طبيعة قواعد قانون الإجراءات المدنية والإدارية وعلاقته بالقوانين الأخرى

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 5

‫طبيعة قواعد قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية وعالقتو بالقوانين األخرى‪:‬‬

‫نتعرض بداية اىل طبيعة قانون االجراءات ادلدنية‪ ،‬قبل بيان عالقتو بالقوانُت االخرى‪.‬‬

‫أوال‪ :‬طبيعة قواعد قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪:‬‬

‫شبة اختالف بُت الفقو التقليدي والفقو احلديث خبصوص طبيعة قواعد القانون االجرائي‪.‬‬

‫أ) طبيعة قواعد قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية في ظل الفقو التقليدي‪:‬‬

‫نعرض أوال مضمون ىذا االذباه‪ ،‬فالنتائج ادلًتتبة عنو مث نتوىل تقديره‪.‬‬

‫‪1‬مضمون ىذا الرأي‪:‬‬

‫يرى أنصار ىذا االذباه ‪ ،‬ادلعرب عن النزعة الفردية ‪ ،‬بأن قواعد ىذا القانون‪ ،‬تندرج ضمن قواعد القانون اخلاص‪،‬‬
‫وحجتهم يف ذلك‪ ،‬أنو قانون منظم لوسائل احلماية ادلقررة للحقوق الفردية‪ ،‬ومن ىذا ادلنطلق سبت تسمية قواعده من‬
‫طرف ادلشرع الفرنسي‪ ،‬بتسمية اإلجراءات ادلدنية والتجارية‪ ،‬وذلك من دون أن تكون تلك العبارة مسبوقة بعبارة قانون‪،‬‬
‫يف إحياء من ادلشرع على أن قواعده‪ ،‬إمنا ىي قواعد تابعة للقانونُت ادلدين والتجاري‪ ،‬ادلنظمُت لعالقات األفراد وبعضهم‬
‫البعض‪.‬‬

‫‪2‬النتائج المترتبة عنو‪:‬‬

‫شبة عدة نتائج تًتتب عن االخذ هبذا الرأي‪:‬‬

‫‪-‬اعتبار اخلصومة القضائية حقا خاصا باخلصوم‪ ،‬فهم وحدىم الذين تكون ذلم السيطرة عليها‪ ،‬ألهنم ىم الذين ميلكون‬
‫احلق يف وقفها وانقطاعها وتركها وإعادة السَت فيها‪.‬‬

‫‪-‬أن موقف القاضي منها ال يتجاوز دور احلكم‪ ،‬إذ يقتصر على مراقبة سَتىا‪ ،‬وإعالن نتيجتها اليت تتقرر باحلكم‬
‫ألحدمها دون أي تدخل منو‪ ،‬مادامت ذبري ضمن احلدود الشكلية اليت رمسها ذلا ادلشرع‪.‬‬

‫‪-‬أن الطرف الذي يصدر احلكم لفائدتو‪ ،‬ىو صاحب احلق يف طلب تنفيذه جربا‪ ،‬كما يكون لو احلق يف التنازل عن‬
‫طلب التنفيذ‪ ،‬وذلك من دون أي تدخل من القاضي‪.‬‬

‫‪3‬تقدير ىذا االتجاه‪:‬‬

‫مع انطواء ىذه النتائج على شيء من الصحة فإهنا تظل نسبية من جانبُت‪:‬‬

‫‪-‬أن مسألة طلب التنفيذ اجلربي‪ ،‬وان كانت تعٍت بالدرجة األوىل من صدر احلكم لفائدتو‪،‬‬
‫فإهنا قد ال تكون يف ادلقابل متوقفة على إرادتو وحده‪ ،‬بل أن القاضي قد يلزمو أحيانا بتنفيذ ذلك احلكم‪ ،‬كاحلالة‬
‫الواردة بادلادة ‪ 035‬من قانون اإلجراءات ادلدنية واالدارية‪ ،‬اليت أجازت للقاضي أن حيدد أجال للمحكوم لفائدتو يف‬
‫دعوى احليازة لتنفيذ حكمو‪ ،‬وبانقضائو يقبل دعوى ادللكية‪.‬‬

‫‪-‬أن األخذ هبذا االذباه على إطالقو‪ ،‬قد يؤدي إىل رىن سلطــة القاضي يف القيام بأي إجراء من إجراءات التحقيق‪،‬‬
‫بغرض الوصول إىل احلقيقة يف أيدي اخلصوم‪ ،‬وىي مسألة ال تستقيم وحق الدولة يف االنفراد بسلطة احلكم‪ ،‬اليت تشكل‬
‫مظهرا من مظاىر سيادهتا حىت بالنسبة للدول ذات النظم الليربالية‪ ،‬لذلك جند بأن ىذا االذباه قد عرف شيئا من‬
‫االحنصار‪ ،‬ربت ضغط األفكار اجلديدة اليت جاء هبا ادلذىب اجلماعي‪.‬‬

‫ب) طبيعة قواعد قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية في ظل الفقو الحديث‪:‬‬

‫على غرار عرضنا لوجهة نظر الفقو التقليدي نتوىل عرض وجهة نظر الفقو احلديث من خالل نفس ادلنهج‪.‬‬

‫‪1‬مضمون ىذا الراي‪:‬‬

‫ذىب الفقو احلديث ادلتأثر بالنزعة اجلماعية‪ ،‬إىل اعتبار ىذا القانون فرعا من فروع القانون العام‪ ،‬ألنو يهدف يف نظره‬
‫إىل تنظيم وإدارة السَت احلسن دلرفق القضاء‪ ،‬والذي ال خالف يف أن خمتلف النصوص التشريعية ادلتعلقة بو‪ ،‬إمنا ىي‬
‫نصوص تابعة للقانون العام‪.‬‬

‫‪2‬النتائج المترتبة عنو‪:‬‬

‫تًتتب عن االخذ هبذا الراي عدة نتائج‪:‬‬

‫‪-‬اعتبار اخلصومة القضائية رلرد وسيلة من الوسائل اليت اعتمدهتا الدولة يف ربقيق العدالة داخل اجملتمع‪ ،‬وبالتبعية‬
‫فقواعد ىذا القانون امنا ىي تابعة للقانون العام‪.‬‬

‫‪-‬أن قواعد ىذا القانون منحت للقاضي دورا اجيابيا يف إدارة اخلصومة‪ ،‬منذ بدايتها إىل غاية احلكم فيها‪ ،‬حيث يكون‬
‫لو على سبيل ادلثال‪ ،‬ازباذ أي إجراء من إجراءات التحقيق‪ :‬كاألمر باحلضور الشخصي لألطراف‪ ،‬ومساع الشهود مثال‪،‬‬
‫وبذلك فهي كلها قواعد تنتمي للقانون العام‪.‬‬

‫‪-‬إذا كانت النظم االجتماعية يف الدول ادلعاصرة‪ ،‬تقوم تارة على ادلذىب الفردي‪ ،‬وتارة أخرى على ادلذىب اجلماعي‪،‬‬
‫فمن باب ادلنطق أن تكون قواعد ىذا الفرع القانوين‪ ،‬تابعة تارة للقانون اخلاص ‪ ،‬وتارة أخرى للقانون العام ‪ ،‬وفقا‬
‫لطبيعة النظام االجتماعي‪.‬‬

‫‪3‬تقدير ىذا االتجاه‪:‬‬


‫‪-‬أن تشريعات الدول ادلتعلقة بالتنظيم القضائي‪ ،‬وبإجراءات احلماية القضائية‪ ،‬مل تأخذ‬

‫بتلك ادلسألة على إطالقها‪ ،‬ذلك أن القانون اإلجرائي ولو جاء متأثرا بالتوجهات االشًتاكية‪ ،‬وان قواعده سبنح للقاضي‬
‫دورا بارزا يف إدارة اخلصومة‪ ،‬فإهنا يف ادلقابل قد سبنح ىذا الدور للخصوم ا فإجراءات التحقيق للوصول لكشف احلقيقة‪،‬‬
‫تتم إما بناء على طلب اخلصوم‪ ،‬وإما بأمر من القاضي‪.‬‬

‫‪-‬ان ىذا القانون وعلى الرغم من كونو قانونا شكليا ‪ ،‬يفًتض أن تتميز قواعده بالصفة اآلمرة ‪ ،‬يًتتب على خمالفتها‬
‫البطالن‪ ،‬فانو قد احتوى على قواعد غَت متسمة بتلك ادليزات‪ ،‬منها القواعد ادلتعلقة باالختصاص احمللى‪ ،‬وبالتايل فال‬
‫منازع بأن قواعد تابعة للقانون اخلاص‪.‬‬

‫‪-‬أن باقي قواعد ىذا القانون‪ ،‬تظل تتميز بطبيعتها الشكلية اآلمرة‪ ،‬اليت يًتتب على خمالفتها البطالن‪ ،‬مثل قواعد‬
‫االختصاص النوعي ‪ ،‬وبعض القواعد ادلتعلقة بقبول الدعوى‪ ،‬شأن الصفة واألىلية وادلصلحة وغَتىا‪-‬على األقل‪-‬‬
‫بالنسبة لقانون اإلجراءات ادلدنية واالدارية يف اجلزائر‪ ،‬مما دعا جانب من الفقو‪ ،‬إىل اعتباره قانونا خاصا أو خمتلطا ‪،‬‬
‫بدعوى وأن البعض من قواعده تنتمي للقانون العام‪ ،‬وبعضها اآلخر ينتمي إىل القانون اخلاص‪.‬‬

‫‪-‬أنو وعلى الرغم من انطواء ىذه النظرة على جانب من الصحة‪ ،‬فمعيار الغاية من القانون ىو الذي ميكن على أساسو‬
‫تصنيف أي قانون‪ ،‬فيما إذا كان عاما أو خاصا ‪ ،‬وحبسبو فقواعد قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية‪ ،‬إمنا ىي قواعد‬
‫ترمي إىل تنظيم وسائل احلماية القضائية للحقوق ‪ ،‬وبالتايل فإهنا تعد ذات طبيعة إجرائية حبتة‪ ،‬حىت ولو كانت واردة يف‬
‫التشريعات ادلوضوعية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عالقة قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية بالقوانين األخرى‪:‬‬

‫قد تأيت قواعد القانون اإلجرائي ضمن بعض التشريعات ادلوصوفة بأهنا موضوعية‪ ،‬لذلك فان أمهية التفرقة بُت القواعد‬
‫ادلوضوعية‪ ،‬والقواعد الشكلية تصبح من الضرورة دبكان‪.‬‬

‫أ) ضابط التفرقة بين القواعد اإلجرائية والقواعد الموضوعية‪:‬‬

‫شبة ضابطان ‪-‬على األقل‪ -‬ميكن االعتداد هبما للتفرقة بُت قواعد القانون ادلوضوعي وقواعد القانون االجرائي‪.‬‬

‫‪1‬معيار طبيعة القاعدة القانونية‪:‬‬

‫يشكل ادلعيار العام ادلستمد من طبيعة القاعدة القانونية‪ ،‬فيما إذا كانت تتناول احلق ‪ ،‬أو تتناول وسيلة ضبايتو‪ ،‬أحد‬
‫الضوابط ادلعتمدة يف الفقو‪ ،‬للتمييز بُت قواعد القانون اإلجرائي وقواعد القانون ادلوضوعي‪ ،‬ومع ذلك فانو ال ميكن‬
‫االعتداد هبذا ادلعيار‪ ،‬للقول وأن القانون ال يعترب إجرائيا‪ ،‬إذا كان ميس ادلوضوع‪ ،‬وذلك جلملة من األسباب‪:‬‬

‫بالنسبة لقواعد تنظيم طرق الطعن‪:‬‬


‫أن البعض من قواعد القانون اإلجرائي يف حد ذاهتا قد سبس ادلوضوع‪ ،‬ومنها القواعد ادلتعلقة بتنظيم طرق الطعن يف‬
‫األحكام القضائية‪ ،‬لذلك فما يعد يف حكم القانون اإلجرائي‪ ،‬ىي النصوص اليت ترسم إجراءات اللجوء إىل القضاء‬
‫بوجو عام‪ ،‬بصرف النظر عن القانون الذي توجد فيو‪.‬‬

‫بالنسبة لقواعد القانون الدولي الحاص‪:‬‬

‫أنو وان كان من ادلتيسر على فقو قانون ادلرافعات ربديد ىذه القواعد‪ ،‬فان فقو القانون الدويل اخلاص‪ ،‬قد يتعذر عليو‬
‫إعمال ذلك ادلعيار‪ ،‬للتمييز بُت القواعد ادلوضوعية والقواعد اإلجرائية لسبب بسيط‪ ،‬يكمن يف كون القاعدة األساسية‬
‫اليت يقوم عليها ىذا القانون‪ ،‬تتمثل يف أن القانون ادلنظم لقانون ادلرافعات للفصل يف ادلنازعات اليت حيكمها‪ ،‬ىو قانون‬
‫القاضي ادلعروض عليو النزاع‪ ،‬وبذلك فقواعده قد تتعلق بادلوضوع وقد تتعلق باإلجراءات‪ ،‬كما أهنا قد تتعلق بادلوضوع‬
‫وباإلجراءات يف نفس الوقت‪.‬‬

‫بالنسبة للقواعد المتعلقة بأعمال السيادة‪:‬‬

‫أن صبيع القواعد ادلتعلقة بتحرمي اللجوء إىل القضاء يف أحوال‪ ،‬شأن القواعد ادلتعلقة بأعمال السيادة وبأعضاء السلك‬
‫الدبلوماسي‪ ،‬ىي قواعد ماسة بالوسيلة اليت حيمي هبا صاحب احلق حقو‪ ،‬وىي على ىذا األساس تعد قواعد إجرائية‪،‬‬
‫ويف ذات الوقت فإهنا زباطب صبيع اجلهات القضائية‪ ،‬وربظر عليها ممارسة اختصاصها بشأن احلقوق اليت تضمنت‬
‫النص عليها‪ ،‬فتنشيء دفعا بعدم االختصاص ادلتعلق بالوظيفة القضائية‪ ،‬وىي هبذا ادلعٌت تعد قواعد موضوعية‪.‬‬

‫بالنسبة للقواعد ادلنظمة لشروط الدعوى‪:‬‬

‫أن القواعد ادلنظمة لشروط قبول الدعاوى‪ ،‬ىي قواعد متصلة بأصل احلق من جهة‪ ،‬ومقيدة للوسيلة اليت رمسها ادلشرع‬
‫لصاحب احلق حلماية حقو من جهة أخرى‪ ،‬فشرط ادلصلحة الوارد بادلادة ‪(33‬ق‪.‬ا‪.‬م‪.‬ا)‪ ،‬ال يتصل بإجراءات التقاضي‪،‬‬
‫بل يعد متصال بأصل احلق‪ ،‬على تقدير أن ادلصلحة القانونية‪ ،‬تتمثل يف وجود احلق يف رفع الدعوى ‪ ،‬فيما أن ادلصلحة‬
‫الشخصية ادلباشرة ادلسماة الصفة‪ ،‬تتمثل يف نسبة احلق إىل رافع الدعوى‪ ،‬وهبذه ادلفاىيم فشرط ادلصلحة يعد ماسا‬
‫بأصل احلق‪ ،‬لذلك فالقاعدة ادلنظمة لو‪ ،‬تعد قاعدة موضوعية‪ ،‬مع أهنا واردة يف قانون اإلجراءات ادلدنية واالدارية‪.‬‬

‫بالنسبة للقواعد المنظمة للمواعيد‪:‬‬

‫أن القواعد ادلتعلقة دبواعيد رفع بعض الدعاوى‪ ،‬كادلواعيد ادلقررة لرفع دعاوى احليازة ‪،‬إمنا ىي قواعد متصلة باإلجراءات‪،‬‬
‫مع أهنا قد تكون موجودة يف قانون موضوعي(القانون ادلدين‪).‬‬

‫‪2‬معيار الغاية‪:‬‬
‫يشكل معيار الغاية‪ ،‬أحد الضوابط الفقهية‪ ،‬للتمييز بُت قواعد قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية وغَتىا من القواعد‬
‫ادلوضوعية‪ ،‬ألن غاية قواعد ىذا القانون‪ ،‬إمنا تنحصر مهمتها يف رلرد رسم السبل الواجب ازباذىا‪ ،‬واألوضاع اليت تلزم‬
‫مراعاهتا ‪ ،‬عند اللجوء إىل القضاء ‪،‬كما ترشد القضاء إىل الكيفية اليت يستعُت هبا ‪ ،‬للفصل يف اخلصومات ادلعروضة‬
‫عليو‪ ،‬وىي قواعد ال ميكنها أن سبس بأصل احلق ‪ ،‬إال بصورة غَت مباشرة ‪.‬‬

You might also like