Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫ش‬

‫دوامااطلعةدعبااضقنء هراابعلدة‬

‫‪‬‬
‫ادمحلهلل رب العاملني‪ ،‬واالصلةواالسلم عىل رسوله ونبيه حممد األمني‪ ،‬وأشهد أن ال إهل إال‬

‫اهلل وحده ال رشيك له‪،‬وأشهد أن حممدً ا عبده ورسوله‪ ،‬صىل اهلل عليه وعىل آله وصحبه وسلم‬
‫كثريا إىل يوم الدين‪.‬‬
‫تسليًم ً‬
‫ً‬
‫أامدعب‪.‬‬
‫فنحمد اهلل سبحانه وتعاىل إذ وفقنا لصيام شهر رمضان وقيامه‪ ،‬ونسأل اهلل ‪ ‬القبول‪.‬‬
‫وإن مما يرشع لنا فيه الفرح والرسور أن أنعم اهلل ‪ ‬علينا بإمتام صيام شهر رمضان‪ ،‬قال‬

‫اهلل سبحانه وتعاىل يف كتابه الكريم‪﴿ :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬

‫ﮛ ﴾ [يونس]‪ .‬ويقول النّبِ ّي ☻ كًم يف «الصحيحني» البخاري (‪ ،)4091‬ومسلم‬


‫َان َي ْف َر ُح ُه ًَم‪ :‬إِ َذا َأ ْف َط َر َف ِر َح‪َ ،‬وإِ َذا َل ِق َي َر َّب ُه َف ِر َح بِ َص ْو ِم ِه» َع ْن َأ ِِب ُه َر ْي َر َ َ‬
‫(‪« :)4414‬لِلصائِ ِم َفرحت ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َّ‬
‫◙‪.‬‬
‫والفرح بطاعة اهلل ‪ ‬وبإدراك الطاعات ومواسم اخلري عالمة عىل وجود اإليًمن وعىل‬

‫اخلري‪ ،‬قال سبحانه‪ ﴿ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ﴾ [التوبة]‪.‬‬


‫يستبرشون بفضل اهلل‪ ،‬وبرىض اهلل‪ ،‬وبًم يقرب إىل اهلل سبحانه‪.‬‬
‫فنعمة عظيمة أن أنعم اهلل علينا بإدراك شهر رمضان وإمتامه‪ ،‬نسأل اهلل أن يتقبل منا‬

‫الطاعات ﴿ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﴾ [املائد َ]‪.‬‬


‫وامتن عليهم بمواسم اخلري‪ ،‬يتسابقون فيها إىل‬
‫َّ‬ ‫تفضل عىل عباده‬
‫نعمة عظيمة أن اهلل ‪َّ ‬‬

‫اآلخر َ ﴿ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﴾ [املطففني]‪.‬‬
‫ش‬
‫دوامااطلعةدعبااضقنء هراابعلدة‬

‫فلقد كنا يف أيام مباركة يف شهر رمضان شهر القرآن واإلحسان‪ ،‬ولقد كان النّبِ ّي‬
‫حريصا عىل االجتهاد يف الطاعات يف رمضان ويف غريه ولكنه كان يف رمضان‬
‫ً‬ ‫☻‬

‫حرصا؛ ألن شهر رمضان موسم من مواسم اخلري والطاعات‪ ،‬فقد روى البخاري (‪،)6‬‬ ‫ً‬ ‫أشد‬
‫َان َأ ْج َو ُد‬
‫َّاس‪َ ،‬وك َ‬ ‫اَّللِ ♀ َأ ْج َو َد الن ِ‬ ‫ول َّ‬ ‫َان َر ُس ُ‬ ‫ومسلم (‪َ )8092‬ع ِن ْاب ِن َع َّباس‪َ ،‬ق َال‪« :‬ك َ‬
‫آن‪،‬‬ ‫َان َي ْل َقا ُه ِيف ك ُِّل َل ْي َلة ِم ْن َر َم َض َ‬
‫ان َف ُيدَ ِار ُس ُه ال ُق ْر َ‬ ‫ني َي ْل َقا ُه ِج ْ ِْب ُيل‪َ ،‬وك َ‬ ‫ُون ِيف َر َم َض َ‬
‫ان ِح َ‬ ‫َما َيك ُ‬
‫الريحِ امل ُ ْر َس َل ِة»‪.‬‬ ‫ول اَّللِ ♀ َأجود بِاخل ِ ِ‬
‫ري م َن ِّ‬ ‫ْ َ ُ َْ‬ ‫َف َل َر ُس ُ َّ‬
‫يعني إقبال عظيم يف شهر رمضان عىل اجلود واإلحسان‪ ،‬وعىل القيام بالطاعات والقربات‪،‬‬
‫فهذا هدي النّبِ ّي ☻‪ :‬املجاهد َ يف طاعة اهلل واإلقبال عىل اآلخر َ يف رمضان وغريه‪،‬‬
‫حرصا عىل الطاعات؛ وذلك ألن شهر رمضان ينبغي فيه املجاهد َ‬
‫ً‬ ‫ولكن يف رمضان كان أشد‬
‫يف الطاعات والقربات‪.‬‬
‫وعلينا أن نستمر عىل ما كنا عليه من اخلري واإلقبال عىل اهلل ‪ .‬فعباد َ اهلل سبحانه‬

‫وتعاىل ال تنتهي بانتهاء رمضان‪ ،‬يقول سبحانه وتعاىل يف كتابه الكريم‪﴿ :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬

‫ﮆ ﮇ ﴾ [احلجر]‪ .‬أي‪ :‬حتى يأتيك املوت‪.‬‬

‫فينبغي أن نستمر عىل اخلري الذي كنا عليه يف شهر رمضان يقول اهلل ‪﴿ :‬ﮣ ﮤ‬

‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﴾ [النحل‪ .]08:‬فال ننقض ما كنا عليه‪ ،‬بل علينا أن‬


‫نستمر عىل اخلري‪ ،‬نسأل اهلل أن يثبتنا مجي ًعا‪.‬‬
‫ول اهللِ‬ ‫ول‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫َت َت ُق ُ‬ ‫روى مسلم (‪َ )8242‬ع ْن َع ِائ َش َة َز ْوجِ النَّبِ ِّي ♀‪َ ،‬أ ََّّنَا كَان ْ‬
‫اجلَنَّ َة َأ َحدً ا َع َم ُل ُه» َقا ُلوا ‪َ :‬و َال َأن َْت؟ َيا‬ ‫رشوا‪َ ،‬ف ِإ َّن ُه َل ْن ُيدْ ِخ َل ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫♀‪َ « :‬سدِّ ُدوا َو َقار ُبوا ‪َ ،‬و َأبْ ُ‬
‫ب ا ْل َع َم ِل إِ َىل اهلل ِ َأ ْد َو ُم ُه‬ ‫ِ‬
‫اهلل منْ ُه بِ َر ْْحَة‪َ ،‬وا ْع َل ُموا َأ َّن َأ َح َّ‬
‫ِن ُ‬ ‫َ‬
‫ول اهللِ َق َال‪َ « :‬و َال َأنَا‪ ،‬إِ َّال َأ ْن َي َت َغ َّمدَ ِ‬
‫َر ُس َ‬
‫ش‬
‫دوامااطلعةدعبااضقنء هراابعلدة‬

‫َوإِ ْن َق َّل»‪ .‬والشأن الثبات‪ ،‬الشأن االستمرار‪ ،‬أما العباد َ املؤقتة التي تنتهي بانتهاء املوسم فهذا‬
‫من التفريط‪ ،‬وهذا يشء ال حيبه اهلل ‪.‬‬
‫إن الصحابة ╚ كانوا يف أشد الثبات عىل العباد َ‪ ،‬وما تطيب أنفسهم يف ترك ما اعتادوا‬
‫عليه من العباد َ‪ ،‬إَّنا اهلمة العالية‪ ،‬إنه اإليًمن الراسخ‪.‬‬

‫فعيل بن أِب طالب ◙ عند أن جاءت فاطمة ▲ إىل النبي ☻ فلم جتده‬
‫خادما ملا حصل هلا من التعب من أثر الرحى‪ ،‬فلم جتد النّبِ ّي‬
‫ً‬ ‫وكانت تريد أن تسأله‬
‫☻ فأخْبت عائشة ▲ أنه إذا جاء النّبِ ّي ☻ ختْبه أَّنا تريد خاد ًما‬
‫خيدمن وهن العابدات‬ ‫☻‬ ‫يساعدها يف األعًمل ‪-‬كان النساء يف عرص النّبِ ّي‬

‫احلريصات عىل العلم ال َق َّوامات َ‬


‫الص َّوامات ومع ذلك خيدمن‪ ،‬بركة عظيمة‪ ،‬وسبحان اهلل كيف‬
‫خيتلف احلال وختتلف املعيشة! اآلن النساء يف ترف ورغد يف العيش‪ ،‬وكلًم ازداد الرتف كسلت‬

‫وش ِغ َلت عن العباد َ؛ وهلذا اهلل ‪ ‬يقول‪﴿ :‬ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬


‫األجسام وضعفت ُ‬

‫ﯯ ﴾ [الواقعة]‪ .‬الرتف قد يأيت بالكسل والنوم واحلرمان واخلسار َ‪-‬فًمذا كانت تعمل فاطمة‬
‫بنت النّبِ ّي ☻‪ ،‬وسيد َ نساء أهل اجلنة؟ كانت تطحن احلبوب من الشعري ونحوه‬
‫بالرحى‪ ،‬وهذا عمل شاق ويتطلب منها وقتًا‪ ،‬هذا عمل شاق ويتطلب تنظيف احلب‪ ،‬وهذا‬
‫حيتاج إىل وقت‪ ،‬ثم طحنه بتلك اآللة‪ ،‬ثم عجنه وخبزه عىل التنور‪ ،‬متاعب ومشاق ومع ذلك ما‬
‫فبنت النّبِ ّي ☻ تطلب خاد ًما خيفف‬
‫كان ُيثنيهن عن طلب العلم النافع والعباد َ‪ُ ،‬‬
‫عنها ما جتد من العناء ‪-‬واخلادم‪ :‬يطلق عىل اجلارية وعىل الغالم‪ ،)4(-‬فبعد ذلك جاء النّبِ ّي‬
‫ك‬ ‫☻ إىل عيل بن أِب طالب وإىل فاطمة ¶‪ ،‬وقال‪َ « :‬أال ُأ ْخ ِْب ِك ما ُهو َخري َل ِ‬
‫ُ َ َ ٌْ‬

‫َّث َقلِ ٌيل‪« .‬املصباح املنري» (‪.)461‬‬ ‫اهل ِ‬


‫اء ِيف ا ْملؤَ ن ِ‬ ‫اري ًة‪ ،‬و ْ ِ‬ ‫خيدُ مه ِخدْ م ًة َفهو َخ ِ‬
‫ُ‬ ‫َان َأ ْو َج ِ َ َ َ‬
‫اخلاد َم ُة بِ ْ َ‬ ‫اد ٌم ُغ َال ًما ك َ‬ ‫(‪َ )4‬خدَ َم ُه َ ْ ُ ُ َ ُ َ‬
‫ش‬
‫دوامااطلعةدعبااضقنء هراابعلدة‬

‫اَّلل َأ ْر َب ًعا‬ ‫ِ‬ ‫الثِ َ‬


‫ني‪َ ،‬و ُت َك ِّْبي َن َّ َ‬ ‫ال ًثا َو َث َ‬
‫اَّلل َث َ‬
‫ين َّ َ‬
‫ني‪ ،‬و َ ْ ِ‬
‫َت َمد َ‬ ‫الث َ َ‬
‫ال ًثا و َث َ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل عنْدَ َمنَامك َث َ َ‬ ‫ِمنْ ُه؟ ت َُس ِّب ِح َ‬
‫ني َّ َ‬
‫ني»‪.‬‬ ‫الثِ َ‬ ‫َو َث َ‬
‫ني؟ َق َال‪َ :‬وال َل ْي َل َة‬ ‫قال عيل ◙‪-‬وهذا هو الشاهد‪َ :-‬ف ًَم ت ََر ْكت َُها َب ْعدُ ‪ِ ،‬ق َيل‪َ :‬وال َل ْي َل َة ِص ِّف َ‬
‫ني» رواه البخاري (‪َ )1068‬ع ْن َع ِ ِّيل ْب ِن َأ ِِب َطالِب‪.‬‬ ‫ِص ِّف َ‬
‫ني» ثبات عظيم‪ ،‬ما ُش ِغل عيل ◙‪-‬مع ما هو فيه من املعارك الطاحنة‪-‬‬
‫« َوال َل ْي َل َة ِص ِّف َ‬
‫عن هذا الذكر‪ ،‬أما نحن يمكن أدنى يشء ونغفل عن األذكار‪ ،‬وَّن ُبط ويفوتنا اخلري‪.‬‬
‫وعبد اهلل بن عمرو بن العاص ¶ ‪-‬ذلك الصحاِب اجلليل امللقب بعابد الصحابة‪،‬‬
‫اهدُ َكنَّ َت ُه‪-‬‬ ‫ات َح َسب‪َ ،‬فك َ‬
‫َان َي َت َع َ‬ ‫َحنِي َأ ِِب ا ْم َرأ َ ً َ َذ َ‬
‫وأبوه أكْب منه بإحدى عرش َ سنة‪-‬يقول‪َ :‬أنْك َ‬
‫الر ُج ُل ِم ْن َر ُجل َ َْل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وال َكنَّة زوجة الولد يتفقدها ويسألها عن حاهلا(‪-)4‬فسألها مر َ‪ ،‬فقالت‪ :‬ن ْع َم َّ‬
‫اشا‪َ ،‬و ََلْ ُي َفت ِّْش َلنَا َكنَ ًفا ُمن ُْذ َأتَ ْينَا ُه‪ .‬مشغول بالعباد َ‪ ،‬فذهب والده إىل النّبِ ّي‬ ‫َي َط ْأ َلنَا ِف َر ً‬
‫☻ وأخْبه بحال ولده وأنه قد بالغ يف العباد َ‪ .‬فقال له النّبِ ّي ☻‪َ « :‬يا‬
‫اَّللِ‪َ .‬ق َال له النّبِ ّي‬ ‫ْب َأن ََّك ت َُصو ُم الن ََّه َار‪َ ،‬و َت ُقو ُم ال َّليْ َل؟» فقال‪َ :‬ب َىل َيا َر ُس َ‬
‫ول َّ‬
‫ِ‬
‫اَّلل‪َ ،‬أ َل ْم ُأ ْخ َ ْ‬
‫َع ْبدَ َّ‬
‫آن ِيف ك ُِّل َش ْهر»‪ ،‬فجعل يقول للنّبِ ّي‬ ‫☻‪ُ « :‬ص ْم ِيف ك ُِّل َش ْهر َث َ‬
‫ال َث ًة‪َ ،‬وا ْق َرإ ِ ال ُق ْر َ‬
‫☻‪ُ :‬أطِ ُيق َأ ْك َث َر ِم ْن َذل ِ َك‪ ،‬فانتهى النّبِ ّي ☻ أن قال له‪ُ « :‬ص ْم َأ ْف َض َل‬
‫الص ْو ِم َص ْو َم َد ُاو َد ِص َيا َم َي ْوم َوإِ ْف َط َار َي ْوم‪َ ،‬وا ْق َرأ ْ ِيف ك ُِّل َس ْب ِع َل َيال َم َّر ً َ»‪ ،‬فلًم كْب عبدالله بن عمرو‬
‫َّ‬
‫والكْب مظنة الضعف والتغري‪ ،‬ور َّقة العظام وتعب األجسام‪-‬ندم ومتنى أنه قبل رخصة‬ ‫¶‪ِ -‬‬

‫أحب ¶ أنه‬
‫َّ‬ ‫اَّللِ ♀‪ ،‬ما‬ ‫النّبِي ☻‪ ،‬وقال‪َ َ :‬ل ْيتَنِي َقبِ ْل ُت ر ْخ َص َة رس ِ‬
‫ول َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يرتك شي ًئا فارق النّبِ ّي ☻ عليه‪ ،‬ليس عليه حرام أن خيفف ولكن ما أحب أن يرتك‬

‫مج ُع َها ( َكنَائِ ُن)‪ .‬كًم يف «خمتار الصحاح»(‪.)871‬‬


‫(‪( )4‬ا ْل َكنَّ ُة) بِا ْل َفت ِْح ْام َرأ َ ُ َ ِاال ْب ِن َو َ ْ‬
‫ش‬
‫دوامااطلعةدعبااضقنء هراابعلدة‬

‫شي ًئا فارق النّبِ ّي ☻ عليه‪ .‬واحلديث رواه بنحو هذا البخاري (‪ ،)4071‬ومسلم‬
‫(‪.)4410‬‬
‫هذا دليل عىل أن الصحابة كانوا حريصني عىل املداومة عىل العمل‪.‬‬
‫الرابحني‪ ،‬وسيل‬‫فاحريص عىل املداومة عىل ما كنت عليه؛ لتكوِن من الفائزين املو َّفقني َّ‬
‫اهلل اإلعانة عىل ما كنت عليه‪ ،‬وال تن ُق ِض ما كنت عليه‪ ،‬ربًم من ليلة العيد ما فيه صال َ ليل‪ ،‬هذا‬
‫تفريط وحرمان‪ ،‬أين وصلنا إىل هذا اهلبوط؟! داومي عىل ما كنت عليه عىل حسب ما ييرس اهلل‬
‫لك‪.‬‬

‫فقيام الليل عباد َ عظيمة ﴿ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬

‫ﮝ ﮞ ﮟ ﴾ [السجد َ]‪ .‬فاحذري التفريط ولو ثالث ركعات عىل حسب ما ييرسه‬
‫اهلل لك‪ ،‬فال تفرطي يف قيام الليل الذي كنت حريصة عليه يف شهر رمضان‪ .‬النبي ♀‬

‫رت َك ِق َيا َم ال َّل ْي ِل»(‪.)4‬‬


‫َان َي ُقو ُم ال َّل ْي َل‪َ ،‬ف َ َ‬ ‫اَّلل ِ‪ ،‬الَ َت ُك ْن ِم ْث َل ُف َ‬
‫الن ك َ‬ ‫يقول‪َ « :‬يا َع ْبدَ َّ‬
‫وهكذا يف شهر رمضان قد حيافظ عىل الرواتب‪ ،‬فإذا ذهب رمضان َل حيصل يشء‪ ،‬هذا‬
‫خطأ‪ ،‬هذا تقصري‪ ،‬اهلل ‪ ‬هو رب رمضان ورب شوال‪ ،‬وهو رب سائر الشهور واألعوام‪.‬‬
‫فاحريص عىل الرواتب والنوافل يف رمضان‪ ،‬وال تكوِن من الاليت إذا انتهى رمضان تصيل‬
‫الفريضة وتكسل عن الرواتب‪ ،‬فهذه خسار َ‪.‬‬
‫النوافل تعتْب مكملة للنقص الذي يكون يف الفريضة‪ ،‬كًم قال النّبِ ّي ☻‪َ ،:‬ق َال‪:‬‬
‫ب بِ ِه ا ْل َع ْبدُ َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة َص َال ُت ُه‪َ ،‬ف ِإ ْن َأ َمت َّ َها كُتِ َب ْ‬
‫ت َل ُه تَا َّم ًة‪َ ،‬وإِ ْن ََل ْ َي ُك ْن َأ َمت َّ َها‪َ ،‬ق َال‪ :‬ا ْن ُظ ُروا‬ ‫اس ُ‬ ‫« َأ َّو ُل َما ُ َ‬
‫حي َ‬
‫ب‬‫الزكَا ُ َ‪ُ ،‬ث َّم ت ُْؤ َخ ُذ ْاألَ ْع ًَم ُل َع َىل َح َس ِ‬ ‫يضتِ ِه‪ُ ،‬ث َّم َّ‬ ‫ون ل ِ َع ْب ِدي ِم ْن َت َط ُّوع‪َ ،‬ف َأك ِْم ُلوا َما َضيَّ َع ِم ْن َف ِر َ‬ ‫جتدُ َ‬ ‫َِ‬

‫اَّللِ ْب ُن عَ ْم ِرو ◙ َما‪.‬‬


‫(‪ )4‬البخاري (‪ ،)4418‬ومسلم (‪ )4410‬عن عَ ْبدُ َّ‬
‫ش‬
‫دوامااطلعةدعبااضقنء هراابعلدة‬

‫حي َيى ْب ِن َي ْع ُم َر‪َ ،‬ع ْن َر ُجل ِم ْن َأ ْص َح ِ‬


‫اب النَّبِ ِّي‬ ‫ِ‬
‫َذل َك» رواه اإلمام أْحد (‪َ )800/01‬ع ْن َ ْ‬
‫♀‪ ،‬وهو يف «الصحيح املسند» (‪ )4172‬لوالدي ♫‪.‬‬

‫أي‪ :‬أن الفريضة تكملها النوافل‪.‬‬

‫وهكذا مما يقبل فيه الناس يف رمضان عىل قراء َ القرآن‪ ،‬وفعل العباد َ يف شهر رمضان‬
‫ميرس‪ ،‬والنفوس مذللة أكثر من بقية الشهور؛ ألن الشياطني مربوطة بالسالسل‪ ،‬فتخف‬
‫املعايص‪ ،‬وتندفع النفوس للعباد َ‪ ،‬لكن مع ذلك احريص عىل وردك القرآِن الذي كنت تقومني‬

‫به‪ ،‬فالقرآن الكريم سعاد َ يقول اهلل ‪﴿ :‬ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬

‫ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﯻﯼ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﴾ [فاطر]‪ .‬هذه هي التجار َ الرابحة تالو َ‬
‫كتاب اهلل ‪ ،‬فًم اعتدتيه من قراء َ القرآن يف شهر رمضان احريص عليه يف سائر األوقات‪،‬‬
‫فنحن مجي ًعا بحاجة إىل أن نغذي قلوبنا بالقرآن‪ ،‬بحاجة إىل سعادتنا‪ ،‬والقرآن من أعظم طرق‬
‫السعاد َ َع ْن ُع ْث ًَم َن ◙‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ♀ َق َال‪َ « :‬خ ْ ُري ُك ْم َم ْن َت َع َّل َم ال ُق ْر َ‬
‫آن َو َع َّل َم ُه» رواه‬
‫البخاري (‪.)1987‬‬

‫أيضا حريصة عىل القرآن‪ ،‬وعىل تصويم اجلوارح‪،‬‬


‫فاحريص عىل القرآن الكريم‪ ،‬وكًم كنت ً‬
‫وعىل احلذر والبعد من املعايص‪ ،‬فكذلك احريص عىل ذلك بعد رمضان حتى ال تكوِن ممن قال‬

‫اهلل ‪ ‬فيهم‪﴿ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﴾‪.‬‬

‫احريص عىل الصيام‪ ،‬ولو ثالثة أيام من كل شهر مع صوم شهر الصْب‪ ،‬ف َع ْن َر ُجل َم ْن َبنِي‬
‫الصدْ ِر» رواه أْحد‬ ‫ِ‬ ‫ُأ َق ْيش‪ ،‬عن النَّبِ ِّي ♀‪َ ،‬ق َال‪ِ « :‬ص َيا ُم َث َال َث ِة َأيَّام ِم َن َّ‬
‫الش ْه ِر ُي ْذه ْب َن َو َح َر َّ‬
‫(‪ ،)018/01‬وهو يف «الصحيح املسند» (‪ )4112‬لوالدي الشيخ مقبل ♫ تعاىل‪.‬‬
‫ش‬
‫دوامااطلعةدعبااضقنء هراابعلدة‬

‫وو ِ‬ ‫ِ‬
‫ساو ُسه‪ .‬كًم يف «النهاية» (‪.)469/1‬‬ ‫ومعنى «وحر الصدر» غ ُّشه َ‬

‫اَّلل ♀‬
‫ِ‬
‫يوما واحدً ا فقد ثبت من حديث أِب عقرب ◙ َق َال‪َ :‬س َأ ْل ُت َر ُس َ‬
‫ول َّ‬ ‫ولو ً‬
‫ول َيا َر ُس َ‬
‫ول‬ ‫اَّللِ‪ِ ،‬ز ْد ِِن ِز ْد ِِن‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ت ُق ُ‬‫ول َّ‬ ‫الص ْو ِم‪َ ،‬ف َق َال‪ُ « :‬ص ْم َي ْو ًما ِم َن َّ‬
‫الش ْه ِر» ُق ْل ُت‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫َع ِن َّ‬
‫اَّللِ‪ِ ،‬ز ْد ِِن ِز ْد ِِن إِ ِِّن َأ ِجدُ ِِن َق ِو ًّيا‪َ ،‬ف َق َال‪ِ :‬ز ْد ِِن‬
‫ول َّ‬‫ني ِم ْن ك ُِّل َش ْهر»‪ُ ،‬ق ْل ُت‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫اَّلل ِ ِز ْد ِِن ِز ْد ِِن‪َ ،‬ي ْو َم ْ ِ‬
‫َّ‬
‫اَّللِ ♀ َحتَّى َظنَن ُْت َأنَّ ُه َل َ ُري ُّد ِِن‪َ ،‬ق َال‪ُ « :‬ص ْم َث َال َث َة َأيَّام‬ ‫ول َّ‬‫َت َر ُس ُ‬ ‫ِز ْد ِِن‪َ ،‬أ ِجدُ ِِن َق ِو ًّيا‪َ ،‬ف َسك َ‬
‫ِم ْن ك ُِّل َش ْهر» رواه النسائي (‪.)8100‬‬

‫ومع ما يف الصوم من الفضائل الكثري َ‪ ،‬وما فيه من الصحة والوقاية من كثري من‬
‫األمراض‪.‬‬

‫وإذا كنت يف رمضان حريصة عىل صدق اللسان‪ ،‬فاحريص عليه بعد رمضان‪ ،‬فالصدق من‬

‫صفات املؤمنني قال اهلل ‪﴿ :‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﴾‬


‫الْب ََيْ ِدي إِ َىل اجلَن َِّة‪َ ،‬وإِ َّن‬
‫الْب‪َ ،‬وإِ َّن ِ َّ‬
‫ِ‬
‫الصدْ َق ََيْدي إِ َىل ِ ِّ‬‫[التوبة]‪ .‬وقال النّبِ ّي ☻‪« :‬إِ َّن ِّ‬
‫ور ََيْ ِدي إِ َىل الن َِّار‪،‬‬ ‫ُون ِصدِّ ي ًقا‪َ .‬وإِ َّن الك َِذ َب ََي ِدي إِ َىل ال ُف ُج ِ‬
‫ور‪َ ،‬وإِ َّن ال ُف ُج َ‬ ‫ْ‬ ‫الر ُج َل َل َي ْصدُ ُق َحتَّى َيك َ‬
‫َّ‬
‫اَّلل ِ ك ََّذا ًبا» رواه البخاري (‪ ،)6901‬ومسلم (‪َ )8697‬ع ْن‬ ‫وإِ َّن الرج َل َليك ِْذب حتَّى ي ْكت ِ‬
‫َب عنْدَ َّ‬ ‫َّ ُ َ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫اَّللِ ◙‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َع ْبد َّ‬

‫صيامه من نقص األجر‪ ،‬ومن‬


‫ُ‬ ‫إذا عوديت لسانك‪ ،‬والصائم حريص إذا ُوفق أن يس َلم له‬
‫سلم له رمضان نرجو أن يوفقه اهلل فتسلم له سائر سنته‪ ،‬كًم قال ابن القيم ♫ يف «زاد‬
‫ان َو َسلِ َم َسلِ َم ْت َل ُه َس ِائ ُر َسنَتِ ِه‪ .‬ـها‪.‬‬
‫املعاد»(‪َ :)026/4‬و َم ْن َص َّح َل ُه َر َم َض ُ‬
‫ش‬
‫دوامااطلعةدعبااضقنء هراابعلدة‬

‫وصومناها عن الكذب والغيبة والنميمة فلنحرص عىل ذلك‬


‫َّ‬ ‫فإذا عودنا ألسنتنا عىل اخلري‬
‫بعد رمضان‪ ،‬ونستمر عىل عباد َ اهلل ‪ ،‬ونستمر عىل ما كنا عليه‪ ،‬والشأن هو الثبات‪.‬‬

‫وإذا كنت حريصة يف رمضان عىل طهار َ قلبك وصفاء قلبك وغسل قلبك من األمراض‪،‬‬
‫من أمراض احلسد والكْب والنفاق‪ ،‬فكذلك احريص عىل هذا بعد رمضان‪ ،‬فال تتعايل وال ترتفعي‬

‫عىل الضعيف وال عىل أحد‪ ،‬فإن هذا من أسباب دخول النار ﴿ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬

‫ﮁ ﮂ ﴾ [الزمر]‪.‬‬

‫وقد جلس عبد اهلل بن عمر جلس ذلك الصحاِب اجلليل إىل عبدالله بن عمرو فحدثه‬
‫َان ِيف َق ْلبِ ِه ِم ْث َق ُال َح َّبة ِم ْن َخ ْر َدل ِم ْن كِ ْْب‪َ ،‬أ َك َّب ُه‬
‫بحديث وهو أن النّبِ ّي ☻ قال‪َ « :‬م ْن ك َ‬
‫اَّلل َع َىل َو ْج ِه ِه ِيف الن َِّار» قلبه اهلل عىل وجهه يف نار جهنم‪ ،‬فجعل عبدالله بن عمر يبكي خو ًفا من‬ ‫َّ ُ‬
‫هذا الوعيد‪-‬الصحابة كانت قلوهبم رقيقة‪ ،‬وكانوا خيافون من أدلة الوعيد ومن يوم القيامة‬

‫وب َو ْاألَبْ َص ُار ﮈ ﴾ [النور]‪ ﴿ ،‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﴾‬ ‫ون يوما َت َت َق َّل ِ ِ‬


‫ب فيه ا ْل ُق ُل ُ‬
‫ُ‬ ‫خيا ُف َ َ ْ ً‬
‫﴿ََ‬
‫[اإلنسان]‪-‬فجعل يبكي ملا سمع هذا احلديث‪ ،‬خياف عىل نفسه‪-‬ما نأمن عىل أنفسنا من الكْب‪-‬‬
‫اَّللِ ْب َن َع ْمرو‪َ -‬ز َع َم َأنَّ ُه َس ِم َع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َف َق َال َل ُه َر ُج ٌل‪َ :‬ما ُي ْب ِك َ‬
‫يك َيا َأبَا َع ْبد َّ‬
‫الر ْْح َِن؟ َق َال‪َ -:‬ه َذا َي ْعني َع ْبدَ َّ‬
‫اَّللِ ♀‪ .‬احلديث (‪.)4‬‬ ‫ول َّ‬ ‫َر ُس َ‬

‫فلنحذر أن يكون يف قلوبنا يشء من التعايل ال عىل فقري وال صغري وال ضعيف‪ِ ،‬‬
‫فالكْب ليس‬
‫بسهل‪ ،‬فال يغرنَّك الشيطان وينفخ فيك بسبب ما أنعم اهلل ‪ ‬عليك من املالبس والذهب‬

‫اَّللِ ْب ُن عَ ْم ِرو ْب ِن‬ ‫ِ‬


‫اَّلل ْب ُن عُ َم َر َوعَ ْبدُ َّ‬‫الر ْْح َِن ْب ِن عَ ْوف‪َ ،‬ق َال‪ :‬ا ْلت ََقى عَ ْبدُ َّ‬
‫ِ‬
‫عَن َأ ِِب َس َل َم َة ْب ِن عَ ْبد َّ‬
‫(‪ )4‬احلديث رواه اإلمام أْحد (‪ْ )7941‬‬
‫الر ْْح َِن؟‬ ‫ِ‬
‫يك َيا َأبَا عَ ْبد َّ‬ ‫اَّللِ ْب ُن عُ َم َر َي ْب ِكي‪َ ،‬ف َق َال َل ُه َر ُج ٌل‪َ :‬ما ُي ْب ِك َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل ْب ُن عَ ْمرو‪َ ،‬و َبق َي عَ ْبدُ َّ‬
‫ِ‬
‫ا ْل َعايص عَ َىل ا ْمل َْر َو َ‪َ ،‬فت ََحدَّ َثا‪ُ ،‬ث َّم َم ََض عَ ْبدُ َّ‬
‫ِ‬

‫َان ِيف َق ْلبِ ِه ِم ْث َق ُال َح َّبة ِم ْن َخ ْر َدل ِم ْن‬ ‫اهلل عَ َل ْي ِه َو َس َّل َم َي ُق ُ‬ ‫ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول‪َ « :‬م ْن ك َ‬ ‫اَّلل َص َّىل ُ‬ ‫اَّلل ْب َن عَ ْمرو‪-‬زَ عَ َم َأنَّ ُه َسم َع َر ُس َ َّ‬ ‫َق َال‪َ -:‬ه َذا َي ْعني عَ ْبدَ َّ‬
‫َّار» وهو يف «الصحيح املسند» (‪ )299‬لوالدي َر ِ َ‬
‫ْح ُه اهلل‪.‬‬ ‫اَّلل عَ َىل َو ْج ِه ِه ِيف الن ِ‬ ‫ِ‬
‫ك ْْب‪َ ،‬أ َك َّب ُه َّ ُ‬
‫ش‬
‫دوامااطلعةدعبااضقنء هراابعلدة‬

‫والصحة والنعم‪ ،‬فهذا الذنب كبري َ من كبائر الذنوب‪ ،‬فحاسبي نفسك وتفقدي نفسك‪،‬‬
‫واحريص عىل سالمة قلبك من اآلثام واألمراض‪.‬‬
‫فكًم كنا حريصات يف شهر رمضان عىل صفاء قلوبنا فكذلك نحرص بعد رمضان أن تكون‬
‫قلوبنا صافية نقية‪.‬‬
‫فال نرجع إىل الوراء بعد رمضان‪ ،‬علينا أن نحرص عىل ما كنا عليه يف رمضان ونسدد‬
‫ونقارب‪ ،‬واسمعي إىل هذا الدعاء اجلامع العظيم‪:‬‬
‫ول اهللِ ♀ إِ َذا سا َفر ي َتعو ُذ ِمن وع َث ِ‬ ‫َس ِج َس‪َ ،‬ق َال‪« :‬ك َ‬ ‫ِ ِ‬
‫اء‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ َ َ َ َّ‬ ‫َان َر ُس ُ‬ ‫َع ْن َع ْبد اهلل ْب ِن َْ‬
‫امل ِ‬ ‫احلو ِر بعدَ ا ْلكَو ِر‪ ،‬ودعو ِ َ ا ْ َمل ْظ ُلو ِم‪ ،‬وس ِ‬
‫وء ا ْ َملنْ َظ ِر ِيف ْاألَ ْه ِل َو ْ‬ ‫الس َف ِر‪َ ،‬وكَآبَ ِة ا ْملُنْ َق َل ِ‬
‫َال» رواه‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ َ َ َْ‬ ‫ب‪َ ،‬و ْ َ ْ َ ْ‬ ‫َّ‬
‫مسلم (‪)4010‬‬
‫هذا الدعاء من أدعية السفر‪.‬‬
‫الس َف ِر» مشاقه وشدائده ومتاعبه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ومعنى « َو ْع َثاء َّ‬
‫مرسورا‪ ،‬وال يرجع بمصيبة‬
‫ً‬ ‫ب» أي‪ :‬الرجوع‪ ،‬املسافر يدعو أن يرجع إىل أهله‬ ‫« َوكَآبَ ِة ا ْملُنْ َق َل ِ‬

‫يف نفسه‪ ،‬أو يف أهله‪.‬‬


‫احل ْو ِر َب ْعدَ ا ْلك َْو ِر» هذا الشاهد‪ ،‬الرجوع من الطاعة إىل املعصية‪ ،‬ومن االستقامة إىل‬
‫« َو ْ َ‬
‫االنحراف‪ ،‬ومن العافية إىل املرض‪ ،‬ومن الغنى إىل الفقر‪ ،‬فهذا لفظ عام‪ ،‬وهكذا ال نرجع إىل‬
‫الوراء‪ ،‬وال نرجع من احلور بعد الكور‪ ،‬ال نتكاسل عن اخلري‪ ،‬ال نضيع أنفسنا‪ ،‬ونضيع أوقاتنا‪.‬‬
‫االستعاذ َ الرابعة‪َ « :‬و َد ْع َو ِ َ ا ْ َمل ْظ ُلو ِم» وهذه خطري َ‪ ،‬مهللا إنا نعوذ بك أن نَظلم أو نُظلم‪،‬‬
‫الق َيا َم ِة»‪ ،‬كًم يقول النبي ♀(‪.)4‬‬ ‫ت يوم ِ‬
‫«ال ُّظ ْل ُم ُظ ُل ًَم ٌ َ ْ َ‬

‫اَّللِ ْب ِن عُ َم َر ◙ َما‪.‬‬ ‫ِ‬


‫(‪ )4‬البخاري (‪ ،)8117‬ومسلم (‪ )8170‬عَ ْن عَ ْبد َّ‬
‫ش‬
‫دوامااطلعةدعبااضقنء هراابعلدة‬

‫فاحلديث يفيد التحذير من دعو َ املظلوم‪ .‬يقول النّبِ ّي ☻‪َ « :‬وات َِّق َد ْع َو َ َ‬
‫ني ِ ِ‬
‫اب» رواه البخاري (‪ ،)4106‬ومسلم (‪َ )40‬ع ِن ْاب ِن َع َّباس‬ ‫ا َمل ْظ ُلو ِم‪َ ،‬ف ِإ َّن ُه َل ْي َس َب ْينَ ُه َو َب ْ َ َّ‬
‫اَّلل ح َج ٌ‬
‫¶‪.‬‬
‫الصائِ ُم‪َ ،‬حتَّى ُي ْفطِ َر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ويقول النبي ☻‪َ « :‬ث َال َث ٌة َال ت َُر ُّد َد ْع َو ُُتُ ْم‪ِ ْ ،‬‬
‫اإل َما ُم ا ْل َعاد ُل‪َ ،‬و َّ‬
‫الس ًَم ِء‪َ ،‬و َي ُق ُ‬
‫ول‪ :‬بِ ِع َّز ِيت‬ ‫اب َّ‬
‫ِ ِ‬
‫ون ا ْل َغ ًَم ِم َي ْو َم ا ْلق َيا َمة‪َ ،‬و ُت ْفت َُح َهلَا َأبْ َو ُ‬ ‫َو َد ْع َو ُ َ ا ْ َمل ْظ ُلو ِم‪َ ،‬ي ْر َف ُع َها َّ ُ‬
‫اَّلل ُد َ‬
‫َّك َو َل ْو َب ْعدَ ِحني» رواه ابن ماجه (‪َ )4718‬ع ْن َأ ِِب ُه َر ْي َر َ َ ◙‪ ،‬وهو يف «الصحيح‬ ‫َألَنْرصن ِ‬
‫ُ َ‬
‫املسند» َتت رقم (‪ )4012‬لوالدي ♫‪.‬‬

‫دعو َ املظلوم ال ترد‪ ،‬يقول والدي ♫ وغفر له‪ :‬دعو َ املظلوم قد تُدَ ِّم ُر ُد َو ًال‪.‬‬

‫امل ِ‬
‫َال» أن يراهم عىل حالة سيئة‪ ،‬فانظرن‬ ‫واالستعاذ َ األخري َ‪« :‬وس ِ‬
‫وء ا ْ َملنْ َظ ِر ِيف ْاألَ ْه ِل َو ْ‬ ‫َ ُ‬
‫احل ْو ِر َب ْعدَ ا ْلك َْو ِر» فليس من السهل أن نطبق املصاحف‪،‬‬
‫أخوايت يف اهلل إىل قوله ♀‪َ « :‬و ْ َ‬
‫وَّنمل قيام الليل‪ ،‬ونتكاسل عن الطاعات التي كنا نحرص عليها‪ .‬فعلينا أن نستعني باهلل ﴿ﭢ‬

‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﴾ [الفاَتة]‪.‬‬
‫أَيا األخوات إن يف شهر رمضان عْب َ وموعظة‪ ،‬لقد كنا يف استقبال شهر رمضان وما هي‬

‫إال أيام وقد انقَض‪﴿ ،‬ﭲ ﭳ ﴾ [البقر َ‪ .]421:‬إن هذا يذكرنا بأعًمرنا‪ ،‬ليذكِّرنا هبذه‬
‫احليا َ وأَّنا أيام قليلة‪ ،‬وإذا تأملنا يف املايض من أعًمرنا كأَّنا أضغاث أحالم‪ ،‬وهذا يدل عىل‬
‫مرور األيام وأَّنا َسيعة االنقضاء؛ فلهذا علينا أن نقبل عىل طاعة اهلل ونقدم لآلخر َ ونثبت عىل‬

‫اخلري‪ ،‬قال اهلل‪﴿ :‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬

‫ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﴾‬
‫[لقًمن]‪.‬‬
‫ش‬
‫دوامااطلعةدعبااضقنء هراابعلدة‬

‫أسأل اهلل عزوجل أن يتقبل صيامنا وقيامنا وطاعاتنا‪ ،‬ونسأل اهلل أن نكون ممن عمتهم رْحة‬
‫اهلل يف ذلك الشهر‪ ،‬وممن فازوا بليلة القدر‪.‬‬

‫عقب رمضان‪ ،‬كًم قال النّبِ ّي‬ ‫ون َُذكِّر أنفسنا أن اهلل ‪ ‬قد من علينا بصيام ست من شوال ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ان ُث َّم َأتْ َب َع ُه ِستًّا ِم ْن َش َّوال‪ ،‬ك َ‬
‫َان ك َِص َيا ِم الدَّ ْه ِر» رواه مسلم‬ ‫☻‪َ « :‬م ْن َصا َم َر َم َض َ‬
‫ار ِّي ◙‪.‬‬ ‫وب ْاألَن َْص ِ‬
‫(‪َ )4461‬ع ْن َأ ِِب َأيُّ َ‬

‫َتفيز وتشجيع للمسلم وللمسلمة عىل احلرص عىل صيام هذه الست‪ ،‬فصيام ست من‬
‫شوال بمنزلة صيام شهرين‪ ،‬وصيام رمضان بمنزلة صيام عرش َ أشهر‪ ،‬وهذا كصيام سنة كاملة؛‬
‫ألن احلسنة بعرش أمثاهلا‪ ،‬واحلسنة بعرش أمثاهلا يف كل الطاعات‪ ،‬ولكن املراد هنا « َم ْن َصا َم‬

‫‪i‬‬
‫َص َيا ِم الدَّ ْه ِر» أي‪ً :‬‬
‫فرضا‪.‬‬ ‫ان ُث َّم َأتْ َب َع ُه ِستًّا ِم ْن َش َّوال‪ ،‬ك َ‬
‫َان ك ِ‬ ‫َر َم َض َ‬
‫ل‬
‫هداوأسألاهلل ‪ ‬أن ويفقناأوإيأنك‪،‬وادمحلهللربااعل مين‪.‬‬

‫‪‬‬

You might also like