Professional Documents
Culture Documents
طبيعة قواعد قانون الإجراءات المدنية والإدارية وعلاقته بالقوانين الأخرى
طبيعة قواعد قانون الإجراءات المدنية والإدارية وعلاقته بالقوانين الأخرى
طبيعة قواعد قانون الإجراءات المدنية والإدارية وعلاقته بالقوانين الأخرى
نتعرض بداية اىل طبيعة قانون االجراءات ادلدنية ،قبل بيان عالقتو بالقوانُت االخرى.
شبة اختالف بُت الفقو التقليدي والفقو احلديث خبصوص طبيعة قواعد القانون االجرائي.
نعرض أوال مضمون ىذا االذباه ،فالنتائج ادلًتتبة عنو مث نتوىل تقديره.
يرى أنصار ىذا االذباه ،ادلعرب عن النزعة الفردية ،بأن قواعد ىذا القانون ،تندرج ضمن قواعد القانون اخلاص،
وحجتهم يف ذلك ،أنو قانون منظم لوسائل احلماية ادلقررة للحقوق الفردية ،ومن ىذا ادلنطلق سبت تسمية قواعده من
طرف ادلشرع الفرنسي ،بتسمية اإلجراءات ادلدنية والتجارية ،وذلك من دون أن تكون تلك العبارة مسبوقة بعبارة قانون،
يف إحياء من ادلشرع على أن قواعده ،إمنا ىي قواعد تابعة للقانونُت ادلدين والتجاري ،ادلنظمُت لعالقات األفراد وبعضهم
البعض.
-اعتبار اخلصومة القضائية حقا خاصا باخلصوم ،فهم وحدىم الذين تكون ذلم السيطرة عليها ،ألهنم ىم الذين ميلكون
احلق يف وقفها وانقطاعها وتركها وإعادة السَت فيها.
-أن موقف القاضي منها ال يتجاوز دور احلكم ،إذ يقتصر على مراقبة سَتىا ،وإعالن نتيجتها اليت تتقرر باحلكم
ألحدمها دون أي تدخل منو ،مادامت ذبري ضمن احلدود الشكلية اليت رمسها ذلا ادلشرع.
-أن الطرف الذي يصدر احلكم لفائدتو ،ىو صاحب احلق يف طلب تنفيذه جربا ،كما يكون لو احلق يف التنازل عن
طلب التنفيذ ،وذلك من دون أي تدخل من القاضي.
مع انطواء ىذه النتائج على شيء من الصحة فإهنا تظل نسبية من جانبُت:
-أن مسألة طلب التنفيذ اجلربي ،وان كانت تعٍت بالدرجة األوىل من صدر احلكم لفائدتو،
فإهنا قد ال تكون يف ادلقابل متوقفة على إرادتو وحده ،بل أن القاضي قد يلزمو أحيانا بتنفيذ ذلك احلكم ،كاحلالة
الواردة بادلادة 035من قانون اإلجراءات ادلدنية واالدارية ،اليت أجازت للقاضي أن حيدد أجال للمحكوم لفائدتو يف
دعوى احليازة لتنفيذ حكمو ،وبانقضائو يقبل دعوى ادللكية.
-أن األخذ هبذا االذباه على إطالقو ،قد يؤدي إىل رىن سلطــة القاضي يف القيام بأي إجراء من إجراءات التحقيق،
بغرض الوصول إىل احلقيقة يف أيدي اخلصوم ،وىي مسألة ال تستقيم وحق الدولة يف االنفراد بسلطة احلكم ،اليت تشكل
مظهرا من مظاىر سيادهتا حىت بالنسبة للدول ذات النظم الليربالية ،لذلك جند بأن ىذا االذباه قد عرف شيئا من
االحنصار ،ربت ضغط األفكار اجلديدة اليت جاء هبا ادلذىب اجلماعي.
على غرار عرضنا لوجهة نظر الفقو التقليدي نتوىل عرض وجهة نظر الفقو احلديث من خالل نفس ادلنهج.
ذىب الفقو احلديث ادلتأثر بالنزعة اجلماعية ،إىل اعتبار ىذا القانون فرعا من فروع القانون العام ،ألنو يهدف يف نظره
إىل تنظيم وإدارة السَت احلسن دلرفق القضاء ،والذي ال خالف يف أن خمتلف النصوص التشريعية ادلتعلقة بو ،إمنا ىي
نصوص تابعة للقانون العام.
-اعتبار اخلصومة القضائية رلرد وسيلة من الوسائل اليت اعتمدهتا الدولة يف ربقيق العدالة داخل اجملتمع ،وبالتبعية
فقواعد ىذا القانون امنا ىي تابعة للقانون العام.
-أن قواعد ىذا القانون منحت للقاضي دورا اجيابيا يف إدارة اخلصومة ،منذ بدايتها إىل غاية احلكم فيها ،حيث يكون
لو على سبيل ادلثال ،ازباذ أي إجراء من إجراءات التحقيق :كاألمر باحلضور الشخصي لألطراف ،ومساع الشهود مثال،
وبذلك فهي كلها قواعد تنتمي للقانون العام.
-إذا كانت النظم االجتماعية يف الدول ادلعاصرة ،تقوم تارة على ادلذىب الفردي ،وتارة أخرى على ادلذىب اجلماعي،
فمن باب ادلنطق أن تكون قواعد ىذا الفرع القانوين ،تابعة تارة للقانون اخلاص ،وتارة أخرى للقانون العام ،وفقا
لطبيعة النظام االجتماعي.
بتلك ادلسألة على إطالقها ،ذلك أن القانون اإلجرائي ولو جاء متأثرا بالتوجهات االشًتاكية ،وان قواعده سبنح للقاضي
دورا بارزا يف إدارة اخلصومة ،فإهنا يف ادلقابل قد سبنح ىذا الدور للخصوم ا فإجراءات التحقيق للوصول لكشف احلقيقة،
تتم إما بناء على طلب اخلصوم ،وإما بأمر من القاضي.
-ان ىذا القانون وعلى الرغم من كونو قانونا شكليا ،يفًتض أن تتميز قواعده بالصفة اآلمرة ،يًتتب على خمالفتها
البطالن ،فانو قد احتوى على قواعد غَت متسمة بتلك ادليزات ،منها القواعد ادلتعلقة باالختصاص احمللى ،وبالتايل فال
منازع بأن قواعد تابعة للقانون اخلاص.
-أن باقي قواعد ىذا القانون ،تظل تتميز بطبيعتها الشكلية اآلمرة ،اليت يًتتب على خمالفتها البطالن ،مثل قواعد
االختصاص النوعي ،وبعض القواعد ادلتعلقة بقبول الدعوى ،شأن الصفة واألىلية وادلصلحة وغَتىا-على األقل-
بالنسبة لقانون اإلجراءات ادلدنية واالدارية يف اجلزائر ،مما دعا جانب من الفقو ،إىل اعتباره قانونا خاصا أو خمتلطا ،
بدعوى وأن البعض من قواعده تنتمي للقانون العام ،وبعضها اآلخر ينتمي إىل القانون اخلاص.
-أنو وعلى الرغم من انطواء ىذه النظرة على جانب من الصحة ،فمعيار الغاية من القانون ىو الذي ميكن على أساسو
تصنيف أي قانون ،فيما إذا كان عاما أو خاصا ،وحبسبو فقواعد قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية ،إمنا ىي قواعد
ترمي إىل تنظيم وسائل احلماية القضائية للحقوق ،وبالتايل فإهنا تعد ذات طبيعة إجرائية حبتة ،حىت ولو كانت واردة يف
التشريعات ادلوضوعية.
قد تأيت قواعد القانون اإلجرائي ضمن بعض التشريعات ادلوصوفة بأهنا موضوعية ،لذلك فان أمهية التفرقة بُت القواعد
ادلوضوعية ،والقواعد الشكلية تصبح من الضرورة دبكان.
شبة ضابطان -على األقل -ميكن االعتداد هبما للتفرقة بُت قواعد القانون ادلوضوعي وقواعد القانون االجرائي.
يشكل ادلعيار العام ادلستمد من طبيعة القاعدة القانونية ،فيما إذا كانت تتناول احلق ،أو تتناول وسيلة ضبايتو ،أحد
الضوابط ادلعتمدة يف الفقو ،للتمييز بُت قواعد القانون اإلجرائي وقواعد القانون ادلوضوعي ،ومع ذلك فانو ال ميكن
االعتداد هبذا ادلعيار ،للقول وأن القانون ال يعترب إجرائيا ،إذا كان ميس ادلوضوع ،وذلك جلملة من األسباب:
أنو وان كان من ادلتيسر على فقو قانون ادلرافعات ربديد ىذه القواعد ،فان فقو القانون الدويل اخلاص ،قد يتعذر عليو
إعمال ذلك ادلعيار ،للتمييز بُت القواعد ادلوضوعية والقواعد اإلجرائية لسبب بسيط ،يكمن يف كون القاعدة األساسية
اليت يقوم عليها ىذا القانون ،تتمثل يف أن القانون ادلنظم لقانون ادلرافعات للفصل يف ادلنازعات اليت حيكمها ،ىو قانون
القاضي ادلعروض عليو النزاع ،وبذلك فقواعده قد تتعلق بادلوضوع وقد تتعلق باإلجراءات ،كما أهنا قد تتعلق بادلوضوع
وباإلجراءات يف نفس الوقت.
أن صبيع القواعد ادلتعلقة بتحرمي اللجوء إىل القضاء يف أحوال ،شأن القواعد ادلتعلقة بأعمال السيادة وبأعضاء السلك
الدبلوماسي ،ىي قواعد ماسة بالوسيلة اليت حيمي هبا صاحب احلق حقو ،وىي على ىذا األساس تعد قواعد إجرائية،
ويف ذات الوقت فإهنا زباطب صبيع اجلهات القضائية ،وربظر عليها ممارسة اختصاصها بشأن احلقوق اليت تضمنت
النص عليها ،فتنشيء دفعا بعدم االختصاص ادلتعلق بالوظيفة القضائية ،وىي هبذا ادلعٌت تعد قواعد موضوعية.
أن القواعد ادلنظمة لشروط قبول الدعاوى ،ىي قواعد متصلة بأصل احلق من جهة ،ومقيدة للوسيلة اليت رمسها ادلشرع
لصاحب احلق حلماية حقو من جهة أخرى ،فشرط ادلصلحة الوارد بادلادة (33ق.ا.م.ا) ،ال يتصل بإجراءات التقاضي،
بل يعد متصال بأصل احلق ،على تقدير أن ادلصلحة القانونية ،تتمثل يف وجود احلق يف رفع الدعوى ،فيما أن ادلصلحة
الشخصية ادلباشرة ادلسماة الصفة ،تتمثل يف نسبة احلق إىل رافع الدعوى ،وهبذه ادلفاىيم فشرط ادلصلحة يعد ماسا
بأصل احلق ،لذلك فالقاعدة ادلنظمة لو ،تعد قاعدة موضوعية ،مع أهنا واردة يف قانون اإلجراءات ادلدنية واالدارية.
أن القواعد ادلتعلقة دبواعيد رفع بعض الدعاوى ،كادلواعيد ادلقررة لرفع دعاوى احليازة ،إمنا ىي قواعد متصلة باإلجراءات،
مع أهنا قد تكون موجودة يف قانون موضوعي(القانون ادلدين).
2معيار الغاية:
يشكل معيار الغاية ،أحد الضوابط الفقهية ،للتمييز بُت قواعد قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية وغَتىا من القواعد
ادلوضوعية ،ألن غاية قواعد ىذا القانون ،إمنا تنحصر مهمتها يف رلرد رسم السبل الواجب ازباذىا ،واألوضاع اليت تلزم
مراعاهتا ،عند اللجوء إىل القضاء ،كما ترشد القضاء إىل الكيفية اليت يستعُت هبا ،للفصل يف اخلصومات ادلعروضة
عليو ،وىي قواعد ال ميكنها أن سبس بأصل احلق ،إال بصورة غَت مباشرة .