Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 336

‫جملة احلقوق املغربية‬

‫للدرا�سات القانونية والق�ضائية‬


‫�أمالك الدولة‬
‫سلسلة جديدة متخصصة للبحث في األنظمة القانونية واملمتلكـات‬
‫العقــارية واملنقولة للدولة ورصد التوجهات القضائيـة‬
‫املترتبة عن املنازعات أمام مختلف احملاكم‬
‫جملة احلقوق املغربية‬
‫مجلة نصف سنوية للدراسات القانونية والقضائية‬
‫اإليداع القانوني ‪0070/2006‬‬
‫ملف الصحافة ‪ 05/05‬ص‬
‫الترقيم الدولي ‪978-2028-4136‬‬

‫«�سل�سلة �أمالك الدولة»‬


‫اإليداع القانوني‬
‫ردمك ‪1978-9954-29-081-1‬‬

‫الإخراج والطبع‬
‫مطبعة املعارف اجلديدة ‪ -‬الرباط‬
‫‪ ،8‬زنقة الرخاء‪،‬حي الصناعي ‪ -‬يعقوب املنصور‪،‬‬
‫الرباط ‪ -‬ص‪.‬ب‪1213 .‬‬
‫الهاتف ‪:‬‬
‫البريد اإللكتروني ‪:‬‬

‫الن�شر والتوزيع‬
‫دار اآلفاق املغربية للنشر والتوزيع‬
‫الهاتف‪ /‬الفاكس‪0522833399 :‬‬
‫إقامة النصر‪ ،‬شارع محمد اخلامس‬
‫عمارة ‪ G/14‬شقة ‪ 1‬الدار البيضاء‬
‫�سل�سلة «�أمالك الدولة»‬

‫هيئة التحكيم‬ ‫�إدارة ال�سل�سلة‬


‫* الدكتور عبد العزيز حضري‬ ‫محمد أوزيان‬
‫مدير مجلة احلقوق املغربية‬
‫أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية بوجدة‬
‫هيئة العمل والتن�سيق‬
‫د‪ .‬أحمد أنوار ناجي‬
‫* الدكتور عبد العالي دقوقي‬
‫أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية‬
‫محافظ على األمالك العقارية سابقا‬
‫واالقتصادية واالجتماعية بفاس‬
‫أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية‬
‫د‪ .‬عبد احلق دهبي‬
‫واالقتصادية واالجتماعية مبكناس‬
‫قاض باحملكمة اإلدارية بالدار البيضاء‬

‫* الدكتور زهير بونعامية‬ ‫دة‪ .‬فاطمة الزهراء عالوي‬


‫أستاذة باحثة بالكلية املتعددة التخصصات‬
‫أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية‬
‫بالرشيدية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية بفاس‬
‫د‪ .‬عبد الرزاق اصبيحي‬
‫* الدكتور يونس الزهري‬ ‫الكاتب العام للمجلس األعلى ملراقبة مالية‬
‫نائب رئيس احملكمة االبتدائية مبراكش‬ ‫األوقاف العامة‬

‫أستاذ باملعهد العالي للقضاء‬ ‫د‪ .‬العربي محمد مياد‬


‫مديرية أمالك الدولة‬
‫* الدكتور عبد الرحمان أبليال‬ ‫ذ‪ .‬مصطفى يخلف‬
‫رئيس مصلحة النزاعات القضائية باملديرية‬ ‫محام بهيئة احملامني بأكادير‬
‫العامة للضرائب‬ ‫ذ‪ .‬ميمون اخلراط‬
‫مديرية الطرق‬
‫وزارة التجهيز والنقل‬
‫قواعد الن�شر باملجلة‬
‫•�أن يكون املو�ضوع املراد ن�رشه ين�صب يف حقل الدرا�سات القانونية �سواء املهتمة مبجال‬
‫القانون اخلا�ص‪ ،‬القانون العام‪ ،‬العالقات الدولية‪ ،‬القانون الد�ستوري والعلوم‬
‫ال�سيا�سية بالإ�ضافة �إىل املوا�ضيع ذات ال�صلة بالدرا�سات االقت�صادية ؛‬
‫•�أن يكون املو�ضوع املراد ن�رشه خا�ضعا ملنهجية كتابة البحوث والأعمال الأكادميية عموما‬
‫؛‬
‫•�أن ال يكون املو�ضوع املراد ن�رشه قد اعتمد يف جملة �أخرى ويتحمل يف ذلك �صاحب‬
‫الدرا�سة امل�س�ؤولية الأدبية عند حالة التكرار‪ ،‬علما ب�أن املجلة ال تعيد ن�رش املقاالت‬
‫املن�شورة �سلفا �إن تبني لها ذلك‪،‬‬
‫•�أن تتو�صل املجلة باملو�ضوع املراد ن�رشه مطبوعا على جهاز الكمبيوتر �أو يتم �إر�ساله‬
‫�إىل املوقع الإلكرتوين الآتي‪revue.droit@yahoo.com :‬‬
‫•�إن املو�ضوع املن�شور باملجلة ال يعك�س �أي توجه �أو موقف لهذه الأخرية‪ ،‬بل يعرب ابتداء‬
‫وانتهاء عن مواقف و�أفكار ل�صاحب املو�ضوع نف�سه ال تتحمل املجلة تبعاتها‪.‬‬
‫•ال ي�سمح ب�إعادة ن�رش �إحدى م�ضامني هذا العدد �إال مبوافقة �رصيحة من هيئة الإدارة‪.‬‬

‫********‬

‫جملة احلقوق املغربية‬


‫تبعث امل�ساهمات بجميع اللغات ‪ :‬العربية – الفرن�سية – الإجنليزية والإ�سبانية‬
‫�إىل العنوان الإلكرتوين التايل ‪revue.droit@yahoo.com :‬‬
‫�أو العنوان الربيدي الآتي ‪:‬‬
‫حممد �أوزيان‪� ،‬ص‪.‬ب‪ ، 2674 .‬الرباط الرئي�سية ‪10.000‬‬
‫وميكن االت�صال بالأرقام الهاتفية التالية ‪:‬‬
‫الهاتف الثابت ‪0537-79-76-18 :‬‬

‫الهاتف املتنقل ‪06- 67- 70- 32- 88 :‬‬


‫‪7‬‬

‫كلمة العدد‬

‫تقدم الفريق االستقاللي للوحدة والتعادلية مبجلس النواب بتاريخ ‪ 21‬مارس ‪2011‬‬
‫مبقترح القانون رقم ‪ 5.05.11‬القاضي بإحداث الوكالة الوطنية لتدبير أراضي الدولة‪،‬حيث‬
‫تضمن العديد من املقتضيات ذات الصلة مبختلف األوعية العقارية باملغرب وذلك من‬
‫خالل ستة عشر مادة همت‪ :‬التعريف بالوكالة‪ ،‬اختصاصاتها ومهامها‪ ،‬هيئة التسيير‪،‬‬
‫اختصاصات املدير العام‪ ،‬امليزانية ‪ ،‬نقل امللكية واملستخدمون‪.‬‬
‫إن «سن سياسة جديدة حول حكامة العقار العمومي من أجل التغلب على اإلشكالية‬
‫العقارية لتنفيذ املخططات واإلستراتيجيات الوطنية واملشاريع اإلستثمارية الكبرى»هو‬
‫الهدف من وراء إقتراح إحداث وكالة وطنية لتدبير أراضي الدولة‪.‬‬
‫وإذا كنا نقدر أهمية هذا املبتغى وضرورته فإن هذا ال مينعنا من إبداء بعض املالحظات‬
‫الضرورية بشأن ما تضمنه هذا املقترح‪ ،‬وذلك كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬لقد نصت املادة الرابعة من هذا املقترح على أن من بني املهام املنوطة بالوكالة الوطنية‬
‫لتدبير أرضي الدولة ‪ :‬تفويت وتخصيص األراضي التابعة للدولة ‪ ،‬ومعلوم أن هذا املقتضى‬
‫ال يأخذ بعني االعتبار عدم قابلية امللك العمومي والغابوي للتفويت‪،‬‬
‫‪ -‬نتسائل عن جدوى إيجاد وكالة لتدبير أراضي الدولة مادام سيتم األحتفاط باملؤسسات‬
‫املعروفة في مجال تدبير العقار العمومي‪ ،‬خاصة أن هذه املؤسسات هي املشكلة أساسا‬
‫ملجلس إدارة الوكالة كما جاء في املادة السابعة من مقترح القانون املذكور‪،‬‬
‫‪ -‬كان من الضروري خالفا ملانصت عليه املادة احلادية عشرة من أنه « تظل اختصاصات‬
‫ومسؤولية املدير العام للوكالة خاضعة لألحكام التشريعية والتنظيمية املطبقة في مجال‬
‫تدبير أراضي الدولة»‪ ،‬مراعاة ما حتظى به بعض األنظمة العقارية من خصوصية إجرائية من‬
‫قبيل أن مدير أمالك الدولة بوزارة االقتصاد واملالية هو املمثل القانونية لألمالك املخزنية‬
‫أمام القضاء وأن املندوب السامي للمياه والغابات هو املمثل القانوني الرسمي لألمالك‬
‫الغابوية‪....‬‬
‫ومن أجل تعميق النقاش القانوني حول منظومة « أمالك الدولة «يسر مجلة احلقوق‬
‫املغربية أن تعلن عن إطالق سلسلة جديدة متخصصة سمتها «أمالك الدولة» بهدف تعميق‬
‫البحث حول مختلف األنظمة القانونية املرتبطة مبلكية الدولة سواء منها املتعلقة بالعقارات‬
‫أو املنقوالت‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫إن أهمية هذا اإلصدار األكادميي املوجه للبحث تظهر بالدرجة األولى في كونه يطرق‬
‫مجاال جد دقيق ومتشعب يطرح العديد من اإلشكاليات القانونية التي تنعكس على‬
‫املنازعات املرتبطة بهذا الشأن‪.‬‬
‫وانطالقا من تعدد القواعد املؤطرة ألمالك الدولة مت اعتماد تقسيم واضح حملاور هذا‬
‫اإلصدار األول برسم سنة ‪ 2012‬كاآلتي ‪:‬‬
‫‪ -‬احملور األول وسمي بـ « األنظمة القانونية ألمالك الدولة»حيث تضمن خمس دراسات‬
‫انصب بعضها على متييز أمالك الدولة عن األنظمة العقارية املشابهة وهكذا جاءت هذه‬
‫األبحاث كما يلي‪:‬‬
‫* فصل املقال في ما بني الوقف العام واملال العام من انفصال واتصال لصاحبه الدكتور‬
‫عبد الرزاق اصبيحي ‪ :‬الكاتب العام للمجلس األعلى ملراقبة مالية األوقاف‪،‬‬
‫*أراضي اجليش باملغرب ‪ :‬تأصيلها التاريخي ونظامها القانوني وهي مساهمة للدكتور‬
‫محمد مومن‪ :‬األستاذ الباحث بجامعة القاضي عياض مبراكش‪،‬‬
‫* قصور النظام القانوني والتنظيمي ألمالك اجلماعات الترابية وإشكالية التمويل الغير‬
‫جبائي للتنمية احمللية باملغرب وهي دراسة للباحث بكلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية بطنجة جنيب جيري‪،‬‬
‫*األمالك العمومية بني االستعمال اجلماعي و اخلصوصي وهو موضوع للباحث ميمون‬
‫خراط بكلية العلوم القانونية واإلقتصادية واالجتماعية مبكناس‪،‬‬
‫ممارسة الشفعة في إطار تسوية النزاعات الناجتة عن استرجاع أراضي الدولة الفالحية أو‬
‫القابلة للفالحة وهي وجهة نظر يعبر عنها األستاذ محمد القدوري احملامي بهيئة احملامني‬
‫بالرباط‪،‬‬
‫االستثمار في أمالك الدولة اخلاصة وهو بحث للدكتور العربي محمد مياد رئيس‬
‫مصلحة العالقة مع األنظمة العقارية مبديرية أمالك الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬احملور الثاني ويتعلق بـ «املنازعات القضائية في أمالك الدولـة » وهو يتضمن العديد‬
‫من األعمال القضائية احلديثة التي تعبر عن توجهات واجتهادات احملاكم اإلدارية ‪ ،‬احملاكم‬
‫اإلستئنافية وقرارت محكمة النقض(املجلس األعلى سابقا)‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫‪ -‬احملور الثالث املتعلق بـ «قضايا وآراء» وقد مت فيه إيراد نص اجلواب الفقهي‬
‫املتضمن للرأي الفقهي بشأن سؤال وزارة الداخلية حول وضع املرأة داخل اجلماعة الساللية‬
‫وحرمانهامن االستفادة من التعويضات املادية التي يستفيدها الرجل إثر العمليات العقارية‬
‫التي جترى على بعض األراضي اجلماعية‪.‬‬
‫‪ -‬احملور الرابع حول « التدخل التشريعي في تنظيم أمالك الدولة» وقد تضمن النص‬
‫الكامل ملقترح القانون رقم ‪ 5.05.11‬الذي سبقت اإلشارة إليه و املتعلق بإحداث الوكالة‬
‫الوطنية لتدبير أمالك الدولة‪.‬‬
‫كما مت إيراد مضمون قرار لوزير أمالك الدولة والشؤون العقارية باجلمهورية التونسية‬
‫حول الزي اخلاص بأعضاء سلك املستشارين املقررين لدى مصالح نزاعات الدولة‪ ،‬وهو قرار‬
‫دفع مبناسبة صدوره الدكتور العربي محمد مياد إلى اإلدالء بوجهة نظر حول «مبررات إعفاء‬
‫موظفي الدولة املنتدبني لدى احملاكم من إرتداء بذلة خاصة»‪.‬‬
‫لقد انتدبت مجلة احلقوق املغربية هيئة حتكيم علمية للتصديق على املوضوعات املعدة‬
‫للنشر وكذا جميع املواد املختارة لسلسلة «أمالك الدولة» وذلك بعد تهيئة مختلف محاور‬
‫السلسلة املذكورة من لدن جلنة العمل والتنسيق‪.‬‬
‫وأملنا أن تلقى هذه السلسلة لدى الباحثني في مجال الدراسات القانونية عموما وحقل‬
‫األبحاث املرتبطة بأمالك الدولة خصوصا الصدى والقبول الطيب‪.‬‬
‫والله املوفق إلى كل خير وصواب‪.‬‬

‫الرباط في ‪ 5‬يناير ‪2012‬‬


‫محمد أوزيان‬
‫مدير مجلة احلقوق املغربية‬
‫الأنظمة القانونية‬
‫لأمالك الدولة‬
‫‪13‬‬

‫ف�صل املقال يف ما بني الوقف العام واملال العام‬


‫من انف�صال وات�صال‬
‫الدكتور عبد الرزاق اصبيحي‬
‫الكاتب العام للمجلس األعلى ملراقبة مالية األوقاف العامة‬

‫جرى في اآلونة األخيرة‪ ،‬مبناسبة تعديل دستور اململكة وكذا مبناسبة النقاش الذي صاحب‬
‫التصورات التي أعلن عنها بعض الفرقاء السياسيني عن الهيكلة اجلديدة حلكومة ما‬
‫بعد انتخابات ‪ 25‬نونبر ‪ ،2011‬حديث عن ضرورة إحلاق األوقاف بوزارة املالية‪ .‬ورغم أن‬
‫هذا النقاش في أصله سياسي بامتياز‪ ،‬إال أنه يخفي في طياته حمولة قانونية غير معبر‬
‫عنها‪ ،‬أو يعبر عنها باحتشام‪ ،‬وتتعلق أساسا باالعتقاد بأن هناك متاثال بني املال الوقفي‬
‫العام واملال العام‪ ،‬بل هناك كتابات حديثة ال يزال أصحابها يعتبرون األحباس من عقارات‬
‫الدولة‪ .1‬ولعل مما يزيد من ترسيخ هذا االعتقاد كون املالني معا يتم تدبيرهما بواسطة‬
‫سلطتني حكوميتني‪.‬‬
‫وقبل أن نخوض في صلب املوضوع‪ ،‬نرى من املفيد التذكير بأن سلطات االستعمار‬
‫الفرنسي‪ ،‬وقعت في مشكلة اخللط بني املال العام والوقف العام ‪ -‬عن قصد أو سوء فهم‪-‬‬
‫عندما ألغت األوقاف العامة باجلزائر وأدرجتها في األمالك العامة للدولة اجلزائرية إبان العهد‬
‫االستعماري‪ ،2‬وذلك مبـــوجـب ثـــــالث نصــوص قانونيـــــة صـــدرت بتاريـخ ‪ :‬فاتــح أكتــوبر‬
‫‪ 18 ،1844‬يونيو ‪ 1854‬و‪ 30‬أكتوبر‪ 1858،3‬وقد نتج عن ذلك القضاء على األوقاف‬
‫وإفالس املؤسسات اخليرية‪ ،‬وتعطيل املؤسسات الدينية واالجتماعية والثقافية التي كانت‬

‫‪ - 1‬محمد العاجي‪ ،‬املختصر اخلليلي وأثره في الدراسات املعاصرة‪:‬منوذج القانون املدني املغربـي‪ ،‬منشورات وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية باململكة املغربية‪ ،‬مطبعة البيضاوي‪ ،‬طبعة ‪1432‬هـ‪2011 /‬م‪ ،‬ص‪.253.‬‬
‫‪ -‬محمد ملزوغي‪ ،‬تطبيق مقتضيات ظهير ‪ 27‬أبريل ‪ 1919‬بشأن الوصاية اإلدارية على اجلماعات الساللية وضبط تدبير شؤون‬
‫األمالك اجلماعية وتفويتها‪ ،‬مساهمة ضمن أشغال الندوة املنعقدة مبقر محكمة االستئناف بوجدة يوم اجلمعة فاحت ربيع األول ‪1424‬‬
‫املوافق لـ ‪ 2‬ماي ‪ 2003‬حول الوضعية القانونية والواقعية ألراضي اجلموع‪ ،‬منشورة ضمن سلسلة األنظمة واملنازعات العقارية‪،‬‬
‫منشورات مجلة احلقوق املغربية‪ ،‬دار اآلفاق املغربية للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2010‬ص‪.17.‬‬
‫‪ - 3‬ينظر عبد القادر بن عزوز‪ .‬فقه استثمار الوقف ومتويله في اإلسالم‪ :‬دراسة تطبيقية عن الوقف اجلزائري‪ ،‬رسالة لنيل الدكتوراه في‬
‫العلوم اإلسالمية‪ ،‬تخصص الفقه وأصوله‪ ،‬نوقشت بكلية العلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة اجلزائر سنة ‪ ،2004/2003‬ص‪.40 - 38 .‬‬
‫‪3- O. PESLE. La théorie et la pratique des habous dans le rite Malékite. Imprimeries‬‬
‫‪Réunies de la «Vigie Marocaine » et de «Petit Marocain ». Casablanca. [1941] . P : 8 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪14‬‬

‫متول من عائدات هذه األوقاف‪ ،4‬في مقابل استفادة عابرة ملوازنة الدولة‪ .‬والنتيجة كانت‬
‫انتشار إحباط عام لدى الشارع اجلزائري ولد اقتناعا عاما بضرورة مواجهة هذا التدخل‬
‫السافر للمستعمر في أمر يعتبر من أخص أمور الشعب اجلزائري‪ .‬وهكذا قامت ثورة عارمة‬
‫ذاقت منها السلطات االستعمارية األمرين‪ .‬وشكلت لها درسا استفادت منه عندما أرادت‬
‫عقد اتفاقية احلماية على املغرب‪ ،‬خصوصا وأن اجلانب املغربي طرح هذه املسألة بقوة ضمن‬
‫أهم نقاط التخوف لديه‪ .‬ومن ثم أدرك الفرنسيون أن في املغرب "يستحيل تهدئة التمرد‪،‬‬
‫ومن الطيش التعرض لفكرة إلغاء األحباس‪ ،‬وهو خطأ سياسي فادح له عواقبه"‪.5‬‬
‫نفس هذا اخللط وقع أيضا لدى بعض الرعايا األجانب في بداية القرن العشرين بسبب‬
‫الصياغة اخلاطئة للفصل ‪ 63‬من وثيقة اجلزيرة اخلضراء‪ ،‬والذي جاء فيه‪“ :‬عرض املندوبون‬
‫الشرفاء أن أمالك األحباس أو بعض املمتلكات احلكومية خصوصا عقارات املخزن التي‬
‫يشغلها‪ ،‬مقابل أداء إتاوة بنسبة ‪ 6‬باملائة‪ ،‬رعايا أجانب‪ ،‬دون مراسيم تنظيمية أو عقود‬
‫قابلة للمراجعة‪ .‬وإن املؤمتر‪ ،‬رغبة في إصالح هذه الوضعية‪ ،‬يكلف الهيئة الدبلوماسية‬
‫بطنجة إليجاد حل عادل لهاتني املسألتني باتفاق مع املمثل اخلاص الذي سيتفضل صاحب‬
‫اجلاللة بتعيينه لهذا اخلصوص”‪.‬‬
‫إن الطريقة التي صيغ بها هذا الفصل توحي بأن عقارات األحباس‪ ،‬على غرار عقارات‬
‫املخزن‪ ،‬مكتراة لألجانب مقابل أداء إتاوة ‪ ،% 6‬وأن املشكل هو في عدم فهم القاعدة التي‬
‫مت على أساسها حتديد هذه النسبة‪ .‬لذلك كان من الضروري التمييز بني أمالك األوقاف‬
‫وأمالك الدولة‪ ،‬وهو ما مت من خالل تكليف البعثة العلمية للمغــرب بطنجة فــي شهـر‬
‫مارس ‪ 1908‬بإعداد دراسة علمية إلزالة كل لبس في هذا املوضوع‪ ،‬عند تطبيق املقتضيات‬
‫املنصوص عليها في وثيقة اجلزيرة اخلضراء‪.6‬‬

‫‪4 - GERARD BUSSON de JANSSENS. Contribution à l’étude des Habous Publics‬‬


‫‪Algériens. Edition: Décembre 1950. p : 188.‬‬
‫‪- H.L.RABINO. « La réorganisation des Habous au Maroc ». Revue du Monde Musulman‬‬
‫‪(Publiée par la mission scientifique du Maroc). Tome 39. (1920). Edition Ernest Leroux‬‬
‫‪– Paris. P : 73.‬‬
‫‪ - 5‬لويس بارطو ‪ ،Louis Bartho‬اليوطي‪ -‬املغرب‪ ،‬تعريب وتقدمي‪ :‬علوي أحمد العلوي‪ ،‬احللقة ‪ ،13‬جريدة العلم بتاريخ‬
‫‪ ،2004/7/27‬ص‪.7 .‬‬
‫‪ - 6‬ينظر‪:‬‬
‫‪Michaux – BELLAIRE. Les biens Habous et les les biens du Makhzen au point de vue de leur‬‬
‫‪location et de leur aliénation. Revue du monde musulman (publié par la mission scientifique‬‬
‫‪du Maroc). Tome cinquième (Mai 1908). Edition: Ernest REPRINT (1974). P: 436 – 457.‬‬
‫‪15‬‬ ‫ف�صل املقال يف ما بني الوقف العام واملال العام من انف�صال وات�صال‬

‫إذن فقضية اخللط بني املال الوقفي العام واملال العام قضية قدمية‪ ،‬ليست وليدة اليوم‪،‬‬
‫وإمنا تتخذ جتليات تختلف باختالف الظروف واملالبسات‪ ،‬وبالتالي نرى من املهم أن نوضح‬
‫من خالل هذه الدراسة أنواع الفروق والتمايزات املوجودة بني املالني (الفقرة األولى)‪ ،‬دون‬
‫إغفال ما بينهما من تشابه في بعض اخلصائص‪ ،‬وما ميكن أن يشكله بعضهما من دعم‬
‫لآلخر بضوابط واضحة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫جوانب االنف�صال بني الوقف العام واملال العام‬

‫ميكننا أن نستجلي جوانب االختالف واالنفصال بني الوقف العام واملال العام استنادا‬
‫إلى ثالثة أسس هي‪ :‬طبيعتهما (أوال)‪ ،‬األحكام الفقهية (ثانيا) وأخيرا املقتضيــات‬
‫القانونيــة (ثالثا)‪.‬‬

‫�أوال‪ :‬متييز الوقف العام عن املال العام ا�ستنادا �إىل اختالف طبيعتهما‪:‬‬
‫من خالل قراءة مقتضيات الفصل األول من الظهير الشريف املؤرخ بسابع شعبان‬
‫‪( 1332‬فاحت يوليو ‪ )1914‬املتعلق باألمالك العمومية‪ ،7‬كما وقع تتميمه وتغييره بالظهير‬
‫الشريف املؤرخ في ‪ 04‬صفر ‪ 29( 1338‬أكتوبر ‪ ،8)1919‬يتضح أن املشرع املغربي اعتبر‬
‫ماال عاما ما كان بطبيعته ال يصلح للملكية الفردية لكونه على الشياع بني اجلميع‪ .9‬ورغم‬
‫أن األوقاف العامة ال يسوغ ألحد أن ينفرد بتملكها‪ ،‬إال أنه ال ميكن اعتبارها من ضمن‬
‫األموال العامة‪ ،‬ألنها ليست على الشياع بني اجلميع وإمنا هي مرصودة لفائدة اجلهة احملبس‬

‫‪ - 7‬نص هذا الظهير في ديباجته على ما يلي‪« :‬يعلم من كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره أنه ملا كان يوجد بإيالتنا الشريفة أمالك ال‬
‫يسوغ ألحد أن ينفرد بتملكها كما هو جار به العمل في باقي املمالك‪ ،‬ألنها على الشياع بني اجلميع‪ .»..‬تنظر اجلريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 62‬بتاريخ ‪ 16‬شعبـان ‪ 10( 1332‬يوليـو ‪ ، )1914‬ص‪.275.‬‬
‫‪ - 8‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 342‬بتاريخ ‪ 23‬صفر ‪ 17( 1338‬نوفمبر ‪ ،)1919‬ص ‪.733‬‬
‫‪ - 9‬نص هذا الفصل على ما يلي‪:‬‬
‫= تدخل في عداد األمالك العمومية األمالك اآلتية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬شاطئ البحر الذي ميتد إلى احلد األقصى من مد البحر عند ارتفاعه مع منطقة مساحتها ستة أمتار تقاس من احلد املذكور‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬األخلجة واملراسي واألموان وملحقاتها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬املنارات والفنارات والعالمات التي توضع لإلنذار باخلطر‪ ،‬وكافة األعمال املعدة لإلضاءة واإلنذار باملخاطر في الشواطئ‬
‫وملحقاتها‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬املياه التي على وجه األرض أو حتتها ومجاري املياه والينابيع على اختالف أنواعها‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬البحيرات كبيرة أو صغيرة والسباخ واملاللح واملستنقعات والغدران على اختالف أنواعها‪ ،‬وتدخل في هذا القسم سائر قطع‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪16‬‬

‫عليها بأوصافها كما هي محددة في وثيقة التحبيس وفقا إلرادة احملبس‪ .‬كما أن املال‬
‫الوقفي من حيث طبيعته هو مال من نوع خاص‪ ،‬ذلك أنه يكون فيه أصله ملكا خاصا‬
‫ثم يخرج عن ملك صاحبه مبجرد واقعة التحبيس ليدخل في الذمة املالية للوقف كشخص‬
‫اعتباري‪ .10‬ومن ثم فإن املبدأ هو أن إرادة الواقف هي سبب حتويل املال من طبيعته كمال‬
‫خاص إلى مال وقفي عام‪ ،‬وال مينع ذلك من وجود حاالت استثنائية محدودة ينشأ فيها‬
‫الوقف بقوة القانون‪ ،‬كتلك التي نصت عليها مدونة األوقاف الصادرة مبقتضى الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 1.09.236‬بتاريخ ‪ 8‬ربيع األول‪ 23( 1431‬فبراير ‪ ،11)2010‬في املواد ‪،42‬‬
‫‪ 43‬و‪ 44‬منها‪ ،‬وتتعلق باحلاالت التالية‪:‬‬
‫•اعتبار ما على األرض التي يحبسها الواقف من منشآت وبناءات وأغراس وقفا‬
‫بقوة القانون‪ ،‬إذا لم يستثنها الواقف صراحة أو كان هناك عرف يقضي باستثنائها‬
‫(املادة ‪)42‬؛‬
‫•اعتبار ما رتبه املوقوف عليه من حقوق عينية لفائدة العقار املوقوف‪ ،‬سواء بإذن من‬
‫إدارة األوقاف أو بدون إذن‪ ،‬وقفا بقوة القانون (املادة ‪)43‬؛‬
‫•اعتبار ما أقامه الغير من بناءات أو أغراس أو منشآت‪ ،‬بدون إذن من إدارة‬
‫األوقاف‪ ،‬وقفا بقوة القانون‪ ،‬ما لم تر هذه اإلدارة إلزامه بإرجاع احلالة إلى ما كانت‬
‫عليه مع التعويض عن الضرر إن كان له محل (املادة ‪.)44‬‬
‫إن الوقف العام في هذه احلاالت وإن كان مصدره القانون‪ ،‬إال أنه ال ينقض قاعدة أن‬
‫األصل في نشوء الوقف هي اإلرادة احلرة للواقف‪.‬‬

‫األراضي التي ولو كانت غير مغطاة باملاء على الدوام فهي مع ذلك غير صاحلة للفالحة اعتياديا كاملرجات وغيرها‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬اآلبار املعروفة باالرتوازية وسائر اآلبار واملوارد العمومية‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬الترع التي تسير فيها املراكب والتي تستعمل للري أو التي جتفف وتعتبر أشغاال عمومية‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬احلواجز والسدود والقنوات وأشغال التقنية وغيرها مما يحدث بصفة أشغال عمومية‪ ،‬وذلك لوقاية األراضي من طغيان املياه‬
‫أو حلاجات املدن أو الستخدام قوة املاء‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬الطرق واألزقة والسبل والسكك احلديدية اخلارجية والكهربائية واجلسور‪ ،‬وعلى العموم طرق املواصلة أيا كان نوعها التي‬
‫يستخدمها العموم‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬األسالك التلغرافية والتلفونية واألبنية احلديدية املعدة للتلغراف الالسلكي‪.‬‬
‫حادي عشر‪ :‬كل االستحكامات والتحصينات املتعلقة باملواقع احلربية واملراكز العسكرية وتوابعها‪.‬‬
‫وعلى العموم كل األراضي واألعمال التي ال ميكن لألفراد أن يتملكوها ألنها مشـاعة»‪.‬‬
‫‪ - 10‬هذه هي حقيقة الوقف‪ ،‬وإن كانت مخالفة ملا جاء في املذهب املالكي عن ابن عرفة من بقاء املال املوقوف في ملك معطيه (الواقف)‬
‫ولو تقديرا‪ .‬وهو قول مردود وفق ما بيناه أثناه مناقشتنا لهذا الرأي في أطروحتنا للدكتوراه «احلماية املدنيـة ألوقاف العامة‬
‫باملغرب» ضمن منشورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬مطبعة األمنية – الرباط‪ ،‬طبعة ‪ 1430‬هـ‪2009/‬م‪ ،‬ص‪.63 .‬‬
‫‪ - 11‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 5847‬بتاريخ فاحت رجب ‪ 14( 1431‬يونيو ‪.)2010‬‬
‫‪17‬‬ ‫ف�صل املقال يف ما بني الوقف العام واملال العام من انف�صال وات�صال‬

‫أما بالنسبة للمال العام فالذي ينشئه هو إرادة القانون‪ ،‬إما بسبب تخصيصه للمنفعة‬
‫العامة أو لرصده لتسيير مرفق عام‪ .‬وهذين املعيارين مت التنصيص عليهما صراحة في‬
‫املادة ‪ 2‬من مشروع القانون رقم ‪ 02.09‬املتعلق باألمالك اجلماعية التي جاء فيها‪« :‬تدخل‬
‫ضمن امللك العام اجلماعي جميع العقارات التي متتلكها اجلماعة واملخصصة بكيفية صريحة‬
‫الستعمال العموم أو لتسيير مرفق عام جماعي‪.»...‬‬
‫وبناء على هذين املعيارين فإنه ال دخل لإلرادة اخلاصة في نشوء املال العام‪ .‬وهذا يعتبر‬
‫مرتكزا أساسيا للتمايز احلاصل بني املال العام والوقف العام من حيث طبيعة كل منهما‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة هنا إلى أن أماكن إقامة شعائر الدين اإلسالمي من مساجد وزوايا وأضرحة‬
‫ومضافاتها‪ ،12‬ولو أنها مخصصة الستعمال العموم‪ ،‬إال أن تخصيصها يتم بناء على إرادة‬
‫الواقف‪ ،‬قبل أن يقره القانون واقعا يقتضي احلماية القانونية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التمييز بني املال العام والوقف العام ا�ستنادا �إىل الأحكام الفقهية‪:‬‬
‫لقد جرى في الفقه دائما التمييز بني بيت املال وهو اخلزينة العامة للدولة وبني أموال‬
‫األوقاف‪ ،‬ولم تكن هذه األخيرة تدخل في عداد موارد الدولة لتمويل خزينتها‪.‬‬
‫ورغم أن السلطان كان أحيانا يجمع بني كونه املتحدث باسم الدولة واملتصرف في‬
‫أموالها‪ ،‬وبني الوصاية على األوقاف العامة‪ ،‬إال أن ذلك لم يكن مبررا للخلط بني أموال‬
‫الدولة واألموال الوقفية‪ ،‬وإن كان في واليته عليهما معا يستمد صالحياته من كونه وكيال‬
‫عن األمة‪.‬‬
‫ومن ثم فإن الذمة املالية للوقف العام كانت دائما مستقلة عن الذمة املالية لبيت املال‪.‬‬
‫«إذ لكل واحد منهما شخصية اعتبارية بها أوصاف معتبرة»‪.13‬‬
‫ولقد مت تكريس هذه املسألة في مدونة األوقاف‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 133‬على أنه‪:‬‬
‫«تشكل مجموع األوقاف العامة ذمة مالية موحدة مستقلة‪ ،‬تشتمل على جميع األموال‬
‫املوقوفة وقفا عاما وعائداتها وكل األموال األخرى املرصودة لفائدتها»‪ .‬ونصت املادة ‪134‬‬

‫‪ - 12‬نص الفصل السادس من الظهير الشريف رقم ‪ 1.84.150‬الصادر في ‪ 6‬محرم ‪ 2 ( 1405‬أكتوبر ‪ )1984‬املتعلق باألماكن‬
‫املخصصة إلقامة شعائر الدين اإلسالمي فيها كما وقع تغييره وتتميمه‪ ،‬على أنه‪« :‬تعتبر وقفا على عامة املسلمني وال ميكن أن‬
‫تكون محل ملكية خاصة جميع األبنية التي تقام فيها شعائر الدين اإلسالمي‪ ،‬سواء منها ما هو موجود اآلن أو ما سيشيد في‬
‫املستقبل‪ ،‬من مساجد وزوايا وأضرحة ومضافاتها» ‪ ،‬منشور باجلريدة الرسمية الصادرة بتاريخ ‪ 03‬أكتوبر ‪.1984‬‬
‫‪ - 13‬محمد بن علي القري‪ ،‬العقود املستجدة‪ :‬ضوابطها ومناذج منها‪ ،‬مجلة مجمع الفقه اإلسالمي التابع ملنظمة املؤمتر االسالمي بجدة‪،‬‬
‫(وقد صدرت هذه املجلة في ‪ 13‬عددا‪ ،‬وكل عدد يتكون من مجموعة من املجلدات)‪ ،‬املجلد العاشر‪ ،‬ص‪.967 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪18‬‬

‫على أنه‪« :‬توضع لألوقاف العامة ميزانية سنوية خاصة بها‪ ،‬تكون مستقلة عن امليزانية‬
‫العامة للدولة»‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التمييز بني املال العام والوقف العام ا�ستنادا �إىل املقت�ضيات القانونية‪:‬‬
‫بالرجوع إلى الظهير الشريف املؤرخ في ‪ 19‬أكتوبر ‪ 1921‬املتعلق بامللك العمومي‬
‫البلدي جند التمييز واضحا بني املال العام والوقف العام‪ ،‬حيث مت التنصيص صراحة على‬
‫أن األحباس بالنسبة للملك العام تعتبر «غيرا»‪ ،‬فالفصل الثاني من الظهير جاء فيه ما‬
‫يلي‪« :‬تدخل في عداد األمالك العمومية البلدية جميع األمالك التي خصصت بها صريحا‪،‬‬
‫وميكن أن تشمل األمالك العمومية البلدية املشار إليها‪ :‬أوال‪ ....‬ثانيا‪ :‬املياه املعدنية‬
‫وكذلك القواديس والقنوات ومجاري املياه‪ ،‬واألحواض املجتمعة فيها املياه لتوزيعها‪ ،‬وغير‬
‫ذلك من التجهيزات التي تدخل في األمالك العمومية باملغرب طبقا للشروط املعينة‬
‫بظهيرنا الشريف املؤرخ بسابع شعبان ‪1332‬هـ املوافق لفاحت يوليو ‪1914‬م‪ ،‬وذلك مع مراعاة‬
‫الشرط املثبت بظهيرنا الشريف هذا والذي مبوجبه يبقى ما للغير من احلقوق املتعلقة مبا ذكر‪،‬‬
‫الثابتة قانونا‪ ،‬وخصوصا احلقوق اخلاصة باألحباس…»‪.‬‬
‫ونظرا لالختالف القائم بني امللك العمومي البلدي وأمالك األوقاف العامة‪ ،‬فإن املقابر‬
‫مثال‪ ،‬ورغم تدبيرها من طرف اجلماعات احمللية والبلدية‪ ،‬استنادا إلى كون هذا التدبير‬
‫يرتبط بالصحة العامة وبالشأن احمللي‪ ،‬فإن املقابر تظل ‪-‬مع ذلك‪ -‬أوقافا عامة‪ ،‬وال تدخل‬
‫ضمن امللك العام البلدي‪.‬‬
‫إن الطبيعة اخلاصة للمال الوقفي العام تنعكس على املقتضيات القانونية املؤطرة له‪،‬‬
‫وعلى عكس املال العام الذي يندرج التشريع له ضمن الصالحيات املخولة للبرملان‪ ،‬فإن‬
‫تدبير الوقف العام يتم في إطار املقتضيات القانونية التي تصدر بها ظهائر شريفة عن‬
‫امللك باعتبار ما له من والية عامة مستمدة من كونه أميرا للمؤمنني‪ .‬وهذا ما أكدته‬
‫مدونة األوقاف والتي جاء في املادة الثانية منها ما يلي‪« :‬يعتبر النظر في شؤون األوقاف‬
‫العامة من صالحيات جاللتنا الشريفة بصفتنا أميرا للمؤمنني‪ ،‬ويقوم بهذه املهمة حتت‬
‫سلطتنا املباشرة وزيرنا في األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬في إطار التقيد بأحكام هذه املدونة‬
‫والنصوص املتخذة لتطبيقها»‪ .‬ووفق هذه املادة فإن مهمة وزير األوقاف والشؤون اإلسالمية‬
‫كمسؤول عن تدبير األوقاف إمنا هي مستمدة من التفويض املمنوح له من جاللة امللك الناظر‬
‫األعلى للوقف‪ ،‬ال من عضويته في احلكومة‪ .‬ومعنى ذلك أن الوقف العام ليس قطاعا‬
‫‪19‬‬ ‫ف�صل املقال يف ما بني الوقف العام واملال العام من انف�صال وات�صال‬

‫حكوميا‪ ،‬وهذا ما يفسر تنصيص مدونة األوقاف على أن نصوصها التطبيقية (‪ 12‬نصا)‬
‫تصدر مبوجب قرارات للسلطة احلكومية املكلفة باألوقاف‪ ،‬وليس مبوجب مراسيم تصدر عن‬
‫رئيس احلكومة‪.‬‬
‫وإذا كان دستور ‪ 1996‬لم ينص صراحة على استثناء األوقاف من صالحيات التشريع‬
‫املخولة للبرملان‪ ،‬وبالتالي ترك املجال مفتوحا لالعتقاد بأن األوقاف تدخل ضمن نشاط‬
‫الدولة في امليادين االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي أوكل هذا الدستور للبرملان‬
‫صالحية التصويت على قوانني تضع إطارا ألهدافه األساسية؛ فإن الدستور اجلديد لسنة‬
‫‪ 2011‬كان أكثر وضوحا عندما نص في الفصل ‪ 71‬منه على اختصاص البرملان في التشريع‬
‫في مختلف أنظمة امللكية العقارية العمومية واخلاصة واجلماعية‪ ،‬باستثناء نظام امللكية‬
‫العقارية الوقفية‪ .‬وبالتالي جاء هذا الدستور منسجما مع مقتضيات الفصل ‪ 41‬منه الذي‬
‫نص في فقرته األخيرة على أن جاللة امللك ميارس «الصالحيات الدينية املتعلقة بإمارة‬
‫املؤمنني‪ ،‬واملخولة له حصريا‪ ،‬مبقتضى هذا الفصل‪ ،‬بواسطة ظهائر»‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‬
‫جوانب االت�صال بني الوقف العام واملال العام‬

‫ال نشك في أن املعطيات السابقة كافية إلزالة أي شبهة تدعو إلى اخللط بني الوقف‬
‫العام واملال العام‪ ،‬غير أن ذلك ال مينع من وجود جوانب للتقاطع واالتصال بينهما‪ ،‬مستمدة‬
‫أساسا من كونهما معا يخدمان املصلحة العامة‪ .‬وتترجم جوانب االتصال هذه في اخلصائص‬
‫املشتركة بني الوقف العام واملال العام من جهة (أوال)‪ ،‬وفيما ميكن أن يدعم به أحدهما‬
‫اآلخر من جهة ثانية (ثانيا)‪.‬‬

‫�أوال‪ :‬اخل�صائ�ص امل�شرتكة بني الوقف العام واملال العام‪:‬‬


‫بالرجوع إلى املعايير التي اع ُتمدت لتمييز األموال العامة جندها‪ ،‬رغم اختالفها‬
‫وتباينها‪ ،14‬تشترك جميعها في االستناد على خاصية أساسية في املال العام هي خاصية‬
‫املنفعة العامة التي يقوم املال العام بخدمتها‪ ،‬والتي تستدعي أن يعامل معاملة خاصة‬

‫‪ - 14‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬أصول القانون اإلداري‪ :‬أموال اإلدارة العامة وامتيازاتها (دراسة مقارنة)‪ ،‬منشأة املعارف‪-‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫ص‪ 9 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬الكتاب الثالث (أموال اإلدارة العامة وامتيازاتها)‪ ،‬مطبعة‬
‫دار الفكر العربي‪ ،‬طبعة ‪ ،1979‬ص‪ 13 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪20‬‬

‫وتطبق عليه قواعد قانونية استثنائية‪ ،‬هي باملقارنة مع القواعد العادية متثل امتيازات‬
‫للمال العام‪.‬‬
‫وقد ذكر املشرع املغربي بخاصية املنفعة العامة في األموال العمومية في الفصل اخلامس‬
‫من ظهير فاحت يوليوز ‪ 1914‬املتعلق باألمالك العمومية واملشار إليه آنفا‪ ،‬عندما اعتبر‬
‫غياب هذه اخلاصية في بعض األمالك العمومية سببا إلخراجها من حيز التقييد الذي يفرض‬
‫على األموال العامة‪.15‬‬
‫وال جدال في أن الوقف العام يشترك مع املال العام في خاصية املنفعة العامة‪ ،16‬غير‬
‫أنها في املال العام تتحقق في ذاته‪ ،‬بينما في الوقف العام تتحقق كقاعدة في ريعه‪،‬‬
‫واستثناء في أصله كما هو احلال بالنسبة للمقابر وأماكن إقامة شعائر الدين اإلسالمي‪.‬‬
‫وينتج عن االشتراك بني الوقف العام واملال العام في خاصية املنفعة العامة اشتراكهما‬
‫في ما يترتب عن هذه اخلاصية من ضرورة حمايتهما من كل ما يعطل أداءهما لهذه‬
‫املنفعة‪ ،‬ومن ذلك عدم جواز الغنب الواقع على املالني من قبل الغير‪ .‬وهذا ما نصت عليه‬
‫ش ِفي ا ْل َب ْي ِع َولَ ْم‬ ‫مجلة األحكام العدلية في املادة ‪ 356‬التي جاء فيها‪« :‬إ َذا ُوجِ دَ َغبنَ ٌ َف ِ‬
‫اح ٌ‬
‫يم‬‫نب َو ْحدَ ُه ِفي َمالِ ا ْل َي ِت ِ‬ ‫س ِل ْل َم ْغ ُبونِ َأنْ َي ْف َس َخ ا ْل َب ْي َع‪ .‬إلاَّ َأ َّن ُه إ َذا ُوجدَ ا ْلغ ُ‬ ‫وجدْ ت َْغرِي ٌر‪َ ،‬ف َل ْي َ‬ ‫ُي َ‬
‫يم»‪ .‬وهنا تظهر لنا أن املجلة‬ ‫ت المْ َالِ ُح ْك ُم ُه ُح ْك ُم َمالِ ا ْل َي ِت ِ‬ ‫ف َوبَ ْي ُ‬ ‫ص ُّح ا ْل َب ْي ُع‪َ ،‬و َما ُل ا ْل َو ْق ِ‬ ‫لاَ َي ِ‬
‫تشددت فيما يخص الغنب الواقع على مال الوقف وبيت املال‪ ،‬واعتبرته كالغنب الواقع في‬
‫مال اليتيم‪ ،‬من حيث وجوب رده ولو لم يحصل تغرير‪« .‬والمْ ُ َرا ُد ِم ْن َك ِل َم ِة ِبلاَ ت َْغرِي ٍر َي ْع ِني‬
‫الصو َر ِة َأ ْي ب َِأنْ ُي ْغبنَ َ‬
‫َأنْ َي ُكو َن َأ َحدُ المْ ُ َت َبا ِي َعينْ ِ لَ ْم ُي َغ ِّر ْر بِالآْ َخ ِر َف َع َل ْي ِه إ َذا َو َق َع ا ْل َغبنَ ُ َع َلى ه َِذ ِه ُّ‬
‫س لَ ُه ِخ َيا ُر ا ْل َغبنَ ِ َو ِل َذ ِل َك لاَ َي ِحقُّ لَ ُه َف ْس ُخ ا ْل َب ْي ِع»‪ .17‬وهذا على‬ ‫َ‬
‫أ َحدُ المْ ُ َت َبا ِي َعينْ ِ ِم ْن َن ْف ِس ِه ; َف َل ْي َ‬
‫عكس مال اليتيم والوقف وبيت املال‪ ،‬فإن الغنب يرد ولو لم يقع تدليس‪.‬‬
‫ومن أهم قواعد احلماية التي يشترك فيها مال الوقف العام واملال العام عدم جواز‬
‫التصرف واحلجز والتملك بالتقادم في املالني معا‪ ،‬جاء في املادة ‪ 51‬من مدونة األوقاف ما‬
‫يلي‪« :‬يترتب عن اكتساب املال لصفة الوقف العام عدم جواز حجزه أو كسبه باحليازة أو‬

‫‪ - 15‬جاء في هذا الفصل‪« :‬ميكن إخراج بعض األمالك العمومية من حيز التقييد إذا ظهر أنها ليست ذات منفعة عامة‪ ،‬وذلك بقرار‬
‫وزيري من الصدر األعظم يصدر بناء على طلب املدير العام لألشغال العمومية‪ ،‬وتصير عندئذ ملكا خاصا باملخزن الشريف»‪.‬‬
‫‪ - 16‬ينظر مقالنا بعنوان‪ :‬العقارات احلبسية ونزع امللكية للمنفعة العامة‪ ،‬مجلة الواضحة (مجلة علمية محكمة تصدر عن دار احلديث‬
‫احلسنيــة للدراسات اإلسالمية العليا بالرباط)‪ ،‬العدد األول‪ ،2003/1424 ،‬ص‪.262.‬‬
‫‪ - 17‬علي حيدر‪ ،‬درر احلكام شرح مجلة األحكام‪ ،‬حتقيق تعريب‪ :‬احملامي فهمي احلسيني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ -‬بيروت‪ ،‬اجلزء األول‪،‬‬
‫ص‪.313 .‬‬
‫‪21‬‬ ‫ف�صل املقال يف ما بني الوقف العام واملال العام من انف�صال وات�صال‬

‫بالتقادم‪ ،‬وعدم جواز التصرف فيه إال وفق املقتضيات املنصوص عليها في هذه املدونة»‪.‬‬
‫وسنتطرق فيما يلي بنوع من التفصيل إلى هذه القواعد الهامة‪.‬‬
‫‪ )1‬عدم جواز التصرف «‪ :»L’inaliénabilité‬من أولى وأهم النتائج التي تترتب عن‬
‫الصفة العمومية للمال عدم جواز التصرف فيه مبا يؤدي إلى تفويته‪ ،‬فال يباع مثال وال‬
‫يوهب وال يجري عليه أي تصرف ناقل للملكية‪ .‬وقد نص املشرع املغربي على هذه القاعدة‬
‫في الفصل الرابع من الظهير الشريف املتعلق باألمالك العمومية الذي جاء فيه‪« :‬ال يقبل‬
‫التفويت باألمالك العمومية‪ .»...‬واألساس في إقرار هذا املبدأ هو أن املال العام مخصص‬
‫للمنفعة العامة‪ ،‬فإذا أجيز التصرف فيه امتنع بالتالي ضمان بقاء هذا التخصيص للمنفعة‬
‫العامة‪.‬‬
‫وإذا كان األصل هو عدم التصرف في املال العام‪ ،‬فإن هناك استثناء يتعلق مبا إذا‬
‫دعت الضرورة إلى التصرف فيه‪ .‬وفي هذه احلالة تتم إعادة تخصيصه (‪)Réaffectation‬‬
‫وحتويله إلى ملك خصوصي للدولة مبوجب مرسوم للوزير األول بناء على اقتراح من وزير‬
‫األشغال العمومية‪ ،‬وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 5‬مـــن ظهيـــر فاتـــح يوليـــوز ‪ 1914‬سالــف‬
‫الذكر‪.18‬‬
‫أما بالنسبة للوقف العام فإن منع التصرف فيه مستمد من طبيعة الوقف ذاته التي ال‬
‫تقبل التصرف‪ ،‬وهو ما جاء صريحا في قصة حتبيس عمر ابن اخلطاب رضي الله عنه لألرض‬
‫التي أصابها بخيبر واستأمر فيها النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقال له عليه السالم‪« :‬إن‬
‫شئت حبست أصلها وتصدقت بها»‪ .‬فتصدق بها عمر أنه ال يباع (يعني األصل) وال يوهب‬
‫وال يورث‪ ،‬وتصدق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل‬
‫والضيف‪ ،‬ال جناح على من وليها أن يأكل منها باملعروف و ُيطعم غير متمول»‪ ،19‬أي غير‬
‫متخذ منها ملكا لنفسه‪ .‬وفي رواية أخرى قال له النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬تصدق‬
‫بأصله ال يباع وال يوهب وال يورث‪ ،‬ولكن ينفق ثمره"‪.20‬‬

‫‪ - 18‬محمد محجوبي‪ ،‬قراءة عملية في قوانني التعمير املغربية‪ ،‬دار النشر املغربية‪ -‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪،2006/1427‬‬
‫ص‪.156 .‬‬
‫‪ - 19‬رواه البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما في كتاب الشروط‪ ،‬ومسلم في الوصية‪ ،‬والترميذي في األحكام‪ ،‬والنسائي‬
‫في األحباس‪ ،‬وأبو داود في الوصايا‪ ،‬وابن ماجة في األحكام‪ ،‬وأحمد في مسند املكثرين من الصحابة‪.‬‬
‫‪ - 20‬رواه البخاري في صحيحه (كتاب الوصايا)‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪22‬‬

‫غير أن عدم جواز التصرف في الوقف العام تبقى قاعدة عامة يعتريها االستثناء كذلك‬
‫في بعض احلاالت التي تدعو فيها الضرورة أو مصلحة الوقف نفسه إلى التصرف فيه‬
‫واستبداله بغيره‪ ،‬فيكون هذا البدل وقفا مكانه‪ .‬وهذا األمر نصت عليه مدونة األوقاف‬
‫سواء من خالل مقتضيات املادة ‪ 51‬سالفة الذكر‪ ،‬أو من خالل ما جاء في املادة ‪ 60‬التي‬
‫وإن نصت على إمكانية إجراء جميع التصرفات في الوقف العام‪ ،‬إال أنها قيدت ذلك‬
‫بضابطني صارمني‪ :‬أولهما أن يكون من شأن هذه التصرفات احلفاظ على األصول الوقفية‬
‫وتنمية مداخيلها‪ ،‬والثاني أن حتقق تلك التصرفات مصلحة ظاهرة للوقف وتكون متالئمة‬
‫مع طبيعته‪ .‬ونفس الشيء أكدته املادتان ‪ 63‬و‪ 72‬من مدونة األوقاف‪.‬‬
‫وغني عن البيان أن قاعدة عدم جواز التصرف في الوقف العام تتعلق بالدرجة األولى‬
‫بالعني املوقوفة ال بريعها‪ ،‬وهذا ما دفع الفقهاء ‪-‬خاصة املالكية منهم‪ -‬إلى تضييق نطاق‬
‫احلاالت التي يجوز فيها إجراء معاوضات عينية أو نقدية في األوقاف‪ ،‬وذلك سدا لذريعة‬
‫تفويت األوقاف العامة الذي يؤدي بدوره إلى اندثارها مع مرور الوقت‪.‬‬
‫‪ )2‬عدم جواز التملك بالتقادم «‪ :»L’imprescriptibilité‬إذا كانت قاعدة عدم جواز‬
‫التصرف في املال العام حتميه من تعدي اإلدارة‪ ،‬إذ تغل يدها عن القيام بأي تفويت للمال‬
‫العام‪ ،‬فإن قاعدة عدم جواز متلكه بالتقادم حتميه من تعدي األفراد الذين ال ميكنهم أن‬
‫يتمسكوا باكتساب ملكية املال العام مبضي مدة التقادم املكسب للمال العادي‪ ،‬حتى ولو‬
‫أغفلت اإلدارة مطالبتهم بالتخلي عن استيالئهم على املال العام‪.‬‬
‫وقد أقر املشرع املغربي هذا املبدأ أيضا في الفصل الرابع املذكور أعاله‪ ،‬مباشرة بعد‬
‫إقرار املبدأ املتعلق بعدم جواز التصرف‪ .‬جاء في هذا الفصل‪« :‬ال يقبل التفويت باألمالك‬
‫العمومية‪ ،‬وال تسقط حقوق امللكية فيها مبضي الزمان»‪.‬‬
‫واملالحظ أن «ملبدأ عدم جواز امتالك األموال العامة بالتقادم أهمية أكبر من قاعدة‬
‫عدم جواز التصرف فيها من الناحية العملية‪ ،‬ذلك أنه يصعب تصور قيام الدولة أو غيرها‬
‫من األشخاص اإلدارية بالتصرف في األموال العامة إال إذا كانت غير عاملة بالصفة العامة‬
‫لها‪ .‬وإمنا اخلشية كل اخلشية من تعديات األفراد التي ترتكب على هذه األموال عن طريق‬
‫وضع اليد بغية اكتساب ملكيتها بالتقادم‪ ،‬ولذلك كانت احلاجة أدعى إلى تزويد اإلدارة‬
‫مبا يعينها على رد هذه التعديات من تقييد تصرفها في هذه األموال»‪.21‬‬

‫‪ - 21‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬أصول القانون اإلداري‪ :‬أموال اإلدارة العامة وامتيازاتها (دراسة مقارنة)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19.‬‬
‫‪23‬‬ ‫ف�صل املقال يف ما بني الوقف العام واملال العام من انف�صال وات�صال‬

‫ويشترك الوقف العام مع املال العام في هذه اخلاصية‪ ،‬حيث ال ميكن االدعاء باكتساب‬
‫ملكية الوقف العام اعتمادا على احليازة أو التقادم املكسب‪ ،‬وفقا ملا نصت عليه املادة ‪51‬‬
‫من مدونة األوقاف املشار إليها آنفا‪ ،‬وبناء على ما عليه الفصل ‪ 378‬من ظهير االلتزامات‬
‫والعقود في فقرته الثالثة من أنه ال محل ألي تقادم «بني ناقص األهلية أو احلبس أو‬
‫غيره من األشخاص املعنوية والوصي أو املقدم أو املدير ما دامت واليتهم قائمة ولم يقدموا‬
‫حساباتهم النهائية»‪.‬‬
‫وقد أكد ذلك املجلس األعلى في أحد قراراته على عدم قبول االدعاء باحليازة على‬
‫األوقاف باعتبارها من القواعد التي ال غنى عنها الستمرار الوقف وبقائه‪ ،‬حيث جاء في‬
‫إحدى حيثياته‪« :‬وحيث إن احلبس ال يحاز عليه‪ ،‬لذا فدعوى احلوز وامللك جتاه امللك‬
‫احلبسي غير مسموعة‪ ،‬وناظر األوقاف احلبسية غير ملزم باإلدالء باستمرار التصرف‪.22»..‬‬
‫‪ )3‬عدم جواز احلجز «‪ :»L’insaisissabilité‬احلجز من الوسائل التي أباحها القانون‬
‫لضمان الوفاء بااللتزامات‪ .‬وملا كان الوقف العام‪ ،‬شأنه في ذلك شأن املال العام‪ ،‬ال‬
‫يقبل التصرف فيه ضمانا لعدم تبديده‪ ،‬وال يتأتى متلكه بالتقادم حفاظا على عدم انتقال‬
‫ملكيته‪ ،‬اقتضى ذلك من باب أولى أن مينع احلجز عليه‪ ،‬ألن احلجز في األخير ينتهي إلى‬
‫بيع احملجوز للتنفيذ عليه‪.‬‬
‫ويتفرع عن هذا املبدأ أنه ال يجوز ترتيب حقوق عينية تبعية على املال العام وال على‬
‫الوقف العام ضمانا للديون التي تشغل ذمتهما‪ ،‬كالرهن الرسمي أو احليازي‪ ،‬ألن فائدة‬
‫هذه احلقوق العينية تظهر عندما تباع أموال املدين احململة بها جبرا‪ ،‬إذ يفضل الدائن ذو‬
‫احلق العيني على الدائنني الشخصيني‪ ،‬وهذا غير ممكن حتقيقه فيما يتعلق باألموال العامة‬
‫واألوقاف العامة‪ ،‬ألنها ال ميكن بيعها جبرا‪.23‬‬
‫لكن في املقابل ميكن إجراء احلجز على األموال السائلة للهيئة املسيرة لألوقاف العامة‬
‫إلجبارها على الوفاء مبا عليها من ديون‪ ،‬وفي هذا ضمان كاف للدائنني دون اإلضرار‬
‫بالوقف العام‪.‬‬

‫‪ - 22‬قرار عدد ‪ 220‬صادر بتاريخ ‪ ،96/3/21‬ملف إداري عدد ‪ ،95/115/446‬غير منشور‪.‬‬


‫‪ - 23‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.33 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪24‬‬

‫ثانيا‪ :‬دعم املال العام للوقف العام �أو العك�س‪:‬‬


‫‪ )1‬بالنسبة لدعم املال العام للوقف العام‪ :‬فقد ثار نقاش بني الفقهاء بخصوص ما‬
‫يقوم به اإلمام من رصد ألموال من بيت املال أو لغلة أراضيه لتأمني حاجات عامة على وجه‬
‫التأبيد‪ ،‬وهو ما يصطلح عليه «اإلرصاد»‪ ،‬هل يعتبر ذلك وقفا أم ال‪ ،‬وتبلور ذلك النقاش‬
‫في «اجتاهني‪:‬‬
‫االجتاه األول‪ :‬يعتبر اإلرصاد غير الوقف‪ ،‬وقال بذلك احلنفية وأيضا يفهم من أقوال‬
‫الشافعية الختالل شرط من شروط صحة الوقف فيه‪ ،‬وهو أن يكون املوقوف مملوك ًا للواقف‬
‫حني الوقف‪ ،‬واملرصد هو اإلمام أو نائبه وهو ال ميلك ما أرصده‪.‬‬
‫االجتاه الثاني‪ :‬يعتبر اإلرصاد وقفا في حقيقته لعدم اختالل شيء من شروط الوقف‬
‫فيه‪ ،‬فالسلطان الواقف لشيء من أموال بيت املال هو وكيل عن املسلمني‪ ،‬فهو وكيل الواقف‬
‫وال فرق هنا بني الوقف واإلرصاد من حيث سبق امللك»‪.24‬‬
‫وفي االجتاه األول ميكن أن ندرج رأي بعض فقهاء فاس (ومنهم البجائي والعمراني‬
‫واملزدغي وغيرهم) الذين اعتبروا وقف امللوك باطال غير نافذ وال ماض‪ ،‬ألن حتبيسهم‬
‫مبثابة من حبس مال غيره على غيره‪ ،‬فال يصح ذلك أصـــال ألن صحــة التحبيس ناشئة‬
‫عن صحــة الـملك»‪.25‬‬
‫على أننا ينبغي هنا أن نضع جواب فقهاء فاس في سياقه‪ ،‬فهو متعلق بالسؤال عن‬
‫وقف امللوك من بيت مال املسلمني على أوالدهم أو جهات أقاربهم حرصا على حوز الدنيا‬
‫لهم ولذراريهم‪ ،‬وهؤالء هم الذين اصطلحوا على تسميتهم ب»مستغرقي الذمة‪ 26‬جتاه األمة‪.‬‬
‫جاء في حاشية ابن عابدين‪ « :‬أوقاف السالطني من بيت املال إرصادات ال أوقاف‬
‫حقيقة‪ ،‬وأن ما كان منها على مصاريف بيت املال ال ينقض بخالف ما وقفه السلطان على‬

‫‪ - 24‬الترست اإلسالمي‪ ،‬عرض للدكتور ‪ ، Sadig Hammad Mohd‬منشور باملوقع اإللكتروني للهيئة اإلسالمية العاملية‬
‫لالقتصاد والتمويل ( ‪.)www.iifef.org‬‬
‫‪ - 25‬الونشريسي‪ ،‬املعيار املعرب واجلامع املغرب عن فتاوى أهل إفريقية واألندلس واملغرب‪ ،‬خرجه جماعة من الفقهاء بإشراف محمد‬
‫حجي‪ ،‬مطبوعات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية باململكة املغربية‪ ،‬طبعة ‪1401‬هـ‪1991/‬م‪ ،‬اجلزء السابع ‪ ،‬ص‪305 .‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 26‬للمزيد من التفصيل يراجع مقال للدكتور جاسم العبودي بعنوان‪ :‬معلومات مهمة عن األحباس من خالل كتاب «املعيار املعرب»‬
‫للونشريسي‪ ،‬مجلة «دعوة احلق»‪ ،‬العدد‪ ،338 :‬السنة‪( 39‬جمـادى الثانية ‪ 1419‬هـ ‪ /‬أكتوبر ‪1998‬م)‪ ،‬ص‪ 48 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫ف�صل املقال يف ما بني الوقف العام واملال العام من انف�صال وات�صال‬

‫أوالده أو عتقائه مثال‪ ،‬وأنه حيث كانت أرصادا ال يلزم مراعاة شروطها لعدم كونها وقفا‬
‫صحيحا فإن شرط صحته ملك الواقف والسلطان بدون الشراء من بيت املال ال ميلكه»‪.27‬‬
‫أما االجتاه الثاني فيمثله رأي الفقيه عبد الله العبدوسي‪ ،28‬الذي أجاز حتبيس اإلمام‬
‫من بيت املال على جهة البر واملصالح العامة‪ ،‬لكن بشرط أن يحبس وهو يعتقد أن املال‬
‫للمسلمني‪ ،‬وال ينسبه إلى نفسه وإال كان الوقف باطال‪.29‬‬
‫ونعتقد أن االجتاه الثاني هو األكثر منطقا‪ ،‬ذلك أن الوقف العام يؤدي في كثير من‬
‫األحيان املهمة التي من املفروض أن يضطلع بها املال العام‪ ،‬وهو بذلك يعوض قصور الدولة‬
‫أو تقصيرها في إشباع حاجات عامة‪ .‬وبالتالي فإن دعمه من امليزانية العامة للدولة أمر‬
‫منطقي وضرورة واقعية‪.‬‬
‫‪ )2‬بالنسبة لدعم الوقف العام للموازنة العامة للدولة‪ ،‬نرى من األنسب أن نسوق‬
‫بخصوصه ما جاء في قرارات منتدى قضايا الوقف الفقهية الرابع املنعقد بالرباط ما بني ‪30‬‬
‫مارس وفاحت أبريل ‪ 2009‬والتي جاء فيها‪:‬‬
‫‪ - 1‬يجوز الدعم غير املباشر‪ 30‬للموازنة العامة للدولة من غلة الوقف من خالل إحدى‬
‫طريقتني‪:‬‬
‫أ ‪ -‬مبادرة اجلهات املوقفة لدعم األنشطة التي تدخل في أغراض الوقف‪ ،‬وحتقق شروط‬
‫الواقفني‪ ،‬مثل مجاالت التعليم‪ ،‬والتطبيب ومساعدة احملتاجني‪ ،‬ما من شأنه أن يخفف‬
‫العبء عن املوازنة العامة‪.‬‬

‫‪ - 27‬حاشية رد املختار على الدر املختار شرح تنوير األبصار فقه أبو حنيفة ابن عابدين‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر‪ -‬بيروت‪ ،‬طبعة‬
‫‪1421‬هـ ‪2000 -‬م‪ ،‬اجلزء الرابع‪ ،‬ص‪.184 .‬‬
‫‪ - 28‬هو عبد الله بن محمد موسى بن معطى العبدوسي‪ ،‬عالم فاس ومفتيها ومحدثها وصاحلها‪ .‬وهو ابن أخ أبي القاسم العبدوسي وحفيد‬
‫أبي عمران موسى العبدوسي‪ .‬كان أكثر علمه فقه احلديث‪ ،‬وتولى آخر أمره خطابة جامع القرويني‪ ،‬ثم توفي سنة ‪ 849‬هـ ‪ ،‬أحمد‬
‫بابا التنبكتي‪ ،‬نيل االبتهاج بتطريز الديباج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬املجلد األول‪ ،‬ص‪.250 - 249.‬‬
‫‪ - 29‬الونشريسي‪ ،‬املعيار املعرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬اجلزء السابع‪ ،‬ص‪.309 .‬‬
‫‪ - 30‬مت تعريف الدعم غير املباشر بأنه هو‪ :‬مساهمة الوقف في تغطية بعض األنشطة التي هي من مهام الدولة‪ ،‬بحيث تخفف العبء‬
‫عن املوازنة العامة للدولة في البنود املرتبطة بهذه األنشطة‪ .‬تنظر أعمال منتدى قضايا الوقف الفقهية الرابع‪ :‬قضايا مستجدة‬
‫وتأصيل شرعي‪ ،‬نظم املنتدى بالرباط بتعاون بني األمانة العامة لألوقاف بدولة الكويت‪ ،‬ووزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‬
‫باململكة املغربية‪ ،‬والبنك اإلسالمي للتنمية باململكة العربية السعودية في الفترة املمتدة من ‪ 3‬إلى ‪ 5‬ربيع الثاني ‪ 1430‬هـ املوافق‬
‫لـ ‪ 30‬مارس إلى فاحت أبريل ‪2009‬م‪ ،‬أعمال املنتدى كاملة نشرتها األمانة العامة لألوقاف بالكويت‪ ،‬الطبعة األولى ‪1432‬‬
‫هـ‪2011/‬م‪ ،‬ص‪.387.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪26‬‬

‫ب ‪ -‬تلقي اجلهات املوقفة طلبات من اجلهات احلكومية‪ ،‬والنظر في تلك الطلبات‬


‫للصرف على ما تظهر مشروعيته مع بعده عن احملرمات والشبهات‪ ،‬بحيث يحقق أغراض‬
‫الوقف‪ ،‬وال يخرج عن شروط الواقفني بوجه عام‪.‬‬
‫‪ - 2‬يحظر الدعم املباشر‪ 31‬للموازنة العامة للدولة من غلة الوقف‪ ،‬وذلك لتحقيق‬
‫استقاللية الوقف ومتيزه‪ ،‬ألن ضم مبالغ من ريع الوقف إلى املوازنة يتعذر معه التحقق من‬
‫مراعاة شروط الواقفني‪ ،‬وحتقيق أغراض الوقف مهما قدمت من ضمانات قانونية‪ ،‬سواء‬
‫على مستوى اإلجراءات أم على مستوى الرقابة‪ ،‬وبالتالي ال تتاح الرقابة لناظر الوقف أو‬
‫املشرفني عليه‪.‬‬
‫‪ - 3‬يشمل احلظر املذكور في الفقرة السابقة األوقاف التي جهلت شروط واقفيها‪ ،‬أو مت‬
‫وقفها بدون حتديد جهة للصرف‪.‬‬
‫‪ - 4‬يستثنى من احلظر املذكور آنفا األوقاف التي ورد في شروط واقفيها النص على‬
‫دعم املوازنة العامة من ريعها كليا أو جزئيا»‪.32‬‬

‫خامتة‬
‫من حقنا أن نفخر بأننا نعيش في زمن تعاظم فيه التأكيد على مبدأ الشفافية والوضوح‪،‬‬
‫وتعززت فيه املطالبة بترسيخ مبدأ احلكامة اجليدة‪ ،‬وتفعيل آليات الرقابة واحملاسبة‪ .‬وهذه‬
‫كلها مبادئ مهمة وعظيمة ستؤدي إلى رقي املجتمع والنهوض بأوضاعه‪ ،‬وحل العديد من‬
‫مشاكله‪ ،‬والتخفيف من وطأة األزمات التي تعترضه‪ .‬لكن ذلك مرهون بحسن تطبيق هذه‬
‫املبادئ‪ ،‬وااللتزام بها بإخالص حتى ال تكون مجرد شعارات جوفاء مهمتها التغطية على‬
‫واقع بعيد عن متطلباتها‪.‬‬
‫ونعتقد أن الوقف العام ببالدنا يعيش أزهى فتراته منذ قرن‪ ،‬بالنظر إلى ما زود به من‬
‫ترسانة قوية متكاملة وحديثة ممثلة في مدونة األوقاف والنصوص املتخذة لتطبيقها‪ ،‬وما‬
‫وضع له من مؤسسات تضطلع مبهمة مصاحبته بالتوجيه وتصحيح جوانب اخللل التي ال‬
‫يسلم منها أي عمل بشري‪.‬‬

‫‪ - 31‬مت تعريف الدعم املباشر بأنه هو‪ :‬تقدمي مبالغ من غلة الوقف (الريع) إلى الدولة للتصرف فيها من أجل تغطية نفقاتها العامة‪،‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ - 32‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.388 – 387 .‬‬
‫‪27‬‬ ‫ف�صل املقال يف ما بني الوقف العام واملال العام من انف�صال وات�صال‬

‫وإن من شأن ذلك أن يدعونا أكثر من أي وقت مضى إلى أن نتبنى بقوة املبادئ املذكورة‬
‫آنفا‪ ،‬وعلى رأسها مبدأ الوضوح الذي يفرض عدم اخللط بني الوقف العام واملال العام‪ ،‬ولو‬
‫في ظل تدبير الوقف العام من طرف إدارة حكومية‪ ،‬ما دام أنها متارس مهمة النظارة على‬
‫الوقف العام بتفويض من أمير املؤمنني‪.‬‬
‫‪29‬‬

‫�أرا�ضي اجلي�ش باملغرب‬


‫الت�أ�صيل التاريخي والنظام القانوين‬
‫الدكتور محمد مومن‬
‫أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية مبراكش‬

‫مقدمة‬
‫من أبرز اخلصائص التي متيز البنية العقارية في املغرب هي أنها مزدوجة في هيكلها‬
‫ومتنوعة في طبيعتها‪ ،‬حيث يعرف املغرب ثنائية في نظامه العقاري بني عقارات محفظة‬
‫وعقارات غير محفظة‪ ،‬وتنوعا في األشكال والتقسيمات تتعايش فيه عدة أمناط بعضها‬
‫مستمد من الشريعة اإلسالمية كأراضي األحباس‪ ،‬وبعضها من تدخل املشرع مباشرة‪،‬‬
‫والبعض اآلخر من بعض األعراف والتقاليد كاألراضي اجلماعية وأراضي اجليش املعبر عنها‬
‫في تاريخ املغرب بأراضي «الكيش»‪.‬‬
‫وإذا كان هذا التنوع قد انعكس على مصادر القواعد القانونية املوضوعية والشكلية‬
‫املطبقة على كل نظام‪ ،‬فإن أراضي اجليش موضوع هذه الدراسة قد تأثرت إلى جانب ذلك‬
‫مبجموعة من املتغيرات التاريخية والقانونية‪ ،‬وخضعت لنوع من املد واجلزر بفعل الوظائف‬
‫االجتماعية والعسكرية والسياسية التي قامت بها‪ ،‬وتبعا للمستجدات والظروف التي‬
‫يعرفها املغرب‪.‬‬
‫و«الكيش» أو اجليش مصطلح يطلق عادة في املغرب على «القوات املسلحة» للسلطان‪،‬‬
‫حيث لم يكن سالطني املغرب في البداية يتوفرون على جيش نظامي بل كانت هناك قبائل‬
‫محاربة‪ 33‬يستعني بها السلطان مقابل منحهم امتيازا على بعض األراضي‪ ،‬مبعنى أنه كان‬
‫يعطي لهذه القبائل حق املنفعة بينما يحتفظ السلطان بحق الرقبة‪ ،34‬وبالتالي فاجليش لم‬

‫‪ - 33‬عبد الواحد شعير‪ ،‬املمتلكات العقارية للجماعات احمللية‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬احملمدية‪ ،1991 ،‬ص‪.38.‬‬
‫‪ - 34‬يالحظ أن هذا النوع من اإلقطاع مقابل اخلدمة العسكرية لم يقتصر فقط على التاريخ القدمي للمغرب‪ ،‬وإمنا استمر حتى بداية القرن‬
‫العشرين حيث صدر بتاريخ ‪ 27‬دجنبر ‪( 1919‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 351‬بتاريخ ‪ 19‬يناير ‪ )1920‬ظهير شريف يتعلق‬
‫بتخصيص أراضي مخزنية لقدماء احملاربني املغاربة ميكن متليكها متليكا مطلقا تاما بظهير شريف (الفصل األول)‪ ،‬ويسبق هذا‬
‫التمليك تخصيص قطع األرض املذكورة على سبيل االنتفاع بصفة مؤقتة ملدة ال ميكن أن تقل عن عشر سنني (الفصل اخلامس)‪،‬‬
‫وهـــــي أراضي ال تفوت وال حتجز وال يصح بوجـه عمومي أن يعقد بشأنها التزام أو حتمل ما‪ ،‬وخصوصا رهنها أو رهن منفعتها‬
‫وذلك بدون رخصة من الصدر األعظم (الفصل الرابع)‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪30‬‬

‫يكن يعني مجرد قوة عسكرية للسلطان‪ ،‬وإمنا ضربا من ضروب استغالل األرض‪ ،‬وشكال من‬
‫أشكال تطور امللكية العقارية في املغرب‪ ،35‬فهي أراضي زراعية أو قابلة للزراعة أو مراعي‬
‫يقتطعها السلطان إلحدى القبائل أو العشائر مقابل خدماتها العسكرية‪ ،‬وذلك بقصد‬
‫استغاللها واإلنتفاع بها على وجه الشياع‪ ،‬بدون أداء الضرائب عدا الزكاة‪ ،‬ومنها أخذت‬
‫هذه األراضي تسميتها انتسابا إلى قبائل اجليش التي تقطنها وتستغلها‪ ،36‬وإذا انقطعت‬
‫هذه اخلدمة العسكرية أو كانت القبيلة ال تشارك في اخلدمات العسكرية‪ ،‬فإنها تتمتع بحق‬
‫االنتفاع واستغالل أراضي مخزنية مبقابل مالي‪ ،‬ويطلق عليها آنذاك بأراضي النايبة‪.37‬‬
‫وقد تكونت بذلك عدة أمناط لألراضي املستغلة جماعيا‪ ،‬وفي هذا الصدد قال املغفور له‬
‫احلسن الثاني رحمه الله إنه ‪ «:‬باإلضافة إلى األراضي املخزنية (أي أراضي الدولة) يوجد‬
‫في املغرب ثالث أنواع من األراضي اجلماعية‪ ،‬هي‪ :‬أراضي اجليش‪ ،‬وأراضي األحباس‪،‬‬
‫(أي الوقف)‪ ،‬وأراضي اجلماعات‪.‬‬
‫فأراضي الكيش كما يتضح من اسمها هي األراضي التي أعطيت في املاضي من قبل‬
‫ملوك املغرب مقابل خدمات عسكرية‪ ،‬أي أن املستفيدين منها يفلحون أراضيهم في أيام‬
‫السلم‪ ،‬وينخرطون فورا في صفوف اجليش أيام احلرب‪.38» ...‬‬
‫وال يوجد أي نص قانوني ينظم أراضي اجليش إال ما كان متعارفا عليه في القدمي‬
‫مما أدى إلى حتويل بعضها إلى ملكيات خاصة والبعض اآلخر إلى أراضي جماعية‪39‬‬
‫لسهولة ذلك بالنظر إلى الطبيعة اجلماعية والقبلية لهذه األراضي لتصبح خاضعة لنظام‬
‫األمالك اجلماعية‪ ،40‬ولتبيان ذلك سنقسم هذه الدراسة إلى مبحثني ‪ :‬نخصص األول للتطور‬
‫التاريخي ألراضي اجليش بغية فهم كنه تواجدها كشكل من أشكال استغالل األراضي في‬
‫املغرب‪ ،‬والثاني لنظامها القانوني‪.‬‬

‫‪ - 35‬عبد الواحد شعير‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.39 .‬‬


‫‪ - 36‬عبد اللطيف الفحلي‪ ،‬العقار مبنطقة احلوز وإشكالية االستثمار‪ ،‬مقال منشور في كتاب العقار واالستثمار‪ ،‬نشر مركز الدراسات‬
‫القانونية املدنية والعقارية‪ ،‬املطبعة الوطنية مبراكش‪ ،2003 ،‬ص‪.61 .‬‬
‫‪ - 37‬عبد اللطيف الفحلي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪61. .‬‬
‫‪ - 38‬كتاب التحدي‪ ،‬املطبعة امللكية ‪ -‬الرباط‪ ،1983 ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬ص‪.158 .‬‬
‫‪ - 39‬أورد عبد القادر القطيب في مقاله حول وضعية أراضي اجليش بالنسبة ألراضي اجلموع املنشور في مجلة احملامي‪ ،‬العدد ‪،46‬‬
‫ص‪ 121 .‬وما بعدها مناذج من أراض جيشية عمدت مديرية األمالك املخزنية إلى التنازل عن ملكية رقبتها لفائدة اجلماعات‬
‫الساللية التي تستغلها‪.‬‬
‫‪ - 40‬قرار عدد ‪ 3311‬املؤرخ في ‪ 2007/10/17‬في امللف عدد ‪ 2006/3/1/2609‬منشور مبجلة قضاء املجلس األعلى‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،69‬ص‪ 35 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪31‬‬ ‫�أرا�ضي اجلي�ش باملغرب الت�أ�صيل التاريخي والنظام القانوين‬

‫املبحث الأول‬
‫التطور التاريخي لأرا�ضي اجلي�ش‬

‫تعتبر أراضي اجليش شكال من أشكال النظام العقاري املغربي‪ ،‬وهي أراضي يصعب‬
‫حتديد نظامها بدقة بسبب تعدد وقدم مصدرها الذي يرجع إلى القرن السادس عشر من‬
‫جهة‪ ،‬والتطور التاريخي املعقد الذي جعلها تخضع ألنظمة قانونية مختلفة من جهة أخرى‪.‬‬
‫وقد ارتبطت نشأتها بوجود قبائل أو عشائر يكلفها السلطان بحماية بعض الثغور أو‬
‫املناطق‪ ،‬لذلك سندرس في مطلب أول كيفية ظهور هذا النوع من األراضي‪ ،‬ثم في مطلب‬
‫ثان ما هي القبائل املعنية بها‪.‬‬

‫املطلب الأول‬
‫اجلي�ش �أرا�ضي ممنوحة لقبائل حماربة‬

‫نظرا الرتباط أراضي اجليش والقبائل املستغلة لها فإننا سنبحث في أصل كلمة اجليش‬
‫ثم في أصل نظام هذه األراضي‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫تعريف كلمة اجلي�ش‬

‫يعني لفظ الكيش أو اجليش مجموعة مسلحة أو فرقا عسكرية‪ ،‬وكانت هذه الوظيفة‬
‫منذ العهد السعدي‪ 41‬تضطلع بها قبائل معينة تسمى قبائل اجليش قبل أن يقع تنظيم‬
‫مؤسسة اجليش بصفة نهائية في زمن السلطان موالي إسماعيل‪ ،‬وكانت هذه القبائل هي‬
‫العنصر األساسي للعسكرية املغربية‪ ،‬إذ كانت تلك القبائل هي القوة املنظمة التي بإمكان‬
‫السالطني االعتماد عليها في كل وقت وحني‪ ،‬وكأنها إلى جانب احلرس السلطاني نواة‬
‫اجليش احملترف والدائم في اخلدمة‪ .42‬وكانت كل قبيلة اجليش ذات طابع عسكري مستقل‪،‬‬

‫‪ - 41‬يرى األستاذ مصطفى الشابي أن ظاهرة قبائل اجليش ترجع على األقل إلى عهد اخلليفة املوحدي يعقوب املنصور (‪)1199 - 1184‬‬
‫حيث أقدم على ترحيل قبائل بني هالل العربية‪ ،‬وأسكنهم في منطقة الغرب متخذا منهم جيشا في خدمة الدولة‪ ،‬بيد أن هذه‬
‫املجموعات القبلية لم حتتل مكانة مرموقة في دواليب مؤسسة اجليش إال مع السعديني‪.‬‬
‫= ينظر مؤلفه اجليش املغربي في القرن التاسع عشر ‪ ،1992-1930‬اجلزء األول‪ ،‬املطبعة الوطنية مبراكش‪ ،2008 ،‬ص‪.143.‬‬
‫‪ - 42‬مصطفى الشابي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 42 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪32‬‬

‫ومتثل وحدة حتت رئاسة قائد عسكري‪ ،‬وتنقسم إلى عدة فرق دائمة التنقل يعتبر مقاتلوها‬
‫كأفراد من املخزن‪ 43‬ويبقى الرجال القادرون على حمل السالح والذين لم يتم جتنيدهم الفعلي‬
‫كجنود احتياطيني حتت تصرف السلطان‪.‬‬
‫ومن أفراد هذه القبائل يتكون احلرس امللكي واحلاميات املستقرة بأهم املدن والثغور مثل‬
‫فاس ومكناس والعرائش والرباط‪ ،‬وأيضا األصناف املهنية امللحقة بالبالط وكثيرا ما كان‬
‫يختار منهم أعضاء اإلدارة املركزية واإلقليمية وقواد اجليش‪.‬‬
‫وتنقسم قبائل اجليش حسب أهميتها إلى عدد من الفرق تدعى «الرحى» وعلى كل فرقة‬
‫أن تقدم طابورا يضم ‪ 500‬من املقاتلني املداومني على رأسه قائد الرحى‪ ،‬وينقسم الطابور‬
‫إلى خمسة فرق تدعى كل منها «املائة « وعلى رأسها قائد املائة‪ ،‬وتنقسم املائة إلى أربعة‬
‫فرق وعلى رأس كل منها مقدم‪.44‬‬
‫وتقتطع لهذه القبائل أراضي إما على سبيل التمليك أو االنتفاع‪ 45‬وهي تتمتع فوق ذلك‬
‫برواتب شهرية ومؤن وباإلعفاء اجلبائي ما عدا الزكاة‪.‬‬
‫وبجانب هذا اجليش الدائم ميكن للسلطان عند االقتضاء أن يجند بسرعة النوائب أو‬
‫النايبة وهم فرسان تقدمهم بعض القبائل تطوعا للمشاركة في عمليات عسكرية محدودة ‪.‬‬
‫غير أن سنة ‪ 1844‬تعد منعرجا في التاريخ العسكري للمغرب إذ بعد هزمية إيسلي سيقوم‬
‫كل من سيدي محمد بن عبد الرحمان ‪ 1873-1859‬وموالي احلسن األول ‪1894-1873‬‬
‫بإصالحات هامة تتسم بالتفتح على الغرب من الناحية العسكرية وبالتالي تغيرت أساليب‬
‫اإلدماج في اجلندية فبدأت املدن هي األخرى متد اجليش املغربي بالرجال إذ فرض على مدينة‬
‫فاس عدد ‪ 500‬رجل و‪ 200‬على كل ميناء مغربي و‪ 600‬على الرباط وسال‪ ،‬فتكون بذلك‬
‫جيش دائم ومدرب‪ ،‬ولم يبق التجنيد حكرا على قبائل اجليش مما أضعف القوة االجتماعية‬
‫لهذه القبائل‪ ،‬وساهم في التعجيل بتحييد دورها ومكانتها املتميزة في اجلهاز املخزني‪.46‬‬

‫‪ - 43‬عبد الواحد شعير‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪38 .‬‬


‫‪ - 44‬عمر الثميني ‪ ،‬املجمل في تاريخ النظم واألحداث االجتماعية‪ ،‬مطبوع على استانسيل‪ ،1986 ،‬بيانات النشر غير مذكورة‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪.190‬‬
‫‪45 -Me SURDON, La condition des terres et le régime immobilier au Maroc, Institut des‬‬
‫‪Hautes Etudes Marocaines, Rabat, 1928, p, 15.‬‬
‫‪ - 46‬مصطفى الشابي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.53 .‬‬
‫‪33‬‬ ‫�أرا�ضي اجلي�ش باملغرب الت�أ�صيل التاريخي والنظام القانوين‬

‫الفقرة الثانية‬
‫م�صدر نظام �أرا�ضي اجلي�ش‬

‫ينبني نظام أراضي اجليش على جتزئة حق امللكية حيث يحتفظ املخزن أو الدولة بحق‬
‫الرقبة بينما ال يعطى للقبائل سوى حق االستغالل واالنتفاع على الشيوع بهذه األراضي‪،‬‬
‫ويتولى شخص يسمى باشا اجليش مسك سجل القسمة يسمى الديوان‪ ،‬وذلك من أجل‬
‫تنظيم تقسيم العائدات على العائالت املكونة للقبيلة‪ ،‬ويرتبط هذا االمتياز بشخص صاحبه‬
‫وال تنتقل بالوراثة متى هلك صاحبه‪ ،‬ولكن يبقى ألبنائه احلق في املطالبة بنصيب أبيهم‬
‫إن هم التحقوا باجلندية‪.47‬‬
‫ويرى بعض الفقه‪ 48‬أن هذا النظام قد مت اقتباسه من نظام األراضي األميرية الذي طبقته‬
‫السلطة العثمانية إبان حكمها باجلزائر‪ ،‬وهو نظام يجد أصله حسب البعض فيما يعرف في‬
‫الفقه اإلسالمي بأراضي بيت املال التي من بني مكوناتها األراضي التي مات أصحابها وال‬
‫وارث لهم وكذلك أراضي البالد التي فتحها املسلمون عنوة وبقيت لعامة املسلمني إلى يوم‬
‫القيامة‪ .49‬وإذا كان لإلمام حق أو صالحية التصرف في هذه األراضي باعتبار ما تقتضيه‬
‫املصلحة العامة للمسلمني فإنها لم تعتبر في أي عهد من العهود السابقة على الدولة‬
‫العثمانية ملكية خاصة لإلمام وهو ما يتضح من معاملة سيدنا عمر بن اخلطاب ألراضي‬
‫العراق ملا رفض توزيعها على الفاحتني وإمنا خول أصحابها حق االنتفاع بعد جعل ملكية‬
‫حق الرقبة في يد بيت مال املسلمني‪.50‬‬
‫فاألراضي األميرية ال تعدو أن تكون أرضا مملوكة لبيت املال بلغة الفقه اإلسالمي أو‬
‫الدولة بلغة القوانني احلديثة‪ ،‬وللدولة أن تتصرف فيها مبا يحقق املصلحة العامة من بيع أو‬
‫تأجير أو استغالل على أي وجه من األوجه‪ ،‬وبالرغم من ذلك فقد عاملت اخلالفة العثمانية‬
‫األراضي األميرية معاملة خاصة جتلت في منح من أسمتهم أصحاب حق التصرف من كبار‬

‫‪ - 47‬محمد بونبات‪ ،‬احلقوق على العقارات‪ ،‬املطبعة الوطنية مبراكش‪ ،2008 ،‬ص‪.21.‬‬
‫عبد الواحد شعير‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪38 .‬‬
‫خالد ميداوي‪ ،‬بعض مبادئ الفقه اإلسالمي املنظمة للعقار‪ ،‬مطبعة دار القلم بالرباط‪ ،2000 ،‬ص‪.15 .‬‬
‫‪ - 48‬عمر الثميني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.189 .‬‬
‫‪ - 49‬حاشية ابن عابدين‪ ،‬اجلزء الثالث‪ ،‬ص‪.353 .‬‬
‫‪ - 50‬يالحظ بعض الفقه أن سيدنا عمر بن اخلطاب أقطع اجليش اإلسالمي ثغور الهند للدفاع عنها‪.‬‬
‫إبراهيم القادري بوتشيش‪ ،‬تطور ملكية أراضي اجليش في األندلس منذ الفتح اإلسالمي حتى مطلع اخلالفة‪ ،‬مجلة البحث العلمي‪،‬‬
‫العدد ‪ ،38‬السنة ‪ ،1988‬ص‪.145 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪34‬‬

‫اجليش وكبار موظفي الدولة في األراضي األميرية حقوقا كثيرة مت التنصيص عليها في‬
‫قانون األراضي املؤرخ في سنة ‪ 1858‬من أهمها ‪ :‬حق املنتفع في زراعة األراضي األميرية‬
‫أو تأجيرها أو إعارتها (املادة التاسعة من قانون األراضي العثماني)‪ ،‬وحقه في الرعي‬
‫(املادة احلادية عشر) وفي االنتفاع بالعشب مع حقه في منع الغير من هذا االنتفاع (املادة‬
‫العاشرة) ومنعه من استعمال األرض للحفر أو للبيدر (املادة الرابعة عشر)‪ ،‬وحقه في إفراغ‬
‫هذه األرض إلى من يشاء بإذن املوظف املختص‪ ،‬وحقه في طلب القسمة إن كان له شركاء‪.51‬‬
‫كما فرض هذا القانون قيودا على حق املنتفع ميكن تقسيمها إلى ثالثة أنواع‪ :‬تتضمن‬
‫األولى املنع املطلق من التصرف ويشمل عدم جواز دفن امليت باألرض األميرية‪ ،‬وعدم جواز‬
‫وقفها أو رهنها ما لم ميلكه السلطان إياها متليكا صحيحا‪.‬‬
‫وتشمل الثانية عدم جواز التصرف إال بإذن املوظف املكلف بهذه األراضي ومن ذلك عدم‬
‫إمكان حتويل املروج الطبيعية إلى مزارع وحصد ما بها من حشائش‪ ،‬أو إقامة أبنية فوقها‬
‫إال بعد موافقة هذا املوظف‪.‬‬
‫أما النوع الثالث فيتعلق مبلكية املعادن حيث إذا ظهر في أرض أميرية حتت تصرف‬
‫شخص معادن كالذهب أو الفضة أو احلديد أو غيرها من املعادن فإنها تعود إلى الدولة وال‬
‫يتملك املتصرف في األرض شيئا منها‪.‬‬
‫وإذا كان بعض الفقه‪ 52‬يرى أن املخزن التقليدي املغربي منذ عهد السعديني قد اقتبس‬
‫هذا النظام عن الدولة العثمانية‪ ،‬فإنه بغض النظر عن البحث في صحة هذا القول‪ ،‬فإنه‬
‫يبدو أن السلطة في كل من املغرب وتركيا قد استغلت ثروة عقارية وسخرتها ملصلحتها‬
‫السياسية مما اثر بشكل سلبي على النظام العقاري‪ ،‬فهذه األراضي مملوكة لبيت املال قامت‬
‫السلطة احلاكمة بإخراجها من دائرة التقنني الفقهي وتركتها عرضة ملجموعة من األعراف‬
‫والتنظيمات الوضعية التي تتحكم فيها املصالح السياسية‪ ،‬فأراضي اجليش كانت متنح‬
‫لقبائل محاربة وبدون مقابل ومعفية حتى من الضرائب ما عدا الزكاة‪ .53‬في حني أن‬

‫‪ - 51‬محمد عبد اجلواد محمد‪ ،‬ملكية األراضي في ليبيا في العهود القدمية والعهد العثماني‪ ،‬ص‪ 351 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪52- J : LE COZ : les tribus guichs au Maroc, Essai de géographie agraire. Thèse complémentaire‬‬
‫‪pour le Doctorat ès Lettres soutenue le 21 Novembre 1954 à la Faculté des Lettres et‬‬
‫‪Sciences humaines de Paris. p : 5‬‬
‫‪53- J : LE COZ op. cit. p : 12‬‬
‫‪35‬‬ ‫�أرا�ضي اجلي�ش باملغرب الت�أ�صيل التاريخي والنظام القانوين‬

‫االستغالل في األرض األميرية كان مقصورا على موظفني معينني مقابل ثمن‪ ،‬وينتقل حق‬
‫املتصرف بعد وفاته إلى ورثته دون استثناء‪.‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫قبائل اجلي�ش والتوزيع اجلغرايف لأرا�ضيها‬

‫كانت الوظيفة العسكرية منذ العهد السعدي تضطلع بها قبائل معينة تسمى قبائل‬
‫اجليش وهي قبائل تقطن أراضي مخزنية وتعيش من استغاللها وتعفى من الضرائب في‬
‫مقابل اخلدمة العسكرية‪ ،54‬وبذلك فإن التوزيع اجلغرافي ألماكن وجود هذا النوع من األراضي‬
‫داخل املغرب يرتبط ارتباطا كبيرا بأماكن وجود هذه القبائل‪ .‬لذلك سندرس في األول القبائل‬
‫املسماة باجليش وثانيا التوزيع اجلغرافي ألراضي اجليش‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫قبائل اجلي�ش‬

‫تتعدد القبائل التي كانت متد اجليش السلطاني برجاالتها‪ ،‬إال أنها كانت تعرف جميعا‬
‫بقبائل اجليش‪ ،‬ومن أهمها ‪:‬‬
‫�أوال ‪ -‬قبائل الأودايا ‪ :‬وهم من أعراب بني معقل‪ ،55‬وأصلهم من نواحي سوس‪ ،‬وقد‬
‫تـــركوا اجلنوب بسبب املجاعة فاستقروا باحلوز‪ ،‬وهي من أقدم الفــرق التي انخرطت في‬
‫جيش مــوالي إسماعيل‪ ،‬ومن أهم فرق اجليش املسجلة في الديوان والتي اعتمد عليها هــذا‬
‫السلطـان‪ ،56‬وكــانت تنقسم إلى ثالث مجموعات أو أرحية‪ ،‬وهي رحى أهل سوس‪ ،‬ورحى‬
‫املغافرة‪ ،57‬ورحـــى األودايا‪ .58‬إال أن موالي إسماعيل وزعهم إلى مجموعتني ‪ :‬مجموعة‬
‫استقرت بفاس واألخرى مبكناس‪.59‬‬

‫‪54- Abdellah LAROUI : les origines p : 83‬‬


‫‪ - 55‬مصطفى الشابي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.143 .‬‬
‫‪56 - Paul Pascon : Le Haouz de Marrakech, Tome 1, édition l’harmathan, 1983, p. 24.‬‬
‫‪ - 57‬تصاهر املولى إسماعيل مع هذه القبيلة إذ تزوج منها بامرأة اسمها لالخناتة بنت بكار املغافري التي ولدت له لسلطان موالي عبد‬
‫الله‪ .‬وقد كانت هذه الزوجة مبثابة مستشارة لزوجها املولى إسماعيل أزيد من ربع قرن‪ ،‬وكانت أيضا فقيهة وعاملة أشرفت على تربية‬
‫حفيدها السلطان املشهور سيدي محمد بن عبد الله‪( .‬كتب عنها كثير من املؤرخني املغاربة‪ ،‬وكتب عنها األجانب بحوثا في مجالتهم‬
‫التاريخية)‪.‬‬
‫عبد احلق املريني‪ ،‬اجليش املغربي في عهد أبي النصر املولى إسماعيل قاهر األعداء‪ ،‬دعوة احلق ‪ ،‬ج‪ ،32‬العدد ‪ ،255‬ص‪.192‬‬
‫‪58 -J. LECOZ : op. cit. p. 4.‬‬
‫‪ - 59‬عمر الثميني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.190 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪36‬‬

‫ثانيا ‪ -‬البواخر‪ :‬أو عبيد البخارى‪ 60‬وهم جنود من أصل إفريقي استقدمهم موالي‬
‫إسماعيل من مختلف نواحي املغرب ووزعهم على مختلف قصبات اململكة حفاظا على‬
‫األمن وقمع الثورات‪ .‬وقد سمي هؤالء اجلنود بالبواخر ألنهم كانوا يؤدون ميني الطاعة على‬
‫صحيح البخاري‪ .‬وجتدر اإلشارة إلى أن البواخر أو عبيد البخارى‪ 61‬خالفا ألمناط قبائل‬
‫اجليش األخرى ال ينتسبون إلى قبيلة معينة وال ارتباط لهم مبنطقة أرضية قارة‪ .62‬وكان هذا‬
‫األمر مقصودا ألن تكوين قوة عسكرية من الزنوج القاطنني باملغرب ستحول بني عدد من‬
‫األقاليم وبني ما تثيره من االضطرابات ألنها ستكون قوة منظمة ال ارتباط لها بأرض أو‬
‫قبيلة وإمنا سيكون ارتباطها متصال مباشرة بكيان الدولة وستكون عصبيتها غير إقليمية‪،‬‬
‫وهو ما سيساعد على إقرار األمن وعلى رد العدوان على كل أجنبي يريد باملغرب سوءا‪.63‬‬

‫‪ - 60‬ذكر العالمة املؤرخ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن علي أب محمد بن عبد امللك بن زيدان العلوي في كتابه‪« :‬املنزع‬
‫اللطيف في التلميح ملفاخر موالي إسماعيل بن الشريف» كيفية اعتناء السلطان باجليش البخاري ما نصه ‪:‬‬
‫«فقد كان على نظام عجيب واعتناء غريب‪ .‬ففي فاحت املائة احلادية عشرة أصدر أمره العالي بالله لعبيده باإلتيان مبن بلغ من‬
‫أوالدهم عشر سنني الذكور منهم واإلناث فيفرق اإلناث على نسائه بداره املصونة لتهذيب أخالقهن‪ ..‬ويفرق الذكور على الصنائع‬
‫واحلرف‪ :‬البنائني والنجارين واحلدادين والفالحني وغير ذلك من أنواع احلرف الرائجة بإيالته املغربية‪ ،‬ويلزمهم ركوب احلمر تدريبا‬
‫لهم على الفروسية فإذا بلغوا احلادية عشرة من السن ألزمهم ركوب البغال التي حتمل اجلير واألجر والزليج ملباني قصوره الفخيمة‬
‫فإذا بلغوا الثانية عشرة ألزمهم بضرب املراكز وخدمة ألواح البناء تدريبا لهم على حتمل األعباء الشاقة حتى ال تركن نفوسهم‬
‫إلى العجز والكسل وامليل إلى الراحة فإذا أكملوا الثالثة عشرة دفعهم إلى اجلندية وكساهم ودفع لهم السالح واشتغلوا باخلدمات‬
‫اجلندية وتعلم فنونها راجلني‪ ،‬فإذا بلغوا الرابعة عشرة دفع لهم اخليل دون سروج وألزمهم ركوبها في كل بكرة وعشي يتعلمون الكر‬
‫والفر والسباق فإذا مترنوا على ذلك وبلغوا اخلامسة عشرة دفعت لهم السروج وألزموا تعلم الكر والفر والسباق والرماية عليها فإذا‬
‫بلغوا السادسة عشرة صاروا من جملة اجلند جتري عليهم اجلرايات ويكتبون في الديوان ويزوجهم بالبنات الالتي جئن معهن و يدفع‬
‫للرجل عشرة مثاقيل وللمرأة خمسة مثاقيل‪ ،‬ويعني واحدا من آبائهم الكبار للرياسة عليهم يأمترون بأوامره وينتهون بنواهيه ويدفع‬
‫لذلك الرئيس ما يبنى لهم به الدور والنوائل و يوجه ملشرع الرملة ‪ ...‬وعلى هذا جرى العمل مع جنده و مماليكه كل سنة إلى أن‬
‫ختمت أنفاسه‪ ،‬وقد بلغ عددهم مائة وخمسني ألفا‪ ،‬وثمانون ألفا متفرقة في قلع املغرب لتوطيد األمن وقمع عتاة القبائل املتمردة‪،‬‬
‫وسبعون ألفا باحمللة يركبون كأنهم رجل واحد وينزلون كذلك ال يبالون باملالحم العظام وال يكترثون باملوت الزؤام وال يقيمون لألبطال‬
‫العتاة وزنا ولو بلغ عددهم ما يبلغ‪ .‬وكان السلطان هو الذي يتولى استعراضهم بنفسه و يعرف كل واحد منهم بعينه واسمه ونسبه‬
‫ويدفع لكل واحد منهم راتبه يدا بيد»‪.‬‬
‫أورد هذا النص عبد القادر النكادي‪ ،‬وحدات جيش قصبة سلوان في عهد املولى إسماعيل السجلماسي‪ ،‬دعوة احلق ج‪ ،15‬ع‬
‫‪  ،127‬ص ‪.121‬‬
‫‪ - 61‬محمد بن عبد العزيز الدباغ‪ ،‬تنظيم جيش البخاري في عهد موالي إسماعيل‪ ،‬دعوة احلق ج‪ ،21‬ع ‪  ،176‬ص‪.76‬‬
‫‪62 - J. LECOZ : op. cit. p. 4‬‬
‫‪ - 63‬محمد بن عبد العزيز الدباغ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.76 .‬‬
‫يقسم املؤرخون هذا اجليش إلى أقسام ثالثة ‪.‬‬
‫القسم األول‪ :‬يتكون من العبيد خالصي الرقبة وهؤالء هم الذين وجدوا في دفتر عليلش أو من الذين اشترتهم الدولة من أربابها‬
‫فقد عمل املولى إسماعيل على جمع جميع العبيد املوجودين مبملكته وضمهم إلى جيشه هذا مبوجب التملك الشرعي اخلالص من‬
‫الشبهة‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬يتكون من العبيد الذين حرروا وهؤالء أدرجوا في اجلندية إدراجا جبريا وكان يعرف كل واحد منهم في املغرب باحلر‬
‫الثاني كما هو معهود‪.‬‬
‫‪37‬‬ ‫�أرا�ضي اجلي�ش باملغرب الت�أ�صيل التاريخي والنظام القانوين‬

‫ثالثا‪ -‬قبائل شراقة ‪ :‬متثل هذه القبائل جتمعا قبليا مكونا من عرب سهل أجناد واشجاع‬
‫وبنو عامر وبربر مديونة وبني سنوس‪ ،‬وقد استقروا بأمر السلطان موالي رشيد في ناحية‬
‫فاس‪ 64‬على أراضي قشتالة وصدينة‪ 65‬أي بني سبو وورغة واقتطع لهم بها أرضا متليكا‪.66‬‬
‫رابعا‪ -‬قبائل الشراردة ‪ :‬وهم من عرب بني معقل‪ 67‬من جنوب املغرب أنزلوا بني زرهون‬
‫ووادي سبو‪ ،‬ويطلق اسم الشراردة على مجموع قبائل الشبانات وزرارة وأوالد دليم وتكنــــة‬
‫والتــــي مت نقلها بعد انهزامها عام ‪ 1828‬و‪ 1829‬إلى السهل أزغار بضواحــي سيدي قاسم‬
‫بعد مكـــوث قصير بضواحي مكناس‪ ،68‬باإلضافة إلى فصائل أخرى أقل عددا وأهمية‪،‬‬
‫كأوالد إدريس وإداو بالل‪.69‬‬

‫الفقرة الثانية‬
‫التوزيع اجلغرايف لأرا�ضي اجلي�ش‬

‫ترتبط أراضي اجليش ارتباطا وثيقا بالقبائل املستغلة لها لذلك فإن حتديد املواقع‬
‫اجلغرافية األصلية ألراضي اجليش يرتبط بأماكن وجود هذه القبائل‪.‬‬

‫القسم الثالث‪ :‬يتكون من األحرار خالصي احلرية وهؤالء لم يختاروا إال للونهم وكان العدد منهم من اإلفريقيني الذين يسكنون‬
‫املغرب وقد أعجب املولى إسماعيل بشهامتهم وقوتهم وارتأى أن يضيفهم إلى اآلخرين ملا لهم من الدربة على املواجهة وألنهم ال‬
‫يخافون وال يرهبون فهم ال يكونون عصبية داخلية وال يتحيزون لنزعة إقليمية‪.‬‬
‫وبناء على ما تقدم فإن خالصي العبودية ال يتمثلون إال في القسم األول فلماذا إذن يسمى هذا اجليش بجيش العبيد أو بعبيد‬
‫البخاري؟ إن الذين كانوا ال يرون في موقف املولى إسماعيل أي شبهة دينية في تأليف هذا اجليش كانوا يعتقدون أن هذا امللك‬
‫لم يدع أنه متلك األحرار أو تسلط على رقابهم أو تصرف فيهم تصرفا ال يتالءم مع كرامتهم فهم بعد تآلفهم وجمعهم وانضمام‬
‫بعضهم إلى بعض حاول أن يزيل شبهة العبودية عن العبيد منهم ال أن يضيف هذا اللقب إلى األحرار ولم يجد سبيال إلى ذلك إال‬
‫بإخراج العبودية من مظهرها السلبي إلى عبودية دينية يتساوى فيها الناس جميعا إنها العبودية لله ولدينه ولهذا أحضر نسخة‬
‫من صحيح البخاري وخطب فيهم قائال‪ :‬أنا وأنتم عبيد لسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وشرعه املشروع في هذا الكتاب‪،‬‬
‫فكل ما أمر به نفعله‪ ،‬وكل ما نهى عنه نتركه وعليه نقاتل فعاهدوه على ذلك‪ ،‬فأمرهم أن يحتفظوا بتلك النسخة وأن يحملوها‬
‫عند ركوبهم‪ ،‬ويقدموها أمام حروبهم‪ ،‬فاستمروا على ذلك‪ ،‬ومن ذلك احلني أصبح هذا اجليش يعرف بعبيد البخاري‪.‬‬
‫أحمد الناصري‪ ،‬االستقصاء ألخبار دول املغرب األقصى‪ ،‬مطبعة دار الكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬اجلزء ‪ ،7‬ص‪.58.‬‬
‫يوسف الكتاني‪ ،‬املولى إسماعيل رائد الدولة العلوية الشريفة‪ .‬مجلة دعوة احلق‪ ،‬ج‪  ،31‬ع‪  ،251‬ص‪.165‬‬
‫‪64 - J. LECOZ : op. cit. p. 4‬‬
‫‪ - 65‬إبراهيم حركات‪ ،‬املغرب عير التاريخ‪ ،‬اجلزء الثالث‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1984 ،‬ص‪ 466.‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 66‬عمر الثميني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪190 .‬‬
‫‪ - 67‬مصطفى الشابي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.150 .‬‬
‫‪68 - J. LECOZ : op. cit. p. 4 - 6‬‬
‫‪ - 69‬مصطفى الشابي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.150 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪38‬‬

‫وقد عرف املغرب عبر التاريخ عمليات تنقل للقبائل سواء مبحض اختيارها نتيجة‬
‫الظروف االقتصادية والسياسية كاملجاعة واالضطهاد‪ ،70‬أو بفعل عمليات الترحيل‪ ،71‬غير‬
‫أن السمات األساسية املرتبطة مبوضوع الدراسة هي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن أغلب قبائل اجليش هي قبائل ذات أصل عربي باستثناء البواخر‪ 72‬وأيت إميور‪،‬‬
‫‪ - 2‬أن هذه القبائل كانت تتمركز في السهول األطلسية وحول أهم املدن أو على الطرق‬
‫املؤدية إليها‪ ،‬وهي باخلصوص فاس ومكناس ومراكش والرباط‪،73‬‬
‫‪ - 3‬أن شكل أراضي اجليش مت بإرادة السلطان الذي كان مينح هذه األراضي إلى القبائل‬
‫إما على سبيل اإلنتفاع أو على سبيل اإلقطاع‪،74‬‬
‫‪ - 4‬أن طرق استغالل هذه األراضي يختلف من قبيلة إلى أخرى طبقا لتقاليدها وأعرافها‬
‫اخلاصة‪،‬‬
‫‪ - 5‬أن هذه القبائل لم تعرف استقرارا في مكان معني‪ ،‬ونورد على سبيل املثال وضعية‬
‫بعض القبائل التي أشرنا إليها سابقا ‪:‬‬
‫ويعد منوذج قبائل األودايا مثاال لهذه التنقالت حيث تركت بصماتها في أنحاء كثيرة‬
‫من املغرب‪ ،‬وقد عرفت هذه القبائل حدثني هامني‪ ،‬يتمثل األول في تكوينهم من طرف املولى‬
‫إسماعيل‪ ،‬والثاني في ترحيلهم وتشتيتهم من طرف املولى عبد الرحمان (‪)1859-1822‬‬
‫بعدما ثاروا عليه سنة ‪ 1832‬ونزع عنهم صفة «الكيش» قبل أن يعيدها إليهم بعد ‪12‬‬
‫سنة‪ ،‬وكان قد وزعهم على عدة مناطق‪ ،‬استقرت رحى املغافرة بأحواز مراكش حيث أقطعهم‬
‫بها أرضا مبوجب ظهير مؤرخ في ‪ 6‬ربيع األول ‪ 30( 1268‬دجنبر ‪ ،75)1851‬ونقلت رحى‬
‫األوداية إلى العرائش حيث مكثوا فيها أربع سنوات قبل إعادتهم إلى ضواحي فاس‪ ،‬ورحى‬

‫‪ - 70‬أحمد الناصري‪ ،‬االستقصاء ألخبار دول املغرب األقصى‪ ،‬مطبعة دار الكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬اجلزء ‪ ،7‬ص‪.41 .‬‬
‫‪ - 71‬إبراهيم حركات‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.190.‬‬
‫‪ - 72‬يالحظ أن جيش البخاري على خالف قبائل اجليش األخرى لم يرتبط بأي أرض معينة‪ ،‬وإمنا استقر أغلبهم مبكناس‪ ،‬بينما اندمجت‬
‫مجموعة منهم بجيش الشراردة بضواحي سيدي قاسم‪.‬‬
‫‪73 - J. LECOZ : op. cit. p. 4‬‬
‫‪74 - Me SURDON, op. cit., p. 15‬‬
‫‪75 - Office du Haouz : Aménagement du Haouz central. Janvier 1978. p. 4‬‬
‫واملالحظ أن هذا التخصيص مبوجب هذا الظهير كان على أساس حق التملك‪ ،‬ويدل على ذلك عبارة التصرف فيها «تصرف املالك‬
‫فيما ميلك»‪.‬‬
‫‪39‬‬ ‫�أرا�ضي اجلي�ش باملغرب الت�أ�صيل التاريخي والنظام القانوين‬

‫أهل سوس «إلى الرباط‪ 76‬حيث صنفوا فيها إلى مجموعتني ‪ :‬مجموعة صغرى عهد إليها‬
‫بحماية القصبة املنصورية الكائنة على بعد ‪ 50‬كلمتر جنوب الرباط‪ ،‬ومجموعة كبرى‬
‫استقرت باملدينة حلماية القصبة املعروفة باسمهم هناك‪.77‬‬
‫وقد كان ملوقع أراضي جيش األوداية أثر في مواجهة صعوبات كثيرة منها زحف‬
‫التجمعات احلضرية‪ ،‬ومطالب الشرفاء العلويني‪ ،‬وأطماع املستعمر وآخرين أفرزت وضعيات‬
‫قانونية وتاريخية معقدة‪.‬‬
‫أما قبائل الشراردة فقد استقرت في نهاية القرن السابع عشر بغرب مراكش واستمروا‬
‫على تلك احلالة إلى أن رحلوا إلى ما بني عام ‪ 1829 - 1828‬إلى ناحية مكناس ومنها‬
‫أزغار قرب سيدي قاسم‪ 78‬وهناك انضافت إليهم قبائل الشبانات وزرارة وأوالد دليم وتكنة‬
‫الوافدة من احلوز حيث اندمج اجلميع حتت اسم الشراردة‪ ،79‬غير أن قسما من الشراردة بقوا‬
‫قريبا من مراكش‪ ،‬حيث بنى أحد أشياخهم محمد بن أبي العباس الشرادي زاوية متأثرا‬
‫بالزاوية الناصرية‪.80‬‬

‫املبحث الثاين‬
‫النظام القانوين لأرا�ضي اجلي�ش‬

‫تقتضي منا دراسة النظام القانوني ألراضي اجليش أن نبني في مطلب أول الطبيعة‬
‫القانونية لهذه األراضي‪ ،‬وفي مطلب ثان طرق استغاللها واحلقوق املخولة للمنتفعني بها‪.‬‬

‫املطلب الأول‬
‫الطبيعة القانونية لأرا�ضي اجلي�ش‬
‫يعتبر حتديد الطبيعة القانونية ألراضي اجليش من اإلشكاالت األساسية املرتبطة بهذا‬
‫املوضوع‪ ،‬حيث تطرح تساؤالت أساسية تتعلق مبلكية هذه األراضي هل تعود إلى الدولة أم‬

‫‪76 - J. LECOZ, op. cit. p. 18‬‬


‫‪ - 77‬أحمد الناصري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.40/38 .‬‬
‫‪ - 78‬خضعت حقوق انتفاع هذه القبائل على األراضي املمنوحة لها لعدة تغييرات من بينها إعادة التقسيم املقررة مبقتضى الظهير الشريف‬
‫املؤرخ في ‪ 19‬مارس ‪ 1919‬املتعلق باإلنعام على وجه اإلقطاع على جيش الشراردة بقسم من األراضي املخزنية النازلني بها‪.‬‬
‫‪79 - J. LECOZ, op. cit. p. 5‬‬
‫‪80 - J. LECOZ, op. cit. p. 5‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪40‬‬

‫للقبائل التي منحت لها ؟ وما هو السند الذي اعتمده املخزن في تدخله ملنح هذه األراضي‬
‫أو استرجاعها من بعض القبائل ومنحها ألخرى ؟‬
‫وبالرجوع إلى الظروف التاريخية التي أفرزت هذا النظام العقاري يتضح أن أراضي‬
‫اجليش هي أراضي متنح لبعض القبائل مقابل خدمتها العسكرية ومشاركتها في صد‬
‫العدوان‪ ،‬أو ردع الفنت والثورات‪ ،‬وأنها كانت تشكل إلى جانب امتيازات أخرى تعويضا‬
‫عن هذه اخلدمات‪ .‬ولم يتفق الفقه في جواز إقطاع اإلمام ألرض ألحد من الناس‪ ،‬كما أن‬
‫الباحثني اختلفوا بخصوص السند املعتمد في منح هذه اإلقطاعات‪:‬‬
‫فبالنسبة جلواز اإلقطاع أورد احلكم عدد ‪ 21‬الصادر عن مجلس االستئناف الشرعي‬
‫األعلى أنه‪« :‬اختلف املذهب في النقل عنه‪ ،‬فمنهم من قال إن اإلمام له أن يقطع في البوار‬
‫واملعمور سواء كان املعمور أرض عنوة أم ال‪ ،‬ومنهم من منع اإلقطاع في املعمورة‪ ،‬لكن إن‬
‫وقع التمليك من اإلمام يجب مضيه ونفوذه‪ ،‬ألن ذلك حكم منه‪ ،‬واحلكم في مجاري اخلالف‬
‫نافذ‪ ،‬ال يتعقب السيما مثل هذه املسألة»‪.81‬‬
‫أما بخصوص السند املعتمد في منح هذه اإلقطاعات‪ ،‬فقد مت التساؤل هل هي أراضي‬
‫اخلراج ؟ وقد سبق أن طرحت قضية األراضي املفتوحة عنوة في صدر اإلسالم هل تعد من‬
‫الفيء فتوزع على املجاهدين مثلها مثل الغنائم املنقولة‪ ،‬فرأى سيدنا عمر بن اخلطاب‬
‫خالف ذلك فاتفقت معه األغلبية‪ ،‬وخالفه بعض الصحابة في ذلك‪ ،‬فقرر اإلبقاء على‬
‫األرض وتركها ألصحابها وجعل عليها خراجا يؤدى سنويا يفرضه اإلمام بحكم التفويض‬
‫املخول له من طرف األمة لتدبير شؤون بيت املال ومن جملتها األراضي اخلاضعة للخراج‪.‬‬
‫واختلف الفقهاء فيما يتعلق بأرض املغرب‪ :‬فمنهم من يقول إنها فتحت سلما ومنهم من‬
‫يرى أنها فتحت عنوة فتكون بذلك خاضعة للخراج‪.82‬‬

‫‪ - 81‬احلكم عدد ‪ 21‬بتاريخ ‪ 22‬ربيع النبوي ‪ 1334‬منشور في األحكام الصادرة عن مجلس االستئناف الشرعي األعلى في املادة‬
‫العقارية‪ ،‬اجلزء األول (مكرر)‪ ،‬املجلد اخلامس ‪ ،1919 1914-‬نشر املجلس األعلى‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص‪.148 .‬‬
‫‪ - 82‬بن الشرقي حصري أحمد‪ :‬ارتسامات ومعطيات تاريخية حول مدينة مراكش‪ ،‬اجلزء الثاني‪،‬املطبعة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬ص‪197 .‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫بينما يورد بعض الفقه رأيا آخر من خالل فتوى للشيخ أبو جيدة أن عامل املنصور بن أبي عامر ملا تغلب على أهل فاس سألهم‬
‫عن أراضيهم‪ ،‬أهي صلح أم عنوة‪ ،‬فقالوا ال جواب عندنا حتى يأتي الفقيه‪ ،‬يعنون أبي جيدة‪ ،‬وكان يعمل في بستان له خارج‬
‫املدينة‪ ،‬فلما حضر سأله فأجاب ليست بصلح وال عنوة‪ ،‬وأنها أسلم عليها أهلها فبقيت لهم‪ ،‬فقال العامل ‪ :‬خلصكم الفقيه‪.‬‬
‫محمد الصغير‪ ،‬التطور التاريخي ألراضي اجلموع‪ ،‬حمايتها‪ ،‬التحديد اإلداري والتحفيظ العقاري‪ ،‬مؤلف جماعي حول أراضي‬
‫اجلماعات الساللية‪ ،‬نشر مجلة احلقوق املغربية‪ ،‬سلسلة األنظمة واملنازعات العقارية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬نشر دار اآلفاق املغربية‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،2009 ،‬ص‪.308 .‬‬
‫‪41‬‬ ‫�أرا�ضي اجلي�ش باملغرب الت�أ�صيل التاريخي والنظام القانوين‬

‫أم أن هذه األراضي ال مالك لها فتعد من أموال بيت املسلمني الذي ميلك اإلمام وبحكم‬
‫التفويض املخول له من طرف األمة للوصاية على األراضي التي ال مالك لها استعمال هذا‬
‫احلق في إقطاع البعض منها إلى أنصار الدولة وأوليائها‪.‬‬
‫أم أن هذه األراضي مملوكة ملكية خاصة مت نزع ملكيتها في ظروف تاريخية ما ؟ وهو‬
‫احتمال بعيد بحكم الطابع اجلماعي الستغالل األرض في املغرب‪.‬‬
‫أم أن نظام هذه األراضي هو مجرد عرف ابتدعه املرينيون عندما قاموا بالتنازل عن‬
‫أراضي شاسعة حللفائهم من القبائل يستغلونها مقابل اخلدمة العسكرية‪ ،83‬فصارت سنة‬
‫متبعة في املغرب‪ ،‬ومبقتضى هذا العرف نشأ ما يسمى بأراضي اجليش إلى جانب أراضي‬
‫اجلماعات الساللية‪.‬‬
‫وأيا كان السند في اقتطاعها لقبائل معينة فإنها تعتبر حاليا ملكا من أمالك الدولة‪،84‬‬
‫وقد جاء في قرار للمجلس األعلى أن األصل في أراضي اجليش أنها ملكية خاصة‬
‫للدولة‪ ،‬اقتطعتها لقبائل اجليش مقابل اخلدمات العسكرية ألعضائها ومع أداء تعويض‬
‫مالي‪ ،‬فتبقى على هذا األساس رقبتها ملكية خاصة للدولة‪ ،‬وليس لقبيلة اجليش إال حق‬
‫االنتفاع‪ .85‬وتختلف أراضي اجليش عن األراضي اجلماعية التي تعود ملكيتها للجماعات‬
‫القبلية إما في شكل دواوير أو فخذات أو قبائل أو عشائر أصبحت فيها حقوق الفرد‬
‫غير متميزة عن حقوق اجلماعة‪ ،‬وقد أكد ذلك الفصل ‪ 16‬من ظهير ‪ 26‬أبريل ‪1919‬‬
‫املتعلق بتنظيم والية الدولة على اجلماعات األهلية وفي ضبط تدبير األمالك املشتركة بينها‬

‫‪ - 83‬اختلف الباحثون في حتديد الدولة التي بدأت باقتطاع أراضي فالحية للقبائل املوالية لها مقابل اخلدمة في اجلندية‪ ،‬فيعتبر األستاذ‬
‫مصطفى الشابي أن املرينيني هم أول هذه الدول‪ ،‬وسار على نهجهم باقي الدول األخرى‪ .‬انظر مصطفى الشابي‪ ،‬املرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪ .409 ،‬في حني يرى ‪ J. LECOZ‬أن السعديني هم أول من أسس هذا النظام في املغرب‪ ،‬ينظر مرجعه السابق‪ ،‬ص‪.5 .‬‬
‫‪ - 84‬جاء في كتاب لناظر األحباس مبدينة القصر إلى السلطان احلسن األول بخصوص طبيعة إحدى األراضي املتنازع عليها‪ ،‬أن «‪...‬‬
‫وعبد السالم الوزاني‪ ،‬وشاوش (عبد السالم كذلك) ما عندهم أرض اخلوط وطليق إمنا أرض املخزن وأرض اجلامع‪ ،‬وسيدنا أعزه‬
‫الله دفعها لهم في املكالف املخزانية والوضايف السلطانية هو كراءها‪ ،‬وكذا بالد الغرب وبالد بني احسن متاع املخزن‪ ...‬وجميع‬
‫تلك األرض أرض املخزن‪ ...‬وكتب كتابه الشريف بأن البالد بالد املخزن وبالد اجلامع ال تباع وال ترهن»‬
‫مخطوط أورده مصطفى الشابي‪ ،‬ص‪ ،408 .‬فدل ذلك على أن الدولة كانت تعتبر هذه األراضي املمنوحة مقابل اخلدمة‬
‫العسكرية أراض مملوكة لها‪.‬‬
‫كما أن عددا من الظهائر اخلاصة مبنح هذه ألراضي أو تقسيمها تنص على أنها تبقى على ملك املخزن بينما يقتصر حق القبائل‬
‫على حق االنتفاع وال يسوغ لهم تفويتها‪ .‬انظر مثال الظهير الشريف املؤرخ في ‪ 19‬مارس ‪ 1919‬املشار إليه سابقا‪.‬‬
‫‪ - 85‬قرار عدد ‪ 3311‬املؤرخ في ‪ 2007/10/17‬في امللف عدد ‪ 2006/3/1/2609‬منشور مبجلة قضاء املجلس األعلى‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،69‬ص‪ 35 .‬وما يليها‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪42‬‬

‫وتفويتها‪ 86‬املعروف بظهير األراضي اجلماعية‪ 87‬الذي نص على أنه ‪ «:‬ال جتري مقتضيات‬
‫ظهيرنا الشريف هذا على األراضي املختصة باجليش وال على الغابات التي تتصرف فيها‬
‫القبائل على وجه االشتراك بينها»‪ ،‬إال أن هذا الفصل سمح للوصي على اجلماعات بالقيام‬
‫مبا له من التفويض بالدفاع عن مصالح اجلماعات املتمتعة بأراضي اجليش‪ ،‬وهو تدخل‬
‫مقصور على هذه املهمة فقط وال يشمل التدخل في استغاللها‪ ،‬وهو ما أكده املجلس‬
‫األعلى في قرار له بتاريخ ‪ 1979/5/4‬بأن أراضي اجليش ليست من أمالك اجلماعات وأن‬
‫مجلس الوصاية غير مختص باتخاذ قرار بشأن استغاللها وأن كل ما له هو الدفاع عن‬
‫مصالح اجلماعات املتعلقة بها‪ ،‬حيث جاء فيه ‪ :‬وحيث أجاب وزير الداخلية بأن األرض‬
‫تدخل ضمن أراضي اجليش التي تستغل كما تستغل األراضي اجلماعية بتدبير من مجلس‬
‫الوصاية طالبا رفض مطالب الطاعن‪.‬‬
‫لكن حيث أفادت عناصر امللف خصوصا رسالة رئيس مصلحة األمالك املخزنية مبراكش‬
‫املؤرخة في ‪ 8‬يناير ‪ 1975‬إلى عامل إقليم مراكش أن األرض داخلة في امللك اخلاص للدولة‬
‫وهي التي تتصرف فيها‪ ،‬وحيث لم يثبت وزير الداخلية ما يدعيه من أنها أرض جيش‪ ،‬على‬
‫أنه وعلى فرض صحة ما ادعاه‪ ،‬فإن مجلس الوصاية غير مختص بإصدار قرار فيما يخص‬
‫استغاللها‪ ،‬وكل اختصاصه حسبما يشير إليه الفصل ‪ 16‬من الظهير املذكور أعاله هو‬
‫الدفاع عن مصالح اجلماعة املتعلقة بها‪ ،‬لهذا فإن تصديه في النزاع املثار بني الطرفني وهو‬
‫نزاع غير متعلق قطعا بأرض جماعية وال مبصالح اجلماعة يعتبر خروجا عن دائرة اختصاصه‪،‬‬
‫وبالتالي يستوجب إلغاء مقرره املطعون فيه‪.»88‬‬
‫وبالرغم من تبني املجلس األعلى لهذا املوقف الذي طبق تطبيقا سليما وحرفيا مقتضيات‬
‫الفصل ‪ 16‬من ظهير ‪ 26‬أبريل ‪ ،1919‬واستقرار االجتهاد القضائي‪ 89‬على عدم خضوع‬
‫أراضي اجليش لظهير ‪ 1919‬املتعلق باألراضي اجلماعية‪ ،‬وعدم اختصاص املجالس النيابية‬
‫اخلاصة بها للبت في النزاعات حول أراضي اجليش‪ ،‬فإن الواقع العملي يجري على أن‬

‫‪ - 86‬اجلريدة الرسمية عدد ‪ 329‬بتاريخ ‪ 18‬غشت ‪.1919‬‬


‫‪ - 87‬نشير إلى أن هذا الظهير معروف لدى الفقه بظهير ‪ 1919/4/27‬املتعلق باألراضي اجلماعية في حني أن التاريخ املذكور في‬
‫اجلريدة الرسمية باللغة العربية هو ‪.1919/4/26‬‬
‫‪ - 88‬قرار عدد ‪ 136‬صادر بتاريخ ‪ 4‬ماي ‪ 1979‬منشور مبجلة احملاماة‪ ،‬العدد ‪ ،16‬ص‪ ،169 .‬وأيضا مبجلة قضاء املجلس األعلى‪،‬‬
‫العدد ‪ 30‬لسنة ‪ ،1982‬ص‪.125 .‬‬
‫‪ - 89‬قضت احملكمة اإلدارية مبراكش بتاريخ ‪ 2002/11/20‬في امللف عدد ‪ 02/100‬إلغاء بأنه‪« :‬وحيث استقر العمل القضائي‬
‫في املادة اإلدارية واجتهاد هذه احملكمة باألساس على أن قرارات مجلس الوصاية ال تقبــل أي طعــــن قضائي إال إذا تعدت‬
‫‪43‬‬ ‫�أرا�ضي اجلي�ش باملغرب الت�أ�صيل التاريخي والنظام القانوين‬

‫جميع النزاعات املتعلقة بهذه األراضي وكيفما كانت طبيعتها أو نوعها يقع البت فيها من‬
‫طرف السيد القائد ومبحضر النواب‪ ،‬ويتم استئناف األحكام أمام مجلس الوصاية‪ ،90‬بل إن‬
‫القضاء في بعض أحكامه لم يساير اجتهاد املجلس األعلى حيث لم يصرح بعدم اختصاص‬
‫اجلماعة النيابية للبت في نزاع على عقار تابع ألراضي اجليش‪.91‬‬
‫ونستنج مما سبق أن أراضي اجليش تتميز باخلصائص التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إن هذه األراضي وإن كانت تشبه من حيث االستغالل األراضي اجلماعية‪ ،‬فإنها‬
‫تختلف عنها ألن هذه األخيرة تعتبر في األصل ملكا خاصا للجماعة‪ ،‬ويخضع تنظيمها‬
‫لعدة قوانني خاصة بها‪ ،‬في حني تعتبر أراضي اجليش في األصل من أمالك الدولة وللقبيلة‬
‫حق االنتفاع بها‪ 92‬؛‬
‫‪ -‬إنها ملك خاص للدولة من نوع خاص‪ ،‬وأن حقوق اجلماعات والقبائل املرتبطة بها ال‬
‫تتعدى حق االنتفاع أو االستغالل الشخصي‪.‬‬
‫‪ -‬إنه باستثناء بعض النصوص القانونية التي أشارت إلى أراضي اجليش‪ ،‬إما في إطار‬
‫األمالك اخلاصة للدولة‪ ،‬أو في إطار األمالك اجلماعية‪ ،‬أو جبايات اجلماعات احمللية‪،93‬‬

‫مجال االنتفاع باألراضي اجلماعية وبتت في نقطة استحقاق أو في النزاعات املتعلقة بأرضي اجليش‪.‬‬
‫وحيث إن مجلس الوصاية حينما بت في النزاع املتعلق بأرض جيشية يكون جتاوز اختصاصه وعرض قراره لإللغاء»‪.‬‬
‫أشار إليه عبد القادر القطيب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 120.‬وما بعدها‪.‬‬
‫وورد في حكم آخر صادر عن نفس احملكمة حتت رقم ‪ 170‬بتاريخ ‪ 1999/12/15‬في امللف رقم ‪99/80‬غ بأنه ‪ »:‬حيث‬
‫تبني من خالل أوراق امللف وخاصة القرار املطعون فيه أن األرض املتنازع في شأنها هي من جيش املنابهة ومن ثم فهي ال تخضع‬
‫للظهير املذكور وال يختص بالتالي بالبت فيما يتعلق بها مجلس الوصاية على األراضي اجلماعية‪ ،‬وعليه يعتبر القرار املطعون‬
‫فيه صادر عن غير مختص ويتعني بالتالي احلكم بإلغائه لعدم شرعيته»‪.‬‬
‫مجلة احملامي‪ ،‬العدد املزدوج ‪ ،38/37‬دجنبر ‪ ،2000‬ص‪ 116 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 90‬عبد القادر القطيب املرجع السابق‪ ،‬ص‪.116 ،‬‬
‫‪ - 91‬ينظر مثال حكم احملكمة اإلدارية مبراكش بتاريخ ‪ 2002/1/16‬في امللف عدد ‪ 01/130‬الذي جاء فيه أنه‪« :‬استنادا ملقتضيات‬
‫الفقرة الثانية من الفصل الرابع من ظهير ‪ 1919/4/27‬املنظم للوصاية اإلدارية على اجلماعات ال ميكن الطعن في مقررات جمعية‬
‫املندوبني النيابيني اخلاصة بتقسيم االنتفاع إال أمام مجلس الوصاية‪.‬‬
‫وحيث إنه بناء عليه‪ ،‬واعتبارا أن املدعي لم يعمل على استصدار قرار في املوضوع عن مجلس الوصاية قد يكون قابال للطعن‬
‫باإللغاء‪ ،‬فإن طعنه هنا واملنصب على قرار اجلماعة النيابية يعتبر غير مقبول»‪.‬‬
‫أشار إليه عبد القادر القطيب املرجع السابق‪ ،‬ص‪.118 .‬‬
‫‪ - 92‬محمد خيري‪ ،‬حماية امللكية العقارية ونظام التحفيظ العقاري‪ ،‬دار نشر املعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،2001 ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬ص‪.69 .‬‬
‫‪ - 93‬تنص املادة ‪ 41‬من القانون رقم ‪ 47/06‬املتعلق بجبايات اجلماعات احمللية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪1/07/195‬‬
‫املؤرخ في ‪ 9‬ذي القعدة ‪ 30( 1428‬نونبر ‪ )2007‬على أنه‪« :‬تعفى من الرسم على األراضي احلضرية غير املبنية األراضي‬
‫التابعة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬للدولة وللجماعات احمللية ولألحباس العامة وكذا أراضي الكيش وأراضي اجلموع»‪( .‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5583‬بتاريخ‬
‫‪.)2007/12/3‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪44‬‬

‫فإن هذه األراضي تعرف فراغا تشريعيا كبيرا‪ ،‬إذ ال يوجد قانون خاص وقائم بذاته ينظم‬
‫عالقة القبائل بهذه األرض من حيث حق االنتفاع والتصرف‪ ،‬لذلك فهي تخضع في إدارتها‬
‫واستغاللها لألعراف احمللية التي « تختلف من قبيلة إلى قبيلة ومن منطقة إلى أخرى»‪94‬؛‬
‫‪ -‬يخضع إحصاء وحتديد هذه األراضي‪ ،95‬حسب ظهير ‪ 1920/6/24‬املتعلق بإحداث‬
‫إدارة عامة للمالية‪ ،96‬الختصاص مديرية األمالك املخزنية‪ ،‬والذي حل محله مرسوم ‪ 22‬نونبر‬
‫‪ 1978‬املتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة املالية‪ ،97‬بينما يرجع اختصاص الدفاع‬
‫عن مصالح القبائل املوجودة فيها لسلطة الوصاية على األراضي اجلماعية حسب مقتضيات‬
‫الفصل ‪ 16‬من ظهير ‪ ،1919/4/2698‬وبذلك فإن هذه النصوص وزعت االختصاص بني‬
‫هيئتني مختلفتني األولى هي مصلحة األمالك املخزنية التي تتولى تدبير شؤون أراضي‬
‫اجليش وهي وصاية على العقار‪ ،‬والثانية سلطة الوصاية على األراضي اجلماعية التي‬
‫تتولى الدفاع عن مصالح قبائل اجليش وهي وصاية على القبيلة‪ ،‬ويرجع ذلك للطابع اخلاص‬
‫لهذه األراضي‪ ،‬فهي من جهة ملك للدولة مما يبرر تدخل مديرية األمالك املخزنية‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى تستغلها القبائل بشكل جماعي مما يبرر تدخل وزارة الداخلية‪.‬‬
‫‪ -‬إن االختصاص للنظر في النزاعات الناشئة بني املنتفعني من هذه األراضي ينعقد «‬
‫للقضاء العادي لتوفره على الوالية العامة ما دام ال يوجد أي نص قانوني يسند االختصاص‬
‫إلى جهة قضائية أو إدارية أخرى‪ ،99»...‬أما إذا كان النزاع في مواجهة سلطة الوصاية أو‬
‫إدارة األمالك املخزنية املكلفة فإن االختصاص ينعقد للقضاء اإلداري‪.‬‬

‫‪ - 94‬الهادي مقداد‪ ،‬السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2000 ،‬ص‪.85.‬‬
‫‪ - 95‬يخضع حتديد هذه األراضي للظهير الشريف املؤرخ في ‪ 26‬صفر عام ‪ 1334‬املوافق ‪ 2‬يناير ‪ 1916‬في تأسيس تنظيمات خصوصية‬
‫لتحديد األمالك املخزنية‪ ،‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 141‬بتاريخ ‪ 10‬يناير ‪.1916‬‬
‫‪ - 96‬اجلريدة الرسمية عدد ‪ 380‬بتاريخ ‪ 10‬غشت ‪.1920‬‬
‫‪ - 97‬مرسوم رقم ‪ 2.78.539‬بتاريخ ‪ 21‬من ذي احلجة ‪ 2( 1398‬نونبر ‪ )1978‬بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة املالية‪ ،‬منشور‬
‫باجلريدة الرسمية عدد ‪ 3450‬بتاريخ ‪.1978/12/13‬‬
‫‪ - 98‬كما مت تعديله بظهير ‪ 13‬شعبان ‪ 1356‬املوافق ‪ 19‬أكتوبر ‪ 1937‬الذي ينص على أنه ال متنع املقتضيات السابقة املكلف بالوالية‬
‫على اجلماعات من القيام مبا له من التفويضات للمدافعة عن مصالح تلك اجلماعات‪.‬‬
‫‪ - 99‬قرار محكمة االستئناف مبراكش رقم ‪ 719‬بتاريخ ‪ 2004/11/04‬في امللف رقم ‪ 2004/7/1830‬منشور في العدد الثاني‬
‫من مجلة محاكم مراكش‪ ،‬ص‪ .271 .‬وأيضا في املؤلف اجلماعي حول أراضي اجلماعات الساللية‪ ،‬نشر مجلة احلقوق املغربية‪،‬‬
‫املشار إليه سابقا‪ ،‬ص‪.308 .‬‬
‫ينظر أيضا حكم احملكمة االبتدائية مبراكش بتاريخ ‪ 2008/2/11‬في امللف رقم ‪ 2006/9/914‬غير منشور‪ ،‬والذي‬
‫جاء فيه «‪ ..‬إن النزاعات املتعلقة بأراضي اجلماعات هي التي يختص مجلس الوصاية بالنظر في النزاعات املتعلقة بها‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة ألراضي الكيش فإن االجتهادات القضائية والعمل القضائي استقرا على اختصاص القضاء العادي للبت في النزاعات‬
‫املتعلقة بها»‪.‬‬
‫‪45‬‬ ‫�أرا�ضي اجلي�ش باملغرب الت�أ�صيل التاريخي والنظام القانوين‬

‫‪ -‬إذا ثبت أن األرض لها صفة أرض جيش فإنه ال ميكن تفويتها وال قسمتها قسمة‬
‫بتية‪ ،‬ألن ذلك يتنافى مع طبيعة هذه األراضي التي هي متليك للمنافع وليس متليـكا للرقبة‪.‬‬
‫‪ -‬إن بعــض القبائـــل قـــد متتــلك رقبة هذه األراضي‪ ،100‬فتصبــح بذلك أراضــي جماعية‬
‫تخضع لظهير ‪ 1919/4/26‬من وصـاية على اجلماعة فيها‪ ،‬واختصاصات جمعية املندوبني‬
‫ومجلس الوصاية والتفويت اإلنشائي‪ ،‬وغير ذلك من األحكام‪.101‬‬
‫‪ -‬إن وضعية هذه األراضي تطرح إشكاال قانونيا يتعلق بتدرج القوانني‪ ،‬ذلك أن أغلبها‬
‫مسلم لقبائل اجليش مبقتضى ظهائر سلطانية ال ميكن الطعن في صحتها وال إلغاؤها إال‬
‫مبقتضى ظهائر مساوية لها‪ ،‬في حني تنشأ إدارة األمالك املخزنية باعتبارها املكلفة بامللك‬
‫اخلاص للدولة صكوكا عقارية لهذه األراضي باسمها‪ ،‬وقد تفوتها بقرارات إدارية عادية‪،‬‬
‫وعندما يعرض املنتفعون بهذه األراضي نزاعاتهم على القضاء في إطار دعاوى التعويض‬
‫عن االعتداء املادي أو رفع اليد‪ ،‬فإنهم يواجهون بالصكوك العقارية ويحكم بعدم قبول‬
‫طلباتهم النعدام الصفة مع أن الظهير السلطاني ال ميكن أن تقف أمامه قرارات إدارية أو‬
‫الصكوك العقارية املقامة في تاريخ الحق على تاريخ صدوره‪ ،102‬كما أن مجلس االستئناف‬
‫الشرعي األعلى سبق له أن قضى بأن « اإلقطاع الصادر من اإلمام هو مبثابة حكم‬
‫بالتمليك‪ ،‬ويلزم مضيه ونفوذه‪ ،‬وال يفتقر إلى حوز»‪.103‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫طرق ا�ستغالل �أرا�ضي اجلي�ش‬

‫تقتصر حقوق القبائل املرتبطة بأراضي اجليش على حق االنتفاع أو االستغالل الشخصي‪،‬‬
‫ويبقى حق الرقبة املتعلق بهذه األراضي في يد الدولة‪ ،‬وقد كان تسليم األراضي يتم بواسطة‬

‫‪ - 100‬كما حدث بالنسبة جليش األوداية الذين رخص املغفور له محمد اخلامس لألمالك املخزنية بواسطة ظهير مؤرخ في ‪ 19‬يناير ‪1946‬‬
‫بتفويت العقار املوجود بضواحي الرباط لهم‪ ،‬ومت تنفيذ ذلك مبقتضى االتفاق املؤرخ في ‪ 10‬ستنبر ‪ 1946‬وقرار التسجيل والتقطيع‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 13‬شتنبر ‪ 1946‬الذي أذن بتأسيس الرسم العقاري عدد ‪22747‬ر بتاريخ ‪ 9‬أكتوبر ‪ 1947‬باسم جيش األوداية‪.‬‬
‫محمد النوحي‪ ،‬نزع أراضي كيش األوداية بني احلقوق املكتسبة والقانون‪ ،‬مداخلة في الندوة التي نظمتها اجلمعية املغربية حلقوق‬
‫اإلنسان والهيئة الوطنية حلماية املال العام يوم ‪ 17‬أبريل ‪ 2008‬في موضوع الرصيد العقاري املغربي بني طموحات التنمية ونهب‬
‫املال العام‪.‬‬
‫‪ - 101‬قرار عدد ‪ 3311‬املؤرخ في ‪ 2007/10/17‬في امللف عدد ‪ 2006/1/3/2609‬منشور مبجلة قضاء املجلس األعلى‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،69‬ص‪ 35 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 102‬عبد القادر القطيب املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 121.‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 103‬احلكم عدد ‪ 21‬بتاريخ ‪ 22‬ربيع النبوي ‪ 1334‬منشور في األحكام الصادرة عن مجلس االستئناف الشرعي األعلى في املادة‬
‫العقارية‪ ،‬اجلزء األول (مكرر)‪ ،‬املجلد اخلامس ‪ ،1919 - 1914‬نشر املجلس األعلى‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص‪.148 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪46‬‬

‫عقود التسليم‪ ،‬أو ما يسمى بعقود « التنفيذة»‪ 104‬التي كانت تتضمن أسماء املنتفعني‬
‫منها وتثبت في نفس الوقت حقوق املخزن عليها‪ ،‬إال أن أفول نظام اجليش جعل استغالل‬
‫هذه األراضي يخضع أكثر لألعراف والتقاليد السائدة في كل قبيلة‪ ،‬مما جعل حتديد‬
‫املنتفعني وحقوقهم يختلف من قبيلة إلى قبيلة‪.‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬فإن استغالل أراضي اجليش يخضع لشروط معينة‪ ،105‬ويجري حسب نوع‬
‫هذه األراضي وطبيعتها‪ ،‬وحسب األعراف والتقاليد السائدة في هذه القبائل‪.106‬‬
‫فبالنسبة لشروط املشاركة في االستغالل فيمكن إجمالها كالتالي ‪:‬‬
‫‪ -‬االنتماء إلى القبيلة‪ ،‬أي أن يكون الشخص من أفراد القبيلة املنحدرين أصال منها‪.‬‬
‫‪ -‬السكن بتراب القبيلة‪ ،‬أما إذا غادرها واستوطن في مكان آخر فال ميكنه االستفادة‬
‫من التقسيم نظرا لعدم قدرته على مباشرة االستغالل وهو في مكان بعيد عن األرض املراد‬
‫استغاللها‪ ،‬ويستعيد حقه بعد رجوعه إلى القبيلة ابتداء من السنة الفالحية األولى من‬
‫تاريخ الرجوع‪.‬‬
‫‪ -‬الذكورة‪ ،‬وهو شرط يستبعد النساء من املشاركة في التقسيم أو االستفادة من حق‬
‫استغالل أراضي الكيش‪ ،‬وذلك ألن العرف جرى على اعتبار هذه األراضي مملوكة للقبيلة‬
‫بأسرها وليس ألفراد تلك القبيلة‪ ،‬وأن هذا الشرط يحقق متاسك القبيلة القائم على وحدة‬
‫الدم وروابط النسب املشترك ما دام جميع أفرادها ينحدرون من أصل واحد‪ ،‬وهو األساس‬
‫الذي تعتمد عليه في تدبير شؤونها وتسيير ممتلكاتها‪ ،‬ويتحقق ذلك في الذكر الذي يتبع‬
‫دائما أباه في نسبه‪ ،‬كما أن القسمة هنا ليست قسمة بتية‪ ،‬وإمنا تتعلق بقسمة دورية‬
‫لإلستغالل تتم بني رؤساء اخليمات (العائالت) في تلك القبائل‪ ،‬ويستبعد منها أيضا غير‬

‫‪ - 104‬عبد الوهاب رافع‪ ،‬منافع اجليش وأراضي اجلماعات الساللية‪ ،‬في كتاب األنظمة العقارية في املغرب‪ ،‬منشورات مركز الدراسات‬
‫القانونية املدنية والعقارية‪ ،‬املطبعة الوطنية مبراكش‪ .2003 ،‬ص‪.77 .‬‬
‫‪ - 105‬نشير إلى أنه من بني الشروط التي كان معموال بها شرط أداء املستفيد من األرض للخدمة العسكرية‪ ،‬وكان هذا االمتياز في‬
‫البداية يعود للمخزن متى هلك صاحبه‪ ،‬إال إذا حل أحد أبناء املتوفي محل أبيه بعد التحاقه باجلندية‪ .‬مما يفيد أنه لم يكن ينتقل‬
‫عن طريق اإلرث‪ ،‬وذلك قبل أن يتطور العرف بخصوص إمكانية توارث اخلدمة العسكرية ليتم أيضا توارث احلق في استغالل‬
‫األرض‪ .‬ملزيد من التفصيالت راجع‪:‬‬
‫‪EDDAHBI Abdellatif, les biens publics au Maroc, éditions Afriqu Orient, Casablanca, 1989,‬‬
‫‪p. 98.‬‬
‫‪ - 106‬اعتبر الظهير الشريف املؤرخ في ‪ 12‬شتنبر ‪ 1914‬في شأن ما يتعلق بأمور القبائل البربرية في ديباجته أن هذه القبائل لها‬
‫«عوايد خصوصية يجرون عليها أعمالهم من قدمي ويصعب عليهم اخلروج عنها‪ ،»،‬وأن الغرض هو «السعي فيما يسود به األمن‬
‫ويعم به الصالح واالطمئنان» لذلك مت «إقرارهم على عوايدهم وتسليم ما يجرونه عليها من أعمال»‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫�أرا�ضي اجلي�ش باملغرب الت�أ�صيل التاريخي والنظام القانوين‬

‫املتزوجني والذين غادروا أرض القبيلة‪ ،‬وليست قسمة تنصرف إلى اإلرث‪ ،‬وال عالقة لها‬
‫بقواعده وأحكامه‪.‬‬
‫وقد مت متديد حرمان املرأة من املشاركة في االستغالل ليشمل حرمانها من إرث حق‬
‫استغالل األرض عند تقسيم التركة‪ ،‬ومن جهة أخرى لم تعد القسمة تتم بشكل دوري بني‬
‫أرباب العائالت‪ ،‬وإمنا استقرت كل عائلة بالقطعة التي تستغلها وتنتقل فيمــا بينـها عـن‬
‫طريق اإلرث ممــــا يجـعل اإلبقـاء علــى استبعاد املرأة من قسمة االستغالل أو من قسمة‬
‫التركة فـي هذه األراضي يخالف قــواعد اإلرث التي تـعتبر من النظام العام‪ 107‬التي ال يجوز‬
‫االتفاق على مخالفتها أو تعديلهـا‪ ،‬وميكن إثارتها فـي جميـع مـراحل الدعوى‪ ،‬وأن «‬
‫التمــييز بيـن الورثة مبراعــاة جنسهـم وما إذا كانـوا ذكـورا أو إناثا‪ ...‬ينطوي على إقصاء‬
‫غير مبرر لهؤالء ومخالف للشريعة اإلسالمية وملبادئ القانون والعدل واإلنصاف»‪ ،108‬وال‬
‫يواكب ضرورة إشراك املرأة في النهوض باملجتمع باعتبارها تشكل نصف هذا األخير وتقوم‬
‫بتربية النصف اآلخر‪ ،‬وهو وإن استند إلى عرف باعتبار العرف مصدرا من مصادر التشريع‪،‬‬
‫فإن « العرف ال يعمل به إذا خالف قاعدة شرعية»‪.109‬‬

‫‪ - 107‬قرار املجلس األعلى عدد ‪ 132‬بتاريخ ‪ 5‬يوليوز ‪ 1971‬الذي اعتبر أن قوانني األحوال الشخصية تعتبر من قبيل النظام العام الذي‬
‫حتق إثارته في جميع املراحل‪ .‬منشور في مجلة قضاء املجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ ،23‬أكتوبر ‪ ،1971‬ص‪.42 .‬‬
‫‪ - 108‬حكم احملكمة اإلدارية بفاس عدد ‪ 186‬في امللف اإلداري عدد ‪/13‬غ‪ 2000/‬منشور في مجلة املعيار‪ ،‬العدد ‪ ،29‬ص‪،262.‬‬
‫والذي يتعلق بحرمان اإلناث من استغالل نصيب في أراضي اجلموع رغم انتسابهم للجماعة الساللية‪ ،‬وجاء في هذا = القرار‪:‬‬
‫«وحيث إن قرار حرمان الطاعنات من استغالل األرض التي خلفها موروثهم الهالك احلسن غافر استند إلى وجود عرف محلي‬
‫يحول دون استفادة اإلناث من االستغالل‪.‬‬
‫وحيث إن بالرجوع إلى وثائق امللف لم يقم دليل على وجود هذا العرف أو استدل به من طرف اجلهة املدعى عليها مبا يثبت قيامه‬
‫وتوارثه بني أفراد اجلماعة املعنية وإلزامه لهم والتزامهم به‪.‬‬
‫وحيث إن التمييز بني الورثة مبراعاة جنسهم وما إذا كانوا ذكورا أو إناثا كما في حالة النزاع ينطوي على إقصاء غير مبرر لهؤالء‬
‫ومخالف للشريعة اإلسالمية وملبادئ القانون والعدل واإلنصاف‪....‬‬
‫وحيث إن الفصل ‪ 6‬من الضابط املتعلق بتقسيم األراضي اجلماعية املؤرخ في ‪ 1957/11/13‬ينص على أنه إذا توفي فرد‬
‫كان له حق التمتع في نصيب ينقل حقه إلى زوجته وأوالده الذين لم ينالوا نصيبا بعد‪ ،‬ويبقى هذا احلق لزوما مشاعا بينهم‪،‬‬
‫‪ ...‬وليس باحلتمية أن يكونوا ذكورا‪ ،‬إذ إن في االصطالح الولد يشمل الذكر واألنثى على حد سواء‪ ،‬وهو ما أكدت عليه‬
‫مدونة األحوال الشخصية في فصلها ‪ 238‬مما يكون معه قرار إقصاء الوارثات تصرفا غير مرتكز على سبب صحيح من الناحية‬
‫القانونية والشرعية ومتسما بالتالي بالتجاوز في استعمال السلطة ومآله اإللغاء»‪.‬‬
‫‪ - 109‬قرار املجلس األعلى رقم ‪ 68/203‬صادر في ‪ 24‬أبريل ‪ 1968‬في امللف عدد ‪ 20244‬منشور بقرارات املجلس األعلى في املادة‬
‫املدنية‪ ،1996-1958 ،‬منشورات املجلس األعلى في ذكراه األربعني‪ ،1997 ،‬ص‪ ،49 .‬والذي اعتبر أن «العرف ال يعمل به‬
‫إذا خالف قاعدة شرعية سيما واحلكم املطعون خال من اإلشارة إلى ثبوت هذا العرف»‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪48‬‬

‫‪ -‬الزواج باعتباره دليال على وجود عائلة وحتمل املسؤولية وعلى االستقرار في القبيلة‪،‬‬
‫وهو ما يصطلح عليه في بعض األعراف بالتقسيم على أساس « الكانون»‪ .‬ويفضي هذا‬
‫الشرط إلى أوضاع غريبة في هذه القبائل من حيث ربط رشد الشخص بزواجه أو عدم زواجه‬
‫بغض النظر عن سنه‪.‬‬
‫أما بالنسبة لطرق االستغالل‪ ،‬فإنها تتم حسب نوعية األراضي وطبيعتها‪ ،‬فاألراضي‬
‫التي ال تصلح للزراعة‪ ،‬فمنها ما هو مخصص للرعي املشترك‪ ،‬ومنها ما هو مخصص‬
‫للسكنى واملرافق التابعة لها‪ ،‬وهذه األراضي غير قابلة للتقسيم‪.‬‬
‫أما األراضي الصاحلة للزراعة فتوزع دوريا بني رؤساء العائالت‪ ،‬إذ كان الغالب أن‬
‫يتولى رؤساء فرق اجليش تقسيم هذه األراضي على أفراد القبيلة «على نسبة ديوانهم في‬
‫التكاليف املخزنية»‪ ،‬وكانت مساحتها تقاس «بزوج احلرث» أي ما كان يناسب حرثه من‬
‫األرض بواسطة محراث جتره بهيمتان ويكفل إنتاجه من احلبوب عولة صاحبها أسرته خالل‬
‫السنة‪ ،‬ولهذا كانت مساحة البقعة من األرض رهينة بنوع بهائم اجلر املستعملة‪ ،‬هل هي من‬
‫اجلمال أو البغال‪ ،‬أو من األبقار أو احلمير‪ ،‬األمر الذي يعطي مساحة تتراوح ما بني ‪2.5‬‬
‫و‪ 10‬هكتارات لزوج احلرث الواحد‪.110‬‬
‫أما في الوقت احلالي فإن أغلب القبائل لم تعد القسمة فيها جتري بصفة دورية‪ ،‬مما أدى‬
‫إلى استقرار األفراد املتوفرين على حظوظ في القطع املخولة لهم بصفة نهائية بحيث تؤول‬
‫في حالة وفاة رب األسرة إلى ورثته يستغلونها فيما بينهم‪ ،‬غير أن عدم متتع املستغلني بحق‬
‫امللكية على هذه األراضي مع ما لذلك من تأثير سلبي على استغاللها واستثمارها يجعل‬
‫وضعيتهم تتميز بخصائص معينة منها ‪:‬‬
‫‪ -‬إن مستغل هذه األراضي يصعب عليه احلصول على الوثائق الالزمة قصد املطالبة‬
‫باستحقاقه حلق االستغالل‪ ،‬وكذلك معرفة اجلهة التي سيعرض عليها نزاعه‪ ،111‬وعندما‬
‫يعرض األطراف النزاع على احملاكم العادية فإن أغلب دعاويهم يكون مصيرها عدم القبول‬
‫خاصة عندما يطالب أحدهم احلكم له باستحقاق األرض أو بالتخلي عنها أو بقسمتها‪ ،‬ألن‬
‫احملكمة تطالبه باإلدالء بسند التملك‪ ،112‬واحلال أن هذه األراضي هي ملك خاص للدولة‬
‫‪ - 110‬مصطفى الشابي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 409 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 111‬عبد القادر القطيب ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.122 .‬‬
‫‪ - 112‬انظر مثال حكم احملكمة اإلدارية بالرباط رقم ‪ 1146‬بتاريخ ‪ 2007/5/24‬في امللف رقم ‪07/59‬غ الذي صرح بعدم قبول طلب‬
‫يهدف إلى إلغاء القرار الصادر عن احملافظ العقاري بأكدال الرياض القاضي برفض طلب الطاعنني إجراء تقييد احتياطي على رسم‬
‫عقاري يتعلق بأرض جيشية وذلك لعدم إرفاقه باملستندات املعززة له ‪.‬‬
‫حكم منشور في موقع عدالة التابع لوزارة العدل‪.‬‬
‫‪49‬‬ ‫�أرا�ضي اجلي�ش باملغرب الت�أ�صيل التاريخي والنظام القانوين‬

‫وال يستفيد الشخص فيها سوى من حق االنتفاع‪ ،‬كما أن السلطة احمللية عندما يلجأ‬
‫إليها املتقاضي للمطالبة بشهادة التصرف تواجهه بوجود نزاع حول األرض‪ ،‬وعدم متكنها‬
‫من تسليم مثل هذه الشهادة‪ ،‬فيضطر إلى مراجعة املجلس النيابي ومجلس الوصاية رغم‬
‫أنهما غير مختصني‪.113‬‬
‫‪ -‬إن هذه األراضي غير قابلة للتفويت طبقا ملقتضيات ضابط بيع األمالك باإليالة‬
‫الشريفة املنشور باجلريدة الرسمية رقم ‪ 1‬بتاريخ ‪ 1‬يبراير ‪ 1913‬الذي يحدد فصله األول‬
‫األمالك التي ال يجوز بيعها‪ ،‬ومن بينها « رابعا‪ :‬األراضي التي كان املخزن الشريف‬
‫اقتضى نظره إنزال بعض اجليوش فيها بقصد السكنى واالنتفاع وال يسوغ لهم تفويت شيء‬
‫منها أبدا»‪ ،‬وكذا طبقا لظهير ‪ 1914/07/07‬املتعلق بتنظيم العدلية األهلية وتفويت‬
‫امللكية العقارية‪ ،114‬والفصل ‪ 16‬من ظهير ‪ 26‬أبريل ‪ 1919‬املتعلق باألراضي اجلماعية‬
‫كما مت تعديله‪.‬‬
‫‪ -‬إن منع تفويت هذه األراضي يعني منع حجزها ألن احلجز ما هو إال طريق ممهد للبيع‬
‫اجلبري للعقار‪.115‬‬
‫‪ -‬إن هذه األراضي ال تقبل القسمة العينية وال قسمة التصفية لعدم متلكها شخصيا‬
‫من طرف املستفيدين القاطنني بها‪ ،‬وكونهم مجرد منتفعني بها فقط‪ ،‬واملنفعة فيها تنتقل‬
‫إلى الورثة وتقسم بينهم قسمة مهايأة مكانية غالبا‪« ،116‬وميكن أن تصدر احملاكم قرارات‬
‫بشأنها وتنفذ حسب القواعد العادية»‪.117‬‬
‫‪ -‬إن مستغل األرض الذي يقوم بإنشاء بنايات أو إقامة أغراس أو حفر آبار للسقي‬
‫والشرب‪ ،‬وإن لم يكن له ملكية رقبة األرض‪ ،‬فإنه يكون مالكا ملا قام بإنشائه‪ ،‬وهو ما‬
‫يسمى بحق الزينة وهو حق عيني عرفي‪.‬‬

‫‪ - 113‬عبد الوهاب رافع‪ ،‬املرجع السابق‪ .‬ص‪.77 .‬‬


‫‪ - 114‬اجلريدة الرسمية عدد ‪ 63‬بتاريخ ‪ 17‬يوليوز ‪.1914‬‬
‫وينص الباب األول من هذا الظهير على األمالك التي ال تقبل التفويت وهي ‪:‬‬
‫«رابعا‪ :‬األراضي التي منحها املخزن الشريف لقبائل اجليش للسكنى واالستغالل بدون تفويت»‪.‬‬
‫‪ - 115‬يونس الزهري‪ ،‬احلجز التنفيذي على العقار في القانون املغربي‪ ،‬سلسلة الدراسات القانونية املعاصرة‪ ،‬العدد ‪ ،13‬مطبعة النجاح‬
‫اجلديدة بالدار البيضاء‪ ،2007 ،‬ص‪.116 ،‬‬
‫‪ - 116‬محمد الكشبور‪ ،‬القسمة القضائية في القانون املغربي‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة بالدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ - 117‬قرار محكمة االستئناف مبراكش رقم ‪ 719‬بتاريخ ‪ 2004/11/04‬في امللف رقم ‪ 2004/7/1830‬منشور في العدد الثاني‬
‫من مجلة محاكم مراكش‪ ،‬ص‪ .271 .‬وأيضا في املؤلف اجلماعي حول أراضي اجلماعات الساللية‪ ،‬نشر مجلة احلقوق املغربية‪،‬‬
‫املشار إليه سابقا‪ ،‬ص‪.308 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪50‬‬

‫وقد سعت السلطات املختصة إلى إيجاد تسوية ملوضوع أراضي اجليش حيث مت إحداث‬
‫جلنة وطنية في بداية الثمانينات لدراسة املوضوع‪ ،‬والتي توصلت إلى اقتراح تفويت حق‬
‫الرقبة على هذه األراضي لفائدة قبائل اجليش ليتحقق فيها ضابط امللكية اجلماعية الذي‬
‫يجعلها خاضعة ألحكام ظهير ‪ 1919/04/26‬املتعلق باألراضي اجلماعية‪ ،‬مستندة في‬
‫ذلـــك إلـــى الظهير الشـــريف رقـــم ‪ 1-69-30‬بتاريــــخ ‪ 10‬جمــــادى األولـــــى ‪1389‬‬
‫(‪ 25‬يوليوز ‪ )1969‬املتعلق باألراضي اجلماعية الواقعة في دوائر الري‪.118‬‬
‫وفي هذا اإلطار صدرت الدورية املشتركة لوزارة الداخلية واإلعالم ووزارة الفالحة‬
‫واالستثمار الفالحي عدد ‪ 646‬بتاريخ ‪ 31‬يناير ‪ 1995‬حتدد مسطرة العمل لإلسراع بتطبيق‬
‫مقتضيات الظهير املذكور الذي تضمن إحداث قطع أرضية قابلة لالستثمار ال تقل عن‬
‫خمس هكتارات‪ ،‬وتبدأ هذه املسطرة بوضع لوائح ذوي احلقوق من طرف مندوبي كل هيئة‬
‫نيابية معنية باألمر واملصادقة عليها ونشرها باجلريدة الرسمية‪ ،‬وأخيرا القيام بعملية جتزئة‬
‫األراضي اجلماعية من طرف املصالح التقنية لوزارة الفالحة واالستثمار الفالحي خللق وحدات‬
‫فالحية قابلة لالستغالل العقالني وذلك بناء على قرار وزاري مشترك‪.119‬‬
‫وبالرغم من إيجابية هذا احلل‪ ،‬فقد اعترضته عدة معيقات متثلت باخلصوص في بطء‬
‫تسجيل ذوي احلقوق وصعوبة ذلك في بعض األحيان‪ ،‬والنزاعات احلاصلة بني أفراد القبيلة‬
‫الواحدة وفيما بني اجلماعات الساللية‪ ،‬وعدم حتفيظ جل هذه األراضي‪ ،‬مما استدعى إصدار‬
‫مذكرة مشتركة عدد ‪ 47‬بتاريخ ‪ 5‬أبريل ‪ 2002‬ترمي إلى تدارك هذه املعيقات خصوصا‬
‫على صعيد حتديد كيفية عمل اللجن اإلقليمية واللجنة املركزية للمتابعة وحتديد آجال وضع‬
‫لوائح ذوي احلقوق‪.120‬‬
‫ويالحظ أن هذه العملية اقتصرت فقط على األراضي الفالحية الواقعة في دوائر الري‪،‬‬
‫وشهدت جناحا باخلصوص في دائرة الري للحوز‪ ،‬ولم متتد إلى األراضي الفالحية الواقعة‬
‫خارج دوائر الري أو إلى األراضي الرعوية أو غيرها من أراضي اجليش‪.‬‬

‫‪ - 118‬اجلريدة الرسمية عدد ‪ 2960‬مكرر بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪.1969‬‬


‫‪ - 119‬عبد اللطيف الفحلي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 62 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 120‬أحمد املريني‪ ،‬الهياكل العقارية الفالحية باملغرب‪ ،‬مقال منشور في كتاب العقار واالستثمار‪ ،‬نشر مركز الدراسات القانونية املدنية‬
‫والعقارية‪ ،‬املطبعة الوطنية مبراكش‪ ،2003 ،‬ص‪.27 .‬‬
‫‪51‬‬ ‫�أرا�ضي اجلي�ش باملغرب الت�أ�صيل التاريخي والنظام القانوين‬

‫خامتـة‬
‫عرف املسار التاريخي ألراضي اجليش نوعا من املد واجلزر‪ ،‬ساهم فيه غياب نصوص‬
‫تنظيمية قارة وواضحة وخضوعها مقابل ذلك لعادات وأعراف وتقاليد تختلف باختالف‬
‫اجلماعة املنتفعة بها‪ ،‬وكذا طبيعة ملكيتها حيث تنقسم إلى ملكية الرقبة العائدة للدولة‬
‫وحق االنتفاع واالستغالل املعترف به لفائدة القبائل املقيمة عليها‪ ،‬مما أثر على وضعية هذه‬
‫األراضي‪ ،‬وجعلها تعيش نوعا من االضطراب على جميع األصعدة خصوصا احلضرية منها‪،‬‬
‫وأضعف مساهمتها في التنمية االقتصادية واالجتماعية داخل املناطق التي توجد بها‪.‬‬
‫وهو ما يستدعي البحث عن آفاق وجودها وهي آفاق ال ميكن فصلها عن الواقع التاريخي‬
‫واالجتماعي واحلقوقي لهذه األراضي‪ ،‬لذلك فكل تصور آلفاق هذه املؤسسة العقارية يبقى‬
‫رهينا بتقصي ما تبقى منها والبحث عن املستندات التي اعتمدت في تفويتها سواء‬
‫في النطاق الفالحي أو احلضري‪ ،‬وإعادة رسم معالم جديدة لهذه األراضي مع استحضار‬
‫اإلشكاالت االجتماعية املتمثلة في حقوق املنتفعني الشرعيني وذوي حقوقهم‪ ،‬واالستفادة‬
‫من التجارب املنجزة حلد اآلن مع السعي إلى متليك هذه األراضي لفائدة ذوي احلقوق‪ ،‬ومتديد‬
‫هذه العملية لتشمل األراضي الزراعية الواقعة خارج دوائر الري‪ ،‬ووضع أشكال عصرية‬
‫لالستغالل اجلماعي لألراضي الرعوية‪ ،121‬بغية الوصول إلى التصفية النهائية لهذا النوع‬
‫من األراضي‪.‬‬

‫‪ - 121‬أحمد املريني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.28 .‬‬


‫‪53‬‬

‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية‬


‫و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬
‫األستاذ جنيب جيري‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‬
‫جامعة عبد املالك السعدي‬
‫تقدمي ‪:‬‬
‫تضطلع الدولة كشخص معنوي عام مبجموعة من املهام واملسؤوليات الرامية إلى حتقيق‬
‫الصالح العام‪ ،‬هذا األخير الذي عرف وال يزال تطورا ملحوظا في مضمونه‪ ،‬حيث لم يعد‬
‫مقتصرا على مجاالت محددة كالدفاع عن سالمة الوطن داخليا وخارجيا وتسيير القضاء‬
‫وتوفير األمن‪ ،‬بل أصبح يطال مجموعة من املجاالت كانت متروكة من قبل في يد األفراد‬
‫كالتعليم والصحة واخلدمات االجتماعية املختلفة‪.‬‬
‫كل ذلك كان له تأثير بالغ على دور الدولة وحجم تدخالتها الذي ما فتأ يتزايد يوما‬
‫بعد يوم مواكبا تطور املجتمعات وتزايد حاجيات املواطنني‪.‬‬
‫ومن أهم مظاهر هذا التدخل إنشاء املرافق العمومية‪ ،‬إجناز املشاريع واملنشآت املختلفة‬
‫بغية تلبية تلك احلاجيات االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وقد ترتب على هذا كله اشتداد حاجة‬
‫الدولة إلى الوسائل الكفيلة بتحقيق هذه األهداف‪ ،‬فكان اللجوء إلى وسائل متنوعة ميكن‬
‫أن نذكر من بينها ‪ :‬الوسائل البشرية ونعني بها مختلف األشخاص القائمني على تسيير‬
‫املرافق العامة ويطلق عليهم مصطلح املوظفني العموميني‪ ،‬وهناك وسائل قانونية ونعني بها‬
‫مختلف القرارات الصادرة عن اإلدارة أو العقود التي تبرمها مع الغير كان شخصا معنويا‬
‫عاما أو شخصا خاصا وذلك لتحقيق أهداف الصالح العام‪.‬‬
‫وهناك أيضا وسائل مادية ونعني بها األموال العامة كانت عقارية أو منقولة والتي من‬
‫شأنها تسهيل أداء الدولة على الوجه املطلوب الذي يحقق النفع العام‪.‬‬
‫وال تختلف هذه األموال في احلقيقة عن أموال األفراد من حيث ماهيتها‪ ،‬فهي مجموعة‬
‫من األمالك العقارية واملنقولة التي ميلكها أشخاص القانون العام‪ ،‬لكنها مخصصة لتحقيق‬
‫حاجيات النفع العام‪ ،‬وصفة التخصيص هاته هي التي تقتضي وجود نظام قانوني متميز‬
‫قادر على تنظيمها وتوفير احلماية الالزمة لها‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪54‬‬

‫من هنا تنبع أهمية دارسة املال العام‪ 122،‬من أساسية التعرف على النظام القانوني‬
‫اخلاص به واملميز عن غيره من األموال‪ ،‬كما ينبع من ضرورة التعرف على مختلف مكوناته‪،‬‬
‫الشيء الذي يصعب على الكثيرين معرفته خصوصا في غياب دراسات دقيقة ومعمقة‬
‫في املوضوع‪ ،‬يضاف إلى ذلك اخللط الذي ميكن أن يحصل بني األمالك العامة واألمالك‬
‫اخلاصة‪ ،‬والناجت أساسا عن عدم دقة املعايير املعتمدة سواء من طرف املشرع الذي تعتبر‬
‫تدخالته جد محتشمة في هذا املجال‪ ،‬أو من طرف القضاء الذي الزال يشق طريقه في سبيل‬
‫إقرار اجتهادات قضائية ميكن أن تسعف الباحث واملهتم مستقبال‪.‬‬
‫أمام هذا الوضع املتسم بقلة تدخل املشرع إن لم نقل انعدامه‪ ،‬وقلة االجتهادات القضائية‪،‬‬
‫وأيضا أمام شح الدراسات القانونية املتخصصة املتعلقة مبوضوع األمالك العمومية‪ ،‬وبالنظر‬
‫للدور الكبير الذي أصبحت تلعبه هذه األمالك في حتقيق التنمية الشاملة‪ ،‬باعتبارها من‬
‫جهة تشكل ثروة جماعية يحق لكل فرد داخل املجتمع االنتفاع منها في حدود ما تقره‬
‫القوانني بهذا الصدد ومن جهة أخرى فهي تعد أداة مهمة لتسيير املرافق العمومية املختلفة‪،‬‬
‫لكل هذا أصبح من الضروري التفكير بل والعمل على تنظيمها وحمايتها بكل الوسائل‬
‫املتاحة حتى تؤدي الدور املنوط بها على أحسن وجه ممكن‪.‬‬
‫إن الواقع القانوني اجلديد ألنظمة احلكم املركزي والالمركزي ببالدنا‪ ،‬يفرض علينا بإصرار‬
‫ضرورة جتاوز تلك الثغرات والعيوب في املمارسة العملية والتي الزالت لصيقة بالنصوص‬
‫القانونية والتنظيمية اخلاصة بأمالك اجلماعات الترابية‪ ،‬إال أن هذا التجاوز إن كان ممكنا‬
‫بالنسبة للتدابير التي أضحت متعارضة مع النصوص العامة اجلديدة‪ ،‬فإنه من غير املمكن‬
‫إطالقا‪ ،‬بالنسبة لبعض األحكام والقواعد التي كرستها النصوص اخلاصة مثل قواعد حماية‬
‫األمالك العامة وطريقة تخصيصها ومعيار متييزها عن األمالك اخلاصة‪ .‬فمثل هذه القواعد‬
‫واألحكام ال ميكن لنا جتاوزها عمليا‪ ،‬إال إذا نص القانون صراحة على تعديلها أو تغييرها‪.‬‬
‫ومن هذا املنطلق فإن معيار متييز األمالك العامة الذي كرسته النصوص املنظمة ألمالك‬
‫الدولة واجلماعات الالمركزية يبقى ساري املفعول في النص واملمارسة‪ ،‬رغم كونه أصبح‬
‫متقادما في مضمونه ال يواكب النظرية احلديثة التي أنضجها االجتهاد الفقهي والقضائي‬
‫في فرنسا منذ اجتهادات الفقيه «برودون» ‪ Proudhon‬واالجتهادات التي تلته فيما بعد‪.‬‬

‫‪ - 122‬جتب اإلشارة إلى أن مصطلح «املال العام» هو مفهوم عام وشامل‪ ،‬تدخل في إطاره مختلف األموال اململوكة للدولة وللجماعات‬
‫العمومية األخرى سواء كانت ذات طبيعة عقارية أو منقولة‪.‬‬
‫‪55‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫ويجدر في هذا املقام التأكيد على أن تعديل التشريع املغربي في اجتاه األخذ باملعيار‬
‫احلديث للملكية يبقى مطمحا ضروريا‪ ،‬بدون حتقيقه ال ميكن للجماعات الترابية أن‬
‫تضمن تسييرا سليما ملمتلكاتها‪ ،‬على اعتبار أن جل املعوقات التي تصادفها تلك‬
‫اجلماعات عند إدارتها ألمالكها ترجع باألساس إلى عدم وضوح الرؤيا في هذا النطاق‪،‬‬
‫خصوصا مع تنازل الدولة مبوجب القانون على الكثير من وظائفها التقليدية لصالح‬
‫الهيئات والكيانات احمللية التي أصبحت تثبت وجودها بكل جدية وفعالية‪ ،‬حتى‬
‫أضحت ضرورة وأداة ملحة ال ميكن االستغناء عنها في حتقيق أهداف السياسة العامة‬
‫للدولة واجلماعات احمللية على حد سواء‪ ،‬واملتمثلة في التنمية االقتصادية واالجتماعية‬
‫احمللية‪ ،‬غير أن ما يالحظ هو أن تنفيذ هذه االختصاصات وحتقيق هذه األهداف التي‬
‫يتوجب على اجلماعات احمللية حتقيقها بدل الدولة‪ ،‬يتطلب توفر هذه الوحدات على ما‬
‫يلزمها من موارد كافية جتعلها تغطي هذه األدوار‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس تشمل موارد اجلماعات احمللية طبقا ألحكام املادة ‪ 30‬من قانون‬
‫التنظيم املالي احمللي رقم ‪ 45-08‬على ‪ :‬الضرائب والرسوم املأذون للجماعة احمللية في‬
‫حتصيلها طبقا للقوانني اجلاري بها العمل‪ ،‬األتاوى واألجور عن اخلدمات املقدمة‪ ،‬املوارد‬
‫الناجتة عن حتويل جزء من ضرائب ورسوم الدولة املخصصة لفائدة اجلماعات احمللية‪،‬‬
‫اإلمدادات املمنوحة من طرف الدولة أو أشخاص معنوية يجري عليها القانون العام‪ ،‬حصيلة‬
‫االقتراضات املرخص بها‪ ،‬دخول األمالك واملساهمات‪ ،‬أموال املساعدات‪ ،‬الهبات والوصايا‬
‫ومداخيل مختلفة واملوارد األخرى املقررة في القوانني واألنظمة‪ ،‬وتشتمل املوارد املالية‬
‫للجماعات احمللية على مساهمة اجلماعات األعضاء في املجموعة واإلمدادات التي تقدمها‬
‫الدولة واملداخيل املرتبطة باملرافق احملولة إلى املجموعة وحصيلة اخلدمات املؤدى عنها‬
‫وحصيلة املمتلكات وحصيلة االقتراضات املرخص بها والهبات والوصايا واملداخيل املختلفة‪.‬‬
‫إن هذا التعدد في املوارد يظهر لنا جليا االهتمام املتزايد الذي أصبح يليه املشرع‬
‫املغربي ملالية اجلماعات احمللية‪ ،‬وذلك للنهوض باملوارد الذاتية بالتعددية فيها‪ ،‬أو املوارد‬
‫االستثنائية لتغطية املسؤوليات واملهام امللقاة على عاتق هذه اجلماعات‪.‬‬
‫وهكذا تتوفر اجلماعات الترابية على موارد خاصة تشكل العماد األساسي ألي استقالل‬
‫مالي وإداري‪ ،‬وإذا كانت اجلباية هي املورد األساسي الذي يتبادر إلى الذهن عند دراسة‬
‫املوارد اخلاصة باجلماعات فإن هذه األخيرة تتوفر كذلك على موارد غير جبائية ال تقل أهمية‬
‫من حيث مؤهالتها للتأثير على النشاط املالي واالقتصاد احمللي‪ ،‬فهي من جهة مصدر‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪56‬‬

‫متويلي ملا تدره من موارد وأرباح للجماعة‪ ،‬وهي من جهة أخرى رأسمال عقاري واقتصادي‬
‫ميكن بواسطته حتقيق وتوجيه التنمية احمللية‪.‬‬
‫من هنا تأتي أهمية الدراسة‪ ،‬حيث سنكتفي بالتركيز على الوسيلة التي متكن اجلماعات‬
‫الترابية من املشاركة الفعلية في التنمية احمللية من خالل مواردها الذاتية ذات الطبيعة غير‬
‫اجلبائية‪ ،‬باعتبارها تشكل أحد املصادر األساسية التي يتوقف عليها االقتصاد اجلماعي‬
‫في ميدان تغطية النفقات االستهالكية أو في ميدان متويل االستثمارات‪ ،‬حيث يعتبر‬
‫التمويل الذاتي أحد املعايير األساسية التي يقاس بها درجة االستقالل املالي احمللي‪.‬‬
‫ونسجل هنا أن النفقات احمللية شهدت تطورا مهما أصبح يفوق بكثير املداخيل املالية‬
‫للجماعات الترابية وذلك نتيجة للمتطلبات الضرورية التي حتتاجها مهام التسيير من‬
‫جهة‪ ،‬وتوسيع مجاالت تدخل اجلماعات في ميادين توجيه االستثمار والتجهيز خدمة‬
‫للتنمية احمللية من جهة أخرى‪.‬‬
‫انطالقا من هذه املعطيات‪ ،‬تتجلى لنا أهمية املوضوع كذلك من خالل املؤشرات التالية ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬قلة الدراسات األكادميية التي ترتكز على هذا اجلانب من التمويل‪ ،‬حيث تصب‬
‫أغلب الدراسات على تناول موضوع التمويل اجلبائي‪ ،‬رغم أهمية هذا العنصر األخير ودوره‬
‫الكبير في التمويل‪ ،‬إال أن املوارد األخرى غير اجلبائية تلعب هي األخرى دورا كبيرا في‬
‫متويل ميزانية اجلماعات احمللية‪ ،‬إذا أخذت بعني االعتبار‪ .‬خاصة أن املشرع املغربي أسند‬
‫مجموعة من املوارد ذات الطبيعة غير اجلبائية إلى امليزانية احمللية بقصد متويل حاجياتها‬
‫األساسية‪ .‬وميكن أن نصنف هذا النوع من اإليرادات الذاتية إلى مصدرين أساسيني‪،‬‬
‫يرتبط األول باألمالك احمللية التي تساهم بشكل كبير في تنمية املوارد الذاتية للجماعات‬
‫احمللية‪ ،‬أما الثاني فيتجلى في امللك الغابوي وما أصبح يلعبه من أدوار مهمة في تنمية‬
‫املالية احمللية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية هذه املوارد الغير جبائية باعتبارها موارد تشكل الرأسمال احلقيقي لكل‬
‫استقالل مالي وإداري‪ ،‬فاجلماعات الترابية هي التي تقوم بتحديد هذه األمالك وتسييرها‬
‫وتدبيرها‪ ،‬كما أنها تشكل إطارا ميكن من خالله إبراز مدى كفاءة املنتخبني اجلماعيني في‬
‫انتهاج أحسن الطرق وأجنع الوسائل للزيادة في املداخيل وحتسني الوضعية املالية جلماعتهم‪،‬‬
‫وكذلك في طرق البحث على املصادر اجلديدة للتمويل والهادفة إلى الزيادة في املردودية‬
‫املالية للمشاريع االقتصادية واإلمنائية التي تؤدي بدورها إلى توسيع حجم اإلمكانيات‬
‫املالية للجماعة‪.‬‬
‫‪57‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫ثالثا ‪ :‬نظرا لضعف هذه املوارد الغير جبائية لدى بعض اجلماعات‪ ،‬حيث حان الوقت‬
‫إللقاء بعض الضوء على هذه املوارد حتى يتسنى للجماعات احمللية تطويرها وتنميتها‪ .‬من‬
‫هنا تأتي أهمية اجلماعة املقاولة‪ ،‬حيث أصبح على اجلماعات إتباع طرق محاسبة جديدة‬
‫ومتطورة وتسيير دقيق ملاليتها‪.‬‬
‫وعليه وحتى نكون فكرة واضحة عن تخلف التشريع املغربي في مجال حتديد امللكية‬
‫العامة‪ ،‬ونقف عند بعض انعكاساته السلبية على إدارة وتدبير األمالك اجلماعية‪ ،‬سوف‬
‫نستعرض أهم االجتاهات الفقهية الفرنسية التي أدلت بدلوها في املوضوع‪ ،‬ونتبعها مبوقف‬
‫التشريع املغربي لنبني قصوره بالقياس إلى النظرية احلديثة‪ ،‬ثم نتطرق إلى تشخيص‬
‫الوضعية احلقوقية ألمالك اجلماعات الترابية ودورها في التنمية احمللية‪ ،‬لنختم املوضوع‬
‫بتقييم واقع األمالك احمللية باملغرب من خالل إبراز أهم االنعكاسات السلبية للمعيار‬
‫املغربي على مستوى تدبير األمالك اجلماعية‪ ،‬ثم عرض أسباب ضعف موارد األمالك‬
‫اجلماعية‪ ،‬مع اقتراح بعض التدابير الكفيلة بإصالح نظام األمالك احمللية باملغرب‪.‬‬

‫املبحث الأول‬
‫حتديد معيار متييز الأمالك العامة عن الأمالك اخلا�صة‬

‫هناك جملة من معايير متييز املال العام عن املال اخلاص‪ ،‬إذ ليس هناك معيار محددا‬
‫لتمييز األموال العامة اململوكة للدولة عن األموال اخلاصة‪ ،‬ففيما ذهب اجتاه من الفقه ميثله‬
‫الفقيه الفرنسي «برودون» إلى تقسيم هذه املعايير إلى ثالثة اجتاهات‪ ،‬أولها متثله مدرسة‬
‫«التوجه الطبيعي» وتشتمل على النظريات التي تربط الصفة العامة للمال بطبيعة املال‬
‫ذاته‪ ،‬ومن أشهر أنصار هذه النظرية الفقيه «برتلمي» الذي يقول بأن كل مال يعتبر غير‬
‫قابل للتملك اخلاص إمنا هو وثيق الصلة أو النفع باجلمهور‪.‬‬
‫وثانيهما تعرف مبدرسة التوجه التخصيصي بحيث تركز على أن التخصيص للمنفعة‬
‫العامة هو السمة املميزة للمال العام‪ ،‬ويدعي أنصار هذا املذهب ومنهم الفقيهان‬
‫«جيز» و«دوكي» أن املرفق العام هو من أشخاص القانون اإلداري واملال املخصص له‬
‫يعتبر ماال عاما‪.‬‬
‫وثالثها يقوم على أساس أن معيار املال العام خارج فكرة التخصيص ووجوب الربط‬
‫بني الصفة العامة للمال وإرادة املشرع‪ ،‬ومن أنصار هذه النظرية الفقيه «أندري هوريو»‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪58‬‬

‫حيث يدعي بأن كل ما يخصص للنفع العام يعتبر من األموال العامة سواء كان ذلك املال‬
‫املخصص خلدمة اجلمهور مباشرة أو بصورة غير مباشرة عن طريق مرفق عام‪. 123‬‬
‫وبعيدا عن هذا التحليل نصادف حتليال أقرب إلى الدقة يقوم على معيارين رئيسيني‪،‬‬
‫أولهما معيار التخصيص للمنفعة العامة‪ ،‬وثانيهما معيار التخصيص الستعمال اجلمهور‪.‬‬

‫املطلب الأول‬
‫النظرية احلديثة للفقه الفرن�سي يف جمال حتديد امللكية العامة‬

‫من الثابت اليوم‪ ،‬في حقل الدراسات القانونية في فرنسا‪ ،‬أن املعيار احلالي للملكية‬
‫العامة كان ثمرة اجتهادات فقهية متتالية في الزمن أسهمت كلها في بلورته وإخراجه‬
‫للوجود‪ ،‬وذلك منذ االجتهادات األولى للفقيه «برودون ‪ »Proudhon‬التي ضمنها في‬
‫مؤلفه الشهير «‪ »Traité du domaine public‬خالل القرن املاضي‪ ،‬إلى االجتهادات‬
‫التي تلته فيما بعد من لدن بعض التيارات الفقهية التي برزت خالل النصف األول من هذا‬
‫القرن على وجه التحديد‪.‬‬
‫وإذا حاولنا تصنيف أهم التيارات الفقهية التي تصدت للموضوع فإنه ميكن ردها إلى‬
‫‪124‬‬
‫ثالث اجتاهات أساسية نتعرض إلى أهم أفكارها بشيء من اإليجاز فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ - 123‬للمزيد من التفاصيل يراجع كل من ‪:‬‬


‫سعيد فرهود‪« :‬النظام القانوني لألموال العامة في القانون السوري»‪ ،‬مجلة احلقوق‪ ،‬السنة السابعة عشر‪ ،‬العدد ‪ ،3‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫جامعة الكويت‪.1974 ،‬‬
‫‪Huet ( F) : «La distinction du domaine public», 1975.‬‬
‫‪ - 124‬راجع في هدا الشأن ‪:‬‬
‫إبراهيم عبد العزيز شيخا ‪« :‬أصول القانون اإلداري ‪ :‬أموال اإلدارة العامة وامتيازاتها دراسة مقارنة»‪ ،‬ص ‪( ،7 .‬الطبعة والسنة‬
‫غير مذكورتني)‪،‬‬
‫أجنري طعمت ‪« :‬القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة في تنظيم ونشاط اإلدارة العامة»‪ ،‬ص ‪ 308 .‬وما يليها‪( ،‬السنة والطبعة غير‬
‫مذكورتني)‪،‬‬
‫منية بنلمليح‪« :‬قانون األمالك العمومية باملغرب»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة احمللية والتنمية‪ ،‬سلسلة «مؤلفات وأعمال جامعية»‪،‬‬
‫عدد ‪ ،2009 ،81‬ص ص ‪.37-34 .‬‬
‫وتراجع باللغة الفرنسية ‪:‬‬
‫‪- Debbash (C) et autres :»Institutions et droit administratif, biens, expropriation, travaux‬‬
‫‪publics», presses universitaires de France, 1ère édition, 1982, p : 125 et suite.‬‬
‫‪- Sandevoir (P) : «La notion d’aménagement» , spécial AJDA, Février 1966, p p :84-102.‬‬
‫‪59‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫االجتاه الطبيعي‬

‫إن املنطلق الذي اعتمد عليه أصحاب هذا االجتاه هو أن كل ملك غير قابل بطبيعته‬
‫للتملك اخلصوصي هو ملك عام‪ .‬وعلى النقيض من ذلك فإن كل ملك يسمح تكوينه‬
‫الطبيعي بالتملك الشخصي فإنه يعتبر ملكا خاصا‪ ،‬وإذا كان أنصار هذا االجتاه يتفقون‬
‫على املنطلق الذي انطلقوا منه لتحديد امللكية العامة‪ ،‬وهو طبيعة امللك العام التي ال تسمح‬
‫بتملكه والتصرف فيه‪ ،‬فإنهم مع ذلك قد اختلفوا في تقدمي تبريراتهم لذلك‪ ،‬إذ منهم من‬
‫التمس تقدمي تبريراته من خالل نصوص القانون املدني‪ ،‬ومنهم من بحث له عن تبريرات‬
‫خارج نطاق القانون‪.‬‬
‫فمن الذين اعتمدوا على نصوص القانون املدني الفقيه «برودون» الذي يعتبر من أوائل‬
‫املنادين بالـمعيار الطبيعــي كأســـاس لتمييــز امللك العام عن امللك اخلاص‪ ،‬إذ وجد في‬
‫بعض مواد القانون املدني الفرنسي سندا لنظريته وعلـــى اخلصـــوص منهـــا الـمــواد ‪:‬‬
‫‪.2226-1598-538‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فبناء على املادة ‪« : 538‬تعتبر من توابع امللك العام الطرق والشوارع واألزقة‬
‫التي هي على عاتق الدولة واألنهار واجلداول الصاحلة للمالحة والعبور‪ ...‬وعلى العموم‬
‫كافة أجزاء التراب الفرنسي التي ال تقبل أن تكون مملوكة ملكية خاصة»‪.‬‬
‫فهذه األمالك‪ ،‬التي يظهر أنها مخصصة الستعمال اجلمهور‪ ،‬يقول الفقيه «برودون»‪،‬‬
‫هي بطبيعتها غير قابلة للتملك اخلصوصي كما يتجلى من مضمون الفقرة األخيرة من‬
‫هذه املادة الشيء الذي يبرر إخضاعها لقواعد استثنائية بهدف حمايتها واحملافظة عليها‪،‬‬
‫إذ باإلضافة إلى عدم قابليتها للتملك اخلصوصي‪ ،‬فهي مستثناة من قواعد املعامالت‬
‫التجارية وفقا للمادة ‪ 1598‬من القانون املدني‪ ،‬كما أنها خاضعة لقاعدة عدم جواز التصرف‬
‫بناء على املادة ‪ 2226‬من نفس القانون‪.‬‬
‫ولقد تعرض الفقيه «برودون» في هذا اإلطار إلى بعض االنتقادات أهمها‪ ،‬أنه حمل‬
‫نصوص القانون املدني ما ال تتحمله ونسب إليها ما لم تكن تقصده‪ ،‬ذلك أن إقامة‬
‫التفرقة بني امللك العام وامللك اخلاص لم تكن وقتئذ‪ ،‬قد تبلورت في ذهن املشرع الفرنسي‪،‬‬
‫فهذا األخير حينما استعمل تعبير امللك العام ‪ Public Domaine‬أو تعبير ملك الدولة‬
‫‪ ،Domaine de l’Etat‬فإنه لم يكن ينوي متييز امللك العام عن غيره من األمالك‪ ،‬بل كان‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪60‬‬

‫يقصد بهذا التعبير بصورة عامة‪ ،‬جميع أمالك الدولة كيفما كان نوعها‪ ،‬فهو يطلق تعبير‬
‫امللك العام على الشوارع واألزقة وشواطئ البحر واملوانئ وغيرها‪ ،‬كما يطلقه على أمالك‬
‫أصبحت تعتبر باملفهوم القانوني احلديث‪ ،‬أمالكا خاصة مثل األمالك التي ال وارث لها‪،‬‬
‫واألمالك بدون مالك وغيرها‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬حاول األستاذ «برتلمي ‪– »Berthelmy‬وهو من أنصار االجتاه‬
‫الطبيعي في أوائل هذا القرن‪ -‬جتاوز األخطاء التي وقع فيها سلفه‪ ،‬مقدما تبريرات للمعيار‬
‫الطبيعي خارج نطاق القانون املدني‪ .‬ومن ثم فإن سنده في إثبات امللكية العامة هو املنطق‬
‫واالستدالل العقلي‪ .‬إذ مما ال ميكن تصوره العقل أن يسعى إنسان ما إلى متلك جزء من‬
‫الشارع العمومي أو جزء من ميناء أو نهر أو حديقة عمومية‪ .‬فهذه األمالك في نظره‪،‬‬
‫ال ميكن أن تكون قابلة للتملك الشخصي إما بحكم طبيعتها الظاهرة مثل األنهار‪ ،‬وإما‬
‫بسبب ما يدخل على هذه الطبيعة من تغير بهدف تخصيصها لالستعمال العمومي مثل‬
‫الطرق العمومية واحلدائق العامة وغيرها‪.‬‬
‫وإذا كانت أفكار األستاذ «برتلمي» لم تسلم بدورها من بعض االنتقادات‪ ،‬فإن أهم‬
‫انتقاد وجه إلى أنصار املعيار الطبيعي كونهم أهملوا احلديث عن األمالك املخصصة‬
‫للمرافق العمومية مما فتح املجال الجتهادات أصحاب نظرية املرفق العام وأصحاب نظرية‬
‫التخصيص العام‪.125‬‬

‫الفقرة الثانية‬
‫االجتاه التخ�ص�صي‬

‫إن املعيار املميز لألمالك العامة‪ ،‬لدى أصحاب هذا االجتاه‪ ،‬يكمن في فكرة تخصيص‬
‫هذه األمالك إلى هدف من األهداف‪ ،‬وإذا كان هؤالء يتفقون على فكرة التخصيص تلك‪،‬‬
‫فإنهم انقسموا إلى فريقني فيما يتعلق بتحديد الهدف الذي تخصص من أجله ولفائدته تلك‬

‫‪125 -Voir Delaubadère (A) : «Traité de droit administratif», L.G.D.J, 1975, T2, p p : 115 et‬‬
‫‪suite.‬‬
‫‪- Voir aussi : auby (M) et bon (P) : «Droit administratif des bien», Dalloz, 3ème édition‬‬
‫‪1995, p p : 16-24.‬‬
‫‪- Chapus (R) : «Droit administratif général», Tome 2, 14ème édition, Montchrestien,‬‬
‫‪2000, p p : 363-367.‬‬
‫‪61‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫األمالك‪ .‬ففريق منهم يقصرها على األمالك املخصصة للمرافق العمومية‪ ،‬وهم أصحاب‬
‫نظرية املرفق العام‪ ،‬في حني أن الفريق الثاني يضيف إلى تلك األمالك كذلك األمالك‬
‫املخصصة لالستعمال املباشر للجمهور وهؤالء هم أصحاب فكرة التخصيص العام الشامل‪.‬‬
‫فاألمالك‪ ،‬عند أصحاب مدرسة املرفق العام‪ ،‬ال تعتبر أمالكا عامة إال إذا كانت‬
‫مخصصة لتسيير وإدارة مرفق من املرافق العمومية‪ ،‬فهي وحدها التي ميكن نعتها بهذه‬
‫الصفة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن املعيار املميز للملكية العامة ال يكمن عندهم في عدم قابليتها‬
‫للتملك اخلصوصي بحكم طبيعتها‪ ،‬كما ذهب إلى ذلك أنصار االجتاه الطبيعي‪ ،‬وإمنا‬
‫املعيار املميز عندهم لهذه األمالك هو تهيئة اإلنسان لها وتخصيصها ملرفق عام‪.126‬‬
‫غير أن هذا املعيار الذي دافع عنه الفقيه «ديجي»‪ »Duguit« 127‬بشدة فائقة أخذ عليه‬
‫‪128‬‬
‫مأخذان أساسيان ‪:‬‬
‫فمن جانب أول‪ ،‬اعتبر جميع األمالك املخصصة الستعمال املرفق العام أمالكا عامة‪،‬‬
‫على الرغم من أن بعض األمالك التي يتوفر عليها املرفق العام كأدوات املكاتب والطاوالت‬
‫والورق‪ ...‬وغيرها‪ ،‬ال يجب أن ترقى إلى مستوى األمالك العامة‪ ،‬وبالتالي ال يجوز‬
‫إخضاعها إلى نفس النظام القانوني الذي تخضع له األمالك العامة‪ ،‬على اعتبار أن هذا‬
‫النظام هو نظام استثنائي بطبيعته ال يجدر تطبيقه إال بالنسبة لألمالك التي هي جديرة‬
‫بذلك من أجل حمايتها واحملافظة عليها‪.‬‬
‫ومن جانب آخر‪ ،‬ضيق من مجال األمالك العامة حينما قصر هذه األخيرة على األمالك‬
‫املخصصة للمرافق العمومية متجاهال بذلك األمالك العامة األخرى املخصصة لالستعمال‬
‫املباشر للجمهور كالشوارع والطرق والشواطئ وغيرها‪.‬‬
‫وأمام هذه االنتقادات السالفة حاول أنصار مدرسة املرفق العام‪ ،‬وهو األستاذ «جيز‬
‫‪ »Jéze‬أن يقيم أساسا آخر لتبرير نظريته‪ ،‬إذ باإلضافة إلى عنصر التخصيص للمرفق‬
‫العام‪ ،‬أضاف شرطني آخرين البد من توافرهما معا وهما ‪:‬‬

‫‪ - 126‬ميلود بوخال ‪« :‬تخلف التشريع املغربي في مجال حتديد امللكية العامة»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة احمللية والتنمية‪ ،‬عدد ‪،1994-6‬‬
‫ص‪.46 .‬‬
‫‪ - 127‬يعتبر «ليون ديجي ‪ »Léon duguit‬كما هو معلوم‪ ،‬عميدا ملدرسة املرفق العام التي ترى في هذا األخير األساس الذي تشيد‬
‫عليه سائر نظريات القانون اإلداري على اإلطالق‪.‬‬
‫‪ - 128‬ميلود بوخال ‪« :‬تخلف التشريع املغربي في مجال حتديد امللكية العامة»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.47 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪62‬‬

‫‪ -‬أن يكون تخصيص امللك لفائدة مرفق عام جوهري‪.‬‬


‫‪ -‬أن يلعب هذا امللك الدور الرئيسي في تسيير وإدارة هذا املرفق‪.‬‬
‫وتأسيسا على ذلك‪ ،‬يخرج «جيز» كثيرا من املباني املخصصة للمرافق العمومية من‬
‫دائرة األمالك العامة مثل املباني املخصصة للمدارس والثكنات العسكرية والقضاء‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن هذه املباني ليست هي التي تلعب الدور األساسي في تسيير املرفق وإدارته‪ ،‬وإمنا‬
‫الذي يقوم بالدور األساسي هم األساتذة واجلنود والقضاة‪.‬‬
‫غير أن هذين الشرطني اللذين أضافهما «جيز» لتجنب االنتقادات التي وجهت إلى‬
‫الفقيه «ديجي» يكتنفهما عدم الدقة والوضوح‪ ،‬مما حمل الفقهاء على إضافة انتقادات‬
‫أخرى ملدرسة املرفق العام‪ ،‬فمن ناحية لم يوضح «جيز» متى يكون املرفق العام جوهريا ومتى‬
‫ال يكون كذلك‪ ،‬ومن ناحية أخرى لم يبني متى يكون الدور الذي يقوم به امللك في تسيير‬
‫وإدارة املرفق العام دورا رئيسيا ومتى ال يكون كذلك‪ ،‬فضال عن أن محاولته إخراج بعض‬
‫املباني من دائرة األمالك العامة بدعوى أنها ال تلعب الدور األساسي في تسيير املرفق‬
‫العام‪ ،‬وهي محاولة ال جتانبها احلقيقة في كثير من األحيان‪ ،‬إذ حتى لو افترضنا مثال أن‬
‫الدور الرئيسي بالنسبة إلى قطاع التعليم‪ ،‬يرجع إلى األساتذة وليس إلى مباني املعاهد‬
‫واملدارس‪ ،‬فإنه ال ميكننا –انطالقا من هذا االفتراض‪ -‬أن نتصور كيف سيتمكن األساتذة‪،‬‬
‫من أداء وظائفهم وواجباتهم بدون وجود مدارس ومعاهد مهيئة لهذا الغرض‪.129‬‬
‫وفضال عن ذلك فإن التسليم مبا ذهب إليه الفقيه «جيز» في هذا الشأن سوف يؤدي‬
‫إلى حرمان كثير من األمالك املخصصة للمرافق العمومية من احلماية القانونية التي هي‬
‫في أمس احلاجة إليها‪.‬‬
‫وأمام مختلف االنتقادات التي وجهت إلى املعيار الطبيعي ومعيار التخصيص لفائدة‬
‫املرفق العام‪ ،‬ظهر تيارا آخر داخل املعيار التخصصي استهدف التوفيق بني املعيارين‬
‫السابقني معا وذلك مبحاولته تعميم فكرة امللك العام لتشمل ليس فقط األمالك املخصصة‬
‫للمرافق العامة وحدها بل أيضا األمالك املخصصة لالستعمال املباشر من لدن اجلمهور‪.‬‬

‫‪ - 129‬حول هذه االنتقادات ينظر محمود عاطف البنا ‪« :‬مبادئ القانون اإلداري»‪ ،‬ص‪ ،14 .‬وإبراهيم شيحا ‪« :‬أصول القانون‬
‫اإلداري»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23 .‬‬
‫‪63‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫وعلى ذلك‪ ،‬فإن املعيار املميز للملك العام‪ ،‬عند أصحاب هذا التيار‪ ،‬يكمن في كونه‬
‫مخصص تخصيصا عاما سواء كان ذلك التخصيص للمرفق العام أو كان الستعمال‬
‫اجلمهور املباشر‪.‬‬
‫غير أن فكرة التخصيص هاته تبدت لبعض الفقهاء جد مضخمة‪ ،‬وميكن أن تتسع‬
‫لتشمل بعض األمالك التافهة التي ال تستوجب نفس قواعد احلماية‪ 130‬التي حتتاج إليها‬
‫األمالك العامة‪ ،‬األمر الذي دفع بأصحاب هذه الفكرة إلى وضع بعض الشروط على فكرتهم‬
‫تلك‪.‬‬
‫من ذلك ما قدمه الفقيه «هوريو ‪ »HAURIOU‬عندما اشترط أن يكون التخصيص‬
‫بقرار صريح من طرف اإلدارة‪ ،‬بحيث يكون دخول امللك في دائرة األمالك العامة من‬
‫فعل ذلك القرار يستمد صفته العامة منه‪ ،‬وال يفقدها إال بصدور قرار آخر يقضي بزوال‬
‫التخصيص‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫ولقد تعرض األستاذ «هوريو» في هذا الصدد‪ ،‬إلى عدة مآخذ منها ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أنه يعطي لإلدارة سلطة تقديرية واسعة في تقرير الصفة التي يجب إحلاقها بامللك‪،‬‬
‫بحيث ال يكون ملكا عاما إال إذا أرادته اإلدارة كذلك‪ ،‬وباملقابل ال يكون امللك خاصا إال‬
‫مبشيئتها ورغبتها‪ ،‬وفي هذا ما قد يؤدي إلى اخللط وعدم التمييز بني األمالك‪.‬‬
‫‪ - 2‬إن قرار التخصيص هو فقط وسيلة إلحلاق الصفة العامة بامللك وليس ركنا من‬
‫أركان امللك العام‪ ،‬مبعنى أنه قرار – إذا صدر‪ -‬فإنه يصدر إلثبات الصفة العامة للملك‬
‫وليس بغرض إنشاءها‪.‬‬
‫وفي هذا السياق قدم األستاذ «فالني» ‪ WALINE‬محاولة أخرى لضبط هذا املعيار‬
‫وذلك عندما أضاف شرطا مميزا آخر لألمالك العامة‪ ،‬وهي عدم قابلية هذه األخيرة لالستغناء‬
‫عنها أو تعويضها في حالة إتالفها أو التعدي عنها‪ ،‬ومن مت يعرف «فالني» امللك العام مبا‬
‫يلي‪« :‬يعتبر جزءا من امللك العام كل ملك يترتب على تكوينه الطبيعي‪ ،‬أو بسبب أهميته‬

‫‪ - 130‬إن قواعد احلماية األمالك العامة املتفق عليها فقها وقضاء وقانونا هي ‪:‬‬
‫قاعدة عدم جواز التصرف في امللك العام‪،‬‬
‫قاعدة عدم جواز متلك امللك العام بالتقادم‪،‬‬
‫قاعدة عدم جواز احلجز على امللك العام‪.‬‬
‫‪ - 131‬ميلود بوخال ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.49 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪64‬‬

‫التاريخية أو العلمية أن يصبح ضروريا خلدمة مرفق عام أو إلشباع حاجة عامة وال ميكن‬
‫تعويضه مبلك آخر في القيام بهذا الدور»‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‬
‫االجتاه املختلط‬

‫تعتبر احملاولة التي قام بها هذا االجتاه آخر محاولة توصل إليها االجتهاد الفقهي‬
‫الفرنسي في هذا الشأن‪ ،‬وهي احملاولة التي قامت بها –بتكليف من احلكومة الفرنسية‬
‫آنئذ‪ -‬جلنة تعديل القانون املدني في جلساتها بتاريخ ‪ 6‬نونبر ‪ 1947‬حينما عرفت امللك‬
‫العام مبا يلي ‪:‬‬
‫«في حالة عدم وجود مقتضيات مخالفة لهذا القانون‪ ،‬ال تعتبر أمالك اجلماعات‬
‫العمومية واملؤسسات العامة من األمالك العامة‪ ،‬إال إذا كانت موضوعة حتت التصرف‬
‫املباشر للجمهور‪ ،‬أو إذا كانت مخصصة ملرفق عام‪ .‬وفي هذه احلالة األخيرة‪ ،‬ينبغي أن‬
‫تكون هذه األمالك‪ ،‬إما بحكم طبيعتها أو بفعل إعداده إعدادا خاصا‪ ،‬قد خصصت كلية‬
‫أو بصفة أساسية للغرض اخلاص بهذه املرافق»‪ 132.‬لكن املالحظ أن هذا التنقيح أو التعديل‬
‫الذي أتت به هذه اللجنة لم يكتب له الظهور كنص‪.133‬‬
‫‪134‬‬
‫فمن خالل هذا التعريف ميكننا أن نحدد عناصر امللك العام فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن يكون هذا امللك في ملكية أحد األشخاص املعنوية العامة‪ ،‬وهي باألساس الدولة‬
‫واجلماعات الترابية كاجلهات والعماالت واألقاليم واجلماعات احلضرية والقروية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى املؤسسات العامة وطنية كانت أو ترابية‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن يكون هذا امللك مخصصا تخصيصا عاما سواء أكان ذلك التنصيص لفائدة‬
‫اجلمهور‪ ،‬أو كان لتسيير وإدارة مرفق من املرافق العمومية‪ ،‬ويتبني من هذا العنصر‬
‫الثاني أن جلنة تعديل القانون املدني قد أخذت مبا ذهب إليه فقهاء املعيار الطبيعي‬
‫واملعيار التخصصي السابق دراستهما‪.‬‬

‫‪ - 132‬منية بنلمليح ‪« :‬قانون األمالك العمومية باملغرب»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.37 .‬‬
‫‪ - 133‬ينظر موقع على االنترنت ‪ htm‬منتديات ستار تاميز ‪« :‬املال العام في القانون اإلداري»‪.‬‬
‫‪ - 134‬ميلود بوخال ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49 .‬‬
‫‪65‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫‪ - 3‬أن يكون امللك املخصص للمرفق العام قد أعد إعدادا خاصا يتالءم مع الوظائف‬
‫واألغراض التي يهدف إليها املرفق‪.135‬‬
‫ويبدو من استنطاق االجتهاد الذي قدمه القضاء الفرنسي في السنوات التالية لتاريخ‬
‫‪ 6‬نونبر ‪ ،1947‬وهو تاريخ اجللسة التي وضعت خاللها جلنة تعديل القانون املدني تعريفها‬
‫للملك العام‪ ،‬أن هذا القضاء قد تبنى عناصر امللك العام املشار إليها‪ ،‬وعلى اخلصوص‬
‫منها العنصر الثالث الذي ركزت على أهميته كثير من األحكام الصادرة عن محكمة‬
‫النقض ومجلس الدولة‪.136‬‬
‫وإذا كان هذا االجتاه األخير‪ ،‬في حتديد معيار متييز امللك العام‪ ،‬قد استقر اليوم في‬
‫فرنسا‪ ،‬فقها وقضاءا وتشريعا‪ ،‬فما هو املوقف الذي اتخذه املشرع املغربي في مجال نظريته‬
‫لهذه األمالك‪ ،‬وبالتالي ما هو املعيار الذي تبناه في هذا املضمار ؟‬

‫املطلب الثاين‬
‫تخلف الت�رشيع املغربي يف جمال حتديد معيار امللكية العامة‪:‬‬
‫نحو �رضورة الأخذ باملعيار احلديث‬
‫بداية وقبل اإلجابة عن السؤال املطروح سابقا‪ ،‬ينبغي أن نقدم مالحظتني أساسيتني‪:‬‬
‫أولهما أن املشرع املغربي لم يقدم لنا‪ ،‬من خالل النصوص القانونية املختلفة‪ ،‬جردا‬
‫حصريا لكافة األمالك العمومية التي متلكها اجلماعات الترابية‪ ،‬وإمنا اكتفى بإعطاء أمثلة‬
‫عنها على سبيل االستئناس ال غير‪.137‬‬
‫وثانيهما أنه قدم‪ ،‬في مقابل ذلك تعريفا سلبيا لألمالك اخلاصة التي متلكها هذه‬
‫اجلماعات‪ ،‬بحيث اعتبرت من قبيل تلك األمالك كل األمالك التي ال تدخل في دائرة‬
‫األمالك العمومية‪.138‬‬

‫‪ - 135‬لقد استند قضاء مجلس الدولة الفرنسي كثيرا على هذا العنصر الثالث في تأسيس نظرية ملحقات وتوابع امللك العام‪.‬‬
‫‪ - 136‬ينظر في هذا الصدد حكم مجلس الدولة الصادر في ‪ 5‬فبراير ‪ 1965‬في قضية شركة «ليون» للنقل‪ ،‬جاء واردا عند إبراهيم‬
‫شيحا ‪ :‬املرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 137‬ينظر الفصل ‪ 1‬من ظهير فاحت يوليوز ‪ 1914‬املعدل بظهير ‪ 29‬أكتوبر ‪ 1929‬والفصل الثاني من قانون ‪ 19‬أكتوبر ‪1921‬‬
‫والفصل الثاني من قانون ‪ 28‬يونيو ‪.1954‬‬
‫‪ - 138‬ينظر الفصل ‪ 5‬من قانون ‪ 19‬أكتوبر ‪ 1921‬والفصل ‪ 9‬من قانون ‪ 28‬يونيو ‪.1954‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪66‬‬

‫واقتصارا على ذلك‪ ،‬يبدو األمر غاية في السهولة إذ سيكون من األيسر علينا معرفة‬
‫األمالك اخلاصة مبجرد حتديدنا وحصرنا لألمالك العامة‪ ،‬وهو شيء يتعذر علينا القيام به‬
‫على اعتبار أن املشرع املغربي كما سلف الذكر‪ ،‬لم يضع جردا حصريا لألمالك العامة‪،‬‬
‫وإمنا اكتفى بسرد بعضها على سبيل املثال‪ ،‬مستبدال بذلك الصعوبة بصعوبة أخرى‪ ،‬إذ‬
‫يتعني علينا ملعرفة األمالك اخلاصة‪ ،‬أن نضع قائمة حصرية ملختلف األمالك العامة‪ .‬ومن‬
‫هذه الزاوية‪ ،‬إذن تظهر لنا أهمية التنقيب عن املعيار الذي اعتمده التشريع املغربي في هذا‬
‫الباب باعتباره الوسيلة الوحيدة التي بواسطتها ميكننا وضع احلدود الفاصلة بني ما يعد‬
‫أمالك عامة وما يعد أمالكا خاصة‪.‬‬
‫في هذا السياق‪ ،‬جتدر اإلشارة إلى أن معظم الدارسني لنظام امللكية العامة باملغرب –‬
‫على قلتهم‪ -‬يكادون يتفقون على أن التشريع املغربي قد تبنى‪ ،‬في متييزه للملك العام‪،‬‬
‫املعيار الذي قدمه االجتهاد الفقهي والقضائي الفرنسي خالل القرن التاسع عشر‪ .‬ومن‬
‫املعلوم أن هذا املعيار‪ ،‬كما سبق وأوضحناه من قبل كان يعتمد في متييزه للملك العام‪ ،‬على‬
‫طبيعة امللك في حد ذاته بحيث ال يعتبر امللك ملكا عاما إال إذا كان بطبيعته غير قابل‬
‫للتملك الشخصي‪ ،‬ومخصصا لالنتفاع املباشر من لدن العموم‪.139‬‬
‫ولكي نقف عند صحة هذا الزعم الذي ذهب إليه أولئك الدارسون سنقوم باستقراء‬
‫النصوص القانونية بهذا اخلصوص ونعلق عليها كما يلي ‪:‬‬
‫لقد جاء في مقدمة الظهير الشريف املتعلق باألمالك العمومية للدولة‪...« : 140‬إنه ملا‬
‫كان يوجد بإيالتنا الشريفة أمالك ال يسوغ ألحد أن ينفرد بتملكها‪ ،‬كما هو جار به العمل‬
‫في باقي املمالك‪ ،‬ألنها على الشياع بني اجلميع‪.»...‬‬
‫كما جاء في الفقرة ‪ 11‬من الفصل األول من نفس الظهير ما يلي ‪...« 141:‬كل‬
‫االستحكامات والتحصينات املتعلقة باملواقع احلربية واملراكز العسكرية‪ ،‬وتوابعها‪ ،‬وعلى‬
‫العموم كل األراضي واألعمال التي ال ميكن لألفراد أن ميتلكها ألنها مشاعة»‪.‬‬

‫‪ - 139‬عبد احلق دهبي‪« :‬تأمالت في جرائم األموال»‪ ،‬مجلة مسالك‪ ،‬عدد ‪ ،2007-7‬ص ص‪.44-43 .‬‬
‫‪ - 140‬ظهير فاحت يوليوز ‪ 1914‬املعدل بظهير ‪ 29‬أكتوبر ‪ ،1929‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ - 141‬إن هذا الفصل هو الذي قام بتعداد أهم األمالك العمومية للدولة‪.‬‬
‫‪67‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫فمن خالل ما سبق نستشف أن املشرع املغربي قد اقتبس الفقرة األخيرة من الفصل األول‬
‫من ظهير فاحت يوليوز ‪ 1914‬املتعلق باألمالك العمومية للدولة من مضمون الفقرة األخيرة‬
‫من املادة ‪ 538‬من القانون املدني الفرنسي‪ ،‬وهي املادة التي اعتمد عليها رائد االجتاه‬
‫الطبيعي الفقيه «برودون» في تبرير معياره لتمييز امللك العام‪ 142‬واحلق أن املشرع املغربي‬
‫ما كان له أن يفعل غير ذلك على اعتبار أن التشريع الفرنسي كان خالل احلقبة االستعمارية‬
‫يشكل املصدر األساسي لنصوص القانون الوضعي في املغرب من جهة‪ ،‬ولكون املعيار‬
‫الطبيعي ذاته كان هو املعيار السائد في فرنسا خالل بداية القرن العشرين من جهة أخرى‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فبوقوفنا عند هذا احلد‪ ،‬ال يسعنا إال أن جناري الطرح السابق الذي سار عليه‬
‫بعض املختصني في القانون اإلداري املغربي على أساس أن املشرع املغربي‪ ،‬سواء من خالل‬
‫ما ورد في مقدمة الظهير الشريف املتعلق باألمالك العمومية للدولة‪ ،‬أو من خالل ما‬
‫جاء بالفقرة األخيرة من الفصل األول من نفس الظهير‪ ،‬ال يعتبر ملكا من قبيل األمالك‬
‫العمومية إال إذا كان غير قابل بطبيعته للتملك الشخصي من طرف اخلواص‪.‬‬
‫غير أنه إذا ابتعدنا عن محتويات ظهير فاحت يوليوز ‪ 1914‬الذي يبدو أن الطرح‬
‫األكادميي السابق قد اعتمد عليه في تأسيس رأيه حول حتديد امللكية العامة باملغرب‪،‬‬
‫ونظرنا إلى ما جاء ضمن محتويات الظهير الشريف املتعلق بأمالك اجلماعات القروية‬
‫(ظهير ‪ ،)1954‬الستنتجنا ألول وهلة بأن املشرع املغربي قد أخذ مبعيار يعتبر من أحدث‬
‫املعايير التي جاءت لتمييز امللك العام‪ ،‬وهو معيار التخصيص العام الشامل الذي ال يقصر‬
‫فكرة امللك العام على األمالك املخصصة الستعمال العموم املباشر فحسب‪ ،‬بل يدخل في‬
‫دائرة األمالك العامة أيضا تلك األمالك املخصصة لتسيير وإدارة املرافق العمومية‪.‬‬
‫ففي هذا اإلطار نص الفصل ‪ 3‬من الظهير املتعلق باألمالك القروية على ما يلي ‪:‬‬
‫«‪...‬يجوز أن تضم أيضا إلى امللك العمومي املذكور األمالك اآلتي بيانها وذلك نظرا إما‬
‫لتخصيصها مبا يهم العموم‪ ،‬أو الستعمالها لتسيير شؤون املصالح العمومية احمللية التابعة‬
‫للجماعات اإلدارية‪.»...‬‬
‫فاألمالك العمومية القروية إذن‪ ،‬في نظر واضعي قانون ‪ .1954‬هي كل أمالك مملوكة‬
‫للجماعات القروية ومخصصة إما للعموم لكي يستعملها استعماال مباشرا أو مخصصة‬
‫لتسيير وإدارة املصالح العمومية للجماعات املالكة‪.143‬‬

‫‪ - 142‬ميلود بوخال ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.51 .‬‬


‫‪ - 143‬ميلود بوخال‪ ،‬ومحمد بوجيدة ‪« :‬أمالك اجلماعات احمللية وهيئاتها»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة احمللية والتنمية‪ ،‬سلسلة دالئل‬
‫التسيير‪ ،‬العدد ‪ ،1998 ،5‬ص‪.36 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪68‬‬

‫ونحن باعتمادنا فقط على منطوق الفصل الثالث املذكور جند أنفسنا مجبرين على‬
‫الزعم بأن التشريع املغربي قد خطا خطوة إلى األمام بأخذه مبعيار التخصيص العام الشامل‬
‫على غرار ما فعلته تشريعات العديد من الدول‪ .‬غير أنه باالعتماد على منطوق النص‬
‫القانوني ذاته‪ ،‬وعلى بعض الدالالت املوضوعية في هذا الباب سوف جند بأن املعيار‬
‫الطبيعي الزال هو املعيار السائد في الوقت الراهن‪.‬‬
‫فالطرح الذي أتى به الفصل الثالث ال ميكن أخذه على إطالقه أو تعميمه على كافة‬
‫أمالك اجلماعات العمومية ببالدنا‪ ،‬ألن نفس القانون لم ميدد طرحه بصريح العبارة إلى باقي‬
‫اجلماعات العمومية‪ ،‬واملنطق يقضي بأن تخضع أمالك اجلماعات العمومية الصغرى إلى‬
‫أحكام اجلماعات العمومية الكبرى وليس العكس‪ ،‬ثم إن ظهير ‪ 1914‬املتعلق مبلك الدولة‬
‫العام الزال يعتبر النص األساسي الذي وضع أهم األحكام والقواعد التي بناء عليها تنظم‬
‫األمالك العمومية ببالدنا‪ ،‬وهو القانون الذي لم يتم تعديله وحتيينه إلى يومنا هذا على‬
‫الرغم من تقادم بعض مقتضياته ومن ضمنها محددات امللكية‪.144‬‬
‫يالحظ إذن أن املشرع املغربي قد سار على نهج نظيره الفرنسي في مجال تعريف امللك‬
‫العام‪ ،‬وذلك باعتماده معيار االستعمال من طرف اجلميع‪ .‬لكن هذا التعبير ال يخلو من‬
‫غموض‪ 145‬وال يصلح لوحده للتمييز بني األمالك العامة واألمالك اخلاصة‪ ،‬خصوصا في‬
‫الوقت احلالي حيث متت صياغته بصفة عامة وغير واضحة‪.‬‬
‫فتعبير االستعمال من طرف اجلميع يحتمل أكثر من معنى‪ ،‬فقط يرتبط بالتخصيص‬
‫املباشر أو التخصيص غير املباشر للملك‪.‬‬
‫فبالنظر لطبيعته العامة فإن التخصيص املباشر يرتبط مبجال صعب التحديد ألن بإمكانه‬
‫أن يضعنا أمام أمالك‪ ،‬وإن كانت مخصصة لالستعمال املباشر للجمهور‪ ،‬فإنها ال تدخل‬
‫في عداد األمالك العمومية مثل الطرق اخلاصة‪ .‬كما أن االستعمال ال يكون دائما مباشرا‪،‬‬
‫فاألمالك ال تستعمل في جميع احلاالت بشكل مباشر من طرف اجلمهور‪.‬‬
‫أما التخصيص غير املباشر فهو احلالة التي يكون فيها امللك وسيلة فقط لتسيير‬
‫مرفق عام‪ ،‬وهذا املعيار غير كاف أيضا إلضفاء الصفة العامة على ملك معني‪ .‬فالبد من‬

‫‪ - 142‬ميلود بوخال ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.51 .‬‬


‫‪ - 143‬ميلود بوخال‪ ،‬ومحمد بوجيدة ‪« :‬أمالك اجلماعات احمللية وهيئاتها»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة احمللية والتنمية‪ ،‬سلسلة دالئل‬
‫التسيير‪ ،‬العدد ‪ ،1998 ،5‬ص‪.36 .‬‬
‫‪69‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫التهيئة اخلاصة لهذا امللك طبيعيا أو اصطناعيا بحسب الغرض الذي خصص له‪ ،‬وفكرة‬
‫التهيئة هاته ال تخلو هي األخرى من صعوبات خصوصا وأن االجتهاد القضائي لم يضع‬
‫أي قاعدة عامة ميكن اعتمادها لتمييز امللكية العامة‪ ،‬حيث يتسم مجمله بالغموض وعدم‬
‫االنسجام‪.146‬‬
‫فمفهوم التهيئة الذي أخذ به الفقه وطبقه القضاء‪ 147‬كحل ملشكل التمييز بني األمالك‪،‬‬
‫يلتقي مع مفهوم التخصيص ألن التهيئة ميكن أن تنتج إما عن وضعية امللك نفسه أو عن‬
‫األشغال املطبقة عليه‪ .‬وبالتالي ال ميكن اعتبار هذه التهيئة معيارا محددا للملك العام‬
‫ولكن طريقة أو وسيلة فقط لتفعيل فكرة التخصيص ليس إال‪.‬‬
‫لكل هذا فقد اعتبر دارسون آخرون‪ 148‬أن التخصيص الستعمال اجلميع فكرة قدمية‬
‫استوحاها املشرع من العمل الفقهي والقضائي الفرنسي وال تتالءم مع التصور احلديث‬
‫للتخصيص الذي يقضي البحث في كل حالة على حدة على املعطيات املعقدة للملكية‬
‫العامة‪.‬‬
‫ولنا أن نتساءل هل هذا املعيار –الذي ال زال يأخذ به املشرع املغربي والذي تخلى عنه‬
‫املشرع الفرنسي حاليا‪ -‬كفيل وكاف لوحده إلسباغ الصفة العمومية على ملك من أمالك‬
‫الدولة وبالتالي متييزه عن امللك اخلاص ؟‪.149‬‬

‫‪ - 144‬منية بنلمليح‪« :‬قانون األمالك العمومية باملغرب»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.43 .‬‬
‫‪145- Rousset (M) et autres : «Droit administratif Marocain», 4ème Ed, 1984, Imprimerie‬‬
‫‪Royal, Rabat, p : 452.‬‬
‫‪146- Houem (M) : «La gestion des biens publics en droit marocain», Remald, collection‬‬
‫‪manuels et travaux universitaires, N°21, 2001, p : 37.‬‬
‫‪147- «Le domaine public ferroviaire comprend non seulement les voies ferrées, mais‬‬
‫‪l’ensemble des biens affectés au service public des chemins de fer… la caractère de‬‬
‫‪domanialité publique est attache… à l’affectation actuelle à l’usage du public ou à‬‬
‫‪l’aménagement pour l’exploitation d’un service public», C. Cassation, 28-10-1958,‬‬
‫‪R.A.C.A.R, p : 374.‬‬
‫‪148- Eddahbi (A) : «Les biens publics en droit marocain», Edition, Afrique orient, Casablanca,‬‬
‫‪1992, p : 47.‬‬
‫‪ - 149‬إن املعيار الذي أخذ وال زال يأخذ به املشرع املغربي والذي مييز النظام القانوني لألمالك العامة‪ ،‬وضع في مرحلة تاريخية ما بني‬
‫‪ 1914‬و‪ ،1954‬وهي فترة احلماية الفرنسية والتي حاول صانعوها وضع أسس نظام قانوني شبيه بالنظام املعمول به في فرنسا‬
‫آنذاك خلدمة األهداف االستعمارية بالدرجة األولى‪ ،‬وحتى بعد االستقالل وبالرغم من التعديالت التي أدخلت على هذا النظام‪،‬‬
‫فإنها لم تغير نظام امللكية العامة املؤسس في عهد احلماية والذي لم يعد يتماشى مع التطورات النوعية التي عرفها املغرب في‬
‫جميع املجاالت‪ ،‬كما أنه ال يخدم بأي شكل من األشكال األهداف التنموية للمغرب املستقل‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪70‬‬

‫أمام هذا الغموض الذي يكتنف النصوص القانونية يتعني علينا الوقوف عند التطبيقات‬
‫القضائية ملبدأ التخصيص الستعمال اجلميع ومختلف التفسيرات التي أعطيت له‪.‬‬

‫املطلب الثالث‬
‫موقف الق�ضاء من تعريف امللك العمومي‬

‫لقد لعب االجتهاد القضائي دورا أساسيا في تعريف امللك العمومي ورصد عناصره‬
‫ومنطلقا أساسيا بالنسبة ملختلف املواقف التي تبناها الفقهاء أو بالنسبة للتعريف الذي‬
‫اعتمده املشرع بهذا الصدد‪.‬‬
‫جتب اإلشارة إلى أن اجلانب األكبر من النصوص القانونية الفرنسية تتكون من قواعد‬
‫جتد أساسها في احللول التي أفرزها االجتهاد القضائي‪.‬‬
‫ذلك أن هذا األخير في معرض تعريفه للملك العام قد اتخذ مواقف تتسم باملرونة‬
‫وتعبر عن مدى عمق التطور الذي ما فتئ مييز قراراته في املوضوع‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل‬
‫أهم القرارات التي صدرت عـــن مجـلــــس الــــدولة الفرنسي في هذا الباب‪ ،‬إنه قــــرار‬
‫«‪ ،»Société le Béton‬حيث تبنى املجلس معيارا يقوم على أساس عنصرين رئيسيني ‪:‬‬
‫العنصر األول وهو تخصيص املال ملرفق عام‪ ،‬أما العنصر الثاني فهو التهيئة اخلاصة لهذا‬
‫املال‪ .‬وقد مت تفسير هذا املعيار تفسيرا موسعا إلى حد أمكن معه القول بأن امللك العمومي‬
‫ال يهم املوضوع ذاته فقط بل إنه قد يهم حتى توابعه وذلك حسب احلاالت التي يعود إلى‬
‫احملاكم املختصة البت فيها‪.‬‬
‫أما بالنسبة للقضاء املغربي‪ ،‬فنجد بأنه فسر مبدأ االستعمال من طرف اجلميع تفسيرا‬
‫واسعا واعتمده كأساس للتمييز بني األمالك العامة واألمالك اخلاصة‪.150‬‬

‫‪ - 150‬لقد أخذت محكمة االستئناف بالرباط بنفس النهج الذي تبناه املشرع املغربي باعتمادها مبدأ التخصيص الستعمـــال العمـــوم‬
‫‪ ،‬ص ‪« :)296‬نظرا إلى أن املمتلكات بسبب تخصيصها لالستعمال العمومي ال‬
‫تكون من ناحية املبدأ قابلة للتجارة‪ ،‬فإنها تصبح قابلة لذلك مبجرد زوال ذلك التخصيص»‪ .‬وتضيف احملكمة بأن التخصيص‬
‫لالستعمال العمومي يحصل انطالقا من اخلرائط املعدة من طرف املصالح الطبوغرافية‪ ،‬وانطالقا من الشهادات التي يتقاضاها‬
‫القاضي املقرر بهذا الشأن في إطار حتقيق يجري في عني املكان‪ ،‬فإذا ثبت أن االستعمال العمومي منعدم متاما فإن احملكمة ترفض‬
‫االعتراف للملك بصفة العمومية‪ .‬ويكون هذا االستعمال العمومي مقرونا في حاالت كثيرة بتسيير املرافق العمومية ويتضح في‬
‫حكم أصدرته احملكمة االبتدائية بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 6‬يونيو ‪ ،1950‬رفضت فيه صفة امللك العام ملبنى كائن داخل ثكنة‬
‫عسكرية‪ ،‬ألنه تبني لها أن املبنى املذكور غير مخصص للمرفق العمومي العسكري وال لتسييره»‪.‬‬
‫‪71‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫فاألمالك العمومية هي األموال العقارية واألموال املنقولة سواء كانت هذه األموال‬
‫مخصصة لالستعمال املباشر للجمهور أم كانت مخصصة خلدمة املرافق العامة وذلك وفقا ملا‬
‫جاء في االجتهاد القضائي حملكمة النقض الفرنسية (التي كانت تنظر إذ ذاك في طلبات‬
‫النقض املقدمة ضد أحكام احملاكم)‪ ،‬وذلك في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 28‬أكتوبر ‪1957151‬‬
‫‪« :‬إن األمالك العامة للسكك احلديدية ال تشمل فقط السكك احلديدية ولكنها تشمل‬
‫جميع األمالك املعدة للمرفق العمومي اخلاص بالسكك احلديدية‪ ...‬وترتبط طبيعة امللكية‬
‫العامة بالتخصيص اخلاص املعد للعموم أو باإلعداد اخلاص باستغالل مرفق عمومي»‪.‬‬
‫وفي بعض االجتهادات القضائية الصادرة عن احملاكم اإلدارية وبالرغم من قلتها‪ ،‬نالحظ‬
‫محاولة القضاء اعتماد املعيارين معا ‪ :‬معيار التخصيص الفعلي ومعيار التخصيص‬
‫القانوني أيضا إلضفاء صفة العمومية على ملك من األمالك‪ ،‬هذا ما جنده في إحدى‬
‫القضايا املطروحة على احملكمة اإلدارية بفاس بتاريخ ‪« : 2002/12/10152‬وحيث إن‬
‫املقصود فقها وقضاء باألموال العامة سواء كانت للدولة أو للجماعات أو للمؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬هي تلك الوسائل املادية التي تستعني بها اجلهات اإلدارية على ممارسة نشاطها‬
‫خدمة للصالح العام ويشترط العتبارها أمواال عامة أن تكون مخصصة للمنفعة العامة‬
‫بالفعل أو مبقتضى القانون من جهة أخرى‪ ،‬والتخصيص بالفعل معناه رصد املال الستعمال‬
‫العموم مباشرة‪ ،‬أما التخصيص بالقانون فهو متى ينص القانون على اعتبار مال معني من‬
‫األموال العامة»‪.‬‬
‫ومن أحكام احملاكم اإلدارية التي سارت في نفس االجتاه نذكر‪ :‬حكم احملكمة اإلدارية‬
‫بوجدة‪ 153،‬والذي جاء فيه‪»:‬وحيث إنه إذا كان املال العام هو ما متلكه الدولة واألشخاص‬
‫االعتبارية العامة التابعة لها من عقارات ومنقوالت مخصصة بالفعل أو مبقتضى القانون‬
‫للنفع العام وخدمة املصلحة العامة وتسيير املرفق العام‪.»...‬‬
‫إذن هناك اعتراف صريح يتبنى املعيارين معا ‪ :‬التخصيص الفعلي والتخصيص القانوني‬
‫لتحديد صفة األمالك وهذا من شأنه أن يشكل وسيلة لتوحيد االجتهاد القضائي بهذا‬

‫‪ - 151‬مجموعة أحكام محكمة االستئناف بالرباط لسنة ‪ ،1958‬ص ‪.374 .‬‬


‫‪ - 152‬احملكمة اإلدارية بفاس‪ ،‬حكم عدد ‪ 833‬بتاريخ ‪ ، 2002/12/10‬املجلة املغربية لإلدارة احمللية والتنمية‪ ،‬عدد ‪،2004 ،16‬‬
‫سلسلة «دالئل التسيير»‪ ،‬ص ‪.605 .‬‬
‫‪ - 153‬احملكمة اإلدارية بوجدة‪ ،‬أمر استعجالي عدد ‪ 77/2001‬بتاريخ ‪ ،2002/1/24‬املجلة املغربية لإلدارة احمللية والتنمية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،2004 ،16‬سلسلة «دالئل التسيير» ‪ ،‬ص ‪.599 :‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪72‬‬

‫اخلصوص وإزالة التناقض وكل التباس من شأنه أن يشجع اإلدارة على استعمال سلطتها‬
‫التقديرية في مجال تخصيص األمالك العمومية‪.‬‬

‫املبحث الثاين‬
‫الو�ضعية احلقوقية لأمالك اجلماعات الرتابية باملغرب ودورها‬
‫يف متويل امليزانيات املحلية‬

‫من أجل دراسة الوضعية احلقوقية ملمتلكات اجلماعات الترابية باملغرب‪ 154‬ينبغي للباحث‬
‫‪155‬‬
‫الرجوع إلى قائمة النصوص القانونية التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬ظهير فاحت يوليوز ‪ 1914‬املعدل بظهير ‪ 29‬أكتوبر ‪،1929‬‬
‫‪ -‬الظهير املؤرخ في ‪ 1‬جمادى األولى ‪ 1340‬املوافق ‪ 31‬دجنبر ‪ 1921‬والقرارات‬
‫الوزيرية املتممة واملغيرة له واملتعلقة بكيفية تسيير األمالك البلدية‪،‬‬
‫‪ -‬الظهير املؤرخ في ‪ 28‬شوال ‪ 1373‬املوافق لـ‪ 28‬يونيو ‪ 1954‬املتعلق مبمتلكات‬
‫اجلماعات القروية‪،‬‬
‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.97.84‬صادر في ‪ 23‬ذي القعدة ‪ 1417‬موافق لـ‪ 2‬أبريل‬
‫‪ ،1997‬القاضي بتنفيذ القانون رقم ‪ 47.96‬متعلق بتنظيم اجلهات‪،‬‬
‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.269‬املؤرخ في ‪ 25‬رجب ‪ 1423‬املوافق لـ‪ 3‬أكتوبر‬
‫‪ ،2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 79.00‬املتعلق بتنظيم العماالت واألقاليم‪،‬‬
‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.297‬بتاريخ ‪ 25‬رجب ‪ 1423‬املوافق لـ‪ 3‬أكتوبر ‪،2002‬‬
‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 78.00‬املتعلق بالتنظيم اجلماعي‪،‬‬
‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.08.153‬صادر في ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬القاضي بتنفيذ القانون‬
‫رقم ‪ 17.08‬املعدل واملتمم للقانون رقم ‪ 78.00‬املتعلق بالتنظيم اجلماعي‪.‬‬
‫انطالقا من هذه النصوص يتعني علينا إلقاء نظرة على ممتلكات اجلماعات احلضرية‬
‫والقروية وكذا ممتلكات العماالت واألقاليم واجلهات للوقوف على طبيعة األمالك احمللية‪.‬‬

‫‪ - 154‬محمد بوجيدة ‪« :‬أمالك اجلماعات احمللية وهيئاتها»‪ ،‬مجلة الشؤون اإلدارية‪ ،‬عدد ‪.1990-9‬‬
‫‪ - 155‬راجع مصطفى اخلليفي ‪« :‬تدبير املمتلكات اجلماعية»‪ ،‬مديرية تكوين األطر اإلدارية‪ ،‬سطات‪.1989 ،‬‬
‫‪73‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫املطلب الأول‬
‫الأمالك اجلماعية احل�رضية والقروية‬

‫لقد ميز املشرع املغربي بني األمالك اجلماعية احلضرية واألمالك اجلماعية القروية‪.‬‬
‫وسوف نتوقف تباعا عند كل من املمتلكات احلضرية (ظهير ‪ )1921/10/19‬ثم األمالك‬
‫القروية (ظهير ‪ 28‬يونيو ‪.)1954‬‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫الأمالك البلدية‬

‫أول شيء ميكن مالحظته في هذا الصدد يتعلق بالتاريخ املبكر الذي صدر فيه النص‬
‫القانوني الضابط لألمالك البلدية وذلك باملقارنة بالتاريخ املتأخر الذي أنتج فيه النص‬
‫املتعلق باجلماعات القروية‪.‬‬
‫ولعل السبب في ذلك يعود إلى سهولة ضبط ومعرفة القواعد العقارية للجماعات‬
‫احلضرية إذا ما قورن ذلك بعقارات اجلماعات القروية التي كان من الصعب حتديدها نتيجة‬
‫خلضوعها جلملة من القواعد العرفية التقليدية ونتيجة ألن القبائل في البداية لم تضع‬
‫السالح ضد القوة احلامية إال في حدود سنة ‪ ،1934‬بعبارة أخرى أن مشرع احلماية اعتنى‬
‫أوال مبا كان يسمى ببالد املخزن قبل أن يوجه اهتمامه إلى التأطير القانوني لبالد السيبة‪،‬‬
‫فظهير ‪ 19‬أكتوبر ‪ 1921‬ينظم ما يتعلق بهذه األمالك‪.156‬‬
‫وفي هذا اإلطار ينص الفصل الثاني من هذا الظهير على أن األمالك العمومية البلدية‪،‬‬
‫هي تلك األمالك التي وصفت كذلك صراحة أي بنص قانوني صريح وتشمل ‪:‬‬
‫‪ -‬األزقة والطرقات والساحات العمومية واآلثار التاريخية‪ ،‬كالتماثيل وما شاكلها‬
‫وكذلك النافورات والتجهيزات املعدة لإلنارة وكل ما يعتبر تابعا لها‪.‬‬
‫‪ -‬املياه املعدة الستهالك املدن وكذا الفوانيس والقنوات ومجاري املياه واألحواض التي‬
‫تتجمع فيها املياه قصد توزيعها وغير ذلك من التجهيزات التي تدخل في األمالك‬
‫العمومية باملغرب‪ ،‬طبقا للشروط املعينة في ظهير فاحت يوليوز ‪ ،1914‬مع مراعاة‬

‫‪ - 156‬شعير عبد الواحد‪« :‬الوضعية احلقوقية ملمتلكات اجلماعات احمللية باملغرب»‪ ،‬مجلة املالية احمللية واالقتصاد اجلهوي‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،1995-1‬مطبعة دار النشر املغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص‪.41 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪74‬‬

‫الشروط املثبتة في هذا الظهير والذي مبوجبه يبقى ما للغير من احلقوق الثابتة قانونا‬
‫وخصوصا احلقوق اخلاصة باألحباس‪.‬‬
‫‪ -‬املقابر ما عدا املقابر اإلسالمية واإلسرائيلية‪.‬‬
‫واملالحظ أنه رغم هذا السرد الضيق لألمالك العمومية فمجالها يبقى في الواقع‬
‫واسعا ما دام أن بإمكانه أن يشمل كل ملك مقيد في عداد األمالك العامة البلدية‪ ،‬وهذا‬
‫التقييد يقع بقرار من الصدر األعظم يصدر بناء على طلب مدير األمور املدنية‪ ،‬وبعد‬
‫مداولة اللجنة (املجلس البلدي) وكذا الرأي الذي يبديه املدير العام لألشغال العمومية‬
‫ومدير املالية العامة‪ .‬كان يتم إخراج ملك من دائرة األمالك العمومية بنفس املسطرة‬
‫وطبقا لنفس الشروط‪.157‬‬
‫أما بخصوص األمالك اخلاصة للبلديات فينص الفصل ‪ 5‬من ظهير ‪1921،158 /10/19‬‬
‫على أن هذه األمالك هي تلك التي لم تخصص بكيفية صريحة بأمالكها العمومية‪ ،‬ويورد‬
‫‪159‬‬
‫هذا الفصل بعض األمثلة‪:‬‬
‫‪ -‬العقارات واألبنية التي اشترتها البلديات أو بنتها على نفقتها لتخصصها بإدارات‬
‫ذات مصالح بلدية أو لتستغلها بقصد مستفادها‪.‬‬
‫‪ -‬قطع األراضي الالزمة للتجزئة بداخل منطقة املدينة والتي تكون قد تخلت عنها‬
‫الدولة من ملكها اخلاص للبلديات بعوض‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‬
‫الأمالك القروية‬

‫على غرار أمالك اجلماعات البلدية‪ ،‬تنقسم األمالك القروية إلى أمالك عمومية وأمالك‬
‫خصوصية‪ ،‬وذلك طبقا ملقتضيات ظهير ‪ 28‬يونيو ‪.160 1954‬‬

‫‪ - 157‬عبد الواحد شعير ‪« :‬املمتلكات العقارية للجماعات احمللية باملغرب» ‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬احملمدية‪ ،1991 ،‬ص ‪.60 .‬‬
‫‪ - 158‬ظهير شريف مؤرخ في ‪ 19‬أكتوبر ‪ 1921‬املتعلق باألمالك اخلاصة بالبلديات حسبما مت تغييره وتتميمه‪ ،‬منشور باجلريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 446‬بتاريخ ‪ 14‬ربيع األول ‪ 1340‬املوافق لـ ‪ 10‬نونبر ‪.1991‬‬
‫‪ - 159‬منية بنلمليح ‪« :‬قانون األمالك العمومية باملغرب»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.61 .‬‬
‫‪ - 160‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 2177‬بتاريخ ذو القعدة ‪ 1373‬املوافق لـ ‪ 16‬يوليوز ‪ ،1954‬ومرسوم عدد ‪ 1341-58‬بتاريخ‬
‫‪ 25‬رجب ‪ 4( 1378‬فبراير ‪ )1989‬احملدد لطريقة تسيير امللك العام القروي‪.‬‬
‫‪75‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫بالنسبة للدومني العمومي ينص الفصل األول من الظهير املذكور على أن امللك العمومي‬
‫القروي يضم كافة األمالك املخصصة به بصفة صريحة‪.‬‬
‫غير أن الشيء اجلديد في هذا الظهير هو أن األمالك الداخلة بدائرة امللك العمومي‬
‫القروي تكون كذلك بحكم تخصيصها الستعمال العموم أو بحكم استعمالها لتسيير‬
‫املرافق العمومية احمللية التابعة للمجالس القروية‪ ،‬فمعيار الدومني العام هنا لم يبق مبهما‬
‫كما كان الشأن بالنسبة ألمالك الدولة العامة في إطار ظهير ‪ 1914‬والذي يستعمل‬
‫عبارة استعمال العموم ولكن من غير تبيان فرضيات التخصيص املباشر أو التخصيص‬
‫غير املباشر‪ ،‬في حني أن ظهير ‪ 1954‬مييز بوضوح حالة التخصيص الستعمال العموم‬
‫والتخصيص لتسيير املرافق العمومية‪.161‬‬
‫‪162‬‬
‫وتضم األمالك العمومية القروية ‪:‬‬
‫‪ -‬املسالك والطرق واألزقة والساحات والبساتني أو احلدائق العمومية واحملالت املجهزة‬
‫بشؤون اإلنارة والبواليع‪.‬‬
‫‪ -‬املياه التي يشربها الناس أو املعدة إلرواء املواشي واألجهزة املعدة لذلك‪.‬‬
‫‪ -‬العقارات كاألسواق ومرافقها والفنادق واملجازر واآلثار واحلمامات املعدة إلزالة‬
‫الطفيليات املصابة بها البهائم‪.‬‬
‫أما املسطرة املتبعة فيما يخص تخصيص هذه األمالك بالدومني العام فيتضمنها الفصل‬
‫الرابع من الظهير حيث تتم مبوجب قرار وزيري يصدر بعد استشارة مدير الداخلية ورؤساء‬
‫اإلدارة الذين يهمهم األمر وبعد اقتراح اجلماعة اإلدارية (املجلس القروي)‪ ،‬نفس املسطرة‬
‫تتبع لنزع هذا التخصيص‪.‬‬
‫وينص الفصل السادس على مجانية تسليم امللك العمومي أو اخلصوصي للدولة‬
‫لفائدة اجلماعات اإلدارية حتت نفس الشروط املنصوص عليها بالنسبة للبلديات شريطة‬
‫أن حتافظ على األمالك املقيدة وتصونها وأن تتكفل ببقاء مباشرة احلرمان عليها وغيرها‬
‫من االلتزامات‪.‬‬

‫‪161 - Eddahbi (A) :»Les biens publics en droit marocain», Thèse d’Etat, Bordeaux, 1985,‬‬
‫‪p : 195.‬‬
‫‪ - 162‬شعير عبد الواحد ‪« :‬الوضعية احلقوقية ملمتلكات اجلماعات احمللية باملغرب»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.44 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪76‬‬

‫أما الدومني اخلصوصي للجماعات القروية فهو كل األمالك غير املخصصة بالدومني‬
‫العمومي (معيار سلبي)‪ ،‬واألمالك اخلاصة اجلماعية هي بصفة عامة كل املمتلكات‬
‫التي متلكها اجلماعات الترابية ملكية خاصة‪ ،‬ولم تكن خصصت صريحا بأمالكها‬
‫العمومية‪ ،‬بحيث ميكن االحتفاظ بها كاحتياطات عقارية أو تخصيصها الستعمال‬
‫املصالح العمومية أو استغاللها بالكراء أو التصرف فيها بجميع أنواع التصرفات‬
‫القانونية اجلاري بها العمل‪.163‬‬
‫أما في إطار القانون اجلديد املنظم للجماعات احمللية‪ 164،‬فنجد الفصل السابع من‬
‫امليثاق اجلماعي اجلديد رقم ‪ 78.00‬يتحدث بخصوص اجلماعات احلضرية التي يفوق عدد‬
‫سكانها ‪ 500.000‬نسمة‪ ،‬عن نظام األمالك املوضوعة رهن إشارة املقاطعة دون اإلشارة إلى‬
‫معيار حتديد امللك العام أو جرد ألنواعه‪.165‬‬
‫كما جند بعض املقتضيات املتعلقة بامللك اجلماعي في إطار اختصاصات رئيس املجلس‬
‫اجلماعي‪ ،‬حيث تنص املادة ‪ 47‬الفقرة ‪« : 6‬يدبر أمالك اجلماعة ويحافظ عليها‪ ،‬ولهذه‬
‫الغاية يسهر على حتيني سجل احملتويات ومسك جداول إحصاء األمالك اجلماعية وتسوية‬
‫وضعيتها القانونية ويتخذ كل األعمال التحفظية املتعلقة بحقوق اجلماعة»‪ .‬وجاء في‬
‫الفقرة ‪« : 8‬يتخذ التدابير املتعلقة بتدبير امللك العمومي اجلماعي ومينح رخص االحتالل‬
‫املؤقت للملك العمومي بإقامة بناء‪.»...‬‬
‫وبتصفحنا لقانون ‪ 17.08‬الذي يغير ويتمم مبوجبه القانون رقم ‪ 78.00‬املتعلق بامليثاق‬
‫اجلماعي‪ 166،‬نالحظ بأنه لم يأت بشيء جديد بهذا الصدد‪ ،‬باستثناء ما أورده بخصوص‬
‫مجموعات التجمعات احلضرية في الباب السابع (وخاصة الفرع الثالث منه واملتعلق‬
‫بالتنظيم املالي واملستخدمني واملمتلكات)‪ ،‬حيث نص في الفقرة ‪ 11‬من املادة ‪ 83‬على ما‬
‫يلي ‪« :‬تتكون أمالك املجموعة من األمالك التي تقتنيها ومن األمالك التي توضع رهن‬
‫إشارتها من طرف اجلماعات املكونة لها ألجل ممارسة اختصاصاتها وذلك وفقا لشروط حتدد‬
‫بنص تنظيمي»‪.‬‬

‫‪« - 163‬دليل ممتلكات اجلماعات احمللية وهيئاتها ‪ :‬تدبير األمالك اخلاصة للجماعات احمللية وهيئاتها»‪ ،‬عدد ‪ ،2001 ،2‬ص‪.3.‬‬
‫‪ - 164‬ينظر القانون رقم ‪ 78.00‬املتعلق بامليثاق اجلماعي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.02.871‬بتاريخ ‪ 25‬رجب ‪1423‬‬
‫املوافق لـ‪ 3‬أكتوبر ‪ ،2002‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 5058‬بتاريخ ‪ 21‬نونبر ‪ ،2002‬ص ‪.3468 .‬‬
‫‪ - 165‬تنص املادة ‪ 131‬على أنه «يضع املجلس اجلماعي رهن إشارة مجلس املقاطعة األمالك املنقولة والعقارات الضرورية ملزاولة‬
‫اختصاصاته والتي تظل في ملكية اجلماعة وحتتفظ بكل احلقوق وتتحمل كل االلتزامات املرتبطة مبلكية هذه األمالك»‪.‬‬
‫‪ - 166‬منية بنلمليح ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.63 .‬‬
‫‪77‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫ويظهر من خالل هذه املادة أن املشرع اكتفى بذكر مصادر األمالك التي ميكن أن تتوفر‬
‫عليها هذه املجموعات دون حتديد لطبيعتها وال ألنواعها وال ملعايير متييزها عمن عداها‬
‫وبهذا فهو يكرس الغموض الذي اتسمت به النصوص السابقة‪.167‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫ممتلكات العماالت و الأقاليم واجلهات‬

‫لقد عمل املشرع املغربي على تنظيم هذه األمالك مبجموعة من القوانني سواء ذات‬
‫الصبغة اخلاصة‪ ،‬أو تلك التي تتخذ صبغة عامة واملرتبطة أساسا بالقوانني املنظمة‬
‫للجماعات احمللية‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫�أمالك اجلماعات الرتابية الإقليمية واجلهوية‬

‫أما بخصوص ممتلكات العماالت واألقاليم فيعتبر ظهير ‪ 12‬شتنبر ‪ 1963‬النص‬


‫األساسي الضابط ملمتلكاتها والذي مت تغييره بالقانون اجلديد املنظم لهذه الوحدات الترابية‬
‫رقم ‪ 79.00،168‬فقد نص في إطار حتديده الختصاصات الوالي أو العامل في املادة ‪: 46‬‬
‫«يحافظ على أمالك العمالة أو اإلقليم ويديرها‪ ،‬ولهذه الغاية يسهر على مسك جداول‬
‫إحصاء أمالك العمالة أو اإلقليم وحتيني سجل محتوياتها وتسوية وضعيتها القانونية‬
‫ويتخذ كل األعمال التحفظية املتعلقة بصندوق العمالة أو اإلقليم»‪ .‬وفي الفقرة السادسة‬
‫من نفس الفصل يضيف ‪« :‬يتخذ التدابير املتعلقة بتدبير امللك العمومي للعمالة أو‬
‫اإلقليم»‪.‬‬
‫أما بالنسبة ألمالك اجلهات‪ 169‬فال جند نصا صريحا يعرفها أو يحدد دور اجلهات‬
‫بخصوصها باستثناء ما ورد بشكل عام بهذا الشأن‪.‬‬

‫‪ - 167‬منية بنلمليح ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.63 .‬‬


‫‪ - 168‬ظهير شريف رقم ‪ 1.02.269‬صادر في ‪ 25‬رجب ‪ 1423‬املوافق لـ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 79.00‬بتاريخ ‪ 21‬نونبر‬
‫‪ ،2002‬ص ‪.3490 .‬‬
‫‪ - 169‬ظهير شريف رقم ‪ 197.84‬صادر في ‪ 23‬ذي القعدة ‪1417‬املوافق لـ ‪ 2‬أبريل ‪ 1997‬الصادر بتنفيذ القانون رقم ‪ 47.96‬املتعلق‬
‫بتنظيم اجلهات‪ ،‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 4470‬بتاريخ ‪ 3‬أبريل ‪ ،1997‬ص ‪.556 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪78‬‬

‫وهنا نشير إلى إحدى التوصيات الهامة ألعمال املناظرة الوطنية السابعة للجماعات‬
‫احمللية لسنة ‪ 1998‬التي طالبت بنصوص تنظم ممتلكات اجلهة‪ .‬إذن في غياب نص يحدد‬
‫ذلك ستبقى اجلهات بدون ممتلكات‪.‬‬
‫وكباقي اجلماعات الترابية تتوفر اجلهات على أمالك عقارية ومنقولة‪ ،‬منها ماله طبيعة‬
‫خاصة ومنها ما له طبيعة عامة‪ ،‬أي أنه مرصود خلدمة املنفعة العامة‪ .‬ويتولى املجلس‬
‫اجلهوي البت مبداوالته في قضايا اجلهة مبا في ذلك املسائل املرتبطة مبجال املمتلكات‪ ،‬فهو‬
‫يهتم بكل ما من شأنه حتقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ .170‬كما يقوم‬
‫بإعداد مخططات التنمية‪ .171‬إال أن قرارات املجلس اجلهوي املرتبطة بتدبير املمتلكات‬
‫العامة أو اخلاصة للجهة تتطلب املصادقة الصريحة من قبل سلطات الوصاية‪.172‬‬
‫وميكن أنه يؤذن للجهات في إنشاء عالقات تعاون مختلطة بينها قصد حتقيق عمل‬
‫مشترك أو إنشاء مرافق ذات فائدة مشتركة بني اجلهات أو ألجل تدبير أموال خاصة بكل‬
‫جهة منها ومعدة لتمويل أعمال مشتركة‪ .‬وتدبر شؤون التعاون بني اجلهات جلنة تعاون‬
‫مشتركة تتمتع بالشخصية املعنوية واالستقالل املالي‪.‬‬
‫هكذا تشكل األمالك احمللية دعامة أساسية لتنمية املوارد الذاتية للميزانيات احمللية‪،‬‬
‫وتظهر هذه األهمية من خالل حجم املبالغ التي تستخلصها اجلماعات احمللية من هذه‬
‫األمالك وميكن أن نوضح ذلك من خالل اجلدول التالي ‪:‬‬
‫جدول توزيع مداخيل أمالك اجلماعات احمللية ‪( 2008/2007‬باملليون درهم)‬

‫اجلماعات‬ ‫اجلماعات‬ ‫العماالت‬


‫املجموع‬ ‫اجلهات‬ ‫السنة‬
‫القروية‬ ‫احلضرية‬ ‫واألقاليم‬
‫‪1388‬‬ ‫‪606‬‬ ‫‪738‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪1496‬‬ ‫‪637‬‬ ‫‪806‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪2008‬‬
‫املصدر ‪ :‬اخلزينة العامة للمملكة‪.‬‬

‫‪ - 170‬املادة ‪ 6‬من نفس الظهير‪.‬‬


‫‪ - 171‬املادة ‪ 7‬من نفس الظهير‪.‬‬
‫‪ - 172‬جاء في املادة ‪ 41‬من قانون اجلهة ‪« :‬ال تكون قرارات املجلس اجلهوي اخلاصة باملسائل التالية قابلة للتنفيذ إال إذا صادقت‬
‫عليها سلطات الوصاية ‪ :‬امليزانية اجلهوية‪ ،‬االشتراءات والبيوع أو املعامالت أو املعاوضات املتعلقة بعقارات امللك اخلاص وأعمال‬
‫تدبير امللك العام»‪.‬‬
‫‪79‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫وتتفاوت اجلماعات احمللية في حجم االستفادة من األمالك احمللية‪ ،‬ألن اجلماعات‬


‫احلضرية هي األكثر استفادة من مداخيل هذا املورد‪ ،‬حيث جند مثال في دجنبر ‪2008‬‬
‫قد استفادت هذه اجلماعات من ‪ 806‬مليون درهم أي بنسبة ‪ 53,87%‬من مجموع‬
‫مداخيل األمالك احمللية‪ .‬وبدرجة أقل جند استفادة اجلماعات القروية من حجم مداخيل‬
‫األمالك احمللية‪ ،‬ففي دجنبر ‪ 2008‬تستفيد هي األخرى من ‪ 42,58%‬مببلغ ‪ 637‬مليون‬
‫درهم‪ .‬لكن العماالت واألقاليم واجلهات هي اجلماعة األقل استفادة من حجم مداخيل‬
‫األمالك احمللية ‪.173‬‬
‫وعلى الرغم من هذا التفاوت‪ ،‬فإن أمالك اجلماعات احمللية تعد من األركان األساسية‬
‫للموارد الذاتية التي تستفيد منها‪ ،‬فهي تلعب دورا مهما في تنشيط حركية املالية‬
‫احمللية‪ ،‬إلى درجة أن مت وصفها بثروة اجلماعات احمللية‪ ،‬فهي املتحكم في غناها أو‬
‫فقرها ألنها تساهم بشكل كبير في متويل ميزانية اجلماعات احمللية‪ ،‬إما عبر توفير بعض‬
‫األموال املستخلصة وإما عن طريق الرسوم املفروضة على استغالل امللك كالدخول إلى بعض‬
‫املنتزهات أو كراء بعض احملالت التجارية وأماكن وقوف السيارات‪ ،‬أو بواسطة التعاقد مع‬
‫القطاع اخلاص على أساس استغالل بعض جوانب الشواطئ‪.174‬‬

‫الفقرة الثانية‬
‫مورد امللك الغابوي‬

‫إن الغابة كثروة طبيعية تشكل موردا ماليا ملن ميلكها‪ ،‬لكن استغاللها االقتصادي‬
‫تفرض عليه شروط بيئية نظرا للحاجات العامة املتزايدة في هذا املجال‪ ،‬فالغابة ميكنها‬
‫أن تعالج االختناق املالي الذي تعاني منه اجلماعات القروية خاصة صاحبة امللك الغابوي‪،‬‬
‫لكن يجب أن يكون ذلك على حساب نفسها‪ ،‬ألنها مورد مالي وبيئي جتب تنميته في‬
‫االجتاهني معا‪.175‬‬

‫‪ - 173‬كرمي حلرش ‪« :‬تدبير مالية اجلماعات احمللية باملغرب‪ ،‬على ضوء القانون رقم ‪ ،»08/45‬سلسلة الالمركزية واإلدارة احمللية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،4‬طوب بريس الرباط ‪ ،2010‬ص ص ‪.43-44 .‬‬
‫‪174 -Sbihi (M) : «La gestion des finances communales», Edition Babel, Rabat, 1992, p:205.‬‬
‫‪ - 175‬للمزيد من التفاصيل يراجع في هذا الشأن ‪ :‬عبد املجيد أسعد ‪« :‬مالية اجلماعات احمللية باملغرب»‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح اجلديدة الدار بالبيضاء‪ ،1991 ،‬ص ‪.87 :‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪80‬‬

‫ومنذ سنة ‪ 1977‬تخلت الدولة عن منتوج امللك الغابوي لفائدة اجلماعات احمللية‬
‫املتواجدة باملناطق الغابوية‪ ،‬وقد نص الفصل ‪ 14‬من الظهير مبثابة قانون الصادر بتاريخ‬
‫‪ 1976/09/20‬املنظم ملساهمة السكان في تنمية االقتصاد الغابوي على املوارد الناجمة عن‬
‫امللك الغابوي الواقع داخل احلدود الترابية للجماعة تدفع إلى ميزانية اجلماعة املذكورة‪...‬‬
‫وبعد إصدار هذا القانون أصبحت اجلماعات احمللية املعنية تتوفر على مصدر متويلي هام‬
‫أعطى لها موردا ذاتيا جديدا ساعد الكثير من اجلماعات على حتمل مواجهة نفقاتها‬
‫العادية وكذا التقليص من اعتماداتها على الدولة‪.‬‬
‫هكذا يغطي امللك الغابوي في املغرب حوالي ‪ 8‬ماليني و‪ 969‬ألف هكتار‪ 176‬وهو ما‬
‫يعادل ‪ % 13‬من املساحة اإلجمالية‪ ،‬وتوفر الغابات حوالي ‪ % 30‬من حاجيات البالد من‬
‫اخلشب و‪ % 30‬من احلصيلة الطاقية السنوية و‪ % 17‬من حاجيات القطيع من األعالف‪،‬‬
‫وتساهم الغابة أيضا في خلق ما بني ‪ 8‬و‪ 10‬ماليني يوم عمل في السنة وتوفر مداخيل لفائدة‬
‫السكان املجاورين واجلماعات احمللية تصل إلى ‪ 5‬ماليني درهم سنويا‪.‬‬
‫من هنا يتضح لنا أن القطاع الغابوي يساهم بشكل كبير في دعم املوارد املالية للجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬خاصة التي تتوفر على ثروة غابوية مهمة‪ ،‬بفضل تخصيص كل املداخيل الغابوية‬
‫لفائدة ميزانياتها مما مكنها من االرتقاء من مستوى جماعة مدعومة إلى جماعات ذات‬
‫قدرات متويلية ذاتية‪.‬‬
‫وقد فرض القانون املتعلق بتنظيم مساهمة السكان في تنمية االقتصاد الغابوي على‬
‫اجلماعات احمللية برمجة ‪ % 20‬كحد أدنى على األقل من املداخيل الغابوية إلعادة التشجير‬
‫وحتسني مستوى الغابات وتهيئتها وإقامة نقط املاء واملسالك الغابوية وخلق املناطق اخلضراء‬
‫وحماية الغابة‪.‬‬
‫إن استفادة امليزانيات احمللية من امللك الغابوي يفرز لنا ثالثة أنواع من اجلماعات‬
‫بحسب درجة هذه االستفادة‪ ،‬فهناك في مداخيلها العادية نسبة متوسطة ال تتجـــاوز‬
‫‪ % 65,55‬كأعلى نسبة‪ ،‬وفئة أخرى تكاد تكون مساهمة الغابات في مداخيلها العادية‬
‫منعدمة لضعف مساحتها الغابوية‪ ،‬أو لعدم توفرها عليه‪ ،‬وهو أمر يؤدي إلى تعاظم الفوارق‬
‫املالية بني مختلف اجلماعات وبالتالي حرمان عدد كبير منها من هذا املورد‪ .‬ولتجاوز هذا‬
‫التفاوت البد من نهج سياسة حتسيسية وتواصلية بالنسبة للمستفيدين من الغابة وإعادة‬

‫‪ - 176‬كرمي حلرش ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.45-46 .‬‬


‫‪81‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫النظر في تعاملهم معها‪ ،‬واعتبارها موردا متويليا للتنمية احمللية على غرار موارد األمالك‬
‫احمللية‪ ،‬لذا جتب حمايتها من كل األخطار التي تهددها خاصة إذا علمنا أن الغطاء‬
‫الغابوي يتراجع بشكل سنوي بنسبة ‪ 31000‬هكتار‪ ،‬ويرجع ذلك إلى عدة عوامل‪ ،‬كتلك‬
‫التي تفرضها الشروط اإلدارية وتهيئة املجال وإعداد التراب الوطني‪.177‬‬

‫املطلب الثالث‬
‫تدبري الأمالك اجلماعية وتنمية الر�صيد العقاري للجماعات الرتابية‬

‫إن ثروة اجلماعة تقاس بامتداد رصيدها العقاري وبقدرتها على صيانته وتنميته‪ ،‬ولهذا‬
‫دأبت اجلماعات الترابية على االعتناء مبمتلكاتها وتدبيرها‪ ،‬والسعي لتكوين احتياطي‬
‫عقاري مهم من أجل توظيفه خللق مشاريع تنموية في امليادين التجارية والصناعية‬
‫والسياحية ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬يعد موضوع االستثمار العقاري من املواضيع األشد جذبا وإغراءا‬
‫في الظروف الراهنة لتوظيف الودائع واألموال‪ .‬ويقصد باالستثمار العقاري‪ ،‬تأهيل العقار‬
‫وفق منوذج العقارات احملفظة‪ ،‬بحكم أن التحفيظ العقاري أصبح في املقام األول محركا‬
‫لالقتصاد الوطني ومساهما في تأهيل املوارد البشرية العاملة في املجال العقاري‪ ،‬وعنصرا‬
‫استراتيجيا في مجال التنمية وركيزة أساسية في إعداد التراب الوطني‪ ،178‬الذي تتوقف‬
‫عليه إستراتيجيات التنمية احمللية والسياسات العامة واخلاصة‪.179‬‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫مظاهر التنمية للملكية العقارية اجلماعية‬

‫إن الوظيفة التي أصبحت تقوم بها اليوم اجلماعة املقاولة في مجال التنمية الشمولية‪،‬‬
‫يتطلب وعاءا عقاريا قد تتوفر عليه أو تعمل على اقتنائه‪ 180،‬إما باللجوء إلى مسطرة اقتناء‬

‫‪ - 177‬عبد املجيد أسعد ‪« :‬مالية اجلماعات احمللية باملغرب»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.97 .‬‬
‫‪ - 178‬عبد العزيز بلقزيز ‪« :‬العقار والتنمية املستدامة»‪ ،‬أشغال اليوم الدراسي املنظم من طرف عمالة إقليم احلوز واملكتب اجلهوي لالستثمار‬
‫الفالحي للحوز بتعاون مع مركز الدراسات القانونية واملدنية والعقارية حول «العقار واالستثمار»‪ ،‬بكلية العلم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية مبراكش يوم ‪ 19‬يونيو ‪ ،2003‬املطبعة والوراقة الوطنية مبراكش‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2005‬ص ‪.139 .‬‬
‫‪ - 179‬املرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 180‬الهادي مقداد ‪« :‬السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى»‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ،2000‬ص‪.193 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪82‬‬

‫األراضي انطالقا من ميزانيتها اخلاصة بعد احلصول على موافقة سلطة الوصايا‪ ،‬إذ يشرع‬
‫بالتفاوض مع املالكني مباشرة وفي السهر على تسديد مبلغ االقتناء بعد حصول االتفاق بني‬
‫الطرفني‪ 181،‬وال أحد يجادل في فائدة إيجابية هذه الوسيلة‪ ،‬لكنها تتسم باحملدودية‪ ،‬نظرا‬
‫لضعف االعتمادات املالية من جهة‪ ،‬وتوغل ثقافة املضاربة من جهة أخرى‪.‬‬
‫في هذا اإلطار ال يوجد نص قانوني يعرف امللكية العقارية اجلماعية‪ ،‬إال أن االختصاص‬
‫الفقهي حاول التمييز بني امللكية العقارية اجلماعية‪- 182‬العامة واخلاصة‪ -‬فامللكية العقارية‬
‫اجلماعية اخلاصة هي املقصودة في هذا التحليل‪ ،‬فهي إذن تلك األمالك القابلة للتصرف‬
‫فيها من لدن اجلماعات احمللية عن طريق التصرفات املشروعة حتقيقا للمصلحة العامة‪،‬‬
‫أو ألجل مصلحة جماعية معينة‪ ،‬عن طريق البيع أو املعاوضة‪ ،‬بعد استشارة تأخذ بعني‬
‫‪183‬‬
‫االعتبار رأي السلطة اإلدارية املختصة‪.‬‬
‫وبذلك على اجلماعة تبني إستراتيجية لتنمية ملكيتها العقارية‪ ،‬من أجل تنشيطها‬
‫وحتويلها من حالة الركود إلى حالة احلركة‪ ،‬واستغاللها استغالال أمثل لتحقيق أكبر قدر‬
‫ممكن من الرخاء االقتصادي واالجتماعي والثقافي لساكنة اجلماعة‪ 184،‬وتتجسد مظاهر‬
‫‪185‬‬
‫هذه التنمية في ‪:‬‬
‫‪ -‬العقارات واألبنية التي تقتنيها اجلماعات أو تبنيها على نفقتها لتخصيصها‬
‫خلدمات ذات املصلحة احمللية أو الستغاللها قصد تنمية مواردها املالية‪،‬‬

‫‪ - 181‬عز الدين املاحي ‪« :‬اقتناء األراضي بالتراضي كأداة إلجناز املشاريع االقتصادية واالجتماعية»‪ ،‬أعمال اليوم الدراسي الذي نظمه‬
‫مركز الدراسات القانونية واملدنية والعقارية بكلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية مبراكش وبلدية جليز حول «تدبير‬
‫األمالك اجلماعية وتنمية الرصيد العقاري للجماعات احمللية»‪ ،‬بتاريخ ‪ 9‬يناير ‪ ،2001‬املطبعة دار وليلي للطباعة والنشر‪،‬‬
‫مراكش‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2003‬ص‪.106.‬‬
‫‪ - 182‬فامللكية العقارية اجلماعية العامة يقصد بها كل األمالك التي تخصص للمنفعة العامة وال يجوز إخضاعها إلى أحكام القانون‬
‫اخلاص‪ ،‬وإمنا من األفضل إخضاعها لقواعد استثنائية بهدف حمايتها واحملافظة عليها من حيث ال يجوز التصرف فيها وال إقامة‬
‫احلجوز عليها وال اكتساب ملكيتها بالتقادم بعامل مضي الزمن‪.‬‬
‫أما امللكية العقارية اجلماعية اخلاصة فيراد بها كل األمالك التي ميكن للجماعات احمللية أن تتصرف فيها مبثل التصرفات‬
‫التي يجريها األفراد على ملكياتهم اخلاصة كالبيع والشراء واملعاوضة‪ .‬أنظر محمد بونبات ‪« :‬امللكية العقارية اجلماعية وطرق‬
‫حمايتها»‪ ،‬أعمال اليوم الدراسي الذي نظمه مركز الدراسات القانونية واملدنية والعقارية‪ ،‬بكلية احلقوق مبراكش وبلدية جليز حول‬
‫«تدبير األمالك اجلماعية وتنمية الرصيد العقاري للجماعات احمللية»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23 .‬‬
‫‪ - 183‬محمد بونبات ‪« :‬امللكية العقارية اجلماعية وطرق حمايتها»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24 .‬‬
‫‪ - 184‬مبارك أخرضيض ‪« :‬مظاهر التنمية للملكية العقارية للجماعات احلضرية والقروية في قانون امليثاق اجلماعي اجلديد»‪ ،‬أعمال‬
‫اليوم الدراسي السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.77 .‬‬
‫‪ - 185‬بهيجة هسكر ‪« :‬اجلماعة املقاولة باملغرب ‪ :‬األسس‪ ،‬املقومات والرهانات»‪ ،‬سلسلة الالمركزية واإلدارة احمللية‪ ،‬عدد ‪ ،5‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،2010‬ص ‪.76 :‬‬
‫‪83‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫‪ -‬االستثمارات العقارية التي تنجزها حلسابها أو باالشتراك مع القطاع العام أو‬


‫اخلاص والتي متكنها من االعتناء مبواردها وحتقيق استغاللها املالي‪،‬‬
‫‪186‬‬
‫‪ -‬احتياطاتها العقارية مثل األراضي التي تقتنيها‪.‬‬
‫وقد مت توسيع اختصاص املجالس اجلماعية فيما يخص تدبير امللكية العقارية‪ 187،‬حتى‬
‫تكون في مستوى التحديات وجعلها أكثر جناعة‪ ،‬ومن بني املستجدات التي جاء بها قانون‬
‫رقم ‪ 78.00‬في هذا اإلطار ‪:‬‬
‫‪ -‬استبدال املراقبة املركزية باملراقبة املقربة (املراقبة اإلقليمية)‪،‬‬
‫‪ -‬تخويل الوالي أو العامل سلطة املصادقة على املقررات املتعلقة بتدبير امللكية‬
‫العقارية اجلماعية‪،‬‬
‫‪ -‬تقليص آجال الوصاية على املقررات اخلاضعة لها‪.‬‬
‫والهدف من كل ذلك تبسيط املسطرة اإلدارية‪ ،‬وتفادي كل أشكال البطء في تنفيذ‬
‫‪188‬‬
‫املقررات املتعلقة بالعمليات العقارية اجلماعية‪.‬‬
‫وتتوقف العملية التدبيرية لهذه األخيرة أساسا على التخطيط املبني على اإلحصاء‬
‫واجلرد الدقيق للعقارات اجلماعية من جهة‪ ،‬وتشخيص واقعها من جهة ثانية‪ ،‬ألن اإلشكال‬
‫الكبير الذي تواجهه اجلماعات احمللية هو عدم توفر بعضها على سجالت للمحتويات‬
‫واملنشورات العقارية‪ ،‬لضبط األمالك اجلماعية العامة واخلاصة وتدوينها‪ ،‬ملعرفة نوع امللك‬
‫ومصدره وأصله ورسم ملكيته‪ ،‬وتاريخ تسجيله في امللك اجلماعي‪ 189.‬لذلك تتخذ املجالس‬
‫اجلماعية التدابير والقرارات لتحديد إستراتيجية معينة للملكية العقارية اجلماعية‪ ،‬قصد‬
‫‪190‬‬
‫تنميتها واستغاللها إلى أقصى طاقاتها اإلنتاجية واالستثمارية في مدة زمنية محدودة‪.‬‬

‫‪ - 186‬عبد املنعم البحر ‪« :‬تدبير األمالك اخلاصة للجماعات احمللية وهيئاتها»‪ ،‬أعمال اليوم الدراسي السابق الذكر‪ ،‬ص‪.135 :‬‬
‫‪ - 187‬املادة ‪ 36‬من القانون رقم ‪ 78.00‬والقانون رقم ‪.17.08‬‬
‫‪ - 188‬مبارك أخرضيض ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.82-81 .‬‬
‫‪ - 189‬سيف الدين فاسي الفهري ‪« :‬دور جتزئات الدولة في تنمية الرصيد العقاري للجماعات احمللية‪ ،‬بلدية مراكش املنارة منوذجا»‪،‬‬
‫أعمال اليوم الدراسي السابق الذكر‪ ،‬ص ‪.161 .‬‬
‫‪ - 190‬مهدي بنمير ‪« :‬اجلماعة وإشكالية التنمية احمللية باملغرب‪ ،‬دراسة حتليلية للممارسة اجلماعية على ضوء ظهير ‪ 30‬شتنبر‬
‫‪ ،»1976‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة احلسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية بالدار‬
‫البيضاء‪ ،1990 ،‬ص‪.300 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪84‬‬

‫الفقرة الثانية‬
‫اجتاه اجلماعة نحو �سيا�سة االحتياطات العقارية‬

‫يعتبر العقار عنصرا أساسيا لالستثمار‪ ،‬ووسيلة لالدخار وعامال لإلنتاج في مجال‬
‫النشاط الفالحي‪ ،‬ووعاءا الستقبال االستثمارات في قطاعات مختلفة‪ .‬وبناء عليه‪ ،‬فقد‬
‫أصبح االستثمار العقاري للجماعات احمللية يحظى باألولوية لدى هذه األخيرة‪ ،‬وفق تصور‬
‫جديد يستجيب للتوجيهات امللكية السامية التي جاءت متضمنة في الرسالة املوجهة إلى‬
‫الوزير األول في ‪ 9‬يناير ‪ 2002‬التي تتعلق مبوضوع التدبير الالمتمركز لالستثمار‪.‬‬
‫ومنذ ذلك احلني‪ ،‬يعرف هذا القطاع سجاالت ونقاشات حادة‪ ،‬حول تعقيد منظومته‬
‫القانونية‪ ،‬ناهيك عن اإلشكاالت التي تطرح ذاتها كواقع‪ ،‬إذ البد من التعامل معها بنوع‬
‫من الذكاء االقتصادي‪ ،‬كاالرتفاع الصاروخي ألسعار العقار‪ 191،‬الذي زاد من محدودية‬
‫السوق العقارية من جهة‪ ،‬وتفشي ظاهرة املضاربة العقارية من جهة ثانية‪.‬‬
‫ونظرا للعالقة اجلدلية بني العقار واالستثمار‪ ،‬أصبح من الالزم على اجلماعات احلضرية‬
‫والقروية تكوين رصيد عقاري‪ ،‬يؤمن عمليات االستثمار واالستقرار السكاني‪ ،‬وهو ما‬
‫يعرف «بسياسة االحتياط العقاري»‪.‬‬
‫ويعني االحتياط العقاري‪ ،‬مجموع األراضي التي تعمل الدولة أو اجلماعات احمللية‬
‫على اقتنائها من أجل استعمالها عند احلاجة‪ ،‬وإجناز التجهيزات األساسية واملرافق‬
‫وعمليات التعمير‪ .‬وتعتبر احتياطية لكونها ال تبرمج استعماالتها في املدى القريب‪،‬‬
‫كما ال تعرف كيفية استعمالها في املستقبل‪ 192.‬وإذا كانت جل البلديات األوروبية‬
‫سلكت مسطرة تكوين االحتياطات العقارية الضرورية‪ ،‬للتوسع احلضري والعمراني‪،‬‬
‫وذلك منذ القرن ‪ ،19‬بحيث أصبحت تتوفر على غالبية األراضي احلضرية واألراضي‬
‫املجاورة لها ملواجهة احلاجيات املستقبلية للجماعة على املستويات املتعددة االقتصادية‬
‫‪193‬‬
‫والعمرانية واالجتماعية والبيئية‪.‬‬

‫‪ - 191‬يرتفع العقار بنسبة ‪ % 30‬سنويا حسب توفيق حجيرة وزير اإلسكان والتعمير والتنمية املجالية في أحد تدخالته في برنامج‬
‫تلفزيوني‪.‬‬
‫‪ - 192‬الهادي مقداد ‪« :‬السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى»‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ،2000‬ص ‪.193 .‬‬
‫‪ - 193‬سيف الدين فاسي الفهري ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.162 :‬‬
‫‪85‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫فالتوفر على احتياط عقاري كاف‪ ،‬يساهم ويدعم االستثمار‪ ،‬ويحرر املجالس اجلماعية‬
‫من القيود والضغوط‪ ،‬التي تفرزها وضعية السوق العقارية املعقدة‪ ،‬بهدف تفادي املضاربات‬
‫العقارية التي تنتج عن التوسع احلضري‪ ،‬ويوفر لها التحكم في السوق العقارية وإعادة‬
‫التوازن إليها‪ 194،‬وميكن في هذا الصدد تسجيل ضعف اجلماعات احمللية باملغرب بتكوين‬
‫احتياطي عقاري للتوسع العمراني على املدى املتوسط والبعيد‪ ،‬بسبب ضعف اإلمكانيات‬
‫املادية لديها وقلة مصادر التمويل‪.‬‬
‫وفي إطار التحول الذي تعرفه اجلماعات احلضرية والقروية‪ ،‬كمقاوالت جتعل من‬
‫االستثمار هاجسها األول‪ ،‬أصبح من الواجب عليها التفكير في التوفر على احتياطي‬
‫عقاري متاشيا مع الدور املنوط بها‪ .‬ألن من شأن ذلك أن يجعلها تتحكم بشكل فعال في‬
‫الوضعية العقارية ومراقبة السوق بشكل وقائي من جهة‪ 195،‬وتفاديا للمضاربات العقارية‬
‫وللتصرفات التي تؤدي غالبا إلى جتميد األراضي الصاحلة للتعمير من جهة ثانية‪.‬‬
‫إن التوفر على احتياطي عقاري يساهم في تدبير وجتهيز معقلن ألجل استقطاب‬
‫االستثمارات من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى تلبية احلاجيات ومتطلبات الساكنة‪ .‬والعتبارات‬
‫اجتماعية واقتصادية توظف املجالس اجلماعية بعضها في أنشطة جتارية‪ 196،‬يأتي على‬
‫رأسها ميدان التجزئات السكنية إلى جانب اخلواص واملؤسسات املختصة‪ ،‬وهو قطاع يخدم‬
‫احلد من املضاربات العقارية ويوفر املساكن ويخفف من أزمة السكن من خالل جتهيزها‬
‫وحتفيظها وبيعها‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬تستلزم عملية وضع سياسة عقارية إرادية‪ ،‬التخلي عن‬
‫املقاربات السلبية والتقليدية‪ ،‬التي متيز حاليا طرق عمل مختلف اإلدارات املتدخلة‬
‫على املستوى العقاري‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن هذا املنظور يستدعي وضع إستراتيجية واضحة‬
‫‪197‬‬
‫تتجلى أهدافها في ‪:‬‬
‫‪ -‬تسريع وتيرة التحفيظ العقاري على املستوى احلضري والقروي‪،‬‬
‫‪ -‬إعادة النظر في شروط تدبير أراضي األمالك املخزنية‪ ،‬وأراضي األحباس‪ ،‬وأراضي‬
‫اجلموع وامللك الغابوي‪ ،‬وذلك لضمان تدبير حديث وشفاف‪،‬‬

‫‪ - 194‬الهادي مقداد ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24 .‬‬


‫‪ - 195‬بهيجة هسكر ‪« :‬اجلماعة املقاولة باملغرب»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.82 .‬‬
‫‪ - 196‬محمد احلياني ‪« :‬مظاهر التنمية احمللية وعوائقها ‪ :‬اجلماعات احلضرية والقروية منوذجا»‪ ،‬مطبعة ميمون‪ ،‬وجدة‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ،1998‬ص ‪.88 :‬‬
‫‪ - 197‬ملتقى اجلماعات احمللية ‪ ،2006‬التوسع العمراني للمدن‪ ،‬وزارة الداخلية‪ ،‬ص‪.21 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪86‬‬

‫‪ -‬وضع آليات دائمة ملعرفة وتتبع الرصيد العقاري‪ ،‬خاصة بالضاحية عبر عمليات‬
‫منوذجية‪ ،‬قبل تعميمها على مجموع املجاالت احلضرية‪،‬‬
‫‪ -‬التفكير في مضمون مؤسساتي وقانوني للسياسة العقارية‪ ،‬تأخذ بعني االعتبار‬
‫توجهات إعداد التراب الوطني والتخطيط احلضري‪.‬‬

‫املبحث الثالث‬
‫تقييم واقع الأمالك املحلية باملغرب ومتطلبات الإ�صالح‬

‫رغم املجهودات التي قام بها املشرع املغربي في السبعينات في ميدان الالمركزية بصفة‬
‫عامة‪ ،‬جند أنفسنا أمام معضلة جمة تتجسد في تنوع النصوص القانونية الضابطة للميدان‬
‫العقاري اجلماعي‪ .‬وأول شيء يالحظ في هذا اإلطار هو تواجد نصني حول ممتلكات اجلماعات‬
‫البلدية وممتلكات اجلماعات القروية‪ ،‬من حيث أرضيتها ومن حيث كيفية تدبيرها‪ ،‬وذلك‬
‫مع تواجد امليثاق اجلماعي الصادر في ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬الذي وحد مبدئيا بني النوعني من‬
‫اجلماعات‪ ،‬وهو ما أكده امليثاق اجلماعي احلالي لسنة ‪ .2009‬وهذا في حد ذاته «شذوذ‬
‫قانوني» إن صح التعبير‪ ،‬خصوصا إذا ما علمنا أن معدل املدة الفاصلة بني نصوص ‪1921‬‬
‫و‪ 1954‬و‪ 1976‬و‪ 2009‬هي جيل بكامله‪ .‬ونلمس هذا «الشذوذ» بعمق إذا ما استحضرنا‬
‫التطورات االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي حتصل من جيل إلى جيل‪ ،‬وكذا طلبات‬
‫ومتطلبات كل حقبة تاريخية على حدة‪ .‬فنحن في حاجة واحلالة هذه إلى توحيد نصي ‪1921‬‬
‫و‪ 1954‬في إطار قانون ضابط لتنظيم املمتلكات العقارية لكل الوحدات اجلماعية سواء‬
‫‪198‬‬
‫كانت بلدية أو قروية‪ ،‬قانون جديد يتماشى مع رغبات املغرب اجلديد‪.‬‬
‫وحتى نقوم بتقييم واضح لواقع األمالك احمللية في املغرب‪ ،‬سوف نقف عند االنعكاسات‬
‫السلبية على إدارة وتدبير األمالك اجلماعية والناجتة عن تخلف التشريع املغربي في مجال‬
‫حتديد امللكية العامة‪ ،‬من خالل إبراز أهم االنعكاسات السلبية للمعيار املغربي على‬
‫مستوى تدبير األمالك اجلماعية‪ ،‬ونتبعها بتحديد أسباب ضعف موارد األمالك اجلماعية‪،‬‬
‫قبل أن ننتقل إلى التطرق للتفكير حول آفاق التشريع في مادة األمالك اجلماعية‪.‬‬

‫‪198 -Bennani (M) : «Les problèmes immobiliers des collectivités locales», in «Documents‬‬
‫‪du colloque de Marrakech», p : 162.‬‬
‫‪87‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫املطلب الأول‬
‫االنعكا�سات ال�سلبية للمعيار املغربي على م�ستوى تدبري الأمالك اجلماعية‬

‫ليس ثمة أدنى شك‪ ،‬على اإلطالق‪ ،‬في أن شيوع املعيار الطبيعي كانت له انعكاسات‬
‫سلبية على تدبير وإدارة األمالك العمومية بصفة عامة‪ ،‬واألمالك العمومية للجماعات‬
‫الالمركزية على وجه اخلصوص‪ .‬فباستقرائنا لواقع املمارسة العملية في هذا االجتاه‪ ،‬نستشف‬
‫بأن تلك االنعكاسات السلبية مست مستويات رئيسية‪ ،‬أهمها مسألة ضبط األمالك‬
‫اجلماعية‪ ،‬ومسألة التصرف في األمالك اجلماعية‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫انعكا�سات املعيار الطبيعي على �ضبط وتدوين الأمالك اجلماعية‬

‫إن ضبط األمالك اجلماعية وتدوينها في سجالت مرقمة ومبوبة يعتبر ضروريا لكل‬
‫تسيير سليم لهذه األمالك‪ .‬ذلك أن تدبير هذه األخيرة ال ميكن بأية صورة من الصور‪ ،‬أن‬
‫يكون مستقيما ومذرا إال إذا كانت اجلماعات املالكة على بينة ومعرفة تامة بأمالكها‪.‬‬
‫ونظرا لهذه احلقيقة املنطقية‪ ،‬ألزمت األنظمة املعمول بها‪ 199‬اجلماعات احلضرية والقروية‬
‫على مسك سجل خاص يدعى «كناش املشموالت» أو «سجل احملتويات» تضمن فيه كل‬
‫املعلومات اخلاصة بأمالكها‪ .‬وينقسم السجل املذكور إلى قسمني ‪ :‬قسم تدون فيه األمالك‬
‫التابعة للملك العمومي‪ ،‬والقسم اآلخر تدون فيه األمالك التابعة للملك اخلصوصي‪.‬‬
‫وإذا كان هذا السجل‪ ،‬بالنظر إلى املعلومات التي يتضمنها ال ميكن في اعتقادنا‪ ،‬أن‬
‫يساعد اجلماعات احمللية على التحكم في أمالكها‪ ،‬باعتباره يعطي فقط نظرة على تلك‬
‫األمالك وهي في صورتها اجلامدة‪ 200،‬فإنه مع ذلك يعد ضروريا من الناحية املادية لكونه‬
‫ميكن اجلماعات املالكة من معرفة اجلوانب الكمية والنوعية ملجموع األمالك التي توجد‬
‫بحوزتها‪ .‬ودون الدخول في التفاصيل‪ ،‬في هذا االجتاه نشير إلى أنه بالرغم من املجهودات‬

‫‪ - 199‬ينظر في هذا الشأن الفصل األول من القرار الوزيري املتعلق بتحديد كيفية تدبير األمالك البلدية وكذا الفصل األول من املرسوم‬
‫املتعلق بتحديد كيفية تسيير أمالك اجلماعات القروية‪.‬‬
‫‪ - 200‬إن املعلومات التي تدون في هذا السجل هي نوع امللك وأصله ورسم ملكيته وتاريخ تسجيله في امللك اجلماعي‪ ،‬وإذا كان امللك‬
‫عقارا تسجل في السجل مساحته وموقعه وكذا يشار فيه إلى البراءة من األمالك املبيعة أو املعوضة أو العقارات املجزأة‪ .‬فهذه‬
‫املعلومات تفيد اجلماعات في معرفة امللك وهو في حالة سكون‪ ،‬وال تفيد‪ ،‬بالتالي في معرفته وهو في حالة حركة‪ .‬للمزيد من‬
‫التفاصيل أنظر‪ :‬ميلود بوخا ‪« :‬املمتلكات اجلماعية ‪ :‬نظامها القانوني وتدبيرها»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 151 .‬وما يليها‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪88‬‬

‫املكثفة التي بذلت من لدن مصالح الوصاية اإلدارية بهدف حتسيس اجلماعات احمللية‬
‫بضرورة االعتناء بأمالكها‪ ،‬وبالتالي تسجيلها بسجالت احملتويات وفق منظور النصوص‬
‫التنظيمية املعمول بها‪ ،‬نؤكد بالرغم من ذلك‪ ،‬أن مسك هذه السجالت ظل من الزوايا‬
‫األكثر اختالال في دائرة العمل اجلماعي إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫وإذا كانت سلطة الوصايا‪ ،‬كما يبدو ترد السبب في عدم ضبط األمالك اجلماعية‬
‫وتدوينها إلى تقصير املجالس اجلماعية ورؤسائها‪ 201،‬فإن هذا السبب وإن كان جوهريا‬
‫في حد ذاته‪ ،‬ال يعتبر السبب الوحيد في هذا النطاق‪ .‬إذ بالرغم من توفر اإلرادة لدى‬
‫بعض رؤساء املجالس اجلماعية لضبط أمالك جماعاتهم وتسجيلها في سجل احملتويات‪،‬‬
‫يصطدمون في الغالب‪ ،‬مبعوقات متنعهم من القيام بذلك‪ .‬ويوجد في مقدمة هذه املعوقات‬
‫عدم توفر اجلماعات على امللفات القانونية والتقنية اخلاصة بكل ملك من أمالكها‪ ،‬وعلى‬
‫األخص منها تلك التي توجد في ملكيتها منذ زمن بعيد‪ .‬إذ كيف ميكن لهذه اجلماعات‬
‫واحلالة هذه‪ ،‬أن متأل سجالت احملتويات مبعلومات ال تتوفر لديها‪ .‬ومن ثم‪ ،‬كان على جهاز‬
‫الوصاية أن يركز جهوده على كشف األسباب احلقيقية النعدام وجود امللفات لدى اجلماعات‬
‫احمللية‪ ،‬بدل اتخاذ إجراءات حتفز هذه األخيرة على القيام بشيء هي عاجزة عن القيام به‬
‫في األصل‪.‬‬
‫وإذا كان املقام هنا ال يسمح بالكشف عن أهم األسباب الكامنة وراء عجز اجلماعات‬
‫عن مسك سجالت عملية ومضبوطة‪ 202،‬فإن ما نريد التأكيد عليه هو أنه حتى مع افتراض‬
‫التغلب على كافة اإلكراهات في هذا االجتاه‪ ،‬فإن اجلماعات احمللية سوف تصطدم دائما‬
‫بإشكالية معيار امللكية العامة عند عزمها تقييد أمالكها بسجالت احملتويات‪ .‬إذ مع‬
‫انعدام وضوح الرؤيا في هذا االجتاه‪ ،‬تبقى للجماعات احمللية سلطات تقديرية واسعة في‬
‫اختيار الصفة التي تريد إحلاقها بأمالكها املخصصة خلدمة املرافق احمللية وزبنائها‪ ،‬فإن‬
‫أرادتها أمالكا عامة سجلتها بسجل األمالك العمومية‪ ،‬وإن أرادتها على النقيض من‬
‫ذلك‪ ،‬أمالكا خاصا سجلتها بسجل أمالكها اخلاصة‪.‬‬
‫ويشهد الواقع امللموس أن بعض اجلماعات‪ ،‬إن لم نقل كثيرا منها‪ ،‬تتعامل مع‬
‫بعض أمالكها ذات الطبيعة العامة وكأنها أمالكا خاصة‪ ،‬بحيث تقوم بتسجيلها‬

‫‪ - 201‬ينظر املنشور عدد ‪ 125‬بتاريخ ‪ 26‬ماي ‪ 1981‬حول مراقبة سجالت محتويات األمالك اجلماعية‪.‬‬
‫‪ - 202‬أنظر أهم تلك األسباب في رسالة األستاذ ميلود بوخال لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية لإلدارة العمومية حول‬
‫املمتلكات اجلماعية املشار إليها سابقا‪ ،‬ص ص ‪.154-155 .‬‬
‫‪89‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫ضمن سجل األمالك اخلاصة‪ ،‬وجتري عليها تصرفات القانون اخلاص‪ ،‬كما سنشير إلى‬
‫ذلك في الفقرة املوالية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‬
‫انعكا�سات املعيار الطبيعـي على الت�صـرف يف الأمـالك‬
‫العامة وملحقاتها‬

‫إذا كان من شبه املؤكد أن الطريقة التي تدير بها اجلماعات الالمركزية أمالكها ال‬
‫تساير الطموحات احمللية‪ ،‬فإن ما يسترعي االنتباه أكثر أن غالبية اجلماعات الترابية ال‬
‫حتترم الضوابط القانونية في التعامل مع أمالكها العامة‪ .‬ذلك أن مجموعة من العوامل‬
‫أهمها قدم النصوص وتعددها فضال عن قصور معيار امللكية العامة وطريقة تخصيصها‪،‬‬
‫شجعت األجهزة احمللية –عن قصد أو غير قصد‪ -‬على إخضاع بعض أمالكها العامة‬
‫إلى التصرفات التي جتريها على أمالكها اخلاصة بكل ما يترتب على ذلك من إفرازات‬
‫سلبية تطال نتائجها ليس فقط اجلماعات املالكة واملتعاملني معها من اخلواص‪ ،‬بل‬
‫تهدد في الصميم مقتضيات املصلحة العامة‪ .‬وينهض دليال على صحة ما نقول جملة‬
‫من التصرفات أهمها جلوء اجلماعات إلى تفويت وكراء األمالك العامة وملحقاتها في‬
‫إطار ضوابط وعالقات القانون اخلاص‪ .‬إذ ثبت بالرجوع إلى بعض مقررات املجالس‬
‫اجلماعية‪ 203‬وبعض األحكام القضائية الصادرة بخصوص النزاعات العقارية‪ ،‬أن بعض‬
‫اجلماعات تقوم تارة بعملية بيع أجزاء من امللك العام للخواص‪ ،‬وتارة أخرى تقوم بإبرام‬
‫عقود في إطار القانون اخلاص على بعض ملحقات وتوابع امللك العام (كملحقات‬
‫األسواق والساحات واحملطات الطرقية‪ ،)...‬وهو األمر الذي يجعل هذه اجلماعات عند‬
‫قيام نزاع أمام العدالة‪ ،‬تكون في مركز متساو مع املتعاملني معها‪ .‬إذ أن احملكمة عادة‬
‫ما تأخذ بقاعدة «العقد شريعة املتعاقدين» مما يجرد اجلماعات املعنية من امتيازات‬
‫السلطة العامة التي كان من الالزم أن تتوفر عليها لو أنها تصرفت إزاء أمالكها العامة‬
‫‪204‬‬
‫في إطار أحكام ومقتضيات القانون العام‪.‬‬

‫‪ - 203‬أنظر مقرر املجلس اجلماعي ليعقوب املنصور القاضي بتفويت سوق «الغزل» واملسبح البلدي إلى اخلواص‪ ،‬جريدة االحتاد‬
‫االشتراكي عدد ‪ 3462‬بتاريخ ‪ 30‬يوليوز ‪ ،1993‬ص ‪.5 .‬‬
‫‪ - 204‬ينظر بهذا الصدد قرار املجلس األعلى عدد ‪ 545‬بتاريخ ‪ 1984/10/25‬في قضية الشركة الصناعية امللكية املغربية‪ ،‬ضد‬
‫رئيس املجلس البلدي ملراكش (حكم غير منشور)‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪90‬‬

‫فاألمالك العامة كما هو معلوم‪ ،‬أخرجها املشرع من دائرة التعامل املدني الذي تخضع له‬
‫‪205‬‬
‫األمالك اخلاصة وذلك بهدف حمايتها واحلفاظ على املصلحة العامة املخصصة خلدمتها‪،‬‬
‫بحيث ال يجوز التصرف فيها إال عن طريق قرارات انفرادية (كالترخيص باالستغالل)‪ ،‬أو‬
‫عن طريق إبرام عقود القانون العام بصددها (كعقود االمتياز وغيرها)‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فاجلماعات الترابية عندما تخرج عن هذا النهج وتدير أمالكها العامة في‬
‫ظل عالقات القانون اخلاص‪ ،‬فإنها بالتأكيد‪ ،‬تفقد مجموعة من االمتيازات التي تتوفر‬
‫عليها عادة حينما تدير تلك األمالك وفق أحكام وعالقات القانون العام‪ ،‬خاصة عندما‬
‫يتعلق األمر بالترخيص باستغالل األمالك العامة وملحقاتها وتوابعها‪ ،‬إذ باإلضافة إلى‬
‫استبعاد قاعدة «العقد شريعة املتعاقدين» من العالقة التي تربط املرخص لهم باالستغالل‬
‫مع اجلماعة املرخصة‪ ،‬فإن هذه األخيرة‪ ،‬بغاية احلفاظ على أمالكها العامة وحتقيق الصالح‬
‫العام‪ ،‬تقوم بتضمني قراراتها املرخصة باالستغالل‪ ،‬مجموعة من الشروط االستثنائية التي‬
‫يتعني على املرخص لهم احترامها مثل الغرض من احتالل امللك العام‪ ،‬وشروط حماية حقوق‬
‫املنتفعني األصليني‪ ،‬ونوع األبنية املراد إحداثها ومقدار واجب االستغالل الذي يتعهد املنتفع‬
‫بأدائه وكيفيات هذا األداء باإلضافة إلى مآل األشغال واألبنية املستحدثة بعد نهاية املدة‬
‫‪206‬‬
‫القانونية للترخيص وغيرها‪.‬‬
‫وهكذا يستشف بأن إخضاع األمالك العامة اجلماعية لتصرفات امللكية اخلاصة ينطوي‬
‫في حقيقته‪ ،‬على مجموعة من املساوئ ليست في مصلحة اجلماعات الالمركزية على‬
‫اإلطالق‪ .‬فتفويض األمالك العامة وملحقاتها بدون سند قانوني‪ ،‬يخدم في العمق مصلحة‬
‫الطرف املستفيد من التفويت‪ ،‬ويضر باملصلحة العامة للجماعة التي هي في أمس احلاجة‬
‫إلى دعم رصيدها العقاري‪ ،‬فضال على أن عملية التفويت عادة ما تضر باملنتفعني األصليني‬
‫من تلك األمالك‪ ،‬املرافق‪ ،‬وحترمهم من اخلدمات التي تؤديها لهم‪.‬‬
‫كما أن إبرام عقود القانون اخلاص لكراء ملحقات األمالك العامة يجرد اجلماعات املالكة‬
‫من امتيازاتها‪ 207‬كما سبق القول‪ ،‬ويحرم عليها – رغم كونها جزءا من السلطة العامة‪-‬‬

‫‪ - 205‬ينظر ما جاء بالفصل ‪ 3‬من القانون املتعلق باألمالك البلدية والفصل ‪ 8‬من القانون املتعلق باألمالك القروية حول حماية األمالك‬
‫العمومية‪.‬‬
‫‪ - 206‬ميلود بوخال ‪« :‬تخلف التشريع املغربي في مجال حتديد امللكية العامة»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.56 .‬‬
‫‪ - 207‬ينظر على سبيل املثال قرار محكمة االستئناف بأكادير رقم ‪ 133‬بتاريخ ‪ ،1993/06/06‬السيد بنعيسى محمد ضد املجلس‬
‫البلدي لتارودانت‪ .‬وهو احلكم الذي يتعلق موضوعه بعقد كراء ساحات عمومية مخصصة لوقوف السيارات‪.‬‬
‫‪91‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫استخدام سلطاتها في استرداد أمالكها العامة كلما اقتضت ذلك متطلبات النفع العام‪،‬‬
‫أو تغيير قيمة املوارد الناجتة عن تلك األمالك بدوافع اقتصادية محلية‪ .‬فعندما رغبت‬
‫تلك اجلماعات‪ ،‬خالل السنني األخيرة‪ ،‬الرفع من مواردها الذاتية ومن ضمنها الزيادة في‬
‫وجيبة االنتفاع من أمالكها العمومية‪ ،‬اصطدمت بكون املتعاملني معها طلبوا مقاضاتها‬
‫أمام العدالة بدعوى أنها فرضت عليهم الزيادة بصورة حتكمية‪ ،‬وأنها لم تقم باستشارتهم‬
‫والتنسيق معهم كما يقضي بذلك القانون املنظم للعالقات بني املكري واملكتري بل إن‬
‫بعضهم ذهب إلى أبعد من ذلك حينما طلب من سلطة الوصاية إبطال املقررات اجلماعية‬
‫‪208‬‬
‫التي فرضت الزيادة لكونها مشوبة بعيب انعدام املشروعية‪.‬‬
‫في ضوء ما سبق‪ ،‬يبدو جليا أن تخلف التشريع املغربي وعدم أخذه باملعيار احلديث‬
‫للملكية العامة الذي أخذت به تشريعات العديد من الدول‪ ،‬أثر بشكل سلبي‪ ،‬على إدارة‬
‫أمالك اجلماعات الالمركزية‪ ،‬تدبيرا واستغالال ومحافظة‪ .‬وهو أمر ال ميكن جتاوزه‪ ،‬مهما‬
‫خلصت النيات‪ ،‬إال بإعادة النظر في اإلطار القانوني احلالي بغاية حتيينه وجتديده وحتديثه‬
‫في أفق اللحاق باألنظمة القانونية املعاصرة في هذا الشأن‪ ،‬ولن يتم ذلك في اعتقادنا‪،‬‬
‫إال بتظافر جهود كل األجهزة احلكومية التي لها عالقة بأمالك اجلماعات الترابية ببالدنا‪.‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫�ضعف م�ساهمة الأمالك اجلماعية يف امليزانية املحلية‬

‫تكتسي األمالك اجلماعية أهمية بارزة العتبارها امللكية احلقيقية للجماعات‪ ،‬إال أن‬
‫هذه األهمية تبقى نظرية فقط‪ ،‬لضعف مساهمتها من الناحية العملية‪ ،‬وهذا ما يتضح لنا‬
‫من خالل التطرق إلى أهم أسباب مظاهر هذا الضعف في الفقرات التالية‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫�ضعف م�ساهمـة املـوارد غيـر اجلبـائية يف دعـم �أ�س�س‬
‫اال�ستقالل املايل‬

‫إن اجلماعات احمللية تتوفر على أمالك عقارية ومنقولة متنوعة تعتبر ركيزتها في‬
‫ممارستها لوظائفها اإلدارية واالقتصادية واالجتماعية وغيرها‪ ،‬وعصب كل تنمية اقتصادية‬

‫‪ - 208‬ميلود بوخال ‪« :‬تخلف التشريع املغربي في مجال حتديد امللكية العامة»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.56 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪92‬‬

‫واجتماعية قد تشهدها‪ .‬بل ال نبالغ إذا قلنا بأن األمالك بالنسبة للجماعات الترابية تعتبر‬
‫مبثابة الشرايني جلسم اإلنسان‪ ،‬فكما أن هذه الشرايني تسمح بتدفق الدم إلى اجلسم فإن‬
‫األمالك هي التي متكن اجلماعة من حتقيق اخلدمات املختلفة التي يحتاج إليها السكان‬
‫احملليون‪ ،‬وبفضلها تستطيع كذلك إجناز املشاريع التنموية واملرافق الضرورية‪.‬‬
‫وفضال عن ذلك فإن موارد هذه األمالك ال تشكل إال نسبة ضئيلة لتمويل امليزانيات‬
‫احمللية‪ 209.‬وإذا لوحظ أن بعض اجلماعات ال حتصل على موارد مالية هامة من استغالل‬
‫أمالكها فإن ذلك مرده إلى سوء تدبيرها لها‪ ،‬ألن قلة املوارد التي توفر لها أمالكها غالبا‬
‫ما ال تتناسب مع حجم هذه األخيرة‪ .‬فمدخول األمالك بالنسبة ملختلف اجلماعات الترابية‬
‫ال يزال ضعيفا جدا باملقارنة مع احلجم اإلجمالي للموارد املالية الذاتية لها‪ .‬وهذه املالحظة‬
‫تؤدي إلى أن اجلماعات الترابية بدل من أن تعول على مداخيل أمالكها لتمويل نفقاتها‬
‫تعتمد وبدرجة أساسية على املوارد الناجتة عن إمدادات الدولة‪ ،‬وهي غالبا ما تكون‬
‫إمدادات مشروطة ومقيدة حلريتها في التصرف‪ .‬ولعل أهم ما أصبح مييز امليزانية احمللية‬
‫هو هذا العجز الدائم ملوارد أمالكها عن تغطية حتى صوائر صيانتها‪ ،‬هذا الضعف في هذا‬
‫املورد الذاتي الذي أصبح يشكل عجزا بنيويا‪ ،‬ولعل هذا ما سيدفعنا إلى التنقيب حول‬
‫األسباب القانونية واإلدارية لهذا الضعف‪.‬‬
‫وهكذا وبالنظر إلى املوضع الذي يحتله كل مورد من املوارد اجلماعية داخل بنية امليزانية‬
‫نستطيع التعرف بشكل دقيق على نسبة االستقالل املالي ودرجته‪ ،‬فإذا كانت الغلبة‬
‫للموارد اخلارجية وهي باألساس القروض واإلمدادات‪ ،‬فإن درجة االستقالل املالي تكون‬
‫متدنية‪ ،‬وإذا كانت الغلبة على النقيض من ذلك للموارد الذاتية‪ ،‬فإن درجة االستقالل‬
‫املالي تكون بارزة‪.‬‬
‫غير أنه نظرا لضعف حصيلتها وعدم مسايرتها لتزايد احلاجيات احمللية كان الكل‬
‫متفق على ضرورة إصالح اجلباية احمللية ألن من خاللها ميكن الرفع من مستوى املوارد‬
‫املالية الذاتية‪ ،‬فانزلق بذلك إصالح اجلباية احمللية عن اإلطار العام الذي حدده اإلصالح‬
‫الضريبي العام سنة ‪ 1984‬املتمثل في العمل على تنمية املوارد املالية للجماعات‬
‫باالقتصار على اجلباية فقط‪ ،‬مما جعل املوارد غير اجلبائية حتتل مكانة هزيلة بداخل بنية‬
‫‪210‬‬
‫امليزانيات احمللية‪.‬‬

‫‪ - 209‬محمد عالي أدبيا ‪« :‬إشكالية االستقالل املالي للجماعات احمللية‪ ،‬نحو مقاربة أكثر واقعية»‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة احمللية‬
‫والتنمية‪ ،‬سلسلة «مواضيع الساعة»‪ ،‬عدد ‪ ،29‬ص ص ‪.220-219 .‬‬
‫‪210- Boujida (M) : «L’exploitation rationnelle du patrimoine des collectivités locales»,‬‬
‫‪REMALD, N°9, 1994, p : 75 et suiv.‬‬
‫‪93‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫الفقرة الثانية‬
‫�أ�سباب �ضعف موارد الأمالك املحلية وعدم م�سايرتها‬
‫للمتطلبات التنموية‬

‫تتعدد األسباب التي تعرقل منو اإلمكانيات التمويلية لألمالك احمللية وعدم مسايرتها‬
‫للمتطلبات التنموية‪ ،‬وميكن أن نعرض هذه األسباب كالتالي ‪:‬‬

‫�أوال ‪ :‬ثغرات ونقائ�ص الإطار القانوين والتنظيمي للأمالك اجلماعية‬


‫إن تعدد النصوص القانونية والتنظيمية التي حتكم أمالك اجلماعات الترابية يعد من‬
‫أبرز ما مييز اإلطار القانوني والتنظيمي لتلك األمالك‪ ،‬وبالتالي من عيوبه وسلبياته‪.‬‬
‫ذلك أن هذه النصوص التي وضعت في أزمنة متفرقة منذ بداية القرن العشرين هي من‬
‫الكثرة والتعدد إلى احلد الذي يصعب معه التعامل معها من لدن اجلماعات احمللية‬
‫باملغرب املستقل‪.‬‬
‫لذلك فإن توحيد النصوص القانونية لألمالك اجلماعية في نص واحد شامل بدال من‬
‫التعدد والتشتت أصبح ضروريا‪ ،‬نظرا لوحدة النص القانوني العام الذي ينظم اجلماعات‬
‫احلضرية والقروية على السواء من جهة‪ ،‬وبالنظر كذلك لوحدة األحكام القانونية التي‬
‫تخضع لها كافة األمالك العمومية واخلاصة‪ ،‬بغض النظر عن اجلهات التي متلكها من‬
‫جهة أخرى‪ .‬ومن األمور التي تبدو واضحة كذلك في هذا السياق‪ ،‬أن العديد من التدابير‬
‫والتسميات التي تنظمها النصوص القانونية والتنظيمية أصبحت متجاوزة بفعل عدم‬
‫مسايرتها للواقع املغربي الراهن الذي أضحى في عمقه يختلف عن الواقع الذي كانت‬
‫‪211‬‬
‫عليه بالدنا إبان احلماية‪.‬‬
‫فمن جانب أول لم تعد تلك النصوص تعكس واقع النظام املركزي احلالي‪ ،‬بل جاءت‬
‫معبرة عن واقع اإلدارة املركزية كما أرادها وفرضها االستعمار الفرنسي حينئذ‪.‬‬
‫ومن جانب آخر لم تعد تلك النصوص تتطابق مع التطور الالمركزي الذي عرفه املغرب‬
‫أثناء حصوله على االستقالل‪ ،‬إذ قام املشرع املغربي بقطع الصلة بالنصوص القدمية هادفا‬
‫وراء ذلك إعطاءها صالحيات وسلطات تقريرية في تسيير وإدارة شؤونها‪.‬‬

‫‪ - 211‬محمد بوجيدة وميلود بوخال ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24 .‬‬


‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪94‬‬

‫غير أن هذه القطيعة مع نصوص املرحلة االستعمارية اقتصرت لألسف الشديد على‬
‫النصوص العامة التي كانت تنظم البلديات واجلماعات القروية‪ ،‬ولم تشمل بالتالي النصوص‬
‫التي كانت وال تزال تنظم أمالك تلك الوحدات‪ ،‬بحيث أصبحنا اليوم أمام وجود نصوص‬
‫عامة متقدمة إلى جانب نصوص خاصة عتيقة ومتجاوزة‪.‬‬
‫وميكننا كذلك أن ندرج نفس املالحظة على مستوى اجلهات املكلفة بالتصديق على‬
‫العمليات العقارية للجماعة البلدية والقروية‪ .‬ذلك أن بعض اجلهات التي أوكلت إليها‬
‫النصوص اخلاصة مهمة التصديق على بعض العمليات العقارية لم تعد هي صاحبة‬
‫االختصاص في ذلك استنادا إلى النص العام الذي حول لفائدة وزير الداخلية سلطة‬
‫املصادقة على تلك العمليات بالنسبة للجماعات احلضرية‪ ،‬وإلى الوالي أو العامل بالنسبة‬
‫‪212‬‬
‫للجماعات القروية‪.‬‬
‫على نطاق آخر جند بأن النصوص اخلاصة الزالت تضم مجموعة من التدابير التي كان‬
‫تطبيقها في بادئ األمر من قبيل اإلجراءات املؤقتة في الزمن‪ .‬وهي مجموعة من التدابير‬
‫التي مبقتضاها حددت الدولة مسطرة حتويل بعض أمالكها العامة واخلاصة لفائدة اجلماعات‬
‫‪213‬‬
‫بهدف التكوين األولي ألرصدتها العقارية‪.‬‬
‫وعليه فإن تدبير األمالك اجلماعية يعاني –كما أوضحنا‪ -‬من عدة إكراهات خاصة‬
‫اإلطار القانوني والتنظيمي والتي ميكن تلخيصها كما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬تعدد النصوص القانونية والتنظيمية التي حتكم وتنظم األمالك اجلماعية في مقابل‬
‫وجود نصوص عامة وموحدة‪،‬‬
‫‪ -‬عدم صدور املرسوم الذي من املفروض أن ينظم أمالك اجلماعات اإلقليمية‪،‬‬
‫‪ -‬إن النصوص اخلاصة باألمالك اجلماعية لم تعد تعكس واقع النظام املركزي‬
‫والالمركزي لبالدنا‪،‬‬
‫‪ -‬تقادم النصوص القانونية اخلاصة‪.‬‬

‫‪ - 212‬املادة ‪ 73‬من قانون ‪ 78.00‬املعدل واملتمم مبقتضى قانون ‪ 17.08‬املتعلق بالتنظيم اجلماعي‪.‬‬
‫‪ - 213‬الفصول ‪ 2-3-4‬من القرار الوزيري املتعلق بتحديد كيفية تدبير األمالك البلدية‪ ،‬والفصالن ‪ 2-3‬من املرسوم اخلاص بتحديد‬
‫كيفية تدبير األمالك القروية‪.‬‬
‫‪95‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫ثانيا‪ :‬النق�ص احلا�صل يف املمتلكات اجلماعية من الناحية الكمية‬


‫القاعدة العامة أنه كلما كانت اجلماعة احمللية تتوفر على رصيد عقاري مهم كلما كانت‬
‫موارد أمالكها مرتفعة والعكس صحيح‪ .‬والظاهر في هذا املجال أن املمتلكات اجلماعية في‬
‫املغرب تعرف نقصا ملحوظا ليس فقط على مستوى األمالك اخلصوصية بل أيضا وبالدرجة‬
‫األولى على مستوى األمالك العمومية‪ ،‬وعلى مستوى التجهيزات واملرافق اجلماعية على‬
‫وجه اخلصوص‪.‬‬
‫وهكذا فباستثناء بعض البلديات القليلة والتي تتوفر إما بفضل موقعها املتميز أو‬
‫بفضل مكانتها االقتصادية والتاريخية أو توفرها على كثير من التجهيزات واملرافق التي‬
‫تدر على ميزانيتها مداخيل مرتفعة‪ ،‬فإن باقي اجلماعات األخرى والسيما القروية ال تتوفر‬
‫إال على بعض املمتلكات التقليدية‪ ،‬مثل ‪ :‬األسواق وملحقاتها‪ ،‬وهي ممتلكات كما هو‬
‫معلوم تتوقف أهميتها وقدراتها اإلنتاجية على املركز االقتصادي والتجاري الذي حتتله‬
‫كل جماعة على حدة‪ ،‬ومن ثم فموارد األمالك اجلماعية ال ينتظر أن تتحسن مردوديتها‬
‫طاملا بقيت مفتقدة ملادتها األساسية‪ .‬هذه املادة التي ال ميكن توفرها إال عن طريق امتالك‬
‫اجلماعات الترابية لرصيد عقاري مهم يعود عليها مبداخيل مهمة‪ ،‬وذلك ال يتسنى لها أن‬
‫‪214‬‬
‫تصل إليه إال بنهجها لسياستني اثنتني ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الدخول في السوق القتناء العقارات املبنية وغير املبنية وهي بذلك تعزز رصيدها‬
‫العقاري ثم حتارب املضاربة العقارية التي تزيد في أثمنة وأسعار العقارات‪،‬‬
‫‪ - 2‬إتباع سياسة تنموية تستهدف باألساس إقامة التجهيزات واملرافق املختلفة‪ ،‬حتى‬
‫تتوخى لها أن تستفيد من مداخيل أكثر من كراء تلك العقارات دون جتهيز وبأسعار‬
‫زهيدة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬عدم حتديد قيمة الأمالك اجلماعية بدقة‬


‫ال ميكن لألمالك اجلماعية أن حتقق موارد مهمة دون أن حتدد قيمتها بناءا على معايير‬
‫عملية دقيقة يكون الهدف األول واألخير منها هو املوازنة بني حقوق اجلماعة املالكة من جهة‬
‫‪215‬‬
‫وحقوق املتعاملني معها من اخلواص من جهة ثانية‪.‬‬

‫‪ - 214‬ميلود بوخال ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72 .‬‬


‫‪ - 215‬لكيلي كمال ‪« :‬التمويل الغير اجلبائي ‪ :‬اجلماعة املقاولة رهان القرن ‪ ،»21‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون‬
‫العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية بالدار البيضاء‪ ،‬السنة اجلامعية ‪ ،2001-2000‬ص ‪.24 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪96‬‬

‫وإذا نظرنا إلى واقع اجلماعات الترابية في املغرب‪ ،‬وإلى الطرق التي تنهجها هذه‬
‫اجلماعات في حتديد قيمة املوارد الذاتية عن أمالكها‪ ،‬سوف جند بأن الطابع الذي مييز‬
‫سلوكها هو طابع االرجتال والالمسؤولية‪ ،‬ذلك أن كثير من عقارات امللك اخلاص يتم‬
‫تفويتها بأثمان بخسة ال تتناسب مع قيمتها االقتصادية‪ ،‬كما أن كثير من هذه العقارات‬
‫يتم كراءها بأثمان ال تتناسب مع قيمتها الكرائية‪.‬‬
‫ولعل أبرز مثال على هذا االرجتال هو الذي يجد مجاله في املعامالت املتعلقة باحتالل‬
‫عقارات امللك العام وميكننا إدراك هذا االرجتال من زاويتني ‪:‬‬
‫‪ - 1‬نقصد هنا األساس الذي حتدد اجلماعات بناء عليه قيمة االنتفاع بعقارات أمالكها‬
‫العامة‪،‬‬
‫‪ - 2‬وتتعلق مبدة مراجعة قيمة االنتفاع بتلك العقارات‪.‬‬
‫فبالنسبة للزاوية األولى‪ ،‬فإن األساس املعتمد عليه من طرف كافة اجلماعات احمللية هو‬
‫املساحة ‪ -‬أي مساحة العقار املراد إشغاله‪.-‬‬
‫غير أن هذا األساس الذي الزال يعتمد عليه في املغرب حتى اليوم قد مت جتاوزه في‬
‫فرنسا منذ زمن بعيد‪ ،‬على اعتبار أنه يضيع على اجلماعات مداخيل كثيرة ولكونه يؤدي‬
‫إلى اإلخالل مببدأ املساواة والتعامل مع املنتفعني من جهة ثانية‪.‬‬
‫لذلك ال يجب االعتماد فقط على املساحة بل ينبغي أيضا أن يؤخذ بعني االعتبار موقع‬
‫‪216‬‬
‫العقار املنتفع به وطبيعة األرباح احملققة من قبل املنتفعني‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى مراجعة قيمة االنتفاع بامللك العام‪ ،‬فإن املدة التي حددها القانون إلجراء‬
‫‪217‬‬
‫تلك املراجعة تعتبر طويلة بالقياس إلى ما هو عليه في بعض البلدان‪.‬‬
‫ومما يبدو أن هذه املدة لم تعد صاحلة اليوم خصوصا في وقت يعرف تقلبات اقتصادية‬
‫كبيرة وارتفاعات متتالية في األسعار‪ ،‬فإن كان من املفروض على اجلماعات احمللية أن‬

‫‪ - 216‬لكيلي كمال ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.25 .‬‬


‫‪ - 217‬ينص الفصل السادس من ظهير ‪ 30‬نونبر ‪ 1918‬املتعلق بأشغال امللك العام مؤقتا كما مت تعديله بظهير ‪ 3‬مارس ‪ 1951‬على‬
‫منح الرخصة ملدة أقصاها عشر سنوات‪ ،‬ال يجوز متديدها بصفة استثنائية إلى عشرين سنة‪ ،‬كما أنه توجد نصوص خاصة قد تسمح‬
‫مبنح مدة أطول أو تعفي من حتديد املدة على اإلطالق‪.‬‬
‫‪97‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫تصون أمالكها وباألسعار احلالية‪ ،‬فمن البديهي تطبيقا ملبدأ املوازنة بني املداخيل والنفقات‬
‫‪218‬‬
‫أن تقوم في وقت معقول مبراجعة مداخيلها عموما‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬التق�صري والت�أخري يف حت�صيل مداخيل الأمالك املحلية‬
‫تعرف اجلماعات الترابية إهماال فيما يخص حتصيل مداخيل أمالكها اجلماعية‪،‬‬
‫وإذا كان من الطبيعي أن تختلف اجلهود املبذولة في هذا الصدد من جماعة إلى أخرى‪،‬‬
‫وتبعا إلمكانياتها وقدراتها‪ ،‬فإن هذا االختالل مع ذلك يتواجد وبنسب مختلفة في معظم‬
‫اجلماعات وقد يصل في بعضها إلى درجة من اإلفراط ال حتسد عليها‪.‬‬
‫كما أن الباقي استخالصه من موارد أمالك اجلماعات الترابية ال يشكل حقيقة واقعية‬
‫فحسب بل إنه في تدهور مستمر سنة بعد أخرى‪ ،‬وهذا أمر خطير في حياة اجلماعات‬
‫‪219‬‬
‫احمللية يتعني رصد مسبباته واستئصالها من جذورها خدمة للصالح العام‪.‬‬
‫خام�سا ‪ :‬اجلهل وعدم الإحاطة بكل حمتويات الأمالك اجلماعية‬
‫ليس من الغريب أال تكون للجماعات الترابية سوى معرفة جزئية أو غير واضحة‬
‫للممتلكات العقارية املشيدة أو غير املشيدة‪ ،‬فاملعطيات عند وجودها ال تكون تامة‬
‫‪220‬‬
‫املصداقية كما أن عدد قليل من اجلماعات تلك التي قامت بإحصاء شامل ملمتلكاتها‪،‬‬
‫كما أن عددا قليال جدا من اجلماعات تلك التي بإمكانها تقدمي تقييم ملمتلكاتها‪،‬‬
‫وبالتالي فإنه من الصعب تسيير هذه املمتلكات بكيفية مناسبة واحلصول على الفوائد‬
‫املالية واالقتصادية املرتقبة‪ ،‬لقد اعترفت العديد من اجلماعات بأنها ال تتوفر سوى على‬
‫معلومات جزئية أو غير دقيقة من محتويات ممتلكاتها سواء املبنية أو الغير مشيدة وبذلك‬
‫ندرك الصعوبات التي يصادفها عدد كبير منها ملسك سجالت سليمة‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫�ساد�سا ‪ :‬التدبري الغري معقلن للملك اخلا�ص اجلماعي‬
‫إن تدبير املمتلكات اجلماعية يغلب عليه الطابع التجريبي‪ ،‬حيث يتجلى ذلك في غياب‬
‫أو عدم ضبط سجالت املمتلكات وعدم تصفية بعض األوضاع القانونية والبطء احلاصل في‬

‫‪ - 218‬لكيلي كمال ‪« :‬التمويل الغير جبائي‪ ،»...‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.25 .‬‬
‫‪ - 219‬رشيد انباوي ‪« :‬التحصيل اجلبائي احمللي وإشكالية الباقي استخالصه»‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية بسطات ‪ ،‬السنة اجلامعية ‪ ،2009-2008‬ص‪.3 .‬‬
‫‪ - 220‬املناظرة الوطنية االستثنائية للجماعات احمللية باملغرب‪ ،‬الرباط‪.1990 ،‬‬
‫‪ - 221‬رغم أهمية هذا امللك باعتباره امللك احلقيقي للجماعة والذي من خالله ميكن حتقيق التنمية احمللية وإقامة مشاريع تخص اجلماعة‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪98‬‬

‫املساطر املتعلقة باملبادالت العقارية‪ ،‬وعمليات البيع والشراء اخلاص بهذا النوع من العقار‪.‬‬
‫‪ -‬فمثال بالنسبة للبلديات في حالة املبادلة ‪:‬‬

‫املبادلة ‪Echanges‬‬

‫مبادلة جميع األمالك‬ ‫مبادلة العقار الغير صالح‬


‫العقارية وغير العقارية‬ ‫لالستعمال‬

‫ترخيص بواسطة مرسوم من الوزير‬ ‫ترخيص من طرف الباشا أو القائد‬


‫األول‬ ‫بتفويض دائم حسب الفصل ‪ 8‬من‬
‫ظهير ‪ 31‬دجنبر ‪1921‬‬

‫في حالة ما كان سعر العقار ال يتجاوز‬


‫‪ 150000‬سنتيم فإن الترخيص يكون‬
‫من طرف وزير الداخلية‬

‫املبادلة ‪Echanges‬‬

‫في حالة ما إذا كانت قيمة العقار‬ ‫في حالة ما إذا كانت قيمة العقار‬
‫تتجاوز ‪ 15‬مليون سنتيم البد من‬ ‫ال تتجاوز ‪ 15‬مليون سنتيم‪ ،‬فإن‬
‫مرسوم من الوزير األول‬ ‫الترخيص يكون من طرف وزير الداخلية‬
‫‪99‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫‪ -‬وبالن�سبة للجماعات القروية ‪:‬‬


‫إن اإلدارة احمللية ليست مسؤولة وحدها عن هذه املجموعة من النقائص وتعقد هذه‬
‫املساطر نظرا لألسباب اجلوهرية التالية‪ ،‬واملتمثلة في اإلرث السلبي الذي أثقل كاهل‬
‫أغلبية اجلماعات واملتراكم منذ عدة سنوات‪ ،‬ثم وجود عدة عوائق ذات طبيعة تنظيمية‬
‫مسطرية أو مالية على سبيل املثال‪ :‬عدم وجود الوثائق الكاملة حول املمتلكات التابعة‬
‫للملك اخلاص اجلماعي‪ ،‬كما أنه يصعب في الظروف احلالية من التسيير جتميع املعطيات‬
‫احلضرية والتوفر على املعلومات الضرورية والالزمة لتسيير عقالني للممتلكات اجلماعية‪،‬‬
‫كما أن النصوص واملساطر املنظمة لألمالك اخلاصة اجلماعية تعتبر في غالبيتها متجاوزة‬
‫‪222‬‬
‫باإلضافة إلى كونها أضحت غير مباشرة للمتطلبات احلالية‪.‬‬
‫كل هذه األسباب جعلت مساهمة املوارد غير اجلبائية مساهمة غير ذات أهمية‪ ،‬وال‬
‫تتجاوز في أحسن األحوال ‪ 5%‬من مجموع املوارد‪ ،‬وهي نسبة ضعيفة وتزداد ضعفا مبقارنتها‬
‫‪223‬‬
‫مع بعض التجارب األجنبية وفق ما بينه اجلدول التالي ‪:‬‬

‫‪% 21,72‬‬ ‫اجلزائر‬


‫‪% 31‬‬ ‫سويسرا‬
‫‪% 10‬‬ ‫الدمنارك‬
‫‪% 25‬‬ ‫فرنسا‬
‫‪% 10‬‬ ‫بلجيكا‬
‫‪% 10‬‬ ‫اململكة املتحدة‬
‫‪% 34‬‬ ‫أملانيا‬

‫وإذا كانت املسؤوليات واألعباء اإلنفاقية املرتبطة بالتنمية احمللية في تزايد مستمر‪،‬‬
‫فإن أهمية تنمية املوارد بجميع أشكالها تتزايد هي األخرى‪ ،‬وأن أي إهمال في هذا املجال‬
‫سيؤدي إلى خلق عجز مالي حتى بالنسبة ملا نسميه اليوم باجلماعات الغنية‪ 224،‬ونظرا ملا‬

‫‪ - 222‬مثال عمليات التفويت ومبادلة األمالك التي سيلتزم بشأنها (كما سبق ذكره) مسطرة معقدة ومداوالت املجالس احمللية والسلطة‬
‫احمللية‪ ،‬وموافقة سلطة الوصاية‪.‬‬
‫‪ - 223‬محمد عالي أدبيا ‪« :‬إشكالية االستقالل املالي للجماعات احمللية»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.221 .‬‬
‫‪ - 224‬عبد املجيد أسعد ‪« :‬مالية اجلماعات احمللية»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.124 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪100‬‬

‫تتصف به املوارد اجلبائية من عدم مرونة وجمود‪ 225،‬فإن ذلك يفرض ضرورة حتسني مردودية‬
‫املوارد غير اجلبائية‪ 226.‬حتى تساهم في دعم أسس استقالل مالي حقيقي غير مرتكز على‬
‫موارد محدودة وآخذة في التناقض إذا ما أخذنا كثرة التهرب وأعمال الغش‪.‬‬

‫املطلب الثالث‬
‫التدابري الالزمة للإ�صالح و�آفاق الت�رشيع يف مادة الأمالك اجلماعية‬

‫إن إصالح واقع األمالك احمللية باملغرب‪ ،‬ينبغي أن يشمل أساليب تعزيز املمتلكات‬
‫‪227‬‬
‫اجلماعية واإلقليمية واجلهوية‪ ،‬وكذا قواعد حمايتها‪ ،‬وذلك ضمن التصور التالي‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة إيجاد ممتلكات كافية لصالح اجلماعات احمللية (اجلماعة‪ ،‬اإلقليم‪ ،‬اجلهة)‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة الطابع املجاني لعمليات اقتناء هذه املمتلكات‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة مشاركة اجلماعات في عملية التجهيز االجتماعي االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة حتديد مسطرة املبيعات العقارية‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة هنا إلى أن الضرورة األولى ضرورة ملواجهة خطر املضاربات العقارية التي‬
‫ينهجها عادة اخلواص وأصحاب رؤوس األموال‪ ،‬وضرورة كذلك ملواجهة أزمة السكن التي‬
‫يعيشها املواطنون ذوو الدخل احملدود‪ .‬فتدخل اجلماعات في هذا النطاق يهدف أوال وأخيرا‬
‫‪228‬‬
‫إلى إيجاد قطع وجتزئات أرضية لفائدة الطبقات الضعيفة واملتوسطة من املجتمع‪.‬‬
‫إال أننا إذا علمنا بأن األراضي التي ميكن للدولة أن تتنازل عنها لفائدة اجلماعات‬
‫تتواجد عادة خارج املدار احلضري للبلديات‪ ،‬وإذا ما علمنا أن هذه األراضي تخضع‬
‫عادة إلى أنظمة قانونية مختلفة ومتعددة (أراضي اجلموع‪ ،‬أراضي األحباس‪ ،‬الكيش‬
‫إلخ‪ ،)...‬أدركنا صعوبة تخطي املساطر والعقليات التي قد تعترض سبيل املجتمع‪ ،‬الدولة‬
‫‪229‬‬
‫واجلماعات‪ ،‬في عملية التفويت هذه‪.‬‬

‫‪ - 225‬محمد عالي أدبيا ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.221 .‬‬


‫‪226 - Guily (E) : «Possibilité et limite de l’évolution de la fiscalité locale», R.F.F.P, N°13,‬‬
‫‪1986, p 10‬‬
‫‪ - 227‬شعير عبد الواحد‪« :‬الوضعية احلقوقية ملمتلكات اجلماعات احمللية باملغرب»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.50-51.‬‬
‫‪228 - Bennani (M) :»Les problèmes immobiliers des collectivités locales», op.cit, p:162.‬‬
‫‪229 - Eddahbi (A) : op.cit, p : 199.‬‬
‫‪101‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫إضافة إلى هذه النقطة‪ ،‬يجب التفكير منذ اآلن في إيجاد نص صريح يوضح حاالت‬
‫مجانية عمليات شراء املمتلكات من طرف اجلماعات‪ ،‬ذلك ألن إدارة التسجيل التابعة‬
‫لوزارة املالية ال تقبل مبدأ املجانية إال في بعض احلاالت التي حتددها بكل حرية على‬
‫الرغم من أن ظهيري ‪ 1921‬و‪ 1954‬ينصان على إعفاء اجلماعات من مصاريف التسجيل‬
‫كلما تعلق األمر بشراء عقارات مخصصة لبناء مؤسسات تعليمية أو إلقامة أنشطة ذات‬
‫‪230‬‬
‫مصلحة جماعية‪.‬‬
‫كما نالحظ أن قلة االحتياط العقاري الذي تشكو منه اجلماعات‪ ،‬وكذا قلة املوارد‬
‫املالية‪ ،‬عامل سلبي في عملية مشاركة هذه اجلماعات في عملية التجهيز االجتماعي‬
‫واالقتصادي‪ .‬فلتمكني اجلماعات من الدخول في هذه العملية‪ ،‬ينبغي على الدولة أال تبالغ‬
‫في أثمنة العقارات العمومية التي تتنازل عنها لصالح هذه اجلماعة‪ ،‬وذلك حتى ال تثقل‬
‫كاهل ميزانيتها‪ ،‬مما يكون له وقع كبير على مفهوم الالمركزية نفسه‪.‬‬
‫وتطفو على السطح في األخير مسألة املبيعات العقارية ومسطرتها‪ .‬فإذا كان القانون‬
‫ينص على أن األموال الداخلة في إطار الدومني اخلاص ال ميكن بيعها إال عن طريق املزاد‬
‫العلني‪ .‬فينبغي تصحيح هذه املسطرة في توجه يتم مبقتضاه حتديد الئحة املشاركني في هذا‬
‫املزاد بحيث ال يشارك إال األشخاص ذوو الدخل احملدود أو الذين ال أمالك لديهم‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫التدابري الالزمة لإ�صالح وحت�سني تدبري وتنمية الأمالك اجلماعية‬

‫لقد اجتهت «جلنة الشؤون العقارية» في إطار املناظرة األولى التي عقدت في مراكش حول‬
‫‪231‬‬
‫اجلماعات احمللية‪ ،‬حيث اقترحت تغيير التشريع اخلاص بالعقارات اجلماعية وإصالحه‪،‬‬
‫ومن هنا انطلقت نفس اللجنة في إطار املناظرة األخيرة التي عقدت بالدار البيضاء لتوصي‬
‫‪232‬‬
‫بـما يلــي ‪:‬‬
‫‪ -‬في إطار تسوية الوضعية القانونية للممتلكات العقارية اجلماعية‪ ،‬ينبغي العمل‬
‫على القيام بحملة لتحفيظ املمتلكات العقارية للجماعات‪ ،‬وتطبيق مقتضيات التشريعات‬

‫‪ - 230‬شعيـر عبد الواحد ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.50.‬‬


‫‪231 - Eddahbi (A) : op.cit, p : 199.‬‬
‫‪ - 232‬شعير عبد الواحد ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪102‬‬

‫فيما يتعلق بتسيير األمالك العقارية‪ ،‬وذلك بوضعها داخل سجل املمتلكات‪ ،‬وكذا العمل‬
‫على إخضاع الهيئات العقارية لنفس املسطرة‪ ،‬حتى تخرج اجلماعات من مرحلة احليازة‬
‫واالستغالل إلى مرحلة التملك‪.‬‬
‫‪ -‬أما على صعيد تسيير املمتلكات العقارية‪ ،‬فتوصي اللجنة بجعل نظام موحد لهذه‬
‫املمتلكات‪ ،‬سواء كانت ملكا للجماعات احلضرية أو اجلماعات القروية‪ ،‬وذلك متشيا مع‬
‫متطلباتها وحاجياتها وكذا جلعل حد لتعدد وتنوع التشريعات اجلاري بها العمل منذ‬
‫‪.1921‬‬
‫‪ -‬وفيما يتعلق بتوفر اجلماعات على إمكانيات عقارية كافية توصي اللجنة بأن اقتناء‬
‫األمالك العقارية ينبغي أن يقع بثمن رمزي‪.‬‬
‫هذا فيما يتعلق باملرجعية القانونية للممتلكات العقارية اجلماعية‪ .‬وقد الحظنا ثنائية‬
‫هذه املرجعية في إطار هيكلها العام (أعراف تقليدية‪ ،‬قانون وضعي عصري)‪ ،‬وثنائيتها‬
‫في إطارها الضيق‪ ،‬أي في إطار القانون الوضعي نفسه (اختالف وتعدد النصوص حول‬
‫موضوع واحد)‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‬
‫دور اجلماعات الرتابية يف حماية امللك العام املحلي‬

‫بالرجوع إلى امليثاق اجلماعي اجلديد جند بأن املشرع قد عهد إلى اجلماعات احمللية مبهام‬
‫ومسؤوليات جسام في مجال تدبير ومراقبة واحلفاظ على امللك العام احمللي‪.‬‬
‫هكذا تنص املادة ‪ 43‬من قانون ‪ 78.00‬املتعلق بالتنظيم اجلماعي ‪« :‬ميارس املجلس‬
‫اجلماعي داخل النفوذ الترابي للجماعة االختصاصات التي ميكن أن تنقلها إليه الدولة خاصة‬
‫في املجاالت اآلتية‪ :‬إحداث وصيانة املدارس ومؤسسات التعليم األساسي واملستوصفات‬
‫واملرافق الصحية ومراكز العالج‪ ...‬إجناز برامج التشجيع وحتسني وصيانة املنتزهات‬
‫الطبيعية‪ ،‬إحداث وصيانة املنشآت والتجهيزات املائية الصغيرة واملتوسطة‪ ،‬حماية وترميم‬
‫املآثر التاريخية واحملافظة على املواقع الطبيعية»‪.‬‬
‫وتنص املادة ‪ 47‬أيضا من نفس امليثاق ‪« :‬يختص رئيس املجلس اجلماعي بتدبير أمالك‬
‫اجلماعة واحملافظة عليها‪ ،‬ولهذه الغاية يسهر على حتيني سجل احملتويات ومسك جداول‬
‫‪103‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫إحصاء األمالك اجلماعية وتسوية وضعيتها القانونية‪ ،‬كما يتخذ التدابير املتعلقة بتدبير‬
‫‪233‬‬
‫امللك العمومي اجلماعي»‪.‬‬
‫كما ميارس رئيس املجلس اجلماعي اختصاصات الشرطة اإلدارية في ميادين عديدة‬
‫من بينها ‪ :‬مراقبة البنايات املهملة أو املهجورة أو اآليلة للسقوط ويتخذ التدابير الالزمة‬
‫لترميمها أو هدمها طبقا للقوانني واألنظمة اجلاري بها العمل‪ ،‬كما يساهم في احملافظة‬
‫على املواقع الطبيعية والتراث التاريخي والثقافي وحمايتها وذلك باتخاذ التدابير الالزمة‪.‬‬
‫كما يتعلق األمر بترميم وصيانة األمالك العامة التابعة للجماعات احمللية وتعهدها‬
‫بفضل االعتمادات املالية التي ترصد في امليزانية اجلماعية لهذه الغاية‪ ،‬حيث نص الفصل‬
‫‪ 39‬من ظهير ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 45.08‬املتعلق بالتنظيم املالي للجماعات‬
‫احمللية ومجموعاتها‪ 234‬على ما يلي ‪:‬‬
‫« تشتمل حتمالت اجلماعات احمللية على ‪:‬‬
‫‪...‬نفقات التجهيز ‪ :‬األشغال اجلديدة والبنايات والطرق والتجهيزات ذات النفع احمللي‬
‫واستهالك رأسمال الدين املقترض واإلمدادات املمنوحة وحصص املساهمات واملساهمات في‬
‫اإلجنازات ذات الفائدة احمللية أو الوطنية التي تهم اجلماعات احمللية»‪.‬‬
‫وال يتوقف األمر عند هذا احلد بل تتوفر املجالس اجلماعية أيضا على كامل الصالحية‬
‫في منع أي احتالل غير قانوني للملك اجلماعي من طرف اخلواص‪ .‬حيث جاء في الفصل ‪12‬‬
‫من القانون رقم ‪ 9.96‬املتمم للظهير الصادر في ‪ 30‬نونبر ‪ 1918‬املتعلق باإلشغال املؤقت‬
‫لألمالك العمومية ما يلي ‪« :‬يوجه إلى كل شخص يحتل امللك العام دون احلصول على‬
‫الترخيص‪ ،‬إنذار للتوقف عن االحتالل املذكور في احلال وذلك دون إخالل باملتابعة القضائية‬
‫وكيفما كان احلال يعتبر املخالف مدينا للخزينة عن كل سنة أو كسر سنة من االحتالل‬

‫‪ - 233‬بخصوص مسك سجل خاص مبحتويات األمالك اجلماعية فقد ورد ذلك في نصوص عديدة سابقة أهمها ‪ :‬الفصل األول من مرسوم‬
‫‪ 4‬فبراير ‪ 1959‬املنشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 2417‬بتاريخ ‪ 12‬شعبان ‪ 1378‬املوافق لـ ‪ 20‬فبراير ‪ 1959‬املتعلق بتسيير أمالك‬
‫اجلماعات القروية جاء فيه «إن األموال التابعة للملك العمومي وامللك اخلاص للجماعات القروية تقيد في سجل خصوصي يدعى‬
‫سجل محتويات األموال اجلماعية‪ ،‬يبني فيه فيما يخص كل واحد من هذه األموال حسب ما متت اإلشارة إليه سابقا»‪.‬‬
‫= ونفس الشيء بالنسبة ألمالك البلديات‪ ،‬فقد مت التنصيص عليه وذلك بواسطة القرار الوزيري املؤرخ في ‪ 31‬دجنبر ‪ 1921‬املتعلق‬
‫بكيفية تدبير أمالك البلديات منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 455‬بتاريخ ‪ 18‬جمادى األولى ‪ 1340‬املوافق لـ ‪ 17‬يناير ‪.1922‬‬
‫‪ - 234‬ظهير شريف رقم ‪ 1.09.02‬صادر في ‪ 22‬صفر ‪ 18( 1430‬فبراير ‪ ،)2009‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 5711‬بتاريخ ‪27‬‬
‫صفر ‪ 23( 1430‬فبراير ‪ ،)2009‬ص ‪.545 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪104‬‬

‫غير القانوني بتعويض يساوي ثالث مرات مبلغ اإلتاوة السنوية العادية املستحقة في حالة‬
‫االستفادة من الترخيص املذكور‪ .‬وتقرر هذا التعويض اإلدارة الراجع إليها أمر تسيير امللك‬
‫العام املقصود بإصدار أوامر التحصيل بناء على محاضر يعدها املأمورون محرروا احملاضر‬
‫‪235‬‬
‫املنتدبون لهذا الغرض وامللحقون وفقا للتشريع اجلاري به العمل»‪.‬‬
‫وينطبق هذا االلتزام على مختلف أساليب إشغال امللك العمومي مبا في ذلك استغالله‬
‫بواسطة اللوحات اإلشهارية الذي يعرف انتشارا واسعا ومنافسة حادة بني الشركات املختصة‬
‫بشكل ال يراعى فيه احترام القوانني واألنظمة اجلاري بها العمل في هذا املجال‪.‬‬
‫‪236‬‬
‫ولتنظيم اإلشهار وضبط استغالل امللك العام اجلماعي وجهت وزارة الداخلية دورية‬
‫جلرد أهم االختالالت القانونية والتقنية واملالية التي يعرفها هذا القطاع والتي تخل بقواعد‬
‫تدبير األمالك العامة اجلماعية‪ ،‬وبتنظيم اإلشهار والسير وسالمة املرور في الطرق العمومية‬
‫وبضوابط التعمير وتضر بجمالية املدن والنسيج املعماري احلضري‪ .‬والعمل على حتديد‬
‫‪237‬‬
‫التدابير واإلجراءات الكفيلة بعقلنة تدبير اإلشهار واستغالل امللك العمومي اجلماعي‪.‬‬
‫نفس املسؤوليات ملقاة على عاتق مجلس العمالة أو اإلقليم فيما يخص تدبير وحماية‬
‫األمالك العمومية التابعة لهم‪ 238.‬هكذا يساهم في إجناز وصيانة الطرق التابعة للعمالة أو‬
‫اإلقليم‪ ،‬يسهر على احملافظة على ممتلكات العمالة أو اإلقليم وإعادة تأهيلها وصيانتها‬
‫والرفع من مردوديتها‪ ،‬يساهم في احلفاظ على املواقع الطبيعية والتراث التاريخي والثقافي‬
‫والفني‪.239‬إلخ‪.‬‬
‫وفي املادة ‪ 46‬من قانون ‪ ،79.00‬ينص املشرع على أن الوالي أو العامل يتعهد باتخاذ‬
‫التدابير التالية ‪ :‬منها أن يحافظ على أمالك العمالة أو اإلقليم ويديرها ولهذه الغاية‬
‫يسهر على مسك جداول إحصاء أمالك العمالة أو اإلقليم وحتيني سجل محتوياتها وتسوية‬
‫‪240‬‬
‫وضعيتها القانونية ويتخذ كل األعمال التحفظية املتعلقة بحقوق العمالة أو اإلقليم‪.‬‬

‫‪ - 235‬رسالة اجلماعات احمللية‪ ،‬عدد ‪ ،2‬ماي‪/‬يونيو ‪ ،2001‬املديرية العامة للجماعات احمللية‪ ،‬وزارة الداخلية‪.‬‬
‫‪ - 236‬دورية رقم ‪ 118‬بتاريخ ‪ 2‬يوليوز ‪ ،2001‬وزارة الداخلية‪.‬‬
‫‪ - 237‬أنظر رسالة اجلماعات احمللية‪ ،‬عدد ‪ 3‬يوليوز‪-‬غشت‪-‬شتنبر‪ ،2001 ،‬وزارة الداخلية‪.‬‬
‫‪ - 238‬ظهير شريف رقم ‪ ،1.02.269‬صادر في ‪ 25‬رجب ‪ 3( 1423‬أكتوبر ‪ )2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 79.00‬املتعلق بتنظيم‬
‫العماالت واألقاليم‪ ،‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 5058‬بتاريخ ‪ 21‬نونبر ‪ ،2002‬ص ‪.3490 .‬‬
‫‪ - 239‬الفصل ‪ 36‬من قانون ‪ 79.00‬املنظم للعماالت واألقاليم‪.‬‬
‫‪ - 240‬يعد مسك جداول إحصاء األمالك اجلماعية من األهمية مبكان ذلك أنه ميكن من التعرف بشكل دقيق على األمالك املتوفرة لدى‬
‫اجلماعة ومنع وضع اليد على البعض منها من طرف أي كان‪ .‬لكــن املالحـــظ أنـــه فـــي الواقـــع يقـــل أن تعتني الـمجــالس‬
‫‪105‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫إن مسك سجل محتويات أمالك اجلماعة‪ ،‬يعتبر وسيلة أساسية للتعرف على الوضعية‬
‫القانونية للممتلكات العقارية التي تتصرف فيها أو التي توجد حتت حيازتها‪ ،‬وتقييم‬
‫مردوديتها ووسيلة حلمايتها من الضياع‪.‬‬
‫في هذا اإلطار يتعني اتخاذ مجموعة من اإلجراءات نذكر منها ‪:‬‬
‫‪ -‬اقتناء العقارات التي توجد في حيازة اجلماعة لتنتقل من وضعية احليازة إلى مرحلة‬
‫التملك القانوني ملمتلكاتها وذلك بتطبيقها اإلجراءات القانونية لتسوية وضعيتها‬
‫بالتراضي أو نزع امللكية‪.‬‬
‫‪ -‬تصفية جميع النزاعات العقارية العالقة‪ ،‬سواء أمام احملاكم املختصة أو بالتراضي‬
‫مع األطراف التي تدعي ملكيتها وذلك لتمكني اجلماعة من التصرف في هذه‬
‫املمتلكات بكيفية قانونية‪.‬‬
‫‪ -‬حتفيظ ممتلكات اجلماعة غير احملفظة‪ ،‬بكيفية تدريجية ومنتظمة وتوفير‬
‫االعتمادات املالية الالزمة لذلك وفق برنامج سنوي محدد‪ ،‬لتطهيرها من كافة‬
‫‪241‬‬
‫التعرضات والنزاعات‪.‬‬
‫كما يجب أن نشير بأن اجلماعات احمللية تعتمد في تدبير أمالكها العامة على عملية‬
‫التحديد اإلداري التي تعتبر وسيلة هامة من شأنها العمل على ضبط هذه األمالك وحمايتها‬
‫من كل ترام واعتداء عليها من طرف الغير‪.‬‬
‫والتحديد هو إجراء قانوني يتم مبقتضاه تعيني حدود امللك العام ومشتمالته بكيفية‬
‫دقيقة يعطي للجماعة حق ملكية العقارات التي وقع حتديدها بعد انصرام أجل التعرضات‬
‫عليها‪ 242.‬كما أن التحديد اإلداري يساعد على تبسيط إجراءات التحفيظ‪ ،‬ذلك أن‬
‫األمالك التي مت حتديدها قانونيا حتفظ وجوبا وبناء فقط على طلب اإلدارة طبقا ألحكام‬

‫اجلماعية بسجالت محتويات املمتلكات اجلماعية بالرغم من املطالبات العديدة من طرف السلطات املركزية للقيام بذلك‪ ،‬مما يبني‬
‫ضعف املراقبة على هذا املستوى وفتح املجال لالستيالء غير املشروع على األمالك العامة واجلماعية وتفويتها بدون أي وجه حق‬
‫مستغلني الفراغ القانوني في هذا املجال‪.‬‬
‫‪ - 241‬امحمد أوحماد ‪« :‬ممتلكات اجلماعات احمللية ‪ :‬تدبير أمالك اجلماعات احلضرية والقروية على ضوء املقتضيات اجلديدة للميثاق‬
‫اجلماعي»‪ ،‬أشغال الندوات املنظمة خالل سنة ‪ 2005‬بخصوص تدبير الشأن احمللي‪ ،‬منشورات املديرية العامة للجماعات احمللية‪،‬‬
‫طبعة أولى سنة ‪ ،2006‬ص ‪.37 .‬‬
‫‪ - 242‬غ‪.‬إ‪.‬م‪.‬أ‪ .‬قرار رقم ‪ 3277‬الصادر في ‪ 1995/06/20‬جاء فيه «إن التحديد املنصوص عليه في ظهير ‪1916/11/13‬‬
‫يعطي للدولة ملكية العقارات احملددة مادام لم يقع تعرض على التحديد املذكور في األجل احملدد في الظهير املذكور»‪ .‬اجتهاد‬
‫قضائي ذكره األستاذ محمد شوارق في كتابه ‪« :‬املساطر القانونية لتدبير أمالك اجلماعات احلضرية والقروية»‪ ،‬اجلزء األول‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ ،2008‬ص ‪.34 .‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪106‬‬

‫الفصل ‪ 2‬من الظهير املؤرخ في ‪ 25‬يونيو ‪ 1927‬املتعلق بتحفيظ العقارات التي جرى‬
‫‪243‬‬
‫إخراجها من حيز األمالك العمومية‪.‬‬
‫ويتضح من أحكام املادة ‪ 37‬من امليثاق اجلماعي أن املشرع نص على التحديد اإلداري‬
‫للملك العام دون امللك اخلاص وذلك ملا يتميز به أصال امللك العام من عدم جواز التصرف‬
‫فيه أو متلكه بالتقادم‪ ،‬مما يجعل اآلثار القانونية الناجتة عنه شبيهة إلى حد ما بتلك املترتبة‬
‫‪244‬‬
‫عن التحفيظ العقاري‪.‬‬
‫ويتولى رئيس املجلس اجلماعي عملية التحديد اإلداري للملك العمومي اجلماعي‪ 245‬وفق‬
‫مسطرة خاصة من شأنها حماية هذا امللك وذلك نظرا لإلجراءات الدقيقة التي يجب احترامها‬
‫‪246‬‬
‫بهذا اخلصوص‪.‬‬
‫لكن املالحظ أنه بالرغم من التعديالت التي عرفتها عملية حتديد أمالك اجلماعات‬
‫احمللية‪ ،‬فإنها ال ترقى إلى املستوى املطلوب مما يجعل امللك اجلماعي عرضة للسطو‬
‫‪247‬‬
‫والترامي عليه من طرف الغير‪.‬‬
‫وإذا كانت هذه املهام واملسؤوليات امللقاة على عاتق املجالس اجلماعية تدخل عداد‬
‫ممارستها ملراقبة ذاتية على ممتلكاتها اجلماعية بنفسها وبدون تدخل طرف آخر‪ ،‬فإن هناك‬
‫مراقبة أخرى متارسها سلطات الوصاية على هذه األمالك حلمايتها من كل اعتداء عليها‬
‫وذلك في إطار رقابتها العامة على أعمال املجالس اجلماعية ومتارس طبقا ألحكام الباب‬
‫السادس من القانون اجلماعي‪ ،‬حيث يتولى وزير الداخلية أو من يفوض إليه املصادقة‬
‫على مقررات املجلس اجلماعي ويتولى هذه املصادقة الوالي أو العامل بالنسبة للجماعات‬
‫القروية‪ 248،‬نفس األمر بالنسبة ملجالس العماالت واألقاليم حيث ال تدخل مقرراتها حيز‬
‫‪249‬‬
‫التنفيذ إال بعد مصادقة سلطات الوصاية عليها‪.‬‬

‫‪ - 243‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 770‬بتاريخ ‪ 26‬محرم ‪ 1346‬املوافق لـ ‪ 26‬يوليوز ‪.1927‬‬


‫‪ - 244‬أنظر الفصول ‪ 62-63-64‬من ظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬املتعلق بنظام التحفيظ العقاري‪.‬‬
‫‪ - 245‬تنص الفقرة ‪ 6‬من املادة ‪ 37‬من امليثاق اجلماعي ‪« :‬يسهر رئيس املجلس اجلماعي على تدبير األمالك اجلماعية واحملافظة عليها‬
‫وصيانتها ولهذه الغاية يقوم طبقا للقوانني واألنظمة اجلاري بها العمل بتحديد األمالك العامة اجلماعية وترتيبها وإخراجها من‬
‫حيز امللك العمومي»‪.‬‬
‫‪ - 246‬للمزيد من التفاصيل تنظر ‪ :‬منية بنلمليح ‪« :‬قانون األمالك العمومية باملغرب»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.157-156 .‬‬
‫‪ - 247‬محمود شوراق ‪« :‬تدبير أمالك اجلماعات احلضرية والقروية في ضوء امليثاق اجلماعي اجلديد»‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 30.‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 248‬املادة ‪ 73‬من قانون ‪.78.00‬‬
‫‪ - 249‬املادة ‪ 59‬وما بعدها من قانون ‪.79.00‬‬
‫‪107‬‬ ‫ق�صور النظام القانوين والتنظيمي لأمالك اجلماعات الرتابية و�إ�شكالية التمويل الغري جبائي للتنمية املحلية باملغرب‬

‫وقد حاول امليثاق اجلماعي اجلديد احلد أو على األقل التقليص من حدة الغموض‬
‫والتعقيد الذي كانت تتميز به النصوص القانونية والتنظيمية التي حتكم العمليات‬
‫العقارية للجماعات احمللية وذلك بتبسيط مسطرة املصادقة‪ 250‬عليها والتخفيف من حدة‬
‫التمركز اإلداري من أجل تشجيع االستثمار في هذا املجال وإجناز املشاريع التنموية في‬
‫‪251‬‬
‫أقرب اآلجال‪.‬‬
‫وميكن أن تلعب اللجان املنتخبة في إطار املجالس اجلماعية ومجالس العماالت واألقاليم‬
‫دورا مهما في احملافظة على األمالك العامة التابعة لها‪ ،‬ومراقبة تدبيرها وتنبيه الهيئات‬
‫التنفيذية إلى اخلروقات التي ميكن أن تطالها‪ ،‬وخصوصا جلنة املالية وامليزانية واللجنة‬
‫املكلفة بإعداد التراب والتعمير والبيئة‪.‬‬
‫لكن جتدر اإلشارة إلى أن جلنة املمتلكات التي يفترض أن تهتم بكل ما يتعلق بامللك‬
‫‪252‬‬
‫العمومي ال توجد بعد‪ ،‬بالرغم من املطالبات العديدة بإنشائها‪.‬‬
‫وإذا كان املشرع يلعب دورا مهما في حماية األمالك العامة وذلك بواسطة مختلف‬
‫النصوص القانونية التي أقرها سواء في املجال املدني أو في املجال اجلنائي وحتى على‬
‫املستوى اإلداري‪ .‬وإذا كانت الدولة عبر وزاراتها املختلفة بجانب اجلماعات الترابية تسهر‬
‫على تدبير امللك العام واحملافظة عليه‪ ،‬فإنه يجب أن ال ننسى الدور الفعال الذي ميكن أن‬
‫تلعبه هيئات املجتمع املدني بهذا اخلصوص واجلمعيات املؤسسة خصيصا ألهداف حماية‬

‫‪ - 250‬لقد كانت عملية املصادقة تتميز بطول املسطرة وتعدد األجهزة املتدخلة إضافة إلى عدم االعتداد بأجل محدد للمصادقة‪ ،‬فعمليات‬
‫التفويت مثال تتم مبرسوم للوزير األول مقترح من طرف وزير الداخلية ومؤشر عليه من طرف وزير املالية وينشر في اجلريدة الرسمية‪.‬‬
‫‪ - 251‬لقد عمد امليثاق اجلماعي اجلديد على تكريس هذا التوجه الذي جاءت به الرسالة امللكية املوجهة للوزير األول بتاريخ ‪ 9‬يناير‬
‫‪ 2002‬في موضوع التدبير الالمتمركز لالستثمار من تبسيط املساطر املتعلقة بالعمليات العقارية للجماعات احمللية‪.‬‬
‫فبالنسبة للمصادقة على االقتناءات والتفويتات واملبادالت العقارية جتدر اإلشارة أنه مبقتضى املرسوم رقم ‪ 8.02.138‬الصادر‬
‫في ‪ 5‬مارس ‪ 2002‬بتغيير وتتميم القرار الصادر في ‪ 31‬دجنبر ‪ 1921‬بتحديد طريقة تدبير شؤون امللك البلدي واملرسوم رقم‬
‫‪ 2.02.139‬الصادر في ‪ 5‬مارس ‪ 2002‬املتعلق باملصادقة على مداوالت مجالس اجلماعات القروية املتعلقة مبلكها اخلاص‬
‫الصادرين في اجلريدة الرسمية عدد ‪ 4984‬بتاريخ ‪ 7‬مارس ‪ ،2002‬فإن مداوالت مجالس اجلماعات احلضرية والقروية املتعلقة‬
‫باقتناء وتفويت ومعاوضة عقاراتها التي تساوي ‪ 2.500.000‬درهم أو تقل عنه تخضع ملصادقة والي اجلهة‪ ،‬أما تلك التي‬
‫تتجاوز هذا املبلغ فإن املصادقة عليها من اختصاص وزير الداخلية‪ .‬إذن فاملصادقة أصبحت تتم إما من طرف وزير الداخلية أو‬
‫والي اجلهة أو العامل في إطار التخفيف من الوصاية املركزية‪ ،‬كما مت االستغناء عن إجراءات النشر باجلريدة الرسمية لقرارات‬
‫املصادقة‪.‬‬
‫‪ - 252‬املالحظ أن جلنة املمتلكات يبقى خلقها اختياريا وليس ضروريا مما يشكل عائقا كبيرا في مجال التدبير السليم ألمالك اجلماعات‬
‫احمللية‪ ،‬فعدم وجود جلنة مختصة بدراسة مشاكل املمتلكات وطرق تنميتها وتتبع تطورها يجعل املمتلكات اجلماعية ال حتظى‬
‫بالعناية الكافية‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪108‬‬

‫املال العام‪ 253‬دون أن ننسى دور اإلعالم أيضا في هذا املجال‪ ،‬وما ميكن أن يسديه من‬
‫خدمات وذلك بتوعية املواطنني بأهمية املال العام وضرورة احملافظة عليه والتعريف مبختلف‬
‫اخلروقات واملشاكل الذي تطاله ودفع اجلهات املسؤولة إلى الضرب على كل من سولت له‬
‫نفسه التالعب به أو وضع اليد عليه أو تفويته بغير سبب مشروع‪.‬‬

‫على �سبيـل اخلتـم ‪:‬‬


‫لنخلص في األخير إلى القول أن األمالك العمومية ببالدنا تكتسي أهمية بالغة باعتبارها‬
‫أداة فعالة لتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية وموردا ماليا مهما ميكن أن‬
‫تعتمد عليه الدولة واجلماعات الترابية لتمويل مشاريعها التنموية وحتقيق أهداف الصالح‬
‫العام‪ .‬كما أنه بدون هذه األمالك ال يكون للمرافق العمومية وجود‪ ،‬فعلى أساسها تنشأ‬
‫هذه األخيرة وتنظم ألجل تلبية حاجيات املواطنني‪ .‬ولهذا فإن النظام القانوني والتنظيمي‬
‫لألمالك العمومية ال يقل أهمية عنها‪ .‬لكن يالحظ بأنه نظام يكتنفه الكثير من الغموض‬
‫والتناقض الناجتني عن قدم نصوصه‪ ،‬تعددها وتشتتها‪ 254.‬يضاف إلى ذلك قلة االجتهادات‬
‫القضائية وشح الدراسات املتخصصة في هذا املجال‪.‬‬
‫وإلى جانب هذا تعاني األمالك اجلماعية من سوء تسيير بعض املنتخبني احملليني‬
‫بسبب التسهيالت اإلدارية الالمشروعة اجتاه املستفيدين منها‪ ،‬العتبارات اجتماعية أو‬
‫اقتصادية أو سياسية على حساب الدور احملدد لها والسيما اجلانب التمويلي وبالتالي‬
‫ضعف الواجبات وهزالة األكرية‪ ،‬الشيء الذي يفوت على اجلماعات الترابية فرصا كبيرة في‬
‫االستفادة من املزايا التي تقدمها والفرص االقتصادية التي تتيحها‪.‬‬
‫إن امللك العمومي وبالنظر إلى التطورات التي عرفها املغرب منذ االستقالل إلى اليوم‬
‫وبالنظر إلى األهمية التي يكتسيها‪ ،‬يتطلب أكثر من أي وقت مضى تدخال سريعا من‬
‫طرف املشرع ألجل حتيني القوانني املنظمة له حتى تصبح أكثر مالئمة للمستجدات التي‬
‫تعرفها البالد‪ ،‬وجمعها أيضا في مدونة واحدة حتى يسهل على كل مهتم االطالع عليها‬
‫وخلق آليات وأجهزة متخصصة كفيلة بتحديدها‪ ،‬وتنظيمها ومراقبتها من أجل حمايتها‬
‫من الضياع‪.‬‬

‫‪ - 253‬ولعل أهم هيأة مغربية تهتم بهذا املجال‪ :‬الهيأة الوطنية حلماية املال العام املوجود مقرها بالرباط‪ .‬ينظر موقعها على االنترنت‪.‬‬
‫‪254 - Khatabi (M) :»Aspects particuliers de la législation marocaine sur le domaine public de‬‬
‫‪l’Etat et des collectivités», R.M.D.C, N°1, 1983, p:39.‬‬
‫‪109‬‬

‫الأمالك العمومية بني اال�ستعمال اجلماعي و اخل�صو�صي‬


‫األستاذ ميمون خراط‬
‫كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية مبكناس‬

‫تتميز األمالك العمومية بخاصية فريدة تتمثل في كونها موضوعة رهن تصرف العموم‬
‫وهذه اخلاصية جعلت املشرع املغربي يضع نظاما خاصا لهذا القطاع وهكذا نص ظهير‪1‬‬
‫يوليوز ‪ 1914‬في ديباجته على ما يلي‪« :‬نظرا لكون بعض األمالك ال ميكن متلكها من‬
‫طرف اخلواص ألنها موضوعة رهن تصرف العموم‪ ،‬وألن إدارتها موكولة للدولة‪ ،‬ونظرا ألن‬
‫هذه األمالك التي تكون امللك العمومي غير قابلة للتفويت‪ ،‬فإنه يتعني حتديد طبيعتها‬
‫ووضعيتها القانونية»‪.‬‬
‫وهكذا يالحظ أن ظهير ‪ 1914‬ركز على خاصيتني مرتبطتني ببعضهما‪:‬‬
‫•كون امللك العمومي موضوع أساسا رهن تصرف العموم‪.‬‬
‫•كون هذا امللك غير قابل للتفويت‪.‬‬
‫إال أنه اتضح فيما بعد‪ ،‬أن هاتني اخلاصيتني ال تتعارض وإمكانية فتح هذا امللك أمام‬
‫استعماالت خاصة‪ ،‬بشروط تتضمن احلفاظ على امللكية العمومية‪ ،‬وحقوق العموم‪.‬‬
‫وهكذا نص ظهير ‪ 30‬نونبر ‪ 1918‬بشأنه االحتالل املؤقت في ديباجته على ما يلي‪:‬‬
‫«اعتبارا لكون امللك العمومي غير قابل للتفويت وللتقادم ولعدم إمكانية بيع جزء منه‬
‫بصفة نهائية‪ ،‬إال أنه ال ميكن أن يرفض تخويل اجلماعات واخلواص رخصا لالحتالل املؤقت‬
‫ألجزاء منه ما دام هذا االحتالل ال ميس الصالح العام»‪.‬‬
‫وعليه ميكن القول بأن مبدأ االحتالل املؤقت للملك العام بصفة عامة والترخيص‬
‫باستعماله بصفة إنفرادية هو إستثناء للقاعدة األساسية التي حتكم منطق امللكية العمومية‬
‫والتي هي معدة لالستعمال اجلماعي‪ ،‬ومن مت يجب أن ال يتعارض أو يؤثر سلبا على‬
‫استعمال أو استغالل امللك العمومي في الغرض املرصود به‪ ،‬فال ميكن مثال الترخيص‬
‫باحتالل جزء من امللك العام الطرقي ومزاولة نشاط جتاري أو صناعي أو اجتماعي من شأنه‬
‫ومن طبيعته خلق جتمهر أمام املكان محل النشاط ملا قد ينتج عن ذلك من عواقب سلبية‬
‫على سالمة مستعملي الطرق‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪110‬‬

‫واإلشكال املطروح في هذا اإلطار والذي سيتم البحث فيه في هذا املقال هو إلى أي حد‬
‫جنح املشرع املغربي في التوفيق بني هذا النوعني من االستعمال للملك العمومي؟ وما هي‬
‫حدود استعمال امللك العمومي من طرف اخلواص؟‬
‫ملعاجلة هذا املوضوع سيتم في البداية إلقاء نظرة على االستعمال اجلماعي للملك‬
‫العمومي (املطلب األول) على أساس التطرق لالستعمال اخلصوصي للملك العمومي في‬
‫(املطلب الثاني)‪ ،‬هذا مع تخصيص (املطلب الثالث) للملك العام املائي وطرق استعماله‪.‬‬

‫املطلب الأول‬
‫اال�ستعمال اجلماعي للملك العمومي‬

‫يعتبر االستعمال اجلماعي هو األصل في االستعماالت التي يكون امللك العمومي‬


‫موضوعا لها‪ ،‬ذلك أن طبيعة امللك العمومي ال تتوافق من الناحية املبدئية إال من وضعه‬
‫رهن تصرف العموم‪ ،‬فامللك العمومي ضروري للحياة داخل املجتمع‪ ،‬بحيث ال ميكننا تصور‬
‫هذا األخير بدون طرق عمومية وشواطئ عمومية‪ ،‬وأنهار عمومية إلخ‪...‬‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫خ�صائ�ص اال�ستعمال اجلماعي للملك العام‬

‫إن االستعمال اجلماعي للملك العام يتميز بخصائص نوجزها فيما يلي‪:255‬‬
‫أ‪ -‬حرية االستعمال‪ ،‬وتعني أن لكل شخص االستفادة من امللك العمومي متى شاء‪ ،‬وال‬
‫يتم املساس بهذه احلرية هذه إال ضرورة تقييده بالقوانني واألنظمة التي تنظم استعمالها‪.‬‬
‫وحرية االستعمال ال تعني الفوضى‪ ،‬بحيث أنها تقف حيث تبدأ حرية اآلخرين‪ ،‬وبالتالي‬
‫فاالستعمال يجب أن يكون معقوال وبدون تعسف‪ ،‬ومتوافقا مع طبيعة امللك العمومي‬
‫املستعمل‪ ،‬فالطريق مثال ال ميكن استعمالها إال للسير واجلوالن‪ ،‬والشاطئ لالستحمام‪،‬‬
‫بل إن بعض األمالك العمومية ال ميكن استعمالها بتاتا من طرف العموم كالتحصينات‬
‫العسكرية مثال‪.‬‬
‫‪ - 255‬ملزيد من التفصيل أنظر‪:‬‬
‫فؤاد حجري‪ :‬العقار‪ ،‬األمالك العمومية وأمالك الدولة‪ ،‬سلسلة القوانني اإلدارية‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪.2006،‬‬
‫أسامة عثمان‪ :‬أحكام التصرف في أمالك الدولة العامة واخلاصة في ضوء القضاء والفقه‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية ‪1987‬‬
‫‪111‬‬ ‫الأمالك العمومية بني اال�ستعمال اجلماعي و اخل�صو�صي‬

‫وأكثر من هذا فإن حرية االستعمال متنع على السلطات العمومية وضع تقنني يكون‬
‫من شأنه املنع املطلق ما عدا إذا كانت هناك ظروف تبيح ذلك‪ .‬مع مالحظة أن بعض‬
‫االستعماالت قد تخضع لترخيص أو تصريح‪.‬‬
‫ب‪ -‬املساواة في االستعمال‪ :‬هذه اخلاصية تنبع من املبدأ الدستوري القاضي باملساواة‬
‫في احلقوق والواجبات بني جميع املواطنني‪ .‬فلكل مواطن احلق في نفس االستعمال املخول‬
‫ملواطن آخر‪ ،‬وأي متييز بينهم يتيح إمكانية متابعة اإلدارة قضائيا إللغاء قرار التمييز‬
‫وأحيانا ألداء تعويض للمواطن املتضرر‪.‬‬
‫إال أن املساواة ال تعني مساواة مطلقة بني جميع أصناف املستعملني‪ ،‬فطبيعة امللك‬
‫العمومي‪ ،‬وضرورة احملافظة عليه قد تقتضي أحيانا وضع نظم مختلفة جتاه أنواع‬
‫املستعملني‪ ،‬فالطرق السيارة مثال ال ميكن استعماله من طرف النقل االستثنائي والوقوف‬
‫على جوانب الطرق العمومية قد يكون مقننا فيمنع على بعض أصحاب السيارات ويخصص‬
‫للبعض اآلخر إال أن هذه التفرقة النسبية ال متس باملبدأ العام للمساواة طاملا أن التقنني‬
‫والتنظيم ال يعني شخصا معينا‪ ،‬وإمنا صنفا معينا من املستعملني‪ ،‬وطاملا أن هذا التنظيم‬
‫تستدعيه ضرورة احملافظة على السالمة العامة وحرمة امللك العمومي‪.‬‬
‫ج‪ -‬املجانية‪ :‬هذا املبدأ يقضي بأن يكون استعمال امللك العمومي بدون مقابل وذلك‬
‫ألسباب منها‪:‬‬
‫•إن امللك العمومي هو في الواقع ملك للعموم‪ ،‬حيث هناك نظريات تقول بأن امللك‬
‫العمومي ليس ملكا لإلدارة املسيرة‪ ،‬وهناك من يقول بأنه ليس ملكا ألحد‪ ،‬وبالتالي‬
‫فال ميكن األداء عن استعمال شيء منلكه أو قد ال ميلكه أحد‪.‬‬
‫•إن امللك العمومي االصطناعي خاصة ينشأ بواسطة موارد عمومية تتكون من‬
‫الضرائب التي يؤديها املواطنون‪ .‬أي أن هؤالء هم الذين ميولون عملية تكوين‬
‫امللك العمومي‪ ،‬وبالتالي فإذا طلب منهم أداء مقابل الستعماله‪ ،‬فإن هذا سيعني‬
‫إخضاعهم لضريبتني إحداهما غير عادلة وال مستحقة‪.‬‬
‫•إن امللك العمومي ضروري وحيوي للحياة العادية للمواطنني ويجب ضمانه لهم‬
‫كشرط أساسي لطمأنينتهم‪ ،‬فلو اعترضنا أن األداء الزم إلمكانية االستفادة من‬
‫امللك العمومي‪ ،‬فهذا يعني أننا سنحرم الغالبية العظمى من املواطنني منه‪ ،‬وسيكون‬
‫االستعمال خاصا بامليسورين منهم‪ ،‬وهذا بالطبع غير معقول وسيهدد ال محالة‬
‫األمن االجتماعي والسكينة العامة‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪112‬‬

‫ومع ذلك فقد توجد اعتبارات خاصة تدعو السلطات العامة إلى احلد من مبدأ املجانية‪،‬‬
‫وذلك بفرض رسوم على استعمال امللك العمومي‪ ،‬ومن بني هذه االعتبارات‪:‬‬
‫•عقلنة استعمال امللك العمومي‪ :‬من املالحظ أن بعض مستعملي امللك العمومي‬
‫يتعسفون في استعماله السيما من خالل إيقاف السيارات على جنبات الطرق‬
‫لفترات طويلة‪ ،‬قد تدوم أياما‪ ،‬وللحد من هذه الظاهرة‪ ،‬فإن اإلدارة قد تفرض رسوما‬
‫على هذا الوقوف تتصاعد حسب املدة الزمنية التي يستغرقها الوقوف‪.‬‬
‫•مساهمة املواطن في متويل إحداث امللك العمومي أو احملافظة عليه‪ :‬السيما في‬
‫ميدان الطرق السيار واملنشآت الفنية ذلك أن هذه املنشآت تتطلب متويال يفوق ما‬
‫تقضيه الطرق العادية‪ ،‬وبالتالي فإنه من املتعارف عليه أن مستعملي هذه الطرق‬
‫يؤدون أداء يستعمل في احلفاظ على جودتها أو لتمويل مشاريع مماثلة‪.‬‬
‫•احلصول على موارد مالية إضافية‪ ،‬هذه الظاهرة أصبحت تستفحل في السنني‬
‫األخيرة‪ ،‬السيما من طرف اجلماعات احمللية التي تعمد في كثير من األحيان إلى‬
‫فرض رسوم على استعمال امللك العمومي‪ ،‬حتى وإن كان هذا امللك غير موضوع‬
‫حتت تصرفها‪ ،‬ولعل خير دليل على ذلك هو ما نشاهد من خالل الرسوم املفروضة‬
‫على استعمال املظالت في الشواطئ‪ ،‬ورسوم الدخول إلى حقينات بعض السدود‬
‫والبحيرات‪ ،‬هذا عالوة على الرسوم املفروضة على إيقاف السيارات في الشوارع‬
‫والساحات العمومية‪ ،‬بحيث أصبح من الصعب إيجاد مكان ال يؤدى عنه‪.‬‬
‫وعلى أي‪ ،‬ومهما كان التبرير املقدم إلحداث رسم أو أدء عن استعمال امللك العمومي‪،‬‬
‫فإن هذا املقابل يجب أن يخضع لبعض املقاييس أهمها‪:‬‬
‫•املساواة‪ :‬وتعني أن الرسوم يجب أن يلحق جميع املستعملني سواء من حيث املبدإ‬
‫او من حيث املبلغ بشرط أن يكونوا في نفس الوضعية‪ ،‬فإذا اختلفت هذه الوضعية‬
‫فإنه من املقبول أن يكون الرسم مختلفا‪.‬‬
‫•املعقولية‪ :‬ومفاده أن الرسم يجب أن يكون مقبوال في مبلغه‪ ،‬وأال يكون من شأنه‬
‫زجر املواطنني عن استعمال امللك العمومي‪.‬‬
‫•احترام احلد األدنى للمجانية‪ ،‬ونعني به أن إحداث رسم يجب أال يشمل كل أجزاء‬
‫امللك العمومي‪ ،‬بحيث أن اإلدارة يجب أن تضمن للمواطنني إمكانية استعمال بعض‬
‫أجزاء امللك العمومي بصفة مجانية وهذا ما نالحظه بشأن الطرق السيارة‪ ،‬حيث‬
‫‪113‬‬ ‫الأمالك العمومية بني اال�ستعمال اجلماعي و اخل�صو�صي‬

‫أن الدولة ملزمة بتوفر طريق عادي مجاني يؤدي إلى نفس االجتاه الذي يؤدي إليه‬
‫الطريق السيار‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‬
‫الو�ضع رهن �إ�شارة امل�ؤ�س�سات العمومية‬

‫باإلضافة ملا سبق ميكن للدولة أن تضع رهن إشارة املؤسسات العامة إمكانية استغاللها‬
‫لبعض األمالك العمومية‪ ،‬ومن الضروري في هذا اإلطار أن نفرق بني هذه املسطرة‪ ،‬ومسطرة‬
‫االحتالل املؤقت من طرف املؤسسات العامة‪ ،‬ففي هذه األخيرة‪ ،‬تكون اإلدارة من الناحية‬
‫النظرية حرة في منح االحتالل أو رفضه‪ ،‬أي أن املؤسسة هنا ينظر إليها كأنها مواطن عادي‪،‬‬
‫باستثناء تبسيط مسطرة دراسة الطلب وإعفائها أحيانا من أداء اإلتاوة‪.‬‬
‫أما في مسطرة الوضع‪ ،‬فإنها غالبا إن لم نقل دائما ما تكون مقررة مبقتضى القوانني‬
‫احملدثة لهذه املؤسسات‪( ،‬مكتب استغالل املوانئ)‪.‬‬
‫إن هذا الوضع ال يعني أن اإلدارة الوصية على امللك العمومي تتخلص نهائيا من‬
‫امتيازاتها واختصاصاتها‪ ،‬بل على العكس من ذلك فإن تسيير امللك العمومي من طرف‬
‫املؤسسات العامة يجب أن يكون حتت إشراف الوزارة صاحبة امللك العمومي‪.‬‬
‫لذلك جند مثال في قرارات وضع امللك العمومي حتت تصرف مكتب استغالل املوانئ‬
‫فصال يتضمن ضرورة حصول هذا األخير على املوافقة املسبقة للوزارة على رخص االحتالل‬
‫املؤقت التي ميضيها‪ ،‬كما أن هذه األخيرة متارس رقابة أخرى للمكتب من خالل أجهزة هذا‬
‫األخير السيما اللجنة التقنية وجلن التسيير‪.‬‬
‫وأكثر من هذا‪ ،‬فإن ممارسة بعض األنشطة داخل امليناء يجب أن تكون مرخصا بها من‬
‫طرف الوزارة وهي األنشطة التي تكتسي صبغة املرفق العمومي‪ ،‬وال ميكن للمكتب في هذه‬
‫احلالة رفضه االنصياع لقرارات الوزارة‪.‬‬
‫وفي كل األحوال‪ ،‬فإن لهذه األخيرة احلق في إسناد بعض االختصاصات التي يقوم بها‬
‫املكتب إلى جهات أخرى‪ ،‬وبالتالي حرمانه من منح رخص االحتالل املؤقت بشأنها‪ ،‬إذا‬
‫شاءت اإلدارة أن تنزع منه هذا االختصاص‪ ،‬فاستقاللية املكتب ال تعني إمكانية جتاوزه‬
‫للنصوص املنظمة له ولوصاية الدولة عليه‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪114‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫اال�ستعمال اخلا�ص للملك العام‬
‫ويقصد به انفراد شخص أو مجموعة من األشخاص باالنتفاع واستغالل جزء من امللك‬
‫العام ومنع غيرهم من استعماله‪ ،‬وما دام هذا االنتفاع يتم بشكل غير طبيعي أي في غير‬
‫الغرض الذي خصص له امللك والعتبارات مخالفة لتلك التي تهم االستعمال اجلماعي‪ ،‬فإنه‬
‫يقتضي احلصول على ترخيص من اإلدارة ويكون مبقابل كقاعدة عامة‪ .‬ولهذا السبب فإن‬
‫قواعد تنظيم االستعمال اخلاص للملك العام تختلف عن قواعد تنظيم االستعمال اجلماعي‪.‬‬
‫عموما يتخذ االستعمال اخلاص إحدى صورتني‪ :‬صورة الترخيص الذي مينح بقرار إداري‬
‫من جانب واحد وقد يتخذ شكل امتياز باتفاق تعاقدي بني اإلدارة ومستغلي امللك العام‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫قرار الرتخي�ص باالحتالل امل�ؤقت كو�سيلة ل�شغل امللك العام‬

‫يقتضي استعمال امللك العمومي من طرف اخلواص احلصول على رخصة من طرف‬
‫السلطات اإلدارية املختصة‪.‬‬
‫وقد مت تنظيم هذا االستعمال بواسطة ظهير ‪ 30‬نونبر ‪ 256 1918‬املتعلق بشغل امللك‬
‫العمومي مؤقتا‪ ،‬إذ أنه ليس هناك ما مينع االستعمال االنفرادي لألمالك العمومية كلما كان‬
‫ممكنا اإلذن فيه دومنا إضرار باملصلحة العامة‪ ،‬يعني ما دام االحتالل االنفرادي ال يتنافى‬
‫والغرض املعدة له األمالك العامة‪.‬‬
‫فهذا الظهير هو الذي يحدد طبيعة االستعمال واجلهات املختصة بتسليم الرخصة بشأنه‪،‬‬
‫هكذا ينص الفصل الثاني من الظهير‪« :‬كل مطلب يتعلق بإشغال قطعة ما من األمالك‬
‫العمومية مؤقتا يوجه للمدير العام لألشغال العمومية ويضمن فيه تصريحا الغرض من‬
‫إشغالها والتغييرات التي ينوي الطالب إحداثها بهيئتها وسعة األبنية وغيرها من األماكن‬
‫التي يريد إنشائها مع كيفية تهيئتها ويجب عليه إذا دعي لذلك أن يتعهد كتابة بدفع‬
‫واجب الكراء‪.»...‬‬

‫‪ - 256‬منشور باجلريدة الرسمية عدد ‪ 299‬بتاريخ ‪ 20‬يناير ‪.1919‬‬


‫البد من التمييز بني االحتالل املؤقت املقصود هنا باحتالل األفراد للملك العمومي‪ ،‬واالحتالل املؤقت الذي تقوم به اإلدارة لشغل‬
‫بعض العقارات اخلاصة‪ ،‬هذا األخير منظم بالقانون رقم ‪ 81/7‬املتعلق بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة واالحتالل املؤقت‪.‬‬
‫‪115‬‬ ‫الأمالك العمومية بني اال�ستعمال اجلماعي و اخل�صو�صي‬

‫عموما يجوز للخواص طلب رخصة من أجل االحتالل املؤقت للملك العمومي بقصد‬
‫حتقيق أغراض مختلفة (استخراج املواد‪ ،‬إجناز القنوات ومزاولة النشاط التجاري‪ ،‬أرصفة‬
‫املقاهي‪ ،‬منشآت االستحمام وغيرها)‪.‬‬
‫ويتخذ االستعمال اخلاص بناء على ترخيص إحدى صورتني‪:‬‬
‫•االستعمال الذي ال يتطلب اتصاال دائما بامللك العام وصوره الشائعة‪ :‬اإلذن‬
‫للعربات بالوقوف في مواضع معينة من الطرق العامة وللمقاهي بوضع كراسيها‬
‫وموائدها على أرصفة الشوارع أو عرض بضائعهم في أجزاء من امللك العام أو‬
‫وقوف السيارات في أماكن معينة‪ .‬ففي جميع هذه احلاالت ال يستدعي هذا‬
‫االستعمال إال شغل جزء من امللك العام دون حفر فيه وال بناء ويكون معلقا بسطح‬
‫األرض ولهذا فإنه يكون أقل دواما من االستعماالت األخرى‪،‬‬
‫•االستعمال الذي يقتضي اتصاال أكثر دواما بامللك العام حيث ميتد إلى باطن األرض‬
‫مما يترتب عليه تغيير احلالة الطبيعية للملك العام كالترخيص بإنشاء محطات‬
‫البنزين والترخيص لبعض شركات االمتياز مبد خطوط حديدية فوق امللك العام وحفر‬
‫أنفاق ووضع األسالك حتت أرضية الشارع بقصد توصيل املياه والكهرباء‪...‬الخ‪.257‬‬
‫وقد أحسن املشرع املغربي صنعا حينما ميز على مستوى تدبير األمالك العمومية‬
‫اجلماعية بواسطة الظهير الشريف ‪ 3‬أكتوبر ‪ ،2002‬مقتديا في ذلك بالتشريعني الفرنسي‬
‫واملصري في ذلك‪ ،‬ما بني االحتالل املؤقت بإقامة بناء والذي يعتبر من أعمال تدبير امللك‬
‫اجلماعي املشار إليه في الفصل ‪ 47‬من قانون ‪ 17-08‬املتعلق بامليثاق اجلماعي‪ ،‬إذ يتم‬
‫الترخيص به ملمارسة نشاط جتاري أو صناعي أو مهني تطبيقا ملقتضيات الظهير الشريف‬
‫الصادر في ‪ 30‬نونبر ‪ 1918‬وكذا مقتضيات القانون رقم ‪ 47-06‬الذي يحدد مبوجبه نظام‬
‫للضرائب املستحقة للجماعات احمللية وهيئاتها كما مت تغييره وتتميمه وبني االحتالل‬
‫املؤقت بدون إقامة بناء‪ ،‬الذي يعتبر من أعمال الشرطة اإلدارية‪.‬‬
‫ويتميز االحتالل املؤقت للملك العام بإقامة بناء بأنه استغالل ثابت وقار للملك‬
‫العام‪ ،‬مبعنى أن له أساس وعمق في األرض يحدث تغييرات في الوعاء العقاري‪ ،‬ومثال‬

‫‪ - 257‬ينظر الظهير الشريف رقم ‪ 1.61.346‬الصادر في ‪ 24‬جمادى األولى ‪ 1382‬املوافق لـ ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1962‬املتعلق بضبط شروط‬
‫تسليم الترخيصات والرخص واالمتيازات اخلاصة مبنشآت توزيع القوة الكهربائية وكذا شروط تسييرها ومراقبتها‪ ،‬منشور باجلريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 2612‬الصادرة بتاريخ ‪ 18‬جمادى الثانية ‪ 1382‬املوافق لـ ‪ 16‬نونبر ‪.1962‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪116‬‬

‫ذلك‪ :‬إقامة عالمات اإلشهار فوق امللك العام الطرقي أو مد قنوات التطهير بباطن‬
‫الطريق العام أو مد أنابيب جر املياه فوق الطريق العام أو إحداث محطات الوقود‬
‫والبنزين فوق امللك العام‪.‬‬
‫وتختلف اجلهة املالكة للحق في الترخيص تبعا ملا إذا كان االستعمال متعلق بسطح‬
‫األرض أو بباطنها‪ .‬ففي احلالة األولى ينعقد االختصاص لسلطة الضبط اإلداري ألن املسألة‬
‫تتعلق باحلفاظ على النظام العام مبدلوالته الثالثة‪ ،‬فهذا االستعمال ال خطر منه مبدئيا على‬
‫امللك العام‪ ،‬وكل خطورته تنحصر في احلد من تخصيص امللك للنفع العام‪.‬‬
‫أما في احلالة الثانية‪ ،‬فإن حفظ امللك العام يقع على عاتق الشخص اإلداري‪ 258‬الذي‬
‫يتبعه ولهذا كان له أن يقدر درجة اخلطورة التي يتعرض لها امللك العام من جراء استعماله‬
‫من طرف اخلواص‪.259‬‬
‫وعلى مستوى اجلماعات احمللية أضحى االحتالل املؤقت للملك العام بدون إقامة بناء‬
‫يدخل في نطاق اختصاصات الشرطة اإلدارية للحفاظ على النظام العام وفقا ألحكام امليثاق‬
‫اجلماعي‪ ،‬في حني أصبح االحتالل املؤقت للملك العام بإقامة بناء يندرج ضمن اختصاصات‬
‫شرطة احملافظة على امللك العام عمال بأحكام الفقرة ‪ 6‬من املادة ‪ 37‬من امليثاق اجلماعي‪،‬‬
‫وبالتالي فإن مسطرة الترخيص أصبحت تتميز بالتبسيط عما كان عليه األمر سابقا‪.‬‬
‫فإذا كان املشرع املغربي يبيح االستعمال اخلاص للملك العام فإنه قد وضع لذلك‬
‫قيودا وضوابط نظرا ملا قد ينطوي عليه ذلك االستعمال من مخاطر وخصوصا حرمان‬
‫املستعملني األصليني من حق االنتفاع (كمضايقة املارة في حالة وضع طاوالت وكراسي‬
‫املقاهي على الرصيف أو منع االستحمام في بعض الشواطئ)‪ ،‬كما يؤدي في كثير من‬
‫احلاالت إلى إحداث تغييرات على امللك العام سواء باحلفر أو البناء (حالة بناء أكشاك‬
‫باألسمنت املسلح)‪.‬‬
‫ولكل هذا‪ ،‬فإن الراغبني في إشغال امللك العمومي البد وأن يخضعوا ملجموعة من‬
‫القواعد حددها ظهير ‪ ،1918‬ذلك أن هذا االستعمال اخلاص ال يعتبر حرا وال مجانيا‬
‫وال دائما‪.‬‬

‫‪ - 258‬كان اختصاص تسيير األمالك العمومية مخوال وفق ظهير ‪ 1914‬لوزارة األشغال العمومية التي أصبحت فيما بعد وزارة‬
‫التجهيز‪.‬‬
‫‪ - 259‬تنظر مليكة الصروخ‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة بالدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪ ، 2008‬ص‪.245 .‬‬
‫‪ -‬تنظر منية بنلمليح‪ ،‬قانون األمالك العمومية باملغرب‪ ،‬منشورات املجلة املغربية لإلدارة احمللية والتنمية ‪ ،‬سلسلة مؤلفات‬
‫وأعمال جامعية ‪ ،‬العدد ‪ ، 81‬ص‪. 83 .‬‬
‫‪117‬‬ ‫الأمالك العمومية بني اال�ستعمال اجلماعي و اخل�صو�صي‬

‫فالرخصة متنح ملدة عشر سنوات وبصفة استثنائية ملدة ‪ 20‬سنة وهناك حاالت حسب‬
‫الفصل السادس من الظهير تسلم فيها الرخص دون حتديد املدة‪.260‬‬
‫وسواء كانت املدة محددة أم ال‪ ،‬فإن الرخصة تكون دائما مؤقتة‪ 261‬وميكن إلغاؤها في‬
‫حالتني‪ :‬إذ يقرر إلغاؤها بحكم القانون إذا لم يحترم احملتل أحد الواجبات املفروضة عليه‬
‫وذلك دون سابق إنذار ومن غير أي تعويض‪ ،‬غير أن الرخصة ميكن أن تلغى ألسباب تتعلق‬
‫بالصالح العام متلك اإلدارة وحدها سلطة تقديرية للنظر فيها‪ ،‬وحينئذ يجب على هاته‬
‫األخيرة أن توجه إنذارا ملدة ثالثة اشهر إلى احملتل املؤقت‪ .262‬ويجوز في هذه احلالة للمحاكم‬
‫املختصة مراقبة مدى مشروعية الغرض من سحب الرخصة واألسباب الداعية إلى ذلك‪.‬‬
‫ويترتب على االحتالل املؤقت أداء وجيبة كرائية يعني قدرها في القرار املتعلق بذلك‬
‫ويحسب هذا الكراء من يوم إعالم املرخص له بصدور القرار املذكور‪.263‬‬
‫الفقرة الثانية‬
‫عقد االمتياز كو�سيلة لال�ستعمال اخلا�ص للملك العام‬

‫ميكن لإلدارة في بعض احلاالت االستثنائية أن تلجأ إلى التعاقد مع اخلواص ومنحهم‬
‫بعض االمتيازات اخلاصة على أمالكها العامة‪ ،‬ويجب أن يتضمن العقد شروط االستعمال‬
‫املسموح به‪ ،‬مدته‪ ،‬حق اإلدارة في تعديله أو إلغائه واملقابل النقدي الذي يدفعه الفرد أو‬
‫الشركة املتعاقدة‪.‬‬

‫‪ - 260‬وهذه احلاالت هي‪:‬‬


‫‪ -‬تهيئة الطرق الرابطة بني ملك مجاور للطريق العمومية وبني هذه الطريق مع السماح باملرور على جانبي الطريق املذكور أو عدم‬
‫السماح به‪،‬‬
‫‪ -‬نصب معابر لربط صلة بني قطعتي أرض على ملك فرد واحد سواء كان نصبها على قنوات عمومية إلعداد األرض للحراثة أو لريها‪،‬‬
‫‪ -‬إصالح ما يبنى للمساعدة على ربط القنوات العمومية بالسواقي املعدة لتجفيف األمالك اخلاصة بأربابها أو لريها‪.‬‬
‫‪ - 261‬نص الفصل ‪ 6‬من ظهير ‪“ :1918‬يتعني التوضيح خصوصا إلى أنه كيفما كانت مدة االحتالل املؤقت فإن هذه الترخيصات‬
‫تكون دائما ذات طابع وقتي وميكن سحبها في أي وقت بدون تعويض شريطة توجيه إنذار بذلك للمصلحة العامة تستقل اإلدارة‬
‫بكل حرية في تقديرها”‪ ،‬وهذا ما أكده القضاء أيضا‪ ،‬حيث جاء في حكم احملكمة اإلدارية بــالدار البيضـــاء صـــادر بتاريـــخ‬
‫‪ 2006-09-26‬أن‪“ :‬الترخيص باالحتالل املؤقت للملك العمومي ال يضفي على العالقة بني الطرفني عالقة كرائية عادية‬
‫ومستمرة‪ ...‬وينتهي بانتهاء مدته او باإلعذار بوضع حد له”‪.‬‬
‫وفي حكم آخر صادر عن احملكمة اإلدارية بوجدة بتاريخ ‪ 2000-11-15‬جاء فيه‪“ :‬قرار الترخيص باستغالل الرصيف يعد‬
‫من القرارات املؤقة التي ال تخول حقوقا مكتسبة أو مراكز قانونية محددة ويجوز للسلطة اإلدارية التي سلمته التراجع عنه كلما‬
‫=اقتضت املصلحة العامة ذلك” أورده أحمد بوعشيق ‪ ،‬سلسلة دالئل التسيير ‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬منشورات املجلة املغربية لإلدارة‬
‫احمللية والتنمية ‪ ،‬العدد ‪ ،2004 ،16‬ص‪.307 .‬‬
‫‪ - 262‬انظر الفقرة األخيرة من الفصل السادس من ظهير ‪ 30‬نونبر ‪.1918‬‬
‫‪ - 263‬الفصل ‪ 7‬من ظهير ‪ 30‬نونبر ‪.1918‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪118‬‬

‫هكذا نصت املادة ‪ 1‬من القانون رقم ‪ 54-05‬املتعلق بالتدبير املفوض للمرافق العامة‬
‫على أنه ‪ « :‬يطبق هذا القانون على عقود التدبير املفوض للمرافق واملنشآت العمومية‬
‫املبرمة من قبل اجلماعات احمللية أو هيآتها واملؤسسات العامة» كما نص الفصل ‪39‬‬
‫(الفقرة األخيرة) من امليثاق اجلماعي لسنة ‪ 2008‬على ما يلي‪« :‬املجلس اجلماعي يقرر في‬
‫طرق تدبير املرافق العمومية اجلماعية عن طريق الوكالة املباشرة والوكالة املستقلة واالمتياز‬
‫وكل طريقة أخرى من طرق التدبير املفوض للمرافق العمومية طبقا للقوانني واألنظمة اجلاري‬
‫بها العمل»‪.‬‬
‫هكذا تتميز وضعية صاحب االمتياز بنوع من االستقرار الناجت عن مدة االحتالل ونظرا‬
‫ألن الذي يحكم العالقة بينه وبني السلطة املختصة هو عقد من العقود اإلدارية‪ ،‬في حني أن‬
‫املرخص له يكون استعماله للملك العام بناء على قرار إداري‪ ،‬وعلى ذلك‪ ،‬فإنه يتعني على‬
‫اإلدارة أن حتترم شروط العقد وحقوق املتعاقد معها وأال تتدخل لتعديل العقد أو إلغائه قبل‬
‫إنهاء مدته إال إذا تطلبت املصلحة العامة ذلك وعند اإللغاء يحصل املتعاقد على تعويض‬
‫‪264‬‬
‫كامل في مقابل حرمانه من االنتفاع بامللك العام طوال املدة املقررة في العقد‪.‬‬
‫املطلب الثالث‬
‫امللك العام املائي‬
‫تشكل املوارد املائية ملكا عاما هي بدورها ملا تتميز بها هذه املادة احليوية من أهمية‬
‫في حياة الفرد واملجتمع لذلك خصها املشرع املغربي مبجموعة من النصوص واملقتضيات‬
‫التي تهدف الى تنظيم طرق اكتسابه واستعماله وذلك في سبيل عدم متكني فئة معينة من‬
‫املجتمع من استغالل واستحواذها على هذا امللك املشترك وجعله في متناول اجلميع‪.‬‬
‫الفقرة الأوىل‬
‫‪265‬‬
‫الإطار القانوين للملك العام املائي‬
‫تنظم استعمال امللك العام املائي قواعد قانونية ذات مصادر مختلفة‪ ،‬غير أن أول نص‬
‫قانوني يخص املاء في املغرب يعود تاريخه إلى سنة ‪ ،1914‬ويتعلق األمر بالظهير الشريف‬

‫‪ - 264‬تنظر منية بنلمليح‪ ،‬قانون األمالك العمومية باملغرب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 85 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 265‬ملزيد من التفصيل ينظر‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد اد الفقيه‪ :‬نظام املياه واحلقوق املرتبطة بها في القانون املغربي شرعا وعرفا وتشريعا‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة بالدار‬
‫البيضاء‪.2002 ،‬‬
‫‪ -‬مقتضيات الظهير الشريف رقم ‪ 154.95.1‬الصادر في ‪ 16‬غشت ‪ 1995‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 10-95‬املتعلق باملاء‪.‬‬
‫‪119‬‬ ‫الأمالك العمومية بني اال�ستعمال اجلماعي و اخل�صو�صي‬

‫الصادر في ‪ 7‬شعبان ‪( 1332‬فاحت يوليوز ‪ )1914‬حول األمالك العامة واملتمم بظهيرين‬


‫شريفني صدرا سنة ‪ 1919‬و‪ 1925‬الذي يدمج جميع املياه مهما كان شكلها في األمالك‬
‫العامة املائية‪ .‬ومن ثم ال ميكن للموارد املائية أن تكون موضوع ملك خاص باستثناء املياه‬
‫التي اكتسبت عليها حقوق مائية‪ .‬وقد صدرت بعد ذلك نصوص أخرى ملواجهة احلاجيات‬
‫اجلديدة التي ظهرت وآخرها قانون رقم ‪ 10.95‬املتعلق باملاء والذي أقر بأن املاء ملك عام‪،‬‬
‫وال ميكن أن يكون موضوع متلك خاص‪ ،‬ويدخل في عداد امللك العام املائي مبقتضى هذا‬
‫القانون ما يلي‪:266‬‬
‫أ) جميع الطبقات املائية‪ ،‬سواء كانت سطحية أو جوفية‪ ،‬ومجاري املياه بكل أنواعها‬
‫واملنابع كيفما كانت طبيعتها؛‬
‫ب) البحيرات والبرك والسبخات وكذا البحيرات الشاطئية واملستنقعات املاحلة‬
‫واملستنقعات من كل األنواع التي ليس لها اتصال مباشر مع البحر‪ .‬وتدخل في‬
‫هذه الفئة القطع األرضية التي بدون أن تكون مغمورة باملياه بصفة دائمة ال تكون‬
‫قابلة لالستعمال الفالحي في السنوات العادية‪ ،‬نظرا إلمكانياتها املائية؛‬
‫ج) اآلبار االرتوازية واآلبار واملساقي ذات االستعمال العمومي املشيدة من طرف الدولة‬
‫أو لفائدتها؛‬
‫د) قنوات املالحة والري والتطهير املخصصة الستعمال عمومي وكذلك األراضي الواقعة‬
‫في ضفافها احلرة والتي ال يجب أن يتجاوز عرضها خمسة وعشرين مترا لكل ضفة‬
‫حرة؛‬
‫ه) احلواجز والسدود والقناطر املائية وقنوات وأنابيب املاء والسواقي املخصصة‬
‫الستعمال عمومي من أجل حماية األراضي من املياه‪ ،‬والري وتزويد املراكز احلضرية‬
‫والتجمعات القروية باملاء أو الستخدام القوى املائية؛‬
‫و) مسيل مجاري املياه الدائمة وغير الدائمة وكذلك منابعها ومسيل السيول التي‬
‫يترك فيها سيالن املياه آثارا بارزة؛‬
‫ز) احلافات إلى حدود املستوى الذي تبلغه مياه الفيضان‪ ،‬وكذا كل املساحات املغطاة‬
‫مبد يبلغ معامله ‪ 120‬في أجزاء مجاري املاء اخلاضعة لتأثير هذا املد؛‬
‫ح) الضفاف احلرة انطالقا من حدود احلافات‪.‬‬

‫‪ - 266‬املادة الثانية من القانون رقم ‪ 10-95‬املتعلق باملاء‪.‬‬


‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪120‬‬

‫ويتم االعتراف باحلقوق املكتسبة على امللك العام املائي إما مببادرة من اإلدارة ومن قبلها‬
‫أو بناء على طلب من املعنيني‪ ،‬بعد إجراء بحث علني‪ ،‬إذ تخضع حقوق املاء املعترف بها‬
‫ألحكام استعمال املاء املضمنة في املخطط الوطني للماء واملخططات التوجيهية للتهيئة‬
‫املندمجة للموارد املائية‪.‬‬
‫وال ميكن جتريد املالكني من حقوقهم التي مت االعتراف لهم بها بصفة قانونية إال عن‬
‫طريق نزع امللكية وتتم عملية نزع امللكية هذه طبقا للشروط املنصوص عليها في القانون‬
‫رقم ‪ 7.81‬املتعلق بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة وباالحتالل املؤقت‪.267‬‬

‫الفقرة الثانية‬
‫الرتخي�صات واالمتيازات املتعلقة بامللك العام‬

‫متنح الترخيصات واالمتيازات املتعلقة بامللك العام املائي وتقوم بإجراء البحث العلني‬
‫جلنة خاصة يعهد إليها بتلقي مطالب املعنيني باألمر‪ .‬ولهذا الغرض‪ ،‬فإن مشروع الترخيص‬
‫أو االمتياز ينبغي أن ينهى إلى علم العموم عن طريق الصحافة أو أية وسيلة أخرى لإلشهار‬
‫تكون مالئمة‪ ،‬خمسة عشرة يوما قبل بدء البحث العلني الذي ال ميكن أن تتجاوز مدته‬
‫ثالثني يوما‪ .‬ويتعني على وكالة احلوض أن تبت في الطلب أو في أي تعرض من طرف الغير‬
‫داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ انتهاء البحث بعد أخذ رأي اللجنة‪.‬‬

‫�أوال‪ :‬الرتخي�ص كو�سيلة ال�ستعمال امللك العام املائي‬


‫تخضع لنظام الترخيص العمليات التالية‪:268‬‬
‫‪ .1‬أشغال البحث أو التقاط املياه اجلوفية أو النابعة؛‬
‫‪ .2‬حفر اآلبار وإجناز األثقاب التي يتجاوز عمقها احلد املشار إليه في املادة ‪ 26‬من‬
‫القانون؛‬

‫‪ - 267‬لقد جاء في قرار للمجلس األعلى عدد ‪ 187‬بتاريخ ‪ 2009/2/11‬في امللف عدد ‪ 340/4/1/2007‬عن الغرفة اإلدارية ما‬
‫مفاده “كل من اكتسب حقا من حقوق امللكية أو االنتفاع أو االستعمال باألمالك العمومية يبقى حقه محفوظا إذا كان سابقا على‬
‫نشر قانون األمالك العمومية‪ ...‬أما احلقوق التي وقع اكتسابها بعد صدوره فهي مجرد حقوق مؤقتة‪ ،‬بحيث ال تصير نهائية إال‬
‫بعد تعيني حدود األمالك العامة من طرف اإلدارة‪ ،”...‬نشرة قرارات املجلس األعلى املتخصصة اجلزء ‪ ، 6‬السلسلة ‪. 2011 ،2‬‬
‫‪ -‬تنظر كذلك املواد ‪ 7‬و ‪ 8‬من الباب الثاني من القانون رقم ‪ 10-95‬املتعلق باملاء‪.‬‬
‫‪ - 268‬املادة ‪ 38‬من القانون رقم ‪ 10-95‬املتعلق باملاء‪.‬‬
‫‪121‬‬ ‫الأمالك العمومية بني اال�ستعمال اجلماعي و اخل�صو�صي‬

‫‪ .3‬أشغال التقاط واستعمال مياه العيون الطبيعية الواقعة في امللكيات اخلاصة؛‬


‫‪ .4‬إقامة منشآت ملدة ال تتجاوز خمس سنوات قابلة للتجديد‪ ،‬بهدف استعمال امللك‬
‫العام املائي كاملطاحن املائية واحلواجز والسدود أو القنوات‪ ،‬شريطة أال تعرقل هذه‬
‫املنشآت حرية سيالن املياه وحرية السير على الضفاف احلرة وأن ال تتسبب في تلوث‬
‫املياه؛‬
‫‪ .5‬جلب صيب من مياه الطبقة اجلوفية كيفما كانت طبيعتها يفوق احلد الذي حتدده‬
‫نصوص تنظيمية؛‬
‫‪ .6‬مآخذ املياه املقامة على املجاري املائية أو القنوات املتفرعة عن الوديان؛‬
‫‪ .7‬جلب املياه‪ ،‬كيفما كانت طبيعتها‪ ،‬من أجل بيعها أو من أجل استعمالها للعالج‬
‫الطبي‪،‬‬
‫‪ .8‬استغالل املعديات أو املمرات على املجاري املائية‪.‬‬
‫مينح الترخيص مع مراعاة حقوق الغير كما ميكن أن يخول الترخيص للمستفيد حق‬
‫احتالل أجزاء من امللك العام املائي الضرورية للمنشآت وللعمليات املرخص بها‪.269‬‬
‫وحتدد وكالة احلوض مدة الترخيص التي ال ميكن أن تتجاوز عشرين سنة قابلة للتجديد‬
‫والتدابير التي يجب على املستفيد من الترخيص القيام بها لتجنب تدهور املياه التي‬
‫يستعملها إما عن طريق اجللب أو الصرف ومبلغ وكيفيات أداء اإلتاوة وشروط االستغالل‬
‫والتمديد اجلديد احملتملني للترخيص وكذلك التدابير التي يجب على املستفيد من الترخيص‬
‫أن يتخذها‪.270‬‬
‫ويتم سحب الترخيص من طرف وكالة احلوض في أي وقت وبدون تعويض‪ ،‬وذلك بعد‬
‫توجيه إنذار كتابي للمعني باألمر في احلاالت التالية‪:271‬‬
‫•عدم احترام الشروط التي يتضمنها الترخيص؛‬
‫•إذا لم يشرع في استعمال الترخيص داخل أجل سنتني‪،‬‬

‫‪ - 269‬تنظر الفقرة األولى من املادة ‪ 39‬من القانون رقم ‪ 10-95‬املتعلق باملاء‪.‬‬


‫‪ - 270‬تنظر الفقرة الثانية من املادة ‪ 39‬من القانون رقم ‪ 10-95‬املتعلق باملاء‪.‬‬
‫‪ - 271‬تنظر الفقرة الثالثة من املادة ‪ 39‬من القانون رقم ‪ 10-95‬املتعلق باملاء‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪122‬‬

‫•إذا مت تفويت الترخيص أو حتويله للغير دون موافقة مسبقة من وكالة احلوض؛‬
‫•إذا لم يتم تسديد اإلتاوات في اآلجال احملددة؛‬
‫•إذا استعملت املياه لغرض غير مرخص به‪.‬‬
‫وميكن لوكالة احلوض في أي وقت تغيير الرخصة أو تقليص مدتها أو سحبها من أجل‬
‫املنفعة العامة بشرط توجيه إشعار للمستفيد ال تقل مدته عن ثالثني يوما‪ .‬ويخول هذا‬
‫التغيير أو التقليص أو السحب احلق في التعويض لفائدة املستفيد من الترخيص إذا حصل‬
‫له ضرر مباشر من جراء ذلك‪.‬‬
‫كما مينح الترخيص بجلب املياه من أجل الري لفائدة عقار معني‪ ،‬إذ ال ميكن للمستفيد‬
‫استعمال املياه لفائدة عقارات أخرى دون ترخيص جديد‪ ،‬وفي حالة تفويت العقار يحول‬
‫الترخيص بقوة القانون إلى املالك اجلديد‪ ،‬ويتعني على هذا األخير أن يصرح بالتفويت إلى‬
‫وكالة احلوض داخل أجل ثالثة أشهر ابتداء من تاريخ انتقال امللكية‪.‬‬
‫ويعتبر كل حتويل للترخيص يتم مبعزل عن العقار الذي منح لفائدته باطال ويؤدي إلى‬
‫سحب الترخيص‪ ،‬وفي حالة جتزئة عقار املستفيد‪ ،‬فإن تقسيم املياه بني القطع يجب أن‬
‫يكون موضوع ترخيصات جديدة حتل محل الترخيص األصلي‪.272‬‬
‫ثانيا‪ :‬االمتياز كو�سيلة ال�ستعمال امللك العام املائي‬
‫تخضع لنظام االمتياز العمليات التالية‪:273‬‬
‫‪ .1‬تهيئة العيون املعدنية واحلارة وكذا استغالل مياه هذه العيون؛‬
‫‪ .2‬إقامة منشآت فوق امللك العام املائي ملدة تفوق خمس سنوات‪ ،‬الهدف منها احلماية‬
‫من الفيضانات أو جتميع وحتويل املياه وكذا استعمال هذه املياه؛‬
‫‪ .3‬تهيئة البحيرات والبرك واملستنقعات؛‬
‫‪ .4‬عمليات جلب املاء من الطبقة املائية ومآخذ املاء املقامة على مجاري املياه والقنوات‬
‫املتفرعة عن الوديان أو العيون الطبيعية عندما يتعدى الصبيب املأخوذ احلد الذي‬
‫تعينه وكالة احلوض أو إذا كانت مخصصة الستعمال عمومي؛‬
‫‪ .5‬جلب املاء من مجاري املياه والقنوات بهدف إنتاج الطاقة الهيدروكهربائية‪.‬‬

‫‪ - 272‬املادة ‪ 40‬من القانون رقم ‪ 10-95‬املتعلق باملاء‪.‬‬


‫‪ - 273‬املادة ‪ 41‬من القانون رقم ‪ 10-95‬املتعلق باملاء‪.‬‬
‫‪123‬‬ ‫الأمالك العمومية بني اال�ستعمال اجلماعي و اخل�صو�صي‬

‫ويشكل االمتياز حقا عينيا ملدة محدودة وال يخول للمستفيد منه أي حق للملكية على‬
‫امللك العام املائي‪.‬‬
‫ويحدد عقد االمتياز على اخلصوص ما يلي‪:274‬‬
‫•الصبيب املمنوح؛‬
‫•منط استعمال املياه؛‬
‫•حتمالت صاحب االمتياز والتزاماته اخلاصة؛‬
‫•اإلتاوة التي يجب على صاحب االمتياز أن يؤديها؛‬
‫•مدة االمتياز التي ال ميكن أن تتعدى ‪ 50‬سنة؛‬
‫•طبيعة املنشآت وأجل إجناز مختلف أشطر املنشأت؛‬
‫•التدابير التي يجب اتخاذها من طرف املستفيد من االمتياز لتجنب تدهور جودة‬
‫موارد املياه؛‬
‫•عند االقتضاء‪ ،‬الشروط التي ميكن فيها تغيير الصبيب املمنوح أو تقليصه وكذا‬
‫التعويض الذي ميكن أن يترتب عن هذا التغيير أو التقليص؛‬
‫•عند اإلقتضاء‪ ،‬شروط استرجاع االمتياز وسحبه وسقوط احلق فيه وكذا شروط رجوع‬
‫املنشآت إلى الدولة عند نهاية االمتياز‪.‬‬
‫ويخول عقد االمتياز لصاحبه احلق في‪:‬‬
‫‪ .1‬إقامة كل منشأة مخصصة الستعمال الصبيب املرخص به‪ ،‬وذلك بعد موافقة وكالة‬
‫احلوض على مشاريع هذه املنشأة؛‬
‫‪ .2‬احتالل أجزاء امللك العام الالزمة ملنشآته؛‬
‫‪ .3‬احللول محل وكالة احلوض في نزع امللكية أو االحتالل املؤقت لألراضي الالزمة‬
‫ملنشآت املستفيد من االمتياز‪.‬‬

‫‪ - 274‬مينح امتياز أخذ املياه من أجل الري لكل شخص ذاتي أو معنوي‪ ،‬لفائدة عقارات تقع داخل مدار محدد‪ ،‬وميكن أن يسقط احلق‬
‫في االمتياز أو أن يراجع تلقائيا وبدون تعويض في حالة استعمال املياه خارج املدار احملدد أو ألغراض أخرى غير الري‪ .‬وفي‬
‫حالة تغير املالك‪ ،‬تتحول فوائد وتكاليف االمتياز بقوة القانون إلى املالك اجلدد الذين يجب عليهم التصريح بهذا التحويل لوكالة‬
‫احلوض داخل أجل ثالثة أشهر من تاريخ انتقال امللكية‪ ،‬وإذا كانت العقارات املستفيدة في حوزة مالك مختلفني‪ ،‬فإن تقسيم‬
‫املياه املمنوحة عن طريق االمتياز بني هذه العقارات يتم حتديده في عقد االمتياز‪ ،‬وال ميكن تغيير هذا التقسيم إال طبق الشروط‬
‫املقررة لتغيير عقد االمتياز‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪124‬‬

‫كما ميكن أن يسقط احلق في االمتياز ودون اإلخالل بالبنود اخلاصة املنصوص عليها في‬
‫عقد االمتياز في احلاالت التالية‪:‬‬
‫•استعمال املياه لغرض مغاير للغرض الذي رخص به أو استعمالها خارج منطقة‬
‫االستعمال احملددة؛‬
‫•عدم أداء اإلتاوات في اآلجال احملددة؛‬
‫•عدم استعمال املياه موضوع االمتياز داخل اآلجال احملددة في عقد االمتياز؛‬
‫• عدم احترام االلتزامات ذات الطبيعة الصحية والسيما في حالة العيون احلارة ‪.275‬‬

‫خامتة عامة‬
‫إن ما يهم في املعطيات السابقة سواء دور اإلدارة في ضمان االستعمال اجلماعي‪،‬‬
‫ومراقبة االستعمال االنفرادي‪ ،‬هو أن على اإلدارة حماية امللك العمومي من كل جتاوزات‪،‬‬
‫وصيانته بل وإحياءه وإحداثه وذلك من أجل متكني العموم من استعماله‪ .‬وفي حالة التقاعس‪،‬‬
‫فإن لكل مواطن احلق في متابعتها قضائيا بسبب املسؤولية التقصيرية‪ ،‬وأحيانا بسبب‬
‫الشطط (مثال الطعن في شرعية قرارات الترخيص أو االمتياز)‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق باالستعماالت االنفرادية للملك العمومي‪ ،‬فإن مسؤولية اإلدارة تكون‬
‫جسيمة‪ ،‬وذلك على األقل لسببني اثنني‪:‬‬
‫•من حيث ضرورة التأكد من عدم تعارض االستعمال االنفرادي مع االستعمال‬
‫اجلماعي للملك العمومي‪.‬‬
‫•من حيث ضرورة التأكد من احترام املرخص له باستعمال امللك العمومي لشروط‬
‫االستعمال االنفرادي‪.‬‬
‫فمنح رخصة االحتالل املؤقت حتتم على اإلدارة مراقبة املرخص له من حيث االستعمال‬
‫اخلفي لرخصته وعدم تفويتها للغير واحترام موضوع الرخصة‪ ،‬ومدتها‪ ،‬وأداء اإلتاوة إلخ‪...‬‬

‫‪ - 275‬وفي حالة سقوط احلق في االمتياز‪ ،‬ميكن لوكالة احلوض أن تأمر بإعادة األماكن إلى حالتها األصلية‪ ،‬وعند االقتضاء‪ ،‬تنفيذ‬
‫ذلك تلقائيا على نفقة صاحب االمتياز‪ ،‬وعندما تقتضي املصلحة العامة ضرورة إزالة أو تغيير املنشآت املنجزة قانونا مبوجب‬
‫ترخيص أو امتياز‪ ،‬فإن للمرخص له أو صاحب االمتياز احلق في تعويض مناسب لقيمة الضرر الذي حلق به‪ ،‬ما لم يوجد شرط‬
‫مغاير في عقد الترخيص أو االمتياز‪ ،‬وميكن لوكالة احلوض أن تأمر بهدم األشغال املنجزة بدون ترخيص أو امتياز أو خالفا‬
‫لألنظمة املتعلقة باملياه‪ ،‬وأن تأمر املخالفني عند االقتضاء بإعادة األماكن إلى حالتها األصلية داخل أجل ال ميكن أن يقل عن‬
‫‪ 15‬يوما‪ .‬وعند انقضاء هذا األجل‪ ،‬ميكن لوكالة احلوض القيام بذلك تلقائيا على نفقة املخالفني‪ ،‬وميكن أن تقيد في السجل‬
‫العقاري رخص وامتيازات جلب املياه وكذا قرارات االعتراف باحلقوق املكتسبة على املاء‪.‬‬
‫‪125‬‬ ‫الأمالك العمومية بني اال�ستعمال اجلماعي و اخل�صو�صي‬

‫وفي االمتياز‪ ،‬تراقب األتاوة وكل الشروط اللصيقة باملرافق العامة‪ ،‬كاالستثمار واملساواة‬
‫بني مستعملي املرفق والشروط األخرى التي يتضمنها كناش التحمالت‪.‬‬
‫وفي حالة الوضع رهن إشارة املكاتب العمومية‪ ،‬تبقى اإلدارة الوصية مسؤولة عن امللك‬
‫العمومي موضوع الوضع رهن التصرف فتراقب مشروعية الرخص‪ ،‬شكال ومضمونا‪ ،‬السيما‬
‫فيما يتعلق بتلك التي لها صلة أو طابع املرفق العمومي الواقعي حيث أن منحها من طرف‬
‫املكاتب يتطلب في بعض األحيان املصادقة عليها من طرف الوزارة الوصية‪ ،‬بل قد يعود‬
‫اختصاص منحها إلى الوزارة نفسها‪.‬‬
‫كما ميكن أن نلقي أيضا على عاتق الوزارة ضرورة التأكد من أداء املكاتب لألتاوة‬
‫املترتبة عن وضع امللك العمومي رهن تصرفها‪.‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬ميكن القول بأن هذه املراقبة ال تطرح إشكاالت مهمة‪ ،‬عكس ما هو األمر‬
‫بالنسبة الستعماالت انفرادية غير مرخص بها‪ .‬حيث يتطلب األمر إجراءات معقدة‪ ،‬سواء‬
‫من حيث التأكد من عدم املشروعية أو معرفة الترامي على امللك العمومي ومتابعته‪ .‬وهذه‬
‫مهمة صعبة بالنظر إلى قلة اإلمكانيات املادية والبشرية الالزمة لهذا الغرض مما يحول دون‬
‫القيام بحماية امللك العمومي بصفة جادة وفعالة وعلى الوجه املطلوب‪.‬‬
‫‪127‬‬

‫ممار�سة ال�شفعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن‬


‫ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬
‫األستاذ محمد القدوري‬
‫محام بهيئة احملامني بالرباط‬

‫‪ .1‬من املعلوم أن الشفعة هي احلق املعطى لكل شريك على الشياع في أن يسترجع‬
‫احلصة التي يبيعها شريكه‪ ،‬برمتها إن مت البيع ألجنبي غير شريك ولم يزاحمه باقي الشركاء‬
‫في طلبه‪ ،‬أو جزئيا عندما يتم البيع لشريك‪ ،‬ويرغب هذا الشريك املشتري في التمسك‬
‫بحصته من مشتراه‪ ،‬أو في حالة البيع ألجنبي وتزاحم أكثر من شريك على طلب استشفاع‬
‫احلصة املبيعة؛ مع التذكير بأن طلب الشفعة يجب أن يشمل كافة احلصة املبيعة‪ ،‬إذ ال‬
‫يجوز تبعيض الصفقة وطلب استشفاع جزء منها دون اجلزء اآلخر ولو كان املشتري من‬
‫الشركا‪ ،‬ألن تبعيض الصفقة قد يجعل املشفوع منه ‪ -‬ولو كان شريكا محقا في طلب‬
‫التمسك بنسبة حصته من مشتراه‪ ،‬أو كان أجنبيا من مصلحته أن يتمسك ولو بجزء من‬
‫مشتراه‪ -‬يوثر الدفع بعدم قبول الطلب برمته للتبعيض‪ ،‬على مجرد التمسك مبقدار حصته‬
‫من املبيع املشفوع‪.‬‬
‫ومن املعلوم أيضا أن الشفيع يلزم بأن يدفع للمشفوع منه جميع ما خرج من يده بسبب‬
‫شراء احلصة املشفوعة‪ ،‬ثمنا ومصاريف‪ ،‬وتوابع الزمة للشراء‪ ،‬وأن كل نقص في ذلك‬
‫يعرض طلب الشفعة لعدم القبول‪ ،‬سيما عندما يتعلق األمر بعقار محفظ تتوقف فيه‬
‫ممارسة الشفعة على عرض كافة الثمن واملصاريف على املشتري‪ ،‬وإيداعها لصاحله بكتابة‬
‫الضبط إن لم يقبل العرض العيني‪ ،‬قبل مباشرة الدعوى أمام القضاء للمطالبة باملصادقة‬
‫على العرض العيني واإليداع ‪.‬‬
‫والشفعة إمنا متارس ضد البيع‪ ،‬سواء مت نقدا أو مببادلة‪ ،‬وال متارس ضد العقود غير‬
‫العوضية‪ ،‬كالهبة والصدقة وما جرى مجراهما‪ ،‬اللهم إال إذا كان طالب الشفعة ينازع في‬
‫طبيعة التصرف الذي وصفه املتعامالن بأنه عطية‪ ،‬ويتمسك بأنه بيع ضيع – عمدا‪ -‬في‬
‫صورة هبة أو صدقة‪ ،‬تهربا من الشفعة ‪.‬‬
‫ومسألة الثمن التي يقع بها البيع‪ ،‬وبالتالي يقع بها االستشفاع‪ ،‬تطرح عدة مشاكل‪،‬‬
‫بعضها ناجم عن تصرفات األطراف‪ ،‬كما في حالة الزيادة أو النقص صوريا في الثمن‪،‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪128‬‬

‫وبعضها ناجم عن ظروف أخرى ال دخل إلرادة األطراف فيها‪ ،‬كأن يكون البيع أبرم بشأن‬
‫عقار محفظ في وقت كان فيه ثمن احلصة املبيعة منخفظا‪ ،‬وال يعمد املشتري إلى تقييد‬
‫شرائه على الرسم العقاري (الذي هو منطلق أجل الشفعة غالبا) إال بعد سنني عديدة‪،‬‬
‫فيعمد أحد الشركاء إلى استشفاع ذلك منه بثمن الشراء الذي يكون قد أضحى‪ ،‬بفعل‬
‫الزمن‪ ،‬جد زهيد ال يكاد يعادل إال نسبة ضئيلة جدا من القيمة احلالية للحصة املشفوعة ‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وملا كان من املعلوم أن كثيرا من العقارات التي مت استرجاعها من قبل الدولة في‬
‫نطاق ظهير ‪ 2‬مارس ‪ ،1973‬تلفى عند مباشرة إجراءات استرجاعها فعليا بيد أشخاص‬
‫مغاربة يتمسكون بأنهم اشتروها‪ ،‬قبل تاريخ االسترجاع‪ ،‬من األجانب الذين استرجعت‬
‫منهم ‪ ،‬فينشأ نزاع بني املعني باألمر وبني الدولة – امللك اخلاص ‪ ،‬حول ما إن كان الشراء‬
‫املتمسك به من قبل املعني باألمر حقيقيا أو صوريا؛ وكان من املعلوم أيضا أن حسم مثل‬
‫هذه النزاعات يعرض أوال على اللجنة الثالثية احملدثة لهذا الغرض‪ ،‬التي يكون مقرها‬
‫باملديرية العامة للمحافظة على األمالك العقارية (التي صارت اآلن «الوكالة الوطنية‬
‫للمحافظة على األمالك العقارية») فتقوم هذه اللجنة بدراسة وثائق املعني باألمر وإبداء‬
‫رأيها‪ ،‬سلبا أو إيجابا‪ ،‬في طلبه؛ وعندما يكون رأيها إيجابيا لصالح املعني باألمر‪ ،‬تتم‬
‫تسوية وضعيته بالنسبة للعقار املعني عن طريق تفويته إليه من قبل الدولة ‪ -‬امللك اخلاص‪،‬‬
‫إما بثمن رمزي (‪ 10‬دراهم مثال) أو بثمن متواضع ال مجال ملقارنته بالثمن احلقيقي للعقار‬
‫املسترجع في سوق العقار‪ ،‬وذلك حسب ما تبديه اللجنة‪ ،‬وحسب نوع العقد الذي يربط‬
‫املعني باألمر باملالك األجنبي‪ ،‬وتاريخ ذلك العقد‪ ،‬والظروف التي أبرم فيها‪ ،‬واملبلغ الذي‬
‫بذل املعني باألمر ملالك العقار موضوع النازلة ؛ وفي مثل هذه احلال‪ ،‬التي هي إبداء اللجنة‬
‫رأيا إيجابيا لصالح حائز العقار‪ ،‬ورده إليه بثمن رمزي‪ ،‬ال يخلو‪:‬‬
‫إما أن يكون احلائز املعني شخصا واحدا‪ ،‬وهنا ال تثار أية مشكلة بشأن الشفعة‪.‬‬
‫أو يكون احلائز متعددا‪ ،‬أو يكون لألجنبي املسترجع منه العقار املعني شريكا في ذلك‬
‫العقار غير خاضع لقانون االسترجاع ‪ ،‬فينصب إجراء االسترجاع على حصة شائعة‪ ،‬وهنا‬
‫قد حتدث مشاكل‪ ،‬منها‪:‬‬
‫* أنه عندما يكون حائزوا العقار موضوع االسترجاع في نطاق ظهير‪ 2‬مارس ‪1973‬‬
‫متعددين ويتمسكون بأنهم اشتروه مجتمعني أو متفرقني من األجنبي الذي وقع استرجاعه‬
‫منه‪ ،‬وتوافق اللجنة الثالثية على طلباتهم‪ ،‬وحتيلهم على املصلحة املختصة لتسوية األمر‬
‫معهم وإرجاع جزء من العقار إلى كل واحد منهم بحسب نسب شرائه‪ ،‬فإنه عند التسوية‬
‫‪129‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫بشأن كل شخص على حدة تتم هذه التسوية عن طريق إبرام عقد تفويت بثمن رمزي أو‬
‫متواضع كما ذكر‪ ،‬فيحدث – حتما‪ -‬أن يسبق أحدهم صاحبه أو أصحابه إلى تقييد نصيبه‬
‫املسواة وضعيته‪ ،‬في احملافظة العقارية كشريك على الشياع للدولة ‪ -‬امللك اخلاص التي‬
‫تظل مالكة على الشياع لألجزاء العائدة إلى باقي األشخاص املعنيني بتسوية الوضعية‪،‬‬
‫وهنا فإنه ملا يعمد الشخص الثاني (وعند االقتضاء ‪ :‬الثالث ‪ ،‬والرابع‪ ) ..‬إلى تقييد‬
‫عقد التسوية املبرم بينه من جهته وبني الدولة – امللك اخلاص‪ ،‬قد يعمد صاحبه الذي سبقه‬
‫إلى تسوية وضعيته باحملافظة العقارية إلى مطالبته بالشفعة‪ ،‬مع أن املبلغ الذي وقعت به‬
‫التسوية قد يكون رمزيا ال يتعدى‪ 10‬درهم بينما القيمة التجارية للحصة موضوع التسوية‬
‫قد تبلغ مئات املاليني من جهة‪ ،‬وهذا زيادة على أن الشخص الذي سوى وضعيته مع‬
‫مصلحة األمالك املخزنية ‪ ،‬وصار مطلوبا بالشفعة‪ ،‬سبق أن اشترى احلصة موضوع التسوية‬
‫من األجنبي الذي استرجع منه العقار املعني‪ ،‬ودفع له في مقابل ذلك الشراء مبلغا يفوق ما‬
‫متت به التسوية مع الدولة – امللك اخلاص‪ ،‬بعشرات ورمبا مئات املرات ‪.‬‬
‫* أن مثل هذا النزاع قد يطرأ أيضا في احلالة التي يكون فيها العقار املسترجع عبارة‬
‫مجرد حصة شائعة كان ميلكها األجنبي اخلاضع إلجراء االسترجاع‪ ،‬في شركة شخص مغربي‪،‬‬
‫ال ينطبق عليه االسترجاع‪ ،‬ثم يدعي شخص ثالث (أو اشخاص متعددون) أن احلصة‬
‫املسترجة ملك له (أو لهم) فتتم نفس املسطرة أعاله للبت في منازعة من يعنيه (أو‬
‫يعنيهم) األمر‪ ،‬وعندما تتم تسوية األمر على النحو املذكور‪ ،‬رمبا يطالب شريك األجنبي‬
‫املسترجع منه‪ ،‬بشفعة األجزاء موضوع التسوية املذكورة‪ ،‬ممن متت لصاحله‪ ،‬إثر تقييد احلق‬
‫موضوع املصاحلة على الرسم العقاري‪.‬‬
‫ومثل األمرين السابقني ما يطرح األسئلة اآلتية‪:‬‬
‫أ ‪ .‬ما طبيعة التسوية التي متت بني املشتري من األجنبي‪ ،‬في نطاق الرأي اإليجابي‬
‫للجنة الثالثية املختصة للنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق ظهير ‪ 2‬مارس‪ ،1973‬وبني‬
‫الدولة ‪ -‬امللك اخلاص‪ ،‬وهل هي بيع أو مجرد تسوية؟‪.‬‬
‫ب‪ .‬إذا كانت املعاملة بيعا‪ ،‬فما هو الثمن الذي تعتبر قد أجنزت في مقابه‪ ،‬أهو مجموع‬
‫ما دفعه املعني باألمر إلى األجنبي الذي استرجع منه العقار مقابل شرائه منه‪ ،‬مضافا إليه‬
‫ما دفعه إلى الدولة ـ امللك اخلاص في نطاق مسطرة التسوية وما كلفه ذلك من مصاريف‬
‫إلى غاية صدور القرار اإليجابي اللجنة وتسوية األمر مع الدولة‪-‬امللك اخلاص‪ ،‬أو هو أحد‬
‫املبلغني فقط‪ ،‬وما هي مبررات احلل املقترح‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪130‬‬

‫ج‪ .‬هل مثل هذه املعاملة خاضعة للشفعة؟‬


‫د‪ .‬إذا كان اجلواب اإليجاب‪ ،‬فما هو املقابل الذي يجب أن يدفعه الشفيع في مقابل‬
‫استرداد احلصة املذكورة؟‪.‬‬
‫لقد سبق أن عرض مثل هذا النزاع على القضاء‪ ،‬مرارا‪ ،‬ووصل التنازع بشأنه إلى‬
‫املجلس األعلى‪ ،‬غير أن موقف املجلس كان بشأن ذلك متناقضا‪ ،‬دون حسم األمر بقرار‬
‫يصدر عن جميع الغرف؛ مع بقاء احللول املتناقضة التي أعطيت للحاالت التي عرضت على‬
‫القضاء قائمة‪ ،‬ولم يوجد لها «عالج» يضمد جراح املتضررين‪ ،‬وهكذا ‪:‬‬
‫‪ .1‬قضى في بعض مثل املعامالت املذكورة بأنها بيع قابل للشفعة‪ ،‬وأن الثمن الذي‬
‫يجب على الشفيع أن يدفعه للمشفوع منه هو خصوص ما بذله املشفوع منه للدولة ـ امللك‬
‫اخلاص (ولو كان رمزيا)‪ ،‬دون ما بذله لألجنبي املالك السابق للعقار؛ وقد أسس املجلس‬
‫األعلى هذا املوقف على أن عقد التفويت املقيد باحملافظة العقارية هو وحده الذي يجب أخذه‬
‫بعني االعتبار فيما يخص الثمن الذي يجب أن تتم به الشفعة‪ ،‬لكون ذلك البيع يكتسب‬
‫احلجية في أشخاصه وفي سائر عناصره األخرى مبا في ذلك الثمن‪ ،‬ومن أمثلة هذا التوجه‬
‫قرار املجلس األعلى عدد ‪ 4754‬الصادر يوم ‪ 98/07/15‬في امللف املدني‪،97/3485‬‬
‫الذي علل بأن «احملكمة كانت على صواب عندما اعتمدت في قضائها بالشفعة على عقد‬
‫البيع املسجل على الرسم العقاري بتاريخ ‪ ،87/04/28‬ولم تعتد بعقد البيع املؤرخ في سنة‬
‫‪ 1960‬لعدم تسجيله على الرسم العقاري»‪.‬‬
‫علما بأن هذا القرار محل طعن بإعادة النظر من قبل املشفوع منهم‪ ،‬بناء على أسباب‬
‫منها أن قرار املجلس األعلى موضوع الطعن بإعادة النظر لم يجب على جملة من الدفوع‬
‫التي تضمنتها أسباب النقض وال سيما ما متسك به طالب النقض بأنهم دفعوا الثمن‬
‫احلقيقي للعقار موضوع النازلة ملالكه األجنبي قبل أن يتم استرجاعه منه وأن ما بذلوه‬
‫للدولة – امللك اخلاص‪ ،‬لم يكن إال تكملة لتصفية املعاملة معها‪ ،‬لغير أن املجلس األعلى‬
‫رفض الطلب املذكور بعلة أن «املراد بانعدام التعليل كسبب من أسباب إعادة النظر في‬
‫قرارات املجلس األعلى هو انعدامه باملرة‪ ،‬الكما ورد في السبب املعتمد في الطلب»‪ ،‬وذلك‬
‫بقراره عدد ‪ 1968‬الصادر يوم ‪ 2000/05/10‬في امللف املدني ‪.99/4/1/603‬‬
‫‪ .2‬بينما قضي في قضايا مشابهة بعدم االستجابة لطلب الشفعة‪ ،‬بعلة أن ما يبذل‬
‫للدولة – امللك اخلاص في مثل املعاملة السابقة ليس ثمنا‪ ،‬ومن أمثلة القرارات الصادرة‬
‫في هذا االجتاه قرار املجلس األعلى عدد‪ 1340‬الصادر يوم ‪ 04/04/08‬في امللف املدني‬
‫‪131‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫‪ ،01/4/1/1166‬الذي بني على علة لم يثرها األطراف ولم يشيروا إليها‪ ،‬وإمنا أثارها‬
‫املجلس األعلى تلقائيا‪ ،‬وقال فيها «يتجلى من عقد التفويت موضوع طلب الشفعة ومن‬
‫مقال الطالبة نفسها أنهما نصا على أن الثمن الرمزي هو ‪ 10‬دراهم في مقابل تفويت الدولة‬
‫املغربية (امللك اخلاص) جلميع واجبها في العقار موضوع الدعوى‪ ،‬وفي عقارات أخرى‪،‬‬
‫وبذلك فإن العقد هو تبرع ال شفعة فيه‪ ،‬وأن هذه العلة القانونية الصحيحة املستمدة من‬
‫الوقائع الثابتة لقضاة املوضوع تؤدي إلى نفس منطوق القرار املطعون فيه»‪.‬‬
‫مع اإلشارة إلى هذا القرار كان بدوره محل طعن بإعادة النظر‪ ،‬استدلت فيه طالبة‬
‫إعادة النظر بقرار املجلس األعلى السالف ذكره الذي وقف موقفا معاكسا‪ ،‬غير أن املجلس‬
‫األعلى رفض طلب إعادة النظر وعلل ذلك بأن «الثابت من قرار املجلس األعلى املطعون‬
‫فيه بإعادة النظر أنه جاء معلال‪ ،‬إذ جاء فيه ما يلي» يتجلى من عقد التفويت موضوع‬
‫طلب الشفعة ومن مقال الطالبة نفسها أنهما نصا على أن الثمن الرمزي هو‪ 10‬دراهم في‬
‫مقابل تفويت الدولة املغربية (امللك اخلاص) جلميع واجبها في العقار موضوع الدعوى‪ ،‬وفي‬
‫عقارات أخرى‪ ،‬وبذلك فإن العقد هو تبرع ال شفعة فيه‪ ،‬وأن هذه العلة القانونية الصحيحة‬
‫املستمدة من الوقائع الثابتة لقضاة املوضوع تؤدي إلى نفس منطوق القرار املطعون فيه»‪،‬‬
‫والطالبة اكتفت في السبب مبجرد مناقشة ذلك التعليل والبحث في مدى مالءمته للقانون‪،‬‬
‫وهو ما ال يشكل سببا من أسباب إعادة النظر في قرارات املجلس األعلى التي ال تكون‬
‫قابلة لذلك إال في حالة عدم اجلواب باملرة على دفع أثير بعدم القبول أو عن وسيلة من‬
‫وسائل النقض أو جزء من الوسيلة» وذلك بقراره عدد ‪ 2698‬الصادر يوم ‪2007/07/25‬‬
‫في الـملف املدني ‪.05/4/1/3131‬‬
‫وجتدر اإلشارة إلى أنه سبق للمجلس األعلى أن قرر‪ ،‬وبغرفتني‪ ،‬وفي أكثر من مناسبة‪:‬‬
‫أ‪ .‬أن «ما ورد في القرار املطلوب فيه إعادة النظر من كون الشركة بني الطرفني في‪...‬‬
‫تبتدئ من سنة ‪1968‬إلى غاية سنة ‪ ،1984‬يعد فسادا في التعليل الناشئ عن حتريف‬
‫الوثائق‪ ،‬املنزل منزلة انعدام التعليل‪ .‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن اكتفاء القرار بالرد‬
‫على الوسيلة الثانية املثارة من طرف الطاعن في مذكرة طلب النقض مبجرد قوله (مما تكون‬
‫معه الوسيلتان غير مرتكزتني على أساس) يعد نقصانا في التعليل املوازي النعدامه كذلك‪،‬‬
‫مما يرض القرار املطلوب فيه إعادة النظر للرجوع فيه» (قرارعدد‪ 242‬بتاريخ ‪1984/02/15‬‬
‫في امللف‪ 80/80-‬قرارات الغرفة املدنية املتعلقة بقانون املسطرة املدنية‪ ،‬الصادر مبناسبة‬
‫الذكرى اخلمسني لتأسيس املجلس األعلى‪ ،‬ص‪. )97/91‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪132‬‬

‫ب‪« .‬إن تعليل املجلس األعلى غير السليم‪ ،‬يعتبر كانعدام التعليل يعرض قراره إلعادة‬
‫النظر‪ ...،‬والقرار املطلوب إعادة النظر فيه حينما أشار إلى ما يفيد تعدد املستأنفني يكون‬
‫قد أجاب مبا هو مخالف للواقع‪ ،‬ويعد جوابه هذا مبثابة انعدام اجلواب‪ ،‬مما يدخل في نطاق‬
‫السبب‪ ،‬ويعرض القرار املطلوب إعادة النظر فيه للتراجع فيه»( قرارعدد‪ 277‬صادر بتاريخ‬
‫‪ ،89/02/14‬عن غرفتني مجتمعتني‪ ،‬في امللف ‪ ،80/325‬املرجع السابق‪ ،‬الصحيفة‬
‫‪.)188/183‬‬
‫ومع هذا‪ ،‬فإن قراري املجلس األعلى‪ ،‬املتناقضني‪ ،‬محل هذا التعليق ذهبا مذهبا‬
‫معاكسا ‪ ،‬فيما يخص نوع وطبية التعليل الذي يجب أن تتأسس عليه قرارات املجلس‬
‫األعلى ‪.‬‬
‫وهكذا نكون‪ ،‬بالنسبة للقرارين األنفني أمام موقفني متضاربني للمجلس األعلى بشأن‬
‫نازلتني متشابهتني‪.‬‬
‫ومن أجل إثراء املناقشة في هذا املوضوع الشيق‪ ،‬والغريب في نفس الوقت‪ ،‬ننشر هنا‪:‬‬
‫نسخة من قرار املجلس األعلى عدد ‪ 4754‬مع نسخة من عريضة الطعن فيه بإعادة‬
‫النظر‪ ،‬ونسخة من قرار املجلس األعلى عدد ‪ 1968‬الصادر في شأن الطعن بإعادة النظر‬
‫املذكور‪.‬‬
‫• نسخة من قرار املجلس األعلى عدد ‪ ،1340‬املناقض للقرار‪ 4754‬املذكور آنفا‪ ،‬مع‬
‫نسخة من عريضة الطعن فيه بإعادة النظر‪ ،‬ونسخة من قرار املجلس األعلى عدد‪2698‬‬
‫الصادر في شأن الطعن بإعادة النظر ‪.‬‬
‫ونظرا لتضارب املوقفني‪ ،‬وحتقيقا لإلنصاف‪ ،‬ولتوحيد العمل القضائي‪ ،‬يجدر ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مبن له الصفة أن يستعملوا ضد القرارين الذاهبني في إحدى التوجهني سالفي الذكر‬
‫حق الطعن لفائدة القانون‪ ،‬في إطار الفصل ‪ 382‬من قانون املسطرة املدنية‪،‬‬
‫ثانيا‪ :‬على املجلس األعلى أن يغتنم أقرب فرصة لعرض مثل هذا النزاع على مجموع‬
‫غرفه لتوحيد الرأي فيه‪،‬‬
‫وها هي قرارات املجلس األعلى موضوع النازلة‪ ،‬وعرائض الطعون التي صدرت في‬
‫أعقابها‪ ،‬ضمن ست «وثائق» ‪.‬‬
‫‪133‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫الوثيقة الأوىل‪:‬‬
‫ن�ص قرار املجل�س الأعلى عدد ‪ 4754‬ال�صادر يوم ‪ 98/07/15‬يف امللف ‪.97/3485‬‬

‫املجل�س الأعلى‬
‫الغرفة املدنية‬
‫القرار عدد ‪4754‬‬
‫ال�صادر بتاريخ‪15 :‬يوليوز ‪1998‬‬
‫يف امللف عدد ‪97/3485 :‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬


‫في شأن الفرع األول من وسيلة النقض األولى‬
‫حيث يؤخذ من القرار املطعون فيه‪ ،‬ومن بقية وثائق امللف‪ ،‬أن ‪،....... ،.........‬‬
‫و‪............‬أبناء ‪ ..................‬تقدموا أمام احملكمة االبتدائية باجلديدة في‬
‫مواجهة ‪ ،.......‬و‪ ،..... ،.......‬و‪ ،..........‬أبناء ‪ ....‬مبقال يعرضون فيه أنهم‬
‫ميلكون على الشياع مع الدولة املغربية ( امللك اخلاص) النصف في العقارات اآلتية ‪)1:‬‬
‫العقار املسمى ‪ ......‬الكائن بقبيلة ‪ .......‬دائرة‪ ......‬البالغة مساحته ‪ .....‬هـ‬
‫‪.......‬س ذي الرسم العقاري عدد ‪ .......‬س‪ )2 ،‬العقار املسمى ‪ .......‬الكائن‬
‫بقرية ‪ ......‬دائرة‪ ....‬البالغة مساحته ‪......‬هـ و‪ ........‬ذي الرسم العقاري عدد‬
‫‪........‬س‪ )3 ،‬العقار املسمى ‪ ........‬الكائن بنفس عنوان العقار الثاني والبالغة‬
‫مساحته ‪ ....‬هـ ‪ .....‬أرا و ‪ .....‬س ذي الرسم العاري عدد ‪ ......‬س‪ ،‬وأن الدولة‬
‫املغربية ( امللك اخلاص ) فوتت بالبيع بواسطة مدير األمالك املخزنية النصف الذي كان‬
‫لها إلى املدعى عليهم بثمن قدره ‪ ................‬درهما حسب العقد املصحح اإلمضاء‬
‫بتاريخ ‪ .1987/4/21‬وأن املدعني رغبة منهم في استشفاع املبيع قاموا بعرض الثمن‬
‫واملصاريف على املدعى عليهم فرفضوا ذلك حسب الثابت من احملضر عدد ‪ 87/232‬مما‬
‫أدى بهم إلى إيداع املبلغ املعروض عليهم بصندوق احملكمة في احلساب رقم ‪ 1828‬حسب‬
‫التوصيل عدد ‪ 1499‬املؤرخ في ‪ 1987/4/24‬ملتمسني احلكم باستحقاقهم لشفعة النصف‬
‫املبيع من يد املدعى عليهم‪ ،‬وبإفراغهم منه ومرفقني مقالهم بثالث شهادات من احملافظة‬
‫على األمالك العقارية تتعلق بالرسوم العقارية موضوع الشفعة‪ ،‬ومبا يفيد العرض العيني‬
‫وبوصل اإليداع‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪134‬‬

‫وبعد جواب املدعى عليهم بأن التفويت مت بقرار وزير املالية بتاريخ ‪،1987/3/24‬‬
‫وبأن ‪ ......‬و‪.......................‬اشتريا بعقد مؤرخ في ‪ 60/10/26‬من املعمر‬
‫‪ ..............‬بثمن قدره ستون ألف درهم وإن ‪ ...............‬واخوته سجلوا بالرسوم‬
‫العقارية بوصفهم مستفيدين من الظهير املؤرخ في ‪ 1963/9/26‬املتعلق باألراضي‬
‫املسترجعة‪ ،‬وأن تخلي الدولة عن العقار موضوع طلب الشفعة ألصحابه الشرعيني ال يعتبر‬
‫بيعا لكون الشراء من املعمر مت منذ ‪ 27‬سنة بضعف الثمن املعروض عليهم‪ ،‬وإن الدولة لم‬
‫حتز بل تركت لهم االنتفاع به‪ ،‬ملتمسني احلكم بعدم االختصاص‪ ،‬وبعد تعقيب املدعني بأن‬
‫قرار السيد وزير املالية هو مجرد إذن للسيد مدير األمالك املخزنية بإبرام عقد مع املدعى‬
‫عليهم الذين حلوا بالرسوم العقارية محل امللك اخلاص بالدولة بناء على عقد البيع‪ ،‬وأنه‬
‫ال مجال للتشكيك في اختصاص احملكمة ومدلني بصورة لقرار استئنافي عدد ‪،673/65‬‬
‫وبعد تعقيب املدعى عليهم بأنهم اشتروا هم واملدعون العقارات موضوع طلب الشفعة‪،‬‬
‫وبعد إمتام البيع لهم تظلموا لدى اجلهات املختصة فانتهى األمر بتسوية النزاع‪ ،‬حيث تخلت‬
‫الدولة عن تنفيذ القرار االستئنافي املدلى به من طرف املدعني الشيء الذي يجعل القرار‬
‫إداريا والثمن املشار إليه في عقد البيع ما هو إال تعويض رمزي لتسوية النزاع‪ ،‬علما بأن‬
‫بيوعات الدولة تتم عن طريق املزاد العلني‪ ،‬أصدرت احملكمة حكما قضت فيه باستحقاق‬
‫املدعني لشفعة الشق املبيع املتمثل في نصف األمالك موضوع الرسوم العقارية ‪........‬‬
‫س‪........... ،‬س‪ ........ ،‬س بعلة أن التفويت للمدعى عليهم مت عن طريق عقد بيع‬
‫أبرموه مع الدولة املغربية في شخص مدير األمالك املخزنية والتي يسري عليها في هذه‬
‫احلالة القانون اخلاص كباقي األشخاص العاديني واالعتباريني وأن القرار الصادر عن وزير‬
‫املالية هو مجرد إذن موجه إلى مدير األمالك املخزنية لتمكينه من إبرام عقد البيع‪ ،‬وأن‬
‫كافة األفعال واالتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أو‬
‫االعتراف به أو تفويته أو إسقاطه ال تنتج أي أثر ولو بني األطراف إال من تاريخ التسجيل‬
‫بالرسم العقاري‪ ،‬وأن املدعني قد أثبتوا كافة العناصر والشروط للتصريح باستحقاقهم‬
‫لشفعة الشق املبيع‪ ،‬فاستانفه املدعى عليهم‪ ،‬بانني استئنافهم على أن العقار موضوع‬
‫الشفعة انتقل إليهم وإلى املستأنف عليهم مبقتضى عقد بيع واحد مؤرخ في ‪1960/10/26‬‬
‫من طرف املعمر « ‪ »......‬وأن العارضني لم يسجلوا شراءهم بالرسوم العقارية إال بتاريخ‬
‫الحق لتسجيل شراء شركائهم للتأخير الذي حصل في صدور قرار السيد وزير املالية‪ ،‬وأن‬
‫احملكمة أصدرت احلكم املستأنف في غيبة ورثة ‪ ............‬املدعى عليهم‪ ،‬وأن عبارة‬
‫التفويت التي جاءت في العقد الذي مبقتضاه متت تسوية الوضعية القانونية للعقار ال يقصد‬
‫منها البيع وأن املبلغ املشار إليه بالعقد كمقابل ال يراد منه ثمن البيع بل تعويض عن تخلي‬
‫‪135‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫األمالك املخزنية عن العقار لهم‪.‬‬


‫وبعد جواب املستأنف عليهم مبا يؤكد أقوالهم السابقة أصدرت محكمة االستئناف‬
‫باجلديدة قرارا قضت فيه بإلغاء احلكم املستأنف واحلكم تصديا برفض الطلب‬
‫بعلة أنه ثبت من العقد العرفي املؤرخ في ‪ 1960/10/26‬أن ‪.................‬‬
‫و‪.......................‬املدعى عليهم اشتريا األمالك موضوع الرسوم العقارية محل‬
‫النزاع من املعمر «‪ ».............‬بثمن قدره ستة ماليني سنتيم‪ ،‬وأنه سبق للطرف املدعى‬
‫أن قاضي الطرف املدعى عليه بتاريخ ‪ 1983/7/20‬من أجل إفراغه من الرسم العقاري‬
‫عدد ‪ ، ................‬وصدر قرار استئنافي بتاريخ ‪ 85/6/12‬امللف عدد ‪84/853‬‬
‫قضى بإفراغه من العقار املذكور‪ ،‬وعند تظلم الطرف املدعى عليه من ذلك صدر كتاب‬
‫من مدير األمالك املخزنية إلى رئيس دائرة األمالك املخزنية جاء فيه‪ :‬أن الدولة هي التي‬
‫سمحت ‪ ( ................‬املدعى عليه) بأن يستغل واجبه وأنها ال جتب أن ينفذ احلكم‬
‫املشار إليه الذي ينصب على هذا الواجب بناء على طلب غير مؤسس صادر عن املالكني‬
‫على الشياع معها ‪...‬كما يتبني منه أنه يطالب بإبقاء ‪ ................‬بعني املكان‬
‫إلى حني تسوية ملفه تبعا ملوافقة اللجنة الوزارية وأنه عند تسوية وضعية الطرف املدعى‬
‫عليه مع الدولة بتاريخ ‪ 87/4/21‬طالبه الطرف املدعي بشفعة األرض محل النزاع‪ ،‬وأن‬
‫أوراق امللف وخاصة األحكام الصادرة في املوضوع بني الطرفني تفيد أن الدولة لم حتز امللك‬
‫موضوع الدعوى‪ .‬وأن ما تقاضته مقابل تسوية الوضعية مع املدعى عليهم ال يعدو أن‬
‫يكون مجرد تعويض رمزي ال عن تفويت‪ ،‬إذا التفويت وقع مبقتضى العقد العرفي املؤرخ في‬
‫‪ 1960/10/26‬بالنسبة لطالبي الشفعة وبالنسبة للمطلوب ضدهم‪ ،‬وأن كل واحد من الطرفني‬
‫أصبح مالكا للعقار املدعى فيه حسب حصته املفرزة مما يجعل طلب الشفعة غير وجيه‪،‬‬
‫واحلكم املستأنف في غير محله مما يتعني الغاؤه واحلكم برفض الطلب‪ ،‬فطعن املستأنف‬
‫عليهم في القرار املذكور بالنقض فأصدر املجلس األعلى بتاريخ ‪ 1995/10/25‬قرار حتت‬
‫عدد ‪ 5446‬قضى فيه بالنقض بعلة أن الثابت من وثائق امللف أن الدولة استرجعت في‬
‫إطار الظهير الشريف املؤرخ في ‪ 2/3/1973‬احلقوق املشاعة احملددة في ثالثة أجزاء من‬
‫أصل ستة أجزاء من العقارات ذات الرسوم العقارية عدد ‪ ...........‬وعدد ‪...........‬‬
‫وعدد ‪ .................‬والتي كانت على ملك ( ‪ ).................‬والتي كان‬
‫قد باعها ‪ ...............................‬الذي سمحت له الدولة باستغالل األجزاء‬
‫املذكورة إلى أن فوتتها له مبقتضى عقد عرفي مؤرخ في ‪ 1987/4/21‬مقابل ثمن قدره‬
‫‪ .....................‬درهما سجل على الرسوم العقارية بتاريخ ‪ ،1987/4/28‬ولذلك‬
‫فإن احملكمة عندما اعتمدت على عقد البيع الصادر من ‪ ............‬رغم أن الدولة‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪136‬‬

‫استرجعت منه ما كان ميلكه من حقوق وسجلتها باسمها في الرسوم العقارية ثم فوتتها‬
‫للطالبني لم تعلل قرارا تعليال صحيحا ولم جتعل ملا قضت به أساسا صحيحا من القانون‬
‫األمر الذي يعرض القرار املطعون فيه للنقض‪.‬‬
‫وبعد إحالة القضية على محكمة االستئناف باجلديدة وتأكيد كل طرف ألقواله ومستنداته‬
‫أصدرت احملكمة بتاريخ ‪ 1997/3/11‬قرارا حتت عدد ‪ 97/56‬في القضية العقارية ذات‬
‫العدد ‪ 96/1737‬قضت فيه بتأييد احلكم املستأنف بعلة أن العبرة في ظل العقار احملفظ‬
‫باحلقوق العينية املسجلة به‪ ،‬بحيث أن كل حق عيني أو كل حق خاضع للتسجيل غير معلن‬
‫عنه بصحيفه الرسم العقاري ال يعتبر موجودا حتى بني طرفيه‪ ،‬وأن املدعني مسجلون كمالك‬
‫بنسبة النصف في الرسوم العقارية موضوع النزاع في شركة امللك اخلاص للدولة حسب شواهد‬
‫احملافظ املدرجة في امللف‪ ،‬وأن امللك اخلاص في شخص ممثله فوت حقه املشاع وهو النصف‬
‫للمدعى عليهم مبقتضى عقد عرفي مؤرخ في ‪ 87/4/21‬سجل بالرسوم العقارية بتاريخ‬
‫‪ ،87/4/28‬وأن املدعني باشروا إجراءات الشفعة من عرض ثمن البيع ومصروفات العقد‪،‬‬
‫وإيداع ذلك بصندوق احملكمة داخل أجل السنة حسب الوصل عدد ‪ 1499‬ضد مشترين‬
‫لم يكن لهم حق عيني مسجل على العقارات املذكورة حتى يقال بأنهم مالكون قبل البائع‬
‫لهم أي (امللك اخلاص)‪ ،‬بل الثابت أن تقييدهم بالرسوم العقارية املذكورة بسبب البيع املراد‬
‫شفعته وهو تصرف عوضي ال مجرد استدراك أو تعويض بدليل صياغة عقد البيع نفسه‪،‬‬
‫وبالتالي فإن ما قضى به احلكم املستأنف جاء في مركزه القانوني ويتعني التصريح بتأييده‪،‬‬
‫وهو املطلوب نقضه‪.‬‬
‫وحيث يعيب الطاعنون القرار املذكور بخرق قاعدة مسطرية أضر بأحد األطراف خرق‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 335‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬ذلك أن الفصل املذكور ينص على أنه‬
‫إذا اعتبر املستشار املقرر القضية جاهزة للحكم فيها أصدر أمرا بتخليه عنها‪ ،‬وحدد تاريخ‬
‫اجللسة التي تدرج فيها القضية ويبلغ هذا األمر لألطراف‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬حيث أن عدم إصدار األمر بالتخلي يترك الباب مفتوحا لألطراف لإلدالء مبا قد‬
‫يكون لديهم من حجج ووسائل وهذا في مصلحتهم‪ ،‬لذلك فالوسيلة غير جديرة باالعتبار‪.‬‬
‫وفي شأن الفرع الثاني من نفس الوسيلة املتخذ من خرق مقتضيات الفصل ‪ 342‬من‬
‫قانون املسطرة املدنية‪ ،‬ذلك أن الفصل املذكور يوجب على املستشار املقرر حترير تقرير في‬
‫كل قضية أجري فيها بحث أو حتقيق‪ ،‬مع وجوب تالوته‪ ،‬مبجرد النداء على القضية ما عد‬
‫إذا اعفي من ذلك من طرف الرئيس وعدم معاوضة األطراف‪ ،‬غير أنه بالرجوع إلى وثائق‬
‫امللف ال جند من بينها التقرير املكتوب الذي يجب أن يكون مستقال عن القرار املطلوب‬
‫‪137‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫نقضه رغم أن هذا األخير يشير إلى وجوده‪.‬‬


‫لكن‪ ،‬حيث إن إشارة القرار املطعون فيه لعدم تالوة املستشار املقرر لتقريره يفيد وجوده‪،‬‬
‫فالفرع من الوسيلة بذلك غير جدير باالعتبار‪.‬‬
‫وفي شأن الوسيلة الثانية املتخذة من عدم ارتكاز القرار املطعون فيه على أساس ذلك أن‬
‫القرار املطعون فيه اعتمد في قضائه بالشفعة على أن احلقوق املطلوب شفعتها مت تفويتها‬
‫بتاريخ ‪ 21/4/1987‬في حني أن الطاعنني ميلكون املطلوب شفعته منذ سنة ‪ 1960‬أي أثر‬
‫شرائهم له مبعية املطلوبني من مالكه األول املعمر «اندري» ومنذ ذلك التاريخ وهو يتصرفون‬
‫إلى جانب املطلوبني‪ ،‬وبالتالي فال وجود ألي ضرر حاصل أو محتمل مما ينفي الغاية التي‬
‫من أجلها شرعت الشفعة وأن الذي يبرر أن البيع أجنز سنة ‪ 1962‬الثمن الزهيد املنصوص‬
‫عليه في بيع ‪ 1987‬مما يضفي عليه صيغة التعويض فقط‪..‬‬
‫لكن‪ ،‬حيث يتجلى من القرار املطعون فيه‪ ،‬ومن بقية وثائق امللف أن العقار موضوع‬
‫الدعوى هو عقار محفظ‪ ،‬ولذلك فإن احملكمة كانت على صواب عندما اعتمدت في‬
‫قضائها بالشفعة على عقد البيع املسجل على الرسوم العقارية بتاريخ ‪ 1987/4/28‬ولم‬
‫تعتد بعقد البيع املؤرخ في سنة ‪ 1960‬لعدم تسجيله على الرسوم العقارية املذكورة ولذلك‬
‫فالوسيلة غير جديرة باالعتبار‪.‬‬
‫وفي شأن الوسيلة الثالثة املتخذة من نقصان التعليل املوازي النعدامه‪ ،‬ذلك أن القرار‬
‫املطعون فيه لم يجب مبا فيه الكفاية على دفوع العارضني وملتمساتهم‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬حيث أن الوسيلة لم تبني ماهية الدفوع وامللتمسات التي أثاروها أمام محكمة‬
‫املوضوع ولم جتب عنها‪ ،‬األمر الذي تكون معه الوسيلة غامضة وبالتالي غير مقبولة‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫قضى املجلس األعلى برفض الطلب وبتحميل أصحابه الصائر‬
‫وبه صدر القرار وتلي باجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة اجللسات‬
‫العادية باملجلس األعلى بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة احلاكمة متركبة من السيد رئيس الغرفة‬
‫أبو مسلم احلطاب رئيسا واملستشارين السادة ‪ :‬حمادي أعالم مقررا ومحمد النوينو ومحمد‬
‫اعمرشا وعبد السالم البركي أعضاء ‪ ،‬ومبحضر احملامي العام السيد عبد السالم حسي‬
‫رحو ومبساعدة كاتب الضبط السيد عبيدي حمان‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪138‬‬

‫الوثيقة الثانية‪:‬‬
‫ن�ص عري�ضة الطعن ب�إعادة النظر يف القرار املذكور‪.‬‬

‫عريضة من أجل طلب إعادة النظر في قرار املجلس األعلى عدد ‪ 4754‬الصادر يوم‬
‫‪ 98/7/15‬في امللف املدني عدد ‪.97/3485‬‬
‫لفائدة‪ :‬السادة ‪............................................................‬‬
‫وورثة شقيقهم املرحوم ‪ ،.................................................‬وهم‪:‬‬
‫أوالده‪................................................................... :‬‬
‫الساكنني جميعا ‪...........................................................‬‬

‫األستاذان اليطفتي والقدوري‪ ،‬احملاميان بالرباط‬


‫ضد ‪:‬السادة‪............................................................. :‬‬
‫الساكنني جميعا ‪.........................................................‬‬
‫السيد الرئيس األول للمجلس األعلى‪،‬‬
‫السادة رؤساء الغرف واملستشارين الذين يتكون منهم املجلس املوقر‪.‬‬
‫أنهم بواسطة هذه العريضة يطلبون إعادة النظر في قرار املجلس األعلى عدد ‪4754‬‬
‫الصادر يوم ‪ 98/7/15‬في امللف ‪ 3458‬القاضي برفض طلبهم الرامي إلى نقض القرار‬
‫الصادر عن محكمة االستئناف باجلديدة بتاريخ ‪ 97/3/11‬في امللف العقاري ‪1737 /3/96‬‬
‫القاضي بتأييد حكم ابتدائية اجلديدة الصادر يوم ‪ 89/3/30‬في امللف العقاري ‪214/87‬‬
‫فيما قضى به من استحقاق املطلوبني في إعادة النظر لشفعة األجزاء التي اشتراها‬
‫طالبوا إعادة النظر في العقارات ذوات الرسوم العقارية ‪ ......................‬س و‬
‫‪ ...............................‬س و ‪ ...............................‬س‪.‬‬
‫ف�شكال‪:‬‬
‫حيث إن هذه العريضة ستقدم وفق األوضاع القانونية وترفق بوصل إيداع الضمانة‬
‫املقررة‪ ،‬األمر الذي يجعلها مقبولة شكال‪.‬‬
‫‪139‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫ومو�ضوعا‪:‬‬
‫خالصة وقائع النازلة أن األجنبي املسمى ‪ ..................‬الذي كان يقيم باملغرب‬
‫مبنطقة البير اجلديد كان ميلك ضيعة فالحية مساحتها ‪ 62‬آر و‪ 8‬سنتيار متكونة من ثالث‬
‫رسوم عقارية هي الرسم العقاري عدد ‪ 11198‬س املسمى ‪ ............‬ومساحته ‪ 36‬هـ‬
‫و‪ 8‬س‪ ،‬والرسم العقاري عدد ‪.......‬املسمى ‪ ...........‬ومساحته ‪ 8‬هكتار و ‪ 56‬آر و‬
‫‪ 20‬سنتيار‪ ،‬والرسم العقاري عدد ‪ .....‬س املسمى ‪ .....‬ومساحته ‪ 18‬هكتار و ‪ 92‬آر‪.‬‬
‫وأنه مبوجب عقد عرفي مؤرخ في ‪ 60/10/26‬باع األجنبي املذكور ملوروث العارضني‬
‫‪ ......‬نصف العقار موضوع الرسوم العقارية املذكورة أعاله على الشياع‪ ،‬وسلم له‬
‫احلصة املبيعة‪.‬‬
‫ومبوجب عقد مماثل وبنفس التاريخ باع األجنبي املذكور النصف اآلخر من العقار‬
‫املذكور للمطلوبني في إعادة النظر ‪ .......‬و‪........‬أوالد ‪ ..........‬وسلم لهما‬
‫احلصة املبيعة أيضا‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬أصبحت مجموع العقارات موضوع الرسوم العقارية ‪..................‬س و‬
‫‪ ....................‬و ‪ ................‬س املشار إليها أعاله في حيازة املشترين‪:‬‬
‫موروث العارضني املرحوم ‪ ،................‬واملطلوبني ‪............................‬‬
‫‪...............‬؛ وذلك بنسبة النصف لألول والربع لكل واحد من الثاني والثالث‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد وقع االتفاق في عقدي البيع األولني على أن يتم العقد النهائي ويؤدي كامل‬
‫الثمن قبل يوم ‪ 1961/11/5‬وهو ما مت بالفعل‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬أصبح املشترون املذكورون كل فيما يخصه مالكني من الوجهة الفعلية للعقار‬
‫املشار إليه‪ :‬النصف ملوروث العارضني ‪ ،...................‬والنص اآلخر للمشتريني‬
‫اآلخرين ‪ ..................‬مناصفة بينهما‪.‬‬
‫وقد حدث أن قيد املشتريان ‪ .........‬و‪...................‬شراءهما على الرسوم‬
‫العقارية املذكورة ونقلت احلظوظ املشتراة من قبلهما وهي النصف في كافة العقارات إلى‬
‫اسمهما في احملافظة العقارية‪.‬‬
‫في حني‪ ،‬أنه بسبب بطء اإلجراءات اإلدارية تأخر تقييد شراء موروث الطالينب‬
‫‪ ،.................‬وكان أن صدر ظهير املغربة فتم استرجاع احلظوظ املبيعة للمعني‬
‫باألمر وتقييدها في اسم الدولة تطبيقا لظهير ‪ 2‬مارس ‪.1972‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪140‬‬

‫وملا كان املشتري املذكور هو احلائز لنصف العقارات املعنية وهو املالك لها مبقتضى‬
‫الشراء املذكور وليس األجنبي الذي شطب عليه من احملافظة العقارية مبوجب ظهير ‪ 2‬مارس‬
‫‪ ،1973‬فإنه قد أذن ملوروث العارضني في البقاء في األجزاء التي اشتراها ومواصلة حيازها‬
‫إلى حني البت من قبل اللجنة الثالثية املختصة في أمر شرائه وفق املسطرة املتبعة في هذا‬
‫الشأن واجلاري بها العمل في مثل هذه النوازل‪.‬‬
‫ذلك أنه من املعروف أن املغاربة الذين وجدوا إثر تطبيق ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬حائزين‬
‫لعقارات أو حقوق عقارية مسجلة في أسماء أجانب وادعوا شراء تلك احلقوق من أولئك‬
‫األجانب وعرضت النزاعات الناجمة عن أشريتهم على اللجنة الثالثية املكونة من وزير‬
‫املالية ووزير الفالحة ووزير الداخلية التي يرأسها مدير احملافظة العامة‪ ،‬والتي تتولى دراسة‬
‫وضعية املعنيني باألمر وما يستدلون به من وثائق وحجج‪ ،‬فمن تبني منهم أنه اشترى فعال‬
‫من املالك األجنبي وأدى له الثمن قبل صدور ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬اعترف له بشرائه‪،‬‬
‫وأعيد إليه العقار املعني ( وغالبا ما تتم هذه اإلعادة عن طريق بيع رمزي تبرمه معه مديرية‬
‫األمالك املخزنية)‪ ،‬أم من تبني أنه لم يشتر وإمنا كان حائزا فقط أو أنه اشترى ولكنه لم يؤد‬
‫الثمن فيرفض طلبه ويخرج من العقار‪.‬‬
‫ثم إنه بالنسبة للذين اعترف بأشريتهم تقرر أن وسيلة رد احلقوق العقارية التي اشتروها‬
‫إليهم وتقييدها بأسمائهم هي أن تبرم معهم الدولة املغربية عقود بيع رمزية‪.‬‬
‫ذلك أنه ملا كان التشطيب على األجانب املالكني من قبل ثم مبوجب ظهير فإن إعادة‬
‫العقار إلى املغربي الذي اشتراه من ذلك األجنبي قبل تاريخ االسترجاع ولم يقيد شراءه‬
‫أصبح يتطلب من الوجهة احلقوقية إصدار ظهير بإلغاء عملية االسترجاع ليعود العقار إلى‬
‫ملكية األجنبي من جديد ثم ينقل من ملكية األجنبي إلى ملكية املغربي املشتري‪ ،‬عن‬
‫طريق عقد الشراء املعترف به احتراما لتسلسل األشرية‪ ،‬إال أن هذه الطريقة طويلة وسلوكها‬
‫صعب‪ ،‬ولذلك قررت اإلدارة أن يتم بالنسبة ملن قبلت أشريتهم أن تبرم معهم الدولة التي‬
‫أصبحت مالكة عقود بيع بأثمان رمزية ليتمكنوا من استرجاع ملكية ما سبق أن اشتروه من‬
‫األجنبي قبل صدور قانون املغربة‪.‬‬
‫وقد كانت هذه هي وضعية املشتري ‪ ..........................‬موروث الطالبني إذ‬
‫أن اللجنة املختصة وجدت أن شراءه من األجنبي لنصف العقار موضوع هذه الدعوى هو‬
‫شراء قائم وبناء على ذلك أبرمت معه الدولة املغربية عقد بيع رمزي استعاد مبوجبه ملكية‬
‫نفس العقارات موضوع النزاع‪.‬‬
‫‪141‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫غير أنه حصل ما لم يكن باحلسبان‪ ،‬ذلك أن املطلوبني في إعادة النظر الذين لم تختلف‬
‫وضعيتهم عن وضعية ‪ ...................‬إال من حيث أن هذا األخير لم يتمكن من‬
‫إدراج شرائه إال بعد تطبيق الظهير املذكور‪ ،‬وعن طريق إبرام عقد رمزي مع الدولة املغربية‬
‫بعد دراسة وموافقة اللجنة الثالثية املذكورة كما سبق‪ ،‬قلت حدث ما لم يكن باحلسبان‪ ،‬إذ‬
‫أن املطلوبني طلبا شفعة احلظوظ التي قيدت في اسم ورثة ‪ ................‬بناء على أن‬
‫ثمن شرائها من قبله هو الوارد بالعقد املبرم بينه وبني الدولة املغربية امللك اخلاص‪ ،‬واحلال‬
‫أن الشراء احلقيقي هو الذي أبرمه املعني باألمر مع األجنبي الذي اشترى منه طالبوا الشفعة‬
‫بدوره ما هو مبلكيتهم‪.‬‬
‫وبعد جواب املدعى عليهم بأن التفويت مت مبقتضى عقد إداري هو الصادر على إثر‬
‫الرأي اإليجابي الذي أبدته اللجنة الثالثية املختصة للنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق‬
‫ظهير ‪ 2‬مارس ‪ ،1973‬وأن الوثيقة املبرمة مع الدولة املغربية‪ -‬للملك اخلاص‪ ،‬فما هي إال‬
‫وسيلة شكلية فقط السترجاع املشترى ما اشتراه من األجنبي‪ ،‬ألن العمل جرى على إبرام‬
‫مثل هذا البيع الرمزي من أجل الوصول إلى تقييد احلقوق موضوع النزاع اإلداري في‬
‫ملكية املشترين من األجانب‪ ،‬بعد أن تكون اللجنة املختصة قررت قبول أشريتهم‪ ،‬أصدرت‬
‫احملكمة االبتدائية باجلديدة يوم ‪ 30‬مارس ‪ 1989‬حكمها في امللف ‪ 87/4‬باملصادقة على‬
‫العروض العينية وباستحقاق املدعني لشفعة املبيع املتمثل في نصف مجموع العقارات‬
‫موضوع الرسوم العقارية ‪ ..........‬س و ‪.............‬س و ‪ ................‬س‬
‫املشار إليها‪.‬‬
‫وبعد استئناف اجلانب احملكوم عليه للحكم املذكور وإثارته أن العقد موضوع الشفعة‬
‫ليس هو سبب التملك بل إن سبب التملك هو العقد العرفي املبرم يوم ‪ 1960/10/26‬بينه‬
‫وبني املالك األجنبي للعقار موضوع النزاع‪ ،‬وكذا القرار اإلداري الصادر على إثر إبداء اللجنة‬
‫الثالثية املذكورة رأيها اإليجابي الذي كان سببا في إبرام العقد املؤرخ في ‪1989/4/21‬‬
‫أصدرت محكمة االستئناف باجلديدة يوم ‪ 98/1/8‬حكمها في امللف ‪ ،90/212/3‬وعن‬
‫صواب‪ ،‬بإلغاء احلكم املستأنف واحلكم تصديا برفض الطلب وذلك بعلة أن ما تقاضته‬
‫الدولة من املطلوب منهم الشفعة إمنا هو مقابل لتسوية الوضعية معهم كتعويض رمزي وال‬
‫يعبر عن الثمن الوارد في العقد العرفي املؤرخ في ‪.1960/10/26‬‬
‫فطعن املطلوبون في إعادة النظر في هذا القرار االستئنافي بالنقض‪ ،‬فنقضه املجلس‬
‫األعلى مبقتضى قراره الصادر يوم ‪ 95/10/25‬في امللف املدني عدد ‪ 92/2554‬وأحال‬
‫القضية من جديد على نفس احملكمة لتبت فيها من جديد طبقا للقانون‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪142‬‬

‫وبعد اإلحالة متسك طالبوا إعادة النظر مبا سبق أن أثاروه من أن سبب متلكهم للحظوظ‬
‫موضوع طلب الشفعة هو العقد العرفي املبرم مع األجنبي‪ ،‬وكذا القرار اإلداري والبيع‬
‫الرمزي الذي أبرم بينهم وبني الدولة املغربية‪ ،‬وأن ما بذلوه في ذلك هو مجموع ما دفعوه‬
‫لألجنبي وما دفعوه للدولة املغربية واملصاريف التابعة لذلك‪،‬وليس هو مجرد الثمن الرمزي‬
‫الوارد بالعقد املشفوع‪ ،‬غير أن محكمة االستئناف باجلديدة لم تتفهم موقفهم وأصدرت يوم‬
‫‪ 97/3/11‬قرارها في امللف ‪ 96/1737/3‬بتأييد احلكم املستأنف‪.‬‬
‫فطعن الطالبون في هذا القرار االستئنافي األخير بالنقض ناعني عليه خرق القانون‬
‫وعدم االرتكاز على أساس لكون الثمن الوارد في العقد املطلوبة ضد الشفعة ليس هو‬
‫ثمن الشراء‪ ،‬إال أن املجلس األعلى رفض طلبهم مبقتضى قراره عدد ‪ 4754‬الصادر يوم‬
‫‪ 98/7/15‬في امللف ‪ ،97/3485‬وهذا هو القرار املطلوب إعادة النظر فيه‪.‬‬

‫�أ�سباب طلب �إعادة النظر‪:‬‬


‫يثير طالب إعادة النظر طعنا في القرار املطلوب إعادة النظر فيه سببا وحيدا‪،‬هو‬
‫مخالفته ملقتضيات الفصلني ‪ 375‬و ‪ 379‬من قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫‪143‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫الوثيقة الثالثة ‪:‬‬


‫ن�ص قرار املجل�س الأعلى عدد ‪ 1968‬ال�صادر يوم ‪ 00/05/10‬يف امللف ‪99/4/1/603‬‬

‫املجل�س الأعلى‬
‫الغرفة املدنية ( الق�سم الرابع)‬
‫القرار عدد ‪1968‬‬
‫ال�صادر بتاريخ‪ 10 :‬ماي ‪2000‬‬
‫يف امللف عدد ‪99/1/603 :‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬


‫حيث يستفاد من أوراق امللف‪ ،‬ومن القرار املطلوب إعادة النظر فيه الصادر عن املجلس‬
‫األعلى بتاريخ ‪ 1998/7/15‬في امللف املدني عدد ‪ 97/3485‬أن ‪ ،......‬و‪،......‬‬
‫و‪ ،.....‬أبناء ‪ ،........‬و‪ ...............‬و‪ ..........‬و‪ ،.........‬أبناء ‪......‬‬
‫مبقال يعرضون فيه أنهم ميلكون على الشياع مع الدولة املغربية ( امللك اخلاص) النصف‬
‫في العقارات اآلتية‪ )1 :‬العقار املسمى « ‪ ».......‬الكائن بقبيلة هشتوكة دائرة أزمور‪،‬‬
‫مساحته ‪.....‬هـ و ‪ .....‬س‪ ،‬رسمه العقاري عدد ‪ ..........‬س‪ )2 .‬العقار املسمى‬
‫«‪ »........‬الكائن بقرية ‪ ...........‬دائرة ازمور‪ ،‬مساحته ‪ .....‬هـ و ‪ .....‬أرا‬
‫رسمه العقاري عدد ‪ ......‬س‪ )3 .‬العقار املسمى «‪ ».......‬الكائن بنفس عنوان العقار‬
‫الثاني‪ ،‬مساحته ‪ ..‬هـ و‪ ...‬أرا و ‪ .....‬س رسمه العقاري عدد ‪ .......‬س‪ ،‬وأن شريكتهم‬
‫الدولة املغربية ( امللك اخلاص) فوتت بالبيع بواسطة مدير األمالك املخزنية النصف الذي في‬
‫ملكيتها إلى املدعى عليهم بثمن قدره ‪ ............‬درهما حسب العقد العرفي املؤرخ‬
‫في ‪ ،1987/4/21‬وأن املدعني رغبة منهم في استشفاع املبيع سلكوا مسطرة العرض‬
‫العيني واإليداع ملتمسني احلكم باستحقاقهم شفعة النصف املبيع سلكوا مسطرة العرض‬
‫العيني واإليداع ملتمسني احلكم باستحقاقهم شفعة النصف املبيع مع يد املدعى عليهم‬
‫وبإفراغهم منه‪ ،‬ومرفقني مقالهم بثالث شهادات من احملافظة على األمالك العقارية تتعلق‬
‫بالرسوم العقارية موضوع الشفعة ومحضر العرض عدد ‪ 87/232‬والوصل عدد ‪.1499‬‬
‫وبعد جواب املدعى عليهم بأن التفويت مت بقرار من وزير املالية بتاريخ ‪،24/3/1987‬‬
‫وبأن ‪ ........‬و‪ .......‬ابني ‪ ........‬اشتريا بعقد مؤرخ في ‪ 60/10/26‬مـــن الـمعمــر‬
‫«‪ ».......‬بثمن قدره ستون ألف درهم‪ ،‬وأنهم سجلوا بالرسوم العقارية بوصفهم مستفيدين‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪144‬‬

‫من الظهير املؤرخ في ‪ 1963/9/26‬املتعلق باألراضي املسترجعة‪ ،‬وأن تخلي الدولة عن‬
‫العقارات موضوع الشفعة ألصحابها الشرعيني ال يعتبر بيعا لكون الشراء من املعمر مت مند‬
‫‪ 27‬سنة بضعف الثمن املعروض عليهم‪ ،‬وبعد تعقيب الطرفني أصدرت احملكمة حكما قضت‬
‫فيه باستحقاق املدعني املدعى فيه شفعة‪ ،‬بعلة أن التفويت للمدعى عليهم مت عن طريق‬
‫عقد بيع أبرموه مع الدولة املغربية في شخص مدير األمالك املخزنية والتي يسري عليها في‬
‫هذه احلالة القانون اخلاص كباقي األشخاص العاديني واالعتباريني‪ ،‬و أن القرار الصادر عن‬
‫وزير املالية هو مجرد إذن موجه إلى مدير األمالك املخزنية لتمكينه من إبرام عقد البيع‪،‬‬
‫وأن كافة األفعال واالتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أو‬
‫اإلعتراف به أو تفويته أو إسقاطه ال تنتج أي أثر ولو بني األطرف‪ ،‬إال من تاريخ التسجيل‬
‫بالرسم العقاري‪ ،‬وأن املدعني قد أثبتوا كافة العناصر والشروط للتصريح باستحقاقهم لشفعة‬
‫الشق املبيع‪ ،‬وبعد استئناف هذا احلكم الغته محكمة االستئناف وحكمت برفض الطلب‬
‫بعلة أنه ثبت من العقد العرفي املؤرخ في ‪ 1960/10/26‬أن ‪.....................‬‬
‫و‪ ....................‬املدعى عليهما اشتريا العقارات موضوع الرسوم العقارية محل‬
‫النزاع من املعمر ‪ ......‬بثمن قدره ستة ماليني سنتيم‪ ،‬وأنه سبق للطرف املدعي أن‬
‫قاضي الطرف املدعى عليه بتاريخ ‪ 1983/7/20‬من أجل إفراغه من الرسم العقاري‬
‫عدد ‪ ، .............‬وصدر قرار استئنافي بتاريخ ‪ 1985/6/12‬في امللف املدني عدد‬
‫‪ 853/84‬قضى بإفراغه من العقار املذكور‪ ،‬وعند تظلم الطرف املدعى عليه من ذلك ‪ ،‬صدر‬
‫كتاب من مدير األمالك املخزنية إلى رئيس دائرة األمالك املخزنية جاء فيه‪ :‬أن الدولة هي‬
‫التي سمحت ‪ ( ..................‬املدعى عليه) باستغالل واجبها وأنها ال حتبد أن ينفذ‬
‫احلكم املشار إليه والذي ينصب على هذا الواجب بناء على طلب غير مؤسس صادر عن‬
‫املالكني على الشياع معها‪ ...‬كما يتبني منه أنه يطالب بإبقاء ‪.....................‬‬
‫بعني املكان إلى حني تسوية ملفه تبعا ملوافقة اللجنة الوزارية‪ ،‬وأنه عند تسوية وضعية‬
‫الطرف املدعى عليه من الدولة بتاريخ ‪ 87/4/21‬طالبه الطرف املدعي بشفعة األرض محل‬
‫النزاع‪ ،‬وأن أوراق امللف وخاصة األحكام الصادرة في املوضوع بني الطرفني تفيد أن الدولة‬
‫لم حتز امللك موضوع الدعوى‪ ،‬وأن ما تقاضته مقابل تسوية الوضعية مع املدعى عليهم ال‬
‫يعدو أن يكون مجرد تعويض رمزي ال عن التفويت‪ ،‬إذ التفويت وقع مبقتضى العقد العرفي‬
‫املؤرخ في ‪ 1960/10/26‬بالنسبة لطالبي الشفعة وبالنسبة للمطلوب ضدهم‪ ،‬وأن كل‬
‫واحد من الطرفني أصبح مالكا للعقار املدعى فيه‪ ،‬واحلكم املستأنف في محله مما يتعني‬
‫إلغاؤه واحلكم برفض الطلب‪ ،‬فطعن فيه بالنقض فرفض املجلس األعلى طلب النقض بعلة‬
‫‪145‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫أن احملكمة كانت على صواب عندما اعتمدت في قضائها بالشفعة على عقد البيع املسجل‬
‫على الرسوم العقارية بتاريخ ‪ 1987/4/28‬ولم تعتد بعقد البيع املؤرخ في سنة ‪ 1960‬لعدم‬
‫تسجيله على الرسوم العقارية املذكورة وهذا هو القرار املطعون فيه بإعادة النظر‪.‬‬

‫فيما يتعلق ب�سبب �إعادة النظر‬


‫حيث يعيب الطاعنون القرار املذكور بخرق الفصلني ‪ 375‬و‪ 379‬من قانون املسطرة‬
‫املدنية‪ ،‬ذلك أن القرار املطلوب إعادة النظر فيه أغفل ما أثاره العارضون بشأن مكونات‬
‫الثمن من جهة‪ ،‬واعتبر العقد املسجل بالرسوم العقارية حجة على الثمن فيه دومنا اعتداد‬
‫مبا صرفه املشتري في سبيل اكتساب العقارات موضوع الشفعة وإبرام نفس العقد من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬فإنه يكون ناقص التعليل ونقصان التعليل ينزل منزلة انعدامه‪ ،‬األمر الذي يعرضه‬
‫إلعادة النظر‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬حيث أن املراد بانعدام التعليل كسبب من أسباب إعادة النظر في قرارات‬
‫املجلس األعلى هو انعدامه باملرة ال كما ورد في السبب املعتمد في الطلب‪ ،‬فهو بذلك‬
‫غير ذي أساس‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫قضى املجلس األعلى برفض طلب إعادة النظر‪ ،‬وإبقاء الوديعة ملكا للدولة وبتحميل‬
‫أصحابه الصائر‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي باجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله‪ ،‬بقاعة اجللسات‬
‫العادية باملجلس األعلى بالرباط وكانت الهيئة احلاكمة متركبة من رئيس الغرفة السيد‬
‫محمد القري رئيسا واملستشارين السادة‪ :‬حمادي أعالم مقررا ومحمد النوينو ومحمد‬
‫اعمرشا وعبد السالم البركي أعضاء ومبحضر احملامي العام السيد العربي مريد ومبساعدة‬
‫كاتب الضبط السيد عبيدي حمان‬
‫كاتب الضبط ‪.‬‬ ‫املستشار املقرر‬ ‫الرئيس‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪146‬‬

‫الوثيقة الرابعة‪:‬‬
‫ن�ص قرار املجل�س الأعلى عدد ‪ 1340‬ال�صادر يوم ‪ 28/04/04‬يف امللف ‪01/4/1/1166‬‬

‫املجل�س الأعلى الغرفة املدنية (الق�سم الرابع)‬


‫القرار عدد ‪1340‬‬
‫ال�صادر بتاريخ‪� 28 :‬أبريل ‪2004‬‬
‫يف امللف عدد ‪01/1/1166 :‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬


‫حيث يستفاد من مستندات امللف‪ ،‬ومن القرار املطعون فيه أن الطالبة تقدمت بتاريخ‬
‫‪ 1998/3/2‬أمام احملكمة االبتدائية باجلديدة ( مركز القاضي املقيم بأزمور)‪ ،‬مبقال عرضت‬
‫فيه أنها متلك حقوقا مشاعة في العقار ذي الرسم العقاري عدد ‪ ،..............‬وأن‬
‫شريكتها على الشياع الدولة املغربية ( امللك اخلاص ) فوتت جميع واجبها بثمن رمزي قدره‬
‫‪ 10‬دراهم ‪ ......‬وورثة ‪ ..........‬مبقتضى عقد عرفي سجل على الرسم العقاري بتاريخ‬
‫‪ ،97/3/11‬وأنه رغبة منها في شفعة احلصة املبيعة قامت بالعرض العيني وباإليداع‪،‬‬
‫ملتمسة احلكم مبصادقة على العرض العيني لألخذ بالشفعة وإصدار أمر للمحافظ على‬
‫األمالك العقارية باجلديدة لتسجيل احلكم بالصك العقاري عدد ‪ ........‬وحتميل احلصص‬
‫املبيعة وإضافتها إلى حصتها والتشطيب على أسماء املدعى عليهم من الرسم العقاري‪،‬‬
‫ومدلية بشهادتني من احملافظة على األمالك العقارية وبنسخة محضر العرض العيني‬
‫وبوصل اإليداع‪.‬‬
‫وبعد جواب املدعى عليهم بأن العرض العيني لم يتم بالنسبة لورثة ‪ ...........‬إال‬
‫لواحد منهم وهو ‪ ، ...........‬حكمت احملكمة باستحقاق املدعية لشفعة املبيع من يد‬
‫املدعى عليهم‪ ،‬فاستأنفه هؤالء‪،‬وألغته محكمة االستيناف باجلديدة مبقتضى قرارها املشار‬
‫إلى مراجعه أعاله وقضت تصديا برفض الطلب‪ ،‬بعلة أن العرض العيني الذي مت على‬
‫‪ .....................‬ال يغني عن تبليغ اآلخرين‪ ،‬طاملا أن الوكالة ال تفترض فيما يضر‪،‬‬
‫وهو القرار املطعون فيه بالنقض بوسيلة فريدة‪ ،‬وقد بلغ من املطلوبني ورثة ‪.................‬‬
‫وأنذروا‪ ،‬ولم ترجع شواهد التسليم بالنسبة للمطلوب ‪ ......................‬رغم توجيه‬
‫تبليغات إليه‪.‬‬
‫‪147‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫وحيث تعيب الطاعنة القرار املذكور بعدم االرتكاز على أساس وبانعدام التعليل‪،‬‬
‫ذلك أن العرض العيني استهدف مجموع املشفوع منهم ورثة ‪....................‬‬
‫كافة ولو يستهدف أحدهم دون اآلخر كما وقف العون القضائي على محل سكناهم وخرج‬
‫منهم ‪ .........‬مصرحا بأنه ينوب عن كافة الورثة‪ ،‬وأن الكل يرفض مبلغ العرض‬
‫العيني‪ ،‬ونقل رغبتهم وموقفهم إلى العون القضائي الواقف ببابهم والقائم بالعرض‬
‫العيني عليهم وهم حاضرون سامعون ولم ينازع أحد فيما أقدم عليه ‪ .............‬من‬
‫رفضه للعرض العيني كما أن ‪ .........................‬هو القائم بشؤونهم بدليل‬
‫أنه هو الذي توصل باإلشعار بشأن إبداء الرغبة في الشفعة حسب الثابت من اإلشعار‬
‫باالستيالم املؤرخ في ‪ ،1998/3/26‬وأن األصل هو سالمة اإلجراءات حتى يقوم الدليل‬
‫على فسادها‪ ،‬وبذلك فإن الدعوى سليمة‪ ،‬وأن القرار املطعون فيه غير مرتكز على أساس‬
‫ومنعدم التعليل ووجب نقضه‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬حيث يتجلى من عقد التفويت موضوع طلب الشفعة ومن مقال الطالبة نفسها‬
‫أنهما نصا على أن الثمن الرمزي هو ‪ 10‬دراهم‪ ،‬في مقابل تفويت الدولة املغربية (امللك‬
‫اخلاص) جلميع واجبها في العقار موضوع الدعوى وفي عقارات أخرى وبذلك فإن العقد هو‬
‫تبرع ال شفعة فيه‪ ،‬وأن هذه العلة القانونية الصحيحة املستمدة من الوقائع الثابتة لقضاة‬
‫املوضوع‪ ،‬تؤدي إلى نفس منطوق القرار املطعون فيه‪ ،‬وأن الوسيلة بالتالي غير مؤسسة‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫قضى املجلس األعلى برفض الطلب وبتحميل الطالبة الصائر‬
‫وبه صدر القرار وتلي باجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة اجللسات‬
‫العادية باملجلس األعلى بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة احلاكمة متركبة من رئيس الغرفة السيد‬
‫إبراهيم بحماني رئيسا املستشارين السادة‪ :‬عبد النبي قدمي مقررا وعبد السالم البركي‬
‫وحمادي أعالم ومحمد عثماني ومبحضر احملامي العام السيد العربي مريد ومبساعدة كاتب‬
‫الضبط عبد السالم الزواغي‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪148‬‬

‫الوثيقة اخلام�سة ‪:‬‬


‫ن�ص عري�ضة الطعن ب�إعادة النظر يف القرار املذكور‪.‬‬

‫الرباط‪ ،‬في‪2005/07/27 :‬‬

‫عريضة من أجل طلب إعادة النظر في قرار صادر عن املجلس األعلى‪.‬‬


‫مع ملتمس بإحالة القضية على غرفتني‪ ،‬أو على مجموع الغرف‪.‬‬

‫لفائدة‪ ( ..... :‬األستاذ محمد القدوري‪ ،‬احملامي بالرباط )‬


‫ضــد‪.............................. :‬‬
‫بحضور‪ :‬احملافظ على األمالك العقارية باجلديدة ( الرسم العقاري‪... :‬ج )‪.‬‬
‫السيد الرئيس األول لدى املجلس األعلى ‪،‬‬
‫السادة رؤساء الغرف واملستشارين اللذين يتكون منهم املجلس املوقر‪،‬‬
‫يتشرف الطالب أن يرفع إلى سيادتكم‪:‬‬
‫أنها بواسطة هذه العريضة تطلب إعادة النظر في قرار املجلس األعلى عدد‪1340‬‬
‫الصادر يوم ‪ 04/04/23‬في امللف ‪ 01/4/1/1166‬القاضي برفض طلبها الرامي إلى‬
‫نقض قرار الغرفة الشرعية مبحكمة االستئناف باجلديدة عدد‪ 157‬الصادر يوم ‪00/07/14‬‬
‫في امللف ‪ 00/771/3‬القاضي بإلغاء حكم القاضي املقيم بآزمور عدد‪ 77‬الصادر يوم‬
‫‪ 3/06/99‬في امللف ‪ 19/98‬فيما قضى به من استحقاقها شفعة احلصة املبيعة للمطلوبني‬
‫في العقار موضوع الرسم العقاري ‪ ..........‬من طرف الدولة‪ -‬بية‪ ،‬امللك اخلاص‪ ،‬مبقتضى‬
‫عقد البيع العرفي املؤرخ في ‪ ،96/12/24‬واحلكم تصديا برفض الطلب‪.‬‬
‫ف�شكـــال‪:‬‬
‫حيث إن هذا الطعن بإعادة النظر مستوف لكافة شروطه الشكلية والقانوني ومرفق‬
‫بوصل إيداع الضمانة املقررة‪ ،‬مما يجعله مقبوال‪.‬‬
‫ومو�ضوعا‪:‬‬
‫خالصة وقائع النازلة أن الطالبة (السيدة‪ )...‬متلك نسبة شائعة مقدارها ‪...........‬‬
‫في العقار موضوع الرسم العقاري عدد‪ .................‬املدعو «‪»................‬‬
‫‪149‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫الكائن بقبيلة ‪ ......‬البالغة مساحته ‪ ...‬هكتارات و‪ ....‬آرا و‪ ...‬سنتيار‪ ،‬وذلك‬


‫إلى جانب عدد من الشركاء من ضمنهم الدولة ‪ -‬امللك اخلاص‪ ،‬التي متلك حصة شائعة‬
‫استرجعتها من أجنبي في نطاق ظهير ‪ 2‬مارس ‪.‬‬
‫وأن املطلوبني في النقض نازعوا في استرجاع الدولة – امللك اخلاص‪ ،‬للحصة التي كانت‬
‫في ملك األجنبي الذي استرجعت منه‪ ،‬وانتهت منازعتهم باالتفاق مع الدولة املغربية على‬
‫أن تبيع لهم جميع الواجبات التي استرجعتها في الرسم العقاري املذكور‪ ،‬ومت تنفيذ االتفاق‬
‫املذكور بواسطة عقد البيع العرفي احملرر في ‪ 96/12/4‬املقيد باحملافظة العقارية يوم‬
‫‪ ،97/03/11‬الذي يحمل عنوان «‪ »......‬بني الدولة املغربية امللك اخلاص وبني ( السيد‬
‫‪...‬و‪ )...‬ونص فصله األول على «تفويت الدولة امللك اخلاص باملراضاة مبقتضى هذا العقد‬
‫لفائدة (السيد ‪ ...‬و‪ )....‬مجموع العقارات موضوع الرسوم العقارية ………و‪.......‬ج…‪».‬‬
‫وأضاف فصله الثاني أنه ثم هذا التفويت مقابل ثمن رمزي قدره عشرة دراهم(‪ )10‬سدده‬
‫املشترون …‪ ،».‬وأكد فصله الثالث أنه «يعتبر املشترون عارفون (كذا بالواو) للعقارات‬
‫واحلقوق املشاعة املبيعة…»‪ ،‬وأضاف فصله الرابع أنه «يستفيد املشترون من اإلرتفاقات‬
‫اإليجابية ويتحملون اإلرتفاقات السلبية …‪ ».‬وتضمن فصله اخلامس احتفاظ الدولة مبلكية‬
‫التحف الفنية واألشياء األثرية التي ميكن العثور عليها بالعقارات واحلقوق املبيعة‪ ،‬وأكد‬
‫فصله السادس أن املشترين «ال ميكن أن يحملوا الدولة أية مسؤولية» ونص فصله السابع‬
‫على أن يقوم رئيس دائرة األمالك املخزنية بإيداع نظير من العقد باحملافظة وعلى أن يلتزم‬
‫املشترون بأن يقوموا على نفقتهم بتسجيل العقد باحملافظة العقارية‪.‬‬
‫وأن طالبة إعادة النظر مبجرد أن علمت بالشراء املذكور وبتقييده على الرسم العقاري‬
‫استخرجه يوم ‪ 98/02/03‬نسخة منه من احملافظة العقارية وطلبت يوم ‪ 98/02/05‬عرض‬
‫الثمن واملصاريف على املشترين املذكورين مقابل استشفاع احلصة املبيعة‪ ،‬فأصدر رئيس‬
‫احملكمة االبتدائية بالدار البيضاء أنفا يوم ‪ 98/02/05‬أمره في امللف املختلف ‪98/1732‬‬
‫بإجراء العرض املطلوب وفي حال رفضه إيداع املبلغ املعروض بصندوق احملكمة لفائدة‬
‫املشترين‪ ،‬وتنفيذا لألمر املذكور انتقل عون قضائي تابع للمحكمة االبتدائية باجلديدة‬
‫إلى املشترين بعنوانهم املذكور وعرض عليهم مجموع الثمن واملصاريف املبينة في عقد‬
‫شرائهم كما قيد على الرسم العقاري‪ ،‬فرفضوا التوصل به‪ ،‬في شخص السيد ‪....‬عن نفسه‬
‫وعن باقي املعروض عليهم‪ ،‬فتم إيداع املبلغ بصندوق احملكمة االبتدائية باجلديدة مبقتضى‬
‫الوصل‪ 1621‬حساب ‪ ،12050‬ثم تقدمت الطالبة يوم ‪ 98/03/2‬مبقال من أجل املصادقة‬
‫على العرض العيني املذكور واستشفاع املبيع املذكور‪ ،‬مرفقة مقالها بشهادة ملكية مستخرجة‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪150‬‬

‫من الرسم العقاري‪ ،‬وبنسخة من عقد البيع‪ ،‬ومبحضر رفض العروض‪ ،‬وبوصل إيداع املبلغ‪،‬‬
‫وبعد أن أجاب املدعى عليهم بأن العرض لم يشمل كافة املشترين‪ ،‬وأن ( السيد ‪)...‬‬
‫الذي رفض العرض باسمه وبالنيابة عنهم ال ينوب عنهم‪ ،‬وأن البيع املطلوب شفعته بيع‬
‫خاص‪ ،‬أبرم دون مزايدة‪ ،‬أصدر القاضي املقيم بأزمور يوم ‪ 99/06/03‬حكمه عدد‪ 77‬فــي‬
‫امللف ‪ 98/19‬باملصادقة على العروض العينية واستحقاق املدعية الطالبة شفعة األجراء‬
‫املشتراة من قبل املطلوبني في العقار موضوع الرسم العقاري‪14685‬ج‪ ،‬املسمى»بالد رقية‬
‫‪ »2‬مبقتضى العقد املؤرخ في ‪ ،96/12/24‬فاستأنفه احملكوم عليهم احلكم ناعني عليه‬
‫عدم اجلواب عن الدفع بعدم إجناز العرض على الوجه السليم‪ ،‬وعن الدفع بأن البيع املشفوع‬
‫بيع خاص أجنز بثمن رمزي دون إجراء سمسرة‪ ،‬وأن ذلك ثم مراعاة لكونهم كانوا يستغلون‬
‫العقار املذكور منذ مدة طويلة‪ ،‬فأجابت طالبة إعادة النظر بأن العرض ثم وفقا القانون‪ ،‬وأن‬
‫املستأنفني لم يكونوا يستغلون العقار كما زعموا وأن العقد واضح في أنه بيع‪ ،‬والقانون‬
‫ال يفرق في الشفة بني بيع عام وبيع خاص‪ ،‬وأن الرسم العقاري ينص على أن التصرف‬
‫بيع وشراء كما أن الشروط املضمنة بعقد البيع هي كلها من خصائص البيع وليست من‬
‫خصائص الهبة ملتمسة تأييد احلكم املستأنف‪ ،‬أصدرت محكمة االستئناف باجلديدة يوم‬
‫‪ 00/07/14‬قرارها ‪ 00/157‬في امللف ‪ 00/71/3‬بإلغاء احلكم املستأنف وتصديا برفض‬
‫الطلب‪ ،‬بعلة أن الطلب يهدف إلى األخذ بالشفعة في بيع موضوع عقار محفظ» وأنه‬
‫باستقراء محضر العرض تبني أنه استهدف بعض أقارب املشترين‪ ،‬وأن تبليغ العرض ألحد‬
‫املشترين دون اآلخرين ال يكفي‪ ،‬وأنه ال دليل على أن املبلغ إليه العرض ‪ ....‬وكيل عن‬
‫بقية املشترين وال على افتراض هذه الوكالة‪ ،‬وأن حق األخذ بالشفعة لم يستوف شكلياته»‬
‫‪.‬‬
‫فطعنت طالبة إعادة النظر‪ -‬وحدها ‪ -‬في هذا القرار بالنقض‪ ،‬مثيرة أن طلب العرض‬
‫العيني استهدف كافة املشترين‪ ،‬ولم يقتصر على أحدهم دون األخر‪ ،‬وأن العون القضائي‬
‫الذي قام بالعرض توجه إلى سكنى املعروض عليهم فخرج إليه (السيد ‪ )...‬وصرح له‬
‫بنفسه تلقائيا أنه ينوب عن كافتهم وأنهم جميعا يرفضون العرض‪ ،‬وأن هذه العملية‬
‫متت مبحضر املعنيني باألمر ولم يعارضوا فيها وأنه كيفما كان األمر فإن إجراءات العرض‬
‫واإليداع متت داخل األجل مما يجعل القرار املطعون فيه غير مرتكز على أساس‪ ،‬ومنعدم‬
‫التعليل‪ ،‬فأجاب املطلوبون في النقض بأن العرض العيني لم يتم بالنسبة لورثة ‪ ...‬إال‬
‫واحد منهم‪ ،‬وأن القرار املطعون فيه قضى تصديا برفض الطلب لعدم شمول العرض جميع‬
‫املشترين ملتمسني رفض طلب النقض‪ ،‬ولم يطعنوا فيما سلمه القرار محل الطعن بالنقض‬
‫من أن األمر يتعلق ببيع؛ أصدر املجلس األعلى يوم ‪ 04/04/28‬قراره عدد ‪ 1340‬في‬
‫‪151‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫امللف ‪ 01/1/4/1166‬برفض الطلب بعلة أنه» يتجلى من عقد التفويت موضوع طلب‬
‫الشفعة ومن مقال الطالبة نفسها أنهما نصا على أن الثمن الرمزي هو ‪ 10‬دراهم في‬
‫مقابل تفويت الدولة املغربية ‪ -‬امللك اخلاص‪ ،‬جلميع واجبها في العقار موضوع الدعوى‬
‫وفي عقارات أخرى‪ ،‬وبذلك فإن العقد هو وتبرع ال شفعة فيه‪ ،‬وأن هذه العلة القانونية‬
‫الصحيحة‪ ،‬املستمدة من الوقائع الثابتة لقضاة املوضوع تؤدي إلى نفس منطوق القرار‬
‫املطعون في‪ ،‬وأن الوسيلة بالتالي غير مؤسسة» وهو القرار املطلوب إعادة النظر فيه‪.‬‬
‫�أ�سباب طلب �إعادة النظر‪:‬‬
‫تثير طالبة إعادة النظر طعنا في القرار املطلوب إعادة النظر فيه سببا وحيدا هو‬
‫مخالفته مقتضيات الفصول ‪ 372‬و‪ 375‬و‪ 379‬من قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫عر�ض الو�سيلة‪:‬‬
‫حيث إن من املقرر أن كل حكم يجب أن يكون معلال تعليال سليما وكافيا‪ ،‬وأن على‬
‫قرارات املجلس األعلى أن جتيب عن الوسائل والدفوع املثارة ‪ ،‬وإال كانت مشوبة بعدم‬
‫التعليل ‪.‬‬
‫‪ .1‬وحيث إنه من الثابت من وثائق امللف السيما عقد البيع موضوع طلب الشفعة ومنها‬
‫مذكرات األطراف أن األمر يتعلق «ببيع» أبرم لقاء ثمن معني (بصرف النظر عن قيمة هذا‬
‫الثمن) وتضمن جميع مواصفات البيع من ضمان وغيره من جهة‪ ،‬وأن املشفوع منهم لم‬
‫يدعوا أن األمر يتعلق بهبة ولم ينازعوا في أن األمر يتعلق ببيع أبدا‪ ،‬وإمنا زعموا أن البيع‬
‫املعني بيع خاص ‪.‬‬
‫وحيث إن من املقرر فقها وقضاء مسلمني أن الشفة تكون لقاء ما بذله املشتري في شراء‬
‫الشقص املشفوع‪ ،‬قل أو كثر‪ ،‬ال بقيمة البيع حسب السوق؛ ولذلك فإن طالب الشفعة إمنا‬
‫يدفع للمشفوع منه عني ما دفعه من ثمن ومصاريف ولو اتسم البيع بغنب في الثمن‪ ،‬أو‬
‫مبغاالة فيه ‪.‬‬
‫وحيث إن املدعى عليهم املطلوبني ظلوا خالل كل مراحل التقاضي يتشبثون بوسائل أخرى‬
‫من مثل عدم إجراء العرض على كلهم‪ ،‬ومن مثل أن تقدير ثمن البيع روعيت فيه مدة‬
‫مكوثهم بالعقار‪ ،‬وغير ذلك مما ال دور وال تأثير له على الشفعة ‪.‬‬
‫وحيث إن الثمن أمر واقعي‪ ،‬وليس هو وحده الذي مييز البيع عن غيره من العقود‪ ،‬بل‬
‫إن هناك خصائص أخرى متيز البيع‪ ،‬منها التسمية‪ ،‬وتقرير ضمان البائع‪ ،‬وقيام التزامني‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪152‬‬

‫متقابلني على كل من البائع واملشتري‪ ،‬وهذه كلها متوفرة في العقد موضوع الشفعة؛ يضاف‬
‫إلى ذلك أن املطلوبني لم يذكروا كلمة الهبة في أوجه دفاعهم أمام محكمة املوضوع ‪.‬‬
‫وحيث إنه من جهة أخرى فإن احلفاظ على حقوق األطراف يقتضي فسج املجال أمامهم‬
‫إلبداء أوجه دفاعهم فيما يثار‪ ،‬ولذلك فإن القرار املطلوب إعادة النظر فيه عندما اعتمد‬
‫ودون إثارة من أي أحد‪ ،‬ومن غير أن يفسح املجال أمام طالبة النقض للرد والنقاش‪ ،‬أن‬
‫البيع موضوع طلب الشفة ليس بيعا وإمنا هو هبة‪ ،‬يكون قد فصل في مسألة واقعية‬
‫محضة‪ ،‬وهي وجود أو عدم وجود ثمن‪ ،‬ومقدار هذا الثمن‪ ،‬وبذلك مس بحقوق دفاع‬
‫العارضة وجاء عدمي التعليل وخارقا للفصل‪ 375‬من قانون املسطرة املدنية وعرضة للنقض‪.‬‬
‫‪ .2‬وحيث إن العقد موضوع املعاملة تضمن صراحة أنه بيع وتضمن أركان وخصائص‬
‫عقد البيع‪ ،‬وبذلك كان البحث – أمام صراحة عباراته ‪ -‬عن القصد البعيد ألطرافه أو‬
‫ألحدهما منهيا عنه بصريح الفصل ‪ 401‬من قانون االلتزامات والعقود من جهة‪.‬‬
‫ثم إن التصرف موضوع النزاع ينطبق عليه تعريف البيع الوارد في الفصل‪ 478‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود الذي ينص على أن»البيع عقد مبقتضاه ينقل أحد املتعاقدين لآلخر‬
‫ملكية شئ أو حق في مقابل ثمن يلتزم هذا األخير بدفعه» علما بأن العبرة هي ملبدإ الثمن‪،‬‬
‫بصفة مطلقة‪ ،‬ال عبرة بكونه مرتفعا أو منخفضا‪ ،‬مناسبا للمثمون أو غير مناسب‪ ،‬ألن‬
‫الشفيع إمنا يدفع للمشفوع منه ما خرج من يده ال أقل وال أكثر‬
‫‪ .3‬وحيث إنه من جهة أخرى فقد سبق للمجلس األعلى أن بت في نازلة مشابهة تتعلق‬
‫ببيع أبرم مع الدولة بصفتها بائعة لعقار استرجعته في نطاق ظهير ‪ 2‬مارس‪ 73‬ألحد اخلواص‬
‫بثمن يقل بكثير عن ثمن األرض املبيعة‪ ،‬قضت فيه محكمة املوضوع برفض طلب الشفعة‬
‫لكون الثمن الوارد في البيع املبرم مع الدولة رمزيا وال يعبر عن احلقيقة‪ ،‬فنقض املجلس‬
‫األعلى قرار محكمة املوضوع املذكور وعلل قضاءه بأن مندرجات الرسم العقاري حتوز‬
‫احلجية بالنسبة للثمن الوارد في عقد البيع؛ وهو ما يقتضي من باب أولى إعطاء احلجة‬
‫للوصف املريح الذي يعطيه األطراف للعقد‪ ،‬أو للوصف املستنبط من خصائص املعاملة كما‬
‫وقع االتفاق عليها‪ ،‬وذلك مبقتضى قرار املجلس األعلى الصادر يوم ‪ 95/10/25‬في امللف‬
‫‪ ،92/2554‬وأحال القضية على ذات احملكمة للبت فيها من جديد‪ ،‬وعندما قضت بعد‬
‫اإلحالة‪ ،‬انقيادا لرأي املجلس األعلى وخالفا ملوقفها السابق بقبول طلب الشفعة مع أن‬
‫البيع مت بثمن رمزي‪ ،‬طعن من يعنيه األمر بالنقض في قرارها األخير فرفض املجلس األعلى‬
‫طلبه مبقتضى قراره عدد ‪ 4754‬الصادر يوم ‪ 98/07/15‬في امللف العقاري‪ ،3458‬متبنيا‬
‫نفس العلل التي أخذت بها‪ ،‬وهي أن عقد البيع املقيد على الرسم العقاري حجة في جميع‬
‫‪153‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫مضمونه من ثمن ومثمن ‪ ،‬فطلب املعني باألمر املذكور إعادة النظر في قرار املجلس األعلى‬
‫سالف الذكر فرفض املجلس األعلى طلبه بقراره عدد ‪ 1968‬الصادر يوم ‪ 10/05/00‬في‬
‫امللف ‪.99/4/1/603‬‬
‫وحيث إن النازلة موضوع األحكام السالف ذكرها مطابقة كل املطابقة لهذه النازلة من‬
‫حيث الوقائع وقد قضى املجلس األعلى فيها بقبول طلب الشفعة‪.‬‬
‫وحيث إن تغيير املجلس األعلى موقفه في هذه القضية دون إثارة من أحد‪ ،‬ومتسكه في‬
‫القرارات السابقة برأيه السابق رغم التمسك الشديد من قبل املشفوع منه بأن الثمن املدفوع‬
‫للدولة ثمن رمزي وأنه دفع لألجنبي املسترجعة منه األرض محل الدعوى ثمنا آخر‪ ،‬يجعل‬
‫قرار املجلس األعلى موضوع الطعن احلالي بإعادة النظر ناقص التعليل‪ ،‬ومحرفا مضمون‬
‫عقد البيع موضوع طلب الشفعة‪ ،‬ومخالفا ملقتضيات الفصل ‪ 417‬من قانون االلتزامات‬
‫والعقود‪ ،‬مما يبرر االستجابة لطلب إعادة النظر ‪.‬‬
‫‪ .4‬وحيث إن من املقرر في الفقه الصحيح احملرر أن املشتري إمنا يأخذ من الشفيع ما‬
‫عقد‪ ،‬أي ما ضمنه من الثمن ونص عليه في عقد البيع‪ ،‬أو ‪ -‬على قول مرجوح ‪ -‬ما‬
‫نقده من الثمن وأثبت دفعه فعال إثباتا ال مراء فيه؛ كما يعلم من قول خليل رحمه الله‪،‬‬
‫في مختصره‪« :‬مبثل الثمن ولو دينا»‪ ،‬وأقوال احلذاق من شراح مختصره ( كالزرقاني‪،‬‬
‫ومحشيه البناني‪ ،‬ومتعقبهما الرهوني؛ واحلطاب)‪.‬‬
‫وحيث إن القرار موضوع الطعن احلالي بإعادة النظر عندما نهج خالف النهج الذي سلكه‬
‫املجلس األعلى في قراراته السابقة‪ ،‬وخالف ما هو محرر فقها مسلما‪ ،‬لم يجعل ملوقفه‬
‫اجلديد أساسا ال من الواقع وال من القانون‪ ،‬مما يجعله عرضة إلعادة النظر‪.‬‬
‫‪ .5‬وحيث إن القرار االستئنافي محل الطعن بالنقض سلم بأن األمر يتعلق ببيع قابل‬
‫للشفعة‪ ،‬وإمنا رفض دعوى الطالبة لسبب آخر ال صلة له بوصف املعاملة‪ ،‬وقد سلم املطلوبون‬
‫القضاء املذكور ولم يطعنوا في القرار االستئنافي املذكور‪ ،‬بل ولم ينتقدوه أصال بشأن‬
‫تكييف املعاملة؛ حالة أن األمر يتعلق مبسألة واقعية‪ ،‬تتجلى في زهادة الثمن الوارد في‬
‫عقد البيع؛ مما يجعل قرار املجلس األعلى محل الطعن بإعادة النظر بإثارته مسألة الثمن‬
‫الرمزي تلقائيا‪ ،‬مشوبا بفساد في التعليل يتنزل منزلة انعدامه‪ ،‬مما يبرر قبول هذا الطعن‬
‫بإعادة النظر‪ ،‬والتراجع في القرار املنصب عليه‪ ،‬والتصدي واحلكم من جيد بنقض القرار‬
‫االستئنافي املطعون فيه بالنقض‪ ،‬دون إحالة‪ ،‬أو مع إحالة القضية للبت فيها من جديد‬
‫طبقا للقانون‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪154‬‬

‫لهذه الأ�سباب يلتم�س العار�ض‪:‬‬


‫ـ قبول طلب إعادة النظر شكال‪ ،‬واحلكم بأنه مرتكز على أساس صحيح موضوعا‪.‬‬
‫ـ التراجع في قرار املجلس األعلى عدد‪ 1340‬الصادر يوم ‪ 04/04/23‬في امللف‬
‫‪01/4/1/1166‬‬
‫القاضي برفض طلب النقض الذي رفعته الطالبة ضد قرار الغرفة الشرعية لدى استئنافية‬
‫اجلديدة ‪.‬‬
‫عدد‪ 157‬الصادر يوم ‪ 00/07/14‬في امللف ‪ 00/771/3‬القاضي بإلغاء حكم القاضي‬
‫املقيم بأزمور ‪.‬‬
‫عدد‪ 77‬الصادر يوم ‪ 99/06/03‬في امللف ‪ 19/98‬فيما قضى به من استحقاقها شفعة‬
‫احلصة املبيعة ‪.‬‬
‫من طرف الدولة املغربية‪ ،‬امللك اخلاص إلى املطلوبني في العقار موضوع الرسم العقاري……‬
‫مبقتضى عقد البيع العرفي املؤرخ في ‪ 96/12/24‬واحلكم تصديا برفض الطلب؛ واحلكم‬
‫من جديد‪.‬‬
‫بنقض القرار موضوع الطعن بالنقض‪ ،‬وإحالة القضية للبت فيها من جديد طبقا للقانون ‪.‬‬
‫ـ جعل الصائر على املطلوبني في إعادة النظر‪.‬‬
‫ـ رد الضمانة املودعة للطالبة ‪.‬‬
‫حتت جميع التحفظات‪.‬‬
‫املرفقات‪:‬‬
‫‪ -‬نسخة من القرار املطلوب إعادة النظر فيه‪.‬‬
‫‪ -‬وصل إيداع الضمانة املقررة‪.‬‬
‫‪ -‬نسخة من قرار املجلس األعلى الصادر في ‪ 95/10/25‬في امللف ‪.92/2554‬‬
‫‪ -‬نسخة من قرار املجلس األعلى ‪ 4754‬الصادر في ‪ 98/7/15‬في امللف ‪.3458‬‬
‫‪ -‬نسخة من قرار املجلس األعلى‪ 1968‬الصادر في ‪ 00/5/10‬في امللف ‪.99/4/1/603‬‬
‫‪ -‬ثالث نسخ من هذه العريضة‪.‬‬
‫‪155‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫الوثيقة ال�ساد�سة ‪:‬‬


‫ن�ص قرار املجل�س الأعلى عدد ‪ 2698‬ال�صادر يوم ‪ 07/07/2825‬يف امللف ‪. 3131/4/1/3131‬‬

‫املجل�س الأعلى‬
‫الغرفة املدنية ( الق�سم الرابع)‬
‫القرار عدد ‪2698‬‬
‫ال�صادر بتاريخ‪ 25 :‬يوليوز‪2007‬‬
‫يف امللف عدد ‪2005/4/1/5131 :‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬


‫حيث يستفاد من مستندات امللف‪ ،‬ومن القرار املطعون فيه باعادة النظر عدد ‪1340‬‬
‫الصادر عن املجلس األعلى بتاريخ ‪ 2004/4/28‬في امللف املدني عدد ‪،1166/01/4/ 1‬‬
‫أن املدعية طالبة إعادة النظر ‪ ،........................................‬تقدمت أمام‬
‫مركز القاضي املقيم بأزمور التابع للمحكمة االبتدائية باجلديدة مبقال تعرض فيه‪ ،‬أنها متلك‬
‫على الشياع مع الدولة املغربية ( امللك اخلاص) عقارا يسمى « ‪ »...............‬كائنا‬
‫بالشياظمة دوار داود ذا الرسم العقاري عدد ‪ ،..................‬وأن شريكتها على‬
‫الشياع الدولة املغربية فوتت واجبها فيه بثمن رمزي قدره ‪ 10‬دراهم للمدعى عليهم املطلوبني‬
‫في إعادة النظر ورثة ‪ ...........................‬املذكورين ومن معهم‪ ،‬وأنه رغبة‬
‫منها في شفعة احلصة املبيعة قامت بالعرض العيني واإليداع‪ ،‬ملتمسة احلكم باملصادقة‬
‫على العرض العيني لألخذ بالشفعة وإصدار أمر للمحافظ على األمالك العقارية باجلديدة‬
‫لتسجيل احلكم بالرسم العقاري املدعى فيه وحتويل احلصص املبيعة وإضافتها إلى حصتها‬
‫والتشطيب على أسماء املدعى عليهم من الرسم العقاري‪ ،‬ومعزز مقالها بشهادتني من‬
‫احملافظة على األمالك العقارية وبنسخة من محضر العرض العيني وبوصل اإليداع‪.‬‬
‫وبعد جواب املدعى عليهم املطلوبني في إعادة النظر بأن العرض العيني وجه لواحد من‬
‫الورثة وهو ‪ .........‬الذي ال ينوب عن بقية الورثة‪ ،‬وأن البيع من نوع خاص أجنز بثمن‬
‫رمزي ملكافأة الورثة على طول املدة التي استغلوا خاللها العقار من يد الدولة بالكراء‪ ،‬أي‬
‫أنه حقيقة عقد هبة‪ ،‬أصدرت احملكمة حكما قضت فيه باستحقاق املدعية لشفعة املبيع من‬
‫يد املدعى عليهم‪ ،‬فاستأنفه هؤالء بانني استئنافهم على أن احلكم املستأنف لم يجب عن‬
‫الدفع بعدم إجناز العرض العيني على الوجه السليم وأن الشفعة ال تصح في الهبات‪ ،‬إذ أن‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪156‬‬

‫حقيقة البيع هبة‪ ،‬بدليل أن الثمن احملدد في العقد رمزي وأنه أجنز بدون إجراءات السمسرة‬
‫وفق املعتاد في بيع أمالك الدولة‪ ،‬وأجابت املستأنف عليها بأن العرض العيني قانوني‪ ،‬وأن‬
‫القول باستغالل املستأنفني للعقار يعطيهم حق الشراء مردود ألنه لم يسبق لهم أن استغلوه‪.‬‬
‫وبعد انتهاء اإلجراءات في القضية‪ ،‬أصدرت محكمة االستئناف بتاريخ ‪2000/7/14‬‬
‫قرارا حتت عدد ‪ 157‬في امللف عدد ‪ 00/71/3‬قضت فيه بإلغاء احلكم املستأنف وتصديا‬
‫احلكم برفض الطلب‪ ،‬فطعنت فيه املدعية بالنقض‪ ،‬وأصدر املجلس األعلى القرار املشار‬
‫إلى مراجعه أعاله القاضي برفض الطلب بعلة‪ »:‬أنه يتجلى من عقد التفويت موضوع طلب‬
‫الشفعة ومن مقال الطالبة نفسها أنهما انصبا على أن الثمن الرمزي هو ‪ 10‬دراهم في مقابل‬
‫تفويت الدولة ( امللك اخلاص) جلميع واجبها في العقار موضوع الدعوى وفي عقارات أخرى‪،‬‬
‫وبذلك فإن العقد هو تبرع ال شفعة فيه‪ ،‬وأن هذه العلة القانونية الصحيحة املستمدة من‬
‫الوقائع الثابتة لقضاة املوضوع‪ ،‬تؤدي إلى نفس منطوق القرار املطعون فيه‪.‬‬

‫وهذا هو القرار املطعون فيه ب�إعادة النظر ب�سبب فريد‪.‬‬


‫وحيث تعيب الطاعنة القرار املذكور مبخالفة مقتضيات الفصول ‪ 372‬و‪ 375‬و‪ 379‬من‬
‫قانون املسطرة املدنية‪ ،‬إذ أنه من املقرر أن كل حكم يجب أن يكون معلال تعليال سليما‬
‫وكافيا‪ ،‬وأنه على قرارات املجلس األعلى أن جتيب عن الوسائل والدفوع املثارة وإال كانت‬
‫مشوبة بعدم التعليل‪ ،‬وأنه من الثابت من وثائق امللف‪ ،‬السيما عقد البيع موضوع طلب‬
‫الشفعة‪ ،‬ومنها مذكرات األطراف‪ ،‬أن األمر يتعلق « ببيع» أبرم لقاء ثمن معني (بصرف‬
‫النظر عن قيمة هذا الثمن) وتضمن جميع مواصفات البيع‪ ،‬من ضمان وغيره من جهة‪،‬‬
‫وأن املشفوع منهم لم يدعوا أن األمر يتعلق بهبة‪ ،‬ولم ينازعوا في أن األمر يتعلق ببيع‬
‫أبدا‪ ،‬وإمنا زعموا أن البيع املعني بيع خاص‪ ،‬وأنه من املقرر فقها وقضاء مسلمني‪ ،‬أن‬
‫الشفعة تكون لقاء ما بذله املشتري في الشق املشفوع‪ ،‬قل أو كثر‪ ،‬ال بقيمة البيع حسب‬
‫السوق‪ ،‬ولذلك فإن طالب الشفعة إمنا يدفع للمشفوع منه عني ما دفعه من ثمن ومصاريف‪،‬‬
‫ولو اتسم البيع بغنب في الثمن أو مبغاالة فيه‪ ،‬وأن املدعى عليهم املطلوبني ظلوا خالل كل‬
‫مراحل التقاضي يتشبثون بوسائل أخرى من مثل عدم إجراء العرض على كلهم‪ ،‬ومن مثل‬
‫أن تقدير ثمن البيع روعيت فيه مدة مكوثهم بالعقار‪ ،‬وغير ذلك مما ال دور وال تأثير له‬
‫على الشفعة‪ ،‬وأن الثمن أمر واقعي وليس هو وحده الذي مييز البيع عن غيره من العقود‪،‬‬
‫بل إن هناك خصائص أخرى متيز البيع‪ ،‬منها التسمية‪ ،‬وتقرير ضمان البائع‪ ،‬وقيام التزامني‬
‫متقابلني على كل من البائع واملشتري‪ ،‬وهذه كلها متوفرة في العقد موضوع الشفعة‪ ،‬يضاف‬
‫‪157‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫إلى ذلك أن املطلوبني لم يذكروا كلمة الهبة في أوجه دفاعهم أمام محكمة املوضوع‪ ،‬وأنه‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬فإن احلفاظ على حقوق األطراف‪ ،‬يقتضي فسح املجال أمامهم إلبداء أوجه‬
‫دفاعهم فيما يثار‪ ،‬ولذلك فإن القرار املطلوب إعادة النظر فيه عندما اعتمد ودون إثارة‬
‫من أي أحد‪ ،‬ومن غير أن يفسح املجال أمام طالبة النقض للرد والنقاش‪ ،‬أن البيع موضوع‬
‫طلب الشفعة ليس بيعا وإمنا هبة‪ ،‬يكون قد فصل في مسألة واقعية محضة‪ ،‬وهي وجود‬
‫أو عدم وجود ثمن‪ ،‬ومقدار هذا الثمن‪ ،‬وبذلك مس بحقوق دفاع العارضة‪ ،‬وجاء عدمي‬
‫التعليل وخارقا للفصل ‪ 375‬املذكور‪ .‬وأن العقد موضوع املعاملة تضمن صراحة أنه بيع‪،‬‬
‫وتضمن أركان وخصائص عقد البيع‪ ،‬وبذلك كان البحث‪ ،‬أمام صراحة عباراته‪ ،‬عن القصد‬
‫البعيد ألطرافه أو ألحدهما‪ ،‬منهيا عنه بصريح الفصل ‪ 401‬من قانون اإللتزامات والعقود‪،‬‬
‫ثم إن التصرف موضوع النزاع ينطبق عليه تعريف البيع الوارد في الفصل ‪ 478‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود‪ ،‬علما أن العبرة هي ملبدأ الثمن بصفة مطلقة‪ ،‬ال عبرة بكونه مرتفعا أو‬
‫منخفضا‪ ،‬مناسبا للمثمون أو غير مناسب‪ ،‬ألن الشفيع إمنا يدفع للمشفوع منه ما خرج من‬
‫يده‪ ،‬ال أقل وال أكثر‪ ،‬وأن املجلس األعلى سبق أن بت في نازلة مشابهة تتعلق بشفعة بيع‬
‫أبرمته الدولة مع الغير بشأن عقار استرجعته في نطاق ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 73‬بثمن يقل عن‬
‫ثمن األرض املبيعة‪ ،‬وكانت محكمة املوضوع قضت فيه برفض طلب الشفعة لكون الثمن‬
‫رمزيا وال يعبر عن احلقيقة‪ ،‬ونقض املجلس األعلى هذا القرار بعلة أن العقد‪ ،‬عقد بيع‪.‬‬
‫وبذلك يكون املجلس األعلى قد اعتبر البيوع املبرمة بني الدولة وبني األغيار بشأن التفويت‬
‫لهؤالء وبثمن رمزي‪ ،‬األمالك التي استرجعها من أجانب بيوعا خاضعة للشفعة‪ .‬وهو ما‬
‫يقتضي معاملة هذه القضية باملثل‪ ،‬وإعطاء العقد موضوع طلب الشفعة وصفه الصريح‬
‫الذي أضفاه عليه األطراف املوافق للوصف املستنبط من خصائص املعاملة‪ .‬مما يكون معه‬
‫القرار موضوع الطعن احلالي ناقص التعليل ومحرفا مضمون عقد البيع موضوع الشفعة‬
‫ومخالفا ملقتضيات الفصل ‪ 417‬من قانون االلتزامات والعقود‪ .‬كما أنه من املقرر في الفقه‬
‫الصحيح‪ ،‬أن املشتري إمنا يأخذ من الشفيع ما عقد‪ ،‬أي ما ضمنه من الثمن ونص عليه في‬
‫عقد البيع‪ ،‬أو على قول مرجوح‪ ،‬ما نقده من الثمن‪ ،‬وأثبت دفعه فعال إثباتا ال مراء فيه‪،‬‬
‫كما يعلم من قول خليل‪« :‬مبثل الثمن ولو دينا»‪ .‬والقرار املطعون فيه‪ ،‬عندما نهج خالف‬
‫ذلك‪ ،‬لم يجعل ملوقفه أساسا من الواقع وال من القانون مما يجعله عرضة إلعادة النظر‪ ،‬ثم‬
‫إن القرار االستئنافي محل الطعن بالنقض سلم بأن األمر يتعلق ببيع قابل للشفعة‪ ،‬وإمنا‬
‫رفض دعوى الطاعنة لسبب آخر ال صلة له بوصف املعاملة‪ ،‬وقد سلم املطلوبون القضاء‬
‫املذكور‪ ،‬ولم يطعنوا في القرار االستئنافي املذكور‪ ،‬بل ولم ينتقدون بشأن تكييف املعاملة‪،‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪158‬‬

‫حالة أن األمر يتعلق مبسألة واقعية‪ ،‬تتجلى في زهادة الثمن الوارد في عقد البيع‪ .‬مما يجعل‬
‫القرار املطعون فيه بإثارته مسألة الثمن الرمزي تلقائيا‪ ،‬مشوبا بفساد التعليل ينزل منزلة‬
‫انعدامه‪ ،‬مما يبرر قبول هذا الطعن بإعادة النظر والتراجع في القرار املنصب عليه والتصدي‬
‫واحلكم من جديد بنقض القرار االستئنافي املطعون فيه بالنقض وإحالة القضية للبت فيها‬
‫طبقا للقانون‪.‬‬
‫لكن فمن جهة أولى‪ ،‬وخالفا ملا جاء في السبب‪ ،‬فإن الثابت من وثائق امللف‪ ،‬وخاصة‬
‫القرار االستئنافي الصادر بتاريخ ‪ 2000/7/14‬حتت عدد ‪ 157‬في امللف عدد ‪00/71/3‬‬
‫املطعون فيه بالنقض من طرف نفس طالبة إعادة النظر‪ ،‬أنه نص على أن املدعى عليهم‬
‫املطلوبني أثاروا أمام محكمة املوضوع أن عقد البيع موضوع طلب الشفعة هو في احلقيقة‬
‫عقد هبة‪ ،‬إذ جاء في ذلك القرار ما يلي‪ »:‬وأجاب املدعى عليهم‪ ...‬بأن البيع من نوع‬
‫خاص‪ ،‬أجنز بثمن رمزي ملكافأة الورثة على طول املدة التي استغلوا خاللها العقار من يد‬
‫الدولة املغربية بالكراء‪ ،‬أي أنه حقيقة عقد هبة‪ ...‬انتقده املستأنفون بخرق القانون‪...‬‬
‫وبأن الشفعة ال تصح في الهبات‪ ،‬إذ حقيقة البيع هبة‪ ،‬بدليل أن الثمن احملدد في العقد‬
‫رمزي‪ « ....‬وطالبة النقض‪ ،‬لم تناقش في مقال نقضها هذه التنصيصات في القرار الذي‬
‫طعنت فيه بالنقض‪.‬‬
‫ومن جهة ثانية‪ ،‬فإن الثابت من قرار املجلس األعلى املطعون فيه بإعادة النظر‪ ،‬أنه‬
‫جاء معلال‪ ،‬إذ جاء فيه ما يلي‪ »:‬يتجلى من عقد التفويت موضوع طلب الشفعة‪ ،‬ومن‬
‫مقال الطالبة نفسها‪ ،‬أنهما نصا على أن الثمن الرمزي هو ‪ 10‬دراهم في مقابل تفويت‬
‫الدولة املغربية (امللك اخلاص) جلميع واجبها في العقار موضوع الدعوى وفي عقارات أخرى‪،‬‬
‫وبذلك فإن العقد هو تبرع ال شفعة فيه‪ ،‬وأن هذه العلة القانونية الصحيحة املستمدة من‬
‫الوقائع الثابتة لقضاة املوضوع‪ ،‬تؤدي إلى نفس منطوق القرار املطعون فيه»‪ .‬والطالبة‬
‫اكتفت في السبب مبجرد مناقشة ذلك التعليل والبحث في مدى مالءمته للقانون‪ ،‬وهو ما‬
‫ال يشكل سببا من أسباب إعادة النظر في قرارات املجلس األعلى التي ال تكون قابلة لذلك‬
‫إال في حالة عدم اجلواب باملرة عن دفع أثير بعدم القبول أو عن وسيلة من وسائل النقض أو‬
‫عن جزء من الوسيلة‪ .‬األمر الذي يكون معه السبب في وجهيه غير مقبول‪.‬‬
‫‪159‬‬ ‫ممار�سة ال�شغعة يف �إطار ت�سوية النزاعات الناجتة عن ا�سرتجاع �أرا�ضي الدولة الفالحية �أو القابلة للفالحة‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫قضى املجلس األعلى برفض طلب إعادة النظر وبتحميل الطالبة املصاريف ومبلغ الغرامة‬
‫املودعة‪.‬‬
‫و به صدر القرار وتلي باجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله في قاعة اجللسات‬
‫العادية باملجلس األعلى بالرباط وكانت الهيئة احلاكمة متركبة من رئيس الغرفة السيد‬
‫محمد اخليامي رئيسا واملستشارين السادة‪ :‬عبد السالم البركي مقررا وعبد النبي قدمي‬
‫ومحمد عثماني وعائشة القادري أعضاء ومبحضر احملامي العام السيد احلسن البوعزاوي‬
‫ومبساعدة كاتبة الضبط السيدة ابتسام الزواغي‪.‬‬
‫‪161‬‬

‫اال�ستثمار يف �أمالك الدولة‬


‫*‬
‫اخلا�صة‬
‫األستاذ العربي محمد مياد‬
‫دكتور دولة في احلقوق‬
‫أستاذ محاضر‬
‫رئيس حترير مجلة احلقوق املغربية‬
‫مدير سلسلة "إعالم وتبصير املستهلك"‬

‫مقدمة عامة‬
‫يقصد بأمالك الدولة اخلاصة كل األمالك العقارية اململوكة للدولة ملكية خاصة واملسيرة‬
‫من طرف مديرية أمالك الدولة التابعة لوزارة االقتصاد واملالية ‪ ،‬ومن مت يخرج من زمرتها‬
‫األمالك العمومية التي تسير كقاعدة عامة من طرف وزارة التجهيز والنقل‪ ،‬أما األمالك‬
‫الغابوية فهي كذلك أمالك خاصة للدولة يعهد بتسييرها طبقا لظهير ‪ 1917‬كما مت تغييره‬
‫وتتميمه إلى املندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر‪.‬‬
‫وميتاز امللك اخلاص للدولة بأنه قابل للتصرف واالستغالل واالنتفاع شأنه في ذلك شأن‬
‫جميع األمالك اململوكة للخواص ‪.‬‬
‫وتقدر املساحة اإلجمالية للملك اخلاص للدولة ما يقرب من مليون ونصف (‪ 1 ،5‬مليون)‬
‫‪276‬‬
‫هكتارا بقيمة إجمالية تقدر بخمسمائة (‪ )500‬مليار درهم‪.‬‬
‫واملتتبع للسياسة االقتصادية واالجتماعية في املغرب سيالحظ أن هناك إرادة سياسية‬
‫قوية من أعلى سلطة في البالد للنهوض باالستثمار في كل مناحي احلياة‪ ،‬ويظهر هذا على‬
‫اخلصوص في املنتج التشريعي خالل العقدين السالفني املتمثل على اخلصوص في ما يلي‪:‬‬

‫* مداخلة ضمن أشغال الندوة الدولية التي نظمها فريق البحث « عصرنة القانون والعدالة» بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫بالسويسي _ الرباط بتعاون مع مؤسسة هانس سايدل األملانية يومي ‪ 11‬و ‪ 12‬فبراير ‪ 2012‬حول موضـــــوع « نحو تنظيم‬
‫قانوني لقطاع الشراكة عام – خاص باملغرب»‪.‬‬
‫‪ - 276‬استجواب مع مدير أمالك الدولة منشور بجريدة ‪ ،L’ÉCONOMISTE‬عدد ‪ 3379‬بتاريخ ‪ 13‬دجنبر ‪.2010‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪162‬‬

‫أوال ‪ :‬صدور القانون اإلطار رقم ‪ 18 .95‬مبثابة ميثاق االستثمارات الصادر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1 .95 .213‬بتاريخ ‪ 8‬نونبر ‪ 1995‬كما وقع تعديله وتتميمه الذي كان‬
‫يهدف ضمن ما يهدف إليه إلى تخفيض كلفة االستثمار والعبء الضريبي املتعلق بشراء‬
‫املعدات واآلالت والسلع التجهيزية وتوفير رصيد عقاري الالزم إلجناز مشاريع استثمارية‬
‫وتوضيح مساهمة الدولة في اقتناء وجتهيز القطع األرضية الالزمة لالستثمار‪ ،‬وكذا‬
‫احملافظة على البيئة ‪،...‬‬
‫ثانيا ‪ :‬صدور الرسالة امللكية بتاريخ ‪ 9‬يناير ‪ :2002‬تنفيذا للخطاب امللكي ليوم ‪9‬‬
‫يناير ‪ 2002‬صدرت في نفس التاريخ الرسالة امللكية املوجهة إلى وزيره األول في موضوع‬
‫التدبير الالمتمركز لالستثمار وقد تضمنت ما يلي " إذا كانت هذه املساطر واإلجراءات‬
‫التشريعية أو التنظيمية غالبا ما تكون ضرورية ألن حرية املبادرة اخلاصة التي كرسها‬
‫الدستور تقتضي إيجاد إطار قانوني كفيل وحده بطمأنة املستثمر وضمان مساواة اجلميع‬
‫أمام القانون ‪ ،‬وكذا تهيئ مناخ مالئم للمنافسة الشريفة ‪ ،‬فإن الواجب تبسيط هذه‬
‫اإلجراءات واملساطر وتقليصها واحلرص على أن يتم العمل بها بأكثر ما ميكن من القرب‬
‫من املستثمرين ‪.‬‬
‫يستخلص من النطق امللكي أن هناك إقرارا من أعلى سلطة في البالد بأن هناك‬
‫معوقات قانونية وإدارية أمام املستثمر‪ ،‬ناهيك عن املعوقات السلوكية من بعض األجهزة‬
‫اإلدارية‪ ،‬وكذا انعدام الشفافية في تدبير مجال االستثمار دون إغفال البطء القضائي في‬
‫البت النزاعات املتعلقة بالعقود والرخص اإلدارية‪...‬‬
‫ولتجاوز هذه الوضعية مت تنزيل الرسالة امللكية عن طريق ‪:‬‬
‫* خلق مراكز جهوية لالستثمار تعمل حتت إمارة والة اجلهات ‪،‬‬
‫* تفويض بعض صالحيات الوزراء إلى الوالة والسيما في مجال الترخيص بإبرام‬
‫عقود البيع والكراء املتعلقة بأمالك الدولة اخلاصة ‪.‬وكذا الترخيص باحتالل امللك‬
‫العمومي وامللك الغابوي‪،‬‬
‫* استكماال لهذه املسطرة صدر عن الوزير األول بتاريخ ‪ 20‬دجنبر ‪ 2002‬منشورا‬
‫في موضوع تدبير مشاريع االستثمار والذي ألح على ضرورة وضع كل التدابير‬
‫الهادفة إلى حتسني مناخ االستثمار في املغرب واملصادقة على اتفاقيات وعقود‬
‫االستثمار التي تستوجب مساهمة مالية من طرف الدولة ‪ ،‬وكذا كل اتفاقيات‬
‫وعقود االستثمار التي تربط الدولة باملستثمر ‪،‬‬
‫‪163‬‬ ‫اال�ستثمار يف �أمالك الدولة اخلا�صة‬

‫* إحداث الوكالة املغربية لتنمية االستثمارات احملدثة مبوجب القانون رقم ‪41 .08‬‬
‫الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬التي أوكل إليها املشرع‬
‫على اخلصوص القيام بالدراسات املتعلقة بتصفية الوعاء العقاري في مناطق األنشطة‬
‫والتهيئات كيفما كان نوعها ‪ ،‬وكذا إجراء جرد وتقييم معيقات االستثمار‪....‬‬
‫لكن التساؤل املطروح إلى أي حد ساهمت كل هذه التدابير في حتسني مناخ االستثمار‬
‫وال سيما في املجال العقاري اململوك للدولة؟‬
‫لإلجابة على هذا التساؤل نرى من الفائدة تقسيم املوضوع إلى مطلبني‪ ،‬نخصص‬
‫املطلب األول ملعرفة مدى مساهمة امللك اخلاص للدولة في تنمية االستثمار‪ ،‬واملطلب املوالي‬
‫ملعوقات هذا االستثمار في امللك اخلاص للدولة‪.‬‬

‫املطلب الأول‬
‫مدى م�ساهمة امللك اخلا�ص للدولة يف تنمية اال�ستثمار‬

‫مييز عادة بني ثالثة أنواع من االستثمارات‪:‬‬


‫ـ االستثمار العادي بناء على عقود‬
‫ـ االستثمار في إطار التدبير الالمتمركز بناء على عقود أو اتفاقية‪.‬‬
‫ـ االستثمار في إطار الشراكة‪.‬‬
‫فما املقصود بكل نوع من هذه األنواع من االستثمارات ؟ هذا ما سنقف عنده من خالل‬
‫الفقرات املوالية‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫اال�ستثمار العادي بناء على عقود‬

‫يقصد باالستثمار العادي ذلك االستثمار الذي يقوم به األفراد أو املؤسسات العمومية‬
‫أو اجلماعات احمللية‪ ،‬فوق أراضي الدولة خارج القطاعات املتعلقة بالتدبير الالمتمركز‬
‫لالستثمار ‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪164‬‬

‫وفي هذا اإلطار يتعني على املستثمر العادي سلوك مسطرة معينة من أجل اقتناء أحد‬
‫أمالك الدولة‪ 277‬تتمثل على اخلصوص في ما يلي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬توجيه الطلب إلى مندوبية أمالك الدولة على الصعيد احمللي مرفقا بتصميم موقعي‬
‫يبني بالضبط موقع العقار موضوع االقتناء وورقة تقنية عن املشروع االستثماري املزمع‬
‫اجنازه تتضمن الغالف املالي واليد العاملة التي ستشغل ومدة االجناز وطرق التمويل‪...‬‬
‫إن أهم املعلومات التي يتعني على ممثل مديرية أمالك الدولة التأكد‬ ‫‪� - 2‬إجراء بحث ‪:‬‬
‫منها ما يلي‪:‬‬
‫أ ـ الوضعية القانونية للعقار(محفظ‪ ،‬غير محفظ‪ ،‬في طور التحفيظ)‪،‬‬
‫ب ـ في حالة ما إذا كان في طور التحفيظ التأكد من خلوه من التعرضات‪،‬‬
‫ج ـ عدم وجود حتمالت عقارية من رهن وتقييدات ‪،‬‬
‫د ـ التأكد من شغوره وعدم تخصيصه جلهة إدارية أو مؤسسة عمومية أخرى‪،‬‬
‫ه ـ معرفة تخصيصه طبقا لوثائق التعمير‪،‬‬
‫و ـ انسجام املساحة املطلوبة مع املشروع‪.‬‬
‫‪ - 3‬درا�سة امللف ‪ :‬بعد االنتهاء من األبحاث األولية املتعلقة بالعقار والتخصيص طبقا‬
‫لوثائق التعمير يتم دراسة جدوى املشروع وأهميته بالنسبة لالقتصاد احمللي ‪.‬على أنه إذا‬
‫كان العقار أملخزني املطلوب يوجد خارج املدار احلضري ‪ ،‬فإنه البد من اإلدالء بشهادة إدارية‬
‫من املصالح اإلدارية املعنية تفيد عدم صبغته الفالحية ‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار صدر املرسوم رقم ‪ 2.04.683‬بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪ 2004‬يتعلق‬
‫باللجنة اجلهوية املكلفة ببعض العمليات العقارية يرأسها والي اجلهة وتتكون من ‪:‬‬
‫عامل العمالة أو اإلقليم املعني؛‬ ‫ـ‬
‫مدير املركز اجلهوي لالستثمار ؛‬ ‫ـ‬
‫املدير اإلقليمي للفالحة أو مدير املكتب اجلهوي لالستثمار الفالحي ؛‬ ‫ـ‬
‫مندوب أمالك الدولة‪،‬‬ ‫ـ‬

‫‪277 - Voir Guide de cession au profit des collectivités locales et établissements publics,‬‬
‫‪Direction des Domaines de l’Etat, 1octobre 2011‬‬
‫‪165‬‬ ‫اال�ستثمار يف �أمالك الدولة اخلا�صة‬

‫احملافظ على األمالك العقارية ؛‬ ‫ـ‬


‫املفتش اجلهوي إلعداد التراب الوطني؛‬ ‫ـ‬
‫مدير الوكالة احلضرية أو ممثل السلطة احلكومية املكلفة بالتعمير‪ ،‬عندما ال تدخل‬ ‫ـ‬
‫املنطقة املعنية في النفوذ الترابي لهذه الوكالة؛‬
‫املندوب اجلهوي للوزارة املعنية باملشروع املراد إجنازه؛‬ ‫ـ‬
‫ويعهد إلى هذه اللجنة بالبت في جميع الطلبات املتعلقة باملشاريع االستثمارية غير‬
‫الفالحية الرامية إلى‪:‬‬
‫ـ تفويت أو كراء األراضي الفالحية أو ذات الصبغة الفالحية التابعة مللك الدولة‬
‫اخلاص الواقعة خارج املدارات احلضرية أو غير اخلاضعة لتصميم التهيئة أو تصميم‬
‫التنمية مصادق عليهما بصفة قانونية والتي ترمي إلى اجناز مشروع استثماري غير‬
‫فالحي ذي صبغة اقتصادية أو اجتماعية ؛‬
‫ـ اإلشهاد بعدم الصبغة الفالحية لألراضي حينما تهم العمليات العقارية املتعلقة بها‬
‫أشخاصا ذاتيني أجانب أو شركات باألسهم أو شركات يكون مجموع رأسمالها أو‬
‫جزء منه بيد أشخاص أجانب؛‬
‫ـ الترخيص بتقسيم األراضي الواقعة داخل دوائر الري أو دوائر االستثمار في األراضي‬
‫غير املسقية من أجل خلق أو توسيع منشآت غير فالحية ؛‬
‫ـ إجناز مشاريع استثمارية في منطقة ساحلية ال تشملها وثائق التعمير أو في املناطق‬
‫احلساسة‪.‬‬
‫ويقصد باملناطق احلساسة في مفهوم هذا املرسوم احلدائق الوطنية واملواقع الطبيعية‬
‫أو املواقع ذات املنفعة البيولوجية أو االيكولوجية أو التاريخية أو األثرية وكذلك املناطق‬
‫التي ال تشملها وثائق التعمير والتي تتطلب حماية نظرا ملؤهالتها الطبيعية أو إلى‬
‫رصيدها املعماري ‪.‬‬
‫وفي حالة املوافقة املبدئية على املشروع فإن مندوبية أمالك الدولة تطلب من السلطة‬
‫احمللية جمع اللجنة اإلدارية للخبرة من أجل تثمني العقار؛ الذي يتعني أن توافق عليه‬
‫املديرية اجلهوية ألمالك الدولة‪.‬‬
‫وهنا نكون أمام فرضيتني إما املوافقة على التثمني أو رفضه‪ ،‬ففي احلالة األخيرة يطلب‬
‫مندوب أمالك الدولة إعادة جمع اللجنة من جديد لتحديد ثمن معقول‪ ،‬أما إذا كانت هناك‬
‫موافقة فيتم إشعار طالب االقتناء بذلك من أجل قبوله‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪166‬‬

‫ومباشرة بعد األداء لدى مصالح اخلزينة العامة واإلدالء مبا يفيد ذلك يتم إبرام عقد‬
‫التفويت في أربعة نظائر يتحتم على اجلهة املستفيدة القيام باإلجراءات التالية ‪:‬‬
‫ـ إخضاع العقد إلجراءات التسجيل والتقييد في السجالت العقارية متى كان العقار‬
‫محفظا أو في طور التحفيظ وفي احلالة التي يكون العقار غير محفظ يتعني إيداع‬
‫مطلبا لتحفيظه‪،‬‬
‫ـ إيداع طلب الترخيص بالبناء‪،‬‬
‫ـ البدء في األشغال مبجرد احلصول على الترخيص من اجلهات املختصة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار يحق للجهة املستفيدة أن تطلب من مندوبية أمالك الدولة املوافقة على‬
‫رهن القطعة األرضية موضوع االقتناء لفائدة مؤسسة بنكية ضمانا لقرض من أجل اجناز‬
‫املشروع االستثماري‪.‬‬
‫وال تعطى هذه املوافقة إال بعد اجناز على األقل ‪ % 30‬من املشروع‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وإنه وضمانا جلدية املشروع‪ ،‬فإنه بعد مرور ‪ 6‬أشهر على إبرام العقد يتعني على‬
‫مندوب أمالك الدولة دعوة اللجنة اإلدارية احمللية من أجل معاينة تقدم األشغال وكذا قيام‬
‫املستفيد بالتزاماته السالفة الذكر‪.‬‬
‫وميكن للمستفيد حضور هذه املعاينة بدعوة من السلطة احمللية ‪.‬‬
‫تدون هذه اللجنة أشغالها في محضر رسمي‪ ،‬وميكنها اعتبار البيع مفسوخا بقوة القانون‬
‫في احلالة التي لم ينفذ املستفيد أي من التزاماته‪.‬‬
‫أما في احلالة التي ينفذ املستفيد جزئيا التزاماته‪ ،‬يتعني إعادة جمع نفس اللجنة عند‬
‫انتهاء أجل التنفيذ من أجل التحقق من انتهاء األشغال وهنا نكون أمام وضعيتني‪:‬‬
‫أ ـ اجناز املشروع كليا طبقا ملقتضيات العقد وكناش التحمالت فتوصي اللجنة مبنح‬
‫املستفيد رفع اليد‪،‬‬
‫ب ـ اجناز املشروع جزئيا ‪ :‬إذا تبني للجنة أن املشروع االستثماري مت اجنازه جزئيا وأن‬
‫العطل يعود ألسباب خارجة عن إرادة اجلهة املقتنية أمكن للجنة املعاينة منح املقتني أجال‬
‫استرحاميا ال يتجاوز في جميع األحوال سنة‪ ،‬مع أداء ذعيرة تساوي ‪ % 2‬من ثمن البيع‬
‫عن كل شهر تأخير‪،‬‬
‫د ـ عدم اجناز املشروع كليا ‪ :‬أما في احلالة التي تتقاعس اجلهة املستفيدة عن اتخاذ‬
‫اإلجراءات الالزمة من أجل تنفيذ الشروط الواردة في دفتر التحمالت‪ ،‬أمكن للجنة‬
‫‪167‬‬ ‫اال�ستثمار يف �أمالك الدولة اخلا�صة‬

‫املعاينة إذا ما تأكدت من جدية مبررات املستثمر منحه أجال إضافية ال يتعدى ‪ 3‬أشهر‬
‫من أجل إجناز املطلوب ‪.‬‬
‫ويتم إشعار اجلهة املستفيدة بذلك بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع اإلشعار بالتوصل‪،‬‬
‫مع التأكيد على انه في حالة املطل يعتبر عقد البيع مفسوخا بقوة القانون‪.‬‬
‫لكن ما ذا لو أن اجلهة املستفيدة باشرت األشغال جزئيا ثم توقفت عن استكمالها‬
‫نهائيا؟‬
‫في هذه احلالة يحق للجنة املعاينة أن تقدر قيمة األشغال املنجزة مع إقرار فسخ‬
‫العقد‪،‬وبالتالي يتم تبليغ اجلهة املعنية بهذا القرار بجميع الوسائل القانونية وال سيما‬
‫رسالة مضمونة الوصول مع اإلشعار بالتوصل‪ .‬وبعد ذلك تتخذ اإلجراءات الضرورية من‬
‫أجل بيع القطعة األرضية املعنية وكذا املنشآت عن طريق املزاد العلني‪ .‬ويتم حتديد ثمن‬
‫االنطالقة باالستناد إلى ثمن البيع زائد قيمة املنشآت‪.‬‬
‫والتساؤل املطروح هل هذه املقتضيات تطبق كذلك في إطار التدبير الالمتمركز‬
‫لالستثمار؟‬

‫الفقرة الثانية‬
‫اال�ستثمار يف �إطار التدبري الالمتمركز‬
‫بناء على عقود �أو اتفاقيات‬

‫مما الشك فيه أن املتتبع للشأن االقتصادي في املغرب وال سيما مجال االستثمار يالحظ‬
‫أن الدولة ساهمت بقسط وفير في دفع عجلة التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والسيما‬
‫عن طريق تعبئة العقار الذي متلكه في إطار ملكها اخلاص أو تقوم بتسييره كما هو الشأن‬
‫بالنسبة للعقار العمومي اخلاضع ملقتضيات ظهير فاحت يوليوز ‪ 1914‬كما وقع تعديله ‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار البد من اإلشارة إلى أن الرسالة امللكية املوجهة إلى الوزير األول في‬
‫موضوع التدبير الالمتمركز لالستثمار السالفة الذكر‪ ،‬والتي مبوجبها قرر جاللة امللك إحداث‬
‫املراكز اجلهوية لالستثمار حتت مسؤولية والة اجلهات تتولى نوعني من املهام الرئيسية ‪:‬‬
‫أ ـ املساعدة على إنشاء املقاوالت يقوم بها شباك خاص باعتباره املخاطب الوحيد‬
‫بالنسبة لألشخاص الذين يرغبون في إحداث املقاوالت‪،‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪168‬‬

‫ب ـ مساعدة املستثمرين‪ ،‬يتولى مهامها شباك آخر عن طريق تزويد املستثمرين بكل ما‬
‫يفيدهم من معلومات بشأن االستثمار اجلهوي وكذا اقتراح احللول التوافقية ملا قد ينشأ من‬
‫منازعات محتملة بني املرافق اإلدارية واملستثمرين ‪.‬‬
‫و تنفيذا للرسالة امللكية املشار إليها أعاله مت إدخال تعديالت جوهرية على النصوص‬
‫التنظيمية املرتبطة بتدبير امللك العقاري للدولة نذكر على اخلصوص‪:‬‬
‫ـ مرسوم ‪ 2 .02 .185‬بتاريخ ‪ 5‬مارس ‪ 2002‬املغير واملتمم للمرسوم امللكي رقم ‪.330‬‬
‫‪ 67‬بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1967‬املتعلق باحملاسبة العمومية الذي خول الوالة صالحية‬
‫الترخيص بتفويت عقار من ملك الدولة اخلاصة عندما يتعلق األمر باالستثمار‬
‫في مجاالت الصناعة ‪ ،‬التصنيع الفالحي‪ ،‬الصناعة التقليدية‪ ،‬املعادن‪ ،‬السياحة‬
‫عندما يكون الغالف املالي للمشروع ال يتجاوز ‪ 200‬مليون درهم‪،‬‬
‫ـ قرار وزير االقتصاد واملالية رقم ‪ 02 .367‬بتاريخ ‪ 5‬مارس ‪ 2002‬الذي فوض لوالة‬
‫اجلهات صالحية كراء عقار من ملك الدولة اخلاصة عندما يتعلق األمر باالستثمار‬
‫في املجاالت املذكورة أعاله عندما يكون الغالف املالي للمشروع ال يتجاوز ‪200‬‬
‫مليون درهم‪،‬‬
‫ـ مرسوم رقم ‪ 2 .04 .683‬بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪ 2004‬املتعلق باللجنة اجلهوية املكلفة‬
‫ببعض العمليات العقارية كما وضحنا أعاله ‪.‬‬
‫واملسطرة املعول عليها في مجال االستثمار الالمتمركز تكاد تكون مماثلة إلى ما سبق‬
‫مع بعض التعديالت الطفيفة ‪ ،‬نذكر منها على اخلصوص ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ يتم إيداع ملف االستثمار إما لدى املركز اجلهوي لالستثمار‪ ،‬أو لدى املندوبية‬
‫اإلقليمية ألمالك الدولة التي تكون ملزمة بتوجيهه إلى املديرية اجلهوية ألمالك الدولة التي‬
‫توجهه إلى املركز املذكور داخل آجل ‪ 20‬يوما من إيداعه لديها أو لدى املندوبية اإلقليمية‪.‬‬
‫وأجل ‪ 20‬يوما يبتدئ من تاريخ إيداع امللف لدى متثيلية مدرية أمالك الدولة سواء‬
‫كانت إقليمية أو جهوية‪ ،‬ويتعني توجيه امللف إلى املركز اجلهوي لالستثمار‪ ،‬حتى إذا كان‬
‫ناقصا يتم إشعار املستثمر بذلك قصد استكمال باقي الوثائق واملعلومات الضرورية‪.‬‬
‫وتتم دراسة امللف على صعيد هذا املركز من طرف جلنة مختلطة يترأسها من الناحية‬
‫الواقعية مدير املركز اجلهوي لالستثمار عوضا عن والي اجلهة ‪،‬مبعية األعضاء التاليني ‪:‬‬
‫‪169‬‬ ‫اال�ستثمار يف �أمالك الدولة اخلا�صة‬

‫ممثل مديرية أمالك الدولة‪،‬‬ ‫ـ‬


‫ممثل السلطة اإلقليمية‪،‬‬ ‫ـ‬
‫ممثل السلطة املنتخبة التي يقع في دائرة نفوذها املشروع‪،‬‬ ‫ـ‬
‫ممثل السلطة املكلفة بالتعمير‪،‬‬ ‫ـ‬
‫ممثل القطاع الوزاري املشرف على نوع املشروع ‪.‬‬ ‫ـ‬
‫باإلضافة إلى كل شخص ترى اللجنة أهمية حضوره بصفة استشارية‪.‬‬
‫وإن هذه الدراسة تفضي إلى احتمالني‪ :‬إما قبول املشروع أو رفضه‪ .‬ففي حالة الرفض‬
‫يشعر مدير املركز اجلهوي لالستثمار املستثمر بهذا القرار الذي يوقعه والي اجلهة أو من‬
‫ينوب عنه‪.‬‬
‫أما في حالة القبول تتولى اللجنة اجلهوية لالستثمار حتديد شروط العقد وكناش‬
‫التحمالت من قبيل محتويات املشروع‪ ،‬اليد العاملة‪،‬الغالف املالي‪ ،‬أجل انتهاء األشغال‪.‬‬
‫ويتم إشعار املستثمر بهذا القرار وشروط التعاقد ‪.‬‬
‫وهنا كذلك يتعني التأكد من شيئني أساسيني أوال قيمة املشروع‪ ،‬وثانيا مدى خضوعه‬
‫التفاقية خاصة باالستثمار‪.‬‬
‫فإذا تعلق األمر باتفاقية االستثمار يتعني توجيه امللف من طرف املركز اجلهوي لالستثمار‬
‫إلى الوكالة املغربية لتنمية االستثمار احملدثة مبقتضى القانون رقم ‪ 41.08‬السالف الذكر أو‬
‫الوزارة الوصية على القطاع املعني باالستثمار من أجل دراسته من طرف جلنة االستثمار‪.‬‬
‫وقد أوضح منشور الوزير األول رقم ‪ 2002 /20‬بتاريخ ‪ 26‬دجنبر ‪ 2002‬بأنه تتكلف‬
‫املراكز اجلهوية لالستثمار بدراسة وحتضير مشاريع االتفاقات والعقود كلما تعلق األمر‬
‫مبشاريع تستوجب إبرام اتفاقية أو عقد استثمار مع الدولة وتوجيهها إلى جلنة االستثمارات‬
‫حتت رئاسة رئس احلكومة للمصادقة عليها ويتعلق األمر باملشاريع التي ينجم عنها منح‬
‫إعفاءات كلية من حقوق ورسوم االستيراد‪ ،‬وكذا تلك املشاريع التي متنح فيها الدولة‬
‫مساهمات مالية لبعض النفقات كما هو منصوص عليه في القانون اإلطار رقم ‪18 /95‬‬
‫مبثابة ميثاق لالستثمار‪.‬‬
‫وبعد التوقيع على االتفاقية فإن هذه األخيرة هي التي حتدد شروط العقد‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪170‬‬

‫أما إذا كان املشروع االستثماري ال يستوجب إبرام اتفاقية أو عدم استثمار مع الدولة‪،‬‬
‫يعهد دائما إلى املركز اجلهوي لالستثمار بدراسة الطلب إذا تعلق األمر بالقطاعات السبعة‬
‫السالفة والتي تقل قيمتها عن ‪200‬مليون درهم ‪.‬‬
‫غير أنه في احلالة التي تكون فيه اجلهة املستقبلية للمشروع غير محددة لدى املستثمر‬
‫تتكفل الوزارة املكلفة بالشؤون االقتصادية بتوجيه املستثمر لدى املركز اجلهوي املعني أما‬
‫إذا كان املشروع مجزأ ويشمل أكثر من جهة تتم إحالة نسخ امللفات إلى عدة مراكز جهوية‬
‫قصد الدراسة في حدود االختصاصات الترابية لكل مركز ‪.‬‬
‫ومهما يكن ‪ ،‬فإن اجلهة املكلفة بالترخيص ببيع أو كراء العقار موضوع االستثمار إما‬
‫والي اجلهة إذا تعلق األمر بالقطاعات السبعة املذكورة ومتى قل الثمن عن ‪200‬مليون‬
‫درهم‪ ،‬أو وزير االقتصاد واملالية متى جتاوز هذا املبلغ أو تعلق بقطاعات خارج ما مت ذكره‪.‬‬
‫وتتبع تقريبا نفس اإلجراءات السالفة بخصوص إبرام العقد وكناش التحمالت ‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار البد من اإلشارة إلى أنه سنة ‪ 2005‬مت إبرام ‪ 6‬اتفاقيات االستثمار‪،‬‬
‫مبوجبها وضعت الدولة رهن إشارة القطاع اخلاص ما يفوق ‪ 300‬هكتار من أجل تشييد‬
‫الوحدات الصناعية واملركبات واالقامات السياحية‪ 278‬هذه االتفاقيات خولت املستفيدين‬
‫من االتفاقيات املذكورة بعض اإلعفاءات اجلمركية والضريبية وكذا مساهمة الدولة في‬
‫اقتناء العقارات املطلوبة الجناز املشروع تنفيذا للقانون ‪18‬ـ ‪ 95‬مبثابة ميثاق االستثمار‬
‫السالف الذكر‪.‬‬
‫أما سنة ‪ 2006‬فقد مت إبرام ‪ 6‬اتفاقيات كذلك تهم ‪ 1063‬هكتارا خصصت الجناز ‪6‬‬
‫مركبات سياحية إقامات بكل من مراكش‪ ،‬الدار البيضاء و طنجة ساهمت في خلق ‪4200‬‬
‫منصب شغل ‪ ،279‬فيما ارتفع عدد االتفاقيات سنة ‪ 2007‬إلى ‪ 17‬اتفاقية في مجال‬
‫‪280‬‬
‫السياحة‪ ،‬همت ‪ 4960‬هكتارا من ملك الدولة ‪.‬‬
‫أما في سنة ‪ 2009‬فقد صادقت اللجنة العليا لالستثمار على ‪ 105‬مشاريع منها ‪51‬‬
‫مشروعا في إطار االتفاقيات همت بعضها ملك الدولة مبساحة إجمالية ‪ 2787‬هكتار من‬
‫ملك الدولة مع خلق ‪ 17000‬منصب شغل ‪.‬‬

‫‪278 - Voir Rapport d’activité de la Direction des Domaines, année 2005 p 26.‬‬
‫‪279 - Voir Rapport d’activité de la Direction des Domaines, année 2007 ; p 24‬‬
‫‪280 - Voir Revue Almaliya ; N°41 ; Décembre 2007 ; p 29 et suit.‬‬
‫‪171‬‬ ‫اال�ستثمار يف �أمالك الدولة اخلا�صة‬

‫وخالل سنة ‪ 2010‬فقد درست اللجنة العليا لالستثمار ‪ 160‬مشروعا استثماريا ووافقت‬
‫على ‪ 92‬مشروعا منها ‪ 10‬مشاريع ستشيد على ملك الدولة اخلاص للدولة مبساحة ‪15900‬‬
‫هكتار دون إغفال العقارات التي خصصت لتطوير الطاقات املتجددة‪.‬‬
‫وبصفة عامة ميكن القول أن الدولة عبأت من أجل اجناز جملة من املشاريع االستثمارية‬
‫خالل الفترة املمتدة بني سنة ‪ 1999‬و ‪ 2010‬ما يناهز ‪ 35‬ألف هكتارا موزعة على الشكل‬
‫التالـي ‪:281‬‬

‫املساحة اإلجمالية‬
‫الغرض من املشروع‬ ‫القطاع‬
‫بالهكتار‬

‫إحداث مدن حضرية جديدة وبرامج سكنية في‬


‫مجال السكني ذي التكلفة املنخفضة والسكن‬ ‫‪14.532‬‬ ‫السكن‬
‫االجتماعي وسكن الطبقة املتوسطة‬
‫تهيئة مجاالت لالستقبال من حظائر ومناطق‬
‫صناعية ومجاالت للتكنولوجيا احلديثة‬
‫‪4557‬‬ ‫قطاع الصناعة‬
‫للتواصل واإلعالم وأنشطة اخلدمات ووحدات‬
‫صناعية مختلفة‬
‫تهيئة احملطات السياحية الشاطئية املبرمجة‬
‫في إطار املخطط األزرق ومناطق جديدة‬
‫‪8481‬‬ ‫قطاع السياحة‬
‫للتهيئة السياحية والجناز مركبات ووحدات‬
‫سياحية مندمجة(وحدات فندقية واقامات )‬
‫استثمارات في إطار القطع السبعة املباشرة من‬
‫االستثمار في إطار التدبير‬
‫طرف املراكز اجلهوية لالستثمار حتت إشراف‬ ‫‪3430‬‬
‫الالمتمركز‬
‫والة اجلهات‬

‫االستثمارات املنجــزة مـــن‬


‫اجناز جتهيزات جماعية ومشاريع تنموية محلية‬ ‫طرف اجلماعـــات احمللية ‪3927‬‬
‫واملؤسسات العمومية‬

‫‪ - 281‬معلومات مستقاة من مديرية أمالك الدولة‬


‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪172‬‬

‫وفي املقابل منحت الدولة حتفيزات ضريبية مهمة نذكر على اخلصوص‪:‬‬
‫�أوال ‪ :‬القطاع الفالحي ‪:‬‬
‫‪-‬إعفاء الدخول الفالحية من كل ضريبة إلى غاية ‪ 31‬دجنبر ‪. 2013282‬‬
‫ثانيا‪ :‬القطاع ال�سياحي‪:‬‬
‫‪ -‬إعفاء املنشآت الفندقية وكذا املنشآت التي تتولى تدبير واالقامات العقارية لإلنعاش‬
‫السياحي عـن مؤسساتها الفندقية من الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل ملدة‬
‫‪5‬سنوات متتالية تسري ابتداء من السنة احملاسبية التي أجنزت فيها أول عملية إيواء‬
‫بعمالت أجنبية‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬قطاع العقار ‪:‬‬
‫يعفى املنعشون العقاريني الذين ينجزون عملياتهم في إطار اتفاقيات مبرمة مع الدولة‬
‫الغرض منها اجناز برنامج لبناء ‪ 500‬سكن اجتماعي مخصص للسكن الرئيسي خل مدة‬
‫‪5‬سنوات ابتداء من تاريخ تسليم رخصة البناء من الضرائب والرسوم التالية ‪:‬‬
‫الضريبة على الشركات ؛‬ ‫‪°‬‬
‫الضريبة على الدخل ؛‬ ‫‪°‬‬
‫واجبات التسجيل والتنبر ؛‬ ‫‪°‬‬
‫الرسم املهني ورسم اخلدمات اجلماعية ؛‬ ‫‪°‬‬
‫الرسم اخلاص على االسمنت؛‬ ‫‪°‬‬
‫رسوم التقييد في السجالت باحملافظة العقارية‪.‬‬ ‫‪°‬‬
‫وتسري هذه اإلعفاءات على االتفاقيات املبرمة خالل الفترة املمتدة ما بني يناير ‪2008‬‬
‫و‪ 31‬دجنبر ‪2012‬‬
‫كما استفاد إلى حدود فاحت يناير ‪ 2011‬املنعشون العقاريني الذين يرتبطون مع الدولة‬
‫باتفاقيات من إعفاءات أخرى خالل ‪ 3‬سنوات من تاريخ رخصة البناء باجناز برنامج لتشييد‬
‫أحياء وقامات ومبان جامعية ال تقل محتوياتها عن ‪ 50‬غرفة وال تزيد طاقتها اإليوائية‬
‫لكل غرفة عن سريرين من ‪:‬‬

‫‪ - 282‬راجع دليل الضرائب ‪ ،‬تدابير التشجيعات الضريبة ‪،‬صادر عن املديرية العامة للضرائب ‪ ،‬طبعة‪.2011‬‬
‫‪173‬‬ ‫اال�ستثمار يف �أمالك الدولة اخلا�صة‬

‫‪ °‬تطبيق الضريبة بسعــر مخفـــض قدره ‪ % 17 ،50‬برسم الضريبــة علــى الشركــــات‬


‫و‪% 20‬برسم الضريبة على الدخل بالنسبة للمداخل احملصل عليها من كراء البناءات‬
‫املذكورة وذلك خالل ‪ 5‬سنوات األولى املوالية لتاريخ احلصول على رخصة السكنى‪،‬‬
‫‪ °‬اإلعفاء الكلي برسم كل سنة من واجبات التسجيل بالنسبة لعمليات شراء األراضي‬
‫غير املبنية أو األراضي التي حتتوي بناءات مقرر هدمها والضريبة على القيمة‬
‫املضافة والرسم املهني ورسم اخلدمات اجلماعية ‪.‬‬
‫هذه بعض األمثلة من اإلعفاءات الضريبية التي قامت بها الدولة تشجيعا لالستثمار‬
‫في املجال العقاري‪ .‬بقي أن نتعرف عن االستثمار في إطار الشركة الفالحية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‬
‫اال�ستثمار يف �إطار ال�رشاكة الفالحية‬

‫تعتبر عقود الشراكة بني القطاعني العام واخلاص آلية فعالة في حتقـيــق التنمية‬
‫املستدامــة ‪ ، 283‬ويعرف عقد الشراكة بأنه العقد الذي يكون طرفاه الدولة وأحد أو عدة‬
‫مستثمرين الذين رست عليهم الصفقة‪ ،‬يخول مبوجبه لذلك أو هؤالء صالحية استغالل امللك‬
‫الفالحي اخلاص للدولة‪ ،‬مقابل االلتزام بتدبير وتسيير ذلك امللك بصفة شخصية طبقا ملا‬
‫ورد في عقد الشراكة ودفتر التحمالت ‪.‬‬
‫إن أهم ما يتميز به عقد الشراكة ما يأتي ‪:‬‬
‫أنه عقدا مكتوبا‪،‬‬ ‫ـ‬
‫ال يعتبر املستثمر وكيال عن الدولة وال يحق له إلزامها بأي شكل من األشكال‪،‬‬ ‫ـ‬
‫يستغل املستثمر العقار موضوع االتفاقية استغالل الشخص احلريص‪،‬‬ ‫ـ‬
‫يتحمل املستثمر الضرائب والرسوم اجلاري بها العمل ‪،‬‬ ‫ـ‬
‫يتحمل املستثمر مصاريف التهيئة والتغييرات والتحويالت الضرورية التي تراها‬ ‫ـ‬
‫الدولة من أجل ضمان حماية ومتانة العقار‪،‬‬
‫تشغيل العمال املتواجدين بالضيعة الفالحية ‪..‬‬ ‫ـ‬

‫‪ - 283‬أحمد بوعشيق ‪ ،‬عقود الشراكة بني القطاعني العام واخلاص ‪ :‬سياسة عمومية حديثة لتمويل التنمية املستدامة باملغرب ‪ ،‬مداخلة‬
‫في املؤمتر الدولي للتنمية اإلدارية ‪ :‬نحو أداء متميز في القطاع احلكـــومي ‪ 1،‬ـ ‪ 4‬نونبر ‪.2009‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪174‬‬

‫وميكن للدولة أن تفسخ عقد الشراكة في حالة اخلطأ اجلسيم أو في حالة إخالل امللتزم‬
‫بالتزاماته التعاقدية وال سيما ‪:‬‬
‫‪ - 1‬عدم اجناز االستثمارات احملددة في عقد الشراكة ؛‬
‫‪ - 2‬عدم خلق مناصب الشغل املصرح بها في االتفاق؛‬
‫‪ - 3‬في حالة اإلهمال الكلي أو اجلزئي لالستغالل؛‬
‫‪ - 4‬في حالة عدم احترام الطابع الفالحي أو التصنيع الفالحي للمشروع ؛‬
‫‪ - 5‬في حالة عدم استجابته لإلنذارات املوجهة إليه بسبب إخالله بالقوانني واألنظمة‬
‫اجلاري بها العمل؛‬
‫‪ - 6‬في حالة قيامه بتغييرات من شانها عرقلة التنفيذ اجليد اللتزاماته‬
‫‪ - 7‬في حالة عدم بدء سريان املشروع ؛‬
‫‪ - 8‬في حالة تعرض املستثمر إلى التصفية القضائية ‪.‬‬
‫وفي حالة النزاع ميكن اعتماد التحكيم‪ ،‬وتعتمد اللغة العربية أو الفرنسية كلغة‬
‫للتحكيم‪ ،‬ويعتمد كذلك القانون املغربي في فض النزاع‪.‬‬
‫وقد متت تعبئة ما يقرب من ‪ 110.240‬هكتارا موزعة على األشطر التالية‪:‬‬
‫الشطر األول ‪ 62000 :‬هكتارا ‪،‬‬
‫الشطر الثاني ‪ 27500 :‬هكتارا ‪،‬‬
‫الشطر الثالث ‪ 21240 :‬هكتارا‪. 284‬‬
‫وحسب التقديرات األولية فإن القيمة املالية لالستثمار تناهز ‪ 22‬مليار درهم مع خلق‬
‫‪ 59400‬منصب شغل‪ ،‬ومن املنتظر أن يهم الشطر الرابع ‪20‬ألف هكتار من ملك الدولة‬
‫اخلاص ستعطى انطالقتها في األشهر القادمة‪. 285‬‬

‫; ‪284 -Voir Amlak, Bulletin d’information interne de la Direction des domaines de l’Etat‬‬
‫‪N°1 ; p 4.‬‬
‫‪ - 285‬مصطفى أزوكاح‪ ،‬مقال حتت عنوان» تفاصيل عملية كراء أراضي الدولـــة الفالحيـــة للخــــواص» جــريــدة الـمـســـاء‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 19‬يوليو ‪2011‬‬
‫‪175‬‬ ‫اال�ستثمار يف �أمالك الدولة اخلا�صة‬

‫من خالل ما تقدم أمكننا االطالع على املجهدات التي قامت بها الدولة في مجال‬
‫االستثمار إما بصفة منفردة أو في إطار الشراكة مع القطاع اخلاص الوطني أو الدولي‪،‬‬
‫وكان من املمكن حتقيق نتائج أحسن لوال بعض املعوقات التي حالت دون ذلك كما سنوضح‪.‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫معوقات اال�ستثمار يف �أرا�ضي الدولة اخلا�صة‬

‫رغم الترسانة القانونية التي سنها املشرع املغربي من أجل النهوض باالستثمار إال‬
‫أن النتائج إال حد اآلن لم ترق إلى املطلوب‪ ،‬ألسباب متنوعة منها ما هو ذاتي ومنها ما‬
‫هو هيكلي على‪ ،‬ما سنوضح من خالل الفقرتني التاليتني‪ ،‬على أن نخصص الفقرة الثالثة‬
‫للحلول املقترحة لتجاوز هذه املعوقات‪.‬‬

‫الفقرة الأوىل‬
‫معوقات اال�ستثمار الذاتية‬

‫ميكن تلخيص املعوقات الذاتية لالستثمار في املغرب‪ ،‬في الفساد اإلداري‪ ،‬وعدم جدية‬
‫بعض املستثمرين‪.‬‬

‫�أوال ـ الف�ساد الإداري ‪:‬‬


‫إن ظاهرة الرشوة واستغالل النفوذ ساهمت بشكل سلبي في تقزمي االستثمار في العقار‬
‫العمومي‪ .‬وألدل على ذلك الترتيب الدولي للمغرب الذي جعله في ترتيب متقدم في انعدام‬
‫الشفافية وطغيان الفساد اإلداري‪.‬‬
‫ويبرز هذا الفساد في تباطؤ تسليم سواء رخص البناء أو رفع اليد بعد إجناز شروط العقد‬
‫وكناش التحمالت‪ ،‬وفي بعض األحيان في مسطرة قبول ملفات القرض لتمويل املشروع ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬عدم جدية بع�ض امل�ستثمرين ‪:‬‬


‫أظهر الواقع العملي أن بعض املستثمرين يستغلون التسهيالت التي متنحها الدولة‬
‫من أجل تشجيع االستثمار فيلتجئون إلى تقدمي طلباتهم من أجل استغالل أمالك الدولة‬
‫اخلاصة سواء عن طريق الكراء أو طلبات االقتناء حتى مع عدم مالءتهم‪ ،‬سعيا منهم‬
‫إلى االعتماد على التمويل التام للمشروع عن طريق القرض الوطني‪ ،‬أو باالشتراك مع‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪176‬‬

‫مستثمرين حقيقيني‪ ،‬وفي نيتهم رهن العقار ضمانا لقرض ال ينوون أداءه‪ ،‬مما يجعل ملك‬
‫الدولة مثقال برهون وتقيييدات عقارية لفائدة الغير‪.‬‬

‫ثالثا ‪� :‬سوء ت�أويل بع�ض الن�صو�ص القانونية ‪:‬‬


‫درج بعض الفقه اإلداري على تأويل مقتضيات ظهير ‪ 27‬دجنبر ‪ 1972‬والسيما الفصل‬
‫األول منه مبنع املشرع لتفويت العقارات الفالحية أو ذات الصبغة الفالحية من ملك الدولة‬
‫اخلاص سواء للمواطنني أو األجانب‪ ،‬مما يجعل هذا التصرف مؤثرا في اجناز مشاريع‬
‫استثمارية فوق هذه العقارات ‪.‬‬
‫واحلال أن هذا التفسير لم يعد مسايرا للدستور الذي يعطي أهمية حلرية املبادرة‬
‫والتنافسية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‬
‫معوقات اال�ستثمار الهيكلية‬

‫يقصد باملعوقات الهيكلية تلك املعوقات التي كون سببها املباشر يعود إلى الثغرات‬
‫القانونية أو غياب سياسة وطنية موحدة وواضحة املعالم من أجل جتاوز كل املعوقات التي‬
‫تعرقل التنمية املستدامة وعلى اخلصوص في املجال العقاري‪ ،‬وفي هذا اإلطار نشير إلى‬
‫بعض األمثلة‪:‬‬

‫�أوال‪ :‬عدم حتفيظ كل �أمالك الدولة العقارية‬


‫كان لوجود نسبة مهمة من أمالك الدولة العقارية غير احملفظة أو التي في طور التحفيظ‬
‫األثر السلبي في استيعاب هذه األمالك ملشاريع استثمارية على اعتبار أن هناك غيابا تاما‬
‫للضمانة القانونية سواء بالنسبة للمستثمر نفسه أو للمؤسسات البنكية عندما تقدم لها‬
‫هذه العقارات كضمانات عينية للقروض ‪.‬‬
‫وكانت االنطالقة احلقيقية لتصفية أمالك الدولة الفترة املمتدة بني ‪ 2004‬و‪ 2008‬حيث‬
‫مت حتفيظ ‪163‬هكتارا تقريبا ‪ 286‬تلتها سنة ‪ 2009‬تأسيس ‪ 601‬رسما عقاريا مبساحة ‪27‬‬

‫‪286 - Voir Direction des domaines, le plus important propriétaire des terrains du Maroc.‬‬
‫‪www.lavieeco.com/news/économie/direction-des-domaines‬‬
‫‪177‬‬ ‫اال�ستثمار يف �أمالك الدولة اخلا�صة‬

‫ألف هكتار تقريبا كما مت إيداع نحو ‪ 660‬مطلبا للتحفيظ مبساحة تصل إلى ‪ 69‬ألف‬
‫هكتار‪ ،‬واإلدارة اآلن منكبة على اآلن على تصفية باقي األمالك العقارية بشراكة مع‬
‫القطاع اخلاص‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الرهون املثقلة لبع�ض العقارات امل�سرتجعة ‪:‬‬


‫سواء طبقا لظهير لقانون ‪ 26‬شتنبر‪ 1963‬الذي استرجعت مبوجبه الدولة أراضي االستعمار‬
‫أو ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬الذي استرجعت مبوجبه األراضي الفالحية أو القابلة للفالحة املتواجدة‬
‫خارج املدار احلضري واململكة إلى األجانب مما يتطلب حتويل هذه الرهون إلى حقوق شخصية‬
‫في ذمة الدولة‪ ،‬قياسا على ما تضمنه الفصل ‪ 11‬من القانون رقم ‪ 06.01‬املغير واملتمم‬
‫لظهير ‪ 29‬دجنبر ‪ 1972‬يتعلق مبنح بعض الفالحني أراض فالحية أو قابلة للفالحة من‬
‫ملك الدولة اخلاص حيث يتعني على احملافظ على األمالك العقارية التشطيب تلقائيا‬
‫على التحمالت العقارية واحلقوق العقارية وحتويلها إلى حقوق شخصية ‪،‬مع فتحها إلى‬
‫االستثمارات املنتجة بشراكة مع القطاع اخلاص ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬التقييدات االحتياطية والتعر�ضات الكيدية‪:‬‬


‫تعاني أمالك الدولة كغيرها من األمالك العقارية من كثرة التقييدات االحتياطية التي‬
‫تكون في مجملها تعسفية أو عن سوء نية ‪ ،‬وذلك بسبب تساهل بعض احملافظني على‬
‫األمالك العقارية في هذا التسجيل وخاصة بالنسبة للتقييدات االحتياطية بناء على سنج‬
‫أو بناء على مقال مما أدى إلى شبه شلل بالنسبة لبعض أمالك الدولة وبالتالي أخرجها من‬
‫دائرة االستثمار إلى حني التشطيب على التقييدات االحتياطية‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار صدر منشور بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪ 2011‬عن املدير العام للوكالة الوطنية‬
‫للمحافظة العقارية واملسح العقاري واخلرائطية في شأن إجراء التقييدات االحتياطية‬
‫بالسجالت العقارية والي دق ناقوس اخلطر عندما أشار إلى أن هناك تقييدات احتياطية‬
‫تتم بطريقة تعسفية أو بسوء نية مما يؤدي إلى املساس باستقرار املعامالت العقارية ‪.‬‬
‫ومن أجل احلد من هذه اإلشكالية طلب اتخاذ جملة من اإلجراءات القانونية الكفيلة‬
‫بعدم قبول التقييدات االحتياطية إال ملبررات موضوعية ظهرت على اخلصوص بعد صدور‬
‫القانون رقم ‪ 14 .07‬بتاريخ ‪ 22‬نونبر ‪ 2001‬املغير واملتمم لظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬املتعلق‬
‫بالتحفيظ العقاري‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪178‬‬

‫ويسري نفس األمر على التعرضات الكيدية التي تتقدم بها بعض سكان الدواوير أو‬
‫اجلماعات الساللية احملتلة لعقارات الدولة بدون سند قانوني ضد مطالب التحفيظ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬غياب االحتياط العقاري للدولة‪:‬‬


‫لم تعد الدولة تعمد كما في السابق إلى تكوين احتياط عقاري عن طريق االقتناء‬
‫بالتراضي ألسباب موضوعية تتمثل بالضرورة في غياب حماية إدارية أو جنائية خاصة لزجر‬
‫الترامي على أمالك الدولة اخلاصة ‪،‬أسوة بامللك العمومي‪ ،‬بحيث ميكن للسلطة اإلقليمية‬
‫سلوك مسطرة الهدم لكل بناء يشيد فوق امللك العمومي خارج املسطرة القانونية ‪،‬كما انه‬
‫على املستوى اجلنائي ال ميكن لإلدارة إال إتباع املسطرة العادية من أجل حماية األمالك‬
‫اخلاصة التي تكون ضحية الترامي‪ .‬ناهيك عن استغالل هذه العقارات كورقة انتخابية‬
‫من طرف بعض املنتخبني خالل االستحقاقات االنتخابية حيث يسهلون عملية فتحها أمام‬
‫سكان دور الصفيح من أجل االستغالل كمناطق سكنية مع تزويدهم باملاء الصالح للشرب‪.‬‬
‫وهذا ما يؤدي عمليا إلى عدم تكوين احتياط عقاري للدولة يعبأ مستقبال من اجل‬
‫اجناز مشاريع استثمارية‬

‫خام�سا‪ :‬بطء امل�سطرة الق�ضائية حني املطالبة بف�سخ العقود ب�سبب الإخالل ب�رشوط‬
‫العقد‪...‬‬

‫�ساد�سا‪ :‬تعدد املتدخلني في مجال االستثمار املترتب على أمالك الدولة العقارية (الوالة‪،‬‬
‫السلطة احمللية‪ ،‬املركز اجلهوي لالستثمار ‪ ،‬بعض املرافق الوزارية املهتمة بقطاعات املالية‬
‫والفالحة والداخلية والشؤون العامة ‪ ،‬اللجان اإلقليمية املختصة ببعض العمليات العقارية‪،‬‬
‫اللجنة الوطنية لالستثمار‪ ،‬الوكالة املغربية لتنمية االستثمارات الشئ الذي أفرغ مبدأ‬
‫الشباك الوحيد من رمزيته وفعاليته ‪.‬‬

‫�سابعا ‪ :‬كرثة النزاعات ب�سبب ادعاء احليازة‪:‬‬


‫إلى حدود صدور القانون رقم ‪ 39.08‬يتعلق مبدونة احلقوق العينية الصادر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف بتاريخ ‪ 22‬نونبر ‪ 2011‬كانت أمالك الدولة اخلاصة تكتسب باحليازة‬
‫املكتسبة للملكية مما أدى إلى نزيف االحتياط العقاري للدولة‪.‬‬
‫وفي هذا االجتاه فقد نصت املادة ‪ 261‬بأنه ال تكتسب باحليازة أمالك الدولة العامة‬
‫واخلاصة ‪.‬‬
‫‪179‬‬ ‫اال�ستثمار يف �أمالك الدولة اخلا�صة‬

‫ثامنا ‪ :‬االحتالالت بدون �سند‪:‬‬


‫هناك ما يربو عن ‪100‬الف هكتار محتال بدون سند سواء من طرف اجلماعات احمللية أو‬
‫دور الصفيح‪ ،‬بل إن هناك احتالالت متس كذلك األرضي الفالحية‪ ،‬مما اضطرت معه الدولة‬
‫إلى اللجوء إلى القضاء من اجل تصفيتها ‪.‬وسعيا من الدولة للحد من هذه اآلفة تعمد‬
‫مندوبية مدرية أمالك الدولة إلى إصدار أوامر بالتحصيل اعتمادا على مبالغ حتددها جلان‬
‫إدارية طبقا لظهير ‪ ،1935‬غير ان القضاء اإلداري اعتبر هذا التصرف منافيا للقانون ألن‬
‫اإلدارة ال ميكن أن تكون خصما وحكما وبالتالي يتعني على املتضرر اللجوء إليه‪ .‬مما دفع‬
‫باإلدارة إلى تقدمي طلب مضاد من أجل حتديد إتاوة االستغالل مع اإلفراغ كلما تقدم احملتل‬
‫بطلب إلغاء األوامر بالتحصيل ‪ .‬وكثيرا ما يستجيب القضاء‬

‫تا�سعا ‪ :‬اجتاه بعض وثائق التعمير إلى تصنيف أمالك الدولة ضمن املناطق اخلضراء‬
‫بصفة آلية‪.‬‬

‫عا�رشا ‪ :‬وجود بع�ض الأمالك اخلا�صة للدولة يف ملكية على ال�شياع ‪:‬‬
‫مما يتطلب سلوك إما املسطرة احلبية أو القضائية من أجل اخلروج من الشياع ‪.‬إال أن هذا‬
‫األمر غير يسير خاصة إذا تعلق األمر بأمالك متواجدة داخل قطاعات مشمولة بقانون الضم‬
‫غير مصادق عليه أو من شأن تقسيم العقار اململوك على الشياع إلى تفتيت العقار املذكور‬
‫إلى مساحة تقل عن ‪ 5‬هكتارات داخل دوائر الري مثال ‪ ،‬حيث مينع القانون إجراء كل‬
‫العمليات العقارية التي من شأنها تقسيم العقار إلى مساحة ضئيلة غير كفيلة باالستغالل‬
‫العقالني للعقار الفالحي ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‬
‫احللول املقرتحة لتجاوز معوقات اال�ستثمار يف �أرا�ضي الدولة اخلا�صة‬

‫هناك جملة من االقتراحات لتجاوز املعوقات أعاله نلخصها فيما يلي ‪:‬‬

‫�أوال ‪� :‬إجبارية التحفيظ العقاري بالن�سبة لعقارات الدولة‪:‬‬


‫يتعني على املشرع التدخل من أجل إقرار إجبارية حتفيظ أمالك الدولة واجلماعات‬
‫احمللية واملؤسسات العمومية تفاديا لكل ادعاء بالتملك من طرف األشخاص ذوي‬
‫النيات السيئة ‪.‬‬
‫الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‬ ‫‪180‬‬

‫ثانيا ‪ :‬توحيد اجلهات التي تدبر وت�سري العقار التابع للدولة‪:‬‬


‫وهنا البد من التفكير في جعل مديرية أمالك الدولة اجلهة الوحيدة لتسير وتدبير امللك‬
‫اخلاص للدولة مبا فيه الغابوي و امللك العمومي واألحباس العامة‪ ،‬في أفق إنشاء وكالة‬
‫وطنية لتدبير وتسيير امللك اخلاص والعام للدولة سواء كانت هذه األمالك عقارية أو منقولة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬تعديل قانون نزع امللكية العامة بشكل يخول مديرية أمالك الدولة نزع امللكية من‬
‫أجل تكوين االحتياط العقاري للدولة املوجه لالستثمارات الكبرى ذات النفع العام على‬
‫املدى املتوسط والبعيد‪.‬‬

‫رابعا ‪� :‬إحياء م�سطرة اال�ستك�شاف‪:‬‬


‫متاشيا مع مضمون املادة ‪222‬من مدونة احلقوق العينية التي تنص على أن األراضي‬
‫املوات التي ال مالك لها تكون ملكا للدولة وال يجوز وضع اليد عليها إال بإذن صريح من‬
‫السلطة املختصة طبقا للقانون‪.‬‬

‫خام�سا ‪ :‬منح الصفة الضبطية ملفتشي أمالك الدولة بعد أداء اليمني القانونية مبا يخولهم‬
‫معاينة املخالفات املنصبة على هذه األمالك وحترير محاضر بذلك توجه إلى النيابة العامة‬
‫يوثق مبضمونها ما لم يطعن فيها بالتزوير عوض االعتماد على رجال السلطة في هذا‬
‫الشأن الذين لهم أولويات أخرى‪.‬‬
‫وهذا األمر يتطلب إصدار نظام أساسي خاص بهذه الفئة ملا في ذلك من ضمان لألمن‬
‫العقاري للدولة‪.‬‬

‫�ساد�سا ‪ :‬احلرفية يف �إعداد م�شاريع االتفاقيات وال�رشاكة بني القطاع العام واخلا�ص‪:‬‬
‫وذلك بإسناد هذا االختصاص إلى أشخاص معنوية وطنية مختصة في حترير العقود‬
‫واالتفاقيات من قبيل شركات احملامني واملوثقني‪.‬‬

‫�سابعا ‪ :‬املراقبة اجلدية لتنفيذ �رشوط ال�رشاكة واالتفاقات اال�ستثمارية ‪:‬‬


‫يتعني إيجاد آليات قانونية كفيلة بتتبع مراحل تنفيذ بنود عقود االتفاقات والشراكة‬
‫بني القطاع العام واخلاص في مجال االستثمار بشكل يجعلها مؤهلة إلى املطالبة القضائية‬
‫بفسخ هذه االتفاقات استنادا إلى مسطرة استعجالية ‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية‬
‫يف‬
‫منازعات �أمالك الدولة‬
‫‪183‬‬

‫توجهات املحاكم الإدارية‬


‫املحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء‬
‫حكم رقم ‪894 :‬‬
‫�صادر بتاريخ ‪ 17‬يونيو ‪2004‬‬
‫يف ملف رقم ‪� 2004/668‬س‬

‫القاعـــدة‬
‫‪ -‬مبد�أ عدم جواز احلجز على ممتلكات الدولة اخلا�صة والعامة ب�سبب مالءة ذمتها وعدم جواز‬
‫�إجبارها على التنفيذ ملا يف ذلك من م�صلحة عامة لي�س �أ�صال مطلقا بل �إنه رهني بالتحقق من‬
‫كون هذه الأموال هي مر�صدة خلدمة املرفق العم وانتظامه �أم خم�ص�صة لأغرا�ض �أخرى ‪...‬‬
‫نعم‪.‬‬
‫ثبوت �أن احل�ساب اجلاري عليه احلجز ي�ضم خم�ص�صات لعدد كبري من املالك املنزوعة ملكيتهم‬
‫يف �إطار م�سطرة نزع امللكية من �أجل املنفعة العامة ومل تعد �أمواال خا�صة باملحجوز عليه‬
‫‪ ...‬قابليتها للحجز‪ ...‬ال ‪ ...‬رف�ض طلب امل�صادقة على احلجز املوقع عليها بهذه ال�صفة‬
‫‪ ....‬نعم‪.‬‬

‫نحن حسن العفوي نيابة عن رئيسة احملكمة اإلدارية‪ ،‬بصفتنا قاضيا للمستعجالت‪،‬مبساعدة‬
‫السيدة زاوك كلثوم كاتبة الضبط‪،‬أصدرنا األمر االستعجالي اآلتي نصه‪:‬‬
‫بني‪ :‬السيد ‪..............................‬‬
‫الساكن ب‪ .....................................‬الدار البيضاء‬
‫اجلاعل محل املخابرة معه مبكتب ذ‪ .‬حميد األندلسي احملامي بهيئة الدار البيضاء‪.‬‬
‫من جهة‬ ‫ ‬
‫وبني‪ - :‬صندوق اإليداع والتدبير في شخص ممثله القانوني بالرباط‬
‫‪ -‬املديرية اجلهوية بالوسط وزارة التجهيز بالرباط‪.‬‬
‫‪ -‬وزارة التجهيز في شخص وزير التجهيز ‪.‬‬
‫نائبتها ذة‪ /‬ثريا املراكشي‪.‬‬
‫الدولة املغربية في شخص الوزير األول‬
‫نائبها ذ‪ /‬محمد الناصري‬
‫‪ -‬العون القضائي للمملكة ‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪184‬‬

‫من جهة أخرى‬ ‫ ‬

‫الوقـائــع‬
‫بناء على املقال االستعجالي املودع بكتابة ضبط هذه احملكمة بتاريخ ‪2004/04/07‬‬
‫والذي يعرض فيه املدعى السيد ‪ ........................‬بواسطة نائبه ذ‪ /‬حميد‬
‫األندلسي بأنه استصدر حكما بتاريخ ‪ 1999/12/15‬في امللف عدد ‪ 98/212‬قضت‬
‫مبوجبه هذه احملكمة اإلدارية باملصادقة على تقرير اخلبرة املنجزة من طرف اخلبير السيد‬
‫إلياس الصديق واحلكم على الدولة بأدائها له تعويضا إجماليا قدره ‪10.500.000.00‬‬
‫درهم وأن احلكم قد وقع تأييده من طرف املجلس األعلى مبقتضى قراره عدد ‪ 1099‬املؤرخ‬
‫في ‪ ،2000/7/13‬غير أن املدعى عليها رفضت تنفيذه بالرغم من جميع احملاوالت‬
‫املبذولة في هذا الشأن‪ ،‬وأن العارض ضمانا حلقوقه بادر إلى استصدار أمر قضائي‬
‫بتاريخ ‪ 2003/9/10‬قضى بإجراء حجز بني يدي املدير العام لصندوق اإليداع والتدبير‬
‫على حساب املديرية اجلهوية للتجهيز بالوسط حتت رقم ‪ 3.1.17.01.1‬الذي بلغ باألمر‬
‫املذكور بتاريخ ‪ .2003/9/22‬وأنه تطبيقا ملقتضيات الفصل ‪ 494‬من ق م م فإن‬
‫العارض يلتمس املصادقة على احلجز املوقع بني يدي صندوق اإليداع والتدبير‪ ،‬واحلكم‬
‫تبعا لذلك على احملجوز لديه بأدائه له مبلغ ‪ 800.000.00‬درهم مع النفاذ املعجل‬
‫والصائر‪ .‬مرفقا مقاله باآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬نسخة من احلكم‪.‬‬
‫‪ -‬نسخة من قرار املجلس األعلى‪.‬‬
‫‪ -‬نسخة من األمر باحلجز‪.‬‬
‫‪ -‬نسخة من شهادة التسليم‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة جواب ذة‪ /‬ثريا املراكشي نيابة عن وزارة التجهيز أوضحت فيها أن‬
‫االجتهاد القضائي املغربي قد استقر منذ أمد طويل على منع تطبيق طرق التنفيذ اجلبري‬
‫على األموال العمومية باعتبارها مخصصة لتسيير املرافق العمومية‪ ،‬وأنه باإلطالع على‬
‫ميزانية املديرية اجلهوية للتجهيز بالوسط يتبني أن جميع اعتماداتها مرصودة لنفقات بذاتها‬
‫لفائدة إما أشخاص ذاتيني أو معنويني سبق االلتزام بالنفقة لفائدتهم‪ .‬وأنه على العكس من‬
‫ذلك فإن العارضة ال تتوفر على أي اعتماد مخصص للحاجز السيد ‪،................‬‬
‫ثم إن العارضة سبق لها أن أودعت املبالغ احملجوزة لدى صندوق اإليداع والتدبير لفائدة ما‬
‫يزيد عن ( ‪ )100‬من املالك الذين مت نزع ملكيتهم من أجل املنفعة العامة لبناء الطريق‬
‫‪185‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫السيار الرابط بني الدار البيضاء وسطات وأن جميع هؤالء يتوفرون على قرارات رفع اليد‬
‫أو أحكام قضائية نهائية‪ .‬وبالتالي فإن تلك املبالغ املودعة لم تعد نهائيا في ملك العارضة‬
‫وأن الصندوق احملجوز لديه يعتبر بنكا لإليداع يتلقى عمولة عن خدماته وال يعتبر غيرا‪،‬‬
‫مبفهوم الفصل ‪ 488‬من ق م م ومن ثمة فإن أي حجز على احلساب املذكور يعتبر حجزا‬
‫تعسفيا على أموال خاصة باملالكني املنزوعة ملكيتهم‪ ،‬لهذه األسباب تلتمس العارضة‬
‫التصريح بأن احلجز لدى الغير الواقع على احلساب املشار إليه أعاله غير مبرر من الناحية‬
‫القانونية والتصريح تبعا لذلك ببطالنه‪ ،‬واحلكم برفض الطلب‪.‬‬
‫وبناء على جواب ذ‪ /‬الناصري نيابة عن الدولة املغربية ووزارة التجهيز أورد فيه أن‬
‫احلجز على أموال تعود إلى مصلحة إدارة الطرق يعد حجزا مباشرا على ميزانية وزارة‬
‫التجهيز التي تعد جزء ال يتجزأ من ميزانية الدولة‪ ،‬وأنه من البديهي أن األموال العامة‬
‫ال ميكن حجزها ألنها تعد ضرورية لضمان سير املرافق العمومية باعتبار أن الدولة يفترض‬
‫فيها مالءة الذمة‪ ،‬وأن العارضة تقدمت بطلب يرمي إلى رفع احلجز وهو ما يحول دون إجراء‬
‫مسطرة التوزيع الودي وتصحيح احلجز احلالية التي تبقى سابقة ألوانها ملتمسا التصريح‬
‫بإيقاف البت في طلب املصادقة إلى حني البت في طلب رفع احلجز‪.‬‬
‫وحيث راجت القضية بعد ذلك بعدة جلسات كان آخرها جلسة ‪ 2004/06/15‬حضرتها‬
‫ذة‪ /‬بكوشي عن ذ‪ /‬األندلسي عن طالب احلجز‪ ،‬كما حضرت ذة‪ /‬بنكيران عن ذ‪ /‬الناصري‬
‫عن احملجوز عليه‪ ،‬وحضر السيد ‪ ..............................‬عن صندوق اإليداع‬
‫والتدبير وصرح بأن املبالغ احملجوزة تناهز حوالي ‪ 34.000.000.00‬درهم مودعة بني يدي‬
‫الصندوق لفائدة (‪ )99‬شخصا من املالك املنزوعة ملكيتهم من أجل املنفعة العامة وليس‬
‫من بينهم طالب احلجز السيد ‪ ،.................‬وأضاف بأن الصندوق ال يتوفر على‬
‫أية أموال مودعة لفائدة وزارة التجهيز‪ .‬بينما أكدت نائبة املدعى الطلب كما أكدت نائبتا‬
‫الطرف املدعى عليه جوابهما ودفوعاتهما السابقة‪.‬‬
‫حينئذ تقرر حجز القضية للتأمل والنطق باحلكم جللسة ‪.2004/06/17‬‬

‫التعليــل‬
‫وعليه نحن قاضي املستعجالت‪:‬‬
‫‪ - 1‬في الشكل‪ :‬حيث إن املقال قدم من ذي صفة ومصلحة وجاء مستوفيا لكافة شروطه‬
‫الشكلية فهو إذن مقبول شكال‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪186‬‬

‫‪ - 2‬في املوضوع‪ :‬حيث إن الطلب يهدف إلى املصادقة على احلجز املوقع بني يدي‬
‫صندوق اإليداع والتدبير مبقتضى األمر الصادر عن رئيس هذه احملكمة اإلدارية بتاريخ‬
‫‪ 2003/09/12‬في امللف رقم ‪ 2003/461‬واحلكم تبعا لذلك على احملجوز لديه بأدائه‬
‫لطالب احلجز املبلغ احملجوز وقدره ‪ 800.000.00‬درهم‪.‬‬
‫وحيث متسكت اجلهة احملجوز عليها بأنه إذا كانت القواعد اإلجرائية املعمول بها في‬
‫قانون املسطرة املدنية تخول احلق لكل دائن يتوفر على سند تنفيذي أن يقوم بحجز ما‬
‫للمدين لدى الغير عمال بأحكام الفصل ‪ 488‬منه فإن االجتهاد القضائي املغربي قد استقر‬
‫منذ أمد بعيد على استثناء تطبيق طرق التنفيذ اجلبري على األموال العمومية لكونها عادة‬
‫ما تكون مخصصة لتسير املرافق العمومية‪ .‬وأنه من شأن احلجز عليها غل يد اإلدارة في‬
‫صرفها فيما أعدت له‪ ...‬طاملا أن الدولة ال يخشى عسرها نظرا ملالءة ذمتها ناهيك على‬
‫أن املبالغ احملجوزة لدى الصندوق تخص (‪ )99‬من املالك الذي مت نزع ملكيتهم من أجل‬
‫املنفعة العامة لبناء الطريق السيار الرابط بني الدار البيضاء – سطات‪.‬‬
‫وحيث إنه بخالف ما ذهبت إليه اجلهة احملجوز عليها فإن مبدأ عدم قابلية األموال‬
‫العمومية للحجز ال ميكن األخذ به بصفة مطلقة بحجة أنه ال يوجد أي خطر يهدد الدين‬
‫احملكوم به والذي وقع احلجز بسببه‪ ،‬وأن ‪ .....................‬ال العسر نظرا ملالءة‬
‫ذمتها بالرغم من انه ال يوجد نص صريح مينع ذلك‪ ،‬إال أن عدم اجلواز هذا يجب أن ال يفهم‬
‫على إطالقه بل إنه في حالة امتناع جهة اإلدارة عن تنفيذ حكم قضائي بدون مبرر مشروع‬
‫فإن هذا االمتناع يفيد أن مالءة الذمة أصبحت غير مجدية بالنسبة الستكمال إجراءات‬
‫التنفيذ اجلارية‪.‬‬
‫وحيث إنه بالرجوع إلى نازلة احلال اتضح لنا بعد اطالعنا على األمر القضائي بإجراء‬
‫حجز لدى الغير أن احلجز قد انصب على احلساب ‪ 3.1.17.01.1‬املفتوح لدى صندوق‬
‫اإليداع والتدبير اخلاص مبصلحة الطرق باملديرية اجلهوية للتجهيز والبناء بالوسط والذي‬
‫يخص التعويضات املودعة لفائدة (‪ )99‬من املالك الذين نزعت ملكيتهم من أجل املنفعة‬
‫العامة لبناء الطريق السيار الدار البيضاء – سطات‪ ،‬ومن ثمة فإن هذه األموال قد خرجت‬
‫من الذمة املالية لإلدارة وأصبحت أمواال خاصة بالغير مما ال يجوز احلجز عليها فباألحرى‬
‫تسليمها لطالب احلجز وهو ما قد يصيب احملكوم لهم بأضرار بليغة األمر الذي يستدعي‬
‫منا التصريح برفض‪.‬‬
‫‪187‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫املنطــوق‬
‫وتطبيقا ملقتضيات الفصول ‪ 3‬و ‪ 4‬و ‪ 7‬و ‪ 8‬و‪ 19‬من قانون ‪ 41/90‬احملدث للمحاكم‬
‫اإلدارية‪،‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫نصرح علنيا ابتدائيا حضوريا‪:‬‬
‫شكال‪ :‬بقبول الطلب‪.‬‬
‫موضوعا‪ :‬برفضه مع إبقاء الصائر على رافعه‪.‬‬
‫بهذا صدر األمر في اليوم والشهر والسنة أعاله‪...........................‬‬

‫�إم�ضـــــاء‪:‬‬
‫كاتب الضبط‬ ‫ ‬‫قاضي املستعجالت‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪188‬‬

‫املحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء‬


‫حكم رقم ‪861 :‬‬
‫�صادر بتاريخ ‪ 15‬نونرب ‪2006‬‬
‫يف ملف رقم ‪ 2005/1997‬ت‬

‫الــقـــاعــــدة‬
‫‪ -‬حق امللكية حق م�ضمون د�ستوريا وال يجوز احلد منه �إال مبقت�ضى القانون ‪ ...‬نعم‪.....‬‬
‫‪ -‬قيام الإدارة باال�ستيالء على ملك الغري و�إن�شاء مرفق عام عليه بدون �سلوك م�سطرة نزع‬
‫امللكية ي�شكل اعتداء ماديا مربرا لتعوي�ض املت�رضر‪.........‬نعم‪......‬‬

‫أصدرت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي متكونة من السادة‪:‬‬


‫األستاذ عبد الله العلج‪ ..........................................‬رئيسا ومقررا‪،‬‬
‫األستاذ عبد العتاق فكير ‪ .............................................‬عضوا‪،‬‬
‫األستاذ إسماعيل زكير‪ ...............................................‬عضوا‪،‬‬
‫بحضور األستاذ مصطفة الدحاني ‪ ................................‬مفوضا ملكيا‪،‬‬
‫ومبساعدة السيد مصطفى عوان‪ ..................................‬كاتب الضبط‪.‬‬

‫احلكم الآتي ن�صه ‪:‬‬


‫بني ‪ :‬السادة ‪...........................................‬‬
‫الساكنني جميعا ‪..............................................‬‬
‫نائبهم ‪ :‬األستاذ عبد اجلليل حجار احملامي بهيئة اجلديدة‬
‫من جهة‬ ‫ ‬
‫وبني ‪ - :‬الدولة املغربية ممثلة في شخص الوزير األول مبقر الوزارة األولى بالرباط‪..‬‬
‫السيد وزير التجهيز والنقل مبقر وزارة التجهيز بالرباط‪.‬‬
‫السيد الوكيل القضائي للمملكة مبقره بالرباط‪.‬‬
‫من جهة أخرى‬ ‫ ‬
‫‪189‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫الوقـــائــــع‬
‫بناء على املقال االفتتاحي للدعوى الذي تقدم بها املدعون بواسطة محاميهم واملؤداة‬
‫عنه الصائر القضائي بتاريخ ‪ 2005/10/14‬يعرضون فيه أنه ميلكون العقار موضوع‬
‫الرسم العقاري عدد ‪/30888‬س‪ ،‬وأن وزارية التجهيز عمدت إلى مترير طريق ثالثية رقم‬
‫‪ CT1120‬دون سلوك اإلجراءات واملساطر املنصوص عيها في القانون رقم ‪ 81/7‬املتعلق‬
‫بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة واالحتالل املؤقت إضافة إلى كون املدعى عليه قامت‬
‫بتمرير الطريق بطريق ملتوية جاعلة العقار مجزء أفقده قيمته‪ ،‬وأن مسؤولية املدعى عليها‬
‫ثابتة طبقا ملقتضيات الفصل ‪ 79‬من ق ل ع وأنهم راسلوا احملكمة التي اكتفت بالرد بأنها‬
‫في طور دراسة املوضوع وأنهم استصدروا أمرا بإجراء خبرة وحدد اخلبير املساحة احملتلة في‬
‫‪ 23400‬مترا مربعا وأن مرور الطريق قسم العقار إلى عدة أجزاء أصبح البعض منها غير‬
‫صالح وأن العقار يوجد مبنطقة سياحية بحكم تصاميم التهيئة ملتمسني قبول الطلب شكال‬
‫وموضوعا احلكم بإجراء خبرة عقارية لتحديد املساحة احملتلة وقيمتها واألضرار الناجتة‬
‫عن تشطير العقار وقيمة احلرمان من االستغالل من جراء االحتالل مع الفوائد القانونية‬
‫وحق العارضني في التعقيب على اخلبرة واإلدالء مبطالبهم مع حتميل املدعى عليهم الصائر‬
‫وأرفقوا املقال بشهادة امللكية وتقرير اخلبرة ورسالة إلى وزير التجهيز والنقل وجواب وزارة‬
‫التجهيز وصورة من األمر القضائي‪.‬‬
‫وبناء على القرار التمهيدي الصادر عن هذه احملكمة بتاريخ ‪ 2006/1/23‬حتت عدد‬
‫‪ 23‬والقاضي بإجراء خبرة‪.‬‬
‫وبناء على تقرير اخلبرة املنجز من طرف اخلبير املعني واملودع بكتابة ضبط احملكمة بتاريخ‬
‫‪ 2006/5/2‬والتي حضرها الطرفان واالنتقال إلى عني املكان حدد املساحة اإلجمالية‬
‫احملتلة بالطريق في(‪ 23400‬متر مربع) واألجزاء التي لم تعد صاحلة في (‪ 5170‬متر مربع)‬
‫وثمن املتر املربع من األرض في مبلغ (‪ 400‬درهم) ليصل إلى حتديد ثمن اجلزء احملتل في‬
‫مبلغ (‪ 9.360.000.00‬درهم) وقيمة الضرر عن فقدان قيمة األجزاء التي لم تعد صاحلة‬
‫في مبلغ (‪ 1.034.000.00‬درهم) احملددة في نصف القيمة احلقيقة‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة املطالب بعد اخلبرة املدلى بها من طرف محامي املدعون يعرض فيها‬
‫أن اخلبير طبق القيمة األدنى املرجعية الدنيا املعتمدة في شراء العقارات املماثلة دون أن‬
‫يوضح السبب الذي دعاه لألخذ بها ومع ذلك يلتمسون احلكم باملصادقة على تقرير اخلبرة‬
‫واحلكم وفق التعويض احملدد فيها مع تعويض عن الضرر ال يقل عن (‪ 500000‬درهم‪.‬‬
‫وبناء على القرار التمهيدي الصادر عن هذه احملكمة بتاريخ ‪ 2006/6/26‬حتت عدد‬
‫‪ 195‬والقاضي بإجراء خبرة ثانية أسندت للقيام بها اخلبير محمد بنيونس حللو وتتحمل‬
‫أتعابها وزارة التجهيز‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪190‬‬

‫وحيث بلغت املدعى عليها بالقرار التمهيدي وأندرت إليداع صائر اخلبرة ولم متتثل فتقرر‬
‫صرف النظر عنها إعماال للقرار التمهيدي املذكور‪.‬‬
‫وحيث أدرجت القضية بجلسة ‪ 2006/11/8‬حضرها نائب املدعني وصدر أمر بالتخلي‬
‫وأكد السيد املفوض امللكي مستنتجاته الكتابية فتقرر حجز القضية للمداولة‪.‬‬

‫التعليــــل‬
‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬
‫في الشكل ‪ :‬حيث إن الطلب قدم من ذي صفة ومصلحة ومؤدى عنه الصائر القضائي‬
‫ومستوف لكافة األوضاع املقررة قانونا مما يتعني معه قبوله‪.‬‬
‫في املوضوع‪ :‬حيث إن الطلب يرمي إلى احلكم على املدعى عليها بأدائها للمدعني‬
‫تعويضا عن احتالل أجزاء من ملكهم ذي الرسم العقاري ‪/30888‬س من جراء مترير الطريق‬
‫عليه دون سلوك مسطرة نزع امللكية واألجزاء التي أصبحت غير صاحلة لالستعمال عن‬
‫نقص ثمنها‪.‬‬
‫وحيث أمرت احملكمة بإجراء خبرة انتدب للقيام بها اخلبير عبد الرفيع حللو والذي أجنز‬
‫تقريره بحضور طرفي الدعوى وبعد االنتقال إلى عني املكان ومعاينة العقار الذي يقع في‬
‫منطقة سياحية حيث تصميم تهيئة الدار البيضاء ومعاينة مترير الطريق اإلقليمية رقم‬
‫‪ 3012‬عليه ووصفه حدد املساحة التي شملتها الطريق منه في (‪ 23400‬متر مربع) واألجزاء‬
‫التي تعد صاحلة من القطعتني ‪ 1‬و‪ 2‬من العقار التي لم تعد صاحلة الختراقها بالطريق‬
‫وأصبحت أجزاء صغيرة حسب التصميم املرفق ونقصت قيمتها بالنصف في ما مساحته‬
‫(‪ 5170‬متر مربع) وحدد قيمة املتر املربع من امللك استنادا إلى ذلك وإلى عقود املقارنة‬
‫في مبلغ (‪ 400‬درهم) للمتر املربع‪.‬‬
‫وحيث أمرت احملكمة متهيديا بإجراء خبرة ثانية وحملت مصاريفها للطرف املدعى عليه‬
‫حتت طائلة صرف النظر عنها‪.‬‬
‫وحيث استدعيت املدعى عليها ألداء صائر اخلبرة ولم متتثل رغم مرور األجل الشيء‬
‫الذي ارتأت معه احملكمة صرف النظر عنها واالكتفاء باخلبرة املنجزة‪.‬‬
‫وحيث ثبت من وثائق الدعوى وتقرير اخلبرة أن وزارة التجهيز قامت بشق الطريق في ملك‬
‫املدعني دون سلوك مسطرة نزع امللكية أو االقتناء بالتراضي الشيء الذي يشكل اعتداء‬
‫تتحمل املدعى عليها مسؤولية التعويض عنه‪.‬‬
‫وحيث ثبت من تقرير اخلبرة املنجزة بحضور الطرفني أن املساحة احململة بالطريق بلغت‬
‫(‪ 23400‬متر مربع) واملساحة التي لم تعد صاحلة لالستعمال بعد شق الطريق في القطعتني‬
‫‪191‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫‪ 1‬و‪ 2‬من العقار حسب التصميم ملوقعه مبنطقة سياحية حسب تصميم تهيئة مدينة الدار‬
‫البيضاء واستنادا إلى عقود املقارنة في مبلغ (‪ 400‬درهم)‪.‬‬
‫وحيث إن تقرير اخلبرة املذكور جاء موضوعيا سواء فيما يتعلق باملساحة احملتلة او‬
‫املساحة التي أصبحت غير صاحلة لالستعمال ونقص ثمنها إلى النصف أو فيما يتعلق بثمن‬
‫املتر املربع من امللك الشيء الذي يتعني معه املصادقة على تقرير اخلبرة املذكور واعتماد‬
‫النتائج التي توصل إليها‪.‬‬
‫وحيث يتعني لذلك احلكم على وزارة التجهيز بأدائها للمدعني قيمة اجلزء احملتل ومساحته‬
‫(‪ 23400‬متر مربع ) في مبلغ (‪ 9360000‬درهم ) على أساس (‪ 400‬درهم) للمتر املربع‬
‫وتعويض عن النقص في ثمن ما مساحته (‪ 5170‬متر مربع) في مبلغ (‪ 1034000‬درهم)‬
‫على أساس ‪ 200‬درهم للمتر املربع‪.‬‬
‫وحيث إن صائر الدعوى يتحملها الطرف اخلاسر‪.‬‬

‫املنطوق‬
‫وتطبيقا ملقتضيات القانون ‪ 41/90‬احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫تصرح احملكمة اإلدارية وهي تقضي علنيا وابتدائيا‪:‬‬
‫في الشكل‪ :‬بقبول الطلب‬
‫في املوضوع‪ :‬احلكم على وزارة التجهيز بأدائها للمدعني تعويضا عن الفقد اجلبري ملا‬
‫مساحته (‪ 23400‬متر مربع) من ملكهـــم ذي الرســــم العقـــاري ‪ .............‬قـــدره‬
‫(‪ 9.360.000‬درهم) تسعة ماليني وثالثمائة وستون ألف درهم على أساس (‪ 400‬درهم)‬
‫للمتر املربع‪ .‬وتعويض عن نقص ثمن ما مساحته (‪ 5170‬متر مربع) مببلغ (‪1.034.000‬‬
‫درهم) مليون وأربعة وثالثون ألف درهم على أساس (‪200‬درهم) للمتر املربع‪.‬‬
‫وبتحميل املدعى عليها الصائر‪.‬‬
‫بهذا صدر األمر في اليوم والشهر والسنة أعاله‬

‫�إم�ضاء‬
‫كاتب الضبط‬ ‫ ‬
‫املقرر‬ ‫الرئيس‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪192‬‬

‫املحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء‬


‫حكم �صادر بتاريخ ‪ 8‬يوليوز‪2009‬‬
‫يف ملف رقم ‪2008/11/79‬‬

‫القـــاعـــدة‬
‫‪ -‬ميكن احلكم بنقل ملكية العقارات واحلقوق العينية متى �أعلنت املنفعة العامة ب�ش�أنها و�أجريت‬
‫امل�سطرة طبق ال�رشوط والكيفيات املن�صو�ص عليها يف القانون رقم ‪ ...81/7‬نعم‪.‬‬
‫‪ -‬للمحكمة متى مل تتوفر لديها العنا�رص الكافية للبت يف النازلة �أن ت�أمر ب�إجراء خربة لتحديد‬
‫التعوي�ض املنا�سب مقابل نزع امللكية من �أجل املنفعة العامة‪ ...‬نعم خربة ح�ضورية‬
‫ومو�ضوعية‪ ...‬امل�صادقة عليها ‪...‬نعم‪.‬‬

‫أصدرت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي متكونة من السادة‪:‬‬


‫األستاذ عبد السالم نعناني ‪............................................‬رئيسا‪،‬‬
‫األستاذ عبد احلق دهبي‪ ................................................‬مقررا‪،‬‬
‫األستاذ مصطفى زاهر ‪ ................................................‬عضوا‪،‬‬
‫بحضور األستاذ إسماعيل زكير‪ .................................‬مفوضا ملكيا‪،‬‬
‫ومبساعدة السيد مصطفى عوان‪ ..................................‬كاتب الضبط‪.‬‬

‫احلكم الآتي ن�صه‪.:‬‬


‫بني ‪ :‬الدولة املغربية ( امللك اخلاص) في شخص مدير إدارة األمالك املخزنية مبكاتبه‬
‫باحلي اإلداري أكدال الرباط‬
‫نائبه ‪ :‬ذ‪ /‬نبيل صبور اجلامعي احملامي بهيئة فاس‪ ،‬اجلاعل محل املخابرة معه لـــدى‬
‫رئيس كتابة ضبط هذه احملكمة‪.‬‬
‫من جهة‬ ‫ ‬
‫وبني ‪ ................................ :‬الساكن بدوار ‪.........................‬‬
‫بحضور‪ :‬احملافظ على األمالك العقارية باحملمدية‬
‫من جهة أخرى‬ ‫ ‬
‫‪193‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫بناء على املقال االفتتاحي املقدم من طرف املدعية بواسطة نائبها أمام كتابة ضبط هذه‬
‫احملكمة بتاريخ ‪ ،2008/8/25‬واملعفى من أداء الرسوم القضائية‪ ،‬تعرض فيه أن املنفعة‬
‫العامة تقضي بالتهيئة احلضرية ملنطقة زناتة وإحداث املدنية اجلديدة زناتة ببلدية عني حرودة‬
‫عمالة احملمدية‪ ،‬وأنه تطبيقا للقانون رقم ‪ 7/81‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 1-81-254‬الصادر في ‪ 11‬من رجب ‪ 6 ( 1402‬ماي ‪ )1982‬املتعلق بنزع امللكية من‬
‫أجل املنفعة العامة واالحتالل املؤقت واملرسوم رقم ‪ 2.82.382‬الصادر في ‪ 2‬رجب ‪1403‬‬
‫(‪ 16‬أبريل ‪ )1983‬في شأن تطبيق القانون املشار إليه أعاله‪ ،‬وأنه بتاريخ ‪ 13‬مارس ‪2006‬‬
‫مت النشر باجلريدة الرسمية عدد ‪( 5403‬النشرة العامة) للمرسوم عدد ‪ 2.06.20‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 28‬فبراير ‪ 2006‬عن الوزير األول القاضي بإعالن أن املنفعة العامة تقضي بالتهيئة‬
‫احلضرية ملنطقة زناتة ببلدية عني حرودة بعمالة احملمدية‪ ،‬عهد بتنفيذه إلى وزير املالية‬
‫ومدير األمالك املخزنية‪ ،‬ومت نشره بالعدد ‪ 5705‬من جريدة احلركة بتاريخ ‪،2006/6/7‬‬
‫ومت تعليق املرسوم عدد ‪ 2.06.20‬مبكاتب بلدية عني حرودة‪ ،‬وأنه بتاريخ ‪ 28‬نونبر ‪2007‬‬
‫مت النشر باجلريدة الرسمية عدد ‪( 4961‬نشرة اإلعالنات القانونية والقضائية واإلدارية)‬
‫ملشروع مقرر التخلي بتعيني األمالك اخلاضعة لنزع امللكية إلجناز التهيئة احلضرية ملنطقة‬
‫زناتة ببلدية عني حرودة بعمالة احملمدية‪ ،‬ومت نشره بالعدد ‪ 7719‬من جريدة رسالة األمة‬
‫بتاريخ ‪ 28‬نونبر ‪ ،2007‬ومت نشره بالعدد ‪ 1774‬من جريدة التجديد بتاريخ ‪ 28‬نونبر‬
‫‪ ،2007‬كما مت إيداع مشروع مقرر التخلي مع التصميم التجزيئي مبكاتب بلدية عني‬
‫حرودة‪ ،‬كما قامت بفتح سجل لتقييد التصريحات واملالحظات طبقا للفصلني ‪ 10‬و‪ 11‬من‬
‫القانون املشار إليه أعاله‪ ،‬كما مت إيداع مشروع مقرر التخلي باحملافظة العقارية باحملمدية‬
‫والتقييد على دفاتر رسوم العقارات املشمولة بنزع امللكية بالنسبة للعقارات احملفظة والتي‬
‫في طور التحفيظ‪ ،‬ومت التقييد في السجل اخلاص املنصوص عليه في الفصل ‪ 455‬من‬
‫قانون املسطرة املدنية‪ ،‬لدى مصلحة كتابة الضبط بهذه احملكمة‪ ،‬بالنسبة للعقارات غير‬
‫احملفظة‪ ،‬وأنه بتاريخ ‪ 6‬مارس ‪ 2008‬مت النشر باجلريدة الرسمية عدد ‪ 5610‬ملقرر التخلي‬
‫عدد ‪ 480.08‬صادر عن وزير االقتصاد واملالية القاضي بالتخلي عن القطع األرضية‬
‫الالزمة للتهيئة احلضرية ملنطقة زناتة ببلدية عني حرودة بعمالة احملمدية باملنطقة املرسومة‬
‫حدودها بخط أحمر في التصميم التجزيئي عهد بتنفيذه إلى مدير األمالك املخزنية‪ ،‬ومت‬
‫نشر إعالن بشأنه بالعدد ‪ 1859‬من جريدة التجديد بتاريخ ‪ 31‬مارس ‪ ،2008‬وبالعدد‬
‫‪ 15476‬من جريدة الرأي بنفس التاريخ‪ ،‬كما مت تعليق مقرر التخلي مبكاتب بلدية عني‬
‫حرودة‪ ،‬مضيفة أن من بني القطع األرضية املشمولة بنزع امللكية العقار في طور التحفيظ‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪194‬‬

‫ذو مطلب التحفيظ عدد ‪ ،49/946‬مساحته ‪ 5550‬متر مربع واملرقم باجلدول امللحق مبقرر‬
‫التخلي برقم ‪ 66‬الكائن مبنطقة عني حرودة بلدية عني حرودة عمالة احملمدية اململوك للطرف‬
‫املدعى عليه واملشتمل على مسكنني مسقفني بالزنك‪ ،‬وأن اللجنة اإلدارية للخبرة املنعقدة‬
‫مبقر عمالة احملمدية حددت ثمن العقار املراد نزع ملكيته في مبلغ ‪ 1.814.850.00‬درهم‬
‫بحساب ‪ 327.00‬درهم للمتر املربع بالنسبة للقطعة األرضية ومبلغ ‪ 522.600.00‬درهم عن‬
‫البنايات أي ما مجموعه ‪ 2.337.450.00‬درهم معتمدة على عناصر التقييم املوضوعية‬
‫اخلاصة بكل عقار على حدة‪ ،‬ومساحة البقعة األرضية‪ ،‬ووضعيتها القانونية وشكلها‬
‫الهندسي‪ ،‬وطبيعة تضاريسها واستعمالها احلالي‪ ،‬باإلضافة إلى كافة العناصر املوضوعية‬
‫املعتمدة في التقييم واملشار إليها مبحضر اللجنة اإلدارية للتقييم‪ ،‬موضحة أن من حق‬
‫العارضة بعد أن قامت باإلجراءات املشار إليها أعاله أن تطلب احلكم لها بنقل ملكية‬
‫العقار املذكور مقابل التعويض املعروض بناء على تقييم اللجنة اإلدارية السالف الذكر‪،‬‬
‫والتمست من أجل ما سبق احلكم بنقل ملكية العقار موضوع الطلب لفائدة الدولة املغربية‬
‫( امللك اخلاص) في شخص مديرية األمالك املخزنية مقابل تعويض قدره ‪2.337.450.00‬‬
‫درهم مع البت في الصائر طبقا للقانون‪ ،‬وأشارت العارضة أن جميع الوثائق املعززة للطلب‬
‫مت اإلدالء بها رفقة املقال اخلاص بالقطعة رقم ‪ 2‬بشأن اإلذن باحليازة‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة اجلوابية للمنزوعة ملكيته املقدمة في جلسة ‪ ،2008/11/5‬أسند‬
‫من خاللها النظر للمحكمة لرقابة شرعية املقال ومدى استيفائه للشروط القانونية الشكلية‬
‫حتت طائلة عدم قبول الطلب شكال‪ ،‬ومن حيث املوضوع التمس اإلشهاد له برفض التقومي‬
‫احملدد من طرف اللجنة اإلدارية للتقومي واألمر بإجراء خبرة قضائية القيمة احلقيقية لألرض‬
‫والبنايات مع حفظ حقه في التعقيب‪.‬‬
‫وبناء على احلكم التمهيدي عدد ‪ 603‬الصادر بتاريخ ‪ 2008/11/12‬القاضي بإجراء‬
‫خبرة عقارية تقوميية أسندت إلى اخلبير سمير حلسن الذي أودع تقرير خبرته بكتابة ضبط‬
‫هذه احملكمة بتاريخ ‪.2009/3/6‬‬
‫وبناء على تبليغ نسخ من تقرير اخلبرة إلى الطرفني وتعقيبهما على ما جاء فيها‪.‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى املدلى بها في امللف‪.‬‬
‫وبناء على مقتضيات القانون رقم ‪ 90.41‬احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية‪.‬‬
‫وبناء على قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫‪195‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وبناء على اإلعالم بتعيني القضية جاهزة في اجللسة العلنية املنعقدة بتاريخ ‪.2009/7/01‬‬
‫وبناء على املناداة على الطرفني ومن ينوب عنهما وعدم حضورهما‪.‬‬
‫وبناء على املس‬

‫التعليـــل‬
‫وبعد املداولة طبقا للقانون‪:‬‬
‫في الشكل‪ :‬حيث أن الطلب قدم من ذي صفة ومصلحة‪ ،‬وجاء مستجمعا لكافة شروطه‬
‫الشكلية‪ ،‬فهو مقبول شكال‪.‬‬
‫في املوضوع‪ :‬حيث إن الطلب يروم احلكم بنقل ملكية العقار احملفظ ذو مطلب التحفيظ‬
‫عدد ‪ ،49/946‬مساحته ‪ 5550‬متر مربع املرقم باجلدول امللحق مبقرر التخلي برقم ‪ 66‬مبا‬
‫اشتمل عليه‪ ،‬الكائن مبنطقة عني حرودة بلدية عني حرودة عمالة احملمدية لفائدة املدعية‬
‫الدولة املغربية ( امللك اخلاص) في شخص مديرية األمالك املخزنية‪ ،‬مقابل تعويض قدره‬
‫‪ 2.337.450.00‬درهم ‪ ،‬مع البت في الصائر طبقا للقانون‪.‬‬
‫في نقل امللكية‪ :‬وحيث انه وتطبيقا ملقتضيات القانون رقم ‪ 7-81‬املتعلق بنزع امللكية‬
‫ألجل املنفعة العامة وباالحتالل املؤقت الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪1.81.254‬‬
‫بتاريخ ‪ 1982/5/06‬فإنه ميكن احلكم بنزع ملكية العقارات واحلقوق العينية متى أعلنت‬
‫املنفعة العامة بشأنها وأجريت املسطرة طبق الشروط والكيفيات املنصوص عليها في الظهير‬
‫املوما إليه أعاله‪.‬‬
‫وحيث إنه بالرجوع إلى الوثائق املدلى بها رفقة املقال االفتتاحي للدعوى اتضح أن‬
‫مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة قد احترمت وفق مقتضيات القانون رقم ‪.7-81‬‬
‫وحيث أنه تبعا لذلك يتعني االستجابة للطلب واحلكم بنقل ملكية القطعة األرضية‬
‫موضوع الطلب من أجل املنفعة العامة لفائدة نازعة امللكية الدولة املغربية ( امللك اخلاص)‪.‬‬
‫في التعويض‪ :‬حيث نازع الطرف املدعى عليه في التعويض املقترح من طرف اللجنة‬
‫اإلدارية مقابل نزع امللكية واملقدر في مبلغ ‪ 2.337.450.00‬درهم بعلة أنه ال يتناسب مع‬
‫القيمة احلقيقة للعقار املطلوب نزع ملكيته‪.‬‬
‫وحيث إن احملكمة وأمام عدم توفرها على العناصر الضرورية للبت في الطلب وتبعا‬
‫ملنازعة املدعى عليه حكمت بإجراء خبرة‪ -‬حكم عدد ‪ 603‬بتاريخ ‪ 2008/11/12-‬عهد‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪196‬‬

‫بها إلى اخلبير حلسن سمير الذي خلص في تقريره املودع بكتابة ضبط هذه احملكمة بتاريخ‬
‫‪ 2009/03/06‬إلى حتديد ثمن املتر املربع للعقار موضوع الطلب في مبلغ ‪ 400.00‬درهم‬
‫وحدد قيمة املتر املربع من البناء املسقف في ‪ 2.000.00‬درهم والبناء املسقف بالقرميد‬
‫(دمياتيت) في ‪ 1.500.00‬درهم وقيمة أرضية الساحة املرصصة باإلسمنت في ‪500.00‬‬
‫درهم والسور احلائطي في ‪ 400.00‬درهم‪ ،‬مع تخفيض نسبة ‪ 10%‬لقدمه‪ ،‬واستنتج أن‬
‫قيمة التعويض محددة كما يلي‪:‬‬
‫‪ 5.500‬متر مربع) = ‪ 2.220.000.00‬درهم‪.‬‬ ‫قيمة األرض ‪ 400.000(:‬درهم‬
‫قيمة البناء املسقف باإلسمنت احلديدي ‪ 2.000.00(:‬درهم ‪ 185‬متر مربع) ‪= 10% -‬‬
‫‪ 333.000.00‬درهم‪.‬‬
‫قيمة البناء املسقف باإلسمنت احلديدي ‪ 1.500.00(:‬درهم ‪ 104‬متر مربع) ‪= 10% -‬‬
‫‪ 140.400.00‬درهم‪.‬‬
‫قيمة األرضية املخصصة ‪ 500.00(:‬درهم ‪ 187‬متر مربع) ‪ 84.150.00 = 10% -‬درهم‪.‬‬
‫قيمة السوراحلائطي ‪ 400.00(:‬درهم ‪ 13‬متر مربع) ‪ 4.680.00 = 10% -‬درهم‪.‬‬
‫وحيث حدد اخلبير األسس املعتمدة لتقدير التعويضات املذكورة بعد طوافه بالعقار‬
‫موضوع النزاع ووصفه واستناده في ذلك التحديد على عقود املقارنة املقدمة من طرف نازعة‬
‫امللكية وعناصر وعقود املقارنة اخلاصة بعد األبحاث والتحريات التي قام بها لدى اجلهات‬
‫املعنية‪ ،‬مما تكون معه اخلبرة منسجمة ومقتضيات املادة العشرون من قانون نزع امللكية‪.‬‬
‫وحيث أن اخلبرة املنجزة أتت حضورية ومستوفية لكافة شروطها املتطلبة‪ ،‬الشيء الذي‬
‫يناسب املصادقة عليها واحلكم تبعا لذلك مبنح املنزعة ملكيته ‪.......................‬‬
‫تعويض إجماليا قدره ‪ 2.782.232.00‬درهم شامال لتعويض العقار ومشتمالته‪.‬‬
‫وحيث إنه يتعني حتميل نازعة امللكية صائر الدعوى وفقا ألحكام املادة ‪ 28‬من القانون‬
‫رقم ‪ 7-81‬املذكور‪.‬‬

‫املنطـــوق‬
‫وتطبيقا ملقتضيات القانون رقم ‪ 90.41‬احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية والقانون رقم‬
‫‪ 7-81‬املتعلق بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة وباالحتالل املؤقت‬
‫‪197‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫تصرح احملكمة اإلدارية وهي تقضي علنيا ابتدائيا وحضوريا‪:‬‬

‫يف ال�شكل‪ :‬بقبول الطلب‬


‫في املوضوع‪ :‬باعتباره واحلكم باملصادقة على تقرير اخلبرة املنجزة من طرف اخلبير حلسن‬
‫سمير وبنقل ملكية العقار في طور التحفيظ ذو مطلب التحفيظ عدد ‪ 49/946‬مساحته‬
‫‪ 5550‬مترا مربعا املرقم باجلدول امللحق مبقرر التخلي برقم ‪ 66‬ومشتمالته من أجل املنفعة‬
‫العامة لفائدة الدولة املغربية‪ -‬امللك اخلاص – مقابل تعويض إجمالي قدره ‪2.782.230.00‬‬
‫درهم للمدعى عليه ‪ .........................‬عن القطعة األرضية ومشتمالتها ‪ ،‬مع‬
‫حتميل نازعة امللكية صائر الدعوى‪.‬‬
‫بهذا صدر احلكم في اليوم والشهر والسنة أعاله‪.‬‬

‫�إم�ضاء‬
‫كاتب الضبط‬ ‫املقرر‬ ‫الرئيس‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪198‬‬

‫املحكمة الإدارية بالرباط‬


‫ق�سم الق�ضاء ال�شامل‬
‫حكم رقم‪1729:‬‬
‫�صادر بتاريخ‪ 14‬يوليوز ‪2009‬‬
‫يف ملف رقم ‪� 06/742‬ش‪.‬ت‬

‫القاعدة‬
‫ا�ست�صدار مر�سوم نزع امللكية ومبا�رشة الإجراءات الالحقة له ينبغي �أن تكون �سابقة على‬
‫بدء الأ�شغال حماية حلق امللكية امل�ضمون د�ستوريا‪ ..‬نعم‬
‫مبا�رشة الإدارة لإجراءات نزع امللكية بعد دخولها لعقار الغري والبدء يف �إجناز امل�رشوع ال‬
‫ي�ضفي ال�رشعية على عملها ويجعلها بالتايل يف و�ضعية االعتداء املادي الذي يخول احلق للطرف‬
‫املت�رضر يف احل�صول على التعوي�ض بقيمة العقار املعتدي عليه وقت تقدمي الطلب‪ ....‬نعم‬
‫اال�ستعانة بخربة لتحديده ‪....‬نعم‬

‫أصدرت احملكمة اإلدارية بالرباط وهي متكونة من السادة‪:‬‬


‫لطيفة خمير‪.........................................................‬رئيسا‪،‬‬
‫عبد الله فكار‪........................................................‬مقررا‪،‬‬
‫هدى السبيبي‪ .......................................................‬عضوا‪،‬‬
‫بحضور السيدة مليكة يانع ‪.....................................‬مفوضا ملكيا‪،‬‬
‫ومبساعدة السيدة فاطمة عزيز‪ ....................................‬كاتب الضبط‬

‫احلكم الأتي ن�صه‪:‬‬


‫بني األطراف املدعية‪:‬‬
‫‪.........................................................................‬‬
‫الساكنني ‪.................................................................‬‬
‫ينوب عنهم ‪ :‬األستاذان احلسن العلمي الهبكي وسعيد اخلمليشي‪ ،‬احملاميان بهية طنجة‪.‬‬
‫من جهة‬ ‫ ‬
‫‪199‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وبني األطراف املدعى عليها‪:‬‬


‫‪ - 1‬وزارة التجهيز والنقل في شخص السيد وزير التجهيز مبكاتبه بالرباط‬
‫تنوب عنها‪:‬األستاذة ثريا املراكشي – محامية بالرباط‬
‫‪ - 2‬الوكيل القضائي للمملكة‬
‫من جهة أخرى‬ ‫ ‬

‫الوقــــائــــع‬
‫بناء على املقال االفتتاحي للدعوى املؤداة عنه الرسوم القضائية بتاريخ ‪2006/07/19‬‬
‫واملقدم لدى كتابة ضبط هذه احملكمة بواسطة نائبي املدعيني والذي يعرضان من خالله‬
‫أنهما ميلكان القطعة األرضية الواقعة بحي ‪ ........‬موضوع مطلب التحفيظ عدد‬
‫‪ .................‬عبارة عن جتزئة سكنية تسمى « ‪ »....................‬وقاموا‬
‫بتجزئة القطعة األرضية لبناء العمارات وأضافا أن شركة ‪ ..............‬عمدت لفائدة‬
‫وزارة التجهيز إلى القيام بحفر وهدم وبسط القطع املجهزة للعمارات إلجناز الطريق السيار‬
‫دون سلوك املساطر القانونية الواجب اتباعها الشيء الذي يعتبر معه اعتداءا ماديا على‬
‫ملكيتهما ألجله التمسا احلكم بتعويض مؤقت قدره ‪ 50.000.00‬درهم مع إجراء خبرة‪.‬‬
‫بناء على املذكرة اجلوابية املؤرخة في ‪ 2006/09/27‬واملدلى بها من طرف نائب شركة‬
‫‪ .............‬والتي تعرض من خاللها أنه ال عالقة لها باالعتداء املادي على ملك‬
‫املدعني أو غيرهما وأن كل ما تقوم به هوتنفيذ اللتزاماتها التعاقدية ودفتر التحمالت‬
‫الذي يربطها بالشركة الوطنية للطرق السيارة صاحبة املشروع وزارة التجهيز ألجله التمست‬
‫إخراجها من الدعوى أساسا واحتياطيا القول برفض الطلب ‪.‬‬
‫بناء على املذكرة التعقيبية املقدمة من طرف نائبي املدعيني واملدلى بها خالل جلسة‬
‫‪ 10 /31/2006‬والتي التمسا من خاللها احلكم وفق الطلب وأكدا على أن الشركة املدعى‬
‫عليها تبقى مسؤولة عن األضرار الالحقة بهما جراء االعتداء املادي‪.‬‬
‫بناء على املذكرة اجلوابية املؤرخة في ‪ 2006/11/16‬واملدلى بها من طرف نائبة وزارة‬
‫التجهيز املدعى عليها والتي التمست من خاللها عدم قبول الدعوى شكال بعد مالحظة‬
‫كون الوثائق املعززة للطلب مجرد صور وفي املوضوع التصريح برفض الطلب بعد معاينة‬
‫كونها تتوفر على قرار االحتالل املؤقت لعقار املدعي كما أن هذا األخير لم يثبت واقعة‬
‫االعتداء املادي‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪200‬‬

‫بناء على املذكرة التعقيبية املدلى بها من خالل جلسة ‪ 2006/12/26‬من طرف نائبي‬
‫املدعني والتي يعرضون من خاللها أنهم يدلون بصورة طبق األصل للوثائق املرفقة باملقال‬
‫االفتتاحي وبخصوص قرار االحتالل فقد أشاروا إلى أن ذلك مجرد ادعاء يفتقر إلى اإلثبات‬
‫ألجله التمسوا رد جميع الدفوعات املثارة واحلكم وفق الطلب‪.‬‬
‫بناء على املذكرة اجلوابية املؤرخة في ‪ 2007/01/06‬واملدلى بها من طرف نائبة وزارة‬
‫التجهيز التي التمست من خاللها أساسا عدم قبول الطلب بعد مالحظة كون املذكرة‬
‫التعقيبية تضمنت أطرافا غير موجودة في املقال االفتتاحي وبعد مالحظة كون املدعني لم‬
‫يصلحوا املسطرة واحتياطيا من حيث املوضوع احلكم برفض الطلب بعد مالحظة توفرها على‬
‫قرار االحتالل املؤقت‪.‬‬
‫بناء على املذكرة التصحيحية املؤرخة في ‪ 2007/01/24‬واملدلى بها من طرف نائبي‬
‫املدعني والتي التمسوا من خاللها اإلشهاد لهم بتصحيح املسطرة واحلكم وفق ملتمساتهم‬
‫السابقة‪.‬‬
‫وحيث إنه باستقراء احملكمة لوثائق امللف ومستنداته وبإقرار املدعى عليها وزارة التجهيز‬
‫والنقل بكون املشروع املنجز باألرض موضوع النزاع مت لفائدتها يبقى طلب إخراج الشركة‬
‫املذكورة من الدعوى مبررا ويتعني االستجابة إليه‪.‬‬
‫في الشكل‪ :‬حيث قدم الطلب مستوفيا جلميع الشروط الشكلية مما يتعني معه التصريح‬
‫بقبوله‪.‬‬
‫في املوضوع‪ :‬حيث يروم الطلب استصدار حكم مبسؤولية املدعى عليها عن واقعة‬
‫االعتداء املادي الواقع على ملك املدعني وأدائها تعويضا قدره ‪ 20.000.00‬درهم مع احلكم‬
‫متهيديا بإجراء خبرة لتحديد القيمة احلقيقية للعقار‪.‬‬
‫وحيث دفعت وزارة التجهيز بواسطة نائبتها األستاذة املراكشي بكون دخول اإلدارة‬
‫للعقار مت بناء على قرار االحتالل املؤقت وأنها تنتظر صدور املرسوم النهائي املعلن عن نزع‬
‫امللكية ألجل املنفعة العامة‪.‬‬
‫لكن حيث إن قرار االحتالل املؤقت وكما يدل عليه اسمه إجراء مؤقت وغير دائم إذ قد‬
‫حتتاج اإلدارة لعقار ما لفترة معينة من الزمن لتستولي عليه لهذا الغرض ثم ترده ملالكه‬
‫عند انتهاء احلاجة إليه مع تعويضه عن احلرمان من االنتفاع به‪ ،‬كما أن قرار االحتالل‬
‫املؤقت وكما حدده الفصل ‪ 50‬من ظهير ‪ 6‬ماي ‪ 1982‬املتعلق بنزع امللكية ألجل املنفعة‬
‫‪201‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫العامة‪ ،‬يشمل احلاالت الثالثة وهي القيام بالدراسة أو أعمال إعداد أو إيداع أو استخراج‬
‫بعض املواد آليات أو مواد الزمة لتنفيذ أشغال عمومية‪.‬‬
‫وحيث إنه بالرجوع إلى القرار املتمسك به يتضح أنه أعطى لإلدارة احلق في إقامة‬
‫ممرات آلليات الورش وإجناز األشغال التحضيرية الالزمة لبناء الطريق السيار الرابط بني‬
‫تطوان والفنيدق‪ ،‬وهو ما يفيد أن مفعول القرار ينحصر في اإلجراءات القبلية والتي‬
‫تستلزم استتباعها بسلوك اإلدارة ملسطرة نزع امللكية بعد انتهاء املدة احملددة في قرار‬
‫االحتالل املؤقت‪.‬‬
‫وحيث يستفاد من وثائق امللف أن املدعى عليها لم تستصدر املرسوم بنزع ملكية القطعة‬
‫موضوع النزاع إال بتاريخ ‪ 2007/5/10‬كما أنها لم تعمل على سلوك مسطرة نزع امللكية‬
‫ولم تتقدم بالتالي بأي مقال من أجل احليازة أو نقل امللكية داخل األجل احملدد قانونا مما‬
‫يؤكد أن تواجدها بالعقار يبقى من قبيل االعتداء املادي ‪.‬‬
‫وحيث إن احملكمة ولتحديد املساحة املعتدى عليها وقيمتها وكذا التعويض املستحق‬
‫عن احلرمان من االستغالل‪ ،‬قضت متهيديا بإجراء خبرة عقارية أسندت مهمة القيام بها‬
‫إلى اخلبير احمللف السيد يوسفي املغاري إدريس الذي خلص في تقريره املضاف للملف‬
‫إلى كون العقار موضوع االعتداء املادي يقع على الطريق الرئيسية املؤدية من تطوان إلى‬
‫سبتة وأحدثت به جتزئة سميت بتجزئة السالمة طبقا للمواصفات املصادق عليها من طرف‬
‫جميع املصالح املعنية‪ ،‬وانتهى اخلبير إلى تقدمي اقتراحني‪ ،‬األول حدد فيه ثمن املتر املربع‬
‫في مبلغ ‪ 8000.00‬درهم مضروب في املساحة ‪ 7910‬م ‪ 2‬ليصبح ‪ 63.280.000.00‬درهم‬
‫مضافا إليه مصاريف التجهيز املرفقة بالتقرير واحملددة في ‪7.559.671.59‬درهم ليصير‬
‫املبلغ اإلجمالي هو ‪ 70.939.671.59‬وأما االقتراح الثاني فقد عمد فيه اخلبير إلى حتديد‬
‫التعويض على أساس سعر البقع األرضية املخصصة لبناء العمارات ذات السبع طوابق‬
‫ومنها فئة ذات واجهتني وأخرى ذات وجهة واحدة‪،‬وكذا سعر العمارات ذات الثالث طوابق‬
‫ومنها فئة ذات ثالث واجهات وأخرى ذات واجهتني وثالثة ذات واجهة واحدة‪ ،‬ليكون مبلغ‬
‫التعويض املقترح من لدنه هو ‪ 73.745.000.00‬درهم‪.‬‬
‫وأما بخصوص التعويض عن احلرمان من االستغالل فقد حدده اخلبير في ‪% 10‬‬
‫من ثمن االقتراح األول ليكون مجموع املبالغ هو ‪ 7.093.967.15‬درهم‪ ،‬كما أوضح‬
‫اخلبير أن اجلهة واضعة اليد هو وزارة التجهيز والنقل وأدلى بعناصر املقارنة املعززة‬
‫لتقرير‪ ،‬ومن ضمنها محضر بيع باملزاد العلني صادر عن اجلماعة احلضرية بتطوان بتاريخ‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪202‬‬

‫‪ 2007/10/23‬يفيد بيع عقار في نفس املنطقة تبلغ مساحته ‪ 19224‬م‪ 2‬مببلغ ‪7700.00‬‬
‫درهم للمتر املربع الواحد‪.‬‬
‫وحيث جاءت اخلبرة مستوفية لكافة الشروط املتطلبة قانونا سواء على مستوى الشكل‬
‫أو املوضوع مما ارتأت معه احملكمة املصادقة عليها مع إعمال سلطتها التقديرية في حتديد‬
‫التعويض عن قيمة األرض املعتدي عليها أخذا بعني االعتبار عنصر املنفعة العامة الذي‬
‫خصصت من أجله األرض موضوع النزاع رغم أن االستيالء عليها مت خارج إطار مسطرة‬
‫نزع امللكية‪ ،‬وذلك حسب الشكل التالي‪:‬‬

‫مبلغ التعويض‬ ‫املساحة‬ ‫البقع رقم‬ ‫نوع العمارات‬

‫‪ 20.644.000.00‬درهما على أساس‬ ‫سبع طوابق ذات‬


‫‪2‬‬
‫‪1588‬م‬ ‫‪3-4‬و‪6‬‬
‫‪ .13.000‬للمتر املربع الواحد‬ ‫واجهتني‬

‫‪ 8.750.000.00‬درهما على أساس‬ ‫سبع طوابق ذات‬


‫‪875‬م‬
‫‪2‬‬
‫‪2-5‬‬
‫‪ 10.000.00‬درهما للمتر املربع الواحد‬ ‫واجهة واحدة‬

‫‪ 924.000.00‬درهما على أساس‬ ‫ثالث طوابق ذات‬


‫‪154‬م‬
‫‪2‬‬
‫‪31‬‬
‫‪ 6000.00‬درهما للمتر املربع الواحد‬ ‫ثالث واجهات‬
‫‪22-32-33‬‬
‫‪34-37-38‬‬
‫‪ 8.500.000.00‬درهما على أساس‬ ‫ثالث طوابق ذات‬
‫‪2‬‬
‫‪/700 41-44-48‬م‬
‫‪ 5000.00‬درهما للمتر املربع الواحد‪.‬‬ ‫‪51-52-‬‬
‫واجهتني‬
‫‪54-55‬‬
‫‪1-14-15-‬‬
‫‪16-17-‬‬
‫‪18-‬‬
‫‪ 4.830.000.00‬درهما على أساس‬ ‫ثالث طوابق ذات‬
‫‪2‬‬
‫‪1610 3 5 - 3 9 -‬م‬
‫‪ 3000.00‬درهما للمتر املربع الواحد‬ ‫‪40-‬‬
‫واجهة واحدة‬
‫‪42-43-49‬‬
‫‪ 50-53‬و‪56‬‬

‫وعليه يكون مبلغ التعويض اإلجمالي احملكوم به عن االعتداء املادي هو ‪43.648.000.00‬‬


‫درهما‪.‬‬
‫‪203‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وحيث إنه بخصوص التعويض عن احلرمان من االستغالل وتفويت الفرصة فإن الثابت‬
‫من املعطيات الثابتة أعاله سواء تلك املتعلقة بقيمة البقع األرضية من حيث مساحتها‬
‫والغرض الذي خصص له‪ ،‬وتلك املتعلقة بقيمة البقع األرضية من حيث مساحتها والغرض‬
‫الذي خصص له‪ ،‬وتلك املتعلقة بقيمة التعويض‪ ،‬فإن احملكمة تكون من خالل تبنيها‬
‫القتراح اخلبير بالتعويض على أساس كون القطع األرضية كانت مخصصة لبناء جتزءة‬
‫سكنية مختلفة من حيث عدد الواجهات قد غطت واستغرقت بذلك التعويض عن احلرمان‬
‫من االستغالل وتفويت الفرصة‪.‬‬
‫وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل مصاريفها‪.‬‬

‫املنطوق‬
‫وتطبيقا ملقتضيات القانون رقم ‪ 90.41‬وقانون املسطرة املدنية ‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫حكمت احملكمة اإلدارية علينا ابتدائيا حضوريا‪:‬‬
‫في الشكل‪ :‬بقبول الطلب‬
‫في املوضوع‪ :‬احلكم على املدعى عليها بأدائها للمدعني مبلغ ‪ 43.648.000.00‬درهما‬
‫(ثالثة وأربعون مليونا وستمائة وأربعون ألف درهم) تعويضا عن االعتداء املادي مع‬
‫املصاريف ورفض الباقي‪.‬‬
‫بهذا صدر احلكم في اليوم والشهر والسنة أعاله‪...............................‬‬

‫كاتب الضبط‬ ‫ ‬
‫املقرر‬ ‫ ‬‫الرئيس‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪204‬‬

‫املحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء‬


‫حكم �صادر بتاريخ ‪� 28‬أكتوبر ‪2009‬‬
‫يف ملف رقم ‪2009/11/129‬‬

‫القـــــاعــــدة‬
‫‪ -‬ثبوت وقوع الرتا�ضي بني نازع امللكية واملنزوعة ملكيته وفقا ملقت�ضيات الف�صل ‪ 42‬من‬
‫قانون نزع امللكية من �أجل املنفعة العامة واالحتالل امل�ؤقت… احلكم ب�سحب الدعوى … نعم‪.‬‬

‫أصدرت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي متكونة من السادة‪:‬‬


‫األستاذ عبد السالم نعناني ‪...........................................‬رئيسا‪،‬‬
‫األستاذ عبد احلق دهبي‪ ...............................................‬مقررا‪،‬‬
‫األستاذ مصطفى زاهر ‪ ...............................................‬عضوا‪،‬‬
‫بحضور األستاذ إسماعيل زكير‪ .................................‬مفوضا ملكيا‪،‬‬
‫ومبساعدة السيد مصطفى عوان‪ .................................‬كاتب الضبط ‪.‬‬

‫احلكم الآتي ن�صه‪:‬‬


‫بني‪ :‬الدولة املغربية (امللك العام) ممثله في شخص السيد وزير التجهيز والنقل مبكتبه‬
‫بالرباط‪.‬‬
‫نائبها‪ :‬ذ‪ /‬عبد الله الهاللي احملامي بهيئة الرباط‪ ،‬اجلاعل محل املخابرة معه‬
‫بكتابة الضبط ‪.‬‬
‫من جهة‬ ‫ ‬
‫وبني ‪............................................... :‬‬
‫الساكن ‪.............................................‬‬
‫من جهة أخرى‬ ‫ ‬
‫‪205‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫الوقــــائــــع‬
‫بناء على املقال االفتتاحي للدعوى املقدم من طرف املدعي بواسطة نائبها أمام كتابة‬
‫ضبط هذه احملكمة بتاريخ ‪ ،2009/9/3‬واملعفى من أداء الرسوم القضائية بحكم القانون‪،‬‬
‫يعرض فيه أنه بتاريخ ‪ 2007/9/6‬صدر باجلريدة الرسمية عدد ‪ 5558‬املرسوم رقم‬
‫‪ 2.07.1031‬املؤرخ في ‪ ،2007/8/13‬يعلن أنه من املنفعة العامة بناء الطريق الثالثية‬
‫رقم ‪ 1376‬الرابطة بني ن‪.‬ك ‪ 577+5‬ون‪.‬ك ‪ 11+169‬إقليم اجلديدة‪ ،‬ويقضي في نفس‬
‫الوقت بالتخلي عن القطع األرضية الالزمة لهذا الغرض وبنزع ملكيتها لفائدة الطريق‬
‫املذكور‪ ،‬كما هو منشور باجلريدة الرسمية‪ ،‬وأنه من بني القطع األرضية املقرر نزع ملكيتها‬
‫القطعة األرضية التي تعود ملكيتها للطرف املدعى عليه حسبما ورد في املرسوم وهي أرض‬
‫فالحية عارية غير محفظة تبلغ مساحتها ‪ 1711‬متر مربع‪ ،‬وتتواجد ‪........‬دائرة سيدي‬
‫بنور بإقليم اجلديدة‪،‬وأن الدولة املغربية ممثلة في شخص وزير التجهيز والنقل قامت بكل‬
‫ما يتطلبه القانون رقم ‪ 81-7‬الصادر بتاريخ ‪ 1982/5/6‬من نشر في اجلريدة الرسمية‬
‫وإعالن في جرائد مأذون لها من قبيل جريدة احلركة في عددها ‪ 4702‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 2003/3/4‬وتعليق للنص الكامل ملقرر نزع امللكية في مكتب جماعة أوالد سي بوحيا‬
‫التي تقع بدائرتها األراضي املقرر نزع ملكيتها حيث منحت كذلك للمنزوع ملكيتهم املدة‬
‫القانونية للتعريف بذوي احلقوق وإبداء مالحظاتهم في السجل املخصص لذلك‪ ،‬ونظرا‬
‫ألن األمر يتعلق بعقار غير محفظ وال في طور التحفيظ فإن العارض قام بإيداع مشروع‬
‫املرسوم باحملكمة اإلدارية بالبيضاء التابع لها موقع العقار قصد تقييده في السجل اخلاص‬
‫املنصوص عليه في الفصل ‪ 455‬من قانون املسطرة املدنية كما تثبت ذلك شهادة رئيس‬
‫كتابة الضبط باحملكمة اإلدارية بالبيضاء‪ ،‬مضيفا من جهة أخرى بأن اللجنة اإلدارية‬
‫للتقومي املكلفة بتثمني العقارات املقرر نزع ملكيتها واملنصوص عليها في الفصل ‪ 42‬من‬
‫قانون نزع امللكية حددت قيمة العقارات املعينة بهذا املرسوم في ‪ 18.00‬درهما للمتر املربع‬
‫الواحد‪ ،‬موضحا أنه محق واحلالة هذه في اللجوء إلى هذه احملكمة كمحكمة موضوع عمال‬
‫مبقتضيات الفصل ‪ 18‬من قانون نزع امللكية لطلب نقل ملكية القطعة األرضية الفالحية‬
‫غير احملفظة رقم ‪ 16‬ذات املساحة ‪ 1711‬متر مربع مقابل التعويض النهائي احملدد من‬
‫طرف جلنة التقومي خالل اجتماعها املنعقد بتاريخ ‪ 12‬فبراير ‪ 2009‬في مقر قيادة بني هالل‬
‫بدائرة سيدي بنور بإقليم اجلديدة والتي حددت مبلغ التعويض النهائي في مبلغ ‪30.798.00‬‬
‫درهم‪ .‬والتمس من أجل ما سبق التصريح بقبول الطلب شكال لوقوعه وفق القانون من حيث‬
‫األجل‪ ،‬ومن حيث توفره على كافة الشروط املتطلبة قانونا‪ ،‬وفي املوضوع احلكم بنزع ملكية‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪206‬‬

‫القطعة األرضية رقم ‪ 16‬املبنية في جدول املرسوم ونقل ملكيتها لفائدة الدولة «امللك العام»‬
‫مقابل أداء التعويض النهائي احملدد من طرف اللجنة اإلدارية أو إيداعه بصندوق اإليداع‬
‫والتدبير طبقا ملقتضيات الفصل ‪ 30‬من قانون نزع امللكية وبتحديد التعويض النهائي في‬
‫مبلغ ‪ 30.798.00‬درهما لنقل ملكية القطعة األرضية املذكورة واحلكم باملصاريف طبقا‬
‫للقانون وأرفق مقاله باملستندات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬صورة من اجلريدة الرسمية عدد ‪.5558‬‬
‫‪ -‬جريدة احلركة عدد ‪ 4702‬بتاريخ ‪.2003/3/4‬‬
‫‪ -‬إعالن عن الوضع مع شهادة اللصق والنشر‪.‬‬
‫‪ -‬سجل املالحظات ‪.‬‬
‫‪ -‬شهادة من احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -‬محضر جلنة التقومي‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة وزير التجهيز والنقل املقدمة بواسطة نائبه في جلسة ‪،2009/10/14‬‬
‫أكد فيها أنه أبرم مع الطرف املدعى عليه محضر اتفاق بالتراضي‪ ،‬وهو ما يجعل الدعوى‬
‫احلالية غير ذات محل‪ ،‬ملتمسا اإلشهاد على سحب دعوى نقل امللكية في مواجهة الطرف‬
‫املدعى عليه‪ ،‬وارفق مذكرته بصورة شمسية من محضر اتفاق بالتراضي النهائي‪.‬‬
‫وبناء على إدراج القضية باجللسة العلنية املنعقدة بتاريخ ‪ ،2009/10/21‬تخلف عنها‬
‫الطرفني‪ ،‬وأكد املفوض امللكي مستنتجاته الكتابية‪ ،‬فتقرر اعتبار القضية جاهزة وحجزها‬
‫للمداولة قصد النطق باحلكم في جلسة ‪.2009/10/28‬‬

‫التعليــــل‬
‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬
‫حيث إن الطلب يرمي إلى احلكم بنقل ملكية القطعة األرضية املشار إلى مراجعها أعاله‬
‫لفائدة الطرف املدعي‪.‬‬
‫وحيث تقدم املدعي بواسطة نائبه في جلسة ‪ 2009/10/14‬بطلب رام إلى سحب‬
‫الدعوى لوقوع اتفاق بالتراضي بني الطرفني‪.‬‬
‫وحيث إنه وتطبيقا ملقتضيات الفصل ‪ 42‬من القانون رقم ‪ 81.7‬املتعلق بنزع امللكية من‬
‫أجل املنفعة العامة واالحتالل املؤقت فإنه إذا اتفق نازع امللكية مع املنزوعة ملكيته على‬
‫‪207‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫الثمن الذي حددته اللجنة بعد نشر مقرر التخلي وعلى كيفيات تفويت العقار أو احلقوق‬
‫العينية املنزوعة ملكيتها‪ ،‬فإن هذا االتفاق الذي يجب أن يبرم طبقا ملقرر التخلي‪ ،‬يدرج في‬
‫محضر أمام السلطة اإلدارية احمللية التابع لها موقع العقار إذا كان املنزوعة ملكيته يقيم‬
‫باملكان املذكور‪ ،‬أما إذا كان غير مقيم بذلك املكان فإن هذا االتفاق يبرر وفق مقتضيات‬
‫القانون اخلاص بواسطة عقد عرفي أو عدلي ويبلغ إلى السلطة اإلدارية احمللية وتترتب‬
‫عليه ابتداء من تاريخ إيداعه لدى احملافظة على األمالك العقارية جميع اآلثار املنصوص‬
‫عليها في الفصل ‪ 37‬وكذا سحب الدعوى عند االقتضاء من قاضي نزع امللكية أو محكمة‬
‫االستئناف أو املجلس األعلى‪.‬‬
‫وحيث إن االتفاق بالتراضي النهائي بني الطرفني املدلى به في امللف يشير إلى اتفاق‬
‫الطرفني على نقل ملكية القطعة األرضية موضوع الطلب مقابل تعويضه‪ ،‬وأبرم االتفاق‬
‫بالتراضي وموقع عليه من طرف السلطة احمللية‪ ،‬األمر الذي يناسب االستجابة لطلب‬
‫سحب الدعوى‪.‬‬
‫وتطبيقا ملقتضيات القانون رقم ‪ 90.41‬احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية والفصل ‪ 42‬من‬
‫القانون رقم ‪ 81.7‬املتعلق بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة واالحتالل املؤقت‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫تصرح احملكمة اإلدارية وهي تقضي علنيا ابتدائيا وحضوريا‬
‫اإلشهاد على املدعي بسحب دعواه وحتميله الصائر‪.‬‬
‫بهذا صدر احلكم في اليوم والشهر والسنة أعاله…………………………………‪.‬‬

‫�إم�ضاء‬
‫كاتب الضبط‬ ‫ ‬
‫املقرر‬ ‫ ‬‫الرئيس‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪208‬‬

‫املحكمة الإدارية بالرباط‬


‫الق�ضاء امل�ستعجل‬
‫�أمر رقم ‪142 :‬‬
‫�صادر بتاريخ ‪ 17‬مار�س ‪2010‬‬
‫يف ملف رقم ‪09/1/609‬‬

‫القــــاعــدة‬
‫‪ -‬يخت�ص رئي�س املحكمة الإدارية ب�صفته هاته للت�صديق على احلجز لدى الغري ولي�س بو�صفه‬
‫قا�ضيا للم�ستعجالت باعتباره امل�رشف على م�ؤ�س�سة التنفيذ �سواء مت هذا احلجز بناء على طلب‬
‫�أو ب�شكل تلقائي بناء على �سند تنفيذي‪.‬‬
‫‪ -‬ف�شل حماولة االتفاق الودي بني الأطراف حول توزيع املبالغ املحجوزة يق�ضي �إىل حتوله‬
‫ب�شكل مبا�رش من قا�ضي ال�صلح �إىل قا�ضي امل�صادقة على احلجز لدى الغري متى مت احلجز ب�شكل‬
‫تلقائي بناء على �سند تنفيذي‪.‬‬
‫الأموال املوجودة باحل�سابات اخل�صو�صية تعترب �أمواال قابلة للحجز والت�صديق عليه وال‬
‫يتعار�ض حجزها مع �سري املرفق العام بانتظام‪.‬‬
‫الأحكام الق�ضائية احلائزة لقوة ال�شيء املق�ضى به تعترب مبثابة وثيقة حما�سبتية تلزم الأمر‬
‫بال�رصف بالتنفيذ واملحا�سب العمومي بالأداء‪.‬‬
‫ي�رشط يف طلب امل�صادقة على احلجز لدى الغري يف مواجهة �أ�شخا�ص القانون العام �أن يكون‬
‫الدين مما يدخل يف عداد الأموال اخلا�صة و�أن يكون ثابتا وم�ستحق الأداء‪.‬‬

‫نحن حميد ولد البالد نيابة عن رئيس احملكمة اإلدارية بالرباط بصفته هاته‪ ،‬ومبساعدة‬
‫السيدة فاطمة منون كاتبة الضبط‪ ،‬وبناء على املادة ‪ 19‬من القانون احملدث للمحاكم‬
‫اإلدارية أصدرنا األمر اآلتي نصه بتاريخ ‪.2010/03/17‬‬
‫بني املدعي ‪ :‬السادة ‪................................................ ......‬‬
‫اجلاعلني محل املخابرة مبكتب األستاذ عبد اجلليل حجار‪ ،‬احملامي بهيئة الدار البيضاء‪.‬‬
‫من جهة‬ ‫ ‬
‫وبني املدعى عليهم ‪ - :‬وزارة التجهيز والنقل في شخص السيد وزير التجهيز والنقل‬
‫بالرباط‪.‬‬
‫‪209‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫اخلازن العام للمملكة مبكاتبة بالرباط‪.‬‬


‫‪ -‬الوكيل القضائي للمملكة مبكاتبه بالرباط‪.‬‬
‫من جهة أخرى‬ ‫ ‬

‫الوقــــائــــع‬
‫نحن رئيس احملكمة اإلدارية بالرباط‪ ،‬بناء على الفصل ‪ 494‬من ق م م احملال عليه‬
‫مبوجب الفصل ‪ 7‬من القانون رقم ‪ 90-41‬وبناء على احلكم عدد ‪ 861‬الصادر عن‬
‫احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 2006/11/15‬في امللف عدد ‪2005/1997‬‬
‫ت القاضي بأداء وزارة التجهيز لفائدة املدعني مبلغ ‪ 9.360.000‬درهم و‪1.034.000‬‬
‫درهم وبتحميلها املصاريف‪.‬‬
‫وبناء على القرار عدد ‪ 786‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ‬
‫‪ 2008/6/11‬في امللف عدد ‪ 6/07/46‬القاضي بتأييد احلكم املذكور‪.‬‬
‫وبناء على طلب التنفيذ املقدم أمام احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 21‬يونيو‬
‫‪ 2008‬فتح له امللف التنفيذي عدد ‪.07/88‬‬
‫وبناء على اإلنابة الصادرة عن احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 28‬يونيو‬
‫‪ ،2008‬ففتح لها ملف تنفيذي عدد ‪.2/08/302‬‬
‫وبناء على االعذار بالتنفيذ بتاريخ ‪.2009/09/08‬‬
‫وبناء على طلب مواصلة التنفيذ في إطار احلجز لدى الغير الدلى به من طرف الطالبني‬
‫بتاريخ ‪.2009/06/17‬‬
‫وبناء على استدعاء األطراف جللسة االتفاق الودي على توزيع املبالغ جللسة‬
‫‪.2009/07/01‬‬
‫وبناء على التصريح السلبي املدلى به من طرف كل من احملجوز بني يديه بواسطة الوكيل‬
‫القضائي للمملكة الرامي إلى تأكيد أن احلساب غير مخصص لتنفيذ احلكم وإمنا يتضمن‬
‫اعتمادات مخصصة ألداء نفقات محددة مسبقا في إطار القانون املالي‪ ،‬فضال عن خرق‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 429‬من قانون املسطرة املدنية وخرق الفصل ‪ 50‬من الدستور وقواعد‬
‫احملاسبة العمومية والفصل ‪ 488‬من قانون املسطرة املدنية وعدم جواز احلجز على األموال‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪210‬‬

‫العمومية ولكون اخلازن العام ليس غيرا مبفهوم الفصل ‪ 496‬من قانون املسطرة املدنية ولعدم‬
‫جواز عرقلة تسيير املرفق العام‪.‬‬
‫فعقب الطالبون ملتمسني رد اجلواب واحتياطيا إجراء خبرة حول وضعية احلساب‪.‬‬
‫وبناء على األمر التمهيدي عدد ‪ 06‬بتاريخ ‪ 18‬شتنبر ‪ 2009‬بإجراء خبرة بواسطة السيد‬
‫عبد احلق سحنون‪.‬‬
‫وبناء على تقرير اخلبرة املودع بتاريخ ‪ 08‬فبراير ‪.2010‬‬
‫وبناء على إشعار األطراف باإلدالء مبوقفهم من اخلبرة فتخلف املدعى عليهم‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة املدلى بها من طرف املدعني خالل جلسة ‪ 24‬فبراير ‪ 2010‬الرامية إلى‬
‫احلكم باملصادقة على احلجز‪.‬‬
‫وبناء على إدراج القضية في اجللسة العلنية املنعقدة بتاريخ ‪ 10‬مارس ‪ ،2010‬فتخلف‬
‫املدعى عليهم‪ ،‬مما تعذر معه االتفاق على توزيع احلبي للمبالغ احملجوزة‪.‬‬
‫وبناء على القرار بحجز القضية للتأمل جللسة اليوم‪.‬‬
‫وبعد الت�أمل طبقا للقانون‬
‫التعليـل‬
‫حيث يهدف الطلب إلى استصدر أمر باملصادقة على احلجز املضروب بني يدي اخلازن العام‬
‫للمملكة على احلسابني عدد ‪ 314010‬و ‪ 3100117001‬في حدود مبلغ ‪00‬ر ‪10.394000‬‬
‫درهم لتنفيذ احلكم املشار إليه أعاله‪ ،‬مع النفاذ املعجل لثبوت الدين‪.‬‬
‫وحيث على ضوء تصريحات اخلازن العام للمملكة حول عدم وجود احلسابني وعدم‬
‫إمكانية احلجز عليهما‪ ،‬أمرت احملكمة بإجراء خبرة أجنزها السيد عبد احلق سحنون انتهى‬
‫فيها إلى تأكيد على عدم وجود احلساب عدد ‪ 314010‬بينما أكد أن احلساب عدد‬
‫‪ 3100117001‬موجود به مبالغ مالية تفوق املبلغ احملجوز‪ ،‬لذلك فإن مسطرة املصادقة‬
‫على احلجز ستواصل بخصوص هذا احلساب األخير‪.‬‬
‫حيث أن احلاصل من الطلب هو املصادقة على احلجز املضروب مبقتضى سند تنفيذي مبا‬
‫يترتب على ذلك من آثار قانونية‪.‬‬
‫حيث إن احلجز لدى الغير بناء على سند تنفيذي كما هو األمر في النازلة يعد إجراء من‬
‫إجراءات التنفيذ ويتم مبسعى مأمور التنفيذ وبشكل تلقائي وال يحتاج إلى استصدار أمرر‬
‫قضائي مم يبقى الدفع حول ذلك غير مؤسس‪.‬‬
‫‪211‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫حول الدفع بعدم قابلية املال احملجوز للحجز واملصادقة عليه‪.‬‬


‫حيث من جهة إذا كان ال يجوز احلجز على األموال العامة للدولة واألشخاص االعتبارية‬
‫العامة باعتبار أن احلجز والتصديق عليه من شأنه أن يعرقل وظيفة النفع العام امللقاة على‬
‫عاتق املرفق العمومي فإنه استثناء من ذلك أجاز الفقه والقضاء احلجز على األموال اخلاصة‬
‫التي ال يتعارض حجزها مع سيره بانتظام وخاصة املودعة لدى املؤسسات املالية التي‬
‫يفترض رصدها لتغطية التعويضات التي يحكم بها عليها ( قرار املجلس األعلى الصادر‬
‫عن الغرفة اإلدارية عدد ‪ 660‬بتاريخ ‪ 2000/5/04‬ملف رقم ‪.)97/05/1967‬‬
‫وحيث من جهة أخرى ومتى ثبت امتناع الدولة واملؤسسات العمومية عن تنفيذ حكم‬
‫قضائي بدون مبرر فإن مالءة الذمة تصبح غير مجدية بالنسبة للتنفيذ الذي يرغب‬
‫فيه من صدر احلكم لفائدته وفي هاته احلالة يجوز القيام بالتنفيذ اجلبري على األموال‬
‫العمومية نظرا لطبيعة االلتزام التي تفرضها بحكم القانون األحكام القضائية القابلة‬
‫للتنفيذ قرار محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عدد ‪ 303‬بتاريخ ‪ 2007/5/21‬ملف‬
‫رقم ‪ ،2/06/111‬مما يبقى معه الدفع حول عدم قابلية األموال احملجوزة باعتبارها أمواال‬
‫عمومية للحجز غير مؤسس‪.‬‬
‫وحيث أن األموال املوجودة باحلسابات اخلصوصية تعتبر مبثابة أموال خاصة يجوز احلجز‬
‫عليها والتصديق عليه وال تعرض حجزها مع سير املرفق العام بانتظام القتضاء احلقوق‬
‫املالية املستحقة‪.‬‬
‫وحيث أن األحكام احلائزة لقوة الشيء املقضى به يعتبر مبثابة وثيقة محاسبية يلزم‬
‫األمر بالصرف بالتنفيذ واحملاسب العمومي باألداء مما يبقى الدفع حول خرق قواعد‬
‫احملاسبة غير مؤسس‪.‬‬
‫وحيث ما دام أن الدين موضوع طلب املصادقة على احلجز لدى الغير ثابت ومستحق‬
‫األداء وقد مت بناء على سند تنفيذي تبقى معه شروط املصادقة على احلجز قائمة حوله‬
‫والطلب حول ذلك مؤسسا‪.‬‬

‫املنطـوق‬
‫وتطبيقا ملقتضيات املادة ‪ 7‬من القانون ‪ 90/41‬احملدثة مبوجبه محاكم إدارية والفصل‬
‫‪ 494‬من قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪212‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫نأمر علنيا ابتدائيا حضوريا‪:‬‬
‫باملصادقة على احلجز املضروب بني يدي اخلزينة العامة للمملكة في مواجهة وزارة‬
‫التجهيز والنقل بتاريخ ‪ 17‬يونيو ‪ ،2009‬ونأمر اخلزينة العامة للمملكة في شخص اخلازن‬
‫العام بتحويل املبلغ احملجوز وهو ‪ 00‬ر‪ 10.39.4000‬درهم إلى صندوق هذه احملكمة‬
‫لتسلمه إلى الطالبني‪.‬‬
‫بهذا صدر في اليوم والشهر والسنة أعاله‪...............‬‬
‫كاتب الضبط‬ ‫ ‬
‫نائب رئيس احملكمة‬
‫‪213‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫املحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء‬


‫حكم �صادر بتاريخ ‪ 11‬فرباير ‪2010‬‬
‫ملف عـدد‪2008/13/07 :‬‬

‫القاعدة‬
‫‪ -‬االعتداء املادي هو كل عمل ي�ستع�صي �إدخاله �ضمن ممار�سات ال�سلطات العامة يتمثل يف‬
‫ن�شاط مادي تنفيذي عدمي ال�صلة ب�أي ن�ص ت�رشيعي �أو تنظيمي‪...‬نعم‬
‫‪ -‬احتالل الإدارة لعقار يف ملكية الغري دون التقيد مب�سطرة نزع امللكية من �أجل املنفعة‬
‫العامة هو عمل يكت�سي �صبغة اعتداء مادي وقت �إجنازه‪...‬نعم‪...‬للمت�رضر من هذا االحتالل‬
‫املطالبة بالتعوي�ض طبقا للقواعد العامة املتعلقة مب�س�ؤولية الدولة و ال يتقيد باملقت�ضيات‬
‫املن�صو�ص عليها يف قانون نزع امللكية‪...‬نعم‬
‫‪ -‬ا�ست�صدار م�رشوع نزع امللكية لأجل املنفعة العامة وعدم موا�صلة الإجراءات املحددة قانونا‬
‫ودون �سلوك الإجراءات القانونية املوالية لإ�صدار مقرر التخلي يعترب ت�رصفا خارج نطاق‬
‫امل�رشوعية‪...‬نعم‬

‫أصدرت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي متكونة من السادة ‪:‬‬


‫األستاذ عبد العتاق فكير‪ ............................................‬رئيسا ‪،‬‬
‫األستاذ عبد احلق دهبي‪ ...............................................‬مقررا ‪،‬‬
‫األستاذة فاطمة غياللي‪...............................................‬عضوا ‪،‬‬
‫بحضور األستاذ املصطفى الدحاني‪...............................‬مفوضا ملكيا ‪،‬‬
‫ومبساعدة السيد مصطفى عـوان ‪..................................‬كاتب الضبط‪.‬‬
‫بيـن ‪........ :‬‬
‫نائبه ذ‪ .‬عبد الرحمان بلهرام‪ ،‬احملامي بهيئة مراكش‪.‬‬
‫مـن جـهـة‬ ‫ ‬
‫وبيـن ‪ - 1 :‬املكتب الوطني للماء الصالح للشرب‪ ،‬في شخص مديره العام‪ ،‬الكائن مقره‬
‫االجتماعي ب ‪ 6‬مكرر شارع باتريس لومومبا الرباط‪.‬‬
‫نائباه ذ‪/‬ن‪ .‬توفيق ابن سليمان والصادق الشرقاوي‪ ،‬احملاميان بهيئة مراكش واألستاذ‬
‫عبد الله الفردوس احملامي بهيئة الدار البيضاء‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪214‬‬

‫‪ - 2‬الدولة املغربية في شخص الوزير األول مبكاتبه بالرباط‪.‬‬


‫‪ - 3‬وزير األشغال العمومية مبكاتبه بالرباط‪.‬‬
‫‪ - 4‬الوكيل القضائي للمملكة مبكاتبه بوزارة املالية بالرباط‪.‬‬
‫مـن جـهـة أخـرى‬ ‫ ‬
‫الوقــــائــــع‬
‫بناء على املقال االفتتاحي املقدم من طرف املدعي بواسطة نائبه أمام كتابة ضبط‬
‫احملكمة االدارية مبراكش بتاريخ ‪ ،2007-05-23‬واملؤداة عنه الرسوم القضائية‪ ،‬يعرض‬
‫فيه أنه ميلك البقعة الفالحية املسماة ‪ ....‬الكائنة بدائرة الفقيه بن صالح قيادة البرادية‬
‫جماعة اخللفية البالغة مساحتها هكتاران و‪ 10‬آرات و‪ 53‬سنتيار موضوع مطلب التحفيظ‬
‫عدد ‪ ....‬إال أن املكتب الوطني للماء الصالح للشرب عمد إلى احتالل هذه البقعة منذ‬
‫سنوات وأقام بها عدة منشآت تابعة له مما حرمه من استغالل أرضه الفالحية‪ ،‬وأن هذه‬
‫املنشآت هي ممر طرقي من التربة ومولد كهربائي وقناة مائية‪ ،‬األمر الذي يشكل اعتداء‬
‫ماديا على عقاره‪ ،‬والتمس األمر بإجراء خبرة لتحديد قيمة التعويض املناسب استنادا‬
‫لقيمة األرض الفالحية احلالية مقارنة بقيمة األراضي املجاورة لها مع حتديد التعويض‬
‫عن احلرمان من االستغالل املوازي لطلبه مدة حرمان املدعي من هذا االستغالل واحلكم‬
‫له بتعويض مسبق ال يقل عن مبلغ ‪ 5.000,00‬درهم مع شمول احلكم بالنفاذ املعجل‪.‬‬
‫وأرفق مقاله بالوثائق التالية‪:‬‬
‫‪ - 1‬نسخة طبق األصل من رسم استمرار‪.‬‬
‫‪ - 2‬أصل محضر معاينة‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة جواب وزارة التجهيز والنقل أوضحت فيها أن القضية تهم املكتب‬
‫الوطني للماء الصالح للشرب كمؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية املعنوية واالستقالل‬
‫املالي ولم تعد تخضع لوصاية وزارة التجهيز والنقل ملتمسة إخراجها من الدعوى‪.‬‬
‫وبناء على املستنتجات املدلى بها من طرف املكتب الوطني للماء الصالح للشرب‬
‫بواسطة نائباه دفع مبقتضاها بعدم اختصاص احملكمة محليا للبت في الطلب لكون موطن‬
‫املدعى عليه يقع مبدينة الرباط‪ .‬ولكون مكان وقوع الضرر يوجد بدائرة الفقيه بن صالح‬
‫ملتمسا احلكم بعدم االختصاص احمللي وإحالة امللف على احملكمة اإلدارية بالرباط أو الدار‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫‪215‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وبناء على مستنتجات املدعي التمس فيها إحالة القضية وأطرافها على احملكمة‬
‫اإلدارية بالدار البيضاء قصد الفصل فيها طبقا للقانون‪.‬‬
‫وبناء على املستنتجات الكتابية للمفوض امللكي الرامية إلى احلكم بعدم االختصاص‬
‫احمللي‪.‬‬
‫وبناء على احلكم الصادر بتاريخ ‪ 2007-12-06‬حتت عدد ‪ 420‬القاضي بعدم اختصاص‬
‫احملكمة اإلدارية مبراكش محليا للبت في الدعوى وبإحالة امللف على احملكمة اإلدارية بالدار‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫وبناء على إدراج القضية بهذه احملكمة في أجل ‪ 2008-4-17‬أدلى خالله املكتب‬
‫املدعى عليه بواسطة نائبه مذكرة جوابية أسند فيها النظر للمحكمة من حيث الشكل‪ ،‬ومن‬
‫حيث املوضوع أكد أنه خالفا ملزاعم املدعي‪.‬‬
‫فإن العارض لم يقم باالعتداء املادي على عقاره وأن األمر يتعلق مبسطرة نزع ملكية‬
‫قطعة أرضية مساحتها ‪ 300‬متر مربع من أجل بناء خزان مائي لتزويد املنطقة باملاء الصالح‬
‫للشرب كما هو واضح من املرسوم املنشور باجلريدة الرسمية الصادرة بتاريخ ‪2005-11-1‬‬
‫رقم ‪ ،4853‬وأنه مت عقد اجتماع حول تعويض األطراف املعنية حسب ما قومت به اللجنة‬
‫العقار في مبلغ ‪ 300.000,00‬درهم للهكتار الواحد إال أن املدعي رفض هذا املبلغ‪ ،‬وأن‬
‫العارض بصدد إصدار مرسوم نهائي واتخاذ كافة اإلجراءات الالزمة لتعويضه في إطار‬
‫املسطرة القضائية‪ ،‬والتمس احلكم برفض الطلب لعدم جديته‪ ،‬وأرفق مقاله بصور شمسية‬
‫من الوثائق التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬اجلريدة الرسمية عدد ‪.4853‬‬
‫‪ -‬محضر اجتماع اللجنة اإلدارية للتقومي‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعالن عن الوضع‪.‬‬
‫‪ -‬شهادة الوضع والنشر ولصق اإلعالن‪.‬‬
‫‪ -‬سجل املالحظات‪.‬‬
‫‪ -‬محضر جلسة وفاق‪.‬‬
‫وبناء على مستنتجات املدعي املقدمة بواسطة نائبه في أجل ‪ ،2008-5-22‬أكد فيها‬
‫أن الدفوع التي أثارها املدعى عليه ال ترتكز على أي أساس قانوني سليم وتؤكد فعال على‬
‫أن األمر يتعلق في نازلة احلال باعتداء مادي على عقار العارض‪ ،‬ذلك أن األمر يتعلق‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪216‬‬

‫مبجرد مشروع مرسوم وأن نزع امللكية يستلزم استصدار حكم قضائي بهذا الشأن وقبل ذلك‬
‫استصدار مرسوم لنزع امللكية وحكم بحيازة العقار وآخر بنقل ملكيته وحتديد التعويضات‬
‫مما يضفي على سلوك املدعى عليه صبغة االعتداء املادي وهو ما أقره العمل القضائي‪،‬‬
‫والتمس احلكم وفق ما جاء في مقاله االفتتاحي ورد دفوعات املدعى عليه واستبعادها‪،‬‬
‫وأرفق مذكرته بصور شمسية حلكمني إداريني وقرار املجلس األعلى‪.‬‬
‫وبناء على احلكم التمهيدي عدد ‪ 326‬الصادر بتاريخ ‪ 2008/06/18‬القاضي بإجراء‬
‫خبرة عقارية تقوميية أجنزها اخلبير عبد الرفيع بناني الذي أودع تقرير خبرته بكتابة ضبط‬
‫هذه احملكمة بتاريخ ‪.2009/12/14‬‬
‫وبناء على املستنتجات على ضوء اخلبرة املقدمة من طرف املدعي بواسطة نائبه أمام‬
‫كتابة ضبط هذه احملكمة في أجل ‪ ،2010/01/19‬أكد فيها أن اخلبير حدد املساحة‬
‫اإلجمالية القابلة للتعويض في ‪ 2.000,00‬متر مربع وقيمة املتر املربع الواحد في مبلغ‬
‫‪ 50.00‬درهم ليكون مبلغ التعويض اإلجمالي هو ‪ 100.000.00‬درهم وقيمة التعويض عن‬
‫احلرمان من االستغالل في مبلغ ‪ 20.000,00‬درهم ملتمسا احلكم له بتعويض إجمالي قدره‬
‫‪ 120.000,00‬درهم رغم هزالة املبلغ املقترح من طرف اخلبير‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة اجلوابية بعد اخلبرة املقدمة من طرف املكتب املدعى عليه بواسطة نائبه‬
‫في جلسة ‪ ،2010/02/04‬أكد فيها أنه نظرا لعدم حتديد اخلبير كيف مت حتديد مساحة‬
‫تتجاوز بكثير ما هو منشور في مرسوم نزع امللكية أربع مرات ونظرا لعدم حتديد أسس‬
‫وضوابط حساب واجب االستغالل ونظرا للعيوب التي شابت اخلبرة التمس التصريح متهيديا‬
‫بإجراء خبرة مضادة أو بإرجاع املهمة للخبير إلجنازها وفق القانون‪ .‬وأرفق مذكرته مبا يلي‪:‬‬
‫‪ -‬صورة شمسية من مرسوم نزع امللكية‪.‬‬
‫‪ -‬صورة شمسية من محضر اجتماع اللجنة اإلدارية للتقومي‪.‬‬
‫‪ -‬وبناء على األوراق األخرى املدلى بها في امللف‪.‬‬
‫وبناء على مقتضيات القانون رقم ‪ 41.90‬احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية‪.‬‬
‫وبناء على قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في ‪.2010/01/27‬‬
‫وبناء على اإلعالم بإدراج القضية باجللسة العلنية املنعقدة بتاريخ ‪.2010/02/04‬‬
‫وبناء على املناداة على األطراف ومن ينوب عنهم وعدم حضورهم‪.‬‬
‫‪217‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وبعد االستماع إلى اآلراء الشفهية للمفوض امللكي للدفاع عن القانون و احلق التي أكد‬
‫من خاللها مستنتجاته الكتابية الرامية إلى احلكم وفق الطلب‪ ،‬تقرر حجز القضية للمداولة‬
‫قصد النطق باحلكم في جلسة ‪.2010/02/11‬‬

‫التـعـلـيـل‬
‫وبعد املداولـة طبقـا للقانـون ‪:‬‬
‫في الشكـل ‪ :‬حيث إن الطلب قدم من ذي صفة و مصلحة و جاء مستجمعا لكافة‬
‫الشروط الشكلية املتطلبة‪ ،‬فهو بذلك مقبول شكال‪.‬‬
‫في املوضوع‪ :‬حيث إن الطلب يرمي إلى احلكم لفائدة املدعي بتعويض مسبق قدره‬
‫(‪ )5.000,00‬درهم وبإجراء خبرة لتحديد قيمة التعويض املستحق له عن احتالل البقعة‬
‫الفالحية املسماة ‪ ....‬البالغة مساحتها هكتاران و‪ 10‬آرو‪ 53‬سنتيار ذات مطلب التحفيظ‬
‫عدد ‪ ، .....‬مع شمول احلكم بالنفاذ املعجل والبت في الصائر طبقا للقانون‪.‬‬
‫وحيث إنه إذا كان للدولة واملؤسسات العمومية واجلماعات احمللية حق اللجوء –بصفة‬
‫استثنائية‪ -‬إلى نزع ملكية العقارات كلما كانت في حاجة إلى ذلك من أجل حتقيق املنفعة‬
‫العامة‪ ،‬فإنها تبقى ملزمة بسلوك اإلجراءات واملساطر املنصوص عليها مبقتضى القانون رقم‬
‫‪ 7.81‬املتعلق بنزع امللكية للمنفعة العامة وباالحتالل املؤقت‪.‬‬
‫وحيث يؤخذ من وثائق امللف ومستنداته أن املكتب الوطني للماء الصالح للشرب املدعى‬
‫عليه عمد إلى احتالل عقار املدعي منذ عدة سنوات دون أن يعوضه عن ذلك وأقام عليه‬
‫عدة منشآت تابعة له لتزويد مراكز اهل املربع حد البرادية وأوالد الركيعة باملاء الشروب‬
‫وذلك دون استئذان القضاء في ذلك‪ ،‬ومن غير سلوك اإلجراءات القانونية التي يفرضها‬
‫القانون رقم ‪ 7.81‬سالف الذكر‪.‬‬
‫و حيث أجاب املكتب الوطني للماء الصالح للشرب بأن األمر يتعلق مبسطرة نزع ملكية‬
‫قطعة مساحتها ‪ 300‬متر مربع من أجل بناء خزان مائي لتزويد املنطقة باملاء الصالح للشرب‬
‫وأنه بصدد إصدار مرسوم نهائي وسلوك املسطرة القضائية‪.‬‬
‫وحيث إن الثابت من وثائق امللف‪ ،‬وخاصة اإلعالن عن وضع ونشر مشروع مرسوم نزع‬
‫ملكية العقار موضوع الطلب‪ ،‬أن هذا األخير نشر باجلريدة الرسمية عدد ‪ 4853‬بتاريــــخ‬
‫‪ 2‬نونبر ‪.2008‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪218‬‬

‫وحيث إن سلوك الطريق القضائي‪ ،‬بعد املرحلة اإلدارية في مسطرة نزع امللكية‪ ،‬أي‬
‫رفع دعوى موضوعية تتعلق بنقل امللكية ألجل املنفعة العامة مقابل تعويض أمام احملكمة‬
‫اإلدارية املختصة‪ ،‬يجب أن يتم قبل انصرام سنتني من نشر مقرر التخلي أو تبليغه طبقا‬
‫ملقتضيات الفصل ‪ 17‬من قانون نزع امللكية‪.‬‬
‫وحيث إن شروع املدعى عليه في مسطرة نزع امللكية باستصدار مشروع نزع امللكية‬
‫دون مواصلته لباقي اإلجراءات القانونية والقضائية املوالية يجعل تصرفه على ذلك النحو‬
‫مجانبا للمشروعية و يعد من قبيل االعتداء املادي الذي يجعله مسؤوال عن األضرار‬
‫الالحقة باملدعي نتيجة لذلك وملزما بتعويضه‪.‬‬
‫وحيث إنه ميكن اجلزم بوجود حالة اعتداء مادي ملا ترتكب اإلدارة أو أحد أعوانها أثناء‬
‫قيامها بنشاط مادي تنفيذي عدم مشروعية جسيم وظاهر من شأنه أن يتضمن اعتداء على‬
‫حق امللكية أو مساسا بحرية من احلريات العامة‪ ،‬ومن مت فإن االعتداء املادي هو كل عمل‬
‫منعدم الصلة بتطبيق أي نص قانوني أو تنظيمي أو حتى بإحدى السلطات املخولة لإلدارة‬
‫يستعصي إدخاله ضمن ممارسات السلطة العامة‪.‬‬
‫و حيث إن قيام املكتب املدعى عليه باحتالل جزء من عقار املدعي وإقامة منشآت تابعة‬
‫له دون سلوكه اإلجراءات املنصوص عليها في القانون رقم ‪ 7.81‬املتعلق بنزع امللكية من‬
‫أجل املنفعة العامة وباالحتالل املؤقت يعتبر ضررا فادحا الحقا باملدعي و مس حقوقه وهو‬
‫األمر الثابت من تقرير اخلبرة املنجزة في امللف مما يجعل املدعى عليه مسؤوال عن جبره‬
‫وملزما بتعويضه‪.‬‬
‫و حيث إن الشروع في مسطرة نزع امللكية واستصدار مشروع مرسوم يعلن أنه من املنفعة‬
‫العامة بناء خزانني لتزويد مراكز أهل املربع حد البرادية وأوالد الركيعة باملاء الشروب وبنزع‬
‫ملكية العقار املدعى فيه دون مواصلة اإلجراءات املنصوص عليها في قانون نزع امللكية‪،‬‬
‫يجعل العالقة السببية قائمة بني اخلطأ املتجسد في التصرف غير املشروع سالف الذكر‬
‫والضرر الالحق باملدعي جراء حرمانه من استغالل كامل عقاره‪ ،‬وبالتالي تكون موجبات‬
‫املسؤولية قائمة لتوفر جميع عناصرها و يكون معه أساس التعويض قائما‪.‬‬
‫و حيث استقر قضاء املجلس األعلى ) الغرفة اإلدارية( على أن املالك في إطار نظرية‬
‫االعتداء املادي يستحق تعويضا عن احلرمان من االستغالل منذ وضع اإلدارة يدها على‬
‫العقار إلى حني إنشاء املرفق‪.‬‬
‫‪219‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وحيث يستخلص من ذلك وجوب ثبوت االستغالل من قبل اإلدارة وإنشاء املرفق حتى‬
‫يتسنى االستفادة من التعويض عن احلرمان من االستغالل‪.‬‬
‫وحيث إنه وإن كان الثابت من أوراق امللف أن تاريخ تقييد مشروع نزع امللكية هو‬
‫‪ 2005/11/02‬فإنه لم يثبت للمحكمة تاريخ وضع اليد وتاريخ إنشاء املرفق حتى يتسنى‬
‫حتديد مدة االحتالل املبررة للتعويض عن احلرمان من االستغالل و يبقى للمدعي فقط حق‬
‫التعويض عن الفقد اجلبري لألرض مما يتعني معه التصريح برفض الطلب في هذا الشق‪.‬‬
‫و حيث إن الثابت مما سبق أن االعتداء املادي على عقار املدعي ثابت وال يفتقر إلى‬
‫دليل مما يرتب حقه في املطالبة بالتعويض عن األضرار الناجتة عن تصرف املدعى عليه‬
‫الذي لم يكن له سند قانوني‪.‬‬
‫وحيث إنه من املبادئ التي استقر عليها الفقه و القضاء هو ثبوت احلق لألفراد دائما‬
‫في طلب احلماية القضائية عموما كلما كانت ممتلكاتهم ضحية اعتداء من جانب السلطة‬
‫العامة أو أية جهة أخرى تقوم مقامها ال يعفى بأي حال من األحوال من القيام باإلجراءات‬
‫اإلدارية والقضائية التي فرضها املشرع في هذا الصدد‪.‬‬
‫وحيث أفادت اخلبرة املنجزة من طرف اخلبير عبد الرفيع بناني تنفيذا للحكم التمهيدي‬
‫الصادر عن هذه احملكمة حتت عدد ‪ 326‬وتاريخ ‪ 2008/06/18‬أن التعويض املستحق‬
‫للطرف املدعي عن قيمة األرض موضوع النزاع يتحدد في مبلغ (‪ )100.000,00‬درهم على‬
‫أساس (‪ )50‬درهما للمتر املربع الواحد بعد أن حدد املساحة احلقيقية احملتلة من طرف‬
‫املدعى عليه في ‪ 2.000‬متر مربع من مجموع عقاره البالغة مساحته هكتاران و ‪ 10‬آرات‬
‫و ‪ 53‬سنتيار‪.‬‬
‫وحيث إن اخلبرة املذكورة‪ ،‬وخالفا ملا دفع به الطرف املدعى عليه‪ ،‬وضحت بشكل دقيق‬
‫ومفصل العناصر التي استندت إليها‪ ،‬فضال عن كون التعويض احملدد بها موضوعي و‬
‫مبرر و ال سيما أن املكتب املدعى عليه سبق أن اقترح مبلغ (‪ )30‬درهما للمتر املربع الواحد‬
‫لنفس القطعة األرضية حسب الثابت من محضر اجتماع اللجنة اإلدارية للتقومي املنعقد‬
‫بتاريخ ‪.2006/01/25‬‬
‫وحيث إن احملكمة وبالنظر إلى العناصر املتوفرة لديها ترى احلكم باملصادقة عليها في‬
‫هذا الشق وفقا للتعويض احملدد فيها املتعلق بقيمة األرض واحلكم لفائدة املدعي بتعويض‬
‫عن الفقد اجلبري لعقاره بحسب(‪ )505‬درهما للمتر املربع الواحد‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪220‬‬

‫وحيث إن باقي الطلبات ليس بوثائق امللف ما يبررها مما يتعني معه التصريح برفضها‪.‬‬
‫وحيث يتعني إبقاء الصائر على املدعى عليه‪.‬‬

‫املنطوق‬
‫وتطبيقـا ملقتضيـات القانـون رقم ‪ 90/41‬احملدثـة مبوجبـه احملاكـم اإلداريـة ‪.‬‬

‫لـهـذه لأ�سـبـاب‬
‫تصرح احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي تقضي علنيـا ابتدائيا وحضوريـا ‪:‬‬
‫في الشكــل ‪ :‬بقبول الطلب‪.‬‬
‫في املوضوع ‪ :‬باملصادقة على اخلبرة املنجزة من طرف اخلبير عبد الرفيع بناني‬
‫واحلكم على املكتب الوطني للماء الصالح للشرب في شخص ممثله القانوني بأدائه‬
‫لفائدة املدعي تعويضا إجماليا عن الفقد اجلبري لعقاره على اساس مبلغ ( ‪)50,00‬‬
‫درهما للمتر املربع الواحد عن ما مساحته ( ‪ )2.000‬مترا مربعا من العقار موضوع‬
‫مطلب التحفيظ عدد ‪ ،.......‬وبرفض طلب التعويض عن احلرمان من االستغالل‬
‫وباقي الطلبات مع حتميله الصائر‪.‬‬
‫بهذا صدر احلكم في اليوم و الشهر والسنة أعاله ……………………………‪.......‬‬
‫إمـضاء‪:‬‬
‫كاتب الضبط‬ ‫املقـرر‬ ‫الرئيـس‬
‫‪221‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫املحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء‬


‫حكم �صادر بتاريخ ‪� 14‬أبريل ‪2011‬‬
‫ملف رقم‪2009/4/236 :‬‬

‫القاعدة‬
‫�شغل امللك العمومي اجلماعي يكت�سب طابعا �شخ�صيا غري قابل للتفويت وال االنتقال �إال ب�إرادة‬
‫اجلهة املانحة للرتخي�ص ‪ ......‬ثبوت تولية الطاعن للمحل مو�ضوع اال�ستغالل امل�ؤقت‬
‫للغري دون �إثبات العالقة املبا�رشة مع االدارة واالكتفاء بعقد �رشاء حق الزينة لتربير ذلك‬
‫اال�ستغالل يجعل قرار الإدارة بنزع حق اال�ستغالل منه ومنحه مل�ستغل �آخر قرارا م�رشوعا‪...‬‬
‫رف�ض طلب الطعن بالإلغاء ‪ ...‬نعم‪.‬‬

‫أصدرت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي متكونة من السادة ‪:‬‬


‫محم املزوغي‪........................................................‬رئيسا ‪،‬‬
‫عبد احلق دهبي‪.......................................................‬مقررا‪،‬‬
‫محمد السليماني‪.....................................................‬عضوا‪،‬‬
‫بحضور مليكة الغازي‪..........................................‬مفوضا ملكيا‪،‬‬
‫ومبساعدة مصطفى عوان‪.........................................‬كاتب الضبط‪.‬‬

‫احلكم الآتي ن�صه ‪:‬‬


‫بـني الطاعن ‪...... :‬نائبه األستاذ محمد السالك احملامي بهيئة الدار البيضاء ‪.‬‬
‫مـن جـهـة‬ ‫ ‬
‫وبني املطلوبني في الطعن ‪ - :‬املجلس البلدي لعني حرودة في شخص رئيسه الكائن‬
‫ببلدية عني حرودة‪ ،‬عمالة احملمدية‪.‬‬
‫نائبه األستاذ احمد ابن املقدم احملامي بهيئة الدار البيضاء ‪.‬‬
‫‪ -‬السيد عامل عمالة احملمدية الكائن بعمالة احملمدية ‪.‬‬
‫نائبه األستاذ مصطفى املنوزي احملامي بهيئة الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -‬السيد وزير الداخلية الكائن مبكاتبه بوزارة الداخلية الرباط‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪222‬‬

‫‪ -‬السيد الوكيل القضائي للمملكة الكائن مبكاتبه بالرباط‪.‬‬


‫‪ -‬السيد ‪......................................................‬‬
‫نائبه األستاذ طيب محمد عمر احملامي بهيئة الدار البيضاء‪.‬‬
‫مـن جـهـة أخـرى‬ ‫ ‬

‫الوقائع‬
‫بناء على املقال املرفوع إلى هذه احملكمة بتاريخ ‪ ،2009/09/30‬من طرف الطالب‬
‫املذكور حوله والرامي إلى احلكم بإلغاء القرار الصادر عن السيد رئيس املجلس البلدي لعني‬
‫حرودة بتاريخ ‪ 2009/06/28‬حتت عدد ‪ 1449‬القاضي بنزع حق استغالل البقعة األرضية‬
‫ذات الرقم ‪ 199‬املتواجدة ‪ ........‬من الطاعن‪ ،‬وكذا القرار الصادر عن نفس اجلهة القاضي‬
‫بإسناد نفس البقعة السالفة الذكر إلى املطلوب في الطعن السيد ‪....................‬‬
‫وذلك استنادا إلى الوسائل املبينة باملقال ‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة اجلوابية التي تقدم بها السيد عامل عمالة احملمدية بواسطة نائبه‬
‫بتاريخ ‪ ،2009/12/14‬الرامية إلى التصريح بعدم االختصاص واحتياطيا احلكم بعدم‬
‫قبول الطلب لتقدميه خارج األجل القانوني‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة اجلوابية التي تقدم بها املطلوب في الطعن السيد ‪ ........‬بواسطة‬
‫نائبه بتاريخ ‪ ،2009/12/14‬والرامية إلى احلكم أساسا بعدم قبول الطلب واحتياطيا في‬
‫املوضوع احلكم برفضه‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة التعقيبية التي تقدم بها الطاعن بواسطة نائبه بتاريخ ‪،2010/01/12‬‬
‫والرامية إلى استبعاد كل الدفوع الواردة في املذكرتني اجلوابيتني املشار إليهما أعاله واحلكم‬
‫وفق ما جاء في املقال‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة اجلوابية التي تقدم بها املجلس البلدي املطلوب في الطعن بواسطة‬
‫نائبه بتاريخ ‪ ،2010/01/12‬والرامية إلى احلكم بعدم قبول الطلب‪.‬‬
‫وبناء على احلكم العارض الصادر بتاريخ ‪ 2011/03/17‬القاضي بانعقاد اختصاص‬
‫احملكمة اإلدارية نوعيا للبت في الطلب‪.‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى املدرجة بامللف‪.‬‬
‫‪223‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر بتاريخ ‪.2011/03/08‬‬


‫وبناء على اإلعالم بإدراج القضية باجللسة العلنية املنعقدة بتاريخ ‪.2011/03/31‬‬
‫وبناء على املنادة على الطرفني وحضور نائب املطلوب في الطعن ‪...........‬الذي أكد‬
‫ما جاء في كتاباته في حني تخلف باقي األطراف وال دليل على توصلهم باألمر بالتخلي‪.‬‬
‫ونظرا النعدام أي ضرر قررت احملكمة عدم إعادة تبليغ األمر بالتخلي مع اعتبار القضية‬
‫جاهزة‪ ،‬وبعد أن أكدت السيدة املفوض امللكي ما جاء في تقريرها الكتابي الرامي إلى احلكم‬
‫بإجراء بحث في النازلة مت حجز امللف للمداولة جللسة ‪.2011/04/14‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‪:‬‬


‫في الدفع بعدم االختصاص النوعي املثار من طرف السيد عامل عمالة احملمدية‪:‬‬
‫حيث سبق للمحكمة أن بتت في هذا الدفع مبقتضى حكمها العارض الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2011/03/17‬القاضي بانعقاد اختصاصها النوعي للبت في الطلب‪،‬وبالتالي يكون هذا‬
‫الدفع قد سبق البت فيه بحكم مستقل‪.‬‬
‫في الشكل‪:‬‬
‫حيث دفع املطلوب في الطعن السيد ‪ .........‬بواسطة نائبه بكون الطاعن لم يرفق‬
‫مقاله بنسخة من القرار املطعون فيه‪ ،‬وبعدم احترامه ملقتضيات املادة ‪ 48‬من امليثاق‬
‫اجلماعي بخصوص اإلخبار وتقدمي مذكرته إلى السيد عامل اإلقليم‪ ،‬وأضاف هذا األخير‬
‫دفعا آخر يتعلق بتقدمي الدعوى خارج األجل القانوني‪ ،‬كما دفع املجلس البلدي املطلوب‬
‫في الطعن بعدم قبول الطعن‪ ،‬والتمسوا جميعا التصريح بعدم قبول الطلب‪.‬‬
‫وحيث عقب الطاعن بواسطة نائبه مالحظا أنه خالفا ملا جاء في الدفوع املبينة أعاله فقد‬
‫تقدم بطعنه داخل األجل القانوني‪ ،‬وأدلى بالقرارين املطعون فيهما ومبا يفيد تبليغ إنذارين‬
‫إلى كل من السيد رئيس املجلس البلدي بعني حرودة والسيد عامل إقليم احملمدية بخصوص‬
‫موضوع النزاع‪ ،‬ملتمسا استبعاد كل الدفوع املثارة واحلكم بقبول الطلب شكال‪.‬‬
‫وحيث إنه بعد تفحص احملكمة ملا أورده املطلوب في الطعن بخصوص الدفوع املبينة‬
‫أعاله والتعقيب املقدم بشأنها تبني لها فيما يخص الدفع بتقدمي الطعن خارج األجل‬
‫القانوني أن القرارين املطعون فيهما قد صدرا بتاريخ ‪ 2009/07/28‬وال يوجد ما يثبت‬
‫تاريخ تبليغهما إلى الطاعن‪ ،‬ومبا أن هذا األخير قد أكد في مقاله أنه لم يعلم بالقرارين‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪224‬‬

‫املذكورين إال بعد أن أدلى بهما املطلوب في الطعن ‪...................‬عندما قام‬


‫باحتالل محله حسب ادعائه بتاريخ ‪.2009/08/02‬‬
‫وحيث إنه مادام األمر كذلك وعلى فرض أن تاريخ علم الطاعن بالقرارين املطعون‬
‫فيهما بتاريخ ‪ 2009/08/02‬فإن الطعن املسجل باحملكمة بتاريخ ‪2011/09/30‬‬
‫يكون قد قدم داخل األجل القانوني‪ ،‬وبالتالي يبقى الدفع املثار بهذا الصدد غير ذي‬
‫جدوى ويتعني استبعاده‪.‬‬
‫وحيث إنه فيما يخص الدفع بعدم احترام الطاعن ملقتضيات املادة ‪ 48‬من امليثاق‬
‫اجلماعي‪ ،‬فإنه من الثابت من أوراق امللف أن الطاعن املذكور قد وجه كتابا إلى السيد‬
‫عامل إقليم احملمدية توصل به هذا األخير بتاريخ ‪ 2011/09/04‬وقد ضمنه أسباب‬
‫النزاع القائم بينه وبني املجلس البلدي ‪ ،.....‬ونفس الكتاب وجهه بنفس التاريخ إلى‬
‫رئيس املجلس البلدي السالف الذكر‪،‬وبالتالي يكون هذا الكتابان مبثابة اإلشهاد واإلخبار‬
‫املنصوص عليهما في املادة ‪ 48‬من امليثاق اجلماعي املشار إليهما أعاله‪.‬‬
‫وحيث إنه تبعا لذلك يبقى الدفع املثار بهذا الشأن غير ذي جدوى مما يتعني معه‬
‫استبعاده‪.‬‬
‫وحيث إنه أمام استبعاد هذين الدفعني يبقى الطعن مقدما من ذي صفة ومصلحة وداخل‬
‫األجل القانوني كما جاء مستوفيا لباقي الشروط الشكلية فهو بذلك مقبول شكال‪.‬‬
‫في املوضوع‪:‬‬
‫حيث يستفاد من املقال والوثائق املدلى بها في امللف أن الطاعن يستفيد من حق الزينة‬
‫للمنزل ‪ ،...............................‬وقد آل إليه هذا احلق مبقتضى عقد البيع‬
‫املصحح اإلمضاء بتاريخ ‪ ،2006/06/27‬وبعد ذلك تسلم من رئيس جماعة ‪......‬‬
‫شهادة تفيد استغالله مؤقتا للمنزل السالف الذكر‪ ،‬غير أنه فوجئ بتاريخ ‪2009/08/02‬‬
‫بكون أحد األشخاص املسمى ‪ .......‬يقتحم هذا املنزل في غيبته‪ ،‬استنادا إلى قرار صادر‬
‫عن رئيس املجلس البلدي ‪ ......‬بتاريخ ‪ 2009/02/28‬حتت عدد ‪ 1448‬يسند إليه حق‬
‫استغالل البقعة األرضية ذات الرقم ‪ ،.....‬وفي نفس الوقت أدلى بقرار آخر صادر في‬
‫نفس التاريخ عن نفس اجلهة حتت عدد ‪ 1449‬قرر فيه رئيس املجلس نزع استغالل البقعة‬
‫األرضية السالفة الذكر منه ( أي من الطاعن ) ومبا أن هذين القرارين قد جاءا مشوبني‬
‫بعيوب املشروعية‪ ،‬فقد التمس احلكم بإلغائهما كما هو مبني أعاله‪.‬‬
‫‪225‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وحيث أجاب السيد رئيس املجلس البلدي املطلوب في الطعن بواسطة نائبه مالحظا‬
‫أن ما ينعاه الطاعن على قرار نزع حق االستغالل منه ال يرتكز على أساس سليم على‬
‫اعتبار أنه لم يتخذ هذا القرار إال بعد أن تبث للمجلس قيام الطاعن بكراء احملل موضوع‬
‫االستغالل املؤقت إلى الغير‪ ،‬وأضاف املطلوب في الطعن السيد ‪ .................‬في‬
‫جوابه أن عقد البيع الذي يشير إليه الطاعن في مقاله ال يعنيه في أي شيء وإمنا يهم فقط‬
‫الطاعن والبائع له ويبقى له الرجوع على هذا األخير ما دام لم يوافق عليه املجلس اجلماعي‪،‬‬
‫السيما وأن الظهير املؤرخ في ‪ 1918/11/30‬بشأن االستغالل املؤقت لألمالك العمومية‬
‫قد أكد على عدم قابلية هذه األمالك للتفويت وأن الرخص املتعلقة بحق االستغالل تعطى‬
‫بصفة مؤقتة وميكن إبطالها في كل وقت حسب ما تقتضيه املنفعة العمومية‪ ،‬وأن االجتهاد‬
‫القضائي قد صار في هذا االجتاه‪ ،‬لذا ومادام من الثابت من محضر الدرك امللكي للمركز‬
‫القضائي باحملمدية املنجز بتاريخ ‪ 2009/08/02‬أن املسؤول عن مصلحة حتصيل املداخيل‬
‫ببلدية ‪ .......‬قد صرح أن الطاعن قد استغل املنزل‪ ......‬موضوع النزاع دون أن يسند‬
‫إليه بأي قرار إداري‪ ،‬ويقوم بكرائه للغير بدون سند وبالتالي يبقى القرار املطعون فيه مبنيا‬
‫على أسس قانونية‪ ،‬والتمس لكل هذه العلل احلكم برفض الطلب‪.‬‬
‫وحيث عقب الطاعن بواسطة نائبه مالحظا أن املطلوب في الطعن السيد ‪ .......‬يدفع‬
‫فقط بصحة قرار سحب حقه في استغالل احملل موضوع النزاع دون الدفاع عن قرار إسناد‬
‫حق استغالل احملل املذكور إليه‪ ،‬ومبا أن القرار األول ال يعنيه في شيء وإمنا يخصه هو (أي‬
‫الطاعن) واملجلس اجلماعي‪ ،‬وبالتالي ال يحق له الدفاع عن مصالح أي طرف في القرار‬
‫املطعون فيه‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن حق الزينة هو من احلقوق اإلسالمية ينشأ عن كراء أرض‬
‫خالية يقيم فيها املكتري بناءات أو حتسينات تشكل حقا عقاريا يجعل امللك بني املالك‬
‫حلق الرقبة واملكتري الذي يتصرف في منفعتها‪ ،‬لذا فما دام حق الزينة قد اجنر إليه من‬
‫البائع له السيد ‪ ....‬الذي كان يكتري البقعة رقم ‪ ....‬وأحدث بها بناءات صارت ملكا‬
‫له ثم انتقلت إليه عن طريق البيع ثم قام بدوره بإقامة عدة حتسينات‪ ،‬ومن جهة ثالثة فقد‬
‫كان يؤدي لفائدة البلدية مستحقاتها وتسلمه وصوالت في اسمه‪ ،‬وبالتالي ال ميكن سحب‬
‫حق استغالل البقعة لتعلقه بحق عيني لصيق باستغاللها وهو حق الزينة الذي اشتراه‪،‬‬
‫وبخصوص محضر الدرك امللكي املشار إليه في جواب السيد ‪ .........‬فإن هذا األخير‬
‫قد صرح فيه أنه قد بدأ في استغالل املنزل ‪ ......‬منذ شهرين أي بداية من شهر يونيو‬
‫‪ 2009‬في حني أن قرار االستغالل املسموح له لم يصدر إال بتاريخ ‪ ،2009/07/28‬أما‬
‫بخصوص باقي التصريحات املسجلة باحملضر املذكور فإنه ال يعتد بها للتناقض الوارد بها‪،‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪226‬‬

‫أما ما جاء في محضر املعاينة موضوع امللف التنفيذي عدد ‪ 09/637‬فإن ذلك يرجع إلى‬
‫غيابه عن املنزل وقت إجناز املعاينة إذ سافر إلى مدينة مراكش يوم ‪ 2009/07/04‬وسلم‬
‫نسخة من املفتاح حلارس القطاع املسمى ‪ ........‬من أجل صيانة املغروسات والتدخل‬
‫عند الضرورة‪ ،‬غير أن هذا األخير تواطأ مع الطرف املطلوب في الطعن باملعلومات التي‬
‫قدمها له‪ ،‬أما فيما يتعلق باملكترين املزعومني فإن السيد «‪ »......‬مجرد مياوم والسيد‬
‫«‪ »........‬مجرد ممرض وأن وضعيتهما املادية ال تسمح لهما بكراء منزل ‪ ......‬مببلغ‬
‫‪ ........‬درهم‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك فإنهما ال يعرفانه إذ صرحا في احملضر أن اسمه هو‬
‫‪ .......‬في حني أن اسمه احلقيقي هو» ‪ ،»........‬وفي ما يتعلق بالوسيط املزعوم السيد‬
‫‪ .......‬فإنه ال يعرفه كما تؤكد ذلك تصريحاته باحملضر باستعمال عبارة « استقبلهما‬
‫شخص ادعى أن اسمه هو ‪ ،« .........................‬لذا وأمام كل هذه املعطيات‬
‫فإن السيد ‪ .......‬له عالقة مع املكتريني املزعومني وأن أحدهما وهو «‪»...............‬‬
‫يقطن بجواره مبدينة الدار البيضاء وسبق له أن قام بنفس الدور بخصوص البقعة رقم ‪،195‬‬
‫لذا واستنادا إلى كل ما ذكر يكون قرار سحب حق االستغالل قد بني على وقائع غير ثابتة‬
‫وبالتالي يكون مشوبا بعيب السبب‪ .‬واستنادا إلى كل ما ذكر التمس استبعاد كل الدفوع‬
‫الواردة في اجلواب أعاله واحلكم وفق ما جاء في املقال‪.‬‬
‫وحيث عقب املطلوب في الطعن السيد‪ ................‬بواسطة نائبه مؤكدا كل ما‬
‫جاء في مذكرته اجلوابية موضحا أن الطاعن لم يدل بأي دليل مادي على صحة ادعاءاته‬
‫ملتمسا استبعاد كل الوسائل املثارة من طرفه واحلكم برفض الطلب‪.‬‬
‫وحيث إنه بعد دراسة احملكمة لكافة معطيات القضية‪ ،‬تبني لها أن الطعن في قرار‬
‫نزع حق االستغالل من الطاعن قد أسس حسب ما يستشف من الوقائع الواردة باملقال على‬
‫ثالثة وسائل وهي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬مخالفة القرار املطعون فيه للقانون؛‬
‫‪ - 2‬انعدام السبب؛‬
‫‪ - 3‬االنحراف في استعمال السلطة‪.‬‬
‫وحيث إنه فيما يخص الوسيلة املستمدة من مخالفة القرار املطعون فيه للقانون‪ ،‬واملتمثلة‬
‫في عدم جواز إلغاء حق االستغالل لكون الطاعن ميلك حق الزينة مبقتضى عقد الشراء للبقعة‬
‫األرضية رقم ‪ 199‬فإنه بعد تفحص احملكمة ملا أورده الطاعن بخصوص هذه الوسيلة‬
‫والتعقيب املقدم بشأنه تبني لها أنه وبغض النظر عن مدى صحة عقد الشراء املعتمد عليه‬
‫‪227‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫من طرف الطاعن فإن القانون الواجب التطبيق في نازلة احلال هو املتعلق باالستغالل املؤقت‬
‫لألمالك العمومية حسب مقتضيات ظهير ‪ 30‬نونبر ‪.1918‬‬
‫وحيث إنه مادام األمر كذلك فإنه ال يحق للطاعن التشبث بعقد الشراء الذي أبرم بينه‬
‫وبني الغير مادام املجلس اجلماعي ليس طرفا فيه على اعتبار أن األمالك اجلماعية غير‬
‫قابلة للتفويت‪ ،‬لذا ومادام املجلس املذكور قد اتخذ القرار املطعون فيه في إطار القانون‬
‫املنظم لالستغالل املؤقت لألمالك اجلماعية فإنه ال مجال للتشبت مبقتضيات الفصل الثامن‬
‫من ظهير يونيو ‪ 1915‬الذي يعتبر حق الزينة من احلقوق العينية العقارية اخلاضعة لقواعد‬
‫الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫وحيث إنه تبعا ملا ذكر تبقى الوسيلة املثارة بهذا الشأن غير ذات جدوى ويتعني‬
‫استبعادها‪.‬‬
‫وحيث إنه فيما يخص الوسيلة الثانية املستمدة من انعدام السبب‪ ،‬واملتمثلة في عدم‬
‫ثبوت املخالفات املنسوبة إلى الطاعن بخصوص قيامه بكراء احملل موضوع النزاع إلى‬
‫الغير‪ ،‬فإنه بعد تفحص احملكمة ملا أورده الطاعن بخصوص هذه الوسيلة والتعقيب املقدم‬
‫بشأنه من طرف املطلوب في الطعن ‪ ......‬تبني لها فيما يتعلق مبا يدعيه الطاعن من عدم‬
‫أحقية هذا األخير في تولي الدفاع على مصدر القرار املطعون فيه‪ ،‬فخالفا ملا جاء في هذا‬
‫االدعاء فإن الطاعن هو الذي أدخله في الدعوى‪ ،‬وبالتالي يبقى محقا في اجلواب على‬
‫مقال الطعن‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن من شأن احلكم بإلغاء القرار املطعون فيه املس مبركزه‬
‫القانوني على اعتبار أنه املستفيد اجلديد من احملل موضوع النزاع‪.‬‬
‫وحيث إنه تبعا لذلك يبقى ما يثيره الطاعن بهذا الصدد غير ذي أساس ويتعني‬
‫استبعاده‪.‬‬
‫وحيث إنه فيما يتعلق بعدم ثبوت املخالفة املنسوبة إلى الطاعن بخصوص كرائه‬
‫للمحل موضوع النزاع إلى الغير‪ ،‬فإن ما يدعيه الطاعن بهذا الشأن ينفيه محضر املعاينة‬
‫وتصريحات األشخاص الذين مت االستماع إليهم في ضوء الشكاية التي تقدم بها املطلوب‬
‫في الطعن السيد‪ .....‬وخاصة تصريحات حارس القطاع واملكترين املزعومني‪ ،‬لذا وما دام‬
‫الطاعن لم يسلك املسطرة الواجبة اإلتباع الستبعاد محضر املعاينة وإثبات عكس ما جاء‬
‫في تصريحات األشخاص املستمع إليهم في محضر الدرك امللكي‪ ،‬فإن الوسيلة املثارة بهذا‬
‫الشأن تبقى أيضا عدمية اجلدوى ويتعني استبعادها‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪228‬‬

‫وحيث إنه فيما يخص الوسيلة املستمدة من اإلنحراف في استعمال السلطة‪ ،‬واملتمثل‬
‫في كون القرار املطعون فيه قد مت اتخاذه بعد تسليم قرار االستغالل املؤقت إلى املطلوب‬
‫في الطعن ‪ ، ....‬وكون هذا األخير قد تواطأ مع كل من حارس القطاع واملكترين‬
‫املزعومني‪ ،‬فإنه بعد تفحص احملكمة ملا أورده الطاعن بخصوص هذه الوسيلة والدفوع‬
‫املقدمة بشأنها تبني لها فيما يتعلق بتسليم املطلوب في الطعن حق استغالل البقعة‬
‫األرضية موضوع النزاع قبل نزع حق استغاللها من الطاعن‪ ،‬أن القرارين املطعون فيهما‬
‫قد اتخذا في نفس اليوم وهو يوم ‪ 2009/07/28‬وأن تسجيلهما في نفس اليوم حتت‬
‫رقمني متتابعني وإعطاء رقم ‪ 1448‬للقرار القاضي باستغالل البقعة موضوع النزاع إلى‬
‫املطلوب في الطعن ‪ ....‬ورقم ‪ 1449‬إلى القرار القاضي بنزع حق االستغالل من الطاعن‬
‫ال يعني أن هذا القرار قد اتخذ بعد القرار األول مادام قد اتخذ في نفس التاريخ‪ ،‬وإمنا‬
‫يبقى األمر مجرد خطأ في ترتيب أرقام القرارات عند تسجيلها بالسجل اخلاص بها‪،‬‬
‫وعليه ال ميكن ترتيب أي جزاء عن اخلطأ املذكور‪.‬‬
‫وحيث إنه فيما يتعلق بالتواطؤ الذي يدعيه الطاعن بني املطلوب في الطعن واحلارس‬
‫واملكترين‪ ،‬ففي غياب سلوك الطاعن ملسطرة الطعن بالزور في محضر املعاينة املنجز من‬
‫طرف مأمور إجراءات التنفيذ لدى احملكمة االبتدائية باحملمدية وعدم تقدمي أي شكاية في‬
‫مواجهة باقي األشخاص الذي يشكك الطاعن في تصريحاتهم‪ ،‬فإن ما جاء في هذه الوسيلة‬
‫يبقى مجرد إدعاء ويتعني استبعاده‪ ،‬وبالتالي تبقى الوسيلة املثارة بهذا الشأن غير ذات‬
‫جدوى ويتعني استبعادها‪.‬‬
‫وحيث إنه أمام استبعاد كل الوسائل املثارة في الطعن يبقى القرار املطعون فيه قرارا‬
‫مشروعا وال يشوبه أي عيب من عيوب املشروعية‪ ،‬مما يتعني معه احلكم برفض الطعن‬
‫باإللغاء املقدم بشأنه‪.‬‬
‫وحيث إنه فيما يخص الطعن باإللغاء املقدم من طرف الطاعن في مواجهة القرار املطعون‬
‫فيه القاضي بإسناد حق استغالل البقعة األرضية رقم‪ ...‬التي كانت بيد الطاعن إلى‬
‫املطلوب في الطعن ‪ .....‬فقد تبني للمحكمة أن ما ينعاه الطاعن على هذا القرار قد متت‬
‫مناقشته في وسيلتي انعدام السبب واالنحراف في استعمال السلطة املثارتني ضد القرار‬
‫األول واللتني مت استبعادهما كما هو مبني أعاله‪.‬‬
‫وحيث إنه مادام األمر كذلك ‪ ،‬ومادام القرار القاضي بنزع حق استغالل البقعة األرضية‬
‫موضوع النزاع من الطاعن قرارا مشروعا‪ ،‬فإن القرار القاضي بإسناد حق استغالل نفس‬
‫‪229‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫البقعة إلى املطلوب في الطعن ‪ ............‬يبقى قرارا مشروعا في غياب وجود ما يثبت‬
‫االنحراف في استعمال السلطة الذي يدعيه الطاعن‪.‬‬
‫وحيث إنه تبعا لذلك يبقى الطعن باإللغاء في القرار املذكور غير مؤسس على وسائل‬
‫ثابتة مما يتعني معه التصريح برفضه‪.‬‬

‫املنطوق‬
‫وتطبيقا ملقتضيات املواد ‪ ،20 ،8 ،7 ،5 ،4 ،3‬و‪ 23‬من القانون رقم ‪ 90.41‬احملدثة‬
‫مبوجبه احملاكم اإلدارية ‪.‬‬

‫لـهـذه الأ�سـبـاب‬
‫حكمت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي تقضي علنيا ابتدائيا حضوريا ‪:‬‬
‫في الشكل ‪ :‬بقبول الطلب‪.‬‬
‫في املوضوع ‪ :‬برفضه‪.‬‬
‫بهذا صدر احلكم في اليوم والشهر والسنة أعاله ‪.................................‬‬

‫الإم�ضاء‬
‫كاتب الضبط‬ ‫املقرر‬ ‫الرئيس‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪230‬‬

‫املحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء‬


‫حكم �صادر بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪2011‬‬
‫ملف رقم ‪2009/13/252 :‬‬

‫القاعدة‬
‫‪ -‬يعترب ت�صميم التهيئة �أداء لرتجمة توجهات املخططات التوجيهية للتهيئة العمرانية عن طريق‬
‫مبادئ قانونية ولتحديد الإجراءات التنظيمية املتعلقة بعملية التعمري وتخ�صي�ص الأرا�ضي‬
‫الالزمة لأجل ذلك‪ ...‬نعم‪.‬‬
‫‪ -‬الن�ص القا�ضي باملوافقة على ت�صميم التهيئة يعترب مبثابة �إعالن للمنفعة العامة‪.....‬‬
‫نعم‪ ....‬عدم اتخاذ الإدارة للإجراءات املوالية لنزع امللكية وبالتايل عدم تفعيلها ملقت�ضيات‬
‫ت�صميم التهيئة يرتب حق مالك العقار يف احل�صول على التعوي�ض عن الأ�رضار الالحقة به جراء‬
‫ذلك ‪ .....‬نعم‪.‬‬

‫أصدرت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي متكونة من السادة‪:‬‬


‫عبد العتاق فكير ‪ ...................................................‬رئيسا‪،‬‬
‫عبد احلق دهبي‪ ......................................................‬مقررا‪،‬‬
‫محمد السليماني‪ ....................................................‬عضوا‪،‬‬
‫بحضور السيدة مليكة الغازي‪ ..................................‬مفوضا ملكيا‪،‬‬
‫ومبساعدة السيد مصطفى عوان ‪..................................‬كاتب الضبط‪.‬‬

‫احلـكـــــم الأتي ن�صه‪:‬‬


‫بني املدعي‪:‬‬
‫‪ ...........................................................‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫ينوب عنهم األستاذ عبد الله فهمي احملامي بهيئة فاس‪ ،‬واألستاذة فاطمة الزهراء‬
‫السنوسي احملامية بهيئة الدار البيضاء‪.‬‬
‫من جهة‬ ‫ ‬
‫‪231‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وبني املدعى عليهم‪:‬‬


‫‪ - 1‬اجلماعة احلضرية للدار البيضاء‪ ،‬في شخص رئيسها وأعضاء مجلسها اإلداري‬
‫مبكاتبه بالدار البيضاء‪.‬‬
‫ينوب عنها األستاذ محمد الزواكي احملامي بهيئة الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ - 2‬والية جهة الدار البيضاء الكبرى‪ ،‬في شخص والي جهة الدار البيضاء الكبرى‬
‫مبكاتبه بوالية الدار البيضاء‪.‬‬
‫ينوب عنه األستاذ أحمد الزرقطوني احملامي بهيئة الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ - 3‬عامل عمالة عني السبع احلي احملمدي مبكاتبه بعمالة عني السبع احلي احملمدي الدار‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫‪ - 4‬الدولة املغربية في شخص الوزير األول مبكاتبه بالرباط‪.‬‬
‫‪ - 5‬وزارة الداخلية في شخص وزير الداخلية مبكاتبه بالرباط‪.‬‬
‫من جهة أخرى‬ ‫ ‬

‫الوقـائــع‬
‫بناء على املقال االفتتاحي للدعوى املقدم من طرف املدعني بواسطة نائبهم أمام كتابة‬
‫ضبط هذه احملكمة بتاريخ ‪ ،2009/06/04‬واملؤدى عنه الرسم القضائي‪ ،‬يعرضون فيه‬
‫أنهم ميلكون القطعة األرضية املسماة « ‪ »....‬ذات الرسم العقاري عدد ‪ .....‬الكائن‬
‫‪ .........‬مساحته ‪ .....‬املتكون من أرض مخصصة للبناء‪ ،‬وأنهم فوجئوا بكون املجلس‬
‫اجلماعي بالدار البيضاء قد عمد إلى نزع القطعة األرضية املذكورة دون احترام املقتضيات‬
‫اخلاصة بنزع امللكية‪ ،‬وأنهم تقدموا إلى اجلهة اإلدارية املختصة قصد االستفسار عن واقعة‬
‫االعتداء املادي التي وقعت على عقارهم‪ ،‬كما أنهم تقدموا بكتاب قصد اإلخبار بالبريد‬
‫املضمون إلى رئيس مجلس اجلماعة احلضرية ملدينة الدار البيضاء من أجل تسوية وضعية‬
‫العقار موضوع الدعوى‪ ،‬وأنه بتاريخ ‪ 17‬أكتوبر ‪ 2008‬توصل العارضون بكتاب صادر‬
‫عن العامل مدير الوكالة احلضرية للدار البيضاء يشعرهم فيه أنه تبعا ملقتضيات تصميم‬
‫التهيئة اجلماعي ‪ ....‬املصادق عليه بالرسوم املؤرخ ب ‪ 17‬مارس ‪ 1989‬يخبرهم فيه أن‬
‫القطعة األرضية املعنية مخصصة لـ‪:‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪232‬‬

‫‪ -‬ارتفاق غير قابل للبيع مزروعة؛‬


‫‪ -‬طريق عمومي‪.‬‬
‫وأنهم استعملوا مع املدعى عليه جميع احملاوالت احلبية لتسوية وضعية العقار إال أن‬
‫كل محاوالتهم باءت بالفشل‪ ،‬موضحني أن ما قام به املجلس اجلماعي يعتبر من قبيل‬
‫االعتداء املادي على أمالك الغير‪ ،‬وأن املجلس املدعى عليه لم يحترم مقتضيات مسطرة‬
‫نزع امللكية وبالتالي فإنهم محقون واحلالة هاته في املطالبة بالتعويض‪،‬والتمسوا من أجل ما‬
‫سبق احلكم بتعويض مؤقت يقدر في مبلغ ‪ 3.000‬درهما في مواجهة املجلس اجلماعي ملدينة‬
‫الدار البيضاء وبانتداب خبير لتحديد القيمة احلقيقية للمتر املربع لكافة القطعة األرضية‬
‫ذات الرسم العقاري عدد‪ .....‬واملنزوعة من طرف املجلس اجلماعي املدعى عليه وحفظ‬
‫حقهم في تقدمي مستنتجاتهم بعد وضع اخلبير لتقريره‪ .‬وأرفقوا مقالهم بالوثائق التالية‪:‬‬
‫‪ -‬شهادة امللكية صادرة عن احملافظة على األمالك العقارية ‪ ............‬الدار‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫‪ -‬نسخة من كتاب قصد اإلخبار بالبريد املضمون موجه إلى رئيس مجلس اجلماعة‬
‫احلضرية ملدينة البيضاء‪.‬‬
‫‪ -‬رسالة موجهة من العامل مدير الوكالة احلضرية للدار البيضاء يخبر فيها الوضعية‬
‫احلالية للعقار موضع النزاع ‪.‬‬
‫‪ -‬ترجمة منها على العربية‪.‬‬
‫‪ -‬طلب اإلذن بالتقاضي طبقا ملقتضيات املادة ‪ 48‬من امليثاق اجلديد‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة اجلوابية للجماعة احلضرية للدار البيضاء املقدمة بواسطة نائبها في‬
‫جلسة ‪ ،2009/9/30‬أكدت فيها أن الفصل ‪ 515‬من قانون املسطرة املدنية ينص صراحة‬
‫على أن الدعوى ترفع ضد اخلزينة في شخص اخلازن العام وضد املؤسسات العمومية في‬
‫شخص ممثلها القانوني كما أن الفصل ‪ 48‬من القانون رقم‪ 78.00‬املتعلق بامليثاق اجلماعي‬
‫يقول بصريح العبارة أن الرئيس ميثل اجلماعة لدى احملاكم وأن هذه الدعوى موجهة ضد‬
‫مجلس اجلماعة احلضرية للدار البيضاء بصفته هذه وبالتالي فإنها غير مقبولة شكال ألنه‬
‫يجب أن توجه باسم اجلماعة احلضرية للدار البيضاء في شخص رئيس مجلسها اجلماعي‬
‫وفقا للميثاق اجلماعي وعليه يكون املدعني قد وجهوا دعواهم بطريقة غير صحيحة في‬
‫مواجهة طرف ال صفة له وملا كانت الصفة من النظام العام فإن احملكمة ملزمة بالقول‬
‫‪233‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫بعدم القبول‪ ،‬مضيفة أن الفصل ‪ 514‬من قانون املسطرة املدنية ينص على أنه كلما كانت‬
‫الطلبات تستهدف التصريح مبديونية الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية‬
‫للدولة في قضية ال عالقة لها بالضرائب واألمالك املخزنية وجب إدخال العون القضائي‬
‫في الدعوى وإال كانت غير مقبولة‪ ،‬وأن مقتضيات ظهير ‪ 1953/3/2‬احملدث للوكالة‬
‫القضائية حتتم كذلك إدخال العون القضائي في مثل هذه الدعوى وبالتالي فإن املدعي لم‬
‫يدخل العون القضائي في دعواه مما يناسب معه احلكم بعدم قبولها شكال‪ ،‬كما أن املدعني‬
‫أشاروا في مقالهم إلى كون املجلس اجلماعي بالدار البيضاء قد عمد إلى نزع القطعة‬
‫األرضية موضوع الصك العقاري عدد ‪ .....‬دون احترام املقتضيات اخلاصة بنزع امللكية‬
‫كما أنهم أشاروا كذلك إلى أن ما أقدم عليه املجلس اجلماعي يعتبر من قبيل االعتداء‬
‫املادي على أمالك الغير إال أنهم لم يدلوا بأي دليل ملموس على قيام العارضة بنزع ملكية‬
‫عقارهم خصوصا وأن شهادة احملافظة العقارية املدلى بها من طرفهم ال تشير بتاتا إلى وجود‬
‫مسطرة نزع امللكية وباإلضافة إلى هذا فإنهم لم يثبتوا ماهية الفعل الذي قامت به العارضة‬
‫والذي يشكل اعتداءا ماديا على عقارهم ومبعنى آخر فهم ملزمون بتبيان العمل املادي الذي‬
‫نفذته العارضة على عقارهم والذي يشكل حسب مفهومهم ما يعرف قانونا باالعتداء املادي‬
‫وأنهم اختلط عليهم األمر فلم يثبتوا ال واقعة االعتداء املادي وال مسطرة نزع امللكية التي‬
‫يتحدثون عنها مما يتضح معه أن دعواهم تفتقر إلى اإلثبات كما أنها غير مقبولة شكال‪.‬‬
‫وبناء على مقتضيات احلكم التمهيدي عدد ‪ 670‬الصادر بتاريخ ‪،2009/10/07‬‬
‫القاضي بإجراء عقارية عهد القيام بها إلى اخلبير الياس الصديق الذي أودع تقرير خبرتهم‬
‫بكتابة ضبط هذه احملكمة بتاريخ ‪ 2010/2/15‬مؤكدا فيه أن العقار موضوع النزاع‬
‫هو عبارة عن أرض عارية توجد بحي ‪ .....‬مساحتها ‪ ....‬في موقع يكثر فيه البناء‬
‫االقتصادي مخفضا نسبة ‪ % 45‬من مجموع مساحة العقار لكون جتهيزه وإعداده طبق‬
‫تصميم التهيئة إلحداث املسالك واملعابر واملناطق اخلضراء يتطلب ذلك‪ ،‬محددا قيمته في‬
‫مبلغ ‪ .....‬درهم للمتر املربع الواحد‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة مستنتجات اجلماعة احلضرية للدار البيضاء بعد اخلبرة املقدمة بواسطة‬
‫نائبها في أجل ‪ ،2010/3/30‬أكدت فيها عدم احترام اخلبير ملقتضيات الفصل ‪ 63‬من‬
‫قانون املسطرة املدنية‪ ،‬وفي اجلوهر أوضحت أن تقرير اخلبير تعتريه عدة نواقص من حيث‬
‫حتديده للمساحة وتقديره قيمة التعويض‪ ،‬ملتمسة األمر بإجراء خبرة مضادة تسند إلى خبير‬
‫مختص في الشؤون العقارية‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪234‬‬

‫وبناء على املذكرة بعد اخلبرة املقدمة من طرف املدعني بواسطة نائبهم في أجل‬
‫‪ ،2010/5/11‬أكدوا فيها أن العقار موضوع التعويض يتوفر على موقع هام وأنه يقع‬
‫داخل املدار احلضري موضحني أن املساحة املخصومة من العقار قصد التجهيز تعتبر جد‬
‫مبالغ فيها وأن قيمة املتر املربع تتجاوز‪ ....‬درهم في منطقة ‪ ،.....‬ملتمسني أساسا إعادة‬
‫اخلبرة بواسطة خبير آخر واحتياطيا املصادقة على تقرير اخلبرة املنجزة على املدعى عليها‬
‫األولى مبلغ ‪ 21.480.000.00‬درهما مع حتميلها صائر الدعوى‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة اجلوابية لوالي جهة الدار البيضاء الكبرى املقدمة بواسطة نائبه في‬
‫أجل ‪ ،2010/06/01‬أكد فيها أن الدعوى مقامة بني املدعني واملجلس اجلماعي ملدينة‬
‫الدار البيضاء ملتمسا احلكم وفق القانون‪.‬‬
‫وبناء على املقال اإلضافي مع ملتمس إخراج امللف من املداولة املقدم من طرف املدعني‬
‫خالل مداولة ‪ ،2010/06/24‬أوضحوا فيه أنه تبني أن املشروع اخلاص بتصميم التهيئة‬
‫جلماعة ‪ .....‬املصادق عليه طبقا للمرسوم املؤرخ في ‪ 1989/3/17‬لم تنجز عليه املشاريع‬
‫التي كان مزمعا القيام بها من طرف املدعى عليها‪ ،‬وأن العارضني حرموا من استغالل‬
‫أرضهم منذ سنة ‪ ، 1989‬ملتمسني احلكم عليها بتعويض مؤقت ‪ 3.000.00‬درهم وبإرجاع‬
‫اخلبرة إلى اخلبير أو تعيني خبير آخر قصد حتديد التعويض عن احلرمان من استغالل العقار‬
‫موضوع الطلب‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة التأكيدية املقدمة من طرف اجلماعة احلضرية للدار البيضاء املقدمة‬
‫بواسطة نائبها في أجل ‪ ،2010/10/19‬أكدت فيها جميع أوجه دفاعها املثارة في مذكراتها‬
‫السابقة‪.‬‬
‫وبناء على مقتضيات احلكم التمهيدي عدد ‪ 699‬الصادر بتاريخ ‪،2010/12/02‬‬
‫القاضي بإجراء خبرة عقارية تكميلية عهد القيام بها إلى اخلبير إلياس الصديق‪ ،‬الذي أودع‬
‫تقرير خبرته بكتابة ضبط هذه احملكمة بتاريخ ‪.2011/03/16‬‬
‫وبناء على مذكرات تعقيب الطرفني على تقرير اخلبرة التكميلية‪.‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى املدلى بها في امللف‪.‬‬
‫وبناء على مقتضيات القانون رقم ‪ 90.41‬احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية ‪.‬‬
‫وبناء على قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ لألطراف الصادر بتاريخ ‪.2011/04/20‬‬
‫‪235‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وبناء على اإلعالم بإدراج القضية باجللسة العلنية املنعقدة بتاريخ ‪.2011/05/05‬‬
‫وبناء على املناداة على الطرفني ومن ينوب عنهما وعدم حضورهما‪.‬‬
‫وبعد االستماع إلى اآلراء الشفهية للمفوض امللكي للدفاع عن القانون واحلق التي أكد‬
‫من خاللها ما جاء في مستنتجاته الكتابية الرامية إلى احلكم باملصادقة على تقرير اخلبرة‪،‬‬
‫تقرر حجز القضية للمداولة قصد النطق باحلكم في جلسة ‪.2011/05/19‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬


‫يف ال�شكل‪:‬‬
‫حيث قدم الطلب من ذي صفة ومصلحة وداخل األجل القانوني‪ ،‬ومستجمعها لكافة‬
‫شروطه الشكلية خالفا ملا دفعت به اجلماعة احلضرية املدعى عليها ‪ ،‬فهو بذلك مقبوال‬
‫شكال‪.‬‬
‫يف املو�ضوع‪:‬‬
‫حيث إن الطلبني األصلي واإلضافي يرومان احلكم بتعويض مؤقت لفائدة املدعني قدره‬
‫‪ 3.000.00‬درهم تؤديه اجلماعة احلضرية للدار البيضاء‪ ،‬وتعني خبير لتحديد القيمة‬
‫احلقيقية للمتر املربع للقطعة األرضية ذات الرسم العقاري عدد ‪ ...........‬املنزوعة من‬
‫طرف املدعى عليها وحتديد التعويض عن احلرمان من استغاللها مند سنة ‪ 1989‬إلى غاية‬
‫يومه‪ ،‬وحفظ حقهم في تقدمي مستنتجاتهم بعد اخلبرة‪.‬‬
‫وحيث إن تصميم التهيئة يعتبر مبثابة دليل للسلطات العمومية في مجال التخطيط‬
‫احلضري والتوسع العمراني وأداة لترجمة توجهات املخطط للتهيئة احلضرية على أرض‬
‫الواقع‪،‬وأداة لتحديد اإلجراءات التنظيمية املتعلقة بعملية التعمير وكيفية استعمال‬
‫األراضي‪ ،‬ويعتبر مرسوم املصادقة عليه مبثابة إعالن للمنفعة العامة من أجل ملكية‬
‫األراضي الالزمة للقيام بإحداث املناطق السكنية والصناعية والسياحية واملناطق اخلضراء‪،‬‬
‫ومبوجبه تبقى آثار املنفعة العامة سارية‪ ،‬ويعتبر مبثابة قرار بالتخلي ملا يترتب عنه من حتديد‬
‫مباشر للعقارات املراد نزع ملكيتها وبيان مشموالتها ومساحتها وأسماء مالكيها‪ ،‬ومن مت‬
‫تطيق عليه اإلجراءات واآلثار التي يخضع لها مقرر التخلي مبقتضى ظهير ‪ 6‬ماي ‪1982‬‬
‫املتعلق بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة وباالحتالل املؤقت‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪236‬‬

‫وحيث يترتب على ذلك أن تصميم التهيئة لوحده ال يبرر حيازة العقار املعني به دون‬
‫اللجوء إلى اإلجراءات املوالية إلصدار مقرر التخلي كما هي منصوص عليها في الظهير‬
‫املذكور‪ ،‬انسجاما مع مقتضيات املادة ‪ 28‬من القانون رقم ‪ 90.12‬املتعلق بالتعمير التي‬
‫تؤكد أن النص القاضي باملوافقة على تصميم التهيئة يعتبر مبثابة إعالن بأن املنفعة‬
‫العامة تستوجب القيام بالعمليات الالزمة إلجناز التجهيزات املنصوص عليها في البنود‬
‫‪ 3‬و‪4‬و ‪5‬و‪ 6‬و‪ 12‬من املادة ‪ 19‬من نفس القانون والتي تدخل في حالة تخصيص العقار‬
‫موضوع النزاع‪.‬‬
‫وحيث إن اآلثار املترتبة على إعالن املنفعة العامة تنتهي عند انقضاء أجل ‪ 10‬سنوات‬
‫تبتدئ من تاريخ نشر النص القاضي باملوافقة على تصميم التهيئة في اجلريدة الرسمية‪.‬‬
‫وحيث إن الثابت فقها وقضاء‪ ،‬وإن كان املشرع املغربي لم ينص صراحة على مسألة‬
‫التعويض عن األضرار الالحقة مبالكي األراضي في حالة عدم تفعيل مقتضيات تصميم‬
‫التهيئة واكتفى بالنص على القيود الواردة على حق التصرف بالنسبة للعقارات الالزمة‬
‫إلجناز التجهيزات املشار إليها مع التنصيص على أحقية هؤالء املالك في استعادة حق‬
‫التصرف بعد انصرام أجل ‪ 10‬سنوات على نشر تصميم التهيئة‪ ،‬فإنه ميكن مساءلة اجلهة‬
‫اإلدارية املعنية بالتعويض عن األضرار املذكورة‪.‬‬
‫وحيث إن الفصل ‪ 84‬من القانون رقم ‪ 90.12‬املتعلق بالتعمير يقر حق املالك املتضرر‬
‫من االرتفاقات احملدثة عمال بأحكام هذا القانون والنصوص التنظيمية الصادرة لتطبيقه‬
‫والتي نتج عنها إما مساس بحقوق مكتسبة وإما تغيير أدخل على احلالة التي كانت عليها‬
‫األماكن من قبل ونشأ عنه ضرر مباشر مادي ومحقق‪.‬‬
‫وحيث إن احملكمة وأمام عدم توفرها على العناصر الضرورية للبت في الطلب أمرت‬
‫متهيديا بإجراء خبرة عقارية عهد القيام بها إلى اخلبير إلياس الصديق‪ ،‬الذي خلص في‬
‫تقرير خبرته إلى أن العقار موضوع الطلب هو عبارة عن أرض عارية توجد بحي‪......‬‬
‫‪ ............‬مساحتها ‪ ......‬متر مربع‪ ،‬في موقع يكثر فيه البناء االقتصادي مخفضا‬
‫نسبة ‪ % 45‬من مجموع مساحة العقار لكون جتهيزه وإعداده طبق تصميم التهيئة‬
‫إلحداث املسالك واملعابر واملناطق اخلضراء يتطلب ذلك‪ ،‬محددا قيمته في مبلغ ‪ .....‬درهم‬
‫للمتر املربع الواحد‪ ،‬مؤكدا أن العقار طبقا لتصميم التهيئة قابل للتجزئة إلى قطع أرضية‬
‫اقتصادية من فئة ‪ 100‬متر مربع حتدد في ‪ 18‬بناية من فئة طابق أرضي وأربع طوابق تضم‬
‫خمس شقق في كل بناية‪ ،‬ميكن احتساب مدخولها الكرائي الشهري لكل شقة على أساس‬
‫‪237‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫مبلغ‪ ......‬درهم أي ما قيمته مبلغ‪ ....‬درهم شهريا للبناية الواحدة و ‪.....‬درهما شهريا‬
‫ل ‪ 18‬بناية و ‪ ......‬للسنة وجب فيها عن ‪ 12‬سنة من احلرمان من االستغالل الالحقة‬
‫النتهاء أجل العشر سنوات أعاله ما قيمته‪ ......‬درهم‪ ،‬محددا قيمة التعويض املستحق‬
‫عن األضرار الناجتة للمدعي جراء عدم تفعيل مقتضيات تصميم التهيئة في ‪ % 10‬من‬
‫التعويض املذكور أي ما قيمته ‪ .....................‬درهم‪.‬‬
‫وحيث إن تصميم التهيئة ملقاطعة ‪ ....‬املصادق عليه مبقتضى املرسوم رقم ‪2.89.160‬‬
‫بتاريخ ‪ 9‬شعبان ‪ 17( 1409‬مارس ‪ )1989‬وبالرغم من عدم تفعيله من طرف املقاطعة‬
‫املذكورة واجلماعة احلضرية فقد حرم املدعني من مزايا عقارهم وغل يدعم في التصرف‬
‫فيه‪ ،‬وأن مجرد حتميل هذا العقار بارتفاق قانوني مجسدا في التجهيزات املزمع القيام‬
‫بها فوقه يعني أنه وطيلة مدة ترتيب تصميم التهيئة آلثاره احملددة في عشر سنوات من‬
‫تاريخ نشره باجلريدة الرسمية وإلى غاية تفعيل تصميم التهيئة يبقى املدعني محرومني من‬
‫املزايا اللصيقة بحق امللكية أو باألحرى مقيدين بعدم استعمال عقارهم في حدود الغرض‬
‫املنصوص عليه بتصميم التهيئة املذكور‪ ،‬مما يبرر أحقيتهم في التعويض عن حرمانهم من‬
‫استغالله في مواجهة اجلماعة احلضرية املدعى عليها‪.‬‬
‫وحيث إن احملكمة ومبا لها من سلطة تقديرية في حتديد التعويض عن الضرر الالحق‬
‫باملدعي ارتأت احلكم على اجلماعة احلضرية للدار البيضاء بأدائها للمدعني تعويضا إجماليا‬
‫قدره (‪ )......‬درهم‪ ،‬وذلك باعتبارها ملبلغ (‪ ) ............‬درهم الذي خلص إليه اخلبير‬
‫كرأسمال ثابت واعتماد نسبة ‪ % 6‬منه الحتساب نسبة التعويض‪.‬‬
‫وحيث لئن كانت اآلثار املترتبة على إعالن املنفعة العامة وفقا للمادة ‪ 28‬أعاله تنتهي‬
‫عند انقضاء أجل عشر سنوات يبتدئ من تاريخ نشر النص القاضي باملوافقة على تصميم‬
‫التهيئة في اجلريدة الرسمية‪ ،‬وال يحوز القيام بإعالن املنفعة العامة للغرض نفسه فيما‬
‫يتعلق باملناطق املخصصة للتجهيزات املنصوص عليها في املادة ‪ 19‬من قانون التعمير قبل‬
‫انصرام أجل عشر سنوات‪ ،‬فإن مالك األراضي يستعيدون التصرف في أراضيهم فور انتهاء‬
‫اآلثار املترتبة على إعالن املنفعة العامة‪ ،‬األمر الذي يكون معه الطلب في شقه املتعلق‬
‫بالتعويض عن قيمة األرض ال يستند إلى أسس قانونية سليمة ويتعني عدم االستجابة له‪.‬‬
‫وحيث إن باقي الطلبات ليس بوثائق امللف ما يبرره ‪ ،‬األمر الذي يناسب التصريح‬
‫برفضها‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪238‬‬

‫وحيث يتعني حتميل املدعى عليها الصائر‪.‬‬

‫املنطوق‬
‫وتطبيقا ملقتضيات الفصول ‪1-3-4-5-7-8-12‬و ‪ 13‬من القانون رقم ‪90/41‬‬
‫احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية‪،‬و القانون رقم ‪ 90.12‬املتعلق بالتعمير‪.‬‬

‫لهـــذه الأ�سباب‬
‫حكمت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء علنيا ابتدائيا حضوريا‪.‬‬
‫يف ال�شكل ‪ :‬بقبول الطلب‬
‫يف املو�ضوع‪ :‬باعتباره جزئيا واحلكم على اجلماعة احلضرية للدار البيضاء في شخص‬
‫رئيسها بأدائها لفائدة املدعني تعويضا إجماليا عن احلرمان من استغالل العقار موضوع‬
‫الطلب خالل املدة من ‪ 1999‬إلى غاية ‪ 2010‬بحسب مبلغ ‪ ............‬درهم ‪ ،‬وبرفض‬
‫باقي الطلبات وجعل الصائر بني الطرفني بحسب النسبة‬
‫بهذا صدر األمر في اليوم والشهر والسنة أعاله‪.......................‬‬

‫�إم�ضاء‬
‫كاتب الضبط‬ ‫ ‬
‫املقرر‬ ‫ ‬‫الرئيس‬
‫‪239‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫املحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء‬


‫حكم �صادر بتاريخ ‪ 31‬مار�س‪2011‬‬
‫ملف رقم ‪2008/11/534 :‬‬

‫القاعدة‬
‫‪ -‬ميكن احلكم بنقل ملكية العقارات واحلقوق العينية متى �أعلنت املنفعة العامة ب�ش�أنها و�أجريت‬
‫امل�سطرة طبق ال�رشوط والكيفيات املن�صو�ص عليها يف القانون رقم ‪.... 81.7‬نعم‪.‬‬
‫‪ -‬للمحكمة متى مل تتوفر لديها العنا�رص الكافية للبت يف النازلة �أن ت�أمر ب�إجراء خربة لتحديد‬
‫التعوي�ض املنا�سب مقابل نزع امللكية من �أجل املنفعة العامة‪ .....‬نعم‪.‬‬
‫‪ -‬ثبوت �أن تقرير اخلربة �أتى مطابقا للقانون ومت�ضمنا جلميع ‪..............‬‬

‫أصدرت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي متكونة من السادة ‪:‬‬


‫عبد العتاق فكير ‪ ....................................................‬رئيسا‪،‬‬
‫عبد احلق دهبي‪ .......................................................‬مقررا‪،‬‬
‫محمد السليماني‪ ....................................................‬عضوا‪،‬‬
‫بحضور السيدة مليكة الغازي‪ ...................................‬مفوضا ملكيا‪،‬‬
‫ومبساعدة السيد مصطفى عوان ‪..................................‬كاتب الضبط‪.‬‬

‫احلـكـــــم الآتي‪:‬‬
‫بني املدعية‪:‬‬
‫الدولة املغربية ( امللك اخلاص) في شخص مدير إدارة األمالك املخزينة مبكاتبه باحلي‬
‫اإلداري أكدال الرباط‪ ،‬نائبها ‪ :‬األستاذ نبيل صبور اجلامعي احملامي بهيئة فاس اجلاعل‬
‫محل املخابرة معه لدى رئيس كتابة الضبط بهذه احملكمة‬
‫من جهة‬ ‫ ‬
‫وبني املدعى عليهم‪.................................. :‬‬
‫نائبه‪ :‬األستاذ أحمد ابن املقدم احملامي بهيئة الدار البيضاء‪.‬‬
‫بحضور‪ :‬احملافظ على األمالك العقارية باحملمدية‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪240‬‬

‫الوقـائــــع‬
‫بناء على املقال االفتتاحي املقدم من طرف املدعية بواسطة نائبها أمام كتابة ضبط هذه‬
‫احملكمة بتاريخ ‪ ،2008/8/25‬واملعفى من أداء الرسوم القضائية‪ ،‬تعرض فيه أن املنفعة‬
‫العامة تقضي بالتهيئة احلضرية ملنطقة‪ .....‬املدينة اجلديدة ‪ .....‬ببلدية ‪ ، .....‬وأنه‬
‫تطبيقا للقانون رقم ‪ 81/7‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.81.254‬الصادر في‬
‫‪ 11‬من رجب ‪ 6( 1402‬ماي ‪ )1982‬املتعلق بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة واالحتالل‬
‫املؤقت واملرسوم رقم ‪ 2.82.382‬الصادر في ‪ 2‬رجب ‪ 16 ( 1403‬أبريل ‪ )1983‬في شأن‬
‫تطبيق القانون املشار إليه أعاله‪ ،‬وأنه بتاريخ ‪ 13‬مارس ‪ 2006‬مت النشر باجلريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ ( 5403‬النشرة العامة) للمرسوم عدد ‪ 2.06.20‬الصادر بتاريخ ‪ 28‬فبراير ‪ 2006‬عن‬
‫الوزير األول القاضي بإعالن أن املنفعة العامة تقضي بالتهيئة احلضرية ملنطقة ‪.......‬‬
‫بعمالة احملمدية‪ ،‬عهد بتنفيذه إلى وزير املالية ومدير األمالك املخزينة‪ ،‬ومت نشره بالعدد‬
‫‪ 5705‬من جريدة احلركة بتاريخ ‪ ،2006/6/7‬ومت تعليق املرسوم عدد ‪ 2.06.20‬مبكاتب‬
‫بلدية ‪ .....‬وأنه بتاريخ ‪ 28‬نونبر ‪ 2007‬مت النشر باجلريدة الرسمية عدد ‪( 4961‬نشرة‬
‫اإلعالنات القانونية والقضائية واإلدارية) ملشروع مقرر التخلي بتعيني األمالك اخلاضعة‬
‫لنزع امللكية إلجناز التهيئة احلضرية ملنطقة ‪.........‬ببلدية ‪ ، ...............‬ومت نشره‬
‫بالعدد ‪7719‬من جريدة رسالة األمة بتاريخ ‪ 28‬نونبر ‪ 2007‬ومت نشره بالعدد ‪ 1774‬من‬
‫جريدة التجديد بتاريخ ‪ 28‬نونبر ‪ ،2007‬كما مت إيداع مشروع مقرر التخلي مع التصميم‬
‫التجزيئي مبكاتب بلدية‪ ،......‬كما قامت بفتح سجل لتقييد التصريحات واملالحظات‬
‫طبقا للفصلني ‪ 10‬و‪ 11‬من القانون املشار إليه أعاله‪ ،‬كما مت إيداع مشروع مقرر التخلي‬
‫باحملافظة العقارية‪ ....‬والتقييد على دفاتر رسوم العقارات املشمولة بنزع امللكية بالنسبة‬
‫للعقارات احملفظة والتي في طور التحفيظ‪ ،‬ومت التقييد في السجل اخلاص املنصوص عليه‬
‫في الفصل ‪ 455‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬لدى مصلحة كتابة الضبط باحملكمة اإلدارية‬
‫بالدار البيضاء‪ ،‬بالنسبة للعقارات غير احملفظة‪ ،‬وأنه بتاريخ ‪6‬مارس ‪ 2008‬مت النشر‬
‫باجلريدة الرسمية عدد ‪ 5610‬ملقرر التخلي عدد ‪ 480.08‬صادر عن وزير االقتصاد واملالية‬
‫القاضي بالتخلي عن القطع األرضية الالزمة للتهيئة احلضرية ملنطقة ‪....‬بعمالة ‪....‬‬
‫باملنطقة املرسومة حدودها بخط أحمر في التصميم التجزيئي عهد بتنفيذه إلى مدير األمالك‬
‫املخزنية‪ ،‬ومت نشر إعالن بشأنه بالعدد ‪ 1859‬من جريدة التجديد بتاريخ ‪ 31‬مارس ‪،2008‬‬
‫وبالعدد ‪ 15476‬من جريدة الرأي بنفس التاريخ‪ ،‬كما مت تعليق مقرر التخلي مبكاتب بلدية‬
‫‪ ، ....‬مضيفة أن من بني القطع األرضية املشمولة بنزع امللكية العقار في طور التحفيظ ذو‬
‫‪241‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫مطلب التحفيظ عدد ‪ .....‬مساحته ‪ .....‬متر مربع واملرقم باجلدول امللحق مبقرر التخلي‬
‫برقم ‪ ...‬واملشتمل على مسكن باإلسمنت مساحته ‪ 50‬م‪ 2‬ومسكن دمياتيت مساحته‬
‫‪ 81‬م‪ 2‬فناء باألسمنت مساحته ‪ 26‬م‪ 2‬صهريج باإلسمنت طوله ‪9‬م سور باألجور طوله ‪ 3‬م‬
‫الكائن مبنطقة ‪ ........‬عمالة ‪ ....‬اململوك للطرف املدعى عليه واملشتمل على مسكن‬
‫وفناء وسور‪ ،‬وأن اللجنة اإلدارية للخبرة املنعقدة مبقر عمالة‪ ...‬حددت ثمن العقار املراد‬
‫نزع ملكيته في مبلغ‪ ....‬درهم بحساب ‪ ...‬درهم للمتر املربع بالنسبة للقطعة األرضية‬
‫ومبلغ ‪ ..............‬درهم بالنسبة للبنايات أي ما مجموعه ‪...................‬‬
‫درهم معتمدة على عناصر التقييم املوضوعية اخلاصة بكل عقار على حدة‪ ،‬ومساحة البقعة‬
‫األرضية‪ ،‬ووضعيتها القانونية وشكلها الهندسي‪ ،‬وطبيعة تضاريسها واستعمالها احلالي‪،‬‬
‫باإلضافة إلى كافة العناصر املوضوعية املعتمدة في التقييم واملشار إليها مبحضر اللجنة‬
‫اإلدارية للتقييم‪ ،‬موضحة أن من حق العارضة بعد أن قامت باإلجراءات املشار إليها‬
‫أعاله أن تطلب احلكم ملا ينقل ملكية العقار املذكور مقابل التعويض املعروض بناء على‬
‫تقييم اللجنة اإلدارية السالف الذكر‪ ،‬والتمست من أجل ما سبق احلكم بنقل ملكية العقار‬
‫موضوع الطلب لفائدة الدولة املغربية ( امللك اخلاص) في شخص مديرية األمالك املخزنية‬
‫مقابل تعويض قدره ‪ 3.772.600.00‬درهم مع البت في الصائر طبقا للقانون‪ ،‬وأشارت‬
‫العارضة أن جميع الوثائق املعززة للطلب مت اإلدالء بها رفقة املقال اخلاص بالقطعة رقم ‪2‬‬
‫بشأن اإلذن باحليازة‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة جواب املنزوعة ملكيته املقدمة في جلسة ‪ ،2009/01/28‬أسند من‬
‫خاللها النظر للمحكمة ملراقبة شرعية املقال ومدى استيفائه للشروط القانونية الشكلية‬
‫حتت طائلة عدم قبول الطلب شكال‪ ،‬ومن حيث املوضوع التمس اإلشهاد له برفضه التقومي‬
‫احملدد من طرف اللجنة اإلدارية للتقومي واألمر بإجراء خبرة قضائية لتحديد القيمة احلقيقية‬
‫لألرض والبنايات مع حقه في التعقيب‪ ،‬وأرفق مذكرته بصورة شمسية من عقد بيع‬
‫وبناء على املذكرة التعقييية املقدمة من طرف نازعة امللكية بواسطة نائبها في أجل‬
‫‪ 2009/04/15‬أكدت من خاللها ما جاء في مقالها االفتتاحي والتعويض املقترح‪.‬‬
‫وبناء على مقتضيات احلكم التمهيدي عدد ‪ 567‬الصادر بتاريخ ‪2009/07/08‬‬
‫القاضي بإجراء خبرة عقارية تقوميية أسندت إلى اخلبير محمد الصفار الذي وافته املنية ومت‬
‫استبداله باخلبير محمد بلكوش الذي أودع تقرير خبرته بكتابة ضبط هذه احملكمة بتاريخ‬
‫‪.2010-08-03‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪242‬‬

‫وبناء على املذكرة بعد اخلبرة املقدمة من طرف الدولة املغربية ( امللك اخلاص) بواسطة‬
‫نائبها في أجل ‪ 2010-09-07‬أكدت فيها أنه رجوعا إلى واقع أمر العقار موضوع نزع‬
‫امللكية وكما ثبت ذلك للخبير فإن خصائص ذلك العقار جتعل الثمن املقترح من طرف‬
‫العارضة مناسبا مؤكدة مقالها والتعويض املقترح من طرفها‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة تعقيب املنزوعة ملكيته ‪ .......‬املقدمة بواسطة نائبــه فــي أجـــل‬
‫‪ 2010-09-07‬أكد فيها خرق اخلبرة املنجزة ملقتضيات الفصل ‪ 63‬من قانون املسطرة‬
‫املدنية ونظرا لعدم موضوعية وجدية اخلبرة املذكورة باملقارنة مع ما قضت به احملكمة في‬
‫امللف عدد ‪ 2008/11/785‬الذي حددت فيه التعويض في مبلغ ‪ 500.00‬درهم للمتر املربع‬
‫الواحد ملتمسا احلكم بإجراء خبرة ثانية تكون حضورية وموضوعية وأرفق مذكرته بالوثائق‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬نسخة من تقرير اخلبرة على نفس البقعة في حصة البائع للعارض ‪.....‬‬
‫‪ -‬نسخة من احلكم عدد ‪ 1125‬في امللف عدد ‪ 2008/11/721‬الصادر عن هذه‬
‫احملكمة بتاريخ ‪.2009-06-04‬‬
‫وبناء على احلكم التمهيدي عدد ‪ 520‬الصادر بتاريخ ‪ ،2010/09/23‬القاضي بإجراء‬
‫خبرة عقارية تقوميية مضادة عهد القيام بها إلى اخلبير مصطفى الرايب‪.‬‬
‫وبناء على إجناز اخلبير املعني للمهمة املسندة إليه وإيداعه لتقرير اخلبرة بكتابة ضبط‬
‫هذه احملكمة بتاريخ ‪.2011/02/11‬‬
‫وبناء على املذكرة بعد اخلبرة املقدمة من طرف الدولة املغربية( امللك اخلاص) بواسطة‬
‫نائبها بتاريخ ‪ ،2011/03/01‬أكدت فيها أن مبلغ ‪ 480.00‬درهم للمتر املربع الواحد هو‬
‫ثمن مبالغ فيه إلى أقصى حد وأنها تؤكد مقالها والتعويض املقترح من طرفها‪ ،‬وأرفقت‬
‫مذكرتها بصور شمسية من الوثائق التالية‪ :‬رسالة العامل مدير الوكالة احلضرية؛ مرسوم‬
‫إحداث شركة التهيئة زناتة؛ عقود مقارنة‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة التعقيب بعد اخلبرة املقدمة من طرف املنزوعة ملكيته ‪ .....‬بواسطة‬
‫نائبه بتاريخ ‪ ،2011/03/09‬التمس فيها احلكم باملصادقة على ما جاء في تقرير خبرة‬
‫الرايب مصطفى وحتميل املدعية الصائر‪.‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى املدلى بها في امللف‬
‫وبناء على مقتضيات القانون رقم ‪ 90.41‬احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية‬
‫‪243‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وبناء على قانون املسطرة املدنية‬


‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ لألطراف الصادر بتاريخ ‪.2011/03/18‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيني القضية في اجللسة العلنية املنعقدة بتاريخ ‪2011/03/24‬‬
‫وبناء على املناداة على الطرفني ومن ينوب عنهم وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد االستماع إلى اآلراء الشفهية للمفوض امللكي للدفاع عن القانون واحلق التي أكد‬
‫من خاللها مستنتجاته الكتابية الرامية إلى حتديد التعويض النهائي املقابل لنزع امللكية‬
‫طبقا للقانون‪ ،‬تقرر حجز القضية للمداولة قصد النطق باحلكم في جلسة ‪.2011/03/31‬‬

‫التعليل‬
‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬
‫يف ال�شكل‪:‬‬
‫حيث إن الطلب قدم من ذي صفة ومصلحة وداخل األجل القانوني‪ ،‬وجاء مستجمعا‬
‫لكافة الشروط الشكلية املتطلبة‪ ،‬فهو بذلك مقبول شكال‪.‬‬
‫يف املو�ضوع‪:‬‬
‫حيث إن الطلب يروم احلكم بنقل ملكية العقار في طور التحفيظ عدد ‪ ،.......‬مساحته‬
‫‪ .......‬متر مربع املرقم باجلدول امللحق مبقرر التخلي برقم ‪ ....‬املشتمل على بنايات‪،‬‬
‫الكائن مبنطقة ‪.......................‬لفائدة املدعية الدولة املغربية (امللك اخلاص) في‬
‫شخص مديرية األمالك املخزنية‪ ،‬مقابل تعويض قدره ‪ ، ...........‬مع البت في الصائر‬
‫طبقا للقانون‪.‬‬
‫حول نقل امللكية‪:‬‬
‫حيث إنه وتطبيقا ملقتضيات القانون رقم ‪ 7/81‬املتعلق بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة‬
‫وباالحتالل املؤقت الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.81.254‬بتاريخ ‪1982/5/06‬‬
‫فإنه ميكن احلكم بنزع ملكية العقارات واحلقوق العينية متى أعلنت املنفعة العامة بشأنها‬
‫وأجريت املسطرة طبق الشروط والكيفيات املنصوص عليها في الظهير املومأ إليه أعاله‪.‬‬
‫وحيث إنه بالرجوع إلى الوثائق املدلى بها رفقه املقال االفتتاحي للدعوى اتضح أن‬
‫مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة قد احترمت وفق مقتضيات القانـــون رقــــم‬
‫‪ 7/81‬أعــــاله‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪244‬‬

‫وحيث إنه تبعا لذلك يتعني االستجابة للطلب واحلكم بنقل ملكية القطعة األرضية‬
‫موضوع الطلب من أجل املنفعة العامة لفائدة نازعة امللكية الدولة املغربية ( امللك اخلاص)‪.‬‬
‫حول التعوي�ض‪:‬‬
‫حيث نازع الطرف املدعى عليه في التعويض املقترح من طرف اللجنة اإلدارية مقابل‬
‫نزع امللكية واملقدر في مبلغ ‪ 3.772.600.00‬درهم بعلة أنه ال يتناسب مع القيمة احلقيقية‬
‫للعقار املطلوب نزع ملكيته‪.‬‬
‫وحيث إن احملكمة وأمام عدم توفرها على العناصر الضرورية للبت في الطلب وتبعا‬
‫ملنازعة الطرف املدعى عليه حكمت بإجراء خبرة – حكم عدد ‪ 567‬بتاريخ ‪2009/07/08-‬‬
‫عهد بها إلى اخلبير محمد بلكوش الذي خلص في تقريره املودع بكتابة ضبط هذه احملكمة‬
‫بتاريخ ‪ 2010/08/03‬إلى حتديد ثمن املتر املربع للعقار موضوع الطلب في مبلغ ‪300.00‬‬
‫درهم للمتر املربع‪ ،‬لكون القطعة األرضية موضوع الطلب غير مجهزة ومتر منها اخليوط‬
‫الكهربائية من الضغط العالي‪ ،‬وأكد نفس التعويض عن البنايات املقترح من طرف نازعة‬
‫امللكية واحملدد في مبلغ ‪ ، 148.630.00‬ليستنتج بعد ذلك أن القيمة التجارية اإلجمالية‬
‫للعقار سالف الذكر هي ‪ 5.325.730.00‬درهم‪.‬‬
‫وحيث إنه وتبعا ملنازعة املدعى عليه في التعويض املذكور‪ ،‬حكمت احملكمة بإجراء‬
‫خبرة عقارية تقوميية مضادة – حكم عدد ‪ 520‬بتاريخ ‪ 2010/09/23-‬عهد بها إلى‬
‫اخلبير مصطفى الرايب الذي خلص في تقريره املودع بكتابة ضبط هذه احملكمة بتاريخ‬
‫‪ 2011/02/11‬إلى حتديد ثمن املتر املربع للعقار موضوع الطلب في مبلغ ‪ ....‬درهم للمتر‬
‫املربع‪ ،‬مستعينا في ذلك بعقد مقارنة مؤرخ في ‪ 2006/10/19‬متعلق ببيع عقار محفظ‬
‫مساحته ‪ ....‬متر مربع مببلغ ‪ .......‬على أساس ‪ .....‬للمتر املربع‪ ،‬بعد أن خفض ذلك‬
‫التعويض لكون القطعة األرضية موضوع الطلب غير محفظة ومساحتها أكبر من مساحة‬
‫العقار املذكور‪ ،‬وبالنسبة للبنايات التي عاينها اخلبير فوق العقار فقد حدد التعويض‬
‫املتعلق بها كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬سكن باالسمنت مساحته ‪ 55.48‬متر مربع مببلغ ‪ 55.480.00‬درهم على أساس‬
‫‪ 1.000.00‬درهم للمتر املربع؛‬
‫‪ -‬إسطبل مسقف بألواح الدمياتيت مساحته ‪ 71.68‬متر مربع مببلغ ‪ 57.344.00‬درهم‬
‫على أساس ‪ 800.00‬درهم للمتر املربع؛‬
‫‪ -‬صهريج للمياه سعته ‪2.40‬م على ‪ 2.30‬م مببلغ ‪ 20.000.00‬درهم بشكل جزافي؛‬
‫‪245‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫‪ -‬غرفة مع حمام بالقصدير مساحتها ‪ 11.48‬متر مربع مبلغ ‪ 803.60‬درهم على‬


‫أساس ‪ 70.00‬للمتر املربع؛‬
‫‪ -‬بئر مببلغ ‪ 25.000.00‬درهم بشكل جزافي؛‬
‫‪ -‬أربعة أشجار للزيتون مببلغ ‪1.200.00‬‬
‫ليستنتج بعد ذلك أن القيمة التجارية اإلجمالية للعقار سالف الذكر هي ‪............‬‬
‫وحيث يستخلص من تقرير اخلبرة األخيرة أن األرض موضوع النزاع هي عقار في طور‬
‫التحفيظ‪ ،‬مساحته ‪ .....‬مترا مربعا‪ ،‬كائن بجوار شركة»‪ »....‬لصناعة األطراف املتنقلة‬
‫لألوراش اجلاهزة‪ ،‬ويبعد عن الطريق الرابطة ما بني ‪ ...‬و‪ ...‬بحوالي ‪ 1‬كيلومتر و‪ 100‬متر‬
‫تقريبا‪ ،‬ويحتوي على بنايات‪ ،‬محددا مواصفات العقار وشكله الهندسي ومتقيدا مبنطوق‬
‫احلكم التمهيدي‪ ،‬مما يكون معه منسجما ومقتضيات املادة العشرون من قانون نزع امللكية‪.‬‬
‫وحيث إن الدفوع املقدمة من طرف نازعة امللكية ال تنبني على أساس قانوني سليم‪،‬‬
‫خاصة أن اخلبير خلص في استنتاجه إلى حتديد معدل األثمنة انطالقا من عقود املقارنة‪،‬‬
‫واستنادا إلى طبيعة العقار ووجه استعماله وشكله الهندسي‪ ،‬مما يتعني استبعاد الدفوع‬
‫املثار بهذا اخلصوص‪.‬‬
‫وحيث إن اخلبرة أتت حضورية ومستوفية لكافة شروطها املتطلبة ‪ ،‬ومتضمنة لتعويضات‬
‫موضوعية الشيء الذي يناسب احلكم باملصادقة عليها‪.‬‬
‫وحيث إنه يتعني حتميل نازعة امللكية صائر الدعوى وفقا ألحكام املادة ‪ 28‬من القانون‬
‫رقم‪7.81‬سالف الذكر‪.‬‬

‫املنطوق‬
‫وتطبيقا ملقتضيات القانون رقم ‪ 90.41‬احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية والقانون رقم‬
‫‪ 7.81‬املتعلق بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة وباالحتالل املؤقت‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫حكمت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي تقضي علنيا ابتدائيا وحضوريا في حق‬
‫املدعى عليه ‪ .....‬وغيابيا بوكيل في حق املدعى عليه ‪ .....‬التعويض وانتهائيا في‬
‫نقل امللكية‪:‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪246‬‬

‫يف ال�شكل‪ :‬بقبول الطلب‬


‫يف املو�ضوع‪ :‬باعتباره واحلكم باملصادقة على تقرير خبرة اخلبير مصطفى الريب‪ ،‬وبنقل‬
‫ملكية العقار في طور التحفيظ ذي مطلب التحفيظ عدد ‪ ،.....‬مساحته ‪ .....‬مترا‬
‫مربعا املرقم باجلدول امللحق مبقرر التخلي برقم ‪ ...‬مبا اشتمل عليه ‪ ،‬من أجل املنفعة العامة‬
‫لفائدة الدولة املغرية ( امللك اخلاص) مقابل تعويض إجمالي قدره‪...................‬‬
‫درهم للطرف املدعى عليه عن القطعة األرضية على أساس ‪ ........‬درهم للمتر املربع‬
‫الواحد‪ ،‬ومبلغ ‪ ..............‬عن البنايات‪ ،‬مع حتميل نازعة امللكية صائر الدعوى‪.‬‬
‫بهذا صدر احلكم في اليوم والشهر والسنة أعاله‪.................‬‬

‫�إم�ضاء‬
‫كاتب الضبط‬ ‫املقرر‬ ‫الرئيس‬
‫‪247‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫املحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء‬


‫حكم �صادر بتاريخ ‪ 4‬نونرب‪2009‬‬
‫ملف رقم ‪2008/13/314 :‬‬

‫القاعـــدة‬
‫‪ -‬و�ضع الإدارة يدها على عقار الغري وقيامها ب�إقامة مرفق عمومي عليه دون �سلوك م�سطرة‬
‫نزع امللكية املن�صو�ص عليها مبقت�ضى القانون رقم ‪ 7.81‬يجعل ت�رصفها يكت�سب �صبغة اعتداء‬
‫مادي يرتتب عنه م�ساءلتها عن الأ�رضار الالحقة باملالك و�إلزامها بتعوي�ضه عن ذلك يف �إطار‬
‫القواعد العامة ‪ ....‬نعم‪.‬‬
‫‪ -‬للمحكمة تعديل التعوي�ض املقرتح من طرف اخلبري كلما تبني لها عدم ان�سجام النتيجة التي‬
‫انتهى �إليها هذا الأخري مع املعطيات الواقعية واملادية امل�ستقاة من تقريره ‪....‬نعم‪.‬‬

‫أصدرت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي متكونة من السادة‬


‫األستاذ عبد السالم نعناني ‪ ..........................................‬رئيسا‪،‬‬
‫األستاذ عبد احلق دهبي‪ ...............................................‬مقررا‪،‬‬
‫األستاذ مصطفى زاهر‪ ................................................‬عضوا‪،‬‬
‫بحضور األستاذ إسماعيل زكي‪ .................................‬مفوضا ملكيا‪،‬‬
‫ومبساعدة السيد مصطفى عوان ‪...................................‬كاتب الضبط‪.‬‬
‫احلـكـــــم الآتي ن�صه‪:‬‬
‫بني‪........... :‬الساكنني‪.........‬إقليم سطات ‪ ،‬نائبهم‪ :‬األستاذ التومي العربي‬
‫احملامي بهيئة الدار البيضاء‬
‫من جهة‬ ‫ ‬
‫وبني‪ :‬نقابة جماعات أوالد حريز ‪،‬في شخص ممثلها القانوني الكائن مقرها بعمالة‬
‫إقليم سطات‬
‫نائبها‪ :‬األستاذ سعيد شعير احملامي بهيئة الدار البيضاء‪.‬‬
‫اجلماعة القروية الساحل أوالد احريز في شخص رئيس مجلسها‪ ،‬دائرة برشيد عمالة‬
‫إقليم سطات‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪248‬‬

‫نائبها‪ :‬األستاذ محمد سيدون احملامي بهيئة الدار البيضاء‪.‬‬


‫من جهة أخرى‬ ‫ ‬
‫بحضور‪ :‬الوكيل القضائي للمملكة‪ ،‬مبكاتبه بوزارة املالية بالرباط‪.‬‬
‫الوقائع‬
‫بناء على املقال االفتتاحي املقدم من طرف املدعني بواسطة نائبهم أمام كتابة ضبط‬
‫هذه احملكمة بتاريخ ‪ 2008-09-29‬واملؤداة عنه الرسوم القضائية‪ ،‬يعرضون فيه أنهم‬
‫ميلكون قطعة أرضية فالحية موضوع املطلب عدد ‪ ....‬الكائنة ‪ ،....‬مساحتها اإلجمالية‬
‫‪ ...‬هكتارا و ‪ ..‬آر و‪ ...‬سنتيارن إال أنهم فوجئوا بإحدى الشركات املختصة في احلفر‬
‫ومد القنوات واألودية تقوم بحفر ومد وادي جنجة‪ ،‬وذلك بعمق أرضهم مع أنه لم يسبق له‬
‫أن توصل بأي إعالن أو إشعار من أية جهة‪ ،‬و قد مت االعتداء ماديا على أرضهم التي‬
‫أصبحت مقسمة إلى شطرين وأضحى من العسير عليهم املرور من شطر إلى آخر‪ ،‬كما أن‬
‫الوادي أغلق طريقا وتسبب في عرقلة املرور مضيفني أنه ثبت بأن اجلهة احملدثة للخندق‬
‫على عقارهم حلماية املنطقة من السيول اجلارفة املفاجئة هي نقابة جماعات ‪ ...‬موضحني‬
‫أنهم وجهوا إلى والي جهة الشاوية ورديغة وعامل إقليم سطات‪ .‬مذكرة في إطار املادة ‪48‬‬
‫من امليثاق اجلماعي توصل بها بتاريخ ‪ 2008/05/28‬والتمسوا من أجل ما سبق أساسا‬
‫احلكم على الطرف املدعى عليه بالتخلي عن املساحة املقتطعة من أرض املدعني وبإرجاع‬
‫احلالة إلى ما كانت عليه‪ ،‬وذلك بردم الوادي ورفع االعتداء املادي الذي طال عقارهم حتت‬
‫طائلة غرامة تهديدية قدرها ‪ 500.00‬درهم مع شمول احلكم بالنفاذ املعجل وحتميل الطرف‬
‫املدعى عليه الصائر‪ ،‬واحتياطا األمر متهيديا بإجراء خبرة لتحديد التعويض املستحق وحفظ‬
‫حقهم في تقدمي مطالبهم اخلتامية‪ .‬وأرفقوا مقالهم بالوثائق التالية‪:‬‬
‫‪ -‬نسخة طبق األصل من شهادة امللكية‪.‬‬
‫‪ -‬نسخة من الرسالة املوجهة للوالي مع اإلشعار بالتوصل‬
‫‪ -‬صورة شمسية من احلكم اإلداري عدد ‪.569‬‬
‫وبناء على مذكرة جواب اجلماعة القروية ‪ ... .........‬املقدمة بواسطة نائبها في أجل‬
‫‪ 2008/11/26‬التمست فيها اإلشهاد على عدم مسؤليتها في حفر الوادي وأن املسؤلية‬
‫في ذلك حددت على عاتق نقابة جماعة ‪ ....‬حسب احلكم عدد ‪ 569‬املدلى بها من طرف‬
‫املدعني أو أحكام أخرى صادرة عن هذه احملكمة‪ ،‬وبالتالي إخراجها من الدعوى والبت في‬
‫النازلة وفق ما يقتضيه القانون‪.‬‬
‫‪249‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وبناء على املذكرة اجلوابية لنقابة جماعات ‪ .....‬املقدمة بواسطة نائبها في أجل‬
‫‪ 2008/12/24‬التمست فيها أساسا في الشكل التصريح بعدم قبول الدعوى لعدم إدخال‬
‫الوزارة الوصية والدولة املغربية في شخص الوزير األول‪ ،‬واحتياطيا في املوضوع أكدت‬
‫أن جماعة ‪ ...‬هي املسؤولة عن االعتداء الذي وقع بترابها وأن مجال العارضة هو الدفاع‬
‫ومتثيل اجلماعات القروية التي حتت لوائها والتنسيق بينها وأن مهمتها تنظيمية وال عالقة‬
‫لها بعقد الصفقات‪ ،‬وبالتالي فإنه ال شأن لها باالعتداء الذي حلق املدعني والتمست‬
‫التصريح بإخراجها من الدعوى‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة تعقيب املدعني املقدمة بواسطة نائبهم في أجل ‪ 2008/12/24‬أكدوا‬
‫من خاللها أنه ثبت من خالل وقائع النازلة واألحكام الصادرة في نفس النزاع أن املسؤولية‬
‫ملقاة على عاتق نقابة جماعات أوالد ‪،...‬والتمسوا التصريح بأن النقابة املذكورة في‬
‫شخص رئيسها مسؤولة قانونا واحلكم وفق املقال االفتتاحي للدعوى‪.‬‬
‫وبناء على احلكم التمهيدي عدد ‪ 64‬الصادر بتاريخ ‪ 2009/1/28‬القاضي بإجراء خبرة‬
‫عقارية عهد القيام بها إلى اخلبير عبد العالي البركة الذي أودع تقرير خبرته بكتابة ضبط‬
‫هذه احملكمة بتاريخ ‪.2009/7/10‬‬
‫وبناء على املذكرة بعد اخلبرة املقدمة من طرف املدعون بواسطة نائبهم في أجل‬
‫‪ ،2009/9/2‬التمسوا فيها احلكم باملصادقة على تقرير اخلبرة املنجزة وبأداء نقابة جماعات‬
‫‪ ....‬في شخص رئيسها مبلغ ‪ 237.200.00‬درهم الذي ميثل قيمة اجلزء املقتطع من أرضهم‬
‫موضوع الطلب مع شمول احلكم بالنفاذ املعجل وحتميل املدعى عليها الصائر‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة اجلوابية بعد اخلبرة املقدمة من طرف نقابة جماعات أوالد‪ ....‬بواسطة‬
‫نائبها في أجل ‪ ،2009/9/15‬التمست فيها أساسا في الشكل التصريح بعدم قبول اخلبرة‬
‫شكال خلرق مقتضيات الفصل ‪ 63‬من قانون املسطرة املدنية واحتياطيا جدا التصريح برفض‬
‫ما ورد في اخلبرة واألمر بإجراء خبرة موضوعية ونزيهة وحتميل املدعي الصائر‪ .‬وأرفقت‬
‫مذكرتها بصورة شمسية من تقرير خبرة‪.‬‬
‫وبناء على عدم تعقيب اجلماعة القروية ‪ .....‬على اخلبرة رغم توصل نائبها بنسخة منها‬
‫في أجل ‪ 2009/9/2‬وإمهاله للتعقيب عليها ألجل ‪.2009/10/6‬‬
‫وبناء على مقتضيات القانون رقم ‪ 90.41‬احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية‪.‬‬
‫وبناء على قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪250‬‬

‫وبناء على اإلعالم بتعيني القضية جاهزة باجللسة العلنية املنعقدة بتاريخ ‪.2009/10/28‬‬
‫وبناء على املناداة على األطراف ومن ينوب عنهم وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبناء على اآلراء الشفوية للمفوض امللكي التي أكد من خاللها مستنتجاته الكتابية‬
‫الرامية إلى احلكم باملصادقة على ما ضمن بتقرير اخلبرة‪ ،‬تقرر حجز القضية للمداولة قصد‬
‫النطق باحلكم جللسة ‪.2009/11/04‬‬
‫وبعد املداولة طبقا للقانون‪:‬‬
‫يف ال�شكل ‪ :‬حيث دفعت نقابة جماعات‪.....‬املدعى عليها بكون الدعوى غير مستوفية‬
‫لشروطها الشكلية لعدم إدخال كافة األطراف وخاصة الوزارة الوصية ووزارة الداخلية والدولة‬
‫املغربية في شخص الوزير األول ملتمسة احلكم بعدم قبولها‪.‬‬
‫لكن حيث أن النقابة املذكورة‪ ،‬كشكل من أشكال التعاون بني اجلماعات استنادا إلى‬
‫مقتضيات املادة ‪ 79‬من القانون رقم ‪ 78.00‬املتعلق بامليثاق اجلماعي التي جتيز للجماعات‬
‫احلضرية والقروية أن تؤلف فيما بينها أو مع جماعات محلية أخرى مجموعات للجماعات‬
‫أو مجموعات للجماعات احمللية قصد إجناز عمل مشترك أو تدبير مرفق ذي فائدة عامة‬
‫للمجموعة‪ ،‬تعتبر مؤسسة عامة تتمتع بالشخصية املعنوية واالستقالل املالي وتطبق عليها‬
‫القواعد املالية واحملاسبية للجماعات احمللية‪ ،‬الشيء الذي يبقى معه الدفع املذكور غير‬
‫مؤسس ويتعني رده وبالتالي تكون الدعوى مقدمة من ذي صفة ومصلحة وجاءت مستجمعة‬
‫لكافة الشروط الشكلية املتطلبة قانونا فهي بذلك مقبولة شكال‪.‬‬
‫يف ال�شكل‪ :‬حيث إن الطلب يروم أساس احلكم على الطرف املدعى عليه بالتخلي عن‬
‫املساحة املقتطعة من أرض املدعني موضوع مطلب التحفيظ عدد ‪ ،......‬وبإرجاع احلالة‬
‫إلى ما كانت عليه وذلك بردم الوادي ورفع االعتداء املادي الذي طال عقارهم حتت طائلة‬
‫غرامة تهديدية قدرها ‪ 500.00‬درهم مع شمول احلكم بالنفاذ املعجل‪ ،‬واحتياطيا األمر‬
‫متهيديا بإجراء خبرة لتحديد التعويض املستحق عن اجلزء املقتطع من أرضهم على أساس‬
‫الثمن احلقيقي للمتر املربع‪ ،‬وحفظ حقهم في تقدمي مطالبهم بعد اخلبرة وحتميل الطرف‬
‫املدعى عليه الصائر‪.‬‬
‫وحيث إنه إذا كان للدولة واملؤسسات العمومية واجلماعات احمللية اللجوء بصفة‬
‫استثنائية إلى نزع ملكية العقارات كلما كانت في حاجة إلى ذلك من أجل حتقيق املنفعة‬
‫العامة‪ ،‬فإنها تبقى ملزمة بسلوك اإلجراءات واملساطر املنصوص عليها مبقتضى القانون رقم‬
‫‪ 7.81‬املتعلق بنزع امللكية للمنفعة العامة وباالحتالل املؤقت‪.‬‬
‫‪251‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وحيث تواتر العمل القضائي على اعتبار تصرف اإلدارة خارج اإلطار القانوني املذكور‬
‫من قبيل االعتداء املادي الذي يعرفه الفقه بأنه ارتكاب اإلدارة لعدم مشروعية جسيم وظاهر‬
‫أثناء قيامها بنشاط مادي تنفيذي يتضمن اعتداء على حق امللكية أو مساسا بحرية من‬
‫احلريات العامة ويكون في حد ذاته منعدم االتصال بتطبيق أي نص قانوني أو تنظيمي أو‬
‫حتى بإحدى السلطات املخولة لإلدارة‪.‬‬
‫وحيث ثبت للمحكمة من خالل وثائق امللف وإجراءات التحقيق املتبعة فيه واستنادا‬
‫لألحكام الصادرة عن هذه احملكمة في نوازل مماثلة أن اجلهة احملدثة للخندق على عقار‬
‫املدعني حلماية املنطقة من السيول اجلارفة املفاجئة هي نقابة جماعة أوالد‪ ....‬التي لم تثبت‬
‫بشيء أنها سلكت مسطرة نزع امللكية وفقا ملا هو منصوص عليه في القانون رقم ‪7.81‬‬
‫سالف الذكر وذلك قبل أن تضع يدها على محل النزاع لذا فإن تصرفها هذا يعتبر اعتداءا‬
‫ماديا ويجعلها مسؤولة عن األضرار الالحقة باملدعني نتيجة لذلك وملزمة بتعويضهم عنها‬
‫في إطار القواعد العامة املقررة في الفصل ‪ 79‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫وحيث أفادت اخلبرة املنجزة من طرف اخلبير عبد العالي البركة تنفيذا للحكم‬
‫التمهيدي عدد ‪ 64‬الصادر عن هذه احملكمة بتاريخ ‪ ،2009/1/28‬أن العقار موضوع‬
‫النزاع أصبح منشطرا إلى جزئني يفصل بينهما خندق عبارة عن وادي عميق نسبيا‬
‫مخصص لتجميع األمطار والسيول عند سقوط األمطار وتصريفها نحو اجتاه معني‬
‫لتفادي حدوث األضرار للسكان‪ ،‬وأن الشطر الصغير من العقار أصبح غير صالح‬
‫لالستغالل‪ ،‬وأن مساحة اجلزء املقتطع من عقار املدعني هي ‪ 1186‬مترا مربعا محددا‬
‫قيمته في مبلغ ‪ 200.00‬درهم للمتر املربع الواحد اعتبار لكون العقار أضحى ضمن‬
‫املجال احلضري حلد السوالم على حدود املنطقة الصناعية هناك‪ ،‬مؤكدا أن اجلهة املسؤولة‬
‫عن االعتداء املادي هي نقابة جماعات‪.....‬‬
‫وحيث أن اخلبير املنتدب وأن كان قد علل ما انتهى إليه من نتائج في تقريره فإنه لم‬
‫يأخذ بعني االعتبار ما سبق أن خلص إليه في تقرير خبرة سابقة أدلت بها النقابة املدعى‬
‫عليها أجنزها نفس اخلبير في نازلة مماثلة بنفس املنطقة تنفيذا للحكم التمهيدي عدد ‪272‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 2006/11/8‬في امللف عدد ‪ 2006/147‬ت عندما حدد قيمة األرض‬
‫بنفس املنطقة موضوع النزاع في مبلغ ‪ 100.00‬درهم للمتر املربع الواحد‪ ،‬مما يكون معه‬
‫الثمن املقترح مبالغا فيه ويتعني رده إلى احلد املعقول استنادا إلى املعطيات السالفة الذكر‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪252‬‬

‫وحيث أن احملكمة ومبا لها من سلطة تقديرية وبالنظر لتقيد اخلبرة مبنطوق احلكم التمهيدي‬
‫واحترامها ملقتضيات املادة ‪ 63‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬ارتأت احلكم وفقها مع تعديل‬
‫التعويض املقترح من ‪ 200.00‬درهم إلى ‪ 100.00‬درهم للمتر املربع الواحد عن اجلزء املفقود‬
‫جبريا من عقار املدعني‪.‬‬
‫وحيث باالستناد إلى ما ذكر يكون طلب إرجاع اجلزء املنتزع من عقار املدعني غير ممكن‬
‫وذلك الجناز مرفق عمومي عليه ويبقى للمدعني احلق في التعويض املادي املفصل أعاله‪.‬‬
‫وحيث إن باقي مطالب املدعني غير مؤسسة قانونا ويتعني احلكم برفضها‪.‬‬
‫وحيث أن خاسر الدعوى يتحمل صائرها‪.‬‬

‫املنطوق‬
‫وتطبيقا ملقتضيات القانون رقم ‪ 41/90‬احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫تصرح احملكمة اإلدارية وهي تقضي علينا ابتدائيا وحضوريا‪:‬‬
‫يف ال�شكل‪ :‬بقبول الطلب‬
‫يف املو�ضوع‪ :‬باعتباره واحلكم على نقابة جماعة ‪ .....‬في شخص ممثلها القانوني‬
‫بأدائها لفائدة املدعني تعويضا إجماليا عن مساحة ‪1186‬مترا مربعا املقتطعة من عقارهم‬
‫ذي مطلب التحفيظ عدد ‪ ......‬إلنشاء خندق بحسب مبلغ ‪( 118.600.00‬مائة وثمانية‬
‫عشر ألف وستمائة درهم) وذلك على أساس مبلغ ( ‪ )100.00‬مائة درهم للمتر املربع‬
‫الواحد‪ ،‬وحتميلها الصائر وبرفض باقي الطلبات‪.‬‬
‫بهذا صدر احلكم في اليوم والشهر والسنة أعاله‪..................................‬‬

‫�إم�ضاء‬
‫كاتب الضبط‬ ‫املقرر‬ ‫الرئيس‬
‫‪253‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫املحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء‬


‫حكم �صادر بتاريخ ‪ 17‬مار�س ‪2011‬‬
‫ملف عدد ‪� 26 :‬أبريل ‪2010‬‬

‫القاعـــدة‬
‫ميكن الطعن بالإلغاء يف القرارات ال�صادرة عن جمل�س الو�صاية على �أرا�ضي اجلماعات‬
‫ال�ساللية ب�سبب جتاوز ال�سلطة داخل �أجل �ستني يوما تبتدئ من ن�رش �أو تبليغ هذه القرارات �إىل‬
‫املعنيني بالأمر �أو من تاريخ العلم اليقيني بها‪ ....‬ثبوت خرق قرار جمل�س الو�صاية ملبد�أ‬
‫حق الدفاع وعدم ارتكازه على عنا�رص واقعية وقانونية �سليمة وعدم تعليله ‪ .....‬احلكم‬
‫ب�إلغائه‪.......‬نعم‪.‬‬

‫أصدرت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي متكونة من السادة‬


‫األستاذ عبد العتاق فكير ‪ ............................................‬رئيسا‪،‬‬
‫األستاذ عبد احلق دهبي‪ ...............................................‬مقررا‪،‬‬
‫األستاذ محمد السليماني‪ .............................................‬عضوا‪،‬‬
‫بحضور األستاذة مليكة الغازي‪ .................................‬مفوضا ملكيا‪،‬‬
‫ومبساعدة السيد مصطفى عوان ‪..................................‬كاتب الضبط‪.‬‬

‫احلـكـــــم الآتي ن�صه‪:‬‬


‫بني املدعي‪:‬‬
‫‪...........‬الساكنني‪.........‬الدار البيضاء ‪ ،‬نائبهم‪ :‬األستاذ مسعود الغلمي‬
‫احملامي بهيئة الدار البيضاء‪.‬‬
‫من جهة‬ ‫ ‬
‫وبني املدعى عليه‪:‬‬
‫مجلس الوصاية على أراضي اجلماعات الساللية في شخص رئيسه وأعضاء مكتبه‬
‫الكائن مقره بزنقة املرينيني رقم ‪ 20‬حي حسان الرباط‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪254‬‬

‫من جهة أخرى‬ ‫ ‬

‫الوقائع‬
‫بناء على املقال االفتتاحي للدعوى املقدم من طرف الطاعنني بواسطة نائبهم أمام‬
‫كتابة ضبط هذه احملكمة بتاريخ ‪ ،2010/01/28‬واملعفى من أداء الرسم القضائي بحكم‬
‫القانون‪ ،‬يعرضون فيه أنهم يتوفرون على حق دائم لالنتفاع من بقع أرضية جماعية وفق ما‬
‫هو منصوص عليه في الفصل ‪ 4‬من الظهير املؤرخ في ‪ 1963/2/6‬املعدل مبوجبه الظهير‬
‫الشريف املؤرخ في ‪ 1919/4/27‬بشأن تنظيم والية الدولة على اجلماعات املشتركة بينها‬
‫وتفويتها‪ ،‬وأن املسميان‪ ..........‬وباعتبارهما من ورثة املرحوم ‪ .........‬فقد استأثرا‬
‫باستغالل البقع األرضية الكائنة ‪ ......‬واملسماة أرض دار الكرشة وأرض ‪ ....‬وأرض‬
‫‪ ،.....‬وأن العارضني وبعد نشوب نزاع بينهم وبني باقي الورثة جلأوا إلى اجلماعة النيابية‬
‫لدوار ‪ .................‬جماعة دائرة ‪ .....‬التي أصدرت بتاريخ ‪ 2006/1/30‬قرارا‬
‫نيابيا حتت عدد ‪ 2006-03‬أمرت من خالله مبا يلي‪ « :‬يوزع النصيب اجلماعي املشار إلي‬
‫مراجعه وإحداثياته اجلغرافية أعاله بالتساوي بني ورثة ‪ ....‬وهم ‪ ......‬و‪ ....‬واعتبار‬
‫ورثة ‪....‬منهم ‪.........‬متراميني ومطالبتهما بالتخلي عن واجب اآلخرين وتسليمه إليهما‬
‫طبقا ألعراف اجلماعة ومقتضياته التنظيمية‪ ،»....‬وأن العارضني تبعا لذلك تقدموا إلى‬
‫احملكمة االبتدائية بابن احمد قصد املطالبة بواجبهما املشاع من العقار مع نصيبهما من‬
‫استغالله وذلك في مواجهة املدعى عليهما إال أن هذين األخيرين وأثناء سريان املسطرة‬
‫وفي غيبة العارضني قاما بالطعن في قرار اجلماعة النيابية أمام مجلس الوصاية‪ ،‬وأن‬
‫العارضني فوجئا بعد ذلك بصدور قرار عن املجلس املذكور بتاريخ ‪ 2007/6/14‬قرر من‬
‫خالله إلغاء قرار اجلماعة النيابية وإبقاء البقع األرضية موضوع النزاع بيد ورثة‪،....‬‬
‫موضحني من حيث الشكل أنهم يتوفرون على الصفة للطعن في القرار الصادر عن مجلس‬
‫الوصاية باعتباره يهم أرضا متنازعا بشأنها بينهم وبني باقي ورثة املرحوم‪ ....‬ومن شأن‬
‫إلغائه تغيير أوضاعهم بالنسبة لألرض املذكورة‪ ،‬وأنهم لم يتوصلوا بعد بالقرار املطعون‬
‫فيه ولم يبلغ إليهم بأي وجه لذلك يكون طعنهم واقعا داخل األجل القانوني موضحني إن‬
‫دعوى اإللغاء دعوى عينية تقام ضد الشخص االعتبار العام الذي أصدر القرار املطعون فيه‬
‫وتوجه إلى من ميثل هذا الشخص قانونا أمام القضاء وهو رئيس مجلس الوصاية في هذه‬
‫النازلة‪ ،‬وإن دعوى اإللغاء معفاة قانونا من أداء الرسوم القضائية بشأنها وهو ما يجعل‬
‫الطعن احلالي قد استوفى كل أركانه وشروطه مما يكون معه من املناسب التصريح بقبوله‬
‫‪255‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫شكال ومن حيث املوضوع أكدوا أن املادتني ‪ 8‬و‪ 20‬من القانون رقم ‪ 41-90‬احملدث مبوجبه‬
‫محاكم إدارية تنصان على اختصاص هذه األخيرة للبت في طلبات إلغاء قرارات السلطات‬
‫اإلدارية بسبب جتاوز السلطة‪ ،‬وأن القرار الصادر عن مجلس الوصاية لم يرتكز على أية‬
‫وقائع ثابتة ذلك أنه استند إلى ما أسماه تقرير السلطة احمللية املنجز بتاريخ ‪2007/3/2‬‬
‫واحلال أن قرار اجلماعة النيابية الصادر قبله استند بدوره إلى بحث السلطة احمللية ولذلك‬
‫فإن بحث السلطة ال ميكن أن يثبت حقا في املرحلة األولى وينزعه في املرة الثانية‪ ،‬وأنه‬
‫باإلضافة إلى ذلك فإن القرار املطعون فيه استند كذلك إلى احلجج التي أدلى بها األطراف‬
‫املتنازعة واحلال أن الطاعنني لم يتوصلوا بأي إجراء أو إعالم ولم يتقدموا بأية حجة أو‬
‫وثيقة أمام مجلس الوصاية املطعون في قراره‪ ،‬وإنه من جهة ثالثة فإن القرار املطعون فيه‬
‫خالف مقتضيات القانون رقم ‪ 01-03‬املتعلق بإلزام اإلدارات العمومية واجلماعات احمللية‬
‫واملؤسسات العامة بتعليل قراراتها اإلدارية ذلك أن املادة األولى من القانون املذكور نصت‬
‫على إلزامية تعليل القرارات اإلدارية الفردية والسلبية وذلك باإلفصاح كتابة في صلب‬
‫هذه القرارات عن األسباب القانونية والواقعية الداعية إلى اتخاذها ‪ ،‬كما أنه بالرجوع‬
‫إلى القرار املطعون فيه يتبني أنه لم يتضمن أية حيثيات تبرر إصداره وبالتالي إلغاء قرار‬
‫اجلماعة النيابية القائم على توزيع االنتفاع من األرض اجلماعية موضوع النزاع‪ ،‬وأن مجلس‬
‫الوصاية بحرمانه للورثة العارضني من حقهم في االستفادة من األرض املتنازع عليها لم‬
‫يجعل لقراره أي سند يؤيده وهو ما يجعله عرضة لإللغاء‪ .‬ملتمسني من أجل ما سبق احلكم‬
‫بإلغاء قرار مجلس الوصاية عدد ‪/11‬م و ‪ 07/06/‬الصادر بتاريخ ‪ 2007/6/14‬بسبب‬
‫جتاوز السلطة وانعدام التعليل مع ترتيب ما يجب قانونا وذلك بإقرار اجلماعة النيابية‬
‫عدد ‪ 2006-03‬للجماعة الساللية لدوار أوالد ‪ ........‬فرقة ‪.......‬دائرة‪،...........‬‬
‫وأرفقوا طعنهم بالوثائق التالية‪:‬‬
‫‪ -‬نسخة من القرار املطعون فيه‪.‬‬
‫‪ -‬نسخة من قرار اجلماعة النيابية‪.‬‬
‫وبناء على عدم جواب مجلس الوصاية رغم توصله بصفة قانونية في أجل ‪2010/03/04‬‬
‫وأجل ‪.2010/6/29‬‬
‫وبناء على مقتضيات احلكم التمهيدي عدد ‪ 552‬الصادر بتاريخ ‪2010/10/07‬‬
‫القاضي بإجراء بحث في النازلة‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪256‬‬

‫وبناء على إدراج امللف بجلسة البحث املنعقدة مبكتب املستشار املقرر التي مت متديدها‬
‫لعدة جلسات تخلف عنها نائب الطاعنني رغم إمهاله عدة مرات ورغم تكليفه باإلدالء‬
‫بتقرير السلطة احمللية اإلقليمية املنجز بتاريخ ‪ 2007/03/02‬الذي استند إليه القرار‬
‫الطعني‪ ،‬وتخلف عنها كذلك مجلس الوصاية رغم توصله بصفة قانونية وتكليفه باإلدالء‬
‫بالتقرير املذكور‪.‬‬
‫وبناء على مقتضيات القانون رقم ‪ 41/90‬احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية‪.‬‬
‫وبناء على قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫وبناء على اإلعالم بإدراج القضية جاهزة باجللسة العلنية املنعقدة بتاريخ ‪.2011/03/10‬‬
‫وبناء على املناداة على الطرفني ومن ينوب عنهم وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد االستماع لآلراء الشفهية للمفوض امللكي للدفاع عن القانون واحلق التي أكد‬
‫من خاللها مستنتجاته الكتابية الرامية إلى إلغاء القرار الطعني لعدم تعليله‪ ،‬تقرر حجز‬
‫القضية للمداولة قصد النطق باحلكم في جلسة ‪.2011/03/17‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‪:‬‬


‫يف ال�شكل‪:‬‬
‫حيث إن الطلب قدم من ذي صفة ومصلحة وداخل األجل ا لقانوني‪ ،‬وجاء مستجمعا‬
‫لكافة شروطه الشكلية املتطلبة‪ ،‬فهو بذلك مقبول شكال‪.‬‬
‫يف املو�ضوع‪:‬‬
‫حيث إن الطلب يرمي إلى احلكم بإلغاء قرار مجلس الوصاية عدد ‪/11‬م ‪07/06‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 2007/06/14‬بسبب جتاوز السلطة وانعدام التعليل مع ما يترتب عن‬
‫ذلك قانونا وذلك بإقرار القرار النيابي عدد ‪ 2006/03‬للجماعة الساللية لدوار ‪ .....‬فرقة‬
‫‪ .....‬جماعة ‪.............‬‬
‫وحيث استنكفت اجلهة املطلوبة في الطعن عن اجلواب رغم التوصل بصفة قانونية‪.‬‬
‫وحيث إنه بعد دراسة احملكمة لكافة معطيات القضية تبني لها أن الطعن أسس على‬
‫ثالثة وسائل تتعلق بعدم ارتكاز القرار الطعني على وقائع ثابتة‪ ،‬عدم توصل الطاعنني بأي‬
‫إجراء أو إعالم وانعدام التعليل‪.‬‬
‫‪257‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫وحيث إنه فيما يخص الوسيلة املستمدة من عدم ارتكاز القرار الطعني على وقائع ثابتة‪،‬‬
‫واملتمثلة في كون القرار املطعون فيه الصادر عن مجلس الوصاية استند إلى تقرير السلطة‬
‫احمللية املنجز بتاريخ ‪ 2007/03/02‬وأن قرار اجلماعة النيابية الصادر قبله استند بدوره‬
‫إلى نفس بحث السلطة احمللية الذي ال ميكن أن يثبت حقا ثم ينزعه‪ ،‬فإن الراسخ فقها‬
‫وقضاء أن ركن السبب في القرار اإلداري هو مجموع العناصر القانونية والواقعية التي‬
‫تدفع اإلدارة إلى التصرف واتخاذ القرار اإلداري‪ ،‬وأنه ال بد أن يكون السبب صحيحا واقعا‬
‫وقانونا حتى يستند إليه القرار اإلداري من ناحية‪ ،‬ويبرره من ناحية أخرى‪ ،‬علما أن الرقابة‬
‫القضائية على ركن السبب ال تنحصر في مراقبة الصحة املادية للوقائع التي يعتمد عليها‬
‫القرار‪ ،‬بل متتد إلى مراقبة تكييفها القانوني‪.‬‬
‫وحيث يؤخذ من أوراق امللف أن كال من القرار الطعني عدد ‪/11‬م ‪ .‬و‪ 07/06/‬القاضي‬
‫بإلغاء قرار اجلماعة النيابية وإبقاء البقع األرضية موضوع النزاع بيد خصوم الطاعنني‪،‬‬
‫والقرار النيابي عدد ‪ 2006/03‬للجماعة الساللية لدوار أوالد‪ ........‬بورية القاضي‬
‫بتوزيع البقع املذكورة بالتساوي بني الطاعنني وخصومهم استندا في حيثياتها إلى بحث‬
‫نفس السلطة احمللية في املوضوع‪ ،‬وأن احملكمة في إطار رقابتها كلفت مجلس الوصاية‬
‫املطعون ضده باإلدالء بتقرير السلطة احمللية اإلقليمية الذي استند إليه القرار الطعني‬
‫وتخلف عن احلضور جللسات البحث املأمور بها مبقتضى احلكم التمهيدي عدد ‪ 552‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 2010/10/07‬مما لم ميكن احملكمة من بسط رقابتها على التقرير املذكور خاصة‪،‬‬
‫السيما أن اإلدارة ال متلك حرية مطلقة في إصدار القرارات اإلدارية وإمنا تتقيد إرادتها بقيام‬
‫حالة واقعية أو قانونية تسوغ اتخاذه وأنه يترتب على عدم مشروعية السبب تعيب القرار‪،‬‬
‫ذلك أن صحة القرار اإلداري تتحدد باألسباب التي قام عليها ومدى سالمتها على أساس‬
‫األصول الثابتة في األوراق وقت صدور القرار ومدى مطابقتها للنتيجة التي انتهت إليها‬
‫وبحث ذلك يدخل في صميم اختصاص احملكمة للتحقق من مدى مطابقة القرار للقانون‬
‫والتأكد من مشروعيته‪.‬‬
‫وحيث إن تخلف اإلدارة عن جلسة البحث وإحجامها عن اإلدالء بتقرير السلطة احمللية‬
‫اإلقليمية املنجز بتاريخ ‪ 2007/03/02‬الذي استند إليه القرار الطعني دليل على انحرافها‬
‫في استعمال السلطة سيما وأنه من الوثائق احملتكرة لديها‪ ،‬فكان بذلك قرارها متسما‬
‫بالشطط في استعمال السلطة وواجب اإللغاء‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪258‬‬

‫وحيث إنه فيما يخص الوسيلة املستمدة من عدم توصل الطاعنني بأي إجراء أو إعالم‬
‫قبل صدور القرار املطعون فيه مما حرمهم من تقدمي حججهم ووثائقهم أمام مجلس الوصاية‪،‬‬
‫فإنه بتفحص القرار املذكور يتبني أنه ال دليل على استدعاء الطاعنني حلضور اجللسة التي‬
‫عقدها مجلس الوصاية بتاريخ ‪ 2007/6/14‬للنظر في موضوع النزاع أو تكليفهم لإلدالء‬
‫بالوثائق املعززة ملوقفهم‪ ،‬األمر الذي يشكل حرمانا لهم من مبدأ حق الدفاع الذي يعتبر من‬
‫املبادئ القانونية الواجب احترامها والتقيد بها‪.‬‬
‫وحيث إنه فيما يخص الوسيلة املستمدة من انعدام التعليل فإنه ملا كان كل قرار إداري‬
‫ينطوي على أسباب تبرره سواء من الناحية الواقعية أو القانونية ولئن كانت اإلدارة مبدئيا‬
‫ملزمة بتضمني قرارها التعليل إلصداره إال أنها ملزمة كذلك بهذا التعليل أثناء جوابها‬
‫على الطعون املقدمة ضد ذلك القرار أمام هيئة احملكمة مبناسبة تبليغها عريضة الطعن‪.‬‬
‫وحيث إن مجلس الوصاية على أراضي اجلماعات الساللية امتنع عن اجلواب واإلدالء‬
‫بأوجه دفاعه واحلضور في جلسات البحث التي عقدتها احملكمة مبناسبة النازلة رغم توصله‬
‫بصفة قانونية ولم يعلل قراره الطعني تعليال كافيا‪.‬‬
‫وحيث أنه تبعا لذلك تكون الوسائل املثارة مبنية على أساس قانوني وواقعي سليم مما‬
‫يتعني معه احلكم بإلغائه مع ترتيب اآلثار القانونية على ذلك‪.‬‬

‫املنطوق‬
‫وتطبيقا ملقتضيات القانون رقم‪ 90/41‬احملدث للمحاكم اإلدارية‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫حكمت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء علنيا ابتدائيا وحضوريا‪.‬‬
‫يف ال�شكل‪ :‬بقبول الطلب‪.‬‬
‫يف املو�ضوع‪ :‬إلغاء قرار مجلس الوصاية عدد ‪/11‬م‪.‬و ‪ 07/06/‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ ،2007/6/14‬مع ترتيب اآلثار القانونية على ذلك‪.‬‬
‫بهذا صدر احلكم في اليوم والشهر والسنة أعاله‪...............................‬‬

‫�إم�ضاء‪:‬‬
‫كاتب الضبط‬ ‫ ‬
‫املقرر‬ ‫ ‬
‫الرئيس‬
‫‪259‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫املحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء‬


‫حكم �صادر بتاريخ ‪ 17‬مار�س ‪2011‬‬
‫ملف رقم ‪2010/5/237 :‬‬

‫القاعـــدة‬
‫‪ -‬يخت�ص املجل�س الأعلى بالبت ابتدائيا وانتهائيا يف طلبات الإلغاء ب�سبب جتاوز ال�سلطة‬
‫املتعلقة باملقررات التنظيمية والفردية ال�صادرة عن الوزير الأول ‪ ....‬طلب �إلغاء مقرر‬
‫التحديد الإداري مللك خمزين وفقا لأحكام ظهري ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬ب�سن نظام خا�ص لتحديد �أمالك‬
‫الدولة يندرج �ضمن االخت�صا�ص النوعي للمجل�س الأعلى‪ ....‬عدم اخت�صا�ص املحكمة‬
‫الإدارية نوعيا للبت يف الطلب‪....‬نعم‪.‬‬

‫أصدرت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي متكونة من السادة‬


‫األستاذ عبد العتاق فكير‪ .............................................‬رئيسا‪،‬‬
‫األستاذ عبد احلق دهبي‪ ...............................................‬مقررا‪،‬‬
‫األستاذ محمد السليماني‪ .............................................‬عضوا‪،‬‬
‫بحضور األستاذة مليكة الغازي‪ .................................‬مفوضا ملكيا‪،‬‬
‫ومبساعدة السيد مصطفى عوان ‪...................................‬كاتب الضبط‪.‬‬

‫احلـكـــــم الآتي ن�صه‪:‬‬


‫بني املدعني‪........... :‬الساكنني جميعا ‪.........‬بالرباط ‪.‬‬
‫نائبهم‪ :‬األستاذ امحمد النوري احملامي بهيئة الدار البيضاء‬
‫من جهة‬ ‫ ‬
‫وبني املدعى عليهم‪:‬‬
‫‪ )1‬املصلحة اإلقليمية للمياه والغابات في شخص ممثلها القانوني مبكاتبه بشارع اجليش‬
‫امللكي باجلديدة‪.‬‬
‫النائب عنها األستاذ املصطفى وقاص احملامي بهيئة اجلديدة‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪260‬‬

‫‪ )2‬وزير الفالحة والصيد البحري مبكاتبه بوزارة الفالحة بالرباط‪.‬‬


‫‪ )3‬وزير الداخلية مبكاتبه بوزارة الداخلية بالرباط‪.‬‬
‫‪ )4‬عامل إقليم اجلديدة مبكاتبه بعمالة اجلديدة‪.‬‬
‫‪ )5‬قائد ملحقة سيدي عابد إقليم اجلديدة‪.‬‬
‫‪ )6‬احملافظ على األمالك العقارية باحملافظة العقارية باجلديدة‪.‬‬
‫‪ )7‬رئيس جماعة سيدي عابد مبكاتبة بعمالة سيدي عابد إقليم اجلديدة‬
‫النائب عنه األستاذ عبد الرحيم طالبي احملامي بهيئة اجلديدة‪.‬‬
‫بحضور‪ :‬الوكيل القضائي للمملكة مبكاتبه بوزارة املالية بالرباط‪.‬‬
‫من جهة أخرى‬ ‫ ‬

‫الوقائع‬
‫بناء على املقال االفتتاحي للدعوى املقدم من طرف املدعني بواسطة نائبهم أمام كتابة‬
‫ضبط هذه احملكمة بتاريخ ‪ 2010-07-12‬واملعفى من أداء الرسم القضائي يعرضون فيه‬
‫أنهم ميلكون على الشياع العقار الكائن ‪ ....‬بدكالة حسب رسم امللكية عدد ‪ ...‬صحيفة‬
‫‪ ...‬كناش رقم ‪ ...‬توثيق اجلديدة وهو عبارة عن مجموعة من البقاع كانت عبارة عن أرض‬
‫عارية إلى أن فوجئوا باملرسوم الوزاري املؤرخ في ‪ 18‬أبريل ‪ 1963‬القاضي بإجراء عملية‬
‫التحديد اإلداري للتالل الرملية املسماة اجلديدة فاستصدروا عن هذه احملكمة أمرا بإجراء‬
‫معاينة واستجواب أكد من خاللها احملافظ أن التحديد اإلداري طال ‪ 7‬بقع مساحتها ‪....‬‬
‫هكتارا ويحدها البحر والتالل الرملية موضحني أنهم تضرروا كثيرا من عملية التحديد على‬
‫أساس أنها لم تؤسس على أساس قانوني سليم ذلك أن التحديد املذكور شابه عدة خروقات‬
‫وأنه غير قانوني ولم يتقيد مبقتضيات ظهير ‪ 1916-01-13‬بسن نظام خاص لتحديد‬
‫أمالك الدولة ملتمسني احلكم بإلغاء التحديد اإلداري املؤرخ في ‪ 18‬أبريل ‪ 1963‬مع ما‬
‫يترتب عن ذلك قانونا مع شمول احلكم بالنفاذ املعجل وحتميل املدعى عليهم الصائر وأرفقوا‬
‫مقالهم بالوثائق التالية‪:‬‬
‫‪ -‬نسخة مطالبة لألصل من رسم امللكية عدد ‪ ....‬صحيفة ‪....‬كناش رقم ‪....‬‬
‫توثيق اجلديدة‪.‬‬
‫‪ -‬نسخة مطالبة لألصل من رسم امللكية عدد ‪....‬صحيفة ‪....‬كناش رقم‪....‬‬
‫توثيق اجلديدة‪.‬‬
‫‪261‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫‪ -‬نسخة مطالبة لألصل من رسم امللكية عدد ‪ ....‬صحيفة ‪ ....‬كناش رقم ‪....‬‬
‫توثيق اجلديدة‪.‬‬
‫‪ -‬صورة شمسية من عقد الشراء‪.‬‬
‫‪ -‬أصل محضر املعاينة واالستجواب‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة اجلوابية للمصلحة اإلقليمية للمياه والغابات باجلديدة املقدمة بواسطة‬
‫نائبها في جلسة ‪ 2010/09/02‬التمست فيها أساسا التصريح بعدم االختصاص النوعي‬
‫لكون التحديد اإلداري للملك العمومي يتخذ مبقتضى مرسوم الذي يعتبر مقررا تنظيميا‬
‫يصدر عن الوزير األول وأن املقررات التنظيمية والفردية الصادرة عنه يختص بالبت فيها‬
‫املجلس األعلى واحتياطيا في الشكل احلكم بعدم قبول الطلب لعدم إدالء املدعني برسوم‬
‫إراثة مورثيهم الذين ينسبون إليهم امللك في األصل ولعدم إثبات استمرار امللك إلى أن‬
‫تركوه لورثتم واحتيايطا جدا التمست حفظ حقها في اجلواب في املوضوع إن أثبت املدعون‬
‫أهليتهم وصفتهم ومصلحتهم في التقاضي مع ما يترتب عن ذلك قانونا‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة جواب وزير الفالحة والصيد البحري املقدمة في أجل ‪2010/11/02‬‬
‫التمس فيها إخراج وزارة الفالحة من الدعوى لكونها غير معنية بالنزاع والنعدام شرطي‬
‫الصفة واملصلحة‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة جواب جماعة سيدي عابد املقدمة بواسطــــة نائبها فــــي أجـــل‬
‫‪ 2010-12-14‬التمست فيها أساسا التصريح بعدم قبول الطلب شكال لعدم اإلدالء‬
‫باإلراثات والتحديد اإلداري املؤرخ في ‪ 1963-04-18‬املطعون فيه واملطلب الذي انبنى‬
‫عليه التحديد املذكور ومن جهة أخرى لكون عملية التحديد اإلداري طالها التقادم لكونها‬
‫ترجع ألكثر من ‪ 46‬سنة واحتيايطيا في املوضوع التمست حفظ حقها في التعقيب بعد‬
‫إصالح املسطرة وحتميل الطرف املدعي الصائر مع ما يترتب عن ذلك قانونا‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة جواب الوكيل القضائي للمملكة املقدمة في أجل ‪ 2011/01/25‬أكد‬
‫فيها أساسا أن احملكمة اإلدارية غير مختصة للبت في الطلب لكون ذلك ينعقد للمجلس‬
‫األعلى تطبيقا للمادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪ 90.41‬احملدث للمحاكم اإلدارية ملتمسا التصريح‬
‫بعدم انعقاد االختصاص النوعي لهذه احملكمة مع إعمال مقتضيات الفقرة األولى من املادة‬
‫‪ 13‬من القانون رقم ‪ 90.41‬أعاله واحتياطيا حفظ حقه في اإلدالء بالدفوع وأوجه الدفاع‬
‫التي قد يتطلبها الرد على مقال الطعن إذا ما ارتأت احملكمة لذلك موجبا وضرورة‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪262‬‬

‫وبناء على قانون املسطرة املدنية‪.‬‬


‫وبناء على اإلعالم بإدراج القضية جاهزة للبت في الدفع بعدم االختصاص النوعي‬
‫باجللسة العلنية املنعقدة بتاريخ ‪.2011-03-10‬‬
‫وبناء على املناداة على األطراف ومن ينوب عنهم وعدم حضورهم تقرر اعتبار القضية‬
‫جاهـــــزة‪.‬‬
‫وبعد تالوة املفوض امللكي للدفاع عن القانون واحلق مستنتجاته الكتابية الرامية إلى‬
‫التصريح بعدم االختصاص النوعي للبت في الطلب تقرر حجز القضية للمداولة قصد النطق‬
‫باحلكم في جلسة ‪.2011-03-17‬‬

‫وبعدا ملداولة طبقا للقانون‬


‫حول الدفع بعدم االختصاص النوعي لهذه احملكمة‬
‫حيث إن الطلب يروم احلكم بإلغاء التحديد اإلداري املؤرخ في ‪ 18‬أبريل ‪ 1963‬مع ما‬
‫يترتب عن ذلك قانونا وشمول احلكم بالنفاذ املعجل وحتميل املدعى عليهم الصائر‪.‬‬
‫وحيث دفع الطرف املطلوب في الطعن بعدم اختصاص هذه احملكمة نوعيا للبت في‬
‫الطلب لكون ذلك ينعقد للمجلس األعلى‪.‬‬
‫وحيث إن قواعد االختصاص النوعي تعتبر من النظام العام ويجب على اجلهة القضائية‬
‫إثارته ولو تلقائيا وأنه إذا ما أثير دفع يتعلق به وجب على احملكمة املثار أمامها البت‬
‫فيه بحكم مستقل طبقا للمادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 90.41‬احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية‪.‬‬
‫وحيث يؤخذ من مقتضيات املادة ‪ 9‬من القانون املذكور أن املجلس األعلى يختص بالبت‬
‫ابتدائيا وانتهائيا في طلبات اإللغاء بسبب جتاوز السلطة املتعلقة باملقررات التنظيمية‬
‫والفردية الصادرة عن الوزير األول ومن مقتضيات الفصلني ‪ 3‬و‪ 8‬من الظهير الشريف‬
‫الصادر بتاريخ ‪03‬يناير ‪ 1916‬بسن نظام خاص لتحديد أمالك الدولة أن عمليات حتديد‬
‫ملك مخزني تنطلق بصدور مرسوم يعني تاريخ الشروع في عمليات التحديد وأن هذه‬
‫العمليات تختم بصدور مرسوم يصادق على هذا التحديد وتعني فيه تعيينا ال رجوع فيه‬
‫مساحة العقار احملدود وحالته القانونية‪.‬‬
‫وحيث إنه وتأسيسا على ما ذكر فإن الطعن احلالي الرامي إلى املطالبة بإلغاء التحديد‬
‫اإلداري املؤرخ في ‪ 18‬أبريل ‪ 1963‬وحسب الثابت من أوراق امللف ينصب على املرسوم‬
‫‪263‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫رقم ‪ 2.63.138‬املغير مبوجبه املرسوم رقم ‪ 2.63.031‬الصادر في ‪ 24‬يناير ‪1963‬بتعيني‬


‫تاريخ عمليات حتديد الثل املخزني باجلديدة الواليدية الكائن بتراب دائريت اجلديدة‬
‫والزمامرة يبقى من اختصاص املجلس األعلى مما يناسب التصريح بعدم اختصاص هذه‬
‫احملكمة نوعيا للبت في الطلب‪.‬‬

‫املنطوق‬
‫وتطبيقا للقانون ‪ 41/90‬احملدث للمحاكم اإلدارية وخاصة منه املواد ‪ 12 ،9 ،8‬و‪. 13‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫حكمت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء علنيا ابتدائيا وحضوريا‪:‬‬
‫بعدم اختصاص هذه احملكمة نوعيا للبت في الطلب‬
‫بهذا صدر احلكم في اليوموالشهروالسنة أعاله‪.....................................‬‬

‫�إم�ضاء‪:‬‬
‫كاتب الضبط‬ ‫ ‬
‫املقرر‬ ‫ ‬‫الرئيس‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪264‬‬

‫املحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء‬


‫حكم �صادر بتاريخ ‪ 16‬يونيو ‪2011‬‬
‫ملف رقم ‪2009/13/355 :‬‬

‫القاعـــدة‬
‫حق الدولة يف ا�سرتجاع ملكية العقارات الفالحية �أو القابلة للفالحة رهني بتحقق ال�رشوط‬
‫املن�صو�ص عليها يف الظهري ال�رشيف مبثابة قانون رقم ‪ 213.73.1‬بتاريخ ‪ 26‬حمرم ‪1393‬‬
‫(‪ 2‬مار�س ‪ )1973‬الذي تنقل مبوجبه �إىل الدولة ملكية العقارات الفالحية �أو القابلة للفالحة‬
‫التي ميلكها �أ�شخا�ص ذاتيون �أجانب �أو �أ�شخا�ص معنويون‪ ،‬ومن بينها ال�صبغة الفالحية‬
‫للعقار مو�ضوع النزاع‪ ....‬طلب التعوي�ض عن ال�رضر الالحق باملدعية جراء ا�سرتجاع‬
‫عقارها‪ ....‬ثبوت طابعه الفالحي يجعل طلب التعوي�ض غري م�ؤ�س�س قانونا ‪ ....‬احلكم‬
‫برف�ضه‪....‬نعم‪.‬‬

‫أصدرت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء وهي متكونة من السادة‬


‫األستاذ عبد العتاق فكير‪ ............................................‬رئيسا‪،‬‬
‫األستاذ عبد احلق دهبي‪ ...............................................‬مقررا‪،‬‬
‫األستاذ محمد السليماني‪ .............................................‬عضوا‪،‬‬
‫بحضور األستاذة مليكة الغازي‪ .................................‬مفوضا ملكيا‪،‬‬
‫ومبساعدة السيد مصطفى عوان ‪...................................‬كاتب الضبط‪.‬‬

‫احلـكـــــم الآتي ن�صه‪:‬‬


‫بني املدعية‪ :‬الشركة‪ ...........‬في شخص ممثلها القانوني‪ ،‬الكائن مقرها االجتماعي‬
‫ب‪ ...........‬الدار البيضاء‬
‫نائبها‪ :‬األستاذ توفيق بوكرين‪ ،‬احملامي بهيئة القنيطرة‪.‬‬
‫من جهة‬ ‫ ‬
‫وبني املدعى عليهم‪:‬‬
‫‪ -‬الدولة املغربية في شخص الوزير األول مبكاتبه بالرباط‪.‬‬
‫‪265‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫‪ -‬وزير الداخلية مبكاتبه بالرباط‪.‬‬


‫‪ -‬وزير االقتصاد واملالية مبكاتبه بالرباط‪.‬‬
‫‪ -‬وزير الفالحة والصيد البحري مبكاتبه بالرباط‪.‬‬
‫‪ -‬الوكيل القضائي للمملكة مبكاتبه بالرباط‪.‬‬
‫من جهة أخرى‬ ‫ ‬

‫الوقـائــع‬
‫بناء على املقال االفتتاحي للدعوى املقدم من طرف الشركة املدعية بواسطة نائبها أمام‬
‫كتابة ضبط هذه احملكمة بتاريخ ‪ ،2009-09-30‬واملؤداة عنه الرسوم القضائية‪ ،‬تعرض‬
‫فيها أنها كانت متلك العقار املسمى‪ .......‬موضوع الرسم العقاري عدد ‪ ....‬الكائن‬
‫بالطريق الساحلية زناتة احملمدية البالغة مساحته‪......‬املضمن بسجالت احملافظة على‬
‫األمالك العقاري واملسح الطبوغرافي باحملمدية ‪ ،‬وأن الدولة املغربية وبناء على الظهير‬
‫الشريف مبثابة قانون رقم ‪ 1.73.213‬املؤرخ في ‪ 26‬محرم ‪ 2( 1393‬مارس ‪ )1973‬قامت‬
‫بتحويل العقار املذكور لفائدتها وذلك مبوجب القرار الوزاري املشترك عدد ‪ 537.90‬املنشور‬
‫باجلريدة الرسمية عدد ‪ 4048‬بتاريخ ‪ 30‬ماي ‪ 1990‬وأن الفصل ‪ 8‬من الظهير املذكور‬
‫ينص على أنه يترتب عن نقل امللكية املشار إليه في الفصل ‪ 1‬من نفس الظهير منح‬
‫تعويض طبق شروط حتدد فيما بعد‪ ،‬موضحة أنها ولغاية يومه لم تتوصل بأي تعويض‬
‫عن نقل ملكية عقارها وأنه إضافة إلى وجود الفصل الصريح املذكور فإن مسؤولية الدولة‬
‫بدون خطأ قائمة في النازلة لوجود عالقة سببية بني الفعل والضرر مما تكون معه محقة في‬
‫املطالبة بالتعويض عن فقدان عقارها وهو ما يندرج ضمن االجتاه اجلديد للقضاء اإلداري‬
‫الذي غير موقفه من املبدأ التقليدي وأصبح يسمح بالتعويض عن القوانني املشروعة‪ ،‬ذلك‬
‫أن احلكم عدد ‪ 928‬الصادر عن احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء بتاريخ ‪2003-12-17‬‬
‫أكد أن القوانني املشروعة ال حتول دون إقرار مسؤولية الدولة عن األضرار الالحقة بالغير‬
‫تطبيقا ملبدأ املساواة أمام األعباء العامة‪ ،‬مضيفة أنها ولتحديد طبيعة العقار وتقدير‬
‫حجم التعويض املترتب عن الضرر قامت بإجناز خبرة في املوضوع تبني من خاللها أن العقار‬
‫موضوع الطلب كان يدخل ضمن األراضي الفالحية املسترجعة من طرف الدولة املغربية بناء‬
‫على ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 1976‬أعاله ويقع باملنطقة الصناعية زناتة وأن قيمة املتر املربع تتراوح‬
‫بني ‪ 2.000.00‬و‪ 4.000.00‬درهما‪ ،‬ملتمسة احلكم من أجل ما سبق بتعويض مسبق قدره‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪266‬‬

‫‪10.000.00‬درهما مع حفظ حقها في اإلدالء مبستنتجاتها على ضوء اخلبرة بناء على جواب‬
‫املدعى عليها‪ .‬وأرفقت مقالها بالوثائق التالية‪:‬‬
‫‪ -‬نسخة عادية من أمر قضائي لتحديد ما إذا كان العقار يدخل ضمن منطقة فالحية‬
‫أم ال‪.‬‬
‫‪ -‬نظير تقرير خبرة اخلبير محمد معروف‬
‫‪ -‬أصل تقرير خبرة اخلبير محمد معروف‪.‬‬
‫‪ -‬صورة شمسية من الظهير الشريف مبثابة قانون رقم ‪ 1.73.213‬أعاله‪.‬‬
‫‪ -‬صورة شمسية من اجلريدة الرسمية عدد ‪.4048‬‬
‫وبناء على مذكرة إسناد النظر املرفقة بالوثائق املقدمة من طرف الشركة املدعية بواسطة‬
‫نائبها في جلسة ‪ ،2010/05/24‬التمست فيها متتيعها مبا ورد في مقالها االفتتاحي‬
‫وأرفقت مذكرتها تأكيدا للصفة بالوثائق التالية‪:‬‬
‫‪ -‬نسخة مصادق عليها من القانون األساسي للشركة‬
‫‪ -‬صورة شمسية من اجلريدة الرسمية عدد ‪ 4048‬بتاريخ ‪.1990-05-30‬‬
‫‪ -‬أصل شهادة امللكية‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة اجلوابية املقدمة و من طرف الوكيل القضائي للمملكة فــــي أجـــــل‬
‫‪ ،2010-07-06‬أكد فيها حول عدم االختصاص النوعي أن الطلب يخرج عن اختصاص‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬ذلك أن هذا الطلب إن كان أساسه اإلدعاء باستحقاق تعويض عن‬
‫استرجاع عقار في ظل مقتضيات ظهير ‪ 2‬مارس ‪ ،1973‬فإنه ال ميكن أن يعتبر في أي‬
‫حال من األحوال من ضمن الطلبات التي تقع في دائرة مقتضيات املادة ‪ 8‬من القانـــون‬
‫رقم ‪ 90-41‬التي جعلت اختصاص النظر في طلبات التعويض املوكولة إلى القضاء اإلداري‬
‫مقصورة على تلك التي تنجم عن نشاط من نشاطات أشخاص القانون العام‪ ،‬أي أن يكون‬
‫التعويض املطالب به مستحقا جراء أثر من آثار نشاط من نشاطات املرفق العام ومبعنى‬
‫أدق أن هذا االختصاص ينحصر في األعمال واألفعال التي ترتب املسؤولية التقصيرية لهذا‬
‫املرفق‪ ،‬موضحا أن استرجاع عقار في ملكية أجنبي ضمن نطاق أحكام ظهير ‪ 2‬مارس ‪1973‬‬
‫ال يدخل في إطار األعمال املرتبة ألية مسؤولية في حد ذاتها ما دامت أنها تستند إلى نص‬
‫قانوني صريح‪ ،‬ومعلوم أنه في حال وجود نص قانوني يشرع العمل فال مجال للقول أن ذلك‬
‫العمل أو النشاط يرتب مسؤولية‪ ،‬وبجانب ذلك فإن عملية استرجاع األراضي تعد من قبيل‬
‫‪267‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫أعمال السيادة التي تخرج عن رقابة القضاء وال تترتب عنها مسؤولية وفقا ملا استقر عليه‬
‫الفقه والقضاء‪ .‬ويتجلى من ذلك أن عملية استرجاع عقار في إطار ظهير ‪ 2‬مارس ‪1973‬‬
‫ليس من األعمال التي تستتبع في حد ذاتها مسؤولية الدولة‪ ،‬مما يجعلها تخرج عن دائرة‬
‫ونطاق مقتضيات املادة الثامنة من القانون رقم ‪ 41-90‬أعاله‪ ،‬مؤكدا أنه لن يقدح في هذا‬
‫القول كون ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬قد نص على تعويض مستحق جراء تطبيق مقتضياته‪ ،‬إذ‬
‫أنه في جميع األحوال يظل النظر في هذا الطلب خارجا عن اختصاص القضاء اإلداري ما‬
‫دام أنه ال وجود ملقتضى قانوني يجعل اختصاص النظر فيه موكوال إلى هذه اجلهة‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإن استبعاد الطلب احلالي عن نطاق املادة الثامنة من القانون رقم ‪ 41-90‬وانتفاء أي نص‬
‫أو مقتضى آخر يجعل من اختصاص القضاء اإلداري النظر في التعويضات املرتكزة على‬
‫ظهير ‪ 2‬مارس ‪ ،1973‬فإن األمر يعود إلى األصل أي إلى احملكمة التي لها الوالية العامة‪،‬‬
‫وأن ما يعزز هذا الطرح ويؤكده ويدعمه‪ ،‬هو ما نصت عليه املادة الثامنة من ظهير ‪ 2‬مارس‬
‫‪ 1973‬حينما أكدت على أن حتديد شكليات أداء التعويض سيتم فيما بعد‪ ،‬وهو ما جسدته‬
‫بعد ذلك اتفاقيات دولية أبرمت بني الدولة املغربية ودول الرعايا األجانب الذين استرجعت‬
‫من بني أيديهم تلك العقارات‪ ،‬وأن هذه االتفاقيات‪ ،‬وعلى وجه اخلصوص‪ ،‬االتفاقية املبرمة‬
‫بني اململكة املغربية واململكة البلجيكية أكدت على انتفاء أية عالقة مباشرة بني الدولة‬
‫املغربية واملالك السابقون للعقارات املسترجعة‪ ،‬إذ جعلت صرف التعويض املؤدى من طرف‬
‫الدولة املغربية من اختصاص الدولة البلجيكية‪ ،‬ومن مت ‪ ،‬فحتى على فرض االستشهاد‬
‫مبقتضيات الفصل ‪ 8‬من ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬للقول أنه يضع في ذمة الدولة املغربية حقا‬
‫في التعويض وأنه بالتالي يجوز للقضاء املغربي وعلى رأسه القضاء اإلداري أن يفصل‬
‫في هذا النزاع فإن هذا القول يتوارى بعد ذلك أمام وضوح مقتضيات الفصل الثامن من‬
‫ظهير‪ 2‬مارس ‪ 1973‬ووجود االتفاقية التي جعلت مطالبة األجانب في التعويض يتم في‬
‫مواجهة دولتهم وليس الدولة املغربية‪ ،‬مضيفا أن تناول هذه املقتضيات في هذا اإلطار‬
‫مراده التأكيد على خروج الطلب عن اختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬ألن األمر ال يتعلق في آخر‬
‫املطاف إال بحق ألجنبي هو في ذمة دولته‪ ،‬ومن مت ال سلطة للقضاء املغربي للبت في مدى‬
‫استحقاقها من عدمه‪ ،‬ملتمسا تصريح احملكمة بعدم اختصاصها للنظر في هذا الطلب‪ ،‬ألن‬
‫العبرة في حتديد هذا االختصاص هو بالتكييف القانوني السليم له وليس بالوصف الذي‬
‫منحته املدعية له‪ .‬وفي املوضوع أكد عدم ارتكاز طلب التعويض على أي أساس‪ ،‬مذكرا‬
‫بأن استرجاع العقار من بني يدي األجنبي كان وفقا لظهير ‪ 2‬مارس ‪ ،1973‬وأن املادة‬
‫الثامنة من هذا القانون إن كانت أسست احلق في التعويض عن عملية االسترجاع املذكورة‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪268‬‬

‫فقد جعلت هذا املبدأ مقيدا ومحددا من حيث شروطه واجلهة املستفيدة منه إلى غير ذلك من‬
‫اإلجراءات املرتبطة بأدائه وصرفه‪ ،‬وهذه اإلجراءات قد مت حتديدها بالنسبة للرعايا األجانب‬
‫البلجيكيني في اتفاقية أبرمت بني الدولة املغربية والدولة البلجيكية بتاريخ ‪1976/07/12‬‬
‫والتي متت املوافقة عليها مبوجب الظهير الشريف مبثابة قانون رقم ‪1.73.213‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 26‬محرم ‪ 2(1393‬مارس ‪ )1973‬والذي مت نشره باجلريدة الرسمية عدد ‪ 3644‬املؤرخة‬
‫في فاحت شتنبر ‪ 1982‬مبوجب الظهير رقم ‪ 1.81.308‬الصادر بتاريخ ‪ ،1982/05/06‬وأن‬
‫الفصل األول من االتفاقية املذكورة نص على أن احلكومة املغربية تدفع حلكومة اململكة‬
‫البلجيكية تعويضا جزافيا ونهائيا عن املمتلكات واملصالح الفالحية البلجيكية باملغرب‪،‬‬
‫مضيفا أن اململكة البلجيكية قد التزمت بتحمل أداء هذه التعويضات إلى مستحقيها‪.‬‬
‫وذلك طبقا للفصل السادس من نفس االتفاقية وأن هذا ما أكده القضاء املغربي في العديد‬
‫من أحكامه وعلى رأسها احلكم عدد ‪ 2008/370‬الصادر عن احملكمة اإلدارية بأكادير‬
‫بتاريخ ‪ 2006/07/02‬ش ملتمسا ارتكاز الطلب على أساس التصريح برفض الطلب‪.‬‬
‫وأرفق مذكرته بالوثائق التالية‪:‬‬
‫‪ -‬صورة من االتفاقية املبرمة بني اململكة املغربية واجلمهورية البلجيكية‪.‬‬
‫‪ -‬صورة من احلكم الصادر عن احملكمة اإلدارية بأكادير‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة تعقيب املدعية املقدمة بواسطة نائبها في أجل ‪،2010/10/26‬‬
‫عقب حول الدفع بعدم االختصاص النوعي بأن احلكم الصادر عن احملكمة اإلدارية بأكادير‬
‫املتمسك به من طرف الوكيل القضائي لتعزيز الدفع املثار قضى بقبول الطلب مما يفيد أن‬
‫االختصاص النوعي قائم للقضاء اإلداري مدليا بنسخة من قرار الغرفة اإلدارية باملجلس‬
‫األعلى عدد ‪ 104‬وتاريخ ‪ 2008/02/13‬الصادر في امللف اإلداري عدد ‪2007/1/4/633‬‬
‫القاضي بتأييد احلكم املذكور فيما انتهى إليه عن صواب بتصريحه باختصاص احملكمة‬
‫اإلدارية للبت في الطلب‪ ،‬وفي املوضوع أكدت املدعية أنه بالرجوع إلى مضمون االتفاقية‬
‫أعاله ال يوجد ما يفيد واقعة استالم دولة بلجيكا للمبالغ موضوع االتفاقية وإثبات تطبيق‬
‫البروتوكول التابع لها وغياب الئحة املستفيدين من التعويض‪ ،‬وحول الدفع بكون عملية‬
‫استرجاع األراضي من يد األجانب يدخل في أعمال السيادة أكدت أن ذلك مردود بدليل‬
‫الفصل الثامن من الظهير املذكور الذي نص على التعويض وكذا االجتهاد القضائي الذي‬
‫أكد أن القوانني املشروعة ال حتول دون إقرار مسؤولية الدولة عن األضرار الالحقة بالغير‬
‫‪269‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫تطبيقا ملبدأ املساواة أمام األعباء العامة‪ ،‬ملتمسة رد دفوعات الوكيل القضائي للمملكة‬
‫ومتتيعها مبا ورد في مقالها االفتتاحي ومذكرتها اجلوابية‪.‬‬
‫وبناء على مقتضيات احلكم العارض البات في االختصاص الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2009/12/02‬حتت عدد ‪ ،1748‬القاضي برد الدفع بعدم االختصاص النوعي والتصريح‬
‫باختصاص هذه احملكمة نوعيا للبت في الطلب‪ ،‬املبلغ بتاريخ ‪ 2011/02/22‬إلى مثير‬
‫الدفع الوكيل القضائي للمملكة وعدم استئنافه داخل األجل احملدد قانونا‪.‬‬
‫وبناء على مذكرة املستنتجات النهائية املقدمة من طرف املدعية بواسطة نائبها بتاريخ‬
‫‪ ،2011/04/27‬التمست فيها احلكم مبا ورد في مقالها االفتتاحي ومذكراتها التعقيبية‪.‬‬
‫وبناء عدم إدالء الوكيل القضائي للمملكة مبستنتجاته النهائية رغم إعالمه بذلك‬
‫وتوصله بصفة قانونية بتاريخ ‪.2011/04/19‬‬
‫وبناء على مقتضيات القانون رقم ‪ 90.41‬احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارية‪.‬‬
‫وبناء على قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ لألطراف الصادر بتاريخ ‪.2011/05/17‬‬
‫وبناء على اإلعالم بإدراج القضية جاهزة باجللسة العلنية املنعقدة بتاريخ ‪.2011/06/09‬‬
‫وبناء على املناداة على الطرفني ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم رغم توصل الوكيل‬
‫القضائي للمملكة بصفة قانونية باألمر بالتخلي‪.‬‬
‫وبعد االستماع إلى اآلراء الشفهية للمفوض امللكي للدفاع عن القانون واحلق التي أكد‬
‫من خاللها مستنتجاته الكتابية الرامية إلى احلكم برفض الطلب لكونه غير مؤسس قانونا‪،‬‬
‫تقرر حجز القضية للمداولة قصد النطق باحلكم في جلسة ‪.2011/06/16‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‪:‬‬


‫يف ال�شكل‪:‬‬
‫حيث قدم الطلب من ذي صفة ومصلحة وداخل األجل القانوني‪ ،‬ومستجمعا لكافة‬
‫شروطه الشكلية فهو بذلك مقبول شكال‪.‬‬
‫يف املو�ضوع‪:‬‬
‫حيث إن الطلب يروم احلكم لفائدة الشركة املدعية بتعويض مسبق قدره عشرة آالف‬
‫درهما وإجراء خبرة لتحديد التعويض املناسب في إطار القوانني املشروعة جراء استرجاع‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪270‬‬

‫عقارها من طرف الدولة املغربية عمال بالظهير الشريف مبثابة قانون رقم ‪ 213.73.1‬بتاريخ‬
‫‪ 26‬محرم ‪ 2( 1393‬مارس ‪ )1973‬الذي تنقل مبوجبه إلى الدولة ملكية العقارات الفالحية‬
‫أو القابلة للفالحة التي ميلكها أشخاص ذاتيون أجانب أو أشخاص معنويون‪.‬‬
‫وحيث أجابت اإلدارة املطلوبة في الدعوى بواسطة الوكيل القضائي للمملكة مالحظة‬
‫أن طلب التعويض ال يرتكز على أساس لكونه مشموال مبقتضيات االتفاقية التي سبق أن‬
‫أبرمتها الدولة املغربية مع الدولة البلجيكية‪ ،‬وأن الدولة املغربية أدت تعويضا إجماليا‬
‫وجزافيا عن جميع األراضي التي استرجعتها من الرعايا البلجيكيني األجانب لدولتهم‪.‬‬
‫وحيث عقبت املدعية بواسطة نائبها ملتمسة استبعاد الدفوع الواردة في اجلواب أعاله‪،‬‬
‫واحلكم وفق ما جاء في املقال االفتتاحي‪.‬‬
‫وحيث إنه بعد دراسة احملكمة لكافة معطيات القضية تبني لها أن الطلب أسس على‬
‫وسيلة وحيدة مستمدة من مبدأ التعويض استنادا إلى الفصل ‪ 8‬من الظهير الشريف مبثابة‬
‫قانون رقم ‪ 243.73.1‬بتاريخ ‪ 02‬مارس ‪ 1973‬واستنادا إلى مبدأ القوانني املشروعة‪.‬‬
‫لكن حيث إن الثابت قانونا أنه لتطبيق مقتضيات الفصل األول من الظهير الشريف‬
‫أعاله املنقولة مبوجبه إلى الدولة ابتداء من تاريخ نشره ملكية العقارات الفالحية أو القابلة‬
‫للفالحة الكائنة كال أو بعضا خارج الدوائر احلضرية‪ ،‬والتي ميلكها أشخاص ذاتيون أجانب‬
‫أو أشخاص معنويون‪ ،‬يجب توفر شرط أساسي وجوهري هو كون األرض املذكورة فالحية‬
‫كال أو جزءا أو تكتسي طابعا فالحيا‪.‬‬
‫وحيث يؤخذ من أوراق امللف‪ ،‬وخاصة تقرير اخلبرة املنجزة بتاريخ ‪ 2009/07/22‬من‬
‫طرف اخلبير محمد معروف املتمسك بها من طرف املدعية‪ ،‬أن العقار موضوع الطلب هو‬
‫من ضمن العقارات التي مت وضع اليد عليها من طرف الدولة املغربية سنة ‪ 1992‬بناء على‬
‫ظهير ‪ 1973‬أعاله مؤكدا أنه حسب مصلحة الهندسة الطبوغرافية باحملمدية زناتة فإنه كان‬
‫يدخل في إطار املنطقة القروية اخلاصة باالستغالل الفالحي وأصبح فيما بعد متواجدا في‬
‫جهة حتولت إلى منطقة صناعية بالقرب من الطريق الشاطئية رقم ‪ 111‬املطلة على احمليط‬
‫األطلسي‪.‬‬
‫وحيث إن اخلبرة املدلى بها من طرف املدعية تغني احملكمة عن أي إجراء من إجراءات‬
‫حتقيق الدعوى‪ ،‬وفي غياب ما يفيد يقينا أن العقار كان بتاريخ نشر الظهير املذكور غير‬
‫فالحي‪ ،‬فضال عن إقرار املدعية نفسها في مقالها االفتتاحي بالطابع الفالحي للعقار‬
‫‪271‬‬ ‫توجهات املحاكم الإدارية‬

‫موضوع النزاع‪ ،‬األمر الذي يكون معه الطلب غير مؤسس قانونا مما يناسب احلكم برفضه‪.‬‬
‫وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل صائرها‪.‬‬

‫املنطوق‬
‫وتطبيقا ملقتضيات الفصول ‪ 1-3-4-5-7-8-12‬و‪ 13‬من القانون رقم ‪41/90‬‬
‫احملدثة مبوجبه احملاكم اإلدارة‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫حكمت احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء علنيا ابتدائيا حضوريا‪:‬‬
‫يف ال�شكل‪ :‬بقبول الطلب‪.‬‬
‫يف املو�ضوع‪ :‬برفضه وإبقاء الصائر على رافعه‪.‬‬
‫بهذا صدر األمر في اليوم والشهر والسنة أعاله‪.....................................‬‬

‫�إم�ضاء‬
‫كاتب الضبط‬ ‫ ‬
‫املقرر‬ ‫الرئيس‬
‫‪273‬‬

‫توجهات حماكم اال�ستئناف‬

‫حمكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط‬


‫قرار عدد ‪7‬‬
‫�صادر بتاريخ ‪ 7‬يناير ‪2009‬‬
‫يف ملف عدد ‪5/07/363‬‬

‫املبــــد�أ‬
‫تقدمي دعوى الإلغاء من طرف �أكرث من مدع يجعل تنازل بع�ضهم عن هذه الدعوى دون البع�ض‬
‫الآخر ال يحول دون نظر املحكمة يف مو�ضوعها‪ ،‬ما دامت دعوى الإلغاء غري قابلة بطبيعتها‬
‫للتجزئة وهذا يقت�ضي ت�سليط الق�ضاء رقابته على م�رشوعية القرار الإداري ولو تنازل �أحد‬
‫املدعني �أو جلهم عن طلب الإلغاء املوجه �ضده‪.‬‬
‫�إن احلب�س املعقب غري امل�صفى يجعل الأمالك اخلا�ضعة له غري قابلة للتفويت‪ ،‬و�أن القرار‬
‫ال�صادر عن املجل�س اجلماعي بالرتخي�ص لأحد من الأغيار غري املحب�س عليهم ب�إحداث جتزئة‬
‫فوق عقار حمب�س يعترب مت�سما بتجاوز ال�سلطة لعيب خمالفة القانون وموجبا بالتايل للإلغاء‪.‬‬

‫با�سم جاللة امللك‬


‫بتاريخ ‪ 10‬محرم ‪ 1430‬موافق ‪ 04‬يناير ‪ ،2009‬إن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط‬
‫في جلستها العلنية أصدرت القرار اآلتي نصه‪:‬‬
‫بني‪ :‬اجلماعة القروية سيدي رحال الشاطئ في شخص ممثلها القانوني – دائرة برشيد‬
‫ينوب عنها‪:‬األستاذ‪ ، .................‬محام بهيئة سطات‬
‫املستأنف من جهة‬ ‫ ‬
‫وبني السيد‪ ......... :‬الساكنني بحي الهناء شارع‪ 179 .....‬الدار البيضاء األول‬
‫ينوب عنه األستاذ‪............‬محام بسطات‬
‫املستأنف عليهما من جهة أخرى‬ ‫ ‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪274‬‬

‫بناء على املقال االستئافي املقدم بتاريخ ‪ 2007/08/09‬من طرف اجلماعة القروية‬
‫سيدي رحال بواسطة نائبها األستاذ ‪ ....‬ضد احلكم الصادر عن احملكمة اإلدارية بالدار‬
‫البيضاء بتاريخ ‪ 2007/06/18‬حتت عدد ‪ 469‬في امللف رقم ‪ 06/720‬غ‪.‬‬
‫وبناء على املذكرة اجلوابية املدلى بها بتاريخ ‪ 2008/07/02‬من طرف دفاع املستأنفة‬
‫الرامية إلى إلغاء احلكم املستأنف واحلكم تصديا باإلشهاد على تنازل املستأنف عليه‬
‫عن طعنه‪.‬‬
‫وبناء على تنصيب قيم في حق املستأنف عليه الثاني‪.‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى املدلى بها في امللف ‪.‬‬
‫وبناء على املادتني اخلامسة واخلامسة عشر من القانون رقم ‪ 03.80‬احملدثة مبوجبه‬
‫محاكم استئناف إدارية‪.‬‬
‫وبناء على قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي الصادر بتاريخ ‪.2008/10/17‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيني القضية في اجللسة العلنية املنعقدة بتاريخ ‪.2008/12/17‬‬
‫وبناء على املناداة على األطراف ومن ينوب عنهم وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد تالوة املستشار املقرر السيد‪ .........‬لتقريره في اجللسة‪ ،‬واالستماع إلى اآلراء‬
‫الشفهية للمفوض امللكي للدفاع عن القانون واحلق السيد‪ ،...........‬والذي أكد فيها‬
‫ما جاء في مستنتجاته الكتابية الرامية إلى إلغاء احلكم االبتدائي واحلكم تصديا بعدم‬
‫قبول الدعوى واحتياطيا التصريح بأن الطلب أصبح غير ذي موضوع‪ ،‬فتقرر حجز القضية‬
‫للمداولة جللسة ‪ 2009/01/07‬قصد النطق بالقرار اآلتي بعده‪.‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬


‫في تنازل املستأنف عليه ‪ ..........................‬عن الدعوى‪:‬‬
‫حيث أدلى املستأنف عليه املذكور بواسطة نائبه بطلب يرمي على اإلشهاد عن تنازله‬
‫عن الدعوى املقدمة ضد القرار اإلداري املشار إليه في الوقائع أعاله‪.‬‬
‫وحيث إن هذا التنازل قد أكده الطرف املستأنف ولم يعارضه مما يجعله مطابقا ملقتضيات‬
‫الفصل ‪ 119‬وما يليه من قانون املسطرة املدنية ويتعني بالتالي اإلشهاد عليه‪.‬‬
‫‪275‬‬ ‫توجهات حماكم اال�ستئناف‬

‫وحيث يبقى االستئناف املقدم ضد الطرف املذكور املتنازل عن الدعوى قد أصبح غير‬
‫ذي موضوع‪.‬‬
‫يف ال�شكل‪:‬‬
‫حيث إن االستئناف املقدم ضد املدعي الثاني‪ ......‬بتاريخ ‪ 2007/08/09‬ضد احلكم‬
‫املشار إلى مراجعه أعاله قد توفرت فيه الشروط الشكلية املتطلبة قانونا لقبوله‪.‬‬
‫وفي املوضوع‪ :‬حيث يستفاد من أوراق امللف واحلكم املستأنف أن السيدين ‪ ....‬قدما‬
‫بتاريخ ‪ 2006/11/15‬مقاال أدلى احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء عرضا فيه أن األول‬
‫يستفيد إلى جانب مجموعة من األشخاص من احلبس املنصب على القطعة األرضية ذات‬
‫الرسم العقاري عدد ‪ 13990‬س الكائنة بدوار ‪ ..............‬جماعة ‪..................‬‬
‫دائرة برشيد وأن الثاني‪ ....‬يكتري منه هكتار ونصف من هذه األرض احملبسة على مجموعة‬
‫من األشخاص محددة أسماؤهم بشهادة احملافظة العقارية من أجل استغاللها وأنها غير‬
‫قابلة بسبب طبيعتها احلبسية وعدم إخضاعها ألي وثيقة من وثائق التعمير غير أن رئيس‬
‫املجلس اجلماعي عمد بتاريخ ‪ 2005/12/23‬إلى إصدار قرار مبنح ترخيص للسيد‪ ...‬فريق‬
‫بإحداث جتزئة عقارية مما سيخلق مضاربة عقارية باألرض احملبسة‪ ،‬وأن القرار جاء خارقا‬
‫للقانون ومتسما بالشطط في استعمال السلطة طالبا إلغاءه‪ ،‬وبعد جواب املدعى عليه‬
‫أصدرت احملكمة بتاريخ ‪ 2007/06/18‬حكمها القاضي بإلغاء القرار اإلداري الصادر‬
‫عن رئيس املجلس اجلماعي جلماعة سيدي رحال الشاطئ بتاريخ ‪ 2005/12/23‬حتت عدد‬
‫‪ 05/03‬القاضي مبنح ترخيص للسيد‪ ..........‬بإحداث جتزئة عقارية مع ما يترتب على‬
‫ذلك قانونا‪ ،‬وهو املطعون فيه باالستئناف‬

‫يف �أ�سباب اال�ستئناف‬


‫حيث تعيب املستأنفة على احلكم املستأنف اعتماده على كون ( املرخص له غير‬
‫مالك بالرسم العقاري عدد ‪ 13990‬س الذي يضم مجموعة من احملبس عليهم وأن األرض‬
‫فالحية‪ )...‬غير أن الواقع خالف ذلك بدليل أن الوكالة احلضرية قدمت الدليل على أن‬
‫األرض املذكورة ليست فالحية وأنها تتوفر على تصميم تهيئة مصادق عليه من طرف الوزير‬
‫األول وصاحب الرخصة‪ ...‬ميلك بدوره في نفس الرسم العقاري ويتصرف في واجبه كامال‬
‫وذلك عن طريق التفويت له من طرف السيد ‪ ..................................‬حسب‬
‫العقد املؤرخ في ‪.1990/10/15‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪276‬‬

‫حيث متسك الطرف املستأنف من خالل مذكرته املؤشر عليها بتاريخ ‪2008/06/15‬‬
‫بتنازل الطاعن ‪ ...................‬ملتمسا إلغاء احلكم املستأنف واحلكم تصديا‬
‫باإلشهاد على التنازل‪.‬‬
‫وحيث إن دعوى اإللغاء تعتبر دعوى عينية تستهدف إلغاء قرار إداري من خالل‬
‫رقابة القضاء ملشروعيته وهي بذلك غير قابلة بطبيعتها للتجزئة وبالتالي فإن تنازل‬
‫املدعي األول ( ‪ ) ..................‬عن دعوى اإللغاء ال يحول دون تسليط رقابته‬
‫على مشروعية القرار اإلداري املطعون فيه ما دام املدعي الثاني ( ‪)..................‬‬
‫لم يتنازل عن الطعن املقدم ضد نفس القرار مما يتعني استبعاد الدفع املثار من طرف‬
‫املستأنفة في هذا الشأن‪.‬‬
‫وحيث إنه من جهة أخرى يتبني من شهادة الرسم العقاري رقم ‪ 13990‬س أن امللك‬
‫املسمى (‪ )........................‬محبس على ‪ 165‬شخصا‪ ،‬وتشير الفقرة األخيرة‬
‫منه على أنه مينع أي تفويت في امللك املذكور كما أنه ال يوجد بامللف ما يفيد تصفية احلبس‬
‫املعقب طبقا للقانون‪.‬‬
‫وحيث من الثابت من أوراق امللف أن املستفيد من اإلذن بإحداث التجزئة على العقار‬
‫ليس من ضمن األشخاص احملبس عليهم العقار وهو ما يجعل طلبه غير مستوف ألحد‬
‫الشروط األساسية للحصول على اإلذن بإحداث التجزئة مما يجعل القرار املطعون فيه مخالفا‬
‫للقانون ويكون احلكم املستأنف ملا نحا هذا املنحى صائبا ويتعني تأييده‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫قضت محكمة االستئناف اإلدارية علنيا انتهائيا حضوريا في حق املستأنف عليه نعناع‬
‫جنيب‪ ،‬وغيابيا بقيم في حق املستأنف عليه ‪:...............‬‬
‫‪ )1‬باإلشهاد على تنازل ‪ ..............‬عن الدعوى وباعتبار االستئناف املوجه ضده‬
‫أصبح غير ذي موضوع‬
‫‪ )2‬في الشكل‪ :‬بقبول االستئناف املوجه ضد ‪.......................‬‬
‫‪ )3‬في املوضوع‪ :‬بتأييد احلكم املستأنف‬
‫وبه صدر القرار وتلي في اجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة اجللسات‬
‫العادية مبحكمة االستئناف اإلدارية بالرباط وكانت الهيئة متركبة من ‪:‬‬
‫‪277‬‬ ‫توجهات حماكم اال�ستئناف‬

‫السيد‪ ..............................................................‬رئيسا‬
‫السيد‪............................... ................................‬مقررا‬
‫السيد‪ ...............................................................‬عضوا‬
‫بحضور املفوض امللكي للدفاع عن القانون واحلق السيد‪..........................‬‬
‫ومبساعدة كاتبة اجللسة السيدة‪...............................................‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪278‬‬

‫حمكمة اال�ستئناف بالرباط‬


‫الغرفة العقارية‬
‫قرار رقم ‪76 :‬‬
‫�صادر بتاريخ ‪� 29‬شتنرب‪2005‬‬
‫ملف رقم ‪12/2005/14‬‬

‫القاعـــدة‬
‫�إن �أمالك الدولة العامة نظرا لعدم قابليتها للتفويت ولعدم �رسيان التقادم عليها ال ميكن �أن‬
‫تت�رضر من جراء التحفيظ‪.‬‬

‫أصدرت محكمة االستئناف بالرباط وهي تبت في املادة العقارية مؤلفة من السادة ‪:‬‬
‫أذ‪ .‬محمد صواليح‪..............................................‬رئيسا ومقررا‬
‫أذ‪ .‬عبد الرحيم الشهبي العلوي‪.......................................‬مستشارا‬
‫أذة فاطمة ميمون‪ ...................................................‬مستشارة‬
‫وبحضور السيد‪ ...........................................‬ممثل النيابة العامة‬
‫ومبساعدة السيدة نادية ملسوكر‪ .....................................‬كاتبة الضبط‬

‫القرار التايل‪:‬‬
‫بني‪ :‬اجلماعة احلضرية لباب ملريسة سال في شخص ممثلها القانوني‬
‫موطنها املختار مبكتب األستاذ عمر العلوي احملامي بهيئة الرباط‬
‫بوصفها مستأنفة من جهة‬ ‫ ‬
‫وبني ‪ :‬وزارة التجهيز والنقل في شخص ممثلها القانوني مقرها بالرباط ‪،‬‬
‫السيد املدير اجلهوي للتجهيز للرباط وسال زمور مبقر مكاتبه بالرباط ‪،‬‬
‫السد احملافظ على األمالك العقارية بسال‪.‬‬
‫بوصفهم مستأنفا عليهم من جهة أخرى‬ ‫ ‬
‫بناء على مقال االستئناف املسجل واملؤداة عنه الرسوم القضائية بتاريخ ‪2005/1/14‬‬
‫‪279‬‬ ‫توجهات حماكم اال�ستئناف‬

‫املقدم من طرف دفاع املستأنفة والهادف إلى التصريح بإلغاء احلكم الصادر عن ابتدائية‬
‫سال بتاريخ ‪ 2004/10/12‬في امللف العقاري الصادر عن املدير اجلهوي للتجهيز للرباط‬
‫سال زمور زعير على املطلب عدد ‪ ....‬مع إرجاع امللف إلى السيد احملافظ على األمالك‬
‫العقارية بسال التخاذ املتعني بعد صيرورة احلكم نهائيا‪.‬‬

‫الوقـائـع‬
‫‪ - 1‬بناء على مطلب التحفيظ عدد ‪ .....‬املقدم من طرف اجلماعة احلضرية لسال‬
‫باب املريسة الهادف إلى حتفيظ امللك املعروف باملخيم البلدي اعتمادا على رسم امللكية‬
‫العدلي املؤرخ في ‪ 1997/12/19‬بناء على التعرض املقيد بتاريخ ‪ 2002/10/28‬كناش‬
‫‪ ...‬عدد ‪ ...‬الصادر عن السيد املدير اجلهوي للتجهيز للرباط سال زمور زعير وهو تعرض‬
‫كلي على أساس أن أرض املطلب تشكل جزءا من امللك العمومي البحري الذي مت حتديده‬
‫بواسطة مسطرة إدارية مت في شأنها استصدار مرسوم حتديد مدرج باجلريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 4199‬بتاريخ ‪.1993/4/21‬‬
‫بعد إحالة امللف على احملكمة ومناقشة القضية واستنادا على معطيات امللف مبا في‬
‫ذلك اخلبرة التي أمرت بإجنازها بواسطة اخلبير احمللف عموري بنعاشير أصدرت حكمها‬
‫املطعون فيه واملشار إلى منطوقه ومراجعه أعاله‪.‬‬
‫‪ - 2‬بعد عرض موجز للوقائع الحظت اجلهة املستأنفة أن احملكمة االبتدائية عوض‬
‫استقراء الوثائق والظهائر واملراسيم املدلى بها الكتشاف أن ما ورد في تعرض وزارة التجهيز‬
‫ال محل له من قواعد اإلثبات ومجرد افتراء على أمالك الغير‪ ،‬وأن نشر املرسوم في اجلريدة‬
‫الرسمية ال يعني أي شيء لسبب بسيط وهو عدم بيان احلدود احلقيقية والشريط احلدودي‬
‫للحد البحري علما بأن اخلبير نفسه لم يبني احلدود اخلاصة بامللك العام وأن أمالك مجاورة‬
‫للمحل موضوع النزاع مت حتفيظها مبوافقة وزارة التجهيز هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد‬
‫أدلت بوثائق ومن ضمنها ملكيتها ملوضوع التعرض لسنوات طويلة وهذه الوثائق لم يتم الرد‬
‫عنها مبقبول والتمست في األخير إلغاء احلكم املستأنف والتصدي بعدم صحة التعرض‪.‬‬
‫أجابت املستأنف عليها بأن املستأنفة لم تطعن في احلكم التمهيدي وتبقى نتيجة هذا‬
‫األخير قائمة في امللف‪ .‬وإن رسالتها حول رفع اليد عن عملية التحفيظ بالنسبة للمطلب‬
‫عدد‪ ....‬املجاور لفارض ال عالقة لها بامللف ومبطلب التحفيظ عدد ‪ ....‬وأن تعرضها‬
‫أكدته اخلبرة املنجزة في املرحلة االبتدائية والتمست في األخير التصريح بتأييد احلكم‬
‫املستأنف‪.‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪280‬‬

‫أحيل امللف على النيابة العامة التي أدلت مبذكرتها املؤرخة في ‪ 2005/3/10‬الرامية‬
‫إلى تطبيق القانون‪.‬‬
‫أدرج امللف بجلسة ‪ 2005/9/6‬وفيها تقرر حجزه في املداولة‪.‬‬

‫ف�إن حمكمة اال�ستئناف‬


‫يف ال�شكل‪ :‬حيث قدم مقال االستئناف مستوفيا لكافة الشروط الشكلية املتطلبة‬
‫قانونا ويتعني بذلك التصريح بقبول االستئناف‪.‬‬
‫يف املو�ضوع‪ :‬بناء على مقال االستئناف واألسباب املذكورة فيه ‪.‬‬
‫وبناء على جواب الطرف املستأنف عليه ومالحظاته‪.‬‬
‫حيث أن احلكم التمهيدي القاضي بإجراء خبرة لم يكن محل طعن من قبل اجلهة‬
‫املستأنفة التي بلغ إليها احلكم املستأنف بتاريخ ‪ 2004/12/17‬مما يعني التسليم مبضمون‬
‫اخلبرة املنجزة نتيجة احلكم املشار إليه‪.‬‬
‫وحيث إن مضمون اخلبرة واضح في أن اجلزء من األرض موضوع التعرض يتواجد داخل‬
‫الشريط احلدودي للملك العمومي البحري‪.‬‬
‫وحيث إن أمالك الدولة العامة نظرا لعدم قابليتها للتفويت ولعدم سريان التقادم عليها‬
‫ال ميكن أن تتضرر من جراء التحفيظ‪.‬‬
‫وحيث إن رسالة وزارة التجهيز تتعلق باملطلب عدد‪ .....‬وال عالقة لها باملطلب احلالي‬
‫موضوع املناقشة‪.‬‬
‫وحيث كان على اجلهة املستأنفة سلوك املسطرة القانونية بخصوص املرسوم رقم ‪2.93.26‬‬
‫بتاريخ ‪ 98/3/11‬الذي نشره باجلريدة الرسمية عدد ‪.4199‬‬
‫وحيث إنه واعتبارا ملا ذكر تصرح احملكمة بتأييد احلكم املستأنف مع تبني حيثياته‪.‬‬
‫وحيث إن املصاريف تبقى على عاتق اجلهة املستأنفة‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫إن محكمة االستئناف وهي تقضي علنيا حضوريا انتهائيا تصرح‪:‬‬
‫‪281‬‬ ‫توجهات حماكم اال�ستئناف‬

‫يف ال�شكل‪ :‬بقبول االستئناف‪.‬‬


‫يف املو�ضوع‪ :‬بتأييد احلكم املستأنف وحتميل اجلهة املستأنفة مصاريف استئنافها‪.‬‬
‫بهذا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة أعاله بالقاعة العادية للجلسات مبقر محكمة‬
‫االستئناف بالرباط دون أن تتغير الهيئة احلاكمة أثناء اجللسات‪.‬‬

‫�إم�ضاء‪:‬‬
‫كاتب الضبط‬ ‫ ‬
‫املستشار املقرر‬ ‫ ‬‫الرئيس‬
‫‪283‬‬

‫توجهات حمكمة النق�ض‬


‫املجلـــ�س الأعلى‬
‫الغرفة الإدارية‬
‫قرار عدد ‪106‬‬
‫�صادر بتاريخ ‪ 10‬فرباير ‪2011‬‬
‫الدولة (امللك اخلا�ص)‬
‫�ضد ‪.......‬‬

‫القاعـــدة‬
‫�إن التعوي�ض املحدد من طرف اللجنة الإدارية للتقييم هو جمرد اقرتاح يتوقف نفاذه على‬
‫املوافقة ال�رصيحة عليه من طرف املنزوعة ملكيته‪.‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون ‪:‬‬


‫حيث يستفاد من أوراق امللف ومن فحوى القرار املطعون فيه أنه بتاريخ ‪2009/1/7‬‬
‫تقدمت الطاعنة أمام احملكمة اإلدارية مبراكش مبقال افتتاحي عرضت فيه أنه مبقتضى املرسوم‬
‫رقم ‪ 2-06-758‬وتاريخ ‪ 2006/12/26‬املنشور في اجلريدة الرسمية عدد ‪ 5491‬وتاريخ‬
‫‪ 2007/01/15‬صدر إعالن بأن املنفعة العامة تقضي بتوسيع إعدادية وادي املخازن بابن‬
‫جرير وبنزع ملكية القطع األرضية الالزمة لهذا الغرض‪ ،‬من بينها القطعة األرضية غير‬
‫احملفظة املبينة حتت رقم ‪ 19‬باملرسوم املذكور‪ ،‬البالغة مساحتها ‪ 168‬متر مربع‪ ،‬الواقعة‬
‫بابن جرير‪ ،‬والتي هي في ملك السيد ‪ ....‬ومن معه‪ ،‬وبعد استيفاء اإلجراءات املنصوص‬
‫عليها في قانون نزع امللكية وتقدميها مقاال استعجاليا من أجل اإلذن بحيازة نفس القطعة‬
‫األرضية مقابل التعويض املقترح من طرف اللجنة اإلدارية للتقييم الذي حددته في مبلغ‬
‫‪ 67.200،00‬درهم على أساس ‪ 400,00‬درهم للمتر املربع‪ ،‬التمست احلكم بنقل ملكية‬
‫العقار املذكور لفائدتها مقابل التعويض املقترح‪ ،‬أجاب املنزوعة ملكيته املذكور مبذكرة‬
‫جوابية مع مقال مضاد أشار فيها إلى أن السيد عبد الرحيم حمر الراس والسيدة الكبيرة‬
‫بنت مصدق تنازال له عن حقها لفائدته‪ ،‬وبأن الثمن الذي حددته اللجنة املذكورة ال يتناسب‬
‫وقيمة العقار‪ ،‬ملتمسا إجراء خبرة قضائية لتحديد الثمن احلقيقي للعقار املنزوعة ملكيته‬
‫مع حفظ حقه في التعقيب‪ ،‬وبعد إجناز اخلبرة وتعقيب الطرفني‪ ،‬قضت احملكمة اإلدارية‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪284‬‬

‫بنقل ملكية القطعة األرضية أعاله لفائدة الدولة (امللك اخلاص) من أجل املنفعة العامة‬
‫مقابل تعويض إجمالي قدره‪ 160.000,00 :‬درهم على أساس ألف درهم للمتر املربع‪ ،‬بحكم‬
‫استأنفته نازعة امللكية أمام محكمة االستئناف اإلدارية مبراكش‪ ،‬التي قضت بعد استيفاء‬
‫اإلجراءات أمامها بتأييد احلكم املستأنف مبوجب قرارها املشار إلى مراجعه أعاله‪ ،‬وهو‬
‫القرار املطعون فيه بالنقض‪.‬‬
‫في وسيلتي النقض مجتمعتني لالرتباط ‪:‬‬
‫حيث تعيب الطاعنة القرار املطعون فيه بسوء التعليل املنزل منزلة انعدامه وبخرق‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 20‬من القانون رقم ‪ 81-7‬املتعلق بنزع امللكية‪ ،‬ذلك أن احملكمة عللته‪،‬‬
‫ملا أيدت احلكم املستأنف‪ ،‬استنادا إلى السلطة التقديرية حملكمة الدرجة األولى املبنية على‬
‫التقديرات الواردة باخلبرتني املنجزتني في النازلة‪ ،‬وبذلك اعتمدت العناصر املنصوص عليها‬
‫في الفصل ‪ 20‬أعاله‪ ،‬على اعتبار أن التعويض في نازلة احلال يجب أال يتجاوز قيمة‬
‫العقار يوم آخر إيداع ألحد املقاالت بكتابة ضبط احملكمة اإلدارية‪ ،‬الذي هو ‪،2007/1/7‬‬
‫وعلى أن التعويض احملدد من طرف اللجنة اإلدارية للتقييم مجرد اقتراح لم يوافق عليه‬
‫املنزوعة ملكيته صراحة‪ ،‬بينما هذا تعليل قاصر‪ ،‬إذ لم تنجز إال خبرة واحدة‪ ،‬كما أن‬
‫تاريخ إيداع آخر مقال هو ‪ ،2009/1/7‬فضال عن أن تقرير اخلبرة لم يرفق بنماذج بيوعات‬
‫باملنطقة كعناصر للمقارنة وفق ما أمر به احلكم التمهيدي القاضي بإجراء خبرة‪ ،‬واحملكمة لم‬
‫ترد على دفوع الطاعنة بخصوص العيوب التي شابت تقرير اخلبرة خالل املرحلة االبتدائية‪،‬‬
‫ومع ذلك استبعدت التعويض املقترح الذي ميثل السعر احلقيقي املعمول به باملنطقة‪ ،‬واملدعم‬
‫بأمثلة عن البيوعات التي جرت هناك‪ ،‬لذلك التمست نقض القرار املطعون فيه في شقه‬
‫املتعلق بتحديد التعويض عن نزع امللكية‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬حيث إنه ملا عللت احملكمة قرارها املطعون فيه عند تأييدها للحكم املستأنف‬
‫أمامها‪ ،‬بكون محكمة الدرجة األولى حددت التعويض احملكوم به بناء على سلطتها‬
‫التقديرية املستخلصة من تقرير اخلبرة‪ ،‬الذي أشار فيـــه اخلبير حسن فطاس إلى أن التعويض‬
‫الذي اقترحته في حدود ألف درهم للمتر املربع‪ ،‬توصل إليه بعد البحث والتحريات التي‬
‫قام بهما بعني املكان حول الظروف االقتصادية والعقارية آخذا بعني االعتبار أثمان عقارات‬
‫أخرى مماثلة بنفس املنطقة واملواصفات‪ ،‬باإلضافة إلى استفساره بعض السماسرة واملنعشني‬
‫العقاريني‪ ،‬كما توصل إلى أن األثمنة باملنطقة حسب ما عرفه السوق العقاري بتاريخ‬
‫‪( 2009/1/7‬عوضا عن ‪ 2007/1/7‬الوارد خطأ بالقرار املطعون فيه والذي ال يعدو‬
‫‪285‬‬ ‫توجهات حمكمة النق�ض‬

‫أن يكون مجرد خطأ مادي ليس إال) تتراوح ما بني ‪ 1000‬و‪ 1500‬درهم للمتر املربع كل‬
‫حسب موقعه ومساحته‪ ،‬فهي بذلك لم تخرق مقتضيات الفصل ‪ 20‬احملتج به‪ ،‬فضال عن‬
‫أن التعويض احملدد من طرف اللجنة اإلدارية للتقييم‪ ،‬كما جاء في تعليل احملكمة‪ ،‬هو‬
‫مجرد اقتراح يتوقف نفاذه على املوافقة الصريحة عليه من طرف املنزوعة ملكيته‪ ،‬مما يبقى‬
‫معه القرار املطعون فيه معلال مبا يكفي ولم يخرق املقتضى القانوني املذكور‪ ،‬وما بالوسيلة‬
‫من دون أساس‪.‬‬

‫لـهـذه الأ�سـبـاب‬
‫قضى املجلس األعلى برفض الطلب وحتميل رافعه الصائر‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في اجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة اجللسات‬
‫العادية باملجلس األعلى بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة احلاكمة متركبة من رئيس الغرفة اإلدارية‬
‫السيد أحمد حنني واملستشارين السادة ‪ :‬أحمد دينية‪ ،‬عبد احلميد سبيال‪ ،‬محمد محجوبي‬
‫مقررا‪ ،‬سلوى الفاسي الفهري‪ ،‬ومبحضر احملامي العام السيد سابق الشرقاوي‪ ،‬ومبساعدة‬
‫كاتبة الضبط السيدة نفيسة احلراق‪.‬‬

‫كاتبة الضبط‬ ‫ ‬
‫املستشار املقرر‬ ‫رئيس الغرفة‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪286‬‬

‫املجل�س الأعلى‬
‫قرار عدد ‪ 56‬بجميع الغرف‬
‫�صادر بتاريخ ‪ 26‬يناير ‪2011‬‬
‫يف امللفان الإداريان امل�ضمومان‬
‫عـدد ‪/2498 :‬و‪2003/1/4/2499‬‬
‫وزارة التجهيز والنقل‬
‫�ضـد �رشكة‪.....‬‬

‫القاعـــدة‬
‫�أجل الطعن بالإلغاء هو اجل جاء لتح�صني القرارات الإدارية وا�ستقرار املراكز القانونية‪.‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون ‪.‬‬


‫حيث يؤخذ من أوراق امللف ومحتوى احلكم املستأنف أن شركة ‪ ......‬وهي شركة يوجد‬
‫مقرها االجتماعي باململكة املغربية حسب املقال االفتتاحي للدعوى‪ ،‬تقدمت بقال أمام‬
‫احملكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 10‬يناير ‪ 2002‬عرضت فيه أنه في إطار التغييرات التي‬
‫يشهدها املغرب تأسست هذه الشركة برأسمال حدد قدره في مليوني درهم وذلك في بحر سنة‬
‫‪ 1992‬وقد أبرمت بتاريخ ‪ 28‬يوليوز ‪ 1992‬مع مكتب استغالل املوانئ عقدا مبقتضاه يلتزم‬
‫هذا األخير بان يضع رهن إشارتها قطعة أرضية على سبيل الكراء في إطار عقد احتالل‬
‫مؤقت للملك العام البحري وهو عقد حلقه تعديل مؤرخ في ‪ 1993/7/30‬انصب علـــى‬
‫تعديـــل املساحة األصلية والتنصيص على ان بدايــة األشغال ستتــم بعد شهـــر يوليوز‬
‫‪ 1995‬وأنها حصلت نتيجة ملا سبق على ترخيص بالبناء بتاريخ ‪ 2/7/1994‬كما عمدت‬
‫إلى التعاقد مع مستثمرين أجانب إلنشاء شركات خاضعة للقانون املغربي للمساهمة في‬
‫هذا املشروع بعد موافقة املكتب املتعاقد والوزارة الوصية حسب امللحق رقم ‪ 2‬املؤرخ في‬
‫‪ 1996/5/2‬الذي عدل العقد األصلي لكنها فوجئت بتماطل املكتب في تنفيذ التزاماته‬
‫املتمثلة أساسا في وضع األرض موضوع التعاقد رهن إشارتها بعد إخالئها من أي منشآت‬
‫ووجهت رسالة مؤرخة في ‪ 1996/9/18‬تعبر فيها عن عزمها عن بداية األشغال بتاريخ‬
‫‪ 1996/11/11‬غير أن املكتب عوض إخالء األرض وجه رسالة مؤرخة في ‪ 10‬يناير ‪1997‬‬
‫يطلب منها اطالع إدارة الدفاع الوطني على جدية املشروع قصد اإلذن بإخالء املنشآت‬
‫‪287‬‬ ‫توجهات حمكمة النق�ض‬

‫البحرية امللكية وإبالغ املكتب بذلك وعقد إثر ذلك ثالث اجتماعات مع مسؤولي البحرية‬
‫امللكية مبن فيهم املفتش العام للوصول إلى حل يرضي األطراف رغم أن املدعية ال تربطها‬
‫أي عالقة مبحتلي األرض كما وجه لها رسالة في ‪ 1997/3/10‬يلزمها بضرورة تخصيص‬
‫مساحة لألندية احملتلة ورسالة مؤرخة في ‪ 1997/8/25‬يطلب فيها تسلم العني رغم أنها‬
‫الزالت محتلة فبعثت رسالة للمتعاقد معها بتاريخ ‪ 1999/2/1‬تدعوه لعقد اجتماع‬
‫لتدارس العراقيل التي تقف وراء بداية األشغال ال سيما أنها حصلت على رخصة البناء‬
‫وأدت ما مجموعه ‪ 3.353.100,00‬درهم وان االجتماع انعقد بتاريخ ‪ 1999/5/18‬حيث‬
‫التزم املكتب بإخالء األرض من محتليها إال أنه لم يف مبا التزم به وظل يطالبها بتزويده‬
‫بالوثائق التقنية وتوصلت بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪ 1999‬برسالة يؤكد فيها باعثها املكتب رفضه‬
‫التام حترير محضر تسليم احملالت قبل تنفيذ التزامها وأنه خالل اجتماع انعقد بتاريخ ‪26‬‬
‫مارس ‪ 1999‬صرح ممثل املكتب خالله أن وجود النادي البحري امللكي مبثابة ظرف قاهر‬
‫وقد مت فعال حل املشكل مع النوادي اخلاصة األخرى غير أن املكتب ظل مياطلها في تسليم‬
‫العني إلى أن قرر بصورة انفرادية بتاريخ ‪ 1999/11/22‬فسخ االتفاقية وهو املقرر الذي‬
‫يحمل مصادقة وزير التجهيز وهو املقرر املطلوب إلغاؤه بسبب عدم االختصاص والشطط‬
‫في استعمال السلطة‪.‬‬
‫في استئناف الوكيل القضائي للمملكة ‪:‬‬
‫في السبب الثالث لالستئناف ‪:‬‬
‫حيث يعيب الطرف املستأنف احلكم املستأنف بخرق املادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪90-‬‬
‫‪ 41‬ذلك أن القرار املطعون فيه صدر بتاريخ ‪ 22‬نونبر ‪ 1999‬وبلغت به الشركة بتاريخ‬
‫‪ 99/12/2‬ولم تقدم دعوى اإللغاء إال بتاريخ ‪ 2002/1/10‬بعد أن تظلمت فيه برسالتها‬
‫املؤرخة في ‪ 2002/2/8‬وبذلك يكون اجل الطعن القضائي قد انصرم وآجال الطعون تعتبر‬
‫من النظام العام‪.‬‬
‫في استئناف وزير األشغال العمومية النائب عنه األستاذ العلوي احلافظي‪:‬‬
‫حيث يثير الطاعن دفعا مفاده عدم اختصاص احملكمة اإلدارية للبت في الطلب وهو دفع‬
‫يعتبره من النظام العام فالقرار اإلداري املطعون فيه ال يعتبر قرارا إداريا والنازلة احلالية ال‬
‫تتعلق بعقد إداري الذي يجب أن يكون مرتبطا بتسيير مرفق عام واكبر دليل على ذلك‬
‫أن املدعية بجانب تقدميها لطلب اإللغاء تقدمت بطلب تعويض عن الفسخ أمام احملكمة‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪288‬‬

‫التجارية (ملف جتاري عدد ‪ 07/1038‬أمام محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء)‪.‬‬
‫كما يعيب الطاعن احلكم املستأنف كون الشركة تقدمت بطلب التنازل عن الدعوى وذلك‬
‫في شخص ممثلها السيد ‪ ......‬وأن احملكمة اإلدارية أجرت بحثا للتأكد من الشخص الذي‬
‫ميثل الشركة غير أنه أثناء جلسة البحث حضر السيد ‪ .....‬دون الشخص اآلخر واحملكمة‬
‫اعتبرت األول هو ممثل الشركة دون اعتبار لتاريخ إسناد التوكيل إليه لتمثيل الشركة‪.‬‬
‫هذا من جهة ومن جهة ثانية فانه بصرف النظر عن كون ظهير ‪ 30‬نونبر ‪ 1918‬يخول‬
‫وزير التجهيز حق إلغاء رخصة االحتالل دون إشعار مسبق في حالة عدم احترام االلتزامات‬
‫امللقاة على عاتق املرخص له فان املستأنف يدلي مبا يؤكد إقرار املدعية بإخطارها وإعطائها‬
‫األجل املنصوص عليه في الفصل السادس من الظهير بعد حثها على إمتام اإلجراءات‬
‫املطلوبة حيث توصلت باإلنذار بتاريخ ‪ 4‬مارس ‪ 1999‬وأمهلت اجل ‪ 90‬يوما للقيام مبا‬
‫يفرضه على االتفاق‪.‬‬
‫وبعد املداولة طبقا للقانون‪.‬‬
‫بناء على املادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪ 41-90‬احملدثة مبوجبه محاكم إدارية‪ .‬حيث يجب‬
‫أن تقدم طلبات إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات اإلدارية بسبب جتاوز السلطة داخل‬
‫أجل ستني يوما يبتدئ من نشر أو تبليغ القرار املطلوب إلغاؤه إلى املعني باألمر‪.‬‬
‫حيث يؤخذ من وثائق امللف ومستنداته أن الطرف املستأنف عليه شركة ‪ .....‬بلغت‬
‫باملقرر املطلوب إلغاؤه بسبب الشطط في استعمال السلطة والقاضي بفسخ اتفاقية االحتالل‬
‫املؤقت للملك العام البحري وملحقيه األول والثاني بتاريخ ‪ 2‬دجنبر ‪ 1999‬كما هو واضح‬
‫من خالل وضع خامتها عليه‪.‬‬
‫وأنها أجابت عنه بكتابها املؤرخ في ‪ 2000/2/8‬واحلامل لطابع مكتب استغالل‬
‫املوانئ بتاريخ ‪ 17‬من نفس الشهر والسنة‪ ،‬في حني أنها لم تلجأ إلى الطعن باإللغاء إال‬
‫بتاريخ ‪ 10‬يناير ‪.2002‬‬
‫وحيث إنه بصرف النظر عن كون الكتاب املشار إليه الصادر عن املستأنف عليها ورد‬
‫خارج أجل الستني يوما سواء مت احتساب تاريخ حتريره أو احتساب تاريخ التوصل به من‬
‫طرف املكتب وبصرف النظر عن ذلك فان انتظار املستأنف عليها لتقدمي دعوى اإللغاء‬
‫إلى تاريخ ‪ 10‬يناير ‪ 2002‬يجعل هذه الدعوى خارقة ألجل الطعن باإللغاء احملدد مبقتضى‬
‫املقتضيات املشار إليها في ستني يوما وهو اجل جاء لتحصني القرارات اإلدارية واستقرار‬
‫املراكز القانونية‪.‬‬
‫‪289‬‬ ‫توجهات حمكمة النق�ض‬

‫وحيث إن تذرع املستأنف عليها بوجود مفاوضات على فرض وقوعها مع اجلهة مصدرة‬
‫القرار ال يستقيم مع وثائق امللف ومستنداته التي تؤكد على أن اإلدارة أسندت نفس املشروع‬
‫لشريك الطرف املستأنف عليه مما يهدم مقتضــــى االتفــــاق املـــؤرخ في ‪ 18‬أكتوبـــر ‪2001‬‬
‫املوجود ضمن وثائق امللف قرينة املفاوضات واستمرارها من أساسها وتكون بذلك اإلدارة بهذا‬
‫التاريخ األخير قد أغلقت كل باب للتحاور واملفاوضة‪.‬‬
‫وحيث يستنتج من ذلك أن احلكم املستأنف ملا قبل دعوى اإللغاء يكون غير مرتكز‬
‫على أساس‪.‬‬
‫وحيث إن القضية جاهزة للبت فيها على حالتها‪.‬‬

‫لـهـذه الأ�سـبـاب‬
‫قضى املجلس األعلى بضم امللف ‪ 03/2499‬إلى امللف ‪ 03/2498‬وبقبول االستئنافني‬
‫شكال وموضوعا بإلغاء احلكم املستأنف وتصديا بعدم قبول الطلب ‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في اجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة اجللسات‬
‫العادية باملجلس األعلى بالرباط بجميع غرفه‪ ،‬وكانت الهيئة احلاكمة متركبة من رئيس‬
‫الغرفة اإلدارية السيد‪ )1 :‬أحمد حنني رئيسا للجلسة‪ )2 ،‬محمد العالمي رئيس الغرفة‬
‫املدنية‪ )3 ،‬إبراهيم بحماني رئيس غرفة األحوال الشخصية وامليراث‪ )4 ،‬الباتول الناصري‬
‫رئيسة الغرفة التجارية‪ )5 ،‬يوسف اإلدريسي رئيس الغرفة االجتماعية‪ )6 ،‬الطيب أجنار‬
‫رئيس الغرفة اجلنائية‪ ،‬واملستشارين السادة‪ :‬أحمد دينية مقررا‪ ،‬محمد منقار بنيس‪ ،‬حسن‬
‫مرشان‪ ،‬عبد احلميد سبيال‪ ،‬أحمد العلوي اليوسفي‪ ،‬إبراهيم بوحليان‪ ،‬املساعدي احلنفي‪،‬‬
‫محمد العميري‪ ،‬الناظفي اليوسفي‪ ،‬أحمد احلضري‪ ،‬عبد الكبير فريد‪ ،‬محمد الترابي‪،‬‬
‫حسن منصف‪ ،‬محمد عصبة‪ ،‬عب>د الرحمان املصباحي‪ ،‬فاطمة بنسي‪ ،‬نزهة جعكيك‪،‬‬
‫سعيد شوكيب‪ ،‬محمد محجوبي‪ ،‬مليكة بنزاهير‪ ،‬زهرة الطاهري‪ ،‬محمد سعد جرندي‪ ،‬عبد‬
‫اللطيف الغازي‪ ،‬سعيدة بومزراك‪ ،‬جميلة الزعري‪ ،‬عبد السالم بوكرع‪ ،‬عبد السالم البري‪،‬‬
‫عبد الرزاق صالح‪ ،‬عبد الله زيادي‪ ،‬ومبحضر ممثلي النيابة العامة‪ :‬فاطمة احلالق – احملامية‬
‫العامة األولى‪ ،‬ومبساعدة كاتب الضبط السيد بناصر معزوز‪.‬‬

‫كاتب الضبط‬ ‫املستشار املقرر‬ ‫رئيس الغرفة‬


‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪290‬‬

‫املجل�س الأعلى‬
‫الغرفة الإدارية‬
‫‪29‬‬ ‫قــرار عـدد‬
‫�صادر بتاريخ ‪ 13‬يناير ‪2011‬‬
‫يف امللف عدد ‪2010-4-1-1463 :‬‬
‫املكتب الوطني للمطارات‬
‫�ضد‬
‫�رشكة‪ ............‬ومن معها‬

‫القاعـــدة‬
‫ب�رصف النظر عن ال�رشوط غري امل�ألوفة يف العقود اخلا�صة التي تهيمن على العقد ف�إنه ال جدال‬
‫�أن االحتالل امل�ؤقت للملك العام هو عقد �إداري بطبيعته‪.‬‬
‫اخت�صا�ص املحكمة الإدارية يف النزاع النا�شئ عن مثل هذا العقد ‪ ....‬نعم‪.‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون ‪:‬‬


‫في االختصاص النوعي ‪:‬‬
‫حيث مبقال مرفوع بتاريخ ‪ 2009/9/14‬أمام احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء‪ ،‬طلبت‬
‫شركة بريفار في شخص ممثلها القانوني احلكم بتحميل املكتب الوطني للمطارات ومن‬
‫معه مسؤولية األضرار الالحقة بها بعد إغالق مطار أنفا في ‪ 2005/12/5‬وإنهاء رخصة‬
‫االحتالل املؤقت للملك العمومي والتأخر املبالغ فيه في إيجاد مكان بديل مبطار دولي‬
‫واحلكم على املدعى عليه بأداء تعويض مسبق قدره ‪ 10.000,00‬درهم‪ ،‬مع األمر متهيديا‬
‫بإجراء خبرة حسابية لتقومي األضرار النهائية الالحقة بها‪.‬أجاب املكتب املدعى عليه بالدفع‬
‫بعدم االختصاص النوعي استنادا إلى أن العقد رقم ‪ CA.1-95‬املؤرخ في ‪1995/1/24‬‬
‫ليس عقدا إداريا ألنه ال يتضمن شروطا غير مألوفة وإمنا التزامات متبادلة بني الطرفني‪،‬‬
‫وبعد املناقشة‪ ،‬قضت احملكمة اإلدارية برد الدفع والتصريح باختصاصها نوعيا للبت في‬
‫الطلب‪ ،‬وهو احلكم املستأنف من طرف املكتب املدعى عليه‪.‬‬
‫‪291‬‬ ‫توجهات حمكمة النق�ض‬

‫يف �أ�سباب اال�ستئناف ‪:‬‬


‫حيث تتمسك املستأنفة بأنه وإن كان العقد موضوع النزاع يتضمن شروطا غير مألوفة‪،‬‬
‫فإن هذا ال يكفي العتباره عقدا إداريا‪ ،‬وإمنا يلزم أن يتوفر شرط ثالث وهو أن يتعلق‬
‫بتسيير مرفق عام‪ ،‬وأن املكتب الوطني للمطارات كمؤسسة ذات نشاط اقتصادي‪ ،‬وجتاري‬
‫يتعامل كأحد أطراف القانون اخلاص‪ ،‬والقول بغير ذلك من شأنه اإلضرار مببدأ املساواة في‬
‫امليدان التجاري‪ ،‬مما تكون معه الدعوى من اختصاص القضاء العادي‪.‬‬
‫لكن حيث إنه بصرف النظر عن الشروط غير املألوفة في العقود اخلاصة التي تهيمن‬
‫على العقد رقم ‪ CA.1-95‬فإنه ال جدال أنه يتعلق باالحتالل املؤقت للملك العام وهو عقد‬
‫إداري بطبيعته‪ ،‬فيكون النزاع الناشئ عن تنفيذه من اختصاص احملكمة اإلدارية‪.‬‬

‫لـهـذه الأ�سـبـاب‬
‫قضى املجلس األعلى بتأييد احلكم املستأنف وإرجاع امللف إلى احملكمة التي أصدرته‬
‫ملواصلة النظر فيه‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في اجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة اجللسات‬
‫العادية باملجلس األعلى بالرباط ‪ ،‬وكانت الهيئة احلاكمة متركبة من رئيس الغرفة اإلدارية‬
‫السيد أحمد حنني واملستشارين السادة ‪ :‬حسن مرشان مقررا‪ ،‬أحمد دينية‪ ،‬محمد منقار‬
‫بنيس‪ ،‬عبد احلميد سبيال ومبحضر احملامي العام السيد سابق الشرقاوي ‪ ،‬ومبساعدة كاتبة‬
‫الضبط السيدة نفيسة احلراق‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫ ‬‫املستشار املقرر‬ ‫رئيس الغرفة‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪292‬‬

‫املجل�س الأعلى‬
‫الغرفة الإدارية (الق�سم الأول)‬
‫قرار عدد ‪130‬‬
‫�صادر بتاريخ ‪ 24‬يناير‪2009‬‬
‫يف امللف عدد ‪2008/4/1/1026‬‬
‫الدولة ومن معها‬
‫�ضد‬
‫�رشكة …… ومن معها‬

‫القاعـــدة‬
‫الدعوى املتعلقة ب�إتاوات نا�شئة عن عقود �إدارية مربمة يف �إطار القوانني املنظمة لالحتالل‬
‫امل�ؤقت للملك العمومي‪ .....‬اخت�صا�ص النظر فيها �إىل املحاكم الإدارية ‪ ....‬نعم‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬


‫في االختصاص النوعي ‪:‬‬
‫حيث يستفاد من وثائق امللف أن املدعني وكالة احلوض املائي لسوس ماسة ومن معها‬
‫تقدموا بتاريخ ‪ 2006/5/10‬مبقال أمام احملكمة االبتدائية بإنزكان فتح له امللف عدد‬
‫‪ 2006/219‬التمسوا من خالله احلكم على املدعى عليها شركة مقاولة عاللي بأداء‬
‫ما بذمتها من إتاوات مقابل االحتالل املؤقت للملك العام املائي وقدره ‪ 273545‬درهم‬
‫عن سنتي ‪ 2003‬و‪ 2004‬ومبلغ ‪ 155000‬درهم مقابل استخراج مواد البناء عن سنتـــي‬
‫‪ 2003‬و‪ 2004‬مع تعويض عن التماطل مببلغ ‪ 20000‬درهم أجاب املدعى عليه بالدفع‬
‫بعدم االختصاص النوعي لفائدة احملكمة إالدارية بأكادير وبتاريخ ‪ 2007/3/27‬أصدرت‬
‫احملكمة االبتدائية حكما يقضي بعدم اختصاصها النوعي وبإحالة القضية على احملكمة‬
‫اإلدارية بأكادير فاستأنفته وكالة احلوض املائي لسوس ماسة ومن معها وبعد املناقشة‬
‫قضت محكمة االستئناف بأكادير بعدم اختصاصها للنظر في االستئناف املرفوع من طرف‬
‫الطاعنني وإحالة امللف على املجلس األعلى للبت فيه وفقا للقانون ‪.‬‬
‫وحيث من جهة فإن شأن اختصاص الغرفة اإلدارية باملجلس األعلى بالبت في استئناف‬
‫األحكام الصادرة في موضوع االختصاص النوع محكمة االستئناف بأكادير أثارت تلقائيا‬
‫عدم اختصاصها للبت في النزاع تطبيقا ألحكام املادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 41-90‬بي ‪.‬‬
‫‪293‬‬ ‫توجهات حمكمة النق�ض‬

‫ومن جهة أخرى فإن احملكمة االبتدائية ملا عللت قضاءها بان الدعوى متعلقة بإتاوات‬
‫ناشئة عن عقود إدارية مبرمة في إطار القوانني املنظمة لالحتالل املؤقت للملك العمومي‬
‫وعائد اختصاص النظر فيها إلى احملاكم اإلدارية تطبيقا للمادة ‪ 8‬من القانون احملدث لهذه‬
‫احملاكم يكون حكمها في محله وواجب التأييد ‪.‬‬

‫لـهـذه الأ�سـبـاب‬
‫قضى املجلس األعلى بتأييد احلكم املستأنف وإحالة امللف على احملكمة اإلدارية بأكادير‬
‫لتبت فيه طبقا للقانون ‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في اجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة اجللسات‬
‫العادية باملجلس األعلى بالرباط ‪ ،‬وكانت الهيئة احلاكمة متركبة من رئيس الغرفة اإلدارية‬
‫(القسم األول) السيد أحمد حنني واملستشارين السادة ‪ :‬إبراهيم زعيم– أحمد دينية ‪-‬‬
‫محمد صقلي حسيني مقررا وعبد احلميد سبيال ومبحضر احملامي العام السيد أحمد املوساوي‬
‫ومبساعدة كاتبة الضبط السيدة حبيبة لبصير‪.‬‬

‫كاتبة الضبط‬ ‫ ‬
‫املستشار املقرر‬ ‫رئيس الغرفة‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪294‬‬

‫املجل�س الأعلى‬
‫الغرفة املدنية ( الق�سم الأول)‬
‫القرار عدد ‪2413‬‬
‫ال�صادر بتاريخ‪ 25 :‬ماي ‪2010‬‬
‫يف امللف عدد ‪2008/1/1/4371 :‬‬
‫‪..........................‬‬
‫�ضــد‬
‫الدولة (امللك اخلا�ص )‬

‫القاعـــدة‬
‫‪ -‬امللكية املدىل بها من طرف طالب التحفيظ املحررة يف ‪ 1975/04/28‬و�إن كانت م�ستوفية‬
‫جلميع �رشوط امللك ف�إنه ال ميكنها �أن حتظى بالقوة الثبوتية التي كان يت�سم بها الر�سم اخلليفي‬
‫مثل �صدور ظهري ‪ 67/10/27‬املعدل بظهري ‪ 77/09/11‬والذي كان من �أثره القانوين �إ�ضفاء‬
‫ال�صفة القانونية على حيازة الأمالك املخزنية املذكورة للعقار مو�ضوع النزاع‪.‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬


‫حيث يستفاد من مستندات امللف‪ ،‬أنه مبقتضى مطلب حتفيظ قيد باحملافظة العقارية‬
‫بطنجة بتاريخ ‪ 1975/12/08‬حتت رقم ‪/10674‬ط طلب ‪ ................‬حتفيظ امللك‬
‫املسمى «‪ ».......‬وهو عبارة عن أرض عارية الواقع مبدينة العرائس باحملل املدعو حي‬
‫‪ .................‬احملددة مساحته في ‪ ...‬آرا و ‪ ........‬بصفته مالكا له حسب‬
‫موجب حيازة عدد ‪ 61‬املؤرخ في ‪ 1972/09/26‬ورسم امللكية عدد ‪ 176‬احملرر بتاريخ‬
‫‪ .1975/04/28‬فسجلت على هذا املطلب ثالثة تعرضات منها التعرض املسجل بتاريخ‬
‫‪« 1980/07/26‬كناش ‪ 1‬عدد ‪ »755‬الصادر عن الدولة امللك اخلاص مطالبة بكافة امللك‬
‫والذي أوضح احملافظ بشأنه أنه يوجد في حالة تعرض كلي ومتبادل مع امللك املدعو م م الع‬
‫‪ 213‬ذي املطلب عدد ‪/1301‬ط‪ .‬وأن التعرض املذكور أدرج حتت جميع التحفظات إلى أن‬
‫تتم عملية حتديد امللك موضوع هذا املطلب األخير‪.‬‬
‫وبعد إحالة ملف املطلب عدد ‪ /10674‬ط على احملكمة االبتدائية بالعرائش أدلت‬
‫الدولة امللك اخلاص مبذكرة جواب في جلسة ‪ 1996/10/29‬أوضحت فيها أنها متلك‬
‫‪295‬‬ ‫توجهات حمكمة النق�ض‬

‫املدعى فيه مبوجب الرسم اخلليفي عدد ‪ 2495‬ص ‪ 22‬كناش ‪ 45‬املؤرخ في ‪1954/09/30‬‬
‫واملؤسس على رسم االستمرار املسجل بدفتر األصول ‪ 207‬ص ‪ 194‬عدد ‪ 183‬بتاريخ‬
‫‪ .1954/05/30‬وأنها تقدمت مبطلب لتحفيظ العقار املذكور سجل حتت عدد ‪/1301‬ط‪.‬‬
‫وفي جلسة ‪ 1997/04/29‬أدلت بالرسمني املشار إليهما‪ .‬وبعد إجراء احملكمة خبرة بواسطة‬
‫اخلبير محمد األزمي املناري أصدرت بتاريخ ‪ 1999/11/30‬حكمها عدد ‪ 612‬في امللف‬
‫رقم ‪ 3/96/39‬بعدم صحة تعرض الدولة امللك اخلاص استأنفته هذه األخيرة وقضت محكمة‬
‫االستئناف املذكورة بإلغائه وبعد التصدي حكمت بصحة التعرض املشار إليه مبقتضى قرارها‬
‫املطعون فيه بالنقض من طالب التحفيظ أعاله بوسيلتني‪.‬‬
‫حيث يعيب الطاعن القرار في الفرع األول من الوسيلة األولى املتفرعة إلى ثالثة فروع‬
‫بالتناقض في التعليل‪ ،‬ذلك أنه علل بأن رسم حيازة الطاعن احملرر في ‪ 1972/10/04‬ال‬
‫يتضمن شروط احليازة بكاملها النتفاء شرط النسبة مما يجعلها ناقصة عن درجة االعتبار‪،‬‬
‫وأن امللكية املدلى به من طرفه احملررة في ‪ 1975/04/28‬وإن كانت مستوفية جلميع شروط‬
‫امللك فإنه ال ميكنها أن حتظى بالقوة الثبوتية التي كان يتسم بها الرسم اخلليفي‪ ،‬إال أن هتني‬
‫احليثيتني تتناقض في التعليل‪.‬‬
‫ويعيبه في الفرع الثاني من الوسيلة بنقصان التعليل املوازي النعدامه ذلك أن قضاء‬
‫التوثيق ال يعرف ما يسمى « الشهادة العلمية» وأن القرار املطعون فيه ال يستند إلى سند‬
‫قانوني أو فقهي فيما وصفه» مبا يعد شهادة علمية‪.‬‬
‫ويعيبه في الفرع الثالث من الوسيلة مبخالفة قاعدة ترجيح احلجج‪ ،‬ذلك أنه في حالة‬
‫تعارض حجتني فإن املثبتة للملك مع تضمنها لسبب التملك‪ ،‬مرحجة على احلجة التي تثبت‬
‫امللك دون سبب التملك‪ ،‬وأن الرسم الذي استدل به الطاعن يثبت متلكه للعقار محل النزاع‬
‫منذ ‪ 30‬أبريل ‪ 1945‬ووجه مدخله في ذلك وسبب متلكه املشار إليه في رسم التملك باحليازة‬
‫منذ عام ‪ 1922‬حسب رسم احليازة املشار إليه‪ ،‬وأن املطلوبة وإن أدلت بالرسم اخلليفي املؤرخ‬
‫في ‪ 1954/09/30‬املؤسس على رسم احليازة املؤرخ في ‪ 1954/05/30‬فإن سند متلكها ال‬
‫يشير إلى سبب متلكها مما يتعني معه ترجيح احلجة املتثبة للملك مع تضمنها سبب التملك‬
‫على احلجة التي تثبت التملك دون سبب عمال بقول املتحف وقدم التاريخ ترجيح قبل المع‬
‫يد والعكس عن بعض نقض‪.‬‬
‫ويعيبه في الوسيلة الثانية بخرق القانون ذلك أنه جاء فيه أن من األثر القانوني لظهير‬
‫‪ 1967/10/24‬املعدل بظهير ‪ 1977/09/11‬إضفاء الصفة القانونية على حيازة األمالك‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪296‬‬

‫املخزنية للعقار موضوع النزاع إال أنه طبقا للفصل ‪ 7‬من نفس الظهير فإن الرسم اخلليفي‬
‫املستدل به من طرف املطلوبة يبقى مجرد تأسيس حلق امللكية وأنه طبقا للفصل ‪ 6‬من نفس‬
‫القانون املذكور فإن مساطر التحفيظ املتعلقة بالصكوك العقارية املسلمة من طرف املكلفني‬
‫بالتسجيل والتي ال تتوفر فيها الشروط املشار إليها في نفس الفصل ميكن أن تكون محل‬
‫منازعة من طرف أي شخص يعنيه األمر سواء فيما يتعلق باحلدود أو بحق امللكية‪ ،‬وأن‬
‫ما ذهب إليه القرار املطعون فيه من أن الظهير السالف الذكر يضفي الصفة القانونية على‬
‫حيازة األمالك املخزنية للعقار محل النزاع يشكل خرقا للقانون‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬ردا على الوسيلتني معا لتداخلهما‪ ،‬فإن الشهادة العلمية هي الصادرة من عدل‬
‫منتصب لإلشهاد مبا في علمه عوضا عن شهادة اللفيف‪ ،‬وأنه في جميع األحوال فإن امللك‬
‫إذا ثبت للدولة فإن حيازة الغير ال تنفعه جتاهها ولو طالت‪ ،‬وإنه يتجلى من مستندات‬
‫امللف أن املطلوبة‪ -‬الدولة‪ -‬تستند في تعرضها إلى الرسم اخلليفي عدد ‪ 2495‬املؤسس بدوره‬
‫على رسم االستمرار عدد ‪ 183‬وتاريخ ‪ ،1954/05/30‬ولذلك وملا للمحكمة من سلطة‬
‫في تقييم األدلة واستخالص نتائجها منها فإنها حني عللت قرارها بأن «امللكية املدلى بها‬
‫من طرف طالب التحفيظ احملررة في ‪ 1975/04/28‬وإن كانت مستوفية جلميع شروط‬
‫امللك فإنه ال ميكنها أن حتظى بالقوة الثبوتية التي كان يتسم بها الرسم اخلليفي مثل صدور‬
‫ظهير ‪ 67/10/24‬املعدل بظهير ‪ 77/09/11‬والذي كان من أثره القانوني إضفاء الصفة‬
‫القانونية على حيازة األمالك املخزنية املذكورة للعقار موضوع النزاع والذي يعارض ما جاء‬
‫بامللكية املذكورة التي تشهد لصاحبها بامللك واحلوز ملدة تعود لثالثني سنة من تاريخ حتريرها‬
‫لفترة كانت فيها املتعرضة باسطة يدها على العقار املتنازع حوله مبوجب الرسم اخلليفي‪،‬‬
‫وأنه إذا كان الظهير املذكور جرد رسوم الشمال العقارية من الصفة النهائية التي تكتسبها‬
‫الرسوم املنجزة في إطار ظهير ‪ 1913/08/12‬فإنه لم يستبعدها باملرة كوسيلة من وسائل‬
‫اإلثبات وأنه ميكن للمحكمة أن تأخذ بها باعتبارها رسوما عادية كسائر الوثائق املنتجة‬
‫في الدعوى فإنه نتيجة ملا ذكر كله يكون القرار معلال تعليال كافيا وغير مخالف للقاعدة‬
‫والقانون احملتج بهما‪ .‬وباقي تعليالته املنتقدة تبقى تعليالت زائدة يستقيم القضاء بدونها‬
‫والوسيلتان معا غير جديرتني باالعتبار‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫قضى املجلس األعلى برفض الطلب وبتحميل رافعه الصائر‬
‫وبه صدر القرار وتلي باجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة اجللسات‬
‫‪297‬‬ ‫توجهات حمكمة النق�ض‬

‫العادية باملجلس األعلى بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة احلاكمة متركبة من السادة‪ :‬محمد العالمي‬
‫رئيس الغرفة‪ -‬رئيسا واملستشارين ‪ :‬علي الهاللي‪ -‬عضوا مقررا‪ .‬والعربي العلوي اليوسفي‪،‬‬
‫ومحمد بلعياشي‪ ،‬ومحمد دغبر‪ -‬أعضاء ومبحضر احملامي العام السيد ولينا الشيخ ماء‬
‫العينني‪ ،‬ومبساعدة كاتبة الضبط السيدة نزهة عبد املطلب‪.‬‬

‫كاتب الضبط‬ ‫املستشار املقرر‬ ‫الرئيس‬


‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪298‬‬

‫املجل�س الأعلى‬
‫الغرفة املدنية ( الق�سم الثالث)‬
‫القرار عدد ‪3379‬‬
‫ال�صادر بتاريخ‪ 24 :‬غ�شت ‪2010‬‬
‫يف امللف عدد ‪2009/1/3/1787 :‬‬
‫الدولة املغربية ومن معها‬
‫�ضــد‬
‫‪.........................‬‬

‫القاعـــدة‬
‫‪ -‬قا�ضي امل�ستعجالت �إن كان دوره يقت�رص على البت يف الإجراءات الوقتية وال مت�س مبا ميكن‬
‫�أن يق�ضي به يف اجلوهر» ف�إنه لي�س ممنوعا من الفح�ص العر�ضي للحجج وتلم�س ظاهرها‬
‫ملعرفة �أي الفريقني �أجدر باحلماية‪.‬‬
‫مل يكن ق�ضاء الإ�ستعجايل يف حاجة �إىل اخلو�ض يف م�س�ألة قابلية امل�سكن للتفويت من عدم ما‬
‫دام قد �أ�سند �إىل املطلوب منا�سبة وظيفته التي انقطع عنها باملغادرة الطوعية‪.‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬


‫في شأن الوسيلة الوحيدة‬
‫حيث يؤخذ من محتويات امللف والقرار املطعون فيه الصادر عن محكمة االستئناف‬
‫باجلديدة حتت عدد ‪ 255‬وتاريخ ‪ 2008/05/14‬في امللف املدني ‪ 08/9/10‬أن‬
‫الدولة املغربية في شخص الوزير األول ومعها وزارة التربية الوطنية ادعت في مواجهة‬
‫‪ ،...................‬أن املدعى عليه كان يعمل لديها كأستاذ التعليم االبتدائي‬
‫واستفاد من املغادرة الطوعية‪ ،‬وأنها كانت مكنته من السكن اإلداري الكائن بعمارة وزارة‬
‫التربية الوطنية بشارع ‪ ............‬باجلديدة‪ ،‬وأن السكن وظيفي حتكمه مقتضيات‬
‫القرار الوزيري املؤرخ في ‪ 1951/9/19‬خاصة الفصل ‪ 13‬منه‪ .‬وأنه قد منح للمدعى عليه‬
‫مبقتضى وظيفته‪ ،‬وأنه بقي محتال له رغم استفادته من املغادرة الطوعية‪ ،‬وأن حاجة اإلدارة‬
‫إلى إسكان موظف آخر يوفر في القضية طابع االستعجال طالبة احلكم بطرد املدعى عليه‬
‫هو ومن يقوم مقامه أو بإذنه من احملل املشار إليه‪ ،‬وبعد جواب املدعى عليه الرامي إلى‬
‫‪299‬‬ ‫توجهات حمكمة النق�ض‬

‫التصريح بعدم االختصاص لكون الطلب له طابع جدي وليست له صبغة وقتية واستعجالية‬
‫وأن احملل يدخل ضمن املساكن القابلة للتفويت أصدر رئيس احملكمة بصفته قاضيا‬
‫للمستعجالت أمرا بعدم االختصاص‪ ،‬فاستأنفته الدولة املغربية مثيرة نفس األسباب املثارة‬
‫ابتدائيا‪ ،‬وبعد جواب املستأنف عليه وانتهاء الردود قضت محكمة االستئناف بتأييد األمر‬
‫االبتدائي بقرارها املطعون فيه‪.‬‬
‫حيث تعيب الطاعنة على القرار فساد التعليل‪ ،‬ذلك أنه ذهب إلى أن السكن املشغول‬
‫من طرف املطلوب منضوي حتت لواء املساكن اإلدارية القابلة للتفويت‪ ،‬وأن اخلوض في‬
‫مسألة قابلية التفويت من عدم تغير مركز األطراف واملس بأصل احلق وهو يحظر على قاضي‬
‫املستعجالت إثباته‪ ،‬مع أن الثابت من أوراق امللف أن املطلوب تسلم السكن من وزارة‬
‫التربية الوطنية بصفته موظفا تابعا لها ويبقى احملل مخصصا إلسكان املوظفني التابعني‬
‫لها‪ ،‬وطاملا أن احملكمة ثبت لها أن املطلوب قد استفاد من املغادرة الطوعية فإن حقه في‬
‫شغل السكن قد انتهى الشيء الذي لم تبرزه احملكمة ولم جتب عليه‪ ،‬وملا أيدت األمر‬
‫االبتدائي القاضي بعدم االختصاص ملساس املوضوع بأصل احلق مع أن قضاء االستعجال‬
‫ليس ممنوعا من فحص وتلمس ظاهر املستندات ولم يدل املطلوب بالدليل اجلدي الذي يبرر‬
‫استمراره في شغل احملل املسند إليه مبناسبة وظيفته وأن حاجة اإلدارة امللحة إلى إسكان‬
‫غيره من املوظفني يوفر في النازلة حالة االستعجال‪ .‬وأن تصنيف احملل ضمن الئحة‬
‫العقارات القابلة للتفويت ال يعطي للمطلوب احلق في االستمرار في االحتالل على اعتبار‬
‫أن مسألة البيع تخضع للتراضي وحترير عقد التفويت‪ ،‬وأن سلوك الطاعنة ملسطرة اإلفراغ‬
‫يعد رفضا صريحا لطلب اإلفراغ مما يجعل القرار غير مرتكز على أساس ويتعني نقضه‪.‬‬
‫حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار ذلك أن الفصل ‪ 13‬من قرار ‪ 19‬شتنبر ‪1951‬‬
‫يقضي‪ »:‬بأن املوظفني املسجلني وجوبا أو بحكم القانون أو بصفة فعلية في أمالك الدولة‬
‫والبلديات أو املكتراة لفائدة مصلحة عمومية يفقدون في حالة االنقطاع عن العمل ألي‬
‫سبب من األسباب كل حق في السكن ويجب عليهم إفراغ األماكن في ظرف شهرين»‪،‬‬
‫وأن قاضي املستعجالت وإن كان دوره يقتصر على البت في اإلجراءات الوقتية وال متس‬
‫مبا ميكن أن يقضي به في اجلوهر» فإنه ليس ممنوعا من الفحص العرضي للحجج وتلمس‬
‫ظاهرها ملعرفة أي الفريقني أجدر باحلماية‪ ،‬وملا كان الثابت من مستندات الدعوى املعروضة‬
‫على قضاة االستعجال أن الطاعنة أدلت أمامهم ببطاقة االعتمار رقم املغادرة الطوعية‬
‫الذي أصبح ساري املفعول ابتداء من ‪ 2005/10/31‬وإنذار بإفراغ السكن مؤرخ في ‪20‬‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪300‬‬

‫مارس ‪ ،2006‬فإن احملكمة ملا عللت قرارها بأنه يستشف من وثائق امللف وخاصة الئحة‬
‫املساكن اإلدارية القابلة للتفويت أن السكن املشغول من لدن املستأنف عليه منضوي حتت‬
‫لواء املساكن املذكورة‪ ،‬وأن من شأن اخلوض في مسألة قابليته للتفويت من عدمه تغيير‬
‫مركز األطراف واملس بأصل احلق وهو ما يحظر على قاضي املستعجالت» مع أن فحص‬
‫املستندات املذكورة وتلمس ظاهرها ال ميس باملوضوع‪ ،‬وأن انقطاع املطلوب عن العمل‬
‫وحاجة اإلدارة امللحة إلى إسكان موظفني جدد يوفر في النازلة حالة االستعجال‪ ،‬وأن قضاء‬
‫االستعجال في إطار تطبيق الفصل ‪ 13‬أعاله لم يكن في حاجة إلى اخلوض في مسألة‬
‫قابلية احملل للتفويت من عدمه‪ ،‬ما دام السكن قد أسند إلى املطلوب مبناسبة وظيفته التي‬
‫انقطع عنها باملغادرة الطوعية‪ ،‬فإنها عللت قرارها مبا أشير إليه تعليال فاسدا وعرضته‬
‫للنقض‪.‬‬
‫وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفني يقتضيان إحالة القضية على نفس‬
‫احملكمة‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫قضى املجلس األعلى بنقض القرار املطعون فيه وإحالة القضية على نفس احملكمة لتبت‬
‫فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون وحتميل املطلوب املصاريف‪.‬‬
‫كما قرر إثبات قراره هذا في سجالت احملكمة التي أصدرته أثر القرار املطعون فيه‬
‫أو بطرته‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي باجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة اجللسات‬
‫العادية باملجلس األعلى بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة احلاكمة متركبة من السيد أحمد اليوسفي‬
‫العلوي رئيس الغرفة واملستشارين السادة‪ :‬احلنفي املساعدي مقررا محمد بن يعيش‪ ،‬سمية‬
‫يعقوبي خبيزة ومحمد تيوك وبحضور احملامية العامة السيدة آسية ولعلو ومبساعدة كاتب‬
‫الضبط السيد عبد احلق بنبريك‪.‬‬

‫كاتب الضبط‬ ‫املستشار املقرر‬ ‫الرئيس‬


‫‪301‬‬ ‫توجهات حمكمة النق�ض‬

‫املجل�س الأعلى‬
‫الغرفة املدنية ( الق�سم الثالث)‬
‫القرار عدد ‪32‬‬
‫ال�صادر بتاريخ ‪ 04‬يناير ‪2011‬‬
‫يف امللف عدد ‪2009-1-1-3897‬‬
‫‪..........................‬‬
‫�ضــد‬
‫الدولة (امللك اخلا�ص )‬

‫القاعـــدة‬
‫‪ -‬ال يوجد بالف�صل الثاين من الظهري الرقم ‪ 169/26‬ال�صادر بتاريخ ‪ 1969/07/25‬فقرة خام�سة‬
‫تن�ص على ا�ستثناء العقود التي اكت�سبت تاريخا ثابتا قبل فاحت غ�شت ‪.1969‬‬
‫‪ -‬العقد العريف املدىل به امل�ؤرخ يف ‪ 1967/01/28‬غري مقرون بالرخ�صة الإدارية املن�صو�ص‬
‫عليها يف ظهري ‪ 1963/09/26‬فيما غري وعدل يجعله باطال وعدمي املفعول‪.‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬


‫حيث يستفاد من مستندات امللف‪ ،‬أنه مبقتضى مطلب سجل باحملافظة العقارية بالناظور‬
‫حتت عدد ‪ 4542‬ن بتاريخ ‪ 1979-5-16‬ومطلب إصالحي له مؤرخ في ‪ 1980-5-7‬طلبت‬
‫الدولة» امللك اخلاص» حتفيظ امللك املسمى « ‪ »......‬الذي كان على ملك الشركة «‬
‫‪ « ...............................‬مبوجب الرسم اخلليفي رقم ‪ 1597‬وذلك بصفتها‬
‫مالكة له مبوجب الظهير الشريف رقم ‪ 213-73-1‬املؤرخ في ‪ 26‬محرم ‪ 1393‬وكذا القرار‬
‫ا ملشترك لوزاراء الداخلية واملالية والفالحية واإلصالح الزراعي رقم ‪ 74-180‬املؤرخ في ‪5‬‬
‫مارس ‪ 1974‬حددت مساحته في ‪ 27‬هكتارا و ‪ 97‬آرا و ‪ 80‬سنتيارا‪ .‬فتعرض على املطلب‬
‫املذكور كل من ‪ .................................................‬بتــــــــاريخ‬
‫‪ 1979-6-4‬كناش جزء ‪ 5‬عدد ‪ 94‬مطالبني بكافة امللك املذكور لتملكهم له بالشراء من‬
‫البائعة لهم الشركة املذكورة أعاله حسب رسم الشراء العرفي املؤرخ في ‪.1967-1-28‬‬
‫وبعد إحالة ملف املطلب املذكور على احملكمة االبتدائية بالناظور أصدرت بتاريخ‬
‫‪ 1983/08/29‬حكمها عدد ‪ 83/2029‬في القضية عدد ‪ 81/2‬بعدم صحة التعرض‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪302‬‬

‫املذكور استانفه املتعرضون املذكورون وأيدته محكمة االستئناف املذكورة مبقتضى قرارها‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 1989-12-19‬في امللف عدد ‪ 1983/940‬وهو القرار الذي نقضه املجلس‬
‫األعلى مبقتضى قراره الصادر بتاريخ ‪ 99-10-5‬حتت عدد ‪ 4565‬في امللف املدني عدد‬
‫‪ 96/1/1/4642‬بعلة أنه « ثبت من مراجعة وثائق امللف أن الطاعنني أدلوا بالوثائق‬
‫التالية (‪ )1‬قرار صادر عن الدولة حتت عدد ‪ 846‬م م ع (‪ )2‬قرار صادر عن اللجنة الوزارية‬
‫املختلطة املكلفة بدراسة الشكايات املتعلقة باسترجاع األراضي الفالحية ‪ 3-‬بإشهاد من‬
‫املكتب اجلهوي لالستثمار الفالحي مللوية مؤرخ في ‪ 1989-1-2‬حتت عدد ‪ 88987‬ولكن‬
‫احملكمة لم تناقش هذه الوثائق بكيفية واقعية وقانونية ولم ترد عليها مبعقول حيث اكتفت‬
‫بالقول أنه ال فائدة من مناقشة باقي حجج الطاعنني وكذلك دفوعاتهم على اعتبار أن ذلك‬
‫يكون مرورا بصحة البيع الذي يدفعون به وهو لم يتحقق‪.‬‬
‫وبعد اإلحالة أصدرت محكمة االستيناف املذكورة قرارها عدد ‪ 129‬بتاريخ ‪2004/02/10‬‬
‫بإلغاء احلكم املستأنف فيما قضى به من عدم صحة التعرض املذكور وبعد التصدي حكمت‬
‫بصحته وهو القرار الذي نقضه املجلس األعلى أيضا بناء ‪.‬على طلب طالبة التحفيظ الدولة‬
‫امللك اخلاص مبوجب إقرار عدد ‪ 444‬الصادر بتاريخ ‪ 2006/02/08‬في امللف املدني رقم‬
‫‪ 04/1/1771‬بعلة أنه علل قضاءه بأن املتعرضني أدلوا تعزيزا لتعرضهم مبجموعة من‬
‫الوثائق هي عبارة عن‪ :‬قرار صادر عن الدولة املغربية حتت عدد ‪ 846‬الذي كان موضوع‬
‫مراسالت بينها وبني املتعرضني اإلخوة ‪ .....‬واحملافظ العقاري والذي مت التشطيب على‬
‫إسم الدولة من الئحة األمالك املسترجعة شأن العقار موضوع النزاع‪ .‬وقرار صادر عن‬
‫اللجنة الوزارية املختلطة املكلفة بدراسة الشكايات املتعلقة باسترجاع األراضي الفالحية‬
‫التي كانت بيد األجانب يتضمن الئحة األشخاص املغاربة احلاصلني على موافقة اللجنة‬
‫الوزارية طبقا لتعليمات الوزير األول عدد ‪ 904‬بتاريخ ‪ 1976/4/21‬يتضمن أسماء اإلخوة‬
‫‪ .......‬املستفيدين من العقار موضوع النزاع واملتنازل لهم عنه‪ .‬وإشهاد املكتب اجلهوي‬
‫لالستثمار الفالحي مللوية املؤرخ في ‪ 1989-11-2‬حتت عدد ‪ 88987‬يشهد بأن األشخاص‬
‫املقبولني من طرف اللجنة الوزارية والذي وقع التنازل لهم عن العقار موضوع النزاع هم‬
‫املتعرضون اإلخوة ‪ .............‬وأنه يتجلى من الوثائق املذكورة أن إسم الدولة «امللك‬
‫اخلاص» مت التشطيب عليه من الئحة األماك املسترجعة بشأن العقار موضوع النزاع كما‬
‫مت التنازل بشأنه لفائدة املتعرضني اإلخوة ‪.....‬مبوجب القرار الصادر عن اللجنة «املذكورة»‬
‫طبقا لتعليمات الوزير األول عدد ‪ 904‬وتاريخ ‪ .21-9-1976‬وأن الدولة «امللك اخلاص»‬
‫كانت ممثلة في اللجنة الوزارية املذكورة في شخص الوزير األول‪ ،‬وأنها تنازلت عن العقار‬
‫‪303‬‬ ‫توجهات حمكمة النق�ض‬

‫موضوع النزاع لفائدة املتعرضني املذكورين‪ ،‬وأن تنازلها هذا يلزمها‪ .‬وأنه من جهة أخرى فإن‬
‫تنازل الدولة «امللك اخلاص» عن العقار موضوع النزاع لفائدة املتعرضني املذكورين يعتبر‬
‫موافقة منها على عقد البيع العرفي املؤرخ في ‪ 1967-1-28‬والذي مبوجبه اشتروا القطعة‬
‫األرضية موضوع النزاع من الشركة اإلسبانية»‪ .‬في حني أنه ال يستفاد من مستندات امللف‬
‫أن الدولة سبق لها أن تنازلت صراحة عن العقار موضوع النزاع لفائدة املتعرضني املطلوبني‬
‫في النقض‪ .‬وأن الوثائق املعتمدة في القرار إمنا هي صادرة عن اللجنة الوزارية املختلطة‬
‫املكلفة بدراسة النزاعات الناجتة عن تطبيق الظهير الشريف املؤرخ في ‪ ،1973-3-2‬والتي‬
‫ال تعدو قراراتها مجرد رأي استشاري للدولة‪ ،‬األمر الذي يعتبر معه القرار معلال تعليال‬
‫فاسدا يوازي انعدامه»‪.‬‬
‫وبعد اإلحالة قضت محكمة االستئناف املذكورة بتأيد احلكم املستأنف جزئيا فيما قضى‬
‫به من عدم صحة تعرض السادة ‪ .....‬وإخوته ‪....‬و‪ .....‬أبناء ‪ .........‬وذلك مبقتضى‬
‫قرارها املطعون فيه بالنقض حاليا أعاله من طرف املتعرضني املذكورين في الوسيلة الفريدة‬
‫بنقصان التعليل املوازي النعدامه ذلك أنهم يستندون على وثائق حاسمة وذات حجية قانونية‬
‫وبقيت في منأى عن أية مناقشة جدية من شأنها أن تنال من صدقيتها وحجيتها من قبل‬
‫اجلهة طالبة التحفيظ وبيان ذلك كما يلي‪ :‬أوال العقد العرفي املؤرخ في ‪ 1967/01/28‬وهو‬
‫ما يؤكده التقرير الرسمي لوكيل الشركة البائعة املؤرخ في ‪ 1982/03/15‬وبذلك فإن ظهير‬
‫‪ 1963‬لم تعد له أية جدوى‪ ،‬طاملا أن الظهير املذكور استنسخ وعدل بالظهير رقم ‪26/169‬‬
‫بتاريخ ‪ 1996/07/25‬مع حتديد في حال تطبيقه وإشارته أيضا إلى االستثناءات في الفقرة‬
‫اخلامسة مع الفصل الثاني منها العقود التي اكتسبت تاريخا ثابتا قبل فاحت غشت ‪1969‬‬
‫كما هو الشأن بالنسبة لنازلة احلال‪ .‬وثانيا القرار الصادر عن الدولة املغربية حتت عدد‬
‫‪ 846‬م م ع أ ه ع املوجود ضمن أوراق امللف والذي كان موضوع عدة مراسالت بني الطاعنني‬
‫واحملافظة العقارية‪ ،‬والذي مبوجبه مت التشطيب على اسم الدولة املغربية من الئحة األمالك‬
‫املسترجعة بشأن العقار موضوع النزاع بعد تنازلها عن العقار لفائدة الطالبني‪ ،‬وهذا التنازل‬
‫يعتبر موافقة منها على العقد العرفي املذكور‪ .‬وثالثا القرار الصادر عن اللجنة الوزارية‬
‫املختلطة املكلفة بدراسة ملفات األراضي املسترجعة التي كانت بيد األجانب والتي تتضمن‬
‫الئحة األشخاص املغاربة احلاصلني على املوافقة املذكورة طبقا لتعليمات الوزير األول عدد‬
‫‪ 904‬بتاريخ ‪ 1976/09/21‬من ضمنهم الطاعنون املستفيدون من العقار واملتنازل لهم عنه‬
‫مع اإلشارة إلى أن الدولة املغربية كانت ممثلة في اللجنة املذكورة في شخص الوزير األول وهو‬
‫تنازل يعد مبثابة التزام‪ .‬ورابعا اإلشهاد الصادر عن املكتب اجلهوي لالستثمار الفالحي‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪304‬‬

‫مللوية املؤرخ في ‪ 1989/11/02‬والذي يستفاد منه أن األشخاص املقبولني من طرف اللجنة‬


‫الوزارية والذي وقع التنازل لهم عن العقار وهم الطاعنون‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬ردا على الوسيلة أعاله فإنه ال يوجد بالفصل الثاني من الظهير الرقم ‪169/26‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 1969/07/25‬فقرة خامسة تنص على استثناء العقود التي اكتسبت‬
‫تاريخا ثابتا قبل فاحت غشت ‪ 1969‬وأن القرار لم يهمل وثائق الطاعنني أعاله وإمنا‬
‫استبعدها مبا ورد في تعليله بأن « املستأنفني الذين يشكلون الطرف املتعرض على مطلب‬
‫التحفيظ لم يدلوا بحجج جديدة بعد النقض واإلحالة ميكن مناقشتها من جديد‪ .‬وأن‬
‫محكمة التحفيظ غير ملزمة بدراسة ومناقشة حجج طالب التحفيظ إال إذا أدلت اجلهة‬
‫املتعرضة بحجج تضاهيها من حيث اإلثبات للحق موضوع التعرض‪ ،‬وأن املتعرضني لم‬
‫يعززوا تعرضهم إال بالوثائق املشار إليها أعاله والتي اعتبرها املجلس األعلى ال تشكل‬
‫حجج تبرر صحة تعرضهم وليس من شأنها أن تنشئ أي حق وهي النقطة التي تعني على‬
‫هذه احملكمة التقيد بها استنادا للفصل ‪ 369‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬وأن العقد العرفي‬
‫املدلى به املؤرخ في ‪ 1967/01/28‬غير مقرون بالرخصة اإلدارية املنصوص عليها في‬
‫ظهير ‪ 1963/09/26‬فيما غير وعدل مما يجعله باطال وعدمي املفعول وتبقى الدفوع املثارة‬
‫أمام هذه الدرجة عدمية اجلدوى‪ « ،‬فإنه نتيجة ملا ذكر كله يكون القرار معلال تعليال كافيا‬
‫والوسيلة من غير أساس‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫قضى املجلس األعلى برفض الطلب وبتحميل أصحابه الصائر‬
‫وبه صدر القرار وتلي باجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة اجللسات‬
‫العادية باملجلس األعلى بالرباط‪ .‬وكانت الهيئة احلاكمة متركبة من السادة‪ :‬محمد‬
‫العالمي‪ -‬رئيسا ‪ .‬واملستشارين‪ :‬العربي العلوي اليوسفي‪ -‬عضوا مقررا‪ .‬وعلي الهاللي‪،‬‬
‫ومحمد دغبر‪ ،‬ومحمد طاهري جوطي‪ -‬أعضاء‪ .‬ومبحضر احملامي العام السيد محمد فاكر‪.‬‬
‫ومبساعدة كاتبة الضبط السيدة نزهة عبد املطلب‪.‬‬

‫كاتب الضبط‬ ‫املستشار املقرر‬


‫‪305‬‬ ‫توجهات حمكمة النق�ض‬

‫حمكمة النق�ض‬
‫الغرفة الإدارية ( الق�سم الأول)‬
‫القرار عدد ‪71 :‬‬
‫امل�ؤرخ يف ‪ 26 :‬يناير‪2012‬‬
‫يف امللف �إداري عدد ‪2010/1/4/1007 :‬‬
‫وزارة التجهيز والنقل‬
‫�ضد‬
‫وزارة الأوقاف وال�ش�ؤون الإ�سالمية‬

‫القاعـــدة‬
‫لي�ست املحكمة ملزمة يف �إطار تقدير التعوي�ض عن نزع امللكية ملزمة ب�إيراد عنا�رص املقارنة‪.‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‪:‬‬


‫حيث إن وزارة التجهيز والنقل‪ ،‬وبواسطة مقال قدم بتاريخ ‪ ،10/06/15‬طلبت نقض‬
‫القرار عدد ‪ 4‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط‪ ،‬بتاريخ ‪ 10/01/05‬في‬
‫امللف عدد ‪ ،11/09/291‬ذلك أنه يؤخذ من وثائق امللف وفحوى القرار املطعون فيه‬
‫أن وزارة التجهيز والنقل تقدمت مبقال أمام احملكمة اإلدارية بالرباط تلتمس فيه نقل‬
‫ملكية القطعة األرضية احلاملة لرقم ‪ 94‬بجدول املرسوم رقم ‪ 2-02-313‬املنشور باجلريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5002‬بتاريخ ‪ ،02/05/09‬الذي أعلن بأن املنفعة العامة تقضي بتعديل‬
‫الطريق الرئيسية رقم ‪ 388‬عند النقطة الكيلومترية عدد ‪ 230+495‬و‪ 711 + 231‬والطريق‬
‫الرئيسية رقم ‪ 388‬عند النقطة الكيلومترية عدد ‪ 000+0‬و ‪ 5+3000‬بوالية تطوان‪ ،‬ونزع‬
‫ملكية القطع األرضية الالزمة لذا الغرض‪ ،‬و من بينها القطعة األرضية رقم ‪ 84‬البالغة‬
‫مساحتها ‪ 1570‬مترا مربعا مقابل التعويض املقترح من طرف اللجنة اإلدارية للتقييم‬
‫احملدد في مبلغ (‪ )68.250‬درهما مع إعمال مقتضيات املادة ‪ 82‬من قانون التعمير‪،‬‬
‫ومبقتضى مذكرة بعد اإلحالة التمست نازعة امللكية اعتبار نسبة املساهمة املجانية في‬
‫العقار املنزوعة ملكيته في حدود ‪ 170‬مترا مربعا‪ ،‬وبعد إجراء خبرة في القضية‪ ،‬وتبادل‬
‫الردود بني الطرفني‪ ،‬صدر احلكم بأداء اإلدارة لفائدة املنزوعة ملكيته تعويضا مقابل نزع‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪306‬‬

‫امللكية قدره (‪ )141.600‬درهما‪ ،‬استأنفته وزارة التجهيز فأصدرت محكمة االستئناف‬


‫اإلدارية بالرباط قرارها القاضي بتأييد احلكم املستأنف‪ ،‬وهو القرار املطلوب نقضه‪.‬‬
‫في وسيلتي النقض مجتمعتني الرتباطهما‪:‬‬
‫حيث تعيب طالبة النقض القرار املطعون فيه بعدم االرتكاز على أساس قانوني‪ ،‬ونقصان‬
‫التعليل املنزل منزلة انعدامه‪ ،‬ذلك أن احملكمة لم تلتزم باقتطاع نسبة املساهمة املجانية‬
‫حسب مقتضيات املادتني ‪ 37‬و‪ 82‬من قانون التعمير‪ ،‬ولم تلتزم مبا حدده لها املجلس‬
‫األعلى عند بته في القضية‪ ،‬ومن جهة أخرى فقد اعتمدت احملكمة اخلبرة املنجزة في‬
‫املوضوع‪ ،‬رغم عيوبها وعدم تقيدها مبقتضيات الفصل ‪ 20‬من القانون رقم ‪ 81-7‬املتعلق‬
‫بنزع امللكية ملتمسة نقض القرار املطعون فيه‪.‬‬
‫لكن حيث يؤخذ من تعليالت القرار املطعون فيه‪ ،‬أن إحداث الطريق موضوع النزاع‬
‫استغرق كل القطعة األرضية املنزوعة ملكيتها مما يبقى معه مالك العقار محقا في التعويض‬
‫عن كامل مساحة قطعته األرضية موضوع نزع امللكية‪ ...‬فضال عن أنه اعتبرا ملواصفات‬
‫العقار‪ ...‬استقر تقدير احملكمة للتعويض عن القطعة األرضية في مبلغ (‪)141.300‬‬
‫درهما على أساس ‪ 90‬درهما للمتر املربع الواحد‪ ،‬واحملكمة ملا عللت حكمها مبواصفات‬
‫العقار كما سبق بيانها مبرزة موقعه ومساحته ووجه استغالله واستئناسا مبا استقر عليه‬
‫تقديرها في ملفات مماثلة شملها نفس املرسوم‪ ...،‬تكون قد أبرزت عناصر التقييم كما هي‬
‫منصوص عليها في الفصل ‪ 20‬من قانون نزع امللكية ألجل املنفعة العامة واالحتالل املؤقت‬
‫من دون أن تكون ملزمة بإيراد عناصر للمقارنة‪ ، ...‬إلى آخر تعليالت القرار‪ ،‬يكون ما‬
‫متسكت به طالبة النقض ضمن وسائلها على غير أساس‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫قضت محكمة النقض برفض الطلب وحتميل رافعه الصائر‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في اجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة‬
‫اجللسات العادية مبحكمة النقض بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة احلاكمة متركبة من رئيس الغرفة‬
‫اإلدارية(القسم األول) السيد أحمد حنني واملستشارين السادة‪:‬أحمد دينية‪ ،‬سعاد املديني‪،‬‬
‫عبد احلميد سبيال مقررا‪ ،‬عبد املجيد بابا أعلي‪ ،‬ومبحضر احملامي العام السيد سابق‬
‫الشرقاوي‪ ،‬ومبساعدة كاتبة الضبط السيدة نفيسة احلراق‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫ ‬
‫املستشار املقرر‬ ‫ ‬
‫رئيس الغرفة‬
‫‪307‬‬ ‫توجهات حمكمة النق�ض‬

‫حمكمة النق�ض‬
‫الغرفة الإدارية ( الق�سم الأول)‬
‫القرار عدد ‪45 :‬‬
‫امل�ؤرخ يف ‪ 19 :‬يناير‪2012‬‬
‫يف امللف �إداري عدد ‪2011-1-4-740 :‬‬
‫ال�سيد ‪ ........‬ومن معه‬
‫�ضد‬
‫الدولة ومن معها‬

‫القاعـــدة‬
‫عدم امل�صادقة على خمطط التهيئة من طرف ال�سلطات الو�صية ال مينع رئي�س املجل�س اجلماعي‬
‫من اتخاذ قرار �إحداث م�سلك عمومي ما دام �أنه ي�صب يف اجتاه املحافظة على اخل�صو�صيات‬
‫الهند�سية للمدينة‪.‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‪:‬‬


‫حيث يستفاد من وثائق امللف‪ ،‬ومن محتوى القرار املطعون فيه‪ :‬أن املدعيني‬
‫السيد‪ .......‬والسيد‪ .......‬تقدما بتاريخ ‪ 2010/02/01‬مبقال افتتاحي أمام احملكمة‬
‫اإلدارية بفاس عرضا فيه ‪ :‬أنهما ميلكان مناصفة بينهما امللك املسمى «‪ »....‬وهو عبارة‬
‫عن قطعة عارية تبلغ مساحتها اإلجمالية ‪ 40‬آر ‪ 63‬سنتيار تقع بجنان ‪ .....‬داخل‬
‫املدار احلضري ملدينة ‪ ....‬وقد قررا إحداث جتزئة سكنية فوقها حيث أعدا تصميما بهذا‬
‫اخلصوص‪ ،‬وبتاريخ ‪ 2009/9/7‬قدماه إلى اجلماعة احلضرية بغية دراسته فرضت طلبهما‬
‫بتاريخ ‪ 2010/01/21‬بواسطة إعالم خطي بدعوى أنها قررت حسب مشروع تصميم‬
‫التهيئة إحداث مسلك عمومي معبد يبلغ غرضه ‪ 30‬مترا ينبغي عليها مراعاته في تصميم‬
‫هذه التجزئة وبعلة أنهما لم يشفعا تصميمهما مبلف تقني يشير إلى مختلف التدابير‬
‫والتجهيزات التي ينبغي اتخاذها للحفاظ على سالمة الساكنة واملارة والتمسا احلكم بإلغاء‬
‫القرار املطعون فيه وأمر رئيس املجلس البلدي ملدينة‪ ...‬باإلذن لهما بالترخيص في إحداث‬
‫جتزئة سكنية وبعد املناقشة‪ ،‬أصدرت احملكمة اإلدارية حكما قضى برفض الطلب‪ ،‬استؤنف‬
‫من قبل املدعني فأيدته محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط وهو القرار موضوع الطعن‬
‫التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‬ ‫‪308‬‬

‫احلالي بالنقض‪ ،‬أجابت عنه اجلماعة احلضرية مبذكرة التمست فيها رفض الطعن املقدم ألنه‬
‫لم يتضمن أي دفع مسطري أو موضوعي وجيه يستحق الرد‪.‬‬
‫في وسيلة النقض الفريدة‪:‬‬
‫حيث ينعى الفريق الطاعن على القرار املطعون فيه نقصان التعليل‪ ،‬ذلك أنهما لم‬
‫ينازعا في السبب الثاني الذي انبنى عليه مقرر الرفض واملتعلق مبلف الوقاية املدنية بل‬
‫بادرا بعد التوصل بنسخة من مقرر الرفض إلى إعداد ملف تقني يهم مصلحة الوقاية املدنية‬
‫‪ ،‬أما بخصوص السبب األول املتعلق باملسلك العمومي الذي أحدثته اإلدارة فوق أرضهما‬
‫فقد أغفلت احملكمة مناقشته وعجزت اجلماعة عن اإلدالء مبا يثبت أن مشروع تصميم‬
‫التهيئة الذي خضعت له مدينة تازة‪ -‬بوجود مسلك عمومي يبلغ عرضه ‪ 30‬مترا سيخترق‬
‫قطعتهما وعليها احترامه في التصميم‪ -‬قد حظي مبصادقة سلطة الوصاية‪ ،‬وما كان على‬
‫رئيس اجلماعة أن يفرض عليها احترام مسلك جديد لم توافق عليه وزارة الداخلية وبذلك فإن‬
‫القرار املطعون فيه الذي سار في غير هذا االجتاه قد ارتكز على علل ضعيفة وينبغي نقضه‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬حيث إن القرار املطعون فيه ملا قضى بتأييد احلكم املستأنف يكون قد تبنى‬
‫جميع تعليالته التي جاءت مصادفة للصواب والتي أوردت بأن قرار السيد رئيس املجلس‬
‫اجلماعي بضرورة اعتماد طريق عرضها ‪ 30‬مترا فوق جتزئة املدعيني إمنا يدخل ضمن‬
‫االختصاصات املوكولة له مبقتضى القانون وأن عدم املصادقة على مخطط التهيئة من طرف‬
‫السلطات الوصية ال مينعه من اتخاذ مثل هذا القرار ما دام أنه يصب في اجتاه احملافظة‬
‫على اخلصوصيات الهندسية للمدينة ‪ ،‬فيكون ما مت التمسك به في الوسيلة املثارة على‬
‫غير أساس‪.‬‬

‫لهذه الأ�سباب‬
‫قضت محكمة النقض برفض الطلب وحتميل رافعه الصائر‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في اجللسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة اجللسات‬
‫العادية مبحكمة النقض بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة احلاكمة متركبة من رئيس الغرفة اإلدارية‬
‫( القسم األول) السيد أحمد حنني واملستشارين السادة أحمد دينية‪ ،‬سعاد املديني‪ ،‬عبد‬
‫احلميد سبيال مقررا‪ ،‬عبد املجيد بابا أعلي‪ ،‬ومبحضر احملامي العام السيد سابق الشرقاوي‪،‬‬
‫ومبساعدة كاتبة الضبط السيدة نفيسة احلراق‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫ ‬
‫املستشار املقرر‬ ‫ ‬
‫رئيس الغرفة‬
‫ق�ضايا و�آراء‬
‫‪311‬‬

‫ب�سم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫الرباط‪ ،‬في‬ ‫ ‬ ‫اململكة املغربية‬
‫املجلس العلمي األعلى‬
‫الكتـابة العامـة‬

‫ن�ص اجلواب‬
‫املت�ضمن للر�أي الفقهي ب�ش�أن �س�ؤال وزارة الداخلية‬
‫حول و�ضع املر�أة داخل اجلماعة ال�ساللية‬
‫وحرمانها اال�ستفادة من التعوي�ضات املادية التي ي�ستفيدها الرجل‬
‫�إثر العمليات العقارية التي جترى على بع�ض الأرا�ضي اجلماعية‬

‫ب�سم اهلل الرحمان الرحيم‬


‫احلمد الله رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعني‬
‫«ربنا �أتنا من لدنك رحمة‪ ،‬وهيئ لنا من �أمرنا ر�شدا»‬

‫وبعد‪ ،‬فقد تدارست جلنة من هيأة اإلفتاء باملجلس العلمي األعلى موضوع السؤال املشار‬
‫إليه‪ ،‬قصد إبداء الرأي فيه من الوجهة الشرعية‪ ،‬وذلك على ضوء أحكام الشريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫ومن خالل منظورها وتكرميها لإلنسان‪ ،‬وما قررته له من حقوق إنسانية واجتماعية ثابتة‪،‬‬
‫رجال كان أو امرأة‪ ،‬وخلصت إلى الرأي الفقهي املتضمن للفتوى الشرعية اآلتية‪:‬‬
‫�أوال‪ :‬تتوجه املؤسسة العلمية للمجلس العلمي األعلى بالشكر والتقدير لوزارة الداخلية‬
‫على التوجه إليها مبوضوع السؤال‪ ،‬قصد دراسته‪ ،‬وإفادتها مبا يتعلق به من املنظور‬
‫الشرعي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اطلع املجلس على رسالة وزارة الداخلية املتضمنة للسؤال عن وضع املرأة داخل‬
‫اجلماعات الساللية وحرمانها في ذلك من االستفادة مما يستفيد منه الرجل من التعويضات‬
‫املادية والعينية‪ ،‬التي حتصل عليها هذه اجلماعات إثر العمليات العقارية التي جتري على‬
‫بعض األراضي اجلماعية‪ ،‬وعن موقف الشريعة اإلسالمية من ذلك‪.‬‬
‫واطلع أيضا على نصوص الظهائر الشريفة املنظمة لذلك‪ ،‬وعلى نصوص املراسيم‬
‫والدوريات املوضحة له‪.‬‬
‫ق�ضايا و�آراء‬ ‫‪312‬‬

‫وبعد استماع جلنة من هيئة اإلفتاء إلى اإلفادات والتوضيحات التي قدمها بعض‬
‫السادة من األطر العليا املسؤولني عن القطاع بوزارة الداخلية‪.‬‬
‫وبعد النظر في كل ذلك وعرضه على نصوص الشريعة اإلسالمية وأصولها وقواعدها‬
‫العامة‪ ،‬ومقاصدها احلكيمة‪ ،‬خلصت إلى اآلتي‪:‬‬
‫إن الشريعة اإلسالمية ال متنع املرأة أن تستفيد مما يستفيد منه الرجل داخل اجلماعات‬
‫الساللية‪ ،‬وأن تأخذ مما يناله من املكاسب املادية إثر العمليات العقارية التي جتري على‬
‫أراضي اجلموع‪،‬وأنه ال وجه الستثنائها من ذلك‪ ،‬وال مبرر حلرمانها منه كليا‪ ،‬لألدلة النقلية‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪ - 1‬عمومات نصوص الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫أ‪ -‬عموم قوله تعالى‪ :‬للرجال ن�صيب مما اكت�سبوا‪ ،‬وللن�ساء ن�صيب مما‬
‫اكت�سنب (س‪ ،‬النساء‪.)32/‬‬

‫ب‪ -‬عموم قوله النبي صلى الله عليه وسلم‪« :‬النساء شقائق الرجال» ( أي في األحكام‬
‫الشرعية العامة‪ ،‬إال ما خص به الشرع أحد اجلنسني)‪.‬‬
‫ج‪ -‬عموم قوله صلى الله عليه وسلم ملن جاء يستشهده من بعض الصحابة على عطية‬
‫أعطاها ألحد أوالده دون بقيتهم‪« :‬أكل ولدك نحلته»‪ ( ،‬أي هل أعطيت عطية‬
‫جلميع أوالدك؟) فأنكر عليه تخصيص أحد أوالده بها دون األوالد اآلخرين‪ ،‬ذكورا‬
‫كانوا أم إناثا‪ ،‬ولم يقل أن يشهد عليها‪.‬‬
‫‪ - 2‬حني برزت في املجتمعات اإلسالمية ظاهرة حرمان البنات من التبرعات بعطايا‬
‫الهبات وغيرها‪ ،‬كان ذلك انحرافا عن منهج الشريعة اإلسالمية في حتقيق العدل الذي‬
‫جاءت به وأقرته من أحكامها‪ ،‬فتصدى العلماء لهذه الظاهرة‪ ،‬وبينوا مخالفتها للشرع‬
‫اإلسالمي احلكيم‪.‬‬
‫وكانت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ورضي الله عنها وعن سائر أمهات‬
‫املومنني‪ ،‬في مقدمة من أنكر حرمان اإلناث من تبرعات اآلباء‪ ،‬و كانت ترى في إخراج‬
‫النساء من العطاء واستثنائهم منه‪ ،‬أنه فعل من أفعال اجلاهلية‪ ،‬وهو ما كان يراه اإلمام‬
‫مالك رحمه الله‪.‬‬
‫وأن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه مات حني مات‪ ،‬وهو يريد أن يرد صدقات الناس‪،‬‬
‫التي أخرجوا منها النساء‪ ،‬كما جاء ذكر ذلك والتنصيص عليه في املدونة‪.‬‬
‫‪313‬‬ ‫ق�ضايا و�آراء‬

‫‪ - 3‬تغير العرف الذي بني عليه في اجلماعات الساللية قصر االستفادة على الرجال‬
‫وتخصيصهم بها دون املرأة‪ ،‬على اعتبار أن الرجل كان مصدر احلماية في القبيلة والرعاية‬
‫في العشيرة‪ ،‬وغير ذلك من الذرائع العرفية‪ ،‬التي إن صحت وكانت مقبولة فيما مضى من‬
‫الزمان‪ ،‬فإنه لم تعد اليوم واقعا ميكن قبوله واالستناد إليه‪ ،‬فقد زال هذا العرف وصارت‬
‫الدولة بقوانينها ومؤسساتها هي احلامية للقبائل والعشائر‪ ،‬والراعية لشؤونها وشؤون غيرها‬
‫من مكونات املجتمع املغري وعناصره احلضرية والقروية املتماسكة‪ ،‬ومن املعلوم أن احلكم‬
‫الشرعي املبني على عرف‪ ،‬يتغير بتغيره كما هو مقرر عند الفقهاء‪.‬‬
‫‪ - 4‬القاعدة االستصحابية‪ :‬أن األصل املساواة بني الرجال والنساء فيما بينهم‪ ،‬وبني‬
‫الرجال فيما بينهم‪ ،‬وبني النساء فيما بينهم‪ ،‬حتى يثبت دليل بخالف ذلك‪ ،‬وليس هناك‬
‫دليل في تخصيص الرجال باالستفادة دون النساء من أرضي اجلموع‪.‬‬
‫‪ - 5‬املتتبع لنقل احلقوق املالية في الشريعة اإلسالمية يجد أنها لم تفرق بني الرجال‬
‫والنساء في هذا النقل‪ ،‬وأنها كما أجازت وشرعت نقلها للرجال شرعت ذلك للنساء أيضا‪،‬‬
‫كما هو احلال في اإلرث والوقف والهبة والشفعة والعمرى والرقبى‪ ،‬وغير ذلك من وجوه‬
‫احلقوق املالية وتناقلها من السلف إلى اخللف‪.‬‬
‫‪ - 6‬دلت نصوص الشريعة في عمومتها على أن إحياء األرض املوات ( التي ال مالك‬
‫لها) وذلك بالقيام باستصالحها وخدمتها أو االنتفاع مبنتوجها)‪ ،‬يوجب متلكها للرجال‬
‫والنساء معا‪ ،‬ولم تخص في ذلك الرجال دون النساء‪.‬‬
‫واألصل فيه من الوجهة الشرعية احلديث الصحيح عند اإلمام البخاري أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪« :‬من أحي أرضا ميتة فهي له»‪ ،‬وقال‪ « :‬من أعمر أرضا ليست ألحد‬
‫فهو أحق بها»‪.‬‬
‫‪ - 7‬قيام احلاجة إلى إشراك النساء في االستفادة من منفعة أراضي اجلموع ومنتوجها‬
‫الفالحي باعتبارها من األسرة ومندمجة في اجلماعة أثناء االنتفاع بتلك األراضي‬
‫واستغاللها الزراعي‪ ،‬ومن التعويضات والعائدات املالية حني حصول شيء من البيع‬
‫والتفويت فيها‪ ،‬ألن منهم املعيالت ألصولهن وفروعهن وغيرهم من قرابتهم وذويهن‪،‬‬
‫فضال عن استوائهن من الرجال في العمل وبذل اجلهد وخدمة العشيرة والقرابة‪ ،‬وقد تفوق‬
‫بعض النساء الرجال في ذلك‪.‬‬
‫ق�ضايا و�آراء‬ ‫‪314‬‬

‫فيكون ما تستحقه املرأة من ذلك وتستفيده مبثابة األجر على ما قامت به من عمل‬
‫غير مطلوب منها شرعا لفائدة األسرة‪ ،‬وبذلته من مجهود بدني إلى جانب الرجل إلعانته‬
‫على تقوية اإلنتاج الفالحي ومضاعفة محصوله الزراعي‪ ،‬أو جنيه حني اإلنتاج والنضج‪ ،‬مما‬
‫يصطلح عليه فقها بعبارة « الكد والسعاية»‪ ،‬ويعتبر من قبيل العوض املادي عن ذلك‪،‬‬
‫كما يراه بعض فقهاء املغرب في شأن من يقوم مبثل تلك األعمال من نساء البادية‪ ،‬ال من‬
‫قبيل اإلرث والتوارث الشرعي‪ ،‬الذي له أسبابه وأحكامه الشرعية اخلاصة به‪ ،‬كما هي‬
‫مفصلة في كتاب الله وسنة نبيه‪ ،‬وأجمع عليها العلماء الفقهاء سلفا وخلفا‪.‬‬
‫وقد نصت مدونة األسرة في املادة (‪ )49‬على أنه‪»:‬إذا لم يكن هناك اتفاق ( أي بني‬
‫الزوجني في تدبير أموالهما التي تكتسب أثناء قيام احلياة الزوجية) فيرجع للقواعد العامة‬
‫لإلثبات‪ ،‬مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجني‪ ،‬وما قدمه من مجهودات‪ ،‬وما حتمله من‬
‫أعباء لتنمية األسرة‪.‬‬
‫وخالصة الرأي الفقهي بشأن وضع املرأة في اجلماعات الساللية‪ ،‬ومطلب استفادتها من‬
‫بعض املكاسب املادية واالجتماعية التي يستفيدها الرجل داخلها‪.‬‬
‫استنادا لكل ما تقدم من األحكام الشرعية و القواعد الفقهية العامة‪ ،‬واإلشارة إلى‬
‫الظهائر الشريفة املتعلقة باملوضوع‪ ،‬واملنظمة لتفاصيل أحكامه؛‬
‫فإن الرأي الفقهي الذي خلص إليه املجلس ويراه هو أن مسألة حرمان املرأة من بعض‬
‫احلقوق املالية واملكاسب االجتماعية في مثل هذه احلال‪،‬هي حال كان عليها أهل اجلاهلية‬
‫قبل اإلسالم‪ ،‬فجاء الدين اإلسالمي احلنيف بتكرمي املرأة وإنصافها‪ ،‬ومتتيعها باحلقوق‬
‫املالية التي شرعها لها‪ ،‬بدءا من حقها في اإلرث من قريبها املتوفي‪ ،‬وفق القسمة الشرعية‪،‬‬
‫وفي غير ذلك من احلقوق األخرى‪ .‬فأبطل اإلسالم تلك األعراف والعوائد التي كانت حترم‬
‫املرأة من حقوقها اإلنسانية وتعتبرها إنسانا ناقص األهلية‪ ،‬وحسم في األمر وأنصف املرأة‪،‬‬
‫وأعطاها حقوقها املشروعة على التفصيل املبني في كتاب الله تعالى وسنة نبيه املصطفى‬
‫وكالم السلف الصالح من أئمة العلماء الفقهاء سلفا وخلفا‪.‬‬
‫وأنه لكل ذلك من حق املرأة في اجلماعات الساللية أن تستفيد كما يستفيد الرجل من‬
‫االنتفاع باألراضي اجلماعية ومنتوجها داخل األسرة واجلماعة‪ ،‬خالل حصول االنتفاع بها‪،‬‬
‫ومن كل تقسيم للمنفعة إذا حصل تقسيم فيها‪ ،‬ومن العائدات املالية التي حتصل عليها‬
‫اجلماعة إثر العمليات العقارية التي جتري على األراضي اجلماعية‪( ،‬علما بأن ظهير ‪12‬‬
‫‪315‬‬ ‫ق�ضايا و�آراء‬

‫رمضان ‪ 6( 1382‬فبراير ‪ )1963‬ينص على أن األراضي اجلماعية غير قابلة للتقادم وال‬
‫للتفويت واحلجز)‪.‬‬
‫وأن يكون ذلك مبعايير عادلة‪ ،‬يتبني على أساسها من يكون جديرا بتلك االستفادة وأحق‬
‫بها‪ ،‬وتعطي لكل ذي حق حقه في اطمئنان من رجال ونساء تلك اجلماعات‪ ،‬إنصافا للمرأة‬
‫في مثل هذه األحوال من املكاسب املادية والعطاءات االجتماعية والتبرعية‪ ،‬بناء على تلك‬
‫املعايير املوضوعية املنصفة‪ ،‬وحتقيقا للعدل التي جاء بها شرع اإلسالم‪ ،‬وجعله من أسس‬
‫وجتليات تكرمي اإلنسان‪ ،‬رجال كان أو إمرأة‪ ،‬واملأمور به في عمـــوم قــــول الله تعـــالى‪:‬‬
‫ي�أيها الذين �آمنوا كونوا قوامني هلل �شهداء بالق�سط ‪ ،‬وال يجرمنكم �شن�آن قوم‬
‫على �أال تعدلوا‪� ،‬إعدلوا هو �أقرب للتقوى‪ ،‬واتقوا اهلل‪� ،‬إن اهلل خبري مبا تعملون‬
‫(سورة املائدة‪)8:‬‬

‫والله تعالى أعلم وأحكم‬


‫وهو سبحانه من وراء القصد‬
‫وولي التوفيق والهادي إلى الرشاد وأقوم سبيل‪.‬‬

‫عن املجلس العملي األعلى‬ ‫ ‬


‫الكاتب العام للمجلس العملي األعلى‬ ‫ ‬
‫محمد يسف‬ ‫ ‬
‫التدخل الت�شريعي‬
‫يف‬
‫تنظيم �أمالك الدولة‬
‫التدخل الت�رشيعي يف تنظيم �أمالك الدولة‬ ‫‪318‬‬

‫اململكة املغربية‬
‫البــــرملان‬
‫مجلس النواب‬

‫مقرتح قانون رقم ‪5.05.11‬‬


‫ب�إحداث الوكالة الوطنية لتدبري �أرا�ضي الدولة‪.‬‬

‫تقدم به السيدة والسدة النواب‪:‬‬


‫لطيفة بناني سميرس‪ ،‬بوعمرو تغوان‪ ،‬إبراهيم حسناوي‪ ،‬بولون السالك‪ ،‬امحمد‬
‫لعسل‪ ،‬سعيد ضور‪ ،‬حسن عالوي‪ ،‬بناصر احلرير وعمر السنتيسي من الفريق االستقاللي‬
‫للوحدة والتعادلية‪.‬‬

‫رقم التسجيل‪96 :‬‬


‫تاريخ التسجيل‪2011/03/21 :‬‬
‫‪319‬‬ ‫مقرتح قانون ب�إحداث الوكالة الوطنية لتدبري �أرا�ضي الدولة‬

‫الفريق االستقاللي‬
‫للوحدة والتعادلية‬

‫مقرتح قانون‬
‫ب�إحداث الوكالة الوطنية لتدبري �أرا�ضي الدولة‬

‫تقدمي‬
‫إن تشتت الوعاء العقاري العمومي وتعدد القطاعات الوزارية واإلدارية املشرفة عليه‪،‬‬
‫وما نتج عن ذلك من تعقيد في مساطر تدبير الرصيد العقاري للدولة وكثرة املتدخلني‬
‫بخصوصه‪ ،‬جعل الغموض يكتنف تسييره بسبب عدم وجود إحصاء رسمي معلن بشأنه‪.‬‬
‫وهي وضعية ال تشجع االستثمار وال تساعد املستثمرين على الرفع من قدراتهم االستثمارية‪.‬‬
‫ويعتبر تدبير أراضي الدولة الفالحية منها والوقفية والغابوية وغيرها من األراضي‬
‫التابعة للدولة أكثر القطاعات حاجة إلى الشفافية‪.‬‬
‫واقتناعا منه بضرورة سن سياسة جديدة حول حكامة العقار العمومي من أجل التغلب‬
‫على اإلشكالية العقارية لتنفيذ املخططات واإلستراتيجيات الوطنية واملشاريع االستثمارية‬
‫الكبرى‪ ،‬يرى الفريق االستقاللي للوحدة والتعادلية مبجلس النواب أنه أصبح من الالزم‬
‫إحداث جهاز وطني تسند إليه مهمة تدبير كل أراضي الدولة والسهر على مواكبة‬
‫السياسات القطاعية للحكومة في مختلف امليادين االقتصادية واالجتماعية كالسكن‬
‫والسياحة والفالحة والصناعة وغيرها من األنشطة التنموية املشجعة على االستثمار وعلى‬
‫خلق فرص الشغل عن طريق تعبئة العقار العمومي ووضع األراضي الالزمة رهن إشارة‬
‫املؤسسات العمومية واخلاصة‪.‬‬
‫ويرى الفريق االستقاللي أن دخول املخططات واإلستراتيجيات التنموية الوطنية التي‬
‫اعتمدتها احلكومة حيز التنفيذ يؤشر على بدء مرحلة جديدة في تدبير العقار العمومي‬
‫باملغرب‪.‬‬
‫ولهذه األسباب يتقدم الفريق مبقترح قانون يرمي إلى إحداث وكالة وطنية تعنى باألراضي‬
‫التابعة للدولة‪ ،‬تخضع للوصاية اإلدارية واملالية للدولة‪ ،‬وتسهر على تدبير جميع األراضي‬
‫التابعة للدولة وتخصيصها لفائدة املصالح العمومية واملؤسسات اإلنتاجية‪ ،‬وتعمل على‬
‫تنفيذ السياسة الوطنية في املجال العقاري‪.‬‬
‫التدخل الت�رشيعي يف تنظيم �أمالك الدولة‬ ‫‪320‬‬

‫مقرتح قانون‬
‫ب�إحداث الوكالة الوطنية لتدبري �أرا�ضي الدولة‬

‫الباب الأول ‪ :‬التعريف‬

‫املادة الأوىل‪:‬‬
‫حتدث مؤسسة عامة تتمتع بالشخصية املعنوية واالستقالل املالي تسمى «الوكالة الوطنية‬
‫لتدبير أراضي الدولة»‪ ،‬يعهد إليها بتدبير أراضي الدولة‪ ،‬واقتناء األراضي باملراضاة أو‬
‫عن طريق نزع امللكية‪ ،‬وتصفية وضعيتها القانونية‪ ،‬وتخصيصها لفائدة املصالح العمومية‬
‫أو عند الضرورة للمؤسسات اإلنتاجية‪ ،‬مع مراعاة النصوص التشريعية اجلاري بها العمل‪.‬‬

‫املادة ‪:2‬‬
‫تخضع هذه الوكالة لوصاية الدولة‪ ،‬ويكون الغرض من هذه الوصاية ضمان احترام‬
‫أجهزتها املختصة ألحكام هذا القانون‪ ،‬وخاصة ما يتعلق منها مبهام املرفق العمومي‬
‫املنوطة بها‪.‬‬
‫تخضع هذه الوكالة ملراقبة الدولة املالية املطبقة على املؤسسات العمومية مبوجب النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية اجلاري بها العمل‪.‬‬

‫املادة ‪:3‬‬
‫يقصد بأراضي الدولة التي يشملها هذا القانون‪ ،‬األراضي التالية‪:‬‬
‫‪ -‬األراضي التي تعتبر ضمن أمالك الدولة العمومية املشار إليها في الفصل األول من‬
‫الظهير الشريف الصادر في ‪ 7‬شعبان ‪ 1332‬هجرية املوافق لفاحت يوليوز ‪ 1914‬في شأن‬
‫األمالك العمومية (اجلريدة الرسمية عدد ‪ 62‬بتاريخ ‪ 10‬يوليوز ‪)1914‬؛‬
‫‪ -‬األراضي التي تنتمي إلى ملك الدولة اخلاص املنصوص عليها في ظهير ‪ 3‬يناير ‪1916‬‬
‫بسن تنظيم خاص لتحديد أمالك الدولة والظهير الشريف املؤرخ بفاحت ربيع الثاني ‪1332‬‬
‫املتعلق باألراضي ذوات املنافع اخلالية من البناء (اجلريدة الرسمية عدد ‪ ،169‬املؤرخة في‬
‫‪ 24‬يوليوز سنة ‪ ،1916‬ص ‪ 600‬و ص ‪ )601‬وكذا الظهائر الصادرة بتغييرها وتتميمها؛‬
‫‪ -‬األراضي التابعة للملك الغابوي احملددة في الظهير الشريف املــؤرخ في ‪ 20‬ذي‬
‫احلجـــة ‪ 10( 1335‬أكتوبر ‪ )1917‬حول احملافظة على الغابات واستغاللها (اجلريدة‬
‫‪321‬‬ ‫مقرتح قانون ب�إحداث الوكالة الوطنية لتدبري �أرا�ضي الدولة‬

‫الرسمية عدد ‪ 262‬بتاريخ ‪ 29‬أكتوبر ‪)1917‬؛ وفي ظهير ‪ 1928-8-15‬بشأن تعيني‬


‫النظام القانوني ملنابت احللفاء وكذا الظهائر الصادرة بتغييرها؛‬
‫‪ -‬أراضي األحباس املنظمـــة بالظهيـــر الشـــريف املـــؤرخ فــــي متم ربيع األول‬
‫‪ 13(1336‬يناير ‪ )1918‬املتعلق بضبط مراقبة األحباس املعقبة ( اجلريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ ،249‬املؤرخة في ‪ 4‬فبراير ‪ ،)1918‬والظهير املغير له (الظهير الشريف‬
‫الصادر في ‪ 18‬يوليـــوز ‪ )1920‬والظهيــــر الشــــريف املؤرخ في ‪ 16‬شعبــــان‬
‫‪ 21( 1331‬يوليوز ‪ )1913‬املتعلق بنظام حتسني حالة األحباس العمومية؛‬
‫‪ -‬أراضي الوقف التي ينظمها الظهير الشريف رقم ‪ 28.69.1‬بتاريخ ‪ 10‬جمادى األولى‬
‫‪ 25( 1389‬يوليوز ‪ )1969‬والذي تنتقل مبوجبه إلى الدولة ملكية األراضي الفالحية‬
‫أو القابلة للفالحة املعتبرة أوقافا عمومية (اجلريدة الرسمية عدد ‪ 2960‬مكرر‪ ،‬ل‬
‫‪ 29‬يوليوز ‪)1969‬؛‬
‫‪ -‬أراضي اجلموع (أراضي الكيش واألراضي الساللية) اجلارية عليها أحكام الظهير‬
‫الشريف الصادر في ‪ 26‬من رجب ‪ 27( 1337‬أبريل ‪ )1919‬بتنظيم الوصاية‬
‫اإلدارية على اجلماعات وحتديد نظام تدبير األمالك اجلماعية وتفويتها‪ ،‬كمـــا وقع‬
‫تغييره أو تتميمه‪.‬‬

‫الباب الثاين ‪ :‬االخت�صا�صات واملهام‬

‫املادة ‪:4‬‬
‫متارس الوكالة الوطنية لتدبير أراضي الدولة‪ ،‬في إطار تنفيذ السياسة الوطنية في املجال‬
‫العقاري‪ ،‬االختصاصات املخولة للسلطة العمومية مبوجب النصوص التشريعية والتنظيمية‬
‫اجلاري بها العمل في ميدان تدبير العقارات‪.‬‬
‫ولهذه الغاية‪ ،‬تناط بها املهام التالية‪:‬‬
‫‪ -‬جمع وحفظ املعلومات والربائد والوثائق العقارية املتعلقة ألراضي الدولة املشار إليها‬
‫في املادة ‪ 3‬أعاله‪ ،‬وذلك بتنسيق مع اإلدارات واملؤسسات املعنية؛‬
‫‪ -‬تفويت وتخصيص األراضي التابعة للدولة؛‬
‫‪ -‬اإلشراف على كراء األراضي الفالحية والغابوية اخلاضعة مللك الدولة اخلاص‪.‬‬
‫التدخل الت�رشيعي يف تنظيم �أمالك الدولة‬ ‫‪322‬‬

‫‪ -‬انتهاج إستراتيجية جديدة في ميدان تهيئة وتدبير املناطق املخصصة إلجناز‬


‫االستثمارات؛‬
‫‪ -‬إجناز تصاميم ووثائق املسح العقاري ألراضي الدولة وحفظها بتنسيق مع الوكالة‬
‫الوطنية للمحافظة العقارية واملسح العقاري واخلرائطية؛‬
‫‪ -‬إجناز الدراسات وتقدمي املساعدة التقنية والقانونية املتعلقة مبهامها لفائدة اإلدارات‬
‫واملؤسسات العمومية واجلماعات احمللية؛‬
‫‪ -‬املساهمة في الدراسات وتطبيق التدابير املتعلقة بالهياكل العقارية لالستغالليات‬
‫الفالحية؛‬
‫‪ -‬املساهمة مع الوزارات املعنية في إجناز وثائق متعلقة بإعداد التراب الوطني؛‬
‫‪ -‬املساهمة مع اإلدارات املعنية في العمل احلكومي املتعلق مبيدان التهيئة العمرانية؛‬
‫‪ -‬املساهمة في إعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي تهم أراضي‬
‫الدولة؛‬
‫‪ -‬التقاضي أمام احملاكم وفقا ألحكام الظهير الشريف الصادر في ‪ 24‬رمضان ‪1333‬‬
‫(‪ 6‬غشت ‪ )1915‬بشأن إقامة الدعاوى القضائية املتعلقة بعقارات الدولة حسبما‬
‫مت تغييره؛‬
‫‪ -‬حيازة وتدبير األراضي الصادرة في حق أربابها أحكاما غيابية أو املصادرة أو‬
‫املتأتية من التركات الشاغرة أو الهبات والوصايا؛‬
‫‪ -‬مراقبة بعض العمليات العقارية طبقا للقوانني واألنظمة اجلاري بها العمل‪.‬‬

‫الباب الثالث‪ :‬هيئة الت�سيري‬

‫املادة ‪:5‬‬
‫يدير الوكالة مجلس إدارة ويسيرها مدير عام‪.‬‬

‫الف�صل الأول‪ :‬تكوين واخت�صا�صات جمل�س الإدارة‬

‫املادة ‪:6‬‬
‫باإلضافة إلى ممثلني عن القطاعات احلكومية املعنية‪ ،‬التي يتم حتديد قائمتها بنص‬
‫تنظيمي‪ ،‬يضم مجلس اإلدارة كذلك‪:‬‬
‫‪323‬‬ ‫مقرتح قانون ب�إحداث الوكالة الوطنية لتدبري �أرا�ضي الدولة‬

‫‪ -‬مدير الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية واملسح العقاري واخلرائطية؛‬


‫‪ -‬مدراء وكاالت اإلنعاش والتنمية االقتصادية واالجتماعية بجهات وأقاليم اململكة؛‬
‫‪ -‬مدراء الوكاالت احلضرية؛‬
‫‪ -‬مدير وكالة املساكن والتجهيزات العسكرية؛‬
‫‪ -‬مدير الوكالة الوطنية للنهوض باملقاولة الصغرى واملتوسطة؛‬
‫‪ -‬مدير الوكالة املغربية للتنمية الفالحية؛‬
‫‪ -‬مدير األمالك املخزنية؛‬
‫‪ -‬مدراء وكاالت األحواض املائية؛‬
‫‪ -‬رؤساء جامعات الغرف املهنية؛‬

‫املادة ‪:7‬‬
‫يتمتع مجلس اإلدارة بجميع السلط الالزمة إلدارة الوكالة‪ ،‬ولهذه الغاية‪ ،‬يقوم بواسطة‬
‫قراراته بتسوية القضايا العامة التي تهم الوكالة‪ ،‬وعلى اخلصوص‪:‬‬
‫‪ -‬يحدد برنامج العمليات التقنية واملالية للوكالة؛‬
‫‪ -‬يحصر امليزانية وكذا كيفيات متويل برامج أنشطة الوكالة ونظام االستهالكات؛‬
‫‪ -‬يحصر احلسابات ويقرر تخصيص النتائج؛‬
‫‪ -‬يقرر املساهمة في الشركات وكذا تفويت املساهمات املالية أو توسيع نطاقها؛‬
‫‪ -‬يعد النظام الذي يحدد قواعد وكيفيات إبرام الصفقات؛‬
‫‪ -‬يحدد النظام األساسي للمستخدمني‪.‬‬
‫يجوز للمجلس أن يفوض صالحيات خاصة إلى املدير العام ألجل تسوية قضايا معينة‪.‬‬

‫املادة ‪:8‬‬
‫يجتمع مجلس اإلدارة مرتني على األقل في السنة ‪:‬‬
‫‪ -‬قبل ‪ 30‬يونيو حلصر القوائم التركيبية للسنة املختتمة؛‬
‫‪ -‬قبل ‪ 15‬أكتوبر لدراسة وحصر امليزانية والبرنامج التقديري للسنة املوالية‪.‬‬
‫التدخل الت�رشيعي يف تنظيم �أمالك الدولة‬ ‫‪324‬‬

‫املادة ‪:9‬‬
‫يجوز ملجلس اإلدارة أن يقرر إحداث جلان يتولى حتديد تأليفها وطريقة تسييرها وميكنه‬
‫أن يفوض إليها جزءا من سلطة واختصاصاته‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬اختصاصات املدير العام‬

‫املادة ‪:10‬‬
‫ينفذ املدير العام قرارات مجلس اإلدارة واللجنة أو اللجان احملدثة من لدنه‪.‬‬
‫يسير الوكالة ويتصرف باسمها ويحضر اجتماعات مجلس اإلدارة بصفة استشارية‬
‫ويدير شؤون جميع املصالح وينسق أنشطتها ويعني في املناصب التابعة للوكالة وفقا للنظام‬
‫األساسي ملستخدميها‪.‬‬
‫يباشر أو يأذن في مباشرة جميع األعمال أو العمليات املتعلقة بالوكالة‪ ،‬وميثل هذه‬
‫األخيرة إزاء الدولة وكل إدارة عامة أو خاصة وإزاء الغير‪ ،‬ويقوم بجميع األعمال التحفظية‪.‬‬
‫ميثل املدير العام الوكالة أمام القضاء ويجوز له أن يرفع جميع الدعاوى القضائية الهادفة‬
‫إلى الدفاع عن مصالح الوكالة‪ ،‬على أن يشعر رئيس مجلس اإلدارة فورا بذلك‪.‬‬
‫يجوز له أن يفوض حتت مسؤوليته جزءا من سلطه واختصاصاته إلى مستخدمي إدارة‬
‫الوكالة‪.‬‬

‫املادة ‪:11‬‬
‫تظل اختصاصات ومسؤولية املدير العام للوكالة خاضعة لألحكام التشريعية والتنظيمية‬
‫املطبقة في مجال تدبير أراضي الدولة‪.‬‬

‫الباب الرابع‪ :‬امليزانية‬

‫املادة ‪:12‬‬
‫تتضمن ميزانية الوكالة‪:‬‬
‫أ‪ -‬في باب املداخيل ‪:‬‬
‫‪ .1‬مخصصات سنوية من امليزانية متنحها الدولة؛‬
‫‪ .2‬عائدات األجور عن اخلدمات املقدمة؛‬
‫‪325‬‬ ‫مقرتح قانون ب�إحداث الوكالة الوطنية لتدبري �أرا�ضي الدولة‬

‫‪ .3‬العائدات واألرباح املتأتية من عملياتها وممتلكاتها؛‬


‫‪ .4‬اإلعانات املالية التي متنحها الدولة واجلماعات احمللية؛‬
‫‪ .5‬التسبيقات القابلة لإلرجاع التي متنحها الدولة والهيئات العامة واخلاصة وكذا‬
‫االقتراضات املأذون بها وفقا للتشريع اجلاري به العمل؛‬
‫‪ .6‬عائدات الرسوم شبه الضريبية املفروضة لفائدتها؛‬
‫‪ .7‬الهبات والوصايا والعائدات املختلفة؛‬
‫‪ .8‬جميع املداخيل األخرى املتعلقة بنشاطها‪.‬‬
‫ب) في باب النفقات‪:‬‬
‫‪ .1‬تكاليف أعمال االستغالل واالستثمار التي تقوم بها الوكالة؛‬
‫‪ .2‬املبالغ املرجعة من التسبيقات والقروض؛‬
‫‪ .3‬جميع النفقات األخرى املتعلقة بنشاطها؛‬
‫الباب اخلام�س‪ :‬نقل امللكية‬

‫املادة ‪:13‬‬
‫تنقل إلى ملكية الوكالة‪:‬‬
‫‪ -‬أراضي الدولة اخلاصة والعامة؛‬
‫‪ -‬أراضي الكيش واجلماعات الساللية؛‬
‫‪ -‬األراضي التابعة للجماعات احمللية؛‬
‫‪ -‬األراضي التابعة لألمالك الغابوية والفالحية واملعدنية؛‬
‫‪ -‬األراضي التابعة لوكالة املساكن والتجهيزات العسكرية؛‬
‫‪ -‬األراضي التي هي في ملكية املؤسسات العمومية‪.‬‬
‫ال تفرض على عملية النقل املذكورة أي ضريبة أو رسم‪.‬‬
‫حتدد قائمة األمالك واألراضي املشار إليها في هذه املادة بنص تنظيمي‪.‬‬
‫املادة ‪:14‬‬
‫متارس الوكالة بواسطة تفويض‪ ،‬فيما يخص متلك األراضي‪ ،‬حقوق السلطة العامة وفقا‬
‫للفصل ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 7.81‬املتعلق بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة وباالحتالل املؤقت‪.‬‬
‫التدخل الت�رشيعي يف تنظيم �أمالك الدولة‬ ‫‪326‬‬

‫تنفرد الوكالة مبمارسة حق نزع امللكية‪ ،‬وإذا تعلق األمر بعمليات نزع امللكية لفائدة‬
‫أشخاص معنويني آخرين‪ ،‬وجب عليهم تقدمي طلب بذلك إلى الوكالة التي تتصرف حينئذ‬
‫باسمهم ومتارس بتفويض حقوق السلطة العامة‪ .‬وفي هذه احلالة‪ ،‬تقيد األرض املشيد فوقها‬
‫العقار أو احلق العيني العقاري موضوع نزع امللكية في اسم الشخص املعنوي الذي يهمه‬
‫أمر نزع امللكية والذي يتحمل جميع املصاريف املترتبة على ذلك‪.‬‬

‫الباب ال�ساد�س‪ :‬امل�ستخدمون‬

‫املادة ‪:15‬‬
‫يتكون مستخدمو الوكالة من ‪:‬‬
‫‪ -‬أعوان تتولى توظيفهم الوكالة وفقا لنظام املستخدمني؛‬
‫‪ -‬موظفني يلحقون بها من اإلدارات العمومية‪.‬‬

‫املادة ‪:16‬‬
‫تتوفر الوكالة‪ ،‬للقيام باملهام املسندة إليها في هذا القانون‪ ،‬على هيئة متصرفني محلفني‬
‫ينتدبهم املدير العام بوجه قانوني لهذا الغرض‪.‬‬
‫تعتمد احملاضر التي يحررها املتصرفون املذكورون إلى أن يثبت ما يخالفها‪.‬‬
‫‪327‬‬ ‫الرائد الر�سمي للجمهورية التون�سية بتاريخ ‪ 8‬غ�شت ‪ 2011‬وزارة �أمالك الدولة وال�ش�ؤون العقارية‬

‫الرائد الر�سمي للجمهورية التون�سية بتاريخ ‪ 8‬غ�شت ‪2011‬‬


‫وزارة �أمالك الدولة وال�ش�ؤون العقارية‬

‫قرار من وزير أمالك الدولة والشؤون العقارية مؤرخ في ‪ 30‬جويليه ‪ 2011‬يتعلق بالزي‬
‫اخلاص بأعضاء سلك املستشارين املقررين لدى مصالح نزاعات الدولة‪.‬‬
‫إن وزير أمالك الدولة والشؤون العقارية‪،‬‬
‫بعد اإلطالع على القانون عدد ‪ 13‬لسنة ‪ 1988‬املؤرخ في ‪ 7‬مارس ‪ 1988‬املتعلق‬
‫بتمثيل الدولة واملؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية واملؤسسات اخلاضعة إلشراف‬
‫الدولة لدى سائر احملاكم وخاصة الفصلني ‪ 13‬و ‪ 14‬منه‪،‬‬
‫وعلى املرسوم عدد ‪ 14‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 23‬مارس ‪ 2011‬املتعلق بالتنظيم املؤقت‬
‫للسلط العمومية ‪،‬‬
‫وعلى األمر عدد ‪ 999‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 11‬جوان ‪ 1990‬املتعلق بضبط مشموالت‬
‫وزارة أمالك الدولة والشؤون العقارية‪،‬‬
‫وعلى األمر ‪ 2016‬لسنة ‪ 1990‬املؤرخ في ‪ 3‬ديسمبر ‪ 1990‬املتعلق بضبط النظام‬
‫األساسي اخلاص بأعضاء سلك املستشارين املقررين لدى مصالح نزاعات الدولة كيفما وقع‬
‫تنقيحه باألوامر عدد ‪ 1702‬لسنة ‪ 1994‬املؤرخ في ‪ 8‬أوت ‪ 1994‬وعدد ‪ 437‬لسنة ‪1996‬‬
‫املؤرخ في ‪ 2‬ماي ‪ 2000‬وعدد ‪ 82‬لسنة ‪ 2007‬املؤرخ في ‪ 15‬جانفي ‪ ، 2007‬وخاصة‬
‫الفصل ‪( 6‬جديد) منه ‪،‬‬
‫وعلى األمر عدد ‪ 1235‬لسنة ‪ 1999‬املؤرخ في ‪ 31‬ماي ‪ 1999‬املتعلق بتنظيم وزارة‬
‫أمالك الدولة والشؤون العقارية وخاصة الفصل ‪ 29‬منه ‪،‬‬
‫وعلى األمر عدد ‪ 263‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 10‬مارس ‪ 2011‬املتعلق بتسمية أعضاء‬
‫احلكومة‪.‬‬
‫قرر مايلي ‪:‬‬
‫الفصل األول – يتكون الزي الواجب على أعضاء سلك املستشارين املقررين لدى مصالح‬
‫نزاعات الدولة ارتداؤه تطبيقا ألحكام الفصل ‪( 6‬جديد) من األمر عدد ‪ 2016‬لسنة ‪1990‬‬
‫املؤرخ في ‪ 3‬ديسمبر ‪ 1990‬واألوامر املنقحة له وخاصة األمر عدد ‪ 82‬لسنة ‪ 2007‬املؤرخ‬
‫التدخل الت�رشيعي يف تنظيم �أمالك الدولة‬ ‫‪328‬‬

‫في ‪ 15‬جانفي ‪ 2007‬من رداء قماشي لونه أسود كامد متسع الكمني ملبسني من األطراف‬
‫بشريط من قماش حريري أسود اللون المع عرضه ‪ 18‬صنتمترا‪.‬‬
‫يقفل الرداء من األمام بأزرار سوداء ويختم الرداء قطعة من قماش ذهبي كامد مجعد‬
‫طوله ‪ 30‬صنتمترا وينتهي الزي بذيل مشهر مشدود من الداخل في مستوى احلزام‪،‬‬
‫تشد على مستوى الكتف األيسر من الزي كتفية من قماش حريري أسود تتدلى على‬
‫الزي من األمام على طول ‪ 35‬صنتمترا ومن اخللف ‪ 45‬صنتمترا وتنتهي في طرفيها األمامي‬
‫واخللفي بشريط ذهبي كامد اللون عرضه ‪ 11‬صنتمترا وطوله ‪ 6‬صنتمترات من األمام‬
‫وعرضه ‪ 9‬صنتمترات وطوله ‪ 6‬صنتمترات من اخللف‪.‬‬
‫الفصل ‪ - 2‬يتمثل غطاء الرأس في قبعة مستديرة سوداء قائمة اجلوانب علوها ‪8‬‬
‫صنتمترات ويفوق قطر طرفها العلوي قطر طرفها السفلي بأربعة صنتمترات وتكون مغطاة‬
‫بقماش من القطيفة السوداء عرضه ‪ 2‬صنتمترات‪.‬‬
‫الفصل ‪ – 3‬حتمل على الدولة مصاريف الزي اخلاص بأعضاء سلك املستشارين املقررين‬
‫لدى مصالح نزاعات الدولة‪.‬‬
‫الفصل ‪ - 4‬ينشر هذا القرار بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية ويدخل حيز التنفيذ‬
‫ابتداء من ‪ 16‬سبتمبر ‪.2011‬‬

‫وزير أمالك الدولة والشؤون العقارية‬ ‫ ‬


‫أحمد عظوم‬ ‫ ‬
‫اطلع عليه الوزير‬ ‫ ‬
‫األول الباجي قائد السبسي‬ ‫ ‬
‫‪329‬‬

‫مربرات �إعفاء موظفي الدولة املنتدبني‬


‫لدى املحاكم من بذلة خا�صة‬
‫الـــدكتور العربي محمد مياد‬
‫مفتش إقليمي رئيس باملالية‬
‫رئيس مصلحة العالقة مع األنظمة العقارية مبديرية أمالك الدولة‬

‫صدر بالرائد الرسمي (اجلريدة الرسمية) للجمهورية التونسية ليوم ‪ 8‬غشت ‪ 2011‬قرارا‬
‫وزاريا عن وزير أمالك الدولة والشؤون العقارية بتاريخ ‪ 30‬يونيو ‪ 2011‬يتعلق بالزي اخلاص‬
‫بأعضاء سلك املستشارين املقررين لدى مصالح نزاعات أمالك الدولة‪.‬‬
‫وحسب منطوق هذا األمر يتعني على املوظفني العاملني بوزارة أمالك الدولة والشؤون‬
‫العقارية الذين ميثلون اإلدارات العمومية في املنازعات القضائية لدى احملاكم أن يرتدوا زيا‬
‫رسميا عبارة عن رداء قماشي لونه أسود كامد متسع الكمني ملبسني من األطراف بشريط‬
‫من قماش حريري أسود اللون المع عرضه ‪ 18‬سنتمترا ‪.....‬ويتمثل غطاء الرأس في قبعة‬
‫مستديرة سوداء قائمة اجلوانب‪.‬‬
‫وتتحمل الدولة مصاريف الزي املذكور‪ ،‬ويعمل بهذا القرار ابتداء من يوم ‪16‬‬
‫شتنبر ‪.2011‬‬
‫إن ما أثار انتباهي في هذا القرار الوزاري أنه لم يأت من فراغ‪ ،‬وإمنا جاء كنتيجة حتمية‬
‫ملعاناة ممثلي اإلدارات العمومية واحمللية املكلفني بالنزاعات سواء أمام كتابة الضبط‬
‫باحملاكم أو أمام هيأة الدفاع‪ ،‬ذلك أن هؤالء يعتبرون ممثلي اإلدارات لدى احملاكم مجرد‬
‫موظفني عاديني ال يستحقون أي متييز‪ ،‬بينما رجال احملاماة يعتبرونهم متطفلني عن املهنة ‪.‬‬
‫واملطلع على املسطرة املدنية املغربية جند أن املشرع لم يخص فئة « محامي القطاع‬
‫العام» إال بنص فريد تضمنه الفصل ‪ 34‬عندما نص في الفقرة الثانية على أن اإلدارات‬
‫العمومية تكون ممثلة بصفة قانونية أمام القضاء بواسطة أحد املوظفني املنتدبني لهذه الغاية‪.‬‬
‫وعطفا على هذا النص أكدت املادة ‪ 31‬من قانون احملاماة لسنة‪ 2008‬أنه ال يسوغ‬
‫أن ميثل األشخاص الذاتيون واملعنويون واملؤسسات العمومية والشركات‪ ،‬أو يؤازروا أمام‬
‫القضاء إال بواسطة محام‪ ،‬ماعدا إذا تعلق األمر بالدولة واإلدارات العمومية تكون نيابة‬
‫احملامي أمرا اختياريا بالنسبة لها‪.‬‬
‫التدخل الت�رشيعي يف تنظيم �أمالك الدولة‬ ‫‪330‬‬

‫وهذا يعني أنه يحق للدولة أن تكون ممثلة لدى احملاكم بواسطة موظفني منتدبني لهذه‬
‫الغاية‪.‬‬
‫واملقصود باالنتداب هنا التوقيع على العرائض والطعون وحضور اجللسات كيفما كان‬
‫نوعها‪.‬‬
‫لكن إذا كان الفصل ‪ 37‬من قانون احملاماة مينع على احملامي أن ميثل أمام الهيئات‬
‫القضائية والتأديبية إال إذا كان مرتديا بذلة احملاماة‪ ،‬فماذا عن ممثلي الدولة لدى‬
‫احملاكم؟ هل يحق لهؤالء ارتداء جميع أنواع األلبسة حتى لو تعلق األمر بثياب الشاطئ؟‬
‫ثم أي وقار سيكون للدولة إذا كان من ميثلها أمام القضاء ال يعتني بهندامه ومظهره‬
‫اخلارجي‪ ،‬ويدق األمر أكثر إذا تعلق األمر بعون من الدرجة السفلى إداريا وليس له أي‬
‫تكوين قانوني أو إداري‪.‬‬
‫أمام هذه املعطيات نرى ضرورة تنظيم هذه املهمة انسجاما مع ما جرى به العمل لدى‬
‫بعض الدول املجاورة كتونس مثال وذلك على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ - 1‬االختيار‪:‬‬
‫يتعني اختيار من ميثل الدولة أمام القضاء من األطر العليا املتخصصة في العلوم‬
‫القانونية أو اإلدارية‪.‬‬
‫‪ - 2‬أداء اليمني‪:‬‬
‫يتعني على هؤالء أداء اليمني القانونية إسوة بزمالئهم احملامني في القطاع ا خلاص‪.‬‬
‫‪ - 3‬التمرين‪:‬‬
‫قضاء فترة التمرين لدى مؤسسة متخصصة في تكوين القضاة أو احملامني‪.‬‬
‫‪ - 4‬نظام خاص ‪:‬‬
‫إصدار نظام خاص باملوظفني املمثلني للدولة أمام القضاء يدعى النظام اخلاص‬
‫باملستشارين القانونيني للدولة‪ ،‬مع متتعيهم بتعويضات خاصة عند املهمة‪.‬‬
‫‪ - 5‬ارتداء لباس خاص‪:‬‬
‫إلزام هؤالء بارتداء لباس خاص شبيه إلى حد ما برداء احملامني مع متييزه سواء باللون‬
‫أو القبعة‪.‬‬
‫‪331‬‬ ‫مربرات �إعفاء موظفي الدولة املنتدبني لدى املحاكم من بذلة خا�صة‬

‫‪ - 6‬متتيع ممثلي الدولة لدى احملاكم باحلماية القانونية واجلنائية عن أعمالهم جتاه الغير‪.‬‬
‫‪ - 7‬إعفاؤهم من التمرين املنصوص عليه في املادة‪ 11‬من قانون احملاماة عند الرغبة في‬
‫التقييد في الئحة احملامني‪.‬‬
‫واألمل معقود على كل من وزارة العدل ووزارة االقتصاد واملالية للدفاع عن هذا امللف‬
‫أمام السلطة التشريعية من أجل إخراج نص تشريعي خاص يدعى النظام األساسي اخلاص‬
‫بسلك املستشارين القانونيني العاملني مبصالح نزاعات الدولة مع ما يواكب ذلك من‬
‫امتيازات عينية ومعنوية‪.‬‬
‫‪333‬‬

‫مواد العدد‬

‫‪ - 1‬الأنظمة القانونية لأمالك الدولة‪:‬‬

‫‪ -‬فصل املقال في ما بني الوقف العام واملال العام من انفصال واتصال ‪13......................‬‬
‫‪ -‬أراضي اجليش باملغرب‪ :‬التأصيل التاريخي والنظام القانوني ‪29............................‬‬
‫‪ -‬قصور النظام القانوني والتنظيمي ألمالك اجلماعات الترابية وإشكالية‬
‫ التمويل الغير جبائي للتنمية احمللية باملغرب‪53..........................................‬‬
‫‪ -‬األمالك العمومية بني االستعمال اجلماعي و اخلصوصي ‪109...............................‬‬
‫‪ -‬ممارسة الشفعة في إطار تسوية النزاعات الناجتة عن استرجاع أراضي الدولة الفالحية‬
‫ أو القابلة للفالحة ‪127...............................................................‬‬
‫‪ -‬االستثمار في أمالك الدولة اخلاصة‪161.................................................‬‬
‫‪ - 2‬التوجهات الق�ضائية يف منازعات �أمالك الدولة‪:‬‬

‫‪ -‬توجهات احملاكم اإلدارية‪183..........................................................‬‬


‫‪ -‬توجهات محاكم اإلستئناف‪273........................................................‬‬
‫‪ -‬توجهات محكمة النقض ‪283..........................................................‬‬
‫‪ - 3‬ق�ضايا و�آراء‪:‬‬

‫‪ -‬نص اجلواب املتضمن للرأي الفقهي بشأن سؤال وزارة الداخلية حول وضع‬
‫ املرأة داخل اجلماعة الساللية وحرمانها االستفادة من التعويضات املادية التي‬
‫ يستفيدها الرجل إثر العمليات العقارية التي جترى على بعض األراضي اجلماعية‪311..........‬‬
‫‪ - 4‬التدخل الت�رشيعي يف تنظيم �أمالك الدولة‪:‬‬

‫‪ -‬مقترح قانون رقم ‪ 5.05.11‬بإحداث الوكالة الوطنية لتدبير أراضي الدولة ‪319...............‬‬
‫‪ -‬قرار من وزير أمالك الدولة والشؤون العقارية مؤرخ في ‪ 30‬جويليه ‪ 2011‬‬
‫ يتعلق بالزي اخلاص بأعضاء سلك املستشارين املقررين لدى مصالح نزاعات الدولة ‪............‬‬
‫‪ -‬مبررات إعفاء موظفي الدولة املنتدبني لدى احملاكم من بذلة خاصة ‪329......................‬‬
‫(‪ )CTP‬مطبعة املعارف اجلديدة ‪ -‬الرباط ‪2012 /‬‬

You might also like