Professional Documents
Culture Documents
Final مطبوعة الدكتورة باشوشي
Final مطبوعة الدكتورة باشوشي
اﻟﻣطﺑوﻋﺔ ﻣوﺟﻬﺔ ﻟطﻠﺑﺔ اﻟﺳﻧﺔ اﻷوﻟﻰ ﺟذع ﻣﺷﺗرك ﻋﻠوم اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺻﺎل
وﻫﻲ ﻣواﻓﻘﺔ ﻟﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟرﺳﻣﻲ ﻟﻠوﺣدة اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟت ﻣﻘﯾﺎس ﻣﺎدة ﻣدﺧل إﻟﻰ ﻋﻠم
اﻵﺛﺎر.
ﯾرﻣز إﻟﻰ
ﻓﻣن أﻫم ﻣﺎ ﯾﺣﻣﻠﻪ اﻟﺗراث اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ واﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻫو اﻟﺗراث اﻷﺛري ،اﻟذي ُ
ﺗﻌﺎﯾش ﻣﻌﻬﺎ ﻫذا اﻹﻧﺳﺎن ،وﻣﻌرﻓﺔ ﺗﺎرﯾﺧﻪ ،وﻧﺷﺄﺗﻪ وﺗطورﻩ وﺑﯾﺋﺎﺗﻪ وﺗﻔﺎﻋﻼﺗﻪ ﻣﻊ أﺧﯾﻪ
اﻟﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺔ.
ﻻﻛﺗﺷﺎف اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﺣﺿﺎرات اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ُ
وﺗﻐﯾرت أﻫداﻓﻪ ﻣن اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻣﺎدي واﻟﻣﺎﻟﻲ إﻟﻰ ﻣﺟﺎل اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻋن
واﻟﺣﻔظ واﻟﺗوﺛﯾقّ ،
1
اﻟﻘدﯾﻣﺔوﺗطورﻫﺎ واﺳﺗﻧﺑﺎط اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻣﻧﻬﺎ وﺑﻧﺎء ﺗﺳﻠﺳل زﻣﻧﻲ ٕواﻋﺎدة ﺑﻧﺎء
ّ اﻟﺣﺿﺎرات اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
وﺗرﻣﯾم ﻣﻌﺎﻟﻣﻬﺎ ،وﯾﻘﺎل "ﻫدف ﻋﻠم اﻵﺛﺎر واﻟﺣﻔﺎﺋر اﻟﻛﺷف ﻋن ﺗطور اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
اﻟﺗطور".
ّ وأن ﯾﺑرز وﯾوﺿﺢ ﺧطﻰ ﻫذا
ﯾﻌد ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر اﻟﻣﻌﺎﺻرون ﺧﺑراء ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﺷﻌوب اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،ﻋﻠﻰ أﺳﺎس
ّ
اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺛر ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺣدﯾﺛﺎ .ﺣﯾث ﯾﻘوم ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر ﺑﺈﻋداد ﺧراﺋط دﻗﯾﻘﺔ ُﻣﺗﻘﻧﺔ
وﺻور ﺗﻔﺻﯾﻠﯾﺔ ﺗوﺛّق ﻛﺎﻓﺔ ﺟواﻧب ﺣﻔﺎﺋرﻫم .وﻋﻠﻰ ﻫذا ﺟﺎءت ﻫذﻩ اﻟﻣطﺑوﻋﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
ﻻ أﻧﻪ
اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ أﺣد اﻟﻌﻠوم اﻟﺗﻲ ﺗدرس ﺗﺎرﯾﺦ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻘدﯾم" ،ﻋﻠم اﻵﺛﺎر" إ ّ
ﻟﺗﺳﻠﯾط ّ
واﻟﺗّﻘﺻﻲ ﺣول ﺗﺎرﯾﺦ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل دراﺳﺔ آﺛﺎرﻩ اﻟﻘدﯾﻣﺔ .ﻛﻣﺎ ﺗﻬدف ﻫذﻩ اﻟﻣطﺑوﻋﺔ
ﺳﯾﺗم اﻟﺗّﻔﺻﯾل ﻓﯾﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺣﯾﺛﯾﺎت ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ،ﺣﯾث ﺣﺎوﻟت اﻟﺑﺎﺣﺛﺔ ﺗﺑﺳﯾط
ّ وﺛﯾﻘﺔ
اﻟﻣﺣﺗوى ﻟﯾﺗﻧﺎﺳب وطﻼّب اﻟﺳﻧﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﻘﺳم ﻋﻠوم اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺻﺎل وﻋدد اﻟﺳﺎﻋﺎت
ﺗطور
اﻟﻣﻘرر وﺗﺗﻧﺎول ﻣراﺣل ّ
ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺗﺗﻧﺎﺳب وﻣﻔردات ّ
ّ ﻘرر ،ووﺿﻊ ﻣﺎدة
اﻟﻣ ّ
اﻟﻣﺣددة ﻟﻬذا ُ
ّ
ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻋﺑر اﻟﻌﺻور اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﻧﺎﻫﯾك ﻋن ﺗﺣدﯾد ﻋﻠم اﻵﺛﺎر وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى،
2
اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
ّ اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔﺻول
ﻘرر اﻟدراﺳﻲ ُﺑﻧﯾت ﻫذﻩ ُ
اﻟﻣ ّ
وﻟﺑﻧﺎء ﻫذا ُ
اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
3
اﻟﺗطور-
اﻟﻔﺻـــــــــــــــــــل اﻷول :ﻋﻠم اﻵﺛﺎر–اﻟﻧﺷﺄة و ُ
ﺗﻣﻬﯾد :
ﻋﺎﻧﻰ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻣن ﺳﯾطرة اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺧﯾﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺳﻣﻰ ﺣﯾﻧﻬﺎ ﻓﻛ اًر
وﻧظرﯾﺎت ،ﻣن ﻗﺑﯾل ﺗﻘﺳﯾم اﻟزﻣن ﻟﻣﺎ ﻗﺑل اﻟطوﻓﺎن وﻣﺎ ﺑﻌدﻩ ،واﻟﻌﻣر اﻟﺧﯾﺎﻟﻲ اﻟﻣﺛﯾوﻟوﺟﻲ
ﻟﻠﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ واﻟﺣﯾﺎة ﻋﻣوﻣًﺎ ،ﻫذا ﻣﺎ ﺟﻌل أﺣد أﺑوي اﻟﺣﻔرﯾﺎت ﻓﻲ ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ R.Colt
Hoareﯾﻛﺗب ﻋﺎم 1821م " .ﻧﺣن ﻧﺗﺣدث ﻋن ﺣﻘﺎﺋق ﻻ ﻧظرﯾﺎت ،إﻧﻧﻲ ﻟن أﺑﺣث ﻋن
أﺻل ﻣداﻓن Wiltshireﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻟروﻣﺎﻧﺳﯾﺔ اﻟﺣﺎﻟﻣﺔ ،وﻻ ﺣﻘًﺎ ظﻬرت اﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﻌﻧﺻري
ﻟﻶﺛﺎر وﻓق ﺧﯾﺎﻻت اﻟﻣﻔﺎﺧرات اﻟﻘوﻣﯾﺔ ،ﻫذا ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﺑﻌض اﻵﺛﺎرﯾﯾن ﯾﻧﻔرون ﻟﺣد اﻵن
ﻣن اﻷﻓﻛﺎر واﻟﺗﻧظﯾر ﻏﯾر اﻟﻣرﺗﻛز ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﯾل اﻷﺛري اﻟﻣﺑﺎﺷر ،وﯾﺟﻌﻠﻪ ﯾﻛﺗﻔون ﺑﺎﻟﺟﺎﻧب
اﻟﺗﻘﻧﻲ ﻣن ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،ﻣﻔﺿﻠﯾن اﻟﺻﻣت ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻼم وﻓق ﺗﺧﻣﯾﻧﺎت واﻓﺗ ارﺿﺎت ﻧظرﯾﺔ،
ٍ
ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﺳﺗﺧدم ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻻت ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﻌﻠم اﻵﺛﺎر.
4
ﺗﻌرﯾف ﻋﻠم اﻵﺛﺎر :
ﺷﻘﯾن:
ﯾﺗﺄﻟف ﻣﺻطﻠﺢ Archaïalogiaﻣن ّ
وﻋﻠﯾﻪ ﯾﺻﺑﺢ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻋﻠم اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻘدﯾﻣﺔ أو ﻋﻠم اﻟﻘدﯾم ،وﺗرﺟﻣﻬﺎ اﻟﺑﺎﺣﺛون
ﻛﻣﺎ ﻧﺟد أن ﻗدﻣﺎء اﻟﯾوﻧﺎن واﻟروﻣﺎن اﺳﺗﺧدﻣوا ﻛﻠﻣﺔ أرﻛﯾﻠوﻟوغ ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟﻣﺳﺎﺋل
ﻛﻣﺎ ارﺗﺑطت أﯾﺿﺎ ﻛﻠﻣﺔ أرﻛﯾﻠوغ ﻋﻧد اﻟﺑﻠدان اﻟﻧﺎطﻘﺔ ﺑﺎﻹﻏرﯾﻘﯾﺔ ﺑﻣﻣﺛﻠﻲ اﻟدراﻣﺎ اﻟذﯾن
ﯾﻣﺛﻠون اﻷﺳﺎطﯾر اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﺷﺑﺔ اﻟﻣﺳرح ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻷول اﻟﻣﯾﻼدي ﻋﻧدﻣﺎ أﻟف اﻟﻣؤرخ
اﻹﻣﺑراطور أﻏﺳطس ﺗﻧﺎول ﻓﯾﻪ ﺣروب روﻣﺎ ﻣﻊ ﻗرطﺎﺟﻧﺔ؛ إﻻ أن ﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺔ اﺧﺗﻔت ﻣﻧذ
اﻟﻘرن ،17ﻟﺗﺣل ﻣﺣﻠﻬﺎ ﻛﻠﻣﺗﯾن ﻫﻣﺎ أرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺎ وأرﻛﯾوﻏراﻓﯾﺎ رددﻫﻣﺎ ﻛﺛﯾ ار اﻟطﺑﯾب اﻟرﺣﺎﻟﺔ
1داﻧﯾﺎل ،ﻏﯾﻠن .ﻣوﺟز ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،ﺗرﺟﻣﺔ ﻋﺑﺎس ﺳﯾد أﺣﻣد ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ .اﻟرﯾﺎض :دار اﻟﻔﯾﺻل اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،2000 ،ص .16
2ﺳﻌﯾد ،اﻟﺣﺎﺟﻲ .اﻟﻣدﺧل إﻟﻰ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر .دﻣﺷق :ﻣﻧﺷورات ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺷق ،2016/2015 ،ص .21
5
اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺟﺎك ﺳﺑون ) Jaque Spon(1647-1685وأﺧﻠط ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﯾﻪ "رﺣﻠﺔ
إﯾطﺎﻟﯾﺎ ودﻟﻣﺎﺳﯾﺎ وﺑﻼد اﻹﻏرﯾق واﻟﺷﺎم" وﻛﺗﺎب أﺧر ﯾﺻف "ﻣﻧوﻋﺎت ﻏﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﺷرق" وﻗد
ﺑﻘﻲ اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻛﻠﻣﺔ أرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺎ ﻓﻲ ﺣﯾن اﺧﺗﻔت اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ أرﻛﯾوﻏراﻓﯾﺎ واﻧﺗﺷرت ﻓﻲ ﻛل
اﻟﻠﻐﺎت .
وﻣﺎ وﺟب أن ﻧﺷﯾر إﻟﯾﻪ وﻫو أﻧﻧﺎ ﻟم ﻧﺟد ذﻛر ﻟﻛﻠﻣﺔ أرﻛﯾوﻟوﺟﯾﺎ ﻋﻧد اﻟﻌرب ﺑل ﺣﺗﻰ
ﻛﻠﻣﺔ )ﺗﺎرﯾﺦ( ﻟم ﺗذﻛر ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم وﻟم ﯾذﻛرﻫﺎ اﻟﻌرب ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻫﻠﯾﺔ وﻫذﻩ اﻟﻛﻠﻣﺔ ظﻬرت
أول ﻣرة ﻓﻲ ﻋﻬد اﻟﺧﻠﯾﻔﺔ ﻋﻣر ﺑن اﻟﺧطﺎب ورﺑﻣﺎ أﺧذت ﻣن اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ .
ﻛﻣﺎ أن ﻛﻠﻣﺔ ﺗﺄرﯾﺦ ﻟم ﻧﺟد ﻟﻬﺎ ذﻛر ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾث اﻟﻧﺑوﯾﺔ اﻟﺷرﯾﻔﺔ وﯾﻌﺗﻘد أﻧﻬﺎ ﻣﺳﺗﻣدة
ﻣن اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ "اﻟﻘﻣر" أو اﻟﺷﻬر وﻫﻲ ﻓﻲ اﻷﻛﺎدﯾﺔ "أرﺧو" وﻓﻲ اﻟﻌﺑرﯾﺔ
اﻟﻌﻠم اﻟذي ﯾﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ ﻣﺎﺿﻲ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﻣﺎ وﺧﻼل ﺣﻘﺑﺔ زﻣﻧﯾﺔ ﻣﺎ ودراﺳﺔ ﻛل
ﻣﺧﻠﻔﺎﺗﻪ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻣن ﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﻌظﺎم ،واﻟزﺟﺎج ،واﻟﻔﺧﺎر واﻟﻣﻌﺎدن ،واﻟﻣﺑﺎﻧﻲ ،وﻣﺣﺗوﯾﺎت اﻟﻘﺑور
وﻣﺧﺗﻠف اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﻣﺎرﺳت ﺑﻬﺎ ﺗﻠك اﻟﺷﻌوب اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻧﺷﺎطﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﻌﯾﺷﯾﺔ ،وﺟﻣﯾﻊ أﺷﻛﺎل
ﻼ ﻋن اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺗﻲ
اﻟﻔﻧون اﻟﺗﻲ طﺑﻘوﻫﺎ ،واﻷﻓﻛﺎر واﻟطﻘوس اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧوا ﯾﻣﺎرﺳوﻧﻬﺎ ،ﻓﺿ ً
ﻋﺎﺷوا ﻓﯾﻬﺎ ﻣن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻧﺑﺎﺗﺎت واﻟﺣﯾواﻧﺎت واﻟﻣﺻﺎدر اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﺣﯾث ﺗﺧﺗﻠف
6
ﻛل ﻫذﻩ اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺷﻛل واﻟﺣﺟم واﻟﻠون واﻟﺗﺎرﯾﺦ .ﻓﯾﺗﺣرى ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر
ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻫو ﻋﻠم ﻻﺳﺗرﺟﺎع اﻟﻣﺎﺿﻲ وﺗﺣﻠﯾﻠﻪ ،واﻟﺣرص ﻋﻠﻰ ﺗﺗﱡﺑﻊ ﺧطوات
اﻟﺗطور اﻟﺗﻲ ّﻣرت ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻋﺑر ﻋﺻورﻫﺎ اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ ،ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﻘراء
ّ
واﺳﺗﻧﺑﺎط ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣواد اﻟﺷﺎﻫدة ﻟﺗراث ﺗﻠك اﻟﻌﺻور ،وﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﯾﺗم اﺳﺗﺧﻼص اﻟﻘﯾم
1
ﺗﺟﺳﯾدا ﻟﻣﻌﺗﻘداﺗﻪ وﻓﻧوﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﻧواﺣﯾﻬﺎ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣﻧﻬﺎ واﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ
أﻣﺎ داﺋرة اﻟﻣﻌﺎرف اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻓﺗﻌرﻓﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " :اﻟﻌﻠم اﻟذي ﯾﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻣﺎﺿﻲ
اﻹﻧﺳﺎن ﺑﻬدف اﻛﺗﺷﺎف ﺗﺎرﯾﺧﻪ ،وﺻﯾﺎﻏﺔ ﺗﺳﻠﺳل اﻷﺣداث اﻟﺗﻲ ﺷﻬدﺗﻬﺎ ﺣﻘب ﻣﺎ ﻗﺑل
ﻛﺄﺷﯾﺎء ﻣﺎدﯾﺔ ﻣﻠﻣوﺳﺔ ،ﺑل ﻛذﻟك ﻫﻲ ﻟﻐﺔ ﺗﻠك اﻟ ّﺷﻌوب اﻟﺗﻲ ﺗروي ﻟﻧﺎ ﺗﺎرﯾﺧﻬﺎ وﺣﯾﺎﺗﻬﺎ
وﻣﺎﺿﯾﻬﺎ ﺑﺳﻠﺑﯾﺎﺗﻬﺎ ٕواﯾﺟﺎﺑﯾﺎﺗﻬﺎ ﻟﻧﺎ ﻧﺣن ﺑﻧو اﻟﻌﺻور اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،وﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق و ِ
ﺻف ُ ُ
1رزق ،ﻋﺎﺻم ﻣﺣﻣد .ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗطﺑﯾق .ﻣﺻر :ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻣدﺑوﻟﻲ ،1996 ،ص ص .14-12
7
ﻻ إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗﻠك
ﺣﺿﺎرة ﻫذا اﻹﻧﺳﺎن واﻟوﻗوف ﻋﻧد ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ وﻣﻣﯾزاﺗﻬﺎ وﺻو ً
اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ.1
ﯾﻘوم ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﺑﺎﻛﺗﺷﺎﻓﺎت ﻣﺛﯾرة وﻧﺎدرة ،ﻧﺣو اﻛﺗﺷﺎف ﻗﺑر
ﯾﻐص ﺑﺎﻟﺣﻠﻲ واﻷدوات واﻷواﻧﻲ اﻟذﻫﺑﯾﺔ ،أو اﻛﺗﺷﺎف أطﻼل ﻣﻌﺑد ﻗدﯾم ﻣﻛرس ﻵﻟﻬﺔ ﻣﻣﯾزة
أو ﻗﺻر ﻣﻠﻛﻲ ،وﻓﻲ أﺣﯾﺎن أﺧرى اﻛﺗﺷﺎف ﻣﻣﻠﻛﺔ ﻗدﯾﻣﺔ ﺑﻛﺎﻣﻠﻬﺎ وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈن اﻛﺗﺷﺎف
اﻟﻘﻠﯾل ﻣن اﻷدوات اﻟﺣﺟرﯾﺔ أو ﺑذور ﻣن اﻟﺣﺑوب اﻟﻣﺗﻔﺣﻣﺔ ،أو ﻗطﻊ ﻧﻘدﯾﺔ أو ﻧﻘوش طﯾﻧﯾﺔ
أو ﺣﺟرﯾﺔ ﻗدﯾﻣﺔ رﺑﻣﺎ ﯾزﯾﺢ اﻟﺳﺗﺎر ﺑﺷﻛل أﻓﺿل ﻋن ﺟواﻧب ﻛﺛﯾرة ﻣن ﺣﯾﺎة ﺗﻠك اﻟﺷﻌوب،
وﯾﺿﯾف إﻟﻰ اﻟﺗﺎرﯾﺦ وﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺣﻘﺎﺋق ﻟم ﺗﻛن ﻣﻌروﻓﺔ ﺳﺎﺑﻘًﺎ واﻛﺗﺷﺎف أﻧواع اﻷطﻌﻣﺔ
واﻟﻣواد اﻟﻐذاﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن اﻟﻧﺎس ﯾﺗﻧﺎوﻟوﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘدﯾم ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧدرك أوﺟﻪ اﻟﺷﺑﻪ ﺑﯾن ﺣﯾﺎة
اﻟﺷﻌوب اﻟﻘدﯾﻣﺔ وﺣﯾﺎﺗﻧﺎ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﺿر وﯾﻣﻛن اﻟﻘول إن ﻛل ﻣﺎ ﯾﻛﺗﺷﻔﻪ ﻋﺎﻟم اﻵﺛﺎر
وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺗطور اﻻﻛﺗﺷﺎﻓﺎت ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻋﻠم اﻵﺛﺎر أﺻﺑﺢ ﻫﻧﺎك ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﺗراث
اﻷﺛري اﻟذي ﺗﺗﺷ ّﻛل ﻋﻧﺎﺻرﻩ ﻣن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺧﻠﻔﺎت اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﻠوﺟود اﻟﺑﺷري .وﻋرف اﻟﻣﺟﻠس
1ووﻟﻲ ،ﻟﯾوﻧﺎرد .أﻋﻣﺎل اﻟﺣﻔر اﻷﺛري .ﺗرﺟﻣﺔ :ﺣﺳن اﻟﺑﺎﺷﺎ .اﻟﻘﺎھرة :دار اﻟﻧﮭﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ص ص .6-5
2ﺳﻌﯾد ،اﻟﺣﺟﻲ .اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .22
8
ذﻟك اﻟﻘﺳم ﻣن اﻟﺗراث اﻟﻣﺎدي اﻟذي ﺗﻘدم ﻣﻧﺎﻫﺞ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻗﺎﻋدة اﻟﻣﻌﺎرف اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻪ،
وﯾﺷﻣل ﻛل اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ ﻟﻠوﺟود اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ واﻷﻣﺎﻛن اﻟﺗﻲ أﻗﺎم اﻹﻧﺳﺎن ﻧﺷﺎطﺎﺗﻪ ﻓﯾﻬﺎ ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت
طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ ﻣن ٍ
ﻣﺑﺎن وأطﻼل ﻣﻬﺟورة ﻣن ﻛل اﻷﻧواع ﻋﻠﻰ ﺳطﺢ اﻷرض أو ﺗﺣﺗﻬﺎ أو ﺗﺣت
ﺑﺄﻧﻬﺎ
اﻟﻣﺎء ﻓﺿﻼً ﻋن ﻛل اﻟﻣواد اﻟﺗﻲ ﺗرﺗﺑط ﺑﻬﺎ .وﻋرف ﺑﻌض اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻘطﻌﺔ اﻷﺛرﯾﺔ ّ
إذن اﻟﺗراث ﻫو ﻣﺟﻣوع ﻣﺎ ﺗﺗوارﺛﻪ أﺟﯾﺎل اﻷﻣﺔ أي أﻣﺔ ﻣن ﻧﺗﺎج ﻓﻛري ٕواﻧﺟﺎز ﻣﺎدي
وﻣﺎ ﯾﺿﯾف إﻟﯾﻪ ﻛل ﺟﯾل ﻣن إﺳﻬﺎﻣﺎت وﻫو ﺑﻬذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻫو ﻧﺷﺎط إﻧﺳﺎﻧﻲ ﺗراﻛﻣﻲ
و ﯾﻧﻘﺳم اﻟﺗراث إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺳﺎم؛ وﻛل ﻗﺳم ﯾﺣﺗوي ﻋﻠﻰ ﻋدة ﻓروع .وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ذات اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﺳواء ﻣدﻧﯾﺔ ﻛﺎﻧت أو ﻋﺳﻛرﯾﺔ أو دﯾﻧﯾﺔ وﻛذا اﻟﻣدن
اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ وﻣﺳﺎﻛن اﻟﻛﻬوف واﻟﻘرى واﻷﺣﯾﺎء اﻟﻘدﯾﻣﺔ واﻟﻣﻌﺎﻟم واﻷﻋﻣﺎل
اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ وﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟﺗراﺛﯾﺔ وﻛل ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻬﺎ ﻣن ﻧﻘوش وزﺧﺎرف ﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ.
ــ اﻟﺗراث اﻟﻣﺎدي اﻟﻣﻧﻘول :ﯾﻘﺻد ﺑﻪ اﻟﺗراث اﻟذي ﯾﻣﻛن ﻧﻘﻠﻪ ﻣن ﻣﻛﺎن إﻟﻰ آﺧر ﻣﺛل:
اﻟﺻور واﻟﻠوﺣﺎت واﻟرﺳوم اﻟﻣﺻﻧوﻋﺔ ﻛﻠﯾﺎ ﺑﺎﻟﯾد أﯾﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﻣواد اﻟﺗﻲ رﺳﻣت ﻋﻠﯾﻬﺎ
9
اﻟﺻور اﻷﺻﻠﯾﺔ ﻣطﺑوﻋﺔ وﻣﻧﻘوﺷﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺟر .طواﺑﻊ اﻟﺑرﯾد واﻟطواﺑﻊ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ
اﻵﺛﺎر اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻣﺿﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ أﻛﺛر ﻣن ﺛﻼﺛﻣﺎﺋﺔ ﻋﺎم ﻛﺎﻟﻧﻘوش ﺛم اﻟﻌﻣﻼت
واﻷﺧﺗﺎم اﻟﻣﺣﻔورة
واﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﻘدﯾﻣﺔ
ﯾﻣﺛل ﻛل ﻣﺎ ﻫو ﺳﻬل وﺳرﯾﻊ اﻟﺗﻠف وﻧﻘﺻد ﺑذﻟك اﻟﻌﺎدات واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد ﻟﻣﺎ ﺗﺣﻣﻠﻪ ﻫﺎﺗﺎن
اﻟﻛﻠﻣﺗﺎن ﻣن ﻣﻌﺎن ﺳﺎﻣﯾﺔ ﺗﺣﺿﻧﻬﺎ اﻟﺗﻘﺎﻟﯾد اﻟﺷﻔوﯾﺔ ﻣن ﺣﻛم وأﻣﺛﺎل وﺷﻌر ﻣﻠﺣون
وﻣوﺷﺣﺎت وﻣن طﺑوع ﻣوﺳﯾﻘﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﻛﺗوﺑﺔ وﻋﺎدات اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وأﺧﻼﻗﯾﺔ ،وﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر
ﯾدرس ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻋﻧﺎﺻر ﻫذا اﻟﺗراث ﻣن أﺟل ﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻋن
اﻟزﻣﻧﻲ ﻣن ظﻬور
اﻻﺳﺗﯾطﺎن اﻟﺑﺷري اﻟﻣﺗﻌﺎﻗب وﻋن ﺑﯾﺋﺗﻬﺎ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ،وﯾﻣﺗد ﺗﺳﻠﺳﻠﻪ ّ
اﻹﻧﺳﺎن وﺣﺗﻰ ﯾوﻣﻧﺎ اﻟﺣﺎﺿر ،وﯾﻣﻛن أن ﺗوﺟد اﻟﻣﺧﻠﻔﺎت اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺑﺣث
اﻷﺛري ﻓﻲ اﻷرض أو اﻟﻣﺎء ﻛﺎﻟﺑﺣﯾرات واﻷﻧﻬﺎر وﺗﺣت اﻟﺑﺣر .ﺗطور ﻣﻊ اﻟوﻗت ﺣﺗﻰ
10
أﺻﺑﺢ ﻋﻠم ﻣﺗﻌدد اﻟﻣﺟﺎﻻت ﺟﺎﻣﻌًﺎ ﺑﯾن اﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ واﻟﺟﯾوﻟوﺟﯾﺎ واﻟﺑﯾﺋﺔ واﻟﻔﯾزﯾﺎء
وطﺑﻘﺎﺗﻬﺎ اﺳﺗﺧدﻣت اﻟﺳﺗراﺗﯾﻐراﻓﯾﺎ)ﻋﻠم اﻟطﺑﻘﺎت( ،ﻛﻣﺎ اﺳﺗﺧدم ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر وﺳﺎﺋل وطرق
ﻣﺄﺧوذة ﻣن ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع واﻻﻗﺗﺻﺎد واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن أﺟل إﻋﺎدة ﺑﻧﺎء أﻧﻣﺎط اﻟﺣﯾﺎة
اﻟﯾوﻣﯾﺔ ﻟﻠﺣﺿﺎرات اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﺿﻣن إطﺎرﻫﺎ اﻟﺑﯾﺋﻲ واﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وﻫذا
إن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗّﻧﻘﯾب واﻟﺑﺣث اﻷﺛري ﻫو ﺧﻼﺻﺔ ﻋﻣل ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺷﺧﺎص ذوي
ّ
اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ واﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ وﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﺎﻟم اﻵﺛﺎر ﺑﺎﺣﺛﺎ ﻣﻧﻌزﻻ،
ﯾﺷﺎرﻛون ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان وﻓﻲ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺧﺑرﯾﺔ ﺑﺗﺣﻠﯾل وﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ واﻟﻧﺷﺎطﺎت
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻟﺣﯾﺎة اﻟﯾوﻣﯾﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ اﺳﺗﺛﻣﺎر ﻣﺻﺎدر اﻟﻣﻌﺎدن واﻟﺣﯾوان واﻟﻧﺑﺎت واﻟﺗﺑﺎدل
وأﺳﻬﻣت ﻓﻲ إﻧﺟﺎز اﻷﺑﺣﺎث واﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺑﺣث اﻷﺛري ﺑﺳرﻋﺔ أﻛﺑر ودﻗﺔ أﻛﺛر،
11
اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗراث اﻷﺛري وأﺳﻬم ذﻟك ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ﺗطور ﻛﺑﯾر ﺣﺻل ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻋﻠم اﻵﺛﺎر
وﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﻪ.
و ﻋﻠﯾﻪ ﯾﺳﻌﯽ ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻷﻫداف ﻣن ﺧﻼل اﻻﻫﺗﻣﺎم
-اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎة اﻟﺑﺷر ﺑﺎﻛﺗﺷﺎف ودراﺳﺔ اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣﻧﺎطق اﻟﻌﺎﻟم وﺗﺗﺑﻊ
ﻣﺟرى ﺗطورﻫم واﻧﺗﺷﺎرﻫم ﻋﻠﻰ ﺳطﺢ اﻷرض ﻗﺻد إﻋﺎدة ﺗرﻛﯾب ﺣﯾﺎة واﻧﺟﺎزات اﻟﺷﻌوب
ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﺧﻼل ﻋﺻور ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻛﻠﻣﺎ ﺧﻠﻔﻪ
اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻧذ أن ﺧﻠق ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷرض وذﻟك ﺑﺎﺳﺗﺧدام أﺳﺎﻟﯾب اﻟﻌﻠم اﻟﺣدﯾث )اﻟﺗﺻوﯾر
-اﻛﺗﺷﺎف طﺑﯾﻌﺔ ﺛﻘﺎﻓﺎت اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ ٕواﻋﺎدة ﺑﻧﺎء اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ
ﻟﻠﺷﻌوب ﻣن ﺧﻼل دراﺳﺔ وﻓﺣص اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ وﺗﺣﻠﯾل وﺗﻔﺳﯾر ﻣﺣﺗوﯾﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﯾﺎﻗﻬﺎ
اﻟزﻣﻧﻲ واﻟﻣﻛﺎﻧﻲ ﺑﻘﺻد اﺷﺗﻘﺎق اﻟﺗﺳﻠﺳل اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻟﻺﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ودراﺳﺔ ﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎن وﺑﯾﺋﺗﻪ.
وﯾﻣﻛن أن ﻧﻠﺧص ﻣراﺣل ظﻬور وﻧﺷﺄة وﺗطور ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ :
اﻫﺗم ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ ﻧﺷﺄﺗﻪ ﺑوﺻف ﻣﺎ ﺧﻠﻔﻪ اﻹﻧﺳﺎن ﻣن أﺷﯾﺎء وﻓﻧون ﻣﺗﻌددة
اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻘدﯾم ،ﻫذا اﻻﻫﺗﻣﺎم ﻟم ﺗﻛن ﻟﻪ طرﯾﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ أو أﺳﻠوب ﻣﻣﯾز .وﺑﻬذا
12
ﯾﻣﻛن ﻟﻧﺎ أن ﻧﻘول ﺑﺄن ﻫﯾرودوت ﻫو أب ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻣن ﺧﻼل أﺛرﻩ اﻟﻣوﺳوم
"اﻹﻟﯾﺎذة واﻷودﯾﺳﺔ"؛ إذ ﻗدم ﻟﻧﺎ ﺑﻌض اﻷوﺻﺎف واﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ وﻧﻘﻠﻧﺎ إﻟﻰ
وﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ ظﻬرت ﺟﻬود ﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﺑﺄﻛﺛر ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ وﻋﻣﻠﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل
ﺟﻣﻌﻬم ﻟﻠﻧﺻوص اﻷﺻﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﺗﻬﺎ اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ واﺟﺗﻬدوا ﻋﻠﻰ ﺣل
اﻵﺛﺎر ﻣن ﻣواﻗﻌﻬﺎ اﻷﺛرﯾﺔ ﺑﺄﯾدي ﺑﻌض اﻟﻌﻠﻣﺎء ﺣﯾﻧﺎ وﺑﻌض اﻟﻣﻐﺎﻣرﯾن ﺣﯾﻧﺎ آﺧر.
وﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ ﺛﺎﻟﺛﺔ اﻧﺗﻘﻠت اﻫﺗﻣﺎﻣﺎت ﻋﻠم اﻵﺛﺎر إﻟﻰ ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﺣﻠﯾل واﻟﺗﻌﻠﯾل ٕواﻋﺎدة
وﺗﻐﻠﻐل ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻣن ﺛم ﺑﯾن ﻣﻌﺎﻟم اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﻣﺗﻌددة ،واﻧﺟذب ﻓﻲ
ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن إﻟﻰ اﻟﺳﻌﻲ ﺧﻠف أﺻول وأﻋراق ﻫذﻩ اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﺗﻲ ﻋﻛﺳت
وﺣدة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وأﺧوة اﻟﺑﺷر واﻟﺣﺿﺎرات رﻏم اﺧﺗﻼف اﻷﺟﻧﺎس واﻟﻠﻐﺎت واﻟﻣواﻗﻊ.
اﻟﻛﺷف ﻋن اﻵﺛﺎر ﺗﻌود إﻟﻰ ﻗﺑل ﻫذا اﻟﻌﺻر ﺑﺂﻻف اﻟﺳﻧﯾن؛ ﺣﯾث ﻧﺟد أن اﻟﻣﻠك
"ﻓﺎﺑوﻧﯾد" آﺧر ﻣﻠوك ﺑﺎﺑل أﻣر ﺑﺎﻟﺣﻔر ﻓﻲ ﻣوﻗﻊ اﻟﻬﯾﻛل ﻗدﯾم ﯾﺳﺑق ﻋﻬدﻩ ب3200
13
وﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺧﺎﻣس ﻗﺑل اﻟﻣﯾﻼد وﺟدت إﺷﺎرات أﺛرﯾﺔ ﻟﺑﻌض ﻣؤرﺧﻲ اﻟﯾوﻧﺎن؛
ﻛﻬوﻣﯾروس اﻟذي ﯾﻌد أول ﻣن ﻗدم ﻟﻧﺎ ﻣﻌطﯾﺎت وﺻﻔﯾﺔ ﻟﻣﻌﺎﻟم أﺛرﯾﺔ .وﻓﻲ اﻟﻘرن
اﻷول ﻣﯾﻼدي اﻫﺗم اﻟﻣؤرﺧون ﺑﺎﻵﺛﺎر ﻣﺛل؛ اﻟﻛﺎﺗب ﺑﻠﯾﻧوس وﯾدور اﻟﺻﻘﻠﻲ واﺳﺗراﺑو
وﻓﯾﺗروﻓﯾوس.
ﻛﻣﺎ اﻫﺗم اﻟﻣﻠوك واﻷﺑﺎطرة أﯾﺿﺎ ﺑﻌﻠم اﻵﺛﺎر وﻗد ﺳﺑق ﻟﻧﺎ وأن ذﻛرﻧﺎ ﻣﻠك ﺑﺎﺑل
اﻟﻣﻠك "ﻧﺎﺑوﻧﯾد" وﻣﻧﻬم أﯾﺿﺎ" :ﻗﯾﺻر ﯾوﻟﯾوس" اﻟذي ﻛﺎن ﻣوﻟﻌﺎ ﺑﺟﻣﻊ اﻟﺗﺣف
اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺧﺎﺻﯾﺔ اﻷﺣﺟﺎر اﻟﻛرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧﻘوﺷﺔ ،وﻛذﻟك "ﻫﺎدرﯾﺎن" اﻟذي ﻗﺎم ﺑﺗﺟدﯾد
وﺗزﯾﯾن ﻣﻧﺷﺂت ﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ﻛﺑرى إﻏرﯾﻘﯾﺔ ،وﻛﺎن ﯾﺣﺗﻔظ ﺑﺎﻟرﺳوم ﻓﻲ ﻣﺑﻧﻰ ﻗﺻرﻩ
ﺑﺎﻟﻣدرﺳﺔ واﻷﻛﺎدﯾﻣﯾﺔ ورواق ﻗﺻرﻩ ،وﻫو أول ﻣن أﻧﺷﺄ ﻣﺗﺣﻔﺎ ﻟﻠﻬﻧدﺳﺔ اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ
وﻓﻲ اﻟﻘدﯾم ﻛﺎن ﯾﻧظر إﻟﻰ اﻵﺛﺎر ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺑﻘﺎﯾﺎ وﺛﻧﯾﺔ ﯾﺟب ﻋدم اﺣﺗراﻣﻬﺎ؛ ﺑل ﻋﻧد
اﻟﺑﻌض ﻛﺎن ﯾﺳﺗﺑﺎح ﺗﻬﺷﯾﻣﻬﺎ وﺗﻛﺎد ﻫذﻩ اﻟﻧظرة أن ﺗﻛون ﻣوﺟودة ﻋﻧد اﻟﻌرب ﻓﻲ
اﻟﻣراﺣل اﻷوﻟﻰ ﻟﻺﺳﻼم ،إﻻ أﻧﻧﺎ ﻧﺟد ﺑﻌض اﻻﻫﺗﻣﺎم ﻣن اﻟﻣؤرﺧﯾن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن
ﯾﻧﺳﺑوﻧﻬﺎ أﺣﯾﺎﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺟن أو إﻟﻰ ﺳﻠﯾﻣﺎن اﻟﻧﺑﻲ أو ﻗوم ﻋﺎد وﻣﻧﻬﺎ ﺟﺎءت ﺗﺳﻣﯾﺗﻬﺎ
ﺑﺎﻟﻌﺎدﯾﺎت .وﻣن ﻫؤﻻء اﻟﻣؤرﺧﯾن ﻧذﻛر ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل :اﺑن ﻋﺳﺎﻛر واﺑن اﻟﻌدﯾم
واﺑن ﺷداد واﻟﻣﻘرﯾزي .وﻣن اﻟﺟﻐراﻓﯾﯾن اﻟذﯾن اﻫﺗﻣوا ﺑﺎﻵﺛﺎر ﻧذﻛر اﻟﻣﻘدﺳﻲ واﺑن
14
رﺳﺗم واﻹدرﯾﺳﻲ .وﻣﻧﻬم ﻣن دﻋﺎ إﻟﻰ ﺣﻔظ اﻵﺛﺎر واﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﻬﺎ ﻛﺟزء ﻣن ﺗراث
اﻷﻣﺔ ﻛﺎﺑن ﺧﻠدون وﻋﺑد اﻟﻠطﯾف اﻟﺑﻐدادي .واﻫﺗم اﺑن ﻓﺿل اﷲ اﻟﻌﻣري ﺑﺂﺛﺎر
ﻣﺻر وﺧﺎﺻﺔ أﻫراﻣﺎﺗﻬﺎ وأﻟف ﻛﺗﺑﺎ ﺗﺣدث ﻋن ﻋﺟﺎﺋﺑﻬﺎ وﺣﺳن ﺻﻧﻌﺗﻬﺎ .ﻛﻣﺎ أﻟف
اﻟﻬﻣذاﻧﻲ ﻛﺗﺑﺎ ﻋن آﺛﺎر اﻟﯾﻣن واﻫﺗم اﻷزرﻗﻲ ﺑﺂﺛﺎر ﻣﻛﺔ ،وأﻟف ﻋن آﺛﺎر ﻓﺎرس
ﺣﻣزة اﻷﺻﺑﻬﺎﻧﻲ
ﺣوﻟﻬم؛ ﺛم ﺑدأ اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺂﺛﺎر اﻟﺷﻌوب اﻷﺧرى ﻣﻊ ظﻬور اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ
ﺑﻼد اﻟﺷرق ﻋﻠﻰ ﯾد اﻟﺣﻣﻼت اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ واﻻﻧﺟﻠﯾزﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺣﻣل ﻣﻌﻬﺎ ﻋﻠﻣﺎء
ﻋرف ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺗطو ار ﻛﺑﯾ ار ﻋﻧد ﺑداﯾﺔ اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﻧﻘﯾب؛ إﻻ أن ﻫذﻩ
اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت ﻛﺛﯾ ار ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻻ ﺗﺧﻠو ﻣن اﻷﺧطﺎء ،وﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﺧرﯾب اﻟذي ﻛﺎن
ﯾﻠﺣق ﺑﺎﻟﻣواﻗﻊ ﺟراء اﻟﺣﻔر إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻻﻗﺗﺻﺎر ﻋﻠﻰ اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺗﺣف اﻟﺛﻣﯾﻧﺔ ﻋن
ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻠﻘﻰ اﻷﺛرﯾﺔ اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺣت ﺗﻌد ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟﺣدﯾث ذات
أﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻻ ﺗﻘل ﻋن ﺗﻠك اﻟﺗﺣف ،ﺣﯾث أﺻﺑﻊ ﻋﺎﻟم اﻵﺛﺎر ﻻ ﯾﻔرق ﺑﯾن ﺗﺣﻔﺔ
ﻣن طﯾن وﺗﺣﻔﺔ ﻣن ذﻫب وﺑﯾن ﺑﻘﺎﯾﺎ ﻋظﻣﯾﺔ وأﺧرى ﻓﺿﯾﺔ وﺑﯾن ﺑﻘﺎﯾﺎ ﺣﺟرﯾﺔ
15
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﻌﻠوم اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻌﻠم اﻵﺛــــــــــــــــــــــــﺎر
ﻟﻘد ﻛﺎن ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻓﻲ ﺑداﯾﺗﻪ اﻷوﻟﻰ ﻋﺑﺎرة ﻋن وﺻف ﻟﻠﻌﻣﺎﺋر واﻷطﻼل اﻟﻘدﯾﻣﺔ
واﻟﻣداﻓن اﻟﺿﺧﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﻘﯾت ظﺎﻫرة ﻟﻠﻌﯾﺎن ﻓوق اﻷرض وﻗﺎوﻣت ﻋواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻣر
اﻟﻌﺻور ،ﺛم أﺻﺑﺢ ﻋﻠﻣﺎ ﻣﺳﺗﻘﻼ وﻣﺗﻣﯾ از ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟوﺛﺎﺋق اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ ﺑﻼ ﺗﺣدﯾد
وﯾﺳﺗﻔﯾد ﻣن ﻛل اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﺗﻘدﻣﻬﺎ اﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى وﻣﻌطﯾﺎﺗﻬﺎ .ﻫذﻩ اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن اﻟﻌﻠوم
ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر وﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﻪ ﻗﺎد إﻟﻰ اﻟﺗﺣول ﻓﻲ ﺗطور ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة ،وأدى
إﻟﻰ اﻧﻘﺳﺎم ﻓﻛري و ﻣﻧﻬﺟﻲ ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻵﺛﺎر ﺑﯾن ﻣدرﺳﺔ أﺛرﯾﺔ ﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ وﻣدرﺳﺔ ﺗﺟدﯾدﯾﺔ.
ﻓﻔﻲ اﻟﺳﺎﺑق ﻛﺎن ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر ﯾﻌﺗﻣدون ﻓﻲ ﺗﺻﻧﯾف اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺎت اﻷﺛرﯾﺔ و ﺗﺑوﯾﺑﻬﺎ
واﻟﺗﻘرﯾب ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ،وﻟﻛن ﺑﻌد اﻛﺗﺷﺎف طراﺋق اﻟﺗﺄرﯾﺦ اﻟﺣدﯾﺛﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ أﺻﺑﺢ ﻓﻲ ﯾد
ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟﻣﺛﻠﻰ ﻓﻲ ﺣل ﻣﺷﻛﻠﺔ ﺗﺣدﯾد زﻣن اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟذي ﯾﺷﻛل ﻋﻧﺻ ار
ﻣﻬﻣﺎ ﻣن أﻫداف اﻟﺑﺣث واﻟﺗﻧﻘﯾب اﻷﺛري .ﻛﻣﺎ اﺳﺗﻔﺎد ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻣن ﻋﻧﺎﺻر ﺟدﯾدة ﻓﻲ
ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻠوم اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﯾﺔ واﻟﻛﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ واﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،ﻣﺛل ﻋﻠم اﻟﻧﺑﺗﺎت وﻋﻠم اﻟﺣﯾوان وﻋﻠم اﻟﺑﯾﺋﺔ،
وأﺻﺑﺣت ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻌﻠوم أداة ﻣﻬﻣﺔ ﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﻌطﯾﺎت واﻟﻣﺳﺎﺋل اﻷﺛرﯾﺔ ،ﻣﺛل ﻣﻌرﻓﺔ
ﺗطوراﻟزراﻋﺔ وﺑداﯾﺔ ﺗﻬﺟﯾن اﻟﺣﯾوان واﺧﺗﻼف اﻟﻣﻧﺎخ اﻟطﺑﯾﻌﻲ وﺗطوراﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣدى اﻷزﻣﻧﺔ
اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ.
16
أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻻﺗﺟﺎﻩ ﻟﻠﻌﻠم ﻣؤﺧ ار ﻓﻲ اﻟﻛﺷف ﻋن اﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﻻزاﻟت ﻣﺣﻔوظﺔ ﻓﻲ
ﺑﺎطن اﻷرض ﻓﺈن ﻫﻧﺎك اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ،إذ أن اﻟﺑﺣث ﻋن
اﻵﺛﺎر ﻛﺎن وﻻ زال ﯾﻌﺗﻣد ﺑﺷﻛل ﻛﻠﻲ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻟﺣﻔر اﻟﯾدوي اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب اﻟوﻗت واﻟﺟﻬد
واﻟﻣﺎل ،وظل اﻷﻣر ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺣﺎل إﻟﻰ أن اﺗﺟﻪ ﺑﻌض اﻟﻌﻠﻣﺎء واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻣؤﺧ ار إﻟﻰ اﻟﻌﻠم
اﻟﺣدﯾث ﻟﯾﺳﺎﻋدﻫم وﯾﺳﻬل ﻋﻣﻠﻬم ،واﻫﺗﻣوا ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷﺟﻬزة اﻟﺗﻲ ﺗدل ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺎﻛن
ﻓﻲ وﺟود اﻵﺛﺎر .وﻗد ﺣدث اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻋﻧدﻣﺎ وﺟﻪ اﻟﻌﻠم ﺑﺣوﺛﻪ
ودراﺳﺎﺗﻪ إﻟﻰ اﻷﻣور ﻏﯾر اﻟﻣﺣﺳوﺳﺔ وﻻﺳﯾﻣﺎ اﻟﻣوﺟﺎت اﻟﻛﻬروﻣﻐﻧﺎطﯾﺳﯾﺔ واﻷﺷﻌﺔ اﻟﺳﯾﻧﯾﺔ
واﻟﻛوﻧﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻻت داﺋﺑﺔ ﻟﻺﻓﺎدة اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ ،و ﻗد ﺗم اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن
اﻹﻧﺟﺎزات ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ،وﻛﺎن ﻣن ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻫذا أن ظﻬرت اﻟﻌﻠوم اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻟﻠﻛﺷف ﻋن
اﻵﺛﺎر أو اﻟﻛﻧوز اﻟﻣدﻓوﻧﺔ ﻓﻲ ﺑﺎطن اﻷرض ﻣن دون اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺣﻔر اﻟﯾدوي،
إن اﻟﺗوﺟﻪ اﻟﺟدﯾد ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﯾﺳﻌﻰ إﻟﻰ وﺿﻊ أﺳس ﻣﻧﻬﺟﯾﺔ ﻟﻠﺑﺣث اﻷﺛري
اﻟﻣﺗﻌدد اﻟﺟواﻧب اﻟذي ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﻪ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻌﻠوم واﻟﺗﻘﻧﯾﺎت .وﻫو ﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ اﻟﺳﻣﺎح
ﻟﻌﻠم اﻵﺛﺎر ﺑﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻣﺎدة أو اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻷﺛرﯾﺔ ﺑدراﺳﺗﻬﺎ ﺿﻣن اﻹطﺎر اﻟﺑﯾﺋﻲ واﻟﻣﻌﯾﺷﻲ
اﻟﻛﺎﻣل ﻟﻺﻧﺳﺎن ،ﻣن ﺣﯾث اﻟﺗﺿﺎرﯾس اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻟﻠﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﻛﻧﻬﺎ واﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻣن
17
ﻣﺎء وﻧﺑﺎت وﺣﯾوان وﻣﻌﺎدن وﻏﯾرﻫﺎ واﻟﻣﻧﺎخ و ﻣﺗﻐﯾراﺗﻪ ،و ﻟﺗطﺑﯾق ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﯾﺟب ﺗوﻓﯾر
وﯾﻣﻛن ﺗﺻﻧﯾف اﻟﻌﻠوم اﻟﻣﺳﺎﻋدة إﻟﻰ ﻓﺋﺗﯾن :اﻟﻌﻠوم اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل
اﻟﻌﻠوم اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ واﻟﻌﻠوم اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ و اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،واﻟﻌﻠوم اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل
18
ﺛﺎﻧﯾﺎ -اﻟﻌﻠوم اﻟﻘدﯾﻣﺔ:
ﻋﻠم اﻟﺗﺎرﯾﺦ:
إذا ﻛﺎن ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﯾﻬﺗم ﺑﺎﻟدراﺳﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑدأ ﻣﻊ
ﺻﻧﻊ أول ﻣﺎدة ﻣن ﻗﺑل اﻹﻧﺳﺎن ﻓﺈن ﻋﻠم اﻟﺗﺎرﯾﺦ 1ﯾﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻲ ﺑدأت ﻣﻊ ﺑداﯾﺔ
اﻟﺗدوﯾن و اﺧﺗراع اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻗﺑل ﻣﻧذ اﻷﻟف اﻟراﺑﻊ ق.م و ﺣﺗﻰ ﯾوﻣﻧﺎ ﻫذا.
ﯾﻌﻧﻰ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺑدراﺳﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻧذ ﺑداﯾﺔ ظﻬورﻩ ﻛﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ ﺑدراﺳﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن
اﻷدوات اﻟﺗﻲ ﺻﻧﻌﻬﺎ واﻷﺳﻠﺣﺔ اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻌﻣﻠﻬﺎ واﻟﻛﻬوف واﻟﻣﻧﺎزل اﻟﺗﻲ ﻋﺎش ﻓﯾﻬﺎ ،واﻟﻘﺑور
اﻟﺗﻲ ﺣوت رﻓﺎﺗﻪ واﻟﻣﻌﺎﺑد اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑد ﻓﯾﻬﺎ واﻟﻛﺗﺎﺑﺎت اﻟﺗﻲ دون ﺑﻬﺎ أﻋﻣﺎﻟﻪ وﻏﯾر ذﻟك ﻣﻣﺎ
ﯾﻌﺛر ﻋﻠﯾﻪ ﻋﺎﻟم اﻵﺛﺎر ﻓوق ﺳطﺢ اﻷرض أو ﻓﻲ ﺑﺎطﻧﻬﺎ ﻣن ﺑﻘﺎﯾﺎ اﻹﻧﺳﺎن وﻣﺧﻠﻔﺎﺗﻪ.
ﻓﺎﻟﻣﺎﺿﻲ إذن ﻫو ﻣﺟﺎل ﺑﺣث ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،وﯾﺷﻣل ﻫذا اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻛل اﻟﻌﺻور واﻷزﻣﻧﺔ
اﻟﺗﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺗﻲ وﺟدت ﺑﻘﺎﯾﺎﻫﺎ ﻓﻲ أوروﺑﺎ وأﻓرﯾﻘﯾﺎ وآﺳﯾﺎ .وﯾﺗﺗﺑﻊ ﻋﺎﻟم اﻵﺛﺎر ﻛل
ﻫذﻩ اﻟﻣﺧﻠﻔﺎت ﺧﻼل ﺣﻘب اﻟزﻣن وﯾﻘﺎرن ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺑﺎﻵﺧر وﯾﺣدد ﻋﺻورﻫﺎ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﺗطور ﺣﯾﺎة
ﻣﻌﺗﻣدا ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺗﻘﺳﯾم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﺳﺗﺧدﻣﻬﺎ إﻧﺳﺎن ﻫذﻩ اﻟﻌﺻور وأدواﺗﻪ،ﺛم
ﯾﻘﺳم ﺗﻠك اﻟﻌﺻور ذاﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﺣﻘب وأزﻣﻧﺔ طﺑﻘﺎ ﻟﻠﺗطور ﻓﻲ اﻷدوات وطرازﻫﺎ وأﻧﻣﺎطﻬﺎ
1
-ﻟم ﯾﻛن ھﻧﺎك ﻗﺑل ﻋﮭد اﻟﯾوﻧﺎن ﺗﺎرﯾﺦ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻔﮭوم ،ﻷن ﻛﻠﻣﺔ ﺗﺎرﯾﺦ Historyﺗﻌﻧﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟزﻣن ووﺻف ﻣﺟرﯾﺎت اﻟﺣوادث اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ
ﻓﯾﮫ ،و ﻗد أطﻠﻘت ﻣن ﺛم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﮭد اﻟﺛﺎﺑت اﻟذي ﯾؤرخ ﺑﮫ اﻟﯾوم ﻣﺛل اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﯾﻼدي أو اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﮭﺟري أو ﻧﺣوھﻣﺎ ،و ﻟم ﺗظﮭر ھذه اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻓﻲ
اﻟﻠﻐﺎت اﻷورﺑﯾﺔ إﻻ ﺑﻌد أن أطﻠق اﻟﻣؤرخ اﻟﯾوﻧﺎﻧﻲ اﻟﺷﮭﯾر ھﯾرودوت ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺧﺎﻣس ﻗﺑل اﻟﻣﯾﻼد ﻛﻠﻣﺔ Historaو ﺗﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ اﻟﺑﺣث
واﻟﺗﺣري ﻋن أﺣداث اﻟﻣﺎﺿﻲ و ﺗﺳﺟﯾل ھذه اﻷﺣداث و ﺗﺣﻠﯾﻠﮭﺎ ،و ﻗد ﺗطﺎﺑﻘت اﻟﻛﻠﻣﺔ ﺑﮭذا اﻟﻣﻔﮭوم ﻣﻊ ﻣﺎ ذﻛره اﻟﻣؤرخ اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺷﮭﯾر اﺑن
ﺧﻠدون ﺑﻌد دﻟك ﺑﻛﺛﯾر ﻋﻧدﻣﺎ ﻋرف اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺗﮫ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺑﺣث و ﻧظر و ﺗدﻗﯾق و ﺗﻣﺣﯾص ﻓﻲ أﺣداث اﻟﻣﺎﺿﻲ ،و ﻣن ھﻧﺎ ﻓﮭو ﺳﺟل ﻟﮭدا
اﻟﻣﺎﺿﻲ ﯾﻣﻛن ﻣن ﺧﻼﻟﮫ دراﺳﺔ ﺗطور اﻹﻧﺳﺎن ،و ﻣﺎ أﺣدﺛﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣن ﻣﻧﺟزات ﺣﺿﺎرﯾﺔ و ﻣﺎدﯾﺔ أو روﺣﯾﺔ.
19
وزﺧﺎرﻓﻬﺎ ،ﺣﺗﻰ إذا ﻋرف اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺣدد ﻋﺎﻟم اﻵﺛﺎر ﺑﻬذﻩ اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺑدأ اﻟﻌﺻر
وﻣﻊ ﺑداﯾﺔ اﻟﻌﺻر اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﯾﻠﺗﻘﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻋﻠم اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟذي ﯾﻌﺗﻣد ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺔ
اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻋﻠﻰ اﻟوﺛﺎﺋق اﻟﻣدوﻧﺔ ،أﻣﺎ ﻣﺎ ﻗﺑل ذﻟك ﻓﯾﻌﺗﻣد ﻓﻲ دراﺳﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻘدﻣﻪ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر
ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻟﻠﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑدأت ﻓﻲ وادي اﻟﻧﯾل وﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻧﻬرﯾن ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻧﻲ واﻟﺛﻼﺛﯾن ﻗﺑل
اﻟﻣﯾﻼد ،ﻧﺟد أن ﺣﻘﺑﺔ اﻟﻌﺻور اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻻ ﺗﻌدو ﺳﺗﺗﻪ آﻻف ﺳﻧﺔ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﻘدر ﻋﻣر
اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺑﻧﺣو ﻋﺷرة ﻣﻼﯾﯾن ﺳﻧﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻣﯾز ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻣن ﻏﯾرﻩ ﻣن
واﻣﺗد ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة إﻟﻰ اﻟﻛﺷف ﻋن اﻵﺛﺎر اﻟﻣوﺟودة ﺗﺣت اﻟﻣﺎء
ﻣن ﺣطﺎم اﻟﺳﻔن اﻟﻐﺎرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣﺎر واﻟﻣﺣﯾطﺎت أواﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﺑﺷرﯾﺔ واﻟﺣﯾواﻧﯾﺔ واﻟﻣﻧﺷﺂت
اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻏﻣرﺗﻬﺎ اﻟﻣﯾﺎﻩ ،ﻛﻣﺎ اﻣﺗد إﻟﻰ أﺑﻌد ﻣن ذﻟك ﺣﯾن ﺷﻣﻠت اﻫﺗﻣﺎﻣﻪ اﺛﺎر اﻟﺛورة
و إذا ﻛﺎن ﻋﻠم اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻓﻲ ﻣﻌﺎرﻓﻪ ﻋن ﻋﺻور ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ
ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺗﻣد ﻣﻧﻪ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻋن اﻟﻌﺻور اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ أﯾﺿﺎ وﻣﺎ ﯾﻘدﻣﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﻣن
ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ وﺣﺿﺎرﯾﺔ ﻓﺈن اﻟﻌﻠﻣﯾن ﯾﺗﻔﻘﺎن ﻣﻌﺎ ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﺑﺣث ،إذ أن ﻛﻼ ﻣﻧﻬﻣﺎ
20
ﯾﻌﻧﻲ ﺑﺟﻣﻊ اﻟﺣﻘﺎﺋق وﺗرﺗﯾﺑﻬﺎ وﺗﺻﻧﯾﻔﻬﺎ وﺗﺣﻠﯾﻠﻬﺎ وﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ،وﻟﻛﻧﻬﻣﺎ ﯾﺧﺗﻠﻔﺎن ﻣن ﺣﯾث
اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻣؤرخ ﻋﻠﻰ اﻟوﺛﺎﺋق اﻟﻣدوﻧﺔ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﺎﻟم اﻵﺛﺎرﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﻲ ﺧﻠﻘﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن
وﺗطورﻫﺎ ودﻻﻻﺗﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﺻور ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ ،ﻛﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ ﻋﺎﻟم اﻵﺛﺎر ﺑﻛل ﻛﺑﯾرة
وﺻﻐﯾرة ﻣﻣﺎ ﯾﻌﺛر ﻋﻠﯾﻪ ﻷﻧﻪ ﯾﺟد ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺎدﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﯾﺑﻧﻲ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﻌﻠوﻣﺎﺗﻪ وﯾرﺗب اﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎﺗﻪ.
و ﻗد أدى اﻟﻌﺛور ﻋﻠﻰ آﺛﺎر ﻣﺻرﯾﺔ ﻣﺣددة اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺑﯾن آﺛﺎر ﻛرﯾت اﻟﻣﯾﻧوﯾﺔ ،ﻧﺳﺑﺔ
إﻟﻰ اﻟﻣﻠك ﻣﯾﻧوس اﻟذي ﺣﻛم ﻣدﯾﻧﺔﻛﻧوﺳوس إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ ﻫذﻩ اﻵﺛﺎر وﺗﺎرﯾﺦ آﺛﺎر أﺧرى
ﻣﺷﺎﺑﻬﺔ وﺟدت ﺑﻌﯾدا ﻋن ﻗﺻر ﻛﻧوﺳوس ﺑﻌد أﻣﯾﺎل .ﻛﻣﺎ أدى اﻟﻌﺛور ﻓﻲ ﺗرﺑﺔ ﺟﺎﻓﺔ
ﺑﻣدﯾﻧﺔ أور ﺑﺎﻟﻌراق ﻋﻠﻰ طﺑﻌﺔ ﻗﯾﺛﺎرة ﻣن اﻟﺧﺷب ﺑﻠﯾت ﺗﻣﺎﻣﺎ إﻟﻰ ﺗﺷﻛﯾل ﺗﻠك اﻟﻘﯾﺛﺎرة اﻟﺗﻲ
ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ ﻋﺻر ﺣﺿﺎرة اﻟﺳوﻣر و ﻣﻌرﻓﺔ أدق أﺟزاﺋﻬﺎ .أﻣﺎ اﻟﻣؤرخ ﻓﻼ ﺗﻌﻧﯾﻪ دﻗﺎﺋق
اﻷﺷﯾﺎء و إﻧﻣﺎ ﯾﻌﻧﻰ ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﯾدﻩ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟذي ﯾﻛﺗﺑﻪ ،ﻓﻼ ﯾﻬﺗم
ﺑﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺗﻔﺎﺻﯾل اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ﻟﻘﺻر أوﻗﻠﻌﺔ إﻧﻣﺎ ﺗﻬﻣﻪ ﻣﻌرﻓﺔ ﺑﺎﻧﻲ اﻟﻘﺻر أو اﻟﻘﻠﻌﺔ ﻣﺛﻼ.
وﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺈن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺗﺎرﯾﺦ و اﻵﺛﺎر ﻻ ﺗﻧﺣﺻر ﻓﻲ أن اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺑﺣﺿﺎرة
اﻹﻧﺳﺎن ﻫﻲ ﺣﺻﯾﻠﺔ ﺗﺗراﻛم ﻋﻠﻰ ﻣر اﻟزﻣن ،وﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ اﻵﺛﺎر ﻋﻠﻰ ﻣدﻫﺎ ﺑﺎﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت،
ﻷن اﻟﻣؤرخ ﻻ ﯾﺟﺎﺑﻪ ﻫذا اﻟﻣﺎﺿﻲ ﺑﻣﻔردﻩ ﻣﺑﺎﺷرة ،إﻧﻣﺎ ﯾﺟﺎﺑﻬﻪ ﻋن طرﯾق اﻵﺛﺎر
واﻟﻧﺻوص اﻟﺗﻲ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﻫذا اﻹﻧﺳﺎن ،وﻋﻠﺔ اﻵﺛﺎر ﻫو اﻟﻌﻠم اﻟذي ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﺟﻣﻊ ﻫذﻩ
21
إن اﻵﺛﺎر و اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺻﻧوان ﻓﻬﻣﺎ ﯾﺑﺣﺛﺎن ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﺻور ،إن ﺗﺟﻣﻊ ﺟﻬود ﺗﺎرﯾﺦ
اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎرة و ﺗﻛﻣن ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻣن ﺗﺗﺑﻊ ﺣرﻛﺎت اﻟﺷﻌوب وأﺧﺑﺎرﻫم
وﺣروﺑﻬم واﻧﺗﺻﺎراﺗﻬم وﻣﻌﺗﻘداﺗﻬم اﻟدﯾﻧﯾﺔ وﻋﺎداﺗﻬم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﻟﻣﺎ ﻗرأت ﻛﺗﺎﺑﺎﺗﻬم اﻟﻘدﯾﻣﺔ
أﻣﻛن ﻣﻌرﻓﺔ ﺷﻲء ﻋن أﻓﻛﺎرﻫم أﯾﺿﺎ ،وﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟوﺛﯾﻘﺔ ﺑﯾن ﻋﻠم اﻵﺛﺎر واﻟﺗﺎرﯾﺦ.1
-2ﻋﻠم اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ:
ﯾرﺗﺑط ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺑﻌﻠم اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ وﻓروﻋﻪ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗدرس طﺑﯾﻌﺔ اﻷرض وﺗﺿﺎرﯾﺳﻬﺎ واﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﺣث ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻹﻧﺳﺎن
ﺑﺎﻷرض اﻟﺗﻲ ﯾﻌﯾش ﻋﻠﯾﻬﺎ وﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟﻣدن وﺣدودﻫﺎ وﺣﺎﺻﻼﺗﻬﺎ وﻣﺎ ﻛﺎن ﯾوﺟد ﺑﻬﺎ وﯾﻌﺑد
وﻋﻼﻗﺔ اﻵﺛﺎر ﺑﺎﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻗوﯾﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﺣدد اﻟوﺳط اﻟطﺑﯾﻌﻲ واﻷﻗﺎﻟﯾم اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﻋﺎش ﺑﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن وﻣﺎرس ﻧﺷﺎطﺎﺗﻪ ﻋﺑر اﻟزﻣن واﻷﺣوال اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺳﺎﺋدة
آﻧذاك ،ﻣن ﺣﯾث اﻟﺣ اررة واﻟرطوﺑﺔ واﻟﺟﻔﺎف وﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺣﯾواﻧﺎت اﻟﺑرﯾﺔ واﻷﻟﯾﻔﺔ اﻟﻧﺑﺎﺗﺎت
اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟزراﻋﯾﺔ ودراﺳﺔ اﻟﻣﺗﺣﺟرات ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻣن اﻷﻣور اﻟﻣﻬﻣﺔ واﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﺗﻲ
ﻻ ﻏﻧﻰ ﻋﻧﻬﺎ ﻟدراﺳﺔ آﺛﺎر ﻋﺻور ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ .ﻛﻣﺎ إن ﻋﻠم اﻵﺛﺎر أﺧذ ﻣﺑدأ ﺗﻌﺎﻗب
اﻟطﺑﻘﺎت ﻣن ﻋﻠم اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟذي ﯾﺳﺎﻋد ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻋﻣر اﻟﺻﺧور ﻓﻲ ﻣﻧﺎطق اﻷﻧﻬﺎر
1
- Toynbee A., 1947, A study of history, oxford.
22
واﻟﺑﺣﺎر واﻟﻛﻬوف ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺎﻋد ﻓﻲ إﯾﺟﺎد ﺗﻔﺎﺳﯾر ﻟوﺟود اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺑﻌﯾد
ﻛﺎﻧت ﻧظم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ أداة ﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻣﻧذ أواﺋل اﻟﺗﺳﻌﯾﻧﯾﺎت ﻓﻲ
اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ وﻋﻠوم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ .ﺗم اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻧظم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت
ﻣﻛﺎﻧﯾﺎ.
ً ﻣﻛوﻧﺎ
اﻟﻣﻛﺎﻧﻲ ﻟﻠﺳﻠوك اﻟﺑﺷري ﺑﻣرور اﻟوﻗت ،وﻛل ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﯾﺣﻣل ً
ﻧظر ﻷن ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﯾﻧظر إﻟﻰ ﺗطور اﻷﺣداث اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ
و ًا
واﻟوﻗت واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،ﻓﺈن ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟدراﺳﺎت اﻷﺛرﯾﺔ ﻏﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﻛﺎﻧﯾﺔ .إن ﻧظم
اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﺑﺎرﻋﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻫذﻩ اﻟﻛﻣﯾﺎت اﻟﻛﺑﯾرة ﻣن اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت ،ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠك
اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ ﺟﻐراﻓﯾﺎً .إﻧﻬﺎ أداة ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺗﻛﻠﻔﺔ ودﻗﯾﻘﺔ وﺳرﯾﻌﺔ .اﻷدوات اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ
ﻣن ﺧﻼل ﻧظم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﺗﺳﺎﻋد ﻓﻲ ﺟﻣﻊ اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت ،وﺗﺧزﯾﻧﻬﺎ واﺳﺗرﺟﺎﻋﻬﺎ ،
واﻟﺗﻼﻋب ﺑﻬﺎ ﻟظروف ﻣﺧﺻﺻﺔ ،وأﺧﯾ ًار ،ﻋرض اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت ﺑﺣﯾث ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻣﺳﺗﺧدم ﻓﻬﻣﻬﺎ
ﺑﺻرﯾًﺎ .وﻣﻊ ذﻟك ،ﻓﺈن أﻫم ﺟﺎﻧب ﻣن ﻧظم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻻ ﯾﻛﻣن
ﻓﻲ اﺳﺗﺧداﻣﻪ ﻛﺄداة ﺧﺎﻟﺻﺔ ﻟرﺳم اﻟﺧراﺋط ،وﻟﻛن ﻓﻲ ﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ دﻣﺞ وﺗﺣﻠﯾل أﻧواع
ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت ﻣن أﺟل إﻧﺷﺎء ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺟدﯾدة .ﻟﻘد أدى اﺳﺗﺧدام ﻧظم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت
اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر إﻟﻰ ﺗﻐﯾﯾر ﻟﯾس ﻓﻘط اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻛﺗﺳب ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر
23
أﯾﺿﺎ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻔﻛر ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر ﻓﻲ اﻟﻔﺿﺎء ﻧﻔﺳﻪ.
اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت وﯾﺗﺻوروﻧﻬﺎ ،وﻟﻛن ً
اﻟﻣﺳﺢ واﻟﺗوﺛﯾق ﻣﻬﻣﺎن ﻟﻠﺣﻔظ وﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،وﻧظﺎم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﯾﺟﻌل ﻫذا
ﻧظم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻛﺄداة ﻟﺻﻧﻊ اﻟﻘرار ﻟﻣﻧﻊ ﻓﻘدان اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ذات اﻟﺻﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد
ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﻣواﻗﻊ واﻟدراﺳﺎت اﻷﺛرﯾﺔ .إﻧﻬﺎ أداة ﻣﻬﻣﺔ ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ اﻟﺗﺧطﯾط اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ٕوادارة
اﻟﻣوارد اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻣوارد ذات اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت ﺣول اﻟﻣواﻗﻊ
ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،ﯾزﯾد ﻧظﺎم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻣن اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ رﺳم اﻟﺧراﺋط
وﺗﺳﺟﯾل اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت ﻋﻧد اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﻣﺑﺎﺷرة ﻓﻲ ﻣوﻗﻊ اﻟﺣﻔرﯾﺎت .ﯾﺳﻣﺢ ﻫذا ﺑﺎﻟوﺻول اﻟﻔوري
إﻟﻰ اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﺗم ﺟﻣﻌﻬﺎ ﻟﻠﺗﺣﻠﯾل واﻟﺗﺻور ﻛدراﺳﺔ ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ أو ﯾﻣﻛن دﻣﺟﻬﺎ ﻣﻊ
ﻣﺻﺎدر اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻷﺧرى ذات اﻟﺻﻠﺔ ﻟﻠﻣﺳﺎﻋدة ﻓﻲ ﻓﻬم اﻟﻣوﻗﻊ وﻧﺗﺎﺋﺟﻪ ﺑﺷﻛل أﻓﺿل.
ﯾﺗم اﺳﺗﺧدام ﻗدرة ﻧظم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻣذﺟﺔ اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﺣﺗﻣﻠﺔ
واﻟﺗﻧﺑؤ ﺑﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺷﺎرك ﻓﻲ اﺳﺗﺧدام ﻣﺳﺎﺣﺎت ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻣن ﻣوارد
ﺗﺣدﯾدا أن ﯾﺗم
ً اﻷراﺿﻲ ﻣﺛل و ازرة اﻟﻧﻘل .ﯾﺗطﻠب اﻟﻘﺳم 106ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺣﻔظ اﻟوطﻧﻲ
24
اﻟﯾﺎ .ﯾﻣﻛن
ﺗﻘﯾﯾم اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن أﺟل اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﻣﻣوﻟﺔ ﻓﯾدر ً
ﺗﺣدﯾد اﺳﺗﺧدام ﻧظم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻟﺗﻘﯾﯾم اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻛون ﻣوﺟودة أو
ذات أﻫﻣﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧﻣذﺟﺔ اﻟﺗﻧﺑؤﯾﺔ .ﺛم ﯾﺗم اﺳﺗﺧدام ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺎت واﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣن ﻗﺑل
اﻹدارة ﻻﺗﺧﺎذ اﻟﻘ اررات ذات اﻟﺻﻠﺔ واﻟﺗﺧطﯾط ﻟﻠﺗطوﯾر اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻲ .ﯾﺟﻌل ﻧظﺎم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت
اﻵﺛﺎري .ﯾﺳﺎﻋد اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣﻛﺎﻧﻲ داﺧل اﻟﻣوﻗﻊ أو اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺗوزﯾﻌﻲ ﻟﻠﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣوﺟودة
ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﻗﻊ ﻓﻲ ﻓﻬم اﻟﺗﻛوﯾن وﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻐﯾﯾر وﺗوﺛﯾق اﻟﻣوﻗﻊ .ﻫذا ﯾؤدي إﻟﻰ اﻟﺑﺣث
ﻣﺣدودا
ً ﺗﻌرﺿﺎ
ً واﻟﺗﺣﻠﯾل واﻻﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎت .اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻟﻬذا اﻟﻐرض ﺗوﻓر
ﻟﻠﻣوﻗﻊ وﻻ ﺗﻘدم ﺳوى ﺻورة ﺻﻐﯾرة ﻟﻸﻧﻣﺎط ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎﺣﺎت واﺳﻌﺔ .
ﺗُﺳﺗﺧدم ﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﻧﻘﺎط ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻟﻠﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﻣواﻗﻊ اﻟﻧﻘﺎط
وﻟﺗﺣﻠﯾل اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت أو ﻻﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﻧﻘﺎط اﻟﻣﺗﻔرﻗﺔ .ﯾﺗم إﺟراء ﺗﺧطﯾط
اﻟﻛﺛﺎﻓﺔ ﻟﺗﺣﻠﯾل اﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻣوﻗﻊ وﯾﺗم اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء ﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺳطﺢ ﻣن ﺧﻼل إﻧﺷﺎء
اﻷﺳطﺢ ﻣن ﺧﻼل ﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﻧﻘﺎط وﯾﺗم اﺳﺗﺧداﻣﻪ ﻟﻠﻌﺛور ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﻣﺷﻐوﻟﺔ ﻓﻲ
ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﯾﺎﻗﻬﺎ وﺑﯾﺋﺎﺗﻬﺎ .ﯾﺗم ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﺟوﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧﻣذﺟﺔ
25
اﻟﺗﻧﺑؤﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺧدم ﻟﻠﺗﻧﺑؤ ﺑﻣوﻗﻊ اﻟﻣواﻗﻊ واﻟﻣواد ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ .ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ
وطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻧﺑؤ واﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ .ﯾﺳﺗﺧدم ﻫذا ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎم اﻷول ﻓﻲ إدارة اﻟﻣوارد اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ.
GISﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺧزﯾن ﻣﺟﻣوﻋﺎت ﺑﯾﺎﻧﺎت ﻣﺗﻌددة وﻣﻌﺎﻟﺟﺗﻬﺎ ودﻣﺟﻬﺎ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل
اﻟﺗﺣﻠﯾﻼت اﻟﻣﻌﻘدة ﻟﻠﻣﻧﺎظر اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻣﻣﻛﻧﺔ .ﺗﺣﻠﯾل ﻣﺳﺗﺟﻣﻌﺎت اﻟﻣﯾﺎﻩ ﻫو ﺗﺣﻠﯾل ﻣﻧﺎطق
ﻣﺳﺗﺟﻣﻌﺎت اﻟﻣﯾﺎﻩ ،اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﺎﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن اﻟوﺻول إﻟﯾﻬﺎ ﻣﻊ إﻧﻔﺎق وﻗت أو
ﺟﻬد ﻣﻌﯾن .ﺗﺣﻠﯾل ﻣﺟﺎل اﻟرؤﯾﺔ ﻫو دراﺳﺔ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﺎﻟﻣوﻗﻊ واﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن رؤﯾﺗﻬﺎ
ﻣن ذﻟك اﻟﻣوﻗﻊ .ﺗم اﺳﺗﺧدام ﻫذا ﻟﺗﻔﺳﯾر ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻣواﻗﻊ ﺑﻣﺷﻬدﻫﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .اﻟﻣﺣﺎﻛﺎة
ﻫﻲ ﺗﻣﺛﯾل ﻣﺑﺳط ﻟﻠواﻗﻊ ،ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻧﻣذﺟﺔ اﻟظواﻫر ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺗﻐﯾرات اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ
ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة ،أﺻﺑﺢ ﻣن اﻟواﺿﺢ أن ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر ﻟن ﯾﻛوﻧوا ﻗﺎدرﯾن ﻋﻠﻰ
ﺣﺻد اﻹﻣﻛﺎﻧﺎت اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻧظﺎم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ أو أي ﺗﻘﻧﯾﺔ ﻣﻛﺎﻧﯾﺔ أﺧرى إﻻ إذا
أﺻﺑﺣوا ﻋﻠﻰ دراﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣزاﻟق واﻹﻣﻛﺎﻧﺎت اﻟﻣﺣددة اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻷﺛرﯾﺔ وﻋﻣﻠﯾﺔ
اﻟﺑﺣث .ﯾﺣﺎول ﻋﻠم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﻛﺷف ﻋن اﻷﻧﻣﺎط واﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣﻛﺎﻧﯾﺔ واﻟزﻣﺎﻧﯾﺔ
ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر واﺳﺗﻛﺷﺎﻓﻬﺎ .ﯾﻧﺗﺞ ﻋن اﻟﺑﺣث ﻧﺣو ﻧﻬﺞ أﺛري ﻓرﯾد ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت طرق
وﻓﻬﻣﻬﺎ. ﻛﻣﯾﺔ وﺑراﻣﺞ ﻛﻣﺑﯾوﺗر ﻣوﺟﻬﺔ ﺑﺷﻛل ﺧﺎص ﻧﺣو ﺣل اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻷﺛرﯾﺔ
26
-3اﻟﺟﯾوﻟوﺟﯾﺎ و اﻟﺟﯾوﻣورﻓوﻟوﺟﯾﺎ :
اﻟﺟﯾوﻟوﺟﯾﺎ ﻫﻲ دراﺳﺔ ﻋواﻣل اﻟﺗرﺳب واﻟﺣت وﺗﻛون اﻟﺻﺧور وﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن ﻓﺣم أو
ﻣﻌﺎدن أو ﻣﺳﺗﺣﺛﺎت ،ﺗﻘدم ﻓﻛرة ﻋن ﻋﻣر ﻫذﻩ اﻟﺻﺧور وﻋن اﻟﺟو اﻟذي أﻧﺷﺄت ﻓﯾﻪ،
واﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻫذﻩ اﻷﻣور ﯾﻣﻛن ﺗﻌرف ﻋﻣرﻫﺎ اﻟﺗﻘرﯾﺑﻲ أو اﻟﻧﺳﺑﻲ ،و ﻫذﻩ
اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻷوﻟﯾﺔ ﺗﻘدم ﻟﻌﺎﻟم اﻵﺛﺎر ﻗﺎﻋدة ﯾﻧطﻠق ﻣﻧﻬﺎ إﻟﻰ ﻣزﯾد ﻣن اﻟدراﺳﺔ .وﺗرﺗﺑط دراﺳﺔ
اﻟﺟﯾوﻟوﺟﯾﺎ ﺑدراﺳﺔ اﻵﺛﺎر دراﺳﺔ وﺛﯾﻘﺔ ،و ﻣن ﻣﺟﺎﻻت اﻻرﺗﺑﺎط اﻟوﺛﯾق ﺑﯾن اﻟﻌﻠﻣﯾن ﻣﺳﺄﻟﺔ
اﻟرﺻف اﻟطﺑﻘﻲ ﺗﻠك اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌد اﻟﻌﻣﺎد اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﻣواﻗﻊ اﻻﺳﺗﯾطﺎﻧﯾﺔ
اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ واﻟطرﯾﻘﺔ اﻟوﺣﯾدة ﻟﺗرﺗﯾب اﻟﺳوﯾﺎت اﻷﺛرﯾﺔ ﻟﻠﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ زﻣﻧﯾﺎ .ﻫذﻩ
اﻟطرﯾﻘﺔ ﺗﻘﺗﺿﻲ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﺟﯾوﻟوﺟﯾﺎ وﺟود ﺗﻌﺎﻗب طﺑﻘﻲ ﻟﻸرض ﺑﻣوﺟﺑﻪ ﯾﻛون اﻷﺳﻔل
أﻛﺛر ﻗدﻣﺎ وﻫﻛذا .أﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻓﺗﻘول اﻟطرﯾﻘﺔ أن اﻷﺳﻔل ﻫو اﻷﻗدم اﺳﺗﯾطﺎﻧﺎ ﻟﻠﻣﻛﺎن
ﺑﻣوﺟب ﻣﺑدأ اﻟﻌﻠو و اﻻرﺗﻔﺎع ﺗﺗﻌﺎﻗب اﻟﺳوﯾﺎت اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ ﻣﻛﺎﻧﯾﺎ ﺑﺎﻟوﻗت اﻟذي ﻓﯾﻪ ﺗﺗﻌﺎﻗب
زﻣﻧﯾﺎ ،وﺑﻬذا أﻣﻛن رﺻدﻫﺎ ﺗﺗﺎﺑﻌﯾﺎ .واﻻﺳﺗﻛﺷﺎﻓﺎت اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ ﻣن ﻣﺟﺎﻻت اﻻرﺗﺑﺎط اﻟﻣﻬﻣﺔ
اﻻﺳﺗﯾطﺎن اﻟﺑﺷري ،وﻟﻛن ﻋﻣل اﻟﺟﯾوﻟوﺟﻲ ﻣﯾداﻧﻲ ﻓﻲ ﻏﺎﻟب اﻷﺣﯾﺎن ﻓﺈن أﻣﺎﻛن ارﺗﯾﺎدﻩ
اﻻﺳﺗﯾطﺎن اﻟﻘدﯾم.
27
وﻓﻲ دراﺳﺔ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻟﻺﻧﺳﺎن وﺑﻘﺎﯾﺎﻩ ﻻ ﯾﻘﺗﺻر اﻟﺑﺣث ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن وﺣﯾﺎﺗﻪ ،ﺑل
ﯾﺗﻧﺎول ﻗﺻﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﯾﺑﺣث ﻋن ﺟﻧﺳﻪ وﺳﻼﻟﺗﻪ وﺗﻛوﯾﻧﻪ وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﻧﺑﺎت واﻟﺣﯾوان
واﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﻌﯾش ﻓﯾﻬﺎ ،واﻟظروف اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ واﻟﺟﯾوﻟوﺟﯾﺔ واﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺣﺎطت ﺑﻪ
،وﻫﻧﺎ ﯾﺗﺻل ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺑﻌﻠوم أﺧرى ﺗﻌﯾﻧﻪ ﻓﻲ ﺑﺣﺛﻪ ﻣﺛل ﻋﻠم اﻟﺟﯾوﻟوﺟﯾﺎ اﻟذي ﯾﻌﻧﻰ
ﺑدراﺳﺔ طﺑﻘﺎت اﻟﻘﺷرة اﻷرﺿﯾﺔ وﺗﻛوﯾﻧﻬﺎ وﯾﺣدد ﻋﺻورﻫﺎ وﻫﻲ اﻟطﺑﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗوﺟد ﻓﯾﻬﺎ
اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺧﻼل اﻟوﺳط اﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻟذي ﻧﻣﺎ ﻓﯾﻪ اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺣﯾوان ،وﻣﻊ أن ﺑﻌض اﻟﺣﯾواﻧﺎت
ظﻠت ﻣﺗﺷﺎﺑﻬﺔ – ﻛﻣﺎ ﻫو ﻣﻌروف – طوال ﻣﺎ ﯾﻘﺎرب ﻣن أرﺑﻌﺔ آﻻف ﻋﺎم ،ﻓﺈن دراﺳﺔ ﻣﺎ
ﺗﺣﺟر ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺣﯾواﻧﺎت واﻟﻧﺑﺎﺗﺎت ﺗﻌد واﺣﺔ ﻣن أﻫم اﻟدراﺳﺎت اﻟﺗﻲ ﻻ ﻏﻧﻰ ﻋﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﯾس ﻫذا ﻓﻘط ﺑل إن ﺑﻌض اﻟﺗرﺑﺎت اﻷرﺿﯾﺔ وﻻﺳﯾﻣﺎ اﻟرﻣﻠﯾﺔ وذات اﻟﺣﺻﻰ
واﻟﺻﺧور اﻟﻣﺗﺑﻠورة ﻣﺛل اﻟطﺑﺎﺷﯾرﯾﺔ أو اﻟﺟﯾرﯾﺔ أو اﻷﺣﺟﺎر اﻟرﻣﻠﯾﺔ ﺗﺗﻛون ﻏﺎﻟﺑًﺎ ﻣن
ﻣرﻛﺑﺎت ﺗﻌطﻲ ﺻﻔﺎت أﺛرﯾﺔ ﺗﺣل ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺣﺎﻻت أﻟﻐﺎز أو أﺣﺎﺟﻲ ﻟدى اﻟﻣﻧﻘب ﻓﻲ
ﺣﻘل اﻵﺛﺎر ،وﻣن ﻫﻧﺎ ﻓﺈن ﺗﺿﺎﻓر ﺟﻬود ﻛل ﻣن اﻟﺟﯾوﻟوﺟﻲ وﻋﺎﻟم اﻵﺛﺎر ﻟﺑﯾﺎن أﻫﻣﯾﺔ ﻫذﻩ
اﻟﻣزاﯾﺎ واﻟﺻﻔﺎت ﯾﻌد أﻣ ًار ﺣﯾوﯾًﺎ وﺿرورﯾًﺎ .ﻷﻧﻪ ﯾﻣد ﻫذا وذاك ﺑﺎﻟﺧﺑرة اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻔﻬم ﻣﺎ
28
اﻟﺟﯾوﻟوﺟﯾﺎ واﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ ﺗﺣددان اﻟوﺳط اﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻟذي ﻧﻣﺎ ﻓﯾﻪ اﻹﻧﺳﺎن وﻧﺷﺎط اﻷﺟﯾﺎل
اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،وﻧﺣن ﻧﻌﻠم أن ﺑﻌض اﻟﺣﯾواﻧﺎت ظﻠت ﻣﺷﺎﺑﻬﻪ ﻟذاﺗﻬﺎ ﺧﻼل أرﺑﻌﺔ آﻻف ﺳﻧﺔ
أﻣﺎ اﻟﺟﯾوﻣورﻓوﻟوﺟﯾﺎ ﻋﻠم ﺷﻛل اﻷرض ﻓﻬو ﯾﺗﻧﺎول اﻟﺷﻛل اﻟﻌﺎم ﻟﻸرض ﺑدراﺳﺔ
طﺑﯾﻌﺔ وﺗﻘﺳﯾم ووﺻف وﻧﺷﺄة وﺗطور اﻟﻣﻼﻣﺢ اﻟﺗﺿﺎرﯾﺳﯾﺔ اﻟﻣوﺟودة ﺣﺎﻟﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﺳطﺢ
اﻷرض ،وﻋﻼﻗﺗﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﺗﺣﺗﻬﺎ ﻣن ﺻﺧور وﺗراﻛﯾب ،وﻣﺎ ﻣر ﺑﻬﺎ ﻣن أﺣداث ﺧﻼل اﻟزﻣن
اﻟﺟﯾوﻟوﺟﻲ ،وﺗﺗرﻛز ﻣﻌظم ﺟﻬودﻩ ﻓﻲ ﻣﻔﻬوﻣﻪ اﻟﺣﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻼﻣﺢ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻣن ﻋﻣﻠﯾﺎت
اﻟﺗﻌرﯾﺔ واﻟﺗرﺳﯾب .وﻟﻠﺟﯾوﻣورﻓوﻟوﺟﯾﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺎﻵﺛﺎر ﻓﻬﻲ ﺗﻘدم ﺻورة ﻣﺎ ط أر ﻓﻲ
زﻣن ﻣﺣدد ﻣن ﺗﺷﻛﻼت ﻓﻲ ﺳطﺢ اﻷرض واﻟﺑﺣﺎر واﻷﻧﻬﺎر ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﻣوﺿوع اﻟﺑﺣث
اﻷﺛري.
-4اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ:
ﯾﺻﻌب اﻟﺣدﯾث ﻋن ﺗطور ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺑﻔروﻋﻪ ﻛﻌﻠم واﺣد وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋن ﻋﻼﻗﺔ ﻫذﻩ
اﻟﻔروع ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى ،وذﻟك ﺑﺳﺑب ﺗطور ﻓروع ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺑﺎﺳﺗﻘﻼل ﻋن ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض
زﻣﺎﻧﯾًﺎ ،وﻣﻛﺎﻧﯾًﺎ أﺣﯾﺎﻧًﺎ ،واﻟﺣﺎل ﻧﻔﺳﻪ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ ﻋﻠم اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﺑﻔروﻋﻪ اﻟﻣﺗﻌددة .إﻻ
أن ﻓرع ﻋﺻور ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻷﺛرﯾﺔ ﻫو ﻣﻔﺗﺎح اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ
ﻓرع اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺔ ﺣﺗﻰ أﻧﻪ ﻟﯾﺻﻌب اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻓﻲ
29
اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻧظري ،وﻛذﻟك ُﯾدرس ﻓرع ﻋﺻور ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻓﻲ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت ﺿﻣن
ﻓﻲ ﻛﻧدا واﻟوﻻﯾﺎت اﻟﺗدرﯾس ﻧظﺎم أن ﺣﯾث ، اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ
اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ واﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ اﻟﺳﺎﺑق ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻠم اﻵﺛﺎر أﺣد ﻓروع اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ
اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،وﻟﻬذا ﺳﻧﺗﺗﺑﻊ ﻓرع ﻋﺻور ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻣن ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،ﻣﻊ أن ﺑﻘﯾﺔ ﻓروع ﻋﻠم
اﻵﺛﺎر ﺗﺳﺗﺧدم اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻣن اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ وﻓرع اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻷﺧرى،
ٕوان ﯾﻛن ﺑﺷﻛل ﻏﯾر ُﻣﻌﻠن وﻣﻣﻧﻬﺞ ،ﻛﺎﺳﺗﺧدام ﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟطﺑﻘﺎت ﻣﺛﻼً ،ذو اﻷﺑﻌﺎد
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
ﻫﻧﺎك ﻋﻠوم ﻣﺳﺎﻋدة ﻟﻌﻠم اﻵﺛﺎر ﻟﻬﺎ دور ﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﻣﺟﺎل دراﺳﺔ اﻹﻧﺳﺎن وﺣﺿﺎرﺗﻪ،
ﻣﻧﻬﺎ ﻋﻠوم إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﻣﻧﻬﺎ ﻋﻠوم ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﻣﻌﻣﻠﯾﺔ وﺗﺗﻌﺎون ﻫذﻩ اﻟﻌﻠوم ﻣﻊ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻣن أﺟل
اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻓﯾﺔ ﻋن اﻹﻧﺳﺎن و ﺣﺿﺎرﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺗﻰ ﺑﻘﺎع اﻷرض .وﯾﺄﺗﻲ ﻓﻲ
ﻣﻘدﻣﺔ ﻫذﻩ اﻟﻌﻠوم ﻋﻠم دراﺳﺔ اﻹﻧﺳﺎن اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ Anthropologieاﻟذي ﯾﻘوم ﺑدراﺳﺔ
اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﻧوع اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻋﺑر اﻟزﻣﺎن وﻓﻲ ﺳﺎﺋر اﻷﻣﺎﻛن،
ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺻﻔﺎت اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻛﺄﻧﺳﺎق ﻣﺗراﺑطﺔ وﻣﺗﻐﯾرة وذﻟك ﻋن طرﯾق
ﻧﻣﺎذج وﻣﻘﺎﯾﯾس وﻣﻧﺎﻫﺞ ﻣﺗطورة ،ﻛﻣﺎ ﯾﻬﺗم ﺑوﺻف وﺗﺣﻠﯾل اﻟﻧظم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ
أﻣﺎ ﺑداﯾﺔ اﻻﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﻓﻛﺎﻧت ﻓﻲ اﻟﻘرﻧﯾن 15و 16م .ﻣﻊ اﻟرﺣﺎﻟﺔ واﻟﻣﻛﺗﺷﻔﯾن
ﻟﻠﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻏﯾر اﻷورﺑﯾﺔ وﻣﺎ ﺳﻣﻲ ﺣﯾﻧﺎ ﺑﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت "اﻟﺑداﺋﯾﺔ أو اﻟﻣﺗوﺣﺷﺔ" ،ﻓﻘد
30
ﺟﻣﻌوا ﻣﻌﻠوﻣﺎت وﻣﻼﺣظﺎت وﺻﻧﻔوﻫﺎ ﻣﺛل ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻷب ﺟوزﯾف ﻻﻓﯾﺗو ﻓﻲ
اﻟﻧﺻف اﻷول ﻣن اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ،اﻟذي اﺳﺗﻧﺗﺞ أن "اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻋﻧد
اﻹﯾروﻛﯾز ﺗﺳﺎوى اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻟﺑداﺋﯾﺔ ﻟﺑﻧﻰ اﻹﻧﺳﺎن .واﻛﺗﺷف ﻻﻓﯾﺗو وﺟود ﺗﺷﺎﺑﻪ ﺑﯾن اﻟﻧظﺎم
اﻷﻣوﻣﻲ ﻋﻧد اﻹﯾروﻛﯾز ﻣﻊ ذﻟك اﻟﻧظﺎم ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ اﻟذي وﺻﻔﻪ ﻫﯾرودوت )-480
425ق.م (.ﻋﻧد ﺳﻛﺎن ﻟﯾﻛﯾﺎ ﻓﻲ آﺳﯾﺎ اﻟﺻﻐرى .وﻟﻛون ﻻﻓﯾﺗو ﺣﺎول ﺗﻔﺳﯾر وﺟود ﻫذا
اﻟﺗﺷﺎﺑﻪ ﺑﺎﺣﺗﻣﺎل اﻧﺗﺷﺎر ﻫذا اﻟﻧظﺎم ﻣن آﺳﯾﺎ اﻟﺻﻐرى إﻟﻰ أﻣرﯾﻛﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟوز ﻋد ﻻﻓﯾﺗو ﻣن
ﻣﺎ ﻟﺑﺛت أن اﺳﺗﻘرت ﻓﻲ أﯾدي اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾن ﻟﯾدرﺳوﻫﺎ وﯾﺳﺗﻧﺗﺟوا ﻣﻧﻬﺎ
وﻓﻲ اﻟﻧﺻف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر )ﻣﻊ اﻟﻣد اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري اﻷورﺑﻲ( ﺟرت
ﻣﺣﺎوﻻت "ﻣﻧظﻣﺔ" ﻟﻔﻬم اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺎت اﻷﺛرﯾﺔ ﺑﻣﻘﺎرﻧﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﺑﻧﻰ اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﺻﻧﻔﺔ
"ﺑداﺋﯾﺔ" ،اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻓﺗراض ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻛﻧوع ﻣن "اﻟﻣﺗﺎﺣف اﻟﺣﯾﺔ" وﺗﻣﺛل ﻣرﺣﻠﺔ
"طﻔوﻟﺔ" ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻷورﺑﯾﺔ ،وﻛذﻟك ﻣﺟﺎل ﻻﺧﺗﺑﺎر اﻻﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎت واﻟﻔرﺿﯾﺎت ﺣول ﺗﻘدم
31
وﺗﻌﻘد اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت )اﻟﻧور؛ ﺷﻼﺑﻲ( ،ﻛﻣﺎ أﺷﺎر اﻟﺑرﯾطﺎﻧﻲ R.L. Fox 1851م .اﻟذي
درس ﺗطور اﻷﺳﻠﺣﺔ اﻟﻧﺎرﯾﺔ وﺻﻧﻔﻬﺎ ﺑﺗﺗﺎﺑﻊ ﺗﺳﻠﺳﻠﻲ ) (Serationﺗطوري ﻣﺣﺎﻛﯾًﺎ ﺧطﺎ
ﯾﻛﺷف ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻟﻣﺟﺎﻻت اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻰ ﻣن وﺟﻬﺔ ﻧظر اﻟﻌﻠﻣﺎء دراﺳﺔ
اﻟﻘدﯾم وﻫو ﻣﯾدان ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،ﻟذا ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﺿﻣوﻧﻪ ﺟزءا ﻣن اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻛﻣﺎ
وﯾدﺧل ﻓﻲ ﻧطﺎق ﻋﻠم اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ وﻓق اﻟﻣﻔﻬوم اﻷﻣرﯾﻛﻲ ﻣﺟﺎﻻن دراﺳﯾﺎن
ﻷﻧﻣﺎط اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ واﻟﻌﺎدات واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد واﻟﻘﯾم اﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻟﻔﻧون ﻟﺟﻣﺎﻋﺔ أو ﺷﻌب ﻣﻌﯾن ﺧﻼل
32
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﺧﺗﻠف اﻟﻣﻔﻬوم اﻷوروﺑﻲ ﻟﻌﻠم اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ وﻣﺟﺎﻻﺗﻪ ﻋن اﻟﻣﻔﻬوم اﻷﻣرﯾﻛﻲ إذ
ﯾﻘﺗﺻر اﻟﻣﻔﻬوم اﻷوروﺑﻲ ﻋﻠﻰ أن اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﯾطﻠق ﻋﻠﻰ ﻣﺟﺎﻻت اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟطﺑﯾﻌﻲ
ﻟﻺﻧﺳﺎن واﻟﺳﻼﻻت اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺟﻧﺳﺎ وﻧوﻋﺎ وﺧﺻﺎﺋص ﺗﺷرﯾﺣﯾﺔ وﻋﻣﻠﯾﺎت ﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ وﻋﻼﻗﺔ
وﻋﻠم اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﻋﻠم دراﺳﺔ اﻷﻋراق اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،وﯾﻣﻛن اﻹﻓﺎدة
ﻣﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻣن ﺧﻼل اﻟﻬﯾﺎﻛل اﻟﻌظﯾﻣﺔ اﻟﺑﺷرﯾﺔ واﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻼﻻت
اﻟﺑﺷرﯾﺔ أول اﻷﻋراق ﺻﺎﺣﺑﺔ اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺎت اﻷﺛرﯾﺔ ،وﺗﺣدﯾد ﺟﻧس وﻋﻣر وﺣﺎﻟﺔ ﺻﺎﺣﻲ
اﻟﻬﯾﻛل اﻟﻌظﻣﻲ اﻟﻣﻛﺗﺷف ﺧﻼل اﻟﺣﻔرﯾﺎت اﻷﺛرﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟدراﺳﺔ اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺔ ،وﻛذﻟك
اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻬﯾﺎﻛل اﻟﻌظﻣﯾﺔ اﻟﺣﯾواﻧﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺗم ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻫذﻩ اﻟﻬﯾﺎﻛل ﻣﻊ ﻏﯾرﻫﺎ
ﻓﻣﺛﻼ ﻣن ﺧﻼل ﻓﺣص اﻟﻌظﺎم ﻓﻲ اﻟﻣداﻓن اﻟﻣﺻرﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺗم اﻛﺗﺷﺎف ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺑﯾﺋﺔ
ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻣﺻر اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،ﻓﻘد اﺗﺿﺢ ﻣﺛﻼ اﻧﺗﺷﺎر ﻣرض اﻟﺗﻬﺎب اﻟﻣﻔﺎﺻل
ﺑﯾن اﻟﻣﺻرﯾﯾن اﻟﻘدﻣﺎء ﺑدﻟﯾل ﺗﺿﺧم رؤوس اﻟﻌظﺎم ﻋﻧد اﻟﻣﻔﺎﺻل ،وﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺗﻠوث
اﻟﺑﯾﺋﻲ اﺗﺿﺢ أن اﻟﺗﻠوث ﺑﺎﻟرﺻﺎص ﻓﻲ ﻣﺛر اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻛﺎن أﻗل ﺑﺛﻼﺛﯾن ﻣرة ﻋﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ
اﻟﯾوم وﺗم اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ ذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﺗﻘﻧﯾﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟطﯾﻔﻲ ﻟﻼﻧﺑﻌﺎث اﻟﻣرﺋﻲ
-1ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت أﻧظر :ﻋﻠﻲ ﺟﺑﺎوي :ﻋﻠم اﻹﻧﺎﺳﺔاﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾﺎ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺷق،1997،ص .9
-2ﺣﻧون ﻧﺎﺋل ،2011 ،ص .135
33
وﯾﻣﻛن أن ﻧﻠﺧص ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺑﺎﻹﻧﺗروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﺑﻣﺧﺗﻠف ﻓروﻋﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ :
وﺑﻧﺎﻫﺎ
إن دراﺳﺎت اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ ُ
وأﻧﺳﺎﻗﻬﺎ ،ﺗﺷﻛل دﻋﺎﻣﺔ ﻣﻬﻣﺔ ﻟﻌﻠم اﻵﺛﺎر ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾرﻩ ﻟﻣﺎدﺗﻪ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺄ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
ﻛون اﻟﻧوع اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻟﻪ ﺗﺎرﯾﺦ ﺗطوري ﺑﯾوﻟوﺟﻲ ﻛﺷﻔت ﻋﻧﻪ اﻟدراﺳﺎت اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ
اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻓﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إن اﻟﻣﺧﻠﻔﺎت اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﺗﺳﻠﺳل اﻟﺗطوري ﻟﻠﺑﺷر ﺗﺷﻛل ﺣﻠﻘﺔ
وﺻل ﺑﯾن اﻟﻌﻠﻣﯾن ،وﯾﺗﺿﺢ ﻫذا ﻓﻲ أدوات اﻟﻬوﻣوارﻛﺗوس واﻟﻧﯾدرﺗﺎل واﻟﻌﺎﻗل ،وﻓﻲ ﻫذا
اﻟﻣﺟﺎل ﻧﺟد اﻵﺛﺎري اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ ﯾﻌﻣﻼن ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺣﻔرﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻠﻘﻰ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن
ﯾدرﺳﻬﺎ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ واﻟﻠﻘﻰ اﻟداﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ )ﻣﺻﻧوﻋﺎت ،رﺳوم ،آﺛﺎر
اﺳﺗﯾطﺎن( ﯾدرﺳﻬﺎ اﻵﺛﺎري ،ﻛﻣﺎ ﺗواﺻﻠت ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺷﻛل ﻻ أﺳﺎس ﻋﻠﻣﻲ ﻟﻪ ،وذﻟك
ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺔ ﻟﻠﺳﻼﻻت اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣﺎ ﺑﻌد اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻌﺎﻗل وﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﻣﻔﺎﺿﻠﺔ
34
ﻋﻠم اﻵﺛﺎر واﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ
ﻛون ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻣﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﻣﺎﺿﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﻫذا
اﻟﻣوﺿوع ﻫو ﻧﻔﺳﻪ ﺟزئ ﻣﻣﺎ ﺗﺗﻧﺎوﻟﻪ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻓﻲ دراﺳﺗﻬﺎ ﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ واﻟﺣﺎﺿر ،وﻗد ﻧﺗﺞ ﻋن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﻠﻣﯾن ﻣﻧطﻠﻘﺎت ﺑﺣث
اﻻﻟﺗﻘﺎء ﺑﯾن ﻋﻠم اﻵﺛﺎر وﻓروع اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﯾﻧطﻠق ﻣن دراﺳﺔ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻟﻺﻧﺳﺎن
)ﻣن ﻣﺧﻠﻔﺎﺗﻪ( ﺑوﺻﻔﻪ ﻛﺎﺋﻧﺎً اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎً ،وﻫﻧﺎ ﯾﺗﻼﻗﻰ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻣﻊ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﻟﻺﻧﺳﺎن ﺳﻠوك وأﺳﺎﻟﯾب ﺣﯾﺎﺗﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ واﻟﺣﺎﺿر ﺗﺗطور ﺑﺎﻟﺗﻼؤم ﻣﻊ
اﻟﻣﺣﯾط ،ﯾﺳﺗﻧﺗﺟﻬﺎ وﯾدرﺳﻬﺎ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،وﯾﺗﻼﻗﻰ ﺑذﻟك ﻣﻊ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،ﻛﺗب
اﺷﺗﻬرت أﻋﻣﻠﻪ اﻷﺛرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﻧد 1943م .ﯾﻘول " إن اﻵﺛﺎري ﻻ ﯾﻧﻘب ﻋن أﺷﯾﺎء ،إﻧﻣﺎ
][28
ﻼ ﻛﺎﺋﻧًﺎ ﺑﯾوﻟوﺟﯾًﺎ ﻟﻪ ﻣﺳﯾرة ﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﺗﺗﻛﺷف ﻓﻲ ﺑﻘﺎﯾﺎﻩ
"واﻹﻧﺳﺎن أﺻ ً ﯾﻧﻘب ﻋن ﺷﻌوب
35
اﻟﻌﺿوﯾﺔ وﯾﻬﺗم ﺑﻬﺎ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر وﯾﺗﻼﻗﻰ ﺑذﻟك ﻣﻊ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻔﯾزﯾﻘﯾﺔ ،أﻣﺎ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ
اﻷﺳﺎﻟﯾب ﻓﻬﻧﺎك ﻓرع اﻷﺛﻧوارﻛوﻟوﺟﻲ اﻟوﺳﯾط ﺑﯾن اﻟﻌﻠﻣﯾن ،وأﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻧظري
-5اﻷﺛﻧوﻏراﻓﯾﺎ :
وﻫو ﻋﻠم ﯾدرس ﺧﺻوﺻﯾﺎت اﻟﺷﻌوب وﯾﺷﺗرك اﺷﺗراﻛﺎ وﺛﯾﻘﺎ ﻣﻊ ﻋﻠﺔ اﻵﺛﺎر ،ﻓﻬو
اﻟﻣﻌﺎﺻرة اﻟﺗﻲ ﺗﻐﻧﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﺑﺎﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺧول آﺛﺎر اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ .وﻫو ﻋﻠم
ﺗﻌﻣﯾﻣﻲ ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺗﻘوم ﺑدراﺳﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة واﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت
اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﺑﻬدف إﻧﺟﺎز ﻣﻌرﻓﺔ أﻛﺑر ٕواﻋﺎدة ﺗرﻛﯾب أﻛﺛر دﻗﺔ ﻟﻠﻣﺎﺿﻲ
ﻛﻣﺎ أن ﻫﻧﺎك اﺳﺗﺧداﻣﺎ ﻟﻠﺗﻧﺎظرات اﻹﺛﻧوﻏراﻓﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،إذ ﺗﺟري
ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻹﻋﺎدة ﺗرﻛﯾب ﻧظﺎم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،واﻟﺗﺑﺎدل ،وطﻘوس اﻟدﻓن
واﻷﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎت ﻣن اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ ،ﻓﺈن ﻋﺎﻟم اﻵﺛﺎر ﯾﺑﺣث ﻋن ﻣﺗوازﯾﺎت وﺗﻧﺎظرات ﻣﻌﻘوﻟﺔ
اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ.
36
-6اﻟﺑﺎﻟﯾوﻧﺗوﻟوﺟﯾﺎ ﻋﻠم اﻟﻣﺳﺗﺣﺎﺛﺎت: paleontology
أو ﻋﻠم اﻷﺣﺎﻓﯾر )ﻣﻔردﻫﺎ أﺣﻔورة(ﻫو ﻋﻠم أﺳﺎﺳﻲ ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻟﺟﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻻ ﯾﻘل أﻫﻣﯾﺔ
ﻋن دراﺳﺔ ﺻﺧور اﻷرض وﻣﻌﺎدﻧﻬﺎ وﻓﻠزاﺗﻬﺎ واﻟﻌواﻣل اﻟﻣؤﺛرة ﻓﯾﻬﺎ .ﺗﺗﺄﻟف ﻛﻠﻣﺔ
ِ
اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت ﺗدل ﻫذﻩ اﻟﺗرﺟﻣﺔ،
وﺗﻌﻧﻲ ﺗرﺟﻣﺗﻬﺎ ﻋﻠم اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﻘدﯾﻣﺔ .ﯾدرس ﻫذا اﻟﻌﻠم ،ﻛﻣﺎ ّ
اﻟﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋﺎﺷت ﻓﻲ اﻷزﻣﻧﺔ اﻟﺟﯾوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺑﻘت اﻟﻌﺻر اﻟﺣﺎﻟﻲ ﻣن ﺧﻼل دراﺳﺔ
ﻫﯾﺎﻛﻠﻬﺎ وأﺻداﻓﻬﺎ وﻗواﻗﻌﻬﺎ واﻧطﺑﺎﻋﺎت أﺟزاﺋﻬﺎ اﻟرﺧوة اﻟﺗﻲ اﻧﺣﻔظت ﻓﻲ اﻟﺻﺧور اﻟرﺳوﺑﯾﺔ
ﯾﺗﺷﺎﺑﻪ ﻫذا اﻟﻌﻠم ﻣﻊ ﻋﻠم اﻷﺛﻧوﻟوﺟﯾﺎ ﻓﻲ ﻧﻘﺎط ﻛﺛﯾرة وﻫو ﯾﻬﺗم ﺑﺈﻋﺎدة ﺗﺻور اﻟﺣﺎﻟﺔ
اﻵﺛﺎر واﻟﻠﻐﺔ واﺿﺣﺎ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻔﻧﯾﺔ واﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣل ﻧﻘوﺷﺎ وﻛﺗﺎﺑﺎت
ﻛﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻐطﻲ ﺟدران اﻟﻣﻌﺎﺑد اﻟﻘدﯾﻣﺔ أو ﺷواﻫد اﻟﻘﺑور واﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟﻘدﯾﻣﺔ أي أن ﻫذﻩ
اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻷﺛرﯾﺔ أﺛر ﻣﻌﻣﺎري ﻻ ﺗﻧﻔك طﻼﺳﻣﻪ إﻻ ﺑﻘراءة اﻟﻛﺗﺎﺑﺎت اﻟﻣدوﻧﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﻛذﻟك اﻟﺣﺎل
37
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺑﻘﯾﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣل ﻧﻘوﺷﺎ أو ﻛﺗﺎﺑﺎت ﻓﻐﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗﻔﺳر ﻫذﻩ اﻟﻛﺗﺎﺑﺎت ﺗﺎرﯾﺦ اﻷﺛر
وﻻ ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠم دراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘوش ﻓﻘط ﺑل ﯾﺷﻣل أﯾﺿﺎ ﻋﻠم اﻟﻛﺗﺎﺑﺎت
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وأﺣﯾﺎﻧﺎ أﺧرى ﯾﻠﻘﻲ اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ ﻣﺟﺎﻻت اﻟﻔﻧون
واﻟﻌﻣﺎرة و ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺛر ﻋﻠﻰ ﻟﻔﺎﺋف اﻟﺑردي ﻣﻧﻔردة ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑر أو اﻟﻣﻧﺎزل أو اﻟﻣﻌﺑد
أو أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﻠف ﺑﻬﺎ اﻟﻣوﻣﯾﺎوات ﻛﻐﻼف ﻣﻘو ﻟﺣﻣﺎﯾﺗﻬﺎ وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗﻛون ﺑردﯾﺎت ﻏﯾر
ذات ﻓﺎﺋدة ﻋﻧد اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﻛﻠﻔﺎﺋف ﻟﻠﻣوﻣﯾﺎوات ﻟﻛﻧﻬﺎ ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺻد ار ﻟﻠﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﻬﻣﺔ
ﻫﻧﺎك وﺳﯾﻠﺗﺎن ﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟذي ﯾﻬﺗم ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء واﻷﺷﻛﺎل اﻟﻣﺎدﯾﺔ وﻋﻠم
اﻟﻠﻐﺎت اﻟذي ﯾﻬﺗم ﺑﺎﻟﻧﺻوص اﻟﻛﺗﺎﺑﯾﺔ اﻟﻔﯾﻠوﻟوﺟﯾﺎ ،Philologieو اﻻﺛﻧﺎن ﻻ ﻏﻧﻰ ﻋﻧﻬﻣﺎ
ﻟﻌﺎﻟم اﻵﺛﺎر ﻓﺎﻟﻧﺻوص ﺗﻘدم اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻟﺷرح اﻵﺛﺎر ﻣن اﻟﻣﻘﺎﺑر واﻟﻣﻌﺎﺑد
وﺗواﺑﯾت وﺗﻣﺎﺛﯾل وأوان ﻓﺧﺎرﯾﺔ وﺣﺟرﯾﺔ ﺑل واﻟﺣﯾﺎة اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻋﻣوﻣﺎ ﻣن ﻗواﻧﯾن وﻋﻘود وﻧظم
اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،إن ﻋﻠم اﻟﻠﻐﺎت ﻣﻬم ﺟدا ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻌﺎﻟم اﻵﺛﺎر وﻛذﻟك ﻋﺎﻟم اﻟﻠﻐﺎت ﻻ
38
ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺗﻔﺳﯾر أو ﺷرح ﻧﺻوﺻﻪ إﻻ ﺑﻣﺳﺎﻋدة اﻷﺷﯾﺎء اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺛر ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﺑد
وﻛﺎن ﻟﻔك رﻣوز ﺑﻌض اﻟﻛﺗﺎﺑﺎت اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻛن ﻣﻌروﻓﺔ أﻛﺛر اﻷﻣور ﺗﺣوﻻ ﻓﻲ
ﺗﺎرﯾﺦ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر وﺷﻣﻠت اﻟﻬﯾروﻏﻠﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻓك رﻣوزﻫﺎ ﺷﺎﻣﺑﻠﯾون ،واﻟﻛﺗﺎﺑﺎت اﻟﻣﺳﻣﺎرﯾﺔ
ﻏﯾرﻫﺎ.2
-8ﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع:
اﻟﻣﻌطﯾﺎت واﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ ،إذ ﯾﻘوم اﻷﺛرﯾون ﻋﻧد دراﺳﺔ ﻣوﻗﻊ أو ﻣﻧطﻘﺔ ﻣﺎ ﺑﺎﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ
طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذي ﻛﺎن ﯾﻌﯾن ﻓﯾﻪ ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﺧﻼص اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣن دراﺳﺔ
اﻟﻣواد اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﻗﻊ .ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل دراﺳﺔ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ
اﻟﻣوﻗﻊ وﻣﺳﺎﺣﺗﻬﺎ ﺗﻔﯾد ﻓﻲ اﺳﺗﻧﺗﺎج ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻋن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻧﺎس اﻟذﯾن ﯾﺳﻛﻧوﻫﺎ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن
ﻫﻧﺎك ﻗﺻور ﻓﺈن اﻟذﯾن ﺳﻛﻧوﻫﺎ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ وﻛﺎن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﻧظﻣﺎٕ .واذا ﻛﺎن اﻟﻣﺑﻧﻰ
اﻟﻣﻛﺗﺷف ﻣﺑﻧﻰ ﻓﻬو دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺳﻛﺎن اﻟﻣوﻗﻊ ﻛﺎﻧوا ﯾﻌﺑدون آﻟﻬﺔ أو إﻟﻬﺎ ﻣﺣددا وﻛﺎﻧوا
39
وﻣن ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ ﻓﺈن اﻟﻣداﻓن واﻟﻘﺑور اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺔ ﺧﻼل اﻟﺗﻧﻘﯾﺑﺎت اﻷﺛرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﻗﻊ
ﺗﻌطﻲ ﺻورة واﺿﺣﺔ وﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋن ﺷﻌﺎﺋر وﻋﺎدات اﻟدﻓن اﻟﺳﺎﺋدة ﻋﻧد اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺗﻲ
ﺳﻛﻧت اﻟﻣوﻗﻊ.
اﻹﻧﺳﺎن أو ﻧﺣﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺻﺧر ﺳواء ﻻﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﻪ أو ﺑﻌد ﻣﻣﺎﺗﻪ ،وﯾﻬﺗم ﺑدراﺳﺔ ﻓن
اﻟﺑﻧﺎء ﺳواء ﻛﺎن ﻣدﻧﯾﺎ أودﯾﻧﯾﺎ أو ﻋﺳﻛرﯾﺎ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺧطﯾط ﺑﻧﺎء اﻟﻣدن.Urbanisme1
ﻛﻣﺎ ﯾﺗﻧﺎول ﻓﻲ دراﺳﺗﻪ اﻟﻣواد اﻟﺗﻲ اﺳﺗﺧدﻣت ﺑﺎﻟﺑﻧﺎء وﺗرﻛﯾﺑﻬﺎ وﻋﻧﺎﺻرﻫﺎ وطرق اﻟﺑﻧﺎء
وﻛﯾﻔﯾﺔ إﻧﺟﺎزﻩ و ﻛل ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺈﻧﺷﺎء اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ وﻋﻣﺎرﺗﻬﺎ وﻫو ﻣﺎ ﯾﻛون ﻓﻲ ﺻﻠب ﻋﻣل ﻋﻠم
اﻵﺛﺎر ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ ٕواﻧﺟﺎزاﺗﻬﺎ اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ،ودراﺳﺔ ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﺎرة
اﻷﺛرﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺗم ﺑﻣﻌزل ﻋن ﻋﻠم اﻟﻬﻧدﺳﺔ اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ أو ﺣﺗﻰ ﺑﻣﻌزل ﻋن د ارﺳﺔ
اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﺑﻧﺎﺋﯾﺔ أو اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ ﻷطﻼل اﻟﺳﻛن اﻟﺑﺷري ﻓﻲ اﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري اﻟذي ﯾﺣﻔر ﻓﯾﻪ.
-10ﻋﻠم اﻟطﺑوﻏراﻓﯾﺔ:
اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ واﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،واﻟد ارﺳﺎت اﻟﻣﻌﻣﻠﯾﺔ ﻟﻠﻣﺑﺎﻧﻲ ﺑﺄﻧواﻋﻬﺎ وطرزﻫﺎ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣدﻧﻲ ﻣﻧﻬﺎ
40
أو اﻟدﯾﻧﻲ أو اﻟﺣرﺑﻲ ،ودراﺳﺔ ﻣﺧططﺎت اﻟﻣدن ﻛﺎﻓﺔ وﺗطورﻫﺎ ﻛﻣﺎ ﯾﻬﺗم ﻫذا اﻟﻌﻠم ﺑدراﺳﺔ
اﻟذﯾن اﺳﺗﺧدﻣوﻫﺎ وﻷي ﻏﺎﯾﺔ ،ﻓﺿﻼ ﻋن اﻷﺷﻛﺎل واﻟرﻣوز واﻟﻛﺗﺎﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗوﯾﻬﺎ اﻟﺧﺗم
وﯾﺗﺷﻛل ﻣﻧﻬﺎ وﺻوﻻ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻘدﻣﻪ ﻫذﻩ اﻷﺧﺗﺎم ﺑﻣﺎ ﺗﺣﺗوﯾﻪ ﻣن ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻏﺎﯾﺔ
-12ﻋﻠم اﻟﻧﻘود:
ﺑدراﺳﺔ اﻟﻧﻘود اﻟﻘدﯾﻣﺔ وﻋﻣﻠﯾﺔ ﺳﻛﻬﺎ و إﻧﺗﺎﺟﻬﺎ .إذ ﺗدرس اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﻲ ﺗﺻﻧﻊ ﻣﻧﻬﺎ وﺗرﻛﯾﺑﻬﺎ
اﻟﻣﻌدﻧﻲ أو اﻟﺧﻠﯾط ﻣن ذﻫب و ﻓﺿﺔ و ﻧﺣﺎس ) دﻧﺎﻧﯾر ودراﻫم وﻓﻠوس( ،وﺷﻛل اﻟﻧﻘود وﻣﺎ
ﺗﺣﺗوﯾﻪ ﻣن ﻧﻘوش وﻛﺗﺎﺑﺎت وأوزاﻧﻬﺎ ،وﻣﻛﺎن إﻧﺗﺎﺟﻬﺎ أي اﻟورش اﻟﺗﻲ ﺳﻛﺗﻬﺎ واﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﻣﺛﻠﻬﺎ ﻣن ﺣﻛﺎم وﻣﻠوك وﻗﺎدة ﻋﺳﻛرﯾﯾن أو اﻟﻣدن واﻟوﻻﯾﺎت واﻹﻣﺑراطورﯾﺎت ،واﻟﺗوارﯾﺦ أو
اﻟﺣﻘب اﻟزﻣﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻣﺛﻠﺗﻬﺎ واﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻧﺗﺷرت ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﺗﺟﺎري
41
وﻫو ﻋﻠم ﯾﺧﺗص ﺑﺷﻌﺑﺔ أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻣن ﺷﻌب اﻟدراﺳﺎت اﻷﺛرﯾﺔ ﻟﻣﺎ ﺗﺣﺗوﯾﻪ ﻫذﻩ
اﻟﻣﺳﻛوﻛﺎت ﻣن ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻣﻬﻣﺔ ﻟﯾس ﻓﻘط ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻓﻘر اﻟدوﻟﺔ أو ﻏﻧﺎﻫﺎ
ﻋن طرﯾق ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﻛوﻧﺎت ﻋﻣﻼﺗﻬﺎ وﻧﺳب ﻫذﻩ اﻟﻣﻛوﻧﺎت ﻓﯾﻬﺎٕ ،واﻧﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣذﻫﺑﻬﺎ
وأﺳﻣﺎء ﺣﻛﺎﻣﻬﺎ وﺧﻠﻔﺎﺋﻬﺎ وأﻣراﺋﻬﺎ وﺗﺑﻌﯾﺔ ﺑﻌض ﻫؤﻻء ﻟﺑﻌض إﻟﻰ ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت
ﻛل ذﻟك ﯾﺧدم ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻓﻲ دراﯾﺗﻪ ﻟﻠﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ وﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠم اﻟﻧﻘود اﻵن
اﻟذي ﯾﺷﻛل أﺣد اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﺳﻠﺳﻠﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ وزﻣﻧﯾﺔ ﻟﻣدن وﻣﻣﺎﻟﯾك
وﺣﺿﺎرات ﻗدﯾﻣﺔ ،وﻓﻬم أوﺳﻊ اﻟﻌﻼﻗﺎت واﻟﺗﺑﺎدﻻت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﺷﻌوب وﻏﯾر
ذﻟك ﻣن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻘدﻣﻬﺎ ﻋﻠم اﻟﻧﻘود ﻟﻌﻠم اﻵﺛﺎر وذﻟك ﻣﻧذ ظﻬور اﻟﻣﺳﻛوﻛﺎت
1
اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺳﺎﺑﻊ ق.م
Measuresوﯾرﺗﺑط ﺑﻪ ﻋﻠم اﻟﻧﻣﯾﺎت ارﺗﺑﺎطﺎ وﺛﯾﻘﺎ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أوزان اﻟﻌﻣﻼت وﺣﺟم اﻟﻣﻛﺎﯾﯾل
وﻣﻘﺎدﯾر اﻟﺧﻠطﺎت اﻟﻣﻌدﻧﯾﺔ ،وﻫذﻩ اﻷوزان واﻟﻣﻛﺎﯾﯾل ﻟﻬﺎ أﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻷن
ﻋﻠم اﻟﻣﺳﻛوﻛﺎت واﻟﻣﻛﺎﯾﯾل وﻣﻘﺎدﯾرﻫﺎ ﺗﻌﺗﻣد ﺑﺷﻛل أﺳﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻌﻠم.
-1ﻟﻠﻣزﯾد أﻧظر:
ﺳﻠﮭب ،زﯾﺎد و ﻛﯾوان ﺧﺎﻟد :اﻟﻣﺳﻛوﻛﺗن اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺷق.2014 ،
42
-14ﻋﻠم دراﺳﺔ ﻓن اﻟرﺳم :
إن اﻟﺗﺳﺟﯾل ﺻﻔﺔ ﻣﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺣﺿﺎرة اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣﻧذ اﻟﻘدم ،وﻫو ظﺎﻫرة ﻣﻌروﻓﺔ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺗﻲ ﺳﺑﻘت اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ واﻟرﺳم ﻋﻠﻰ ﺟدران اﻟﻛﻬوف ﻟﯾس إﻻ ﺷﻛﻼ ﻣن أﺷﻛﺎل
ﺗﺳﺟﯾل اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﯾوﻣﯾﺔ وﺗﺛﺑﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺻور ،وﻻ ﯾﺧﺗﻠف اﻷﻣر ﻣﻊ وﺟود اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ
ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ،ﻓﺎﻟﺗﺳﺟﯾل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﯾﺧدم اﻟﻬدف ذاﺗﻪ ﻣﻊ اﺳﺗﺑدال اﻟﺻور واﻟرﻣوز
ﺑﺎﻟﻛﻠﻣﺎت ،وﻻ ﯾﻣﻛن ﻓﺻل ﻫذﻩ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت ﻋن ﺗطور اﻟوﻋﻲ اﻟﺑﺷرى ،ﻓﺈﻟﻰ ﺟﺎﻧب
اﻷﻏراض اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﯾﻌﺑر اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻟﺻور واﻷﺷﻛﺎل اﻟﻔﻧون اﻟﺟﻣﯾﻠﺔ واﻟﻛﻠﻣﺎت )اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
واﻷدب( ﻋن ﺗﺄﻣﻠﻪ ﺑﺣﯾﺎﺗﻪ وﻣﺣﯾطﻪ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟطﺑﯾﻌﻲ واﻟﺗﺳﺟﯾل ﯾﻌﻧﻲ ﻟﻠﺑﯾت اﻷﺷﯾﺎء
ﻟﻠﻣﺳﺗﻘﺑل ،ﻫذﻩ اﻟرﻏﺑﺔ اﻟﺟﺎﻣﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺳﺟﯾل )اﻟرﺳم ،اﻟﺣﻔر ،اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ( ﺗﺑدأ ﻣن اﻟﺻﻐر ﻓﻣﺎ
أن ﯾﺗﻌرف اﻟطﻔل ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺑدأ ﺑﺧط أﺳﻣﻪ ﻋﻠﻰ اﻟورق ،أو ﯾرﺳﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺟدار أو
ﯾﺣﻔرﻩ ﻋﻠﻰ ﺻﺧرة أو ﻋﻠﻰ ﺟذع ﺷﺟرة ﻋﺗﯾﻘﺔ ،وﻛذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﺗوﺿﻊ ﻓﻲ ﯾدﻩ اﻷﻗﻼم اﻟﻣﻠوﻧﺔ
ﯾﺑدأ ﺑرﺳم اﻟﺑﯾت واﻷم واﻟﺷﺟرة واﻟوردة واﻟﻧﻬر وﻣﺎ ﯾراﻩ ﺣوﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺗﻪ ﻣن ﻋﻼﻣﺎت ﻣﻣﯾزة
ﺗﻧطوي ﻋﻠﻰ دﻻﻻت ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻪ ،ﻫﻛذا ﺑدأ اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺳﯾرﺗﻪ اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﺻور
ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ ،وﻫﺎ ﻫﻲ اﻟﻧﻘوش واﻟﻛﺗﺎﺑﺎت ﺗﻘﺎوم ﻋواﻣل اﻟزﻣن وﺗﺑﻘﻰ ﺣﺗﻰ اﻟﯾوم وﻛﺄن
اﻟرﻏﺑﺔ ﺑﺣﻔظ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘوش ﻗد ﺗﺣﻘﻘت وﻟﻛن أﺑﻌد ﺑﻛﺛﯾر ﻣﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺗﺻور ﻛﺎﺗﺑوﻫﺎ
43
و اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ﺣﻔظ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘوش ﻫو اﺳﺗﺧدام اﻟﻛﺎﺗب ﻗدﯾﻣﺎ ﻟﻠﺣﺟر أو اﻟﻔﺧﺎر أو
اﻟﻣﻌدن ﻟﯾﺿﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻧﻘوﺷﻪ وﻛﺗﺎﺑﺎﺗﻪ .واﻟﺣﻔر ﺑﺄداة ﺣﺎدة ﻋﻠﻰ اﻷﺣﺟﺎر واﻟﺻﺧور ﯾﺣﺗم
ظﻬور أﺷﻛﺎل ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻟﺣروف ،وﻫو ﻣﺎ ﺗﻌﻛﺳﻪ ﻣﻬﺎرة أﺻﺣﺎب اﻟﻧﻘوش وﻣدى طواﻋﯾﺔ
اﻟﻣﺎدة اﻟﻣوﺟودة ﺗﺣت ﺗﺻرﻓﻬم .وﻫذا ﻣﺎ اﺳﺗدﻋﻰ دراﺳﺔ أﺷﻛﺎل اﻟﺣروف ﺣﺳب اﻟﻔﺗرات
اﻟزﻣﻧﯾﺔ واﻟﻠﻐﺎت واﻷﻗﺎﻟﯾم واﻟﻛﺗﺎب ،وﯾرﺗﺑط اﻟﻣوﺿوع ﺑﺷﻛل وﺛﯾق ﺑظﻬور اﻷﺑﺟدﯾﺔ
وﺗطورﻫﺎٕ ،وان ﻛﺎﻧت اﻷﺑﺟدﯾﺔ اﻟﻣﺳﻣﺎرﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻋرﻓت ﻓﻲ راس ﺷﻣ ار )أوﻏﺎرﯾت( ﺷﻣﺎل
ﺳورﯾﺎ ﻗد ﺳﺑﻘت اﻷﺑﺟدﯾﺔ اﻟﻔﯾﻧﯾﻘﯾﺔ .ﻓﻲ اﻟﻐرب أﻛﺗﺷف أول ﻧﻘش أﺑﺟدي ﺑﺎﻷراﻣﯾﺔ واﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ
ﻓﻲ روﻣﺎ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺳﺎﺑﻊ ﻋﺷر ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن ﺑواﺑﺔ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻣوﺿﻌﻬﺎ ﻣﻌﺑد ﻣﺧﺻص
ﻟﻠﺟﻧود اﻟروﻣﺎن ﻣن أﺻل ﺗدﻣري .وﻣﻧذ ذﻟك اﻟﺣﯾن ﺗطور ﻣوﺿوع اﻟﻧﻘوش ﻟﯾﺻﺑﺢ ﺣﻘﻠد
ﻣﺳﺗﻘﻼ ﯾﻌﺎﻟﺞ ﻓﯾﻪ ﻋدد ﻣن ﻟﻐﺎت اﻷﺻل اﻟﺛﻼﺛﻲ ،أي ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﺳم ﺑﺎﻟﻠﻐﺎت اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ،
واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻌرﺑﯾﺔ أﻫﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق .اﻷﻛدﯾﺔ ﻫﻲ إﺣدى ﻫذﻩ اﻟﻠﻐﺎت وﻟﻛﻧﻬﺎ ﺗﺧرج
ﻧوﻋﺎ ﻣﺎ ﻋن إطﺎر ﺣﻘل دراﺳﺎت اﻟﻧﻘوش ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺗﺑت ﻋﻠﻰ أﻟواح أو رﻗم طﯾﻧﯾﺔ وﺑﺎﻟﺧط
44
-15اﻟﻔﻧون اﻟﺟﻣﯾﻠﺔ:
ﻓن اﻟﻧﺣت :وﻫو ﻓن إﻋﺎدة ﺗﻛوﯾن اﻟﻘطﻊ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺑﺎﺳﺗﺧدام ﻣواد ﺻﻠﺑﺔ ﻟﻠﻧﺣت ﻣﺛل
اﻟﺣﺟر واﻟرﺧﺎم واﻟﺑروﻧز وﻏﯾرﻫﺎ ﺑﺷﻛل ﺗﻣﺎﺛﯾل أو ﻣﻧﺣوﺗﺎت أو زﺧﺎرف ﻧﺎﻓرة وﻏﺎﺋرة .و ﻟﻪ
دور ﻣﻬم ﻓﻲ ﻋﻣل ﻧﺳﺦ ﻋن اﻟﻣﻧﺣوﺗﺎت اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟﻌرض ﻓﻲ اﻟﻣﺗﺎﺣف
اﻟﻔن اﻟﺗﺷﻛﯾﻠﻲ :ﻫو ﻓن اﻟﻘوﻟﺑﺔ )ﯾﺳﻣﻰ أﯾﺿﺎ ﻓن اﻟﺑﻼﺳﺗﯾك( ﺑﺎﺳﺗﺧدام ﻣواد ذات طﺑﯾﻌﺔ ﻟﯾﻧﺔ
أو رﺧوة ﻣﺛل اﻟﺷﻣﻊ أو اﻟﻔﺧﺎ ر 1وﻏﯾرﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﻛون ٕواﻧﺷﺎء ﻗطﻊ أﺛرﯾﺔ ﻓﻧﯾﺔ ﻛﺎﻷدوات
واﻷواﻧﻲ وﺻﻧﻊ ﻣﺟﺳﻣﺎت ﻷدوات أو ﻗطﻊ أو أﺑﻧﯾﺔ أو ﻫﯾﻛل ﻋظﻣﻲ ﺗﺧدم ﻋﻠم اﻵﺛﺎر
واﻟﻣﺗﺎﺣف.
ﻓن اﻟﺣﻔر ﻋﻠﻰ اﻷﺣﺟﺎر اﻟﻛرﯾﻣﺔ :وﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﺣﻔر ٕواﻋﺎدة ﺗﺷﻛﯾل اﻟﺣﺟﺎرة اﻟﻛرﯾﻣﺔ اﻟدﻗﯾﻘﺔ
ﺑﺎﻟﺣﻔر اﻟﻐﺎﺋر أو اﻟﺑﺎرز وﺣﺎﻟﯾﺎ ﺗﺗم ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺑﻣﺳﺎﻋدة اﻟﺣﻔر ﺑﺎﻟﻠﯾزر.
ﻓن اﻟرﺳم :ﯾﻌد اﻟرﺳم اﻷداة اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ واﻟﺷﺎﺋﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻣﻧﻘب اﻷﺛري وﻫﻲ ذات
أﺷﻛﺎل ﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ وﻣﺗﻧوﻋﺔ ﻣن رﺳم اﻟﺧراﺋط اﻟطﺑوﻏ ارﻓﯾﺔ ورﺳم اﻟﻘطﺎﻋﺎت واﻟﻣرﺑﻌﺎت واﻟرﺳم
اﻟﻣﻌﻣﺎري ورﺳم اﻟﻠﻘﻰ اﻷﺛرﯾﺔ وﻛرﺳم اﻷدوات اﻟﺻواﻧﯾﺔ واﻟﻧﻘوش اﻟﺻﺧرﯾﺔ واﻟﻔﺧﺎر
45
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻟث :ﻣﻧﻬﺟﯾﺔ اﻟﺗﺄرﯾﺦ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر
ﺗﻧﻘﺳم ﻋواﻣل اﺧﺗﻔﺎء اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻣﺎ ﯾﺧﺻﻬﺎ ﻣن ﻣﺑﺎﻧﻲ واﻟﻣواﻗﻊ واﻟﻣدن
اﻟﻘدﯾﻣﺔ إﻟﻰ ﻋواﻣل طﺑﯾﻌﯾﺔ وأﺧرى ﺑﺷرﯾﺔ ،وﻗد ﯾﺟﺗﻣﻊ أﻛﺛر ﻣن ﻋﺎﻣل ﻣﻌﺎ ﻓﻲ اﺧﺗﻔﺎﺋﻬﺎ وﻗد
ﯾﺧﺗﻔﻲ اﻟﻣوﻗﻊ ﻓﺟﺄة أو ﻋﻠﻰ ﻋدة ﻣراﺣل ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ وذﻟك ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻠﻌﺎﻣل اﻷﺳﺎس ﻓﻲ اﺧﺗﻔﺎء
اﻟﻣوﻗﻊ .وﻟﻬذا اﻟﺳﺑب ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻷﺛرﯾﯾن واﻟﻣﻧﻘﺑﯾن أن ﯾﻛوﻧوا ﻣﻠﻣﯾن ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻷرض اﻟﺗﻲ
ﯾﻌﻣﻠون ﺑﻬﺎ وأن ﺗﻛون ﻟدﯾﻬم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻋن اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ وﻣﺗﻔﻬﻣﯾن ﻟﻌواﻣل
اﺧﺗﻔﺎﺋﻬﺎ واﻧدﺛﺎرﻫﺎ.
واﻟﻔﯾﺿﺎﻧﺎت واﻟﺑراﻛﯾن واﻟزﻻزل واﻷﻋﺎﺻﯾر واﻟرﯾﺎح واﻟزواﺑﻊ اﻟﻣﺣﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟرﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺳب
ﻛﻣﺎ أن ﻓﯾﺻﺎن اﻷﻧﻬﺎر ﯾﺷﻛل ﺧط ار ﻛﺑﯾ ار ﺟدا ﻋﻠﻰ اﻟﻣدن واﻟﻘرى اﻟﺗﻲ أﻗﯾﻣت
ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎﻓﻬﺎ ،وﻗد ﯾﺗﻐﯾر ﻣﺟراﻫﺎ ﻓﺗﻐﻣر ﻣﯾﺎﻫﻬﺎ اﻟﻣدن اﻟﺗﻲ أﻣﺎﻣﻬﺎ ،وﺗﻬﺟر اﻟﻣدن اﻟﺗﻲ
ﻛﺎﻧت ﻣﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎﻓﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟرى اﻷول ،واﻟﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣدن واﻟﻘرى اﻟﺗﻲ
46
ﺗﻘﺎم ﻋﻠﻰ ﺷواطﺊ اﻟﺑﺣﺎر اﻟﺗﻲ ﻗد ﯾرﺗﻔﻊ ﻣﺳﺗوى ﻣﯾﺎﻫﻬﺎ ﺑﺳﺑب اﻟﻣد واﻟﺟزر واﻷﻋﺎﺻﯾر
ﺗﺄﺗﻲ اﻟزﻻزل واﻟﺑراﻛﯾن ﻋﻠﻰ رأس اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺗؤدي إﻟﻰ اﺧﺗﻔﺎء اﻟﻣدن واﻟﻣﺑﺎﻧﻲ
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إﻟﻰ ﺗﻛون اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﻓﻣن اﻟﻣﻌروف أن اﻟزﻻزل واﻟﺑراﻛﯾن ﺗﺣدث ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﺣرﻛﺔ
اﻟظﺎﻫرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺷرة اﻷرﺿﺔ ،ﻓﺳﺑب اﻟﻐﻠﯾﺎن واﻻﻧﺻﻬﺎر داﺧل ﺑﺎطن اﻷرض ﺗﺿﻐط
اﻟﻐﺎزات ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺷرة اﻷرﺿﯾﺔ ﻓﺗﻧﻔذ ﻣن أﺿﻌﺎف أﺟزاء اﻟﻘﺷرة اﻷرﺿﯾﺔ ﻓﺗﻧﺷر اﻟﻐﺎزات
اﻟﺳﺎﻣﺔ وﺗﺗطﺎﯾر اﻟﺣﻣم اﻟﺑرﻛﺎﻧﯾﺔ وﺗﻐطﻲ اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﻘرﯾﺑﺔ وأﺻدق ﻧﻣوذج ﻋﻠﻰ ﻫذا ﻋﻧدﻣﺎ
ﺛﺎر ﺑرﻛﺎن ﻓﯾزوف اﻟﻘﺎﺋم ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن ﻣدﯾﻧﺔ ﻧﺎﺑوﻟﻲ ﺟﻧوب إﯾطﺎﻟﯾﺎ ﻋﺎم 79م ﻓﻐطﻰ
اﻟﻣدﯾﻧﺗﯾن اﻟروﻣﺎﻧﯾﺗﯾن ﺑوﻣﺑﻲ وﻫﯾرﻛوﻻﻧﯾوم ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل وطﻣرﻫﻣﺎ ﺑﻌد أن أودى ﺑﺣﯾﺎة ﺳﻛﺎﻧﻬﻣﺎ
ﺑﻌد أن ظل ﯾﺿرﺑﻬﻣﺎ ﺑواﺑل ﻣن اﻟﺣﻣم ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ أﯾﺎم ﻣﺗواﺻﻠﺔ ،ﻋطت ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺑﺎﻧﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل
ﺛم ﺳﺎﻟت ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ ﺳﯾول ﻣن اﻟطﻔﻠﺔ اﻟﺑرﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﻣزوﺟﺔ ﺑﺎﻟرﻣﺎد وارﺗﻔﻌت اﻟﻣﯾﺎﻩ اﻟﺟوﻓﯾﺔ ﻋﻠﻰ
أرﺿﻬﻣﺎ ﺣﺗﻰ ﻧﺑت ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ اﻟﻌﺷب ﻟﺗﺑدوا و ﻛﺄﻧﻬﻣﺎ ﻻ وﺟود ﻟﻬﻣﺎ أﺻﻼ.1
وﺗﺑﻘﻰ اﻟزﻻزل أﻛﺛر ﻋﻧﻔﺎ ودﻣﺎ ار ﻟﻠﻣدن واﻟﻘرى ﻣن اﻟﺑراﻛﯾن ﺧﺎﺻﺔ إذا زادت درﺟﺔ
ﻗوﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳت درﺟﺎت ﺑﻣﻘﯾﺎس رﺧﺗر ،ﺣﯾث ﺗﻛون اﻟﻬزة ﻋﻧﯾﻔﺔ وﺗؤدي إﻟﻰ ﺗﺻدع اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ
وﺗﻬﺎوﯾﻬﺎ وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗﻐطﻲ اﻷﻧﻘﺎض اﻷﺣﯾﺎء ﻣن اﻹﻧﺳﺎن واﻟﺣﯾوان وﺗﻛون ﻧﻬﺎﯾﺗﻬﺎ اﻟﻣﺣﺗوﻣﺔ
-1أدﻛﯾزر ،ﻟﺳﻠﻲ وروي :ﻣدﺧل ﻋﻠﻰ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،ﺗرﺟﻣﺔ ھﻣﺎم زﯾﻧﺔ ،وزارة اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،دﻣﺷق ،2010 ،ص .36
47
ﺑﯾن اﻷﻧﻘﺎض .وﻋﻧد ﺗرض اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ﻟﻠزﻻزل ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺗﻌرض ﻟﺣرﻛﺎت ﻓﺟﺎﺋﯾﺔ ﻏﯾر
ﻣﻧﺗظﻣﺔ وﺗﺗﻣﯾز ﺑﺗﻐﯾﯾر ﻣﻌدﻻﺗﻬﺎ وﺷدﺗﻬﺎ ﻋدة ﻣرات ﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ اﻟواﺣدة ﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ
ﺗﻌرض اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ إﻟﻰ اﻻﻧﻔﺻﺎل ﻋن ﺑﻌﺿﻬﺎ أو ﺗﺻدﻋﻬﺎ ﻛﻠﯾﺎ أو
ﺟزﺋﯾﺎ ،وﺗﺷﻛل اﻟﺗﺄﺛﯾرات اﻷﻓﻘﯾﺔ ﻟﻼﻫﺗ اززات اﻷرﺿﯾﺔ ﺧطورة ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ
ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺣﻣﻠﻬﺎ وﺗؤدي إﻟﻰ ﺗﺷﻘﻘﻬﺎ واﻧﻔﺻﺎﻟﻬﺎ ﻋن اﻟﺗرﺑﺔ اﻟﺗﻲ أﻗﯾﻣت ﻓوﻗﻬﺎ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
وﻟﻌل ﻣﺎ ﺷﻬدﺗﻪ ﻛل ﻣن ﻣﺻر وﺗرﻛﯾﺎ ٕواﯾران ﻣن اﻟﺗﺄﺛﯾرات اﻟﻌﻧﯾﻔﺔ ﻟﻠزﻻزل وﻣﺎ ﺗﺣدﺛﻪ
ﻣن دﻣﺎر ﺧﯾر ﺑرﻫﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺣﯾق ﺑﺎﻟﻣدن ﻣن دﻣﺎر ﻛﺑﯾر ،ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﺿرب زﻟزال ﻣدﯾﻧﺔ
ﻣﺻر ﻋﺎم 1992م ﺗﺄﺛر وﺗﺻدع وﺗﻬﺎوى اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻧﺎزل واﻟﻣﺑﺎﻧﻲ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻘدﯾم ﻣﻧﻬﺎ،
وﻋﻧدﻣﺎ ﺿرب زﻟزال دوﻟﺔ ﺗرﻛﯾﺎ ﻋﺎم 1999م ﺗﺄﺛرت وﺗﺻدﻋت ﻣن ﺟراﺋﻪ أﻛر ﻣن 156
اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ ﻟﺣق ﺑﻬﺎ اﻟدﻣﺎر وﻣﺎت اﻵﻻف ﻣن اﻟﺑﺷر وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺗﺧﯾل ﺣﺟم اﻟﺿرر
اﻟذي ﻛﺎن ﯾﻠﺣﻘﻪ زﻟزال ﺳت درﺟﺎت ﺑﻣﻘﯾﺎس رﺧﺗر ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﻘدﯾم .وﻣﺛﺎل ﻋﻠﻰ ﻫذا
اﻟﺿرر اﻟﻛﺑﯾر ﺗﺷﻛل اﻟﺗﺻدﻋﺎت اﻟﻣؤﺛرة ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ واﻟﺑﯾزﻧطﯾﺔ
-1ﻣﺣﻣد ،ﻋﺑد اﻟﮭﺎدي ﻣﺣﻣد :دراﺳﺎت ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺗرﻣﯾم و ﺻﯾﺎﻧﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﻌﯾر ﻋﺿوﯾﺔ ،1997 ،ص .256
48
ﺧزاﻧﺎت اﻟﻣﯾﺎﻩ واﻟﺣﻣﺎﻣﺎت واﻟﻣدرج ﺗظﻬر ﻣدى ﻗوة اﻟزﻟزال اﻟﻣدﻣر اﻟذي ﺿرب اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ
ﻋﺎم 535م ،ﻛﻣﺎ أن ﻫﻧﺎك زﻟزاﻻ آﺧر ﺿرب اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺣﺎدي ﻋﺷر ﻣﯾﻼدي ﻛﺎن
ﻟﻪ ﺗﺄﺛﯾرﻩ اﻟﻣدﻣر ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺎرة اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ وأن زﻟزال اﻟﻘرن اﻟراﺑﻊ ﻋﺷر ﻗد أﺗﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻘﯾﺔ
اﻟﺑﺎﻗﯾﺔ ﻣﻧﻪ.
ﻗد ﺗﺣدث ﺗﻐﯾرات ظﺎﻫرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺷرة اﻷرﺿﯾﺔ ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ اﻧﺧﻔﺎض ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى
أراﺿﻲ اﻟﺳﻬول اﻟﺳﺎﺣﻠﯾﺔ ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ طﻐﯾﺎن ﻣﯾﺎﻩ اﻟﺑﺣر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﺳﺎﺣل أو اﻟﻘرﯾﺑﺔ ﻣﻧﻪ ،وﯾظﻬر ﻫذا ﺑوﺿوح ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣﯾﻧﺎء اﻟﺷرﻗﻲ ﺑﺎﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ
اﻟﺗﻲ أﺳﺳﻬﺎ اﻟﻔراﻋﻧﺔ ﻋﻧد ﺟزﯾرة ﻓﺎروس ﻛﻣﺎ اﺧﺗﻔت ﺟزﯾرة اﻟﻣﺎس اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻧد
وﻫﻧﺎك ظواﻫر طﺑﯾﻌﯾﺔ أﺧرى ﯾﻣﻛن أن ﺗؤدي إﻟﻰ اﻧطﻣﺎر اﻟﻣوﻗﻊ ﻣﺛل اﻟﻌواﺻف
اﻟرﻣﻠﯾﺔ واﻻﻧﻬﯾﺎرات اﻷرﺿﯾﺔ ﻧﺣو اﻧﻬﯾﺎرات اﻟﺻﺧور أواﻟﺗرﺑﺔ .ﻓﻔﻲ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺻﺣراوﯾﺔ
ﺗﺧﺗﻔﻲ اﻟﻘرى واﻟﻣدن اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺗﺣت اﻟرﻣﺎل اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن اﻟﻌواﺻف اﻟرﻣﻠﯾﺔ إذ إن ﺗﻣﺛﺎل أﺑو
اﻟﻬول اﻟﺷﻬﯾر ﻓﻲ ﻣﺻر ﻛﺎن ﻣدﻓوﻧﺎ ﺗﺣت اﻟرﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺧﺎﻣس ﻗﺑل اﻟﻣﯾﻼد ﻓﻠم ﯾﺄت
ﻫﯾرودوت ﻋﻠﻰ ذﻛرﻩ ﺣﯾﻧﻣﺎ زار ﻣﺻر وﻛذﻟك اﻟﺗﻣﺎﺛﯾل اﻟﺻﻐﯾرة ﻷﺑﻲ اﻟﻬول اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت
ﺗزﯾن اﻟطرﯾق إﻟﻰ ﻣﻌﺑد اﻟﻛرﻧك ﻗد اﺧﺗﻔﻰ ﺗﻣﺎﻣﺎ رﻏم ﻋددا اﻟﻛﺑﯾر ﺑﻔﻌل اﻟرﯾﺎح اﻟﻣﺣﻣﻠﺔ
ﺑﺎﻟرﻣﺎل ﺣﺗﻰ ﻣﺟﻲء اﻟﻌﺎﻟم اﻷﺛري أوﺟﺳت ﻣﺎرﯾﯾت وﺷﺎﻫد رأس أﺣدﻫﺎ ﺗﺑرز ﻣن ﺗﺣت
49
اﻟرﻣﺎل ﻓﻘﺎم ﺑﺎﻟﺗﻧﻘﯾب وأزاح اﻟرﻣﺎل ﻋن 141ﺗﻣﺛﺎل ﻷﺑﻲ اﻟﻬول وﻗواﻋد ﻟﺗﻣﺎﺛﯾل أﺧرى ﺗﻣﺗد
ﻋﻠﻰ طول طرﯾق طوﻟﻪ 600ﻗدم ﺗﻘرﯾﺑﺎ ،وﻛذﻟك اﻷﻣر ﻋﻧدﻣﺎ ظﻬرت أﻋﻣدة ﻣدﻓوﻧﺔ ﻓﻲ
اﻟﺗراب ﻓﺗم ﻛﺷف ﻋن ﻣدﯾﻧﺔ ﺟرش اﻷﺛرﯾﺔ ﻓﻲ ﺷﻣﺎل اﻷردن .أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣطﯾرة
ﻓﺗﻛون ﺳرﻋﺔ وﻛﺛﺎﻓﺔ ﻧﻣو اﻟﻧﺑﺎﺗﺎت ﺳﺑﺑﺎ ﻓﻲ اﺧﺗﻔﺎء اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ واﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻌﻣراﻧﯾﺔ وﺗﻛون
إن أﺛر اﻟﻌواﻣل اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻻ ﯾﻘل ﺧطورة ﻋن أﺛر اﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻓﻲ ﺧراب
اﻟﻣدن واﻧدﺛﺎر ﻣﻌﺎﻟﻣﻬﺎ واﺧﺗﻔﺎﺋﻬﺎ ،ﻓﻔﻲ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن ﯾﻠﺟﺄ اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ ﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ
اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻓﯾﻘﺗﻠﻊ أﺣﺟﺎرﻫﺎ وأﻋﻣدﺗﻬﺎ ﻟﯾﻌﯾد اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﻣﺑﺎن ﺟدﯾدة ،وﻓﻲ أﺣﯾﺎن أﺧرى
ﯾﺗم اﺧﺗﯾﺎر ﻣواﻗﻊ اﻟﻣدن اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻟﯾﺷﯾد ﻓوﻗﻬﺎ ﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟﻣدن اﻟﺟدﯾدة ،وﻗد ﺣدث ﻫذا ﻛﺛﯾ ار ﻓﻲ
اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ و ﻋﺑر ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،ﻓﻣوﻗﻊ ﻣدﯾﻧﺔ طروادة اﻷﺛري ﻋﺛر ﻓﯾﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎض
ﺗﺳﻊ ﻣدن ﻣﺗراﻛﺑﺔ ﻓوق ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض وﻛذﻟك اﻟﺣﺎل ﻓﻲ ﺑﻘﯾﺔ ﻣﻌظم ﻣواﻗﻊ وﻣدن اﻟﺷرق
اﻟﻘدﯾم.
واﻷﻣر ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣدن ﻓﻲ اﻷزﻣﻧﺔ اﻟﻼﺣﻘﺔ وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻣدﯾﻧﺔ ﺑﺻرى
اﻟﺷﺎم إذ ﺗﻌﺎﻗب ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻋدة ﺣﺿﺎرات ﺗم ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻋﺎدة اﺳﺗﺧدام اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ وﺣﺟﺎرﺗﻬﺎ
ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻣﻛﺎن ،ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺄﺗﻲ ﺳﻛﺎن ﺟدد ﻟﻠﻣدﯾﻧﺔ ﯾﺗم اﺳﺗﺧدام اﻟﻣواد اﻟﻣﺗوﻓرة ﻓﻲ
50
اﻟﻣوﻗﻊ ﻣن ﺧﻼل ﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻣن ﺣﺟﺎرة وﻏﯾرﻫﺎ ﻟﺗوﻓﯾر اﻟوﻗت واﻟﺟﻬد ﻓﻲ ﺻﻧﺎﻋﺔ
ﺣﺟﺎرة اﻟﺑﻧﺎء ﻣن اﻟﻣﻘﺎﻟﻊ اﻟﺣﺟرﯾﺔ وﻟﺳرﻋﺔ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺑﻧﺎء ،وأﺣﯾﺎﻧﺎ أﺧرى ﺗم اﺳﺗﺧدام ﻧﻔس
اﻟﺑﻧﺎء اﻟﻘدﯾم ﻣﻊ إﺟراء اﻟﺗرﻣﯾﻣﺎت واﻟﺗﻌدﯾﻼت ﻋﻠﯾﻪ وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻧﺟدﻫﺎ ﺑﺷﻛل ﺧﺎص
ﺧﻼل اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣدﯾﻧﺔ .ﻓﻘد ﺗم ﺗﻬدﯾم اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ واﻟﺑﯾزﻧطﯾﺔ واﺳﺗﺧدام
ﺣﺟﺎرﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء أﺑراج اﻟﻘﻠﻌﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﯾذﻛر أﺣد اﻟﻣؤرﺧﯾن أن
اﻟﺑرج اﻟﻐرﺑﻲ ﻣن اﻟﻘﻠﻌﺔ ﻟم ﯾﺳﺗﻐرق ﻣن اﻟوﻗت إﻻ ﺗﺳﻌﺔ أﺷﻬر ﺑﺳﺑب ﺗوﻓر ﺣﺟﺎرة اﻟﺑﻧﺎء
اﻟﺗﻲ ﺟﻠﺑت ﻣن اﻷﺑﻧﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ،وﻧﻼﺣظ اﻷﻣر ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺟد اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﺣﺗﻰ
إﻧﻧﺎ ﻧﺟد اﻷﻋﻣدة اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ واﻟﺑﯾزﻧطﯾﺔ اﺳﺗﺧدﻣت ﻓﻲ ﺑﻧﺎﺋﻬﺎ ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻛﺄﻋﻣدة أم وﺿﻌت
ﻓﻲ اﻟﺟدران و اﻷﺳطﺢ ﺑﻌض اﻟﺣﺟﺎرة ﻓﻲ ﺟدران اﻟﻣﺳﺎﺟد واﻟﻘﻠﻌﺔ ﺗﺣﻣل ﻧﻘوﺷﺎ ﻟﻛﺗﺎﺑﺎت
ﻻﺗﯾﻧﯾﺔ ﻗدﯾﻣﺔ.
ﻛﻣﺎ أن اﻹﻧﺳﺎن ﯾﻠﺟﺄ أﺣﯾﺎﻧﺎ إﻟﻰ إﻋﺎدة ﺑﻧﺎء ﺑﻌض اﻟﻣﻌﺎﻟم اﻟدﯾﻧﯾﺔ ﻛﺎﻟﻣﻌﺎﺑد واﻟﻛﻧﺎﺋس
واﻟﻣﺳﺎﺟد وﺗﺟدﯾدﻫﺎ ﻟﻘداﺳﺔ ﻣوﻗﻌﻬﺎ ،ﻛﺟﺎﻣﻊ اﻟﻘﯾروان اﻟذي ﺟدد ﻓﻲ ﻋﻬد اﻷﻏﺎﻟﺑﺔ ﺑﺷﻛل
ﻛﻠﻲ ﻣﺎ ﻋدى اﻟﻣﺣراب اﻟذي اﺣﺗﻔظ ﺑﻪ و اﻛﺗﻔﻲ ﺑﺗﻠﺑﯾﺳﻪ ﺑﺎﻷﻟواح اﻟرﺧﺎﻣﯾﺔ واﻟﺧزﻓﯾﺔ ،ﺗﯾﻣﻧﺎ
51
اﻟﻌواﻣل اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ: -1
ﻟﻘد دأب اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻧذ اﻟﻘدم ﻋﻠﻰ اﺧﺗﯾﺎر ﻣواﻗﻊ ﻟﻼﺳﺗﻘرار وﺑﻧﺎء اﻟﻣدن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻟﻣﺎ ﺗوﻓرﻩ
ﻟﻪ ﻣن ﻣوارد طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺗﺳﺎﻋدﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﻣو اﻗﺗﺻﺎدﻩ وﺗطوﯾرﻩ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﻗد ﺗﺗﻐﯾر
اﻟظروف وﺗﺗﻘطﻊ اﻟﻣوارد ﻓﯾﻬﺟر اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﻛﺎن وﯾرﺣل إﻟﻰ ﻣﻛﺎن آﺧر ،ﻓﻘد ﺗﺑﻧﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ
ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎف ﻧﻬر ﺛم ﯾﻐﯾر اﻟﻧﻬر ﻣﺟراﻩ ﻓﯾؤﺛر ﺳﻠﺑﺎ ﻋﻠﻰ اﻗﺗﺻﺎد اﻟﻣدﯾﻧﺔ وﯾدﻓﻊ أﻫﻠﻬﺎ
ﻟﻬﺟرﻫﺎ ،أو ﺗﻛون ﻣﺣطﺔ ﻋﻠﻰ طرق ﺗﺟﺎرﯾﺔ رﺋﯾﺳﯾﺔ ﺛم ﺗﻐﯾرت ﻫذﻩ اﻟطرق ،وﻗد ﯾﻧﺗﺷر ﻓﯾﻬﺎ
وﺑﺎء ﺧطﯾر أو ﯾﺻﯾﺑﻬﺎ اﻟﺟﻔﺎف واﻟﻘﺣط ﻓﺗﻧﺗﺷر اﻟﻣﺟﺎﻋﺔ واﻟﻔﻘر ،وﻣن ﺛم ﯾﺿطر أﻫﻠﻬﺎ
ﻟﻠﻌواﻣل اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ دور ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺧراب اﻟﻣدن واﻧدﺛﺎرﻫﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺣروب ،ﻓﻛﺛﯾ ار ﻣﺎ
ﯾﺗﺣﺻن اﻹﻧﺳﺎن داﺧل أﺳوار ﻣدﻧﻪ وﻗﻼﻋﻬﺎ وﺣﺻوﻧﻬﺎ ،ﻓﯾﺿطر اﻟﻣﻬﺎﺟم إﻟﻰ درب
اﻷﺳوار ودﻛﻬﺎ وﻗد ﯾﻬدﻣﻬﺎ وﯾﺣرﻗﻬﺎ ﺑﻌد ﻓﺗﺣﻬﺎ ،وﯾﻘﺗل أﻫﻠﻬﺎ وﯾﺟﻠﯾﻬم ﻋﻧﻬﺎ وﯾﺗرك ﻣدﻧﻬم
اﻟﻣدﻣرة ﻋرﺿﺔ ﻟﻌواﻣل طﺑﯾﻌﯾﺔ ﺗدرس أطﻼﻟﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ ﻗرطﺎج ﺑﺗوﻧس ﺣﯾﻧﻣﺎ دﻣرﻫﺎ
اﻟروﻣﺎن ،واﻷﺧﯾﻠﯾون اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾون ﺑﻣدﯾﻧﺔ طروادة ،ودﻣر ﺷﻌوب اﻟﺑﺣر ﻣدن ﻛﺛﯾرة ﻣﺛﺎل
وأﺣﯾﺎﻧﺎ ﯾﺑﻧﻲ اﻟﺣﻛﺎم ﻣدﯾﻧﺔ وﯾﺗﺧذوﻧﻬﺎ ﻋﺎﺻﻣﺔ ﺑدل اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت
ﻣزدﻫرة ﻓﻲ اﻟﻌﻣران ،ﻓﯾﻬﺟرﻫﺎ اﻟﻧﺎس إﻟﻰ اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة ،ﻛﻣﺎ ﺣدث ﻟﻘﻠﻌﺔ ﺑﻧﻲ ﺣﻣﺎد ﻟﻣﺎ
52
ﺑﻧﯾت ﻣدﯾﻧﺔ ﺑﺟﺎﯾﺔ اﻟﻧﺎﺻرﯾﺔ ،واﻧﺗﻘﺎل اﻷﻣراء اﻟﺣﻣﺎدﯾﯾن إﻟﯾﻬﺎ ،ﻓﺧرﺑت اﻟﻘﻠﻌﺔ وﻫﺟرﻫﺎ أﻫﻠﻬﺎ،
وأﺣﯾﺎﻧﺎ أﺧرى ﯾﻘوم اﻟﻧﺎس ﺑدﻓن ﻛﻧوزﻫم ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﻬﺎ ﻣن اﻷﻋداد ﻟﺗﻛون ﻓﻲ أﻣﺎن ﻣن
اﻟﻧﻬب واﻟﺳرﻗﺔ واﻟﺗدﻣﯾر ﻛﻣﺎ ﻓﻌل ﺳﻛﺎن ﻣدﯾﻧﺔ أﺛﯾﻧﺎ ﻓﻲ أواﺋل اﻟﻘرن اﻟﺧﺎﻣس ﻗﺑل اﻟﻣﯾﻼد
وﻗت اﻟﻬﺟوم اﻟﻔﺎرﺳﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ إذ دﻓن أﻫل أﺛﯾﻧﺎاﻟﺗﻣﺎﺛﯾل اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺟﻊ
إﻟﻰ اﻟﻌﺻر اﻟﻌﺗﯾق ﻓﻲ إﻛرﺑول اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺗﻬﺎ وﺑﻘﻲ ﻗﺳم ﻛﺑﯾر ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻣدﻓوﻧﺔ
ﺣﺗﻰ ﻛﺷف ﻋﻧﻬﺎ ﺣدﯾﺛﺎ .1وﻛذﻟك اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻣداﻓن ﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻣﺛل
ﻣداﻓن وادي اﻟﻣﻠوك ﻓﻲ ﻣﺻر إذ ﻛﺎﻧت ﺗﺗم ﺑﺳرﯾﺔ وﺗﻣوﻩ ﻟﻛﻲ ﻻ ﯾﺗم ﻛﺷﻔﻬﺎ وﻧﻬﺑﺎ وﺧﯾر
ﻣﺛﺎل ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﻘﺑرة ﺗوت ﻋﻧﺦ آﻣون اﻟﺗﻲ ﻛﺷﻔت ﻓﻲ ﻋﺻرﻧﺎ اﻟﺣﺎﻟﻲ ودﺧﻠت ﻷول ﻣرة ﻣﻧذ
اﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري ﻣﻛﺎن ﯾﻌﺛر ﻓﯾﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺧﻠﻔﺎت وﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺑﺷري اﻻﺳﺗﯾطﺎﻧﻲ
ﺧﻼل اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،واﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري ﯾﻣﻛن أن ﯾوﺟد ﻋﻠﻰ ﺳطﺢ اﻷرض أو ﺗﺣﺗﻬﺎ
واﻟﺣﺟم .واﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري ﻣﺻدر أﺛري ﺳرﯾﻊ اﻟﺗﻠف وﻟﯾس ﻣﺗﺟددا ،وﻣﻬدد ﺑﺎﻟﺧراب
53
واﻟدﻣﺎر ﻓﻲ ﻛل ﻟﺣظﺔ ﻟﺣطﺔ ﺗﻬﯾﺄ ﻓﯾﻬﺎ اﻷرض أو اﻟﺗرﺑﺔ ،ﻛﻣﺎ أن اﻟدراﺳﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ
وﯾﻣﻛن أن ﻧﺷﺑﻪ ﻛل ﻣوﻗﻊ أﺛري ﺑﻛﺗﺎب ،طﺑﻘﺎﺗﻪ ﺻﻔﺣﺎت ﻣﻛﺗوﺑﺔ ﺗﻧﻘل ﻟﻧﺎ
ﻗطﻌﺎ ﻣن اﻟﺗﺎرﯾﺦ وأﻣﺎ اﻟﻣﺧﻠﻔﺎت اﻷﺛرﯾﺔ واﻟﻣواد واﻟﻠﻘﻰ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﻓﻬﻲ
اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻛﺗظ ﺑﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﺻﻔﺣﺎت .وﻫو ﻣﻧﺟم ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت وﻟﻛن ﻋﻣﻠﯾﺔ
اﺳﺗﺧراج ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺗؤدي إﻟﻰ اﻗﺗﻼع ﺻﻔﺣﺎت اﻟﻛﺗﺎب ﺑل ﺗدﻣﯾر ﻣﺣﺗوﯾﺎﺗﻪ ،ﻟذا
ﯾﺟب ﻋﻧد ﻗراءة ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب ﻋدم ﻓﻘدان أﯾﺔ ﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣدﻓوﻧﺔ
وﻟﻛل ﻣوﻗﻊ أﺛري ﻣزاﯾﺎﻩ اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻬﺎ ﻣن ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺧرى،
وﺗﺧﺗﻠف اﻟﻣواﻗﻊ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺑﺎﺧﺗﻼف طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ واﻟﺣﺿﺎرات اﻟﺗﻲ ﯾرﺟﻊ إﻟﯾﻬﺎ وﺗﺎرﯾﺧﻬﺎ
ﺣﺳب اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻐ ارﻓﻲ إﻟﻰ ﯾﺧﺗﻠف ﻣن إﻗﻠﯾم إﻟﻰ أﺧر وﻣن دوﻟﺔ إﻟﻰ
أﺧرى.
وﺗﺧﺗﻠف اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺷﻛل واﻟﻣﺳﺎﺣﺔ وﻟﻛﻧﻬﺎ ﺗﺷﻛل ﺟﻣﯾﻌﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ
ﺗﺿم ﺑﻘﯾﺎ أﺛرﯾﺔ أﻛﺎﻧت ﻗطﻌﺎ ﻣﺻﻧﻌﺔ أو ﻣﺑﺎﻧﻲ وﻟﻘد ﺻﻧف ﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن واﻷﺛرﯾﯾن
اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﺑﺄﺷﻛﺎل ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﻓﻣﻧﻬم ﻣن ﺻﻧﻔﻬﺎ ﺣﺳب أﺷﻛﺎل اﻷدوات اﻟﻣﺗواﺟدة ﻓﻲ
اﻟﻣوﻗﻊ وﻫﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠب أدوات ﺣﺟرﯾﺔ و ﺻواﻧﯾﺔﻣﺛل ﻣواﻗﻊ اﻟﻣﻧﺎﻗش ﻓﻲ اﻟﺑﺎدﯾﺔ،
-1ﻏﺎﻻن ،ﻣﺎرﺗﯾن ﯾودرﯾﻐو ،ﻣﻧﺎھﺞ اﻟﺑﺣث اﻷﺛري و ﻣﺷﻛﻼﺗﮫ،ﺗرﺟﻣﺔ ﺧﺎﻟد ﻏﻧﯾم ،ﺑﯾﺳﺎن ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ و اﻹﻋﻼن ،1998،ص .85
54
وﻣﻧﻬم ﻣن ﻋد اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾز اﻟﻣواﻗﻊ ﻣﺛل اﻟﻌﺻور اﻟﺣﺟرﯾﺔ أو
اﻟﺑروﻧزﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ.
وﻋﻧد اﻟﺗﺳﺎؤل ﻋن ﺳﺑب اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻘدﻣﺎء ﻟﺗﻠك اﻟﻣواﻗﻊ ﻣن دون ﻏﯾرﻫﺎ ﻓﺈن
اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺗﺳﺎؤل ﺗﺗرﻛز ﺑﺗوﻓر ﻣﺻﺎدر اﻟﻣﯾﺎﻩ اﻟداﺋﻣﺔ واﻷرض اﻟﺧﺻﺑﺔ
اﻟﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﻠزراﻋﺔ واﻟﻣﻧﺎخ اﻟﻣﻼﺋم ٕواﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟدﻓﺎع ﻋﻧﻪ وﺳﻬوﻟﺔ اﻟوﺻول إﻟﯾﻪ ووﻗوﻋﻪ
ﻓﻲ ﻣراﻛز ﻣﻬﻣﺔ وﻋﻠﻰ اﻟطرﯾق اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ،ﻛل ﻫذﻩ اﻷﻣور ﺗﻠﻌب دو ار ﻣﻬﻣﺎ ورﺋﯾﺳﯾﺎ ﻓﻲ
اﺧﺗﯾﺎر اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻣواﻗﻊ ﺳﻛﻧﻪ و إﻗﺎﻣﺗﻪ .وﯾﻣﻛن ﺗﺻﻧﯾف اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو
اﻟﺗﺎﻟﻲ:
ﺗﻌد ﻣواﻗﻊ اﻟﺗﻼل اﻷﺛرﯾﺔ ذات اﻻرﺗﻔﺎﻋﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛﻠت ﻓوق ﺳطﺢ اﻷرض
أﻛﺛر اﻟﻣواﻗﻊ اﻧﺗﺷﺎ ار وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺷرق اﻷدﻧﻰ .وﺗﺿم اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي اﺧﺗﺎرﻩ اﻟﻘدﻣﺎء
ﺑﻣﻌﯾﺷﺗﻬم وﻣزاوﻟﺔ ﻧﺷﺎطﺎﺗﻬم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،وﻓﻲ أﻏﻠب اﻷﺣﯾﺎن ﯾﻛون اﻻﺳﺗﯾطﺎن ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺎ
ﻟﻌﺻور ﻋدﯾد ﺑﺳﺑب ﺧﺻوﺑﺔ اﻟﺗرﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﻗﻊ ووﺟود ﻣﺻدر ﻣﺎﺋﻲ وﺳﻬوﻟﺔ اﺗﺻﺎﻟﻪ
ﺑﺎﻷﻣﺎﻛن اﻷﺧرى إذا ﻛﺎن ﻋﻠﻰ طرﯾق اﻟﻣواﺻﻼت وﻟﻠﻣﺣﺎﻓظﺔ اﻟﺷدﯾدة اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل اﻟﺳﻛﺎن
اﻟﺷرﻗﯾﯾن ﯾﺗﻌﻠﻘون ﺑﻣﻛﺎن ﺳﺑق أن ﺳﻛﻧﻪ أﺟدادﻫم ٕواذا ﺧرﺟوا ﻣﻧﻪ ﻓﻐﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﻌودون إﻟﯾﻪ.
ﺑﻧطﺎﻗﻬﺎ اﻟﺿﯾق ﻣن ﺟﻣﻠﺔ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣؤدﯾﺔ إﻟﻰ ﺗﻛرار ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﺧرﯾب ٕواﻋﺎدة اﻟﺑﻧﺎء إذ
55
ﺗﺳﻘط اﻟﺟدران أو ﺗﺳﻘط أﺟزاء ﻣﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض وﺗﻣﻸ اﻟﻐرف ﺑﺎﻷﻧﻘﺎض إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻘﺎرب
ﺛﻠث ارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ وﻗﺑل اﻟﺑدء ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ إﻋﺎدة اﻟﺑﻧﺎء ﯾﺳوى اﻟﻣﻛﺎن ﺑﺻورة ﻣﻧﺗظﻣﺔ ﺛم ﺗﺗﺧذ
ﻣﺧﻠﻔﺎت اﻟﺟدران اﻟﻘدﯾﻣﺔ أﺳﺎﺳﺎ ﻟﺟدران ﺟدﯾدة وﻫﻛذا ﺑﻣرور اﻟزﻣن ﻧﺟد اﻟﻘرﯾﺔ أو اﻟﻣدﯾﻧﺔ
ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻣم اﻟراﺑﻲ اﻟﻣرﺗﻔﻌﺔ .وﻛﺎﻧت اﻟﻘرى أو اﻟﻣدن اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺗﺗﻌرض ﻟﻠﻔﯾﺿﺎﻧﺎﺗﺄو
اﻟﻌواﺻف اﻟﺷدﯾدة أو اﻟﺣروب ﻓﺗﺗﺣول ﺑﻌدﻫﺎ إﻟﻰ أﻛوام ﻣن اﻷﻧﻘﺎض وﻋﻧدﻣﺎ رﺟﻊ إﻟﯾﻬﺎ
ﺳﻛﺎﻧﻬﺎ اﻷﺻﻠﯾون أو ﻣﻬﺎﺟرون ﺟدد ﯾﻘﯾم ﻫؤﻻء ﺑﯾوﺗﻬم ﻓوق ﺗﻠﻛﺎﻷﻧﻘﺎض ﻣﺳﺗﻔﯾدﯾن ﻣﻣﺎ
ﯾﺗوﻓر ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن ﻣن أﺳﺑﺎب ﺗﯾﺳر اﻟﻣﻌﯾﺷﺔ وﻫﻛذا ﺗراﻛﻣت اﻟﻘرى واﻟﻣدن ﻓوق ﺑﻌﺿﻬﺎ إﻟﻰ
أن ﻫﺟرﻫﺎ أﻫﻠﻬﺎ ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ وأﺻﺑﺣت أطﻼل دراﺳﺔ ﺗﺟﻣﻌن ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟرﻣﺎل وظﻠت ﻛذﻟك ﺣﺗﻰ
ﺗرﺗﻔﻊ ﻫذﻩ اﻟﺗﻼل اﻷﺛرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺳطﺢ اﻷرض اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻌدة أﻣﺗﺎر وﺗﺧﺗﻠف أﺑﻌﺎد
أﻗطﺎرﻫﺎ ﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺳﻛﻧﻰ ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺳﺗوطﻧﺔ أو ﻗرﯾﺔ أو ﻣدﯾﻧﺔ أو ﻋﺎﺻﻣﺔ ﻟﻣﻣﻠﻛﺔ .وﺗﺗﻣﯾز
اﻟﺗﻼل ﺑﻠون ﺗرﺑﺗﻬﺎ اﻟداﻛﻧﺔ واﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋن اﻟﺗرﺑﺔ اﻟﻣﺟﺎورة ﻟﻬﺎ وﻋﻧﺎﻫﺎ ﺳطﺣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﻘﻰ
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ واﻟﺳر اﻟﻔﺧﺎرﯾﺔ .وﺗﺗﻣﯾز ﻣواﻗﻊ اﻟﻣدن ﺑﻣﺧﺗﻠف ﻣﺑﺎﻧﯾﻬﺎ اﻟﻛﺛﯾرة واﻟﺿﺧﻣﺔ ﻛﺎﻟﺑﯾوت
واﻟﻣﻌﺎﺑد واﻟﻘﺻور وﻏﯾرﻫﺎ ،وﺗﻌد اﻟﻌﻣﺎرة واﻟﻔﻧون واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﻛﻬﺎ ﻟﻧﺎ إﻧﺳﺎن ﺗﻠك اﻟﻣرﺣﻠﺔ
56
ب-اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرات اﻟﺑﺷرﯾﺔ:
وﻫو اﻟﻧوع اﻷﻛﺛر ﺷﯾوﻋﺎ ﺑﯾن اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ وذﻟك ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻣﺛل اﻷﻣﺎﻛن اﻟﺗﻲ أﻗﺎم ﺑﻬﺎ
اﻹﻧﺳﺎن وﻣﺎرس ﻋﻠﻰ أرﺿﻬﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻧﺷﺎطﺎت وﺗﺧﺗﻠف ﻣدة اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣواﻗﻊ
ﺣﺳب اﻟﻣرﺣﻠﺔ وطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﻲ ﻋﺎش ﺑﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن .وﻫذﻩ اﻟﻣواﻗﻊ اﻻﺳﺗﯾطﺎﻧﯾﺔ ﻣﺛل
ﻣواﻗﻊ اﻟﺻﯾد واﻻﻟﺗﻘﺎط ﻓﻲ ﻋﺻور ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺗطورت ﻣﻊ ﻣرور اﻟزﻣن ﻟﺗﺻﺑﺢ ﻗرى ﺛم
ت-ﻣواﻗﻊ اﻟﺗﻘﺻﯾب:
ﯾﻌود ﺗﺎرﯾﺦ ﻫذﻩ اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ إﻟﻰ ﻓﺗرة ﻋﺻور ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ ،ﺣﯾث ﻛﺎﻧت
ﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺻﯾﺎدﯾن واﻟﺟﺎﻣﻌﯾن ﻹﻧﺳﺎن اﻟﻌﺻور اﻟﺣﺟرﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺗﻘوم ﺑﻣطﺎردة اﻟﺣﯾواﻧﺎت
اﻟﻛﺑﯾرة ﻻﺻطﯾﺎدﻫﺎ وﻫذا ﻛﺎن ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻟﻌدة أﯾﺎم ﺑﺟﺎﻧب اﻟﻔرﯾﺳﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺗم ﺗﻘﺻﯾﺑﻬﺎ
وﺗوزﯾﻌﻬﺎ ،ورﺑﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻌﺿﻬم ﺑﺗﺟﻔﯾﻔﻬﺎ ﻷﻛﻠﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد وﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﺗطﻠب إﻗﺎﻣﺔ
ث-ﻣواﻗﻊ اﻟﻘﻣﺎﻣﺔ:
وﺗﺗواﺟد ﻫذﻩ اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺷواطﺊ اﻟﺑﺣﺎر واﻟﺑﺣﯾرات واﻷﻧﻬﺎر ﺣﯾث ﯾوﺟد
ﻗواﻗﻊ واﻷﺻداف اﻟﺑﺣرﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﺧﺎص ،وﺗﺗﺷﻛل ﻫذﻩ اﻟﻣواﻗﻊ ﺑﺳب إﻟﻘﺎء اﻟﻔﺿﻼت ﻓﻲ
ﻧﻔس اﻟﻣﻛﺎن ﻟﻔﺗرة طوﯾﻠﺔ وﯾرﻏب اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﺳﻛن اﻟﻣؤﻗت ﺑﺎﻟﻘرب ﻣﻧﻬﺎ ﻟﻼﺳﺗﻔﺎدة ﻣﻧﻬﺎ.
57
ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﺗوﺟد ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن ﻣراﻛز اﻟﻣدن واﻟﻘرى وﻣراﻛز اﻟﺗﺻﻧﯾﻊ وورﺷﺎت اﻟﻌﻣل ﺣﯾث
ﯾﺗم رﻣﻲ اﻟﻔﺿﻼت وﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﺗﺻﻧﯾﻊ ﻓﻲ اﻟورﺷﺎت واﻟﺗﺎﻟف ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن إﻟﻘﺎء اﻟﻧﻔﺎﯾﺎت ﻣﺛل
ج-اﻟﻣداﻓن و اﻟﻣﻘﺎﺑر:
ﺗﺷﻣل اﻟﻣداﻓن ﻣﺧﺗﻠف ﻣن اﻟﻘﺑور وﺗوﺟد أﺣﯾﺎﻧﺎ داﺧل اﻟﻘرى واﻟﻣدن أﺣﯾﺎﻧﺎ أﺧرﯨﻔﻲ
ﺧﺎرﺟﻬﺎ ،وﺗﺗﻣﯾز ﺑﺎﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟظﺎﻫرة ﻋﻠﻰ ﺳطﺢ اﻷرض ﻣﺛل اﻷﺑراج واﻟﻘﺑﺎب واﻟﻣﺻﺎطب
واﻷﻫراﻣﺎت وﺷواﻫد ﻗﺑور ،وﻓﻲ أﺣﯾﺎﻧﺎ أﺧرى ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﻣﯾﯾزﻫﺎ أول اﻟﻌﺛور ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ
ﺗﻌد ﻣواﻗﻊ اﻟدﻓن واﻟﻣﻘﺎﺑر ﻣن أﻏﻧﻰ اﻷﻣﺎﻛن ﺑﺎﻟﻘطﻊ اﻷﺛرﯾﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت
اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﻣن ﺑﺣﯾﺎة ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﻣوت ﻛﺎﻟﺣﺿﺎرة اﻟﻔرﻋوﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺻر .وﺗﺗﻣﯾز اﻟﻣداﺋن
اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻋن ﻏﯾرﻫﺎ ﺑﻐﻧﻰ اﻟﻣوﺟودات وﻓﺧﺎﻣﺔ اﻟﻌﻣﺎرة ،وﻫذﻩ اﻟﻣداﻓن ﺗﺷﻛل ﻣﺻدر ﻫﺎم ﺟدا
ﻟﻠﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺣول اﻟﻌﻘﺎﺋد اﻟﺟﻧﺎﺋزﯾﺔ واﻟطﻘوس اﻟدﯾﻧﻲ وﻋﺎدات اﻟدﻓن ﻟدى ﻣﺟﺗﻣﻌﺎت
اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ.
ﺗﺗﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻣواﻗﻊ ﺑﺎﻟﻣﻐﺎور و اﻟﻣﻼﺟﺊ و اﻟﻛﺗل اﻟﺻﺧرﯾﺔ اﻷﺧرى ﻹﻧﺳﺎن ﻋﺻور
ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺗﻲ اﺗﺧذﻫﺎ ﻣﺳﻛﻧﺎ ﻟﻪ ،وﺧﻠف ﻓﯾﻬﺎ ﺷواﻫد ﻣﺎدﯾﺔ ﻣﺛل اﻟدﻣﻰ اﻟطﯾﻧﯾﺔ
58
واﻟﺣﺟرﯾﺔ واﻟﺑﺷرﯾﺔ واﻟﺣﯾواﻧﯾﺔ ﻣﺛل دﻣﻰ اﻟﻣرأة اﻟﻌﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل اﻟرﺑﺔ اﻷم ودﻣﻰ اﻟﺛور،
ﻓﺿﻼ ﻋن اﻟرﺳوم اﻟﺟدارﯾﺔ اﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺟدران اﻟﻛﻬوف وأﺳطﺢ اﻟﺻﺧور ﺑﺎﻟﺗﻠوﯾن أو
ﺑﺎﻟﺣﻔر ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺗﻘداﺗﻪ وﺣﯾﺎﺗﻪ ،ﻣﺛل ﻣوﻗﻊ اﻟﻣﯾﺳري وﺳد اﻟوﺣدة ﻓﻲ درﻋﺎ.
وﺗﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﻣواﻗﻊ ﻣن اﻟﻠﻘﻰ واﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﺗﺗواﺟد ﻋﻠﻰ ﺳطﺢ اﻷرض ﻣن دون أن
ﯾﻛون ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻊ أي ﺑﻘﺎﯾﺎ أﺛرﯾﺔ أﺧرى ﻣﺛل اﻟﻌﻣﺎرة وﻏﯾرﻫﺎ ،وأﻏﻠب ﻫذﻩ اﻟﻠﻘﻰ ﺗﺗﺄﻟف ﻣن
اﻷدوات اﻟﺣﺟرﯾﺔ .وﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﻌرف ﺑﺎﺳم ﻣواﻗﻊ اﻟﻣﻧﺎﻗش
اﻟﻣﻧﺗﺷرة ﻓﻲ اﻟﺑﺎدﯾﺔ اﻟﺳورﯾﺔ ﺑﺷﻛل رﺋﯾﺳﻲ ،وﻻ ﺗﻌد وﺟود اﻷدوات اﻟﺻواﻧﯾﺔ إﺷﺎرة إﻟﻰ
اﻻﺳﺗﯾطﺎن اﻟداﺋم ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ إﻧﻣﺎ ﺗدل ﻋﻠﻰ وﺟود ﻧﺷﺎط إﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﯾﻬﺎ إذ ﻗﺎم ﻓﻘط ﺑﺗﺻﻧﯾﻊ
اﻷدوات اﻟﺣﺟرﯾﺔ اﻟﺻواﻧﯾﺔ ﻓﻲ أﻣﺎﻛن ﺗواﺟد اﻟﻣﺎدة اﻟﺧﺎم اﻟﺻوان وﻟم ﯾﻘم ﻓﯾﻬﺎ.
ﺗﺗواﺟد ﻓﻲ أﻏﻠب اﻟﺣﺎﻻت ﻋﻠﻰ اﻟﺣدود ﺑﯾن اﻟدول واﻟﺑﻠدان وﺗﺗﻣﯾز أﺑﻧﯾﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﺿﺧﻣﺔ
ووﺟود اﻷﺳوار اﻟﻌﺎﻟﯾﺔ واﻟﺧﻧﺎدق واﻷﺑراج اﻟﻣﻧﯾﻌﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺑﻧﯾت ﻷﻏراض ﻋﺳﻛرﯾﺔ
دﻓﺎﻋﯾﺔ،ﻣﺛل ﻗﻠﻌﺔ اﻟﺑﺗراء اﻟﺗﻲ ﺑﻧﺎﻫﺎ اﻟﺣورﯾون واﺳﺗﻘر ﻓﯾﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد اﻷﻧﺑﺎط ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻘرن
اﻟﺛﺎﻧﻲ ق.م وﺑﻣرور اﻟزﻣن أﺻﺑﺣت اﻟﺑﺗراء اﻟﻣدﯾﻧﺔ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ طرﯾق اﻟﻘواﻓل ﺑﯾن اﻟﺷﺎم
59
وﺑﻧﻰ اﻟﺳﻠوﻗﯾون زﻣن ﺳﻠوﻗس اﻷول ﺳﻧﺔ 300ق.م ﻗﻠﻌﺔ ﺣﺻﯾﻧﺔ ﻓﻲ دو ار أوروﺑس
وﺗطورت ﻣن ﻏرض ﻋﺳﻛري إﻟﻰ ﻣرﻛز ﺗﺟﺎري اﺳﺗﻌﻣﻠﻬﺎ اﻟروﻣﺎن ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣدودﻫم وﺗﺣوﻟت
إﻟﻰ أطﻼل دراﺳﺔ إﻟﻰ أن ﺑدأت ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺣﻔرﯾﺎت اﻷﺛرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن.
وﺑﻧﻰ اﻟﺑﺎرﺛﯾون ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﺣﺿر ﻗﻠﻌﺔ ﺣﺻﯾﻧﺔ ﻟﯾﺣﻣون ﺑﻬﺎ ﺣدود إﻣﺑراطورﯾﺗﻬم
اﻟﻣﺟﺎورة ﻟﻺﻣﺑراطورﯾﺎت اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ واﺷﺗﻬرت اﻟﺣﺿر ﺑﻣﻧﻌﺔ أﺳوارﻫﺎ وﻣﺗﺎﻧﺔ ﺗﺣﺻﯾﻧﺎﺗﻬﺎ إذ
ﻛﺎن ﯾﺣﯾط ﺑﻬﺎ ﺳور ﺧﺎرﺟﻲ ﺑﻧﻲ ﺑﺎﻟﻠﺑن ﺑﻠﻎ ﻗطرة 3ﻛم ﯾﻠﯾﻪ ﺑﻌد ﺳﺎﺣﺔ ﻣﻛﺷوﻓﺔ ﺳور
رﺋﯾﺳﻲ ﺿﺧم ﺑﻧﻲ ﺑﺎﻟﺣﺟﺎرة اﻟﻣﺗﻬدﻣﺔ وﺑﻧﯾت ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳور أﺑراج ﻣﺳﺗطﯾﻠﺔ وأﺣﯾط ﺑﺧﻧدق
ﻋرﺿﺔ 25ﺧدﻣﺎ ،و ﺷﯾد اﻟﻌرب ﻋﻠﻰ ﺣدود دوﻟﺗﻬم اﻟواﺳﻌﺔ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺣﺻون واﻟﻘﻼع
ﺗوﺟد ﻋﺎدة اﻟﻛﻬوف واﻟﻣﻼﺟﺊ اﻟﺻﺧرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺟﺑﻠﯾﺔ وﻗﺎم اﻹﻧﺳﺎن وﺧﺎﺻﺔ
ﻓﻲ ﻋﺻور ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺑﺎﺗﺧﺎذ ﻣﺳﺎﻛن ﻟﻼﺣﺗﻣﺎء ﺑﻬﺎ ﻣن اﻟﺣﯾواﻧﺎت اﻟﻣﻔﺗرﺳﺔ وﻗﺳوة
اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻌﺻور وﻣﺎرس ﻓﯾﻬﺎ ﺟﻣﯾﻊ ﻧﺷﺎطﺎﺗﻪ اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ ،ﻟذﻟك ﻧﺟد ﻓﯾﻬﺎ
ﺟﻣﯾﻊ اﻟدﻻﺋل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﯾﺷﺗﻪ ﻣن ﻫﯾﺎﻛل ﻋظﻣﯾﺔ ﺑﺷرﯾﺔ وﺣﯾواﻧﺎت وﺑﻘﺎﯾﺎ ﻧﺑﺎﺗﯾﺔ وأدواﺗﻪ
اﻟﺣﺟرﯾﺔ واﻟﻌظﻣﯾﺔ ورﺳوﻣﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺟدران اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻟﺻﺧور اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ وﻏﯾر
-1ﺣﯾدر ،ﻛﺎﻣل :ﻣﻧﮭﺞ اﻟﺑﺣث اﻷﺛري و اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﻲ ،ﺑﯾروت ،ط ،1995 ،1ص .21
60
ذﻟك ،ﻓﺿﻼ ﻋﻠﻰ أن ﻫذا اﻟﻛﻬف ﺗم ﺳﻛﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻣر اﻟﻌﺻور ﻓﺗﺗواﺟد اﻟﺳوﯾﺎت واﻟطﺑﻘﺎت
وﻫﻲ اﻟﻌﻼﻣﺎت اﻟﺗﻲ أﻗﺎﻣﻬﺎ اﻟﻣﻠوك واﻟﻘﺎدة واﻟﺣﻛﺎم ﻟﺗﺳﺟﯾل أﻋﻣﺎل ﺗﺧﻠدﻫم ﻣﺛل
اﻻﻧﺗﺻﺎر ﻓﻲ اﻟﺣروب ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﺑﻌﯾد ﻋن اﻟﻣوﻗﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ﻣﺛل ﺣﺟرة ﺑﻬﺳﺗون اﻟواﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ
ﻗﻣﺔ ﺟﺑل ﺑﯾن ﻛرﻣﻧﺷﺎﻩ وﻫﻣدان وﻗد اﺧﺗﺎر دا ار ﻫذا اﻟﻣﻛﺎن ﻟﺗدوﯾن أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻟﺣرﺑﯾﺔ وﻗد
ﺳﺟﻠت أﻋﻣﺎﻟﻪ ﺑﺎﻟﺧط اﻟﻣﺳﻣﺎري اﻹﺧﻣﯾﻧﯾواﻟﻌﯾﻼﻣﻲ و اﻟﺑﺎﺑﻠﻲ .و ﻛذﻟك ﻓﻌل ﺳﻧﻔرع أول
ﻣﻠوك اﻟﺳﻼﻟﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﺻر ﻋﻧدﻣﺎ أرﺳل ﺣﻣﻠﺔ ﻋﺳﻛرﯾﺔ إﻟﻰ ﺳﯾﻧﺎء ﺳﺟل أﺧﺑﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ
ﻣﻧﺣوﺗﺔ ﺻﺧرﯾﺔ ﻫﻧﺎك .وﯾذﻛر ﺷﻠﻣﻧﺻر اﻟﺛﺎﻟث اﻧﺗﺻر ﺑﺣﻣﻠﺔ ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺎﺑﻊ ﻧﻬر
اﻟدﺟﻠﺔ وأﻗﺎم ﺗﻣﺛﺎﻟﻪ اﻟﻣﻠﻛﻲ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣﻛﺎن .وﯾوﺟد اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧﺻب اﻟﺗذﻛﺎرﯾﺔ واﻟﻣﺳﻼت
ﺗﻌد ﺷرﻓﺎت اﻷﻧﻬﺎر ﻣﺟﺎري اﻟﻣﯾﺎﻩ اﻟﺗﻲ ﺑﻧﻰ اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺳﺗوطﻧﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﻘرب ﻣﻧﻬﺎ ،وﻛﻣﺎ
ﻫو ﻣﻌروف ﻓﺈن اﻹﻧﺳﺎن ﺳﻛن ﺑﺎﻟﻘرب ﻣﻧﻬﺎ ،وﻛﺎﻧت اﻷﻧﻬﺎر ﺗﻌﻣق ﻣﺟراﻫﺎ ﻣﻊ ﻣرور
اﻟزﻣن ،وﻛﻠﻣﺎ ﻋﻣق اﻟﻧﻬر ﻣﺟراﻩ ﺿﺎق اﻟوادي واﻧﺣﺳرت اﻟﻣﯾﺎﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن ﻓﻲ اﻟوادي
اﻟﺿﯾق واﻧﺧﻔﺿت اﻟﺳﻬول اﻟﻔﯾﺿﯾﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻪ وﻗل اﻣﺗدادﻫﺎ وﻛﺎن اﻹﻧﺳﺎن ﯾﺗﺑﻊ ﻣﯾﺎﻩ
61
اﻷﻧﻬﺎر ﻟﯾﺑﻘﻰ ﻗرﯾﺑﺎ ﻣﻧﻬﺎ ﺗﺎرﻛﺎ وراءﻩ ﻣﺧﻠﻔﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺳﺗوطﻧﺎﺗﻪ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،وﻫﻛذا ﺗوﺟد أﻗدم
اﻵﺛﺎر ﺑﻌﯾدة ﻋن اﻟﻣﺟرى اﻟﺣدﯾث ﻟﻠﻧﻬر وﻋﻠﻰ ﻣﻧﺳوب أﻛﺛر ارﺗﻔﺎﻋﺎ ﻣن ﻣﻧﺳوب وادﯾﻪ
62
اﻟﺣﻔرﯾﺔ واﻟﺗﻧﻘﯾب اﻷﺛــــــــــــــــــري
ّ اﻟﻔﺻل اﻟراﺑﻊ :اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ
ﯾطﻠق ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺗﻧﻘﯾب اﻷﺛري ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻟﺣﻔر اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻣﺎء اﻵﺛﺎر ﻓﻲ
اﻟﺣﻘل اﻷﺛري ﻻﺳﺗﺧراج اﻟﺗﺣف واﻟﻠﻘﻰ واﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣدﻓوﻧﺔ ﺗﺣت اﻷرض،وﺗﺗم ﻫذﻩ
ﻣﻧﻬﺎٕ ،واﻟﻘﺎء أﺿواء ﺟدﯾدة ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ وﺗطورﻫﺎ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﺷﺎﻫدا ﻣﺎدﯾﺎ
ﻟﻬﺎ.
واﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﯾﺗﺿﺢ اﻟﻔرق اﻟﺷﺎﺳﻊ ﺑﯾن أﻋﻣﺎل اﻟﺣﻔر اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ
اﻟﺣﻔر اﻟذي ﯾﺑﺣث ﻋن اﻟﻛﻧوز ﻓﻲ ﺑﺎطن اﻷرض،وﺑﯾن اﻟﻌﺎﻟم اﻷﺛري اﻟذي ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ
أﺳﻠوب ﻋﻠﻣﻲ ﻓﻲ ﺣﻔرﻩ،ﻓﻬو ﻓﺿل ﻋن اﺳﺗﻣﺗﺎﻋﻪ ﺑﺎﻟﻌﺛور ﻋﻠﻰ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻧﺎدرة اﻟﺟﻣﯾﻠﺔ،
ﻓﺎﻧﻪ ﯾرﯾد أن ﯾﻌرف ﻛل ﺷﻲء ﻋﻣﺎ ﯾﻌﺛر ﻋﻠﯾﻪ،ﺛم اﻧﻪ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﺎﻻت ﯾﻔﺿل اﻟﺣﺻول
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ أﻫم ﻣن ﺣﺻوﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺛﻣﯾﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺛر ﻋﻠﯾﻬﺎ.
63
ﯾﻌد اﻟﺗﻧﻘﯾب اﻷﺛري واﻟﻣﻧﻬﺟﻲ اﻟﻣﻧظم اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟﻣﺛﻠﻰ ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت
واﻟوﺛﺎﺋق اﻷﺛرﯾﺔ ،وﻫذا اﻟﻌﻠم ﻣﺎ زال ﯾﺗطور ﻣﻊ ﺗطور اﻹﺑداﻋﺎت واﻟﻣﻌﺎرف اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﺗﻘﻧﯾﺔ،
وﺗﺧﺗﻠف طرق اﻟﺗﻧﻘﯾب وﺗﻘﻧﯾﺎﺗﻪ ﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري وﻋﺻرﻩ وﺣﺳب اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت
اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ﻟﻠﻌﻣل اﻷﺛري ،وﺗﻣر ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻧﻘﯾب اﻷﺛري اﻟﻣﻧﻬﺟﻲ ﺑﻣراﺣل ﻣﺗﻌددة.
ﻟﻘد ﺷﻬدت اﻟﻣدة اﻷﺧﯾرة ﻣن ﻫذا اﻟﻘرن ﺗﻘدﻣﺎ ﺳرﯾﻌﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻻت ﻋﻠم اﻟطﺑﯾﻌﺔ
واﺳﺗﺣداث أﺟﻬزة اﻟﻛﺷف ﺑﺎﻟﻣوﺟﺎت اﻟﻔوق اﻟﺻوﺗﯾﺔ واﻟﺗطور اﻟﺳرﯾﻊ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺣﺎﺳﺑﺎت
اﻵﻟﯾﺔ واﻻﺗﺻﺎﻻت اﻟﺗﻲ أﻣﻛن ﺗﺳﺧﯾرﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺗﺣدﯾد اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ وﻻﺳﯾﻣﺎ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ
ﯾﺻﻌب اﻻﻫﺗداء إﻟﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻧﺎﺋﯾﺔ أو ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌذر ﺗﺣدﯾد ﻣوﻗﻌﻬﺎ ﻻﺧﺗﻔﺎﺋﻬﺎ
وﯾﺗم اﻻﺧﺗﯾﺎر وﻓق ﺑرﻧﺎﻣﺞ ﻋﻠﻣﻲ واﺳﺗﺧدام طرق اﻟﻛﺷف واﻟﺗﺣدﯾد اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻛﺎﺳﺗﺧدام
طرق اﻟﻣﺳﺢ اﻟﻛﻬرﺑﺎﺋﻲ واﻟرﻧﯾن اﻟﻣﻐﻧﺎطﯾﺳﻲ واﻻﺳﺗﺷﻌﺎر ﻋن ﺑﻌد ،وﯾﺑدأ اﻹﻋداد اﻟﻌﻠﻣﻲ
ﻗﺑل اﻟﺷروع ﻓﻲ اﺟراء اﻟﺣﻔﺎﺋر وذﻟك ﺑﺗﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻋن اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﻣزﻣﻊ اﻟﺗﻧﻘﯾب
ﻓﯾﻪ ،وﻣﻌﺎﯾﻧﺔ اﻟﻣواﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ،واﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺻورة ﺟوﯾﺔ أو ﺻور أﻗﻣﺎر ﺻﻧﺎﻋﯾﺔ
ﻟﻠﻣوﻗﻊ ﻓﺿﻼ ﻋن دراﺳﺔ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺑﻠد وﻟﻐﺔ أﻫﻠﻪ ،وﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟﻣﻛﺎن وﻛل اﻟﺗﻘﺎرﯾر اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ إذ
ﻛﺎن ﻗد ﺳﺑق اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣوﻗﻊ ﻣن ﻗﺑل ،وﺟﻣﻊ اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ واﻟﻘطﻊ واﻟﻛﺳر اﻟﻣوﺟودة
64
ﻋﻠﻰ ﺳطﺢ اﻟﻣوﻗﻊ ﻛﺎﻟﻛﺳر اﻟﻔﺧﺎرﯾﺔ واﻟﻌظﻣﯾﺔ وﺗﺗم دراﺳﺗﻬﺎ وﺗﺣﻠﯾﻠﻬﺎ ،وﻗد ﯾﻘوم ﺑﻬذﻩ
ﺗﺑدأ ﻋﻠﻰ ﻣﺧططﺎت ذات ﻣﻘﺎﯾﯾس ﻣﺣددة ﺗﻬدف إﻟﻰ رﺑط اﻟﻣوﻗﻊ ﺑﺈطﺎرﻩ
اﻟﺟﻐراﻓﻲ وﯾﻠﻲ ذﻟك اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺳﺢ طﺑوﻏراﻓﻲ ﻟﻠﻣوﻗﻊ ﺑﻬدف ﺗﺣدﯾد ﺧطوط اﻻرﺗﻔﺎع
واﻟﺗﺳوﯾﺔ واﻷﺑﻌﺎد اﻟﻼزﻣﺔ ،ﻫذا إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻧﻘﺎط اﻟﻌﻼم واﻻﺳﺗرﺷﺎد .وﺑﻌد اﻟﻣﺳﺢ ﺗﺗم
ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻣوﻗﻊ ﻋﺑر ﻣﺧطط ﺷﺑﻛﻲ Plan grillageذي ﻣﺣورﯾن ﯾﺗﻘﺎطﻌﺎن ﻋﻧد
ﻣﻧﺗﺻف ﻫذا اﻟﻣوﻗﻊ ﺗﻘرﯾﺑﺎ أو ﻋﻧد أﻫم ﻧﻘطﺔ ﻓﯾﻪ ،ﺛم ﺗﻘﺳﯾﻣﻪ إﻟﻰ ﻣﻧﺎطق ﺻﻐﯾرة
)ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣﻌﺑد أو ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻘﺻر و ﻏﯾرﻫﺎ( ،ﺛم ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺻﻐﯾرة إﻟﻰ ﻣرﺑﻌﺎت
Squaresﯾﺄﺧذ ﻛل ﻣﻧﻬﺎ رﻗﻣﺎ ﻋددﯾﺎ ﻣﺛل ﻣرﺑﻊ رﻗم 1وﻣرﺑﻊ رﻗم 2ﯾﺗﺑﻊ ﺗﻘﺳﯾﻣﻬﺎ
اﻟﻣﺣﺎور اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻟﻠﻣﺧطط اﻟﺷﺑﻛﻲ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻣوﻗﻊ ،وﯾﺗم ﺗوﺛﯾﻘﻬﺎ ﺑﺎﻟوﺻف واﻟﺻورة
واﻟرﺳم .و ﯾﺗرك ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﻣرﺑﻌﺎت ﻣن اﻟﺟﻬﺎت اﻷرﺑﻊ ﻓواﺻل ﺗراﺑﯾﺔ Baulksﻻ ﯾﺗم
ﺗﻧﻘﯾﺑﻬﺎ ﺑﻐرض ﺗﺟدﯾد اﻟﻣرﺑﻌﺎت واﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻘطﺎع اﻟرأﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻔر ﯾوﺿﺢ
اﻟطﺑﻘﺎت اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗم اﻟﻛﺷف ﻋﻧﻬﺎ أﺛﻧﺎء اﻟﺗﻧﻘﯾب وﻟﺳﻬوﻟﺔ اﻟﺗﻧﻘل ﺑﯾن اﻟﻣرﺑﻌﺎت
ﯾﺟري اﻟﺗﻧﻘﯾب ﻋن اﻵﺛﺎر وﻓق أﺳﻠوب ﻋﻠﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻘﯾب ﯾﻬدف إﻟﻰ ﺗﺳﺟﯾل
اﻟﺗراث اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﺑﻛل دﻗﺔ وأﻣﺎﻧﺔ ،وﯾﺗﻠﺧص ﻣﻧﻬﺞ اﻟﺣﻔر ﻓﻲ ﻋدم ﺣﻔر ﻋدة طﺑﻘﺎت ﻓﻲ
65
وﻗت واﺣد وﺿرورة ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﻌﻣل ﻟﺣظﺔ ﺑﻠﺣظﺔ ﻟﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻛل ﺗطور أو ﺗﻐﯾﯾر
وﻫو ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﻧﻘﯾب ﻣﻧﻬﺟﯾﺔ ﻣﺣددة ﻓﻲ ﻣﻧﺎطق ﻣﺧﺗﺎرة ،ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻔر
اﻟﻌﻣودي اﻟﻣﻧظم اﻟذي ﯾﺧﺗﻠف ﻣﻘﺎﯾﯾﺳﻪ ﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﻣﻧﻘب ﻓﯾﻪ ،وﯾﺧﺗرق
طﺑﻘﺎت اﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري ﺣﺗﻰ اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻷرض اﻟﺑﻛر وﻫﻲ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ
اﻷﺛرﯾﺔ أو اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺻﺧرﯾﺔ ،وﯾﻬدف إﻟﻰ ﺗﻘدﯾم ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻋن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ
اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﻣوﻗﻊ وﻣﻌرﻓﺔ اﻧﺗﻣﺎﺋﻬﺎ اﻟزﻣﻧﻲ واﻟﺣﺿﺎري .وﻫﻧﺎ ﺗﺑرز أﻫﻣﯾﺔ
اﻟﺳﺗراﺗﻐراﻓﯾﺔ ،وﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﻬﻣﺔ أو اﻟﻐﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري ﺣﺗﻰ
ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺳﺑر اﻟﺗﻲ ﺗﺟري ﻗﺑل اﻟﺑدء ﺑﺎﻟﺗﻧﻘﯾب ﻋﻠﻰ اﺗﺧﺎذ ﻗرار ﺣﺎﺳم
ﺣول ﺗﻘﻧﯾﺔ اﻟﺣﻔر اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ وﺣول اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟذي ﺳﯾﺗﺑﻊ ﻟﻔﺗﺢ اﻟﻣوﻗﻊ ،واﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ
ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺣول اﻟﻌﻣق اﻟذي ﺗﺗوﺿﻊ ﻓﯾﻪ اﻟﻣﺧﻠﻔﺎت اﻷﺛرﯾﺔ وأﻣﺎﻛن ﺗوﺿﻊ اﻟﺳوﯾﺎت
اﻟﺧﺎﻟﯾﺔ واﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻌﺎم اﻟذي ﺗﺗﺑﻌﻪ اﻷﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ وﻛل ﻣرﺣﻠﺔ ﻛروﻧوﻟوﺟﯾﺔ.1
-1ﻏﺎﻻن ،ﻣﺎرﺗن رودرﯾﻐو :ﻣﻧﺎھﺞ اﻟﺑﺣث اﻷﺛري و ﻣﺷﻛﻼﺗﮫ ،1997 ،ص .148
66
اﻟﺗﻧﻘﯾب اﻷﺛري اﻟﻣﻧﻬﺟﻲ: -4
ﺗﻬدف ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻧﻘﯾب إﻟﻰ اﻟﺗوﺳﻊ ﻓﻲ اﻟﺳوﯾﺎت اﻟﺗﻲ اظﻬر اﻟﺳﺑر اﻻﺧﺗﺑﺎري
أﻫﻣﯾﺗﻬﺎ ،وﯾﺑدأ اﻟﺗﻧﻘﯾب ﺣﺳب ﻧظﺎم اﻟﻣرﺑﻌﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺗﻠف أﺑﻌﺎدﻫﺎ ﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ وزﻣن
اﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري ،ﻓﻔﻲ ﻣواﻗﻊ ﻋﺻور ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﯾﻛون اﻟﻣرﺑﻊ 1م 2أو أﻗﻼ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ
اﻟﻣﻐﺎور واﻟﻣﻼﺟﺊ اﻟﺗﻲ ﯾﺻل إﻟﻰ 10ﺳم ،2وﻓﻲ ﻣواﻗﻊ اﻟﺷرق اﻟﻘدﯾم ﻓﻣﺳﺎﺣﺔ 4م ، 2أﻣﺎ
ﺗﻧظﯾف اﻟﻣواﻗﻊ ﻣن اﻟﻣﺧﻠﻔﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻛﺎﻓﺔ ﻗﺑل اﻟﻌﻣل ،ووﺿﻊ ﻧظﺎم ﻟﻠﻌﻣل ﺑﺣﯾث
ﯾﺗﻼﻗﻰ اﻟﺣوادث واﻷﺧطﺎء واﻟﻌواﻣل اﻟﻣؤدﯾﺔ إﻟﯾﻬﺎ ﻛﺗﺣدﯾد ﻣﺳﺎر ﻟﻠﻌﻣﺎل داﺧل وﺧﺎرج
اﻟﻣرﺑﻊ.
ﺗﻧظﯾم اﻟﻌﻣل داﺧل اﻟﻣرﺑﻊ ﻟﺿﻣﺎن دﻗﺔ اﻟﻌﻣل واﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ٕواﻣﻛﺎﻧﯾﺔ وﻣراﻗﺑﺔ ﻛل ﺿرﺑﺔ
ﻓﺄس ﺑﺎﻟﻣرﺑﻊ ،وﺗﺣدﯾد أﺣد ﺟواﻧب اﻟﻣرﺑﻊ ﺑﻣﺗر أو أﻛﺛر ﺑﺣﺳب ﻋرض اﻟﻣرﺑﻊ ﻟﺑدأ اﻟﺣﻔر
ﻓﯾﻪ ﺛم ﺗﻛرر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺣﻔر اﻟﻣرﺑﻊ ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى واﺣد ﻟﻛل طﺑﻘﺔ .وﯾﻧظف اﻟﺟزء
اﻟﻣﺣﻔور ﻣﺑﺎﺷرة ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻧظﺎﻓﺔ اﻟﻣوﻗﻊ ﻣﺑﺎﺷرة ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻧظﺎﻓﺔ اﻟﻣوﻗﻊ .ﯾﺗم اﻟﺣﻔر
ﺑﻌﻣق ﻣﺗﺳﺎو ﻓﻲ ﺣدود ﻋﺷر أو ﺧﻣﺳﺔ ﻋﺷرة ﺳﻧﺗﻣﺗ ار ﺑﺷﻛل ﻣﻧﺗظم ﻓﻲ ﻛل ﻣرﺑﻊ .و ﯾﻘوم
اﻟﻌﺎﻣل ﺑﺗﻔﺗﯾت اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺛم ﯾﻔﺣص اﻟﺗراب ﺟﯾدا وﯾﻧﻘل ﻣﺑﺎﺷرة ﺧﺎرج اﻟﻣوﻗﻊ ﻋﺑر اﻟﻣﻣر
اﻟﻔﺎﺻل ﺑﯾن ﻣرﺑﻌﯾنٕ .واذا ﻛﺎﻧت ﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﻣرﺑﻊ ﺗﺳﻣﺢ ﺑوﺟود ﻣﺟﻣوﻋﺗﯾن ﻣن اﻟﻌﻣﺎل ﯾﺟب
67
أن ﻻ ﯾﺗﻌﺎرض ﻋﻣﻠﻬﻣﺎ ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾزدﺣم اﻟﻣوﻗﻊ وﻻ ﺗﻘﻊ ﺣوادث وﺣﺗﻰ ﯾﻣﻛن ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ ﺗطور
اﻟﺣﻔر ﺑدﻗﺔ.
ﯾﺟب ﻛﺗﺎﺑﻌﺔ ﻛل ﺗﻐﯾﯾر ﯾط أر ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﺑﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺗﻛوﯾن واﻟﻠون واﻟﻣﺧﻠﻔﺎت واﻟﺗوﻗف
ﻋﻧد ﻛل ﺗﻐﯾر ﺣﺗﻰ ﺗﺗم أﻋﻣﺎل ﺗﺳﺟﯾل ﻟﻠطﺑﻘﺔٕ .واذا ﻟوﺣظ ﺗﻐﯾر اﻟﺗرﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻣق أﻗل ﻣﻣﺎ
ﻧﺣﻔر ﯾﺟب ﺗدارك اﻷﻣر ﻣﺑﺎﺷرة وﯾﻘﻠل اﻟﻌﻣق ﺑﺣﯾث ﻧﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ ﺑداﯾﺔ ظﻬور اﻟﺑﻘﻌﺔ
اﻟﺟدﯾدة ﺣﺗﻰ ٕوان ﻛﺎﻧت ﻋﻠﻰ ﻋﻣق ﺧﻣﺳﺔ ﺳﻧﺗﯾﻣﺗرات ﻓﻲ أي ﺟزء ﻣن اﻟﻣرﺑﻊ ﻣﻊ ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ
اﻟﻌﻣل ﺑﺣﻔر ﻧﻔس اﻟﻌﻣق ﻓﻲ ﻛل ﻣرﺑﻊ ،ﻷن اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﻛل طﺑﻘﺔ ﯾﺿﻣن ﻋدم اﺧﺗﻼط
اﻟطﺑﻘﺎت وﯾﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﺗﯾب اﻟزﻣﻧﻲ ﻟﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﺿﻣن دﻗﺔ اﻟﻌﻣل وﺳﻼﻣﺔ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ.
اﻟﻣرﺑﻊ وﻧﻘل اﻟردم ﺑﻣﺟرد اﻟﺣﻔر ﺣﺗﻰ ﯾﻣﻛن اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ ﺣﻔر ﺑﻘﯾﺔ اﻷﻗﺳﺎم .واﻟﺗﺣﻘق داﺋﻣﺎ
ﻣن أن ﺟواﻧب اﻟﻣرﺑﻊ ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟزاوﯾﺔ وﻗطﺎع ﻛل ﺟﺎﻧب واﺿﺢ وﯾﻣﻛن ﻗراءﺗﻪ ﺑﺳﻬوﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ
إذا ﻟم ﯾﻛن اﻟﻌﻣق ﻗد وﺻل ﺿﻌف طول اﻟﻣرﺑﻊ ٕواذا اﺿطررﻧﺎ ﻟﻠﺗﻌﻣق اﻛﺛر ﻣن ﺿﻌف
طول اﻟﻣرﺑﻊ ﯾﺟب أن ﺗﻣﯾل ﺟواﻧب اﻟﻣرﺑﻊ ﻧﺣو اﻟداﺧل ﻗﻠﯾﻼ ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﻧﻬﺎر.
وﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﻌدي ﺣدود اﻟﻣرﺑﻊ ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣن اﻷﺣوال ﻷن ذﻟك ﯾﻔﺳد ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺳﺟﯾل
وﯾﺧﻠط اﻟﻠﻘﻰ ﺑﻣﺎ ﯾرﺑك ﺗﺄرﯾﺦ وﻧﺳب ﺗﻠك اﻟﻠﻘﻰ واﻟﻣوﻗﻊ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن ﻫﻧﺎك ﻟﻘﻰ
68
أﺛرﯾﺔ ﻧﺻﻔﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣرﺑﻊ وﻧﺻﻔﻬﺎ ﺗﺣت اﻟﻣﻣر ﻓﺎﻷﺟدى ﺗرﻛﻬﺎ ﻟﺣﯾن ﺗﺻﻔﯾﺔ اﻟﻣﻣرات ﻟﺗﺳﺟل
ﯾﺟب اﺳﺗﺧدام اﻷدوات اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺷﻛل واﻟﺣﺟم ﺑﻣﺎ ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ اﻟطﺑﻘﺎت
وﺗﻛوﯾﻧﻬﺎ وأﻧواﻋﻬﺎ ﻓﻠﯾس ﻫﻧﺎك داﻋﻲ ﻻﺳﺗﺧدام اﻷدوات اﻟﺛﻘﯾﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ،
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﺧدام اﻟﻔﺄس ﻓﻲ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ ﻟﻛن ﻣﻊ ﺗزاﯾد اﺣﺗﻣﺎﻻت اﻟﻌﺛور ﻋﻠﻰ ﻟﻘﻰ
أﺛرﯾﺔ ﯾﺟب اﻟﻛف ﻋن اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ واﻻﺳﺗﻌﺎﺿﺔ ﻋﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺳطرﯾن وﻋﻧد ظﻬور آﺛﺎر دﻗﯾﻘﺔ
ﻋﻧد ظﻬور ﻋﻧﺎﺻر ﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ﻣﺛل أﺟزاء ﻣن ﺟدار أو ﻛﺗل ﺣﺟرﯾﺔ ﯾﺟب اﻟﺗروي
ﻟﻠﺗﺄﻛد إن ﻛﺎﻧت ﻣﻌﻠﻘﺔ وﻻ ﺗﺗﺻل ﺑﺎﻟﻣﺑﻧﻰ أم أﻧﻬﺎ ﺗﻣﺛل ﻣﺑﻧﻰ ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻣﻊ ﻣﻼﺣظﺔ اﻟﺗﻐﯾر
ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﺔ ﺟﯾدا وﻫل ﺗﻣﺛل أرﺿﯾﺔ أم أﻧﻬﺎ اﻣﺗداد ﻟﻠﺑﻘﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟري اﻟﻌﻣل ﻓﯾﻬﺎ.
ﺗﺗﺑﻊ اﻟﺗﻛوﯾﻧﺎت اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ واﻣﺗدادﻫﺎ وﻋدم اﺳﺗﺧدام أدوات ﺻﻠﺑﺔ ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن اﻟﺟدران
ﻷﻧﻪ ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﺗﻛون ﻣﻛﺳﯾﺔ ﺑطﺑﻘﺔ اﻟﺟص وﻋﻠﯾﻬﺎ رﺳوﻣﺎت ،ﻣﻊ اﻟﺣرص اﻟﺷدﯾد ﻋﻠﻰ
ﺟﻣﻊ اﻟﻣﺧﻠﻔﺎت اﻟﻣوﺟودة ﻛﺎﻓﺔ ﺿﻣن اﻟردم ﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻣﺳﺎﻫﻣﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﺑﻧﻰ و ﺗﺄرﯾﺧﻪ
ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟﺻﺣﯾﺢ.
ﯾﺟب اﻟوﺻول ﺑﺎﻟﺣﻔر إﻟﻰ اﻟﺻﺧر اﻟﺑﻛر وﯾﻣﻛن ﺗﻣﯾﯾزﻫﺎ ﺑﺣﺑﯾﺑﺎت اﻟرﻣل اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺟﻣﻊ
ﻋﻧد ﻧﻘطﺔ اﻟﺗﻘﺎء اﻟﺻﺧر اﻟﺑﻛر ﺑﺎﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻠوﻫﺎ ،وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ظﻬور أرﺿﯾﺔ ﻣﻛﺳﯾﺔ
ﺑﺎﻟﺣﺟﺎرة أو اﻟﻔﺳﯾﻔﺳﺎء ﻓﯾﺟب ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﻛﺷف ﻋﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﺛم ﻧﺗﺎﺑﻊ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺣﻔر ﻟﺗﺣدﯾد
69
ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻋﺻور ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻬﺎ وذﻟك ﺑﺎﻟﺣﻔر ﺧﺎرج ﺣدود اﻷرﺿﯾﺔ وﯾﺣﺳن أﯾﺿﺎ اﻟوﺻول
ﻟﻠطﺑﻘﺔ اﻟﺑﻛر .وﺗﺟﻣﻊ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺧﻠﻔﺎت اﻷﺛرﯾﺔ ﻣن ﻛل طﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺣدة ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻔﺧﺎر ﺛم
ﻧوﺿﻊ ﺑﯾﺎﻧﺎت ﺗﺷﻣل رﻗم اﻟﻣرﺑﻊ واﻟطﺑﻘﺔ واﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻣوذج اﻟﻣﻌد ﺳﻠﻔﺎ.
وﻫو ﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻘﺎرﯾر اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وﻧﺷرﻫﺎ ﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻧﻘﯾب وﺗﺳﻠم ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻟﻠﺳﻠطﺎت اﻷﺛرﯾﺔ
اﻟﻣﺎﻧﺣﺔ ﻟﻠﺗﺻرﯾﺢ وﯾﺗم ﻧﺷرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻼت واﻟﺣوﻟﯾﺎت اﻟدورﯾﺔ اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﯾﺋﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﻌﺎﻣﺔ و
واﻟدراﺳﺎت اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﻏﻧﻰ ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،وﻫذا اﻟﻌﻠم ﻛﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌﻠوم ﯾﺳﻌﻰ
-1ﺿو ،ﺟورج :ﺗﺎرﯾﺦ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،ﺗرﺟﻣﺔ ﺑﮭﯾﺞ ﺷﻌﺑﺎن ،ﻣﻧﺷورات ﻋوﯾدات،ﺑﯾروت ،1982 ،ص .103
70
طرق اﻟﺗﻧﻘﯾب اﻷﺛري: -6
ﺗﺧﺗﻠف طرق اﻟﺗﻧﻘﯾب اﻷﺛري ﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ وﺧﺻوﺻﯾﺎﺗﻬﺎ وﺗرﻛﯾﺑﻬﺎ
اﻟﺟﻐراﻓﻲ واﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن اﻟﺗﻧﻘﯾب اﻷﺛري ،وﯾﻣﻛن ﺗﻣﯾﯾز ﻋدة طرق ﻟﻠﺗﻧﻘﯾب وﻫﻲ:
وﻫو اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄﺳﺑﺎر اﺧﺗﺑﺎرﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻓﺗﺢ ﻣرﺑﻌﺎت ﺗﻧﻘﯾب ﻓﻲ ﻣﻧﺎطق ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ
وﻣﺧﺗﺎرة ﺑﻌﻧﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري ﻟﻠﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻧوﻋﯾﺔ وزﻣن اﻟﻣﺧﻠﻔﺎت اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗوﯾﻬﺎ
اﻟﻣوﻗﻊ وأﻣﺎﻛن ﺗوزﻋﻬﺎ واﻟﻣﻧﺎطق ذات أﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﺣﯾث إن ﺑدء اﻟﺗﻧﻘﯾب ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ
ﻫذﻩ اﻷﺳﺑﺎر .وﺗﺳﺗﺧدم أﯾﺿﺎ ﻫذﻩ اﻟطرﯾﻘﺔ ﺧﻼل أﻋﻣﺎل اﻟﻣﺳﺢ اﻷﺛري ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن وﺟود
اﻟﻬدف ﻣن ﻫذﻩ اﻟطرﯾﻘﺔ ﺳﺑر اﻟﻣوﻗﻊ ﺗﻣﻬﯾدا ﻟﻠﺗﻧﻘﯾب ﻓﻬﻲ ﺗﻌطﻲ ﻓﻛرة ﻋﺎﻣﺔ ﻋن
اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗوﯾﻬﺎ اﻟﻣوﻗﻊ وﺗوﺿﺢ ﺗﻌﺎﻗب اﻟطﺑﻘﺎت وﺗﺳﻬل اﻟﻌﻣل وﺗوﻓر اﻟوﻗت
ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣرﺟوة ﻣن اﻟﺗﻧﻘﯾب .وﯾﻣﻛن أن ﯾﺄﺧذ اﻟﺧﻧدق ﻋدة أﺷﻛﺎل ،ﻛﻔﺗﺢ
ﺧﻧدﻗﯾن ﺑﺷﻛل ﻣﺗﻘﺎطﻊ ﯾﺷﻛﻼن إﺷﺎرة زاﺋد ) (+أو ﺑﺷﻛل ﻗﺎﺋم ) ( Lأو ﺑﺷﻛل ﻣﻠﺗو )،(S
وﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون اﻟﺧﻧدق ﻋﻠﻰ ﺷﻛل ﻣرﺑﻌﺎت ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ أو ﻣﺗﺻﻠﺔ ،أو ﯾﺄﺧذ أي ﺷﻛل آﺧر
71
ج -اﻟﺗﻧﻘﯾب ﺑطرﯾﻘﺔ اﻟﻣدرﺟﺎت:
ﺗﻬدف ﻫذﻩ اﻟطرﯾﻘﺔ ﻣن اﻟﺗﻧﻘﯾب اﻟﺗﻐﻠب ﻋﻠﻰ ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﺣﻔر ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﻧﺣدرة أو
ﺳﻔوح اﻟﺗﻼل اﻷﺛرﯾﺔ إذ ﯾﻛون اﻻﻧﺣدار ﺷدﯾدا وﯾﺗم اﻟﺗﻧﻘﯾب ﺑﺷﻛل طوﻟﻲ ﻣن اﻟﻣﻧﺳوب
اﻷﻋﻠﻰ ﺑﺎﺗﺟﺎﻩ أﺳﻔل اﻟﺗل أو اﻟﻣﻧﺣدر ﻋﻠﻰ ﺷﻛل ﻣدرﺟﺎت ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ﻟﻬﺎ ﻧﻔس اﻷﺑﻌﺎد ﻓﻲ
اﻟطول واﻟﻌرض .ﺗﺳﺎﻋد ﻫذﻩ اﻟطرﯾﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻘﯾب ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺗﺻﺎد ﻓﻲ اﻟﻧﻔﻘﺎت وﺗوﻓﯾر اﻟوﻗت
واﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻛﺛﯾرة ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﯾﺻﻌب اﻟﺣﻔر ﻓﯾﻬﺎ وﺗﺳﺎﻋد ﻓﻲ ﺿﺑط اﻟطﺑﻘﺎت
1
وﻣﻛﺎن اﻵﺛﺎر إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﺗطﻠب ﻋددا ﻛﺑﯾ ار ﻣن اﻟﻌﻣﺎل
ﺣﻔرﯾﺎﺗﻪ ﻋﺎم 1930م ، 2وﻫﻲ ﻣن أﺳﻠم طرق اﻟﺗﻧﻘﯾب و أﻛﺛرﻫﺎ اﺳﺗﺧداﻣﺎ وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ
اﻟﻣﻧﺎطق واﻟﺳطوح اﻟﻣﺳﺗوﯾﺔ ،ﯾﺳﯾر اﻟﻌﻣل ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺳﻬوﻟﺔ ودﻗﺔ ﻋﺎﻟﯾﺗﯾن ،ﯾﺑدأ اﻟﺣﻔر ﻣن ﺳطﺢ
اﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري وﺣﺗﻰ اﻷرض اﻟﺑﻛر ﺑﺷﻛل ﻣﺗﺗﺎﺑﻊ وﻣﺗﺟﺎﻧس وﺗﺗﺑﻊ ﻟﻠﺳوﯾﺎت واﻟطﺑﻘﺎت
اﻷﺛرﯾﺔ ،وﺗﺗم ﺑﻔﺗﺢ وﺣدات ﻣﺗﻘﺎرﺑﺔ أو ﻣﺗﺑﺎﻋدة ﺗﺿم ﻣﻧﻬﺎ ﺷﺑﻛﺔ ﻣن اﻟﻣرﺑﻌﺎت اﻟﻣﻧﺗظﻣﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﺗراوح أﺑﻌﺎدﻫﺎ ﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ وﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري اﻟﻣراد اﻟﺣﻔر ﻓﯾﻪ.
وﯾﺗم اﻟوﺻل ﯾﺳن اﻟوﺣدات أو اﻟﺗوﺳﻊ ﺑﻬﺎ ﺣﺳب أﻫﻣﯾﺔ اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺎت اﻷﺛرﯾﺔ
واﻧﺗﺷﺎر اﻷﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ واﺗﺟﺎﻫﻬﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﺻﺑﺢ ﻓﻲ اﻟﻧﻬﺎﯾﺔ ﺣﻔرة واﺣدة ﻛﺑﯾرة ﺗﻛﺷف
72
ﻋن ﻣﻌﺎﻟم اﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري ﺑﺷﻛل ﻛﺎﻣل .1وﺗﺗﻣﯾز ﻫذﻩ اﻟطرﯾﻘﺔ ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗﺗﺑﻊ اﻟﺗﻐﯾرات ﻓﻲ
اﻟطﺑﻘﺎت اﻷﺛرﯾﺔ وﻣﻛﺗﺷﻔﺎﺗﻬﺎ ﺑﻛل ﻋﻧﺎﯾﺔ وﺳﻬوﻟﺔ اﻟﻌﻣل ٕوادارﺗﻪ ﺧﻼل اﻟﺗﻧﻘﯾﺑﺎت.
وﺗﺗم ﻫذﻩ اﻟطرﯾﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻘﯾب ﻓﻲ أﻣﺎﻛن ﺗواﺟد اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ﻛﺎﻟﻣﺳﺎﻛن واﻟﻘﺻور
واﻟﻣﻌﺎﺑد واﻟﻣﺳﺎﺟد واﻟﻛﻧﺎﺋس وﻏﯾرﻫﺎ ،وﯾﺗم اﻟﺣﻔر ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد ﻓﯾﻪ ﺑﻘﺎﯾﺎ اﻵﺛﺎر
اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ اﻟﺑﺎرزة أو ﻋﻧد اﻛﺗﺷﺎﻓﻬﺎ ﺧﻼل اﻟﺗﻧﻘﯾب ﺣﺗﻰ اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻧﻬﺎﯾﺗﻬﺎ وﯾﻌد ﻫذا
اﻟﻌﻣق طﺑﻘﺔ واﺣدة ﺗﺗﻣﯾز ﺑوﺟود ﺟدران أو ﺑﻘﺎﯾﺎ ﻣﻌﺑد أو ﻣﺳﻛن وﺗﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﺟدار اﻷول أو
اﻟﻣﻌﺑد اﻷول أو اﻟﻣﺳﻛن اﻷول ﺑدﻻ ﻣن اﻟطﺑﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﺗﻛﺗﺷف ﻧﻬﺎﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ
اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ﻋﻧد اﻟوﺻول إﻟﻰ أرﺿﯾﺗﻪ ،ﺛم ﯾﺳﺗﻣر اﻟﺗﻧﻘﯾب ﺗﺣﺗﻪ ﻟﻠﻛﺷف ﻋن اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ
وﺗﺳﺗﻣر ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺣﺗﻰ اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻷرض اﻟﺑﻛر ،وﻫﻲ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺧدم
ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ اﻟﺗﻼل اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﺷرة ﺑﺎﻟﺷرق اﻷدﻧﻰ ﺣﯾث اﻟﻣدن واﻟﻘرى ﺗﺗراﻛم ﻓوق
ﺑﻌﺿﻬﺎ.
73
و -اﻟﺗﻧﻘﯾب ﻓﻲ اﻷراﺿﻲ اﻟﻣﻐﻣورة ﺑﺎﻟﻣﯾﺎﻩ:
وﺗﺣﺻل ﻫذﻩ اﻟﺗﻧﻘﯾﺑﺎت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻷراﺿﻲ اﻟرطﺑﺔ اﻟواﻗﻌﺔ ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن ﻣﺻدر ﻣﺎﺋﻲ
ﺧروج اﻟﻣﯾﺎﻩ ﻣن أﺳﻔل اﻟﻣوﻗﻊ أو ﯾﺗم ﻏﻣر اﻟﺗﻧﻘﯾﺑﺎت ﻣن اﻷﻋﻠﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻔﯾﺿﺎﻧﺎت أو
اﻟﻌواﺻف أو اﻷﻣطﺎر ،وﻓﻲ ﺣﺎﻻت أﺧرى ﯾﻛون ﺗواﺟد اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﻣﻐﻣورة أو
ﻣﺷﺑﻌﺔ ﺑﺎﻟﻣﯾﺎﻩ .واﻟﻣﻬم ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟﺗﻧﻘﯾﺑﺎت اﻻﻧﺗﺑﺎﻩ إﻟﻰ وﺿﻊ ﺧطﺔ ﻟﺣﻔظ اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ
اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﻛﺗﺷف ﻓﻲ اﻟﻣوﻗﻊ ﺑﺳﺑب اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﯾﺔ واﻟﻛﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ اﻟردﯾﺋﺔ ﻟﻠﺑﻘﺎﯾﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ
ﺗواﺟدﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺔ ﻣﺷﺑﻌﺔ ﺑﺎﻟﻣﯾﺎﻩ ،وﻟذﻟك ﻓﺈن طرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻧﻘﯾب واﻟﻛﺷف وﺳرﻋﺔ اﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻓﻲ
ﺣﻔظ وﻧﻘل اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺔ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻧﺟﺎح اﻟﺗﻧﻘﯾب اﻷﺛري.
74
ﺛﻼﺛﯾﺔ اﻟﺗراث اﻷﺛري )اﻟﺗوﺛﯾق ،واﻟﺣﻔظ، اﻟﻔﺻل اﻟﺧﺎﻣس:
واﻟﻌرض(
ﺗﻧﻘﺳم اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺎت اﻷﺛرﯾﺔ إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن رﺋﯾﺳﯾﯾن ﻫﻣﺎ :اﻵﺛﺎر اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣن ﻣﻛﺗﺷﻔﺎت
ﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ وأﺑﻧﯾﺔ ﻏﯾرﻫﺎ ﺳواء اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﺣﺟر أو اﻟطوب أو اﻟﻠﺑن ،واﻵﺛﺎر اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ ﻣن
ﻣﻛﺗﺷﻔﺎت اﻟﻠﻘﻰ ﻣن اﻟﻔﺧﺎر واﻟﻣﻌﺎدن واﻟزﺟﺎج وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣواد اﻷﺧرى .وﺗﻣر اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ
اﻷﺛرﯾﺔ ﺑﻌدة ﻣراﺣل ﻣن ﻟﺣظﺔ اﻻﻛﺗﺷﺎف وﺣﺗﻰ ﻋرﺿﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺗﺎﺣف أو ﺗﺧزﯾﻧﻬﺎ ﻓﻲ
اﻟﻣﺧﺎزن وﻫذا ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻶﺛﺎر اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ ،وأﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣواﻗﻊ واﻟﻣﺑﺎﻧﻲ ﻓﻣن ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻛﺷف
إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺣﻔظ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ .ﯾطﺑق ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣراﺣل ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻷﻋﻣﺎل اﻷﺛرﯾﺔ
ﺗﻣر ﺑﻬﺎ اﻵﺛﺎر اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺔ ،وﻟﻛن ﻫﻧﺎك أرﺑﻌﺔ أﻧواع ﻣن اﻟﺗﺳﺟﯾل واﻟﺗوﺛﯾق ﻓﻲ ﺳورﯾﺔ و ﻫﻲ:
75
وﯾﻘوم ﻓرﯾق اﻟﺗﻧﻘﯾب ﺧﻼل أﻋﻣﺎل اﻟﺣﻔر ﺑﺗﺳﺟﯾل ﺳﯾر اﻟﻌﻣل وﻛﺗﺎﺑﺔ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺟري ﻓﻲ
اﻟﺣﻔرﯾﺔ ﻟﺣظﺔ ﺑﻠﺣظﺔ ﯾذﻛر ﻓﯾﻬﺎ ﻛل ﺷﻲء ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن وﻫذا ﻣﺎ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﯾوﻣﯾﺎت
وﯾﻘوﻣون ﺑﺈﻧﺷﺎء ﻣﻠﻔﺎت ﻟﺣظﺔ اﻟوﺛﺎﺋق واﻟﺳﺟﻼت واﻟدﻓﺎﺗر واﻟﻠواﺋﺢ واﻟﺻور واﻟﻧﺷرات اﻟﺗﻲ
ﺗوﺿﺢ ﺳﯾر اﻟﻌﻣل وﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﻧﻘب ،وﯾﻛون ﻫﻧﺎك أرﺷﯾف ﻛﺎﻣل ﻟﻛل ﺷﻲء.
ﻣن ﺿﻣن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﺗم ﻓﻲ ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻷﻋﻣﺎل اﻷﺛرﯾﺔ ﻣن اﻟﺣﻔرﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﻧﻘﯾب
ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺳﺟﯾل واﻟﺗوﺛﯾق ،وﻫو ﻋﻣل ﻣﻬم ﺟدا ﻣﺛل إظﻬﺎر اﻟﻘطﻊ اﻷﺛرﯾﺔ وﯾﺗم ﺑطرﯾﻘﺔ
ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺗﺣدﯾد ﻫوﯾﺔ اﻟﻘطﻊ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون أﻋدادﻫﺎ ﻛﺑﯾرة ﺟدا وﯾﺻﺑﺢ اﻷﺳﺎس
ﻧﻔﺳﻪ ﻋﻠﻣﺎ ،1وﻟﯾس اﻟﺗوﺛﯾق ﻓﻘط ﺗﺳﺟﯾل اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎن وﻟﻛن أﯾﺿﺎ ﻫو أﺳﺎس اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻟﻠﻘطﻊ
اﻷﺛرﯾﺔ ،وﻣن وﺟﻬﺔ ﻧظر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻓﺈن أﺳﺎﺳﯾﺎت اﻟﺗطﺑﯾق ﺑﻬدف ﺗﻧظﯾم ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت
1
-DELOCHE B ,1989, Muséologica, contradictions et logique du musée, W.m.n.e.s., mâcon, p137.
76
ﺗﺄﻣﯾن أﻛﺛر ﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻣن اﻷﻣﺎﻛن اﻟﻣرﺳل إﻟﯾﻬﺎ وﺛﺎﺋق ﻣﺗﻧوﻋﺔ ﻣن (4
ﯾﺗم ﺗﺳﺟﯾل اﻟﺗراث اﻷﺛري ﻏﯾر اﻟﻣﻧﻘول ﻣن ﻣﺑﺎن وﻣواﻗﻊ وﻣﻧﺎطق ﻋﻠﻰ ﻻﺋﺣﺔ اﻟﺗراث
اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗوﻓر ﻓﯾﻬﺎ ﻣﻌﯾﺎر أو أﻛﺛر ﻣن اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺗﻲ ﯾﺗم وﺿﻌﺎ ﺿﻣن ﻗواﻧﯾن
اﻟﺗراث ﻣن ﻣﻌﺎﯾﯾر ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ وﻋﻠﻣﯾﺔ وﻓﻧﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ .وﯾﺗﺿﻣن اﻟﺗﺳﺟﯾل إﺿﺑﺎرة ورﻗﯾﺔ أو
إﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ وﻓق ﻧﻣﺎذج ﻣﺗﻌددة ﻟدى اﻟﺳﻠطﺎت اﻷﺛرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ وﺗﺷﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت
اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
وﺟودﻫﺎ.
واﻟﻣراﺟﻊ اﻟﻣﺗوﻓرة.
ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺗﺳﺟﯾل واﻟﻘﯾم اﻟﺗﻲ اﻧطوى ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻪ اﻟﺗراث ﻏﯾر اﻟﻣﺎدي (3
اﻟﻣرﺗﺑط إن وﺟد.
1
-SOULIER Pm 2001m de la constitution de la documentation archéologique de terrain à sa gestion
conservatoire, in le dépôt archéologique : conservation et gestion pour un projet scientifique et culturel,
acte des assises nationales de la conservation archéologique, Bituriga, Bourges, p115.
77
اﻟﻣﺧططﺎت اﻟﻣﺳﺎﺣﯾﺔ واﻟطﺑوﻏراﻓﯾﺔ واﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ﻟﻠﺗراث وﻣﻧﺎطق (4
ﺣﻣﺎﯾﺗﻪ.
ﺣﻣﺎﯾﺗﻬﺎ.
أﻣﺎ اﻟﺗﺳﺟﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ و اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ
اﻧﺑﺛﻘت ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻋﺎم 1972م واﻟﺗﻲ
أﻋﻠﻧت أن ﻫﻧﺎك ﻣوﻗﻌﺎ ذات أﻫﻣﯾﺔ اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﺗراث اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﺗﺷﻛل ﺟزءا ﻣن
اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻟﻣﺷﺗرك ،وﺗﻌﻧﻲ اﻷﻣﯾﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ :اﻷﻫﻣﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ذات
اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟذي ﯾﺗﺟﺎوز اﻟﺣدود اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ ﻟﯾﺷﻛل أﻫﻣﯾﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻟﻸﺟﯾﺎل اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ
ﻟﻺﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺟﻣﻌﺎء.
ﺗﻘوم اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ وﺻﯾﺎﻧﺔ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟطﺑﯾﻌﻲ ﺧﻼل ﺗﺣدﯾد ﻫذﻩ
اﻟﻣواﻗﻊ ذات أوﻟوﯾﺔ واﻟﺗﺣﺿﯾر ﻟﻠدﻋم ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﻋدات اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ واﻟﻔﻧﯾﺔ وذﻟك ﯾﺗم ﺗﻐﯾﯾر ﻧظرة
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻧﺣو اﻟﺗراث وأﺳﻠوب اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﻪ وﺟﻌﻠﻪ ﻣﺻد ار ﻟﻼﻧﺗﻣﺎء ورﻣ از ﻟﻠﻬوﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ
ﻟﻸﻣم.
78
ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﯾﺷﻛل اﻟﺗﺳﺟﯾل اﻟﻣواﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻓﺎﺋدة ﻛﺑﯾرة ﻟﻠﺑﻠد اﻟﺣﺎوي
ﻟﻬﺎ ،ﻓﻣن ﺟﻬﺔ ﯾﺗم ﺗﺄﻣﯾن اﻟﺗﻣوﯾل ﻣن ﻗﺑل اﻟﯾوﻧﺳﻛو ﻋﺑر ﺻﻧدوق اﻟﺗﻣوﯾل اﻟدوﻟﻲ
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ وﺟذب ﻋدد ﻛﺑﯾر ﻣن اﻟﺳﯾﺎح ﻣﺎ ﯾﺷﻛل زﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟدﺧل اﻟوطﻧﻲ
وﺗوﻓﯾر ﻓرص ﻋﻣل ،وﯾدﻓﻊ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ إﻟﻰ اﻻﻟﺗزام ﺑﺗﻌﻬداﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺧطﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ
ﯾﺗﺿﻣن ﺗﺳﺟﯾل وﺗوﺛﯾق اﻵﺛﺎر اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺗﺎﺣف واﻟﻣﺧﺎزن إﺿﺑﺎرة ﺗﺳﺟﯾل اﻟﺗراث
79
ﯾﺗم ﺣﺎﻟﯾﺎ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﯾق ﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟﺗوﺛﯾق اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ 1ﻓﻲ اﻟﻣدﯾرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻶﺛﺎر
واﻟﻣﺗﺎﺣف ﻟﺗوﺛﯾق ﺟﻣﯾﻊ اﻵﺛﺎر اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﻣﺗﺎﺣف واﻟﻣﺧﺎزن اﻟﺳورﯾﺔ وﺑﻧﺎء ﻗﺎﻋدة
ﺑﯾﺎﻧﺎت ﻟﻠﺗراث اﻷﺛري اﻟﻣﻧﻘول وﯾﺷﻣل اﻟﺗﺳﺟﯾل وﻓق ﻫذا اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
.1اﻟﻣﺻدر.
.2اﻟﺷﻛل اﻟﺧﺎرﺟﻲ.
.4اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﯾﺔ.
.5ﻗﯾﺎﺳﺎت اﻟﻘطﻌﺔ.
.6اﻟﻣﻛﺎن.
.7ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻘطﻌﺔ.
.8اﻟﺻور.
.9اﻟﻣﻌﺎرض.
.10اﻟﺗﻌﻘب.
.11اﻟﻣراﺟﻊ.
-1ﻟﻠﻣزﯾد ﺣول اﻟﺗﺳﺟﯾل و اﻟﺗوﺛﯾق اﻹﻟﻛﺗروﻧﻲ أﻧظر :ﺷﻌﺑﺎن ،اﻧﯾس :اﺳﺗﺧدام اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ أﻋﻣﺎل اﻟﺗﺳﺟﯾل و اﻟﺗوﺛﯾق ،ﻓﻲ اﺳﺗﺧدام
اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗرﺑﯾﺔ و اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ و اﻟﻌﻠوم ،ط،1اﻟﺷﺎرﻗﺔ،1998،ص .43
80
ﺛﺎﻧﯾﺎ -ﺣﻔظ و ﺗرﻣﯾم اﻟﺗراث اﻷﺛري:
إن اﻟﺣﻔر واﻟﺗﻧﻘﯾب ﻫو ﺗﻐﯾﯾر ﻟﻣﻌﺎﻟم اﻷرض واﺳﺗﺧراج اﻵﺛﺎر ﯾﻌﻧﻲ ﺗﻌرﯾﺿﻬﺎ
ﻟﺗﺄﺛﯾرات اﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،ﻟذﻟك ﻓﺈن ﺣﻔظ اﻵﺛﺎر وﻛل ﻣﺎ ﯾﻌﺛر ﻋﻠﯾﻪ ﻟﯾس أﻗل أﻫﻣﯾﺔ ﻣن
اﻛﺗﺷﺎﻓﻬﺎ ،وﯾﻘﺎل داﺋﻣﺎ ﻻ ﺣﻔظ ﺑﺷﻛل ﺟﯾد إﻻ ﻣﺎ ﻧﻘب ﻋﻧﻪ ﺑﺷﻛل ﺟﯾد.1
ﺗﺣﻣل ﻛﻠﻣﺔ اﻟﺣﻔظ ﻣﻌﻧﯾﯾن :اﻷول ﺗﻘﻠﯾدي ﻓرﻧﺳﻲ ﻟﻪ ﻣﻌﻧﻰ إداري ﺣول اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋن اﻟﺗراث اﻷﺛري اﻟﻣﻌﻬود إﻟﻰ إﺛﺎرة ﻫذا اﻟﺗراث .واﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺣدﯾث ﻣﺗﺄﺛر
ﺑﺎﻟﺗﻘﺎﻟﯾد اﻷﻧﻛﻠوﺳﻛﺳون ،وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﻛون ﻣﻌﻧﺎ ﺗﻘﻧﯾﺎ ﻣﻛرﺳﺎ ﻟﻠﻌﻧﺎﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ،ﻫذﻩ
اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﺗﺷﻣل اﻟوﻗﺎﯾﺔ واﺳﺗﻘرار اﻟﺣﺎﻟﺔ واﻟﻌرض وﻋﻣل اﻟﻣرﻣﻣﯾن ذوي اﻟﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟوﺣﯾدة ﻓﻲ
ﻟﻣس ﻫذا اﻟﺗراث.2وﻟﻠﺣﻔظ وﺟوﻩ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻌﻧﻰ واﺳﻊ ﺗﺗﻣﺛل ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
ﺣﻔظ دﻣﺞ اﻟﻘطﻊ )ﺗﺟﻬﯾز ،ﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻟﺑﯾﺋﺔ ،ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻻﺳﺗﻘرار (1
واﻟﺗﻘوﯾﺔ واﻟﺗرﻣﯾم(.
اﻟﺗﺣﻠﯾﻼت ،اﻟﺗرﻣﯾم(.
81
اﻟﻌرض و إﻋﺎدة اﻟﺑﻧﺎء اﻟﻣﯾزوﻏراﻓﻲ ﻟﻘطﻊ ﻓﻲ إطﺎرﻫﺎ.1 (3
ﺣﻔظ اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ واﻟﻣواﻗﻊ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻷﺛرﯾﺔ )ﺗرﻣﯾم ،ﺻﯾﺎﻧﺔ ،إﻋﺎدة ﺑﻧﺎء، (4
اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ واﻟﺑﺣﺛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺧﺗﺻون ﻓﻲ ﺻﯾﺎﻧﺔ اﻵﺛﺎر ﻓﻲ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ
ﺗﺣﻘﯾق ﻫذا اﻟﻬدف ﻣﺎ وﻓرﺗﻪ ﻟﻬم ﻋﻠوم اﻟﻛﯾﻣﯾﺎء واﻟﻔﯾزﯾﺎء واﻟﻌﻠوم اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﻣن ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻋﻣﻠﯾﺔ
وﻧﺗﺎﺋﺞ ﺣدﯾﺛﺔ ﯾﺳﺗﺧدﻣﻬﺎ اﻟﻣﺧﺗﺻون ﻓﻲ ﺻﯾﺎﻧﺔ اﻵﺛﺎر وﻛذﻟك ﻓﻲ ﻓﺣص ﻣﻛوﻧﺎت اﻵﺛﺎر
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﺗﻌﯾﯾن ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ اﻟﻔﯾزﯾﺎﺋﯾﺔ واﻟﻛﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ وﺗﺣدﯾد ﺧطورة اﻟﺗﻠف اﻟذي أﻟم ﺑﻬﺎ
وﻣظﺎﻫرﻩ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻋﻠﻣﯾﺔ واﺧﺗﯾﺎر أﻓﺿل اﻟﻣواد اﻟﻛﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ وأﻧﺳب طرق اﻟﻌﻼج
ﺗﺗم ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺎت اﻷﺛرﯾﺔ ﻣن ﻟﺣظﺔ اﻛﺗﺷﺎﻓﻬﺎ ﺳواء ﻛﺎﻧت آﺛﺎ ار ﺛﺎﺑﺗﺔ أم ﻣﻧﻘوﻟﺔ
ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء وﺗﺗﺑﻊ ﻛل ﻣﻧﻬﺎ إﺟ ارءات ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺗﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ ﻛل ﻣﻧﻬﺎٕ .واﺟراءات اﻟﺣﻔرﯾﺎت
واﻟﺗﻧﻘﯾب ﻋن اﻵﺛﺎر ﯾﻐﯾر ﻣﻌﺎﻟم اﻷرض وﺗؤدي ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻛﺷف ٕواﺧراج اﻵﺛﺎر إﻟﻰ ﺗﻌرﺿﻬﺎ
إﻟﻰ اﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ وﻟﻬذا اﻟﺳﺑب ﻓﺈن ﺣﻔظ ﻫذﻩ اﻵﺛﺎر ﻻ ﯾﻘل أﻫﻣﯾﺔ ﻣن اﻛﺗﺷﺎﻓﻬﺎ،
ﻓطرﻗﺔ اﻟﻛﺷف واﻟﺗﻧﻘﯾب ﺗﻛون اﻟﺧطوة اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺣﻔظ اﻵﺛﺎر وﻻ ﯾﺣﻔظ
1
- MEYER-ROUDET H, 2001, conservation et conservation ou les différences conceptions de la conservation,
in dépôt archéologique : conservation et gestion pour un projet scientifiques et culturel, Acte des assise
nationales de la conservation archéologique, Bituriges, P195.
82
ﺑﺷﻛل ﺟﯾد إﻻ ﻣﺎ ﻧﻘب ﻋﻧﻪ ﺑﺷﻛل ﺟﯾد .ﻓﺎﻟﺗﻧﻘﯾب ﻋن اﻵﺛﺎر ﻻ ﯾﻘﺗﺻر دورﻩ ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﯾﺔ
اﻟﻛﺷف ﻋﻧﻬﺎ ٕواظﻬﺎرﻫﺎ ٕواﻧﻣﺎ ﯾﺟب أن ﺗﻣﺗد أﻫداﻓﻪ ﻟﯾﺷﻣل ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺣﻔظﻬﺎ وﺗﺄﻣﯾﻧﻬﺎ ﻷن
ﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣﻧﻘب ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣﻬﻣﺔ ﻣزدوﺟﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺗﻧظﯾم اﻟﺣﻔر ٕواﺗﻣﺎم اﻟﻌرض ﺑﻌد
اﻟﺻﯾﺎﻧﺔ واﻟﺣﻔظ وﻫﻣﺎ ﻋﻣﻠﯾﺗﺎن ﻟﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻫدﻓﺎن اﻷول ﻋﻠﻣﻲ ﯾﻛون ﺑﻌد اﻟدراﺳﺔ واﻟﺗﺣﻠﯾل
ﻓﻲ ﻣﺗﻧﺎول اﻟﻌﻠﻣﺎء واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن واﻵﺧر ﺗرﺑوي ﯾﺟب أن ﯾﺻﺑﺢ ﻣﺟﺎﻻ ﻣﻔﺗوﺣﺎ ﻟﻠﻧﺎس ﯾﻘرؤون
اﻟﺣﻔظ ﻟﯾس ﻣﺟرد اﻟﺧزن ﻓﻲ ﻗﺑو اﻟﻣﺎﺿﻲ ٕواﻧﻣﺎ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺣﻲ ﻣن أﺟل اﻟﺣﺎﺿر،
وﻟﻌل ﺿﻌف اﻟوﻋﻲ اﻟﺗراﺛﻲ ﻟدي اﻟﻧﺎس وﺟﻬﻠﻬم ﺑﻪ ﺳﺑب رﺋﯾس ﻣن أﺳﺑﺎب اﻧدﺛﺎرﻩ وﺿﯾﺎع
اﻟﻛﺛﯾر ﻣن ﻋﻧﺎﺻرﻩ وﻟﻬذا ﯾﺟب اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻣﯾق اﻟوﻋﻲ ﺑﺎﻟﺗراث ﻟﯾﺗم ﺗوﺣﯾد اﻟراﺑط ﺑﯾن
اﻹﻧﺳﺎن وﺗراﺛﻪ ﻟﯾﻘوم ﻋن ﻗﻧﺎﻋﺔ ٕوادراك ﺑﺎﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﯾﻪ واﻟدﻓﺎع ﻋﻧﻪ ،ﺑﺎﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻓﺈن وﻋﻲ
اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺗراث ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟذاﺗﻪ وﻫوﯾﺗﻪ .وﯾﺟب ﺗﻌﻣﯾم اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺗراث
اﻷﺛري وﺗوزﯾﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺗﻰ ﻣراﻓق اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ واﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻣﺗداد اﻟوطن ﺑﺣﯾث
ﻓﻲ أﻏﻠب اﻷﺣﯾﺎن ﯾﺗم ﻧﻘل اﻵﺛﺎر واﻟﻣﺑﺎﻧﻲ ﻣن ﻋﺻور ﻣﺗﺄﺧرة أو ﻫدﻣﻬﺎ إذا ﻛﺎﻧت
ﻣﺗﻬدﻣﺔ وﻻ ﯾﻣﻛن اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺧﻔﻲ ﺗﺣﺗﻬﺎ آﺛﺎ ار ﻣن ﻋﺻور أﻛﺛر ﻗدﻣﺎ وذات أﻫﻣﯾﺔ
أﻛﺑر وﻫو ﻣﺎ ﯾﺣﺻل ﻓﻲ أﻏﻠب اﻟﺗﻼل اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻌﺎﺋدة ﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺷرق اﻟﻘدﯾم .وﻣن أﻫم
83
اﻷﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك إزاﻟﺔ ﺑرج إﺳﻼﻣﻲ ﻣن اﻟﻌﺻر اﻷﯾوﺑﻲ ﻓﻲ ﻗﻠﻌﺔ ﺑﺻرى اﻟﺷﺎم ﺑﻬدف
اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﻣدرج اﻟروﻣﺎﻧﻲ اﻟﻌﺎﺋد ﻟﻠﻘرن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣﯾﻼدي ،إذ ﺗم ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ
ﺗﺣﺻﯾن اﻟﻣدرج وﺟﻌﻠﻪ ﻗﻠﻌﺔ ﻋﺳﻛرﯾﺔ وﺑﻧﻰ ﺣوﻟﻪ اﻷﺑراج وﺑﻧﻰ ﺑرج ﻋﻠﻰ اﻟﻣدرج اﻟروﻣﺎﻧﻲ
إذ اﺧﺗﻔﻰ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﺗﺣﺗﻪ ،وﻷﻫﻣﯾﺔ اﻟﻣدرج اﻟروﻣﺎﻧﻲ وﺣﺎﻟﺔ اﻟﺣﻔظ اﻟﺟﯾدة اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺗﺎز ﺑﻬﺎ
واﻷﻛﻣل ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟم ﻟذﻟك ﺗم أﺧذ اﻟﻘرار ﺑﺈزاﻟﺔ اﻟﺑرج اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻹظﻬﺎر اﻟﻣدرج
اﻟروﻣﺎﻧﻲ وذﻟك ﻓﻲ ﺧﻣﺳﯾﻧﺎت اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ ﺑﺈدارة ﻋﺎﻟم اﻵﺛﺎر ﺳﻠﯾﻣﺎن اﻟﻣﻘداد ﻣن
ﻋﻠﻰ ﻓرﯾق اﻟﺗﻧﻘﯾب أن ﯾﻛون داﺋﻣﺎ ﺟﺎﻫ از ﻟﺗدﻋﯾم وﺗﻘوﯾﺔ اﻷﺑﻧﯾﺔ واﻟﻌﻣﺎﺋر وأﻣﺎﻛن
اﻟﺗﻧﻘﯾب ﻓﺻﻼ ﻋن اﻟﻠﻘﻰ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﺗردي ﺣﺎﻟﺗﻬﺎ وﺗﻔﻛﻛﻬﺎ وذﻟك ﻛﻲ ﻻ ﺗﻔﻘد
اﻵﺛﺎر أي ﻣﯾزة ﻣن ﻣﯾزاﺗﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺳﺎﻋدت اﻟظروف اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻔظﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺎطن اﻷرض
ﻋﻠﻰ ﻣر اﻟﻌﺻور.
ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﯾﻛون اﻟﺣﻔظ ﻏﯾر ﻓﻌﺎل أو ﻓﻲ أﺣﯾﺎن أﺧرى ﺗﻛزون اﻟﺗﻛوﯾﻧﺎت
اﻟرﺳوﺑﯾﺔ اﻟرطﺑﺔ ﺟدا ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻘﺎوم اﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻋﻧد اﻛﺗﺷﺎﻓﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺳرﯾﻌﺔ
اﻟﺗﺄﺛر وﻻﺳﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت رطوﺑﺔ اﻷرض ﻗد أﺛرت ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺧﻼل اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ وﺣﺗﻰ
ﺳﺎﻋﺔ اﻛﺗﺷﺎﻓﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻌﻠم أن ﺑﻌﺿﻪ وﺻل ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺎ إذا رأى اﻟﻧور ﻟﺣظﺔ اﻛﺗﺷﺎﻓﻬﺎ ﺗﻔﺗت
ﻟذﻟك ﯾﺟب اﻷﺧذ ﺑﺎﻟﺣﺳﺑﺎن اﺳﺗﺧدام اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت أﺛﻧﺎء اﻟﺗﻧﻘﯾب
84
واﻟﻛﺷف وﺗوﻓﯾر اﻟﻣواد واﻟﻣﺗﺧﺻﺻﯾن ذوي اﻟﺧﺑرة اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ ﻣن اﻟﺗﻠف،
وﺑﻌد اﻻﻧﺗﻬﺎء ﻣن اﻟﺗﻧﻘﯾب ﻓﻲ اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﻻﺑد ﻣن ﺣﻔظ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﻧﻘﺑﺔ ﺑﻌد ﻛل
ﻣوﺳم ﺗﻧﻘﯾب ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﻛون ﻋرﺿﺔ ﻟﻠﺗﻠف وﺗﻐﯾر ﻣﻌﺎﻟﻣﻬﺎ ﺑﻔﻌل اﻟﻌواﻣل اﻟﺟوﯾﺔ وﺗﺄﺛﯾرات
اﻟﺣ اررة واﻟرطوﺑﺔ واﻟﻧﺑﺎﺗﺎت واﻟﺣﯾواﻧﺎت وﻏﯾرﻫﺎ وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﻣواﻗﻊ اﻟﺗﻼل اﻷﺛرﯾﺔ ،ﻓﺿﻼ ﻋن
اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﺄﻫوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺳﻛﺎن اﻟﺗﻲ ﺗﻬددﻫﺎ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺑﺷﻛل داﺋم ﻧﺎﻫﯾك ﻋن اﻷﺧطﺎر
اﻷﺧرى.
ﺗﻘوم اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑدور ﻣﻬم ﻓﻲ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗراث ﻣن ﺧﻼل ﺗﻘدﯾم اﻟدﻋم
اﻟﺗﻘﻧﻲ واﻟﻔﻧﻲ واﻟﻣﺎﻟﻲ ﻟﻣﺧﺗﻠف دول اﻟﻌﺎﻟم ﻣﺛل اﻟﯾوﻧﺳﻛو وﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ
اﻻﯾﻛوم)اﻟﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﻲ ﻟﻠﻣﺗﺎﺣف( وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ وﺳﯾﺗم ﺗﻧﺎول دور ﻛل
ﻛﻣﺎ ﯾﺗم اﻟﺗرﻛﯾز ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﺿر ﻋﻠﻰ إﻋطﺎء اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺣﻠﻲ دو ار ﻣﻬﻣﺎ ﻓﻲ
اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗراث اﻷﺛري ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗوﻋﯾﺔ ودﻣﺟﻬم ﻓﻲ ﺧطط إدارة اﻟﺗراث واﻟﻣواﻗﻊ
85
ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟوﻗﺎﺋﻲ: .2
اﻷﺛري ﻣن أﺧطﺎر ﺗوﺳﻊ اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎﺑ ﻪ . 1وﺑذﻟك ﻟﯾس
ﺑﺗﺧﺻص ﻋﻠﻣﻲ ﺟدﯾد ﻣن ﻓروع ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗﻌددة ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻔﻬم ﻣن ﺻﯾﺎﻏﺔ
اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟوﻗﺎﺋﻲ ،وﻻ ﺑﻣﻧﻬﺞ ﻋﻠﻣﻲ ﻣﺳﺗﺣدث ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻷﺛرﯾﺔ ،ﻣﺛل ﻣﺎ
ﻫو اﻟﺣﺎل ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻊ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟﻣﻘﺎرن archéologie comparativeأو اﻟﺗﻘﯾﯾس اﻷﺛري
ﺗﺧﺗص ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺗراث اﻷﺛري ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟدوﻟﻲ أو اﻟﻣﺣﻠﻲ ٕواﻧﻣﺎ ﻣﺑدأ ﻧظري ﻋﺎم ﺗﺳﺗﻧد
إﻟﯾﻪ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت اﻟدول واﻷﻣم اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ،اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺛروات ﺗراﺛﻬﺎ اﻟﺛري اﻟﺧﺎص.
أو ﺑﻌﺑﺎرة أوﺿﺢ ،ﺗوﺟﻪ ﻓﻛري ﺟدﯾد ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺗراث اﻷﺛري وﺗﺛﻣﯾﻧﻪ ،ﯾﻌﻘب ﻣرﺣﻠﺔ
اﻹﻧﻘﺎذ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﺎوزﻫﺎ اﻟزﻣن ﺑﻔﻌل ﻣﺗﻐﯾراﺗﻪ اﻟراﻫﻧﺔ إذا ﻛﺎن اﻷﺛري واﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻣﺷرﻓﺔ ﻋﻠﻰ
اﻵﺛﺎر وﻗﺗﻬﺎ ﺗﺗدﺧل ﺑﻌد ﺣدوث اﻟﻛﺎرﺛﺔ ﻹﻧﻘﺎذ ﻣﺎ ﯾﻣﻛن إﻧﻘﺎذﻩ ﺳﺎﻋﺔ ﺷق اﻟطرﻗﺎت اﻟﺳرﯾﻌﺔ
وﻣد اﻟﺟﺳور وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻵﺛﺎر اﻟﻌرﯾﻘﺔ ،ﻣﻔﺎدﻩ
ﻟزوم ﺗدﺧل اﻷطراف اﻟﻣذﻛورة أﻋﻼﻩ وﻗﯾﺎﻣﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﺟب اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ ﻗﺑل اﻧطﻼﻗﺔ اﻟﻣﺷروع
اﻟﺗﻧﻣوي ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ.
1
- European preventive Archeology papers of EPAC meeting, vilnius 2004, national office of cultural
Heritage/ council of europe, 2007, p12.
86
ﺗﺗﻣﺛل ﻏﺎﯾﺔ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟوﻗﺎﺋﻲ ﻓﻲ إﯾﺟﺎد ﺣل ﺗواﻓﻘﻲ ﻟﻠﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﺗراث
اﻷﺛري ﺑﻌدﻩ ﻣوردا طﺑﯾﻌﯾﺎ ﻣﺣدودا ﻏﯾر ﻣﺗﺟدد وﻣﺎ ﯾﺷﻛﻠﻪ ﻣن ﻗﻠق ﻣﺗزاﯾد ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻣﺎ
ﯾﺗﻌرض ﻟﻪ ﻣن أﺧطﺎر وﻛوارث ﯾﻌد اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﺗﺳﺑب اﻷول ﻓﯾﻬﺎ واﺣﺗﯾﺎﺟﺎت اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ
اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺧدم اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻘط ٕواﻧﻣﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﺄﻛﻣﻠﻪ ﻣن ﺟﻬﺔ
أﺧرى.
ﺑﺎت ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟوﻗﺎﺋﻲ ﻣن اﻟﺗوﺟﻬﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت اﻟﺣﻔظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗراث
اﻷﺛري وأﻣر ﺿروري ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟظروف اﻟﻣﺻﺎﺣﺑﺔ ﻟﻧﺷﺄﺗﻪ ،إذ ﯾﻌد ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد
ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺣﺗﻣﯾﺔ رﺿﺗﻬﺎ ﺗطورات اﻟﻌﺻر وﻋﺎد ﺑذﻟك ﯾﻣﺛل ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻌد اﻹﻧﻘﺎذ اﻟﺗﻲ ازدﻫرت
ﺑﯾن ﺧﻣﺳﯾﻧﯾﺎت وﺛﻣﺎﻧﯾﻧﺎت اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ،إذ ﻛﺎن اﻟﻘﺎﺋﻣون ﻋﻠﻰ اﻟﺗراث اﻷﺛري ﯾﻧﺗظرون
وﻗوع ﻛﺎرﺛﺔ ﻟﻠﺗدﺧل ﺑﻐرض إﻧﻘﺎذ ﻣﺎ ﯾﻣﻛن إﻧﻘﺎذﻩ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟوﻗﺎﺋﻲ اﻟذي ﯾﻣﻧﻊ
وﻗوع اﻟﻛﺎرﺛﺔ و ﻫﻧﺎ ﻣﻛﻣن أﻫﻣﯾﺔ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟوﻗﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺗراث اﻷﺛري
وﺻﯾﺎﻧﺗﻪ.1
ازداد وﻋﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ ﺑﺄﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗراث اﻷﺛري ﻓﻲ ﺗﺧﻠﯾد اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ ﻫذا
اﻟﻛون واﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻬوﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻻﺳﯾﻣﺎ ﺑﻌدﻣﺎ ﺷﻬدﻩ
اﻟﻌﺎﻟم ﻣن دﻣﺎر رﻫﯾب ﻓﻲ ﻏﺿون اﻟﺧرﺑﯾن اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺗﯾن اﻷوﻟﻰ واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ وﻣﺎ ﻧﺟم ﻋﻧﻬﻣﺎ ﻣن
1
-أﻧظر:ﻧﺎدﯾﺔ ،ﯾﻠﻘﻧدوز :اﺛر ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟوﻗﺎﺋﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ ﺟﺎب دول اﻟﻣﻐرب اﻟﻌرﺑﻲ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑﻲ ﺑﻘر ﺑﻠﻘﺎﯾد،
ﺗﻠﻣﺳﺎن ،2011،ص .15
ﻋﻠﯾﺎن ،ﺟﻣﺎل :اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ،ﻧﺣو ﻣدرﺳو ﻋرﺑﯾﺔ ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ و إدارﺗﮫ ،ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻋﺎﻟم اﻟﻣﻌرﻓﺔ ،ﻋدد ،322
اﻟﻛوﯾت.2005 /
87
ﺗدﻣﯾر واﻧدﺛﺎر اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﻬﻣﺔ .إذ ﻟم ﺗﻌد ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗراث
ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﻌﺎﻟم اﻷﺛرﯾﺔ واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ
ﻛﻛل ،ﻣﺛل ﻣﺎ ﺣدث ﻣﻊ ﻣﻧظﻣﺔ اﻟﯾوﻧﺳﻛو ﻓﻲ ﺣﻣﻠﺗﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣﻌﺑد أﺑﻲ ﺳﻧﺑل اﻟذي
ﻛﺎن ﻣﻬددا ﺑﺎﻟﻐرق ﺳﺎﻋﺔ إﻧﺷﺎء اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻓﻲ أﺳوان ﺑﻣﺻر إذ ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﯾﺗﺳﺑب
ﻫذا اﻟﺳد ﻓﻲ إﻏراق اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻟم اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣﺷﯾدة ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺗﻲ ﻧﻬر اﻟﻧﯾل ،ﻓﻠوﻻ
إﺳﻬﺎم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ ﺗﻣوﯾل أﻋﻣﺎل إﻧﻘﺎذ وﻧﻘﻠﻪ إﻟﻰ ﻣﻛﺎن آﺧر أﻛﺛر أﻣﺎﻧﺎ ﻟﻔﻘد إﻟﻰ
اﻷﺑد.1
واﻟدوﻟﻲ ،ﻓﻣن ﺟﻬﺔ أﺻدرت وﺗﺻدرﻩ اﻟدول ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﻠﻲ واﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻗواﻧﯾن ﺟدﯾدة
ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺗراث اﻷﺛري ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﺻدرت ﻣﻌﺎﻫدات وﻣواﺛﯾق دوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذا
اﻟﻣﺟﺎل ،ﻓﺿﻼ ﻋن ظﻬور اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺗراث اﻷﺛري
واﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺛل ﻣﻧظﻣﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﺗرﺑﯾﺔ واﻟﺗﻌﻠﯾم واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،UNESCOواﻟﻣرﻛز
اﻟدوﻟﻲ ﺑدراﺳﺔ وﺣﻔظ وﺗرﻣﯾم اﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،ICCROMو اﻟﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﻲ ﻟﻠﻣﻌﺎﻟم
واﻟﺑراﻣﺞ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻧظﯾم وﺗطوﯾر اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻟﻠﺗراث اﻷﺛري.2
-1اﻟﯾوﻧﺳﻛو و اﻻﯾﻛروم ،ﺗﻌرﯾف اﻟﺷﺑﺎب ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ و إدارة ﻣواﻗﻊ اﻟﺗراث ،طﺑﺎﻋﺔ ﻣﻛﺗب اﻟﯾوﻧﺳﻛو ،ﻋﻣﺎن ،ط ،2003 ،1ص .16
-2ﺟﻣﺎل ﻋﻠﯾﺎن.169 ،2005 ،
88
ﺗرﻣﯾم اﻵﺛﺎر: .3
إن اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ ﯾﺟب أن ﯾﺗم ﺑﺷﻛل ﺟﯾد وﻣن ﺛم ﺗﺧزﯾﻧﻬﺎ أﯾﺿﺎ ﺑﺣﯾث
ﯾﻣﻛن اﻟوﺻول إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺳﻬوﻟﺔ وﯾﺗم دراﺳﺗﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻌﻠﻣﺎء واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ،وﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ
ﺗﻛون ﻓﻲ ﻣﺗﻧﺎول اﻟﺟﻣﯾﻊ ﻣن ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺣﻠﻲ أو زوار أﺟﺎﻧب ﻋن طرﯾق ﻋرﺿﻬﺎ ﻓﻲ
اﻟﻣﺗﺎﺣف أو اﻟﻣﻌﺎرض ،وﻛل ﻫذﻩ اﻹﺟراءات ﺗطﻠب ﺿرورة ﺗرﻣﯾم اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ
ﺗﺗﻧوع طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ واﻟﻣواد اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻟذﻟك ﺗﺗطﻠب ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺻﯾﺎﻧﺗﻬﺎ
وﺗرﻣﯾﻣﻬﺎ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﻟﺧﺑرة اﻟﻛﺑﯾرة واﻟدراﯾﺔ اﻟواﺳﻌﺔ ﺑﻬﺎ وﺑﺎﻟﺑﯾﺋﺔ واﻟظروف اﻟﺗﻲ ﺗﻌﯾش ﻓﯾﻬﺎ
واﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺷﻐﻠﻬﺎ وﺳﺗﺷﻐﻠﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد .وﺑﺳﺑب ﻏﯾﺎب اﻟﺧﺑرة ﻟدى اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻓﻲ
ﺗرﻣﯾم اﻟﺗراث اﻷﺛري ﺣﺻﻠت أﺧطﺎء ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ ﻓﻲ ﺗرﻣﯾم اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ ﻣن أﺑﻧﯾﺔ
وﻗطﻊ أﺛرﯾﺔ ،وﺻﻠت ﻟدرﺟﺔ أن ﺑﻌض اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣرﻣﻣﺔ أﺻﺑﺣت ﻻ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن
اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟﻣﻧﺷﺋﺔ ﺣدﯾﺛﺎ ،وﻟم ﯾﻊ ﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟﺷﺧص اﻟذي ﻻ ﯾﻌرف ﺗﺎرﯾﺦ ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ أن ﯾﻣﯾز
ﺗﺗﻣﺛل ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗرﻣﯾم ﻓﻲ اﻟﺗدﺧل ﻟﺗرﻣﯾم اﻷﺿرار اﻟﺗﻲ أﺻﺎﺑت اﻟﺗراث اﻷﺛري ﻣﻊ
ﻣرور اﻟزﻣن أو وﻗﻌت ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺣﺎدث ﻣﺎ أو إﻫﻣﺎل ،وﺗﺟري ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗرﻣﯾم اﻵﺛﺎر ﺳواء اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ
أو اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ ﺣﺳب اﻟدراﺳﺎت واﻟﺗﺣﻠﯾﻼت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺧﺎﺑر أو اﻟورش
اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ وﻣﺎدة اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ .وﺗﺷﻣل ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗرﻣﯾم ﻛل اﻟﺗدﺧﻼت
89
اﻟﻣﻧﺗظﻣﺔ اﻟﺗرﻣﯾﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺿرار اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻣﻊ اﻟوﻗت ،واﻟﺣوادث ،واﻹﻫﻣﺎل أو
اﻟﺗﻬﺎون اﻟذي ﯾﺣدث ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﻋرض اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻟوظﯾﻔﯾﺔ واﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﺗراث
اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ.1
ﯾﺗم ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ ﺣﺳب ﻣﯾﺛﺎق اﻟﺑﻧدﻗﯾﺔ ﻋﺎم 1964م ﺑﺄﻧﻪ طرﯾﻘﺔ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ
اﻟﺗﺧﺻص ،ﻫدﻓﻬﺎ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾم اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ واﻟﻔﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻠم ٕواظﻬﺎرﻫﺎ ،وﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ
اﺣﺗرام اﻟﻣﺎدة اﻟﻘدﯾﻣﺔ وﻋﻠﻰ اﻟوﺛﺎﺋق اﻷﺻﻠﯾﺔ .وﯾﺟب أن ﯾﺗوﻗف اﻟﺗرﻣﯾم ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺗﺑدأ
اﻻﻓﺗراﺿﺎت ،ﻓﻔﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ إﻋﺎدة اﻟﺑﻧﺎء ﻓﺈن أﯾﺔ أﻋﻣﺎل ﺗﻛﻣﯾﻠﯾﺔ ﯾﺟب أن ﺗﻌرف ﻣن ﺣﯾث
أﻣﺎ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻓﺗﻌرف اﻟﺗرﻣﯾم اﻟﻔﻌل أو اﻟطرﯾﻘﺔ ﻟﺿﺑط اﻟوﺻف اﻟﺷﻛﻠﻲ ﻋﻠﻰ
ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻹﻧﺷﺎء واﻟﻣﻧﺎظر اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﻣواد ،ﻛﻣﺎ ظﻬرت ﻓﻲ ﻣدة ﻣﻌﯾﻧﺔ
ﻣن اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺑﺎﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ إزاﻟﺔ ﺻﻔﺎت ﻣن أزﻣﻧﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ أﺧرى ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﺑﻧﻰ ٕواﻋﺎدة
اﻟﺗرﻣﯾم ﻣﺟﻣل اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﻣرﻣﻣون ﻣن أﺟل ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻣﺑﻧﻰ
1
-Gob a, et Drouguet N, 2006, P155.
2
- la charte de venise, 1965, charte internationale sur la conservation et la restauration des monuments et
des sites.
-3ﻣﺣﻣد ،ﻋﺑد اﻟﮭﺎدي ﻣﺣﻣد :دراﺳﺎت ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺗرﻣﯾم و ﺻﯾﺎﻧﺔ اﻵﺛﺎر ﻏﯾر اﻟﻌﺿوﯾﺔ ،1997 ،ص.20
4
http : // www.cr.np.gov/history/online_books/ nps 28/2/ contents.htm.national park system
90
ﻫو ﻋﻣﻠﯾﺔ دﻗﯾﻘﺔ ذات وﺳﺎﺋل وطرق وأدوات ﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋﺎﻟﻣﯾﺎ ،ﻓﺿﻼ ﻋن اﻟﻣﺧﺗﺻﯾن
اﻟﻠذﯾن ﯾﻌﻣﻠون ﺣﺳب ﻧوع اﻟﻣواد اﻷﺛرﯾﺔ ،وﻫو ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻓﻧﯾﺔ وﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ﺗﺣﺗﺎج
إﻟﻰ ﺣس ﻋﺎل وﻣﻬﺎرة ﺟﯾدة ،ﻛﻣﺎ أن ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺟﻣﯾل ٕواﻋﺎدة اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ إﻟﻰ ﺷﻛل أﻗرب
إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺗﻬﺎ اﻷﺻﻠﯾﺔ ﻣن دون إﺿﺎﻓﺔ ﺟدﯾدة أو ﺗزوﯾر ،وﻫﻲ أﯾﺿﺎ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻋﻼج ﻟﻶﺛﺎر
اﻟﺗﻲ ﻣﺿت ﻋﻠﯾﻬﺎ آﻻف اﻟﺳﻧﯾن ﻛﺎﻟﺗﺻدﻋﺎت واﻟﺗﺷﻘﻘﺎت واﻻﻧﻬﯾﺎرات اﻟﺗﻲ أﺻﺎﺑت اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ
اﻷﺛرﯾﺔ.
وﺗﻛون ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻌﻼج واﻟﺗرﻣﯾم ﻋﻠﻰ ﺿوء دراﺳﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻵﺛﺎر وﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﺗﻲ
ﯾﻌﺎﻧﯾﻬﺎ،إذ ﯾﺗم اﻟﻌﻼج اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣرﻣم ﺑﻌد اﻟدراﺳﺔ واﻟﺗﺷﺧﯾصٕ ،واﺟراء اﻟﺗرﻣﯾم
ﯾﺷﻛل اﻹﺟراء اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﺑﻌد ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺎت اﻟﻛﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ وﺗﻧظﯾف وﺗﻘوﯾﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﺎج
إﻟﻰ ﺗرﻣﯾم.
91
ﺗرﻣﯾم اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻷﺛرﯾﺔ: أ.
إن ﺗرﻣﯾم اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻷﺛرﯾﺔ ﯾﺧﺗﻠف ﺑﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺑﻧﺎء وطرﯾﻘﺔ ﺑﻧﺎﺋﻪ وﺗﺗﻔق ﻣﻊ ﻣواد
اﻟﺑﻧﺎء ﺳواء أﻛﺎﻧت ﺣرﯾﺔ أم طﯾﻧﯾﺔ وﻧوﻋﯾﺔ اﻟﻣﻼط اﻟﻣﺳﺗﺧدم ﻓﯾﻬﺎ واﻟزﺧﺎرف واﻟرﺳوم
اﻟﻣوﺟودة ﻋﻠﻰ ﺟدراﻧﻬﺎ .وأﻋﻣﺎل اﻟﺗرﻣﯾم ﻟﻠﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ ﺗﺳﺗوﺟب ﺗوﻓر اﻟظروف اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻼءم ﻣﻊ ﺣﺎﻟﺗﻬﺎ واﻟﻣواد اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎﺋﻬﺎ ﻣن ﺣﯾث درﺟﺎت اﻟﺣ اررة واﻟرطوﺑﺔ
واﻹﺿﺎءة واﻟﺗﻬوﯾﺔ وﻋواﻣل اﻟﺗﻠف اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺗوﺟب اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ اﻟﺧواص
اﻟﻛﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ واﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣواد اﻟﺑﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟداﺧﻠﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻷﺑﻧﯾﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﺗﻔﺎﻋل ﺑﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻣواد اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗرﻣﯾم ﻣﻊ اﻷﺟواء اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻬﺎ وﻣدى
اﻟﺟوﻓﯾﺔ.
-1ﺷﺎھﯾن ،ﻋﺑد اﻟﻣﻌز :طرق ﺻﯾﺎﻧﺔ و ﺗرﻣﯾم اﻵﺛﺎر و اﻟﻣﻘﺗﻧﯾﺎت اﻟﻔﻧﯾﺔ ،اﻟﮭﯾﺋﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب ،1975 ،ص .11
92
اﻟﻌواﻣل اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ وﺗﺗﻣﺛل ﺑﺎﻟﻧﺑﺎت واﻟﺣﯾواﻧﺎت واﻟﺣﺷرات اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ
واﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ.
ﻟذﻟك ﻓﺈن أي ﺗرﻣﯾم ﻟﻸﺑﻧﯾﺔ اﻷﺛرﯾﺔ ﯾﺟب أن ﯾﺗم ﻓﻲ ﺿوء ﻋدة ﻋواﻣل ﻣﻬﻣﺔ :ﻣﻧﻬﺎ
ﺿرورة ﺗﺣدﯾد اﻟﻣواد اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟداﺧﻠﺔ ﻓﻲ ﺗرﻛﯾب اﻟﻣﺑﻧﻰ ،واﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻋواﻣل اﻟﺗﻠف
اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ ﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺗﺄﺛﯾرﻫﺎ وﺗﻼﻓﻲ أﺧطﺎرﻫﺎ ،و ﺣﺻر أﻧواع ﻫذا اﻟﺗﻠف ودراﺳﺔ اﻟظروف اﻟﺗﻲ
أدت إﻟﯾﻪ ،واﺳﺗﺧدام اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗرﻣﯾﻣﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺿر اﻟﺑﻧﺎء ﺑﺄﯾﺔ ﺻورة ﻣن
اﻟﺻور ،واﺳﺗﺧدام ﻣواد أﻛﺛر ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻠف اﻟﺗﻲ أدت إﻟﻰ اﺣﺗﯾﺎج اﻟﻣﺑﻧﻰ إﻟﻰ
ﺗرﻣﯾم ،وﺗﺣدﯾد ﻣواﺻﻔﺎت ﻫذﻩ اﻟﻣواد ﺑﺷﻛل ﺟﯾد ﺣﺗﻰ ﺗﻛون اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ
ﺗوﺟد ﻗواﻋد أﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﺣﻛم ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗرﻣﯾم اﻟﻣﻌﻣﺎري ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﻟﻲ إذ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ
اﻟدراﺳﺔ اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻣﺑﺎﻧﻲ اﻷﺛرﯾﺔ ورﻓﻌﻬﺎ ﻣﻌﻣﺎرﯾﺎ وﻫﻧدﺳﯾﺎ ،ودراﺳﺔ ﺧواص وﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣواد
اﻟداﺧﻠﺔ ﺑﺎﻟﺗرﻣﯾم ﻋﻠﻰ اﻟﻣواد اﻷﺻﻠﯾﺔ اﻟداﺧﻠﺔ ﺑﺎﻟﺑﻧﺎء ،وﻋدم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄﯾﺔ أﻋﻣﺎل ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ
ﺗﻐﯾﯾر أو ﻣﺣو أو طﻣس أي ﺟزء ﻣن أﺟزاء اﻟﻣﺑﻧﻰ اﻷﺛري ،وﻋدم اﺳﺗﺧدام أي ﻣواد ﻣﻣﻛن
أن ﺗؤدي إﻟﻰ إﺿﻌﺎف ﻣواد اﻟﺑﻧﺎء اﻷﺻﻠﯾﺔ واﻗﺗﺻﺎر اﻟﺗدﺧل ﺑﺎﻟﺗرﻣﯾم ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺎﻛن
اﻟﺿرورﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﺎج ﻟذﻟك واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾن اﻟﻘدﯾم واﻟﺣدﯾث ،واﺳﺗﺧدام ﻣواد ﻓﻲ
اﻟﺗرﻣﯾم ﯾﺳﻬل إزاﻟﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻓﻲ ﺣﺎل أرﯾد ﺗﻐﯾﯾر طرﯾﻘﺔ وﻣواد اﻟﺗرﻣﯾم ،وﺑﺷﻛل ﻋﺎم
93
ﯾﻧﻘﺳم ﺗرﻣﯾم اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻷﺛرﯾﺔ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺳﺎم :اﻟﺗرﻣﯾم اﻟﻣﻌﻣﺎري ،واﻟﺗرﻣﯾم اﻟﻬﻧدﺳﻲ واﻟﺗرﻣﯾم
اﻟدﻗﯾق.
ﺗﺷﻣل ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ ﺛﻼث ﻋﻣﻠﯾﺎت ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ،اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺗﻧظﯾف إذ ﯾﺗم
إزاﻟﺔ اﻷوﺳﺎخ واﻟﻌواﻟق ﻣن اﻟﻣواد اﻷﺛرﯾﺔ ،اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺻﯾﺎﻧﺔأي ﺗﻘوﯾﺔ اﻟﻣواد اﻷﺛرﯾﺔ
وﺗﻘﻠﯾص اﺣﺗﻣﺎﻟﯾﺔ ﺗﻠﻔﻬﺎ أو إﺻﺎﺑﺗﻬﺎ ﺑﺄﺿرار ،واﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻷﺧﯾرة اﻟﺗرﻣﯾم أي إﻋﺎدة ﺗرﻛﯾب
أﺟزاء اﻟﻣﻧﻔﺻﻠﺔ أو اﻟﻣﻛﺳورة ﻣن اﻟﻣواد اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﺗﻔﺗﺗﺔ أو ﻣﺗﺷﻘﻘﺔ وﺟﻣﻊ ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺟزاء ﻣﻊ
ﺗﺧﺗﻠف طرق اﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة اﻟﻣﺻﻧوﻋﺔ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘطﻊ اﻷﺛرﯾﺔ وطﺑﯾﻌﺗﻬﺎ وﺗﺑدأ
ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﺑﻌض اﻟﻘطﻊ ﻓﻲ اﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري ﺑﻌد اﻟﻛﺷف ﻋﻧﻬﺎ ﻗﺑل ﻧﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺗودﻋﺎت أو
ﯾﺳﻣﺢ اﻟﺗرﻣﯾم ﺑوﻗف ﺗطور اﻟﺗدﻫور وﺗﺻﻠﯾﺢ اﻟﺗﻠف اﻟﺿﺎر ﺑﺎﻟﻘطﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﺑﺷﻛل
ﻣؤﻗت ،وﯾﻧﺟز أﻋﻣﺎل إﻋﺎدة اﻟﺑﻧﺎء واﻟﺗرﻣﯾم اﻷﺛري ﻟﻠﻘطﻊ ﺑﻬدف ﺗﺣﺳﯾن ﺣﺎﻟﺗﻬﺎ وﻣﻧظرﻫﺎ
ﻣن أﺟل ﺣﻔظﻬﺎ ﺑﺷﻛل ﺟﯾد وﺗﻘدﯾﻣﻬﺎ إﻟﻰ ﻛل ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن واﻟﺟﻣﻬور .واﻟﺗﻘﯾﯾم اﻟﺣدﯾث
ﻟﺗرﻣﯾم اﻟﻘطﻊ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ أي ﻫﯾﺋﺔ اﻟﻘطﻌﺔ اﻷﺛرﯾﺔ ﯾﺗطﻠب ﺗﺄﺛﯾ ار ﻗوﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﯾﯾﻣﻬﺎ
94
ﺑﺧﻼﻓﻪ ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن ﺗﻘﯾﯾم اﻟﺗرﺗﯾب اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ واﻟﻔﻧﻲ أو ﻗدم اﻟﻘطﻌﺔ اﻷﺛرﯾﺔ ،وﯾﺣﺎول ﻫذا اﻟﻌﻣل
ﺑﻬدف ﺗوﺿﯾﺢ اﻟﺗﺄﺛﯾرات ﻟﺗﻧوع اﻟﻠون واﻟﺷﻛل ﻋﻠﻰ وظﯾﻔﺔ اﻟﻘطﻌﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻷﺛرﯾﺔ.1
ﺗﺻﻧف اﻟﻘطﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﻣﻧﻬﺎ وﺗﻘﺳم إﻟﻰ
ﻣﺟﻣوﻋﺗﯾن رﺋﯾﺳﯾﺗﯾن ،ﺗﺗﺄﻟف اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻣواد اﻟﻐﯾر ﻋﺿوﯾﺔ وﻫﻲ اﻟﻘطﻊ
اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﻲ ﺟوﻫرﻫﺎ ﻣن ﻣواد ﺟﺎﻣدة ﻣﺛل اﻟﺣﺟﺎرة واﻟﻣﻌدن واﻟزﺟﺎج واﻟﻔﺧﺎر ،وﺗﺗﺄﻟف
اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻘطﻊ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺷﻛل ﻣن اﻟﻣواد اﻟﻌﺿوﯾﺔ ﻣﺛل اﻟﺧﺷب واﻟﻌﺎج
اﻟﻘطﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻫﻲ ﺣﺳﺎﺳﺔ ﺟدا ﻟﺗﻐﯾر اﻟﻣﻧﺎخ أو درﺟﺔ اﻟﺣ اررة،
ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺻﺑﺢ اﻟﺗﻐﯾرات ﻓﻲ اﻟﻣظﻬر ﺟﻠﯾﺔ ﻫذا ﯾﻌﻧﻲ أن ﺳﯾر اﻟﺗﻠف ﻗد ﺑدأ ﻣﺳﺑﻘﺎ ،ﻋﻣﻠﯾﺎت
اﻟﺗﻠف اﻟﺿﺎرة ﺗﻧﺗﺞ ﻣن أﺳﺑﺎب ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ :اﻟرطوﺑﺔ اﻟﻛﺛﯾرة أو اﻟﻘﻠﯾﻠﺔ ،اﻹﻧﺎرة ،اﻟﺑرد اﻟﺷدﯾد أو
اﻟﺣ اررة اﻟﻣرﺗﻔﻌﺔ ،ﺗﻠوث اﻟﻣﻧﺎخ ،اﻟﺣﺷرات اﻟﺿﺎرة ،ﻧﻘص اﻟﺻﯾﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أو ﻏﯾر اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ
ﻟﻠﻣواد اﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ وﻏﯾرﻫﺎ .وﻗد أدى اﻟﺗطور ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﻛﯾﻣﯾﺎء ﺧﻼل اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ إﻟﻰ
ظﻬور ﻣواد ﻛﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ ﺟدﯾدة ﺳﺎﻋدت ﻋﻠﻰ ﺗﻘدم ﻋﻣﻠﯾﺎت ﺗرﻣﯾم وﺻﯾﺎﻧﺔ اﻵﺛﺎر ،وأﺧذت ﻫذﻩ
أﻧواﻋﻬﺎ . 2ﻛﻣﺎ ظﻬرت ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟم ﻣﺧﺎﺑر أﻛﺛر ﺗﺧﺻﺻﺎ ﺑﺗرﻣﯾﻣﺎﻟﺗراث اﻷﺛري
1
-conservation-restauration des biens culturels, n°2, 1995, p31.
-2ﻣﺣﻣد ،ﻋﺑد اﻟﮭﺎدي ﻣﺣﻣد :دراﺳﺎت ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺗرﻣﯾم و ﺻﯾﺎﻧﺔ اﻵﺛﺎر ﻏﯾر اﻟﻌﺿوﯾﺔ ،1997 ،ص .51
95
ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻛون ﻣﻧﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ ظﻬرت ﺑﺎﻟﺗوازي ﺗﺧﺻﺻﺎت ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل دراﺳﺔ
ﻣن ﯾﻘول ﺣﻔر وﺗﻧﻘﯾب ﯾﻘول ﻣﺗﺎﺣف ،إذ أن ﻣﻌظم اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺎت اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺛر
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺧﻼل اﻟﺗﻧﻘﯾﺑﺎت ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻣﻛﺎﻧﻬﺎ اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻗﺎﻋﺎت اﻟﻌرض ﻓﻲ اﻟﻣﺗﺎﺣف وﻟﯾس
وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺧﺎزن ﻟﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﺣ اررة واﻟرطوﺑﺔ واﻟﻌﻔوﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﺗدﻣرﻫﺎ ﻣﻊ ﻣرور اﻟزﻣن،
واﻷﻓﺿل أن ﺗﺗرك اﻵﺛﺎر ﻓﻲ ﺑﺎطن اﻷرض إذا ﻟم ﯾﻌد اﻹﻋداد اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻟﻌرﺿﻬﺎ واﻟﺣﻔﺎظ
ﻻ ﯾﻛﻔﻲ اﻛﺗﺷﺎف اﻟوﺛﺎﺋق أو ﺗﺄﻣﯾن ﺣﻔظﻬﺎ ﻛﯾﻔﻣﺎ اﺗﻔق ﺑل ﯾﺟب أﯾﺿﺎ ﺗﺳﻬﯾل
اﻟوﺻول إﻟﯾﻬﺎ ﻟﻠﻌﻠﻣﺎء واﻟﺟﻣﻬور وﻣن ﻫﻧﺎ ﺗﻧﺷﺄ ﻣﻬﻣﺔ ﻣزدوﺟﺔ :ﺗﻧظﯾم ﺣﻘول اﻟﺣﻔرﯾﺎت،
واﻟﻌرض ﻓﻲ اﻟﻣﺗﺎﺣف .2وﯾﻣﻛن ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﺗﺣف ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻌﻬد داﺋم ،ﻣن دون ﻫدف رﺑﺣﻲ،
ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﺗطورﻩ ،ﻣﻔﺗوﺣﺔ أﻣﺎم اﻟﺟﻣﻬور ،وﺗﺟري ﻓﯾﻪ اﻷﺑﺣﺎث اﻟﻣﻛرﺳﺔ ﻟﻠﺷواﻫد
اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن وﺑﯾﺋﺗﻪ ،ﯾﺟﻣﻌﻬﺎ وﯾﺣﻔظﻬﺎ وﯾﻘدﻣﻬﺎ ﻟﻠﺟﻣﻬور ﺑﻬدف اﻟدراﺳﺔ واﻟﺗﻌﻠﯾم
واﻟﺗرﻓﯾﻪ.3
1
-ﺣﺳن ،ﻋﻠﻲ :اﻟﻣوﺟز ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،1993 ،ص .63
-2ﺿو ،ﺟورج ،1982 :ص .87
-3اﻹﯾﻛوم .2001
96
أﻣﺎ ﻣﺗﺣف اﻵﺛﺎر ﻓﻬو ﻣﻛﺎن ﻣﻔﺗوح أﻣﺎم اﻟﺟﻣﻬور ﻟﻌرض وﺷرح ﻣوﻗﻊ أو ﻋدة ﻣواﻗﻊ
أﺛرﯾﺔ وﻛل ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻬﺎ ﻣن اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺎت اﻟﻣﺎدﯾﺔ وﻧﺗﺎﺋﺞ اﻷﺑﺣﺎث واﻟدراﺳﺎت ،وﯾﻘوم ﺑﺈﺑرازﻫﺎ
وﺗﻘدﯾﻣﻬﺎ ﺑﻌدة أﺷﻛﺎل ﻛﻌروض داﺋﻣﺔ وﻣؤﻗﺗﺔ ﻣزودة ﺑﻠوﺣﺎت ﺗﻌرﯾﻔﯾﺔ ووﺳﺎﺋل ﻟﺣﻔظ اﻷواﺑد
واﻟﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ وﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت واﻻﻋدادت اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻬم ﻓﻲ إﻏﻧﺎء وﺗطور
وﺳﺎﺋل اﻟﻌرض واﻟﺣﻔظ ،وﺗﺗرﻛز ﻧواﺗﻪ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ وﺟود ﺻﻼت اﻟﻌروض اﻟداﺋﻣﺔ
وﯾﻌد ﻣﺗﺣف اﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري أو ﻋدة ﻣواﻗﻊ أﺛرﯾﺔ ﻣن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣراﺣل اﻟزﻣﻧﯾﺔ وﻣن ﻛل
ﺗراث ﻣﺣﻔوظ وﻣﻌروض ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﻬور وﯾﺣﺗوي أﯾﺿﺎ ﻣﺗﺣﻔﺎ ﯾﻌرض اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻷﺻﻠﯾﺔ
2
اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣن اﻟﻣوﻗﻊ اﻷﺛري ٕواﻋﺎدة اﻟﺗرﻣﯾم واﻟﺑﻧﺎء اﻟﻣﻧﺟزة ﺣﺳب اﻟدراﺳﺎت واﻟﺑﺣوث اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
ﺗﺗوزع اﻟﻣﺗﺎﺣف ﺣول ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺣﺎور أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻫﻲ :اﻟﻔن واﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻟﻌﻠوم ،وﺗﺗﻧوع طرق
ﻋرض اﻟﺗراث اﻷﺛري ﻣن ﻋروض داﺋﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺗﺎﺣف وﻋروض ﻣؤﻗﺗﺔ ﻣﺗﻧﻘﻠﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻓﻲ
دول اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،وﯾوﺟد ﻋدة أﻧواع ﻣن اﻟﻣﺗﺎﺣف ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﯾﻐﻠب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﺗﺎﺣف
1
-اﻟﺣﺟﻲ ،ﺳﻌﯾد ،ص .102
2
- MOREL-DELEDALLE Myriame, 2003, musées de sites et de reconstitution, in vestiges archéologiques en
milieu extrême, institut national du patrimoirie édition du patrimoine, paris, p 208.
-3اﻟﺣﺟﻲ ،ﺳﻌﯾد :ﻣﺗﺎﺣف اﻵﺛﺎر ﻓﻲ ﺳورﯾﺔ ،ﻣﺗﺣف ﻣوﻗﻊ اﻟﺑﺻرى أﻧﻣوذﺟﺎ ،ﻣﺟﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺷق ﻟﻶداب ،ﻣﺟﻠد ،30اﻟﻌدد ،2+1دﻣﺷق،
،2014ص .616
97
اﻟﻣﺗﺎﺣف اﻟوطﻧﯾﺔ: .1
ﻣﺗﺣف ﺗﯾﺑﺎزة
ﻣﺗﺣف ﺗﻠﻣﺳﺎن
98
ﯾﺣﺗل اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ -وﯾﺷﻛل اﻟﺗراث اﻷﺛري ﻓﻲ ﻋﺻرﻧﺎ اﻟﺣﺎﺿر -ﻣﻛﺎﻧﺔ ﻣﻬﻣﺔ ﺟدا
وﻗﯾﻣﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ،وﺗﺗﻣﺣور ﺣوﻟﻪ ﻣﻌظم اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺎت واﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺣﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ
أﻧﺣﺎء اﻟﻌﺎﻟم ،ﻟذﻟك ﻛﺎن ﻣﺣور اﻻﻫﺗﻣﺎم ﻣن ﺣﯾث اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﯾﻪ وﺻﯾﺎﻧﺗﻪ وﻋرﺿﻪ ﻋﻠﻰ
اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﻣﻊ ﺗﺎرﯾﺧﻬﺎ ﻓﻲ إطﺎرﻫﺎ اﻟﺟﻐراﻓﻲ وﺑﯾﺋﺗﻬﺎ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ .ﻣﺛل ﺣداﺋق ﻋﺻور ﻣﺎ
ﻗﺑل اﻟﺗﺎرﯾﺦ وﺣداﺋق إﻋﺎدة اﻟﺑﻧﺎء ﻟﺑﻌض ﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺣﺿﺎرات اﻟﻘدﯾﻣﺔ وﺣداﺋق اﻟﻌﺻور
اﻟوﺳطﻰ .وﺗﺗﻧوع اﻟﺣداﺋق اﻷﺛرﯾﺔ ﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ وﺑﻘﺎﯾﺎﻫﺎ ﺣﺳب اﻷﺳس
واﻟﻘواﻋد اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ ﻹﻧﺷﺎء اﻟﺣداﺋق اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ ﻹﻧﺷﺎء اﻟﺣداﺋق اﻷﺛرﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣﻧطﻘﺔ أو
ﻓﻲ ﻛل ﺑﻠد.2
ﺳﻣﺢ اﺳﺗﺧدام اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟﻠﺗﻘدﯾم واﻟﻌرض واﻟﺷرح ﻓﻲ ﺗطور اﻟﺣداﺋق اﻷﺛرﯾﺔ
ٕواﻋﺎدة ﺑﻧﺎﺋﻬﺎ ﺑطرق وأﺳﺎﻟﯾب ﺟدﯾدة ،ﻓﺎﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﻓﻬم اﻟﺗراث اﻷﺛري
1
CACHIN Françoise, 2000, L’archéologie dans les musées : gestion courante ou singulière ? in musées et
collections publiques de France, n°227-2, ed. A.G.C.C.P.F. , paris, p7.
2
-Roy J B., 2000, qu’est –ce qu’un musée archéologique ? in musées et collections publiques de France,
n°227-2, ed. A.G.C.C.P.F. , paris, p47.
99
)ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ (L’archéologie expérimentale 1اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛل ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ
اﺳﺗﺧدم ﻓﻲ ﻋرض اﻟﺗراث اﻷﺛري ﺗﻘﻧﯾﺎت إﻋﺎدة اﻟﺑﻧﺎء ﻟﻠﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗم ﻋﻣﻠﻬﺎ
ﺣﺳب اﻟدراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻣﺛل إﻋﺎدة ﺑﻧﺎءأﺟزاء ﻣن اﻟﻣﺑﺎﻧﯾﺄو اﻟﻘطﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ،وﺗﺷﻛﯾل
ﻣﺟﺳﻣﺎت ﻷﺑﻧﯾﺔ ﻣﻌﻣﺎرﯾﺔ أو ﻗطﻊ أﺛرﯾﺔ أو ﺣﯾوان أو إﻧﺳﺎن ،وأﺟزاء ﻣن ﻣرﺑﻌﺎت اﻟﺗﻧﻘﯾب
اﻷﺛري ﻓﻲ اﻟﻣوﻗﻊ ،وﻧﻣﺎذج ﻣن أدوات ﺑﻧﺎء اﻟﻣوﻗﻊ واﻟﻣواد اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻓﯾﻪ .3إن إﻧﺷﺎء
ﻋرض أو ﻣﺗﺣف ﻣن أﺟل إظﻬﺎر اﻟﺗراث اﻷﺛري ﻋﻣﻠﯾﺔ طوﯾﻠﺔ ﺗﺗطﻠب ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻷﻋﻣﺎل
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ واﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻣن ﻟﺣظﺔ اﻻﻛﺗﺷﺎف ﻟﻠﺑﻘﺎﯾﺎ اﻷﺛرﯾﺔ ﺣﺗﻰ اﻟﻌرض واﻻﺗﺻﺎل ﻣﻊ
اﻟﺟﻣﻬور ،ﺑﺎﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻻ ﺗﺗوﻗف ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ أﻋﻣﺎل اﻟﻌرض أو ﺗﺄﻫﯾل اﻟﻣوﻗﻊ
وﻓﺗﺣﻬﺎ أﻣﺎم اﻟزوار وﻟﻛن ﺗﺳﺗﻣر إﻟﻰ ﻣﺎ ﻻﻧﻬﺎﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺣﻔظﻬﺎ وﻋرﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺟﯾﺎل
اﻟﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺔ .ﻛﻣﺎ أن وﺟود ﻣﺗﺣف ﻋﺎم أو ﻣﺗﺣف أﺛري ﺑﺷﻛل ﺧﺎص أﺻﺑﺢ ﺿرورة ﻣن أﺟل
اﻟﺗطور ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ،وﯾﻘوم اﻟﻣﺗﺣف ﺑدور ﻫﺎم ﺟدا ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوﯾﺎت ﻋدة وطﻧﯾﺔ
وﺛﻘﺎﻓﯾﺔ وﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ وﺗرﺑوﯾﺔ واﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﻟﻬذا اﻟﺳﺑب ﻗﺎم اﻟﻛﺛﯾر ﻣن دول اﻟﻌﺎﻟم ﻣﺛل ﺳورﯾﺔ
1
- Nivrat A., 2004, de la fouille au musée, les musées et préhistoire/ nouveaux lieux nouvelles fonctions,
thése de doctorat pour l’obtention du titre docteur, sous la dir de Jacques MAIGRET, muséum national
d’histoire naturelle, département des galeries, P268.
2
.-PERLES Catherine, 1998, archéologie expérimentale, in dictionnaire de la préhistoire, leoir-Gourhan
André, sous la dir, PUF, paris, p59.
-3اﻟﺣﺟﻲ ،ﺳﻌﯾد ،ﻣﺗﺎﺣف اﻵﺛﺎر ھوﯾﺗﮭﺎ و ﺗطوراﺗﮭﺎ وواﻗﻌﮭﺎ اﻟﻣﻌﺎﺻر ،ﻣﺟﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺷق ﻟﻶداب ،ﻣﺟﻠد،30اﻟﻌدد ،4+3دﻣﺷق،2014 ،
ص.569
100
ﺑﺈﻋطﺎء اﻟﻣﺗﺎﺣف اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻹﯾﺟﺎد ﻣﻛﺎﻧﻬﺎ ﻓﻲ طرﯾق اﻟﺗطور
ﺟﺎء ﻣﻔﻬوم إدارة اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ ﻣن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺑﺎدئ أﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻧطﻠﻘت ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم
ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ٕوادارﺗﻪ ﻋﺑر اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت واﻟﻣواﺛﯾق واﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ وﺧﺻوﺻﺎ ﺑﻌد
إﻧﺷﺎء ﻣﻧظﻣﺔ اﻟﯾوﻧﺳﻛو ﻋﺎم 1954واﻧﺑﺛﺎق ﻣؤﺳﺳﺎت وﻣراﻛز دوﻟﯾﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ أو ﺗﻌﻣل
ﻣﻌﻬﺎ ﺗﻘوم ﻣﻬﻣﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ،وﻣن أﻫم ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت واﻟﻣواﺛﯾق:2
.1987
1
اﻟﺣﺟﻲ ،ﺳﻌﯾد :ﻣﺗﺎﺣف اﻟﺗراث اﻷﺛري أھﻣﯾﺗﮭﺎ و دورھﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة ،ﻣﺟﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺷق ﻟﻶداب ﻗﯾد اﻟﻧﺷر.
2
-DEMAS Martha, 2003, the GCI project Bibliographgies, conservation and management of archeological
sites, The Getty conservation Institute, Los Angles, California.
101
ﺗوﺻﯾﺎت ﻧﯾودﻟﻬﻲ و اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻟدوﻟﻲ ﻹدارة اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻋﺎم
.1990
ﻣﯾﺛﺎق ﺣﻔظ ﻗﯾﻣﺔ اﻷﻣﺎﻛن اﻟﺗ ارﺛﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،اﻹﯾﻛوﻣوس ﻋﺎم
1992
102
واﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﺳﺎدس: اﻟﻔﺻل
اﻟدوﻟﯾـــــــــﺔ
ﺗوﺟد ﻋدة ﻣﻧظﻣﺎت وﺟﻣﻌﯾﺎت وﻣﺷﺎرﯾﻊ وطﻧﯾﺔ وﻋﺎﻟﻣﯾﺔ أﻧﺷﺄت ﻟﺗطوﯾر طرق وأﺳﺎﻟﯾب
ﺗﺄﺳﺳت اﻟﯾوﻧﺳﻛو ﻋﺎم 1945و ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ إﯾﺟﺎد اﻟﺷروط اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ﻹطﻼق
ﺣوار ﺑﯾن اﻟﺣﺿﺎرات واﻟﺛﻘﺎﻓﺎت واﻟﺷﻌوب ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﺣﺗرام اﻟﻘﯾم اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ .ﻓﻣن
ﺧﻼل ﻫذا اﻟﺣوار ،ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻌﺎﻟم أن ﯾﺗوﺻل إﻟﻰ وﺿﻊ رؤى ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗداﻣﺔ،
ﺗﺿﻣن اﻟﺗﻘﯾﯾد ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ،واﻻﺣﺗرام اﻟﻣﺗﺑﺎدل ،واﻟﺗﺧﻔﯾف ﻣن ﺣدة اﻟﻔﻘر ،وﻛﻠﻬﺎ
إن اﻷﻫداف اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ واﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟﻣﻠﻣوﺳﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ ﻛﻣﺎ وردت ﻓﻲ اﻷﻫداف
اﻹﻧﻣﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ دوﻟﯾﺎ ،ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﻷﻫداف اﻹﻧﻣﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸﻟﻔﯾﺔ ﺗﺷﻛل ﻣﻧطﻘﺎت
اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،ﻫﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ ،واﻟﻌﻠوم ،واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،واﻻﺗﺻﺎل واﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺑﻠوغ ﻫذﻩ
103
اﻷﻫداف .وﺗﺗﻣﺛل رﺳﺎﻟﺔ اﻟﯾوﻧﺳﻛو ﻓﻲ اﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﺳﻼم واﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘر
واﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗداﻣﺔ ٕواﻗﺎﻣﺔ اﻟﺣوار ﺑﯾن اﻟﺛﻘﺎﻓﺎت ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗرﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠوم
واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ واﻻﺗﺻﺎل واﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت .ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﻋدد ﻣن اﻷﻫداف اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻫﻲ:
اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ.
104
ﺗوﺻﯾﺎت و ﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﯾوﻧﺳﻛو:
ﺷﺟﻌت ﻣﻧظﻣﺔ اﻟﯾوﻧﺳﻛو ﻣﺧﺗﻠف اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت واﻟﺻﻛوك ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ
واﻟطﺑﯾﻌﻲ و ﻣﻧﻬﺎ:
اﻟﺗوﺻﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺷﺄن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﺗﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻔرﯾﺎت اﻷﺛرﯾﺔ :1956وﺗﺗﻧﺎول
ﺗوﺻﯾﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ طﺎﺑﻊ اﻟﺟﻣﺎل واﻟﻣﻧﺎظر اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ
:1962ﺗﻌد اﻟﺗداﺑﯾر اﻟوﻗﺎﺋﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ واﻟﻣﻧﺎطق اﻟرﯾﻔﯾﺔ واﻟﺣﺿرﯾﺔ ﻣﻧﺎظر اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ
واﻟﻣواﻗﻊ ﺳواء ﻛﺎﻧت طﺑﯾﻌﺔ أم ﻣن ﺻﻧﻊ اﻹﻧﺳﺎن وﻟﻬﺎ ﻓﺎﺋدة ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ أو ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ.
اﻟﻘطﺎع اﻟﻌﺎم أو اﻟﺧﺎص :1968ﺗﻌد اﻟﺗداﺑﯾر اﻟوﻗﺎﺋﯾﺔ واﻟﺗﺻﺣﯾﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ
أو إﻧﻘﺎذ اﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻣن اﻟﺗدﻣﯾر أو اﻟﺿرر ﻣﺛل اﻟﺗوﺳﻊ اﻟﻌﻣراﻧﻲ وﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﺗﺟدﯾد
واﻹﺻﻼح و اﻟﺗﻌدﯾﻼت ،ﻣﺛل أﻋﻣﺎل ﻓﺗﺢ طرﯾق ﺳرﯾﻊ وﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟزراﻋﯾﺔ أو أﻋﻣﺎل ﺑﻧﺎء
105
ﺗوﺻﯾﺎت ﺑﺷﺄن ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟوطﻧﻲ :1972
ﺗﻌرف ﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟطﺑﯾﻌﻲ ،وﺗوﻓر اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣدى طوﯾل ﻋن
ﺗﻧظﯾم اﻟﺧدﻣﺎت واﻟﺗداﺑﯾر اﻟوﻗﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺑﻧود اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ.
اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ :1972أدﺧﻠت ﻣﻔﻬوم ﻣواﻗﻊ اﻟﺗراث
اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ.
أﺧرى ﻣطوﻟﺔ وﻣﻔﺻﻠﺔ ﺗوﻓر ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر واﻟﻣﺑﺎدئ ﻣن أﺟل اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ
اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ.
اﻟﻣواﺛﯾق واﻟﻣﻌﺎﯾﯾر ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗوﻓر ﻣﺑﺎدئ ﺗوﺟﯾﻬﯾﺔ ﻟﺗﺣدﯾد اﻟرد اﻟﻣﻧﺎﺳب ﺑﺷﺄن
ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﺣﻔﺎظ ،وﻟﯾس ﻛوﺻﻔﺎت طﺑﯾﺔ ﻓورﯾﺔ وﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﺎﻻت .اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ﺗﺷﻛل
أﺳﺎﺳﺎ ﻟﻣﻌظم اﻟوﺛﺎﺋق :ﺗﺣﻠﯾل ﺷﺎﻣل ﻟﻠﻣﻛﺎن ،اﻟﺣد اﻷدﻧﻰ ﻣن اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ اﻟﻧﺳﯾﺞ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ،
واﻟﺗوﺛﯾق اﻟدﻗﯾق ،واﺣﺗرام ﻣﺳﺎﻫﻣﺎت ﻛل اﻟﻣراﺣل اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،واﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻷﺻﺎﻟﺔ ،وﻧظرة
-1ﻟﻠﻣزﯾد ﻣﻣن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت أﻧظر :اﻟﯾوﻧﺳﻛو ،اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻟﻠﺗرﺑﯾﺔ و اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ و اﻟﻌﻠوم:2009 ،
www.unesco.org/strategic-planning.
106
ـــ اﻟﻣواﻗﻊ اﻷ ﺛرﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ اﻟﻣﺻﻧﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﯾوﻧﺳﻛو :
وﻣوﻗﻊ "طﺎﺳﯾﻠﻲ ﻧﺎﺟر" ﻓﻲ وﻻﯾﺔ إﻟﯾزي ،و"وادي ﻣزاب" ﻓﻲ وﻻﯾﺔ ﻏرداﯾﺔ .وﻓﻲ اﻟﻌﺎم
ﻋدد اﻟﻣﻌﺎﻟم
ُ ،1992اﻟﺗﺣﻘت" ﻗﺻﺑﺔ اﻟﺟزاﺋر "ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ُﻟﯾﺻﺑﺢ
اﻟوطﻧﻲ ﻟﺗﺳﯾﯾر واﺳﺗﻐﻼل اﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ" ،وﻫو ﻫﯾﺋﺔٌ ﺗﺗﺑﻊ اﻟو ازرة ﻧﻔﺳﻬﺎ.
ﺳﺟﻠت ﻋﺎم
إن اﻟﺟزاﺋر ّ
وﯾﻘول اﻷﻛﺎدﯾﻣﻲ واﻟﺧﺑﯾر ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ،ﺗوﻓﯾق ﺣﻣومّ ، ،
2002ﺳﺗّﺔ ﻣﻠّﻔﺎت ﺿﻣن" اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ اﻹرﺷﺎدﯾﺔ اﻟﻣؤﻗﺗﺔ "ﻟﻣﻧظّﻣﺔ "اﻟﯾوﻧﺳﻛو" ،ﻟﺗﺻﻧﯾف ﻣواﻗﻊ
وﻣﻌﺎﻟم ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ أُﺧرى ﺿﻣن "ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻺﻧﺳﺎﻧﯾﺔ" ،وﻫو ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ -وﻓﻘﻪ -
اﻟﺗز َام اﻟدوﻟﺔ ﺑﺈﻋداد ﻣﻠﻔّﺎت ﺗرﺷﯾﺢ ﻫذﻩ اﻟﻣﻠﻔّﺎت ﻟﺗﺻﻧﯾﻔﻬﺎ ﺿﻣن ﻗﺎﺋﻣﺔ "اﻟﺗراث اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ
107
و"ﺗطﺑﯾق اﻹﺟراءات اﻟﺗﺻﺣﯾﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ أوﺻت ﺑﻬﺎ ﻟﺟﻧﺔ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﺑﻌد ﺗﻘﯾﯾم ﺣﺎﻟﺔ
وﻧدروﻣﺔ وﺗ اررة ،وواد ﺳوف ،واﻷﺿرﺣﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻧوﻣﯾدﯾﺔ واﻟﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺔ واﻟﻣﻌﺎﻟم اﻟﺟﻧﺎﺋزﯾﺔ
ﻷﺳﺑﺎب طﺑﯾﻌﯾﺔ وﺑﺷرﯾﺔ" ،داﻋﯾًﺎ إﻟﻰ إﺟراء ﺗﺣدﯾﺛﺎت ﻟﻣﺣﺗوﯾﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻻﻛﺗﺷﺎﻓﺎت
و ُﯾﺗﯾﺢ إدراج اﻟﻣواﻗﻊ واﻟﻌﺎﻟم اﻷﺛرﯾﺔ ﺿﻣن ﻗﺎﺋﻣﺔ "اﻟﯾوﻧﺳﻛو" ﻟﻠﺗراث اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ
ﻏﺎرﻗﺔً ﻓﻲ اﻟﻔوﺿﻰ واﻹﻫﻣﺎل ﺑﻌد ﺛﻼﺛﯾن ﺳﻧﺔً ﻣن ﺗﺻﻧﯾﻔﻬﺎ ،رﻏم ﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﺗرﻣﯾم اﻟﺗﻲ ﻟم
108
اﻟﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﻲ ﻟﻶﺛﺎر و اﻟﻣواﻗﻊ : ICOMOS .2
ﺣﻔظ ﻋرض اﻟﺗراث واﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ واﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ، 1وﻫو ﻣﻧظﻣﺔ دوﻟﯾﺔ ﻏﯾر ﺣﻛوﻣﯾﺔ ﯾﻘﻊ
ﻣﻘرﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﺎرﯾس ﺑﻔرﻧﺳﺎ وأﻧﺷﺊ ﻓﻲ ﻋﺎم 1965وﯾﺗﻣﺛل دورﻩ ﻓﻲ ﺗﻌزﯾز ﺗطﺑﯾق ﻧظرﯾﺔ
ﺻون اﻟﺗراث اﻟﻣﻌﻣﺎري واﻷﺛري وﻣﻧﻬﺟﯾﺎﺗﻪ وﺗﻘﻧﯾﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ﯾﻘوم ﻧﺷﺎطﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺑﺎدئ
اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻟدوﻟﻲ ﺑﺻون اﻟﻣواﻗﻊ واﻵﺛﺎر وﺗرﻣﯾﻣﻬﺎ ﻟﻌﺎم ) 1964اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺑﻧدﻗﯾﺔ( .وﯾﺷﻛل
ﻣﯾداﻧﺎ ﻋﺎﻟﻣﯾﺎ ﻟﻠﻣﺧﺗﺻﯾن ﺑﺣﻔظ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ .وﺗﻌد اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻹﯾﻛوﻣوس
ﻟﺟﻧﺔ اﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﻲ ﻟﻠﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﯾوﻧﺳﻛو ،ﯾﻘوم ﺑﺗﻘﯾﯾم اﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت
اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﻣدرﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ودراﺳﺔ طﻠﺑﺎت اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘدﻣﻬﺎ اﻟدول
ﯾﻬدف اﻹﯾﻛوﻣوس إﻟﻰ ﺣﻔظ وﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣﺑﺎﻧﻲ وﻣﺟﻣوﻋﺎت وﻣواﻗﻊ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ،وﻫو
اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺣﯾدة ﻏﯾر اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻣن ﻫذا اﻟﻧوع اﻟذي ﯾﺷﻊ ﻋﻠﻰ ﻧﺷر اﻟﻧظرﯾﺎت واﻟطرق
واﻟوﺳﺎﺋل واﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻔظ وﺣﻣﺎﯾﺔ وﺗﺄﻫﯾل اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ واﻟﻣواﻗﻊ .وﺗﺗرﻛز أﻋﻣﺎﻟﻪ
1
-ICOMOS (Conseil International des Monuments et des Sites), 1996, Chartes internationales sur la
conservation et la restauration, UNESCO, paris.
2
- Basic texts of the 1972 world heritage convention,UNESCO World heritage centre, published in 2005,
paris , p42.
109
ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﺳﺟﻠﺔ ﻓﻲ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﻌﺎم 1964ﺣول ﺣﻔظ وﺗرﻣﯾم اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ
واﻟﻣﺧﺗﺻﯾن ﺑﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻧون وﺗﻧظﯾم اﻟﻣدن .ﯾﻘوم أﻋﺿﺎء اﻹﯾﻛوﻣوس ﺑﺎﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﺻﯾﺎﻧﺔ
اﻟﺗراث وﺗطوﯾر ﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺗرﻣﯾم ٕواﻋداد اﻟﺿواﺑط ﻣن أﺟل ﺟﻣﯾﻊ أﻧواع اﻟﺗ ارث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﺛﺎﺑت
ﻣن ﻣﺑﺎن وﻣدن ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ وﺣداﺋق ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ وﻣﺷﺎﻫد ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ وﻣواﻗﻊ أﺛرﯾﺔ.1
واﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﺗﺎﺣف ،وﺗﻠﺗزم ﺣﻔظ وﺗﺄﻣﯾن اﻻﺳﺗﻣ اررﯾﺔ واﻻﺗﺻﺎل ﻣﻊ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ
أﻧﺷﺊ اﻟﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﻲ ﻟﻠﻣﺗﺎﺣف ﻋﺎم 1946وﻣﻘرﻩ ﻓﻲ ﺑﺎرﯾس ﻓرﻧﺳﺎ ،وﻫو ﻣﻧظﻣﺔ
ﻏﯾر ﺣﻛوﻣﯾﺔ ﺗﻘﯾم ﻋﻼﻗﺎت رﺳﻣﯾﺔ ﻣﻊ UNESCOاﻟﯾوﻧﺳﻛو وﻟﻪ ﻣرﻛز اﺳﺗﺷﺎري ﻟدى
110
ﯾﺑﻠﻎ ﻋدد أﻋﺿﺎء اﻟﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﻲ ﻟﻠﻣﺗﺎﺣف 28000ﻋﺿوا ﯾﺗوزﻋون ﻋﻠﻰ 146
دوﻟﺔ ﺗﺷﺎرك ﻓﻲ أﻧﺷطﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟوطﻧﻲ واﻹﻗﻠﯾﻣﻲ واﻟدوﻟﻲ ﻣﺛل ﺣﻠﻘﺎت
اﻟﻌﻣل وﻣﻧﺷورات واﻟﺗدرﯾب وﺑراﻣﺞ اﻟﺗوأﻣﺔ وﺗﻌزﯾزﻫﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻟﯾوم اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻠﻣﺗﺎﺣف
اﻟواﻗﻊ ﻓﻲ 18أﯾﺎر ﻣن ﻛل ﺳﻧﺔ ،ﻛﻣﺎ أن اﻻﺣﺗﻔﺎل ﻋﺎﻟﻣﯾﺎ ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟﯾوم اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻠﻣﺗﺎﺣف
ﯾﻬدف إﻟﻰ ﺗﻌزﯾز اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﺎﺣف واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻟﻛون اﻟﻣﺗﺣف ﻓﻲ اﻟﻌﻠم اﻟﺣدﯾث ﻟم ﯾﻌد
ﻓﻘط ﻣﺟرد ﺑﯾت ﻟﺣﻔظ اﻟﻛﻧوز اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻟﺗراﺛﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،ﺑل أﺻﺑﺢ ﻣرﻛ از ﻋﺎﻟﻣﯾﺎ ﻣﻬﻣﺎ
ﯾﺳﻬم ﻓﻲ ﻧﺷر ٕواﺑراز اﻟﻣﻌرﻓﺔ واﻟﻌﻠوم واﻟﺗﻌرﯾف ﺑﺎﻟﺗراث اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺟﺎﻻت .وﻗد
ﺗم ﺗﺧﺻﯾص ﺷﻌﺎر ﻟﻛل اﺣﺗﻔﺎﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟﯾوم اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻠﻣﺗﺎﺣف .وأﻛد اﻟﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﻲ ﻟﻠﻣﺗﺎﺣف
أن ﺿﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﺗواﻓق اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﺣوار واﻟﺗﺳﺎﻣﺢ واﻟﺗﻌﺎﯾش واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ
ﺗدرﯾب اﻟﻣوظﻔﯾن.
1
ICOM ? Musées de sites archéologiques, Rapport préparé par Conseil International des Musées, UNISCO,
paris.
111
وﺿﻊ وﺗﻌزﯾز أﺧﻼﻗﯾﺎت اﻟﻣﻬﻧﺔ.
روﻣﺎ إﯾطﺎﻟﯾﺎ ،أﻧﺷﺄﺗﻬﺎ اﻟﯾوﻧﺳﻛو ﻋﺎم 1956وﺗﺗﻣﺛل ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ اﻟﻧظﺎﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺑراﻣﺞ ﻓﻲ
ﻣﺟﺎل اﻟﺑﺣوث واﻟﺗوﺛﯾق واﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﺗﻘﻧﯾﺔ واﻟﺗدرﯾب وﺗوﻋﯾﺔ اﻟﺟﻣﻬور ﯾﻬدف ﺗﻌزﯾز ﺻون
ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺣﻔظ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ،أﻋﺿﺎءﻩ ﻣن اﻟدول اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ اﻟﺗﻲ أﻋﻠﻧت اﻧﺗﺳﺎﺑﻬﺎ
إﻟﻰ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ،ﻣﻘرﻩ ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ روﻣﺎ ﺑﺈﯾطﺎﻟﯾﺎ ،وﻛﺎﻧت ﻗد أﻧﺷﺄت ﻣن أﺟل ﺧدﻣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت
اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺟﺎوز ﻋددﻫﺎ اﻟﺣﺎﻟﻲ .133
ﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻣﻌﻬد اﻟوﺣﯾد ﻣن اﻟﻧوع اﻟذي ﯾﺳﺗﻔﯾد ﻣن ﺗوﻛﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ
ﺑﻬدف ﺗرﻗﯾﺔ ﺣﻔظ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻣﻧﻘول وﻏﯾر اﻟﻣﻧﻘول ﻣﻌﺎ وﺑﻣﺧﺗﻠف أﺷﻛﺎﻟﻪ .وﯾﺳﻌﻰ
اﻹﯾﻛروم إﻟﻰ ﺗﺣﺳﯾن وﺗطوﯾر ﻧوﻋﯾﺔ ﺷروط وﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﺣﻔظ واﻟﺗرﻣﯾم ،وزﯾﺎدة وﻋﻲ اﻟﻧﺎس
1
ALHADJ Said ? 2008, p25.
112
ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺣﻔظ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﯾوم وﻣن أﺟل اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻣن ﺧﻼل ﺧﻣﺳﺔ
ﺟدﯾدة وﻣواد ﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ وﺗﻧظﯾم ﻧﺷﺎطﺎت ﻟﻠﺗﻌﻠﯾم اﻟﻣﻬﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﻪ ،وﻣﻧذ ﻋﺎم
ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ،وﯾﻘدم ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺣول اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺎت اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻔظ وﺗرﻣﯾم اﻟﺗراث
اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ.
وطرق وﺗﻘﻧﯾﺎت وﻣﻧﻬﺟﯾﺔ اﻟﺣﻔظ واﻟﺗرﻣﯾم اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ واﻟﻣﻌروﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟم ،
واﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت.
اﻟوﻋﻲ :ﯾوزع اﻹﯾﻛروم ﻣواد ﺗرﺑوﯾﺔ وﯾﻧظم ورش ﻋﻣل وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن
اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﻣﻛرس إﻟﻰ زﯾﺎدة وﻋﻲ اﻟﻧﺎس واﻟوﺻول إﻟﻰ ﺣﻠول ﻓﻲ ﻣواد اﻟﺣﻔظ.
113
ﺑﻣﺎ أن اﻹﯾﻛروم ﻣﻧظﻣﺔ اﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ ﻟﺣﻔظ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻓﻬو ﯾﻬﯾﺊ اﻟﻔرﺻﺔ اﻟوﺣﯾدة
ﻟﺟذب ﻗﺳم ﻣن اﻟﻣﻌﺎرف واﻟﺧﺑرات اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ﺿﻣن ﻧظﺎم اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻣن أﺟل ﻣﺳﺎﻋدة
اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء وﺗﺣﺳﯾن ﺗطﺑﯾﻘﺎت ﺣﻔظ ٕوادارة ﺛروات اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺧرى.
وﯾﺗﻣﺛل اﻹﯾﻛروم ﻓﻲ اﻟﺣﻔظ ،و ﯾﻘوم ﺑﻔﻬم أﻓﺿل ﻻﺣﺗﯾﺎﺟﺎت اﻟﺣﻔظ ﻋﻠﻰ أوﺳﻊ ﻣﺳﺗوى وﻫو
ﻣﺎ ﯾﻔﯾد ﺑﺎﻟﻣﺟﻣل ﻋﻣﻠﻪ ﻓﻲ ﺣﻔظ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻋﯾر ﻣﻧﻘول ،وﻣن أﺑرز ﻣﻬﺎﻣﻪ:
ﻓﻬم ٕوادراك ورﻓﻊ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺗدرﯾب ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺣﻔظ وﺗرﻣﯾم اﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت (4
ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﻣﺑﺎدرات اﻟﻬﺎدﻓﺔ إﻟﻰ ﺧﻠق ﻓﻬم أﻓﺿل ﻟﺣﻔظ وﺗرﻣﯾم (5
اﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ.1
1
-ICCOROM, la XXVIII assemblée générale le 29 novembre 2013,article 1 but et functions.
114
وﻟﻺﯾﻛروم دور ﻓﻌﺎل ﻓﻲ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻟﻌﺎم 1972
وﯾﻌد اﻟﺷرﯾك اﻷول ﻓﻲ أﻧﺷطﺔ اﻟﺗدرﯾب ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ وﯾﺿطﻠﻊ ﺑﻣراﻗﺑﺔ ﺣﺎﻟﺔ
ﺻون اﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﻣدرﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ودراﺳﺔ طﻠﺑﺎت اﻟﻣﺳﺎﻋدة واﻟدﻋم ﻓﻲ
ﯾﺗﺑﻊ ﻟﻪ ﺑرﻧﺎﻣﺞ آﺛﺎر ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ﺑﻬدف ﺗطوﯾر
ﻗدرات اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟرﺳﻣﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗراث ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ و ﺗطوﯾر طرق ﺣﻣﺎﯾﺔ ٕوادارة
اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺗراﺛﯾﺔ وﻓق أﺳس ﻣﺳﺗداﻣﺔ ،ﺗﺄﺳس ﻣرﻛز اﻵﺛﺎر ﻋﺎم 2012وﻣﻘرﻩ إﻣﺎرة اﻟﺷﺎرﻗﺔ
اﻟﺗراﺛﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ،ﻫﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﻧظﻣﺔ ﻏﯾر ﺣﻛوﻣﯾﺔ ﻏﯾر رﺑﺣﯾﺔ ،أﻧﺷﺋت ﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻣدن
اﻷﻋﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻛﯾف وﺗﺣﺳﯾن طرق إدارﺗﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻣﺣددة ﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻣوﻗﻊ
ﻣدرج ﻓﻲ ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﺗراث اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻠﯾوﻧﺳﻛو ،إذ ﯾﻧص اﻟﻧظﺎم اﻟداﺧﻠﻲ ﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻣدن اﻟﺗراث
اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺗزاﻣﻬﺎ ﺑﺗطﺑﯾق اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻋﺎم ،1972ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن ﻣﻧظﻣﺔ ﻣدن اﻟﺗراث
اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻻ ﺗﻧدرج إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ﻟدراﺳﺔ ﺻون اﻟﻣﻣﺗﻠﻛﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ وﺗرﻣﯾﻣﻬﺎ،
1
-Bassic texts of the 1972 world heritage convention, UNESCO world heritage centre, published in 2005,
paris, p41.
-2ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت أﻧظر :اﻟﻧﺷرة اﻷوﻟﻰ ﻟﻣرﻛز آﺛﺎر ﻟﺣﻔظ اﻟﺗراث اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻟﺷﺎرﻗﺔ.2013،
115
واﻟﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﻲ ﻟﻶﺛﺎر واﻟﻣواﻗﻊ ،واﻻﺗﺣﺎد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻠﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺑﻛوﻧﻬﺎ
ﺣول اﻟﻌﺎﻟم.
ﻟﻠﺧطر ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم.2
ﺗﻌد ﻫذﻩ اﻟﻣﻧظﻣﺔ أﺣد اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻣﻧﺑﺛﻘﺔ ﻋن اﻟﻣﻔوﺿﯾﺔ اﻷوروﺑﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗراث اﻷوروﺑﻲ واﻟﻌﺎﻟﻣﻲ .و ﻛذﻟك أﻧﺷﺊ ﻣﺷروع APPEARﻋﺎم
2005ﺗﺣت إدارة اﻹﺗﺣﺎد اﻷوروﺑﻲ ﻟﺗﺄﻫﯾل وﻋرض اﻟﻣواﻗﻊ اﻷﺛرﯾﺔ وﻗﺎم ﺑﻧﺷر دﻟﯾل ﻋﺎﻟﻣﻲ
1
-http://www.ovpm.org/
2
-http ://www.wmf.org/
116
ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ إدارة وﺗﺄﻫﯾل وﺣﻔظ ﻣواﻗﻊ اﻟﺗراث اﻷﺛري ﺑﺎﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ أﺳس وﻗواﻋد وﻣﻧﻬﺟﯾﺔ
ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺻﺣﯾﺣﺔ.1
ﻫﻲ ﻣﻧظﻣﺔ ﺗﻬﺗم ﺑﺎﻟﺗراث اﻷوروﺑﻲ واﻟﻌﺎﻟﻣﻲ وﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻷﻫداف
ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺣﻔظ وﺗرﻣﯾم اﻟﺗراث اﻟﻣﻌﻧوي ﻏﯾر اﻟﻣﻠﻣوس ،وﺗرﻣﯾم وﺣﻔظ اﻟﺗراث اﻟﻣﺎدي واﻟﺑﯾﺋﻲ
واﻟﺑﯾﺋﺎت اﻟﻣﺷﯾدة ،وﺗطوﯾر ﻣواد وﺗﻘﻧﯾﺎت وﺑﻧﻰ ﺗﺣﺗﯾﺔ وﻣﻌﺎﯾﯾر ﺟدﯾدة ﻣن أﺟل ﺣﻔظ اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ
2
اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﺳﺗداﻣﺗﻬﺎ
1
APPEAR, 2005 mise en valeur des sites archéologiques en milieu de urbain, guide pratique , rapport de
recherche n°30/3, commission européenne : direction générale de la recherche, Belgique.
2
-www.europa.eu.int
117
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ اﻟﻣﻌﺗﻣدة:
أﺑو ﺑﻛر ﻓﺎﺗن ،ﻧظم اﻹدارة اﻟﻣﻔﺗوﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،اﻟﻘﺎﻫرة.2001، -1
اﻟﺑﺎز ﻓﺎروق ،ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﻔﺿﺎء ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠوم ،اﻟﻣﺟﻠد ،14 -2
ﺑرﯾدﯾﻛو ﻣﺎري ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻠﺣﻔظ اﻷﺛري ،ﻋن ﻛﺗﺎب اﻟﺣﻔظ اﻷﺛري ﻋﻠم اﻵﺛﺎر، -3
ﺗرﺟﻣﺔ ﻣﺣﻣد أﺣﻣد اﻟﺷﺎﻋر ،اﻟﻣﻌﻬد اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻟﻶﺛﺎر اﻟﺷرﻗﯾﺔ ﻻﻗﺎﻫﻼة.2002 ،
ﺑﻠﻘﻧدوز ﻧﺎدﯾﺔ ،أﺛر ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟوﻗﺎﺋﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﺟﺎرب دول اﻟﻣﻐرب -4
اﻟﺑﻧﺎ اﻟﺳﯾد ﻣﺣﻣود ،اﻟﻣدن اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﺗﺧطﯾطﻬﺎ وﺗرﻣﯾﻣﻬﺎ وﺻﯾﺎﻧﺗﻬﺎ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ -5
اﻟﺣﺟﻲ ﺳﻌﯾد ،ﻣﺗﺎﺣف اﻵﺛﺎر ﻫوﯾﺗﻬﺎ وﺗطورﻫﺎ وواﻗﻌﻬﺎ اﻟﻣﻌﺎﺻر ،ﻣﺟﻠﺔ -7
اﻟﺣداد ﻋﺑد اﷲ ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ اﻵﺛﺎر اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ط ،1دار -9
118
ﺣﺳن اﺑراﻫﯾم ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ،وﺳﺎﺋل وأﺳﺎﻟﯾب ﺗرﻣﯾم وﺻﯾﺎﻧﺔ اﻵﺛﺎر وﻣﻘﺗﻧﯾﺎت -10
ﺣﺳن ﻋﻠﻲ ،اﻟﻣوﺟز ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب.1997 ، -11
ﺣﯾدر ﻛﺎﻣل ،ﻣﻧﻬﺞ اﻟﺑﺣث اﻷﺛري واﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﻲ ،ﺑﯾروت، -12
ط.1990 ،1
ﺳﻠﻬب زﯾﺎد ،ﻛﯾوان ﺧﺎﻟد ،ﻣﻧﺎﻫﺞ وﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺑﺣث اﻷﺛري ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺣﻠب ،ﺣﻠب، -13
2012
ﺷﻌﺑﺎ ،أﻧﯾس ،اﺳﺗﺧدام اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ أﻋﻣﺎل اﻟﺗﺳﺟﯾل واﻟﺗوﺛﯾق ،ﻓﻲ -14
اﺳﺗﺧدام اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﻌﻠوم ،ط ،1اﻟﺷﺎرﻗﺔ،
.1998
ﺻﺎﻟﺢ ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ،اﻟرﺣﻼت واﻟﻛﺷوف اﻷﺛرﯾﺔ ﻟﻠﻌﺻر اﻟﺣدﯾث ﻓﻲ ﺷﺑﻪ -15
ﻛﻔﺎﻓﻲ زﯾدان ،اﻟﻣدﺧل إﻟﻰ ﻋﻠم اﻵﺛﺎر ،ط ،1دار ﺣﻣﺎدة ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر، -16
119
:ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ -ب
http//ptolemais.pl/index.php/en- En/fotografia-latawcowa.
120