Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 9

‫رابعًا‪ -‬المتطلبات العقالنية الواجبة التوفر في فعل المقاولة‪.

‬‬

‫ُيعت بر الفع ل المق اوالتي كغ يره من األفع ال ال تي تتط ور باس تمرار م ع تط ور العلم‬
‫والّتكنولوجيا‪ ،‬فهو نشاٌط ذو أس ٍس وقواع ٍد ثابت ٍة ؛ يفرض على من يمارسه التقّي د بمجموعة من المبادِئ‬

‫واألس ِس ‪ ،‬ومن ثّم ة العمل بموجبها كي يضمن لنفسه الّتقدم والّنجاح الذي يريده‪ ،‬وهذا من أجل البقاء‬
‫ألط ول ف ترة ممكن ة في الّس وق وه ذا طبع ًا من خالل اّتب اع أس لوب اإلب داع والّتمّي ز في ظ ّل المنافس ة‬
‫الح اّد ة الموج ودة بين مختل ف الف اعلين الموج ودين في بيئ ة األعم ال‪ ،‬ومن خالل ه ذا الم دخل سنس عى‬
‫جاهدين لتقديم بعَض هذه األسس أو المتطّلبات التي يفرضها هذا الفعل‪ ،‬وإ ن كان هذا األخير يتشّك ل من‬
‫عنص رين أساس يين ورئيس يين من الّص عب الفص ل والتفريق بينهم ا من المنظور العملي؛ وهم ا المقاول‬
‫كفاعل والمقاولة في حّد ذاتها كفعل يتم القيام به من قبل هذا األخير‪ ،‬وذلك كما يأتي‪:‬‬

‫الّر وُح المقاوالتية‪ :‬لقد أصبح موضوع ال ّر وح المقاوالتية وتطويرها يشغل حّي ز اهتمام كبير لدى‬ ‫‪-1‬‬
‫المهتمين بالّش أن المق اوالتي‪ ،‬األم ر ال ذي يض عنا أم ام ه ذا الّس ؤال ال ذي يط رح نفس ه هن ا‪ :‬م اذا نـعني‬
‫بالروح المقاوالتية كمفهوم؟ واإلجابة على السؤال نختصرها في إظهار أوجه االختالف بين مصطلحين‬
‫غالب ًا م ا يتم الم زج بينهم ا في االس تعمال‪ ،‬وهم ا روح المؤسس ة (‪ )L’esprit d’entreprise‬وروح‬
‫المقاول ة (‪ ( L’esprit d’entreprendre‬ففي ه ذا يف رق المؤلف ون بين المفه ومين من خالل تعري ف‬
‫روح المؤسسة بأّنها‪" :‬مجموعة من المواقف العاّم ة واإليجابية إّز اء مفهوم المؤسسة والمقاول‪ ،‬أّم ا روح‬
‫المقاول ة فه و أش مل من مفه وم روح المؤسس ة‪ ،‬فه و مرتب ط أك ثر بالمب ادرة والنش اط؛ ف األفراد ال ذين‬

‫يملك ون روح المقاول ة لهم إرادة تج ريب أش ياء جدي دة‪ ،‬أو القي ام باألش ياء بش كل مختل ف‪ ،‬وه ذا نظ رًا‬
‫لوجود إمكانية للتغيير‪ ،‬وهؤالء األفراد ليس بالضرورة أن يكون لهم اتجاه أو رغبة إلنشاء مؤسسة‪ ،‬أو‬
‫ح تى تك وين مس ار مه ني مق اوالتي‪ ،‬ألّن ه دفهم يس عى لتط وير ق درات خاص ة للّتماش ي والّتكي ف م ع‬
‫التغي ير‪ ،‬وه ذا عن طري ق ع رض أفك ارهم والّتص رف بكث ير من االنفت اح والمرون ة‪ ،‬والبعض اآلخ ر‬
‫يتعمقون ويعتبرون أّن روح المقاولة تتطلب تحديد الفرص وجمع الموارد الّالزمة والمختلفة من أجل‬
‫تحويلها لمؤسسة‪ ،‬ومن خالل هذا يتبين لنا أّن الروح المقاوالتية هي مجموع الدوافع والبوادر‪ ،‬والع زائم‬
‫التي تتولد –تتش كل‪ -‬لدى األفراد من أج ل التوج ه نحو عالم المقاوالتي ة‪ ،‬فهي إذن عوامل –مس ببات‪-‬‬
‫تس اعد الّش اب على األخ ذ بالمب ادرة في انش اء مؤسس ته الخاص ة من خالل مختل ف الص يغ القانوني ة‬
‫الموج ودة في البالد وبواس طة االعتم اد على مختل ف ط رق التموي ل المتع ارف عليه ا اقتص اديًا‪ ،‬كله ا‬
‫عوام ل ومحف زات ي رى فيه ا المتخصص ون واجب ة الت وفر في الفع ل المق اوالتي وه ذا باعتباره ا تمث ل‬
‫مصدرًا أساسيًا يتغذى منه هذا األخير من الّناحية المعنوية‪ ،‬فهي إذن انعكاس للذهنية والعقلية الموجودة‬
‫ل دى األف راد المق اولين وال تي تحم ل في طياته ا الخص ائص الّس الفة ال ّذ كر‪ ،‬وه ذا من خالل تجس يدها‬
‫وتطبيقها في الميدان من خالل ممارسة مختلف األنشطة والمهام المتعلقة بالفعل المقاوالتي ومن خالل‬
‫التعام ل بكث ير من االنفت اح والمرون ة‪ ،‬وه ذا المالح ظ على مس توى دول الع الم المتق دم‪ ،‬حيث أّن ه ذه‬
‫المجتمع ات تتمت ع ببن اء ونس يج مق اوالتي ق وي مث ل م ا ن راه في ايطالي ا‪ ،‬الوالي ات المتح دة األمريكي ة‪،‬‬
‫فرنسا‪.....،‬الخ‪ ،‬ولعّله من بين األسباب الرئيسية التي أّد ت بهذه المجتمعات الى تحقيق نتائج مميزة في‬
‫المج ال المق اوالتي ه و نقط ة االنطالق ال تي يس ير منه ا ش باب ه ذه المجتمع ات‪ ،‬فهم يتوجه ون نح و‬
‫المش اريع المقاوالتي ة كخي ار أولي وأساس ي وبك ل قناع ٍة شخص يٍة ‪ ،‬وذل ك من خالل انش اء مؤسس اتهم‬
‫المصغرة الخاصة والمستقلة كخيار أولي ال كبديل عن وضعية البطالة التي يعيشها أو قد يعيشها‪ ،‬وهذا‬
‫عكس مجتمعات العالم الثالث التي يتوجه غالبية أفراده نحو المسار المقاوالتي كخيار بديل‪ ،‬وهذا إّم ا‬
‫من بعد معاناة هذا األخير من فترة بطالة‪ ،‬بمعنى؛ من بعد فشله في الحصول على منصب عمل قار‪،‬‬
‫ومن خالل االعتم اد على المص ادر التمويلي ة ذات الط ابع الحك ومي‪ ،‬وال تي تك ون أحيان ًا بمب الغ مالي ة‬
‫كبيرة ولفترات زمنية طويلة‪ ،‬وبامتيازات أخرى‪ ،‬وهذا ما نعيشه في الجزائر‪ ،‬وهذا الذي قّلما نجده لدى‬
‫دول العالم المتقدم‪.‬‬

‫‪-2‬الّثقافُة المقاوالتيَـة‪ :‬ه و مفه وم في واق ع األم ر ال يختل ف عن ماهي ة ال روح المقاوالتي ة بالش كل الكب ير‪،‬‬
‫إض افة لت أثير المحي ط وبعض العوام ل الخارجي ة‪ ،‬فهي تعت بر من بين المح ددات الرئيس ية واألساس ية‬
‫للمبادرات الفردية‪ ،‬حيث عّر فها البعض على أّنها‪" :‬مجمل المهارات والمعلومات المكتسبة من فرد أو‬
‫مجموعة من األفراد ومحاولة استغاللها وذلك بتطبيقها في االستثمار في رؤوس األموال وذلك بإيجاد‬
‫أفكار مبتكرة (جديدة)‪ ،‬إبداع في مجمل القطاعات الموجودة‪ -‬إضافة إلى وجود هيكل تسييري تنظيمي‪،‬‬
‫وهي تتض من الّتص رفات‪ ،‬الّتحف يز‪ ،‬ردود أفع ال المق اولين‪ ،‬باإلض افة للتخطي ط واّتخ اذ ق رارات التنظيم‬
‫والمراقبة‪ ،‬وإ دخال الّتكنولوجيا والتزام اإلدارة بإجراءات الّر يادية في المنظمة ورصد األفكار وتنفيذها‬
‫في إطاٍر زمنٍّي محّد ٍد ‪ ،‬فثقافة المقاولة التي نراها نحن من متطّلبات الفعل المقاوالتي هي مجموع ُة القيِم‬

‫والمكتس باِت الموجودِة ل دى المقاول وفري ق العم ِل اّل ذي مع ه‪ ،‬ثّم يتّم معايش تها من خالل تجس يدها على‬
‫أرض الواقع في المقاولة من خالل مختلف الممارسات اليومية‪ ،‬والتي نذكر منها على سبيل المثال ال‬
‫على س بيل الحص ر‪ :‬االس تقاللية‪ ،‬اإلب داع‪ ،‬المس ؤولية والّر غب ة في األخ ذ بالمخ اطر‪ ،‬باإلض افة إلى أّنه ا‬
‫مجموعة من المبادئ والقيم التنظيمية التي تصبغ المسار المقاوالتي من الفكرة إلى التجسيد‪ ،‬فهي التي‬
‫تنظم الممارسة التسييرية وتوجهها لتحقيق األهداف المس ّطرة ُم ْس بقًا وهي التي تعطي للمقاولة ميزاتها‬
‫التنافسية وهي التي تؤثر على سلوك أعضائها وتحدد كيفية تعامل فريق العمل مع بعضهم البعض ومع‬
‫األطراف الموجودة في بيئة أعمالها‪ ،‬فهي إذن ذلك التعبير عن الفكر المؤسساتي والقيم الّثقافية الفردية‬
‫والجماعية منها على حد سواء‪.‬‬

‫‪ٌ-3‬بنيوية رأس المَـال االجتمَـاعي‪ :‬لق د أص بح من الض روري في ظ ِّل المعطي ات البيئي ة الّر اهن ة‪ ،‬وب الّنظر‬
‫إلى م ا تحمل ه من متغ يرات ومف اهيم جدي دة وك ذا بالس رعة غ ير المتوقع ة إطالق ًا‪ ،‬على المق اول تعبئ ة‬
‫رأسماله االجتماعي كمورد فكري معنوي‪ ،‬من أجل انجاح سيرورة مقاولته‪ ،‬وكذا لضمان بقائها ألطول‬
‫ف ترة ممكن ة في الس وق على األق ل‪ ،‬ألّن ه ذه التعبئ ة أص بحت من بين العوام ل األساس ية وال تي تص نع‬
‫الفارق أحيانًا‪ ،‬خصوصًا إذا أخذنا بنظر االعتبار عنصر أو عامل التكافؤ الموجود بين أغلب المقاولين‬
‫وال ذي ه و مرتب ط ب الموارد البش رية والمالي ة والمادي ة (رؤوس أم وال‪ ،‬ي د عامل ة‪ ،‬ش هادات‬
‫جامعي ة‪... ،‬الخ)‪ ،‬وال ذي ه و يعت بر بمثاب ة قاس م مش ترك بين أغلب أو جمي ع المق اولين‪ ،‬بمع نى أّنه ا‬
‫عناص ر قائم ة ومت وفرة ل دى أغلب الناش طين في البيئ ة الحالي ة‪ ،‬وه ذا ال ذي تؤك ده وتدعم ه تل ك الفك رة‬
‫التي جاء بها روبرت بوتنام روبرت " ‪ "Robert‬حول هذا المفهوم‪ ،‬فهي نظرة تحيل وتقول بأّن رأس‬
‫المال االجتماعي وقوته هي ترتبط بِح ّد ة وكثافة الروابط والعالقات االجتماعية داخل المجتمع‪ ،‬والذي‬
‫ُيْم ِك ُنن ا أن ُنترجم ه من إط اره النظ ري إلى ص ياغه العملي من خالل الثق ة في اآلخ رين (أف راد‬
‫ومؤسس ات)‪ ،‬ثم التواص ل م ع ه ؤالء الف اعلين بش كل مس تمر ومتواص ل‪ ،‬في إط ار التب ادل والتكام ل‬
‫االجتم اعيين أو في إط ار تب ادل المص الح من المنظ ور السوس يو اقتص ادي على األق ل‪ُ ،‬خ صوص ًا في‬
‫األوقات أو المراحل الّص عبة والحرجة‪.‬‬
‫إّن مختل ف المش اركات واالنتم اءات ال تي يعيش ها الف رد داخ ل مختل ف مؤسس ات المجتم ع‬
‫المدني مثل األحزاب‪ ،‬الجمعيات‪ ،‬النقابات‪... ،‬الخ‪ ،‬يمكنها أن تقوي من شبكية رأس المال االجتماعي‬
‫خاصة إذا كانت هذه األخيرة متعددة األبعاد‪ ،‬ومتنوعة المداخل‪ .‬فهي تمكن المقاول وتساعده من ج ّر اء‬
‫تفعيلها واستثمارها بالشكل المطلوب (الفّعال) على تحقيق األهداف المرجوة ولو على المستوى القريب‬
‫–العاجل‪ -‬وهذا في ظل الظروف البيئية الراهنة‪.‬‬
‫إذن ومن خالل هذا الذي سبق يتبين لنا قوة رأس المال االجتماعي ال تقاس بعدد العالقات‬
‫المباشرة أو غير المباشرة للفرد وفق ًا للمنظور الخلدوني الذي يرى في االنسان بأّن ه اجتماعي بطبعه‪،‬‬
‫ب ل إّن آلي ات الض بط االجتم اعي ق د تغ يرت في ذل ك وانتقلت بن ا إلى مفه وم سوس يولوجي آخ ر مف اده‬
‫ماهية طبيعة الخصائص البنيوية لهذه العالقات بمعنى‪ :‬هل هي‪ :‬قوية؟؛ ممتدة؛ متنوعة أم ال‪...‬؟؟!!‬

‫دراسَـَـة الجَـَـدوى من المشَـَـروع‪ُ :‬يعتَب ُر اإلع داد للمش اريع االقتص ادية من أهّم الخط وات لنجاحه ا‪،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫حيث أّن التخطي َط الّس ليَم للمش اريِع يض من م دى نج اح وفاعلي ة ه ذه المش اريع‪ ،‬باإلض افة إلى العائ د‬
‫الم اّد ي الجّي د المتوّق ع من ه ذه المش اريع‪ .‬ل ذا وقب ل الب دء ب أي مش روع اقتص ادي يجب عم ل ج دوى‬
‫اقتصادية له‪ ،‬والتي تّم تعريفها من قبل المختصين بأّنها عبارة عن‪" :‬عملية جمع المعلومات والبيانات‬
‫عن مش روع مق ترح ومن ثّم ة تحليله ا من الّن واحي المالي ة واالقتص ادية والفنّي ة إض افة إلى تحلي ل‬
‫حساس يته وذل ك لمعرف ة م دى نج اح ه ذا المش روع في ظ ّل الوض ع الس ائد في الّس وق‪ ،‬وبالّت الي تقري ر‬
‫استمرار أو وقف هذا المشروع"‪ ،‬كما يوجد من يعرفها بأّنها‪" :‬تلك الّد راسة الّنظرية والعملية التي تبحث‬
‫في م دى الفوائ د ال تي يمكن تحقيقه ا من خالل تنفي ذ مش روع م ا‪ ،‬على أُس ٍس تحليلي ٍة للب دائِل المتاح ِة ‪،‬‬
‫بغ رض تبّني الق رار الّس ليم"‪ ،‬إذن فمن خالل ه ذا اّل ذي س بق يت بين لن ا أّن دراس ة الج دوى من المش اريع‬
‫هي عملية جمع المعلومات عن مشروع مقترح ومن ثّم ة تحليلها لمعرفة إمكانية تنفيذه‪ ،‬وتقليل المخ اطر‬
‫وتعظيم ربحي ة ه ذا المش روع‪ ،‬وبالّت الي يجب معرف ة م دى نج اح ه ذا المش روع أو خس ارته مقارن ة‬
‫بالسوق المحلي واحتياجاته‪.‬‬

‫‪ -5‬االبتكار؛ واالبداع‪ :‬تش غل ك ل من المقاوالتي ة؛ االبتك ار واالب داع؛ مكان ة أساس ية في معادل ة الديناميكي ة‬
‫السوسيواقتصادية‪ ،‬وهذا منذ أن جعل العالم الّنمساوي‪ :‬جوزيف شومبيتر ) (‪Joseph Schumpeter‬‬
‫من المق اول المبتك ر ع امًال أساس يًا في الّتنمي ة‪ ،‬فمن ثَّم َة رّك زت أبح اُث الخ براِء والمهتّم يِن بالّش أِن‬
‫المق اوالتي على األهمّي ة المتزاي دِة للعوام ِل التنظيمّي ِة والم واهِب الفردّي ِة كمص دٍر لنج اِح للنش اِط‬
‫المق اوالتي‪ ،‬وبالّت الي ع ّز زت هذه الرؤي ة دعم المؤسس ات المبتكرة وك ذا الحث على خل ِق سياساِت دعٍم‬

‫لألف راد المبتك رين بص فة عام ة وفي المج ال المق اوالتي بص فة خاص ة‪ ،‬ويع رف المهتمين به ذا الّش أن‬
‫االبتك ار بأّن ه‪" :‬وس يلة لعم ل ش يء يحم ل بص متهم الخاّص ة"‪ ،‬وفيهم من يعرف ه بأبس ط من ذل ك بأّن ه‪:‬‬
‫"األفكار المطبقة بنجاح"‪ ،‬فلهذا ُهم يرونه من الخصائص الواجبة التوفر في الفعل المقاوالتي‪.‬‬

‫اإلب داع من المتطلب ات األساس ية للفع ل المق اوالتي ألّن ه على ح ِّد ق وِل‬ ‫يمكنن ا الق وٌل من هن ا ب أّن‬
‫عنه بصراحٍة بأّن االبتكار‪" :‬يق ِّد م جزرة المكافأة الرائعة أو عصا الفقر‬ ‫جوزيف شومبيتر والذي عّب ر‬
‫المدقع"‪ .‬فهو يمثل بعدًا مشتركًا بين االستراتيجية والمقاوالتية‪ ،‬ألّنه ُيعد مصدرًا لص ياغة االس تراتيجيات‬
‫المقاوالتي ة وتنفي ذها في اط ار اس تغالل الف رص ومواجه ة التهدي دات‪ ،‬وفي ه ذا الص دد يع د (‬
‫‪ )Drucker,1986‬من أوائ ل المتخصص ين بع د ش ومبيتر ال ذين ق اموا بتحلي ل ووص ف عالق ة االرتب اط‬
‫القوي ة بين اإلب داع والمقاوالتي ة‪ ،‬فالمنظم ات الريادي ة هي كيان ات مبدع ة تنّف ذ التغي ير داخ ل الس وق من‬
‫خالل إيجاد عالقات وطرق جديدة غير تلك المعتادة‪ ،‬وإ ّن تنفيذ هذه الطرق والعالقات الحديثة يمكن أن‬
‫يتخذ أشكاًال؛ وبذلك يمكن القول بأّن اإلبداع يسهم في المحافظة على مكانة المقاولة وموقعها في مقدمة‬
‫المتنافسين‪ ،‬وكذلك في حصولها على الميزة التنافسية التي تثمر عن المزيد من العوائد المالية في غالب‬
‫األحيان‪ ،‬فاإلبداع إذن يمكنه أن يحدث تغييرًا في أبعاد المعرفة في أِّي وقت كان لخلق القيمة من خالل‬
‫تغيير نمط الموارد المخصصة فيها والتركيز على التجديد والتميز في عملياتها من خالل اعتم اد أنش طة‬
‫البحث والتط وير والتجدي د في قرارته ا االس تثمارية الخاص ة بتط وير مختل ف العملي ات‪ ،‬وه ذا باالعتم اد‬
‫على الّت راكم المع رفي والموج ودات المادّي ة والم وارد المالي ة‪ ،‬وال تي يمكنه ا أن تس هم جميعه ا في خل ق‬
‫القدرة االستراتيجية للمقاولة كونها تمكنها من تقديم منتجات أو خدمات جديدة مستجيبة للظروف البيئية‬
‫المتغيرة‪.‬‬
‫‪-6‬المبادرة‪ :‬هي القدرة على اتخاذ المبادأة واألسبقية متى تطلب الموقف ذلك‪ .‬لذلك‪ ،‬فالمبادرة أو المبادأة‬
‫هي ليست في الّد فاع فحسب‪ ،‬وإ ّنما في الهجوم كذلك‪ ،‬فمن الّناحية الفعلية‪ ،‬مبادأة المنظمات الّر يادية هي‬
‫كفاءته ا في التق ييم والمعالج ة ع بر تحلي ل والتنب ؤ بكاف ة مص ادر الخط ر ال تي ته دد إلى تحقي ق األه داف‬
‫االستراتيجية لها وااليجاد الفاعل للحلول الّالزمة لهذه المخاطر قبل حدوثها‪ ،‬وهي تعد من المتطلبات‬
‫األساس ية للفع ل المق اوالتي ألنه ا تس اعد في منح المقاول ة الق درة على تق ديم ع روض جدي دة لألس واق‬
‫تتفوق من خاللها على المنافسين‪ ،‬كما يمكن أن تظهر مبادرات األفراد نتيجة لحافز معين (مادي و‪/‬أو‬
‫معنوي) أو أن يكون الحافز خارجي بتأثير الثقافة التنظيمية المقاوالتية‪ ،‬ودائما ما تؤكد نظريات حوافز‬
‫العاملين على المصلحة االقتصادية الخاصة للمنظمة بوصفها تمثل الحافز األساسي للع املين‪ .‬ويمكن أن‬
‫يحصل الحافز من خالل إيجاد العالقات الجيدة بين المقاول والعاملين وشعورهم باالنتماء التنظيمي من‬
‫خالل الرض ا ال وظيفي‪ ،‬إّن المنظم ات ذات االتج اه المق اوالتي الفّع ال تحف ز وتط ور إمكانياته ا الريادي ة‬
‫على جميع المستويات من خالل خلق وتعزيز الشعور بالملكية لدى األفراد‪ ،‬وتقوية إحساسهم بالحرية‬
‫والس يطرة‪ ،‬ومنحهم ق درًا من الّتس امح في ح االت ع دم ال تيقن‪ ،‬وتنمي ة النزع ة نح و تحم ل المس ؤولية‬
‫والبحث عن تفاص يل األش ياء‪ ،‬وبن اء االل تزام ل ديهم بم رور ال وقت‪ ،‬وحّثهم على الّتعلم وتجنب األنظم ة‬
‫الص ارمة‪ ،‬وتش جيع التفك ير االس تراتيجي على حس اب التخطيطي الرس مي‪ ،‬فض ًال عن تعمي ق ح االت‬
‫التواصل بين األفراد كأساس لبناء الثقة لديهم‪ ،‬وهذا الذي يتم ويكون من خالل مجموعة النشاطات التي‬
‫تؤديه ا المق اوالت من أج ل تحقي ق الّنج اح والري ادة في عمله ا من خالل التخص يص األمث ل للم وارد‬
‫والمهم ات‪ ،‬وك ذا من خالل االعتم اد على عنص ر المب ادأة ه ذا‪ ،‬األم ر الذي ي ؤدي إلى تطوره ا ونموها‬
‫في المدى البعيد‪ ،‬انطالقا مّم ا هو موجود اآلن‪.‬‬

‫‪-7‬المخاطرة‪ :‬تتحمل؛ وستتحمل مقاوالت اليوم المخاطرة ألّنها تسعى من خالل هذا الى اس تغالل الفرص‪،‬‬
‫وغالب ًا ما يصاحب ذلك نشاطات إبداعية وخالقة‪ ،‬إذ دائم ًا ما تتدخل هذه المقاوالت في مواجهات مع‬
‫بيئة األعمال سواء كانت طوعية أم إجبارية‪ ،‬وهي تحديات في حاالت عدم التأكد مرتفعة (عدم اليقين‬
‫بالمس تقبل) وفض ًال عن ظه ور احتمالي ة للخس ائر االجتماعي ة والمالي ة المحتمل ة أثن اء إدارة أعماله ا‪.‬‬
‫والمق اولون هم س الكو طري ق المخ اطرة ألّن روَح المخ اطرِة ه ذه هي ال تي تش جعهم على ص رف‬
‫اهتمام اتهم ونش اطاتهم نح و اكتش اف م واطن إدراك األرب اح‪ .‬وعلى أّي ة ح اِل ‪ ،‬وعلى عكس المفه وم‬
‫الّش ائع‪ ،‬تخت ار المق اوالت ع ادة المخ اطر ال تي تجنبه ا المغ امرة الّض خمة‪ .‬فه ذه المنظم ات فاعل ة في‬
‫مع ايرة وتك ييف مس توى المخ اطرة ال تي تالئم العائ د المحتم ل‪ ،‬وتنس جم م ع ق دراتها الجوهري ة إلدارة‬
‫حاالت عدم التيّقن‪ .‬وعلى المقاولين أن ال يكونوا متحملي المخاطر فحسب‪ ،‬وإ ّنما معالجين لها كذلك‪،‬‬
‫من خالل قياسها بشكل عقالني وواقعي ومنهجي‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يبرز مصطلح استباقية المخاطرة‪ ،‬والذي يعني القدرة على المنع أو التقليل المسبق‬
‫إلى أدنى ح د ممكن من حص ول الخط ر‪ ،‬فهي الس يطرة المس بقة للتنظيم على بعض ن واحي ع دم التأك د‪.‬‬
‫وتعد نشاطات معالجة المخاطرة المسبقة التصور (تحديد الخطر‪ ،‬تقييم الخطر‪ ،‬رقابة الخطر‪ ،‬وتقويمه)‬
‫وال تي يتم اتخاذه ا قب ل ح دوث الخط ر إج راءات اس تباقية ض د المخ اطر‪ .‬ومن تل ك اإلج راءات‪ :‬الفهم‬
‫المسبق للبيئة التي تكمن فيها المخاطرة‪ ،‬تقويم المخاطر المحتملة بجميع أنواعها ومدى احتمالي ة ح دوثها‬
‫ودرجة تأثيرها‪ ،‬تحديد اإلجراءات المطلوبة للتعامل مع هذا الخطر واألسلوب الفاعل في استخدام تلك‬
‫اإلجراءات‪ ،‬فض ًال عن تعديل وتحسين النشاطات الالزمة للمعالجة‪ ،‬وفي هذ الصياغ نعتمد على تقديم‬
‫مدخل متعلق باستغالل الفرص‪.‬‬

‫‪‬اسَـَـتغالل الفرصَـَـة‪ :‬في ه ذا اإلط ار‪ ،‬يجب التفرق ة بين الّس لوك ال ذي يرتب ط باكتش اف الفرص ة والس لوك‬
‫الذي يرتبط باستغالل الفرصة‪ .‬والهدف من ذلك هو االهتمام بطبيعة وجود واستغالل الفرص المربحة‬
‫الظ اهرة أو ال تي س تظهر في بيئ ة الس وق الحقيقي ة من خالل اعتم اد الس لوك المق اوالتي اتج اه ه ذه‬
‫الفرصة‪ ،‬ألّن المقاولين يفترض بهم أن يكونوا أفرادًا على درجة عالية من الوعي والحذر ذوي قدرة‬
‫تتجاوز النظرة الملخصة ألبعاد الفرصة وما تحتويه من تفاصيل‪ ،‬ويتم تحفيز الوعي المقاوالتي حينها‬
‫من خالل إشارات حول الربح المحتمل من خالل استغالل تلك الفرصة مع مراعاة المخاطر المحتملة‬
‫ايض ًا‪ ،‬ألّن المقاوالت المعاصرة هي تلك المؤسسات القادرة على تحديد واستغالل الفرص التي لم يتم‬
‫استغاللها سابقًا‪ ،‬فعندما يقوم المقاولون مثًال بتطوير فكرة ما‪ ،‬فإّن عليهم بدء عملية تقييم لمعرفة ما إذا‬
‫ك انت ه ذه الفك رة هي فرص ة عم ل مالئم ة في الواق ع أم ال‪ ،‬وهن ا يمكن له ذه المق اوالت خل ق ال ثروة‬
‫والقيمة المضافة من خالل تحديد الفرص ومن َثَّم تطوير المزايا التنافسية الستغالل هذه الفرص بالشكل‬
‫األحسن وفي الوقت المناسب‪.‬‬

‫إّن قائمة العمليات المنظمة والمتصلة التي يستخدمها المقاولون لتقييم الفرص المربحة يمكن أن‬
‫تش تمل على مخ زون من النش اطات أو القواعد التي يص نفها علم اء الس لوك تحت عن وان "االستكش افات‬
‫اإلدراكي ة"‪ .‬وأّن النتيج ة األساس ية هي أّن اكتش اف الفرص ة مش روٌط بالمعرف ة المس بقة الخصوص ية‬
‫للمق اول‪ .‬فالمعرف ة المس بقة‪ ،‬س واء تم تطويره ا من خالل الخ برة أو التجرب ة العملي ة‪ ،‬الثقاف ة‪ ،‬أو بأي ة‬
‫وس يلة أخ رى‪ ،‬ت ؤثر على ق درة المق اول في اس تيعاب‪ ،‬اس تقراء‪ ،‬تفس ير‪ ،‬وتط بيق المعلوم ات الجدي دة‬
‫بطرائ ق ال يمكن لغ يره تقلي دها‪ ،‬ويمكن تمي يز الف رص المربح ة ال تي تش كل انف راد المق اول وتم يزه من‬
‫خالل اآلتي‪:‬‬

‫‪‬أن يتم خلقها من خالل الظروف السوقية الموجودة؛‬


‫‪‬لم يتم اكتشافها واستغاللها بشكل فوري من اآلخرين؛‬
‫‪ ‬أن ال يتم تمييزها من قبل جميع المقاولين حتى لو أنهم تعاملوا مع المعلومات السوقية ذاتها؛‬
‫‪‬تكون أحيانًا معروفة لدى مقاولين معينين وليس لغيرهم بسبب طريقة انتشار المعلومات والمعرفة‬
‫بشأنها وكذلك بسبب منطقية هذه المعلومات والمعرفة‪.‬‬
‫‪ ‬لم يتم اكتشافها وذلك ببساطة ألن الحظ لعب دوره مع توافر ميزتي اليقظة والحذر لهذا المقاول؛‬
‫‪ ‬ظهرت بشكل تدريجي أمام المقاول‪.‬‬

‫وعموما يمكننا القول بأن المقاول الناجح هو ذلك الذي يحسن استغالل الفرص أو يعمل على خلقها من‬
‫أول فرصة تتاح له‪ ،‬وهذا كي تتحول أفكاره إلى حقيقة‪.‬‬
‫القَـدرة على توليَـد المَـوارد وامتالكهَـا‪ :‬تعتم د الق درة االس تراتيجية للمقاول ة على م دى ق درتها على‬ ‫‪-8‬‬
‫تولي د الم وارد من خالل انش طتها اليومي ة والحص ول على ال دعم االس تراتيجي من بيئته ا الخارجي ة‪،‬‬
‫فقدرتها على توليد الموارد وامتالكها يعتمد على مركزها السوقي وطبيعة المنافسة فيها‪ ،‬أما قدرتها في‬
‫الحص ول على ال دعم االس تراتيجي من بيئته ا الخارجي ة وخصوص ًا الم وارد المالي ة‪ ،‬يعتم د على فئ ات‬
‫المستثمرين وأصحاب المصالح الذين لديهم رغبة في تقديم الدعم المالي‪ ،‬أو االستثمار فيها من خالل‬
‫مختلف الطرق القانوني ة والتنظيمية المتعارف عليها‪ ،‬إض افة إلى العالقات مع المستهلكين والمجهزين‬
‫واالتحادات والنقابات والوكاالت الحكومية التي تساهم في خلق القدرة االستراتيجية لها‪.‬‬
‫‪-9‬التقنيَـَـات اإلداريَـَـة والفنيَـَـة المسَـَـتخدمة‪ :‬تعت بر التقني ات واآللي ات المعاص رة والحديث ة وم دى اس تخدامها‬
‫بص ورة منظم ة وديناميكي ة من بين المتطلب ات األساس ية للفع ل المق اوالتي الي وم‪ ،‬ذل ك ألّنه ا تتض من‬
‫المعرفة والخبرة والترتيبات الّالزمة لتوجيه الجهود نحو تحقيق األهداف‪ ،‬ويمثل هذا البعد ناحي ة من‬
‫ن واحي الق درات االس تراتيجية كون ه يه دف لتحقي ق حال ة الموائم ة بين المعرف ة بالعالق ات التنافس ية‬
‫األساس ية ونم ط متغ يرات البيئ ة الخارجي ة والمرتبط ة بالعوام ل االجتماعي ة والقانوني ة والتقني ة‬
‫واالقتص ادية‪ ،‬إض افة إلى الترتيب ات اإلداري ة الرس مية وغ ير الّر س مية الّالزم ة لتحف يز الم وارد البش رية‬
‫فيها‪ ،‬ويساهم العامالن بصورة اساسية في خلق القيمة المضافة للمقاولة‪ ،‬والتي تساهم بدورها في خلق‬
‫الق درة االس تراتيجية فيه ا‪ ،‬ف امتالك المقاول ة له ذه المع ارف تعتم د على م دى تفوقه ا في نش اط معين من‬
‫أنشطتها الخاصة لخلق القيمة‪.‬‬
‫إن المتطلبات هاته التي سبقت معنا أعاله هي في غالبها مرتبطة بفعل المقاولة في ح ّد ذاته‪ ،‬وهذ الذي‬
‫ال ين ف ب دوره ض رورة وج ود أو ت وفر مجموع ة من الخص ائص والمتطلب ات في فاع ل المقاول ة ‪-‬‬
‫المقاول‪ ،-‬وهذا باعتباره الشخص المركزي والمحوري الذي يتمحور ويرتكز عليه فعل المقاولة‪ ،‬والتي‬
‫من بينها وأهمها نذكر ما يأتي وهذا على سبيل الذكر ال الحصر‪:‬‬

‫الّص حة والقدرة الجسدية والتي يمكنها أن تظهر من خالل الّطاقُة َو الحركيُة؛‬ ‫‪‬‬
‫الّذ كاُء والقّو ُة العلميُة؛‬ ‫‪‬‬
‫الّثقة في النفس؛‬ ‫‪‬‬
‫القيمُة األخالقيُة؛‬ ‫‪‬‬
‫تقّب ل الفشل؛‬ ‫‪‬‬
‫الُقدرُة على احتواِء الوْقِت ؛‬ ‫‪‬‬
‫القدرُة على تقليِد منصِب القائِد ؛‬ ‫‪‬‬
‫قياس المخاطر؛‬ ‫‪‬‬
‫الّثقافة العاّم ة؛‬ ‫‪‬‬
‫المعرفة االدارية؛‬ ‫‪‬‬
‫المعرفة المتخصصة‪.‬‬ ‫‪‬‬

You might also like