Noor-Bookcom المرأة في حديث رسول الله صلى الله ع - 240331 - 234750

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 50

‫المرأة‬

‫في حديث‬
‫رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‬

‫د ‪.‬عثمان قدري مكانسي‬


‫المقدمة‬
‫الدكتور عثمان قدري مكانسي‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫المرأة في مجتمعنا السلمي نصفهه الجميل الحبيب ‪ ،‬وشطره الظريف اللطيف ‪ ،‬فهي الم‬
‫والجد ة ‪ ،‬والحفيدة ‪ ،‬والبنة ‪ ،‬والعمة ‪ ،‬والخالة ‪ .‬تحيط بنا ه معشر الرجال ه فنرى‬
‫ّ‬ ‫والخت ‪ ،‬والزوجة ‪،‬‬
‫ل نس والسعادة ‪ ،‬فال خلقها آية ‪ ،‬فجعل فيها السكن ‪ ،‬وفيها الرحمة والمودة ‪ . .‬ولن تكون الحياة‬ ‫فيها ا ُ‬
‫خير متاع الدنيا كما وصفها الحبيب المصطفى ه صلى ال عليه وسلم ه ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫طيبة إل بالمرأة الصالحة ِ‬
‫واففي أحاديث رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬سواء رواي ُتها لحديثه ه‬ ‫ٍ‬ ‫لقد كان للمرأة نصيبه‬
‫والحديثعنها أما و َر ِحما ‪ ،‬وقد حفلت أحاديثه ه صلى ال عليه وسلم ه بالحديث‬
‫ُ‬ ‫صلى ال عليه وسلم ه‬
‫عن المرأة وسمو مكانتها في هذا الدين العظيم ‪.‬‬
‫ولعلّي في هذا البحث أتناول بعضا من ذلك راجيا المولى الرشاد والسداد والتوفيق والهداية ‪.‬‬

‫أن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه قال ‪ )) :‬الدنيا متاع ‪ ،‬وخير متاعها‬
‫)‪ (1‬عن عبدال بن عمرو بن العاص رضي ال عنهما ّ‬
‫المرأة الصالحة (( رواه مسلم برقم ) ‪. ( 1467‬‬
‫المرأة مربية وداعية‬
‫الدكتور عثمان قدري مكانسي‬

‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ‪: -‬‬ ‫ّ‬ ‫لكل إنسان في هذه الحياة دو ٌر مهم ل يقوم به غيره ‪ ،‬يقول‬
‫)) كلكم راع ‪ ،‬وكلكم مسؤول عن رعيته ‪ ،‬والمير راع ‪ ،‬والرجل راع على أهل بيته ‪ ،‬والمرأة راعية‬
‫على بيت زوجها وولده ‪ ،‬فكلكم راع ‪ ،‬وكلكم مسؤول عن رعيته (( )‪. (1‬‬
‫وعليهن ما على الرجال في مجمل الحوال‬ ‫ّ‬ ‫لهن ما للرجال‬ ‫والنساء في السلم شقائق الرجال ‪ّ ،‬‬
‫وحد ُه ّن ‪ ،‬ورسخ القرآن المساوة بين الطرفين في قوله‬ ‫َ‬ ‫إل أمورا منوطة بالرجال وحدهم أو بالنساء‬
‫ين‬‫قانإت إ َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ات َ‬
‫من َ إ‬ ‫ؤ إ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ين َ‬ ‫من إ َ‬ ‫ؤ إ‬ ‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬ ‫ات َ‬ ‫م إ‬ ‫سل إ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و ال ْ ُ‬ ‫ين َ‬ ‫م َ‬ ‫سل إ إ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫تعالى ‪ ) :‬إ إ ّ‬
‫ات‬ ‫الصَََاب إ َر إ‬ ‫ّ‬ ‫و‬
‫ين َ‬ ‫ر َ‬ ‫الصَََاب إ إ‬ ‫ّ‬ ‫و‬
‫ات َ‬ ‫ق إ‬ ‫والصَََا إد َ‬ ‫ين َ‬ ‫ق َ‬ ‫الصَََا إد إ‬ ‫ّ‬ ‫و‬
‫َََات َ‬‫إ‬ ‫قانإت َ‬‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ين‬ ‫م‬
‫ّ إ إ َ‬ ‫ئ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫والصَ‬ ‫ات‬
‫إ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫صَ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫و‬
‫إ َ إ َ ُ َ َ ّ إ َ َ ُ َ َ ّ‬ ‫ين‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ات‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫َاش‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫ال‬ ‫و‬
‫إ إ َ َ‬‫ين‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫َاش‬ ‫خ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫ه كَث إََيرا ً‬ ‫ّ‬
‫ين الل َ‬ ‫ر َ‬ ‫والذاك إ إ‬ ‫َ‬ ‫ات َ‬ ‫فظ إ‬ ‫َ‬ ‫حا إ‬ ‫ْ‬
‫وال َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ج ُ‬‫ين ف ُرو َ‬ ‫ُ‬ ‫فظإ َ‬ ‫حا إ‬ ‫ْ‬
‫وال َ‬ ‫ات َ‬ ‫م إ‬ ‫صائ إ َ‬ ‫وال ّ‬
‫‪ ،‬ونرى المساواة بين‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫)‪(2‬‬
‫عظإيما (‬ ‫جرا َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ْف َرةً َ‬ ‫مغ إ‬ ‫هم ّ‬ ‫ه ل ُ‬ ‫عدّ الل ُ‬ ‫ت أ َ‬ ‫والذَاك إ َر إ‬ ‫َ‬
‫الرجال والنساء في آيات عديدة أخرى وأحاديث شريفة ‪.‬‬
‫المحرفة والديانات المصطنعةه‬ ‫ّ‬ ‫فالمرأة في السلم معززة مكرمة ولن تجد مثل هذا في الشرائع‬
‫‪ ،‬فشريعة ال تعالى ل يرقى إلى مثلها أهواء البشر ول شرائعهم الرضية ‪.‬‬
‫ولها فضل في الرواية عن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه والخذ عنه مما جعل الصحابة‬
‫منهن الدين والحكام ‪ ،‬فهذه أم المؤمنين عائشة رضي ال عنها روت عن‬ ‫ّ‬ ‫والتابعين يروون عن كثير‬
‫زوجها الحبيب ألفين ومئتين وعشرة أحاديث ‪ ،‬وأم سلمة رضي ال عنها تروي عن زوجها سيد الخلق‬
‫ثلثة مئة وسبعة وثمانين حديثا ‪ ،‬وكانت ذا رأي صائب ‪ ،‬وهي التي أشارت على رسول ال ه صلى ال‬
‫عليه وسلم ه يوم الحديبية أن يحلق وينحر في ّتبعه الناس ‪.‬‬
‫ولقد كان المرأة حريصة على التز ّود بالعلم والعمل به ‪ ،‬فهذه أسماء بنت يزيد بن السكن رضي ال‬
‫عنها أتت النبي ه صلى ال عليه وسلم ه وهو في أصحابه فقالت ‪:‬‬
‫عز وجل ّ بعثك إلى الرجال والنساء‬ ‫إن ال ّ‬ ‫بأبي أنت وأمي يا رسول ال ‪ ،‬أنا وافدة النساء إليك ‪ّ ،‬‬
‫كافة ‪ ،‬فآم ّنا بك وبإلهك ‪ ،‬وإ ّنا – معشر النساء – محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ‪ ،‬ومقضى‬ ‫ً‬
‫الج َم ِع والجماعات ‪ ،‬وعيادة‬ ‫وحاملتأولدكم ‪ ،‬وإنكم ه معشر الرجال ه ُف ّضلْتم عليناه في ُ‬ ‫ُ‬ ‫شهواتكم ‪،‬‬
‫وجل ‪ ،‬وإن الرجل منكم‬ ‫عز ّ‬ ‫وأفضل من ذلك ‪ ،‬الجها ُد في سبيل ال ّ‬ ‫َ‬ ‫المرضى ‪ ،‬وشهود الجنائز ‪ ،‬والحج ‪،‬‬
‫حاجا أو مجاهدا حفظنا لكم أموالكم ‪ ،‬وغزلنا أثوابكم ‪ ،‬وربينا لكم أولدكم ‪ ،‬أفل نشارككم‬ ‫إذا خرج ّ‬
‫في هذا الجر ؟‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه إلى أصحابه بوجهه كله ‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫فالتفت‬
‫هل سمعتم بمقالة امرأة قط أحسن من مسائلها في أمر دينها من هذه ؟ فقالوا ‪ :‬يا رسول ال ؛ ما‬
‫النبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ه إليها فقال ‪ )) :‬افهمي أيتها‬ ‫ّ‬ ‫أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا ‪ .‬فالتفت‬ ‫ظننا ّ‬
‫واتباعهاه‬
‫َ‬ ‫أن حسن تب ّع ِل المرأة لزوجها ‪ ،‬وطلبها مرضاته ‪،‬‬ ‫المرأة وأعلميه َم ْن خلفك من النساء ّ‬
‫النبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ه واحدا‬ ‫ّ‬ ‫موافقتـه يعدل ذلك كله (( ‪ .‬فانصرفت وهي تهلل وروت عن‬
‫)‪(3‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5200 ، 2554 ، 2409 ، 893‬ومسلم برقم ) ‪ ( 1829‬وغيرهما ‪.‬‬
‫)‪ (2‬الحزاب ‪. 35 :‬‬
‫)‪ (3‬نساء فاضلت ص ‪ 62‬لعبد البديع صقر‬
‫وثمانين حديثا ‪ ،‬وروى عنها ِجّلة من التابعين ‪ ،‬وشهدت أسماء بنت يزيد هذه معركة اليرموك وقتلت‬
‫تسعة من الروم بعمود خبائها ‪ ،‬رضي ال عنها ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يومئذ‬
‫أبناءهن‬
‫والصحابيات اللواتي طلبن الحديث الشريف وروينه كثيرات اهتممن كذلك بتعليمهه َ‬
‫ليكن على‬
‫أموره ّن ّ‬‫ُ‬ ‫وأبناء المسلمين ‪ .‬وكانت الصحابياته يسألن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ه‬
‫تصرفاتهن ‪ ،‬فقد روى ابن عباس رضي ال عنه ما في قصة بريرة وزوجها قال ‪ :‬قال لها‬ ‫ّ‬ ‫صواب في‬
‫النبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ )) : -‬لو راجع ِته ؟ (( قالت ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬تأمرني ؟ قال ‪ )) :‬إنما‬ ‫ّ‬
‫تدخ َل رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه للشفعة‬ ‫أشفع (( قالت ‪:‬ل حاجة لي فيه )‪ . (1‬فحين علمت أن ّ‬
‫وليس أمرا منه ه صلى ال عليه وسلم ه بالعودة إلى زوجها أنِ َفت الرجوع إليه ‪.‬‬
‫للنبي ه صلى ال عليه وسلم ه ه وهي‬ ‫وهذه أسماء رضي ال عنها بنت الصديقه رضي ال عنه تقول ّ‬
‫أفأصل‬
‫ُ‬ ‫عليأمي وهي راغبة ‪،‬‬ ‫التصرف السليم ه حين قدمت أمها عليها ‪ ،‬وهي كافرة ! قدمت ّ‬ ‫ّ‬ ‫تنشد‬
‫أمي ؟ قال ‪ )) :‬نعم صلي أمك (( ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫حاجين مع رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه‬ ‫مكة ّ‬ ‫وينطلق المسلمون من أطراف الجزيرة قاصدين ّ‬
‫بالروحاء (( وهو مكان قرب المدينة المنورة ‪،‬‬ ‫ويلتقي ركب منهم رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه )) ّ‬
‫آمنوا برسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه دون أن يروه ‪ ،‬فيقول النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪َ )) :‬من‬
‫أنت؟ قال ‪ )) :‬رسول ال (( ‪ ،‬فرفعت إليه امرأ ٌة صب ّيا‬ ‫القوم (( ؟ قالوا ‪ :‬المسلمون ‪ ،‬فقالوا ‪َ :‬م ْن َ‬
‫فقالت ‪ :‬ألهذا حج ؟ قال ))نعم ولك أجر(( فكان سؤالها وجوابه ه صلى ال عليه وسلم ه دافعا‬
‫)‪(3‬‬

‫ثوابت‬
‫َ‬ ‫للمسلمين أن يع ّو دوا أبناءهم منذ الصغر مناسك السلم وشعائره حتى يتمثلوها في حياتهم‬
‫يعملون بها ‪ ،‬ل يحيدون عنها ‪.‬‬
‫قيسرجلن هما أبو الجهم ‪ ،‬ومعاويةُ ‪ ،‬فتحتار أ ّيهما تختار ؟ ولتقف على‬ ‫بنت ٍ‬ ‫َ‬
‫فاطمة َ‬ ‫ويخطب‬
‫ه‬ ‫خبريهما تنطلقه إلى الرسول الكريم ه صلى ال عليه وسلم ه تستفتيه فيهما ‪ ،‬وتعرف أمرهما ‪ ،‬فهو‬
‫رسول ال ‪ ،‬ولن يخذلها ‪ . . .‬قالت ‪ :‬إن أبا الجهم ومعاوية خطبانيه ؟ ول تقول‬ ‫ُ‬ ‫صلى ال عليه وسلم ه‬
‫النبيه ‪ ،‬المعلّم ‪ ،‬الناصح ‪ ،‬ماتريد ‪ .‬فيقول ‪ )) :‬أما معاويةُ‬ ‫ُه‬ ‫الريب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أكثر من هذه الجملة ‪ ،‬ويعرف‬
‫ضراب للنساء(( ‪. . .‬‬ ‫الجهم فل يضع العصا عن عاتقه (( )) ّ‬
‫)‪(5‬‬
‫فصعلوك ل مال له ‪ ،‬وأما أبو ْ‬
‫)‪(4‬‬

‫هاتان إذا أبرز صفتين في الرجلين ‪ ،‬إن شاءت اختارت أحدهما وإن شاءت رغبت عنهما ‪ ،‬ثم‬
‫ينصحها أن تتزوج أسامة بن زيد رضي ال عنهما ‪.‬‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه دخل عليها فزعا يقول‪:‬‬ ‫أن ّ‬ ‫وتروي أم المؤمنين زينب رضي ال عنها ّ‬
‫مثل هذه ((‬ ‫ُ‬ ‫شر قد اقترب ‪ ،‬فتح اليوم ردم يأجوج ومأجوج‬ ‫))ل إله إل ال ‪ . . .‬ويل للعرب من ّ‬
‫وحّلق بإصبعيه البهام والتي تليها ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا رسول ال أنهلك وفينا الصالحون ؟! قال ‪ )) :‬نعم إذا‬
‫الخ َب ُث(( )‪. (6‬‬‫كثر َ‬
‫فينبغيه أن يكون الصالحون مصلحين ‪ ،‬أما إذا كان موقفهم سلبا ‪ ،‬ونشط المفسدون يهدمون‬
‫انزووا ‪ ،‬ولم َي ْدعوا إلى ال تعالى وتركوا المجال‬‫َ‬ ‫فأول ما ُيبدأ بهؤلء الذين‬
‫وحقعليها العذاب ّ‬ ‫ّ‬ ‫المة‪،‬‬
‫ّ‬
‫ونسوا قوله ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬كلكم راع‬ ‫للمفسدين ينخرون في المجتمع وينشرون فيه الفساد ‪ُ ،‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5283‬وابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 2075‬والدراميهبرقم ) ‪. ( 2292‬‬


‫)‪ (2‬أخرجه البخاري برقم ) ‪ ، ( 3183 ، 2620‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1003‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 26399‬وأبو داود برقم )‬
‫‪ ( 1668‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 1336‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 1901‬وأبو داود برقم ) ‪ ( 1736‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (4‬الصعلوك ‪ :‬الفقير ‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 1480‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 26782‬وأبو داود برقم ) ‪ ( 2284‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 7135 ، 7059 ، 3598 ، 3346‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2880‬وأحمد برقم ) ‪( 26867‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫ُود َها‬‫ين َآ َمنُوا قُوا َأ ْن ُف َسك ُْم َو َأ ْه ِليك ُْم نَا ًرا َوق ُ‬ ‫وكلكم مسؤول عن رعيته (( وقوله تعالى ‪َ ) :‬يا َأ ّي َها الّ ِذ َ‬
‫الخ َب ُث‪.‬‬ ‫ّاس َوال ِْح َجا َر ُة ( )‪ . . . (7‬نعم ‪ . .‬نهلك وفينا الصالحون إذا كثر فيناه َ‬ ‫الن ُ‬
‫قل ‪:‬‬ ‫محجبة بل ْ‬ ‫وكثيرا بل اكثر من الكثير أن ترى المرأة ل تفهم للحجاب معنى ‪ ،‬وإن كانت ّ‬
‫تخمر رأسها وتلبس قميصا وبنطا ًل ‪ ،‬وكأن إخفاء الشعر هو الحجاب !! أما الكحل ‪ ،‬وطلي الوجه‬ ‫ّ‬
‫باللوان والصباغ وتحمي ُر الشفاه فل علقةه له بالحجاب !! أما القميص والسراويل فهي ض ّيقة جدا‬
‫المتفجعة ما‬ ‫ّ‬ ‫ل تظهر من جسد المراة سوى هضابها ووهادها ومرتفعاتها ومنخفضاتها ‪ ،‬وترسم للعين‬
‫َخ ِفي رسما واضحا ! فأي حجاب هذا وأي ستر هذا الستر ؟‬
‫وغالب النساء ومعهم كثير من الرجال ل يرون مانعا أن تنظر المرأة إلى الرجل في الحوال العادية‬
‫أن ال تعالى‬ ‫دون حرج ‪،‬لنه الطالب وهي المطلوبة ‪ ،‬وكأن الرجل وحده مأمور بغض البصر! ونسوا ّ‬
‫ار ِه ّن‬ ‫ات َي ْغ ُض ْض َن ِم ْن َأ ْب َص ِ‬ ‫يأمر الجنسين أن يغضوا من أبصارهم قال تعالى ‪َ ) :‬وق ُْل لِ ْل ُم ْؤ ِم َن ِ‬
‫وج ُه ّن ‪ (1) ( . . .‬إن الرسول ه صلى ال عليه وسلم هه كان مع زوجتيه أم سلمة وميمونة‬ ‫َو َي ْح َف ْظ َن ُف ُر َ‬
‫النبي ه صلى ال عليه‬ ‫ّ‬ ‫رضي ال تعالى عنهما فأقبله ابن أم مكتوم بعد أن أمرت النساء بالحجاب ‪ ،‬فقال‬
‫النبي ه‬
‫ّ‬ ‫وسلم ه ‪ )) :‬احتجبا منه (( فقالتا ‪ :‬يا رسول ال أليس هو أعمى ل يبصرنا ‪ ،‬ول يعرفنا ؟ فقال‬
‫صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬أفعمياوانهأنتما ‪ ،‬ألستما تبصرانهه !؟ (( )‪. (2‬‬
‫غضالبصر إضافة إلى الستر وإخفاء محاسن المرأة ‪ .‬وهذا أدعى إلى الحشمة‬ ‫ّ‬ ‫فالحجاب إذا‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم هه‬ ‫رأيت ّ‬ ‫ُ‬ ‫والعفاف ‪ ،‬وهذا ل يناقض ما روته السيدة عائشة رضي ال عنها ‪)) :‬‬
‫يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد ‪ . (( . .‬فقد كانت صغيرة تحب اللعب‬
‫)‪(3‬‬

‫والنظر إليه ‪ ،‬كما أنه يجوز للمراة أن تخرج للسوق والمسجد متن ّقبة لئل يراها الرجال ‪.‬‬
‫أن عورة المرأة إلى المرأة كعورة الرجل إلى الرجل ‪ ،‬فل ينبغيه‬ ‫كما أن كثيرا من النساء يجهلن ّ‬
‫أن تنظر المرأة إلى جسد امرأة أخرى فترى منها إل ما تحت ركبتها وفوق سرتها ‪ . . .‬ولن درهم‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم هه عناية الرجل والمرأة إلى ذلك فقال ‪)) :‬‬ ‫ّ‬ ‫وجه‬
‫وقاية خير من قنطار علج ّ‬
‫ل ينظر الرجل إلى عورة الرجل ‪ ،‬ول المرأة إلى عورة المرأة ‪ ،‬ول يفضي الرجل إلى الرجل في‬
‫ثوب واحد ‪ ،‬ول تفضي المرأة إلى المراة في الثوب الواحد (( )‪ (5)(4‬فالمرأة المسلمة المر ّبية تعي‬
‫خطورة النزلق ‪ ،‬وتبتعد عن خطوات الشيطان ‪.‬‬
‫والمرأة المسلمة ترى حياتها في السلم وسعادتها في العمل بما يرضي ربها ‪ ،‬وتدعو إلى ال على‬
‫بصيرة ‪ ،‬وتجد راحتها في بناء بيت إسلمي دعائمه التقوى وأساساته الخلص ‪ ،‬هذه أم ُسليم بنت‬
‫ملحان بن خالد مجاهدة جليلة ذات عقل ورأي ‪ ،‬أسلمت مع السابقين إلى السلم ‪ ،‬وبايعت الرسول‬
‫ت‬ ‫ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬فغضب زوجها مالك بن النضر غضبا شديدا من إسلمها ‪ ،‬وقال لها ‪ :‬أص َب ْو ِ‬
‫صبوتولك ّني آمنت بهذا الرجل ‪ . .‬ثم جعلت تل ّقن ابنها أنسا وتشير اليه بقولها ‪ :‬قل ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫؟ قالت ‪ :‬ما‬
‫علي ابني‪ ،‬فتقول ‪:‬ل‬ ‫أن محمدا رسول ال ‪ ،‬فكان مالك يقول لها ‪:‬ل تفسدي ّ‬ ‫ل إله إل ال ‪ ،‬قل أشهد ّ‬
‫أفسده ‪.‬‬
‫الثدي‬
‫َ‬ ‫ثم خرج زوجها إلى الشام فلقيه عدو فقتله ‪ ،‬فلما بلغها قتله قالت ‪:‬ل أفطم أنسا حتى يدع‬
‫وكان ابنها أنَ ٌسغلما حدثا ‪ . .‬هذه المرأة يخطبها أبو طلحة وهو مشرك ‪ ،‬فتقول له ‪ :‬يا أبا طلحة ‪،‬‬

‫)‪ (7‬التحريم ‪. 6 :‬‬


‫)‪ (1‬النور ‪. 31 :‬‬
‫)‪ (2‬رواه أحمد برقم ) ‪ ، ( 25997‬وأبو داود برقم ) ‪ ، ( 4112‬والترمذي برقم ) ‪ ، ( 2778‬وقال ‪ :‬هذا حديث حسن‬
‫صحيح ‪ ،‬وانظر المشكاةه برقم ) ‪. ( 3116‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5236 ، 455‬ومسلم برقم ) ‪ ، (892‬وأحمد برقم ) ‪ ( 24805‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (4‬أي خشية الوقوعهفي فاحشة اللواط للرجل مع الرجل ‪ ،‬وخشية الوقوع في فاحشة السحاق للمرأة مع المرأة ‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 338‬وأحمد برقم ) ‪. ( 11207‬‬
‫ما أعيب فيك شيئا فنعم الرجل أنت ‪ ،‬ولك ّنك مشرك تعبد الصنام فيعود إليها عارضا عليها مهرا‬
‫أن إلهك الذي تعبده حجر ل يضرك ول ينفعك أو خشبة تأتي‬ ‫مغريا فتقول ‪ :‬يا أبا طلحة ألست تعلم ّ‬
‫يضرك ؟! هل ينفعك ؟! أفل تستحي من عبادتك هذه ؟ فإن أسلمت‬ ‫ّ‬ ‫بها النجار فينجرها لك ‪ ،‬هل‬
‫فإني ل أريد منك صداقا غير إسلمك ! ‪. . .‬ل تريد أن يكون زوجها من ذوي الموال والطيان‬
‫فكل ذلك زائل ‪ ،‬إنها تريده من أصحاب اليمان والتقوى وأهل الهدى والرشاد ‪ . .‬ويقع السلم في‬
‫قلبه فينطقهبالشهادتين ‪ ،‬فتتزوجه ويكون إسل ُمه صداقـها )‪. (6‬‬
‫امرأة داعية مربية كهذه حريصة كل الحرص على مرضاة زوجها ‪ ،‬روى ابنها أنس قال ‪ :‬كان‬
‫الصبي ‪ ،‬فلما رجع‬
‫ّ‬ ‫لبي طلحة طفل يشتكي ) مريض ( فخرج أبو طلحة لبعض أعماله ‪ ،‬فقـبض‬
‫فظنأن ابنه ُشفي فاطمأنه‬ ‫ّ‬ ‫قال ‪ :‬ما فعل ابني؟ قالت أم ُسليم ه وهي أم الصبيهه هو أسكن ما كان ‪،‬‬
‫فتعشى ‪ ،‬ثم تص ّنعت له وتز ّينت أحسن ما كانت تتص ّنع وتتز ّين ‪ ،‬فوقع بها ‪ ،‬فلما‬ ‫فقربت إليه عشاء ّ‬ ‫‪ّ ،‬‬
‫أرأيتلو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫رأت أنه قد شبع ‪ ،‬وأصاب منها قالت ‪ :‬يا أبا طلحة‬
‫فطلبوا عاريتهم ‪ ،‬ألهم أن يمنعوهم ؟ قال ‪:‬ل ‪ .‬قالت ‪ :‬فاحتسب ابنك ‪ ،‬فغضب أبو طلحة ثم قال ‪:‬‬
‫الصبي‬
‫ّ‬ ‫تركتني حتى تلطخت )‪ (1‬ثم أخبرتنيه بابني ‪ ،‬كيف فعلت ذلك ؟ فلما هدأ أو كاد قالت ‪ :‬واروا‬
‫‪.‬‬
‫النبيه صلى ال عليه وسلم ه فشكا له ما فعلت أم ُسليم ‪ ،‬فقال له الرسول ه‬ ‫ّ‬ ‫فلما أصبح أبو طلحة أتى‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه داعيا ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫أعرستم الليلة؟ (( قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال‬ ‫صلى ال عليه وسلم ه ‪ّ )) :‬‬
‫)) اللهم بارك لهما (( فحملت من تلك الليلة وولدت غلما ‪.‬‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ه وبعث معه بتمرات ه ول‬ ‫ّ‬ ‫قال أبو طلحة لنس ‪ :‬احمله حتى تأتي به‬
‫تغدو على رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬فحمله الرسول ه صلى ال عليه وسلم ه‬ ‫َ‬ ‫يرضعه أحد حتى‬
‫وسماه عبدال ‪.‬‬
‫بيديه الشريفتين ومضغ التمرات ‪ ،‬ثم أخذها من فيه ‪ ،‬فجعلها في فم الصبي ‪ ،‬ثم حنّكه ّ‬
‫تسعة أولد ‪ ،‬كلهم قد قرأوا‬ ‫َ‬ ‫رأيت من أولد عبدال المولود‬ ‫ُ‬ ‫قال أحد التابعين ه ابن عيينةه ه ‪:‬‬
‫القرآن)‪. (2‬‬
‫قدر ال كائن ‪ ،‬فلم تلطُ م ‪ ،‬ولم ُت َول ِْو ْل ‪ ،‬واحتسبت ولدها ‪ ،‬وقلبها في‬
‫أن ما ّ‬‫فأم ُسليم امرأة تعرف ّ‬
‫فعوضهما ال ولدا صالحا وذر ّية‬ ‫غاية الحزن ‪ ،‬وحاولت التخفيف عن زوجها في مصابهما بولديهما ‪ّ ،‬‬
‫صالحة ‪ ،‬ولم ينكر رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه صنيعها ‪ ،‬إنما خفـف عن زوجها ودعا لهما أن تكون‬
‫ليلة مباركة ‪ ،‬وكان دعاؤه عليه الصلة والسلم بلسما ‪ ،‬وكانت أم سليم مثا ًل ُيقتدى في الصبر‬ ‫ً‬
‫التصرف ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سن‬ ‫وح‬
‫ُ‬
‫والمرأة الداعية المربية ل تكون كذلك إل إذا تسّل َحت باليمان والتقوى ‪.‬‬
‫‪1‬ه فعز َف ْتعن الحياة الدنيا وبهرجها ‪ ،‬وعلمته أن الدنيا فانية ‪ ،‬فلم تعمل لها إل بما يبلغها منازل‬
‫الخرة تلك الدار الباقية ‪ . .‬قال الشاعر ‪:‬‬
‫ومن العيهش بقوت‬ ‫قارف الدنيا بثوب‬
‫مثل بيت العنكبوت‬ ‫واتخذ بيتها خفيفهها‬

‫من كتاب نساء فاضلت ص ‪ 65‬ه ‪ 66‬بتصرف ‪.‬‬ ‫)‪(6‬‬

‫تقذرت بالجماعه ‪.‬‬


‫تلطخت ‪ّ :‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5470‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2144‬وأحمد برقم ) ‪. ( 12454‬‬ ‫)‪(2‬‬


‫قالت عائشة رضي ال عنها ‪:‬قدم رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه من سفر‪،‬وقده سترت سهوة )‪ (3‬لي‬
‫وتلون وجهه وقال ‪ )) :‬يا‬ ‫بقرام فيه تماثيله ‪ ،‬فلما رآه رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه هتكه ‪ّ ،‬‬
‫)‪(4‬‬

‫عائشة ‪ :‬أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق ال (( )‪. (5‬‬
‫فماذا نقول نحن الن وقد امتلت بيوتنا بالتماثيله والرسوم على الجدران والطنافس ‪ ،‬وأصبح‬
‫اقتناء مثل هذه المور أمرا دا ًل على الحضارة والتقدم !!؟‬
‫وجل الهداية والعفو والغفران ‪ ،‬وسألته من خيره وفضله‬ ‫ّ‬ ‫عز‬‫‪2‬ه وقامت الليل فصّلته وسألت ال ّ‬
‫وكانت خير شريك وصاحب لزوجها تامره بالمعروف وتنهاه عن المنكر ‪.‬‬
‫قال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬رحم ال رج ًل قام من الليل فصلّى وأيقظ امرأته ‪ ،‬فإن أبت نضح‬
‫في وجهها الماء ‪ .‬رحم ال امرأة قامت من الليل فص ّلته وأيقظت زوجها ‪ ،‬فإن أبى نضحت في وجهه‬
‫الماء (( )‪. (6‬‬
‫اليوم ‪ ،‬وكم نسب ُتهم إلى من يقوم الليل على القنوات الفضائية‬ ‫َ‬ ‫فكم من أمثال هؤلء يفعل ذلك‬
‫يتابعون الفلم الخليعة ‪ ،‬والتمثيلياته الهابطة ‪ ،‬والرقصاته الماجنة ‪ ،‬والغانيه الصفيقة ‪ ،‬والسهرات‬
‫غطوا في سبات عميقه ل يعرفون صلة فرض ول قيام نفل ‪...‬‬ ‫التافهة ‪ ،‬فإذا ما أذن الصبح بانبلج ّ‬
‫وكان صلى ال عليه وسلم يقول ‪ )) :‬إذا أيقظ الرجل اهله من الليل ‪ ،‬فصليا ‪ . .‬أو صلى ركعتين‬
‫جميعا كتبا من الذاكرين والذاكرات (( )‪. (1‬‬
‫وتصدقته على الفقراء والمساكين ‪ ،‬وساعدت زوجها بمالها إن كان فقيرا ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وآتـتزكاة مالها‬
‫ْ‬ ‫‪3‬ه‬
‫والمعروفمع القربين أولى ‪ . .‬هذا ما فعلته زينب زوجة عبدال بن مسعود رضي ال‬ ‫ُ‬ ‫فهو أبو أولدها ‪،‬‬
‫تصدقن يا معشر النساء ‪ ،‬ولو من‬ ‫ّ‬ ‫عنهما حين سمعت رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه يقول ‪)) :‬‬
‫وإن رسول ال ه صلى‬
‫ّ‬ ‫)‪(2‬‬
‫ُحلّيكُن (( فرجعت إلى عبده ال بن مسعود فقالت ‪ :‬إنك رجل خفيف ذات اليد‬
‫)‪(3‬‬
‫ال عليه وسلم ه قد أمرنا بالصدقة ‪ ،‬فأ ِته ‪ ،‬فاسأل ُْه إن كانت صدقتي إليك وإلى أولدك تجزئ عني‬
‫َت فإذا امرأة من النصار بباب رسول‬ ‫وإل صرفتها إلى غيركم ‪ .‬قال عبدال ‪ :‬بل ائتيه أنت ‪ ،‬فانطلق ْه‪،‬‬
‫ه صلى ال عليه وسلم ه تمل‬ ‫ال ه صلى ال عليه وسلم ه حاج ُتها كحاجة زينب ‪ ،‬وكانت مهابةُ رسول ال‬
‫ايترسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه فاخبره أن امرأتين بالباب‬ ‫ِ‬ ‫القلوب ‪ ،‬فخرج عليهماه بلل فقالتا له ‪:‬‬
‫تسألنك ‪ :‬أتجزئ الصدقةهعنهما على أزواجهما ‪ ،‬وعلى أيتام في حجورهما ؟ ول تخبره من نحن ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬

‫فدخل بلل على رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه فسأله ‪ ،‬فقال رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬من‬
‫هما ؟ (( قال بلل ‪ :‬امرأة من النصار وزينب‪ .‬فقال رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬أي‬
‫ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬لهما أجران ‪ :‬أجر‬ ‫الزيانب هي ؟ (( قال ‪ :‬امرأة عبدال ‪ ،‬فقال رسول ال‬
‫القرابة ‪ ،‬وأجر الصدقة (( )‪. (5‬‬

‫توص ُد ‪ ،‬وإنما هي عتبات يستأذن‬


‫أبواب َ‬
‫ٌ‬ ‫)‪ (3‬السهوة ‪ :‬الص ّفة تكون بين يدي البيت ‪ ،‬مقدمة البيت ‪ ،‬ولم يكن للبيوت‬
‫النسان أهل البيت قبل أن تطأ قدماه عتبة الدار‪.‬‬
‫)‪ (4‬ال ِقرام ‪ :‬ستر رقيق يوضع في عتبة الدار يمنع العين من استراق النظر ‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5954‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2107‬وأحمد برقم ) ‪ ( 23561‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (6‬أخرجه أحمد برقم ) ‪ ، ( 9344 ، 7362‬وأبو داود برقم ) ‪ ، ( 1308‬والنسائي برقم ) ‪ ، ( 1610‬وانظر ‪ :‬المشكاةه‬
‫برقم ) ‪. ( 1230‬‬
‫)‪ (1‬أخرجه أبو داور برقم ) ‪ ، ( 1309‬وابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 1335‬وانظر ‪ :‬المشكاة برقم ) ‪. ( 1238‬‬
‫)‪ (2‬قليل الماله ‪. . .‬‬
‫)‪ (3‬تجزئ عني ‪ :‬تقوم مقام الصدقة على الخرين ‪.‬‬
‫وهنأمهاتهم ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هناللواتي يربينهم‬‫)‪ّ (4‬‬
‫)‪ (5‬أخرجه البخاري برقم ) ‪ ، ( 1466‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1000‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 26508 ، 15652‬والنسائي برقم )‬
‫‪ ( 2583‬وغيرهم ‪.‬‬
‫فماذا تقول باللواتي يسرفن ‪ ،‬ويكثرن الطلب ‪ ،‬ويحملن أزواجهن ما لهم به طاقة ‪ ،‬وما ليس لهم‬
‫به طاقة ‪.‬‬
‫ماذا تقول باللواتي يشتكين من قلة أثوابهن وخزائنُهن ملى بالجديد الغالي ‪ ،‬ول يعبأن أيأتيهن‬
‫هتهن إلى ذلك‬ ‫ما يطلبن من حلل أو حرام ‪ ،‬ويكثرن التزاور مفتخرات بما يلبسن ويتحلّين ‪ ،‬فإذا نّب ّ‬
‫قلن ‪ :‬هكذا تفعل النساء ول قدرة لنا على مخالفة ما يفعلن ‪ . .‬نسأل ال العافية ‪.‬‬
‫تحم َل المشاق ‪ ،‬والصبر على الجوع والعطش ‪ ،‬فتتذكر‬ ‫وتعود نفسها ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪4‬ه وصا َمت تبتغي الجر من ال‬
‫الفقراء المحرومين ‪ ،‬والسر البائسة ‪ ،‬وتشعر بشعورهم ‪ ،‬فتعمل ما وسعها العمل على التخفيف عنهم ‪،‬‬
‫ومساعدتهم ما استطاعت إلى ذلك سبي ًل ‪.‬‬
‫فقدمت إليه طعاما ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫زار الرسول ه صلى ال عليه وسلم ه أم ُعمارة النصارية رضي ال نها ‪ّ ،‬‬
‫إن الصائم تصلي عليه الملئكة‬ ‫النبيه صلى ال عليه وسلم ه ‪ّ )) :‬‬ ‫ّ‬ ‫)) كُلي (( فقالت ‪ :‬إني صائمة ‪ ،‬فقال‬
‫إذا ُأكل عنده حتى يف ُرغوا (( ‪ ،‬وربما قال ‪ )) :‬حتى يشبعوا (( وما أجمل دعاء رسول ال ه صلى ال‬
‫)‪(6‬‬

‫عليه وسلم ه حين زار سعد بن عبادة ‪ ،‬فجاء بخبز وزيت ‪ ،‬ولم يكن لديه اللحم مرصوصا فوق الرز ‪،‬‬
‫ول أنواع الحلوى التي يشبع لرؤيتها الناظرون قبل أن يأكلوا ‪ ،‬أكل رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه‬
‫وصحبه ولم يأنفوا من خبز وزيت ‪ .‬ودعا رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه لهل البيت قائ ًل ‪ )) :‬أفطر‬
‫عندكم الصائمون ‪ ،‬وأكل طعامكم البرار ‪ ،‬وصّلت عليكم الملئكة (( )‪. (7‬‬
‫وتقربت إليهم ‪ ،‬وأكرمتهم إن استطاعته ‪ ،‬ف َمن أكرم أقاربه كان أقدر على‬ ‫ص َل ْترحمها ‪ّ ،‬‬ ‫‪5‬ه َو َو َ‬
‫إكرام الخرين ‪ ،‬ومن أحسن إلى أرحامه سّهل ال له إكرام َمن دونهم ‪ ،‬والنبع يروي ما حوله ثم‬
‫يصل إلى ما َب ُعد ‪.‬‬
‫ه‬ ‫النبي‬
‫ّ‬ ‫فعن أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي ال عنها أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن‬
‫)‪(1‬‬

‫أعتقدت‬
‫ُ‬ ‫صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬فلماه كان يو ُمها الذي يدور عليها فيه ‪ ،‬قالت ‪ :‬أش َع ْرت يا رسول ال أني‬
‫أو َف َعل ِْت ؟(( قالت ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ )) :‬أما إ ّنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم‬ ‫وليدتي؟ قال ‪َ )) :‬‬
‫لجرك (( )‪. (2‬‬
‫والحسان إليهم أعلى فض ًل‬ ‫ُ‬ ‫فعلى الرغم أن العتق من أفضل القربات كانت صلة الرحم ‪،‬‬
‫وأجزل مثوبة ‪.‬‬
‫بر أسماء ذات النطاقين بأمها المشركة ‪.‬‬ ‫مر بنا قبل صفحات ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫تد ِع ما لم يكن ‪ ،‬ولم تفخر بما ل ينبغي ‪ ،‬ولم تسئ إلى‬ ‫وص َدق ْهَتفي قولها وفي فعلها ‪ ،‬فلم ّ‬ ‫َ‬ ‫‪6‬ه‬
‫مشاعر الخرين وإن سابقتهم ورغبت أن تكون خيرا منهم ‪ ،‬إن المنافسة سمة من سمات النسان ‪،‬‬
‫ولكن يجب أن تكون في الحق وبالحق ‪ ،‬وإل كانت خداعا ومكرا ل يليق بالمسلم أن يتصف بهما ‪،‬‬
‫يب‬‫ألم يقل ال سبحانه وتعالى ‪َ ) :‬و َل َت ْق ُف َما لَ ْي َس ل ََك ِب ِه ِعل ٌْم ( و ) َما َي ْل ِف ُظ ِمن ق َْو ٍل ِإلّا ل ََد ْي ِه َر ِق ٌ‬
‫)‪(3‬‬

‫يد ( )‪. (4‬‬


‫َع ِت ٌ‬

‫رواه احمد برقم ) ‪ ، ( 26926‬والترمذي برقم ) ‪ ، ( 785‬وقال ‪ :‬هذا حديث حسن صحيح ‪.‬‬ ‫)‪(6‬‬

‫رواه أبو داود برقم ) ‪ ( 3854‬بإسناد صحيح ‪.‬‬ ‫)‪(7‬‬

‫الوليدةه ‪ :‬ا َل َمةُ ‪ ،‬ملك اليمين ‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 2592‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 999‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 26277‬وأبو داود برقم ) ‪. ( 1690‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫السراء ‪. 36 :‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫ق ‪. 18 :‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫علي إن‬
‫ض ّرة فهل ّ‬
‫)‪(5‬‬
‫إن لي َ‬‫أن امرأة قالت ‪ :‬يا رسول ال ّ‬ ‫كذلك روت أسماء رضي ال عنها ّ‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬المتش ّبع بما لم ُيعط‬
‫ّ‬ ‫ت‪ (6‬من زوجي غير الذي يعطيني ؟ فقال‬ ‫)‬
‫تشّب ْع ُ‬
‫َ‬
‫كلبس ثوبَ ْيزور (( ‪.‬‬
‫)‪(7‬‬

‫ضرتها أن زوجها يفضلها عليها ‪ ،‬ويميل إليها ‪ ،‬فيعطيها ما ل يعطي‬ ‫فهي تريد أن تظهر أمام ّ‬
‫الخرى‪ ،‬لتكيدها وتؤذي مشاعرها ‪ ،‬فبماذاه شبهها النبي ّ ه صلى ال عليه وسلم ه إن فعلت ذلك ؟ إنه ه‬
‫بزي أهل الزهد أو العلم أو الثروة ليغتر به‬ ‫ّ‬ ‫صلى ال عليه وسلم ه ص ّور هذه الفعلة الشائنة بمن يتز ّيا‬
‫الناس ‪ ،‬وهو غير ذلك ‪.‬‬
‫‪7‬ه وتو ّك َل ْتعلى ال ولجأت إليه في العسر واليسر ووصلت حبلها بحبله فكانت أه ًل للسوة الحسنة‬
‫فاستنالناس بسنّتها ‪ ،‬واقتدوا بسيرتها ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والقدوة الطيبةه‪،‬‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه قصة هاجر أم إسماعيلهعليه السلم ‪ ،‬فقد جاء إبراهيم ه‬ ‫ّ‬ ‫وقد حدثنا‬
‫صلى ال عليه وسلم ه بأم إسماعيل وبابنها إسماعيله‪ ،‬وهي ترضعه حتى وضعها عند البيتهالحرام ‪ ،‬عند‬
‫دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ‪ ،‬وليس بمكة يومئذ أحد ‪ ،‬وليس بها ماء ‪ ،‬فوضعها هناك ‪ ،‬ووضع‬
‫وسقاء فيه ماء ‪ ،‬ثم ق ّفى إبراهيم منطلقا ‪ ،‬فتبعته أم إسماعيله فقالت ‪ :‬يا‬ ‫ٌ‬ ‫عندها ِجرابا فيه تمر ‪،‬‬
‫إبراهيم ‪ ،‬أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ول شيئ ؟ فقالت ذلك مرارا ‪ ،‬وجعل‬
‫ل يلتفت إليها ‪ ،‬فقالت له ‪ :‬آل ُ أمرك بهذا ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قالت ‪ :‬إذا ل يض ّيعنا ‪ ،‬ثم رجعت ‪.‬‬
‫يدل على عظيم اليمان بال سبحانه ‪ ،‬وجميل التوكل عليه ‪ ،‬والرضا بقضائه ‪،‬‬ ‫جواب رائع ‪ ،‬رائع ‪ّ ،‬‬
‫فهو سبحانه خي ٌر حافظا ‪ ،‬وهو أرحم الراحمين ‪.‬‬

‫وقال الملك الذي حفر بجناحه زمزم ‪)) :‬ل تخافوا الضيعة فإن ههنا بيتا يبنيهه هذا الغلم وأبوه ‪،‬‬
‫وإن ال ل يض ّيع أهله (()‪ . (1‬نعم إن ال ل يض ّيع أهله ‪.‬‬
‫ّ‬
‫فإن فعلت تلك التي تندرج تحت سمة التقوى كانت امرأة صالحة مصلحة ‪ ،‬ودرجت في مرابع‬
‫اليمان ‪ ،‬وكانت َح ِر ّية أن تبنيه جي ًل عظيما وأ ّمة ثابتة الركان ورجا ًل يبنون بسواعدهم المؤمنة‬
‫وعقولهم الراجحة مجد أمتهم ‪ .‬نسأل ال ذلك ‪.‬‬

‫امراة الزوج الخرى بفتح الضاد ‪.‬‬ ‫)‪(5‬‬

‫ض ّرتها ( ‪.‬‬
‫الذي ُيظهر الشبع وليس بشبعان ) الدعاء بما ليس كائنا لتكيد َ‬ ‫)‪(6‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5219‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2130‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 26381‬وأبو داود برقم ) ‪. ( 4997‬‬ ‫)‪(7‬‬

‫أخرجه البخاري برقم ) ‪. ( 3364‬‬ ‫)‪(1‬‬


‫المرأة التق ّية‬
‫الدكتور عثمان قدري مكانسي‬

‫أحاديث رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه حافلة بذكر المرأة التق ّية التي تنأى بنفسها عن ُّ‬
‫التبذل ‪،‬‬
‫وتلتزم بأمر ال ورسوله وتنتهي عما ُيغضب ال تعالى ‪ ،‬وتحاول أن تتمثّل السمات الخ ّيرة ‪ ،‬وتقواها‬
‫ألم‬‫ونقاء ‪ ،‬وعلى الحياة صلحا وإصلحا ‪ْ . .‬‬ ‫ً‬ ‫صفاء‬
‫ً‬ ‫ينعكس على البيت رحمة وسعادة ‪ ،‬وعلى المجتمع‬
‫)‪(1‬‬
‫يقل الرسول الكريم ه صلى ال عليه وسلم ه‪ )):‬الدنيا متاع ‪ ،‬وخير متاعها المرأة الصالحة ؟((‬
‫يوصالزوج المؤمن بامرأته المؤمنةه خيرا ))ل يف َر ْك مؤمن مؤمنة ‪ ،‬إن كره منها ُخلُقا رضي‬ ‫ِ‬ ‫ألم‬
‫ْ‬
‫منها آخر (( ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫وفي حجة الوداع قال ‪ )) :‬أل واستوصوا بالنساء خيرا ‪. (3) (( . .‬‬
‫أقدم صورا من النساء التقيات في أحاديثه صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬ ‫وها أنا ّ‬
‫ففي الحديث الذي رواه عبدال بن عمر بن الخطاب رضي ال عنهما في النفر الثلثة الذين باتوا‬
‫ينجيهم فذكروا‬ ‫فتوسلوا إلى ال تعالى أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫فسدت عليهم الغار‬‫في الغار ‪ ،‬فانحدرت صخرة من الجبل ّ‬
‫إليه وفي رواية‬ ‫أحبالناس ّ‬ ‫ّ‬ ‫صالح أعمالهم ‪ ،‬يقول الثاني منهم ‪ )) :‬اللهم إنه كانت لي ابنة عم كانت‬
‫ه كنت أحّبها كأشد ما يحب الرجال النساء ‪ ،‬فأرد ُتها على نفسها ‪ ،‬فامتنعت مني حتي ألَ ّمت بها َسنةُ من‬
‫السنين ‪ ،‬فجاءتني فأعطي ُتها عشرين ومئة دينار على أن ُتخّلي بيني وبين نفسها ‪ ،‬ففعلت ‪ ،‬حتى إذا‬
‫تفضالخاتم إل‬ ‫ّ‬ ‫قدرت عليها ه وفي رواية ه فلما قعدت بين رجليها قالت ‪ :‬ا ّتق ال ‪ ،‬ول‬ ‫ُ‬
‫ابتداء فلما ضعفت لفقرها ه وكاد الفقر أن يكون‬ ‫ً‬ ‫بحقه ‪ ، (( . . .‬فقد كانت تق ّية لم تمكنه من نفسها‬
‫)‪(4‬‬

‫كفرا ه اضطرت إلى ما طلب ‪ ،‬وذ ّكرته بال وتقواه ‪ ،‬وهزت فيه المشاعر اليمانيةه وأن عليه ه إن‬
‫أرادها ه أن يتزوجها حل ًل ول يقع عليها زنا ‪ ،‬فارعوى وتاب إلى ال تعالى فكان لها الفضل الكبر‬
‫سدت باب الغار ‪.‬‬ ‫عليه ه حقيقة ه في انفراج شيء من الصخرة يوم ّ‬
‫الج َهن ّية زلّ ْتفوقعت في الزنا وهي ُمحصنةٌ ثم ذكرت ال فتابت وأنابت وجاءت إلى‬ ‫وهذه المرأة ُ‬
‫رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه تريد أن يرجمها فيط ّهرها ‪ . .‬جاءته حبلى من الزنا ‪ ،‬فقالت ‪ :‬يا‬
‫أحس ْنإليها ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ولّيها فقال ‪)) :‬‬ ‫علي ‪ ،‬فدعاه ّ‬‫حدا ‪ ،‬ف َأ ِق ْمهه ّ‬
‫أصبت ّ‬
‫ُ‬ ‫رسول ال إني‬
‫ُ‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪َ ،‬ف ُش ّد ْتعليها ثيابُها ‪ ،‬ثم أ ِم َر بها‬ ‫ّ‬ ‫فإذا وض َع ْت فأتنيه (( ‪ ،‬ففعل فأمر بها‬
‫زنت؟! قال ‪ )) :‬لقد تابت‬ ‫َف ُر ِجمت ‪ ،‬ثم صلّى عليها ‪ ،‬فقال له عمر ‪ :‬تصلّي عليها يا رسول ال وقد ْ‬
‫أفضل من أن جادت بنفسها ل‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫وج ْد َ‬
‫توبة ‪ ،‬لو قُسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ‪ ،‬وهل َ‬ ‫ً‬
‫وجل؟(( ‪.‬‬
‫)‪(5‬‬
‫عز ّ‬ ‫ّ‬
‫دفعةٌ إيمان ّية قو ّية دفعتها إلى التط ّهر ‪ ،‬واختيار الجلة على العاجلة ‪ ،‬ولو لم تكن ذات إيمان‬
‫ضعيفاليمان‬ ‫ُ‬ ‫ولعل قائ ًل يقول ‪ :‬فلماذا زنت وهل يفعل ذلك إل‬ ‫ّ‬ ‫قوي ما آثرت الموت رجما ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫فيقع في المحظور ‪ ،‬لنه ُخ ِل َق من ضعف ‪ ،‬و َي ِز ّل ‪ ،‬لنه‬ ‫ُ‬ ‫مهزو ُزه ؟! ‪ ،‬فأقول ‪ :‬قد يضعف النسان‬
‫َ‬
‫وارفة‬ ‫باسقة‬
‫ً‬ ‫شجرة‬
‫ً‬ ‫لكن ِبذرة اليمان حين تنمو في قلبه‬ ‫لحظة لنه ناقص ‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ُخلق من َع َجل ‪ ،‬ويضل‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 1467‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 6531‬والنسائي برقم ) ‪ ( 3232‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 1469‬وأحمد برقم ) ‪. ( 8163‬‬
‫)‪ (3‬رواه الترمذي برقم ) ‪ ( 1163‬وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪ ،‬ورواه ابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 1851‬وانظر ‪ :‬آداب‬
‫الزفاف ص ‪. 270‬‬
‫)‪ (4‬أخرجه البخاري برقم ) ‪ ( 2333 ، 2272 ، 2215‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2743‬وأحمد برقم ) ‪. ( 5937‬‬
‫)‪ (5‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 1696‬واحمد برقم ) ‪ ، ( 19402 ، 19360‬وأبو داود برقم ) ‪ ( 4440‬وغيرهم ‪.‬‬
‫المتين ‪ ،‬وهذا ما جعلها تسرع إلى رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه‬ ‫َ‬ ‫الصيل ‪ ،‬ويقي َنه‬ ‫َ‬ ‫معدنه‬‫الظلل ُتظهر ِ‬
‫تسأله أن يط ّهرها ‪ ،‬وجادت بروحها ابتغاء مرضاة ال ورحمته وغفرانه ‪.‬‬
‫وما أروع ما قالته السيدة هاجر رضي ال عنها زوج إبراهيم وأم إسماعيل عليهما السلم حين‬
‫تبعت زوجها ه بعد أن وضعها وابنها في وادٍ غير ذي زرع ومضى ه تكرر على مسامعه )) يا إبراهيم ‪،‬‬
‫أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ول شيئ ؟(( وجعل ل يلتفت إليها ‪ ،‬فقالت ‪:‬‬
‫له ‪ )) :‬آل أمرك بهذا ؟ (( قال ‪ )) :‬نعم (( ‪ . .‬قالت ] واليمان رفيقها ‪ ،‬والتسليم لقضاء ال غايت ُها ‪،‬‬
‫والعتماد عليه سبحانه وتعالى رائدها [ ‪ )) :‬إذا ل يضيّعنا (( )‪ (6‬نعم ‪ ،‬إنّ ال ل يضيّع عباده الصالحين‬
‫‪ .‬ألم يعوّض ال سبحانه وتعالى الرجل وزوجته في سورة الكهف بخير ممن ُق ِتل ) َ‬
‫م‬ ‫ما الْغ َُل ُ‬ ‫وأ ّ‬ ‫َ‬
‫فأ َ َردْنَا‬ ‫فرا ً ) ‪َ (80‬‬ ‫وك ُ ْ‬ ‫غيَانا ً َ‬ ‫ما ط ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬
‫ق ُ‬
‫َ‬
‫َشينَا أن ي ُ ْر إ‬ ‫فخ إ‬ ‫ن َ‬ ‫إ‬ ‫منَي ْ‬ ‫ؤ إ‬ ‫م ْ‬ ‫واه ُ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ان أب َ‬ ‫فك َ َ‬ ‫َ‬
‫حما )‪ ( (81‬؟ !! ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وأ ْ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫)‪(7‬‬
‫ب ُر ْ‬ ‫ق َر َ‬ ‫ه َزكاةً َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫خيْرا ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫ما َرب ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫دل ُ‬ ‫أن يُب ْ إ‬
‫صاحبموسى أن يبني‬ ‫َ‬ ‫ألم يحفظ ال تعالى صاحب الكنز ه الرجل الصالح ه في ولديه حين أمر‬
‫الجدار من جديد ‪ ،‬فيثبته حتى يكبر ولداه فيأخذا كنز والدهماه؟‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫نز‬ ‫ه ك ٌ‬‫َ‬ ‫حت َ ُ‬ ‫ان ت َ ْ‬ ‫وك َ‬ ‫َ‬ ‫ة َ‬ ‫دين َ إ‬
‫م إ‬ ‫في ال َ‬ ‫ن إ‬ ‫إ‬ ‫مي ْ‬ ‫ن يَتإي َ‬ ‫إ‬ ‫مي ْ‬‫ان لإغ َُل َ‬ ‫فك َ َ‬ ‫ار َ‬ ‫ُ‬ ‫جد َ‬ ‫إ‬ ‫ما ال ْ‬ ‫وأ ّ‬ ‫) َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫جا‬ ‫ْر َ‬‫ستَخ إ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬‫شد ّ ُ‬ ‫ن يَبْلغَا أ ُ‬ ‫ك أ ْ‬ ‫فأ َرادَ َرب ّ َ‬ ‫صالإحا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬‫ان أبُو ُ‬ ‫وك َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬‫لّ ُ‬
‫ك ( )‪. (8‬‬ ‫من ّرب ّ َ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫ما َر ْ‬ ‫ه َ‬ ‫نز ُ‬ ‫كَ َ‬
‫ومن بعض سمات المرأة التق ّية التي ذكرت في أحاديث رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه أنها ‪:‬‬
‫‪1‬ه تصبر على لواء الدنيا وما ابتلها به ال فيها لتدخل جنة عرضها السموات والرض ‪.‬‬
‫فقد روى عطاء بن أبي رباح قال ‪ :‬قال لي ابن عباس رضي ال عنهماه ‪ :‬أل أريك امرأة من أهل‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه فقالت ‪ :‬إني‬ ‫ّ‬ ‫فقلت بلى ‪ ،‬قال ‪ :‬هذه المرأة السوداء أتت‬ ‫ُ‬ ‫الجنة ؟‬
‫شئت‬
‫ِ‬ ‫صبرتولك الجنة ‪ ،‬وإن‬ ‫ِ‬ ‫شئت‬
‫ِ‬ ‫‪ ،‬قال ‪ )) :‬إن‬ ‫)‪(10‬‬
‫أتكش ُف‪ ،‬فادع ال َ تعالى لي‬ ‫ّ‬ ‫ُأص َرع ‪ ،‬وإني‬ ‫)‪(9‬‬

‫أتكشف ‪ ،‬فدعا‬ ‫أتكشف ‪ ،‬فادع ال أن ل ّ‬ ‫يعافيك((فقالت ‪ :‬أصب ُر ‪ . . .‬فقالت ‪ :‬إني ّ‬ ‫ِه‬ ‫دعوتال تعالى أن‬ ‫ُ‬
‫لها)‪. (11‬‬
‫أن لها الجنة ‪ . .‬وقد ربح‬ ‫رضيتهذه المرأة المؤمنة التق ّية ببل ٍء يصاحبها حيا َتها الفانية على ّ‬ ‫ْ‬
‫تتكشف فيرى الناس من عورتها ما ل‬ ‫ّ‬ ‫أن‬ ‫ه‬ ‫التقوى‬ ‫وهكذا‬ ‫ه‬
‫ت‬ ‫َِ ْ‬‫ف‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ها‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫ولك‬ ‫‪،‬‬ ‫الجنة‬ ‫أهل‬ ‫من‬ ‫فكانت‬ ‫البيع ‪،‬‬
‫ّن في إبداء‬ ‫يليق بالمرأة المسلمة المحتشمة التق ّية ‪ ،‬فماذا نقول لهؤلء الكاسيات العاريات اللواتي يتفن ّ‬
‫التعري ‪ ،‬إل من ورقة التوت ‪ ،‬إن كان هناك ورق‬ ‫ّ‬ ‫محاسنهن ويجهدن في خلع برقع الحياء ‪ ،‬وفي‬ ‫ّ‬
‫التوت ‪. .‬‬
‫جر ثوبه‬ ‫النبيه صلى ال عليه وسلم ه تسمعه يقول ‪َ )) :‬من َّ‬ ‫ّه‬ ‫‪2‬ه وهذه أم سلمة رضي ال عنها زوج‬
‫بذيولهن ؟ قال ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫فقالت أم سلمة ‪ :‬فكيف تصنع النساء‬ ‫)‪(12‬‬
‫ُخ َيلء لم ينظر ال إليه يوم القيامة ((‬
‫‪ ...‬ل‬ ‫)‪(13‬‬
‫)) يرخين شبرا (( ‪ ،‬فقالت ‪ :‬إذا تنكشف أقدا ُم ُه ّن ‪ .‬قال ‪ )) :‬فيرخينه ذراعا ول يزدن ((‬
‫لستمن أهل الخيلء ول التكّبر ‪ ،‬فل يجوز إسبال الثوب‬ ‫ِ‬ ‫أم المؤمنين !! ل د ّرك يا أم سلمة ‪،‬‬ ‫د ّرك يا ّ‬
‫ولكن نساء المسلمين َح ِيياته عفيفات ‪ ،‬طاهرات شريفات ‪ ،‬ل ينبغي أن ُترى‬ ‫ّ‬ ‫إلى الرض ‪. .‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري برقم ) ‪. ( 3364‬‬
‫)‪ (7‬الكهف ‪. 81 ، 80 :‬‬
‫)‪ (8‬الكهف ‪. 82 :‬‬
‫) ُأصرع ‪ :‬يصيبها ّ‬
‫الص َر ُع فتقع على الرض غائبة عن الوجود ‪ ،‬ويخرج من فمها الزبد ‪ ،‬وقد تتصّلب أطرافها ‪ ،‬وقد‬ ‫‪(9‬‬

‫تتحرك متقلبة على الرض ‪.‬‬


‫)‪ (10‬ادع ال لي أن يشفيني من الصرع ‪.‬‬
‫)‪ (11‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5652‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2576‬وأحمد برقم ) ‪. ( 3230‬‬
‫)‪ (12‬ل ينظر إليه نظرة رحمة ل ّنه متكبر ‪.‬‬
‫)‪ (13‬أخرجه الترمذي برقم ) ‪ ، ( 1731‬والنسائي برقم ) ‪ ، ( 5336‬وقال الترمذي ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪.‬‬
‫أقدا ُم ُه ن ‪ ،‬وثيابهن لها ذيول يجررنها على الرض وراءهن ‪ ،‬فل يرى الرجال منها شيئا ‪ . .‬ماذا‬
‫يصنعن بعد أن سمعن حديث رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ؟ !! تسألين رسول ال ه صلى ال عليه وسلم‬
‫ه عسى أن يجد ح ّل لذلك ‪ ،‬فيسمح لَك ُّن أن ترخين الذيل شبرا ‪ ،‬فترين هذا قصيرا ‪ ،‬وتخشين ظهور‬
‫عصر‬
‫ِ‬ ‫لكن النساء في عصرنا ‪،‬‬ ‫باطن القدمين ‪ ،‬فيقول لكي َأ ْرخي ذيلك ذراعا ول تزيدي ‪ّ . . .‬‬
‫وأن‬
‫ْ‬ ‫المدن ّي ة والحضارة !! يرخين الذيل إلى )) أعلى (( أقصى ما يستطعن ‪ ،‬خوفا عليه من البلل‬
‫والتفسخ‬ ‫ّ‬ ‫للتعري‬
‫مبرر ّ‬ ‫ألف ّ‬‫يغ َب ّر ‪ ،‬لو استطعن لخلعنه ‪ ،‬أسوة بالكوافر العواهر ‪ ،‬وتتعجبين !! ‪ . .‬ف َي ِج ْد َن َ‬
‫ول حول ول قوة إل بال ‪ ،‬ورجال ُه ّن ليس فيهم من الرجولة إل السم ‪ ،‬يمشون إلى جانبهن ‪ ،‬يحملون‬
‫قرون الستشعار ‪ ،‬ول يبالون ‪ .‬فقد ذهب الحياء ‪.‬‬
‫بقي اللهحا ُء‬
‫ويبقى العو ُد ما َ‬ ‫يعيش المرء ما استحيا بخير‬
‫ول الدنيا ‪ ،‬إذا ذهب الحيا ُء‬ ‫فل وال مها في العيش خيهر‬
‫‪3‬ه وتلتزم المرأة بخلق السلم ‪ ،‬والمجالس بالمانات ‪ ،‬وأعراض النساء أعراض الرجال ‪.‬‬
‫المرأة‬
‫ُ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه أنه قال ‪)) :‬ل تباشر‬ ‫ّ‬ ‫هذا ابن مسعود رضي ال عنه يروي عن‬
‫وتحريك‬
‫ٌ‬ ‫فإن فعلت فإنه َه ْت ٌك لعراض الناس ‪،‬‬ ‫ْ‬
‫)‪(14‬‬
‫المرأة ‪ ،‬فتص َفها لزوجها ‪ ،‬كأنه ينظر إليها ((‬‫َ‬
‫فتاة له ‪ ،‬وهي لن‬ ‫وفضح لسرار البيوت إل إن كانت تريد أن تخطب ً‬ ‫ٌ‬ ‫لكوامن الشهوة عند الرجال ‪،‬‬
‫توص ُف‬ ‫َ‬ ‫ووفاء ‪ ،‬فقد‬
‫ً‬ ‫الختإن كانت مؤمنة تق ّية لنها تعلم الحياة دينا‬ ‫ُ‬ ‫فالض ّرة ُم ّرة ‪ .‬ولن تفعل‬
‫تفعل ّ‬
‫هي الخرى من حيث ل تدري ‪.‬‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه رغبة الرجال في زواجهم من النساء في أربعة أنواع فقد‬ ‫ّ‬ ‫حدد‬‫‪4‬ه وقد ّ‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه قال ‪ُ )) :‬تنكح المرأة لربع ‪ :‬لمالها ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫روى أبو هريرة رضي ال عنه ‪ ،‬عن‬
‫ولحسبها ‪ ،‬ولجمالها ‪ ،‬ولدينها ‪ ،‬فاظفر بذات الدين ‪ ،‬تربت يداك (( ‪.‬‬
‫)‪(15‬‬

‫ول أعلم رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه دعا على أحد إل في مواطن معدودة ‪ ،‬منها ما ورد في‬
‫هذا الحديث ‪ ،‬وكأنه عليه الصلة والسلم يدعو على َم ْن يختار أحد النواع الثلثة الولى دون‬
‫هباء ل قيمة له ‪ ،‬فصار كل ما‬ ‫ً‬ ‫المرأة ذات الدين أن ل يوفّقه ال في حياته ‪ ،‬فينقلب كل ما يفعله‬
‫يلمسه ترابا ‪ ،‬ولعله يدعو عليه بالفقر ه وال أعلم ه ‪.‬‬
‫فب َي ِده جن ُتها لقول رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪)) :‬‬ ‫حقزوجها عليها ِ‬ ‫فالمرأة ذات الدين تعرف ّ‬
‫‪ ،‬ولقوله صلى ال عليه وسلم ‪ )) :‬لو كنت‬ ‫)‪(16‬‬
‫أ ّيما امرأة ماتت ‪ ،‬وزوجها عنها راض دخلت الج ّنة ((‬
‫آمرا أحدا أن يسجد لحد لمرت المرأة أن تسجد لزوجها (( ‪.‬‬
‫)‪(17‬‬

‫حق زوجها عليها فهي تعرف أن مخالفتها إياه ينتج عنه إثم كبير ‪،‬‬ ‫ولن المرأة الصالحة تعرف ّ‬ ‫ّ‬
‫فلم تأته ‪ ،‬فبات‬ ‫)‪(18‬‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه‬ ‫ّ‬ ‫فقد قال‬
‫غضبان عليها لعنتها الملئكة حتى تصبح (( ‪.‬‬
‫)‪(19‬‬

‫)‪ (14‬رواه البخاري برقم )‪ ، (5240‬وأحمد برقم )‪ ، (4393 ، 4179، 3659‬وأبو داود برقم )‪ ، (2150‬والترمذي‬
‫برقم )‪ (2792‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (15‬أخرجه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5090‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1466‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 9237‬وأبو داود برقم ) ‪( 2047‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (16‬أخرجه الترمذي برقم ) ‪ ، ( 1161‬وابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 1854‬والحاكم برقم ) ‪ ، ( 7328‬وانظر‪ :‬المشكاة برقم‬
‫) ‪. ( 3256‬‬
‫)‪ (17‬أخرجه الترمذي برقم ) ‪ ، ( 1159‬وانظر ‪ :‬المشكاة برقم ) ‪. ( 3255‬‬
‫)‪ (18‬كناية عن الجماعه‪ ،‬وهو أدب من آداب السلم الرائعة ‪.‬‬
‫)‪ (19‬أخرجه البخاري برقم ) ‪ ، (3237‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1436‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 9865 ، 9379‬وأبو داود برقم )‬
‫‪ ( 2141‬وغيرهم ‪.‬‬
‫يحل لمرأة‬ ‫ل ّ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪)) :‬‬ ‫ّ‬ ‫ومن حقه عليها أن ل تؤدي النافلةه إل بإذنه لقول‬
‫أن تصوم وزوجها شاهد إل بإذنه )‪ (20‬ول تأذن في بيته إل بإذنه (( ‪.‬‬
‫)‪(21‬‬

‫تبر والد َتها الكافرة ‪ ،‬ولكن ل ّبد من استئذان‬ ‫‪5‬ه وترغب أسماء بنت الصديق رضي ال عنهما أن ّ‬
‫النبي ه‬
‫ّ‬ ‫خوفأن يكون استقبالها لمها وهي كافرة غير مقبول ‪ ،‬فيجيبها‬ ‫َ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫أفأص ُل أمي ؟ قائ ًل ‪ )) :‬نعم‬ ‫ِ‬ ‫علي أمي وهي راغبةٌ ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫قد‬‫ِ‬ ‫‪:‬‬ ‫له‬ ‫تقول‬ ‫أن‬ ‫بعد‬ ‫ه‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫ا‬
‫ل‬ ‫صلى‬
‫ويحضعليه ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أص ٌل في المجتمع السلمي ‪ ،‬يدعو إليه السلم ‪،‬‬ ‫َف ِصلةُ الرحام ْ‬
‫)‪(22‬‬
‫صلي أمك ((‬ ‫ِ‬
‫ويرفع ال صاحبه في عليين ‪ ،‬وهذا ما يصبو إليه كل مسلم تقي ‪.‬‬
‫أن الصلة صلة بين العبد وربه ‪ ،‬أفلح فيها الخاشعون ) ق َْد َأ ْفل ََح‬ ‫‪6‬ه وقد عرفت المسلمات الوائل ّ‬
‫ون ( ‪.‬‬ ‫اش ُع َ‬
‫صل ِت ِه ْم َخ ِ‬‫ين ُه ْم ِفي َ‬‫ون )‪ (1‬الّ ِذ َ‬ ‫ا ْل ُم ْؤ ِمنُ َ‬
‫)‪(23‬‬

‫أن من أفضل الزاد إلى الخرة ‪ ،‬والزاد الذي‬ ‫فكن يقمن الليالي متبتلت خاشعات ‪ ،‬وعرفن ّ‬ ‫ّ‬
‫يعين على إيصال الدعوة إلى الناس هو الصلة التي تهب صاحبها قوة وعزيمة على مقابلة الصعاب‬
‫جل وعل‬ ‫وتخط ي الشدائد ‪ ،‬وأن قيام الليل من أفضل القربات إلى ال سبحانه وتعالى حيث يقول ّ‬ ‫ّ‬
‫مخاطبا الداعية الول ه صلى ال عليه وسلم ه ‪َ ) :‬و ِم َن الّل ْي ِل َف َت َه ّج ْد ِب ِه نَا ِفل ًَة ل ََك َع َسى َأ ْن َي ْب َع َث َك َر ّب َك‬
‫ويمدح من قام الليل ‪َ ) :‬كانُوا َق ِليلًا ّم َن الّل ْي ِل َما َي ْه َج ُع َ‬
‫ون ( )‪. (25‬‬ ‫ودا (‬‫َاما َم ْح ُم ً‬ ‫َمق ً‬
‫)‪(24‬‬

‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه دخل المسجد ‪ ،‬فإذا حبل مشدود بين‬ ‫أن ّ‬ ‫وقد روى أنس رضي ال عنه ّ‬
‫إذا فترت‬ ‫)‪(26‬‬
‫حبل لزينب‬‫ٌ‬ ‫الحبل (( قالوا ‪ :‬هذا‬ ‫ُ‬ ‫ساريتين من سواري المسجد فقال ‪ )) :‬ما هذا‬
‫أحدكم نشاطَ ُه ‪ ،‬فإذا فتر فليقعد (( إذا‬
‫)‪(27‬‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ُ )):‬حلّوه ‪ ،‬ل ُي َص ّل ُ‬ ‫ّ‬ ‫تعلق َْتبه ‪ ،‬قال‬
‫النبي ه صلى ال‬ ‫أمرهن ّ‬‫ّ‬ ‫فقد كانت النساء المؤمنات يشددن على أنفسهن ابتغاء مرضاة ال تعالى ‪ ،‬وقد‬
‫قل ‪ ،‬ونحن نعلم أن نساء العصر‬ ‫عليه وسلم ه أن يكلفن أنفسهن طاقتهن ‪ ،‬فخير العبادة ما دام وإن ّ‬
‫أقل أن يركعن ركعتين في جوف الليل يغالبن فيها‬ ‫ملن أوقاتهن لي ًل ونهارا بأمور الدنيا ‪ ،‬فل ّ‬
‫قالها الرسول عليه الصلة والسلم‬ ‫)‪(28‬‬
‫الشيطان ‪ ،‬فخير المور أوسطها ‪ .‬و )) هلك المتنطعون ((‬
‫ثلثا ‪.‬‬
‫وزينب‬
‫َ‬ ‫َه‬
‫حبيبة‬ ‫كل من أم‬ ‫‪7‬ه ومن اللتزام الرائع بهدي الرسول ه صلى ال عليه وسلم ه ما فعلته ّ‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه حين مات أبو سفيان ابن‬ ‫ّ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه امتثا ًل لمر‬ ‫ّ‬ ‫زوجتي‬
‫حرب أبو أم حبيبة ‪ ،‬وعبدال أخو زينب رضي ال عنهم جميعا ‪ ،‬فماذا فعلت المرأتان العظيمتان بعد‬
‫كل منهما بعد أن دعت بالطيب ‪ ،‬و َم ّس ْتمنه ‪ :‬أما وال ِ ‪،‬‬ ‫كل منهما بثلثة أيام ؟! تقول ّ‬ ‫موت قريب ّ‬
‫وما لي بالطيب من حاجة ‪ ،‬غير أني سمعت رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه يقول من على المنبر ‪:‬‬
‫))ل َي ِح ّل لمرأة تؤمن بال واليوم الخر أن ُت ِح ّد على ميت فوق ثلث ‪ ،‬إل على زوج أربعة أشهر‬
‫وعشرا (( )‪. (29‬‬
‫هكذا يكون اللتزام ‪ ،‬وهكذا تكون التقوى ‪.‬‬
‫)‪ (20‬صيام النافلة ‪ ،‬أما صيام الفرض فل يستأذن الزوج فيه ‪.‬‬
‫)‪ (21‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5195 ، 5192‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1026‬وأحمد برقم ) ‪. ( 27405‬‬
‫)‪ (22‬أخرجه البخاري برقم ) ‪ ، ( 3183 ، 2620‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1003‬وأحمد برقم ) ‪ ( 26399‬وأبو داود برقم )‬
‫‪ ( 1668‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (23‬المؤمنون ‪. 2 ، 1 :‬‬
‫)‪ (24‬السراء ‪. 79 :‬‬
‫)‪ (25‬الذاريات ‪. 17 :‬‬
‫أم المساكينهلكرمها وجودها رضي ال عنها ‪.‬‬
‫) هي أم المؤمنين زينب بنت جحش تكنى ّ‬
‫‪(26‬‬

‫)‪ (27‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 1150‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 784‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 12504 ، 11575‬وأبو داود برقم )‬
‫‪ ( 1312‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (28‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 2670‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 3647‬وأبو داود برقم ) ‪. ( 4608‬‬
‫)‪ (29‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5334 ، 1282‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1486‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 26226 ، 26225‬وأبو‬
‫داود برقم ) ‪ ( 2299‬وغيرهم ‪.‬‬
‫كرم المرأة المسلمة‬
‫الدكتور عثمان قدري مكانسي‬
‫بالحضعلى الجود والنفاق ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إن‬
‫أحاديث رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه في كرم المرأة وفيرة ْ‬
‫وإن باليثار على النفس وسعادتها بضيافها الصدقاء والحباب ‪ ،‬فقد روت أم‬ ‫ْ‬ ‫وإن بالمدح والثناء ‪،‬‬
‫ْ‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬ما بقي‬ ‫ّ‬ ‫فقال‬ ‫)‪(1‬‬
‫شاة‬
‫ً‬ ‫ذبحوا‬ ‫هم‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫عنها‬ ‫ا‬
‫ل‬ ‫رضي‬ ‫عائشة‬ ‫المؤمنين‬
‫منها ؟ (( قالت ‪ :‬ما بقي منها إل كت ُفها ‪.‬‬
‫النبيه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬بقي كّلها غير كت ِفها (( ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫ّ‬ ‫قال‬
‫تصدقوا به بقي أجره إلى يوم القيامة ‪ ،‬وأن ما‬ ‫فهو عليه الصلة والسلم يوضح لل بيته أن ما ّ‬
‫الحضعلى الصدقةه‬ ‫ّ‬ ‫بقي في الدنيا فأكلوه لم يستفيدوا من أجره في الخرة ‪ .‬وهذه لفتة كريمة إلى‬
‫ابتغاء رضوان ال سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫بالتصدق كي‬
‫ّ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه‬
‫ّ‬ ‫وهذه السيدة أسماء أخت عائشة رضي ال عنهما ينصحها‬
‫)‪(3‬‬
‫يزيدها ال من فضله فتقول ‪ :‬قال لي رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪)) :‬ل تو ِكي فيوكى عليك ((‬
‫وفي رواية )) أنفقي أو انفحي ‪ ،‬أو انضحي ول ُتحصي )‪ (4‬ف ُيحصيه ال عليك ‪ ،‬ول توعي )‪ (5‬فيوعي ال‬
‫عليك (( )‪ (6‬فهي دعوة إذا إلى النفاق ف ُيفيدهمنه اثنان ‪:‬‬
‫ويدخر له أجره في الخرة ‪.‬‬ ‫أه المن ِفق في سبيل ال تعالى ‪ ،‬فإن ال يبارك في رزقه في الدنيا ‪ّ ،‬‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬ما من يوم يصبح العباد فيه إل ملكان ينزلن ‪ ،‬فيقول‬ ‫ّ‬ ‫يقول‬
‫اللهم أعط ممسكا تلفا (( ‪.‬‬
‫)‪(7‬‬
‫اللهم أعط منفقا خلفا ‪ ،‬ويقول الخر ‪ّ :‬‬ ‫أحدهما‪ّ :‬‬
‫ب ه المن َفق عليه ‪ .‬فل يبقى في المجتمع السلمي فقير ‪ ،‬ويشعر كل فردٍ في المجتمع السلمي غن ّيه‬
‫بعضهم بعضا ‪ ،‬ويدفع بعضهم عن بعض غائلة‬ ‫وفقيره أنهم إخوة متحابون متضامنون متكافلون ‪ُ ،‬يعين ُ‬
‫قوي يكون مثا ًل ح ّيا للنسانية جمعاء ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الجوع والحرمان ‪ ،‬ويس َعون جميعا إلى بناء صرح إسلمي‬
‫وقدوة صالحة للحياة البشرية الممتدة إلى ماشاء ال تعالى ‪.‬‬
‫رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ :‬يا رسول ال هل‬ ‫َ‬ ‫وقد سألت أم سلمة ه إحدى أمهات المسلمين )‪ (8‬ه‬
‫بني ‪ . .‬فقال ‪:‬‬ ‫لي أج ٌر في بني أبي سلمة أن أنفق عليهم ؟ ولست بتاركتهم هكذا وهكذا إنما هم ّ‬
‫)‪(9‬‬

‫)) نعم لك أجر ما أنفقت عليهم (( )‪. (10‬‬


‫الم إلى أن تؤثر أبناءها على نفسها فتعطيهم بأريحية‬ ‫فعلى الرغم أن عاطفة المومة تدفع ّ‬
‫تتصدق عليهم وتؤويهم وتحنو عليهم ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وسخاء فهم أفلذ أكبادها ‪ ،‬تنال الجر والثواب حين‬

‫ووزعوا أكثرها على الفقراء ‪.‬‬‫)‪ (1‬آل النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬فقد ذبحوا الشاة ّ‬
‫)‪ (2‬رواه أحمد برقم ) ‪ ، ( 23720‬والترمذي برقم ) ‪ ، ( 2470‬وقال ‪ :‬هذا حديث صحيح ‪ ،‬وانظر المشكاةهبرقم )‬
‫‪. ( 1919‬‬
‫تد خري ما عندك ‪ ،‬وتمنعي ما في يدك ‪ ،‬فيقطع ال عنك رزقه ‪ ،‬وهذا لفظ البخاري برقم ) ‪. ( 1433‬‬ ‫) ل ّ‬
‫‪(3‬‬

‫هوتدخريه ‪ ،‬فيمسكه ال عنك ‪.‬‬


‫) ل تتمسكي بالمال ّ‬
‫‪(4‬‬

‫عمن هو يحتاج إليه ‪ ،‬فيحيجك ال إلى مثله فل تجديه ‪.‬‬ ‫ل تمنعي ما زاد عنك ّ‬
‫)‪(5‬‬

‫)‪ (6‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 2591‬ومسلم برقم ) ‪ ( 1029‬واللفظ له ‪ ،‬وأحمد برقم ) ‪ ( 26395‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (7‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 1442‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1010‬وأحمد برقم ) ‪. ( 7993‬‬
‫)‪ (8‬زوجها أبو سلمة رضي ال عنهما من أوائل المهاجرين إلى المدينة ‪ ،‬وأصابه جرح في إحدى الغزوات فكان سببا‬
‫في موته ‪ ،‬فتزوجها‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ‪ .‬نساء فاضلت ص ‪ 42‬ه ‪ ، 43‬والعلم ج ‪ / 8‬ص ‪. 97‬‬ ‫ّ‬
‫يتفرقوا عنها في طلب الرزق يمينا وشما ًل ‪.‬‬
‫ل ترضى أن ّ‬
‫)‪(9‬‬

‫)‪ (10‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5369 ، 1467‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1001‬وأحمد برقم ) ‪. ( 26102 ، 25970‬‬
‫مر في موضوع )) المرأة المربية الداعيةه (( سؤال امرأة من النصار وزينب زوجة عبد لا‬ ‫وقد ّ‬
‫بن مسعود رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ :‬أتجزئ الصدقةُ عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في‬
‫حجورهما ؟ فقال ه صلى ال عليه وسلم ه )) لهما أجران ‪:‬‬
‫أه أجر القرابة ‪.‬‬
‫)‪(11‬‬
‫ب ه وأجر الصدقة ((‬
‫وتعال معي نقرأ قصة الرجل وزوجته اللذين أكرما ضيف رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪:‬‬
‫فقد روى أبو هريرة رضي ال عنه قال ‪:‬‬
‫فأرسل إلى بعض نسائه‬ ‫)‪(12‬‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬فقال ‪ )) :‬إني مجهود ((‬ ‫ّ‬ ‫جاء رجل إلى‬
‫فقالت ‪ :‬والذي بعثك بالحق ما عندي إل ماء ‪.‬‬
‫بالحقما‬
‫ّ‬ ‫ثم أرسل إلى الخرى ‪ ،‬فقالت مثل ذلك ‪ ،‬حتى قُلن كل ُه ّن مثل ذلك ‪:‬ل والذي بعثك‬
‫عندي إل ماء ‪.‬‬
‫اليلة (( ؟‬
‫َ‬ ‫ضيفهذا‬‫النبيه صلى ال عليه وسلم ه ‪َ )) :‬من ُي ُ‬ ‫ّ‬ ‫فقال‬
‫فانطلق به إلى رحله ‪ ،‬فقال لمرأته ‪ :‬أكرمي ضيف‬ ‫َ‬ ‫فقال رجل من النصار ‪ :‬أنا يا رسول ال ‪.‬‬
‫رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪.‬‬
‫وفي رواية قال لمرأته ‪ :‬هل عندك شيء ؟ فقالت ‪:‬ل ‪ ،‬إل قوت صبياني ‪ .‬قال ‪ :‬علّليهم بشيء‬
‫إذا أرادوا العشاء ‪َ ،‬ف َن ّوميهم ‪ ،‬وإذا دخل ضيفناه ‪ ،‬فأطفئي السراج ‪ ،‬وأريه أ ّنا نأكل ‪ .‬فقعدوا ‪ ،‬وأكل‬
‫الضيف‪ ،‬وباتا طاويين)‪. (13‬‬
‫ُ‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه فقال الرسول ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬لقد‬ ‫ّ‬ ‫فلما أصبح غدا على‬
‫عجب )‪ (14‬ال من صنيعكما بضيفكما الليلة (( ‪.‬‬
‫)‪(15‬‬

‫يأتي فقير إلى مجلس الرسول ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬س ّيد المدينةه وحاكمها ‪ ،‬موقنا أنه سيلقى‬
‫المال كلّه‬
‫ُ‬ ‫أوليس‬
‫قر حها جوعه الشديد وأضعفه ‪ ،‬فما عاد يقوى على الحركة ‪َ .‬‬ ‫طعاما يمل معدته ‪ ،‬فقد ّ‬
‫ومن بيدهم مقاليد المور ؟!! لقد وقع إذا على‬ ‫والطعام جلّه في بيوت المالكين وأصحاب القرار ‪َ ،‬‬
‫ِطلبته ‪ ،‬ووصل إلى مكان راحته ‪. .‬‬
‫الطعام‬
‫ُ‬ ‫همه‬
‫لكن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ليس ّ‬ ‫نعم ‪ ،‬لقد وصل إلى طلبته ‪ ،‬ومكان راحته ‪ّ ،‬‬
‫الشراب ‪ ،‬ولم يكن يحفل بملذات الدنيا ‪ ،‬فما كان يوقد في بيته نار ول ُيطهى طعام إل في‬ ‫ُ‬ ‫ول‬
‫جل طعامه السودان )) الماء والتمر (( كما روت السيدة عائشة رضي ال عنها‬ ‫متفرقة ‪ ،‬وكان ّ‬ ‫ّ‬ ‫أوقات‬
‫الرد ‪:‬‬‫)‪ ، (16‬فليس غريبا ه إذا ه أن يرسل إلى زوجاته يسألهن ما يمل معدة هذا الرجل الفقير فيأتيهه ّ‬
‫ل والذي بعثك بالحق ‪ ،‬ما عندي إل الماء ‪.‬‬
‫وكان ه صلى ال عليه وسلم ه حين يعود من صلة الفجر ويسأل زوجاته ما يأكله فل يجد ‪ ،‬ينوي‬
‫الصيام ‪ . . .‬فإذا لم يكن في بيوت أزواجه ما يقري به ضيفه ‪ ،‬التفت إلى أصحابه يسألهم َمن‬
‫ُيضيف ضي َف ه ؟ فيلبيه أحد أصحابه من النصار فرحا مسرورا ‪ ،‬فمن يحوز مثل هذه الغنيمةه ؟ إنه‬
‫ضيف رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪.‬‬

‫)‪ (11‬أخرجه البخاري برقم ) ‪ ، ( 1466‬ومسلم برقم ) ‪ ، (1000‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 26508 ، 15652‬والنسائي برقم )‬
‫‪ (2583‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (12‬أصابه الجهده ‪ :‬وهو المشقة والحاجة وسوء العيش والجوعه ‪.‬‬
‫)‪ (13‬جائ َعين ‪ :‬معدتهما خاويتين ‪ .‬شّبه المعدة الخاوية بشيء ُيطوى لفراغه ‪.‬‬
‫)‪ (14‬المراد بالعجب الرضا ‪ ،‬فقد رضي ال سبحانه ه وهو الكريم ه عن فعلهما الذي يدل على الكرم ‪.‬‬
‫)‪ (15‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 4889 ، 3798‬ومسلم برقم ) ‪. ( 2054‬‬
‫)‪ (16‬كما ورد في صحيح البخاري برقم ) ‪ ، ( 6459 ، 2567‬ومسلم برقم ) ‪. ( 2972‬‬
‫وينطلق الرجل بضيف رسول ال إلى بيته ‪ ،‬ويسأل زوجته ‪ :‬ما عندنا من طعام ؟ فتجيبه ‪ :‬ما‬
‫عندنا من شيء سوى قوت الطفال ‪ ،‬فأنا وأنت نصبر على الجوع ‪ ،‬أما الطفال فل يصبرون ‪ .‬فماذا‬
‫يفعلن ؟ ل ّبد من قرى الضيف ‪ ،‬ويتفتق ذهنه بخطة محبوكة ‪ ،‬و ُيعّل ُل الولد ويمن ّْون بطعام طيب‬
‫إن صبروا ‪ ،‬وتحاول الم صرفهم لحظة وراء لحظة وبطرق مختلفة عن العشاء إلى أن يأخذهم‬
‫أعد فيه‬
‫البيتالذي ّ‬ ‫ِه‬ ‫سلطان النوم فيستسلموا له ‪ . . .‬وهذا ما كان ‪ ،‬ويدخل الضيف إذ ذاك إلى‬ ‫ُ‬
‫ولن الكل قليل ل يكاد يكفي واحدا فإن الضيف سيشعر بالخجل والحراج ‪. . .‬‬ ‫ّ‬ ‫الطعام ليأكل ‪،‬‬
‫ولن يأكل إل قلي ًل إذ ل ّبد أن يؤاكله أهل البيت ‪ ،‬فماذا يفعل الزوجان كي ل يشعر أن الطعام قليل‬
‫ثم يجلس الرجل‬ ‫‪ . .‬؟! فليطفأه ِ السراج ‪ ،‬ول بأس أن يعتذر الزوجان بأي عذر لنطفائه ‪ ،‬ومن ّ‬
‫وامرأته يوهمان الضيف أنهما ياكلن ‪ ،‬فينشرح صدره ‪ ،‬ويمل معدته ‪ . . .‬وهكذا كان ‪ . . .‬لقد بات‬
‫أولدهما جائعين وباتا بعد ذلك جائ َعين مثلهم ‪ ،‬وأكل الضيف ‪ ،‬وشبع ‪ ،‬ونام قرير العين ‪.‬‬
‫ويذهب الضائف والضيف كلهما إلى صلة الفجر حيث ينظر الرسول الكريم إلى النصاري‬
‫نظرة إعجاب وتقدير ‪ . . .‬إعجاب بحسن تصرفه وزوجته ‪ ،‬وتقدير لكرمهما ‪.‬‬
‫أما الزوجة فقد ضبطت عاطفتها ولم ترفض عرض زوجها أن ينام أولدهما دون عشاء ‪ ،‬إنما‬
‫ضيفرسول‬ ‫ِ‬ ‫مهم ته لتحفظ ماء وجهه ‪ ،‬وتعينه على حسن ضيافةهالرجل الفقير‬ ‫كانت له خير عون في ّ‬
‫ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬وهكذا تكون المرأة الصالحة ‪ ،‬والزوجة الصيلة ‪ ،‬لقد قاما بعمل جليل‬
‫أرضى ال سبحانه وتعالى ‪ ،‬فأنزل ملكا يخبر نب ّيه صلوات ال عليه وسلمه برضا الملك الجليل ‪ ،‬وهو‬
‫أعظم مكانة للنسان أن يرضى ال سبحانه عنه ؟‬
‫وروى أبو هريرة رضي ال عنه قال ‪:‬‬
‫خرج رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ذات يوم أو ليلة ‪ ،‬فإذا هو بأبي بكر وعمر رضي ال عنهما ‪،‬‬
‫الجوع يا رسول ال ‪ ،‬فقال ‪ )) :‬وأنا ‪ ،‬والذي‬
‫ُ‬ ‫فقال ‪ )) :‬ما أخرجكما من بيتكما هذه الساعة ؟ (( قال ‪:‬‬
‫نفسي بيده ‪ ،‬لخرجني الذي أخرجكما ‪ُُ .‬قوما (( فقاما معه ‪ ،‬فأتى رج ًل من النصار ‪ ،‬فإذا هو ليس‬
‫في بيته ‪ ،‬فلما رأته المرأة قالت ‪ :‬مرحبا وأه ًل ‪ .‬فقال لها رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬أين‬
‫فلن ؟ (( قالت ‪ :‬ذهب يستعذب لنا الماء ‪ ،‬إذ جاء النصاري ‪ ،‬فنظر إلى رسول ال ه صلى ال عليه‬
‫بعذق فيه بُسر‬
‫ٍ‬ ‫أكرم أضيافا مني ‪ ،‬فانطلق فجاءهم‬
‫َ‬ ‫أحد اليوم‬
‫وسلم ه وصاحبيه ‪ ،‬ثم قال الحمد ل ‪ ،‬ما ٌ‬
‫وتمر ورطب )‪ ، (17‬فقال كلوا ‪ ،‬وأخذ ال ُمدية ‪ ،‬فقال له رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬إياك‬
‫والحلوب (( )‪ (18‬فذبح لهم ‪ ،‬فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق ‪ ،‬وشربوا ‪ ،‬فلما أن شبعوا َو َر ُووا قال‬
‫رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه لبي بكر وعمر رضي ال عنهما ‪ )) :‬والذي نفسي بيده لتسأل ُّن عن هذا‬
‫النعيم يوم القيامة ‪ ،‬أخرجكم من بيوتكم الجوع ‪ ،‬ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم (( )‪. (19‬‬
‫فامرأة هذا الرجل طيبة النفس ‪ ،‬كريمة ‪ ،‬تحب الضيفان ‪ ،‬لم تعتذر لرسول ال ه صلى ال عليه وسلم‬
‫مؤهلة ‪ ،‬واست ْبقتـهم إلى حين وصول زوجها ‪ ،‬وذكرت‬ ‫مرحبة ّ‬ ‫ه عن استقباله وصاحبيه ‪ ،‬بل استقبلتهم ّ‬
‫أنه لن يغيب طوي ًل فقد ذهب إلى إحدى البار العذبة ليأتي بماء عذبة ط ّيبة ‪ ،‬وقد حان وقت عودته‬
‫‪ ،‬مما يجعل الضيفان يأنسون لهذه الحفاوة فل يغادرون ‪.‬‬
‫نصفال ِقرى إن لم يكن ال ِقرى كلّه ‪ ،‬وهذا يذكرنا بالحديث الطويل الذي‬ ‫ُ‬ ‫)) إن ُح ْس َنالستقبال‬
‫رواه البخاري رحمه ال )‪ (20‬وقد جاء فيه أن إسماعيله عليه السلم تزوج من قبيلةه جرهم امرأة ‪،‬‬
‫تزوج إسماعيله يطالع تركته )‪ ، (21‬فلم يجد إسماعيل ‪،‬‬ ‫وماتت أم إسماعيله ‪ ،‬فجاء إبراهيم بعدما ّ‬
‫الرطب ‪.‬‬
‫العذق ‪ :‬الغصن ‪ ،‬وال ُبسر ‪ :‬ثمر النخيل قبل أن ينضج ‪ ،‬والرطب ‪ :‬نضيج ال ُبسر ‪ ،‬والتمر ‪ :‬يابس ّ‬ ‫)‪(17‬‬

‫الحلوبة ‪ :‬الشاة ذات اللبن ‪ ،‬فذبحها خسارة ‪ ،‬وغيرها أولى بالذبح ‪.‬‬ ‫)‪(18‬‬

‫رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 2038‬والترمذي برقم ) ‪. ( 2369‬‬ ‫)‪(19‬‬

‫برقم ) ‪. ( 3364‬‬ ‫)‪(20‬‬

‫يتفقّدهم ‪.‬‬ ‫)‪(21‬‬


‫فسأل امرأته عنه فقالت ‪ :‬خرج يبتغي لنا ه وفي رواية ه يصيد لنا ‪ ،‬ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم‬
‫اقرئي عليه السلم ‪،‬‬ ‫وشدة ‪ ،‬وشكت إليه ‪ ،‬قال ‪ :‬فإذا جاء زوجك ‪َ ،‬‬ ‫بش ّر ‪ ،‬نحن في ضيق ّ‬ ‫نحن َ‬ ‫ُ‬ ‫فقالت ‪:‬‬
‫آنسشيئا فقال ‪ :‬هل جاءكم من أحدٍ ؟ قالت ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وقولي له ‪ُ :‬يغ ّي ْر عتبة بابه ‪ ،‬فلما جاء إسماعيل كأ ّنه‬
‫شيخ كذا وكذا ‪ ،‬فس َألَنا عنك ‪ ،‬فأخبرته ‪ ،‬فسألني ‪ :‬كيف عيشنا ‪ ،‬فأخبر ُته أ ّنا في َجهد‬ ‫ٌ‬ ‫نعم ‪ ،‬جاءنا‬
‫عتبة‬
‫َ‬ ‫وشد ة ‪ .‬قال ‪ :‬فهل أوصاك بشيء ؟ قالت ‪ :‬نعم أمرني أن أقرأ عليك السلم ويقول ‪ :‬غ ّير‬ ‫ّ‬
‫بابك ‪ .‬قال ‪ :‬ذاك أبي ‪ ،‬وقد أمرني أن أفارقك ‪ ،‬الحقي بأهلك ‪ ،‬فطّلقها ‪ ،‬وتز ّوج منهم أخرى ‪ ،‬فلبث‬
‫بعد ‪ ،‬فلم يجده ‪ ،‬فدخل على امرأته ‪ ،‬فسأل عنه ‪ ،‬قالت ‪ :‬خرج‬ ‫عنهم إبراهيم ما شاء ال ‪ ،‬ثم أتاهم ُ‬
‫يبتغي لنا ‪ .‬قال ‪ :‬كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم ‪ ،‬فقالت ‪ :‬نحن بخير وسعةٍ ‪ .‬وأثنته على ال‬
‫اللهم بارك لهم‬
‫اللحم ‪ .‬قال ‪ :‬فماه شرابكم ؟ قالت ‪ :‬الما ُء ‪ .‬قال ‪ّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫تعالى ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما طعامكم ؟ قالت ‪:‬‬
‫في اللحم والماء ‪ . . .‬قال ‪ :‬فإذا جاء زوجك ‪ ،‬فاقرئي عليه السلم ‪ ،‬ومريه ُي َثّبت عتبة بابه ‪ ،‬فلما جاء‬
‫إسماعيل ‪ ،‬قال ‪ :‬هل أتاكم ِم ْن أحد ؟ قالت ‪ :‬نعم ‪ ،‬أتانا شيخ َح َس ُن الهيئة ‪ ،‬وأثنت عليه ‪ ،‬فسألني‬
‫عنك ‪ ،‬فأخبرته ‪ ،‬فسألني كيف عيشنا ‪ ،‬فأخبرته أ ّنا بخير ‪ ،‬قال ‪ :‬فأوصاك بشيء ؟ قالت نعم ‪ ،‬يقرأ‬
‫أمسكك‪. . .‬‬
‫ِ‬ ‫عليك السلم ‪ ،‬ويأمرك أن ُتثبت عتبة بابك ‪ .‬قال ‪ :‬ذاك أبي ‪ ،‬وأنت العت َبةُ ‪ ،‬أمرني أن‬
‫(( ‪.‬‬
‫فالولى ‪ :‬كانت ض ّيقة النفس ‪ ،‬قصيرة النظر ‪ ،‬ضعيفة ُحسن الظن بال سبحانه وتعالى ‪ ،‬وامرأة‬
‫كهذه تصبغ البيت بما فيها من صفات ‪ ،‬ول تحسن تربية أبنائها ‪ ،‬ول تريح زوجها ‪ ،‬وتنشر في أجواء‬
‫البيت والسرة عدم الستقرار والبعد عن الرضا ‪ ،‬وتزرع فيه القلق والبؤس ‪.‬‬
‫والثانية ‪ :‬طيبة النفس ‪ ،‬مطمئنة القلب ‪َ ،‬ح َس َنةُ الظن بال سبحانه وتعالى ‪ ،‬وامرأة كهذه تمل الحياة‬
‫والود ‪ ،‬فينشأ أولدها نشأة‬‫والحب ّ‬ ‫ّ‬ ‫الهناء والستقرار ‪،‬‬
‫َ‬ ‫سعادة وأم ًل ورضا بقدر ال ‪ ،‬وتنشر في البيت‬
‫طيبة ويح َي ْون حياة فيها أسس الخير ‪ ،‬وفضائل الشمائل ‪.‬‬
‫وهؤلء المسلمون يخرجون من صلة الجمعة فيجدون عجوزا على باب المسجد قد طبخت سلقا‬
‫في قدر لها ‪ ،‬وخلطته بشعير مطحون ‪ ،‬فتقدمه للمسلمين تبتغي من ال سبحانه الجر والمثوبة ‪ ،‬فيأخذونه‬
‫منها ‪ ،‬ويأكلونه متحلقين حولها يدعون لها بطول العمر وحسن العمل ‪ . .‬ما الذي دعاها إلى ذلك ؟‬
‫إنه الكرم المتأصل فيها ‪ ،‬والرغبة في إحراز الجر والفضل )‪. (22‬‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه فتقدم إليه طعاما فيقول لها ‪)) :‬‬ ‫ّ‬ ‫أما أم عمارة النصاري فيدخل عليها‬
‫إن الصائم تصلّي عليه الملئكةُ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه )) ّ‬ ‫ّ‬ ‫كلي (( فتقول ‪ :‬إني صائمة ‪ ،‬فيقول لها‬
‫إذا ُأ ِك َل عنده حتى يف ُرغوا (( وربما قال ‪ )) :‬حتى يشبعوا (( ‪.‬‬
‫)‪(23‬‬

‫فعلى الرغم ِم ْنأنها صائمة رأت أن ِقرى الضيف واجب ‪ ،‬فأكرمت ضيفها ‪ ،‬وأحسنت وفادته ‪،‬‬
‫فكان جزاؤها أن الملئكة تدعو لها وتستغفر لها ما دام الضيف يأكل زادها وهي تخدمه وترعاه ‪. .‬‬
‫إذن هي دعوة إلى الكرم في كل الحوال ‪ . .‬الكرم الذي يقارب بين الرواح فتصفو النفوس ‪،‬‬
‫وتتمازج القلوب ‪ ،‬و ُتستل السخائم ‪ ،‬وتزول الشحناء من الصدور ‪ ،‬و ‪. . .‬‬
‫وهذا الصاحب الجليل جابر بن عبدال يرى رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه في غزوة الخندق وبطنه‬
‫معصوب بحجر ‪ ،‬فيستأذنه أن يعود للبيت يسأل زوجته إن كان عندهاهشيء ‪ ،‬فتجيبه أن عندهاهصاعا‬
‫من شعير وأنثى ماعز ‪ ،‬فذبح الماعز وعجنت هي الشعير بعدما طحنته ‪ ،‬وبدأت تصنع الطعام ‪،‬‬
‫وانطلق زوجها إلى رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه يدعوه مع رجل أو رجلين يتخ ّيرهما ‪ ،‬فما كان من‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه إل أن نادى ‪ )) :‬يا أهل الخندق ‪ ،‬إن جابرا قد صنع سؤرا )‪ (24‬فح ّيهل‬ ‫ّ‬
‫بكم (( وجاء يقدم الناس ‪ ،‬وقال لجابر ‪ :‬انطلق ‪ ،‬ف ُم ْر زوجتك أن ل ترفع الغطاء عن اللحم ‪ ،‬ول تخبز‬
‫أخرجه البخاري برقم ) ‪. ( 5403 ، 2349 ، 938‬‬ ‫)‪(22‬‬

‫رواه أحمد برقم ) ‪ ، ( 26926‬والترمذي برقم ) ‪ ، ( 785‬وقال ‪ :‬هذا حديث حسن صحيح ‪.‬‬ ‫)‪(23‬‬

‫طعاما ُيدعى إليه الناس ‪ . .‬وليمة ‪.‬‬ ‫)‪(24‬‬


‫حتى آتي ‪ ،‬فجاء جابر إلى زوجته فأخبرها ‪ ،‬فخاصمته قائلة ‪ :‬فضحتنا ‪ ،‬ألم أقل لك ادع رسول ال‬
‫فعلت‪ ،‬فقالت ‪ :‬إذن يتكفل بهم رسول ال ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ورج ًل أو رجلين معه ؟ قال ‪ :‬بلى ‪ ،‬وقد‬
‫وكان المسلمون ألف رجل ‪ ،‬فدعا رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه على العجين واللحم بالبركة ‪،‬‬
‫وأمر المرأة أن تخبز ‪ ،‬ودخل الناس فوجا بعد فوج ‪ ،‬ورسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه يغرف لهم من‬
‫اللحم ويكسر لهم الخبز حتى شبعوا جميعا ‪.‬‬
‫قالت امرأة جابر ‪ :‬فأقسم بال لكلوا حتى تركوه وانحرفوا وإن القدر مليئة باللحم كأنه لم يأكل ‪،‬‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬كلي هذا وأهدي ‪ ،‬فإن الناس‬ ‫ّ‬ ‫وإن العجين ل ُيخب ُز كما هو ‪ ،‬فقال لها‬
‫أصابتهم مجاعة (( )‪. (25‬‬
‫فقد كانت المرأة تشعر بشعور زوجها وتجتهد أن ترضيه وتكرم ضيوفه ‪ ،‬ول يخفى مافي هذه‬
‫القصة من معجزة ظاهرة للرسول ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬ومن أسوة رائعة له عليه الصلة و‬
‫السلم ‪ ،‬فقد أطعم بيديه الشريفتين المسلمين جميعا حتى شبعوا ‪ ،‬ثم أكل ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬ون ّبه‬
‫وفكر واحد ومجتمع‬ ‫ٍ‬ ‫جسم واحدٍ‬
‫ٍ‬ ‫إلى ضرورة تف ّقد الجيران والحسان إليهم ‪ ،‬كي يشعروا بالنتماء إلى‬
‫أمة متحا ّبة قوية ‪ . . .‬والقصة نفسها تتكرر مع أبي طلحة‬ ‫وشرعه فيجعل منهم ّ‬ ‫ُ‬ ‫دين ال‬
‫ُ‬ ‫واحد ‪ ،‬يظلهم‬
‫وتخدمهم ‪.‬‬
‫)‪(26‬‬
‫وزوجه أم ُسليم ‪ ،‬فقد كانت مثال الزوجة الصالحة التي تكرم ضيوف زوجها‬
‫يحضالمسلمين على الكرم في قصة سيدنا‬ ‫ّ‬ ‫ولعل من المفيده أن نختم هذا بقوله سبحانه وتعالى‬ ‫ّ‬
‫َال َأل‬ ‫ين )‪َ (26‬فق َّر َب ُه ِإلَ ْي ِه ْم ق َ‬ ‫اغ ِإلَى َأ ْه ِل ِه َف َجا َء ِب ِع ْج ٍل َس ِم ٍ‬‫إبراهيم في سورة الذاريات ‪َ ) :‬ف َر َ‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪َ )) :‬من كان يؤمن بال واليوم الخر فليكرم‬ ‫ّ‬ ‫ُون )(‪ (27‬؟! وقول‬ ‫َت ْأ ُكل َ‬
‫ضيفه (( ‪.‬‬
‫)‪(28‬‬

‫وق ُش ّح نَ ْف ِس ِه َف ُأ ْولَ ِئ َك ُه ُم‬ ‫والمسلم والمسلمة كريمان جوادان ل بخيلن شحيحان ) َو َمن ُي َ‬
‫ون ( )‪. (29‬‬‫ال ُم ْف ِل ُح َ‬

‫)‪ (25‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 4102 ، 4101‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2039‬وأحمد برقم ) ‪ ( 14610‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (26‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6688 ، 5381 ، 3578‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2040‬وأحمد برقم ) ‪( 12870 ، 12082‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (27‬الذاريات ‪. 27 ، 26 :‬‬
‫)‪ (28‬متفق عليه ‪.‬‬
‫)‪ (29‬الحشر ‪. 9 :‬‬
‫الم الرحيمة‬
‫ّ‬
‫إن ل‬ ‫روى أبو هريرة رضي ال تعالى عنه قال ‪ :‬سمعت رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه يقول ‪ّ )) :‬‬
‫تعالى مئة رحمة ‪ ،‬أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والنس والبهائم والهوام ‪ ،‬فبها يتعاطفون ‪ ،‬وبها‬
‫وأخر ال تعالى تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم‬ ‫الوحشعلى ولدها ‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫بتراحمون ‪ ،‬وبها تعطف‬
‫القيامة (( وفي رواية )) جعل ال الرحمة مئة جزء ‪ ،‬فأمسك عنده تسعة وتسعين ‪ ،‬وأنزل في الرض‬
‫جزءا واحدا ‪ ،‬فمن ذلك الجزء يتراحم الخلئق حتى ترفع الدا ّبة حافرها عن ولدها خشية أن‬
‫تصيبه (( )‪. (1‬‬
‫وتظهر رحمة الم ببنيها في أحاديث رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه واضحة جل ّية ‪ ،‬فهي مثال‬
‫العطف والحنان ‪ ،‬ونبع الشفقة والرأفة ‪ ،‬خلقها ال سبحانه وتعالى ينبوعا يفيض على أبنائها بالحب ‪،‬‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه صورة حية ‪ ،‬ينفذ منها إلى توضيح‬ ‫ّ‬ ‫ويؤثرهم بالرفد والعطاء ‪ ،‬فقد جعلها‬
‫رحمة ال سبحانه وتعالى بعباده ‪ ،‬فقد روى أمير المؤمنين عمر بن الخطابه رضي ال عنه قال ‪ :‬قدم‬
‫وج َد ْتصبيا في السبي )‪، (2‬‬ ‫بسبي ‪ ،‬فإذا امرأة من السبي تسعى ‪ ،‬إذ َ‬ ‫ٍ‬ ‫رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫طارحةً‬
‫ً‬ ‫فألزقته ببطنها ‪ ،‬فأرضعته ‪ ،‬فقال رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬أترون هذه المرأة‬ ‫)‪(3‬‬

‫ولدها في النار ؟ (( قلناهل وال ‪ ،‬فقال ‪ )):‬لَّله أرحم بعباده من هذه بولدها (( )‪.(4‬‬
‫حرة في‬ ‫السر ‪ ،‬حزينة كاسفةُ البال ‪ ،‬كانت سيدة في أهلها وعشيرتها ‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ذل‬‫امرأة وقعت في ّ‬
‫أمة مملوكة وجارية مأمورة ‪ . .‬حالةٌ‬ ‫كنف رجال قبيلتها ‪ ،‬مطاعةٌ في بيت زوجها ‪ ،‬فجعلها السر ً‬
‫ولكنهذا كلّه لم يلهها عن ابنها وفلذة‬
‫ّ‬ ‫النسان بها عما حوله ‪ ،‬ويعتصر اللم قلبه ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ذهل‬
‫نفس ّية صعبة َي ُ‬
‫وضمته إلى‬
‫ّ‬ ‫حانية ‪،‬‬
‫ً‬ ‫كبدها ‪ ،‬فقد بحثت عنه جاهدة حتى رأته ‪ ،‬فاحتضنته راغبة ‪ ،‬وألقمته ثديها‬
‫صدرها بين ذراعيها مشفقة ‪ ،‬امرأة كهذه ل ُتس ِل ُم ابنها إلى مكروه مهما ص ُغر ‪ ،‬وتدفع عنه الذى مهما‬
‫ضر ‪.‬‬
‫حقـر ‪ ،‬وتفديه بنفسها من كل ّ‬
‫كل ما لديها ‪ ،‬وتسعى جاهدة ما وسعها الجهد إلى الذود عنه ‪ . .‬إنها الرحمة‬ ‫امراة كهذه َت َه ُبابنها ّ‬
‫ما بعدها رحمة ‪ . .‬فحين انتبه المسلمون إليها ‪ ،‬ورأوا ما فعلته بولدها قالوا بصوت واحد ‪:‬ل وال ‪ ،‬ل‬
‫تسلمه إلى النار ول تطرحه فيها ‪.‬‬
‫أشد رحمة بهم من هذه الم‬ ‫يلفتالرسول الكريم نظر المسلمين إلى رحمة ال بهم ‪ ،‬لهو تعالى ّ‬ ‫ُ‬ ‫وهنا‬
‫والربالعظيم الغفور لمن آمن به وأطاعه‬ ‫ّ‬ ‫يدخرها الرحيم الرحمن لعباده ؟‬ ‫أيرحمة إذا ّ‬ ‫بولدها ‪ّ . .‬‬
‫‪ ،‬وامتثل أمره ؟‬
‫فتود أن يحضر أبوها ه صلى ال عليه‬ ‫حتضر ابنُها ّ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ُي َ‬ ‫ّ‬ ‫وهذه إحدى بنات‬
‫إن ابني قد اح ُت ِض َر فاشهدنا ‪ ،‬فأرسل ُيقرئها‬
‫)‪(5‬‬
‫وسلم ه وفاته ‪ ،‬فترسل إليه ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ّ :‬‬
‫)‪(6‬‬
‫مسمى ‪ ،‬فلتصبر ولتحتسب‬ ‫إن ل ما أخذ ‪ ،‬وله ما أعطى ‪ ،‬وكل شيء عنده بأجل ّ‬ ‫السلم ويقول ‪ّ )) :‬‬
‫فأرسلت إليه تـقسم عليه ليأتي ّنها ‪. (( . . .‬‬
‫)‪(7‬‬

‫فهذه ابنة الرسول الكريم ه صلى ال عليه وسلم ه شأنها شأن المهات جميعا ‪ ،‬ترى ابنها يذوي‬
‫ويموت ‪ . .‬وبمن تستعين في هذا المصابه الجلل ؟ إنه أبوها رسول ال ه صلى ل عليه وسلم ه ‪ ،‬فحين‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6469 ، 6000‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2752‬وأحمد برقم ) ‪. ( 9326‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫هو ابنها ‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫كناية عن شدة الشفقة والرحمة ‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5999‬ومسلم برقم ) ‪. ( 2754‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫اح ُتضر ‪ :‬حضرته مقّدمات الموت وعلماته ‪.‬‬ ‫)‪(5‬‬

‫تنوي بصبرها طلب الثواب من ال وأن يجعل ذلك في صالح عملها ‪.‬‬ ‫)‪(6‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6655 ، 5655 ، 1284‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 923‬وأحمد برقم ) ‪ ( 21282‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫)‪(7‬‬
‫يرسل إليها أن تصبر وتحتسب تفزع إليه مقسمة عليه أن ل يخ ّيب رجاءها ‪ ،‬وأن يوافيها ‪ ،‬فهي في‬
‫يسري عنها في فلذة كبدها ‪. .‬‬ ‫ليهون عليها المصاب أو ّ‬ ‫أشد الحاجة إليه ّ‬ ‫ّ‬
‫وهذه أم الربيع بنت البراء ‪ ،‬وهي أم حارثة بن سراقة الذي قتل في بدر تأتي إلى الرسول ه‬
‫صلى ال عليه وسلم ه ترجو أن تسمع منه عن ابنها الشهيد ما يثلج صدرها فقالت ‪ :‬يا رسول ال أل‬
‫اجتهدتعليه في البكاء ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تحدثني عن حارثة ؟ ‪ . .‬فإن كان في الج ّنة صبرت ‪ ،‬وإن كان غير ذلك‬
‫جنان في الج ّنة ‪ ،‬وإن ابنك أصاب الفردوس العلى (( ‪.‬‬
‫)‪(8‬‬
‫ٌ‬ ‫فقال ‪ )) :‬يا أم حارثة ‪ ،‬إنها‬
‫النبي ه‬
‫ّ‬ ‫إن فقدان الولد أمر عظيم يمزق القلب ‪ ،‬ويقطع الحشاء ‪ ،‬ويفتت الكبد ‪ . . .‬وهي تسأل‬
‫رفع لدرجتها‬
‫ٌ‬ ‫صلى ال عليه وسلم ه إن كان في الجنة فسوف تلقاه إن شاء ال ‪ ،‬وصب ُرها على فراقه‬
‫ودرجته )‪ (9‬في الجنة ‪ ،‬وإن لم يكن كذلك لتبكي ّنه بحرقة َمن يفقد العزيز الغالي إلى البد ‪ . .‬وهذا ما‬
‫وجل ما تقدر عليه ‪ . .‬إنها الم الثكلى والراحمة العطوف ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تستطيعه ‪،‬‬
‫وتعال معي إلى هذه الصورة الرائعة المتجسدة رحمة فيما روته السيدة عائشة رضي ال عنها قالت‬
‫‪:‬‬
‫أ ه جاءتني مسكينة تحمل ابنيتن لها ‪. .‬‬
‫ب ه فأطعمتها ثلث تمرات ‪.‬‬
‫جه ه فأعطتهكل واحدة منهما تمرة ‪.‬‬
‫د ه ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها ‪.‬‬
‫هه ه فاستطعمتها ابنتاها ‪.‬‬
‫و ه فش ّقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما ‪.‬‬
‫إن ال قد أوجب‬ ‫صنعتلرسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه فقال ‪ّ )) :‬‬ ‫ْ‬ ‫فاعجبني شأنها ‪ ،‬فذكرت الذي‬
‫لها بها الج ّنة ‪ ،‬أو أعتقها من النار (( ‪.‬‬
‫)‪(10‬‬

‫إنه اليثار الرائع الذي جعلها ه عن رضا ه تتخلّى عن نصيبهاه لبنتيها ‪ ،‬ولهذا كانت الج ّنة تحت‬
‫النبيه صلى ال عليه وسلم ه بها ثلث مرات ور ّبع بالب بعد ذلك ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫قدميها ‪ ،‬وأوصى‬
‫مر في بحث المرأة الكريمة ما فعلته السيدة أم سلمة رضي ال عنها حين سألت رسول ال ه‬ ‫وقد ّ‬
‫صلى ال عليه وسلم ه في إنفاقها على بنيها حين قالت ‪:‬‬
‫أ ه هل لي أجر في بني أبي سلمة أن أنفق عليهم ؟‬
‫ب ه ولست بتاركهم هكذا وهكذا ‪.‬‬
‫ني‪. . .‬‬
‫جه ه إنما هم َب ّ‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه باليجاب ‪ ،‬فالفطرة أجابتها قبل‬ ‫ّ‬ ‫وتقرر أنها لن تتركهم قبله أن يجيبها‬ ‫ّ‬
‫إجابته ‪.‬‬
‫المبرات ‪ ،‬وفعل الخيرات ‪ ،‬والعطف على الرحام وصلتهم ‪ ،‬وغرس‬ ‫ّ‬ ‫يحضالسلم إل على‬ ‫ّ‬ ‫وهل‬
‫والود في المجتمع كي ينشأ البناء صالحين أبرارا ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الرحمة‬
‫تحبأن‬
‫ّ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه قصةه المرأة كان ابنها يرضع من ثديها ه وكل أم‬ ‫ّ‬ ‫وقد أورد‬
‫فم َّر رجل راكب على دا ّبة فارهة وشا َرةٍ حس َنةٍ ‪ ،‬فقالت‬ ‫يكون ابنها وجيها ‪ ،‬عظيما ‪ُ ،‬يشار إليه بالبنانهه َ‬
‫وكل امرأة ل ترضى لبنها أن يكون خسيسا فاسدا مرذو ًل ‪. .‬‬ ‫ّ‬ ‫اللهم اجعل ابني مثل هذا ‪،‬‬ ‫‪ّ )) :‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6550 ، 3982 ، 2809‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 12838 ، 12788‬والترمذي برقم ) ‪3174‬‬ ‫)‪(8‬‬

‫(‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ح ْ‬
‫قنَا ب إ إ‬ ‫ان أل َ‬
‫م ٍ‬
‫م بإإإي َ‬
‫ه ْ‬
‫م ذ ُّريّت ُ ُ‬
‫ه ْ‬
‫عت ْ ُ‬
‫واتّب َ َ‬
‫منُوا َ‬ ‫ين آ َ‬
‫ذ َ‬‫وال إ‬ ‫قال تعالى في َسورة الطور الية ‪َ ) : 21‬‬
‫)‪(9‬‬

‫يءٍ(‪.‬‬‫ش ْ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫م إ‬‫ه ْ‬


‫مل إ إ‬
‫ع َ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫م إ‬ ‫ما ألَتْنَا ُ‬
‫ه ْ‬ ‫و َ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫ذ ُّريّت َ ُ‬
‫)‪ (10‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 2630‬وأحمد برقم ) ‪. ( 24090‬‬
‫اللهم ل تجعل‬
‫زنيت َس َر ْق ِت‪ . .‬فقالت الم حين رأتها ‪ّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫فمرت به على جارية يضربونها ‪ ،‬ويقولون ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ابني مثلها ‪. . .‬‬
‫)‪(11‬‬

‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه وهي تكبره س ّنا بست سنوات ه‬ ‫ّ‬ ‫أما أم أيمن رضي ال عنها حاضنة‬
‫شب وبلغ مبلغ الرجال ‪ ،‬وكان يناديها أمي ‪ . .‬كان يجّلها عليه الصلة‬ ‫خدمته رضي ال عنها حتى ّ‬
‫والسلم ‪ ،‬وز ّو َجها من أنصاري فولدت له أيمن ‪ ،‬فلما مات زوجها َز ّوجها من زيد بن حارثة رضي ال‬
‫ه‬ ‫الح ّب(( ‪ ،‬وكان ه صلى ال عليه وسلم ه يزورها لفضلها‬ ‫الح ّبابن ِ‬ ‫عنه فولدت له أسامة )) ِ‬
‫يقول أبو بكر لعمر رضي ال عنهما ه بعد وفاة رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ :‬انطلق بنا إلى أم أيمن‬
‫بكت‪ ،‬فقال‬
‫ْ‬ ‫رضي ال عنها نزورها كما كان رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه يزورها ‪ ،‬فلما انتهينا إليها‬
‫يبكيك ؟ أل تعلمين أن ما عند ال خير لرسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ! قالت ‪ :‬إني ل أبكي‬ ‫ِ‬ ‫لها ‪ :‬ما‬
‫أن ما عند ال خير لرسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬ولكني أبكي أن الوحي قد انقطع من‬ ‫أني ل أعلم ّ‬
‫السماء ‪ ،‬فه ّيجتـهما على البكاء ‪ ،‬فجعل يبكيان معها ‪.‬‬
‫)‪(12‬‬

‫فقد أحبته كأفضل ما تحب أم ابنها ‪ ،‬وترجو الخير بوجوده ‪ ،‬وانقطع الوحي حين التحق الرسول‬
‫الكريم ه صلى ال عليه وسلم ه بالرفيق العلى ‪ ،‬أفل تبكي أغلى البناء وأفضل الرجال !! ؟‬
‫لن الراحمين في الرض يرحمهم‬ ‫والرحمة تنفع صاحبتها ولو اقترفت ملء قراب الدنيا آثاما ‪ّ ،‬‬
‫‪ . .‬فعن أبي هريرة رضي ال‬ ‫)‪(13‬‬
‫الرحمن )) وارحموا َمن في الرض يرحمكم َم ْن في السماء ((‬
‫تعالى عنه أن ّ رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه قال ‪ )) :‬بينماه كلب ُيطيف ِب َرك ّية ‪ ،‬قد كاد يقتله العطش‬
‫)‪1‬‬
‫بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقَها )‪ (14‬فاستسقت له به ‪ ،‬فسقته ‪َ ،‬ف ُغ ِف َر لها به ((‬ ‫إذ رأته ّ‬
‫‪. (5‬‬
‫اللهم ارحم نساء‬
‫تتحدث عن رحمة المرأة بمن حولها ‪ّ . . .‬‬ ‫ّ‬ ‫وهناك كثير من الحاديث الشريفة‬
‫وحبدينك ورسولك ‪ ،‬ونحن معهن يا رب العالمين‬ ‫ّ‬ ‫المسلمين ‪ ،‬ودلّ ُه ّنعلى الخير ‪ ،‬وامل قلوبهن بحبك‬
‫‪.‬‬

‫النبيه صلى ال عليه وسلم ه (( للمؤلف تحت عنوان ‪ :‬المرأة‬


‫ّ‬ ‫‪ (11‬يرجع إلى القصة في كتاب )) قصص رواها‬ ‫)‬

‫متوليدها ص ‪ ، 49‬والقصة رواها البخاري برقم ) ‪ ، ( 3466 ، 3436‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2550‬وأحمد‬ ‫التي كّل ْ‬
‫برقم ) ‪. ( 8010‬‬
‫رواه مسلم برقم ) ‪. ( 2454‬‬ ‫)‪(12‬‬

‫‪ (13‬كما في الحديث الذي أخرجه أحمد برقم ) ‪ ، ( 6458‬وأبو داود برقم ) ‪ ، ( 4941‬والترمذي برقم )‬ ‫)‬

‫‪ ، ( 1924‬وانظر ‪ :‬المشكاة برقم ) ‪. ( 4969‬‬


‫طيفبه ‪ :‬يدور حوله ‪.‬‬
‫الخ ّف‪ .‬الرك ّية ‪ :‬البئر ‪َ .‬ي ُ‬
‫الموق ‪ُ :‬‬
‫ُ‬ ‫)‪(14‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 3467‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2245‬وأحمد برقم ) ‪. ( 10205‬‬ ‫)‪(15‬‬


‫المرأة فتنة‬
‫الدكتور عثمان قدري مكانسي‬

‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه المرأة التي تمتنع عن زوجها فقال ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫حذر‬ ‫لو سألنا أنفسنا ‪ :‬لماذا ّ‬
‫)) إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه ‪ ،‬فلم تأته ‪ ،‬فبات غضبان عليها لعنتها الملئكة حتى‬
‫تصبح (( )‪ (1‬؟ وأ ّكد المعنى مقسما بال تعالى فقال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬والذي نفسي بيده ‪ ،‬ما من‬
‫رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إل كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها ((‬
‫)‪ (2‬؟ ‪ .‬ولماذا دعا الرسول ه صلى ال عليه وسلم ه المرأة أن تجيب زوجها ‪ ،‬ولو كانت غارقة في عملها‬
‫المنزلي مشغولة به في قوله ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته ‪ ،‬وإن‬
‫كانت على التنّور (( )‪ (3‬؟ ‪ ،‬بل إنه عليه الصلة والسلم يمنعها من أداء عبادة النافلةه إل بإذن زوجها‬
‫يحل لمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إل بإذنه ‪ (4) (( . .‬؟‬ ‫في قوله ‪)) :‬ل ّ‬
‫الجواب ‪ :‬إن المرأة شهوة الرجل وموطن راحته ‪ ،‬فقد ر ّكب ال تعالى هذه الشهوة الشديدة فيه‬
‫إلى المرأة ‪ ،‬فإذا رغبها ولم ينلْها ضاقته نفسه ‪ ،‬وفسدت أخلقُه ‪ ،‬وساءت تصرفا ُته ‪ ،‬واعتصر اللم‬
‫قلبه ‪ ،‬فإن استجابت زوجته له فتم ّتع بها ‪ ،‬ارتاحت نفسه ‪ ،‬وهدأت بلبله ‪ ،‬وسكنت لواعجه ‪ ،‬فكان‬
‫تصرفه سليما وتفكيره سديدا ‪.‬‬
‫وعلى هذا حث الرسول الكريم الشاب المسلم على الزواج ليجد راحته في زوجته يسكن إليها ‪،‬‬
‫أغض‬ ‫ّ‬ ‫فلينزوج ‪ ،‬فإنه‬ ‫ّ‬
‫)‪(5‬‬
‫ويأنس إلى صحبتها ‪ .‬فقال ‪ )) :‬يا معشر الشباب ‪ ،‬من استطاع منكم الباءة‬
‫وم ْن لم يستطع فعليه بالصوم ‪ ،‬فإنه له وجاء (( فالصوم والجوع‬
‫)‪(7‬‬ ‫)‪(6‬‬
‫للبصر ‪ ،‬وأحصن للفرج ‪َ ،‬‬
‫يخففان شبق النسان ‪ ،‬وحدة شهوته ‪.‬‬
‫ويسير النسان في شوارع المدينة وأزقتها فيرى من النساء الستّيرة والمتهتكة ‪ ،‬والنظرة سهم من‬
‫ين َي ُغ ّضوا ِم ْن‬ ‫ونساء ‪ ،‬فقال ‪) :‬قُل لّ ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬ ‫ً‬ ‫نغضالبصر رجا ًل‬ ‫ّ‬ ‫سهام إبليس ‪ ،‬وقد أمرنا ال تعالى أن‬
‫ون )‪َ ( 30‬وقُل لّ ْل ُم ْؤ ِم َن ِه‬
‫ات َي ْغ ُض ْض َن‬ ‫وج ُه ْم َذلِ َك َأ ْز َكى لَ ُه ْم ِإ ّن الّل َه َخ ِبي ٌر ِب َما َي ْص َن ُع َ‬ ‫َأ ْب َص ِ‬
‫ار ِه ْم َو َي ْح َفظُ وا ُف ُر َ‬
‫وج ُه ّن‪ ( . .‬أما الرسول الكريم ه صلى ال عليه وسلم ه فإنه حين نهى عن‬ ‫ِم ْن َأ ْب َص ِ‬
‫ار ِه ّن َو َي ْح َف ْظ َن ُف ُر َ‬
‫)‪(8‬‬

‫غض‬‫ّ‬ ‫الجلوس في الطرقات ‪ ،‬ثم رأى أنه ل ّبد لبعض المسلمين أن يجلسوا فيها لعمالهم ‪ ،‬اشترط ))‬
‫البصر ‪. . . (9) (( . . .‬‬

‫)‪ (1‬أخرجه البخاري برقم ) ‪ ، ( 3237‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1436‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 9865 ، 9379‬وأبو داود برقم )‬
‫‪ ( 2141‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه مسلم برقم ) ‪. ( 1736‬‬
‫)‪ (3‬رواه أحمد برقم ) ‪ ، ( 15853‬والترمذي برقم ) ‪ ( 1160‬وقال ‪ :‬هذا حديث حسن غريب ‪ ،‬وانظر‪ :‬المشكاةه‬
‫برقم ) ‪. ( 3257‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5195 ، 5192‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1026‬وأحمد برقم ) ‪. ( 27405‬‬
‫)‪ (5‬الباءة ‪ :‬مؤن الزواج وواجباته ‪.‬‬
‫)‪ (6‬الوجاء ‪ :‬الوقاية والصيانة ‪.‬‬
‫)‪ (7‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5066 ، 5065 ، 1905‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1400‬وأحمد برقم ) ‪( 4013 ، 3581‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (8‬النور ‪. 31 ، 30 :‬‬
‫)‪ (9‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6229 ، 2465‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2121‬وأحمد برقم ) ‪( 11044 ، 10916‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫النبي ه صلى لا‬
‫ّ‬ ‫ويرى الرجل من النساء ما يشغل فكره ‪ ،‬فيزين الشيطان له الزنا ‪ ،‬فيذكر قول‬
‫عليه وسلم ه ‪ )) :‬إن المرأة تقبل في صورة شيطانه ‪ ،‬وتدبر في صورة شيطان ‪ ،‬فإذا رأى أحدكم‬
‫من امرأةٍ ما يعجبه فليأتهأهله ‪ ،‬فإن ذلك ي ُر ّد ما في نفسه (( )‪. (10‬‬
‫ولعل الرجل يصبر على الفقر ‪ ،‬ويتح ّم ُل الجوع وكثيرا من الشدائد ‪ ،‬ويعرض عن المغريات‬ ‫ّ‬
‫إليهن ويرغب‬
‫ّ‬ ‫هن ‪ ،‬فتراه يميل‬ ‫ودلّ ّ‬
‫ورقتهن َ‬
‫ّ‬ ‫بجمالهن‬
‫ّ‬ ‫ويأباها إل فتنة النساء حين يظهرن متبخترات‬
‫عرفأعداؤنا نقطة الضعف هذه فاستغّلوها ‪ ،‬وهذه بروتوكولت حكماء صهيون تؤكد ))‬ ‫َ‬ ‫فيهن ‪ ،‬وقد‬
‫أن النحلل الخلقي وخاصة بمساعدة النساء اليهوديات المتنكرات في صور الفرنسيات‬
‫أضمن ناشرات للخلعة والتهتك في حيوات‬ ‫ُ‬ ‫وإن هؤلء النساء‬ ‫ّ‬ ‫واليطالياته ومن إليهن ‪. . .‬‬
‫المتزعمين على رؤوس المم ‪ ،‬والنساء في خدمة صهيون يعملن كأحابيل ومصايده لمن يكونون‬
‫بفضلهنفي حاجة إلى المال ‪. (11)(( . . .‬‬ ‫ّ‬
‫أضر على الرجال من‬ ‫ّ‬ ‫تركت بعدي فتنة هي‬ ‫ُ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪)):‬ما‬ ‫ّ‬ ‫ويقول‬
‫النساء (( )‪. (12‬‬
‫وتراه ه صلى ال عليه وسلم ه يحذر من الخلد إلى الدنيا والركون إلى الشهوة هذه في حديثه‬
‫وإن ال مستخلفكم فيها ‪ ،‬فينظ ُر كيف تعملون ‪ ،‬فاتقوا‬ ‫إن الدنيا حلوة َخ ِضر ٌة ‪ّ ،‬‬ ‫المشهور حيث يقول ‪ّ )) :‬‬
‫‪ ،‬فأول فساد بني إسرائيل‬ ‫)‪(13‬‬
‫أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ((‬ ‫فإن ّ‬
‫النساء ‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫الدنيا ‪ ،‬واتقوا‬
‫النبي‬
‫ّ‬ ‫كان في فتنتهم بالنساء ‪ ،‬وهم يريدون للمسلمين أن يقعوا في المستنقع الذي سقطوا فيه ‪.‬ويحذر‬
‫الكريم والمعّلم العظيم المسلمين أن يترخصوا في الدخول على النساء والخل ّو ِبه ّن ولو كانوا أتقياء ‪،‬‬
‫ه‬ ‫فقال ‪ )) :‬إ ّياكم والدخول على النساء (( ‪ ،‬فقال رجل من النصار ‪ :‬أفرأيت الحمو )‪ (14‬قال‬
‫صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬الحمو الموت (( )‪. (15‬‬
‫إن الناس يرون الداخل بيت جيرانهم والخارج منه ‪ ،‬فإذا كان غريبا أنكروه وسألوا عنه ‪ ،‬فيكون‬
‫أما إن كان من أقارب‬ ‫هذا النكار وهذا السؤال دافعا إلى البعد عن الشبهات والوقوع في المفاسده‪ّ ،‬‬
‫الزوج كأخيه وابن أخيه فإنهم يتغاضون عن ذلك ‪ ،‬ويتساهلون فيه ‪ ،‬فل يرى حرجا أن يدخل البيته‬
‫الطامة ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫في غياب صاحبه ‪ ،‬فيلقي الشيطان حبائله ‪ ،‬ويز ّين الخلوة بينهما ‪ ،‬فتحدث‬
‫ولو التزم الناس شرعة ر ّبهم ‪ ،‬فلم يدخل على المرأة في غيابه زوجها إل محارمها ‪ ،‬لكان أدعى‬
‫إلى الطهارة والع ّفة وحفظ الدين والعرض ‪ ،‬والبعد عن الريبة والمفاسد ‪.‬‬
‫الموي عمر بن عبدالعزيز رضي ال عنه حين يقول ‪:‬ل‬ ‫ّ‬ ‫ويؤكد هذا المعنى الخليفة الخامس‬
‫َي ْخل َُو ن رجل بامرأة ولو كان يعلمها القرآن ‪ . . .‬ودرهم وقاية خير من قنطار علج ‪.‬‬
‫وكفرهنمحتشمات يجررن أثوابهن على الرض ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫شركهن‬
‫ّ‬ ‫في الجاهلية الولى كانت النساء على‬
‫صنفي ذلك ‪.‬‬ ‫ويترخ َ‬
‫ّ‬ ‫هن‪ ،‬وكانت الماء يتخفّفن من الخمار‬ ‫بخ ُم ِر ّ‬
‫وغالب ُه ّنيسترن رؤوسهن ُ‬
‫فحدث ول َح َرج ‪ ،‬فما تستره‬ ‫وخفر ‪ ،‬أما في الجاهلية الحديثة ‪ّ ،‬‬ ‫أعرافهنذات حياء َ‬ ‫ّ‬ ‫فالشريفة في‬
‫ثوبعصري ُيظهر‬ ‫ٌ‬ ‫أقل مما تكشفه ‪ ،‬ول تخرج من بيتها إل بعد أن تتحلّى بأفضل زينتها !!‪..‬‬ ‫المرأة ّ‬
‫حر كه الهواء ضاع الحياء ‪ ،‬تنبئك رائحتها أنها قادمة ‪ ،‬وأثر العطر‬ ‫مفاتنها ‪ ،‬ورقته يريك ما تحته ‪ ،‬فإن ّ‬
‫رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 1403‬واحمد برقم ) ‪ ، ( 14128‬وأبو داود برقم ) ‪ ، ( 2151‬والترمذي برقم ) ‪( 1158‬‬ ‫)‪(10‬‬

‫‪.‬‬
‫)‪ (11‬بروتوكولت حكماء صهيون ‪ ،‬ترجمة ‪ :‬خليفة التونسي ‪ ،‬طبع مؤسسة دار العلوم ‪ 1977‬ص ‪. 266‬‬
‫)‪ (12‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5096‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2740‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 21322 ، 21239‬والترمذي برقم‬
‫) ‪ ( 2780‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (13‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 2742‬وأحمد برقم ) ‪ ( 10785‬وغيرهما ‪.‬‬
‫)‪ (14‬الحمو ‪ :‬قريب الزوج كأخيه وابن أخيه وابن أخته وعمه وابن عمه ‪.‬‬
‫)‪ (15‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5232‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2172‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 16945 ، 16896‬والترمذي برقم‬
‫) ‪ ،( 1171‬وغيرهم‪.‬‬
‫مرت من هنا ‪ ،‬تمشي متمايلة تدعو الناس إليها ‪ ،‬صبغت وجهها وما ظهر من‬ ‫يخبر َمن لم يرها أ ّنها ّ‬
‫كالدمية ‪ ،‬شعرها يتماوج مع النسيم ‪. .‬‬ ‫جسمها ‪ ،‬فبدت ّ‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه على صنفين من أهل النار لم يرهما في حياته ه صلى ال عليه‬ ‫ّ‬ ‫لقد اطلع‬
‫وسلم ه لنهما لم يكونا في عصره إنما حظينا في هذا الزمان الكئيب بهما !!! فاسمع وصفه للصنف‬
‫رؤوسهن‬
‫ّ‬ ‫الثاني )) صنفان من أهل النار لم أرهما ‪ . . .‬ونسا ٌء كاسيات عاريات مائلت ‪ ،‬مميلت ‪،‬‬
‫يدخلْن الج ّنة ‪ ،‬ول يجدن ريحها ‪ ،‬وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا‬ ‫كأسنمة البخت المائلة )‪ ، (16‬ل ُ‬
‫(( )‪.(17‬‬
‫يقول النووي رحمه ال ‪ :‬معنى )) كاسيات (( أي ‪ :‬من نعمة ال ‪ )) ،‬عاريات (( من شكرها ‪ ،‬وقيل‬
‫معناه ‪ :‬تستر بعض بدنها ‪ ،‬وتكشف بعضه إظهارا لجمالها ونحوه ‪ .‬وقيل ‪ :‬تلبس ثوبا رقيقا يصف لون‬
‫بدنها ‪.‬‬
‫أن زمانا بعد زمانه ستظهر فيه نساء كاللواتي وصفهن ثانيا‬ ‫ولم يكن رحمه ال تعالى يتص ّور ّ‬
‫زمانهن‪،‬‬
‫ّ‬ ‫منهنومن‬
‫ّ‬ ‫وثالثا ‪ ،‬فاستعمل كلمة )) قيل (( ولو أنه تأكد من ذلك لستعاذ بال سبحانه وتعالى‬
‫يدركهن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وحمد ال تعالى أ ّنه مات ولم‬
‫ويقول النووي رحمه ال تعالى أيضا عن )) مائلت (( ‪ :‬عن طاعة ال تعالى وما يلزمهن حفظه ‪)) .‬‬
‫لكتافهن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فعلهن المذموم ‪ .‬وقيل ‪ :‬مائلت ‪ :‬يمشين متبخترات ‪ ،‬مميلت‬ ‫ّ‬ ‫غيرهن‬
‫ّ‬ ‫مميلت (( يعلّمن‬
‫وقيل ‪ :‬مائلت ‪ :‬يمتشطن ال ِمشطة الميلء ‪ ،‬وهي ِمشطة )) البغاياه (( ‪ ،‬ومميلت ُي ًم ّشطن غيرهن تلك‬
‫كل ما ذكرت يا إمام ‪ ،‬ناهيك عن انتشار الماشطاته‬ ‫المشطة ‪ . . .‬وأقوله له ه يرحمه ال ه ‪ :‬بل المعنى ّ‬
‫يسوين ال َب َدن ويغسلنه وينتفن الشعر في كل مكان من هضاب‬ ‫وصوب‪ّ ،‬‬‫ٍ‬ ‫ب‬‫)) الكوافير (( في كل َح َد ٍ‬
‫بشبر ‪ ،‬وذراعا‬
‫ٍ‬ ‫قبلهن شبرا‬
‫ّ‬ ‫وتبعن س َن َن من‬
‫ووديانهن في أماكن الع ّفة وغيرها ‪ْ . . .‬‬ ‫ّ‬ ‫وجبالهن‬
‫ّ‬ ‫النساء‬
‫الشر ‪ِ ،‬قبلته هواه ‪ ،‬وهدفه شهوته ‪،‬‬
‫بذراع ‪ ،‬اتباع المفتون الذي ل يفكر بعقله ‪ ،‬ول يعرف الخير من ّ‬
‫ويتصرفون كالدواب ) نَ ُسوا‬
‫ّ‬ ‫وفهمه ل يتجاوز ما حوله ‪ ،‬ونظر ل يتعدى أرنبة أنفه ‪ ،‬يعيشون كالنعام‬
‫ُون ( )‪. (18‬‬
‫اسق َ‬ ‫اه ْم َأن ُف َس ُه ْم ُأ ْولَ ِئ َك ُه ُم ا ْل َف ِ‬ ‫الّل َه َف َأ َ‬
‫نس ُ‬
‫قدمها القرآن الكريم على الرجل في‬ ‫ولن للمرأة الدو َر الكبر في اقتراف جريمة الزنا ‪ ،‬فقد ّ‬ ‫ّ‬
‫الزانِى ( ‪.‬‬ ‫و‬
‫ّ َِ َ ّ‬ ‫ةُ‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫ا‬‫الز‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫فقال‬ ‫‪،‬‬ ‫العقوبة‬ ‫ذكر‬

‫احدٍ ّم ْن ُه َما ِم َئ َة َجل َْدةٍ ( ‪.‬‬ ‫اج ِل ُدوا ك ُّل َو ِ‬ ‫الزانِي َف ْ‬


‫الزانِ َيةُ َو ّ‬ ‫) ّ‬ ‫أه‬
‫ون ِبالّل ِه َوا ْل َي ْو ِم ا ْلآ ِخ ِر ( ‪.‬‬‫ين الّل ِه ِإن كُن ُت ْم ُت ْؤ ِمنُ َ‬ ‫ب ه ) َولَا َت ْأ ُخ ْذكُم ِب ِه َما َر ْأفَةٌ ِفي ِد ِ‬
‫ين )‪. ( (2‬‬ ‫ج ه ) َو ْل َي ْش َه ْد َع َذا َب ُه َما طَ ا ِئفَةٌ ّم َن ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬
‫ان َأ ْو ُم ْش ِر ٌك ( ‪.‬‬ ‫الزانِي لَا َي ِنك ُح إلّا َزانِ َي ًة َأ ْو ُم ْش ِر َك ًة َو ّ‬
‫الزانِ َيةُ لَا َين ِك ُح َها ِإلّا َز ٍ‬ ‫) ّ‬ ‫ده‬
‫ين ( ‪.‬‬
‫)‪(19‬‬
‫هه ه ) َو ُح ّر َم َذلِ َك َعلَى ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬
‫ونزه المؤمنين والمؤمناته أن يرتبطوا بالزناة‬ ‫فكانت عقوبتهما على هذه الصورة مخزية ‪ّ ،‬‬
‫ون‬ ‫ّ‬
‫ين َوالط ّي ُب َ‬ ‫ّ‬
‫ات لِلط ّي ِب َه‬ ‫ّ‬
‫ات َوالط ّي َب ُه‬ ‫ُون لِل َْخ ِبي َث ِ‬
‫ين َوال َْخ ِبيث َ‬ ‫ات لِل َْخ ِبي ِث َه‬ ‫تقرر ) ال َْخ ِبي َث ُ‬ ‫لن القاعدة ّ‬ ‫والزواني ّ‬
‫ات()‪. (20‬‬ ‫لِ ّ‬
‫لط ّي َب ِ‬

‫صفّف‬
‫رؤوسهن ُ‬
‫ّ‬ ‫‪ (16‬البخت ‪ :‬إبل خراسان ّية ‪ ،‬السنام ‪ :‬الكتلة الشخمية على ظهر الجمل ‪ ،‬والمقصود بذلك ‪ :‬أن‬ ‫)‬

‫السد العالي (( ‪.‬‬


‫ّ‬ ‫عليها الشع ُر ونُ ِف َشإلى أعلى فبدت ضخمة عالية ‪ .‬ويسمونه الن ))‬
‫رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 2128‬وأحمد برقم ) ‪. ( 9388 ، 8451‬‬ ‫)‪(17‬‬

‫الحشر ‪. 19 :‬‬ ‫)‪(18‬‬

‫النور ‪. 3 ، 2 :‬‬ ‫)‪(19‬‬

‫النور ‪. 26 :‬‬ ‫)‪(20‬‬


‫فحدث بها المسلمين ‪ )) :‬فانطلقناه ‪ ،‬فأتيناه على‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه في رؤيا رآها ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويقول‬
‫فاطلعنا فيه ‪ ،‬فإذا فيه رجال ونساء ُعراة ‪ ،‬وإذا هم يأتيهم‬ ‫مثل الت ّنور ‪ . . .‬فإذا فيه لغط وأصوات ‪ّ ،‬‬
‫‪ ،‬وفي رواية ‪ )) :‬فانطلقناه إلى نَ ْق ٍبمثل‬ ‫)‪(21‬‬
‫ض ْوا ((‬ ‫ض ْو َ‬‫لهب من أسفل منهم ‪ ،‬فإذا أتاهم ذلك اللهب َ‬
‫يتو ّقد تحته نارا فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا ‪،‬‬ ‫التنور ‪ ،‬أعله ض ّيق ‪ ،‬وأسفله واسع ‪َ ،‬‬
‫وإذا خمدت رجعوا فيها ‪ ،‬وفيها رجال ونسا ٌء عراة (( ثم يوضح الرسول ه صلى ال عليه وسلم حالهم‬
‫)‪2‬‬
‫والزواني ((‬
‫ّ‬ ‫الزناة‬
‫فيقول ‪ )):‬وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور فإ ّنهم ّ‬
‫‪. (2‬‬
‫فكيف يرضى الزناة ّلذة عابرة بنعيم مقيم ‪ ،‬وكيف يستبدلون بالنعيم المقيم عذاب الخرة‬
‫الدائم ؟! تلك إذا تجارة خاسرة ‪ ،‬نعوذ بال أن نكون من أهلها ‪.‬‬
‫وقد تزل قدم النسان في الزنا أو دواعيه ‪ ،‬وعقوبة الوقوع في الزنا معروفة ‪ ،‬أما الوقوع في‬
‫النبي‬
‫ّ‬ ‫دواعيه مثل كلمةٍ أو قبلةٍ أو نظرةٍ ‪ . . .‬فبالستغفار والتوبة يتط ّهر النسان ‪ ،‬فقد جاء رجل إلى‬
‫الصلة ‪ ،‬فصلّى مع‬ ‫ُ‬ ‫رت‬ ‫وحض ِ‬
‫َ‬ ‫علي ‪،‬‬
‫حدا ‪ ،‬فأقمه ّ‬ ‫أصبت ّ‬ ‫ُ‬ ‫ه صلى ال عليه وسلم ه فقال ‪ :‬يا رسول ال‬
‫فيكتاب‬ ‫‪(23‬ا ‪ ،‬فأقم ّ‬ ‫حد‬
‫أصبت ّ‬ ‫ُ‬ ‫رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬فلماهقضى الصلة قال ‪ :‬يا رسول ال إني‬
‫الصلة ؟ (( قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ )) :‬قد ُغفر لك (( ‪.‬‬
‫)‬
‫َ‬ ‫تمعنا‬ ‫حض ْر َ‬
‫َ‬ ‫ال ‪ .‬قال ‪ )) :‬هل‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه فأخبره ‪ ،‬فانزل ال‬ ‫ّ‬ ‫أن رج ًل أصاب من امرأة قُبلةه فاتى‬ ‫وفي رواية ّ‬
‫ات( فقال‬ ‫السهّي َئ ِ‬
‫ات ُي ْذ ِه ْب َن ّ‬‫ِإ ّن ال َْح َس َن ِ‬ ‫ار َو ُزلَ ًفا ّم َن الّل ْي ِل‬‫الصل ََة طَ َر َف ِي الّن َه ِ‬ ‫تعالى ‪َ ) :‬و َأ ِق ِم ّ‬
‫)‪(25‬‬ ‫)‪(24‬‬

‫الرجل ‪ :‬ألي هذا يا رسول ال ؟ قال ‪ )) :‬لجميع أمتي كلهم (( ‪.‬‬


‫)‪(26‬‬

‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه في قصة النفر الثلثة الذين آواهم المبيت إلى غار ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومثله ما رواه‬
‫فسدت عليهم الغار فقالوا ‪ :‬إ ّنه ل ينجيكم من هذه الصخرة إل‬ ‫فدخلوه ‪ ،‬فانحدرت صخرة من الجبل ‪ّ ،‬‬
‫أحبالناس‬ ‫ّ‬ ‫عم ‪ ،‬كانت‬ ‫فدعوا فقال الثاني ‪ )) :‬اللهم إنه كانت لي ابنةُ ّ‬ ‫أن تدعوا ال بصالح أعمالكم ‪َ ،‬‬
‫الرجال النسا َء ‪ ،‬فأردتها على نفسها ‪ ،‬فامتن َع ْتمني‬ ‫ُ‬ ‫كأشد ما يحب‬ ‫ّ‬ ‫إلي (( ه وفي رواية ه )) كنت أحبها‬ ‫ّ‬
‫حتي ألَ ّمت بها سنةُ من السنين ‪ ،‬فجاءتني ‪ ،‬فأعطي ُتها عشرين ومئة دينار على أن ُت َخّلي بيني وبين‬
‫تبين رجليها قالت ‪ :‬اتّق ال ‪ ،‬ول‬ ‫قعد ُ‬‫تعليها (( ‪ ،‬وفي رواية )) فلماه ْ‬ ‫نفسها ‪ ،‬ففعلت ‪ ،‬حتى إذا ق ََد ْر ُ‬
‫اللهم‬
‫الذهبالذي أعطي ُتها ‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫إلي ‪ ،‬وتركت‬ ‫أحبالناس ّ‬ ‫ّ‬ ‫تفضالخا َت َم إل بحقه فانصرفت عنها ‪ ،‬وهي‬ ‫ّ‬
‫فعلتذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ‪ ،‬فانفرجته الصخرة غير انهم ل يستطيعون‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬
‫ُ‬ ‫إن‬
‫الخروج منها ‪. (( . .‬‬
‫)‪(27‬‬

‫فقد غفر ال له رغبته في الزنا ‪ ،‬بل أكرمه حين خاف ال سبحانه وتعالى وترك ابنة عمه ولم يست ِعد‬
‫ففر ج عنهم الصخرة ‪ ،‬وهذا ما يفعله الخلص ل تعالى والقلع عن الذنب واستغفار المولى‬ ‫المال ّ‬
‫الكريم ‪.‬‬
‫العابد فإنه ُفتن بامرأتين ‪ ،‬أما الولى فأ ّمه حين نادته وهو يصلي النافلةه ه قيام الليل ه‬ ‫ُ‬ ‫أما ُجريج‬
‫أمه التي‬ ‫ّ‬
‫يرد عليها ظنا منه أن صلة النافلة كصلة الفرض ل ينبغيه لمصليها أن يل ّبي نداء ّ‬ ‫فلم ّ‬
‫فلم ا لم يجبها دعت عليه أن يرى وجوه المومسات ‪ ،‬وأما الثانية فتلك المومس الفاتنة‬ ‫كررت النداء ‪ّ ،‬‬
‫التي ُذكر العابد جريح أمامها بتقواه وورعه ‪ ،‬فراه َن ْت على اليقاع به ‪ ،‬كما أوقعت بالكثير من‬

‫ضوضوا ‪ :‬صاحوا من شدة العذاب ‪.‬‬ ‫)‪(21‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 7047 ، 1386‬ومسلم برقم ) ‪ ( 2275‬وغيرهما ‪.‬‬ ‫)‪(22‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6823‬ومسلم برقم ) ‪. ( 2764‬‬ ‫)‪(23‬‬

‫طرفا النهار ‪ :‬الغدوة والعش ّية ‪ .‬الزل َُفمن الليل ‪ :‬ساعات منه قريبة من النهار ‪.‬‬ ‫)‪(24‬‬

‫هود ‪. 114 :‬‬ ‫)‪(25‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 4687 ، 526‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2763‬وأحمد برقم ) ‪ ( 4083 ، 3645‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫)‪(26‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 2333 ، 2272 ، 2215‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2743‬واحمد برقم ) ‪. ( 5937‬‬ ‫)‪(27‬‬
‫تبدته له بزينتها ودللها وحاولت إغراءه أعرض عنها‬ ‫الرجال ‪ ،‬وفيهم الوجهاء والنبلء !! ‪ ،‬فلما ّ‬
‫لراع كان تحت صومعته وترددت‬ ‫ٍ‬ ‫وتجاهلها ‪ ،‬فأعقبها رغبة في النتقام منه والكيد له ‪ ،‬فأسلمته نفسها‬
‫عليه فحملت منه ‪ ،‬فلما وضعت الغلم نسبته إلى جريح العابد ‪ ،‬فأنقذه ال من كيدها ومكرها ‪.‬‬
‫)‪(28‬‬

‫نبي ال يوشع بن نون عليه السلم أراد أن يغزو قوما برجال ل تشغلهم الدنيا عن‬ ‫فإن ّ‬
‫وأخيرا ّ‬
‫الجهاد في سبيل ال ‪ ،‬فاشترط للمجاهدين معه أن تكون قلوبهم خاوية من المل في الحياة الدنيا‬
‫يبن‬
‫ليتفرغوا للقتال ‪ ،‬وكان مما اشترط عليهم أن ل يكون منهم ّم ْن خطب امرأة وعقد عليها ثم لم ِ‬ ‫ّ‬
‫ظل قلبه متعلقا بها ‪ ،‬وانتظر الفرصة كي يعود إليها ‪ ،‬وأمثال هذا لن َي ْص ُدقوا في‬
‫بها‪ ،‬فإن فعل ذلك ّ‬
‫القتال ‪ ،‬والعتما ُد عليهم سراب ‪ ،‬وأولى بهم أن يكونوا بعيدين عن ساحة المعركة ‪.‬‬
‫)‪(29‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 3436 ، 2482‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2550‬وأحمد برقم ) ‪. ( 8768 ، 8010‬‬ ‫)‪(28‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 3124‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1747‬وأحمد برقم ) ‪. ( 27457‬‬ ‫)‪(29‬‬


‫حبالمرأة زوجها وطاع ُتها إياه‬
‫ّ‬
‫لكل جسم رأس يقوده ‪ ،‬رأس واحد ‪ ،‬له وحده الرئاسة ‪ ،‬وله وحده الكلمة الخيرة ‪ ،‬ومدار الحياة‬
‫والتخطيط‪ ،‬والتدبير ‪ ،‬لئن كان كذلك‬ ‫ِ‬ ‫التفرد في اتخاذ القرار ‪،‬‬ ‫كلها على هذا الساس ‪ ،‬ول يعني هذا ّ‬
‫كانت الحياة مظلمة والعيش بائسا ‪ ،‬والتفكير قاصرا ‪ ،‬والهدف متعبا ‪ .‬ول ّبد من المشورة ‪ ،‬وإشراك‬
‫التبعة‬
‫َ‬ ‫يتحمل‬
‫الخرين في مناقشته ودراسته ‪ ،‬والحاطة به ‪ ،‬ثم ‪ . .‬بعد كل هذا يتخذ المسؤول و َم ْن ّ‬
‫القرار و ُي ْنفِذُ ه ‪ . . .‬ووجود أكثر من رأس ل يوصل إلى الهدف المنشود لتضارب القناعات‬
‫والرادات والقدرة على تحمل المسؤولية ‪. .‬‬
‫ّساء‬ ‫ون َعلَى الن َ‬ ‫ال َق ّوا ُم َ‬ ‫الر َج ُ‬‫وعلى هذا قررت الحكمة اللهية أن ُتس ِند قيادة البيت إلى الرجل ) ّ‬
‫ض َو ِب َما َأن َفقُو ْا ِم ْن َأ ْم َوالِ ِه ْم ( )‪ (1‬لما فيهم من صفات تؤهلهم لذلك‪،‬‬ ‫ِب َما َف ّض َل الّله َب ْع َض ُه ْم َعلَى َب ْع ٍ‬
‫وخلقت النساء في الدرجة الثانية ه ليس في المكانة أبدا ه فال سبحانه وتعالى يجعلهن والرجال في‬
‫ين‬ ‫ات َوا ْلقَانِ ِت َ‬ ‫ين َوا ْل ُم ْؤ ِم َن ِ‬ ‫ات َوا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬ ‫ين َوا ْل ُم ْس ِل َم ِه‬ ‫سواء ‪ .‬قال تعالى ‪ِ ) :‬إ ّن ا ْل ُم ْس ِل ِم َ‬ ‫ً‬ ‫مغفرته وأجره‬
‫ين‬
‫ات َوا ْل ُم َت َص ّد ِق َ‬ ‫اش َع ِه‬ ‫ين َوال َْخ ِ‬ ‫اش ِع َ‬ ‫ات َوال َْخ ِ‬ ‫الص ِاب َر ِ‬‫ين َو ّ‬ ‫الص ِاب ِر َ‬
‫َات َو ّ‬ ‫الص ِادق ِه‬‫ين َو ّ‬ ‫الص ِاد ِق َ‬
‫ات َو ّ‬ ‫َوا ْلقَانِ َت ِ‬
‫يرا‬ ‫ين الّل َه َك ِث ً‬ ‫الذا ِك ِر َ‬ ‫ات َو ّ‬ ‫وج ُه ْم َوال َْحافِظَ ِ‬ ‫ين ُف ُر َ‬ ‫ات َوال َْحا ِف ِظ َه‬ ‫الصا ِئ َم ِه‬
‫ين َو ّ‬ ‫الصا ِئ ِم َ‬‫َات َو ّ‬ ‫َوا ْل ُم َت َص ّدق ِه‬
‫يماه )‪ ( ( 35‬وقال سبحانه ‪َ ) :‬ولَ ُه ّن ِم ْث ُل الّ ِذي َع َل ْي ِه ّن‬ ‫ات َأ َع ّد الّل ُهلَ ُهم ّم ْغ ِف َر ًة َو َأ ْج ًرا َع ِظ ً‬
‫الذا ِك َر ِ‬‫َو ّ‬
‫)‪(2‬‬

‫النبي ه صلى ال‬ ‫ّ‬ ‫هن في الدرجة الثانية في القيادة البيتية وتحمل التبعات ‪ .‬قال‬ ‫وف( إنما ّ‬ ‫)‪(3‬‬
‫ِبال َْم ْع ُر ِ‬
‫عليه وسلم ه ‪ )) :‬والمرأة راعية على بيت زوجها وولده ‪ ، (( . .‬فالزوج زوجها ‪ ،‬والبيت بيتها ‪،‬‬
‫)‪(4‬‬

‫أن البيته لزوجها والولد أولده للتأكيد على مكانتها‬ ‫لكن الحديث جاء مؤكدا ّ‬ ‫والولد أولدها ‪ّ ،‬‬
‫الولى بعد زوجها في البيته‪ ،‬وأن مسؤوليتها تأتي بعد مسؤوليته ‪.‬‬
‫فكيف عّبر الحديث عن مكانة الزوج في المقام الول ؟‬
‫عظموا أحدا سجدوا له ‪ ،‬ولما كان السجود في السلم ل‬ ‫كانت العرب وغيرهم من المم إذا ّ‬
‫تعالى وحده فما ينبغي أن نسجد إل ل سبحانه ‪ ،‬فالسجود خاص به ‪ ،‬خالص له ‪ .‬ولتعظيم حق الزوج‬
‫على زوجته قال الرسول الكريم ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لحد ‪،‬‬
‫أن جنّة المرأة بيد‬ ‫لمرت المرأة أن تسجد لزوجها (( )‪ ، (5‬وقال كذلك عليه الصلة والسلم موضح ُا ّ‬
‫زوجها ‪ ،‬فإذا رضي عنها دخلت الجنة ‪ )) :‬أ ّيما امرأة ماتت ‪ ،‬وزوجها عنها راض دخلت الجنة (( )‪، (6‬‬
‫والمقصود هنا الزوج المسلم الصالح والمرأة المسلمة الصالحة فهو يكرمها ويؤدي حقّها وهي تفعل‬
‫كذلك ‪.‬‬
‫وخير ما يحوزه المرء زوجة صالحة تعينه على أمور دنياه ‪ ،‬تودعه بابتسامة المحب وتأمره أن‬
‫يتخ ّي ر الرزق الحلل ‪ ،‬وأن ينأى بنفسه وزوجته وولده عن الحرام ‪ ،‬وتدعو له بظهر الغيب ‪ ،‬وتجعل‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫بيتها ج ّنته ‪ ،‬وتستقبله حين يعود بحفاوة تنسيه ما لقيه خارج البيت ‪ .‬قال‬
‫)) الدنيا متاع ‪ ،‬وخير متاعها المرأة الصالحة (( )‪. (7‬‬
‫النبي أن تمتنع المرأة عن زوجها إذا دعاها ‪ ،‬ولو كانت منشغلة عنه بما يصلح‬ ‫ّ‬ ‫مر معنا نهي‬ ‫وقد ّ‬
‫البيت من غسيل وطعام وتظيف و ‪. . .‬‬
‫النساء ‪. 34 :‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫الحزاب ‪. 35 :‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫البقرة ‪. 228 :‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 2554 ، 2409 ، 893‬ومسلم برقم ) ‪ ( 1829‬وغيرهما ‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫رواه الترمذي برقم ) ‪ ( 1159‬وقال ‪ :‬حديث حسن غريب ‪ ،‬وانظر ‪ :‬المشكاة برقم ) ‪. ( 3255‬‬ ‫)‪(5‬‬

‫‪ (6‬أخرجه الترمذي برقم ) ‪ ، ( 1161‬وابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 1854‬وقال الترمذي ‪ :‬هذا حديث حسن‬ ‫)‬

‫برقم ) ‪. ( 3256‬‬ ‫غريب ‪ ،‬وانظر ‪ :‬المشكاةه‬


‫رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 1467‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 6531‬والنسائي برقم ) ‪ ( 3232‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫)‪(7‬‬
‫ول ينبغيه للمرأة أن تشاكس زوجها أو تؤذيه ‪ ،‬وقد مدح القرآن الكريم النساء المطيعاته ل‬
‫القائمات بحقوق الزواج ‪ ،‬الحافظات في غيبة الزواج ما يجب حفظه في أنفسهن وماله ‪ ،‬الكاتماته‬
‫ات لّ ْل َغ ْي ِب ِب َما َح ِف َظالّله ()‪. (8‬‬
‫ات َحافِظَ ٌ‬ ‫ات قَانِ َت ٌ‬ ‫الصالِ َح ُ‬
‫أسرار أزواجهن ) َف ّ‬
‫وللرجل المسلم في الجنة نساء من أهلها ينتظرن بفارغ الصبر مجيئه إليهن ‪ ،‬مطلعات على ما‬
‫يحدث بين الرجل وزوجته ‪ ،‬فإذا وجدن منها ما يؤذيه عاتب َنها ‪ ،‬فقد روى معاذ بن جبل رضي ال عنه‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه قال ‪)) :‬ل تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إل قالت زوجته من الحور‬ ‫ّ‬ ‫عن‬
‫العين ‪:‬ل تؤذيه قاتلك ال ! فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا (( ‪.‬‬
‫)‪(10‬‬ ‫)‪(9‬‬

‫وهذه أم الدرداء رضي ال عنها آخى رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه بين زوجها أبي الدرداء وسلمان‬
‫متبذلة تلبس ثياب المهنة تاركة‬ ‫الفارسي رضي ال عنهما ‪ ،‬فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء ّ‬
‫ضربالحجاب فقال لها ‪ :‬ما شأنك ؟ َلم أنت هكذا ل تهتمين بنفسك‬ ‫َ‬ ‫ثياب الزينة وذلك قبل أن ُي‬
‫أليس لزوجك عليك حقا ؟ قالت له ‪ :‬ولمن تتزين المرأة ؟ أليس لزوجها ؟ قال ‪ :‬بلى ‪ .‬قالت ‪ :‬فهذا‬
‫صواما بالنهار ‪.‬‬‫قواما بالليل ّ‬ ‫أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ‪ ،‬ول نسائها ‪ ،‬فتراه ّ‬
‫ورحب به ‪ ،‬وصنع له طعاما ‪ ،‬وقال له ‪ :‬قم يا سلمان َفك ُْلفإني صائم ‪.‬‬ ‫فجاء أبو الدرداء ‪ّ ،‬‬
‫قال سلمان ‪ :‬ما أنا بآكل حتى تأكل معي ‪ ،‬فأكل أبو الدرداء حفاظا لحق الضيف ورغبة في‬
‫فط َر نهاره ‪.‬‬ ‫إكرامه ‪ ،‬لك ّنه وجد في نفسه إذ اضطر أن ُي ِ‬
‫وقت‬‫ٌ‬ ‫فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقومه فأمره سلمان أن يذهب إلى مخدعه فينام ‪ ،‬وللقيام‬
‫أن لزوجته حقا فيه ل ينبغي التفريط فيه ‪ ،‬فانصاعهلمره ‪.‬‬ ‫آخر ‪ ،‬وأخبره ّ‬
‫ثم قام يريد صلة الليل ‪ ،‬وما زال في الوقت متسع ‪ ،‬فأمره أخوه سلمان أن يعود إلى فراشه‬
‫فأجابه متأففا ‪ ،‬فلما كان من آخر الليل قال سلمان ‪ :‬قم الن ‪ ،‬فصلّيا جميعا ‪ ،‬ثم انطلقا إلى مسجد‬
‫إن لربك عليك حقا ‪ ،‬وإن لنفسك عليك‬ ‫رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه وسلمان يقول لبي الدرداء ‪ّ :‬‬
‫حقحقّه ‪.‬‬ ‫حقا ‪ ،‬ولهلك عليك حق ّا ‪ ،‬فأعط كل ذي ّ‬
‫النبي‬
‫ّ‬ ‫للنبي ما فعل به سلمان ‪ ،‬فقد منعه صوم يومه ‪ ،‬وقيام ليله ‪ ،‬فما كان من‬ ‫لكنأبا الدرداء شكا ّ‬ ‫ّ‬
‫ه صلى ال عليه وسلم ه إل أن ُس ّر من فقه سلمان رضي ال عنه ووافقه على فهمه وحسن تصرفه ‪ ،‬وقال‬
‫لبي الدرداء ‪ )) :‬صدق سلمان (( )‪. (11‬‬
‫رغبة عنها ‪ ،‬أذعنت لذلك على الرغم أنه‬ ‫ً‬ ‫فالمرأة حين رأت من زوجها عزوفا عنها ‪ ،‬ل كرها ول‬
‫وضحت له سبب ابتذالها ‪ ،‬واجتهدت أن ترضي‬ ‫انتقص حقها دون أن يدري ‪ ،‬ولم تشكُه لسلمان إنما ّ‬
‫زوجها وتطيعه ما أمكنها ‪ . .‬وما ذاك إل لحبها إياه وطاعتها له ‪ ،‬والنزول عن رغبته ‪.‬‬
‫ف امرأة هلل بن أم ّية ‪ ،‬أحد الثلثة‬ ‫أدل على حب المرأة المسلمة زوجها من َت َص ّر ِ‬ ‫ّ‬ ‫ول‬
‫‪ ،‬حين أمر رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه نساءهم ه معشر الثلثة ه أن يعتزلنهم ‪ ،‬فذهبته‬ ‫)‪(12‬‬
‫المخلفين‬
‫إلى رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه مشفقة على زوجها ‪ ،‬خائفة عليه وهو الشيخ الهرم ل يستطيع خدمة‬
‫إن هلل بن أم ّية شيخ ضائع ليس له خادم ‪ ،‬فهل‬ ‫نفسه إذا اعتزلته زوج ُته ‪ ،‬فقالت له ‪ :‬يا رسول ال ّ‬
‫ولكنل يق َربنّك (( ‪ ،‬فقالت ‪ :‬إنه وال ما به من حركة إلى شيء )ل‬ ‫ْ‬ ‫أخدمه ؟ قال ‪)) :‬ل ‪,‬‬ ‫تكره أن ُ‬
‫يشتهي النساء ( ووال ما زال يبكي منذ أن كان من أمره ما كان ‪ ،‬إلى يومه هذا ‪.‬‬
‫)‪(13‬‬

‫النساء ‪. 34 :‬‬ ‫)‪(8‬‬

‫دخيل عندك ‪ :‬ضيف نزيل سرعان ما يغادر إلينا ‪.‬‬ ‫)‪(9‬‬

‫‪ (10‬أخرجه أحمد برقم ) ‪ ، ( 21596‬والترمذي برقم ) ‪ ، ( 1174‬وابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 2014‬وقال الترمذي ‪:‬‬ ‫)‬

‫حديث حسن غريب وانظر المشكاة برقم ) ‪. ( 3258‬‬


‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6139 ، 1968‬والترمذي برقم ) ‪. ( 2413‬‬ ‫)‪(11‬‬

‫النصاري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مالك‬
‫ٍ‬ ‫وكعببن‬
‫ُ‬ ‫الواقفي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وهلل بن أمّية‬
‫ُ‬ ‫هم مرار بن الربيع ال َع ْم ِر ّي‪،‬‬ ‫)‪(12‬‬

‫القصة أخرجها البخاري برقم ) ‪ ، ( 4418‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2769‬وأحمد برقم ) ‪ ( 26634‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫)‪(13‬‬
‫أمر رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه أهل المدينة أل يتعاملوا مع هؤلء الثلثة الذين تخّلفوا عن‬
‫مد ة أربعين يوما ‪ ،‬ثم أمر النساء فابتعدن عن أزواجهن إل زوجة هلل بقية‬ ‫غزوة تبوك دون عذر ّ‬
‫الخمسين يوما ‪ ،‬وامرأة مح ّبة لزوجها امتثلت لمر رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه لكنها استأذنته في‬
‫والشهد والعلقم ‪ ،‬فكانت مؤمنة تق ّية في‬
‫َ‬ ‫والمر ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫سني عمرها ‪ ،‬وذاقت معه الحلو‬
‫ّ‬ ‫خدمة من عاشت معه‬
‫طاعة رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬ومحّب ًة وفّية لزوجها ورفيقهعمرها ‪.‬‬
‫الحبالمتبادل بين الزوجين ما قاله ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬رحم ال‬ ‫ّ‬ ‫ومن الصور الجميلة في‬
‫رج ًل قام من الليل فصلّى ‪ ،‬وأيقظ امرأته ‪ ،‬فإن أبت نضح في وجهها الماء ‪ ،‬رحم ال امرأة قامت من‬
‫وأيقظتزوجها ‪ ،‬فإن أبى نضحت في وجهه الماء (( )‪. (14‬‬
‫ْ‬ ‫الليل فص ّلته‪،‬‬
‫وقال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصلّياه أو صلّى ركعتين جميعا‬
‫كتبا في الذاكرين والذاكرات (( )‪. (15‬‬
‫إنها حياة مثالية رائعة للزوجين المسلمين الصالحين ‪ ،‬وإنها وال امرأة من أهل الجنة إن أح ّبت‬
‫زوجها وأطاعته ‪.‬‬

‫)‪ (14‬أخرجه أحمد برقم ) ‪ ، ( 9344 , 7362‬وأبو داود برقم ) ‪ ، ( 1308‬والنسائي برقم ) ‪ ، ( 1610‬وانظر ‪:‬‬
‫المشكاة برقم ) ‪. ( 1230‬‬
‫)‪ (15‬أخرجه أبو داود برفم ) ‪ ، ( 1309‬وابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 1335‬وانظر ‪ :‬المشكاة برقم ) ‪. ( 1238‬‬
‫وصية الرجال في النساء‬
‫الدكتور عثمان قدري مكانسي‬

‫والود والسكن والرحمة ‪ .‬قال تعالى ‪َ ) :‬و ِم ْن آ َيا ِت ِه‬ ‫ّ‬ ‫علقة الزوجين أحدهما بالخر قائمة على المحبة‬
‫ات لّق َْو ٍم‬‫اجا لّ َت ْس ُكنُوا ِإلَ ْي َها َو َج َع َل بَ ْي َنكُم ّم َو ّد ًة َو َر ْح َم ًة ِإ ّن ِفي َذلِ َك لَآ َي ٍ‬‫َأ ْن َخل ََق لَكُم ّم ْن َأن ُف ِسك ُْم َأ ْز َو ً‬
‫ون )‪ (1) ( (21‬فهما صنوان يكمل أحدهما الخر ‪ ،‬فالرجل حريص على إسعاد شريكه في العمل‬ ‫َي َت َف ّك ُر َ‬
‫يكون الزوجان‬ ‫خارج البيت ‪ ،‬والمرأة حريصة على تهيئة ما يسعد زوجها داخله ‪ ،‬وعلى مر اليام ّ‬
‫فريق عمل متكاف ًل يبذل كل منهما جهده فيماهيعود على الثنينهبالحياة الطيبةه ‪.‬‬
‫والمرأة أضعف الطرفين ‪ ،‬ونصفهما اللطيف ‪ ،‬ينضوي تحت جناح الرجل القوي ‪ ،‬و ُي ْس ِلم له قياده‬
‫راحة ‪ ،‬ويرى ذاته فيه ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫‪ ،‬ويلقي إليه زمامه ويذوب فيه حنانا ورقة ولطفا ‪ ،‬ويؤثره على نفسه‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه بها دائما فقال ‪ )) :‬إني‬ ‫ّ‬ ‫وصى‬‫وأمانه بين يديه ‪ . . .‬هذه هي المرأة التي ّ‬
‫حق الضعيفين ‪ :‬اليتيم والمرأة (( ‪ ،‬وتراه في حجة الوداع بعد أن حمد ال تعالى‬ ‫)‪(2‬‬
‫أحرج عليكم ّ‬ ‫ّ‬
‫عوان عندكم ‪ ،‬ليس‬ ‫ٌ‬ ‫هن‬
‫وأثنى عليه ‪ ،‬وذكـر‪ ،‬ووعظ قال ‪ )) :‬أل واستوصوا بالنساء خيرا فإنما ّ‬
‫منهنشيئا غير ذلك (( )‪. (3‬‬ ‫ّ‬ ‫تملكون‬
‫إليهن من سمات المسلمين ذوي اليمان الكامل والخلق العالي والشمائل الحميدة‬ ‫ّ‬ ‫وجعل الحسان‬
‫فقال ‪ )) :‬أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم (( ‪ ،‬وقد كان عليه‬
‫)‪(5‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫الصلة والسلم يمشي فتأتي الفتاة الصغيرة تأخذ بيده وتكلمه ‪ ،‬وتنطلق به حيث شاءت ‪ ،‬وهو ل‬
‫يخالفها إلى أن تنتهي منه فتتركه )‪. (6‬‬
‫حقالمرأة على زوجها فقال حين سأله أحدهم ‪ :‬يا رسول ال‬ ‫وحدد رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ّ‬ ‫ّ‬
‫حقزوجة أحدنا عليه ؟ ‪.‬‬ ‫ما ّ‬
‫طعم َت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫أ ه )) أن تطعمها إذا‬
‫اكتسيت ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وتكسوها إذا‬ ‫َ‬ ‫به‬
‫جه ه ول تضرب الوجه ‪،‬‬
‫ول تق ّب ْح)‪، (7‬‬ ‫ده‬
‫هه ه ول تهجر إل في البيت (( ‪.‬‬
‫)‪(8‬‬

‫)‪ (1‬الروم ‪. 21 :‬‬


‫)‪ (2‬رواه الحاكم برقم ) ‪ ، ( 211‬والبهيقي في السنن الكبرى برقم ) ‪ ، ( 20239‬وانظر ‪ :‬السلسلة الصحيحة برقم )‬
‫‪. ( 1015‬‬
‫) ‪ (3‬العوان ‪ :‬السيرات جمع عانية ‪ ،‬وشّبهها رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه بالسيرة لدخولهاهتحت حكم الزوج ‪،‬‬
‫ول نملك منهن غير الستمتاع وحفظ الزوج في ماله وولده ونفسه ‪ ،‬والحديث أخرجه الترمذي برقم ) ‪، ( 1163‬‬
‫وانظر ‪ :‬آداب الزفاف ص ‪. 270‬‬
‫وكفالذى ‪ ،‬وطلقة الوجه ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (4‬وحقيقة حسن الخلق ‪ :‬بذل المعروف ‪،‬‬
‫)‪ (5‬رواه أحمد برقم ) ‪ ، ( 9756 ، 7354‬والترمذي برقم ) ‪ ، ( 1162‬وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪ ،‬وانظر‪:‬‬
‫المشكاة برقم ) ‪. ( 3264‬‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬فتنطلق‬
‫ّ‬ ‫بيد‬ ‫لتأخذ‬ ‫المدينة‬ ‫إماء‬ ‫من‬ ‫ةُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫كانت‬ ‫إن‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬ ‫عنه‬ ‫ا‬
‫ل‬ ‫رضي‬ ‫) ‪ (6‬روى أنس‬
‫به حيث شاءت ‪ .‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6072‬وأحمد برقم ) ‪ ( 11530‬وغيرهما ‪.‬‬
‫)‪ (7‬ل تقبح ‪:‬ل تقل قّبحك ال ‪ ،‬ل تشتم ول تهجرها خارج البيت لتحفظ مكانتها بين الناس ‪.‬‬
‫) ‪ (8‬رواه أحمد برقم ) ‪ ، ( 19523 ، 19511‬وأبو داود برقم ) ‪ ، ( 2144 ، 2142‬وابن ماجه برقم )‬
‫‪ ، ( 1850‬وانظر ‪ :‬المشكاة برقم ) ‪. ( 3259‬‬
‫عليهنأن‬
‫ّ‬ ‫إن لكم على نسائكم حقا ‪ ،‬ولنسائكم عليكم حقا ‪ ،‬فح ّقكم‬‫ويقول في حديث آخر ‪ )) :‬أل ّ‬
‫وحقهن عليكم أن تحسنوا‬ ‫ّ‬ ‫يأذ ّن في بيوتكم لمن تكرهون ‪ ،‬أل‬‫ل يوطئن ف ُر َشهكم من تكرهون ‪ ،‬ول َ‬
‫وطعامهن(( )‪. (9‬‬
‫ّ‬ ‫إليهن في كسوتهن ‪،‬‬
‫فيهنالصالحة والطالحة ‪ ،‬والمطيعة والناشزة ‪ ،‬وقد ح ّثنا رسول ال ه صلى ال عليه‬ ‫ّ‬ ‫والنساء كالرجال ‪،‬‬
‫وسلم ه أن نتخير النساء الصالحات زوجات ‪ ،‬ذوات ِالدين اللواتي يضعن خوف ال تعالى وابتغاء‬
‫هناللئي يبنين البيوت المسلمة ‪ ،‬ويربين الجيال المؤمنة ‪ .‬ول‬ ‫أعينهن‪ ،‬هؤلء فقط ّ‬ ‫ّ‬ ‫رضوانه نصب‬
‫مر الزمن وقد تعود‬ ‫يكن هم الزوج البحث عن الجمال والحسب والمال ‪ . .‬فهذه أمور تتغير على ّ‬
‫النبيه‬
‫ّ‬ ‫تدل المرأة على زوجها بإحدى هذه الصفاتهالثلث ‪ .‬قال‬ ‫على الزوج بالحسرة والندامة حين ّ‬
‫صلى ال عليه وسلم ه ‪ُ )) :‬تنكح المرأ ُة لربع ‪ :‬لمالها ‪ ،‬ولحسبها ‪ ،‬ولجمالها ‪ ،‬ولدينها ‪ ،‬فاظفره بذات الدين‬
‫تربت يداك (( )‪ (10‬وكأنه ه صلى ال عليه وسلم ه يقول ‪ :‬افتقرت أيها النسان إن لم تفعل ما أرشدتك‬
‫تزوجوا النساء‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه في المعنى نفسه ‪)) :‬ل ّ‬ ‫ّ‬ ‫إليه ‪ .‬ويؤيد هذا الحديث ما قاله‬
‫ولكن‬
‫ْ‬ ‫أموالهن أن يطغي ُه ّن ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لموالهن ‪ ،‬فعسى‬
‫ّ‬ ‫جوهن‬
‫ّ‬ ‫تزو‬
‫ّ‬ ‫حسنهن أن يؤذي ُه ّن ‪ ،‬ول‬
‫ّ‬ ‫لحسنهن ‪ ،‬فعسى‬
‫‪ ،‬وأين الراحة والسعادة‬ ‫)‪(12‬‬
‫جوهن على الدين ‪ ،‬ولمرأة جذما ُء سودا ُء ذات دين أفضل ((‬
‫)‪(11‬‬
‫ّ‬ ‫تز ّو‬
‫في بيت صاحبته متكبرة تذل زوجها بكثرة مالها أو جمالها الطاغي تعرضه على الخرين حيث‬
‫وقل الحياء ‪ ،‬أو بنسبها الصيل ومحتدها الشريف ‪. .‬‬ ‫ضعف الدين ‪ّ ،‬‬

‫الزمن‬ ‫دين الفتاة سياجها من حمهأة ّ‬


‫الفسهاد ال ُمزبد‬
‫ِ‬ ‫الرديء ‪ ،‬وفي‬
‫فاظفر بذات الدين ‪ ،‬قد نهادى بههها‬
‫ترد ِد‬
‫طهههه ‪ ،‬رسهول ال دون ّ‬
‫تطلبنفيهها الجمهال ‪ ،‬ول الجـدا‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫هسهن المح ِت ِد‬
‫لح ِ‬ ‫أو ل تقل أرنو ُ‬
‫ديهههن محههنةٌ‬
‫ٍ‬ ‫إن الجمههال بغيهههر‬
‫تستبعههد‬
‫ِ‬ ‫والمال يطغيهها ‪ ،‬فل‬
‫لمحو خسيسةٍ‬ ‫حسب ٍ‬‫ٍ‬ ‫والبحثعن‬
‫ُ‬
‫أنهكد ‪.‬‬
‫)‪(14‬‬
‫ِ‬ ‫وعيهش‬
‫ٍ‬ ‫‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ذل‬ ‫في‬ ‫يرديك‬
‫ض ٍلع معوج ‪ ،‬فل ُينكر‬‫ِ‬ ‫من‬ ‫خلقت‬ ‫المرأة‬ ‫أن‬ ‫إلى‬ ‫الرجال‬ ‫والنبي ه صلى ال عليه وسلم ه ن ّبه‬ ‫ّ‬
‫اعوجاج ها ولن يستطيع الزوج أن يقيمها على الجادة المستقيمة تماما ‪ ،‬فهذا وضعها وشأنها ‪ ،‬والتشديد‬ ‫ُ‬
‫عليها في ذلك قد يؤدي إلى الشقاق والفراق ‪ .‬فإما أن يصبر الزوج على ضعفها فتستمر العشرة ‪ ،‬وإل‬
‫يصبر كان الطلق ‪ ،‬وهو ‪ -‬عليه الصلة والسلم ‪ -‬يدعونا إلى الترفق بالنساء ‪ ،‬ومراعاة ضعفهن‬
‫ضلَع ‪ ،‬لن تستقيم لك‬ ‫إن المرأة ُخلقت من ِ‬
‫لنبني بيتا مسلما قائما على التفاهم والتراضي فقال ‪ّ )) :‬‬

‫)‪ (9‬رواه الترمذي برقم ) ‪ ، ( 3087 ، 1163‬وابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 1851‬وانظر ‪ :‬آداب الزفاف للشيخ اللباني‬
‫ص ‪. 270‬‬
‫)‪ (10‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5090‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1466‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 9237‬وأبو داود برقم ) ‪( 2047‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (11‬جذماء ‪ :‬مقطوعة اليد ‪ ،‬أو شوهاء الخلقة ‪.‬‬
‫) ‪ (12‬رواه ابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 1859‬وعبد بن حميد في مسنده برقم ) ‪ ، ( 328‬والبزاز برقم ) ‪، ( 2438‬‬
‫والبيهقي في السنن الكبرى برقم ) ‪. ( 13247‬‬
‫)‪ (14‬البيات للمؤلف من ديوانه الثالث ‪ ،‬وهو مخطوط ‪.‬‬
‫ذهبت تقيمها كسرتها ‪ ،‬وكسرها‬ ‫َ‬ ‫استمتعت بها وفيها ِع َوج ‪ ،‬وإن‬ ‫َ‬ ‫على طريقة ‪ ،‬فإن استمتعت بها‬
‫اللبيبالعاقل ؟‬
‫ُ‬ ‫فأيالمرين يختار‬ ‫طلقها (( )‪ّ (15‬‬
‫يحرصعلى إكرامها‬ ‫ُ‬ ‫وعلى هذا فالمرأة المؤمنة الصالحة كن ٌز يحافظ الزوج عليه ‪ ،‬وصاحبة ٌ‬
‫والحسان إليها ‪ ،‬وقد يبدو منها ما يسيء فهي من بنات آدم وحواء ‪ ،‬مركـبة كالرجال من النقصان ‪،‬‬
‫التوابون ‪ ،‬فإن بدا منها ما ل يسر أحيانا فقد بدا منها أشياء‬ ‫خطاء ‪ ،‬وخير الخطائين ّ‬ ‫وكل ابن آدم ّ‬
‫يحسن أن يكرهها الرجل ويسيء معاملتها ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تسر ‪ ،‬وترفع مقامها في عينيه الزوج وأهله ‪ ،‬فل‬ ‫كثيرة ّ‬
‫وأيالناس معصوم عن الخطأه؟ ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ومن ذا الذي ُترضى سجاياه كلها‬ ‫َ‬
‫)‪(16‬‬
‫كفى المرء نب ًل أن ُت َع ّد معايبهه‬
‫مؤمن مؤمنة ً ‪ ،‬إن كره منها ُخلُقا رضي منها‬ ‫ٌ‬ ‫يفر ْك‬
‫َ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪)) :‬ل‬ ‫ّ‬ ‫قال‬
‫غيره (( ‪.‬‬
‫)‪(17‬‬
‫آخ َر (( أو قال ‪َ )) :‬‬
‫النبيه صلى ال عليه وسلم ه ضرب النساء ))ل تضربوا إماء ال (( جاء عمر رضي ال عنه‬ ‫ّ‬ ‫وحين نهى‬
‫)‪(19‬‬
‫ضربهن ((‬
‫ّ‬ ‫فرخص في‬ ‫ّ‬ ‫)‪(18‬‬
‫إليه ه صلى ال عليه وسلم ه يقول ‪َ )) :‬ذئِ ْر َن النساء على أزواجهن‬
‫فأطاف بآل رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه نساء كثير يشكون أزواجهن ‪ ،‬فقال رسول ال ه صلى ال عليه‬
‫أزواجهن‪ ،‬ليس أولئك بخياركم (( )‪. (20‬‬ ‫ّ‬ ‫وسلم ه ‪ )) :‬لقد طاف بآل بيت محمد نساء كثير يشكون‬
‫بضربهن ضربا تأديبيا ل يترك أثرا ول يصيب الوجه ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فرخص رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه‬ ‫ّ‬
‫ويظهر الغضب فقط دون أن يؤذي الجسد والنفسه معا ‪ ،‬إذ كيف يضرب الرجل زوجته أو يجلدها‬
‫ثم ل يجد حرجا في آخر‬ ‫مبرحا دون رأفة ول رحمة وكأنها عبد من عبيده أو ملك يمينه ‪ّ ،‬‬ ‫جلدا ّ‬
‫جلد‬
‫الليل أو آخر يومه أن ينام معها ؟!! قال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬يع ِمد أحدكم فيجلد امرأته َ‬
‫العبد ‪ ،‬فلعلّه يضاجعها من آخر يومه (( )‪ (21‬وفي رواية للبخاري ‪ )) :‬يجامعها (( )‪ (22‬وكثيرا ما يقع‬
‫الرجال في هذا الثم نسأل ال السداد والرشاد ‪.‬‬
‫بالضرب الذي ل‬ ‫ْ‬ ‫بل إنه ه صلى ال عليه وسلم ه جعل الهجران قبل الضرب فإن لم ينفع سمح‬
‫ُفالزوج عن هجرانها وليمتنع عن ضربها ‪.‬‬ ‫أقرت المرأة بالخطأ فلْيك ّ‬ ‫ودا ‪ ،‬فإن ّ‬ ‫يؤذي ول يفسد ّ‬
‫واضربوهن ضربا غير‬
‫ّ‬ ‫فاهجروهن في المضاجع ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫قال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬فإن فعلن‬
‫عليهن سبي ًل ‪. (( . . .‬‬
‫)‪(23‬‬
‫ّ‬ ‫مبرح ‪ ،‬فإن أطعنكم فل تبغوا‬ ‫ّ‬
‫والرسول عليه الصلة والسلم لم يتجاوز في تأديب النساء ما قرره القرآن الكريم الذي ل يأتيه‬
‫الباطل من بين يديه ول من خلفه حيث قال سبحانه ‪َ ) :‬وال ّل ِتي َت َخا ُف َ‬
‫ون نُ ُشو َز ُه ّن( ‪.‬‬
‫وه ّن( ‪.‬‬ ‫أ ه ) َف ِعظُ ُ‬
‫اج ِع ( ‪.‬‬
‫وه ّن ِفي ال َْم َض ِ‬ ‫اه ُج ُر ُ‬
‫ب ه ) َو ْ‬
‫وه ّن( ‪.‬‬‫اض ِربُ ُ‬‫ج ه ) َو ْ‬
‫)‪ (15‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 3331‬ومسلم برقم ) ‪ ( 1468‬واللفظ له ‪.‬‬
‫)‪ (16‬البيت للشاعر العباسي بشار بن برد ‪.‬‬
‫)‪ (17‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 1469‬وأحمد برقم ) ‪. ( 8163‬‬
‫)‪ (18‬ذئرن ‪ :‬اجترأن على أزواجهن ‪.‬‬
‫)‪ (19‬لم يكن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه يضرب نساءه ‪ ،‬إنما اكتفى بالهجر ‪.‬‬
‫)‪ (20‬رواه أبو داود برقم ) ‪ ، ( 2146‬وابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 1985‬والدرامي برقم ) ‪ ، ( 2219‬وانظر ‪ :‬المشكاةه‬
‫برقم ) ‪. ( 3261‬‬
‫)‪ (21‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 4942‬ومسلم برقم )‪ ، ( 2855‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 15788‬والترمذي برقم ) ‪( 3343‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (22‬برقم ) ‪. ( 5204‬‬
‫)‪ (23‬رواه الترمذي برقم ) ‪ ، ( 3087 ، 1161‬وابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 1851‬وانظر ‪ :‬آداب الزفاف ص ‪. 270‬‬
‫) َف ِإ ْن َأطَ ْع َنك ُْم َف َل َت ْب ُغو ْا َع َل ْي ِه ّن َس ِبي ًل ِإ ّن الّله َك َ‬
‫ان َع ِل ّيا َك ِبي ًرا ( )‪. (24‬‬ ‫ده‬

‫النساء ‪. 34 :‬‬ ‫)‪(24‬‬


‫وبر الوالدين‬
‫المرأة ّ‬
‫أمرنا ال تعالى بصلة الرحام ‪ ،‬فدينناه دين البر ودين المرحمة ‪ .‬فقال في كتابه العزيز ‪َ ) :‬وا ّتقُو ْا‬
‫ام ( )‪ ، (1‬وقال سبحانه مادحا من يصل رحمه بأنه من أولي اللباب ‪:‬‬ ‫ُون ِب ِه َوا َل ْر َح َ‬ ‫الّله الّ ِذي َت َساءل َ‬
‫) ِإن َّما َي َت َذ ّك ُر (‬
‫اب)‪. ( (19‬‬ ‫أ ه ) ُأ ْولُو ْا ا َل ْل َب ِ‬
‫ون ِب َع ْه ِد الّله ( ‪.‬‬ ‫ين ُيو ُف َ‬ ‫ب ه ) الّ ِذ َ‬
‫اق )‪. ( (20‬‬ ‫ون ا ْل ِمي َث َ‬ ‫ُض َ‬ ‫ج ه ) َو َل ِينق ُ‬
‫وص َل ( ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ُون َما أ َم َر الّله ِب ِه أن ُي َ‬ ‫َ‬ ‫ين َي ِصل َ‬ ‫د ه ) َوالّ ِذ َ‬
‫هه ه ) َو َي ْخ َش ْو َن َر ّب ُه ْم ( ‪.‬‬
‫اب) ‪. ( ( 21‬‬
‫)‪(2‬‬
‫الح َس ِ‬ ‫ون ُسو َء ِ‬ ‫و ه ) َو َي َخا ُف َ‬
‫ان ِب َوالِ َد ْي ِه ُح ْس ًنا ( ثم‬
‫)‪(3‬‬
‫نس َ‬
‫ص ْي َنا ال ِْإ َ‬
‫خصص صلة الرحام فذكر الوالدين ‪ ،‬فقال سبحانه ‪َ ) :‬و َو ّ‬ ‫ثم ّ‬
‫َضى َر ّب َك ( ‪.‬‬ ‫جلوعل فقال آمرا وناهيا ‪َ ) :‬وق َ‬ ‫بر الوالدين بعبادته ّ‬ ‫قرن ّ‬
‫أ ه ) َأ ّل َت ْع ُب ُدو ْها ِإ ّل ِإ ّيا ُه ( ‪.‬‬
‫ب ه ) َو ِبال َْوالِ َد ْي ِن ِإ ْح َسانًا ( ‪.‬‬
‫) ِإ ّما َي ْبلُ َغ ّن ِع َند َك ا ْل ِك َب َر َأ َح ُد ُه َما َأ ْو ِكل َُه َما ( ‪.‬‬
‫أ ه ) َف َل َتقُل لّ ُه َمآ ُأ ّف(‪.‬‬
‫ب ه ) َو َل َت ْن َه ْر ُه َما ( ‪.‬‬
‫يما ( ‪.‬‬ ‫جه ه ) َوقُل لّ ُه َما ق َْو ًل َك ِر ً‬
‫الر ْح َم ِة (‪.‬‬
‫الذ ّل ِم َن ّ‬ ‫اح ّ‬ ‫ض ُه َما َج َن َ‬ ‫اخ ِف ْ لَ‬ ‫د ه ) َو ْ‬
‫يرا ( ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫ص ِغ ً‬‫هه ه ) َوقُل ّر ّبا ْر َح ْم ُه َما َك َما َر ّب َيانِي َ‬
‫ببر الوالدين والحسان إليهما ‪.‬‬ ‫والقرآن الكريم مليء باليات التي تأمر ّ‬
‫البر بهما والحسان إليهما ‪ ،‬وإرضائهما ‪ ،‬مؤمنين‬ ‫وأحاديث رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه في ّ‬
‫وكفارا كثيرة تدل على عظيم اهتمام السلم بالباء والقرار بفضلهم ومكانتهم في عالم السلم‬
‫يقر لهل الفضل فضلَهم ولهل الحسان إحسانَهم ‪.‬‬ ‫الذي ّ‬
‫البر للوالدين حين قرنه بأحب‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه في أقواله الشريفة مفهوم ّ‬ ‫ّ‬ ‫فقد رسخ‬
‫أحبإلى ال‬ ‫ّ‬ ‫العمال إلى ال ‪ ،‬الصلة والجهاد فقال حين سأله عبدال بن مسعود رضي ال عنه ‪ :‬أي العمل‬
‫أي ؟‬‫ثم ّ‬ ‫أي ؟ قال ‪ )) :‬بر الوالدين (( قال ‪ّ :‬‬ ‫تعالى ؟ قال ‪ )) :‬الصلة على وقتها (( ‪ ،‬قال ‪ :‬ثم ّ‬
‫)) الجهاد في سبيل ال (( )‪. (5‬‬
‫وجعل الرسول عليه الصلة والسلم عقوق الوالدين من الكبائر ه والعياذ بال ه فقد روى عبدال بن‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه قال ‪ )) :‬الكبائر ‪ :‬الشراك بال ‪ ،‬وعقوق الوالدين ‪،‬‬ ‫أن ّ‬ ‫عمرو بن العاص ّ‬
‫وقتل النفس ‪ ،‬واليمين الغموس (( ‪.‬‬
‫)‪(6‬‬

‫النساء ‪. 1 :‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫الرعد ‪ 19 :‬ه ‪. 21‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫العنكبوت ‪. 8 :‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫السراء ‪. 24 ، 23 :‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5970 ، 527‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 85‬وأحمد برقم ) ‪ ( 4175 ، 3988 ، 3880‬وغيرهم‬ ‫)‪(5‬‬

‫‪.‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6870 ، 6675‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 6845‬والترمذي برقم ) ‪ ، ( 3021‬والنسائي برقم )‬
‫‪ ( 4011‬وغيرهم ‪.‬‬
‫وقد نهى رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه أن يشتم الرجل والديه ‪ . .‬وشتمهما بإحدى طريقتين ه‬
‫وبر الوالدين ه ‪.‬‬‫نسأل ال الهداية ّ‬
‫ذمة ول يخاف ال فيهما ‪ ،‬وقد يضربهما ‪،‬‬ ‫الولى ‪ :‬الشتم المباشر الوقح دون أن يرعى لهما ّ‬
‫يدلعل فجوره وعقوقه ‪.‬‬ ‫ويؤذيهما مما ّ‬
‫النبي‬
‫ّ‬ ‫الثانية ‪ :‬الشتم غير المباشر ‪ ،‬فهو ل يذكرهما بسوء لكنه يسبب لهما الشتم واليذاء ‪ ،‬فقد قال‬
‫ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬من الكبائر شتم الرجل والديه (( ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا رسول ال وهل يشتم الرجل‬
‫أمه (( )‪ ، (7‬فإذا شتم‬ ‫فيسب ّ‬
‫ّ‬ ‫أمه ‪،‬‬
‫ويسب ّ‬
‫ّ‬ ‫فيسبأباه ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الرجل‬
‫َ‬ ‫يسبأبا‬‫ّ‬ ‫والديه ؟! قال ‪ )) :‬نعم ؛‬
‫يردون وهم يشعرون أو ل‬ ‫النسان آباء الخرين شتموا أبويه ‪ . .‬هذا أمر درج عليه الناس ‪ّ ،‬‬
‫يستفز الناس في حالة كهذه ‪.‬‬ ‫يشعرون ‪ ،‬وسرعان ما ُ ّ‬
‫أن أبا هريرة رضي ال‬ ‫البر للوالدين في أحاديث رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ّ‬ ‫‪ 1‬ه ومن صور ّ‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه فقال ‪ :‬يا رسول ال َمن أحق الناس بحسن‬ ‫ّ‬ ‫عنه يقول ‪ :‬جاء رجل إلى‬
‫صحابتي ؟ قال ‪ )) :‬أ ّمك (( قال ‪ :‬ثم َم ْن ؟ قال ‪ )) :‬أ ّمك (( قال ‪ :‬ثم َم ْن ؟ قال ‪ )) :‬أ ّمك ((‬
‫البر ‪ ،‬ثلثة المثال والربع‬ ‫قال ‪ :‬ثم َم ْن ؟ قال )) أبوك (( ‪ ،‬فالم تستحق الحظ الوفر من ّ‬
‫)‪(8‬‬

‫للب ‪ ،‬وذلك له ‪:‬‬


‫أ ه صعوبة الحمل ‪.‬‬
‫ب ه صعوبة الوضع ‪.‬‬
‫مهمة الرضاع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫جه ه‬
‫تخدمه ‪ ،‬فاشتركا ه إذ ذاك ه في‬ ‫فإذا بلغ الطفل السنتين بدأ يدرك أن أباه يصرف عليه ‪ ،‬وأ ّمه ُ‬
‫ح ّيز فهمه وإدراكه لفضلهما ‪ .‬ونجد لهذا الحديث أص ًل وتأييدا في قوله تعالى في الية الخامسة عشرة‬
‫من سورة الحقاف " ووصينا النسان بوالديه إحسانا ‪ ،‬حملته أ ّمه كُرها ووضع ْت ُه كُرها ‪ "..‬فقد‬
‫فر َد ْتفي الحمل والوضع ‪ ،‬فكان ذكرها في هذه‬ ‫ذُ كرت الم ضمنا في قوله تعالى " بوالديه " ثم ُأ ِ‬
‫وجل‪ ،‬وصدق رسوله الكريم ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الية ثلث مرات ‪ .‬وصدق ال عز‬
‫أنف‪ ،‬ثم َر ِغ َم‬
‫ُ‬ ‫أن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه قال ‪َ )) :‬ر ِغ َم‬ ‫‪2‬ه وروى أبو هريرة كذلك ّ‬
‫أنفمن أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما ‪ ،‬فلم يدخل الج ّنة (( ‪ ،‬فإدراك‬
‫)‪(9‬‬
‫ُ‬ ‫أنف‪ ،‬ثم َر ِغ َم‬ ‫ُ‬
‫وبر هما أمر مهم جدا ‪ ،‬فلو عدنا إلى الية الثالثة والعشرين من سورة السراء ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الكبر‬ ‫ه‬
‫د‬ ‫عن‬ ‫البوين‬
‫وقرأنا كلمتي ) ِع َند َك ا ْل ِك َب َر ( لفهمناه أن الطفل المحتاج إلى الرعاية يعيش في كنف والديه ورعايتهما ‪،‬‬
‫ل ُي سلمانه لحد أبدا ‪ ،‬وهما عند الكبر والهرم يحتاج كل منهما إلى الرعاية والعناية ‪ ،‬فقد بلغا مرحلة‬
‫الضعف والشيبة ول ينبغي أن يحفظهما في شيخوختهما إل الذي حفظاه هما في طفولته ‪ ،‬والحياة َد ْي ٌن‬
‫البر بالوالدين ‪،‬‬‫الدور ‪ ،‬وإل فأين ّ‬ ‫ووفاء ‪ ،‬ومن الظلم أن يتخلّى البناء ُلدور العجزة أن تقوم بهذا ّ‬ ‫ٌ‬
‫بعضحقوقهما ؟!!‬ ‫ِ‬ ‫رد‬
‫وأين الوفا ُء لهما ‪ ،‬وأين ّ‬
‫نبي ال ه صلى ال عليه وسلم ه فقال ‪:‬‬ ‫‪ 3‬ه وروى عبدال بن عمر بن العاص قال ‪ :‬أقبل رجل إلى ّ‬
‫أبايعك على الهجرة والجهاد ‪ ،‬أبتغي الجر من ال تعالى ‪ .‬قال ‪ )) :‬فهل لك من والديك أحد حي ؟ ((‬
‫قال ‪ :‬نعم ؛ بل كلهما ‪ .‬قال ‪ )) :‬فتبتغي الجر من ال تعالى ؟ (( قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ )) :‬فارجع إلى‬
‫فأحس ْنصحبتهما (( )‪. (10‬‬ ‫ِ‬ ‫والديك ‪،‬‬
‫وإن أمي تأمرني بطلقها ؟‬ ‫إن لي امرأة ‪ّ ،‬‬‫‪ 4‬ه وجاء رجل إلى أبي الدرداء رضي ال عنه ‪ ،‬فقال ‪ّ :‬‬
‫فقال ‪ :‬سمعت رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه يقول ‪ )) :‬الوالد أوسط أبواب الج ّنة ‪ ،‬فإن شئت فأضع‬
‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5973‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 90‬وأحمد برقم ) ‪ ( 6493‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫)‪(7‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5971‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2548‬وأحمد برقم ) ‪ ( 8838 ، 8144‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫)‪(8‬‬

‫رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 2551‬وأحمد برقم ) ‪. ( 8352‬‬ ‫)‪(9‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 3004‬ومسلم برقم ) ‪ ( 2549‬واللفظ له ‪ ،‬وأحمد برقم ) ‪ ( 6489‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫)‪(10‬‬
‫ذلك البابه أو أحفظه (( )‪ ، (11‬ول ّبد من كلمة نقولها دفعا للفهم الخاطئ ‪ :‬فلن تطلب أم من ابنها أن‬
‫تحرض‬ ‫يطلّق زوجته ما لم تكن الزوجة مسيئة بطريقة ما للم ‪ ،‬كأن تترفـع عنها ‪ ،‬أو تهملها ‪ ،‬أو ّ‬
‫وتود َدت إليها‬ ‫ابنها عليها ‪ . . .‬وسوف تعاملها كما تعامل ابنتها إن رأت منها تواضعا وتقديرا واحتراما ّ‬
‫كأنها أمها ‪.‬‬
‫وإن قيل إن الم ذات خلق سيء فالجواب على ش ّقين ‪:‬‬
‫أمه ‪ ،‬وذلك قدر‬ ‫يبر ّ‬
‫الول ‪ :‬تتحملها احتراما لزوجها ورغبة في العيش معه ‪ ،‬ورجاء أن ّ‬
‫المكان ‪ ،‬وتتغاضى عن مضايقات الم ما استطاعتهإلى ذلك سبي ًل ‪.‬‬
‫أن الزوجة مخطئة حاول الزوج تقويمها‬ ‫الثاني ‪ :‬يقول العلماء ‪ :‬هذا ندب وليس أمرا ‪ ،‬فإن ثبت ّ‬
‫أن الم متجنية لطفها ابنها وزوجته واحتملها إلى أن يجدا ح ّل مناسبا لهذه‬ ‫وإل طلّقها ‪ ،‬وإن ثبت ّ‬
‫القض ّية ‪.‬‬
‫أن امرأة جاءت إلى الرسول ه صلى ال عليه وسلم ه فقالت ‪:‬‬ ‫‪ 5‬ه وروى ابن عباسه رضي ال عنهما ّ‬
‫أدركتأبي شيخا كبيرا ‪ ،‬ل يثبت على الراحلة ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يا رسول ال ؛ إن فريضة ال على عباده في الحج ‪،‬‬
‫يقرها‬
‫تبر أباها ورسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ّ‬ ‫فالمرأة تريد أن ّ‬
‫)‪(12‬‬
‫أفأحج عنه ؟ قال ‪ )) :‬نعم ((‬ ‫ّ‬
‫على ذلك ‪.‬‬
‫البر بالوالدين ‪،‬‬ ‫‪ 6‬ه وهذا س ّيد الخلق ورسول الحق يعلّمنا وابنته رضي ال عنها صورة من صور ّ‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه يوم‬ ‫أتيت ّ‬ ‫ُ‬ ‫بنتأبي طالب رضي ال عنها ‪ ،‬قالت ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫فعن أم هانئ ‪ ،‬فاختة‬
‫الفتح وهو يغتسل ‪ ،‬وفاطمةهتستره بثوب ‪. (( . . .‬‬
‫)‪(13‬‬

‫لقد كان خدم رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه كثيرين ‪ ،‬يحوطونه بعيونهم ويسهرون على خدمته ‪،‬‬
‫لكن ابنته الفاضلة تريد أن ترضيه ‪ ،‬وترضي ال تعالى ببره وخدمته فتكون أسوة حسنة لبنات جنسها ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وللمسلمين جميعا ‪.‬‬
‫أن أسماء بنت أبي بكر رضي ال عنهما‬ ‫مر في حديثنا في )) المرأة المربية والداعيةه (( ّ‬ ‫‪ 7‬ه وقد ّ‬
‫فيحضها ه صلى ال عليه وسلم ه على ذلك‬ ‫ّ‬ ‫بر والدتها الكافرة ‪،‬‬ ‫تستفتي رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه في ّ‬
‫ويدفعها إليه ‪ ،‬فديننا دين الرحمة ‪ ،‬ودين الصلة ‪ ،‬وما بُ ِعث رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه إل ليتم‬
‫بر الوالدين والحسان إليهما‬ ‫مكارم الخلق ‪ ،‬ويؤصلها في النفس النسانية ‪ ،‬وأعظم هذه الخلق ّ‬
‫اك َعلى َأن ُت ْش ِر َك ِبي‬
‫اه َد َ‬
‫وطاعتهما ولو كانا مشركين إل في توحيد ال وعبادته ‪ .‬قال تعالى ‪َ ) :‬و ِإن َج َ‬
‫الد ْن َيا َم ْع ُرو ًفا ( )‪. (14‬‬
‫اح ْب ُه َما ِفي ّ‬
‫ص ِ‬ ‫َما لَ ْي َس ل ََك ِب ِه ِعل ٌْم َفلَا ُت ِط ْع ُه َما َو َ‬
‫البر الرائع للوالدين أن تصل من يحبانه ويأنسان إليه ‪ ،‬وتكرمه رغبة في إسعادهما‬ ‫‪ 8‬ه ومن ّ‬
‫أن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه‬ ‫وإدخال السرور إلى قلبيهما ‪ . . .‬قد روى ابن عمر رضي ال عنهماه ّ‬
‫وصلتأصحابهما في حياتهما‬ ‫َ‬ ‫ود أبيه (( )‪ (15‬فلئن‬ ‫البر أن يصل الرجل أهل ّ‬ ‫أبر ّ‬ ‫إن ِم ْن ّ‬ ‫يقول ‪ّ )) :‬‬
‫أو بعد مماتهما لنت با ّر بهما ‪ ،‬مطيع لهما ‪ ،‬ثوابك عند ال تعالى كبير ‪ ،‬وأجرك خطير ‪ ،‬لنك فعلت ما‬
‫إنحّي ْين وإن مّي َت ْي ِن‪.‬‬ ‫يرضيانه ْ‬

‫)‪ (11‬رواه أحمد برقم ) ‪ ، ( 26965‬والترمذي برقم ) ‪ ، ( 1900‬وابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 2089‬وانظر ‪ :‬المشكاةهبرقم‬
‫) ‪. ( 4928‬‬
‫)‪ (12‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 4399 ، 1854 ، 1513‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1334‬وأحمد برقم ) ‪( 1825 ، 1815‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (13‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 3171 ، 357 ، 280‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 336‬وأحمد برقم ) ‪ ( 26842‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (14‬لقمان ‪. 15 :‬‬
‫)‪ (15‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 2552‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 5862 ، 5621 ، 5580‬وأبو داود برقم ) ‪ ، ( 5143‬والترمذي‬
‫برقم ) ‪( 1903‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫‪ 9‬ه وجاء رجل من بني سلمة والرسول ه صلى ال عليه وسلم ه جالس مع أصحابه يسأله ‪ :‬يا رسول‬
‫أبرهما به بعد موتهما ؟ فقال ‪ )) :‬نعم ‪:‬‬ ‫أبويشيء ّ‬ ‫ّ‬ ‫بر‬
‫ال ؛ هل بقي من ّ‬
‫أ ه الصلة عليهما ‪.‬‬
‫)‪(16‬‬

‫ب ه والستغفار لهما ‪.‬‬


‫جه ه وإنفاذ عهدهما من بعدهما ‪.‬‬
‫توصل إل بهما ‪.‬‬ ‫د ه وصلة الرحم التي ل َ‬
‫هه ه وإكرام صديقهما (( )‪. (17‬‬
‫قصه الرسول ه صلى ال عليه وسلم ه على أصحابه الكرام من‬ ‫بر الوالدين ما ّ‬ ‫أدل على ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 10‬ه ول‬
‫قص ة الراهب العابد )) جريج (( الذي ما فتئ يصلي ويعبد ال تعالى ‪ ،‬وقد جعل الدنيا وراء ظهره ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫فتأتيه أمه وهو يصلي في صومعته ‪ ،‬وتناديه ‪ )) :‬يا جريج (( ثلث مرات في ثلثة أيام ‪ ،‬فيقول‬
‫ربأمي وصلتي ‪ ،‬ثم يظن أن صلة النفل أفضل من إجابة الم ‪ ،‬فيستمر في صلته‬ ‫محتارا ‪ :‬يا ّ‬
‫اللهم ل‬
‫وصده قائلة ‪ّ :‬‬‫ّ‬ ‫فتغضب أمه ‪ ،‬وغضب الم عصيب ‪ ،‬فتدعو حزينة كاسفة البال من سكوته‬
‫تمته حتى ينظر إلى وجه المومسات ‪ . .‬نعم حتى ينظر إلى وجه المومسات ‪. .‬‬
‫وأجاب ال دعاءها ‪ ،‬فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادتهه ‪ ،‬وأعجبوا بتقواه وورعه ‪ ،‬وكانت امرأة‬
‫فتعرضت له ‪ ،‬فلم يلتفت إليها ‪ ،‬فأ َت ْهتراعيا كان يأوي‬‫ّل بحس ِنها ‪ ،‬فقالت ‪ :‬إن شئتم لف ِت َننّه ‪ّ ،‬‬ ‫بغي ُيتمث ُ‬
‫ّ‬
‫إلى صومعته ‪ ،‬فأمكنته من نفسها ‪،‬فوقع عليها ‪ ،‬فحملت ‪ ،‬فول ََد ْت‪ ،‬فقالت ‪ :‬هو من جريج ‪ ،‬فأتوه‬
‫فهدموا صومعته وجعلوا يضربونه ‪ ،‬وهو ل يدري لذلك سببا ‪ . . .‬إلى أن أنقذه ال تعالى بعد أن رأى‬
‫أمه ‪ ،‬وما كان ال تعالى ليضيع إيمان ذلك الراهب العابد ‪ ،‬ولكن أراد‬ ‫وجوه المومسات استجابة لدعوة ّ‬
‫الم ه أولى أن ُتجاب وتطاع ‪.‬‬
‫)‪(18‬‬
‫الم ه وما أدراك ما ّ‬ ‫أن يعلمه ويعلمنا أن ّ‬
‫‪ 11‬ه وقصة أويس بن عامر الق ََرني من اليمن ذكره رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه لصحابه ‪،‬‬
‫فسأل عنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ال عنه حتى رآه ‪ ،‬وكان مما ذكره رسول ال ه صلى ال‬
‫المرضيعنهم ‪ ،‬وأن‬
‫ّ‬ ‫بر )‪ . . (19‬نسأله تعالى أن يجعلنا من البرار‬ ‫والدة هو بها ّ‬
‫ً‬ ‫أن له‬
‫عليه وسلم ه فيه ّ‬
‫يكرم آباءنا وأمهاتنا ‪ . .‬اللهم آمين ‪.‬‬

‫الصلة عليهماه ‪ :‬الدعاء لهما ‪.‬‬ ‫)‪(16‬‬

‫رواه ابو داود برقم ) ‪ ، ( 5142‬وابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 3664‬وانظر المشكاةهبرقم ) ‪. ( 4936‬‬ ‫)‪(17‬‬

‫قصته عند البخاري برقم ) ‪ ، ( 3436 ، 2482‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2550‬وأحمد برقم ) ‪. ( 8768 ، 8010‬‬ ‫)‪(18‬‬

‫قصته عند مسلم برقم ) ‪ ، ( 2542‬وأحمد برقم ) ‪. ( 268‬‬ ‫)‪(19‬‬


‫الرحام‬

‫الدكتور عثمان قدري مكانسي‬

‫وصلهن‬
‫ّ‬ ‫بهن القرآن الكريم ‪ ،‬وجعل‬ ‫وصانا ّ‬ ‫المهات والزوجات والبناته والخوات أرحامنا ‪ّ ،‬‬
‫ام ِإ ّن الّله َك َ‬
‫ان‬ ‫ُون ِب ِه َوا َل ْر َح َ‬‫إليهن من التقوى فقال سبحانه ‪َ ) :‬وا ّتقُو ْا الّله الّ ِذي َت َساءل َ‬ ‫ّ‬ ‫والحسان‬
‫إن ال تعالى‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه قال ‪ّ )) :‬‬ ‫أن ّ‬ ‫َع َل ْيك ُْم َر ِقي ًباه ( ‪،‬ه وروى أبو هريرة رضي ال عنه ّ‬ ‫)‪(1‬‬

‫خلق الخلق ‪ ،‬حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت ‪ :‬هذا مقام العائذ بك من القطيعة ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم ؛‬
‫لك ‪ ،‬ثم قال‬ ‫أص َل َم ْن وصلك ‪ ،‬وأقطع َم ْن قطعك ؟ قالت ‪ :‬بلى ‪ ،‬قال ‪ :‬فذلك ِ‬ ‫أما ترضين أن ِ‬
‫رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ‪ :‬اقرؤوا إن شئتم ‪َ ):‬ف َه ْل َع َس ْي ُت ْم ِإن َت َولّ ْي ُت ْم َأن ُت ْف ِس ُدوا ِفي ا ْل َأ ْر ِ‬
‫ض‬
‫ص ّم ُه ْم َو َأ ْع َمى َأ ْب َصا َر ُه ْم )‪.(3) (( (2) ( (23‬‬ ‫ين لَ َع َن ُه ُم الّل ُه َف َأ َ‬‫امك ُْم)‪ُ (22‬أ ْولَ ِئ َك الّ ِذ َ‬ ‫َو ُتق َّط ُعوا َأ ْر َح َ‬
‫يدل على عظيم اهتمام هذا الدين‬ ‫وللنساء في حديث رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه نصيب وافر ّ‬
‫بخاصة ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وفصلهفيهن‬ ‫فتحدث عنهن بعامة ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫بأمورهن‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العظيم‬
‫قوله ه صلى ال عليه وسلم ه يوصي بهن في حجة الوداع )) ‪ . . .‬أل‬ ‫ُ‬ ‫و ِم ْن أمثلة الحديث العام‬
‫مكانتهن في المجتمع السلمي وطريقة التعامل معهن ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واستوصوا بالنساء خيرا ‪ ، (( . .‬وذكر‬
‫)‪(4‬‬

‫وحقوقهن ‪ ،‬وواجباتهن ‪ . . .‬وقولُه ه صلى ال عليه وسلم ه يوصي المرأة أن تحسن معاملة جارتها حتى‬
‫تحقر ّن جار ٌة لجارتها ولو ِف ْر َس َنشاة (( )‪. (5‬‬ ‫َ‬ ‫الود بينهما )) يا نساء المسلمات ؛ ل‬ ‫ينمو ّّ‬
‫َ‬
‫وقوله ه صلى ال عليه وسلم ه واصفا حالة النساء في النار ‪ ،‬كي تتج ّنب الواعياته الصالحات منهن‬
‫وقمتعلى باب النار ‪ ،‬فإذا عا ّمة َم ْندخلها النساء (( )‪ ، (6‬وفي رواية )) ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يكنمن أهلها )) ‪. . .‬‬ ‫أن ّ‬
‫أثرهنعلى‬ ‫ّ‬ ‫النساء (( ‪ ،‬وقوله ه صلى ال عليه وسلم ه موضحا‬ ‫)‪(7‬‬
‫َ‬ ‫فرأيتأكثر أهلها‬ ‫ُ‬ ‫واط ْلع ُتفي النار‬ ‫‪ّ .‬‬
‫أضر على الرجال من النساء (( ‪.‬‬
‫)‪(8‬‬
‫ّ‬ ‫محطشهوتهم )) ما تركت بعدي فتنة هي‬ ‫لنهن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرجال‬
‫عنهنبخاصة ‪ -‬وهذا ما أرمي إليه في هذا المقام ‪ -‬فأرحامنا من النساء ‪. . .‬‬ ‫ّ‬ ‫أما الحديث‬
‫‪ 1‬ه وأبدأ بالم لعظيم فضلها ‪ ،‬وجليل خطرها ‪ ،‬ورفعة مكانتها ‪ .‬وقد شغلت في حديث رسول ال ه‬
‫توض ُح هذه المكانة السامية ‪ .‬ففي‬ ‫ّ‬ ‫صلى ال عليه وسلم ه ح ّيزا كبيرا ‪ ، . .‬أختار من هذا الح ّيز أحاديث‬
‫قصة جريج العابد تدعوه أمه وهو يصلي فل يلتفت إليها ظا ّنا أن الصلة النافلةه أهم من إجابة‬
‫دعوة الم ‪ ،‬وسيجيبها حين ينتهي من صلته فتدعو ه من حزنها لهماله إياها ه أن يرى وجوه‬
‫التقدمي‬
‫ّ‬ ‫والقرفعلى العكس مما نراه في هذا العصر‬ ‫َ‬ ‫التقزز‬ ‫رؤيتهن تورث ّ‬ ‫ّ‬ ‫المومسات ‪ ،‬وقد كانت‬
‫وتشوقوا للوصول إلى‬ ‫ّ‬ ‫لهن الصدارة ‪ ،‬وتش ّوف الناس ‪،‬‬ ‫المتحرر !! حيث ارتفعت أسهمهن ‪ ،‬وصارت ّ‬

‫)‪ (1‬النساء ‪. 1 :‬‬


‫)‪ (2‬محمد ‪. 23 ، 22 :‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 7502 ، 5987 ، 4832‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2554‬وأحمد برقم ) ‪. ( 8167‬‬
‫)‪ (4‬رواه الترمذي برقم ) ‪ ، ( 3087 ، 1163‬وابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 1851‬وانظر ‪ :‬آداب الزفاف ص ‪. 270‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6017 ، 2566‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1030‬وأحمد برقم ) ‪ ( 8005 ، 7537‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (6‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6547 ، 5196‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2736‬وأحمد برقم ) ‪. ( 21318 ، 21275‬‬
‫) ‪ (7‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6449 ، 5198 ، 3241‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 19480 ، 19351‬والترمذي برقم )‬
‫‪ ( 2603‬عن عمران بن حصين رضي ال عنه ‪ ،‬ورواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 2737‬وأحمد برقم ) ‪، ( 3376 ، 2087‬‬
‫والترمذي برقم ) ‪ ( 2602‬عن ابن عباس رضي ال عنهما ‪.‬‬
‫)‪ (8‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5096‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2740‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 21322 ، 21239‬والترمذي برقم‬
‫) ‪ ( 2780‬وغيرهم ‪.‬‬
‫حب الم ابنها ورغبتها أن‬ ‫ّ‬ ‫ما وصلن إليه من الشهرة وفيض المال )‪ !!(9‬وفي الحديث نفسه نجد‬
‫مر بحصانه أمامها ‪ ،‬وعوذهاا أن يكون ابنها مثل الفتاة التي يضربها‬ ‫يصبح عظيما كالوجيه الذي ّ‬
‫الناس ويتهمونها بالزنا والسرقة ‪. . .‬‬
‫إن ال‬
‫ويحذر الرسول الكريم ه صلى ال عليه وسلم ه من عقوق الوالدين ول س ّيما الم فيقول ‪ّ )) :‬‬
‫حرم عليكم عقوق المهات ‪ ،‬وم ْنعا وهات ‪ ،‬ووأد البنات ‪ (10) (( . . .‬والعقوق استخفافه بفضل‬ ‫تعالى ّ‬
‫الوالدين ‪ ،‬وقطع الحسان إليهما ‪ ،‬وقطع الرحم التي أمر ال بوصلها ‪.‬‬
‫أحبالناس بحسن الصحبة؟‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه فقال ‪ :‬يا رسول ال َم ْن ّ‬ ‫ّ‬ ‫جاء رجل إلى‬
‫ثم أدناك أدناك (( ‪.‬‬
‫)‪(11‬‬
‫قال )) أ ّمك ثم أ ّمك ثم أ ّمك ثم أبوك ‪ّ ،‬‬
‫والصحابي هو أبو حكيم يريد أن يكون من أهل ال الذين يبغون ثوابه ويخافون عقابه ‪ ،‬فلما قال‬
‫له الرسول ه صلى ال عليه وسلم ه في المرة الولى ‪ )) :‬أمك (( وهي كلمة واحدة معبرة عن إرضاء‬
‫الم الكريمة ذات الفضل العظيم الذي ل يدانيه فضل ‪ ،‬فالجنة تحت أقدامها ‪ ،‬سأله عن الشخص‬
‫أن‬
‫فكرر رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه لفظ ‪ )) :‬أمك (( فعرف أبو حكيم ّ‬ ‫الثاني في حياة النسان ‪ّ ،‬‬
‫فضلها كبير ل يدانيههفضل مهما عل وسما ‪.‬‬
‫خصصهما رسول‬ ‫ورغب أبو حكيم أن يعرف الثالث في الفضل بعد مرتبة الم أو ًل وثانيا اللتين ّ‬
‫إن‬
‫فكرر رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه لفظ )) أمك (( يا ال ‪ّ ،‬‬ ‫ال ه صلى ال عليه وسلم ه للم الحبيبة ‪ّ ،‬‬
‫رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ينبئ عن عظيم فضل الم ‪ ،‬فهي نبع الحنان ‪ ،‬ونهر الرحمة ‪ ،‬وسحائب‬
‫الغفران ‪ .‬إرضاؤها خطير ‪ ،‬وإكرامها واجب كبير ‪ . .‬ثم َم ْن يا رسول ال بعد الم أو ًل وثانيا وثالثا‬
‫بعد باب الج ّنة ‪ ،‬ومفتاح الخيرات ! فيأتيههالجواب )) أبوك (( فهو المر ّبي ‪ ،‬والسوة الحسنة لولده ‪،‬‬
‫يشقى لجلهم ‪ ،‬ويتعب لراحتهم ‪ ،‬رضاه من رضا الرب ‪ ،‬وسخطه يؤدي إلى سخطه ‪ ،‬إكرامه واجب ‪،‬‬
‫وحّبه لزب ‪ ،‬أدخلهما ال جميعا ج ّنته في الفردوس العلى )‪. (12‬‬
‫الم مث ًل للرحمة فقال حين ق َِدم بسبي ) أسيرات (‬ ‫وقد ضرب رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ّ‬
‫فإذا امرأة منهن تبحث عن وليدها ‪ ،‬فلما وجدته أخذته ‪ ،‬فألزقته ببطنها ‪ ،‬فأرضعته ‪ ،‬فقال رسول ال ه‬
‫صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬أترون هذه المرأة طارحة ولدها بالنار ؟ (( قلنا ‪:‬ل وال ‪ ،‬قال ‪ )) :‬لـله‬
‫ه‬ ‫أرحم بعباده من هذه بولدها (( )‪ ، (13‬ولو لم تكن الم مثال الرحمة وعنوانها ما جعلها رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ه المثل الواضح لرحمة ال سبحانه وتعالى بعباده ‪.‬‬
‫خصها الرسول ه صلى ال عليه وسلم ه‬ ‫خير متاع الدنيا ‪ ،‬المرأة الصالحة ‪ ،‬فقد ّ‬ ‫‪ 2‬ه وأث ّني بالزوجة ِ‬
‫بأحاديث وافرة ‪ ،‬فهي شقيقة العمر ‪ ،‬ورفيق الدرب ‪ ،‬ترى رضاء ال في رضاء زوجها ‪ ،‬راعية في‬
‫بيته ‪ ،‬شريكة حياته ‪.‬‬
‫حق زوجها قبل‬ ‫نتخير المرأة الصالحة ذات الدين ‪ ،‬التي ترى ّ‬ ‫أ ه أمرنا الرسول الكريم أن ّ‬
‫والدينصفة ٌ أو صفتان أو الصفات كّلها ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫حقوق الخرين وتفضله على نفسها ‪ ،‬ول بأس أن يجتمع‬
‫قال عليه الصلة والسلم ‪ُ )) :‬تنكح المرأة لربع ‪:‬‬
‫أ ه لمالها ‪.‬‬
‫ولح َس ِبها ‪.‬‬
‫به َ‬
‫جه ه ولجمالها ‪.‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 3436 ، 2482‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2550‬وأحمد برقم ) ‪. ( 9319 ، 8768 ، 8010‬‬ ‫)‪(9‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6473 ، 5975‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 593‬وأحمد برقم ) ‪ ( 17766 ، 17681‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫)‪(10‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5971‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2548‬وأحمد برقم ) ‪ ( 8838 ، 8144‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫)‪(11‬‬

‫من كتاب التربية النبوية للمؤلف ص ‪ 56‬ه ‪. 58‬‬ ‫)‪(12‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5999‬ومسلم برقم ) ‪. ( 2754‬‬ ‫)‪(13‬‬


‫د ه ولدينها ‪ ،‬فاظفر بذات الدين ‪ ،‬تربت يداك (( )‪. (14‬‬
‫وعودة إلى الفصول السابقة توضح العلقة بين الرجل وزوجته ‪:‬‬
‫ويودها فإن كره منها خلقا حمد لها خلقا آخر ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ه فهو يحبها‬
‫ه ول ينبغيهله أن يجلدها فهي ليست خادمة بل زوجة كريمة ‪.‬‬
‫ه يكرمها ول يظلمها ول يق ّبح ‪ ،‬ول يهجر إل في البيت ‪.‬‬
‫ه يكسوها مما يكتسي ‪ ،‬ويطعمها مما َيط َعم ‪ ،‬وله صدقة في ذلك وثواب كبير ‪.‬‬
‫ه أكمل الناس إيمانا أحسنهم خلقا ‪ ،‬وخيا ُرهم خيارهم لنسائهم ‪.‬‬
‫غرتعلى‬‫ُ‬ ‫ب ه وهذه السيدة عائشة رضي ال عنها تقول في حق السيدة خديجة رضي ال عنها ‪ :‬ما‬
‫النبيه صلى ال‬
‫ّ‬ ‫ولكنكان‬
‫ْ‬ ‫غرتعلى خديجة ‪ ،‬وما رأي ُتها ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫النبيه صلى ال عليه وسلم ه ما‬
‫ّ‬ ‫أحد من نساء‬
‫يقطعها أعضاء ‪ ،‬ثم يبعثها في صدائق خديجة ‪،‬‬ ‫عليه وسلم ه يكثر من ذكرها ‪ ،‬وربما ذبح الشاة ‪ ،‬ثم ّ‬
‫فربما قلت له ‪ :‬كأ ّنه لم يكن في الدنيا إل خديجة ؟ فيقول ‪ )) :‬إنها كانت وكانت ‪ ،‬وكان لي منها‬
‫ولد (( )‪. (15‬‬
‫عبد أسود لبنيه‬ ‫أمةٌ ه ٌ‬ ‫تزوجها ه وهي َ‬ ‫جه ه وهذه بريرة خادمة رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ّ‬
‫حرة خّيرها رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه مفارقة زوجها‬ ‫المغيرة ُيدعى مغيث ‪ ،‬فلما أع ِتق َْتوصارت ّ‬
‫أو البقاء في عصمته ‪ ،‬لكنها آثرت الفراق ‪ ،‬فلجأ مغيث إلى رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه يتش ّفع له‬
‫راجعته فإنه أبو ولدك (( قالت له‬ ‫ِ‬ ‫عندها ففعل ذلك رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه فقال لها ‪ )) :‬لو‬
‫‪ :‬يا رسول أتأمرني بذلك ؟ قال ‪ )) :‬إنما أشفع (( قالت ‪:‬ل حاجة لي فيه ‪.‬‬
‫)‪(16‬‬

‫مر في فصل )) كرم المرأة المسلمة (( كيف أجابت الزوجة الولى لسماعيله عليه‬ ‫د ه وقد ّ‬
‫السلم أباه حين زاره فأمره أن يفارقها ‪ ،‬ففعل ‪ ،‬وكيف أجابت الزوجة الثانية إجابة تدل على طيب‬
‫نفسها فأمره أن يمسكها ‪ ،‬وفي القصة نفسها نجد السيدة هاجر المرأة المؤمنة التي تسأل زوجها حين‬
‫تركها وابنها في واد غير ذي زرع ‪ :‬آل أمرك بهذا ؟ فيقول ‪ :‬نعم ‪ ،‬فتقول إذا ل يضّيعنا )‪. (17‬‬
‫هه ه ولِ ُي حافظ الرجل على عرض أخيه وجاره في غيابه يعظم الرسول ه صلى ال عليه وسلم ه‬
‫المانة والشرف والطهارة فيقول حا ّثا على حرمة نساء المجاهدين في سبيل ال تعالى ‪ )) :‬حرمة نساء‬
‫رجل من القاعدين يخلُف رج ًل من المجاهدين‬ ‫ٍ‬ ‫المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم ‪ ،‬ما ِم ْن‬
‫في أهله ‪ ،‬فيخونه فيهم إل وقف له يوم القيامة ‪ ،‬فيأخذ من حسناته ما شاء حتى يرضى (( ‪ ،‬ثم‬
‫التفت إلينا رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه فقال ‪ )) :‬ما ظنكم ؟ (( )‪. (18‬‬
‫فبماذاهنجيب بعد هذا التهديد الواضح الذي يأخذ باللباب ؟ رجل يجاهد العداء ويبذل دمه في‬
‫جل في عله ‪ ،‬هل يخونه في أهله إل‬ ‫متغرب عن أهله ‪ ،‬ترك الدنيا وراءه ‪ ،‬يريد رضا ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫سبيل ال ‪،‬‬
‫حدا ؟!!‬ ‫فاسق فاجر ‪ ،‬ل يرعى للمسلم حرمة ‪ ،‬ول يعرف ل ّ‬
‫‪ 3‬ه وأثلـث بالبنته فلذة الكبد وح ّبة القلب ‪ ،‬فقد حباها الحديث الشريف بعشرات الحكام ‪،‬‬
‫وحبأبيها لها ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وصور حبها لبيها‬ ‫ّ‬
‫يقول النبي ه صلى ال عليه وسلم ه‪ )) :‬فاطمةهبضعة مني ‪ ،‬فمن أغضبها أغضبني (( ‪.‬‬
‫)‪(19‬‬

‫)‪ (14‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5090‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1466‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 9237‬وأبو داود برقم ) ‪( 2047‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (15‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 3818‬ومسلم برقم ) ‪. ( 2435‬‬
‫)‪ (16‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5283‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 1847‬وأبو داود برقم ) ‪ ، ( 2231‬والنسائي برقم ) ‪( 5417‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (17‬رواه البخاري برقم ) ‪. ( 3365 ، 3364‬‬
‫)‪ (18‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 1897‬وأحمد برقم ) ‪ ،( 22495 ، 22468‬وأبو داود برقم ) ‪ ، ( 2496‬والنسائي برقم )‬
‫‪ 3189‬ه ‪. ( 3191‬‬
‫)‪ (19‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 3767 ، 3714‬ورواه مسلم برقم ) ‪. ( 2449‬‬
‫أبوي عارم ‪ ،‬ل يرى رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه بأسا أن يظهره ليعلّم الناس أن الفطرة‬ ‫حب ّ‬ ‫ّ‬
‫وأن محاولة طمس هذه الفطرة يورث ال ُعقَد النفسية ‪.‬‬ ‫بر متبادل بين الباء والبناء ‪ّ ،‬‬ ‫الصحيحة ّ‬
‫علي امرأة ‪ ،‬ومعها ابنتان لها تسأل ‪ ،‬فلم تجد عندي‬ ‫ورورت عائشة رضي ال عنها قالت ‪ :‬دخلت ّ‬
‫شيئا غير تمرة واحدة ‪ ،‬فأعطي ُتها إياها ‪ ،‬فقسمتها بين ابنتيها ‪ ،‬ولم تأكل منها شيئا ‪ ،‬ثم قامته‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه عليناه ‪ ،‬فأخبر ُته ‪ ،‬فقال ‪َ )) :‬من اب ُتلي من هذه البنات‬ ‫ّ‬ ‫فخرجت ‪ ،‬فدخل‬
‫كنله سترا من النار (( ‪.‬‬
‫)‪(20‬‬
‫فأحسنإليهن ّ‬ ‫َ‬ ‫بشيء ‪،‬‬
‫سر أبيها ه صلى ال عليه وسلم ه فقد روت السيدة عائشة حديثا‬ ‫وهذه فاطمة رضي ال عنها تحفظ ّ‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم ه فأقبلت‬ ‫ّ‬ ‫كن ‪ -‬أزواج‬ ‫يدل على العلقة الرائعة بين الب وابنته ‪ . .‬تقول ‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫فاطمة رضي ال عنها تمشي ‪ ،‬ما تخطئ ِم ْش َي ُتها من مشية رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه شيئا ‪ ،‬فلماهرآها‬
‫بكاء شديدا ‪،‬‬ ‫رحب بها وقال ‪ )) :‬مرحبا بابنتي (( ثم أجلسها عن يمينه أو شماله ‪ ،‬ثم سا ّرها ‪ ،‬فبكت ً‬ ‫ّ‬
‫خص ِكرسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه من بين‬ ‫ّ‬ ‫‪:‬‬ ‫لها‬ ‫فقلت‬ ‫‪،‬‬‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫فضح‬
‫ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫الثانية‬
‫َ‬ ‫ها‬ ‫ر‬‫ّ‬ ‫سا‬ ‫جزعها‬ ‫رأى‬ ‫فلما‬
‫نسائه بالسرار ‪ ،‬ثم أنت تبكين ؟ فل ّماه قام رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه سألتها ‪ :‬ما قال لك رسول ال‬
‫سره ‪.‬‬ ‫لفشي على رسول ال هصلى ال عليه وسلم ّ‬ ‫كنت ُ‬ ‫ُ‬ ‫صلى ال عليه وسلم ؟ قالت ‪ :‬ما‬
‫حدث ِتني‬ ‫عليكبما لي عليك من الحق لّما ّ‬ ‫ِ‬ ‫قلت‪ :‬عزمت‬ ‫ُ‬ ‫فلما توفي رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه‬
‫ما قال لك رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ؟ قالت ‪ :‬أما الن فن َع ْم ‪ ،‬أما حين سا ّرني في المرة الولى‬
‫مرتين‬ ‫مرتين ‪ ،‬وأنه عارضه الن ّ‬ ‫أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة ‪ ،‬أو ّ‬ ‫فأخبرني )) ّ‬
‫رأيت‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ ،‬وإني ل ُأرى الجل إل اقترب ‪ ،‬فاتقي ال واصبري (( فبكيت بكائي الذي‬
‫فلما رأى جزعي سا ّرني الثانية ‪ ،‬فقال ‪ )) :‬يا فاطمةُ أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين ‪،‬‬
‫رأيت)‪. (21‬‬
‫ِ‬ ‫ضحكي الذي‬ ‫فضحكت َ‬ ‫ُ‬ ‫أو سيدة نساء هذه المة ؟ ((‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه فتسأله حين عاد‬ ‫ّ‬ ‫أم سليم ترى ابنها انسا رضي ال عنهما ت ّأخر عند‬ ‫وهذه ّ‬
‫أمه ‪ :‬ما حبسك ؟ فيقول لها ‪ :‬بعثني رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه لحاجة ‪ ،‬قالت ‪ :‬ما حاج ُته ؟‬ ‫إلى ّ‬
‫بسر رسول ال ه صلى ال عله وسلم ه أحدا ‪. . .‬‬
‫)‪(22‬‬
‫سر ‪ .‬قالت ‪:‬ل تخب َرن ّ‬ ‫قلت‪ :‬إنها ّ‬ ‫ُ‬
‫مر معنا تحريم القرآن الكريم وأد البنات والتشنيع على من يفعله ‪ ،‬يقول ال تعالى ‪َ ) :‬و ِإ َذا‬ ‫ّ‬ ‫وقد‬
‫مر معنا في هذا الفصل قوله ه صلى ال عليه‬ ‫ّ‬ ‫وقد‬ ‫ه‬
‫‪،‬‬ ‫)‪(23‬‬
‫(‬ ‫(‬ ‫‪9‬‬ ‫)‬ ‫َت‬ ‫ل‬‫ت‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫نب‬
‫ِ ّ َ ٍ ِ ْ‬ ‫ذ‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ب‬ ‫(‬ ‫‪8‬‬ ‫)‬‫َت‬‫ود ُة ُ ِ ْ‬
‫ل‬‫ئ‬‫س‬ ‫ال َْم ْو ُؤ َ‬
‫حرم عليكم ‪:‬‬ ‫إن ال تعالى ّ‬ ‫وسلم ه ‪ّ )) :‬‬
‫أ ه عقوق المهات ‪.‬‬
‫ب ه ومنعا وهات ‪.‬‬
‫ده ّنناتج عن وأد النفس أو ًل ‪ ،‬فما يفعل ذلك إل رجل ل خلق له‬ ‫إن و َأ ُ‬ ‫جه ه ووأد البناته ‪ّ (( . . .‬‬
‫‪ ،‬ول قلب عنده ‪.‬‬
‫البنتكأ ّمها ح ّبا وكرامة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أما الحفيدة فهي البنت الصغيرة المدلّلة ‪ ،‬وابنة‬
‫وهذا رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه الرحيم بأمته ‪ ،‬وشأنـه شأن كل الباء يخفق قلبه حنانا‬
‫بنترسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه فيحملها ويصلّي ‪ ،‬فإذا سجد‬ ‫ِ‬ ‫وعطفا حين يرى أمامة بنت زينب‬
‫وضعها ‪ ،‬وإذا قام حملها )‪. (24‬‬

‫)‪ (20‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5995 ، 1418‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2629‬وأحمد برقم ) ‪( 24051 ، 23535‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (21‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6285 ، 3624‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2450‬والترمذي برقم ) ‪ ( 3872‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (22‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 2482‬وأحمد برقم ) ‪. ( 12373 ، 11649‬‬
‫)‪ (23‬التكوير ‪. 9 ، 8 :‬‬
‫)‪ (24‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5996 ، 516‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 543‬وأحمد برقم ) ‪ ( 22139 ، 22073‬وغيرهم ‪.‬‬
‫دفع لما كانت العرب تألفه من‬ ‫السر في حمله أمامة في الصلة ٌ‬ ‫يقول العلمة الفاكهاني ‪ :‬وكأن ّ‬
‫والبيانبالفعل أقوى‬
‫ُه‬ ‫كراهة البنات وحملهن ‪ ،‬فخالفهم في ذلك ‪ ،‬حتى في الصلة للمبالغة في ردعهم ‪،‬‬
‫)‪(25‬‬
‫من القول ‪.‬‬
‫ويخصابنته‬
‫ّ‬ ‫ونراه ه صلى ال عليه وسلم ه يدعو الناس إلى السلم لينقذوا أنفسهم من النار ‪،‬‬
‫فاطمة التي يحبها كثيرا بهذه الدعوة )) يا فاطمة أنقذي نفسك من النار ‪ ، (26) (( . .‬فهو عليه الصلة‬
‫للمة السلمية ‪ ،‬بل للناس جميعا ‪.‬‬ ‫راع في بيته فض ًل عن رعايته ّ‬ ‫والسلم ٍ‬
‫‪ 4‬ه ورابعة الرحام الخت التي ل ترى أفضل من أخيها ‪ ،‬وتفخر به قبل زواجها ‪ ،‬وتر ّبي أبناءها‬
‫على ح ّب ه ‪ ،‬وتلجأ إليه حين تضيق الدنيا بها ‪ ،‬وقد حفل الحديث الشريف بذكرها ول س ّيما في علم‬
‫الفرائض ‪.‬‬
‫لكنني أقف في حقّها على ثلثة أحاديث ‪:‬‬
‫النبي سليمان في حكمه بين الختين ‪ ،‬فقد روى أبو هريرة رضي ال عنه أنه سمع‬ ‫ّ‬ ‫أولها ‪ :‬قصة‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه يقول ‪ )) :‬كانت امرأتان معهما ابناهما ‪ ،‬جاء الذئب فذهب بابن إحداهما ‪،‬‬
‫فقالت لصاحبتها ‪ :‬إنما ذهب بابنك ‪ ،‬وقالت الخرى ‪ :‬إنما ذهب بابنك ‪ ،‬فتحاكما إلى داود ه صلى ال‬
‫عليه وسلم ه ‪ ،‬فقضى به للكبرى ‪ ،‬فخرجتا على سليمان بن داود ه صلى ال عليه وسلم ه فأخبرتاه‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬ائتوني بالسكين أش ّقه بينهما ‪ ،‬فقالت الصغرى ‪:‬ل تفعل ‪ ،‬رحمك ال ‪ ،‬هو ابنها ‪ .‬فقضى به‬
‫للصغرى (( )‪. (27‬‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه قال ‪ )) :‬ليس أحد‬ ‫ّ‬ ‫ثانيها ‪ :‬ما روته السيدة عائشة رضي ال عنها عن‬
‫وهذ‬ ‫)‪(28‬‬
‫كن له سترا من النار ((‬ ‫من أمتي يعول ثلث بنات أو ثلث أخوات ‪ ،‬فيحسن إليهن إل ّ‬
‫دعوى إلى ‪:‬‬
‫جادا ‪.‬‬
‫تحمل مسؤولية السرة تحم ًل ّ‬ ‫ّ‬ ‫أه‬
‫بناء قائما على التراحم والتربية الجتماعيةهالمتكافلة ‪.‬‬ ‫ب ه بنا ِء أسرة ً‬
‫العمل على إرضاء المولى سبحانه ورعاية عباده الضعفاء ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫جه ه‬
‫د ه التقوى التي توجب الجنة وتبتعد عن النار ‪.‬‬
‫)‪(29‬‬

‫للنبي ه صلى ال عليه وسلم ه وقد سم َع ْت‬ ‫ثالثها ‪ :‬ما قالته السيدة أم حبيبة أم المؤمنين رضي ال عنها ّ‬
‫بد ّرة بنت أم سلمة ‪ ،‬يا رسول ال ‪ :‬انكح أختي بنت أبي سفيان ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫يتزوج ُ‬ ‫ّ‬ ‫أنه قد‬
‫خير أختي ‪ .‬فقال‬ ‫ٍ‬ ‫و َأ َح ّبمن شاركني في‬ ‫(‬‫‪30‬‬ ‫)‬
‫أوتحبين ذلك ؟ (( قالت ‪ :‬نعم ؛ لست لك بمخ ِل َية‬ ‫)) َ‬
‫حدثأنك تريد أن تنكح د ّرة‬ ‫يحل لي (( فقالت ‪ :‬فإ ّنا نُ ُ‬ ‫إن ذلك ل ّ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ّ )) :‬‬ ‫ّ‬
‫بنتأم سلمة ؟ (( قالت ‪ :‬نعم ‪ .‬فقال ‪ )) :‬لو أنها لم تكن ببيتي في حجري‬ ‫َ‬ ‫))‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬ ‫‪.‬‬ ‫سلمة‬ ‫ابي‬ ‫بنت‬
‫بناتكنول‬
‫ّ‬ ‫علي‬
‫ض َن ّ‬ ‫تعر ْ‬
‫ما حلّت لي )‪(31،‬إنها لبنةُ أخي من الرضاعة ‪ ،‬أرضعتني وأبا سلمة ثُوي َبةُ ‪ ،‬فل ِ‬
‫أخواتكن((‬
‫ّ‬
‫هذه أم حبيبة رضي ال عنها في السنوات الولى للسلم في هجرة المصطفى ه صلى ال عليه وسلم‬
‫إلى المدينة تسمع ‪:‬‬
‫أن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه سيتزوج د ّرة بنت زوجته أم سلمة ‪.‬‬ ‫‪1‬ه ّ‬
‫)‪ (25‬من كتاب ‪ :‬تحرير المرأة في عصر الرسالة ‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪ ،‬الجزء الول ص ‪ 132‬ه ‪. 133‬‬
‫)‪ (26‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 204‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 10347 ، 8509 ، 8197‬والنسائي برقم ) ‪ ( 3644‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (27‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6769 ، 3427‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1720‬وأحمد برقم ) ‪ ( 8275 ، 8081‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (28‬رواه البيهقي في الشعب برقم ) ‪. ( 11023‬‬
‫)‪ (29‬من كتاب تحرير المرأة المسلمة في عصر الرسالة ‪ ، 1/134‬الطبعة الخامسة ‪.‬‬
‫)‪ (30‬ل تقف عائقا أمام زواجه ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬وهي سعيدة بزواجها منه ‪.‬‬
‫)‪ (31‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5107 ، 5106 ، 5101‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1449‬وأحمد برقم ) ‪( 26866 ، 25954‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫الخير لختها فتسأل رسول ال‬ ‫َ‬ ‫وتحب‬
‫ّ‬ ‫‪ 2‬ه أم حبيبة سعيدة بزواجها من رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪،‬‬
‫ه صلى ال عليه وسلم ه أن يتزوجها كي ترى أختها من الخير في كنفه ه صلى ال عليه وسلم ه ما‬
‫تراه هي ‪.‬‬
‫‪ 3‬ه يخبرها رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه أ ّنه ل يجوز الجمع بين الختين في شريعة السلم ‪.‬‬
‫‪ 4‬ه تقول له ه صلى ال عليه وسلم ه إنها سمعت أنه سيتزوج من د ّرة بنت أم سلمة فهل يجوز الجمع‬
‫بين الم وابنتها ول يجوز الجمع بين الختين ‪.‬‬
‫‪5‬ه ينكر رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه أنه سيضم د ّرة إلى نسائه لسببين كل منهما وحده يمنع‬
‫القتران بدرة ‪.‬‬
‫الول ‪ :‬أنها ربيبته ) ابنة زوجته ( ‪.‬‬
‫أن د ّر ة ابنة أخيه من الرضاعة فقد رضع ه صلى ال عليه وسلم ه وأبو سلمة من ثويبة‬ ‫الثاني ‪ّ :‬‬
‫أمة أبي لهب التي أعتقها حين ولد رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪.‬‬
‫وقرأ رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه قوله تعالى ‪ُ ) :‬ح ّر َم ْت َع َل ْيك ُْم ُأ ّم َها ُتك ُْم َو َب َنا ُتك ُْم َو َأ َخ َوا ُتك ُْم‬
‫اع ِة‬‫ض َ‬ ‫ض ْع َنك ُْم َو َأ َخ َوا ُتكُم ّم َن ّ‬
‫الر َ‬ ‫ل ْخ ِت َو ُأ ّم َها ُتك ُُم ال ّل ِتي َأ ْر َ‬‫ات ا ُ‬ ‫ات ا َل ِخ َو َب َن ُ‬ ‫َو َع ّما ُتك ُْم َو َخا َل ُتك ُْم َو َب َن ُ‬
‫ّسآئِك ُُم ال ّل ِتي َد َخ ْل ُتم ِب ِه ّن َف ِإن لّ ْم َتكُونُو ْا َد َخ ْل ُتم ِب ِه ّن‬ ‫وركُم ّمن ن َ‬ ‫ات نِ َسآئِك ُْم َو َر َبائِ ُبك ُُم ال ّل ِتي ِفي ُح ُج ِ‬ ‫َو ُأ ّم َه ُ‬
‫ل ْخ َت ْي ِن َإ ّل َما ق َْد َسل ََف ِإ ّن الّله‬ ‫صل َِبك ُْم َو َأن َت ْج َم ُعو ْا َب ْي َن ا ُ‬ ‫ين ِم ْن َأ ْ‬‫اح َع َل ْيك ُْم َو َح َلئِ ُل َأ ْب َنائِك ُُم الّ ِذ َ‬
‫َف َل ُج َن َ‬
‫يما ( ‪.‬‬
‫)‪(32‬‬
‫ان َغ ُفو ًرا ّر ِح ً‬ ‫َك َ‬

‫النساء ‪. 23 :‬‬ ‫)‪(32‬‬


‫إرشادات نبوية‬

‫الدكتور عثمان قدري مكانسي‬

‫علمناه إياه ‪،‬‬ ‫لم يترك لنا رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه أمرا ينفعنا في دينناه ودنيانا وآخرتنا إل َ‬
‫ووض حه لنا ‪ ،‬وكان عليه الصلة والسلم يضع نصب عينيه الشريفتين قول ال تعالى ‪َ ) :‬يا َأ ّي َها‬ ‫ّ‬
‫نز َل ِإلَ ْي َك ِمن ّر ّب َك َو ِإن لّ ْم َت ْف َع ْل َف َما َبّل ْغ َت ِر َسالَ َت ُه ( )‪ (1‬فاجتهد صلى ال عليه وسلم أن‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫غ‬ ‫ّ‬
‫الر ُ ُ َ ْ َ‬
‫ل‬ ‫ب‬ ‫ول‬ ‫س‬ ‫ّ‬
‫يوصل أوامر ال تعالى ونواهيه إلى الناس جميعا ‪ ،‬مسلمهم وكافرهم ‪ ،‬كي يقيم الحجة عليهم ‪ .‬وكثير‬
‫من أحاديثه ه صلى ال عليه وسلم ه انتهت به ‪ )) :‬أل هل بلّغت ؟ اللهم فاشهد (( إلى أن بلّغ الرسالة‬
‫أن الدين‬ ‫وأد ى المانة كما أمره بذلك المولى العظيم ‪ ،‬فأعلن ال سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ّ‬ ‫ّ‬
‫يت لَك ُُم‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ي‬‫ت‬ ‫م‬‫ع‬ ‫ن‬ ‫ُم‬‫ك‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ت‬
‫ه‬ ‫م‬‫م‬‫ت‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫و‬ ‫ُم‬
‫ك‬ ‫ن‬‫ي‬‫د‬ ‫ُم‬
‫ك‬
‫َْ ْ َ ْ َ ُ َ ْ ِ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ َْ ْ ِْ َ ِ َ َ ِ ُ‬‫ل‬ ‫ْت‬‫ل‬‫م‬‫ك‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬‫ل‬ ‫ا‬ ‫)‬ ‫تامة‬ ‫أضحت‬ ‫السلم‬ ‫ونعمة‬ ‫ل‬ ‫ً‬ ‫كام‬ ‫نزل‬
‫ال ْسل ََم ِدي ًنا ( ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫ِ‬
‫ونواهي للنساء‬ ‫َ‬ ‫أوامر‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫الرشادات‬ ‫هذه‬ ‫من‬ ‫كثير‬ ‫ه‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫ا‬
‫ل‬ ‫صلى‬ ‫ه‬ ‫الشريفة‬ ‫أحاديثه‬ ‫وفي‬
‫خاصة ‪ ،‬وكذلك للرجال في النساء ‪ ،‬نقف على بعض منها لكثرة ورودها في الحاديث الشريفة ‪:‬‬
‫‪ 1‬ه ففي التنفير من الزنا وعاقبته نجده ه صلى ال عليه وسلم ه يصف من وقع فيه وصفا مخيفا في‬
‫حديثه الطويل في ُحلُ ِمه ‪ ،‬وما رأى فيه من محاذي َر على المسلمين أن يتجنبوها )) ‪ . .‬فانطلقتنا ‪ ،‬فأتينا‬
‫على مثل التنور (( ‪ )) . . .‬فإذا لغط وأصوات ‪ ،‬فاطّ لعناه فيه ‪ ،‬فإذا رجال ونساء عرا ٌة ‪ ،‬وإذا هم‬
‫ضوا (( وفي رواية )) ‪ . . .‬فانطلقنا إلى مثل‬ ‫ض ْو َ‬
‫لهبمن أسفل منهم ‪ ،‬فإذا أتاهم ذلك اللهب َ‬ ‫ٌ‬ ‫يأتيهم‬
‫التنور ‪ ،‬أعله ض ّيق ‪ ،‬وأسفله واسع ؛ يتوقّد تحته نارا ‪ ،‬فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن‬
‫يخرجوا ‪ ،‬وإذا خمدت رجعوا فيها ‪ ،‬وفيها رجال ونساء عراة (( )‪ ، (3‬ويب ّين الرسول الكريم ه صلى ال‬
‫أن هذه عقوبة الزناة والزواني نسأل ال الطهارة والعفاف ‪.‬‬ ‫عليه وسلم ه ّ‬
‫ويقول عليه الصلة والسلم محذر ُا من الزنا بعامة ‪ ،‬والفاحشة بنساء المجاهدين خاصة هؤلء‬
‫المجاهدين الذين نذروا أنفسهم لقتال العداء ‪ ،‬والدفاع عن حرمة السلم ‪ ،‬وتركوا ذراريهم‬
‫ونساءهم أمانة بيد الخرين ‪ ،‬فوجب على هؤلء حفظ أولئك المجاهدين في أولدهم ونسائهم ‪ ،‬وأداء‬
‫يلوثا حرمة نساء المجاهدين على القاعدين التي‬ ‫هذه المانة بإخلص وصيانة للعرض والشرف أن ّ‬
‫وصلت إلى درجة حرمة أمهاتهم ‪ )) ،‬ما من رجل من القاعدين يخلف رج ًل من المجاهدين في‬
‫أهله فيخونه فيهم إل ‪:‬‬
‫أ ه وقف له يوم القيامة ‪.‬‬
‫ب ه فيأخذ من حسناته ما شاء حتى يرضى !! (( ‪.‬‬
‫يقول بريدة رضي ال عنه ه راوي الحديث ه ‪ :‬ثم التفت إلينا رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه فقال ‪:‬‬
‫)) ما ظنّكم ؟ (( )‪ (4‬أي ل تتعجبوا من هذا العقاب الشديد لمن يعتدي على حرمات المسلمين فالمر‬
‫خطير ‪ ،‬ومن حارب في سبيل ال مدافعا عن دينه دافع ال عنه ‪ ،‬وخذل من خانه ‪.‬‬
‫حثعلى متابعة الماء ه لنهن جزء من السرة والمجتمع‬ ‫حضالسلم على طهارة الحرائر ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكما‬
‫بن ورجعن إلى الع ّفة‬ ‫ومرتين ‪ ،‬فإن ُت َ‬ ‫مرة ‪ّ ،‬‬ ‫ه وحض على تقويمهن ومعاقبتهن إن وقعن في الزنا ّ‬

‫)‪ (1‬المائدة ‪. 67 :‬‬


‫)‪ (2‬المائدة ‪. 3 :‬‬
‫)‪ (3‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 7047 ، 1386‬وأحمد برقم ) ‪. ( 19652 ، 19590‬‬
‫)‪ (4‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 1897‬واحمد برقم ) ‪ ، ( 22495 ، 22468‬وأبو داود برقم ) ‪ ، ( 2496‬والنسائي برقم )‬
‫‪. ( 3191 ، 3189‬‬
‫منهن َأولى ‪ . .‬قال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬إذا‬ ‫ّ‬ ‫لبما يريده الدين الطاهر ‪ ،‬وإل فالتخّلص‬ ‫فهذا ّ‬
‫الحد ‪،‬‬
‫يثر ْب عليها ‪ ،‬ثم إن زنت الثانية فليجلدها ّ‬ ‫)‪(6‬‬
‫الحد ‪ ،‬ول ّ‬
‫)‪(5‬‬ ‫َ‬
‫زنت ال َمةُ ‪َ ،‬ف َت َبّين زناها فليجلدها ّ‬
‫ول ُي َث ّر ْبعليها ‪ ،‬ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعره (( ‪ ،‬ويزهد النسان بثمنها‬
‫)‪(8‬‬ ‫)‪(7‬‬

‫بخس‪ ،‬ودرهم وقاية خير من قنطار‬ ‫ٍ‬ ‫أشد خسارة من بيعها بثمن‬ ‫للتخلص منها ‪ ،‬فبقاؤها في السرة ّ‬
‫علج ‪.‬‬
‫ه‬ ‫وفي حديث رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه في الصنفينه من أهل النار لم يرهما نجد قوله‬
‫رؤوسهنكأسنمة البخت المائلة ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬ونساء كاسيات عاريات ‪ ،‬مميلت مائلت ‪،‬‬
‫ل يدخلن الجنة ‪ ،‬ول يجدن ريحها ‪ ،‬وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا (( ‪.‬‬
‫)‪(9‬‬

‫وهنفي الحقيقة‬‫يلبس َن ّ‬ ‫ْ‬ ‫إنهن النساء اللواتي خلعن برقع الحياة ‪ ،‬وأمطن حجاب الطهر والعفاف ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫أجساده ّن‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يسترن‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫يرتدين الثياب الرقيقة ‪ ،‬فل تحجب عن العيون الن ِّه َم ِة والذئاب الجائعة شيئا ‪.‬‬
‫ويرتدين الثياب القصيرة ‪ ،‬فل َت ُر ّد عن السوق والفخاد وقاحة الغربان الجائعة ‪.‬‬
‫فكأنهنعاريات ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويلبسن الثياب الضيقة التي ترسم هضاب أجسادهن ووديانها ‪،‬‬
‫عارضات الشع َر والعناق ‪ ،‬والصدور والنهود لكل من يرغب ‪ ،‬فل‬ ‫ٍ‬ ‫ويرتدين الثياب الفاضحة ‪،‬‬
‫يتز ّي ّن للزنا ‪ ،‬ويتهّي ْأن للخناه ‪ . . .‬فسق ودعار ٌة ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يتمنّعن عن لمس الفاسقين ‪ ،‬وإجابة الفاجرين ‪،‬‬
‫ودعو ٌة إلى الفساد ‪ ،‬وترويج للفجور على صفحات المجلت والجرائد ‪ ،‬وفي وسائل العلم المسموعة‬
‫هن الصنف الثاني )‪ (10‬الذي حذر‬ ‫والمرئية ‪ ،‬في الشوراع والطرقات ‪ . .‬بلء ‪ . .‬بلء ‪ . .‬هؤلء ّ‬
‫منهن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الرسول الكريم صلوات ال عليه وسلمه‬
‫‪ 2‬ه وفي النهي عن تغيير الخلقة يقول المصطفى ه صلى ال عليه وسلم ه لمرأة استفتنته في شعر‬
‫فانتشر شعرها ‪ ،‬وسقط ‪ ،‬فأرادت أن َت ِصلها بشعر غيرها لتبدو‬ ‫َ‬ ‫ابنتها المخطوبة ‪ ،‬وقد أصابتها الحصبةُ‬
‫مقبولة في عين من يطلبها ‪ )) :‬لعن ال الواصلة والموصولة (( ‪.‬‬
‫)‪(12‬‬ ‫)‪(11‬‬

‫أن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه لعن الواصلة والمستوصلة ‪،‬‬ ‫وروى ابن عمر رضي ال عنهما ّ‬
‫والمستوشمة )‪. (13‬‬
‫ِ‬ ‫والواشمة‬
‫صات والمتفّلجات‬
‫والمتنم ِه ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والمستوشمات‬
‫ِه ‪،‬‬ ‫وعن ابن مسعود رضي ال عنه قال ‪ :‬لعن ال الواشمات‬
‫للح ْس ِن‪ ،‬المغّيرات َخل َْقال)‪. (14‬‬
‫ُ‬

‫)‪ (5‬المةُ ‪ :‬الرقيقة ‪ُ ،‬ملك اليمينه‪ ،‬والحد ‪ :‬خمسون سوطا ه نصف ما على الحرار من العقوبة ه‬
‫)‪ (6‬التثريب ‪ :‬التوبيخ ‪.‬‬
‫)‪ (7‬يبيعها مع بيان عيبها للمشتري ‪ ،‬وفي الحديث مفارقة أرباب المعاصي ‪ ،‬وترك مخالطتهم لضررهم ‪.‬‬
‫)‪ (8‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 2233 ، 2154 ، 2152‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1703‬وأحمد برقم ) ‪( 10033 ، 8669‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (9‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 2128‬وأحمد برقم ) ‪. ( 9388 ، 8451‬‬
‫)‪ (10‬التربية النبوية للمؤلف ص ‪ 42‬ه ‪. 43‬‬
‫)‪ (11‬الواصلة ‪ :‬التي تصل شعرها ‪ ،‬أو شعر غيرها بشعر آخر ‪.‬‬
‫يوص ُل شعرها ‪.‬‬
‫َ‬ ‫والموصولة ‪ :‬التي‬
‫)‪ (12‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5941 ، 5935‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2122‬وأحمد برقم ) ‪( 26378 ، 24282‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (13‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5940 ، 5937‬ومسمل برقم ) ‪ ( 2124‬وغيرهما ‪.‬‬
‫)‪ (14‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5939 ، 5931 ، 4886‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2125‬وأحمد برقم ) ‪( 4218 ، 4118‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪(15‬‬
‫وعن علي رضي ال تعالى عنه قال ‪ :‬نهى رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه أن تحلق المرأة رأسها‬
‫‪ ،‬فهو عنوان جمالها ‪ ،‬وعلى هذا روى داود عن ابن عمر مرفوعا )) ليس على النساء الحلق ‪ ،‬إنما على‬
‫النساء التقصير ‪ ،‬وذلك في مناسك الحج والعمرة (( ‪.‬‬
‫يدل‬‫‪ 3‬ه ومنع رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه المرأة أن تنوح على الميت ‪ ،‬أما البكاء والحزن فمما ّ‬
‫وشق الثياب ‪ ،‬وتمزيق الجيوب وضرب‬ ‫ّ‬ ‫لكن رفع صوتها بالنياحة والندب‬ ‫ّ‬ ‫على إنسانية المرأة ‪.‬‬
‫عذب‬ ‫الخدود ليس من سمات المرأة المسلمة ‪ ،‬وقد قال رسول ال ه صلى ال علي وسلم ه ‪ )) :‬الميته ُي ّ‬
‫ضرب‬
‫َ‬ ‫نيح عليه (( وفي رواية )) ما نيح عليه (( )‪ ، (16‬وقال أيضا ‪ )) :‬ليس منا َم ْن‬ ‫في قبره بما َ‬
‫الجيوب‪ ،‬ودعا بدعوى الجاهل ّية (( ‪.‬‬
‫)‪(17‬‬
‫َ‬ ‫وشق‬
‫ّ‬ ‫الخدود ‪،‬‬
‫َ‬
‫وعن أبي بردة قال ‪َ :‬و ِج َع أبو موسى ‪ ،‬ف ُغ ِش َي عليه ‪ ،‬ورأسه في حجر امرأة من أهله ‪ ،‬فأقبل ْهَت‬
‫تصيح ِب َرنّةٍ )‪ ، (18‬فلم يستطع أن َي ُر ّد عليها شيئا ‪ ،‬فلما أفاق قال ‪ :‬أنا بريء ممن برىء منه رسول ال ه‬
‫إن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه بري ٌء من الصالقة والحالقة و الشاقّة )‪. (19‬‬ ‫صلى ال عليه وسلم ه ‪ّ ،‬‬
‫وحين أغمي على عبدال بن رواحة رضي ال عنه جعلت أخته تبكي عليه وتقول ‪ :‬واجبله ‪ ،‬وكذا‬
‫أنتكذلك ؟! )‪. (20‬‬
‫َ‬ ‫قلتشيئا إل قيل لي ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫تعد ُد عليه ‪ .‬فقال حين أفاق ‪ :‬ما‬ ‫وكذا ‪ّ ،‬‬
‫أن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه‬ ‫ويؤكد هذا المعنى ما رواه أبو موسى الشعري رضي ال عنه ّ‬
‫ّل به‬ ‫يموت‪ ،‬فيقوم باكيهم ‪ ،‬فيقول ‪ :‬واجبل ُه ‪ ،‬واسيداه (( أو نحو ذلك إل ُوك َ‬ ‫ُ‬ ‫ميت‬
‫ٍ‬ ‫قال ‪ )) :‬ما ِمن‬
‫كنت؟! استنكارا لما قيل ‪ ،‬ومنعا له ‪.‬‬
‫)‪(22‬‬
‫َ‬ ‫ملكان َيلْهزانه ‪ :‬أهكذا‬
‫)‪(21‬‬

‫توع د رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه النائحة والتي تستأجر لهذا الغرض ه إذا ماتت وهي على‬ ‫وقد ّ‬
‫هذا المر ه بالعذاب الشديد يوم القيامة فقال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬النائحة إذا لم َت ُت ْب قبله موتها‬
‫ودرع من جرب (( )‪. (23‬‬ ‫ُتقام يوم القيامة وعليها سربال من ق َِطران ‪ِ ،‬‬
‫وحذ ر رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه من عمل يفضي إلى فساد ‪ ،‬فقد أقبل ابن أم مكتوم وهو‬ ‫‪4‬ه ّ‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬وذلك بعد المر بالحجاب فقال لثنتين من‬ ‫ّ‬ ‫أعمى إلى إحدى بيوتات‬
‫نسائه كانتا موجودتين ‪ )) :‬احتجبا منه (( فقالتا له ‪ :‬يا رسول ال أليس هو أعمى ل يبصرنا ول‬
‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬أفعمياوانه أنتما ‪ ،‬ألستما تبصرانه !؟ (( )‪ ، (24‬فالحجاب‬ ‫ّ‬ ‫يعرفنا ‪ ،‬فقال‬
‫إذا عن الرجال ومنهم ‪ ،‬فل تقع أعين النساء على الرجال ‪ ،‬ول أعين الرجال على النساء ‪،‬فل يبقى‬
‫للنفس أن تقع في حبائل الشيطان و )) العينان زناهما النظر (( )‪. (25‬‬
‫وقال ه صلى ال عليه وسلم ه محذرا أيضا من النظر والفضاء )‪)) : (26‬ل ينظر الرجل إلى عورة‬
‫الرجل ‪ ،‬ول المرأة إلى عورة المرأة ‪ ،‬ول يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ‪ ،‬ول تفضي‬

‫)‪ (15‬رواه النسائي برقم ) ‪ ، ( 5049‬والترمذي برقم ) ‪ ، ( 914‬وانظر ‪ :‬المشكاةهبرقم ) ‪. ( 4485 ، 2653‬‬
‫)‪ (16‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 1292‬مسلم برقم ) ‪ ( 927‬وغيرهما ‪.‬‬
‫)‪ (17‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 1298 ، 1297 ، 1294‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 103‬وأحمد برقم ) ‪( 4100 ، 3650‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (18‬الر ّنة ‪ :‬الصيحة ‪ .‬الصالقة ‪ :‬التي ترفع صوتها بالنياحة والندب ‪.‬‬
‫)‪ (19‬رواه البخاري يرقم ) ‪ ، ( 1296‬ومسلم برقم ) ‪. ( 104‬‬
‫)‪ (20‬رواه البخاري برقم ) ‪. ( 4268‬‬
‫بجمع اليد في الصدر غضبا واستنكارا ‪.‬‬‫يلهزانه ‪ :‬يدفعانه ُ‬
‫)‪(21‬‬

‫)‪ (22‬رواه الترمذي برقم ) ‪ ، ( 1003‬وابن ماجه برقم ) ‪ ، ( 1594‬وانظر ‪ :‬المشكاةهبرقم ) ‪. ( 1746‬‬
‫)‪ (23‬السربال ‪ :‬القميص ‪ .‬القطران ‪ :‬الزفت ‪ .‬الدرع ‪ :‬زرد الحديد يلبسه المحارب ‪ ،‬لكن هنا درع من الجرب ‪.‬‬
‫)‪ (24‬رواه أحمد برقم ) ‪ ، ( 25997‬وابو داود برقم ) ‪ ، ( 4112‬والترمذي برقم ) ‪ ، ( 2778‬وانظر المشكاة برقم )‬
‫‪. ( 3116‬‬
‫)‪ (25‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6612 ، 6243‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2657‬وأحمد برقم ) ‪ ( 7662‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (26‬الفضاء ‪ :‬الضجاع متجردين تحت ثوب واحد ‪.‬‬
‫المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد (( )‪ (27‬فتنتفي الشهوة الحرام إذ ذاك فل لِواط ‪ ،‬ول ِسحاق ‪،‬‬
‫نعوذ بال من ذلكما العملين المشؤو َم ْين المغضبينه ل تعالى المهد َر ْين لنسانية النسان وشرفه وكرامته ‪.‬‬
‫وحذر كذلك من دخول أقارب الزوج على الزوجة في غيابه فقال ه صلى ال عليه وسلم ه ‪:‬‬
‫الح ْم َو ؟ قال ‪ )) :‬الحمو‬ ‫والدخول على النسا ِء ! (( فقال رجل من النصار ‪ :‬أفرأيت َ‬ ‫َ‬ ‫)) إ ّياكم‬
‫الموت (( ‪ ،‬وقد توقفناه عند هذا الحديث في فصل سابق وبّيناه خطر الختلط وأثره على الحياة‬ ‫)‪(28‬‬

‫في المجتمع والسرة ‪ ،‬والفساد الذي يؤدي إليه )‪. (29‬‬


‫أن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه قال ‪)) :‬ل يخل ََو ّن أحدكم‬ ‫وقد روى ابن عباس رضي ال عنهما ّ‬
‫بامرأة إل مع ذي َم ْح َرم (( )‪ (30‬وما خل رجل بامرأة إل وكان الشيطان ثالثهما !! ‪ . . .‬أفهم من هذا‬
‫يحر ك الثم في نفسيهما كليهما ‪ ،‬فهو رسول الرجل إلى المرأة ‪ ،‬يضرم فيها النظرة‬ ‫أن الشيطان ّ‬
‫الثمة والشهوة الحرام ‪ ،‬ورسول المرأة إلى الرجل يضرم فيه النظرة الثمة والشهوة الحرام ‪.‬‬
‫كل منهم‬‫‪ 5‬ه ولعن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه النشاز من الرجال والنساء الذين يحاكي ّ‬
‫حركات الجنس الخر ‪ ،‬ويتش ّبه به في َخل ِقه ‪ ،‬وحركاته ‪ ،‬وكلماته ‪.‬‬
‫فقد روى ابن عباس رضي ال عنهما قال ‪ )) :‬لعن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه المخنثين من‬
‫الرجال والمترجلت من النساء (( )‪ (31‬وفي رواية ‪ )) :‬لعن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه‬
‫المتشبهين من الرجال بالنساء ‪ ،‬والمتشبهات من النساء بالرجال (( )‪. (32‬‬
‫خص ص القول في رواية أبي هريرة حيث يروي هذا الصحابي الجليل فقال ‪ )) :‬لعن رسول‬ ‫ثم ّ‬
‫بسة المرأة ‪ ،‬والمرأة تلبس لِبسة الرجل (( ‪.‬‬
‫)‪(33‬‬
‫الرجليل َبس لِ َ‬
‫َ‬ ‫ال ه صلى ال عليه وسلم ه‬
‫ليتحمل مسؤوليته التي‬‫ّ‬ ‫فال سبحانه وتعالى خلق للرجل ما يناسبه من صفات الرجولة والخشونة‬
‫والدل لتقوم بعملها المنوط بها ‪ ،‬فإن‬
‫ّ‬ ‫أنيطت به ‪ ،‬وجعل للمرأة ما يناسبها من سمات النوثة واللطافةه‬
‫خرج أحدهما من لباسه هذا وقلّد الجنس الخر فهو ناشز مذموم مخ ّنث محتقَر من الطرفين فهو‬
‫كالغراب حاول تقليد القطا في مشيه فل هو استطاع ذلك ‪ ،‬ول هو استطاع العودة إلى ما كان عليه ‪.‬‬
‫زوجها وطاعتها إياه (( عظيم خطر العقوبة التي تنال‬ ‫َ‬ ‫مر معنا في فصل )) حب المرأة‬ ‫وقد ّ‬
‫الزوجة التي تهجر فراش زوجها وهي لعنة الملئكة إياها ‪ ،‬ول تلعنها الملئكة إل بأمر من ال تعالى ‪.‬‬
‫غضبان عليها لعنتها‬
‫َ‬ ‫قال ه صلى ال عليه وسلم ه )) إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه ‪ ،‬فأبت فباته‬
‫مرت كذلك في الفصل المذكور نفسه‬ ‫الملئكة حتى تصبح (( ‪ ،‬والحاديث في هذا المعنى كثيرة ّ‬
‫)‪(34‬‬

‫مع شيء من التفصيله ‪.‬‬


‫النساء للرجال فقال ‪)) :‬ل تباشر المرأ ُة‬ ‫َ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه عن وصف النساء ِ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 6‬ه ونهى‬
‫المرأة ‪ ،‬فتص َفها لزوجها ‪ ،‬كأنه ينظر إليها (( ‪.‬‬
‫)‪(35‬‬
‫َ‬
‫فإن فعلت فهذا مؤشر على ‪:‬‬

‫)‪ (27‬رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 338‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 11207‬والترمذي برقم ) ‪. ( 2793‬‬


‫)‪ (28‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5232‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2172‬وأحمد برقم ) ‪ ( 16945 ، 16896‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (29‬فصل )) المرأة فتنة (( ‪.‬‬
‫)‪ (30‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5233‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1341‬وأحمد برقم ) ‪ ( 1935‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (31‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6834 ، 5886‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 2124 ، 2007 ، 1983‬وأبو داود برقم ) ‪( 4930‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (32‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5885‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 27206 ، 2263‬وأبو داود بقم ) ‪ ( 4097‬وغيرهم ‪.‬‬
‫)‪ (33‬رواه أحمد برقم ) ‪ ، ( 8110‬وأبو داود برقم ) ‪ ، ( 4098‬وانظر ‪ :‬المشكاة برقم ) ‪. ( 4469‬‬
‫)‪ (34‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5193 ، 3237‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1436‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 9379‬وأبو داود برقم )‬
‫‪. ( 2141‬‬
‫)‪ (35‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5241 ، 5240‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 3659 ، 3598‬وأبو داود برقم ) ‪( 2150‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫أ ه قلة دينها ‪.‬‬
‫ب ه وجهلها به ‪.‬‬
‫جه ه وعدم الكتراث بفضح الخريات ‪.‬‬
‫د ه وضعف دين زوجها ‪ ،‬إن استمع إليها وأصغى ‪.‬‬
‫ضعفغيرتها أو دليل على سفاهتها ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫هه ه‬
‫يتنزه المسلم المؤمن عنها‬ ‫حرمه ال تعالى ‪ ،‬وكان الولى أن ّ‬ ‫وأمور كثيرة تنهى عن الخوض فيماه ّ‬
‫فهي ل تليق به ‪ ،‬بل هي ثلمة في دينه وأخلقه ‪.‬‬
‫ونهى الرسول ه صلى ال عليه وسلم ه عن قذف المحصناته العفيفاته ‪ ،‬فحين أمر باجتناب السبع‬
‫وقذف المحصناته المؤمنات‬ ‫ُ‬ ‫الموبقات ‪ .‬ذكر الرسول الكريم ه صلى ال عليه وسلم ه )) ‪. . .‬‬
‫ات‬
‫ون ا ْل ُم ْح َص َن ِه‬ ‫‪ ،‬وقد قال ال تعالى في سورة النور الية ‪ِ ) : 23‬إ ّن الّ ِذ َ‬
‫ين َي ْر ُم َ‬ ‫الغافلت ((‬
‫)‪(36‬‬

‫يم ( ‪.‬‬
‫اب َع ِظ ٌ‬
‫ْآخ َر ِة َولَ ُه ْم َع َذ ٌ‬
‫الد ْن َيا َوال ِ‬
‫اتُ ِعنُوا ِفي ّ‬
‫َات ا ْل ُم ْؤ ِم َن ِه ل‬
‫ا ْل َغا ِفل ِه‬
‫أن زوجها‬ ‫تدعي ّ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه المرأة التي رغبت أن تكيد لضرتها بأن ّ‬ ‫ّ‬ ‫وحذر‬ ‫‪7‬ه ّ‬
‫فتدعي فضلها عليها ومكانتها الثيرة عند الزوج ‪ ،‬فقد روت أسماء رضي ال‬ ‫ُيعطيها مال يعطيه الثانية ّ‬
‫علي ُجناح ) أي ذنب ( إن تشّبعت من زوجي‬ ‫ض ّرة ‪ ،‬فهل ّ‬ ‫عنها أن امرأة قالت ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬إن لي َ‬
‫)‪3‬‬
‫ثوبيزور ((‬ ‫ْ‬ ‫النبي ه صلى ال عليه وسلم ه ‪ )) :‬المتشّب ُع بما لم ُي ْعط كلبس‬ ‫ّ‬ ‫غير الذي يعطينيه؟ فقال‬
‫‪ (7‬فل ينبغيهأن تتظاهر بفضلها على ضرتها لتؤذي مشاعرها ‪.‬‬
‫كما ل ينبغيه للمرأة إذا خطبها رجل قد بنى بأخرى أن تربط موافقتها الزواج منه بطلق امرأته‬
‫عامدة‬
‫ً‬ ‫الولى ‪ ،‬أو أن تسأله بعد الزواج أن يطلق الخرى وت َعنته في ذلك ليصفو لها الجو فتؤذيها‬
‫وغير متعمدة ‪.‬‬
‫طلق‬
‫َ‬ ‫تسأل المرأة‬
‫ُ‬ ‫أن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه نهى عن ‪ )) . . .‬ول‬ ‫يروي أبو هريرة ّ‬
‫أخ ِتها لتكفأ ما في إنائها (( ‪ . . .‬وفي رواية ‪ )) :‬وأن تشترط المرأة طلق أختها (( ‪.‬‬
‫)‪(39‬‬ ‫)‪(38‬‬

‫وتكفأ المرأة القدر حين تك ّبه على فمه فيفرغ ما فيه فتصب فيه ما تريد ‪ ،‬والمقصود أنه ل ينبغيه‬
‫أن تطلب طلق ضرتها المسلمة ليكون الخي ُر بعد هذا كلّه لها ‪.‬‬
‫‪ 8‬ه وأخيرا نهى رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه ْلعن الحيوانات المفيدة ‪ ،‬وإيذاء غير الضا ّر منها ‪:‬‬
‫أ ه ففي الولى ما رواه عمران بن الحصين رضي ال عنهما قال ‪ :‬بينما رسول ال ه صلى ال عليه‬
‫فضجرت )‪ (40‬فلعنتها ‪ ،‬فسمع ذلك رسول ال‬ ‫ْ‬ ‫وسلم ه في بعض أسفاره ‪ ،‬وامرأة من النصار على ناقة ‪،‬‬
‫ه صلى ال عليه وسلم ه فقال ‪ )) :‬خذوا ما عليها ‪ ،‬ودعوها ‪ ،‬فإنها ملعونة (( ‪ ،‬قال عمران ‪ :‬فكأني‬
‫أراها الن تمشي في الناس ‪ ،‬ما يعرض لها أحد )‪. (41‬‬
‫نضلة بن عبيد السلمي رضي ال عنه قال ‪ :‬بينما جارية على ناقة ‪ ،‬عليها بعض‬ ‫َ‬ ‫وعن أبي برزة‬
‫اللهم ال َع ْنها‪.‬‬
‫بالنبيه صلى ال عليه وسلم ه ‪ ،‬وتضايق بهم الجبل ‪ ،‬فقالت ‪َ :‬ح ْل ّ‬ ‫ّه‬ ‫متاع القوم ‪ ،‬إذ َب ُص َرت‬
‫النبيه صلى ال عليه وسلم ه ‪)) :‬ل تصاحبنا ناقة عليها لعنة (( ‪.‬‬
‫)‪(42‬‬
‫ّ‬ ‫فقال‬
‫فهذه شابة من النصار في سفر ‪ ،‬اقتربت بناقتها من رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه في مضيق‬
‫بين جبلين ‪ ،‬وص ُع ب عليها أن تقود ناقتها في هذا المكان والرسول ه صلى ال عليه وسلم ه قريب منها ‪،‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6857 ، 2767‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 89‬وأبو داود برقم ) ‪ ( 2874‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫)‪(36‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 5219‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 2130‬وأحمد برقم ) ‪ ( 26389 ، 26381‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫)‪(37‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 6601 ، 2140‬ومسلم برقم ) ‪ ، ( 1413‬وأحمد برقم ) ‪ ( 8039 ، 7207‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫)‪(38‬‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 2727‬وأحمد برقم ) ‪. ( 10271 ، 8039‬‬ ‫)‪(39‬‬

‫ضجرت ‪ :‬أي من علج الناقة وصعوبة قيادتها ‪.‬‬ ‫)‪(40‬‬

‫مسلم برقم ) ‪ ، ( 2595‬وأحمد برقم ) ‪ ، ( 19369‬وأبو داود برقم ) ‪ ( 2561‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫)‪(41‬‬

‫رواه مسلم برقم ) ‪ ، ( 2596‬وأحمد برقم ) ‪. ( 19291‬‬ ‫)‪(42‬‬


‫فأنح ْتباللئمة على الناقة ‪ ،‬فلعن ْتها ‪ ،‬فكان ما كان منها ‪ ،‬وسمع الرسول الكريم‬ ‫َ‬ ‫فهابت هذا الموقف ‪،‬‬
‫تحم ِل المسؤولية ‪ ،‬والصبر على الحيوان ‪،‬‬ ‫ما قالته ‪ ،‬فأمر أن ُتترك الناقة عقوبة للمرأة ‪ ،‬ودفعا إلى ّ‬
‫والرأفة به ‪.‬‬
‫أن رسول ال ه صلى ال عليه وسلم ه قال ‪:‬‬ ‫ب ه وفي الثانية ما رواه ابن عمر رضي ال عنهما ّ‬
‫فدخلتفيها النا َر ‪ ،‬ل هي أطعم ْتها وس َق ْتها إذ حبس ْتها ‪،‬‬
‫ْ‬ ‫)) ُع ّذبت امرأة في ّ‬
‫هرة سجن ْتها حتى ماتت ‪،‬‬
‫ول هي ترك ْتها تأكُل ِم ْن َخشاش الرض (( ‪.‬‬
‫)‪(43‬‬

‫نسيتهذا وتسربلت‬ ‫ْ‬ ‫لكنهذه المرأة‬


‫غرتك قدرتك على الخرين فتذ ّكر قدرة ال عليك ‪ّ . . .‬‬ ‫وإذا ّ‬
‫بسمات الوحوش ‪ ،‬فذابت في نفسها الرحمة وتمّلكها الجبروت ‪ ،‬فحبست الهرة ومنعت عنها الطعام‬
‫تطردها ‪ ،‬فتنطلق‬
‫َ‬ ‫الطوافة اللوفة أن‬
‫ّ‬ ‫الهرة‬
‫فكانت مثا ًل للظلم والطغيان ‪ .‬وما عليها إذ كرهت هذه ّ‬
‫في أرض ال الواسعة تبحث عن رزق ال فيها فنالت جزاءها ‪ ،‬والعياذ بال تعالى أن ينقلب النسان وحشا‬
‫والدميحيوانا ‪.‬‬
‫ّ‬

‫رواه البخاري برقم ) ‪ ، ( 3482 ، 2365‬ومسلم برقم ) ‪. ( 2242‬‬ ‫)‪(43‬‬

You might also like