Professional Documents
Culture Documents
المقاولاتيـــــة 1-3
المقاولاتيـــــة 1-3
المحاضرة األولى
المدخل:
تشكل المقاوالت عنصرا أساسيا في النسيج اإلقتص ادي لل دول ،إذ تعت بر في
كثير من الدول المكان المفضل للتشغيل على ص عيد اإلقتص اد كك ل ،كم ا تنتج في
دول أخرى الحصة الكبرى من القيمة المضافة ،التي تحدد في نهاية المطاف معدل
النمو اإلقتصادي .ونظرا لهذه األهمية ،تبذل مختلف ال دول جه ودا كب يرة لتش جيع
إنش اء ه ذه المق اوالت وجعله ا راف دا لتنوي ع اإلقتص اد من جه ة وتعزي ز النم و
اإلقتصادي والتش غيل من جه ة ثاني ة ،فهن اك من ال دول من نجحت في ذل ك ألنه ا
فهمت العوامل الحقيقي ة المس اعدة على إنش اء ه ذه المق اوالت ونج اح إس تمرارها
وتطورها ،وهناك دول أخرى كانت أقل نجاحا أو فشلت تماما بس بب إهماله ا له ذه
العوامل أو قصرت في اإلعتناء بها.
تطور التعريفات:
قبل التط رق إلى ع دد من التعريف ات ال ب د من توض يح مفه وم المق اول ،إذ
تطور هذا المفهوم مع م رور ال زمن ،ففي فرنس ا خالل العص ور الوس طى ك انت
كلمة مقاول تعني الشخص الذي يشرف على مسؤولية ويتحمل أعباء مجموع ة من
األف راد ،ثم أص بح يع ني الف رد الج ريء ال ذي يس عى من أج ل تحم ل مخ اطر
اقتصادية .أما خالل القرنين 16و 17فقد أصبح يعني الفرد الذي يتج ه إلى أنش طة
المضاربة( أي الذي يبحث عن األرباح).
اس تعملت ه ذه الكلم ة ألول م رة س نة 1616من ط رف الع الم الفرنس ي DE
MONCHRETIENوك انت تع ني الش خص ال ذي يوق ع عق دا م ع الس لطات
العمومية من أجل ضمان إنجاز عمل ما .أو مجموعة أعم ال مختلف ة ،وبن اء على
ذلك كانت توكل إليه مهام تشييد المباني العمومية وانجاز الطرقات ،ضمان تزوي د
الجيوش بالطعام.
وبالرغم من تطور هذا المفهوم عبر الزمن إال أن الفض ل يع ود إلى بعض العلم اء
االقتص اديين مث ل CONTILLONس نة ،1755و SAYس نة 1803الل ذان
قدما تصورا واضحا عن وظيفة المقاول.
فالمقاول حسب كونتيون هو شخص مخاطر يقوم بتوظيف أمواله الخاص ة ،حيث
يعت بر حال ة "ع دم اليقين" عنص را أساس يا في تعري ف المق اول .حيث ي رى أن
المقاول في أي مجال كان ،يشتري ويستأجر بسعر أكيد ثم ينتج وي بيع بس عر غ ير
أكيد .فهو غير متأكد من نجاح نشاطه أو فش له ،فه و يتحم ل المخ اطر في عمليات ه
االقتصادية.
-أما االقتصادي الكالسيكي الفرنسي جون بابتيست ساي J.B.SAYيعتبر المقاول
الشخص المبدع الذي يقوم بجمع وتنظيم وسائل اإلنتاج ،بهدف خلق منفعة جديدة.
-يرى جوزي ف ش ومبيتر J.Shumpeterع الم أم ريكي من أص ل نمس اوي في
االقتصاد والسياسة أن المقاول ه و ذل ك الش خص ال ذي لدي ه اإلرادة والق درة على
تحويل فكرة جديدة أو اخ تراع جدي د إلى ابتك ار ،وبالت الي فوج ود ق وى الري ادة"
التدمير الخالق" في األس واق والص ناعات المختلف ة تنش أ منتج ات ونم اذج عم ل
جدي دة ،وبالت الي ف إن الري اديين يس اعدون ويق ودون التط ور الص ناعي والنم و
االقتصادي على المدى الطويل.
وتتمثل وظيفة المقاول حسب شومبيتر في البحث عن التغيير والتصرف بما يوافقه
واستغالله كأنه فرصة .لذا فإنه يعتمد على إبداع ه واختراعات ه للتقني ات وتوظيفه ا
من أجل تحقيق ما يلي:
-صنع منتج جديد.
-استعمال طريقة جديدة في اإلنتاج
-اكتشاف قنوات توزيع جديدة في السوق.
اكتشاف مصادر جديدة للموارد األولية أو الموارد النصف مصنعة.
-إنشاء تنظيمات جديدة.
-بيتر دراكر :Peter Drukerعالم نمس اوي عم ل في أمريك ا واهتم باالقتص اد
والتس يير واإلدارة ،يعت بر من األوائ ل ال ذين أش اروا إلى ه ذا المفه وم في س نة
،1985من خالل حديثه عن تحول االقتص اديات الحديث ة من اقتص اديات التس يير
إلى اقتصاديات مقاوالتية.
كذلك نجد أعمال االقتصادي االنجليزي ألفراد مارشال A. Marsallالذي يعتبر
من أوائل الكتاب االنجليز الذين اهتموا بالمقاول ،حيث تزامنت أعماله م ع ظه ور
المؤسسات الكبيرة التي شهدت انتشارا كبيرا .لذلك فهو يعتبر تح ول االقتص اد من
االعتم اد على نظ ام الح رف الص غيرة ال تي يس يرها العم ال أنفس هم إلى نظ ام
المؤسسات الكبيرة المسيرة من طرف مقاولين رأسماليين يتطلب وجود رجال ذوي
طاق ات كب يرة تتمث ل مهمتهم في تس يير االنت اج بطريق ة ت ؤدي إلى جع ل الجه د
المبذول يقدم أحسن نتيجة ممكنة من أجل إشباع الحاجات اإلنسانية.
ويمكن تلخيص بعض التعريفات فيما يلي:
:CANTILLON-المق اول ه و ص احب رأس الم ال ال ذي يتحم ل المخ اطر
الناجم ة عن "اليقين البيئ ة" أي بيئ ة غامض ة ومجهول ة ،ال يمكن فيه ا تص ور
النتائج.
:D.Mc.Clelland-المق اول ه و الش خص ال ديناميكي ال ذي يخ وض مخ اطر
محسوبة.
يتفق جل الباحثين على أن المقاول يق وم بإنش اء مؤسس ة أين يعم ل في ظ ل اليقين
البيئة بصفة عامة وتقلبات األسواق بصفة خاصة ،ويتحم ل المخ اطر الناجم ة عن
ذلك" مخاطر مالية ،جسدية ،عائلية ،نفسية....إلخ.
-أما اللجنة األوروبية فقد عرفت المقاول كما يلي:
يمكن اعتبار المقاول ذلك الفرد الذي يأخذ ويتحمل األخطار ،بجمع الم وارد بش كل
فعال ،يبتكر في إنتاج خدمات ومنتجات بطرق إنت اج جدي دة ،يح دد األه داف ال تي
يريد بلوغها ،وذلك بتخصيصه الناجع للموارد.
ويعتمد األمريكيون مند التس عينيات على تعري ف Howard Stevensonال ذي
يعتبر المقاوالتية طريقة يح دد من خالله ا األف راد والمنظم ات الف رص ومتابعته ا
وتجسيدها من خالل الموارد المتاحة.
المحاضرة الثانية
أهم المقاربات في مجال المقاوالتية:
تعددت المقاربات التي تناولت المقاول من عدة جوانب ،وس وف نرك ز على
أهمها:
-المقاربة الوظيفية:
يمثله ا الع الم Shumpeterال ذي يعت بر من رواد الفك ر المق اوالتي ،من خالل
نظريته" التطور االقتصادي" ،حيث اعتبر المق اول شخص ية محوري ة في التنمي ة
االقتصادية يتحمل عدة مخاطر من أج ل اإلب داع وخاص ة عن دما يعم ل على خل ق
طرق إنتاج جديدة.
-المقاربة السلوكية:
التي ترك ز على الف رد اله ادف إلى إنت اج المعرف ة ،حيث ترك ز على الخص ائص
البس يكولوجية للمق اول مث ل الص فات الشخص ية وال دوافع والس لوك .وهن ا يمكن
معرفة الشخص اإليجابي والشخص الس لبي انطالق ا من خصوص يات الشخص ية،
الدافعية ،التحفيز ،الرغبة...
-المقاربة السوسيو-أنثروبولوجية:
تهتم باألصول االجتماعية للمقاول ومساراته المهنية ،حيث س لط Max Weber
الض وء على أهمي ة نظ ام القيم ودوره ا في إض فاء الش رعية وتش جيع أنش طة
المقاوالتية كشرط ال غنى عن ه في تط ور الرأس مالية .يمكن اإلش ارة هن ا إلى دور
المذهب البروتستانتي في تطور الرأس مالية .وه ذا من خالل كتاب ه "البروتس تانتية
وروح الرأسمالية".
وق د س اهم في توض يح الفك ر المق اوالتي من خالل البع د األن ثروبولوجي ع الم
االجتماع واألنثروبولوجيا الفرنسي ، Marcel Maussحيث رأى أن المقاوالتية
هي الفعل الذي يقوم به المقاول والذي ينفذ في س ياقات مختلف ة وبأش كال متنوع ة.
فيمكن أن يكون عبارة عن إنشاء مؤسسة جديدة بشكل قانوني ،كم ا يمكن أن يك ون
عبارة عن تطوير مؤسسة قائمة بذاتها ،إذ أنه عم ل اجتم اعي بحث على ح د ق ول
مارسيل موس.
وتظهر ضمن هذه المقاربة عناصر سوسيو-أنثروبولوجية ،من أهمها:
-القيم المكتسبة في مرحلة الطفولة مثل تحمل المخاطرة وتحمل المسؤولية(اكتساب
قيم السلطة) ،مما يؤدي إلى زيادة الميل نحو سلوك المقاولة.
-األصول المهنية والثقافية للعائالت(األبوين واألقرب اء) ال ذين يمارس ون نش اطات
مقاوالتية ،حيث بينت بعض الدراسات أن ه ذه الح اال تمث ل %50من المق اولين.
فالشباب الذين يعيشون في هذا النوع من العائالت والبيئات يعتبر اآلب اء واألقرب اء
نماذج يقتدى بهم ،مثل المقاوالت الحرفية التي غرست في أبنائه ا روح المقاوالتي ة
بالتوريث.
-المقاربة العملياتية أو التشغيلية:
اعترض ت على بعض عناص ر المق اربتين الس ابقتين ،واق ترحت على الب احثين
االهتمام بانجازات المقاولين وأفعالهم ،وليس صفات شخصياتهم.
وبن اء على م ا س بق ،المقاوالتي ة هي إذن :األفع ال والعملي ات االجتماعي ة
واالقتصادية التي يقوم بها المقاول إلنشاء مؤسسة جدي دة ،من أج ل إنش اء ث روة،
من خالل األخ ذ بالمب ادرة ،وتحم ل المخ اطر ،والتع رف على ف رص العم ل،
ومتابعتها وتجسيدها على أرض الواقع.
-المقاربة التعليمية:
تهدف المؤسسات التكوينية(المعاهد والجامع ات بالخص وص) بتوجهه ا وسياس تها
نحو إقامة العالقة مع مؤسسات المحيط إلى انفت اح الطلب ة على الفك ر المق اوالتي،
وذلك عن طري ق التربص ات الميداني ة ،ومش اريع م ذكرات التخ رج .ويتم غ رس
الفكر المقاوالتي من خالل:
-نشر الوعي من خالل الملتقيات والندوات العلمية.
-تثمين صورة المقاوالتية بواسطة جلب معارف وقدرات ومهارات بشرية ونم اذج
رائدة تحفز األفراد على أخذ أحسن القرارات إلنشاء مؤسسات تحقق مستوى عالي
من النمو.
-المقاربة االقتصادية:
لقد تمت دراسة المقاوالتية لفترة طويلة من الزمن انطالقا من العلوم االقتص ادية و
االجتماعية التي قامت بالتركيز على نتائج المقاوالتية في محاولة منها اإلجابة على
التساؤلين التاليين:
ما هو تأثير األنشطة المقاوالتي ة على االقتص اد ؟ م اهي الظ روف االقتص ادية و
االجتماعية والثقافية التي تشجع المقاولتية ؟
تبنى شومبيتر المدخل القائل ب أن النظ ام االقتص ادي المتك ون من ج انب الع رض
ومن جانب الطلب يكون في حالة توازن ،ويمي ل المق اول إلى كس ر حال ة الت وازن
المسيطرة على النظام االقتصادي من خالل م ا يقدم ه من ابتك ارات في النظ ام في
صورة منتجات جديدة ،أو أساليب إنتاج جديدة أو أسواق جديدة .وقد ع بر عن ه ذه
العملية بمص طلح الت دمير الخالق ،حيث يق وم المق اولون بكس ر الح واجز والقي ود
الموجود في النظام االقتصادي ،األمر الذي يدفع غ يرهم إلى تتب ع خط اهم وي ؤدي
إلى ارتفاع المستوى االقتصادي الذي يحدث نتيجة لهذه االبتكارات إلى إحداث نقلة
نوعية في النظام االقتصادي.
ويميز شومبيتر بين خمسة أنواع من التوافقات الجديدة.
-تقديم منتج جديد.
-تقديم طريقة أو أسلوب إنتاجي جديد.
-افتتاح أو دخول سوق جديدة.
-الحص ول على مص در توري د جدي د للم واد الخ ام ،أو أي س لع ص ناعية أخ رى
مشابهة.
-إنشاء منظمة جديدة أو صناعة جديدة.
المحاضرة الثالثة