Professional Documents
Culture Documents
محاضرات في المسئولية الإدارية إجازة التميز....
محاضرات في المسئولية الإدارية إجازة التميز....
المسؤولية اإلدارية
1
املحاور األساسية
✓املحور األول :املسئولية اإلدارية :التعريف والخصائص والتطور التاريخي
(الورقة أألولى)
✓املحور الثاني :أساس املسئولية اإلدارية في املغرب (الورقة الثانية)
✓املحور الثالث :أسس املسئولية اإلدارية (الورقة الثالثة)
• املسئولية القائمة على الخطأ
• املسئولية بدون خطأ
▪ القائمة على املخاطر
▪ القائمة على مبدأ املساواة أمام التكاليف العامة
▪ القائمة على مبدأ التضامن الوطني
2
الورقة األولى :
المسئولية اإلدارية :التعريف – الخصائص والتط ور
التاريخي
3
أوال :تعريف المسئولية اإلدارية
• املسؤولية اإلدارية من املفاهيم القانونية التي يصعب وضع تعريف دقيق ومحدد لها .وهذا ما
يفسر خلو الكتابات ومؤلفات القانون اإلداري من تعريف جامع ومانع لهذا النوع من املسئولية.
• وتزداد صعوبة العثور على مثل هذا التعريف الدقيق والشامل واملانع ملفهوم املسئولية اإلدارية
حينما نرى اختالفات على مستوى عناوين تلك الكتابات واملؤلفات والتي تختلف من مؤلف إلى
آخر .فهناك من يوظف مصطلح "مسئولية اإلدارة la responsabilité de
Michel ROUSSET et George GARAGAN, « Droit administratif ،"l’Administration
marocain », thèmes actuels, REMALD, n° 99-2017.
4
أوال :تعريف المسئولية اإلدارية
وآخرون من يستخدم عبارة املسئولية العموميةGeorge DUPUIS, Marie-،"la responsabilité publique •
José GUEDON et Patrice CHRETIEN, « Droit administratif », 10ème éd, Dalloz, 1992, 2007.
• ومن املؤكد أن هذا االختالف على مستوى العناوين الخاصة بمناقشة موضوع املسئولية اإلدارية يخلق نوعا من
االلتباس والغموض لدرجة الخلط بين مختلف هذه املفاهيم ،فضال عن الصعوبات التي تثيرها على مستوى تحديد
تعريف دقيق لها.
• وقبل التطرق إلى بعض التعريفات التي ملفهوم املسؤولية اإلدارية ،نود أوال التمييز بين مختلف هذه العناوين
الخاصة بمسؤولية الدولة أو اإلدارة .ماذا يقصد بمسؤولية اإلدارة؟ وهل نفس مدلول مسؤولية السلطة العامة؟
وما الذي يميز مفهوم " املسئولية اإلدارية " عن هذه املفاهيم؟
• إن مصطلح مسؤولية اإلدارة ،la responsabilité de l’administrationوكما ترى ذلك Hafida BELRHALIفي
مؤلفها حول املسئولية اإلدارية ،يشير إلى املسؤولية املترتبة عن فعل اإلدارة acte d’administrerفقط؛ وبالتالي،
فإن إثارة هذه املسؤولية تكون أمام كل من القاض ي اإلداري والقاض ي العادي .ومن ثم تخرج من دائرة هذه املسؤولية
املسئولية الناجمة عن العمل التشريعي أو القضائي.
5
أوال :تعريف المسئولية اإلدارية
• إن عبارة املسئولية اإلدارية تتميز كذلك عن مسؤولية السلطة العامة la responsabilité
de la puissance publiqueوالتي تندرج ضمنها ،باإلضافة إلى مسؤولية اإلدارة أي املسئولية
الناجمة عن فعل اإلدارة ،املسؤولية عن العمل التشريعي والقضائي.
• لكن حينما نتكلم عن مفهوم املسؤولية اإلدارية la responsabilité administrativeفتخص
باألساس مسؤولية األشخاص االعتبارية العامة باإلضافة إلى مسؤولية كل شخص خاص يتولى
مهمة تسيير مرفق عمومي ويتوفر على امتيازات السلطة العامة طبقا ألحكام القانون اإلداري
وتحت مراقبة القاض ي اإلداري.
• ولهذا فإن املسؤولية اإلدارية تعرف بأنها " :التزام يقع على عاتق األشخاص االعتبارية أو
األشخاص الخاصة الذين يتولون مهمة تسيير مرفق عام ويتوفرون على امتيازات السلطة
العامة ،بتعويض األضرار الذين يتسببون فيها إلى الغير ،وفقا ألحكام القانون اإلداري وتحت
مراقبة القاض ي اإلداري" ( Hafida Belrhali, responsabilité administrative, éd LGDJ
.)Lexteso, 2017
6
أوال :تعريف المسئولية اإلدارية
7
أوال :تعريف المسئولية اإلدارية
فاملسؤولية الجنائية تفترض توقيع عقوبات جنائية ،وهذا ما ال تتوخاه املسؤولية اإلدارية؛ ألن
من خصوصيات املسؤولية اإلدارية أنها مسؤولية مدنية تصحيحية تقوم على أساس التعويض
املادي وليست مسؤولية زجرية (عقابية).
أما املسؤولية التأديبية تخص السير الداخلي لإلدارة حيث تفترض وقوع ما يسمى بالخطأ
التأديبي( la faute disciplinaireإخالل املوظف بواجباته املهنية(مما يستوجب توقيع
عقوبات تأديبية من قبل السلطة الرئاسية .بينما املسؤولية اإلدارية فتتعلق بعالقة اإلدارة
بمحيطها الخارجي (مع املرتفقين مثال) ،كما أن إثارتها تتم حتى ولو في غياب ارتكاب الخطأ
(املسؤولية على أساس املخاطر مثال).
فيما يتعلق باملسؤولية السياسية ،فاختالفها عن املسؤولية اإلدارية يتمثل في كونها ال يترتب
عنها تعويض مادي كما هو الحال بالنسبة للمسؤولية اإلدارية ،وإنما تتجلى تبعاتها على مستوى
الوظائف السياسية واإلدارية .les fonctions politico-administratives
8
ثانيا :مسؤولية إدارية أم مسؤولية مدنية؟
• إن تعبير املسئولية اإلدارية هو أدق من حيث املعنى من مفهوم املسئولية املدنية .صحيح أن كال
املسئوليتين ترميان إلى تحقيق نفس الهدف :الحصول على تعويض مادي جراء ضرر تسبب فيه
أحد األشخاص .لكنهما يختلفان من حيث أن لكل نوع من هاتين املسئوليتين خصائصها املميزة
لها .فما هي إذن الخصائص املميزة للمسئولية اإلدارية عن املسئولية املدنية التي ينظمها
القانون املدني (القانون الخاص).
• الخاصية األولى :املسئولية اإلدارية ذات منشأ قضائي .وهذه الخاصية تنطبق على التجربة
الفرنسية في مجال املسئولية اإلدارية ،حيث أن هذه األخيرة لم تظهر ،كمبدأ عام ،إال مع
اجتهادات القاض ي اإلداري الفرنس ي .فمعظم الكتابات الفقهية في مجال القانون اإلداري ترجع
ميالد املسئولية اإلدارية ،كمبدأ عام ،إلى قرار بالنكو الشهير الصادر عن محكمة التنازع بتاريخ
8فبراير 1873في قضية الفتاة أنييس بالنكو .Agnès Blanco
9
ثانيا :مسؤولية إدارية أم مسؤولية مدنية؟
• بخالف املسئولية املدنية فقد نظمتها أحكام املواد من 1240إلى 1252من القانون املدني
الفرنس ي .بالنسبة للمغرب ،األمر مختلف ،حيث تستند املسئولية اإلدارية إلى نص تشريعي؛
يتعلق األمر بقانون االلتزامات والعقود وال سيما الفصلين 79و .80
• الخاصية الثانية :املسئولية اإلدارية تتعلق بأشخاص اعتبارية للقانون العام :وهذه الخاصية
تجعلها أيضا متميزة عن املسئولية املدنية طاملا أن هذه األخيرة تنظمها أحكام القانون الخاص؛
ألنها تتعلق فقط بالعالقات بين األفراد .وهذه الخاصية بالذات هي التي حدت بالفقه إلى
استخدام مصطلح " املسئولية اإلدارية أو املسئولية العمومية" عوضا عن مصطلح " املسئولية
املدنية".
• صحيح أن املسئولية اإلدارية هنا ينبغي فهمها بمعناها الواسع أي مسئولية األشخاص االعتبارية
للقانون العام باإلضافة إلى مسئولية األشخاص الخاصة بشرط أن تتولى هذه األخيرة مسئولية
تدبير مرفق عام وأن تتمتع بامتيازات السلطة العامة ( CE, 13 oct 1978, Association
départementale pour l’aménagement des structures agricoles du Rhône, Rec.
.)CE, p 168
10
ثانيا :مسؤولية إدارية أم مسؤولية مدنية؟
• ومادامت املسئولية اإلدارية تتعلق باألشخاص االعتبارية للقانون العامة (السلطات العامة) ،إضافة إلى
الخواص بالشروط املذكورة أعاله ،فإنها تخضع ألحكام القانون اإلداري و االختصاص فيها يعود إلى
القاض ي اإلداري.
11
ثانيا :مسؤولية إدارية أم مسؤولية مدنية؟
• ثم إن املسئولية اإلدارية ليست مطلقة ،وبالتالي فهي ال تخضع لنفس املنطق الذي يحكم
املسئولية املدنية؛ إلن القاض ي اإلداري ،في إطار املسئولية اإلدارية يقوم بتعديل modulerتلك
املسئولية بحسب حدة وجسامة األخطاء املرتكبة من طرف اإلدارة (أهو خطأ بسيط أم
جسيم ،خطأ شخص ي أم مرفقي؟) ،طبيعة املرفق املرتكب للخطأ ،الظروف التي يشتغل فيها
املرفق العام (ظروف الزمان واملكان).
• إن من خصوصيات املسئولية اإلدارية أنها ال تطبق بشكل موحد على كافة املرافق العامة،
وإنما تختلف أحكامها بتعدد املرافق العامة واختالف وطبيعتها.
• إن هاتين الخاصيتين تجد أساسهما في قرار بالنكو الصادر عن محكمة التنازع حيث جاء فيه
بأن املسئولية التيي يمكن أن تقع على عاتق اإلدارة ينبغي أال تكون عامة وال مطلقة.
12
ثانيا :مسؤولية إدارية أم مسؤولية مدنية؟
• فاملسئولية اإلدارية في منطق قرار بالنكو يجب أال تكون عامة وال مطلقة ،وإنما لها قواعدها الخاصة بها
والتي ينبغي أن تراعي حاجيات كل مرفق على حدة وضرورة التوفيق بين متطلبات املرفق وحماية حقوق
املواطنين .وهذا ما يفسر تمييز القاض ي اإلداري بين أصناف متعددة من األخطاء :أخطاء بسيطة fautes
،simplesأخطاء جسيمة ،fautes lourdesأخطاء ذات خطورة استثنائية fautes d’une
exceptionnelle gravitéأو على درجة معينة من الخطورة ،أخطاء واضحة .fautes caractérisées
• من جهة أخرى ،ليست كل األخطاء التي ترتكب أثناء ممارسة الوظيفة تثير مسئولية املرفق العام ،ولهذا
نجد القاض ي اإلداري يميز بين االخطأ املرفقي الذي تتحمل اإلدارة مسئولية التعويض عن األضرار
املترتبة عنه ،والخطأ الشخص ي الذي تقع مسئولية التعويض عنه على عاتق املوظف وليس على عاتق
اإلدارة.
• إن اتصاف املسئولية اإلدارية بكونها ليست عامة وليست مطلقة إنما الغاية من ورائه تكريس استقاللية
نظام املسئولية اإلدارية بإخضاعها لقواعد متميزة عن القانون املدني؛ قواعد تقوم على املبدأ القاض ي
بأنه ليس كل خطأ تسبب فيه شخص ما لشخص آخر يترتب عنه تعويض الضحية عن الضرر الذي
أصابها.
13
ثانيا :مسؤولية إدارية أم مسؤولية مدنية؟
• ولهذا السبب ،كان القاض ي اإلداري ،في بعض الحاالت ،ال يقبل بإثارة مسئولية اإلدارة إال في حالة
ارتكابها ألخطاء جسيمة مراعاة لطبيعتها ،وظروف اشتغالها ،والصعوبات التي تعترضها أثناء ممارسة
مهامها .بل إنه ،حتى على مستوى إثبات الخطأ ،نجد أن القاض ي اإلداري ،بالنسبة لبعض الحاالت
(الصيانة غير العادية للمنشآت مثال) ،ابتدع ما يسمى ب "الخطأ املفترض présomption de la
"fauteحيث عبء إثبات الخطأ يقع على اإلدارة ال املواطن وذلك حماية لحقوقه ،وأخذا بعين
االعتبار الصعوبات التي قد تعترض هذا األخير في إثبات الخطأ املرتكب من طرف اإلدارة.
• فالقاض ي اإلداري في إطار املسئولية اإلدارية يأخذ بعين االعتبار من جهة مصالح املرافق العامة
(متطلبات املصلحة العامة ،حماية املال العام ،حماية العاملين باملرافق العامة لخصوصية املهام التي
يقومون بها ،الصعوبات التي تواجهها املرافق العامة) ومن جهة أخرى حماية حقوق األفراد في حالة
إصابتهم بضرر جراء األعمال اإلدارية.
14
ثانيا :مسؤولية إدارية أم مسؤولية مدنية؟
• أضف إلى ذلك أن النشاط الذي تقوم به اإلدارة ال يخضع دائما ملراقبة القاض ي اإلداري وال
تطبق بشأنه أحكام القانون اإلداري؛ وبالتالي ،فإن إثارة مسئولية اإلدارة عن األضرار الناجمة
عن تلك النشاطات تندرج ضمن اختصاص القاض ي العادي وتطبق عليها أحكام القانون
املدني .واألمثلة على ذلك كثيرة نذكر منها :
• املسئولية عن أعمال املرافق العامة ذات الطابع التجاري والصناعي باستثناء األضرار الناجمة
عن األشغال العمومية والتي تصيب الغير.
• املسئولية عن األضرار الناجمة عن أعمال الخواص في حالة تدبير مرفق عام ذي طابع إداري
باستثناء القرارات اإلدارية املطبوعة بامتيازات السلطة العامة حيث االختصاص بشأنها يعود إلى
القاض ي اإلداري وليس إلى القاض ي العادي.
• املسئولية عن أعمال األشخاص االعتبارية العامة املتعلقة بتدبير امللك الخاص..
• املسئولية عن األخطاء الشخصية للعاملين في اإلدارة (املرافق العامة).
15
ثالثا :التطور التاريخي للمسئولية اإلدارية
16
أ :املسئولية اإلدا رية في الحضا رتين اليونانية والرومانية
• إن إثارة مسؤولية الدولة (اإلدارة) في الحضارتين اليونانية والرومانية كانت تصطدم مع قضية
السيادة .la souverainetéفقد كانت هذه األخيرة خاصية مميزة لها ،ال سيما في ظل
عدم االعتراف لألفراد بحقوق اتجاه السلطة الحاكمة ،مما كان يجعل من مسألة الحصول
على تعويضات عن األضرار التي تصيبهم شبه مستحيلة.
• ففي اليونان قديما ،وبخاصة في أثينا وإسبارطا ،كان الحاكم يملك مطلق الحرية في التصرف
في أموال األفراد ،ومن ثم لم يكن مسئوال عن األضرار املترتبة عن أعماله ؛ فمسئوليته هي
أمام اإلله الذي يعتبر املصدر الوحيد لسلطته.
• في الحضارة الرومانية ،لم يختلف األمر عما كان عليه في ظل الحضارة اليونانية .فبالرغم من
االعتراف للمواطن الروماني بحقه في امللكية أو ما يعرف ب ـ" ، "la propriété quiritaireوالذي
كان يترتب عليه تعويض في حالة قيام موظفي الدولة باملس به ،فإن هذا االعتراف لم يكن
17
أ :املسئولية اإلدا رية في الحضا رتين اليونانية والرومانية
اعتراف نظري ،ال سيما وأن املواطنين لم يكونوا يملكون فعليا االحتجاج به في
مواجهة الدولة .والسبب في ذلك ،أن الدولة لم تكن وقتئذ تعتبر شخصا معنويا
متميزا عن شخص الحاكم (االمبراطور) ،بمعنى أنه لم يكن هناك فصل بين الذمة
املالية للدولة و مالية االمبراطور ،مما كان يحول دون مطالبة املواطن الروماني
بالحصول على تعويضات في حالة نزع ملكيته.
• من جهة أخرى ،تميز الحكم الروماني بتجميع السلط في يد الحاكم وبخاصة
السلطتين اإلدارية والقضائية ،وبالتالي لم يكن لهذه األخيرة سلطة على السلطة
اإلدارية .وهذا ما أشار إليه Mommsenبقوله بأن " :الفكرة الكبرى والعميقة بجعل
جهاز تابع للدولة والقضاء املدني فوق باقي األجهزة األخرى للدولة على مستوى
الدعاوى التي تخص الثروة العامة غريبة عن الدستورالروماني".
18
ب :املسئولية اإلدا رية في بعض األنظمة القانونية
املقا رنة
في فرنسا
• كان تجسيد الدولة للسيادة يقف حائال أمام عدم إمكانية مقاضاتها عن األضرار التي تسببها
لألفراد .ولهذا ،لم يكن هناك من سبيل أمامهم سوى مقاضاة املوظف بصفة شخصية
للحصول على التعويض من ماله الخاص .غير أن املتضرر ،غالبا ما كان يفاجأ بإعسار
املوظف.
• باإلضافة إلى أن املشرع غالبا ما كان يتدخل لحماية املوظف من خالل عدم السماح لألفراد
بمقاضاة موظفي اإلدارة إال بعد الحصول على إذن سابق .وهكذا كانت تنص املادة 75من
دستور السنة الثامنة في فرنسا والتي ألغيت سنة " : 1870ال يمكن مقاضاة موظفي الحكومة
عما يتعلق بشؤون وظائفهم إال بمقتض ى قرار من مجلس الدولة .وفي هذه الحالة تكون
مقاضاتهم أمام املحاكم العادية".
19
ب :املسئولية اإلدا رية في بعض األنظمة القانونية املقا رنة
في فرنسا
• لقد كانت الدولة ،في فرنسا ،هي امللك وامللك هو الدولة .فكل من الدولة وامللك كان يشكالن
شخصية معنوية واحدة .هذه الوضعية عبر عنها Bossuetبقوله ":الدولة كلها في شخص
األمير .فيه تتجسد القدرة املطلقة و فيه تتجسد كل إرادة الشعب" .ولقد كان للفكرة
الدينية دور أساس ي في ترسيخ هذا املعتقد القاض ي بقدسية امللك وعدم خضوعه للمساءلة
واملحاسبة.
• ولذلك كان امللك يعد امتدادا وظال إلرادة هللا فوق األرض .وبالتالي" ،ال يسيئ صنعا امللك".
األمر الذي جعل امللك يتوفر على سلطة مطلقة في جميع املجاالت ،لدرجة أنه يعتبر فوق
الدولة ،حيث كان لويس الرابع عشر يقول " :أنا الدولة والدولة أنا" .وكان يقول كذلك " :إن
سلطة امللوك مستمدة من تفويض الخالق ،فاهلل مصدرها وليس الشعب ،وهم مسئولون
أمام هللا وحده وعن كيفية استخدامها" .ومن بعده لويس الخامس عشر " :إننا لم نتلق
التاج إال من هللا ،فسلطة سن القوانين من اختصاصنا وحدنا وال يشاركنا فيها أحد وال نخضع
فيها ألحد".
20
ب :املسئولية اإلدا رية في بعض األنظمة القانونية املقا رنة
• فهذا التفويض اإللهي كان ،بالنسبة للحكام ،بمثابة الغطاء الذي يحتمون به من املساءلة واملحاسبة
من طرف الشعب ،ومبررا لحكمهم املطلق .يقول محمد يوسف موس ى تعبيرا عن هذا الوضع " :كان من
الطبيعي أن يعيش رئيس الدولة التي تعيش تحت هذا النظام ،وأن يكون لغيره ومن معه من النبالء
ورجال الدين من المتيازات ما ليس ألحد من طبقات األمة املختلفة" .
• بل إن ( Lebretأحد من رجال الدين) سيكون أكثر وضوحا في التعبير عن هذا الوضع بقوله " :
حكامنا ل يتلقون التاج (الصولجان) إل من هللا ،وليسوا ملزمين بالخضوع ألية قوة أرضية".
• فاعتبار امللك صاحب السيادة املطلقة والتامة على الجميع ،اكان يحرم ألفراد من التمتع بالحقوق
املنوطة فقط بهذه السيادة الكاملة واملطلقة؛ فامللك هو صاحب السيادة الكاملة في مملكته .وبالتالي،
فهؤالء األفراد ال يملكون أي حقوق تجاهه مما يعني استحالة مساءلته عن األضرار الناجمة عن أعمال
موظفيه الذين يحظون بثقته واملختارين من طرفه.
• عدم توفر األفراد على حقوق في مواجهة امللك عبر عنها إدوار الفريير Edouard Laferrièreبقوله " :إن
من خصوصيات إرادة امللك (السيادة) أنها ملزمة للجميع وبدون تعويض".
21
ب :املسئولية اإلدا رية في بعض األنظمة القانونية املقا رنة
ثانيا من خالل قرار بالنكو الصادر عن محكمة التنازع بتاريخ 8فبراير 1873والذي
أسس الستقاللية وخصوصية املسئولية اإلدارية .فالتحول من المسئولية اإلدارة إلى
املسئولية اإلدارية كان مشروطا ،حسب قرار بالنكو بضرورة أال تكون هذه املسئولية عامة
وال مطلقة .فهذا القرار تضمن مسألتين اثنتين :تكريس استقاللية قانون املسئولية
اإلدارية التي ينبغي أال تخضع إلى لقواعد القانون الخاص .ثم ،من جهة ثانية ،تقييد نطاق
هذه املسئولية باإلشارة إال أنها "ليست مطلقة وليست عامة".
ثالثا من خالل القرار الصادر عن مجلس الدولة الفرنس ي في قضية Tomas
Greccoبتاريخ 10فبراير 1905حيث قبل بإثارة مسئولية الدولة عن الخطأ املرفقي
الصادر عن مرق الشرطة ،ليضع بذلك حدا للتمييز بين أعمال السلطة التي لم تكن
وأعمال التسيير التي كانت .
23
ب :املسئولية اإلدا رية في بعض األنظمة القانونية املقا رن ة
• إن انعدام املسؤولية اإلدارية لم يكن فقط خاصية مميزة لفرنسا ،وإنما يعتبر كذلك
من الخصوصيات التاريخية لألنظمة اإلدارية األنجلوسكسونية سواء تعلق األمر
بالقانون اإلنجليزي أو القانون األمريكي.
• في إنجلترا كان املبدأ العام السائد هو عدم مسؤولية الدولة عن األضرار التي تتسبب
فيها لألفراد .هذا املبدأ يجد سنده في عاملين أساسيين :
• العامل األول يتمثل في تلك القاعدة الدستورية القديمة التي تقول :امللك ال يخطئ
the king can do no wrongولقد ترتب عن هذا املبدأ خلط بين كل من
الدولة والتاج البريطاني .وبما أن التاج ال يخطئ فإن الدولة هي األخرى ال تخطئ.
24
ب :املسئولية اإلدا رية في بع ض األنظمة القانونية املقا رنة
• إن عدم مسؤولية التاج البريطاني تستمد جذورها من النظريات الثيوقراطية les théories
théocratiquesوالتي تبرر سلطة امللوك بأنها مستمدة من هللا بطريق مباشر أو غير مباشر.
ومن ثم فإن إرادة الحكام تعلو على إرادة املحكومين وال يملك الشعب محاسبتهم أو
مساءلتهم عما ارتكبوه من أخطاء أو تقصير أو إهمال.
• أما العامل الثاني فيقوم على طبيعة العالقة بين الدولة واملوظف :عالقة تعاقدية أو عالقة
وكالة .ومن هذا املنطلق ،فاملوظف كوكيل عن الدولة في أداء مهامه ال يمكن أن يسأل عن
األعمال التي يقوم بها في ظل هذه الوكالة حتى وإن تسببت هذه األعمال في أضرار لألفراد ().
أما إذا تصرف املوظف خارج هذه الوكالة وترتبت أضرار عن هذا التصرف فإنه يسأل
شخصيا عن هذه األضرار.
• إن ثبوت الخطأ في حق املوظف يترتب عنه التزام هذا األخير بتعويض الضرر الذي تسبب
فيه من ماله الخاص ،غير أنه من الناحية الواقعية "جرى العرف أن تتحمل الدولة هذا
التعويض ال من باب االلتزام القانوني وإنما فقط من باب الشفقة والرحمة".
25
ب :املسئولية اإلدا رية في بع ض األنظمة القانونية املقا رنة
• النظام األمريكي في مجال املسؤولية اإلدارية يقوم على نفس املبدأ الذي تقوم عليه هذه املسؤولية
في النظام اإلنجليزي ":التاج ال يخطئ".
• ولهذا الوضع تفسير تاريخي يتمثل في كون الواليات املتحدة األمريكية كانت خاضعة للتاج البريطاني.
وسيستمر الوضع على هذا الحال حتى بعد استقالل الواليات املتحدة األمريكية عن بريطانيا،
وكذلك حتى بعد تبنيها للنظام الجمهوري الذي يختلف عن النظام امللكي السائد في بريطانيا.
• صحيح أن كال من النظام الفرنس ي والنظام األنجلوسكسوني عرف تطورا في اتجاه االعتراف
باملسؤولية اإلدارية .ففي فرنسا أقر حكم بالنكو الصادر عن محكمة التنازع بتاريخ 8فبراير 1873
بمسؤولية اإلدارة عن األضرار التي تتسبب فيها للغير.
• النظام األنجلوسكسوني هو اآلخر سيقر بمبدأ مسؤولية اإلدارة عن أفعالها الضارة سنة 1947في
انجلترا وسنة 1946في الواليات املتحدة األمريكية .وكما نالحظ ،فالقاسم املشترك بين فرنسا
وانجلترا والواليات املتحدة األمريكية هو حداثة نشأة املسؤولية اإلدارية.
26
ج :املسئولية اإلدا رية في اإلسالم
27
ج :املسئولية اإلدا رية في اإلسالم
29
ج :املسئولية اإلدا رية في اإلسالم
30
ج :املسئولية اإلدا رية في اإلسالم
واملتمثلة في التعويض املالي والعقوبة .كما أن نص هذه القاعدة يوحي بمنع وقوع
الضرر مطلقا .كما أنه يشمل أيضا دفع الضرر قبل وقوعه ،بكل طرق الوقاية
املمكنة ،كما يشمل أيضا رفعه بعد وقوعه بما يمكن من التدابير التي تزيل آثاره
وتمنع تكراره
• املبدأ الثاني " :من أتلف شيئا فعليه إصالحه" ،فإن اإلتالف هو إلحاق ضرر
بالغير سواء في ماله أو نفسه .واإلتالف موجب لتعويض الضرر الناش ئ عنه.
واإلتالف قد يكون جزئيا كبتر أحد األعضاء ،كما قد يكون كليا كقتل إنسان.
وهذا املبدأ يجد سنده في الحديث النبوي "طعام بطعام وإناء بإناء" .فمقتض ى
هذا املبدأ ،أن من أتلف شيئا لغيره فإن عليه تعويضه حتى ولو ارتكب خطأ،
مثلما يحصل في قتل الخطأ ففيه الدية ولو كان خطأ ،وكذلك اإلنسان إذا
أفسد شيئا لغيره ولو كان مخطئا فإنه يضمنه.
32
ج :املسئولية اإلدا رية في اإلسالم
❖مسئولية الدولة عن الخطأ املرفقي (مسئولية مرفق الجيش وحادثة خالد بن الوليد
(ض)).
• تتلخص وقائع هذه الحادثة في أن خالد بن الوليد قتل أفرادا من بني جذيمة ،ظنا منه أنه يخادعونه ،ولم
يسلموا .فلما بلغ ذلك رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حزه ذلك وقال "اللهم إني أبرؤ إليك مما صنع خالد".
فقام بتكليف علي بن أبي طالب كرم هللا وجهه بتعويض كل قتيل من بني جذيمة ،بتقديم الدية إليهم وعوضهم
عما افتقدوه من متاع من أموال البيت"
• أهم املبادئ والدروس املستخلصة :أوال :بالرغم من أن خالد بن الوليد هو "سيف هللا املسلول" في اإلسالم،
فإن هذا لم يعفه من الخضوع للمسؤولية واملحاسبة ،علما أنه كان ذا مكانة مهمة سواء شرفا أو خبرة
عسكرية .ثانيا :عدم رض ى الرسول صلى هللا عليه وسلم عن فعل خالد بن الوليد قائال " :اللهم إني أبرؤ إليك
مما صنع خالد" .فسياق الواقعة يستبعد كل خطأ شخص ي لخالد بن الوليد ،حيث أن األمر يتعلق بظنه أنه
خداع من أفراد بني جذيمة .وبالتالي لو غاب هذا الظن لقامت املسؤولية الشخصية .هذا الخطأ املرفقي
استوجب تعويضا كليا وليس جزئيا شمل جميع املتضررين ،ولكن من خزينة الدولة .وهذا هو قضاء التعويض.
33
ج :املسئولية اإلدا رية في اإلسالم
35
ج :املسئولية اإلدا رية في اإلسالم
من تطبيقات املسئولية اإلدارية على أساس املخاطر ما أقره عمر بن الخطاب (ض) •
بخصوص مسؤولية اإلدارة املرتبطة باألشغال العمومية .وقد قال في هذا الصدد " :لو أن بغلة
عثرت في العراق لسألني هللا عنها لم تصلح لها الطريق يا عمر".
ففي مقولة عمر (ض) داللة واضحة على مسؤولية الدولة عن مخاطر األشغال العمومية •
حتى وإن كانت األضرار املترتبة عنها بسيطة حيث الفعل الذي استعمله عمر جد بسيط على
مستوى الضرر " :عثرت" .وبالفعل ،فالضرر املترتب عن "العثور" جد بسيط باملقارنة مع الضرر
املترتب عن "املوت" أو "الجروح" أو "الهالك" ،إلخ.
وقد يعتقد البعض أن هذا املبدأ قد وضعه عمر بن الخطاب من أجل حماية الحيوانات •
فقط .صحيح أن سياق الواقعة يتعلق ببغلة ولكن هذا ال يعني أن املسؤولية على أساس املخاطر
مرتبطة فقط بالحيوانات ،ألن ظروف النازلة تفيد أن األمر يتعلق بحماية كل مستعمل لهذه الطريق
أكان إنسانا أم حيوانا .لذلك بدأ عمر بن الخطاب قوله بـ " لو" الشرطية إشارة إلى خطورة املسألة.
فإذا كان سيسأل عن الحيوان فما بالك باإلنسان.
36
الورقة الثانية :
أساس المسئولية اإلدارية بالمغرب
37
أوال :جدل فقهي كبير حول أساس المسئولية
اإلدارية
• لعل من بين النقاشات القوية التي أثارتها املسؤولية اإلدارية في املغرب ،سواء في أوساط الفقه
اإلداري أو القضاء اإلداري ،مسألة تحديد األساس الذي تقوم عليه هذه األخيرة :أتقوم على الخطأ
أم على املخاطر؟ هذا الجدل الفقهي ما كان ليثار لوال وجود مجموعة من العوامل التي كانت وراء
تساؤل الفقه اإلداري حول األساس الذي ينبغي أن تقام عليه املسؤولية اإلدارية باملغرب.
• من هذه العوامل ما يتعلق بغموض النص القانوني املنظم للمسؤولية اإلدارية وصيغته
املقتضبة ،.حيث أنه لم يكن حاسما في تحديد األساس الذي تقوم عليه املسؤولية اإلدارية .ومنها ما
يعزى إلى ورود النصوص القانونية املنظمة للمسؤولية اإلدارية في قانون وجد أصال من أجل
تنظيم العالقات بين الخواص :قانون اللتزامات والعقود؛ مما جعل الفقه اإلداري يتساءل ليس
فقط عن األساس الذي تقوم عليه املسؤولية اإلدارية ،وإنما ،قبل ذلك ،التساؤل حول ما إذا كانت
هذه املسؤولية تخضع لنفس القواعد القانونية التي تحكم العالقات بين الخواص.
• بطبيعة الحال ،ألن املقام ال يتسع الستحضار مختلف هذه الجوانب املتعلقة بإشكاالت املسؤولية
اإلدارية ،فإننا سنقصر حديثنا فقط على عرض موقف كل من الفقه والقضاء اإلداريين بخصوص
أساس املسؤولية اإلدارية باملغرب :أتقوم على فكرة املخاطر (مسئولية موضوعية) أم على فكرة
الخطأ؟.
38
أ -الفقه اإلداري وتضا رب آ ر ائه بخصوص تحديد األساس
املسئولية اإلدا رية
• باالطالع على الكتابات التي تناولت مجال املسئولية اإلدارية ،نجدها تميز بين موقفين للفقه اإلداري في
تحديده لألساس الذي تقوم عليه املسئولية اإلدارية في املغرب .هناك من جهة التيار املمثل للتأويل
الكالسيكي ملضمون الفصل ( ،79أ) ثم التأويل الحديث للفصل املذكور (ب).
أ -التأويل الكالسيكي ملقتضيات الفصل 79من ق.ل.ع :أساس املسئولية اإلدارية
املخاطروليس الخطأ.
• بحسب هذا التيار الفقهي ،فإن املسؤولية املنصوص عليها في الفصل 79من قانون االلتزامات والعقود هي
مسؤولية موضوعية وبدون خطأ .فاألستاذ De Laubadèreيبرر هذا املوقف بغياب عبارة " بدون وجه حق"
التي وردت في مرسوم باي تونس بتاريخ 27نونبر ،1888مما يعتبر مبررا كافيا لتأكيد هذا الطرح.
• وقد سايره في هذا االتجاه كل من Rivièreو Busquetواللذين يريان بأن املسئولية املشار إليها في
الفصل 79من قانون االلتزامات والعقود هي مسئولية موضوعية قائمة على فكرة املخاطر .وعمدتهم في
ذلك :أول :الطريقة التي حرر بها الفصالن 79و 80من قانون االلتزامات والعقود والتي توحي بمدى تأثر
املشرع املغربي باملشرع الفرنس ي الذي بنى حوادث الشغل على أساس فكرة املخاطر وليس على أساس خطأ
املشغل.
39
أ -ا لفق ه ا إلد اري وتض ا رب آ ر ا ئ ه ب خص وص ت ح د ي د ا ألس اس
امل س ؤ و ل ي ة ا إلدا ري ة :
• ثانيا :النص على أن اإلدارة مسؤولة عن التعويض عن األضرار الناجمة مباشرة عن تسيير
مرافقها .ثالثا ،اختالف على مستوى الصياغة بين نص الفصل 79من قانون االلتزامات والعقود
والفصل املقابل له والوارد في مرسوم باي تونس والذي يجعل مسؤولية الدولة و بلدياتها قائمة على
أي فعل ارتكب بدون وجه حق وتسبب في ضرر للغير.
• نفس الطرح سيؤكده P. Ducrouxبقوله بأن " :الفصل 79من ق.ل.ع مستلهم من نفس الفكرة
الواردة في القانون الفرنس ي لسنة 1898املتعلق بحوادث الشغل والتي تقوم على فكرة املخاطر
املهنية لألجير والتي ترتكز ليس على فكرة الخطأ ،وإنما على العبء الذي تتحمله املؤسسة .هذا
باإلضافة إلى استفادة املشرع املغربي مما وصلت إليه اجتهادات مجلس الدولة الفرنس ي"P. ( .
.)Ducroux, la responsabilité des municipalités au Maroc, Penant 1932, p 3
• الخالصة بالنسبة لهذا التيار الفقهي أن املسؤولية اإلدارية باملغرب مسؤولية موضوعية تقوم
على فكرة املخاطر ،وبالتالي ،على مستوى نظام املسؤولية تعتبرهي املبدأ.
40
ب -التأويل الحديث ملدلول الفصل : 79وضع نظام
عام للمسؤولية اإلدا رية
• لقد كان للمقال الذي حرره األستاذ De Laubadereحول أساس املسؤولية اإلدارية باملغرب دورا حاسما في
تغيير بوصلة الفقه اإلداري نحو تأويل حديث ملدلول الفصل 79املشار إليه أعاله .ففي هذا املقال الذي حمل
عنوان " أساس املسؤولية اإلدارية باملغرب :خطأ أم مخاطر؟" أشار إلى ان املشرع املغربي ،من خالل الفصل
،79لم تكن نيته تنصرف إلى تقنين املسؤولية بدون خطأ كمرتكز أساس ي إلثارة مسؤولية اإلدارة باملغرب ،بقدر
ما كانت نيته تنصرف إلى وضع نظام عام ملسؤولية األشخاص العامة مع ترك الحرية للقاض ي في الختيار
بين فكرتي املخاطروالخطأ.
• إن املسؤولية اإلدارية عموما ،لم تكن بحسب مدلول الفصل 79من ق,ل,ع موضوع تأكيد أو تصريح ،وإنما
موضوع سكت عنه املشرع املغربي .ولذلك ،فهو يحتمل تأولين اثنين :التأويل األول ،وهو املعتمد من قبل
الفقهاء والشراح األولين ،حيث أن فكرة املخاطر هي أساس نظام املسؤولية اإلدارية بشكل عام ،وبالنتيجة
استبعاد فكرة الخطأ كأساس تقليدي مما يجعل عنصر الضرر أساس التعويض عن األعمال واألنشطة
اإلدارية".
• لقد كان ذ De Laubadère .من معارض ي فكرة إقامة املسؤولية اإلدارية على فكرة املخاطر؛ ألن من شأن ذلك
إثقال كاهل امليزانية العامة للدولة.
41
ب -التأويل الحديث ملدلول الفصل : 79وضع نظام عام
للمسؤولية اإلدا رية
• لإلشارة ،فقد لقي تأويل De Laubadèreصدى لدى الفقه اإلداري كما هو الشأن بالنسبة
ل J. PRATالذي رأى في التأويل الذي تقدم به " : De Laubadèreتأويال منطقيا ومبنيا
على حس سليم ،كما أنه تأويل مستمد من مجموعة من العوامل املستمدة من السياق
التاريخي ،إضافة إلى أنه جاء منسجما مع الرأي الراجح في الفقه والقضاء اإلداريين".
• حسب J. PRATدائما ،إن مدلول الفصل 79إن كان يمنح انطباعا بأن املسؤولية اإلدارية
باملغرب مسؤولية موضوعية ،فإنه ال يمكن أن يكون عمليا بالنظر إلى األعباء املالية التي
يمكن أن تثقل كاهل ميزانية الدولة نتيجة للسير العادي ملرافقها.
• من جهته ،لم يكن ذ Michel Rousset .من املتحمسين لفكرة املسؤولية اإلدارية
املوضوعية (بدون خطأ) ،ألنها ستؤدي إلى تنمية عدم اإلحساس باملسؤولية لدى موظفي
املرافق العامة.
42
ثانيا :موقف القضاء اإلداري املغربي
• لم يتبن القضاء اإلداري املغربي موقفا حاسما فيما يخص تحديد األساس الذي تقوم عليه املسؤولية
اإلدارية :أ هو الخطأ أم املخاطر .بل على العكس من ذلك ،كما أشار إلى ذلك ذ Michel Rousset .تميز
موقف القاض ي اإلداري املغربي في بداية األمر بنوع من التردد .وعلى هذا األساس يمكن التمييز بين ثالث
مراحل أساسية مر بها موقف القاض ي اإلداري في تحديده لألساس الذي تقوم عليه املسؤولية اإلدارية
باملغرب.
43
ثانيا :موقف القضاء اإلداري املغربي
• وكذلك الحكم الصادر عن املحكمة اإلدارية بالدار البيضاء بتاريخ 28يناير 1952حينما طبقت مقتضيات
الفصل 88من قانون االلتزامات والعقود على الضرر الناجم عن حراسة الدولة والبلديات.
• من جهة أخرى ،صرحت محمة االستئناف بالرباط في قرارها الصادر بتاريخ 8دجنبر 1938في قضية
Marieبأن املشرع كرس مسئولية بدون خطأ بخصوص كل قرار يحدث ضررا للغير .وهو التأويل الذي
لقي معارضة شديدة من قبل André De Laubadèreالذي أكد بأن الفصل 79من قانون االلتزامات
والعقود ال ينص على شروط وتنظيم املسئولية اإلدارية وإنما اكتفى فقط بالنص عليها كمبدأ عام.
اعتماد القضاء اإلداري املغربي للتأويل الحديث للفصل 79من قانون اللتزامات والعقود. -
• لم ينحصر تأثير املقال الذي نشره ذ De Laubadère .بخصوص أساس املسؤولية اإلدارية باملغرب في
مواقف الفقه اإلداري ،وإنما امتد تأثيره ليشمل أيضا اجتهادات القضاء اإلداري املغربي .ففي حكمها الصادر
بتاريخ 9دجنبر 1947في قضية Lanepabanأكدت املحكمة اإلدارية بالرباط بأن الفصل 79من قانون
االلتزامات والعقود ل ينص على املسؤولية اإلدارية املوضوعية كمبدأ عام ،وإنما فقط يشير إلى وجود ،إلى
جانب مسؤولية الخواص ،مسؤولية للجماعات العمومية من دون أن يحدد فيما إذا كان أساس هذه
املسؤولية يقوم على فكرة الخطأ أو املخاطر.
44
ثانيا :موقف القضاء اإلداري املغربي
• وفي قرار آخر لها صدر بتاريخ 13مارس ،1952أكدت نفس املحكمة بأن أساس املسؤولية
اإلدارية ينبغي عدم البحث عنه ضمن مقتضيات الفصل 79الذي كان يهدف فقط إلى اإلشارة
إلى وجود مسؤولية للجماعات العمومية ،وأن عدم إيراد عبارة " بدون وجه حق" التي تضمنتها
املادة 8من املرسوم التونس ي 1888والذي يعتبر الفصل 79تكرارا له ،لم يكن يقصد من ورائه
املشرع إقامة مسؤولية إدارية موضوعية قائمة على املخاطر .وإنما ترك املشرع ،مثله في ذلك
مثل املشرع الفرنس ي ،الحرية للقاض ي اإلداري في إيجاد األساس الذي يقيم عليه مسؤولية
اإلدارة".
ليؤسس ملسؤولية موضوعية قائمة على فكرة املخاطر ،متأثرا في ذلك باجتهادات مجلس
الدولة الفرنس ي ال سيما في قضية ""Cames
-املرحلة الثالثة :بعد إحداث املحاكم اإلدارية
• وقد استمر هذا التأثير حتى بعد إحداث املحاكم اإلدارية بموجب القانون رقم .41.90
فحسب ذ ،Michel ROUSSET .حافظ هذا القانون على األمور على ما هي عليه ،اللهم ما
جاءت به املادة الثامنة من القانون أعاله ،والتي اكتفت بتحويل اختصاص البت في دعاوى
التعويض عن األضرار الناجمة عن أعمال ونشاطات األشخاص العامة من القضاء العادي
إلى القضاء اإلداري .كما تميزت هذه املرحلة بتوسع كبير للقضاء اإلداري املغربي في مجال
املسؤولية اإلدارية املوضوعية من خالل تأسيسها على فكرة املخاطر (التعويض عن
األضرار الناجمة عن املرفق العام الطبي ،األضرار الناجمة عن انفجار األلغام ،األضرار
الناجمة عن حوادث القطارات.)...
46
الورقة الثالثة :
أسس المسئولية اإلدارية
47
األسس الكالسيكية للمسئولية
اإلدارية
48
الورقة الثالثة :
أسس المسئولية اإلدارية
49
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
• تعتبر املسئولية القائمة على الخطأ الوجه األول لنظام املسئولية اإلدارية .وتكمن
خصوصية هذه املسئولية في أن املتضرر مطالب بإثبات خطأ اإلدارة كشرط أساس ي
لترتيب مسئولية هذه األخيرة ،باإلضافة إلى إثبات شرطي الضرر والعالقة السببية.
والستنادها على عنصر الخطأ ،فقد اعتبرها الفقه اإلداري الشريعة العامة في نظام
املسئولية اإلدارية .responsabilité de droit commun
• من جهة أخرى ،تخضع املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ لنظام قانوني مغاير تماما
للنظام القانوني املتعلق باملسئولية املدنية .وعلى حد تعبير Paul benoitفإن " :ما يميز
املسئولية اإلدارية عن املسئولية املدنية ،أننا لسنا دائما في حاجة إلى إثبات خطأ املوظف
أو ال ،أو خطأ موظف محدد ،بل يكفي أن يكون املرفق قد أساء الخدمة" .ولذلك،
فالخطأ في القانون اإلداري باعتباره خطأ مرفقيا له استقالليته بالنسبة للخطأ في القانون
املدني ويخضع إذن لنظام قانوني مغاير " .محمد رفعت عبد الوهاب ،القضاء اإلداري،
الكتاب الثاني ،قضاء التعويض وأصول اإلجراءات ،الطبعة األولى ،لبنان ،2005 ،ص
."237
50
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
• صحيح أن املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ ،في املغرب ،تحكمها قواعد قانونية مستمدة
من قانون االلتزامات والعقود الصادر بتاريخ 12غشت ، 1913من خالل املادة 79التي تنص :
"الدولة والبلديات مسئولة عن األضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن األخطاء
املصلحية ملستخدميها" .واملادة 80التي جاء فيها " :مستخدمو الدولة والبلديات مسئولون
شخصيا عن األضرار الناجمة عن تدليسهم أو عن األخطاء الجسيمة الو اقعة منهم في أداء
وظائفهم؛ ول تجوز مطالبة الدولة والبلديات بسبب هذه األضرار إل عند إعسار املوظفين
املسئولين عنها".
• باإلضافة إلى املادة الثامنة من القانون رقم 41.90املحدث للمحاكم اإلدارية والتي ترتب مسئولية
الدولة عن األضرار التي تتسبب فيها نشاطات أشخاص القانون العام ،لكن ذلك ال ينفي خاصية
تميز نظامها القانوني عن النظام القانوني للمسئولية املدنية في القانون الخاص.
• في فرنسا ،استقاللية املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ كرسها القاض ي اإلداري من خالل
51
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
قراره الشهير "بالنكو" الصادر عن محكمة التنازع ( 8فبراير ،)1873والتي أشارت فيه وبكل صراحة
إلى عدم إمكانية إخضاع مسئولية اإلدارة لقواعد قانونية وضعت خصيصا لتنظيم العالقات بين
األفراد.
• إن مقاربة القاض ي اإلداري للخطأ في إطار املسئولية اإلدارية ،تختلف تماما عما هو عليه في إطار
املسؤولية املدنية والتي يحكمها القانون الخاص .الخطأ املرتكب من طرف اإلدارة املستوجب
لترتيب مسؤوليتها املدنية ،ينبغي ،في مفهوم القاض ي اإلداري الفرنس ي ،أن يكون متماشيا مع
خصوصيات املسؤولية اإلدارية التي أشار إليها في قرار بالنكو :بمعنى مسئولية ليست عامة
وليست مطلقة.
• وعلى هذا األساس يتم التمييز في إطار املسئولية اإلدارية بين أصناف متعددة من األخطاء
ستناولها اتباعا على الشكل التالي :
✓ التمييز بين الخطأ الشخص ي والخطأ املرفقي
✓ التمييز بين الخطأ البسيط والخطأ الجسيم
✓ الخطأ املفترض La présomption de faute
52
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ املرفقي والخطأ الشخص ي-
53
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ املرفقي والخطأ الشخص ي-
54
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ املرفقي والخطأ الشخص ي-
55
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ املرفقي والخطأ الشخص ي-
الخطأ املرفقيla faute de service
56
املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ املرفقي والخطأ الشخص ي-
الخطأ املرفقيla faute de service
املائية إلى الشاطئ عبر إلزامهم بأداء الوثائق الخاصة واالحتفاظ بها لغاية مغادرته ضمانا لعدم
ارتكاب أي خطأ ،يشكل خطأ موجبا للتعويض عن األضرار التي تصيب املصطافين نتيجة
اصطدامهم مع هذه الدراجات مما تكون مسئولية اإلدارة مرتكزة على أساس الخطأ املرفقي".
▪ أداء خدمة على نحو س يء :وهذا ما ذهبت إليه املحكمة اإلدارية بوجدة في حكمها الصادر
بتاريخ 15مارس ،1997في قضية السيد عبد العزيز النويض ي ضد املكتب الوطني للبريد
واملواصالت حينما اعتبرت إقدام املكتب املذكور على توقيف استعمال الخط الهاتفي على
املدعي دون مراعاة الفصل 72من املرسوم عدد 2.72.297إخالال بااللتزامات امللقاة على
عاتقه واملتمثلة في أداء مرفق التلفون لخدماته على الوجه القانوني السليم ،وبالتالي ،فإن
عمله يدخل في نطاق أداء املرفق لخدماته على وجه س يء.
▪ وهذا العمل يشكل بذلك خطأ مرفقيا يستوجب مسئوليته عن األضرار الالحقة باملدعي من
جراء هذا الخطأ استنادا ملقتضيات الفصل 79من قانون االلتزامات والعقود".
▪ سوء تنظيم املرفق :هي األخرى من صور األخطاء املرفقية التي يمكن ارتكابها من طرف اإلدارة
والتي تستوجب تعويض املتضرر .وهذا ما أكده مجلس الدولة الفرنس ي في قراره الصادر بتاريخ
27يناير 1988في قضية .MEN c/ Giroud,AJDA, 352. note J. Moreau
57
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ املرفقي والخطأ الشخص ي-
• من مظاهر تميز املسئولية اإلدارية عن املسئولية املدنية الخاضعة للقانون املدني التمييز بين
الخطأ الشخص ي والخطأ املرفقي .ويرجع الفضل في هذا التمييز إلى القرار الصادر عن محكمة
التنازع بتاريخ 30يوليوز 1873في قضية .Pelletierحيث اعتبرت الخطأ الشخص ي بكونه " :ذلك
الخطأ املنفصل عن الوظيفة والذي يندرج ضمن اختصاص القاض ي العادي ،أما الخطأ املرفقي
فهو الخطأ الذي ال يمكن فصله عن الوظيفة ،وبالتالي فهو يندرج ضمن اختصاص القاض ي
اإلداري".
• بالنسبة للفقه اإلداري ،فقد وضع مجموعة من املعايير في تمييزه للخطأ الشخص ي عن الخطأ
املرفقي .فمندوب الحكومة Laferrièreاعتبر الخطأ الشخص ي بأنه " :ذلك الخطأ الذي ينم عن
املوظف اإلنسان بكل ضعفه ونزواته وتهوره ،فيما الخطأ املرفقي فيتحقق حينما يكون الفعل
الضار غير شخص ي وينم عن ذلك املوظف املعرض للخطأ .بالنسبة للفقيه Gaston JEZEفيربط
الخطأ الشخص ي بمعيار الجسامة أي ذلك الخطأ الذي يتجاوز حدا من الجسامة .أما بالنسبة ل ـ
Maurice HOURIOUفالخطأ الشخص ي هو االنفصال عن الوظيفة.
58
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ املرفقي والخطأ الشخص ي-
• على مستوى االجتهادات القضائية للقاض ي اإلداري ،فإن الخطأ الشخص ي يتخذ صورتين اثنتين :الصورة
األولى تتمثل في الخطأ املنفصل عن الوظيفة (الذي يرتكب خارج الوظيفة) كإشعال حريق من طرف رجل
إطفاء وهو خارج نطاق الخدمة CE 13 mai 1991, société d’assurance les Mutuelles Unies.
• الصورة الثانية :الخطأ املرتكب داخل الوظيفة ولكن مقطوع الصلة عنها .في هذه الحالة ،وحتى يتم تمييزه
عن الخطأ املرفقي ،وضع القضاء اإلداري معيارين اثنين :النية املقصودة لدى الفاعل أو سوء اإلرادة أو
التدليس : CE 13 mai 195, Oumar Samba, Lebon 218مشاركة أحد الحراس السجناء في ارتكاب أعمال
سرقة أثناء قيامهم بأعمال شاقة خارج السجن.
• املعيار الثاني :جسامة الفعل املرتكب :حتى لوم لم يكن الفعل املرتكب من طرف املوظف مقصودا إال أنه
يصنف ضمن األخطاء الشخصية حينما يتجاوز الحد العادي لألخطاء املرتكبة أثناء ممارسة الوظيفة TA 9
( juillet 1953,. 2 esp. Dalaitre et Dame Bernadas, JCP II 7797., note J. RIVERO.لكمة موجهة من
طرف رجل شرطة إلى ساعي بريد اختفى في منزله أحد املتظاهرين ،جبن أحد عمداء الشرطة poltronnerie
.)d’un commissaire de police
59
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ املرفقي والخطأ الشخص ي-
• نفس املوقف سيتخذه القضاء اإلداري املغربي حينما اعتبر بأن املسئولية الشخصية للموظف
تتحقق حينما يرتكب خطأ جسيما .وهذا ما صرحت به إدارية وجدة حينما قضت في حكمها
الصادر بتاريخ 10أبريل 2007بأن " :ارتكاب املوظف ألفعال خطيرة بمناسبة قيامه بوظيفته على
درجة كبيرة من الجسامة جعلها تكتس ي طابعا جرميا ،وتشكل خطأ جسيما ال تختص
املحكمة اإلدارية بالبت في الطلب الرامي إلى الحكم بالتعويض".
• نفس التوجه كانت قد سلكته الغرفة اإلدارية باملجلس األعلى في قرارها الصادر بتاريخ 14
فبراير 2007أكدت فيه بأن ارتكاب طبيب وممرضين لخطأ بلغ من الجسامة حدا ترتب
عنه إدانتهم جنائيا اليشكل خطأ مرفقيا باملعنى املشار إليه في الفصل 79من قانون االلتزامات
والعقود ."...وقد سبق للغرفة أن أصدرت قرارا في نفس االتجاه ،بتاريخ 29فبراير أثارت فيه
مسئولية املحافظ عن األضرار الناجمة عن خطئه الجسيم املتمثل في اقتطاعه لجزء كبير من
عقار موضوع رسم عقاري أصلي إلنشاء رسم عقاري جديد من دون أن يتأكد من أن هذا الرسم ال
زال يشمل املساحة املشار إليها.
60
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-مدى إمكانية الجمع بين الخطأين الشخص ي واملرفقي-
• بداية ال بد من اإلشارة إلى أن فكرة الجمع بين الخطأين املرفقي والشخص ي تعود إلى
الصعوبة التي صارت تعترض القاض ي اإلداري في تعيين الحدود الفاصلة بين الخطأين،
وبالتالي تحديد طبيعة املسئولية التي يتسبب فيها املسئول عن إحداث الضرر ،ومن ثم
وتعيين الجهة املختصة بالنظر فيها.
• فالقاض ي اإلداري ،حرصا منه على حماية حقوق املتضررين من نشاطات اإلدارة ،و
الحيلولة دون ارتهان هؤالء املتضررين بالحالة املادية للموظف املتسبب في الضرر ،اهتدى
إلى األخذ بفكرة الجمع بين الخطأين املرفقي والشخص ي.
• وهنا ،ال بد من التمييز بين موقف كل من القاض ي اإلداري الفرنس ي والقاض ي اإلداري
املغربي.
61
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-مدى إمكانية الجمع بين الخطأين الشخص ي واملرفقي-
62
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-مدى إمكانية الجمع بين الخطأين الشخص ي واملرفقي-
• لكن األخذ بفكرة الفصل بين الخطأين املرفقي والخطأ الشخص ي وعدم إمكانية الجمع بينهما
ينطوي على مساوئ عديدة بالنسبة للضحية ال سيما في حالة إعسار املوظف املتسبب في الضرر
حيث يصعب على الضحية مطالبته بالتعويض بناء على الخطأ الشخص ي.
• وأخذا منه بعين االعتبار هذه املساوئ سيتراجع القاض ي اإلداري الفرنس ي عن هذا التوجه في
قضية Anguetsبتاريخ 3فبراير .1911تتلخص وقائع هذه القضية في أن السيد Anguetsكان
يهم بالخروج من الباب املخصص ملوظفي مصلحة البريد نظرا إلقفال األبواب املخصصة لخروج
األفراد قبل الساعة املحددة لذلك (خطأ مرفقي) ،لكنه تعرض باعتداء من قبل مستخدمي البريد
فأصيب بجروح جراء ذلك (خطأ شخص ي) .وبناء عليه ،قض ى مجلس الدولة الفرنس ي بتحمل الدولة
ملسئولية التعويض الكامل عن األضرار التي أصيب بها السيد ( Anguetsالسيد Anguetsكان مخيرا
بين إثارة مسئولية مستخدمي مصلحة البريد بناء على الخطأ الشخص ي ،وبين إثارة مسئولية اإلدارة
بناء على الخطأ املرفقي)
63
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-مدى إمكانية الجمع بين املسؤوليات نتيجة الخطأ الواحد-
• نفس املنحى سار عليه القضاء اإلداري املغربي ،حينما أكدت املحكمة اإلدارية بأكادير
قيام املسئولية اإلدارية للدولة عن الخطأ الشخص ي للطبيب الدي قام باستئصال جزء
من املرارة دونما تشخيص راديولوجي للحالة الصحية للمريض مما نتج عن ذلك عملية
استئصال ثانية ،وهو ما اعتبرته املحكمة خطأ مرفقيا يرتب مسئولية الدولة عن خطأ
الطبيب طبقا للمادة .79
• نفس املوقف اتخذته إدارية الدار البيضاء في قرارها الصادر بتاريخ 9نونبر 2004حينما
أثارت مسئولية موظف السجن عن خطئه الشخص ي املتمثل في ضياع منقوالت الطاعن
وعدم تضمينها في سجل خاص ،وفي نفس الوقت خطأ مرفقيا الرتكابه بمناسبة قيامه
بوظيفته التي لم تنجز على النحو املطلوب ،لتخلص إلى القول بأن الخطأ املرتكب من
قبل املوظف هو خطأ شخص ي ومرفقي.
65
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-مدى إمكانية الجمع بين املسؤوليات نتيجة الخطأ الواحد-
66
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-مدى إمكانية الجمع بين املسؤوليات نتيجة الخطأ الواحد-
❖موقف القاض ي اإلداري املغربي :
• املوقف األولي :رفض الجمع بين املسؤوليات عن الخطأ الواحد (الخطأ الشخص ي) املرتكب
خارج نطاق الوظيفة :القرار الصادر عن محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ 30ماي " : 1959
الدولة ال يمكن أن تعوض املتضرر عن الضرر الناتج عن حادث سير ما دام لم يثبت أن سائق
السيارة العسكرية املسئول عن الحادث قد خالف أوامر رؤسائه ،وأن الخطأ املقترف قد ارتكب
خارج عمل املرفق العام".
• املوقف الجديد للقاض ي اإلداري املغربي :جواز الجمع بين املسئوليات عن الخطأ الواحد (الخطأ
الشخص ي) املرتكب خارج نطاق الوظيفة.
• حكم املحكمة اإلدارية مراكش بتاريخ 21شتنبر : 2013مسئولية مرفق اإلدارة العامة لألمن عن
الخطأ الشخص ي املرتكب من قبل رجل أمن واملتمثل في توجيه طلقة نارية باتجاه زوجته.
• املحكمة اإلدارية املذكورة عللت حكمها بأن الخطأ وإن كان شخصيا إال أنه ارتكب بوسيلة وضعت
رهن إشارة رجل األمن (سالح ناري) .وقد حظي حكم املحكمة بتأييد من محكمة االستئناف اإلدارية
ملراكش بموجب قرارها الصادر بتاريخ 21شتنبر .2013
• لكنه تعرض للنقض من قبل الغرفة اإلدارية ملحكمة النقض بموجب قرارها الصادر بتاريخ 14يناير
.2014
67
املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
الخطأ املرفقي والخطأ الشخص ي
الخطأ املنفصل عن الوظيفة ألغراض شخصية الخطأ املرتكب أثناء ممارسة الوظيفة (غير
منفصل عن الوظيفة)
الخطأ املرتكب أثناء ممارسة الوظيفة :
خطأ جسيم ،نوايا سيئة ،نزوات وأهواء شخصية
68
املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
إمكانية الجمع بين األخطاء واملسئوليات
النتيجة
69
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ البسيط والخطأ الجسيم-
الخطأ الجسيم la faute lourde
70
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ البسيط والخطأ الجسيم-
71
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ البسيط والخطأ الجسيم-
72
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ البسيط والخطأ الجسيم-
الخطأ الجسيم la faute lourde
• بالنسبة للقاض ي اإلداري املغربي ،فلم يخرج عن هذا املسار حينما وضع في الحسبان خطورة عمل
أجهزة الشرطة ليشترط ارتكابها لخطأ جسيم لترتيب مسئوليتها اإلدارية .وهذا ما أكدته محكمة
الستئناف للرباط في قرارها الصادر بتاريخ 13أبريل 1960والذي جاء في حيثياته " :بالنظر إلى
خطورة عمل الشرطة في املحافظة على النظام العام ،فإن اإلدارة ال يمكن أن تسال إال عن
األخطاء الجسيمة".
• نفس املوقف عبرت عنه ذات املحكمة في قرارها الصادر بتاريخ 30أبريل 1965في قضية
LEONحينما اعتبرت بأن " :الشرطي الذي يقوم بإطالق النار دون إنذار يعتبر مرتكبا لخطأ
جسيم من شأنه ترتيب املسئولية اإلدارية".
• لكن القاض ي اإلداري املغربي ،وإن كان يشترط الخطأ الجسيم حينما يتعلق األمر بمرفق الشرطة،
فإنه ،في مناسبات أخرى ،قض ى بمسئولية هذا املرفق دون اشتراطه للخطأ الجسيم كما هو
الحال بالنسبة للقرار الصادر عن الغرفة اإلدارية بتاريخ 8يناير ،2015حينما اعتبر امتناع
أجهزة األمن عن التدخل أو تأخرها في ذلك بشكل غير مبرر أو تدخلها بشكل س يء مبررا لقيام
مسئوليتها عن األضرار الناجمة عن ذلك".
73
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ البسيط والخطأ الجسيم-
الخطأ الجسيم la faute lourde
• خارج هذه الحاالت التي تهم املحافظة على النظام والعمليات التي تنطوي على صعوبات في تنفيذها ،فإن القاض ي
اإلداري يكتفي بالخطأ البسيط إلثارة مسئولية اإلدارة .ولم يكتف القاض ي اإلداري الفرنس ي بذلك ،وإنما سيوسع من
مجال تطبيق الخطأ الجسيم ليشمل أيضا األعمال القانونية والتي تخلق صعوبات في تنفيذهاCE 20 .
octobre 1972, ville de Paris c /Marabout ; Lebon : P 664 ; AJDA 1972, P 582,
Chron. Cabanes et Léger.
✓ املر افق الصحية :نفس املنهج سيتبعه القاض ي اإلداري الفرنس ي بخصوص املر افق الصحية والتي ،بحكم
الصعوبات واملخاطر التي تعتري عمل هذا النوع من املرافق ،اشترط القاض ي اإلداري الفرنس ي ارتكابها لخطأ جسيم
إلثارة مسئوليتها اإلدارية ،لكن فقط بالنسبة للحاالت املتعلقة بالفحوصات الطبية والعمليات الجراحية CE, 6
mai 1988, l’administration générale de l’Assurance Publique à Paris
c/consorts Leones, Lebon.186, AJDA 1988, P 555, Concl. Moreau.
• أما فيما يتعلق بالحاالت الخاصة بتنظيم وتسيير املرفق أو الخاصة بالفحوصات االعتيادية ،فقد اعتبر القاض ي
اإلداري ثبوت خطأ بسيط كافيا إلثارة مسئولية املرفق .نفس األمر ينطبق على املصالح الضريبية التي ربط فيها
القاض ي اإلداري إثارة مسئولية هذه املصالح بارتكابها لخطأ جسيم فيما يخص الحاالت التي تنطوي على صعوبات
خاصة.
74
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ البسيط والخطأ الجسيم-
الخطأ الجسيم la faute lourde
• فيما يتعلق بموقف القاض ي اإلداري املغربي ،نجده يميز بين نوعين من األخطاء املرتبة بمسئولية مرفق الصحة
على أساس الخطأ الجسيم :هناك من جهة اإلخالل بالواجبات اإلنسانية والتي لها عالقة بالضمير اإلنساني
(عدم تقديم مساعدة ملريض في حالة خطر ،رفض تقديم العالج ،إفشاء سر منهي .)...ويمكن أن نذكر في هذا
الصدد القرار الصادر عن محكمة االستئناف للرباط الصادر بتاريخ 06يونيو 2018والذي أكدت فيه املحكمة
بأن تأخر الطبيب في تقديم العالج الالزم يعتبر خطأ جسيما ينم عن سوء أداء املرفق الصحي للخدمة املنوطة به.
• وهناك من جهة أخرى ،األخالل باألصول الفنية للمهنة :كالقيام بعملية العالج دون فحوصات طبية أولية .وهذا
ما وردت اإلشارة إليه من طرف املحكمة اإلدارية بالرباط في حكمها الصادربتاريخ 13نونبر 2014والتي اعتبرت
فيه عدم قيام الطبيب بإجراء فحوصات طبية أولية قبل عملية العالج يعد إهمال يمكن أن يثير مسئولية
املرفق الصحي على أساس الخطأ الجسيم.
• ننفس املوقف كانت قد تبنته الغرفة اإلدارية باملجلس األعلى في قرارها الصادر بتاريخ 13نونبر 2010حينما
أكدت بأن الخطأ في العالج يشكل بدوره شكال من أشكال األخطاء الجسيمة للجهاز الطبي الذي يمكن أن يرتب
مسئولية املرفق العام الصحي على أساس الخطأ الجسيم( .الخطأ في العالج تمثل في بتر جزء من املرارة قبل
القيام بعملية تشخيص راديولوجي كما أن العملية لم تكن ضرورية وحتى الحالة الصحية للمريضة لم تكت
تتطلب ذلك).
75
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ البسيط والخطأ الجسيم-
القضاء اإلداري والتحول من الخطأ الجسيم إلى الخطأ البسيط
• إن امللفت لالنتباه ،أن القاض ي اإلداري الفرنس ي سينحو منحى آخر في اتجاه تكريس مزيد من
الحماية لضحايا األخطاء اإلدارية ،حيث سيقلص من مجاالت الخطأ الجسيم واالكتفاء بالخطأ
البسيط كسبب لقيام مسئولية اإلدارة.
• بالنسبة للمصالح الضريبية مثال ،ارتكاب هذه األخيرة لخطأ بسيط على مستوى تنفيذ
العمليات املتعلقة بربط واستخالص الضريبة يعد ،حسب القاض ي اإلداري الفرنس ي ،كافيا
لترتيب مسئوليتها اإلدارية في حالة تسببه في أضرار للمتعاملين مع اإلدارةCE, 21 mars 2011, n°.
306 225, Krupa ; Lebon, P 109, Concl. Legras, RFDA 2011, P 340.
• نفس األمر ينطبق على املر افق الصحية والتي سيكتفي فيها مجلس الدولة الفرنس ي بالخطأ
الطبي إلثارة مسئوليتها اإلدارية .هذا التخلي عن الفكرة الخطأ الجسيم كسبب لترتيب املسئولية
اإلدارية في هذه املرافق العامة جعلت البعض يذهب إلى اعتبارها تقترب كثيرا من املسئولية
املدنيةCE, ASS. 10 avril 1992, M et Mme V, GAJA, n° 89, AJDA 1992, 355, Concl. Legal..
76
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-التمييزبين الخطأ البسيط والخطأ الجسيم-
77
التخلي عن الشرط الجسيم بالنسبة
للمر افق التالية :
78
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-الخطأ املفترض - la faute présumée
• بحكم االمتيازات االستثنائية التي تتمتع بها ،اعتمد القاض ي اإلداري ما يسميه الفقه اإلداري
بالخطأ املفترض ، la faute présuméeحيث جعل عبء إثبات الخطأ ملقى على عاتق
اإلدارة وليس املتضرر .من حيث املبدأ ،إثبات الخطأ يقع على عاتق الطرف املتضرر إلثارة
مسئولية اإلدارة.
• لكن ،املتضرر غالبا ما يصطدم بصعوبات وعراقيل إدارية تحول دون تمكنه من ذلك،
خصوصا إذا علمنا أن الوثائق املثبتة تكون في غالب األحيان في حوزة اإلدارة.
• كما أن هذه الصعوبات تتعلق بطبيعة املرافق العامة نفسها والتي تجعل من الصعب على
املتضرر إثبات الخطأ املرتكب من قبلها (األشغال العمومية ،املرافق الطبية .)...وهذا من
شانه أن يؤدي إلى ضياع حقه في الحصول على تعويضات عن الضرر الذي لحقه.
79
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-الخطأ املفترض - la faute présumée
• صحيح أن املهمة اليوم صارت متيسرة في ظل اإلصالحات التي عرفتها اإلدارة العمومية،
حيث صار من حق املواطن ،دستوريا ،الولوج إلى الوثائق واملعلومات اإلدارية (الفقرة األولى
من الفصل 27من دستور " : 2011للمواطنين واملواطنات الحق في الحصول على
املعلومات التي في حوزة اإلدارات العمومية واملؤسسات املنتخبة والهيئات املكلفة بمهام
املرفق العام").
• وقانونيا ،من خالل إلزام اإلدارات العمومية بتعليل قراراتها اإلدارية( .قانون رقم 03.01
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.202الصادر بتاريخ 23يوليوز 2002بشأن
إلزام اإلدارات العمومية والجماعات املحلية واملؤسسات العمومية بتعليل قراراتها اإلدارية.
ج.ر عدد ،5029بتاريخ .)12/08/2002
80
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-الخطأ املفترض - la faute présumée
• القاض ي اإلداري املغربي ،أخذا منه بعين االعتبار هذه الصعوبات التي قد تحول دون تمكن املتضرر من
إثبات خطأ اإلدارة ،ألزم هذه األخيرة بإثبات عدم ارتكابها للخطأ كشرط للتحلل من مسئوليتها اإلدارية.
وهذا ما أكده في العديد من أحكامه وقراراته .فعلى سبيل املثال ال الحصر ،ما ذهبت إليه الغرفة اإلدارية في
قرارها الصادر بتاريخ 7ماي 1960في قضية « "Degoieحيث اعتبرت بأنه " :ل يمكن لإلدارة أن
تتحلل من املسئولية إل إذا أثبتت أن الخطأ يرجع إلى الضحية ،أو لظروف الزمان واملكان أو الوسائل
التي تتوفر عليها ،أو أن الحالة املؤدية إلى الضرر لم تكن لتتولد عن عدم قيام اإلدارة بواجبها املتعلق
بالعناية العادية باملنشأة العامة."...
• نفس املوقف تبنته الغرفة اإلدارية في قرارها الصادر بتاريخ 12مارس 1998حينما أعفت الضحية من
إثبات الخطأ .فقد أكدت في قرارها بأن " :التصرف الذي أقدم عليه مركز تحاقن الدم ،ليس في حاجة إلى
إثبات ،لكون أوراق امللف ل تدع مجال للشك في ثبوت مسئولية أحد املر افق التابعة للدولة".
• ويمكن أن نشير كذلك إلى التعويض الذي حكمت به املحكمة البتدائية بالدار البيضاء (في حكمها
الصادر بتاريخ فاتح فبراير 1983في قضية السيد مداح العياش ي ضد الوكالة املستقلة لتوزيع املاء
والكهرباء) ،لفائدة أحد املواطنين جراء الضرر الكبير الذي لحقه جراء سقوط سلك كهربائي عليه بأحد
أحياء الدارالبيضاء (حي مبروكة) ،محملة بذلك املسئولية للوكالة املستقلة لتوزيع املاء والكهرباء.
81
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-الخطأ املفترض - la faute présumée
• ويبدو أن القاض ي اإلداري املغربي ،بأخذه بفكرة الخطأ املفترض ،سار على نفس خطى نظيره
الفرنس ي .هذا األخير طبق فكرة الخطأ املفترض في ثالثة مجاالت أساسية :
• مجال األشغال العمومية :بالنسبة للقاض ي اإلداري ،اإلدارة ال يمكن أن تتحلل من مسئوليتها إال
إذا أثبتت عدم إخاللها بواجب الصيانة العادية ملنشآتها العامة .وهذا ما أشار إليه مجلس الدولة
الفرنس ي في قراره الصادر بتاريخ 8مارس 1991في قضية SA Union sidérurgique du Nord
والتي ربط فيها إخالء مسئولية ميناء دانكيرك Dunkerqueبضرورة إثبات قيامه بواجب
الصيانة العادية .Entretien normal de l’ouvrage public
• مجال مسئولية املر افق الطبية :اعتمد القاض ي اإلداري فكرة الخطأ املفترض في قصايا عديدة :
التلقيحات اإلجبارية les vaccinations obligatoires (CE, 7 mars 1958, Déjoux, Rec.
) ،CE. P 153فحوصات عادية أحدثت أضرارا خطيرة (تلقيح وريدي نجم عنه شلل في أحد
األعضاء) ، CE, 23 février 1962, Meier, Rec. CE,. P 122العدوى امللتقطة داخل
املستشفيات ( : )CE, 18 nov 1960, Savelli, Rec. CE. P 640السيد Savelliدخل املستشفى
من أجل العالج من داء الحصبة لكنه أصيب بعدوى الجدري .la variole
82
أول :املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ
-الخطأ املفترض - la faute présumée
• مجال املر اقبة :اإلدارة ،حسب القاض ي اإلداري مسئولة عن األشخاص (مرض ى ،تالميذ)...
الذين هم تحت إشرافها ومراقبتها .إخاللها بهذا الواجب (واجب اإلشراف واملراقبة) يترتب
عنه إثارة مسئوليتها اإلدارية بناء على فكرة الخطأ املفترض .وهذا ما أكده مجلس الدولة
الفرنس ي في قراره الصادر بتاريخ 12أكتوبر 1983في قضية السيدة ( Rollandتتعلق
بالواقعة بسيدة مصابة بمرض عقلي قامت باالستحواذ على سكين ثم الذت بالفرار وقامت
بارتكاب جريمة قتل في حق أحد األشخاص).
• مالحظة جد هامة :أن القاض ي اإلداري ،سواء املغربي أو الفرنس ي ،في إثارته ملسئولية اإلدارة
انطالقا من الخطأ املفترض ،ال يذكر في حيثيات القرار أو الحكم عبارة " الخطأ املفترض"،
وإنما يستعمل تعبير من قبيل " :أن ظروف أو مالبسات النازلة تشير أو توحي révèlent
إلى وجود عيب أو خلل في الصيانة أو في املر اقبة."...
83
الخطأ املفترض املبدأ :إثبات الخطأ من
La faute Présumée طرف الضحية
85
أوال :خصائص المسئولية اإلدارية بدون
خطأ
• تنفرد املسئولية اإلدارية بدون خطأ بالعديد من الخصوصيات التي تجعلها متميزة عن املسئولية
اإلدارية القائمة على الخطأ .ويمكن إجمال هذه الخصوصيات في النقط التالية :
−املسئولية اإلدارية بدون خطأ مسئولية موضوعية.
• بخالف املسئولية القائمة على الخطأ ،املسئولية بدون خطأ هي مسئولية ينسب فيها الضرر إلى
شخص عمومي بغض النظر عن وجود خطأ .املسئولية في هذه الحالة مسئولية موضوعية ،ألنه
في إطار هذه املسئولية ،ال يلتفت إلى وجود الخطأ ،وإنما بتجاهله .عند إثارة هذا النوع من
املسئولية ،يكتفي الطرف املتضرر بإثبات الضرر والعالقة السببية بين فعل اإلدارة والضرر .لكن
هذا ال يعني أن الخطأ لم يرتكب ،وإنما ألن الخطأ ببساطة ليس مطلوبا.
• فحينما يصاب شخص ما بطلق ناري لم يكن يستهدفه أثناء عملية مطاردة من طرف رجال
الشرطة ،فبالرغم من وجود خطأ ،إال أن املتضرر ليس في حاجة إلثباته ،لذلك فمسئولية مرفق
الشرطة ثابتة ملجرد استعمال سالح ناري.
86
أوال :خصائص المسئولية اإلدارية بدون
خطأ
87
أوال :خصائص المسئولية اإلدارية بدون
خطأ
−املسئولية اإلدارية بدون خطأ ذات طابع ثانوي Subsidiaire
• حسب العديد من فقهاء القانون اإلداري ،فإن اعتبار املسئولية اإلدارية بدون خطأ ذات طابع ثانوي راجع إلى
كون املسئولية اإلدارية القائمة على الخطأ تعتبر الشريعة العامة Droit communفي مجال املسئولية
اإلدارية .حسب R. Chapusو P. Duezمسئولية السلطة العامة هي من حيث املبدأ مسئولية
مستندة إلى الخطأ .تفس األمر سيتبناه P. DONDOUXحينما اعتبر بأن " :الشريعة العامة
للمسئولية هو الخطأ وليس املخاطر" .هذا املوقف سيؤكده F. Moderneبقوله بأنه ":ينبغي
النطالق من هذا العتبار األساس ي بأن الشريعة العامة للمسئولية اإلدارية مستوحاة دائما من فكرة
الخطأ".
• بالنسبة للقضاء املغربي ،فقد سار على نفس خطى القضاء اإلداري الفرنس ي ،حيث اعتبر املجلس األعلى في
قراره الصادر بتاريخ 3يوليوز 1968في قضية أرملة عبود بأن الخطأ هو األساس العادي للمسئولية
العمومية.
• من جهة أخرى ،صفة التبعية التي تتميز بها املسئولية بدون خطأ تتجلى أيضا على املستوى الكمي ،حيث
بالرجوع إلى مجموعة Lebonنجد أن املسئولية اإلدارية على أساس الخطأ تشغل أكثر من
88
أوال :خصائص المسئولية اإلدارية بدون
خطأ
3/4من حاالت املسئولية اإلدارية ،كما أن املسئولية اإلدارية بدون خطأ لم تظهر إال بعد 60
سنة من نشر اللوائح العشرينية 1935ـ ،1954أي بعد 60سنة على صدور اجتهاد
"."Cames
• إضافة إلى هذا ،فإن الطابع الثانوي للمسؤولية بدون خطأ ال تثار إال في حاالت محددة إما
قضائيا أو تشريعيا لدرجة أنه ال يوجد نطاق للمسئولية بدون خطأ .كما أن الظروف أو
األسباب املعفية من املسئولية بدون خطأ قليلة جدا باملقارنة مع تلك املتعلقة باملسئولية
القائمة على الخطأ ،حيث تنحصر تلك األسباب في :القوة القاهرة و خطأ الضحية.
• إن صفة التبعية التي تتصف بها املسئولية بدون خطأ جعل البعض ينظر إليها كنظام بديل
في حال عدم إمكانية إعمال املسئولية اإلدارية املستندة على الخطأ ،أو مللء الفراغات التي
تنطوي عليها املسؤولية القائمة على الخطأ.
89
املسئولية اإلدارية بدون خطأ
90
أوال :حاالت إثارة المسئولية اإلدارية بدو ن
خطأ
91
-أ-حاالت املسئولية اإلدارية على أساس املخاطر
-األضرارالناجمة عن إصابات العمل
• فيما يتعلق بموقف القضاء املغربي ،فقد تميز موقفه ،في بداية األمر ،برفض تعويض موظفي اإلدارة
وأعوانها الدائمين متحججا في ذلك بعدم إمكانية أحكام الفصل 79من قانون االلتزامات والعقود على هذه
الفئة .لكنه سيغير من موقفه من خالل حكم محكمة الدارالبيضاء في قضية Vuilleminبتاريخ 26يناير
.1921أهمية هذا الحكم تجلت في كونه كان وراء سن املشرع املغربي لتشريعات تروم حماية موظفيها
ُ
وأعوانها الدائمين من مخاطر الوظائف التي يقومون بها .بدءا بقانون فاتح غشت 1958الذي أ ِقر بموجبه
نظام للتأمين واملعاشات لفائدة املوظفين املدنيين والعسكريين ،قبل أن يحل محله القانون رقم 013.71
الصادر بتاريخ 30دجنبر 1971املتعلق بنظام الرواتب العسكرية ،والقانون رقم 011.71الصادر بتاريخ 30
دجنبر 1971الذي أحدث بموجبه نظام لرواتب التقاعد املدنية.
92
-أ -حاالت املسئولية اإلدارية على أساس املخاطر
-األضرارالناجمة عن إصابات العمل
• إن القضاء اإلداري املغربي يربط إثارة مسئولية اإلدارة عن األضرار التي تصيب موظفيها وأعوانها
الدائمين بضرورة أن تكون املخاطر التي يتعرضون لها غير معتادة .وهذا ما أكدته محكمة
االستئناف اإلدارية في قرارها الصادر بتاريخ 08أكتوبر 2020في قضية ورثة محمد القادري ضد
رئيس الحكومة والذي أشارت فيه بأن " :إقرار مسئولية اإلدارة على أساس مخاطر املهنة يقتض ي
إحاطة هذه األخيرة بمخاطر غير معتادة تجعل مزاولها معرضا للخطر بمقتض ى طبيعة عمله ،وهو
ما ينتفي في نازلة الحال".
❖فئة املتعاونين مع اإلدارة (األعوان غيرالدائمين).
• وإذا كان هذا قرار « "Camesفقد أهميته بالنسبة لفئة املوظفين واألعوان الدائمين لإلدارة بعد
سن املشرع الفرنس ي لقانون التعويض عن حوادث الشغل التي تصيب موظفي ومستخدمي الدولة
(قانون ،)1898فإن مجال تطبيقه امتد ليشمل أيضا فئة املتعاونين مع اإلدارة والتي تستعين بهم
في تنفيذ بعض مهام لها عالقة باملرفق العام.
93
-أ -حاالت املسئولية اإلدارية على أساس املخاطر
-األضرارالناجمة عن إصابات العمل
• لكن استفادة فئة املتعاونين مع اإلدارة غير الدائمين ،حسب مجلس الدولة الفرنس ي ،تتوقف
على ضرورة توفر مجموعة من الشروط :
▪ أن تكون مشاركة هذه الفئة في تنفيذ مهام مرفق عام بطلب من اإلدارة ؛
▪ أن يكون النشاط املعني بهذه املشاركة مرفقا عاما؛
▪ أن تكون مشاركتهم في مهام املرفق العام فعلية؛
• مالحظة جد هامة :بالنسبة لفئة املتعاونين مع اإلدارة التلقائيين (بدون طلب من اإلدارة)،
فقد أقر القاض ي اإلداري الفرنس ي مسئولية اإلدارة عن األضرار التي تصيبهم بمناسبة قيامهم
بمهامهم شريطة توفر حالة االستعجال ،ال سيما في ظل عدم توفر اإلدارة على الوسائل
الالزمة للتدخل العاجل
94
-أ -حاالت املسئولية اإلدارية على أساس املخاطر
-األضرارالناجمة عن إصابات العمل
• وقد سار القاض ي اإلداري املغربي في نفس اتجاه نظيره الفرنس ي حينما أقر مسئولية
اإلدارة عن األضرار التي تصيب املتعاونين املسخرين من قبلها أثناء قيامهم باملهام املسندة
إليهم .ولعل خير مثال على ذلك ما قضت به الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى في قرارها
الصادر بتاريخ 29نونبر 2006في قضية اشعيبات عزوز ،حيث اعترفت بمسئولية
الدولة املغربية (مندوبية التجهيز) على أساس على املخاطر ،عن األضرار التي لحقت
بالسيد اشعيبات أثناء قيامه باملهمة املسخر من أجلها (اعتقاله ملدة تفوق ثالثين سنة
من قبل البوليساريو)
95
-أ -حاالت املسئولية اإلدارية على أساس
املخاطر
األضرار الناجمة عن استعمال املواد واألشياء الخطيرة
• في إطار املسئولية املستندة على املخاطر ،يقوم القاض ي اإلداري بترتيب مسئولية اإلدارة عن
استعمال املواد أو األشياء الخطيرة ،كلما تسببت هذه املواد واألشياء الخطيرة في أضرار للناس،
وبالتالي استحقاقهم للتعويضات املترتبة عن ذلك .وهذا ما أكده مجلس الدولة الفرنس ي في قراره
الشهير Regnault-Desroziersبتاريخ 28مارس ،1919والذي قض ى فيه بتعويض إحدى
الضحايا عن األضرار البشرية واملادية التي لحقتهم جراء انفجار مخزن للذخيرة.
• وقد اقتفى القاض ي اإلداري املغربي نفس خطى نظيره الفرنس ي ،حينما أقر مسئولية اإلدارة عن
األضرار التي تصيب الغير جراء تعرضهم لطلق ناري من سالح خطير تم استعماله من طرف رجل
الشرطة .فقد جاء في قرار صادر عن محكمة الستئناف بالرباط بتاريخ 20نونبر 1959بأنه " :
حيث من القواعد الثابتة في مجال العمليات املتعلقة بالحفاظ على النظام العام من طرف مصالح
األمن يتم إبعاد املبدأ القائل بأن ال تسأل إال عن خطئها الجسيم ليحل محله افتراض املسئولية
الذي يجد مصدره في فكرة املخاطر ،كما استعملت قوات الشرطة أسلحة وخطيرة وكانت
الضحية غيرمستهدفة بعملية الشرطة".
96
-أ -حاالت املسئولية اإلدارية على أساس املخاطر
األضرار الناجمة عن استعمال املناهج أو األساليب
املتحررة les méthodes libérales
• إن ترتيب مسئولية اإلدارة عن األضرار الناجمة عن نشاطاتها الخطيرة ال تنحصر فقط في استعمال اآلالت
واألشياء الخطيرة ،وإنما تشمل أيضا املناهج املتحررة التي صارت تعتمدها اإلدارة في تعاملها مع بعض الفئات
املجتمعية .وباالطالع على اجتهادات القضاء اإلداري في هذا الصدد ،نجد بأن هذه املناهج التحررية تشمل
املجاالت التالية :
• مؤسسات إعادة تربية األحداث الجانحين :إن حرية الحركة التي بات يتمتع بها األحداث الجانحين والتي
تستهدف من ورائها هذه املؤسسات إلى إعادة إدماجهم من جديد في املجتمع ال تخلو من مخاطر على الغير.
فالقاض ي اإلداري ال يتردد في ترتيب مسئولية تلك املؤسسات على أساس املخاطر في حالة تسبب األحداث
الجانحين املودعين لديها في أضرار للغير .وهذا ما أكده مجلس الدولة الفرنس ي في قراره الشهير الصادر
بتاريخ 3فبراير 1956في قضية .Thouzellier
• وتتلخص وقائع هذه القضية في هروب اثنين من األحداث من مؤسسة للتهذيب واإلصالح وقيامهما أعمال
السطو على أحد املنازل املجاورة لها .وقد قض ى مجلس الدولة الفرنس ي بتحميل املؤسسة املذكورة مسئولية
التعويض عن األضرار الناجمة عن مخاطر الجوار غير العادية.
97
حاالت املسئولية اإلدارية على أساس املخاطر
األضرار الناجمة عن استعمال املناهج أو األساليب
املتحررة les méthodes libérales
• مؤسسات األمراض العقلية :لقد صارت هذه املؤسسات تتبع أساليب عالجية تقوم على أساس السماح
لبعض املرض ى العقليين بحرية الحركة والتنقل خارجها على سبيل التجربة .لكن هذا النوع من األساليب في
التعامل مع هذه الفئة من املجتمع ،إن كان الهدف من ورائه إعادة إدماجهم تدريجيا في املجتمع ،ال يخلو من
قد يتسببون فيها للغير جراء أفعالهم وتصرفاتهم املتهورة .وفي هذه الحالة ،ال يتردد القاض ي اإلداري في تحميل
هذه املؤسسات مسئولية التعويض عن تلك األضرار .كما فعلت ذلك املحكمة اإلدارية لباريس التي قضت في
حكمها الصادر بتاريخ 18مارس 1964في قضية " "PAUبمسئولية مستشفى عن جريمة سرقة ارتكبها أحد
املرض ى أثناء فترة خروجه من املستشفى على سبيل التجربة.
• املؤسسات السجنية :يتعلق األمر هنا بسجناء في وضعية إعادة اإلدماج والذين يتمتعون بنوع من الحرية
املراقبة .Liberté contrôléeوهذا النوع من األسلوب الجديد املتبع في التعامل مع السجناء يظل هو
اآلخر محفوفا بمخاطر قد تهدد سالمة وممتلكات الغير.
• ولهذا ،لم بتوان القاض ي اإلداري في ترتيب مسئولية اإلدارة كلما نجم عن ذلك أضرار تصيب الغير .ولعل
القرار الصادر عن مجلس الدولة الفرنس ي بتاريخ 2دجنبر 1981في قضية gardes des sceaux / c
theysخير مثال على ذلك.
98
حاالت املسئولية اإلدارية على أساس املخاطر
األضرار الناجمة عن مخاطرالجوارغيرالعادية
❑تشمل هذه الحالة بعض املنشآت العامة التي تكتس ي خطورة غير عادية على الساكنة التي
تتواجد بجوارها .كمستودعات الذخيرة ،مستودعات للمتفجرات ،مصانع ملواد كيماوية
سامة ،مفاعالت نووية ...مثل هذه املنشآت تنطوي على مخاطر بالنسبة للساكنة املتواجدة
بالقرب منها ،وبالتالي فإن القاض ي اإلداري يعتبر األضرار التي تتسبب فيها مبررا كافيا إلثارة
مسئولية قائمة على املخاطر في حق اإلدارة املسئولة عن إدارتها ،حتى ولو لم يثبت عيب في
التصميم أو في الصيانةCE, Ass. 6 juillet 1973, Ministre de l’équipement et logement c/ .
Dalleau, Lebon. 1973, P 588.
❑نفس الوقف اتخذه القاض ي اإلداري املغربي من خالل حكم املحكمة اإلدارية الصادر بتاريخ
29دجنبر ،1943والتي قضت بتعويض مالك األراض ي املجاورة للملك الغابوي بسبب األضرار
غير العادية التي لحقت بأراضيهم جراء اجتياح الخنازير لها وتخريبها .وقد بنت املحكمة
املذكورة ترتيب مسئولية الدولة على أساس خرق مبدأ املساواة أمام التكاليف العامة.
99
-أ -حاالت املسئولية اإلدارية على أساس املخاطر
األضرارالناجمة عن مخاطراألشغال العمومية
❑يتعلق األمر بأضرار ناجمة عن أشغال جارية على عقارات أو بعمليات تشغيل أو إقامة أو تواجد منشآت عامة
خطيرة .مثل هذه األشغال ،التي تنطوي على مخاطر على الساكنة ،ترتب مسؤولية اإلدارة عن األضرار التي
تتسبب فيها .وهذا ما أكد ه القضاء اإلداري الفرنس ي في العديد من املناسبات.
❑ ويمكن أن نذكر على سبيل املثال ال الحصر قرار مجلس الدولة الفرنس ي الصادر بتاريخ 8نونبر
1986بخصوص أشغال تمديد بعض املسارات والتي ترتب عنها الحرمان من الولوج إلى املناطق
املجاورة .وقراره كذلك الصادر بتاريخ 19فبراير 1961املتعلق باألشغال الطرقية والتي أدت إلى حرمان بعض
أصحاب املحالت التجارية من زبائنهم.
❑ أما فيما يتعلق باملنشآت الخطيرة ،فلم يتردد القاض ي اإلداري الفرنس ي في العديد من قراراته في ترتيب
مسئولية اإلدارة عن األضرار التي تلحقها بالغير ،منها قراره الصادر بتاريخ 17ماي 1974املتعلق باألضرار
الصحية التي تتسبب بها محطات التطهير ومطارح النفايات ،أو النزعاجات التي تتسبب فيها محطات
القطار أو املطارات قرار مجلس الدولة الفرنس ي الصادربتاريخ 11يوليوز .1960
100
-أ -حاالت املسئولية اإلدارية على أساس
املخاطر
األضرار الناجمة عن مخاطراألشغال العمومية
• ولم يتردد القاض ي اإلداري املغربي في االعتراف بمسئولية اإلدارة عن األضرار الناجمة عن
تنفيذ األشغال العمومية أو بسبب وجود منشآت عامة بشرك أن يكون املتضرر يحمل
صفة الغير ،يمعنى أن يكون أجنبيا عن هذه األشغال واملنشآت.
• ويمكن أن نورد كمثال على هذه الحالة ما قضت به الغرفة اإلدارية في قرارها الصادر
بتاريخ 10أكتوبر 2010في قضية ورثة التهامي ضد املكتب الشريف للفوسفاط حينما
أقرت باستحقاق التعويض عن األضرار الناجمة عن النفايات الكيماوية واألدخنة املنبعثة
من املعامل التابعة للمكتب والتي أصابت املزروعات املجاورة لها.
101
حالت املسئولية اإلدارية بدون خطأ القائمة
على املخاطر
مرفق عام
إصابات العمل مشاركة فعلية
(املتعاونون مع اإلدارة)
مسخر من اإلدارة
األشغال العمومية
(األضرار التي تصيب
الغير) مالحظة هامة :
األضرار الناجمة عن منشأة عمومية خطيرة وأصابت املرتفق : l’usagerمسئولية على أساس املخاطر وليس على أساس
الخطأ املفترض
األضرار الناجمة عن عيوب في املنتجات واملعدات الطبية والتي تصيب املرتفق : l’usagerمسئولية على أساس املخاطر
102
أوال :حاالت إثارة المسئولية اإلدارية بدو ن
خطأ
❑ في فرنسا ،وقبل صدور القرار الشهير » « la fleuretteلم تكن الدولة مسئولة عن أعمالها التشريعية.
والسبب في ذلك يعود من جهة إلى كون التشريع يعتبر عمال من أعمال السيادة ،ومن جهة ثانية ،ألنه
يعتبر القاعدة األسمى (بطبيعة الحال بعد الدستور) التي تتجسد من خاللها املصلحة العامة .ثم من
جهة ثالثة ،ألن العمل التشريع عبارة عن قواعد قانونية عامة ومجردة ،ولصفة التجريد والعمومية التي
يتصف بها ،تجعله يسري على كافة املواطنين دون تمييز بينهم ،احتراما ملبدأ املساواة الجميع أمام
التكاليف العامة.
❑ لكن قد يؤدي تطبيق قانون ما ،في بعض الحاالت ،إلى خرق املبدأ املذكور أعاله بالرغم من صفة
العمومية والتجريد التي يتصف بهما ،وبالتالي ،إلى إلحاق أضرار بشخص أو فئة من األشخاص .اإلشكال
الذي طرح هنا تمثل في مدى إمكانية رفع املتضررين دعوى املسئولية في مواجهة الدولة جراء األضرار
الناجمة عن تطبيق نص تشريعي .في فرنسا ،موقف القاض ي اإلداري كان حاسما في هذا الصدد حينما
رتب مسئولية الدولة عن أعمالها التشريعية متى توفرت الشروط الالزمة ،وبالتالي إلزامها بدفع
تعويضات عن ذلك .ولعل قرار » « la fleuretteالصادربتاريخ 14دجنبر 1938خير مثال على ذلك.
104
-ب -حاالت إثارة المسئولية اإلدارية بدون خطأ استنادا إلى
مبدأ المساواة أمام التكاليف العامة.
❑إثارة مسئولية الدولة على أساس تنفيذ نص تشريعي ،وكما أشار إلى ذلك القاض ي اإلداري من
خالل قرار " "la fleuretteمشروط بعدم استبعاده للتعويض استبعادا ضمنيا أو صريحا .في
حالة الشك ،يلجأ القاض ي اإلداري إلى األعمال التحضرية لبلورة النص التشريعي .الشرط الثاني
أن يكون الضرر خاصا وغير عاد وخطير,
األضرار الناجمة عن تنفيذ نص تنظيمي
❑القرارات التنظيمية مثلها مثل القوانين الصادرة عن البرملان ،تتضمن قواعد قانونية عامة
ومجردة ،بمعنى أنها تسري على جميع املخاطبين بها دون استثناء.
❑هذه القرارات حتى ولو كانت مشروعة ،في حالة ما ترتب عن تطبيقها ضرر خاص وغير عاد ألحد
األشخاص أو مجموعة محددة من األشخاص ،فإن القاض ي اإلداري ال يتردد في إقامة املسئولية
اإلدارية بدون خطأ في حق الجهة التي أصدرتها ،على أساس أنها تمس بمبدأ املساواة أمام
التكاليف العامة.
105
−حاالت إثارة المسئولية اإلدارية بدون خطأ استنادا إلى
مبدأ المساواة أمام التكاليف العامة.
106
−حاالت إثارة المسئولية اإلدارية بدون خطأ استنادا إلى
مبدأ المساواة أمام التكاليف العامة.
األضرار الناجمة عن عدم تنفيذ حكم
قضائي
❑كما هو معلوم فإن األحكام والقرارات القضائية تعتبر حائزة لقوة الش يء املقض ي به ،مما يحتم على
اإلدارة ضرورة اتخاذ كافة اإلجراءات الضرورية من أجل تنفيذها .ومن ضمن هذه اإلجراءات توفير
القوة العمومية لتنفيذ تلك األحكام والقرارات القضائية .رفض اإلدارة أو امتناعها عن ذلك ،يرتب
مسئوليتها اإلدارية من دون النظر إلى ارتكاب لخطأ من عدمه.
❑وهذا ما أشار إليه مجلس الدولة الفرنس ي في أحد قراراته الصادرة بتاريخ 30نونبر 1923في قضية
،Cuitéasحيث رتب مسئولية اإلدارة عن األضرار الناجمة عن امتناعها استعمال القوة العمومية
من أجل تنفيذ حكم قضائي.
❑وعلى نفس النهج سار القاض ي اإلداري املغربي ،من خالل حكم للمحكمة اإلدارية بالدار البيضاء
الصادر بتاريخ 16أبريل 1951والتي رتبت فيه مسئولية رئيس الجهة عن الضرر الخاص الذي لحق
بمالك عقار يتوفر على حكم قضائي نهائي تسبب في رفض املحتل للعقار إخالقه بدون حق وال سند
قانوني.
107
−حاالت إثارة المسئولية اإلدارية بدون خطأ استنادا إلى
مبدأ المساواة أمام التكاليف العامة.
❑لم تعد مسئولية الدولة تثار فقط بخصوص أنشطتها التشريعية أو اإلدارية ،وإنما صارت أيضا مسئولة عن
األضرار الناجمة عن نشاطها الدولي عبر االتفاقيات الدولية التي تبرمها.
❑في بداية األمر ،كان القاض ي اإلداري الفرنس ي يرفض فكرة إثارة مسئولية الدولة عن األضرار الناجمة عن
االتفاقيات واملعاهدات الدولية تحت مبرر اندراجها ضمن أعمال السيادة .لكن موقفه تطور باتجاه قبوله
بترتيب هذه املسئولية في املجال التعاقدي قبل أن يستقر موقفه على القبول بمبدأ مسئولية الدولة عن
األضرار الناجمة عن املعاهدات واالتفاقيات الدولية بناء على مبدأ املساواة أمام التكاليف العامة ،وذلك من
خالل قراره الصادر بتاريخ 30مارس 1966في قضية Compagnie générale d’énergie
radio électrique
❑القاض ي اإلداري الفرنس ي ،في ترتيبه للمسئولية اإلدارية للدولة عن األضرار الناجمة عن املعاهدات الدولية
التي تبرمها ،قد تبنى نفس املوقف الذي تبناه في قضية ،La fleuretteحينما ربط إثارة هذه املسئولية
بشرطين اثنين :الشرط األول يتثمل في عدم استبعاد التعويض ال من طرف االتفاقية الدولية وال من القانون
الذي صدق عليها .الشرط الثاني هو ال بد أن يترتب عنها ضرر خاص وغير عاد.
108
−حاالت إثارة المسئولية اإلدارية بدون خطأ استنادا إلى
مبدأ المساواة أمام التكاليف العامة.
❑دائما في إطار مسئولية الدولة عن نشاطها الدولي ،القاض ي اإلداري سيقبل أيضا بإثارة
هذه املسئولية عن األفعال الضارة الناجمة عن العرف الدولي .وهذا ما سيؤكده مجلس
الدولة الفرنس ي في قراره الصادر بتاريخ 14أكتوبر 2011في قضية Mme Saleh et
.autresوقد قيد إثارة مسئولية الدولة بتوفر نفس الشروط التي اشترطها بخصوص
األعمال التشريعية أو االتفاقيات الدولية :ضرر غير عاد وخاص وخطير ،باإلضافة إلى
الشرط املتعلق بعدم استبعاد القاعدة العرفية بموجب نص تشريعي.
109
حالت إثارة املسئولية اإلدارية بدون خطأ على أساس مبدأ
املساواة أمام التكاليف العامة
▪ ضرر خاص وغير عاد وخطير ضرر خاص وخطير وغير عاد
▪ التصديق على املعاهدة بقانون قرار إداري مشروع
▪ إدماج سليم للمعاهدة ضمن املنظومة
القانونية الداخلية األضرار الناجمة عن تنفيذ عرف دولي
❑كما هو الشأن بالنسبة للحاالت املشار إليها سابقا في إطار املسئولية اإلدارية بدون خطأ،
قد يلجأ القاض ي اإلداري إلى إثارة مسئولية اإلدارة ليس على أساس املخاطر أو على أساس
مبدأ املساواة أمام التكاليف العامة ،وإنما باالستعانة بما يسمى بمبدأ التضامن الوطني.
❑ترتيب القاض ي اإلداري للمسئولية اإلدارية على هذا املبدأ (مبدأ التضامن الوطني) إنما
يجسد بوضوح حرصه الشديد على حماية حقوق األفراد في حالة إصابتهم بأضرار ناجمة
ليس عن نشاطات اإلدارة ومختلف املرافق لعامة ،وإنما في حالة وقوع هذه األضرار نتيجة
حوادث ال صلة لإلدارة بها (كوارث طبيعية ،أعمال شغب ،حوادث لها عالقة باإلرهاب.)...
❑فالقاض ي اإلداري ،حينما يقبل بتعويض األفراد ضحايا هذه الحوادث ،إنما ينطلق من
فكرة أساسية مفادها التزام الدولة بتأمين مواطنيها واألفراد الذين يعيشون على أراضيها
من مختلف املخاطر االجتماعية التي قد يتعرضون إليها.
111
−األسس الحديثة للمسئولية اإلدارية
- −مبدأ التضامن الوطني
❑ولئن كان هناك اتفاق فقهي حول هذا املبدأ (مبدأ التزام الدولة بحماية موطنيها من املخاطر االجتماعية) ،إال
أنهم اختلفوا بخصوص أساس هذا االلتزام :أهو التزام اجتماعي أم التزام قانوني؟
❑الرأي الفقهي القائل باألساس الجتماعي للمسئولية اإلدارية :منطلق هذا االتجاه الفقهي هو أن الدولة
ملزمة بحماية مواطنيها من املخاطر االجتماعية التي تهدد سالمتهم الجسدية أو ممتلكاتهم .فالدولة حينما
تصدر تشريعات قانونية لحماية فئات معينة من املجتمع (فئات املسنين ،ذوي العاهات) من التزامها
االجتماعي ،ملزمة أيضا ،على نفس األساس ،بتأمين نفس الحماية ونفس الرعاية لباقي الفئات األخرى ضحايا
املخاطر االجتماعية .وبطبيعة الحال .إن الدولة حينما تتدخل ،عبر تشريعات قانونية لحماية مواطنيها من
هذه املخاطر االجتماعية إنما تفعل ذلك من باب التضامن الوطني الذي يمليه الضمير والواجب اإلنساني.
❑إن قول الفقه باألساس االجتماعي للمسئولية اإلدارية للدولة يترتب عنه مجموعة من النتائج الهامة أبرزها :
❑إن الدولة حينما تتدخل إلصالح الضرر الناجم عن املخاطر االجتماعية إنما تفعل ذلك من باب املساعدة
االجتماعية وليس حقا ........معنى هذا أن هذه املساعدة االجتماعية لن تصرف إال ملن هم في ظروف معيشية
غير جيدة؛
112
−األسس الحديثة للمسئولية اإلدارية
- −مبدأ التضامن الوطني
❑صرف مبلغ املساعدة االجتماعية من قبل الدولة فقط ملن هم في حاجة إليها ،مما يعني أن حجم
ملساعدات االجتماعية يكون في حدود ما تسمح به املوارد املتاحة للدولة.
❑كون املبلغ املقدم لضحايا املخاطر االجتماعية يأخذ شكل مساعدة اجتماعية وليس حقا ،فإن
االختصاص في تحديده يخرج عن دائرة القضاء لتختص به لجان إدارية محدثة لهذا الغرض.
❑الرأي القائل باألساس القانوني للمسئولية اإلدارية القائمة على مبدأ التضامن الوطني :
حسب هذا االتجاه الفقهي ،التزام لدولة بتعويض ضحايا املخاطر االجتماعية انطالقا من مبدأ
التضامن الوطني هو التزام قانوني وليس من باب االلتزام االجتماعي للدولة.
❑هذا االلتزام القانوني يجد مصدره في ذلك العقد الضمني بين الدولة ومواطنيها والذي يلتزم أحد
طرفيه (املواطنون) بأداء ما بذمته من ضرائب من أجل اإلسهام في تمويل النفقات العامة (لها
عالقة باملصلحة العامة) في مقابل التزام الدولة بتأمين حماية لحقوقهم وحرياتهم (من ضمن هذه
الحقوق الحق في الحماية من املخاطر االجتماعية).
113
−األسس الحديثة للمسئولية اإلدارية
- −مبدأ التضامن الوطني
114
−األسس الحديثة للمسئولية اإلدارية
- −مبدأ التضامن الوطني
115
−األسس الحديثة للمسئولية اإلدارية
- −مبدأ التضامن الوطني
حالت إثارة املسئولية اإلدارية على أساس مبدأ التضامن الوطني
• مسئولية الدولة عن األضرارالناجمة عن األعمال اإلرهابية :
القرار الصادر عن الغرفة اإلدارية بتاريخ 14دجنبر 2005في قضية ورثة أنطونيا كويباس ضحية
الحادث اإلرهابي الدي تعرض له فندق آسني بمراكش .حيث أسس مسئولية الدولة املغربية ليس على
أساس الخطأ املرفقي الجسيم املتمثل في تقصير ها في القيام بواجب حفظ األمن العام كما فعلت ذلك
املحكمة اإلدارية بالرباط في حكمها االبتدائي الصادر بتاريخ ،وإنما على أساس مبدأ التضامن الوطني.
وقد جاء في القرار ما يلي " :حيث أن الدولة ل تسأل عن ضمان سالمة أي متضرر فوق أراضيها
بصورة مطلقة ما لم يثبت في حقها خطأ جسيم ،....وأن تسرب سالح ناري من خارج الحدود ل يكفي
إلضفاء صبغة الخطأ الجسيم على الفعل ،وذلك بالنظرإلى ظروف النازلة وإلى طول الحدود ووعورة
تضاريسها .غير أنه استجابة لقواعد العدالة واإلنصاف ،وملوجبات اإلنسانية املبنية على التضامن
الوطني الذي تتكفل دول املعمور بموجبه – وعلى سبيل اإلسعاف واملساعدة في حدود اإلمكان-
بصرف تعويضات لكل متضرر ،كلما وقع مس خطير بالنظام األمني العام عن طريق اعتداء إرهابي
ذي طابع وطني...وهو ما يبررتعويض ذوي الحقوق في هذه النازلة".
116
−األسس الحديثة للمسئولية اإلدارية
- −مبدأ التضامن الوطني
حالت إثارة املسئولية اإلدارية على أساس مبدأ التضامن الوطني
• مسئولية الدولة عن أعمال الشغب والعنف الجتماعي الناشئة التجمهور والتجمع
العموميين:
بالرغم من أن حق التجمهر والتجمع العموميين يعدان من الحريات العامة املعترف بهما دستوريا
للمواطنين ،إال أنه قد تنشأ عنهما أعمال شغب وعنف اجتماعي مما يؤدي إلى إلحاق أضرار جسدية أو
مادية باملواطنين .ولهذا ،لم يتردد القاض ي اإلداري املغربي في القبول بإثارة مسؤولية الدولة عن تعويض
الضحايا املتضررين منها ليس على أساس املخاطر وإنما على أساس مبدأ التضامن الوطني .واملثال على
ذلك ،القرار الذي صدر عن الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض بتاريخ 08يناير 2015في قضية
رضا.ج .ضد الدولة املغربية والذي قضت فيه بتعويض املتضرر عن األضرار التي تعرضت له عيادته
ومحل سكناه (إضرام النار في عيادته وإتالف أثاث املنزل الذي يسكنه) إثر هجوم عصابة إجرامية
كانت تحتل مخيم أكديم "إزيك" ،.مشيرا إلى أن مسئولية الدولة املغربية قائمة بدون خطأ على مبدأ
التضامن الوطني من دون االلتفات إلى وجود خطأ املرفق األمني من عدمه.
117
−األسس الحديثة للمسئولية اإلدارية
- −مبدأ التضامن الوطني
حالت إثارة املسئولية اإلدارية على أساس مبدأ التضامن الوطني
118
الورقة الرابعة
شروط وحاالت اإلعف اء من المسئولية اإلدارية
119
أوال :شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
إن إثبات مسئولية اإلدارة سواء كانت على أساس الخطأ أو بدون خطأ يترتب عنه تعويض الضحايا
عن األضرار التي لحقتهم جراء نشاطاتها (القانونية أو املادية).
فالتعويض عن الضرر الناجم عن النشاط الضار لإلدارة يقتض ي من القاض ي اإلداري تحديد
الجهة املنسوب إليها الضرر ،ثم بعد ذلك التحقق من مدى تلبية الضرر املراد التعويض عنه لكافة
الشروط الالزمة :أن يكون مباشرا ،شخصيا ،قابال للتقييم...
صحيح أننا في هذه الورقة ،لن يقتصر حديثنا على تناول الشروط الواجب توفرها للتعويض عن
الضرر ،وإنما ،في ثنايا ذلك ،سنبرز الحاالت التي تنتفي فيها مسئولية اإلدارة ،و من ثم إعفاؤها
جزئيا أو كليا من هذه املسئولية.
مع اإلشارة إال أننا ،في حديثنا عن الشروط ،لن نتطرق إلى شرط إثبات الخطأ والذي يعتبر خاصا
باملسئولية الخطئية ،وإنما سنكتفي فقط بالشرطين اآلخرين املشتركين بين كل من املسئولية
القائمة على الخطأ واملسئولية بدون خطأ :العالقة السببية بين الرر والفعل الضار (تحديد الجهة
املنسوب إليها الضرر ) من جهة ،ومن جهة ثانية شرط الضرر.
120
شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
121
شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
• القوة القاهرة : La force majeureهي عبارة عن حدث فجائي غير متوقع ومستقل عن
إرادة الطرفين (اإلدارة والضحية) و يستحيل دفعه من قبيل العواصف ذات قوة استثنائية CE,8
janvier 1959, Min. de l’éducation Nationale c/Spinelliأو اإلعصار ذي القوة النادرة CE ,
26 juin 1963
• على مستوى االجتهاد القضاء اإلداري املغربي ،أكدت الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى في قرارها رقم
( 27039غير املنشور) بتاريخ 1يونيوSté Assurance “Europe” c/Centre autonome 1973
Khenifraفي قضية بأن اإلدارة تعفى من مسئوليتها في حالة القوة القاهرة إذا ثبت أنها قامت
باتخاذ كافة الوسائل التي بحوزتها إلخماد الحريق" .القوة القاهرة تثار ضمن الحالت املعفية
لإلدارة من املسئولية اإلدارية سواء تعلق األمرباملسئولية الخطئية أو غير الخطئية.
122
أوال :شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
• الحادث الفجائي : le cas fortuitالحادث الفجائي ،مثله مثل القوة القاهرة ،هو حدث
غير متوقع وال يمكن دفعه لكنه يختلف عنها بكونه ناجما عن سبب غير معروف و له عالقة
بسير اإلدارة (داخل اإلدارة = انفجار آلة مثال) .كإشارة ،يعود استخدام هذا املصطلح إلى
موريس هوريو في معرض تعليقه أحد قرارات مجلس الدولة الفرنس ي بتاريخ 10ماي 1912
في قضية .Ambrosini
• وقد وظف مجلس الدولة الفرنس ي الحادث الفجائي في قراره الصادر بتاريخ 25يناير 1929
في قضية ( Compagnie du gaz de Bouvaisانقطاع سلك كهربائي مجهول املصدر أو
السبب)( .هناك من يصنفه ضمن األخطاء املرفقية مجهولة املصدر) .الحادث الفجائي ل
يثارإل في إطاراملسئولية القائمة على الخطأ.
123
شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
• خطأ الضحية : la faute de la victimeقد تعفى اإلدا ّرة من مسئوليتها اإلدارية كليا أو جزئيا إذا
ثبت إسهام الضحية في حدوث الضرر الذي أصابه .فإذا ثبت للقاض ي اإلداري أن هناك دورا
للضحية في حدوث الضرر الذي لحقه ،يقوم بتوزيع مسئولية التعويض عن الضرر بقدر نسبة
إسهام كل منهما في الضرر .ومن أمثلة خطأ الضحية على مستوى اجتهادات القضاء اإلداري
الفرنس ي استقرار مربي للنحل بجوار ورش لألشغال العمومية مصدر لألصوات املزعجة ( C.E, 10
،)déc 1967, Chambellon. Rec. C.E, p 521سياقة متهورة على الطريق العام ،خرق صارخ
لقاعدة قانونية ،إبرام عقد من أجل استيراد معدات عسكرية مع علمه بمخاطر الحصول على
ترخيص C.E, Ass., 29 juin 1962, Société manufacture des machines du Haut-Rhin, Rec.
.)...C.E,
• على مستوى الجتهاد القضائي املغربي ،فقد صدر عن محكمة االستئناف بالرباط قرار بتاريخ
30يونيو 1955حملت فيه املسئولية الجزئية للسيد Gilbertلعدم انتباهه مما جعله يسهم
بشكل أساس ي في حدوث الضرر.
124
أوال :شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
• نفس األمر أكدته املحكمة البتدائية ملراكش في حكمها الصادر بتاريخ 14يونيو 1973في
قضية بلحمرة تهامي والذي حملت من خالله هذا األخير املسئولية بسبب السرعة الفائقة التي
كان يقود بها والتي لم تكن تتناسب وظروف الزمان واملكان (وجود ضباب كثيف وأمطار).لإلشارة،
وحسب املجلس األعلى (قرار بتاريخ 17نونير 1978في قضية ورثة بن باجدي ضد حمادي
القندوس ي والدولة املغربية) ،فإن اإلدارة ال تعفى من املسئولية إال إذا كان خطأ الضحية هو
السبب الوحيد الذي أدى إلى حدوث .الضرر كما أن هذه املسئولية توزع بين اإلدارة والضحية.
كل بحسب نسبة إسهامه في الضرر .وهذا ما كانت أشارت إليه محكمة الستئناف بالرباط في
قرارها الصادر بتاريخ 22يونيو 1976في قضية محمد علي ضد املكتب الوطني لسكك الحديد
حينما حملت املسئولية لكل من الضحية ( )3/1واإلدارة ( )3/2بسبب خطئهما املتمثل في عدم
اتخاذ االحتياطات الالزمة.
• كما هو الحال بالنسبة للقوة القاهرة ،فإن خطأ الضحية من حالت اإلعفاء من املسئولية
اإلدارية سواء تعلق األمر باملسئولية القائمة على الخطأ أو بدون خطأ.
125
شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
حالت إعفاء اإلدارة من املسئولية اإلدارية
• فعل الغير :Le fait de tierاملسئولية في هذه الحالة ال تتحملها ال اإلدارة وال الضحية،
وإنما الضرر ينسب إلى جهة ال عالقة لها باإلدارة وإنما إلى الغير .وفعل الغير ل يقوم سببا
لإلعفاء من املسئولية إل بالنسبة للمسئولية القائمة على الخطأ .وهذا ما أشار إليه
املجلس األعلى في قراره بتاريخ 20شتنبر 1978في قضية أميرة بنت محمد ضد بلدية
مراكش.
126
شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
شروط خاصة بالضرر
• ال يمكن مطالبة اإلدارة بالتعويض إال عن األضرار التي تسببت فيها جراء ممارسة
نشاطاتها سواء املادية أو القانونية .التعويض يدور وجودا وعدما مع الضرر .لكن
هذا الضرر ينبغي أن تتوافر فيه شروط محددة يمكن إجمالها كالتالي :
✓الضرر مباشر le préjudice direct
✓الضرر شخص ي le préjudice personnel
✓الضرر محقق أو فعلي le préjudice certain et réel
✓الضررمادي والقابل للتقييم le préjudice physique et évaluable
✓الضررالخاص وغيرعاد (خاص باملسئولية غير الخطئية)
127
شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
• الشرط األول :ينبغي أن يكون الضرر مباشرا :الضرر ال يمكن أن يكون قابال للتعويض
إال إذا ثبت للقاض ي اإلداري أنه كان ناتجا مباشرة عن نشاط إداري .الضرر املباشر هو
الضرر الذي يمكن نسبه مباشرة إلى الشخص العام .وهذا ما أشارت إليه املحكمة اإلدارية
ألكادير في حكمها بتاريخ 12أكتوبر 1995في قضية اللمطي محمد ضد املكتب الوطني
للماء الصالح للشرب حينما حملت هذا األخير املسئولية عن انهيار عمارات بسبب تسرب
في املياه .كما اعتبر مجلس الدولة الفرنس ي األضرار املترتبة عن انجراف التربة كان بسبب
غياب شبكات لصرف مياه األمطار (.)C.E, 28 octobre 1977 commune de Flummet
128
شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
• الشرط الثاني :ينبغي أن يكون الضرر شخصيا :و من الشروط األساسية التي ينبغي
تلبيتها من أجل الحصول على التعويض .حسب القاض ي اإلداري الفرنس ي ال ينحصر
الضرر الشخص ي في املتضرر ذاته ،وإنما يشمل أيضا أقرباءه أو ما يسمى بالفرنسية les
.victimes par ricochet ou réfléchisوتخص هذه الحالة وفاة األب باعتباره املعيل
الوحيد لألسرة ،فقدان شخص عزيز .لإلشارة ،مجلس الدولة الفرنس ي لم يكن يقبل في
البداية التعويض عن مثل هذه األضرار تطبيقا للمقولة الشهيرة " les larmes ne se
."monnayent pointغير أنه سيعدل عن موقفه هذا في قضية Litisserandبموجب
قراره الصادر بتاريخ 24نونبر .1961
129
شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
130
شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
• يوليوز 1989في قضية وزير الداخلية ضد كونسور ،)consorts Hug( Hugحين اعتبرت بأن
رفض القوة العمومية التدخل من أجل املساعدة على إفراغ أحد املحتلين مللكية أحد
األشخاص فيه ضرر مستقبلي ويقيني يتمثل في استحالة استخالص واجبات الكراء
املساوية للقيمة اإليجارية للملكية (توفر صفة اليقين).
• الضرر املستقبلي يخص كذلك الحاالت املتعلقة بتفويت الفرصة مال النجاح في امتحان ما
أو مباراة ما أو الحرمان من امتياز إداري مثال رخصة استيراد ( C.E, 13 nov 1974,
،)Ministre de l’économie c/ Société Beccariaأو إعفاء ضريبي ( C.E.
.)sect., Société les ardoisiers d’Anger, Rec. C.E, p 116
131
أوال :شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
132
أوال :شروط وحاالت انتفاء املسئولية اإلدا رية
• من جهتها ،قضت املحكمة اإلدارية بمكناس في حكمها بتاريخ 12يناير 1996في قضية
الزعيم عبد القادر ضد املجموعة الحضرية مكناس بتعويض املدعي على إثر الضرر
املعنوي الذي أصابه جراء غرق ابنه في مسبح بلدي.
• ينبغي كذلك أن يكون الضرر خاصا وغير عاد (شرط خاص باملسئولية على أساس
مبدأ املساواة أمام التكاليف العامة).
133
صغ ا س ح
" را ى ن لإ اء ل ع كش
وا ا عة"
ب ت م ل
134