1

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫‪:‬طرح المشكلة ‪é1-‬‬

‫عادة ما تعرف الفلسفة بكونها ذلك التأمل النظري العميق في مسائل الوجود ككل حسب الفالسفة اليونانيون وذلك التساؤل‬
‫النقدي البناء الهادف إلى المعرفة‪ ،‬وهي في األصل كلمة يونانية مركبة من لفظين ‪:‬فيلو وتعني محبة وصوفيا وتعني‬
‫الحكمة‪،‬وعليه الفيلسوف هو الذي يسعى إلى المعرفة في أقصى حدودها لذا عرفت قديما بأم العلوم‪ ،‬لكن بعد انفصال العلوم‬
‫عن الفلسفة وظهور المنهج التجريبي ووصل إلى أوجه في القرن ‪ 17‬م اختلفت اآلراء بين مؤيدين ومعارضين حول قيمة‬
‫الفلسفة وحاجة االنسان لها خاصة في عصرنا هذا الذي يعرف مختلف التطورات التكنولوجية والعلمية ‪ ،‬فهناك من يرى ان‬
‫الفلسفة ضرورية كانتاج فكري من بينهم االنجليزي المعاصر برتراند راسل‪ ،‬والبعض اآلخر يرون أنه ال حاجة للتفكير‬
‫الفلسفي خاصة ان الفلسفة ال تنتهي الى نتائج وبراهين قاطعة عكس العلم مما دعا الى ضرورة استبدال الفلسفة بالعلم وعلى‬
‫راس هؤالء انصار الوضعية المنطقية فريدريك وايزمان‪،‬وأمام هذا االشكال نطرح السؤال التالي ‪:‬هل تطور العلم يعود سلبا‬
‫على الفلسفة ؟بمعنى آخرهل االنسان بحاجة للفلسفة في ظل التفدم العلمي؟‬
‫‪:‬محاولة حل المشكلة‪2-‬‬
‫‪:‬أ‪ /‬عرض منطق االطروحة ‪ 1‬ومسلماتها‬
‫يؤكد البعض أن الفلسفة ضرورية لالنسان باعتبارها انتاج فكري ورفضها هو رفض للفكر والعقل‪،‬فإذا كان التفكير مالزم‬
‫لالنسان باعتباره وظيفة جوهرية له‪،‬فمن المستحيل انكار الفلسفة كنموذج من نماذج التفكير عرفته البشرية عبر التاريخ‪،‬‬
‫والتفكير هو ممارسة لوظيفة طبيعية في االنسان‪،‬هي وظيفة عقلية‪،‬وعليه التفلسف ال ينفصل عن التفكير‪،‬وهذا ما يميز‬
‫االنسان ككائن عاقل‪،‬فهذا األخير يسعى إلى المعرفة بجميع أنواعها كما يسعى لكشف حقائق االشياء وماهياتها و اسباب‬
‫وجودها فيطرح االسئلة بالفطرة‪ .‬والسؤال من الناحية االصطالحية طلب واستدعاء للمعرفة‪ ،‬لذا الفلسفة هي طلب ورغبة في‬
‫المعرفة ‪،‬والفيلسوف ال يختلف عن أي باحث ومحب للمعرفة يتميز بجهده في البحث عن كل شكل من اشكال المعرفة غايته‬
‫الوصول الى الحقيقة في اقصى حدودها شأنه شأن العالم ‪،‬وعبر التاريخ يؤكد الكثير من الفالسفة قيمة هذا النوع من التفكير‬
‫من بينهم الفالسفة اليونانيون كافالطون وتلميذه أرسطو‪،‬هذا األخير يؤكد أن منبع التفلسف تمثل في الدهشة حيث يقول‪ «:‬لقد‬
‫اتاحت الدهشة لالنسان قديما كما حديثا أن يتفلسف‪....‬والذي يدهش ويسأل انما يشعر بالجهل‪...‬حتى يتحاشى االنسان الجهل‬
‫بدا بالتفلسف »‪،‬فالسؤال في الفلسفة يتميز بخصائص فريدة أبرزها الدهشة الفلسفية واالحراج ويقصد بالدهشة تلك الحيرة‬
‫والقلق التي يشعر بها الفيلسوف نتيجة جهله لحقيقة االشياء‪،‬فالوعي بالجهل وادراك صعوبة السؤال هو ما يدعو الى التفكير‬
‫والتامل والبحث عن المعرفة‪.‬فال ياخذ االنسان عالم تجربته على ما هو عليه بكل بساطة بل هو يتعجب ويسال عن االسباب‬
‫وحقائق االشياء ‪ :‬ما اصل االشياء؟ما الحقيقة؟هل يمكن الوصول الى حقيقة مطلقة؟ما اصل المعرفة العقل ام الحواس؟‪.‬ما‬
‫الخير؟ ما الجمال‪.‬؟ ما مصيري بعد الموت؟‪...‬الخ‪ ،‬وبالتالي فهي دهشة تتعلق باشياء الطبيعة وما وراءهاوقد عبر عنها‬
‫الفيلسوف أيو العقالنية روني ديكارت‪« :‬بانها دهشة فلسفية يتولد عنها الفضول ال الشرود‪،‬تحرك الفكر وتستجيب السمى‬
‫تطلعات الفكر الذي يبحث في المعرفة من اجل المعرفة» لهذا يقول الفيلسوف أفالطون ‪«:‬خاصية الفالسفة االندهاش من كل‬
‫شيء »ويقول الفيلسوف الوجودي المعاصر كارل ياسبرز‪ «:‬يدفعني االندهاش الى المعرفة فيشعرني بجهلي» ‪،‬ونتيجة لهذا‬
‫الجهل يشعر الفيلسوف أيضا باالحراج ويقصد به الشك فالفيلسوف في حالة شك وضيق نتيجة الشعور بالجهل وادراك‬
‫صعوبة السؤال وهذا ما يدفعه للبحث عن جواب ‪.‬وفي هذا يقول المفكر آالن جيرانفيل‪« :‬ان السؤال الفلسفي يهدف الى اماطة‬
‫الجهل»‪.‬ولهذا االسئلة في الفلسفة اهم من االجابات عكس السؤال العلمي الذي هدفه الوقوف على القوانين العلمية كجواب‬
‫نهائي فاذاكان العلماء يطرحون مشكال يمكن حلها آجال او عاجال فان السؤال الفلسفي يطرح اشكاليات وهي اسئلة تثير‬
‫نتائجها الشكوك‪،‬ومن ابرز هذه االسئلة ما ارتبط بالقضايا الميتافيزيقية كمسألة الحرية والمسؤولية‪،‬مصير االنسان ‪،‬ومختلف‬
‫المشاكل المرتبطة بالقيم االخالقية والجمالية والمشاكل المعنوية فحسب ارسطو العلم والمعرفة كليهما انتاج للتأمل الفلسفي‬
‫حول االنسان والكون والعالم‪،‬فالفلسفة دهشة ووعي بالجهل غاية ممارستها المعرفة من اجل المعرفةوالتاريخ يثبت انه عن‬
‫طريق التفلسف فقط ارتقى الفكر االنساني من الطبيعة الحيوانية و العفوية والغريزية لالنسان لهذا يعرف الفلسفة يقول‪ «:‬هي‬
‫علم الوجود بما هو موجود»‪،‬فاعتبرها العلم الكلي الذي يشمل باقي العلوم ويعلوها ألنها تبحث في االسباب والعلل األولى‬
‫للوجودوبقدر ما يستطيع عقل االنسان في معرفة االمور العويصةوينتج من هذا ان الفلسفة حسب ارسطو هي العلم النظري‬
‫بالمبادئ واالسباب االولى‪،‬ويرى أبو العقالنية روني ديكارت‪ :‬ان للفلسفة قيمة كبيرة حيث يقول‪...« . :‬وكنت أريد ان اوجه‬
‫النظر الى الفلسفة وابين انها نظر لكونها تشمل كل ما يمكن لففكر االنساني ان يعرفه ‪....‬وان حضارة كل امة انما تقاس بقدرة‬
‫ناسها على تفلسف أحسن»‪،‬ففي العصر الحديث كانت الفلسفة هي أم العلوم فالفيليوف في العصر الحديث هو الملم بجميع‬
‫المعارف الى درجة يشبهها ديكارت بشجرة جذورها الميتافيزيقا وجذعها الفيزيقا او العلم واغصانها مختلف العلوم على‬
‫راسها االخالق ةاطب والميكانيكا‪،‬بل بل كانت الفلسفة في العصر الحديث مقياس تحضر االمم ‪،‬حيث نقول أن أمة ما‬
‫متحضرة على أساس عدد الفالسفة فيها‪ ،‬ومن أبرز الفالسفة المسلمين الذين وضحوا قيمة الفلسفة نجد ابن سينا ت ‪1037‬م‬
‫الذي يرى ان حقيقة الفلسفة ال تكمن في المعرفة فقط بل هي موقف من الحياة يقفه االنسان الثبات جدارته بحياة متميزة عن‬
‫حياة باقي الكائنات غير العاقلة يقول« الحكمة صناعة نظر يستفيد منها االنسان تحصيل ما عليه الوجود كله في نفسه وما‬
‫عليه الواجب مما ينبغي ان يكسبه فعله لتشرف بذلك نفسه وتستكمل وتصير عالما معقوال»‪ ،‬أما الفيلسوف ايمانويل كانط‪« :‬‬
‫يرى الفلسفة من المهمات االولية التي تقع على عاتق كل انسان باعتبارها عمل تنويري» والكثير من الفالسفة المغاصرين‬
‫ابرزوا قيمة الفلسف على راسهم االنجليزي برتراند راسل يقول« ان قمة الفلسفة تكمن فيما هي عليه من عدم اليقين‬
‫بالذات‪....‬وان كانت الفلسفة عاجزة عن ان تهدينا على وجه اليقين الى الجواب الصحيح لما تثيره من شكوك فعلى االقل هي‬
‫قادرة على ان توحي بكثير من صور االمكان التي توسع عقولنا وتحررنا من عقال العرف والتقاليد‪....‬وتوقظ فينا الشعور‬
‫»‪..... :‬بالتعجب والرغبة في االطالع‬
‫ب – نقدالحجج و البراهين ‪ : 1‬لكن تطور الفكر االنساني اليوم راجع بالدرجة األولى الى التطور العلمي والتكنولجي ‪،‬ال‬
‫التفكير الفلسفي خاصة بعد انفصال العلوم عنها‪،‬وبما أن اللسفة ال تنتهي الى نتائج نهائية أو براهين قطعية اقتنع بعض العلماء‬
‫أن البحث الفلسفي بحث عبثي ال طائل منه ‪،‬خاصة ان التفسير العلمي يتناقض مع التفسير الميتافيزيقي لذا دعو الى ضرورة‬
‫استبدال الفلسفة بالعلم‬
‫ج ‪-‬عرض النقيض االطروحة ومسلماتها‪:‬أكد البعض ان التفكير الفلسفي تفكير كالسيكي‪،‬ال يمكن اعتباره إال مرحلة من‬
‫مراحل تطور الفكر البشري فهي بحث عبثي ال يصل إلى نتائج نهائية‪،‬وتتعدد فيه اإلجابات المتناقضة‪،‬بل نظرتها الميتافيزيقية‬
‫تبعدها عن الدقة الموضوعية التي يتصف بها الخطاب العلمي خاصة بعد ان هجرت العلوم شيئا فشيئا المنهج التاملي الفلسفي‬
‫الى منهج البحث العلمي حيث لم يعد لها موضوع بعد انفصال العلوم وتخصصها‪،‬فلم يبقى لها سوى الميتافيزيقا التي يستعصى‬
‫البحث فيها تجريبيا‪،‬فأصبحت مجرد أوهام ال يمكن الوصول فيها الى يقين‪،‬وهكذا أعلن البعض موت الفلسفة فلم يعد للمعرفة‬
‫الفلسفية دور في الحياة اإلنسانية بعد ظهور وتطور العلم في العصر الحديث هذا الذي جعل العالم الفرنسي أوجست كونت‬
‫يعتبرها مرحلة من مراحل الفكر «حالة من الحاالت الثالث المرحلة الالهوتية–المرحلة الميتافيزيقية–المرحلة الوضعية» التي‬
‫حان للفكرالبشري أن يتخلص منها حتى يترك للمرحلة الوضعية–العلمية‪ -‬وهي المرحلة العلمية ذاتها‪،‬و تقدم العلوم وانفصالها‬
‫عن الفلسفة جعل منها مجرد بحث ال طائل من وراءه أو بمعنى أخر ما الذي يبرر وجود الفلسفة بعد أن استحوذت العلوم‬
‫الحديثة على مواضيعها‪.‬فالفلسفة بحث عقيم ال جدوى منه‪،‬فهي ال تفيد اإلنسان في شيء فال معارف تقدمها وال حقائق ألنها‬
‫مجرد تساؤالت ال تنتهي ‪،‬كثيرا ما تكون متناقضة وتعمل على التشكيك في بعض المعتقدات مما يفتح الباب لبروز الصراعات‬
‫الفكرية كما هو الشأن في علم الكالم وهذا الذي دفع غوبلو يقول‪ «:‬المعرفة التي ليست معرفة علمية ال يمكن اعتبارها علما‬
‫بل جهال» وذهب أنصار الوضعية المنطقية في هذا العصر‪،‬من جماعة فينا شنوا هجوما عنيفا على الفلسفة وأكدوا ان عهد‬
‫الفلسفة انتهى وحان الوقت الستبدالها بالعلم الذي يمثل المرحلة الوضعية للفكر االنساني‪،‬ونظروا الى الفلسفة نظرة سلبية‬
‫ورفضوها باسم العلم بحجة ان العلم مبني عل االتفاق وان معارفه يقينية ‪،‬تتقبلها جميع العقول البشرية بينما الفلسفة منذ فجر‬
‫التاريخ لم تصل الى حقائق يقينية وقطعية‪،‬كما أن التقدم العلمي والتكنولوجي راجع الى المنهج التجريبي والدراسة الوضعية‬
‫للطبيعة و الفلسفة باستمرارها في طرح تساؤالته ال تيسر حياة اإلنسان مثلما يفعل العلم فإنها تفقد قيمتها ومكانتها وضرورتها‬
‫‪.‬فحاجة اإلنسان إلى الفلسفة مرتبطة بمدى معالجتها لمشاكله وهمومه اليومية حيث يقول فريديريك وايزمان‪« :‬البراهين‬
‫الفلسفية ليست استداللية‪،‬لذا فانها ليست حاسمة وال تثبت شيئا‪.‬فأقدر األدمغة تختلف فيما بينها ‪.‬ويستحيل وجود هذه‬
‫االختالفات في األنساق الواضحة‪،‬ووجودها في الفلسفة شاهد على خلو البراهين الفلسفية من الصرامة المنطقية التي تتسم بها‬
‫الرياضيات والعلوم الدقيقة»‪ ،‬ولهذا السبب أايضا نجد المفكر العربي المعاصر زكي نجيب محمود يسيخر من التفكير‬
‫الميتافيزيقي‪ ،‬فالبعض يعتقد ان الفلسفة ما هي إال ادعاءات ميتافيزيقة فارغة ال جدوى منها والبد من االعتماد على التفكير‬
‫العلمي الذي استطاع أن يحل مشاكل االنسان ويجيب عن أسئلته بطريقة موضوعية ‪،‬وعن طريق العلم فقط تحرر االنسان من‬
‫الطبيعة وكشف اسرارهات وأصبح يتحكم فيها وهو الوسيلة التي يبلغ بها السعادة حيث يقول االمريكي وليام جيمس‬
‫» «الميتافيزيقا مجرد خرافة‬
‫د‪-‬نقد ومناقشة ‪ :‬لكن طبيعة الفلسفة تختلف عن طبيعة العلم ‪ ،‬فال يمكن قياس النشاط الفلسفي بمقياس علمي ‪ ،‬ألن الفلسفة‬
‫تجيب عن تساؤالت ال يجيب عنها العلم كما يقول التركيب ‪:‬يقول برتراند راسل‪ «:‬مهمة الفلسفة هي البحث في ما يعجز عنه‬
‫العلم‪»،‬فالعلم ال يستطيع االجابة عن كل تساؤالت االنساني خاصة اذا تعلق االمر بمشاكل المعرفة والقيم االخالقية‬
‫والجمالية ‪:‬ما الحق ؟ما العدالة ‪،‬هل االنسان حر ام مقيد؟‪...‬الخ وبالتالي مهمة الفلسفة أرقى من مهمة العلم كونها تهتم بالوجود‬
‫ككل خاصة االنساني‪..‬فالعلم ال يستطيع البحث فيها نظرا لطبيعة منهجه التجريبي‪،‬بل ان مثل هذه المواضيع االشكالية تحتاج‬
‫بحث فلسفي‬
‫الرأي الشخصي ‪:‬بالرغم من التطور العلمي اال ان الفلسفة ال يمكن أن تفقد مكانتها فلوالها لما تطور العلم اليوم فالفلسفة‬
‫حاربت بفضل مفكريها وفالسفتها من التغلب على الفكر الكنسي المتطرف و الجمود الذي مارسه هؤالء والذي جعل من‬
‫‪ .‬أروبا تعيش في التخلف و الجهل‬
‫الخاتمة‪ :‬وال يمكن انكار التفلسف كظاهرة انسانية ‪،‬والذين يشككون في الفلسفة مضطرون الى استعمالها من حيث ال يشعرون‬
‫لهذا يقول ارسطو «‪:‬أن كل هجوم على الفلسفة هو في الحقيقة تفلسف» ألن مهمة الفلسفة اليوم بالدرجة االولى دراسة نقدية‬
‫لمختلف العلوم‬

You might also like