Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 8

‫بحث حول خصائص الشريعة ال إسلامية‬

‫تعريف الشريعة ‪:‬‬


‫لغة ‪ :‬سن القوانين ‪،‬الطريق المستقيم ‪.‬‬
‫شرعا ‪:‬هو سن القوانين التي تعرف منها ال أحكام ل أعمال المكلفين‪،‬وما يحدث لهم من‬
‫ال أقضية والحوادث‪ ،‬ف إن كان مصدر هذا التشريع‪ ،‬هو الله سبحانه بواسطة رسله وكتبه فهو‬
‫التشريع ال إلهي‪ ،‬و إن كان مصدره الناس سواء أكانوا أفرادا أم جماعات فهو التشريع الوضعي‪.‬‬

‫خصائص الشريعة ال إسلامية ‪:‬‬


‫خص الله الشريعة السلامية بعدة خصائص تميزها عن باقي الديانات وهي ‪:‬‬
‫‪ .‬الربانية‪ :‬تعريفها ‪ :‬منسوبة إلى الله‪ ،‬تنبثق من مصدرها ومنهجها الوحيي‪ ،‬وهي رؤية‬
‫مرتبطة بمراد الله والتوجه نحوه‪.‬‬
‫شملت الربانية عدة تعريفات أخرى منها ‪:‬‬
‫_ "تعني أن جميع تشريعاتها و أحكامها مبنية على الحكمة والمصلحة‪ ،‬وتحكمها العدل‬
‫والرحمة‪ ،‬وتستند إلى علم الله العليم بحال البشر واحتياجاتهم‪ ”.‬ابن القيم الجوزية‬

‫‪8/1‬‬
‫_ "الربانية في الشريعة ال إسلامية تعبر عن تفوق المصدر ال إلهي في تشريع القوانين وتحديد‬
‫ال أحكام‪ ،‬حيث أن الله الذي يعلم حال العباد واحتياجاتهم بالتفصيل‪ ،‬وبالتالي ف إن تشريعاته‬
‫تتناسب مع كل زمان ومكان‪".‬‬

‫الوسطية‪ :‬فالشريعة ال إسلامية لا ُتق ّصر فيها ولا ُتف ّرط‪ ،‬بل هي توازن بين الروح‬ ‫•‬

‫والجسد (المادة)‪ .‬فال إنسان مزيج من القبضة الترابية والنفخة الروحانية‪ ،‬لديه رغبات‬
‫جسدية و أشواق روحية‪ .‬لذا‪ ،‬شرع له ال إسلام ما يلبي جوانب روحه ليطمئن نفسه‪،‬‬
‫كما قال تعالى‪َ ' :‬و ِإ َذا َس َأ َل َك ِع َبا ِدي َع ِّني َف ِإ ِّني َق ِري ٌب ُأ ِجي ُب َد ْع َو َة ال َّدا ِع ِإ َذا‬
‫َد َعا ِن‪َ ،‬ف ْل َي ْس َت ِجي ُبوا ِلي َو ْل ُي ْؤ ِم ُنوا ِبي َل َع َّل ُه ْم َي ْر ُش ُدو َن' (البقرة‪ .) 186 :‬وجاءت‬
‫الشريعة لتلبية جوانب جسد ال إنسان أي ًضا‪ ،‬ف أباحت له التملك والبيع والزواج ونحوه‪،‬‬
‫كما ذكر تعالى‪َ ' :‬و َأ َح َّل ال َّل ُه ا ْل َب ْي َع َو َح َّر َم ال ِّر َبا' (البقرة‪ .) 275 :‬وقال أي ًضا‪:‬‬
‫' َف ُك ُلوا ِم َّما َغ ِن ْم ُت ْم َح َلا ًلا َط ِّي ًبا َوا َّت ُقوا ال َّل َه ِإ َّن ال َّل َه َغ ُفو ٌر َر ِحي ٌم' (ال أنفال‪:‬‬
‫‪".) 69‬‬

‫‪8/2‬‬
‫ال إمام النووي‪" :‬الوسطية في ال إسلام تعني الابتعاد عن التطرف والغلو في الدين‪ ،‬والسير‬

‫على الطريق المستقيم بين الشدة والتساهل‪ - ".‬رياض الصالحين ‪-‬‬

‫‪-‬‬ ‫ال إمام الشافعي‪" :‬الوسطية سبب الخير كله‪ ،‬ومن فعل الوسطية دخل الجنة‪".‬‬

‫ال أدب المفرد للبيهقي ‪-‬‬

‫ال إمام ابن القيم الجوزية‪" :‬الوسطية في الدين تفريج للقلوب وشعار لل أعمال‪ ،‬و أساس‬

‫السعادة في الدنيا وال آخرة‪ - ".‬الروضة المعطار في الجنة والنار ‪-‬‬

‫العالم ّية‪ :‬معناها ‪:‬‬ ‫•‬

‫جاءت الشريعة ال إسلامية لكافة الناس فهي غير خاصة بشعب معين ولا زمان أو مكان مع ّين‬

‫لقوله تعالى‪َ * :‬و َما َأ ْر َس ْل َنا َك ِإ َّلا َر ْح َم ًة ِل ْل َعا َل ِمي َن * [ال أنبياء‪] 107 :‬‬

‫الشمولية‪ :‬معناها ‪:‬‬ ‫•‬

‫أن الشريعة ال إسلامية قادرة على تغطية جميع جوانب الحياة ال إنسانية‪ ،‬سواء الدينية أو‬

‫الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية‪ ،‬وتوفير إطار شامل لتنظيم الحياة الفردية والمجتمعية ‪.‬‬

‫‪8/3‬‬
‫_ قال الشيخ محمد الغزالي‪" :‬الشمولية في ال إسلام تعني أن الشريعة ال إسلامية توفر‬

‫تشريعات شاملة تغطي جميع جوانب الحياة الفردية والمجتمعية‪ ،‬وتوفير إطار متكامل يوجه‬

‫ال إنسان نحو الخير والسعادة في الدنيا وال آخرة‪ - ".‬كتاب "ال إسلام في مواجهة التحديات‬

‫الحديثة" ‪-‬‬

‫العدل والمساواة ‪:‬‬ ‫•‬

‫هما أهم خصائص الشريعة ال إسلامية حيث ‪:‬‬

‫العدل ‪ :‬هو َو ْض ُع ال َّشيء في موضعه الذي أ َمر الله تعالى أن ُيوضع‪ .‬وبعبارة ُأخرى‪ :‬هو موازنة‬

‫بين ال أطراف بحيث ُيعطى ك ٌّل منهم ح َّقه دون َب ْخ ٍس ولا َج ْو ٍر عليه ‪.‬‬

‫المساواة ‪ :‬وهو المماثلة التامة في الشيء إلا ما جاء الشرع بنفي التسوية فيه‪.‬‬

‫حيث دعت الشريعة ال إسلامية إلى المساواة لكنها دعت أكثر إلى العدل حيث قال الشيخ‬

‫ابن عثيمين ‪ -‬ب أ َّن «دين ال إسلام دين العدل‪ ،‬وهو ال َج ْمع بين المتساويين‪ ،‬وال َّتفريق بين‬

‫المف َت ِر َقين»‬

‫‪8/4‬‬
‫هذا راجع إلى أ َّن ال َّشريعة أمرت (بالعدل) ور َّغبت فيه مطلق ًا‪ ،‬في ك ِّل زما ٍن ومكا ٍن‪،‬‬
‫ومع ك ِّل إنسا ٍن ‪ .‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬يا َأ ُّي َها ا َّل ِذي َن آ َم ُنوا ُكو ُنوا َق َّوا ِمي َن ِل َّل ِه ُش َه َدا َء ِبا ْل ِق ْس ِط َول َا‬

‫َي ْج ِر َم َّن ُك ْم َش َن آ ُن َق ْو ٍم َع َلى َأل َّا َت ْع ِد ُلوا ا ْع ِد ُلوا ُه َو َأ ْق َر ُب ِلل َّت ْق َوى ﴾ [المائدة‪ ،] 8 :‬وقال تعالى‪:‬‬

‫﴿ ِإ َّن ال َّل َه َي ْأ ُم ُر ِبا ْل َع ْد ِل َوال ِإ ْح َسا ِن ﴾ [النحل‪.] 90 :‬‬

‫أ َّما (المساواة) فهي منف َّية في بعض المواضع؛ كقوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َما َي ْس َت ِوي ال أ ْح َيا ُء‬
‫َول َا ال َأ ْم َوا ُت ﴾ [فاطر‪ ،]22 :‬وقوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َل ْي َس ال َّذ َك ُر َكال ُأ ْن َثى ﴾ [ آل عمران‪:‬‬
‫‪.]36‬‬

‫كما نذكر قول ال إمام علي بن أبي طالب ‪" :‬العدل ميزان الخير وقياس السعادة‪- ".‬‬

‫المصدر‪ :‬نهج البلاغة‪- .‬‬

‫اليسر ورفع الحرج‪ :‬جاءت الشريعة ال إسلامية لتراعي ضيق ال إنسان فكانت‬ ‫•‬

‫تكاليفها في أصلها لا مشقة فيها‪ ،‬لقوله تعالى‪' :‬لا ُي َك ِّل ُف ال َّل ُه َن ْف ًسا ِإلا ُو ْس َع َها'‪،‬‬

‫‪8/5‬‬
‫وراعت أحواله الاستثنائية فخففت عنه التكاليف بتشريع الرخص‪ ،‬كقصر الصلاة مثل ًا‬

‫في السفر‪ ،‬قال تعالى‪َ ' :‬و ِإ َذا َض َر ْب ُت ْم ِفي ا ْل َأ ْر ِض َف َل ْي َس َع َل ْي ُك ْم ُج َنا ٌح َأن َت ْق ُص ُروا‬

‫ِم َن ال َّص َلا ِة ِإ ْن ِخ ْف ُت ْم َأن َي ْف ِت َن ُك ُم ا َّل ِذي َن َك َف ُروا ۚ ِإ َّن ا ْل َكا ِف ِري َن َكا ُنوا َل ُك ْم َع ُد ًّوا‬

‫ُّم ِبي ًنا' ‪ .‬وكذلك ال إباحة في السفر والمرض والحرب‪ ،‬وتحويل ال أحكام‪".‬‬

‫_ قال ال إمام الغزالي ‪ -‬رحمه الله ‪" -‬الشريعة مبنية على رفع الحرج وتيسير ال أمور"‬

‫‪ -‬مصدر‪ :‬ال إحياء ‪-‬‬

‫المثالية والواقعية‪ :‬المراد بالواقعية مراعاة واقع الكون والحياة فيه‪ ،‬ومراعاة واقع‬ ‫•‬

‫ال إنسان من حيث هو جسد وروح‪ ،‬ذكر و أنثى‪ ،‬قادر وعاجز‪ ،‬عضو في المجتمع‪.‬‬

‫والواقعية بهذا المعنى ليست تنازع ًا للمثالية المعتدلة المتجهة نحو الهدف السامي‪،‬‬

‫بل هي تجمع بين الواقعية والمثالية‪ ،‬فالشريعة ال إسلامية تسعى لتحقيق المثالية‬

‫بمراعاة الواقعية والظروف الحياتية‪" .‬‬

‫‪8/6‬‬
‫قال ابن القيم الجوزية ‪ -‬رحمه الله ‪" -‬الشريعة تحمل في طياتها المثالية والواقعية‪ُ ،‬تشجع‬

‫على السعي نحو ال أفضل وتوجيه الجهود لتحقيق الرضا ال إلهي في الظروف العملية"‬

‫‪ -‬مصدر‪ " :‬إغاثة اللهفان في مصاحبة ال أفنان" ‪-‬‬

‫الثبات والمرونة‪ :‬ونعني بهما التوازن بين الثبات والتطور‪ ،‬أو الثبات والمرونة‪ .‬الثبات‬ ‫•‬

‫هو ما يجب أن يظل دائ ًما ويستمر‪ ،‬بينما المرونة هي ما ينبغي أن يتطور ويتغير‪ .‬لكل‬

‫من الثبات والمرونة مظاهر ودلائل متعددة‪ .‬يمكننا العثور عليها في مصادر ال إسلام‪،‬‬

‫حيث يتجلى هذا الثبات في المصادر ال أصلية النصية القر آنية والسنة النبوية‪ ،‬حيث‬

‫يعتبر القر آن هو ال أصل والدستور‪ ،‬ويعتبر الاجتهاد وسيلة للت أقلم مع التطورات والتغيرات‬

‫في العصر‪ .‬وتتجلى المرونة في المصادر الاجتهادية التي اختلف فيها فقهاء ال أمة‪،‬‬

‫مثل الاجماع والقياس والاستحسان والمصالح المرسلة و أقوال الصحابة‪ ،‬وغير ذلك‬

‫من وسائل الاجتهاد وطرق الاستنباط‪.‬‬

‫‪8/7‬‬
‫قال ال إمام الشاطبي ‪ -‬رحمه الله ‪" -‬الشريعة ال إسلامية تتميز بالثبات والمرونة‪ ،‬فهي ثابتة‬

‫في القيم والمبادئ ال أساسية‪ ،‬ومرنة في التعامل مع التغيرات والظروف الفريدة" ‪ -‬مصدر‪:‬‬

‫"الموافقات" ‪-‬‬

‫قال ابن تيمية ‪ -‬رحمه الله ‪" -‬الشريعة ال إسلامية تجمع بين الثبات والمرونة‪ ،‬فهي ثابتة في‬

‫القيم ال أساسية وال أحكام العامة‪ ،‬ومرنة في تطبيقها على الظروف الخاصة والتغيرات المتعلقة‬

‫بزمان ومكان" ‪ -‬مصدر‪" :‬الفتاوى الكبرى" ‪-‬‬

‫‪8/8‬‬

You might also like