‫وقفات تدبرية الجزء العشرون (سورة‬

‫القصص)‬
‫هي سورة مكية️ عدد آياتها ثمان وثمانون َاية‪ ،‬وهي السورة التاسعة واألربعون بحسب نزول‬
‫سور القرآن نزلت بعد سورة النمل وقبل سورة اإلسراء‪،‬‬
‫الربط بين سورة النمل والقصص‬
‫‪1‬ـ قال سبحانه في أواخر سورة النمل ‪َ ... {:‬و ُأِم ْر ُت َأْن َأُك وَن ِمَن اْلُمْس ِلِميَن (‪َ )91‬و َأْن َأْت ُلَو‬
‫اْلُقْر آَن َفَم ِن اْه َت َدى َفِإَّن َم ا َي ْه َت ِدي ِلَن ْف ِس ِه َو َم ن َض َّل َفُقْل ِإَّن َم ا َأَن ا ِمَن اْلُمنِذ ِر يَن (‪. })92‬وقال في‬
‫أوائل سورة القصص ‪ِ {:‬تْلَك آَي اُت اْلِك َت اِب اْلُم ِبيِن (‪. })2‬فذكر القرآن في الموضعين باسم‬
‫القرآن في موضع والكتاب في القصص ‪.‬والمناسبة ظاهرة‬
‫‪ 2‬ـ وقال تعالى في أواخر سورة النمل ‪َ ... { :‬فَم ِن اْه َت َدى َف ِإَّن َم ا َي ْه َت ِدي ِلَن ْف ِس ِه َو َم ن َض َّل َفُقْل‬
‫ِإَّن َم ا َأَن ا ِمَن اْلُمنِذ ِر يَن (‪. })92‬وذكر في أول سورة القصص من اهتدى وهم موسى ومن آمن‬
‫به ومن ضل وهم فرعون ومن تبعه وعاقبة كل منهما ‪.‬فكان ما في سورة القصص بيانا لما‬
‫ورد في عاقبة الهدى والضالل اللذين ذكرهما في سورة النمل ‪.‬‬
‫سبب التسمية‬
‫وسميت بهذا االسم ألنها تطرقت بالتفصيل لقصة موسى ‪-‬عليه السالم‪ -‬منــذ الطفولــة إلى أن‬
‫بعثه هللا تعالى نبًيا لبني إسرائيل‪،‬‬
‫المحور العام لسورة القصص‬
‫ُتعالج موضوعات ومضامين سورة القصص الدعوة إلى التوحيد وبيان إن ارادة هللا وحده‬
‫هي النافذة والثقة بوعد هللا‪.‬‬
‫المقاصد الخاصة لسورة القصص‬

‫مقاصد سورة القصص عظيم ة كالس ورة نفس ها‪ ،‬حيث بداي ة الس ورة عن‬ ‫‪-‬‬
‫قصة موس ى ‪-‬علي ه الس الم‪ -‬وفرع ون‪ ،‬ذك ر هللا تع الى في مطل ع الس ورة‬
‫اآلية الكريمة‪َ{ :‬نْتُلو َع َلْيَك ِم ن َّنَبِإ ُم وَس ٰى َو ِفْر َع ْو َن ِباْلَح ِّق ِلَقْو ٍم ُيْؤ ِم ُن وَن }‪[،‬‬
‫‪]٤‬وختام السورة ُتذكر قصة قارون مع قومه‪،‬‬
‫♦️فالقصة األولى تعرض قوة فرعون الطاغية الذي يمتلك ق وة الحكم والس لطان‬
‫وقد عال في األرض وقسم أهلها شيًعا مستضعًفا بني إسرائيل‪ ،‬حيث يذبح أبنائهم‬
‫ويستحي نسائهم‪ ،‬فرعون بقوته الكبير يواج ه موس ى الطف ل الرض يع ال ذي ب دأ‬
‫حياته فاقًد ا كل شيء إال رحمة هللا تعالى‬
‫️♦ والقصة الثانية تعرض قارون الذي فضل المال متخلًيا عن دينه وقومه‪،‬‬
‫️♦ ومن مقاصد سورة القصص أن قيمة العلم أفضل من قيمة المال‪،‬‬
‫وتؤك د اآلي ات بالس ورة أن س نة هللا ال تتخل ف وال تتبدل على م دار الزم ان‬
‫واختالف المكان‪،‬‬
‫️♦ ومن أهم مقاصد سورة القصص أن هللا تعالى أنزلها على النبي الكريم وهم قلة‬
‫مستض عفون في مك ة المكرم ة وك ان المش ركون هم أص حاب الج اه والس لطان‪،‬‬
‫فأنزلها هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬لتضع الموازين الحقيقية للقيم والق وى لُت بين أن الق وة هلل‬
‫وحده وأن قيمة الك ون تكُم ن باإليم ان‪ ،‬فمن ك ان هللا مع ه فال خ وف علي ه‪ ،‬ومن‬
‫كان بعيًد ا عن هللا سيفقد الطمأنينة والسند الحقيقي‪.‬‬
‫️♦وفصلت السورة كي ف ك انت تربي ة موس ى في م نزل فرع ون وكي ف زال ُم ل ك‬
‫الطاغية حيث جاءت سورة القصص لُتفسر اآلي ات اآلتي ة ال تي وردت في س ورة‬
‫الش عراء‪ ،‬ق ال هللا تع الى‪َ{ :‬ق اَل َأَلْم ُنَرِّب َك ِفيَن ا َو ِلي ًد ا َو َلِبْثَت ِفيَن ا ِم ْن ُع ُم ِرَك‬
‫ِسِنيَن *َو َفَعْلَت َفْع َلَتَك اَّلِتي َفَعْلَت َو َأنَت ِم َن اْلَك اِفِريَن }‪،‬‬
‫️♦وعرض ت الس ورة مش هًد ا لي وم القيام ة حين يتخلى الش ركاء عن ش ركائهم‬
‫فيبصرهم هللا تعالى بعذاب اآلخرة‪،‬‬
‫️♦واخُتتمت السورة العظيمة‬
‫بوعد هللا للرسول وه و خ ارج من مك ة ب أن ال ذي ف رض علي ه الق رآن لينهض‬
‫ب أمره وي رُده إلى بل ده وينُص ره على الش رك وأهل ه‪ ،‬حيث أنعم علي ه بالرس الة‬
‫ويبشُر ه بالنصر على المشركون‪ ،‬وصدق هللا في وعده لرسوله الكريم‬
‫️♦قصة موسى من أبرز القصص المذكورة بالسورة قصة موسى ‪-‬علي ه الس الم‪،-‬‬
‫حيث شاء قدر هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬أن يعيش موسى ‪-‬عليه السالم‪ -‬بمنزل أك بر الطغ اة‬
‫الذي عرفهم التاريخ‪ ،‬لُي درك ُظلم فرع ون ويع رف كي ف يخط ط الطاغي ة وقوم ة‬
‫للمستضعفين‪ ،‬وأعطى هللا لنبيه العلم والحكم ة‪ ،‬وش اء هللا أن يقتل موس ى رج ل‬
‫من َال فرعون بعد أن وكزه بالعصا ليخرج من مصر خائًف ا ويس تقر بم دين لم دة‬
‫عشر سنوات‪ ،‬وخالل طريق عودته لمصر وبالتحديد عند جبل الط ور‪ ،‬أرس له هللا‬
‫تعالى نبًيا لبني إسرائيل طالًبا منه الذهاب لفرعون ودعوته لتوحيد هللا‪ ،‬وكان م ع‬
‫النبي موسى معج زتين األولى العص ا والي د أب رز قص ص ب ني اس رائيل ُع رف‬
‫عنها أنها كانت بالجدال مثل قصة بقرة بني إس رائيل ودخ ولهم إلى بيت المق دس‬
‫ومعركة طالوت وجالوت‪.‬‬
‫قصة قارون ذكر هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬في السورة الجليلة قصة قارون الذي ك ان‬ ‫‪-‬‬
‫من ق وم موس ى ‪-‬علي ه الس الم‪ -‬وأنعم هللا علي ه ب الثراء من ذهب وفض ة‬
‫وغيرها‪ ،‬وكان قارون يظن أن أمواله جلبها بامتالكه العلم والمعرفة‪ ،‬ش كل‬
‫جماع ات من الخ دم لحماي ة أموال ه الكث يرة‪ ،‬نتيج ة امتالك ه ألم وال كث ير‬
‫تحول إلى ظالم‪ ،‬حيث تجاوز الحدود بُظلمه لنفسه وقومه‪،‬‬
‫واستمر قارون على ظلمه وتقربه من فرعون حتى خسف هللا ب ه األرض‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫كما جاء باآلية الكريمة‪َ{:‬فَخ َس ْفَنا ِب ِه َو ِب َد اِر ِه اَألْر َض َفَم ا َك اَن َل ُه ِم ن ِفَئ ٍة‬
‫َينُصُر وَنُه ِم ن ُدوِن ِهَّللا َو َم ا َك اَن ِم َن الُم نَتِص ِريَن }‪.‬‬
‫عرضت السورة مشهدًا من مشاهد يوم القيامة‪ ،‬حين يتخلى الشركاء عن‬ ‫‪-‬‬
‫شركائهم على رؤوس األشهاد‪ ،‬فيبصرهم سبحانه بعذاب اآلخرة‪ ،‬بعد أن‬
‫حذرهم عذاب الدنيا‪ ،‬وبعد أن علمهم أين يكون الخوف‪ ،‬وأين يكون األمان‪.‬‬

‫وُخ تمت السورة بوع د من هللا لرس وله الك ريم‪ ،‬وه و ُم ْخ َر ج من مك ة‪ُ ،‬م َط اَر د من‬ ‫‪-‬‬
‫المش ركين‪ ،‬ب أن ال ذي ف رض علي ه الق رآن لينهض بتكاليف ه‪ ،‬ال ب د راّده إلى بل ده‪،‬‬
‫ناصره على الشرك وأهله‪ ،‬وقد أنعم عليه بالرسالة‪ ،‬ولم يكن يتطل ع إليه ا‪ ،‬وس ينعم‬
‫عليه بالنصر والع ودة إلى البل د ال ذي أخرج ه منه المش ركون‪ ،‬س يعود آمنًا ظافرًا‬
‫مؤيدًا‬