لكل شخص الحق في الحصول على المياه‪ ،‬وذلك ألن الواقع العملي يقضي بأن الماء‬
‫بمختلف استخداماته‪ ،‬سواء كانت لألغراض الغذائية أو ألغراض النظافة‪ ،‬يمثل عنصرًا ال غنى عنه لبقاء‬
‫الجنس اإلنساني‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬يمثل الحق في المياه نتيجة الزمة خُلصت إليها إحدى الوثائق الدولية التي‬
‫أصدرتها الجمعية العامة لألمم المتحدة‪ ،‬على الرغم من افتقار قراراتها إلى الصفة اإللزامية‪ .‬وفضًال عن‬
‫ذلك‪ ،‬ال يشتمل اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان على أحكام آمرة ومعايير ثانوية تضمن حماية الحقوق التي‬
‫ينص عليها‪ ،‬إلى جانب فرض العقوبات على انتهاكها‪ .‬كما ُيفترض أن الحق في المياه يتأّت ى كذلك من نص‬
‫المادتين ‪ 22‬و‪ 25‬من ذات هذا اإلعالن‪ ،‬واللتان تنصان على حق كل شخص في الضمان االجتماعي واألمن‬
‫‪14‬‬
‫‪15‬‬

‫‪16‬‬
‫الصحي‪.‬وتتضمن األدوات القانونية ذات الصلة "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"‬
‫و"العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية"‪ ،‬الصادرين في عام ‪ .1966‬وتنص‬
‫المادة ‪ 6‬من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"‪ ،‬والذي وقعت عليه وأقرته ما يربو على‬
‫‪ 130‬دولة من بينها إسرائيل‪ ،‬على أن "الحق في الحياة حق مالزم لكل إنسان‪ .‬وعلى القانون أن يحمى‬
‫هذا الحق‪ 17)5( ".‬أما "العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية"‪ ،‬فيعلن في‬
‫المادة األولى منه عن حق "جميع الشعوب في التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية" (‪ .18)6‬غير‬
‫أننا ال نرى في أي من هذين العهدين إشارة صريحة إلى الحق في المياه واستخدام المصادر المائية‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬فإن استنتاجنا ال يجانب الشرعية إن قلنا بأن لكل مجتمع إنساني الحق في استخدام مصادره المائية‬
‫الخاصة به باعتبارها من موارده الطبيعية‪ .‬ولكن تبقى المسألة المتعلقة بتحديد معنى عبارة "الخاصة به"‪،‬‬
‫وذلك عندما تشترك عدة دول في ملكية األنهار أو البحيرات أو األحواض المائية؛ فدون هذا التحديد‪،‬‬
‫تفتقد القواعد القانونية المرعّية في جوهرها إلى القوة التنظيمية‪ ،‬وتؤدي بالتالي ‪ -‬كما سنرى ‪ -‬إلى نشوء‬
‫قواعد عرفية تفتقر إلى هذه القوة الضرورية‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن االحتكام وبصورة غير مباشرة‬
‫إلى المواد ‪ ،9‬و‪ 11‬و‪ 12‬من "العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫«المذكور اعاله‪ ،‬والتي تنص في محصلتها على الحق في الضمان االجتماعي واألمن الغذائي والصحي‪.‬‬
‫ولكن هذه المواد تشتمل على صيغ غير مباشرة وغير عامة؛ واألهم من ذلك أن هذه المواد تفتقر إلى‬
‫قواعد تستطيع إنفاذها وتعزز من خاللها حق الشعوب في المياه‪ .‬وبناًء على فهم واقعي ‪ -‬وليس مجرد‬
‫فهم مثالي وقانوني ‪ -‬للقانون الدولي‪ ،‬تمثل األحكام القانونية التي ال تسندها وسائل إدارية أو قضائية‬
‫تضمن إنفاذها تحذيرات أخالقية‪ ،‬وأماني نبيلة في أحسن األحوال؛ ولذا‪ ،‬فهي ال ترتقي إلى مرتبة القانون‬
‫الدولي الملزم‪ .‬كما تفتقر هذه األحكام القانونية إلى الصفة الرئيسية التي تميز القانون‪ ،‬والتي تتمثل في‬
‫إمكانية تنفيذ أحكامه بصورة جبرية‪.‬‬

‫وعالوًة على ما تقدم‪ ،‬يعتبر هذا التحليل صحيحًا بالنسبة لألحكام الدولية التي تنظم استخدام مياه األنهار‬
‫والبحيرات واألحواض المائية والمياه الجوفية بصورة عامة‪ .‬فالقانون الدولي يعتبر قاصرًا في تناول هذه‬
‫المسألة‪ .‬وعلى مستوى القارة األوروبية ‪ -‬التي تمثل نطاقًا إقليميًا محدودًا ‪ -‬يمكن للمرء أن ينظر إلى‬
‫اتفافية هلسنكي الموقعة عام ‪ 1992‬حول حماية استخدام المصادر المائية المشتركة بين الدول‬
‫والبحيرات الدولية‪ ،‬والتي شّك لت األساس النعقاد مؤتمر يضم الدول األعضاء المعنية لتطبيق بنود هذه‬
‫االتفاقية‪ .‬وأخيرًا‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة الذي تمخض عن إعداد االتفاقية‬
‫حول القانون بشأن االستخدامات غير المالحية للمجاري المائية الدولية (‪ ،)1997‬والتي لم تدخل حيز‬
‫التنفيذ ألنها لم تحصل على النصاب المطلوب للمصادقة عليها‪ ،‬وهو ‪ 35‬دولة‪ .‬ومما يثير االهتمام في‬
‫هذه االتفاقية المواد التي تنص على المبادئ العرفية‪ ،‬التي تعود في تاريخها إلى "قواعد هلسنكي"‬
‫المعروفة‪ ،‬بشأن استخدام مياه "األنهار الدولية"‪ ،‬والتي اعتمدتها رابطة القانون الدولي في هلسنكي عام‬
‫‪ .1966‬وُتلزم المادتان ‪ 5‬و‪ 6‬من هذه االتفاقية الدول األطراف بمبدأ "االستخدام العادل والمعقول‬
‫للمياه"‪ .‬أما المادة ‪ 7‬منها فتنص على مبدأ "عدم التسبب في الضرر" المترتب على التغييرات المائية؛‬
‫بمعنى أن هذه المادة تحظر إلحاق "ضرر جسيم" بتدفق المياه الدولية‪ ،‬في حين تنص المادة ‪ 8‬على التزام‬
‫الدول بالتعاون في إدارة المياه الدولية‪.)7 19‬‬

‫‪17‬‬
‫‪18‬‬
‫‪19‬‬
‫وعلى وجه العموم‪ ،‬نستنتج وجود تناقض (ولبس) فيما يتعلق باإلعالن عن الحقوق في المياه وحماية هذه‬
‫الحقوق‪ ،‬إلى جانب االلتزام الواقع على الدول بالتعاون في استخدام المصادر المائية الدولية‪ ،‬وهيكلية‬
‫الحلول الالزمة للدفاع عن هذه المصالح والقيم ‪.)820‬‬
‫وفي سياق آخر‪ ،‬تبدو األمور ِج ّد مختلفة حول قضية محددة بشأن العالقة القائمة بين القوة القائمة‬
‫باالحتالل واألقاليم الخاضعة لالحتالل‪ ،‬وذلك فيما يتعلق باستخدام المصادر المائية الوطنية والدولية‪.‬‬
‫وتؤثر هذه القضية بصورة كبيرة على الوضع الراهن في فلسطين؛ حيث تشوب المشاكل القواعد السارية‬
‫في هذه الحالة‪ .‬فليس هناك من أدوات دولية تتناول قضية المصادر المائية بشكل صريح‪ .‬ولكن هذا األمر‬
‫ال يمنعنا من استخالص بعض المبادئ القانونية المهمة التي تنظم إدارة المصادر المائية من األنظمة‬
‫الملحقة لالتفاقية الرابعة لسنة ‪ 1970‬والصادرة عن مؤتمر الهاي‪ ،‬باإلضافة إلى وثيقة جنيف الرابعة‬
‫الموقعة في سنة ‪ ،1949‬كما سنرى أدناه‪.‬‬
‫‪ -2‬الحق في المياه باعتباره حقًا طبيعيًا‪ ،‬وحقًا اجتماعيًا وحقًا جماعيًا‬
‫إذا كانت الكثير من المشاكل تعتري النظام القانون الدولي‪ ،‬فهناك ‪-‬كما شاهدنا أعاله ‪ -‬عدد من المنظمات‬
‫والحركات الدولية التي حولت على مدى سنوات من عملها الحق في المياه إلى قضية قابلة للنقاش‬
‫والمطالبة على المستوى العالمي‪ ،‬حتى إن تلك المنظمات والحركات حاولت طرح صيغة قانونية لهذه‬
‫القضية‪.‬‬
‫‪ -2-1‬الحق في المياه باعتباره حقًا طبيعيًا‪ :‬يمثل البيان بشأن المياه الوثيقة التي مهدت السبيل لهذا النوع‬
‫من النشاط‪ .‬وقد أصدرت إحدى اللجان الدولية برئاسة ماريو سواريس‪ ،‬الرئيس السابق لجمهورية‬
‫البرتغال‪ ،‬مسودة هذا البيان في شهر أيلول‪/‬سبتمبر ‪ .1998‬ويشتمل هذا البيان على أربع أفكار رئيسية‪:‬‬
‫يمثل الماء مصدرًا من مصادر الحياة والذي ال يمكن استبداله‪ ،‬وهو كذلك سلعة ضرورية يشترك فيها‬
‫كافة سكان األرض؛‬
‫يمثل الماء إرثًا من إرث اإلنسانية‪ ،‬ولذلك فهو ال يماثل أي مصدر آخر؛ وهو ال يعتبر سلعة قابلة للتداول‬
‫أو التسويق؛‬
‫يعود األمر للمجتمع بكافة شرائحه وعلى مختلف مستويات التنظيم االجتماعي فيه لضمان الحق في‬
‫الحصول على الماء لجميع أفراده دون تمييز؛‬
‫وتتطلب إدارة المياه قيام مؤسسات ديموقراطية‪ ،‬تحتكم إلى المبادئ الديموقراطية التشاركية والتمثيلية‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فمن الضروري إنشاء "شبكة من البرلمانات تختص في قضايا المياه" على المستوى الدولي‪،‬‬
‫وذلك إلطالق حمالت لرفع مستوى الوعي العالمي‪ ،‬إلى جانب إنشاء "هيئة دولية لمراقبة الحقوق في‬
‫المياه"‪.‬‬
‫وعقب إصدار هذه الوثيقة‪ ،‬تم وضع الكثير من المقترحات األخرى ‪-‬خصوصًا من قبل الحركات المتعددة‬
‫القومية التي تنشط في المجاالت االجتماعية والبيئية‪ ،‬كالمنتديات االجتماعية‪ ،‬ورابطة الضرائب‬
‫والمعامالت المالية لمصلحة المواطن (‪ ،)Attac‬والمدافعون عن "عقد المياه الدولي" وغيرها ‪-‬والتي لم‬
‫تفتأ تصّر على تعزيز الفكرة القائلة بأن المياه تمثل "سلعة عالمية عامة"؛ حيث ال يمكن بموجب هذه‬
‫الصفة أن يتمّلكها أفراد أو يتعاملون بها على أنها بضاعة تباع وتشترى‪ .‬كما تشير هذه الحركات إلى أنه‬
‫ال يمكن التعامل مع المياه إال باعتبارها "حقًا اجتماعيًا"‪ ،‬وذلك ألن الماء "هبة من هبات الطبيعة" وال‬
‫دخل لإلنسان فيه‪ .‬وبذلك‪ ،‬يشكل هذا التوجه نوعًا ما من "القانون الطبيعي للماء"‪ ،‬والذي يرتقي في‬
‫‪20‬‬
‫‪21‬‬
‫بعض األحيان إلى مرتبة األخالق العالمية التي تعززها سمات دينية معّبرة‪ ،‬كما ترى ذلك فاندانا شيفا‬
‫(‪ .)9‬ومن أجل حماية هذا "الحق الطبيعي"‪ ،‬تقترح تلك الحركات إنشاء منظمات دولية‪ ،‬من قبيل‬
‫"البرلمان الدولي للمياه"‪ ،‬باإلضافة إلى صندوق دولي ومحاكم دولية خاصة لرعاية هذا الحق‪.‬‬
‫ومن جانب آخر‪ُ ،‬بذلت محاولة لتحديد هذا 'الحق الطبيعي' من ناحية قانونية‪ ،‬بمعنى النظر إلى ذلك الحق‬
‫باعتباره إحدى 'الخدمات االجتماعية' التي يمكن توفيرها في كل مجتمع من المجتمعات اإلنسانية‪ .‬ولذا‪،‬‬
‫يجب أن تضمن هذ الخدمة العامة حق جميع المواطنين في استهالك كمية محددة (يمكن تحديدها مثًال بـ‬
‫‪ 40‬لترًا في اليوم الواحد لكل شخص باعتبار أن هذه الكمية تمثل "الحد األدنى الضروري") مجانًا‪ .‬كما‬
‫يمكن مثًال تحديد سعر الستهالك كمية أكبر من المياه تصل إلى مستوًى معين أو حصة معينة (وذلك من‬
‫قبيل ‪ 130‬لترًا في اليوم لكل شخص باعتبار أن هذه الكمية تمثل "الحد األقصى من االستهالك")‪ .‬ويجب‬
‫كذلك فرض عقوبات مالية على االستخدامات التي تزيد في حّد ها عن هذه الحصة‪ ،‬وذلك بهدف الحيلولة‬
‫دون هدر المياه‪ .‬ويستحق مثل هذا الموقف‪ ،‬الذي يقوم على أساس أيديولوجية عالمية وبيئية واضحة‪ ،‬كل‬
‫االحترام بسبب الرؤية األخالقية والعامل اإلنساني اللذين يتحلى بهما‪.‬‬
‫‪ -2-2‬الحق باعتباره حقًا اجتماعيًا جديدًا ‪ :‬من الناحية الواقعية‪ ،‬علينا أن نأخذ بعين االعتبار أن الماء‬
‫النقي الصالح للشرب ‪ -‬بخالف ماء البحر وضوء الشمس والفضاء الخارجي ‪ -‬ال يمثل "سلعة طبيعية"‪،‬‬
‫ناهيك عن كونه يمثل سلعة عالمية يمكن اعتبارها "حقًا طبيعيًا"‪ ،‬وذلك بغض النظر عن المعنى القانوني‬
‫الذي يحمله هذا التعبير األخير‪ .‬ففي الواقع‪ ،‬ما يعتبر اليوم حاجة أساسية لإلنسان ‪-‬وهو الماء الضروري‬
‫للغذاء والصحة والزراعة‪ ،‬والذي ال يتجاوز ‪ %1‬من إجمالي كمية الماء "المتوفرة في الطبيعة" ‪-‬هو‬
‫بعينه ما يشكل مصدرًا نادرًا وحيويًا يثير الكثير من النزاعات بسبب تدخل اإلنسان‪ .‬ومن المشاكل‬
‫الرئيسية التي نشهدها في هذا اإلطار ضمان حصول ماليين األشخاص على المياه التي ُحرموا منها‬
‫ألسباب سياسية واقتصادية وبيئية‪ ،‬مما حرمهم بالتالي من توفر احتياجاتهم من الغذاء والدواء‪ .‬ومن‬
‫المشاكل األخرى القائمة في هذا الشأن كيفية حماية حق المجتمعات الضعيفة أو الفقيرة أو المضطهدة في‬
‫استخدام مصادرها المائية التي تصادرها منها الدول الغنية والقوية والشركات الدولية‪ ،‬مثل شركة أونديو‬
‫(‪ )Ondeo‬الفرنسية (وهي شركة ليونيز ديزوكس السويسرية في السابق) وشركة فيوليا (‪)Veolia‬‬
‫(والمعروفة بشركة فيفندي في السابق)‪ ،‬وشركة روي (‪ )Rwe‬األلمانية‪ ،‬وشركة أعمال المياه األمريكية‬
‫(‪ )American Water Works‬في الواليات المتحدة األمريكية‪ .‬وعالوًة على ذلك‪ ،‬تعمل عدة مؤسسات‬
‫دولية‪ ،‬من قبيل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية‪ ،‬على دعم هذه الشركات في‬
‫توجهها لتحويل الماء إلى سلعة تجارية‪ ،‬باإلضافة إلى توفير الدعم لها في مجاالت أخرى (‪.)1022‬‬
‫ولهذه األسباب‪ ،‬أعتقد أنه ال يجوز فهم الحق في المياه والمطالبة به باعتباره شكًال من أشكال الحرية‬
‫السلبية ‪-‬بمعنى االستخدام غير المقيد لسلعة وفرتها الطبيعة لجميع الناس‪ ،‬وإنما يجب النظر إلى هذا الحق‬
‫باعتباره "حقًا اجتماعيًا"‪ .)11( 23‬وبحسب تعليق ليجي فيراجولي‪ ،‬فقد خضع تصور الحق في الحياة‬
‫وفق النظريات التي حددته في مستهل الحضارة القانونية الحديثة ‪-‬باعتباره "الحق في عدم القتل"‪ ،‬والذي‬
‫يمثل حصانة بسيطة أو "حرية سلبية" ‪-‬لتغييرات جذرية‪ ،‬كما أصبح اليوم يتضمن "الحق في البقاء"‬
‫بصورة مالئمة ومناسبة‪ .‬وعلى نقيض األيديولوجية الليبرالية الكالسيكية‪ ،‬والتي كان البقاء بالنسبة إليها‬
‫يمثل ظاهرة طبيعية تعتمد على عالقة اإلنسان بالطبيعة وعلى عمله ومشاريعه الحرة الخاصة‪ ،‬لم يُع ْد‬
‫ُينظر إلى هذا البقاء في هذه األيام باعتباره حقيقة طبيعية‪ ،‬بل باعتباره حقيقة اجتماعية تعتمد على فرص‬
‫العمل المتاحة واالستهالك والبقاء التي يوفرها االندماج االجتماعي‪ .‬ولذلك‪ ،‬يعتبر الحق في المياه بصفته‬
‫‪21‬‬
‫‪22‬‬
‫‪23‬‬
‫يمثل الحق في البقاء حقًا في التضامن االجتماعي ‪-‬وذلك كما هو الحال بالنسبة للحق في الصحة والتعليم‬
‫والسكن ‪-‬مما يفرض على المجتمع السياسي بذل جهود كبيرة في هذا السياق‪ .‬وعلى الرغم من أن الحق‬
‫في المياه يشكل حقًا اجتماعيًا "جديدًا"‪ ،‬فإن أيًا من قوانين الحقوق الليبرالية الحالية ال تقّر به‪ .‬وهذا الحق‬
‫"جديد" ألن الحاجة التي تدعو له هي حاجة متجددة وتنبع من الشّح المتزايد لهذه السلعة المطلوبة‪،‬‬
‫وتوزيعها أو الوصول إليها بصورة غير متساوية‪ ،‬والنزاعات الناجمة عن التنافس على الحصص فيها‪.‬‬
‫وكما هو الحال على مدى التاريخ‪ ،‬يبرز الحق الفردي في هذا السياق كذلك ويأخذ مكانه من خالل‬
‫الصراع االجتماعي‪ .‬وعند يصل الحرمان أو القمع أو االستغالل إلى مستويات ال ُتطاق‪ ،‬توفر لغة‬
‫الحقوق ونظرياتها أنسب األشكال التي تعّبر عن المطالب االجتماعية ‪.)1224‬‬
‫ولذلك‪ ،‬تتمثل المسألة التي يتعين العمل عليها في إعادة تشكيل األنظمة القانونية المحلية التي تنص على‬
‫الوصول إلى المياه واستهالكها باعتبارها حقًا من الحقوق الدستورية االجتماعية المكفولة‪ ،‬كما يجب‬
‫التعامل مع المشكلة المرتبطة بكيفية ضمان هذا الحق لجميع أعضاء الجماعات االجتماعية‪ ،‬بدءًا‬
‫بالجماعات التي تعاني من التهميش والحرمان أكثر من غيرها‪ .‬وإلى هذه اللحظة‪ ،‬لم تقم سوى‬
‫األوروغواي بإدراج الحق في المياه في قانون الحقوق واألفراد الذي ُسّن بموجب دستور هذه الدولة‪،‬‬
‫وذلك بفضل الضغط السياسي الذي مارسته حركة 'الماء والحياة' (‪ )Agua y Vida‬في شهر تشرين‬
‫األول‪/‬أكتوبر ‪ .2004‬وفي نفس الوقت‪ ،‬يجب على الحكومات أن تخصص الموارد المالية العامة إلعداد‬
‫الهيكليات الخاصة بتوزيع المياه‪ ،‬وضمان جودتها ونقاوتها‪ ،‬وتنفيذ السياسات الكفيلة بتخفيض سعرها‪،‬‬
‫باإلضافة إلى القضاء على جميع أشكال تحويل الماء‪ ،‬الذي يستخدم لألغراض الغذائية وأغراض النظافة‪،‬‬
‫إلى سلعة بهدف اإلتجار بها‪ .‬وفضًال عما تقدم‪ ،‬يتعين على جميع الحكومات أن تواجه هدر المياه بكل‬
‫حزم‪ ،‬وأن تفرض العقوبات على األشخاص الذين ُيلِحقون الضرر بالمنشآت المائية‪ ،‬كما يجب عليها أن‬
‫تحول دون تلويث ينابيع المياه‪.‬‬
‫‪ -2-3‬الحق في المياه باعتباره حقًا جماعيًا ‪ :‬من وجهة نظري‪ ،‬يجب النظر إلى الحق في المياه باعتباره‬
‫"حقًا جماعيًا"‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬فأنا أستخدم عبارة "الحق الجماعي" ‪-‬وهو مفهوم غريب في جانب كبير‬
‫منه عن النظرية الغربية حول حقوق اإلنسان ‪-‬بحسب المعنى الذي اكتسبه منذ انعقاد مؤتمر األمم المتحدة‬
‫في فيينا عام ‪ ،1993‬وعلى نحو ما تحديده منذ بروز نظرية كيمليكا‪ .)13( 25‬وقد ثار جدل مرير في‬
‫فيينا بين المدافعين الغربيين عن حقوق اإلنسان باعتبارها تشكل حقوقًا عالمية وغير قابلة للتجزئة لألفراد‬
‫والمؤيدين غير الغربيين لفكرة "الحقوق الجماعية"‪ ،‬كالحق في التنمية االقتصادية وحماية لغات األقليات‬
‫العرقية وهوياتها الثقافية والقضاء على الفقر‪ .‬وفي ضوء النظرية التي خرج بها كيمليكا‪ ،‬ال يجوز فهم‬
‫الحقوق الجماعية على أنها مجرد حقوق فردية تتعلق بأعضاء جماعة ما؛ بل تعّبر هذه الحقوق عن‬
‫حقوق الجماعة بالتصرف‪ ،‬بهذه الصفة ومن خالل مؤسساتها أو ممثليها بالنيابة عن جميع أفرادها‪ ،‬أمام‬
‫النظام القانوني الوطني أو الدولي القائم‪.‬‬
‫ومن هذه الوجهة‪ ،‬فمن غير المستساغ إعداد الكثير من المعايير التي تنظم االستهالك المجاني أو‬
‫المشروع للمياه‪ ،‬والتي تعتبر من حق جميع الدول والمجتمعات‪ .‬وفيما عدا الحد األدنى المطلوب‬
‫للمحافظة على البقاء‪ ،‬فلكل مجتمع مطالب تختلف عن اآلخر‪ ،‬بحيث يمكنه االدعاء بها أو النضال من‬
‫أجلها‪ .‬ووفقًا لرأي شيفا‪ ،‬يشبه الحق في المياه في عدد من المجتمعات لغة المرء وعاداته‪ .‬وهو حق يمثل‬
‫هوية المجتمع كذلك‪ ،‬وال يشكل مجرد شرط من شروط بقائه‪ .‬ومن شأن تجريد المجتمع من حقه في‬
‫موارده الطبيعية ومنعه من تولي إدارة هذه الموارد ووسائل اإلنتاج فيه تقويض الهوية الثقافية التي تميز‬
‫ذلك المجتمع‪ .‬وإذا لم يُع ْد باإلمكان التعبير عن هذه الهوية الجمعية من خالل الخبرات االجتماعية‬
‫‪24‬‬
‫‪25‬‬
‫المتحصلة في فالحة الحقول واألراضي والحدائق‪ ،‬وبالمهن وانتقال العادات والتقاليد‪ ،‬فسوف ينحدر‬
‫مستوى ثقافة ذلك المجتمع إلى "قوقعة سلبية"‪ ،‬بحيث ال يعدو أفراده يطلبون تأمين احتياجاتهم‬
‫االقتصادية‪ ،‬مما يسبغ عليهم سمة المجتمع االستهالكي‪ .‬أما إذا تم احترام العالقة االجتماعية التي تربط‬
‫المجتمع بالمياه ‪-‬والغذاء ‪-‬وحماية هذه العالقة وفق األشكال التي اكتسبتها على مدى تاريخها‪ ،‬فإن الحقوق‬
‫في المياه ستكتسب معنًى مهمًا بالنسبة للجماعة نفسها‪ ،‬وليس ألفرادها فقط‪ .‬وهنا يمكن التفكير في العالقة‬
‫القائمة بين المجاري المائية وجودة البيئة‪ ،‬والعالقة بين رطوبة األرض وأنواع الزراعة‪ ،‬والعالقة بين‬
‫عادات الملبس والمأكل‪ ،‬ناهيك عن خرافة الهوية المرتبطة باألنهار الكبرى الممتدة من النيل إلى‬
‫جانجيز‪ ،‬إلى ريو ديال بالتا‪ ،‬والمسيسبي‪ ،‬ودجلة والفرات ونهر األردن‪ .)14( 26‬ومما يجدر التذكير به‬
‫أن الفيلسوف والعالم الجيولوجي األلماني‪ ،‬إرنست كاب‪ ،‬في كتابه الذي ُنشر عام ‪ 1845‬بعنوان‬
‫الجغرافيا العامة الفلسفية أو المقارنة‪ ،‬اقترح تصنيف الحضارات الرئيسية على أساس المياه؛ حيث مّيز‬
‫بين ثالثة أنواع من الثقافات‪ ،‬هي‪ :‬الثقافة النهرية‪ ،‬والثقافة البحرية‪ ،‬والثقافة المحيطية‪ .‬ومن المعروف أن‬
‫كارل شميت اشتق من هذه الفكرة المقارنة البارعة بين الحضارات التي قامت على اليابسة والحضارات‬
‫التي قامت في المحيطات‪.)15 27‬‬
‫ثبت المراجع‬

‫المراجع‬
‫أالن‪ ،‬ج‪ .‬أ‪ ،.‬وماالت‪ ،‬ك‪( .‬محررون)‪ ،‬المياه في الشرق األوسط‪ :‬الدالالت القانونية والسياسية‬
‫والتجارية‪ ،‬لندن‪ :‬مطبعة األكاديمية البريطانية (‪.1995 ،)British Academy Press‬‬
‫أالن‪ ،‬ت‪" ،.‬الحلول االقتصادية والسياسية لشح المياه في الشرق األوسط"‪ ،‬في كتاب ج‪ .‬إسحاق وهـ‪.‬‬
‫شوفال (محررون)‪ ،‬المياه والسالم في الشرق األوسط‪ ،‬أمستردام‪.Elsevier، 1994 :‬‬
‫أالن‪ ،‬ت‪" ،.‬لماذا نقدر الماء؟ بعض وجهات النظر حول االقتصاد السياسي للمياه والبيئة في منطقة‬
‫حوض المتوسط"‪ ،‬في كتاب ي‪ .‬فيراجينا (محرر)‪ ،‬المياه في الدول الواقعة في حوض البحر األبيض‬
‫المتوسط‪ ،‬بولونيا‪.il Mulino، 1997 :‬‬
‫القريوتي‪ ،‬ب‪ ،‬المصارد المائية في القانون الدولي‪ ،‬مع اإلشارة إلى فلسطين على نحو خاص‪ ،‬فيرينز‪:‬‬
‫‪.Edizioni Cultura della Pace، 1999‬‬
‫أندرسون‪ ،‬ت‪ .‬وسنايدر‪ ،‬ب‪ ،.‬أسواق المياه‪ :‬تحويل المياه إلى المضخة غير المرئية‪ ،‬واشنطن‪ :‬معهد كاتو‬
‫(‪.1997 ،)Cato Institute‬‬
‫أنتيبوليس‪ ،‬س‪ ،.‬المياه في منطقة المتوسط‪ ،‬الخطة الزرقاء الخاصة بالبحر األبيض المتوسط‪.1997 ،‬‬
‫رابطة التضامن بين فرنسا وفلسطين‪ ،‬قضية المياه في فلسطين وإسرائيل‪.2003 ،‬‬
‫بدور‪ ،‬ن‪ .‬د‪ ،.‬خطر االحتالل الذي يزداد حدة عند تنفيذ سياساته‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪27‬‬
‫بارلو‪ ،‬م‪ ،.‬الذهب األزرق‪ :‬أزمة المياه العالمية وتحول تزويد المياه في العالم إلى سلعة تجارية‪ ،‬سان‬
‫فرانسيسكو‪ :‬المنتدى الدولي حول العولمة‪.2000 ،‬‬
‫بيلياساري‪ ،‬أ‪ ،.‬الصحة العامة وأزمة المياه في األراضي الفلسطينية المحتلة‪ ،‬مجلة الدراسات الفلسطينية‪،‬‬
‫‪.2 ،)1994( ،23‬‬
‫بورنس‪ ،‬ك‪ .‬ب‪ ،.‬القانون الدولي للمياه‪ ،‬تحرير ب‪ .‬ووترز‪ ،‬لندن وبوسطن‪ ،‬مجلة كلوير للقانون الدولي (‬
‫‪.1997 ،)Kluwer Law International‬‬
‫المركز اإلسرائيلي لحقوق اإلنسان في األراضي المحتلة (بيتسيلم)‪ ،‬المياه المتنازع عليها‪ :‬مسؤولية‬
‫إسرائيل عن شح المياه في األراضي الفلسطينية المحتلة‪ ،‬تحرير ي‪ .‬لين‪ ،‬ن‪ .‬أبو رقيه وم‪ .‬جعاره ‪-‬‬
‫الطيبي القدس‪ ،‬أيلول‪/‬سبتمبر ‪.1998‬‬
‫المركز اإلسرائيلي لحقوق اإلنسان في األراضي المحتلة (بيتسيلم)‪ ،‬التعطش للحل‪ :‬أزمة المياه في‬
‫األراضي الفلسطينية المحتلة وحلها في اتفاقية الوضع الدائم‪ ،‬القدس‪ ،‬تموز‪/‬يوليو ‪.2005‬‬
‫المركز اإلسرائيلي لحقوق اإلنسان في األراضي المحتلة (بيتسيلم)‪ ،‬وال حتى قطرة واحدة‪ :‬أزمة المياه‬
‫في القرى الفلسطينية التي ال تحتوي على شبكات توزيع المياه‪ ،‬القدس‪ ،‬تموز‪/‬يوليو ‪.2001‬‬
‫المركز اإلسرائيلي لحقوق اإلنسان في األراضي المحتلة (بيتسيلم)‪ ،‬أزمة المياه في األراضي الفلسطينية‬
‫المحتلة‪ ،‬القدس‪ ،‬كانون الثاني‪/‬يناير ‪.2005‬‬
‫بولوك‪ ،‬ج‪ .‬ودرويش أ‪ ،.‬حروب المياه‪ :‬النزاعات المستقبلية في الشرق األوسط‪ ،‬لندن‪Victor :‬‬
‫‪.Gollancz، 1993‬‬
‫كانيبا‪ ،‬م‪ ،.‬كل شيء يبدأ من الماء‪ ،‬مجلة "اليمز" ("‪.1، (2001) ،)"Limes‬‬
‫كاسيسي‪ ،‬أ‪ ،.‬الصالحيات وااللتزامات الواقعة على القوة القائمة باالحتالل فيما يتعلق باألرض والموارد‬
‫الطبيعية‪ ،‬ورقة مقدمة أمام المؤتمر حول إدارة األراضي المحتلة‪ ،‬والذي نظمته مؤسسة الحق‪ ،‬القدس‪،‬‬
‫‪ 25 - 22‬كانون الثاني‪/‬يناير‪.1988 ،‬‬
‫كالرك‪ ،‬ر‪ ،.‬المياه‪ :‬األزمة الدولية‪ ،‬كامبردج (ماساتشوستس)‪ ،‬معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا‪.1993 ،‬‬
‫دي فيلييرز‪ ،‬م‪ ،.‬المياه‪ :‬قدر موردنا الثمين‪ ،‬نيويورك‪.Houghton Mifflin، 2000 :‬‬
‫ديختر‪ ،‬هـ‪ ،‬الوضع القانوني للسياسات المائية التي تفرضها إسرائيل على األراضي المحتلة‪" ،‬مجلة‬
‫هارورد للقانون الدولي" (‪.35 (1994)، 2 ،)Harvard International Law Journal‬‬
‫دوالتيار‪ ،‬م‪ ،.‬وغراي ت‪ .‬س‪ ،.‬السياسات المائية في الشرق األوسط‪ :‬سياق النزاع والتعاون‪ ،‬لندن‪،‬‬
‫‪.Macmillan، 2000‬‬
‫إلموسا‪ ،‬س‪ ،.‬النزاع على المياه‪ ،‬واشنطن‪ ،‬معهد الدراسات الفلسطينية‪.1997 ،‬‬
‫فيراجولي ل‪ ،.‬المياه باعتبارها سلعة عامة والحق في المياه باعتباره حقًا أساسيًا‪ ،‬ورقة مقدمة أمام‬
‫المؤتمر الدولي حول الحق في المياه‪ ،‬غوريزيا‪ 8 ،‬شباط‪/‬فبراير ‪.2003‬‬
‫فيشلسون‪ ،‬ج‪ ،.‬النظر إلى النزاع في الشرق األوسط من خالل المياه‪ :‬نظرة تاريخية‪ ،‬تل أبيب‪ :‬جامعة تل‬
‫أبيب‪.1989 ،‬‬
‫محكمة العدل الدولية‪ ،‬التبعات القانونية لبناء جدار في األراضي الفلسطينية المحتلة (طلب الرأي‬
‫االستشاري)‪ .‬البيان الخطي الذي قدمته فلسطين‪ 30 ،‬كانون الثاني‪/‬يناير ‪.2004‬‬
‫إسحاق ج‪ ،.‬وصباح و‪ ،.‬المصادر المائية والزراعة المروية في الضفة الغربية‪ ،‬القدس‪ ،‬معهد الدراسات‬
‫التطبيقية‪.1998 ،‬‬
‫كالي‪ ،‬ي‪ ،.‬المياه والسالم‪ :‬وجهة نظر إسرائيلية‪ ،‬بيروت‪ :‬معهد الدراسات الفلسطينية‪.1991 ،‬‬
‫خضر‪ ،‬ب‪ ،.‬الوضع الجيو‪-‬سياسي للمياه في حوض المتوسط‪" ،‬مذكرات العالم العربي" ("‪Le cahiers‬‬
‫‪.117 - 118 (1994) ،)"du Monde Arabe‬‬
‫كيلوت‪ ،‬ن‪ ،.‬المصادر المائية والصراع في الشرق األوسط‪ ،‬لندن‪.Routledge، 1994 ،‬‬
‫ليندهولم‪ ،‬هـ‪" ،.‬المياه والصراع العربي اإلسرائيلي"‪ ،‬في كتاب ل‪ .‬أولسون (محرر)‪ ،‬سياسة المياه‪:‬‬
‫الصراعات على المياه باعتبارها تشكل عائقًا أمام التنمية‪ ،‬لندن‪.Zed Books، 1995 ،‬‬
‫لووي‪ ،‬م‪ .‬ر‪ ،.‬المياه والسلطة‪ :‬السياسة المتعلقة بالمورد الشحيح في حوض نهر األردن‪ ،‬كامبردج‪:‬‬
‫مطبعة جامعة كامبردج (‪.1993 ،)Cambridge University Press‬‬
‫التحريات بشأن البحر األبيض المتوسط‪ ،‬الماء في فلسطين‪ ،‬تحرير ج‪ .‬م‪ .‬ستابلر‪ ،‬كانون األول‪/‬ديسمبر‬
‫‪.2000‬‬
‫باتريال‪ ،‬ر‪ ،.‬البيان بشأن المياه‪ ،‬تورينو‪.Gruppo Abele، 2001 :‬‬
‫باولدج‪ ،‬ف‪ ،.‬المياه‪ :‬طبيعة واستخدامات ومستقل موردنا الثمين الذي يتعرض لسوء االستخدام‪،‬‬
‫نيويورك‪.Farrar, Straus and Giroux، 1982 :‬‬
‫تاميني‪ ،‬أ‪ .‬ر‪ ،.‬جدار المياه‪ ،‬آب‪/‬أغسطس ‪.2004‬‬
‫شيفا ف‪ ،.‬حروب المياه‪ :‬الخصخصة والتلوث والربح‪ ،‬كامبردج‪( ،‬ماساتشوستس)‪South End ،‬‬
‫‪.Press، 2002‬‬
‫سيمونسيلي‪ ،‬م‪ ،.‬وروسكا‪ ،‬م‪ ،.‬حرب المياه‪ :‬الوضع الجيو‪-‬سياسي للمياه والتعاون والحرب‪ ،‬روما‪:‬‬
‫‪.Edizioni Ediesse، 2005‬‬
‫سيرونو‪ ،‬ج‪ ،.‬المياه‪ :‬قضية استراتيجية عالمية جديدة‪ ،‬باريس‪.Economica، 1996 :‬‬
‫سبوسيتو‪ ،‬ي‪ ،.‬المياه والصراع اإلسرائيلي الفلسطيني‪ :‬الخطط اإلسرائيلية حول توفر المياه وشحها‪،‬‬
‫نابولي‪ :‬جامعة نابولي‪.2002 ،‬‬
‫ستار‪ ،‬ج‪ .‬ر‪ ،.‬وستول‪ ،‬د‪ .‬ك‪ ،.‬السياسة الخارجية للواليات المتحدة األمريكية بشأن مصادر المياه في‬
‫الشرق األوسط‪ ،‬واشنطن‪ ،‬مركز الدراسات االستراتيجية والدولية‪.1987 ،‬‬
‫تريكاريكو‪ ،‬أ‪ ،.‬االستراتيجية المالية التي ينفذها بنك االستثمار األوروبي بشأن المياه في فلسطين‪ ،‬روما‪:‬‬
‫‪.Edizioni Ediesse، 2002‬‬
‫زيغلر‪ ،‬ج‪ ،.‬التقرير حول الحق في الغذاء في األراضي الفلسطينية المحتلة‪ ،‬لجنة حقوق اإلنسان التابعة‬
‫لألمم المتحدة‪.2003 ،‬‬
‫الهوامش‬
‫*‪ .‬رام هللا‪ 4- 2 ،‬أيار‪/‬مايو ‪.2005‬‬

‫‪ .1‬وعلى وجه الخصوص‪ ،‬يشير الفصل الثامن عشر من "األجندة ‪ "21‬إلى اإلجراءات المتكاملة بشأن‬
‫تنمية المصادر المائية وإدارتها واستخدامها‪ .‬كما وضع هذا الفصل برنامجًا شامًال يتعلق باستخدام المياه‬
‫في المدن‪ ،‬باإلضافة إلى حماية األنظمة البيئية والمصادر المائية وضمان جودتها‪ .‬وتهدف هذه‬
‫اإلجراءات بمجموعها إلى توفير الماء باعتباره عنصرًا ضروريًا للمحافظة على الصحة والتخفيف من‬
‫حدة الفقر والري‪ ،‬وبالتالي ضمان إنتاج الغذاء‪.‬‬

‫‪ .2‬نظم المجلس العالمي للمياه هذا المنتدى‪ .‬وقد أسس البنك الدولي هذا المجلس عام ‪ ،1994‬بمساعدة‬
‫بعض الحكومات والشركات الكبرى‪ .‬وخالل هذه الفترة نفسها‪ ،‬تم إنشاء برنامج "الشراكة العالمية في‬
‫المياه"‪ ،‬والذي ُيعنى بتنظيم االجتماعات بين السلطات العامة والمستثمرين من القطاع الخاص وتشجيعها‪.‬‬

‫‪ .3‬أنظر فاندانا شيفا‪ ،‬حروب المياه‪ :‬الخصخصة والتلوث والربح‪ ،‬كامبردج‪( ،‬ماساتشوستس)‪South ،‬‬
‫‪( ،End Press، 2002‬ويرد هذا المرجع ويستشهد به في مواطن كثيرة من هذه الورقة)‪.‬‬

‫‪ .4‬أنظر ليجي فيراجولي‪ ،‬المياه باعتبارها سلعة عامة والحق في المياه باعتباره حقًا أساسيًا‪ ،‬المؤتمر‬
‫الدولي حول الحق في المياه‪ ،‬غوريزيا‪ 8 ،‬شباط‪/‬فبراير ‪.2003‬‬

‫‪ .5‬أنظر "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"‪ 16 ،‬كانون األول‪/‬ديسمبر ‪.1966‬‬

‫‪ .6‬أنظر "العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية"‪ 16 ،‬كانون األول‪/‬ديسمبر‬
‫‪.1966‬‬

‫‪ .7‬أنظر القريوتي‪ ،‬ب‪ ،‬المصارد المائية في القانون الدولي‪ ،‬مع اإلشارة إلى فلسطين على نحو خاص‪،‬‬
‫(ويرد هذا المرجع ويستشهد به في مواطن كثيرة من هذه الورقة)‪.‬‬

‫‪ .8‬أنظر فاندانا شيفا‪ ،‬حروب المياه‪ ،‬ميالنو‪ :‬فلترينلي‪ ،2003 ،‬ص‪.50 - 33 .‬‬

‫‪ .9‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.50 - 49 .‬‬


‫‪ .10‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ .112 - 95 ،10 .‬أنظر أيضًا م‪ .‬اليمي‪ ،‬ملف المياه‪ :‬شحها وتلوثها‬
‫وفسادها‪ ،‬باريس‪.Seuil، 2003 :‬‬

‫‪ .11‬وأنا استخدم هذه العبارة وفقًا للتصنيف الذي جاء به توماس مارشال‪ ،‬والذي ميز بين الحقوق‬
‫المدنية والحقوق السياسية والحقوق االجتماعية؛ أنظر توماس هـ‪ .‬مارشال‪ ،‬الطبقة والمواطنة والتطور‬
‫االجتماعي‪ ،‬شيكاغو‪ ،‬مطبعة جامعة شيكاغو‪ ،1964 ،‬ص‪.79 - 78 .‬‬

‫‪ .12‬ليجي فيراجولي‪ ،‬الحاشية رقم ‪ 4‬أعاله‪( ،‬ويرد هذا المرجع ويستشهد به في مواطن كثيرة من هذه‬
‫الورقة)‪.‬‬

‫‪ .13‬أنظر و‪ .‬كيمليكا‪ ،‬الليبرالية‪ ،‬والمجتمع والثقافة‪ ،‬أكسفورد‪ ،‬مطبعة جامعة أكسفورد‪ .1989 ،‬وانظر‬
‫كذلك أ‪ .‬فاتشي‪ ،‬الحقوق في قارة أوروبا التي تتعدد فيها الثقافات‪ ،‬روما‪-‬باري‪ :‬التيرزا‪ ،2001 ،‬ص‪.‬‬
‫‪ .36 - 21‬ولإلطالع على وجهة نظر مخالفة لكيمليكا‪ ،‬أنظر ج‪ .‬هابيرماس‪ ،‬النضال في سبيل الحصول‬
‫على االعتراف في ظل سيادة القانون‪ ،‬فرانكفورت‪ ،‬مطبعة ‪.Suhrkamp، 1996‬‬

‫‪ .14‬أنظر فاندانا شيفا‪ ،‬حروب المياه‪ ،‬ص‪.12 .‬‬

‫‪ .15‬أنظر كارل شميت‪ ،‬األرض والبحر‪ :‬أثرهما على تاريخ العالم‪ ,‬شتتغارت‪.Klett-Cotta، 1954 :‬‬
‫وبالنسبة لكاب‪ ،‬يبدأ تاريخ العالم من الحضارة النهرية‪ ،‬كحضارة اآلشوريين والبابليين التي ازدهرت في‬
‫بالد الرافدين بين نهري دجلة والفرات والمصريين الذين ازدهرت حضارتهم على ضفاف النيل‪ .‬وتلت‬
‫هذه الحضارات الحضارة البحرية‪ ،‬وهي تمثل الحضارات التي قامت على شواطئ البحار الداخلية‬
‫والبحر األبيض المتوسط‪ .‬وتنتمي إلى هذه الحضارات الحضارة اإلغريقية‪-‬الرومانية والعصر الوسيط‬
‫على ضفاف البحر األبيض المتوسط‪ .‬وأخيرًا‪ ،‬أدى اكتشاف األمريكيتين والدوران حول األرض إلى ما‬
‫يعرف بالحضارة 'المحيطية'‪ .‬ومع اكتشافهما من قبل الشعوب األيبيرية‪ ،‬ال تزال األنجلو‪-‬سكسونية تهيمن‬
‫على القارتين األمريكيتين‪.‬‬

‫‪ .16‬أنظر المركز اإلسرائيلي لحقوق اإلنسان في األراضي المحتلة (بيتسيلم)‪ ،‬المياه المتنازع عليها‪:‬‬
‫مسؤولية إسرائيل عن شح المياه في األراضي المحتلة‪ ،‬تحرير ي‪ .‬لين‪ ،‬ن‪ .‬أبو رقيه و م‪ .‬جعاره‪-‬الطيبي‪،‬‬
‫أيلول‪/‬سبتمبر ‪1998‬؛ والمركز اإلسرائيلي لحقوق اإلنسان في األراضي المحتلة (بيتسيلم)‪ ،‬أزمة المياه‬
‫في األراضي المحتلة‪ ،‬كانون الثاني‪/‬يناير ‪ ،2005‬المصدر السابق‪ .‬أنظر أيضًا ن‪ .‬د‪ .‬بدور‪ ،‬خطر‬
‫االحتالل الذي يزداد حدة عند تنفيذ سياساته‪.‬‬
‫‪ .17‬أنظر فاندانا شيفا‪ ،‬حروب المياه‪ ،‬ص‪.86 - 85 .‬‬

‫‪ .18‬أنظر م‪ .‬كانيبا‪ ،‬كل شيء يبدأ من الماء‪ ،Limes"، 1، (2001)" ،‬ص‪.192 - 191 .‬‬

‫‪ .19‬أنظر ج‪ .‬إسحاق و و‪ .‬صباح‪ ،‬المصادر المائية والزراعة المروية في الضفة الغربية‪ ،‬القدس‪ ،‬معهد‬
‫الدراسات التطبيقية‪ ،1998 ،‬ص‪4 - 3 .‬؛ أنظر أيضًا فاندانا شيفا‪ ،‬حروب المياه‪ ،‬ص‪.86 - 84 .‬‬

‫‪ .20‬بخصوص هذه القواعد العرفية الدولية‪ ،‬أنظر "إعادة البناء من الناحية التاريخية"‪ ،‬في كتاب فاندانا‬
‫شيفا‪ ،‬حروب المياه‪ ،‬ص‪.94 - 88 .‬‬

‫‪ .21‬أنظر ج‪ .‬إسحاق و و‪ .‬صباح‪ ،‬المصادر المائية والزراعة المروية في الضفة الغربية‪ ،‬ص‪.3 .‬‬

‫‪ .22‬وهذه "األنظمة" ملحقة باتقافية الهاي الرابعة‪ :‬قوانين وأعراف الحرب على األرض‪ ،‬الصادرة عن‬
‫مؤتمر السالم الثاني في الهاي‪ ،‬تشرين األول‪/‬أكتوبر ‪ ،1907‬والتي دخلت حيز النفاذ في شهر كانون‬
‫الثاني‪/‬يناير ‪.1910‬‬

‫‪ .23‬يتضمن الموضوع حول الحرب‪ ،‬والقانون والنظام العالمي نص اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية‬
‫األشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في ‪12‬آب‪/‬أغسطس ‪.1949‬‬

‫‪ .24‬تنص المادة ‪ 55‬من "أنظمة الهاي" الملحقة التفاقية الهاي الرابعة لسنة ‪ 1907‬على أن "الدولة‬
‫القائمة باالحتالل تدير أو تنتفع بالمباني العامة والعقارات والغابات والممتلكات الزراعية التي تعود‬
‫ملكيتها للدولة المعتدية والتي تقع في البلد الواقع تحت االحتالل‪ .‬ويجب عليها أن تحمي أصول هذه‬
‫الممتلكات‪ ،‬وأن تديرها بما يتفق مع قواعد االنتفاع"؛ أنظر أيضًا التقرير الصادر عن التحريات بشأن‬
‫البحر األبيض المتوسط‪ ،‬المياه في فلسطين‪ ،‬تحرير ج‪ .‬م‪ .‬ستابلر‪ ،‬كانون األول‪/‬ديسمبر ‪2000‬؛ و‬
‫بلوج‪ ،‬المياه‪ ،‬تحرير س‪ .‬منصور‪.‬‬

‫‪ .25‬في عام ‪ ،1979‬أنشأ مجلس األمن الدولي بموجب القرار ‪ 446‬لجنة تعنى بـ"دراسة وتفحص‬
‫تناقص الموارد الطبيعية‪ ،‬وال سيما المصادر المائية في األراضي الفلسطينية المحتلة‪ ،‬من أجل ضمان‬
‫حماية األراضي الواقعة تحت االحتالل"‪ .‬وقد صادق مجلس األمن على التوصيات التي خرجت بها هذه‬
‫اللجنة بقراره رقم ‪ 465‬عام ‪ .1980‬وتشير الدراسات التي أعدتها اللجنة المذكورة إلى أن "دولة‬
‫إسرائيل أحدثت تغييرات في األراضي المحتلة‪ ،‬بما فيها القدس‪ ،‬مما يشكل خرقًا التفاقية جنيف الرابعة‬
‫الرابعة والقرارات ذات العالقة التي اتخذها مجلس األمن حول هذه المسألة"‪ .‬ومن القرارات الرئيسية‬
‫األخرى التي اتخذها مجلس األمن الدولي بشأن فلسطين واألراضي المحتلة القرارات التالية‪ :‬القرارين‬
‫رقم ‪ 237‬و‪ 242‬عام ‪1967‬؛ والقرار ‪ 252‬عام ‪1968‬؛ والقرارين ‪ 267‬و‪ 271‬عام ‪1969‬؛‬
‫والقرارات ‪ 339 ،338‬و‪ 349‬عام ‪1970‬؛ والقرار ‪ 298‬عام ‪.1976‬‬

‫‪ .26‬أنظر محكمة العدل الدولية‪ ،‬التبعات القانونية لبناء جدار في األراضي الفلسطينية المحتلة (طلب‬
‫الرأي االستشاري)‪ .‬البيان الخطي الذي قدمته فلسطين‪ 30 ،‬كانون األول‪/‬يناير ‪ ،2004‬الفقرات ‪- 293‬‬
‫‪ .297‬ولإلطالع على المزيد من المعلومات حول هذا الموضوع‪ ،‬أنظر ن‪ .‬د‪ .‬بدور‪ ،‬خطر االحتالل‬
‫الذي يزداد حدة عند تنفيذ سياساته؛ و أ‪ .‬ر‪ .‬تميني‪ ،‬جدار المياه‪ ،‬آب‪/‬أغسطس ‪.2004‬‬

‫‪ .27‬أنظر إدوارد سعيد‪ ،‬القضية الفلسطينية‪ ،‬نيويورك‪ ،‬طبعة كتب فينتج (‪Vintage Books‬‬
‫‪.1992 ،)Edition‬‬

‫‪ .28‬أنظر م‪ .‬كانيبا‪ ،‬كل شيء يبدأ من الماء‪ ،‬ص‪.192 - 185 .‬‬

‫‪ .29‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.186 .‬‬

‫‪ .30‬أنظر ر‪ .‬ريبسيلي‪ ،‬هل المطلوب بحر أبيض متوسط جديد؟ كاتانيا‪.Mesogea، 2004 :‬‬

‫‪https://www.juragentium.org/topics/palestin/ar/water.htm‬‬
‫المياه كسلعة استراتيجية‪:‬‬
‫ُيعد الماء مورًد ا طبيعًّي ا ثميًن ا‪ ،‬حيث إنه يمثل شرًط ا الزًما للحياة والعمران البشري‪ .‬يقول القرآن الكريم‪:‬‬
‫"َو َج َع ْلَن ا ِمَن اْلَم اِء ُك َّل َش ْي ٍء َح ٍّي "‪ ،‬وهو األمر الذي يجعل الماء سلعة استراتيجية تحدد مصائر األمم‬
‫والشعوب‪ .‬لقد تميزت السنوات األخيرة بزيادة الوعي العام بأن إمدادات المياه العذبة في العالم تمثل‬
‫مورًد ا نادًر ا ومهًّم ا للغاية الستمرار جهود التنمية المستدامة‪ .‬ونظًر ا إلى أنه ال يمكن استبدال المياه‪ ،‬فال‬
‫يمكن الحفاظ على التنوع البيولوجي وال التنمية االجتماعية واالقتصادية في ظل غيابها أو ندرتها‪ .‬ثمة‬
‫تحديات كبرى تواجه الدول المختلفة تتمثل في صعوبة توفير إمدادات كافية من المياه ذات النوعية الجيدة‬
‫لتلبية االحتياجات المتزايدة للسكان‪ .‬وقد يدفع ذلك إلى تزايد التوترات داخل وبين الدول مع انخفاض‬
‫إمدادات المياه العذبة بسبب استنفاد الموارد والتلوث‪ ،‬إلى جانب التوسع الحضري والتصنيع السريع‪.‬‬
‫وتتسم هذه الحالة بأهمية خاصة في المناطق األكثر جفاًف ا في العالم مثل إفريقيا‪ ،‬حيث تعوق ندرة المياه‬
‫جهود التنمية االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وتدفع باتجاه التنافس على المياه بين مختلف قطاعات المجتمع‪،‬‬
‫كما ترتبط بانتشار الفقر والجوع والمرض‪.‬‬
‫هناك جانب آخر مهم ينبثق عن الوعي العام المتزايد بأهمية المياه‪ ،‬وهو إدراك أن المياه تعد مسألة حياة‬
‫أو موت‪ ،‬فقد تكون في حالة الوفرة عامل نماء وإنتاج‪ ،‬وفي حالة الندرة سبًبا للتدمير والشقاء‪ .‬في هذه‬
‫العملية قد تمارس المياه دوًر ا مهًّم ا لتوطيد ُعرى التعاون وتقاسم المنافع بين المجتمعات والبلدان‪ .‬على‬
‫العكس من ذلك‪ ،‬تؤدي ندرة المياه أو عدم كفاية الموارد والبنية التحتية لضمان توفير إمدادات المياه‬
‫الكافية إلى نزاعات بل وحتى صراعات من أجل الحصول على المياه‪ .‬أضف إلى ذلك‪ ،‬يمكن أن يكون‬
‫للماء جانب آخر إضافي ومدّمر للغاية‪ ،‬حيث ُت لحق المياه "الزائدة" في شكل فيضانات الخراب بالبنية‬
‫التحتية االجتماعية واالقتصادية داخل الدولة‪.‬‬
‫صراعات المياه في إفريقيا‪:‬‬
‫على المستوى االستراتيجي‪ ،‬تؤثر خمس خصائص جيوسياسية رئيسية على الدفع ألن تصبح المياه‬
‫مصدًر ا للتنافس أو المواجهة االستراتيجية بين الدول المتجاورة‪ • :‬درجة ندرة المياه في المنطقة‪ • .‬مدى‬
‫مشاركة إمدادات المياه بين أكثر من دولة أو منطقة‪ • .‬عالقات القوة النسبية الموجودة بين الدول التي‬
‫تتقاسم المياه‪ • .‬مدى توافر مصادر مياه بديلة وإمكانية الوصول إليها‪ • .‬الدرجة أو المدى الذي تتماشى‬
‫فيه الحدود الدولية لبلد معين مع أنظمة األنهار المشتركة أو أنها تقع على طولها‪.‬‬
‫قد تتحول النزاعات حول المياه إلى "حروب مائية" عندما تصل حدة الخالفات بين الدول حول قضايا‬
‫المياه إلى مستوى المواجهة المسلحة‪ .‬فقد وقعت الخالفات حول المياه حول بحيرة فيكتوريا في شرق‬
‫إفريقيا باإلضافة إلى نهر زامبيزي في الجنوب اإلفريقي‪ .‬وال شك أنه عندما يرتبط الصراع المائي‬
‫بأنهار معينة ‪-‬مثل‪ :‬إنكوماتي‪ ،‬وليمبوبو‪ ،‬والنيل‪ ،‬وأورانج‪ ،‬وباجاني‪ ،‬والسنغال‪ ،‬والزامبيزي‪ -‬أو أجزاء‬
‫منها‪ ،‬فإنه غالًبا ما تكون هذه األنهار عابرة للحدود في طبيعتها‪ ،‬أو أنها تشكل أنظمة لألنهار المشتركة‪،‬‬
‫والتي تثير إشكالية التوزيع المنصف والعادل بين دول المنبع ودول المصب‪.‬‬
‫لدى إفريقيا تاريخ طويل من الصراعات المتعلقة بالمياه‪ .‬ولعل أحد األمثلة البارزة في هذا الصدد هي سد‬
‫مانانتالي على نهر السنغال‪ .‬فقد تورطت كل من موريتانيا والسنغال في الصراع الذي أدى إلى أعمال‬
‫شغب مناهضة للسنغال في موريتانيا‪ ،‬وأعمال شغب معادية لموريتانيا في السنغال‪ ،‬مما أجبر عشرات‬
‫اآلالف من الناس على الفرار من البلدين وقتل مئات األشخاص‪ ،‬في الوقت الذي حدثت فيه مناوشات‬
‫عسكرية كادت أن تدفع كلتا الدولتين إلى حافة الحرب‪ .‬وقد أدى انخفاض مستوى المياه إلى نزاع حدودي‬
‫بين كينيا وأوغندا حول جزيرة ميجينو الصغيرة التي ال تتجاوز مساحتها فداًن ا واحًد ا في بحيرة فيكتوريا‪.‬‬
‫ومما أسهم في تغذية الصراع المائي بين الدولتين تغير المناخ‪ ،‬والتدهور البيئي‪ ،‬وتزايد موجات الجفاف‬
‫والمجاعة‪.‬‬
‫تطرح بحيرة توركانا الكينية نموذًج ا مهًّم ا لمستقبل الصراعات المائية في إفريقيا خالل السنوات القادمة‪.‬‬
‫لقد أضحت البحيرة معرضة لخطر الجفاف بعد خطة الحكومة اإلثيوبية لبناء سد على نهر أومو‪ .‬ومنذ‬
‫بدأت إثيوبيا في ملء السد في ‪ ،2015‬تعرضت حياة السكان المحليين للخطر‪ ،‬والذين يعتمد كثير منهم‬
‫على مهنة الصيد‪ .‬في إحدى مناطق البحيرة التي ُت عتبر أكبر بحيرة صحراوية دائمة في العالم‪ ،‬انحسرت‬
‫المياه لمسافة تقارب نحو اثني كيلومتر‪.‬‬
‫الحالة البارزة لحوض نهر النيل ُتقدم مثااًل آخر للصراع المائي في المنطقة‪ .‬يمتد نهر النيل عبر ‪11‬‬
‫دولة هي إثيوبيا والسودان وجنوب السودان ومصر وبوروندي ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية‬
‫وتنزانيا وكينيا وأوغندا وإريتريا‪ .‬في الماضي‪ ،‬كانت هناك خالفات خطيرة بين مصر ودول المصب وال‬
‫سيما إثيوبيا حول تقسيم مياه النيل‪ ،‬والتي أدت في حاالت الجفاف الشديد إلى التهديد بالتصعيد‪ .‬وتشير‬
‫أدلة جديدة اليوم إلى حقيقة أن الوضع السياسي واإليكولوجي في حوض النيل أصبح أكثر خطورة عن‬
‫ذي قبل‪ .‬يبدو أن نوعية المياه تزداد سوًءا‪ ،‬وهناك مشكالت في كمية المياه‪ ،‬حيث تعاني بعض الدول من‬
‫الفقر المائي‪ .‬وتتفاقم هذه التحديات بسبب استراتيجية بناء السدود على كل من النيل األزرق والنيل‬
‫األبيض‪ .‬ولعل أكبر هذه السدود هو سد النهضة الكبير في إثيوبيا‪ .‬أضف إلى ذلك أن هناك مخاوف‬
‫جديدة ومتزايدة بشأن التأثير المحتمل لتغير المناخ على حوض نهر النيل‪ .‬وتتفاقم هذه الشكوك من حقيقة‬
‫أن معظم الدول التي تشترك في حوض النيل سوف تكون أكثر عرضة "لندرة المياه" بحلول عام‬
‫‪ .2050‬ويرجع ذلك إلى تغير المناخ‪ ،‬وزيادة الطلب على المياه بسبب النمو السكاني‪.‬‬
‫نزع "األمننة" عبر دبلوماسية المياه‪:‬‬
‫تشكل الدول التي تشترك في حوض النهر نظاًما مائًّي ا سياسًّي ا معقًد ا للغاية ومترابًط ا‪ ،‬وتتداخل ديناميكياته‬
‫بشكل وثيق من حيث البيئة واالقتصاد والسياسة واألمن‪ .‬لذا أصبحت السياسة المائية مجااًل هاًّم ا في‬
‫السياسة الدولية‪ .‬هناك أكثر من ‪ 260‬نهًر ا دولًّي ا في العالم تستخدمها دولتان أو أكثر من الدول المشاطئة‪،‬‬
‫يوجد ‪ 63‬منها في القارة اإلفريقية‪ .‬لذلك من السهل تخيل عدد الصراعات الدولية المحتملة حول المياه‪.‬‬
‫تعتمد العديد من الدول على موارد المياه التي تتدفق من خارج أراضيها‪ .‬لذلك‪ ،‬تصبح أي محاولة‬
‫لتطوير النهر اقتصادًّي ا واالستفادة من موارده‪ ،‬مثل إنتاج الطاقة الكهرومائية‪ ،‬دوًما قضية خالفية‪ ،‬ومع‬
‫ذلك يمكن التخلص من مقولة حروب المياه عبر نزع الطابع األمني عن الذهب األزرق‪.‬‬
‫وتوفر اتفاقية األمم المتحدة لعام ‪ 1997‬الخاصة بقانون االستخدامات غير المالحية للمجاري المائية‬
‫الدولية إطاًر ا عاًّم ا الستخدام األنهار الدولية من قبل الدول النهرية‪ .‬وقد تم تبني هذه االتفاقية‪ ،‬حيث‬
‫صوت ‪ 103‬دول لصالحها‪ ،‬وامتنعت ‪ 27‬دولة عن التصويت‪ ،‬بينما عارضتها ثالث دول أخرى هي‬
‫تركيا وبوروندي وجمهورية الصين الشعبية‪ ،‬وجميعها دول نهرية‪ .‬وقد نّصت االتفاقية على ثالثة مبادئ‬
‫أساسية لقانون المياه الدولي‪ :‬مبدأ االنتفاع المنصف والمعقول‪ ،‬وااللتزام بعدم التسبب في ضرر جسيم‪،‬‬
‫وواجب التعاون مع الدول المشاطئة‪ .‬أضف إلى ذلك يوجد مبدآن مهّمان آخران‪ ،‬هما مبدأ اإلخطار‬
‫المسبق الذي يتطلب إخطار الدول المشاطئة األخرى عند القيام بأي مشروع مخطط للمياه من قبل أي من‬
‫دول المنبع‪ ،‬وقاعدة عدم االعتراض التي تقضي بإجماع الدول النهرية على تنفيذ المشروع‪.‬‬

‫في إفريقيا‪ ،‬تشكل هذه المبادئ التوجيهية أساس مجموعة من االتفاقات الثنائية والمتعددة األطراف بشأن‬
‫مجاري المياه المشتركة والعديد من المنظمات الدولية واإلقليمية التي تتبنى نهج الدبلوماسية المائية في‬
‫إطار أوسع‪ .‬وتساهم هذه المؤسسات بشكل كبير في منع النزاعات المتعلقة بالمياه وإدارتها وحلها‪ .‬يجب‬
‫أن يكون التعاون بداًل من الصراع السمة الرئيسية للسياسة المائية الدولية في إفريقيا‪ ،‬والتي ستعزز‬
‫الدبلوماسية المائية‪ .‬ويمكن اإلشارة إلى نهجين من دبلوماسية المياه الماهرة‪ ،‬هما‪:‬‬
‫‪ -1‬دبلوماسية المياه في دول أحواض األنهار ‪ :‬وهي تركز على موارد المياه العذبة العابرة للحدود‪ ،‬مثل‬
‫البحيرات واألنهار وأحواض المياه الجوفية‪ .‬وهنا يمكن التمييز بين عدة مستويات‪ .‬أولها من حيث النطاق‬
‫الجغرافي‪ ،‬حيث يمكن أن يكون التفاوض ثنائًيا‪ ،‬أو على مستوى دول الحوض‪ ،‬مثل مبادرة حوض النيل‬
‫وبحيرة تشاد‪ .‬وثانًيا على المستوى اإلقليمي مثل التوجيهات المائية للجماعة االقتصادية لدول غرب‬
‫إفريقيا‪ .‬وثالًث ا على المستوى العالمي‪ ،‬مثل اتفاقية األمم المتحدة لقانون المجاري المائية‪.‬‬
‫إن إحدى السمات البارزة لدبلوماسية المياه هي إشراك مختلف الفاعلين التقنيين من المهندسين وعلماء‬
‫الهيدرولوجيا واالقتصاديين في عملية التفاوض بغرض الحصول على إطار علمي لمصادر المياه‬
‫المتنازع عليها‪ .‬يمكن أن يعمل هذا كنقطة بداية للتفاوض‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬يأتي دور السياسيين والدبلوماسيين‬
‫وخبراء القانون للتوصل إلى توافق حول الموضوعات الجوهرية‪.‬‬
‫‪ -2‬دبلوماسية المياه من منظور الطرف الثالث‪ :‬حيث يتم التركيز على مساعدة أو إقناع الدول المشاطئة‪،‬‬
‫كجزء من المصلحة الوطنية للبلدان‪ ،‬مثل مصر والسودان وإثيوبيا‪ ،‬أو المنظمات الدولية مثل االتحاد‬
‫اإلفريقي‪ ،‬أو السياسة اإلنمائية الخارجية للدول المانحة‪ ،‬لحماية وإدارة الموارد المائية‪ .‬وتختلف األدوار‬
‫التي تقوم بها الدول والمنظمات الدولية في الدبلوماسية باختالف النطاق الجغرافي‪ ،‬وطبيعة النزاع‬
‫المائي‪ ،‬ودرجة االنخراط في العملية التفاوضية‪.‬‬
‫ال يزال الحوار الدبلوماسي والمفاوضات الشاملة بين الدول المشاركة في موارد المياه هو السبيل الوحيد‬
‫للمضّي قدًما لبناء الثقة والتعاون من أجل مستقبل مستدام لمواردها الطبيعية‪ .‬في نهاية المطاف تستطيع‬
‫دبلوماسية المياه الماهرة‪ ،‬مع نزع الطابع األمني والتخلص من الخطاب الشعبوي‪ ،‬أن تحول المياه من‬
‫‪28‬‬
‫مصدر للصراع إلى قوة دافعة للتعاون والتنمية لكل الشعوب‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫ على الموقع‬2020 ،‫ مارس‬26 ‫ اتجاهات نزع األمننة عن قضايا المياه في إفريقيا‬:"‫مقال بعنوان دبلوماسية "الذهب األزرق‬
https://futureuae.com/ar/Mainpage/Item/5424/%D8%AF
%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%87%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D8%B1%D9%82-
%D8%A7%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D9%87%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D8%B2%D8%B9-
%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86%D9%86%D8%A9-%D8%B9%D9%86-
%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%87-
%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7

You might also like