Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 28

‫ملخـص الميزانية العامة للدولة‬

‫من كتاب الدكتـور‪ :‬عبـد اللطيـف بكـور‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫تعتبر الميزانية العامة في النظم المالية الحديثة محرك الحياة االقتصادية‪ ،‬فهي الترجمة المالية‬
‫للسياسة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والمحور الذي تنتظم في إطاره وتسير وفقا لمقتضياته مختلف أنشطة‬
‫المؤسسات والمرافق الحكومية‪ .‬وهي عبارة برنامج مالي مفصل لموارد الدولة ونفقاتها وبذلك فهي‬
‫تعتبر أداة رئيسية ترتكز عليها الدولة لوضع وتنفيذ خيارات الدولة واستراتيجياتها وسياستها في مختلف‬
‫المجاالت االقتصادية واالجتماعية لمدة زمنية تحدد في سنة‪.‬‬

‫الفصل األول‪:‬‬
‫ماهية الميزانية العامة ونشأتها‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التطور العام لمفهوم المالية العامة‬ ‫‪‬‬
‫ينصرف مدلول المالية العامة إلى دراسة القواعد العامة التي تحكم النشاط المالي للدولة والهيئات‬
‫العامة‪ ،‬والذي يهدف عن طريق الموازنة بين النفقات واإليرادات إلى تحقيق غايات المجتمع السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ويمكن تعريفه بأنه علم يعنى بدراسة وتحليل النشاط المالي للدولة والذي يهدف‬
‫إلى تحقيق ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التخصيص األمثل للموارد المالية واالقتصادية المتاحة للمجتمع‪ ،‬بقصد تحقيق وإشباع الحاجات العامة‬
‫والخاصة‪.‬‬
‫‪ -‬استخدام أفضل للموارد المتاحة بشكل يكفل النمو المتوازن للنشاط االقتصادي للمجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬توزيع أفضل للدخل القومي وفقا لمبادئ العدالة االجتماعية بقصد رفع مستوى الرفاهية االقتصادية‬
‫للمجتمع‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه مع تطور الدولة وانتقالها من الدولة الحارسة إلى الدولة التدخلية ثم إلى‬
‫الدولة الليبرالية الجديدة كذلك عرف مفهوم المالية العامة تطورا كبيرا من مالية عامة تقليدية إلى‬
‫مالية حديثة ثم إلى مالية معاصرة‪ ،‬وهذا التطور حصل أيضا على مستوى تطور النظام المالي‬
‫بالمغرب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬المالية العامة التقليدية‬
‫اقتصرت وظيفة الدولة الرأسمالية الحارسة (دولة المذهب الفردي الحر) على المهام التقليدية‬
‫كتوفير األمن الداخلي والدفاع عن سالمة التراب ضد أي خطر خارجي‪ ،‬فكانت الدولة مبتعدة عن‬
‫أي تدخل في الميدان االقتصادي واالجتماعي ألن االقتصاد كان يسر وفق مبدأ "دعه يعمل دعه‬
‫يمر "‪ .‬وكانت المالية العامة تتميز بطابع الحياد المطلق وكانت ميزانية الدولة مجرد أداة لتحقيق‬
‫التوازن الحسابي الصرف بين النفقات الدولة وإيراداتها دون إحداث فائض فيها‪.‬‬
‫وكخالصة‪ :‬الميزانية في مفهومها التقليدي كانت تقتصر على واردات الدولة ونفقاتها ولم‬
‫تكن تتمتع بأية صفة سوى الصفة المالية المحضة‪ ،‬وكان من المتفق عليه أن تكون الميزانية سنوية‪،‬‬
‫وأن تكون متعادلة أي أن تتعادل نفقاتها مع وارداتها بصورة دقيقة‪ .‬فمبدأ توزان الميزانية شكل‬
‫قاعدة ذهبية في إطار المالية العامة التقليدية‪ ،‬وهكذا كان رفض لفكرة عجز الميزانية كما كان هناك‬
‫رفض لفكرة الفائض‪ .‬فاألنشطة المالية للدولة كانت تسعى فقط إلى إيجاد أموال لتغطية نفقات‬
‫ضرورية مرتبطة بأنشطة إدارية محدودة‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬المالية العامة الحديثة‬
‫أدى انتشار المبادئ االشتراكية و تعدد األزمات االقتصادية و السياسية في بداية القرن ‪20‬‬
‫إلى تخلي الدولة عن حيادها التقليدي و التجائها إلى التدخل في الحياة االقتصادية بقصد تحقيق‬
‫التوازن الذي عجز عن تحقيقه قانون السوق وفقا للمذهب الفردي الحر ‪ ،‬و بعد ظهور و انتشار‬
‫مبادئ الفكر الكنزي قامت الدولة الرأسمالية بالكثير من األنشطة االقتصادية التي أخرجتها من‬
‫النطاق التقليدي للدولة الحارسة الى نطاق الدولة المتدخلة‪ ،‬و لم يعد دور الدولة الرأسمالية المعاصرة‬
‫قاصرا على مجرد االحتفاظ بالتوازن االقتصادي عالجا لألزمات و إنما سعت إلى تحقيق الزيادة‬
‫في معدل النمو االقتصادي القومي ‪.‬‬
‫وهكذا أصبحت الدولة بوظائفها الجديدة مسؤولة عن تحقيق التوازنات االقتصادية‬
‫واالجتماعية ضمانا لسير النشاط المالي في اتجاه خدمة الحاجات العامة‪ ،‬وهذا ما أصبح يشكل‬
‫جوهر موضوع المالية العامة الذي تجاوز قضية اإليرادات والنفقات العامة إلى هدف تحقيق‬
‫الموازنات االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن تغير وظيفة الدولة أدى كذلك إلى تغيير في وظيفة ميزانية الدولة‪ ،‬إذ لم‬
‫تعد الميزانية بيانا يحافظ على التساوي الحسابي بين النفقات واإليرادات بل أصبحت ت دعد برنامجا‬
‫عمليا سنويا للوصول إلى التوازن االقتصادي واالجتماعي العام‪ ،‬ولذلك أصبح مطلوبا من ميزانية‬
‫الدولة التكيف مع الوضعيات االقتصادية الظرفية‪ ،‬فتعالج فترات الكساد وفترات االزدهار‪ ،‬وإعادة‬
‫توزيع الدخل القومي بين الطبقات االجتماعية‪ .‬ومع بداية الثمانينات عرفت المالية الدولية منعطفا‬
‫جديدا باستدعاء مبادئ النيوليبرالية التي تدعو إلى المبالغة في تدخل الدولة االقتصادي وتعترض‬
‫على اتساع حجم نفقاتها وتدعو إلى عقلنتها‪.‬‬
‫وفي إطار تطور المالية العمومية البد أن نشير كذلك إلى الفكر االشتراكي الذي انتشر بعد‬
‫الثورة البلشفية ‪ 1917‬واختفى أواخر ثمانينيات القرن ‪ 20‬والذي كان يقوم على أساس الملكية‬
‫الجماعية لوسائل اإلنتاج وبذلك فإن وظائف الدولة االشتراكية كانت تغطي كافة المجاالت‬
‫وتقوم بتوجيه وتنظيم النشاط االقتصادي واالجتماعي ومن أجل ذلك كانت الدولة االشتراكية تعتمد‬
‫على نظام التخطيط المركزي الشامل بكيفية موحدة وإجبارية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أما بالنسبة لتطور مفهوم المالية بالمغرب فالمالحظ أنه بعد االستقالل سعى المغرب إلى‬
‫تجاوز تداعيات الفترة االستعمارية والخروج من دوامة التخلف‪ ،‬وأمام ضعف القطاع الخاص‬
‫ك ان تدخل الدولة كضرورة حتمية لهيكلة االقتصاد‪ ،‬األمر الذي انعكس بشكل مباشر على المالية‬
‫العامة التي سيطر عليها الهاجس التنموي وذلك تماشيا مع التيار االقتصادي السائد عالميا والمتمثل‬
‫في التصور الكنزي‪ ،‬فارتفع االنفاق العمومي وازدادت القروض الخارجية فأضحت ميزانيته في‬
‫عجز دائم ‪ ،‬ومع بداية الثمانينيات بلغت مديونية المغرب حدا ال يطاق و تفاقمت المشاكل الداخلية‬
‫‪ ،‬فخضع المغرب لتوصيات صندوق النقد الدولي القاضية بتطبيق سياسة التقشف التي تقضي‬
‫بخفض نفقات الدولة و فتح المجال لالستثمار الخاص و بالرغم من كون هذه السياسة قد مكنت‬
‫من تقليص نسبة العجز في الميزانية العامة ‪ ،‬إال أنها كانت لها عواقب وخيمة على الجانب‬
‫االجتماعي ( ارتفاع األسعار ‪ ،‬البطالة ‪ ،‬تدهور المرافق العامة ‪)...‬‬
‫و إذا كانت هذه هي الظروف التاريخية التي نشأت فيها المالية العامة ‪ ،‬فإن الميزانية‬
‫العامة في شكلها الحديث نشأت بصفة تدريجية في بريطانيا ‪ ،‬فأثناء إنشاء مجلس العموم دخل‬
‫في صراع تاريخي و مرير مع الملك من أجل تقليص اختصاصاته التي كانت واسعة و شاملة‬
‫لجميع المجاالت ‪ ،‬فالملك كان إلى حدود القرون الوسطى يستفرد بممارسة سلطة الجباية و اإلنفاق‬
‫دو ن قيد أو شرط ما دام أن جزءا كبيرا كان يمول من ممتلكات التاج الخاصة ‪ ،‬لكن بسبب عدم‬
‫كفاية أموال التاج لتغطية نفقات الدولة ‪ ،‬اضطر الملك إلى فرض الضرائب على نطاق واسع‬
‫و غالبا دون الحصول على موافقة ممثلي الشعب الشيء الذي دفع البرلمانات المتعاقبة إلى تكثيف‬
‫ضغوطاتها ألجل تقييد سلطة الملكية في الجباية ‪ ،‬و هو ما تحقق فعال سنة ‪ 1628‬تاريخ إصدار‬
‫الملك شارل األول لما يعرف بوثيقة إعالن الحقوق التي أقرّت مبدأ موافقة البرلمان المسبقة على‬
‫فرض الضرائب ‪ .‬غير أن عدم التزام الملك بهذا المبدأ تسبب في قيام حرب أهلية توجت باستسالم‬
‫ت تلك الصراعات بإصدار دستور الحقوق سنة ‪1688‬‬ ‫الملك المذكور ومحاكمته في ‪ ،1649‬وت ِّو دج ْ‬
‫في عهد ويليام الثالث‪ ،‬التي نصت على ضرورة أخذ إِذن البرلمان وموافقته على كافة أنواع‬
‫اإلذن صفة دورية ومتجددة كل سنة‪.‬‬ ‫اإليرادات والمصروفات كما اتخذ هذا ِ‬
‫وكذلك الشأن في فرنسا‪ ،‬فقد عرفت هي األخرى صراعا تاريخيا طويال بين الشعب والمؤسسة‬
‫الملكية التي كانت تستأثر بسلطة الجباية واإلنفاق‪ ،‬وبعد قيام الثورة الفرنسية سنة ‪ 1789‬قامت‬
‫الجمعية الوطنية التأسيسية بتأكيد عدم شرعية أي ضريبة لم تأذن بفرضها وجبايتها‪ ،‬كما تم‬
‫تكريس هذه القاعدة بمقتضى " شرعة حقوق اإلنسان والمواطن"‪ ،‬وكذلك فقد نص دستور ‪1791‬‬
‫على أن "المساهمات العمومية تحدد كل سنة من طرف الجهاز التشريعي"‪ .‬ورغم كل هذه األحداث‬
‫ففرنسا لم تأخذ بالمعنى الحقيقي للميزانية إال في بداية القرن ‪ 19‬وبالضبط بعد سقوط نابوليون‬
‫بونابرت وعودة الملكية في عام ‪.1814‬‬
‫وبالرجوع إلى دول العالم العربي‪ ،‬يالحظ أنه تم العمل بالميزانية العامة ألول مرة في مصر عام‬
‫‪ ،1880‬وفي لبنان لم يتم العمل به إال عام ‪ 1921‬وكان يقوم بتحضيرها الحاكم الفرنسي ويصادق‬
‫عليها المفوض السامي الفرنسي ويأمر بنشرها‪ .‬أما بالنسبة للمغرب فلم تظهر فيه الميزانية‬
‫بمفهومها الحديث إال عام ‪ ،1914/1913‬أما قبل هذا التاريخ فكان تنظيمه المالي يعتمد على"‬
‫نظام األمناء " الذي كان يتأسس على هيئة األمناء الموزعة على الصعيدين المركزي والمحلي‬
‫ويرأسها أمين األمناء‪ ،‬فاألمناء المركزيون وهم‪( :‬أمين الدخل ‪ +‬أمين الخرج ‪ +‬أمين الحسابات ‪ +‬أمين الشكارة)‬

‫‪3‬‬
‫هم الذين كانوا يتولون مهمة السهر على تدبير مالية الدولة مركزيا‪ .‬أما األمناء المحليون وهم‪(:‬أمين‬
‫الخرْ صْ ) فكان دورهم السهر على الشؤون المالية على‬ ‫المرسى أو الديوانة ‪ +‬أمين المستفاد ‪ +‬أمين د‬
‫الصعيد المحلي‪.‬‬
‫ومع بداية القرن ‪ 20‬ونتيجة الستشراء الفساد المالي انهار نظام األمناء واخت َّل التوازن المالي‬
‫للدولة وعجزت عن سداد ديونها الخارجية األمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام مختلف‬
‫أشكال التدخل األجنبي وهو الذي أدى إلى ظهور الميزانية العامة في المغرب بمفهومها الحديث‪.‬‬

‫‪ ‬المطلب الثالث‪ :‬ظهور الميزانية العامة في المغرب‪.‬‬


‫يعود تاريخ أول ميزانية سنوية تم إعدادها في المغرب بطريقة عصرية وكوثيقة قانونية ومحاسبية‬
‫مكتوبة لتقدير نفقات الدولة وإيراداتها إلى سنوات ‪ ،1914-1913‬وقد كانت عبارة عن مجموعة‬
‫من الميزانيات (ميزانية ناحية الشاوية ‪ ،1910‬ميزانية المغرب الشرقي ‪ ،1911‬ميزانية مكناس‬
‫‪ ،1912‬ميزانيات نواحي الرباط وفاس ومراكش ‪ ،1913‬ميزانية تادلة ‪.)1913‬‬
‫وقد كانت هذه الميزانيات في عهد الحماية تنقسم الى ‪ 3‬أجزاء كل جزء مستقل بذاته ولكل واحدة‬
‫منها مواردها الخاصة وتتوزع كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬الجزء األول‪ :‬يتعلق بالنفقات العادية وتمول من ضرائب وعائدات ممتلكات الدولة‬
‫‪ -‬الجزء الثاني‪ :‬يهم نفقات التجهيز وكانت تسمى ميزانية القروض وتمول من القروض أو فائض‬
‫الميزانية العادية‪.‬‬
‫‪ -‬الجزء الثالث‪ :‬يشمل العمليات االستثنائية تمول من موارد خاصة‪.‬‬
‫وبعد حصول المغرب على االستقالل وجدت في الساحة ‪ 3‬ميزانيات‪ :‬ميزانية المنطقة‬
‫الفرنسية وميزانية المنطقة االسبانية وميزانية منطقة طنجة‪ .‬كل هذا دفع المغرب الى وضع أول‬
‫ميزانية موحدة ووطنية تشمل جميع مناطق المغرب الموحد بعيدا عن كل تدخل أجنبي وقد كان ذلك‬
‫سنة ‪ ،1958‬ولم يترسخ اإلطار الدستوري للميزانية إال بعد إصدار أول دستور في المغرب سنة‬
‫‪.1962‬‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬الميزانية العامة للدولة‪ :‬المفهوم والخصائص‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬ماهية الميزانية العامة‬
‫تعددت التعاريف لتحديد مفهوم الميزانية‪ ،‬فقد عرفها البعض بأنها " عبارة عن بيان تقديري لما‬
‫يجوز للحكومة إنفاقه وما تستطيع أن تجبيه خالل فترة معينة من الزمن «‪ .‬غير أن هذه التعاريف‬
‫ال تختلف في مضمونها كثيرا عن التعاريف التي أعطيت للميزانية العامة منذ ق‪.19‬‬
‫وفي المغرب تم تعريفها بأنها " بيان تقديري مفصل بالنفقات واإليرادات‪ ،‬غير الواردة‬
‫بالميزانيات الملحقة أو ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة أو الحسابات الخصوصية‬
‫للخزينة‪ ،‬التي يأذن البرلمان للحكومة بصرفها وتحصيلها برسم سنة مالية مقبلة تنفيذا للسياسة‬
‫العامة للدولة "‬
‫ومهما تعددت التعاريف فإنن ا نجد أنها كلها تدور حول معنى واحد‪ ،‬وتعد الميزانية أهم أداة بيد‬
‫الحكومة لبلوغ أهدافها التنموية وتترجم فيه توجهاتها وسياستها االقتصادية واالجتماعية وتحدد‬
‫فيه أولوياتها المقررة‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى ال بد أن نشير إلى أن مفهوم الميزانية قد عرف تطورات عميقة خالل القرن‬
‫الماضي‪ ،‬حيث تحول من مجرد أداة للترخيص للمداخيل والنفقات وأداة لتأمين مراقبة الجهاز‬
‫‪4‬‬
‫التشريعي على أنشطة الجهاز التنفيذي‪ ،‬إلى أداة أساسية لبلورة وتنفيذ سياسات اقتصادية‬
‫واجتماعية محددة المعالم وإلى وسيلة لتوزيع الموارد المتوفرة على المستوى الوطني‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى القانون التنظيمي لقانون المالية الجديد ‪ 130.13‬وخاصة المادة الثالثة التي‬
‫تقول " يتوقع قانون المالية للسنة لكل سنة مالية مجموع الموارد وتكاليف الدولة‪ ،‬ويقيمها وينص‬
‫عليها ويأذن بها‪ ،‬وذلك استنادا على البرمجة الميزانياتية المنصوص عليها في المادة ‪ 5‬أدناه "‬
‫وبحسب المادة ‪ 13‬من القانون‪ ،‬تشتمل الميزانية العامة على جزأين‪ ،‬الجزء األول يتعلق بالموارد‬
‫‪ Recettes‬والجزء الثاني يتعلق بالتكاليف ‪ Dépenses.‬أما موارد الدولة فتتكون من الضرائب‬
‫والرسوم‪ ،‬وحصيلة الغرامات واألجور عن الخدمات المقدمة ‪( ...‬المادة ‪ 11‬من القانون التنظيمي‬
‫‪)130.13‬‬
‫أما تكاليف الدولة (أي النفقات) فتشتمل على‪:‬‬
‫‪ -‬نفقات الميزانية العامة‪ :‬تشمل نفقات التسيير (مخصصات السلطات العمومية‪ ،‬نفقات الموظفين‪ ،‬األعوان‬
‫والمعدات المرتبطة بتسيير المرافق العمومية ‪ )...‬ونفقات االستثمار (المخصصات المرصدة إلنجاز المخططات‬
‫التنموية االستراتيجية الموافق عليها من لدن البرلمان والبرامج متعددة السنوات ‪ )...‬والنفقات المتعلقة بخدمة‬
‫الدين العمومي‬
‫‪ -‬ونفقات ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‬
‫‪ -‬ونفقات الحسابات الخصوصية للخزينة (المادة ‪ 12‬من القانون التنظيمي ‪)130.13‬‬
‫بفضل مكونات الميزانية هاته يمكن القول أنها أضحت تشكل األداة األساسية التي بواسطتها‬
‫تتمكن الدولة من تمويل أنشطتها في جميع لميادين ومن الممارسة الفعلية لصالحياتها‪ ،‬بل إنها‬
‫أصبحت تعتبر ترجمة وفية للسياسة الحكومية إذ يمكن استنتاج هذه السياسة من خالل تحليل‬
‫العديد من المعطيات المنبثقة منها مثل‪ :‬بنية الموارد والتحمالت وكيفية توزيع كل من‬
‫االقتطاعات و االعتمادات على مختلف فئات المجتمع و قطاعات النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫يتضح مما سبق أنه أصبح للميزانية أهمية سياسية واقتصادية اجتماعية يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬األهمية السياسية‪ :‬أصبحت الميزانية وسيلة برلمانية تستخدمها السلطة التشريعية للتدخل في‬
‫عمل السلطة التنفيذية عبر آلية المصادقة التشريعية التي قد يترتب عنها إما تعديل أو إلغاء‬
‫محتويات الميزانية‪ ،‬وتعتبر مناقشة البرلمان للميزانية نوع من الرقابة على أعمال السلطة‬
‫التنفيذية وبذلك تعتبر الميزانية وسيلة ضغط بيد البرلمان لحمل الحكومة على اتباع برنامج‬
‫سياسي ومالي معين وصوال لتحقيق بعض األهداف االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬األهمية االقتصادية واالجتماعية‪ :‬مما سبق يتضح أن للميزانية دور فعال في حفظ توازن‬
‫الدولة االقتصادي واالجتماعي على اعتبار أنها تعالج االحتياجات األساسية للمجتمع من صحة‬
‫وسكنى وتعليم وشغل و ‪...‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬خصائص الميزانية العامة‬
‫انطالق مما ورد في تعريف الميزانية نستنتج أنها تتميز بعدة خصائص تميزها عن غيرها من‬
‫المفاهيم‪ ،‬ومن هذه الخصائص نذكر أن الميزانية‪ :‬عبارة عن بيان لنفقات الدولة ومواردها‪ ،‬وأن‬
‫هذا البيان تقديري وليس واقعي‪ ،‬وأنه عن فترة زمنية محددة عادة ما تكون سنة كاملة‪ ،‬كما أنه‬
‫معتمد من السلطة التشريعية‪.‬‬
‫‪ ‬الفقرة األولى‪ :‬الميزانية العامة بيان تقديري‪ :‬الميزانية العامة تقوم على افتراض وتقدير‬
‫وتوقع لما يمكن أن تنفقه الحكومة ولما يمكن أن تجنيه من موارد خالل سنة قادمة‪ .‬وحسب‬
‫المشرع المغربي يتم وضعها استنادا الى برمجة ميزانياتية لثالث سنوات وتهدف هذه البرمجة‬
‫‪5‬‬
‫إلى تحديد تطور مجموع موارد ونفقات الدولة على مدى ثالث سنوات اعتمادا على فرضيات‬
‫اقتصادية ومالية واقعية ومبررة‪ .‬فتقدير النفقات والموارد ليس عملية عشوائية بقدر ماهي‬
‫عملية احتمالية ترتكز على بعض األساليب والتقنيات الخاصة بتقدير النفقات واإليرادات في‬
‫ضوء دراسات مستفيضة ودقيقة مع األخذ بعين االعتبار مختلف التطورات والمؤشرات‬
‫السياسية واالقتصادية والمالية واالجتماعية سواء على المستوى المحلي أو اإلقليمي أو‬
‫الدولي‪.‬‬
‫‪ ‬الفقرة الثانية‪ :‬الميزانية إذن بالنفقات واإليرادات‪ :‬ال يمكن للجهاز التنفيذي أن يباشر في‬
‫تنفيذ الميزانية قبل المصادقة عليها من طرف السلطة التشريعية‪ ،‬وبهذا فالميزانية هي بيان‬
‫إلجازة أو ترخيص النفقات العامة‪ ،‬واإلجازة إجراء قانوني تأذن أو ترخص بمقتضاه السلطة‬
‫القائمة على التشريع (البرلمان) للسلطة التنفيذية بصرف النفقات وتحصيل الموارد وهو ما‬
‫تنص عليه المادة الثالثة من القانون التنظيمي من التشريع المغربي للمالية ‪130.13‬‬
‫‪ ‬الفقرة الثالثة‪ :‬الميزانية توضع لمدة زمنية محددة‪ :‬ومعناه أن وضع تقديرات الميزانية‬
‫العامة التي تحدد طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد وتكاليف الدولة‪ ،‬يكون لفترة‬
‫زمنية مقبلة محددة في سنة واحدة تسمى السنة المالية بصرف النظر عن تاريخ بدايتها‬
‫أو نهايتها‪ ،‬ولعل السبب في اعتماد قاعدة وخاصية سنوية الميزانية هو أن فترة السنة‬
‫تغطي العوامل الموسمية التي تؤثر في اإلنفاق وعلى الموارد العامة‪ ،‬كما أنها فترة تكفل‬
‫للبرلمان رقابة فعالة وبصفة دورية غير متباعدة‪ .‬وكذلك فإن ربط الميزانية بهذه الفترة‬
‫القصيرة يساعد على تقدير نفقات الدولة وإيراداتها بدرجة كبيرة من الدقة‪.‬‬
‫‪ ‬الفقرة الرابعة‪ :‬الميزانية تعبر عن أهداف الدولة االقتصادية والمالية‪ :‬مع التطور الذي‬
‫عرفته الميزانية في ظل الدولة المتدخلة‪ ،‬أصبحت الميزانية تعتبر أداة لتنفيذ السياسة‬
‫الحكومية لكونها تجسد باألرقام إنجاز البرامج الحكومية التي تنطوي بالدرجة األولى‬
‫على اختيارات سياسية‪ .‬وتتوخى الميزانية ثانيا تحقيق أهداف ماكرو اقتصادية تتعلق‬
‫بتحسين المؤشرات العامة لالقتصاد الوطني‪ ،‬عبر تشجيع خلق الثروات وبالتالي الرفع‬
‫من نسبة النمو وضمان استدامتها في الزمان‪ ،‬وكذلك تتكفل الميزانية بتوزيع الثروات‬
‫الوطنية وفق نسق يضمن اإلنصاف والسعي للتقليص من حجم الفوارق االجتماعية‬
‫والمجالية‪ ،‬وهكذا فقد أصبح للميزانية طابعا وظيفيا‪ ،‬حيث أصبحت اهتماماتها تتركز‬
‫باألساس على تحقيق التوازن العام االقتصادي واالجتماعي داخل الدولة وليس التوازن‬
‫المالي والحسابي‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثالث‪ :‬بين الميزانية العامة وبعض المفاهيم المشابهة‬
‫‪ ‬الفقرة األولى‪ :‬القانون المالي‪ :‬يعتبر القانون المالي أو قانون مالية السنة تلك الوثيقة‬
‫المحضرة من قبل السلطة التنفيذية والمصادق عليها من قبل البرلمان‪ .‬وهذا القانون هو‬
‫الذي يتوقع لكل سنة مالية مجموع موارد وتكاليف الدولة ويقيمها ويأذن بها‪ ،‬فالقوانين المالية‬
‫إذن ال يمكن أن تتضمن إال أحكاما تتعلق بالموارد و التكاليف‪ ،‬و يوضح المشرع المغربي‬
‫في المادة الثانية من القانون التنظيمي للمالية ‪ 130.10‬مدلول قانون المالية بأن عناك ثالثة‬
‫أصناف من قوانين المالية‪:‬‬
‫‪ -‬الصنف األول‪ :‬قانون مالية السنة‪ :‬وينص على مجموع موارد وتكاليف الدولة ويرخص‬
‫فيها ويوضع لمدة سنة مالية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬الصنف الثاني‪ :‬قوانين المالية المعدلة‪ :‬إذا ظهرت الحاجة خالل السنة المالية إلى تغيير‬
‫المقتضيات التي أتى بها قانون مالية السنة أمكن للحكومة أن تعد مشروعا للقانون‬
‫يهدف إلى تعديل هذا األخير وعند المصادقة على هذا المشروع يصبح قانونا مع ِّدالا‬
‫لقانون مالية السنة‪ ،‬إذن فالقانون التعديلي يسمح بمالئمة تقديرات الميزانية مع التقلبات‬
‫االقتصادية والمالية التي تطرأ أثناء عمليات تنفيذ هذه التقديرات‪ ،‬وتبعا لذلك فهو أداة‬
‫فعالة لتقويم مسار الميزانية العامة‪.‬‬
‫‪ -‬الصنف الثالث‪ :‬قانون التصفية‪ :‬هو القانون الذي يصدر بعد تنفيذ قانون مالية السنة‬
‫والقوانين المعدلة له عند االقتضاء‪ ،‬وبواسطته يتم التعرف على حقيقة تنفيذ الميزانية‪ ،‬وهو‬
‫يثبت النتائج التي أسفر عنها تنفيذ قانون مالية السنة ويحدد الفروق بين التوقعات‬
‫واإلنجازات‪.‬‬
‫وإذا كان قانون المالية يضم هذه المكونات فإننا نشير من جهة ثانية إلى أن مفهوم‬
‫قانون مالية السنة مفهوم أوسع من مفهوم ميزانية الدولة حيث أن قانون مالية السنة يتضمن‬
‫ميزانية الدولة إضافة إلى عناصر أخرى كميزانية مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‬
‫والحسابات الخصوصية للخزينة‪.‬‬
‫‪ ‬الفقرة الثانية‪ :‬الحساب الختامي‪ :‬ويسمى كذلك قانون التصفية‪ ،‬وهو عبارة عن بيان للنفقات‬
‫التي أنفقت فعال‪ ،‬واإليرادات التي حصلت فعال في فترة ماضية من الزمن‪ ،‬فهو تسجيل لما‬
‫تم خالل سنة مالية كاملة ويعتبر مقياسا لمدى صحة تقديرات الموازنة‪ ،‬فهو يتضمن المبلغ‬
‫النهائي للمداخيل المقبوضة والنفقات المأمور بها المتعلقة بالسنة المالية المعنية‪ .‬فبعد انتهاء‬
‫مرحلة تنفيذ الميزانية العامة تبدأ مرحلة أخرى وهي إعداد الحسابات الختامية وتمر هذه‬
‫المرحلة بعدة خطوات وهي اإلعداد والمراجعة واالعتماد وتقوم بخطوة اإلعداد السلطة‬
‫التنفيذية وخطوة المراجعة يقوم بها الجهاز المركزي للمحاسبات وأخيرا تقوم السلطة‬
‫التشريعية باعتماد الحسابات الختامية‪ ،‬إذن الحساب الختامي يعد آخر مرحلة في دورة‬
‫الميزانية العامة للدولة‪.‬‬
‫ويختلف الحساب الختامي عن الموازنة (الميزانية) العامة في عدة أمور منها‪:‬‬
‫‪ -‬أن األرقام المسجلة في الحساب الختامي حقيقية في حين أنها تقديرية في الميزانية‬
‫‪ -‬الحساب الختامي بيان لفترة مضت بينما الميزانية بيان لفترة قادمة‬
‫‪ -‬الميزانية العامة تتسم بعدة خصائص سبق ذكرها‪ ،‬لكن الحساب الختامي إذا كان يملك‬
‫بعضها إال أنه في بعض األحوال تختلف هذه الخصائص في الحساب الختامي‪.‬‬
‫‪ -‬قد تكشف الحسابات الختامية عن بعض العمليات تمت خارج الميزانية العامة مما يخل‬
‫بمبدأ الشمولية‪.‬‬
‫ويودع مشروع قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية سنويا بمكتب مجلس النواب‬
‫في أجل أقصاه الربع األول من السنة الثانية‪ ،‬ويجب أن يكون مرفقا بعدة وثائق‬
‫وتقارير منها تقرير المجلس األعلى للحسابات حول تنفيذ الميزانية‪.‬‬
‫مما سبق نخلص إلى أن الحساب يكتسي أهمية بالغة في النظم المالية الحديثة إذ يساعد‬
‫على مقارنة تقديرات الميزانية واإلنجازات التي تحققت فعال‪ ،‬األمر الذي يقود إلى‬
‫تحسين طرق التقدير والتنبؤ بالنسبة للميزانيات القادمة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الميزانية االقتصادية‪ :‬هي بيان تقديري لمجموع النشاط االقتصادي العام‬
‫والخاص لدولة معينة في فترة زمنية مقبلة وتلتقي هذه الميزانية مع الميزانية العامة‬
‫للدولة في أن كليهما عمل تقديري لفترة زمنية مقبلة ويختلفان في كون أن الميزانية‬
‫االقتصادية تشمل مختلف أوجه النشاط االقتصادي المالي العام والخاص بينما تقتصر‬
‫ميزانية الدولة على جزء فقط من النشاط المالي العام هو نشاط الدولة‪ ،‬فهي ال تشمل‬
‫النشاط المالي الخاص كما ال تشمل مالية الجماعات الترابية والمؤسسات العامة‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الثالث‪ :‬مصادر قانون الميزانية العامة‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬الدستور المالي‬
‫يؤطر الميزانية العامة نصان أساسيان هما دستور المملكة والقانون التنظيمي للمالية فهذان‬
‫النصان يشكالن ما يسمى بالدستور المالي‪.‬‬
‫‪ -‬الفقرة األولى‪ :‬دستور ‪ :2011‬منذ صدور أول دستور للمملكة ‪ 1962‬الذي خص للميزانية‬
‫فصلين كاملين هما ‪ 50‬و‪ 51‬اللذان يكرسان السلطة المالية للبرلمان يحددان ضوابطها ومضمون‬
‫هذين الفصلين هو ما نجده في الفصلين ‪ 75‬و‪ 77‬من دستور ‪ 2011‬الذي أضاف فصول أخرى‬
‫وهي الفصل ‪ 39‬الذي يكرس مبدأ العدالة الضريبية والفصول من ‪ 147‬الى ‪ 150‬التي تهدف‬
‫الى دسترة الرقابة المالية العليا للمجلس األعلى والمجالس الجهوية للحسابات على تنفيذ قوانين‬
‫المالية‪.‬‬
‫‪ -‬الفقرة الثانية‪ :‬القانون التنظيمي للمالية‪ :‬وتعتبر أحكامه امتدادا لإلطار الدستوري للمالية‬
‫صل وتوضِّح مراحل دورة الميزانية كما تبين صالحيات كل من السلطة‬ ‫العمومية حيث تف ِّ‬
‫التنفيذية والتشريعية خالل هذه المراحل‪ ،‬فالقانون التنظيمي يعد الوثيقة األساسية المحددة لمختلف‬
‫جوانب القانون المالي كما يضع أسس الميزانية والمحاسبة والتدبير الحديث للدولة والعالقة بين‬
‫المؤسسات الدستورية ويهدف القانون التنظيمي ‪ 130.13‬إلى‪:‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬تحسين نجاعة أداء التدبير العمومي للمال العام‬
‫‪ ‬ثانيا‪ :‬تعزيز المبادئ والقواعد المالية وتقوية شفافية المالية العمومية‬
‫‪ ‬ثالثا‪ :‬تقوية دور البرلمان في الرقابة على المالية العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬التشريع المالي‬
‫ويقصد به تلك الترسانة من النصوص القانونية والتنظيمية المؤطرة للمالية العمومية التي تروم الى‬
‫وضع أسس مالية سليمة ترتكز على معايير قوامها‪ :‬التبسيط والترشيد والوضوح والتخليق المالي والتكيف‬
‫مع المتطلبات والمستجدات الدولية واإلقليمية‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثالث‪ :‬القضاء المالي‬
‫تشكل أحكام القضاء مرجعية أساسية للقضاء الالحق ودليال للباحث وسندا للمشرع إلدخال‬
‫التعديالت الضرورية على النصوص القانونية‪ .‬فهذه األحكام تهم المصالح العامة والمشتركة بين جميع‬
‫المواطنين ألنها تحاول أن تكشف عن كيفية تدبير األموال العمومية وعن المخالفات المالية والعقوبات‬
‫المقررة في حق المتالعبين بالمال العام وتتحدد جهات القضاء المالي بالمغرب في المجلس الدستوري‬
‫والمحاكم المالية والمحاكم اإلدارية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬فالمحاكم المالية‪ :‬متمثلة في المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات باعتبارها‬
‫تمارس الرقابة العليا على تنفيذ قوانين المالية طبقا للفصل ‪ 177‬من الدستور‪.‬‬
‫‪ -‬القضاء الدستوري‪ :‬ويتمثل في المحكمة الدستورية وتعمل على التأكد من مدى مطابقة قواعد‬
‫قانون الميزانية مع أحكام الوثيقة الدستورية كما يتأكد من مدى مطابقة القانون التنظيمي لقانون‬
‫المالية مع الدستور قبل إصدار األمر بتنفيذها‪.‬‬
‫‪ -‬المحاكم اإلدارية‪ :‬ويتجلى دورها في البث في مختلف المنازعات المتعلقة بالضرائب‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫قواعد الميزانية العامة‪.‬‬
‫مع التطور الذي طرأ على الفكر المالي وكذا االنتقال من دولة ليبرالية إلى دولة تدخلية‪ ،‬تغيرت اهداف‬
‫المالية العامة مسايرة لتطور مفهوم الدولة ولتطور مسؤولياتها ووظائفها‪ ،‬فكان لزاما على مبادئ الميزانية‬
‫أن تساير هذا التطور‪ ،‬حيث عرف تطبيقها مجموعة من االستثناءات ويمكن إجمال أهم هذه القواعد في‪:‬‬
‫قاعدة الوحدة‪ ،‬قاعدة السنوية‪ ،‬قاعدة الشمول‪ ،‬قاعدة التوازن‪ ،‬وقاعدة الصدقية‬
‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬قاعدة السنوية‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬مضمون القاعدة‬
‫ويقصد بها وضع تقديرات الميزانية العامة التي تحدد طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد‬
‫وتكاليف الدولة خالل فترة زمنية مقبلة محددة في سنة واحدة تسمى السنة المالية‪ ،‬هذه األخيرة‬
‫تختلف بدايتها ونهايتها من دولة ألخرى‪ ،‬وأغلب دول العالم بما فيها المغرب تعتمد توقيت السنة‬
‫المالية الذي يبتدأ من فاتح يناير وينتهي في ‪ 31‬دجنبر‪.‬‬
‫ومبدأ سنوية الموازنة ال يعني أن الجهات اإلدارية يجب أن تنفذ كل ما ورد في الميزانية خالل‬
‫هذه السنة‪.‬‬
‫وتحديد المدة الزمنية للميزانية العامة في سنة واحدة حسب بعض الباحثين في المالية العامة‬
‫فرضتها اعتبارات سياسية وعملية نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬ضمان ممارسة رقابة دورية ومنتظمة من طرف البرلمان على الحكومة‪.‬‬
‫‪ ‬تغطية السنة للمواسم الفصلية األربعة‪.‬‬
‫‪ ‬السنة وحدة زمنية قياسية معتمدة في العديد من أوجه الحياة االقتصادية االجتماعية‬
‫والمالية‬
‫‪ ‬صعوبة التنبؤ والتكهن بميزانية لمدة أطول من سنة‬
‫وقد وجهت لمبدأ السنوية انتقادات استندت على مبررات تقنية وأخرى اقتصادية‪:‬‬
‫‪ ‬المبررات التقنية‪ :‬تنطلق من كون انحصار النفقات في إطار سنوي ال يسمح للنفقات‬
‫المتعلقة باالستثمار من ضمان استمرارية الدفع لمواجهة الحجم المتنامي الستثمارات‬
‫الدولة وكذا األخذ بعين االعتبار طول المدة التي يستغرقها إنجاز بعض الخدمات‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ ‬المبررات االقتصادية‪ :‬وتستند على سياسة برمجة المشاريع التي أصبحت تنتهجها الدولة‬
‫على المدى المتوسط والمدى الطويل بكيفية تتجاوز حدود مدة السنة التي تغطيها الميزانية‪،‬‬
‫باعتبار أن سنوية الميزانية ال تسمح بالقيام بتوقعات مالية حول المشاريع المبرمجة خارج‬
‫اإلطار السنوي‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬االستثناءات الواردة على قاعدة السنوية‬
‫وألن لكل قاعدة استثناء‪ ،‬فإن قاعدة السنوية ليست مطلقة بل ترد عليها استثناءات تفرضها‬
‫بعض المتطلبات الظرفية(الزمنية) أو المحاسبية‪.‬‬
‫فقاعدة السنوية إن كانت تالئم النفقات الجارية‪ ،‬إال أنها ال تتناسب مع النفقات االستثمارية‬
‫التي كثيرا ما تتطلب إطالة فترة الميزانية عن مدة سنة ‪ .‬و في هذه الحالة يتم اللجوء إلى‬
‫نظام ترحيل فائض االعتمادات حيث أن قاعدة سنوية الميزانية تقضي بإلغاء االعتمادات التي‬
‫لم تستعمل حتى نهاية السنة المالية ‪ ،‬و هذا يؤدي في بعض األحيان إلى إساءة الجهات‬
‫اإلدارية استعمال االعتمادات المتبقية قبل نهاية السنة المالية لتفادي إلغاء المبالغ التي لن‬
‫تستعملها ‪ .‬و على ذلك فإن أسلوب الترحيل يؤدي إلى تفادي هذه المخالفات ‪ .‬و من‬
‫االستثناءات األخرى الواردة على مبدأ السنوية هناك ما يعرف باالعتمادات المؤقتة أو‬
‫الميزانيات االثني عشر ( بمعدل ميزانية كل شهر ) عند تعذر المصادقة على الميزانية السنوية في‬
‫الوقت المناسب ‪.‬‬
‫وفي المغرب نصت المادة ‪ 75‬من الدستور على البرمجة متعددة السنوات ‪ ،‬كما أن المادة ‪7‬‬
‫و الفصل السادس من القانون التنظيمي للمالية تحددان االستثناءات الواردة على مبدأ السنوية‬
‫في ‪ :‬االتفاقيات المالية ‪ ،‬و الضمانات التي تمنحها الدولة و تدبير شؤون الدين العمومي‬
‫و كذا الدين العمري و الترخيصات في البرامج ثم الترخيصات في االلتزام مقدما‪.‬‬
‫‪ ‬مبدأ السنوية و البرمجة المتعددة ‪ :‬تنفيذا ألحكام الفصل ‪ 75‬من الدستور الذي جاء فيه "‬
‫يصوت البرلمان مرة واحدة على نفقات التجهيز التي يتطلبها ‪ ،‬في مجال التنمية إنجاز‬
‫المخططات التنموية االستراتيجية و البرامج متعددة السنوات" و عندما يوافق عليها يستمر‬
‫مفعول الموافقة تلقائيا على النفقات طيلة مدة هذه المخططات و البرامج التنموية‪.‬‬
‫‪ ‬االتفاقات المالية ‪ :‬هي اتفاقيات ذات طابع مالي تكلف الدولة ميزانية مهمة يمتد تنفيذها‬
‫عدة سنوات ‪ (.‬كاتفاقيات الشراكة مع االتحاد األوروبي أو اتفاقيات التبادل الحر)‬
‫‪ ‬الضمانات التي تمنحها الدولة ‪ :‬و هي تحمالت افتراضية قد تتحول الى تحمالت فعلية‬
‫في حالة عدم تكمن الجهة المستفيدة من الضمان من الوفاء بتعهداتها ‪ ،‬و يدرج هذا الضمان‬
‫ضمن مشروع المالية يصادق عليه مرة واحدة و يمتد ألكثر من سنة ‪.‬‬
‫‪ ‬الدين العمومي ‪ :‬يتم االلتزام بتسديد القروض التي تقترضها الدولة مع الفوائد و العموالت‬
‫المرتبطة بها على أساس جدول زمني محدد قد يطول و قد يقصر ‪.‬‬
‫‪ ‬الترخيصات في البرامج ‪ :‬و هي ترخيصات تمنح بخصوص نفقات االستثمار الناتجة‬
‫عن تنفيذ مخطط التنمية ‪ ،‬تكون برامج تنموية تتطلب ميزانيات ضخمة تتجاوز مدة‬
‫تنفيذها السنة الواحدة يصادق عليها البرلمان مرة واحدة ( مثال المغرب األخضر ) ‪.‬‬
‫‪ ‬الدين العمري أو المعاشات ‪ :‬إذا كان الدين العمومي محدد بأجل فإن الدين العمري غير‬
‫محدد بأجل إال بوفاة المستفيدين منها و ذوي حقوقهم و هو من النفقات التي تسري لمدة‬
‫و بحجم يصعب تحديدهما بدقة ألنها مرتبطة بأعمار المستفيدين ‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ ‬الترخيصات في االلتزام مقدما ‪ :‬و تتعلق بنفقات التسيير ‪ ،‬و تمنح هذه الترخيصات في‬
‫حدود مبلغ أقصى ينص عليه قانون المالية ‪.‬‬
‫إذا كان المشرع المغربي قد رخص بهذه االستثناءات خارج مبدأ السنوية فإنه كذلك أوجد عدة آليات‬
‫بهدف مساعدة السلطات المالية على االلتزام بمبدأ السنوية و من بين هذه اآلليات نذكر ‪:‬‬
‫‪ -‬في حالة إذا لم يتم التصويت على مشروع القانون المالي في حدود ‪ 31‬دجنبر ‪ ،‬فإن‬
‫الحكومة بمقتضى الفصل ‪ 75‬من دستور ‪ 2011‬تفتح بمرسوم االعتمادات الالزمة‬
‫لسير المرافق العمومية و القيام بالمهام المنوطة بها ‪ ،‬على أساس ما هو مقترح في‬
‫الميزانية المعروضة على الموافقة ‪.‬‬
‫‪ -‬أما في حالة استجدت أمور على الدولة غير متوقعة ( مثال ‪ :‬وباء كورونا ) تمس حسابات‬
‫الموارد و النفقات ‪ ،‬فإن المشرع أوجد أربع تقنيات مالية بهدف مقابلة هذه الوضعيات‬
‫‪ ،‬و هذه التقنيات هي ‪ :‬قانون مالية تعديلي ـ اعتمادات إضافية ـ نفقات طارئة ـ‬
‫مخصصات احتياطية ـ و أخيرا تقنية وقف تنفيذ نفقات االستثمار ‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الثاني ‪ :‬قاعـدة الوحـدة‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬مضمون قاعدة وحدة الميزانية‬
‫ويقصد بها إدراج جميع نفقات وإيرادات الدولة في وثيقة واحدة‪ ،‬وعدم تجزئتها وتوزيعها‬
‫وتقسيمها على وثائق متعددة‪ .‬ويتعين على الميزانية أن تشتمل على جميع إيرادات الدولة ونفقاتها‬
‫بدون استثناء‪ ،‬و تدرجها في قانون واحد‪ ،‬و تبعا لذلك ينبغي أن تكون وحدة في تقدير اإليرادات‬
‫ووحدة في الترخيص البرلماني‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن مبدأ الوحدة قد ظهر في نهاية ق ‪ 19‬على يد ليو ساي الذي كتب بأن‬
‫هذا المبدأ يسهل عملية التقييم وعلى التعرف منذ الوهلة األولى على الخطوط الكبرى للميزانية‪.‬‬
‫وال بد أن نشير أن هذه القاعدة تحمل في طياتها عدة مزايا‪:‬‬
‫‪ -‬فهي تستجيب لمتطلبات الوضوح وتجعل اإلطالع على الوضع المادي للدولة‬
‫والوقوف على تناسق وتكامل مكوناته أكثر يسرا‪.‬‬
‫‪ -‬وتمكن السلطة التشريعية من اإلطالع على صور بسيطة لمشروع الميزانية‪ ،‬وإجراء‬
‫الرقابة عليها بشكل كلي‪.‬‬
‫‪ -‬تسمح هذه القاعدة بمعرفة مدى توازن الميزانية وقياس حجم العجز في حالة انعدام‬
‫التوازن‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬االستثناءات الواردة على قاعدة وحدة الميزانية‪.‬‬
‫ألنه أصبح ال يتالءم كثيرا مع االتجاه الحديث لوظيفة الدولة بسبب تدخالت الدول‬
‫في توجيه النشاط االقتصادي وكذا بسبب تطبيق الدول لمنظم الالمركزية أدى إلى‬
‫فصل مصروفات وموارد الحكومة المركزية عن مصروفات وموارد وحدات الحكم‬
‫المحلي‪.‬‬
‫وأيضا نشأت الميزانيات الملحقة التي تتعلق بالنشاط التجاري والصناعي‪ ،‬حيث يكون‬
‫من أفضل عدم إدماج حساباتها في الميزانية العامة للدولة نظرا لطبيعتها الخاصة‬
‫المنتجة للربح أو المحققة للخسارة‪ ،‬مما أفضى إلى تعدد الميزانيات في الدولة الواحدة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وكما سبقت اإلشارة إلى ذلك‪ ،‬فالميزانية العامة بيان تقديري مفصل بالنفقات‬
‫واإليرادات‪ ،‬غير الواردة بالميزانيات الملحقة أو ميزانيات مرافق الدولة المسيرة‬
‫بصورة مستقلة أو الحسابات الخصوصية للخزينة‪ ،‬وهو ما يعني أن االستثناءات‬
‫الواردة على قاعدة وحدة الميزانية تتحدد في‪ :‬الميزانيات الملحقة‪ ،‬وميزانيات مرافق‬
‫الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪ ،‬والحسابات الخصوصية للخزينة‪.‬‬

‫‪ -‬الفقرة األولى‪ :‬الميزانيات الملحقة ‪Budgets Annexes‬‬


‫ال بد أن نشير إلى أن من أهم مستجدات القانون التنظيمي ‪ 130.13‬هو حذف الميزانيات‬
‫الملحقة‪ ،‬لكن نرى أنه من الضروري التعريف بها‪ ،‬فالميزانيات الملحقة كانت ميزانيات‬
‫منفصلة عن ميزانية الدولة‪ ،‬وتتضمن إيرادات ونفقات بعض المصالح العمومية وبعض‬
‫المرافق ذات الصبغة االقتصادية أو االجتماعية أو الثقافية التي تتمتع باستقالل مالي دون‬
‫أن تكون لها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة‪ .‬وقد كان عددها في المغرب‬
‫‪ 5‬ميزانيات (البريد والمواصالت ـ المطبعة الرسمية ـ اإلذاعة والتلفزة ـ الموانئ ـ المحافظة العقارية)‬
‫وطبقا للمقتضيات الجديدة للقانون التنظيمي للمالية لسنة ‪ 1998‬تم إلغاء نظام الميزانيات‬
‫الملحقة وتم تعويضه بنظام ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪.‬‬
‫‪ -‬الفقرة الثانية‪ :‬ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة ‪.SGMA‬‬
‫تحتل مركزا وسطا بين المرافق العمومية العادية والمؤسسات العمومية وهي بالتالي ال‬
‫تتمتع بالشخصية االعتبارية واالستقالل المالي وتستفيد من مداخيل ذاتية مقابل الخدمات‬
‫التي تقدمها أي أن نشاط هذه المرافق يهدف إلى إنتاج سلع أو تقديم خدمات مقابل دفع‬
‫أجر‪.‬‬
‫‪ -‬الفقرة الثالثة‪ :‬الحسابات الخصوصية للخزينة ‪Comptes spéciaux du Trésor‬‬
‫هي مكون من مكونات ميزانية الدولة إلى جانب الميزانية العامة والميزانيات الفرعية أو‬
‫ميزانيات المرافق التي تسير بطرق مستقلة ن فهذه الحسابات تعتبر في أعراف المالية‬
‫العمومية آلية استثنائية يتم تفعيل العمل بها بغية تحقيق مستوى أكبر من المرونة في التدبير‬
‫المالي للمشاريع والبرامج الحكومية المهيكلة التي ال تحتمل التأخير‪ ،‬وتجنب كل ما من شأنه‬
‫إعاقتها‪ ،‬وتلجأ الدولة عادة إلى فتح هذه الحسابات لمدة معينة بمقتضى القوانين المالية السنوية‪.‬‬
‫وهي األخرى تخضع لرقابة البرلمان وأحيانا للتدقيق من لدن أجهزة الرقابة‪.‬‬
‫الحسابات الخصوصية للخزينة إذن ترتبط ببعض العمليات المالية التي تكتسي طابعا مؤقتا‬
‫أو خاصا يستوجب إدراجها وإنجازها خارج حسابات الميزانية العامة للدولة‪ .‬وقد تراجع‬
‫عددها من ‪ 132‬حسابا خاصا في سنة ‪ 2002‬إلى ‪ 67‬حسابا في القانون المالي لسنة ‪.2014‬‬
‫والحسابات الخصوصية أنواع كما هو محدد في الفقرة األولى من المادة ‪ 27‬من القانون‬
‫التنظيمي ‪ 130.13‬وهي محددة في ‪ 5‬أصناف وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬الحسابات المرصدة ألمور خصوصية‪ :‬وهي األهم في المغرب من حيث العدد وحجم‬
‫ميزانياتها‪.‬‬
‫‪ -2‬حسابات االنخراط في الهيئات الدولية‪.‬‬
‫‪ -3‬حسابات التمويل وهي الحسابات التي تبين فيها المبالغ المدفوعة على شكل قروض‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -4‬حسابات العمليات النقدية ومثال ذلك‪ :‬الحساب الخاص بالعمليات المنجزة مع صندوق‬
‫النقد الدولي وأيضا حساب الخسارات واألرباح الناجمة عن الصرف أو حساب إصدار‬
‫النقود المعدنية‪.‬‬
‫‪ -5‬حسابات النفقات من المخصصات‪ :‬وهي الحسابات التي تبين عمليات متعلقة بصنف‬
‫خاص من النفقات يتم تمويله من مخصصات الميزانية العامة‪.‬‬
‫‪‬المبحث الثالث‪ :‬قاعـدة توازن المالية‬
‫يقصد بمبدأ توازن الميزانية أن يكون حجم النفقات معادال لحجم المداخيل‪ ،‬غير أن هذا المفهوم‬
‫عرف تطورا نتيجة التطور الحاصل في وظائف الدولة في الحياة االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬تطور ميزانية الدولة‬
‫‪ -‬الفقرة األولى‪ :‬المالية العامة التقليدية وتوازن الميزانية‬
‫فيما سبق‪ ،‬تم توضيح أن المالية العامة عايشت الدولة الليبرالية التي كانت لها أنشطة‬
‫محصورة في مهام إدارية محضة وكانت الميزانية في ذلك العهد تتميز بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪ ‬ضآلة حجم المالية العامة‪ :‬لم تكن االقتطاعات العمومية تتجاوز ‪15%‬‬
‫‪ ‬الحياد‪ :‬كانت بعيدة عن كل تأثير أو تدخل أو توجيه في الحياة االقتصادية‬
‫‪ ‬أما بالنسبة لمبدأ توازن الميزانية‪ :‬فقد كان هذا المبدأ يشكل قاعدة ذهبية في ظل المالية‬
‫العامة التقليدية‪ ،‬ذلك أن الحجم اإلجمالي لمداخيل الدولة كان يجب أن يعادل الحجم‬
‫اإلجمالي للنفقات‪ .‬وعليه فقد كان هناك رفض لمسألة عجز الميزانية كما كان هناك‬
‫رفض لفكرة الفائض‪.‬‬
‫ولإلشارة فإن قاعدة توازن الميزانية تعرف بدورها استثناء يتمثل في نظرية المأزق‬
‫‪ L’impasse‬التي تقبل بوجود عجز ضمن حدود معينة وبشروط محددة‪ ،‬وتقول بإمكانية قبول‬
‫العجز لفترة معينة وذلك لما يتم موازنته في السنوات المقبلة بفوائض‪.‬‬
‫‪ -‬الفقرة الثانية‪ :‬المالية العامة الحديثة ومبدأ توازن الميزانية‬
‫كما سبقت اإلشارة إلى ذلك حصل تطور في المالية العامة نتيجة تطور وظائف الدولة فانتقلت‬
‫من طابع تقليدي إلى طابع حديث يمكن حصر أهم خصائصه في ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬ارتفاع حجم المالية العامة‪ :‬أصبحت االقتطاعات العمومية تتجاوز نسبة ‪30%‬‬
‫‪ ‬لم تعد الميزانية العامة محايدة‬
‫‪ ‬وكذلك لم تعد الميزانية متوازنة‪ ،‬بحيث أصبح العجز مقبوال‬
‫عموما يمكن القول أن ميزانية الدولة لم تعد في إطار الدولة المتدخلة بيان يحافظ على التساوي‬
‫الحسابي بين النفقات و اإليرادات‪ ،‬بل أصبحت برنامج عمل سنوي للوصول إلى التوازن‬
‫االقتصادي و االجتماعي العام‪ ،‬أي لم يعد ينصرف هم السياسة المالية الحديثة إلى المحافظة‬
‫على توازن نفقات الدولة مع إيراداتها فحسب و إنما إلى ناحيتين‪:‬‬
‫‪ -‬الناحية األولى‪ :‬بلوغ التوازن االقتصادي العام ولذلك أصبح مطلوبا من ميزانية‬
‫الدولة اتكيف مع الوضعيات االقتصادية الظرفية‪ ،‬فتعالج فترات الكساد بفترات‬
‫االزدهار‪ ،‬وظهرت فكرة التوازن الدوري بدل التوازن السنوي‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -‬الناحية الثانية‪ :‬تحقيق التوازن االجتماعي وذلك بإعادة توزيع ادخل القومي بين‬
‫الطبقات االجتماعية بسبب ضغوط النقابات العمالية من جهة وأهمية الزيادة في دخول‬
‫الطبقات الفقيرة في زيادة الطلب االستهالكي من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬تطبيقات قاعدة التوازن في المغرب‪.‬‬
‫بالرغم من أن جميع الوثائق الدستورية والنصوص التنظيمية المتعاقبة قد نصت على ضرورة‬
‫إقرار مبدأ التوازن إال أن المالية العامة بالمغرب قد عرفت عجز الميزانية منذ السنوات‬
‫األولى لالستقالل نتيجة ارتفاع حجم اإلنفاق العمومي وضعف الموارد العادية‪ ،‬وهذا العجز‬
‫ال زال مستمرا إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫ومهما يكن فإن اتوازن كمبدأ ال يمكن تطبيقه نظرا لإلكراهات وضغوطات تخضع لها المالية‬
‫العامة للدولة وهو ما يجعلها تعرف عجزا‪ ،‬فاعجز أصبح من السمات المستقرة في الميزانية‬
‫بالمغرب وهو في تصاعد مستمر‬
‫‪‬المبحث الرابع‪ :‬قاعـدة الشمول والعمومية‬
‫ويقصد بها أن تدرج في الميزانية اإليرادات والمصروفات دون إجراء أية مقاصة بينهما‪ ،‬أي يجب‬
‫جمع كل اإليرادات في كتلة واحدة يصرف منها بدون تخصيص موارد معينة لنوع خاص من‬
‫اإلنفاق‪ .‬لكن الواقع العمل يفرض تليينه وبذلك ترد عليه استثناءات متعددة‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬قاعدة عدم المقاصة بين النفقات واإليرادات‪.‬‬
‫ال يكفي أن يكون مجموع النفقات والمداخيل مضمنا في وثيقة واحدة‪ ،‬بل يلزم أن تكون هذه‬
‫الوثيقة مشتملة على كل المداخيل من جهة وعلى كل النفقات من جهة أخرى‪ ،‬وأن تقدم كل‬
‫من المجموعتين منفصلة عن بعضها‪ ،‬أي أال تقع مقاصة بين المداخيل والنفقات بحيث تقتصر‬
‫الميزانية على تقديم الفرق بينهما‪ .‬ومن مزايا هذه القاعدة أنها تتيح لألجهزة المسؤولة عن‬
‫الرقابة المالية الوقوف على تفصيالت الميزانية العامة بشقيها اإلنفاقي واإليرادي ومحاربة‬
‫أوجه اإلسراف والتقصير فيها‪ ،‬وهو ما يعتبر ضمانة أساسية لحسن صرف األموال العمومية‬
‫وعدم تحصيلها إال في حدود المتطلبات الضرورية‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمغرب فإن المشرع المغربي نص صراحة على هذه القاعدة ونص على‬
‫احترامها‪ ،‬ومن تم استقر المبدأ ضمن القواعد األساسية للميزانية‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬االستثناءات الواردة على مبدأ الشمول‪.‬‬
‫أدى تزايد وظائف الدولة وتداخالتها إلى ظهور ظاهرتين جديدتين في موضوع شمول‬
‫الموازنة‪:‬‬
‫‪ -‬الظاهرة األولى‪ :‬تتمثل في أن تطور الدولة أدى إلى تعدد موازناتها‪ ،‬وكثرة حساباتها وتنوع‬
‫الهيئات واألجهزة المكلفة بتدبيرها‪ ،‬وأصبح من الصعب فنيا أن تخضع جميع أنشطة الدولة‬
‫إلى قاعدة الشمول في إطار ميزانية عامة‪.‬‬
‫‪ -‬الظاهرة الثانية‪ :‬بعد تزايد مداخيل الدولة ومصاريفها‪ ،‬وكذا تعدد مصادر اإليرادات اتضح‬
‫جليا صالبة مبدأ الشمول ومدى الحاجة إلى األخذ به ألنه يفيد في ضمان شفافية التسيير‬
‫المالي‪ ،‬إال أنه مع ذلك كان ال بد من تليينه ولهذا ترد عليه مجموعة من االستثناءات‪.‬‬
‫وبخصوص المغرب فالالفت أن قاعدة المقاصة ال تطبق فعليا إال على الميزانية العامة للدولة‪،‬‬
‫وهكذا تضع جانبا كال من الميزانيات الملحقة والحسابات الخصوصية للخزينة‪ .‬وبمعنى آخر‬
‫فهذه الميزانيات والحسابات هي االستثناءات الواردة على قاعدة عدم المقاصة‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪‬المبحث الخامس‪ :‬قاعـدة عدم التخصيص‬
‫ويقصد بها أال تخصص بعض اإليرادات ألنواع معينة من المصروفات‪ ،‬فمجموع اإليرادات العامة‬
‫يخصص لتغطية مجموع النفقات العامة على وجه الشيوع دون تخصيص نوع من اإليرادات لتمويل‬
‫أوجه معينة من اإلنفاق‪ ".‬مثال ال يمكن تخصيص حصيلة الضريبة على وقود السيارات ورسوم‬
‫التسجيل لتمويل إنجاز الطرق العامة ‪"...‬‬
‫وهذه القاعدة تعتمدها مجموعة من الدول ومن الدوافع التي تجعل هذه الدول تتبناها نذكر‪:‬‬
‫‪ -‬أن قاعدة عدم التخصيص تمكن الدول من استغالل مواردها استغالال متالئما إلشباع‬
‫حاجاتها العامة تبعا لألهمية النسبية‪.‬‬
‫ت هذه اإليرادات في فترة ما‬ ‫‪ -‬إذا خصصت إيرادات معينة لتمويل نوع من الخدمات و دقلَّ ْ‬
‫ض‪ ،‬وبالعكس إذا زادت اإليرادات فقد تؤدي هذه‬ ‫تعذرت هذه الخدمات على وجه غير مرْ ٍ‬ ‫َّ‬
‫الزيادة إلى التبذير واإلسراف في اإلنفاق‪.‬‬
‫‪ -‬أن مبدأ عدم التخصيص ال يسمح للحكومة بالتحيز في تخصيص الموارد ألجل اإلنفاق على‬
‫خدمات تستفيد منها فئة معينة دون أخرى‪ .‬بل يستعمل مجموع الموارد لتغطية مجموع‬
‫التحمالت‪.‬‬
‫‪ -‬يتطابق مبدأ عدم التخصيص مع مفهوم الدولة مقاولة الجميع‪ ،‬وعليه فإنه يتعين التصرف‬
‫في الموارد التي تتوفر عليها الدولة بكيفية مشتركة بين جميع المصالح المكونة لها حسب‬
‫معيار المصلحة العامة‪ ،‬وبذلك يضمن مبدأ عدم التخصيص التجرد والحياد وال يسمح‬
‫بالتحيز في رصد الموارد لتغطية نفقات معينة لفائدة فئات محددة العتبارات سياسية أو‬
‫اجتماعية‪.‬‬
‫ورغم هذه المزايا فقد وجهت مجموعة من االنتقادات لمبدأ عدم التخصيص بسبب بعض عيوبه‪.‬‬
‫وقد نص التشريع المغربي في المادة ‪ 8‬من القانون التنظيمي ‪ 130.13‬على ضرورة " رصد مجموع‬
‫المداخيل لتنفيذ مجموع النفقات "‬
‫بيد أنه إذا كانت معظم التشريعات المالية المقارنة تأخذ بهذا المبدأ‪ ،‬فإن هذه التشريعات تقر ببعض‬
‫االستثناءات‪ ،‬والمغرب كذلك يعمل بهذا االستثناء بحيث نجد في المادة ‪ 8‬من القانون التنظيمي‬
‫‪ 130.13‬على أنه " يمكن رصد بعض المداخيل لبعض النفقات في إطار ميزانيات مرافق الدولة المسيرة‬
‫بصورة مستقلة أو الحسابات الخصوصية للخزينة أو في إطار إجراءات محاسبية خاصة "‬
‫وفي هذا الصدد نشير إلى أنه توجد قاعدة أخرى تعتبر من قواعد الميزانية العامة وهي قاعدة‬
‫تخصيص النفقات وهي عكس القاعدة األولى‪ ،‬فمبدأ تخصيص االعتمادات ينطلق من كون الترخيص‬
‫بالنفقات الذي يمنحه البرلمان للحكومة ال يكتسي طابعا عاما بحيث يسمح لهذه األخيرة بالتصرف‬
‫في االعتمادات المفتوحة بكل حرية بل يتم توجيهها لتمويل نفقات معينة‪.‬‬
‫فقاعدة تخصيص االعتمادات تساعد على توجيه الموارد المالية نحو استخداماتها المحددة‪ ،‬كما تتيح‬
‫للبرلمان متابعة ومراقبة اإلنفاق الحكومي في تفصيالته‪ .‬وقد أخضعها المشرع الستثنائيين هما‪:‬‬
‫الحسابات الخصوصية للخزينة والنفقات الطارئة والتحمالت المشتركة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫كما أن المشرع المغربي منح الحكومة صالحيات هامة من أجل اتخاذ ما يلزم من إجراءات مالية‬
‫خالل السنة المالية وتتمثل هذه اإلجراءات في‪:‬‬
‫تجاوز االعتمادات‬ ‫‪-‬‬
‫فتح اعتمادات إضافية‬ ‫‪-‬‬
‫تحويل المناصب أو إعادة انتشارها بين الوزارات‬ ‫‪-‬‬
‫وقف تنفيذ بعض نفقات االستثمار‬ ‫‪-‬‬
‫تحويل االعتمادات‬ ‫‪-‬‬
‫ومما يالحظ على هذه اإلجراءات التي منح المشرع الصالحية للحكومة بالعمل بها دون الرجوع‬
‫إلى البرلمان ولو الحقا قصد المصادقة عليها أنها قد تتعارض مع مفهوم الترخيص البرلماني الذي‬
‫يخول للحكومة سلطة تقديرية في إنفاق االعتمادات المرخص بها أو عدم إنفاقها وفق ما تقتضيه‬
‫اعتبارات المصلحة العامة ولكن في حدود االعتمادات المفتوحة في الميزانية وبما ال يتجاوزها‪.‬‬
‫‪‬المبحث الخامس‪ :‬قاعـدة صدق الميزانية‬
‫تعتبر هذه القاعدة أحد مظاهر دمقرطة التدبير المالي وما تفرضه من وضوح للنشاط المالي للدولة‬
‫فضال عن كونها مظهرا للحكامة المالية الجيدة‪.‬‬
‫ويعتبر مجلس الدولة أن صدق العمليات المالية يكتسي طابعا دستوريا الفرنسي ‪ ،‬و من المستجدات‬
‫التي تضمنها قانون المالية ‪ 130.13‬تنصيصه على مبدأ الصدقية في التوقع و اإلعداد و كذا‬
‫تنصيصه على ضرورة تصديق المجلس األعلى للحسابات على مطابقة هاته الحسابات و صدقيتها‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫دورة الميزانية ‪ -‬مراحل الميزانية‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫تحضير مشروع الميزانية العامة ‪.‬‬
‫‪‬المبحث األول‪ :‬األجهزة المكلفة بعملية إعداد الميزانية‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬أجهزة تحضير مشروع الميزانية في النظم المالية المقارنة ‪.‬‬
‫تتولى السلطة التنفيذية مهمة تحضير الميزانية لعدة أسباب منها ‪:‬‬
‫‪ -‬أن هذه السلطة يتجمع لديها البيانات عن القطاعات و األوضاع االقتصادية المختلفة‬
‫‪ ،‬كما تتوفر لديها الخبرة للقيام بهذا العمل ‪.‬‬
‫‪ -‬أنها هي المسؤولة عن تحقيق أهداف المجتمع االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬و لذلك كان‬
‫من الطبيعي أن تعطى لها الوسائل الالزمة لتحقيق تلك األهداف ن و أهمها الحق في‬
‫إعداد الميزانية أي وضع التقديرات الالزمة لتنفيذ برنامجها ‪.‬‬
‫‪ -‬أن السلطة التنفيذية أقدر من السلطة التشريعية على تقدير اإليرادات و النفقات العامة‬
‫بحكم توفرها على أجهزة مختلفة و إمكانيات تقنية و بشرية تمكنها من معرفة‬
‫الحاجيات و ما تتطلبه من نفقات‪.‬‬
‫‪ -‬أن السلطة التنفيذية أكثر قدرة على معرفة حاجات المجتمع و مشاكله و تحديد‬
‫األولويات فيما بينها و ذلك لما تراكم لديها من خبرة في تنفيذ ميزانيات السنوات‬
‫السابقة‪.‬‬
‫‪ -‬أن السلطة التشريعية إضافة إلى أنها ال تتوفر على اإلمكانيات التقنية و البشرية فهي‬
‫ق د تلجأ إلى إرضاء الناخبين على حساب المصلحة العامة و الحفاض على التوازن‬
‫المالي و االقتصادي‪.‬‬
‫و يبقى تدخل السلطة التشريعية منحصرا في مناقشة المشروع الحكومي و المصادقة عليه ‪،‬‬
‫و هو ما من شأنه أن يضمن تحقيق نوع من التوازن في اختصاصات السلطين في المجال‬
‫المالي ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬أجهزة تحضير القانون المالي في النظام المالي المغربي‪.‬‬
‫ينص القانون التنظيمي ‪ 130.13‬في المادة ‪ 46‬على أنه " يتولى الوزير المكلف بالمالية تحت‬
‫سلطة رئيس الحكومة إعداد مشاريع قوانين المالية طبقا للتوجهات العامة المتداول بشأنها في‬
‫المجلس الوزاري ‪".‬‬
‫إن عملية تحضير قانون مالية السنة في المغرب يساهم فيها كل من وزير المالية و رئيس‬
‫الحكومة و كذا جاللة الملك ‪.‬‬
‫‪ -‬الفقرة األولى‪ :‬دور وزير المالية في مجال تحضير الميزانية‪.‬‬
‫تبقى مهمة تحضير مشروع قانون المالية موكولة إلى وزير المالية ويعود السبب في ذلك إلى‬
‫كون وزير المالية هو " المسؤول بالدرجة األولى عن السياسة المالية للحكومة كما أنه‬
‫مسؤول عن التوازنات العامة للميزانية‪ ،‬وأنه يشرف مباشرة على مختلف المصالح اإلدارية‬
‫المختصة بتحصيل الموارد ‪ ،‬و أنه يطلع بصورة دقيقة عن طريق المراقب العام و مراقبي‬
‫االلتزام بالنفقات على جميع النفقات الحكومية ‪.‬‬
‫و من جهة أخرى يمتلك وزير المالية من خالل اإلطار الوظيفي في وزارة المالية القدرة‬
‫الفنية و اإلدارية التي تسهل عملية التنسيق مع بقية الوزارات في المجال المالي‪ .‬كما لديه‬
‫الطرق الفنية التي يتبع فيها الدقة و الحذر و االقتراب من الواقع قدر اإلمكان و ذلك أثناء‬
‫وضع التقديرات المتعلقة باإليرادات و النفقات ‪.‬‬
‫و يباشر تحضير مشروع القانون المالي عن طرق عرضه على الحكومة كل سنة قبل فاتح‬
‫ماي ‪ .‬و يقدم عرضا إجماليا عن مشروع قانون المالية للسنة المالية التالية ‪ ،‬و يدعو اآلمرين‬
‫بالصرف وفق توجيهات الحكومة إلعداد مقترحاتهم بالمداخيل و النفقات للسنة المالية التالية‬
‫‪.‬‬
‫و يتمتع بسلطة واسعة تشبه نسبيا سلطة " الفيتو" ‪ ،‬فال يمكن للحكومة اتخاذ أي إجراء يكون‬
‫له أثر مالي مباشر أو غير مباشر دون موافقته ‪ ،‬و تتقوى سلطته نتيجة لتعدد المجاالت‬
‫الحيوية التي يقوم بإدارتها أو يشرف على مراقبتها ‪ .‬و رغم أنه يعتبر مؤهال أكثر من غيره‬
‫لتحضير مشروع الميزانية العامة ‪ ،‬فإن مهمة التحضير ال يتكلف بها لوحده ‪ ،‬بل يشاركه‬
‫كافة الوزراء فعلى المستوى الفردي يعمل وزير المالية كل سنة و قبل فاتح نونبر من سنة‬
‫تنفيذ الميزانية على إصدار مناشير تتضمن التوجيهات التي يجب أن تراعى من قبل الوزراء‬
‫في تحضير مشروع قانون المالية ‪ ،‬كما يوجه بهذه المناسبة الئحتين إلى مختلف الوزارات‬
‫‪ ،‬تتعلق الالئحة األولى بنفقات التسيير و تتعلق الثانية بنفقات التجهيز ‪ ،‬و تتضمن كل الئحة‬
‫توجيهات يتعين على جميع المرافق الحكومية اتباعها في إعداد مشروعاتها ‪ .‬كما أن وضع‬
‫تقديرات المشاريع من لدن مختلف الوزارات يجب أن تستند إلى مختلف المرجعيات التي‬
‫تتأسس على ضوئها السياسة الحكومية والتي تتمثل في‪:‬‬
‫‪ ‬خطب وتوجيهات جاللة الملك‬
‫‪ ‬التوجهات العامة للمخطط‬
‫‪ ‬تصريحات الوزير األول امام البرلمان‬

‫‪18‬‬
‫ويجب أن تصل مقترحات اآلمرين بالصرف المتعلقة بالمداخيل والنفقات وكذا مشاريع‬
‫األحكام المراد إدراجها في مشروع قانون المالية إلى الوزارة المكلفة قبل فاتح يوليوز‪ ،‬وقد‬
‫حددت هذه التواريخ لكي يتمكن مجلس الوزراء من المصادقة على المشروع‪ ،‬وبالتالي يقدمه‬
‫للبرلمان قبل ‪ 70‬يوما من نهاية السنة‪.‬‬
‫و بمجرد وصول التقديرات المتعلقة بالمداخيل و النفقات إلى وزير المالية ‪ ،‬توجه نحو األقسام‬
‫القطاعية المعنية بمديرية الميزانية و تباشر هذه األقسام دراسة المقترحات للتأكد من مطابقتها‬
‫للتوجيهات الحكومية و لرسالة التأطير ‪.‬‬
‫‪ -‬الفقرة الثانية ‪ :‬سلطة رئيس الحكومة في تحديد التوجهات الرئيسية لمشروع‬
‫الميزانية ‪.‬‬
‫رئاسة مجالس الحكومة موكولة بمقتضى الدستور لرئيس الحكومة هذه المجالس تعقد لدراسة‬
‫السياسة العامة التي تتبعها الحكومة و كذا دراسة مشاريع القوانين قبل عرضها في مجلس‬
‫الوزراء ‪ ،‬حيث يقوم وزير المالية تحت سلطة رئيس الحكومة بتحضير مشروع القانون‬
‫المالي ‪ .‬و يتابع مجلس الحكومة تحت رئاسة رئيسه مشروع الميزانية بكيفية مستمرة ‪،‬‬
‫و ذلك تفاديا للخالف الذي يمكن أن يقع بين بعض الوزارات ووزارة المالية ‪.‬‬
‫و قد عمل القانون التنظيمي الجديد بمقتضى الفصل ‪ 46‬منه ‪ ،‬على تكريس مسؤولية رئيس‬
‫الحكومة في المجال المالي و كلفه بمهمة جديدة و هي تحضير مشروع قانون المالية من‬
‫طرف وزير المالية و تحت سلطته ‪ .‬هذه السلطة تمثل ممارسة فعالة لتحديد المشاركة‬
‫المسؤولة لكل القطاعات بعيدا عن روح الهيمنة ‪ .‬و تبرز سلطة الزير في المجال المالي على‬
‫مستويين هما ‪ :‬التوجيه و التحكيم ‪.‬‬
‫و هكذا فإن رئيس الحكومة يبعث برسالة توجيهية و يعممها على مختلف الوزراء لتوضيح‬
‫العناصر التي يتعين أخذها بعين االعتبار لدى تحديد مقترحاتهم المتعلقة باإليرادات و النفقات‪.‬‬
‫و بخصوص سلطة التحكيم فإن رئيس الحكومة يتدخل في الخالفات التي قد تنشأ بين وزير‬
‫المالية و باقي الوزراء حول الغالف المالي المخصص لكل وزارة ليكون حكما في الخالفات‬
‫أو حول عدم مطابقة مقترحات إحدى الوزارات للتوجيهات الحكومية المتضمنة في الرسالة‬
‫التوجيهية لرئيس الحكومة ‪.‬‬
‫‪ -‬الفقرة الثالثة ‪ :‬دور مجلس الوزراء‬
‫بعد المصادقة على مشروع قانون المالية في المجلس الحكومي ‪ ،‬يعرض على مجلس الوزراء‬
‫تطبيقا لمقتضيات الفصل ‪ 49‬من الدستور ‪ ،‬و ينعقد مجلس الوزراء لتحديد مشروع القانون‬
‫المالي ‪ ،‬مبدئيا قبل ‪ 20‬أكتوبر من كل سنة ‪ ،‬و يتميز باستفسار جاللة الملك عن بعض جوانب‬
‫المشروع و بتوجيه تعليماته للحكومة في هذا الصدد ‪.‬بل أكثر من ذلك فالملك تبقى له كلمة‬
‫الفصل و الحسم في تحديد و توجيه مشروع الميزانية و ذلك نظرا ألنه هو الذي يرأس مجلس‬
‫الوزراء ‪ .‬كما أنه يعين رئيس الحكومة و باقي أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها ‪ .‬كما‬
‫للملك بمبادرة منه ‪ ،‬بعد استشارة رئيس الحكومة ‪ ،‬أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء‬
‫الحكومة من مهامهم ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫و بعد موافقة مجلس الوزراء تتم طباعة مشروع قانون المالية في صيغته النهائية بالمطبعة‬
‫الرسمية و إرساله إلى رئيس الحكومة قصد إيداعه باألسبقية لدى مجلس النواب ‪ ،‬و ذلك قبل‬
‫نهاية السنة المالية الجارية ب ‪ 70‬يوما على أبعد تقدير ‪.‬‬

‫‪‬المبحث الثاني‪ :‬كيفية تقدير اإليرادات و النفقات في الميزانية العامة‬


‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬أساليب تقدير النفقات‬
‫‪ -‬الفقرة األولى ‪ :‬األساليب التقليدية – التقدير المباشر‬
‫التقدير المباشر هو ما يطبق عادة في تقديرات النفقات العمومية للدولة ‪ ،‬حيث يطلق على‬
‫المبالغ المقترحة للنفقات اعتمادات ‪ ،‬لكن ال بد من التمييز بين نوعين االعتمادات ‪.‬‬
‫‪ ‬االعتمادات الثابثة ‪ :‬و هي النفقات التي يمكن تقديرها بسهولة و بدقة و مثال ذلك "‬
‫األجور و المرتبات ‪ ،‬أقساط الديون و فوائدها "‬
‫‪ ‬االعتمادات المتغيرة أو المتقلبة ‪ :‬و هي النفقات التي يطبعها التحول و التي ال يمكن‬
‫تقديرها بسهولة ‪ ،‬لذلك فهي تقدر بشكل تقريبي ‪ ،‬و هي تقع على نوعين ‪:‬‬
‫‪ ‬متجددة ‪ :‬هي االعتمادات التي تتجدد و تتكرر كل سنة و مثال ذلك النفقات‬
‫التي تخصص لشراء لوازم اإلدارات و المؤسسات العمومية من ورق و كتب و‬
‫آالت نسخ و طباعة و معدات مكتبية ‪ ،‬أداء فواتير الماء و الكهرباء و االتصاالت و غيرها ‪.‬‬
‫و يتم تقديرها بناء على النفقات الفعلية التي صرفت السنة السابقة يضاف‬
‫إليها الزيادات المحتملة برسم السنة المقبلة ‪.‬‬
‫‪ ‬غير متجددة ‪ :‬و هي االعتمادات التي تخصص لبعض المشاريع االقتصادية‬
‫و للبنيات التحتية و التي ال تتكرر بصفة دورية مثل النفقات المخصصة‬
‫إلنجاز البنيات التحتية ( طرق ‪ ،‬سدود ‪ ،‬موانيء ‪ ،‬مستشفيات ‪)...‬‬

‫و إلى جانب هذه االعتمادات غير المتجددة هناك االعتمادات التقديرية المتعلقة بالنفقات التي‬
‫ال يمكن تقديرها إال بكيفية تقريبية‪ .‬أي أنه يمكن للحكومة تجاوز المبالغ المقيدة في الميزانية‬
‫إذا اقتضت الضرورة ذلك‪ .‬و من تم فإن مصادقة البرلمان عليها تكون مصادقة على الغرض‬
‫و الهدف من االعتماد و ليس على مبلغ االعتماد ‪ .‬و بذلك يمكن للحكومة أن تلجأ على طلب‬
‫الموافقة على اعتمادات إضافية تستدعيها الظروف المتغيرة‪.‬‬
‫‪ -‬الفقرة الثانية ‪ :‬األساليب العصرية‬
‫تعتبر أساليب متطورة في تقدير النفقات ألنها أكثر نجاعة و أكثر فعالية و مردودية ‪ ،‬و تقوم‬
‫على برمجة األهداف و الوسائل و تحديد األولويات ووضع آليات التنفيذ و التتبع ‪ ،‬و تقييم‬
‫األداء و تحليل النتائج و فق معايير موضوعية و تتخذ هذه األساليب عدة أشكال و أنواع‬
‫نذكر منها ما يلي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬نظام تخطيط و برمجة الميزانية ‪ :‬ظهرت هذه الطريقة في الواليات المتحدة‬
‫األمريكية سنة ‪ 1961‬و تقوم على تحديد أهداف كل األعمال التي ستنجز مع ضرورة‬
‫معرفة جميع أهداف األمة و اختيارها يعتبر أولويا ‪ ،‬و لبلوغ هذا المبتغى يالحظ أن هذه‬
‫الطرقة تتمحور حول ‪ 3‬مراحل ‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -1‬مرحلة البحث العلمي عن تحديد دراسة مستقبلية على األمد البعيد ‪ ،‬بحيث أن إعداد‬
‫الميزانية يبحث عن عقلنة اختيارات القرار‪.‬‬
‫‪ -2‬المرحلة الثانية تتحدد في انجاز الحسابات الخاصة بتحليل البرامج المراد إنجازها ‪،‬‬
‫و ذلك لمواجهة كل اإلمكانات المحتملة ‪.‬‬
‫‪ -3‬بعد أن يتم تحديد األهداف يتم توزيع البرامج حسب تقسيمات موازنية سنوية ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نظام ترشيد الميزانية ‪ :‬و تسمى أيضا بعقلنة اختيارات الميزانية ظهرت في فرنسا ‪،‬‬
‫و هي عبارة عن المسطرة التي تهدف على إلزام كل مسؤول عن القرار اإلداري و االقتصادي‬
‫و االجتماعي ‪ ،‬بالتفكير في األهداف و في المهام التي يتعين القيام بها بما في ذلك بحث‬
‫الوسائل األكثر تناسبا و األكثر اقتصادا و تجاوزا للتبذير‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬طريقة التسيير باألهداف ‪ :‬ظهرت تطبيقاتها في شركة جنرال موتورز العمالقة ‪،‬‬
‫ترتكز على أساس رصد األهداف و تحديد األولويات ووضع جدول زمني للتنفيذ في إطار‬
‫الميزانية السنوية للدولة ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ميزانية قاعدة الصفر ‪ :‬تتطلب مراجعة مستمرة و منتظمة لألهداف و الوسائل ‪،‬‬
‫و إعادة توزيع دائم للمواد المتاحة ‪ ،‬ليس بناء على مرصدات مخصصات الميزانية السابقة‬
‫‪ ،‬بل في ضوء أهمية و استعجالية و أولية النشاطات و البرامج المقترحة من طرف المصالح‬
‫الحكومية في كل سنة على حدة ‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني ‪ :‬طرق تقدير اإليرادات العامة‬
‫‪ -‬الفقرة األولى ‪ :‬طريقة حسابات السنة قبل األخيرة‬
‫حسب هذه الطريقة يتم تقدير إيرادات السنة المالية على أساس اإليرادات التي تحققت‬
‫فعال في آخر سنة عرفت نتائجها مع إدخال بعض التعديالت التي قد تدعو إليها بعض‬
‫االعتبارات الخاصة ‪ ( .‬كإلغاء ضريبة كانت موجودة أو تغيير سعرها أو فرض ضريبة جديدة )‬

‫‪ -‬الفقرة الثانية ‪:‬طريقة الزيادات السنوية‬


‫يتم تقدير إيرادات السنة المقبلة على أساس إيرادات آخر سنة عرفت نتائجها ‪ ،‬مع إضافة‬
‫نسبة زيادة تمثل الزيادة في اإليرادات نتيجة لزيادة في الدخل القومي‬
‫‪ -‬الفقرة الثالثة ‪ :‬طريقة التقدير المباشر‬
‫حسب هذه الطريقة يترك للسلطة حرية كبيرة جدا في تقدير اإليرادات وفقا لما يرتقب أن‬
‫تكون عليه بالفعل ‪ ،‬و ذلك باالسترشاد لما جاء في الطريقتين السابقتين باإلضافة‬
‫لمراعات التغييرات المتوقع حدوثها في النشاط االقتصادي و الدخل القومي و األنظمة‬
‫المالية و غيرها من االعتبارات األخرى ‪ .‬و هذا األسلوب يكاد يصبح األسلوب األمثل‬
‫لتقدير الواردات و تعتمده حاليا معظم الدول ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫مصادقة البرلمان على الق انون المالي‬
‫‪‬المبحث األول‪ :‬الصيغة التي يقدم بها مشروع قانون المالية‬
‫بمجرد المصادقة على قانون المالية من طرف مجلس الوزراء يعرض على البرلمان في وثيقة واحدة‬
‫و يكون في صيغة مشروع تتكفل المطبعة الرسمية بطبعه ‪ ،‬و ينقسم قانون المالية للسنة إلى جزأين‬
‫‪:‬‬
‫الجزء األول ‪ :‬و تحصر فيه المعطيات العامة للتوازن المالي‬
‫الجزء الثاني ‪ :‬و تحصر فيه نفقات الميزانية العامة عن كل فصل و نفقات ميزانيات مرافق الدولة‬
‫المسيرة بصورة مستقلة و نفقات الحسابات الخصوصية للخزينة عن كل حساب ‪.‬‬
‫أما بالنسبة لموارد الميزانية العامة و كذا موارد مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة فإن المادة‬
‫‪ 37‬من القانون التنظيمي المذكور توضح كيفية تقديم هذه الموارد حيث تقضي هذه المادة أن تقدم‪:‬‬
‫‪ ‬موارد الميزانية العامة في فصول منقسمة إن اقتضى الحال إلى مصالح و طبيعة‬
‫الموارد ‪.‬‬
‫‪ ‬موارد كل مرفق من مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة مجمعة بحسب القطاعات‬
‫الوزارية أو المؤسسات التابعة لهذه المرافق ‪.‬‬
‫‪ ‬موارد الحسابات الخصوصية للخزينة فإنها تقدم بحسب كل حساب خصوصي داخل‬
‫كل صنف من هذه الحسابات ‪.‬‬
‫‪‬المبحث الثاني ‪ :‬الجهة المختصة بالمصادقة على قانون المالية‬
‫يعهد بصالحية المصادقة على القانون المالي في جميع األنظمة الحديثة إلى البرلمان و تشكل مرحلة‬
‫المصادقة البرلمانية مرحلة حاسمة في المسلسل الموازني ألنها هي التي يتحدد على ضوئها الموقف‬
‫النهائي للبرلمان إما بالمصادقة أو الرفض‪.‬‬
‫و ينص الفصل ‪ 75‬من دستور ‪2011‬على أن " يصدر قانون المالية‪ ،‬الذي يودع باألسبقية لدى‬
‫مجلس النواب بالتصويت من قبل البرلمان " إال أنه ما يميز النظام السياسي المغربي هو الدور الذي‬
‫كان يلعبه الملك في الدساتير المتعاقبة أثناء مرحلة المصادقة على مشروع القانون المالي‪ ،‬حيث‬
‫وجدت حاالت معينة يتولى فيها ممارسة هذا االختصاص بمفرده‪ ،‬و هذه الحاالت هي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬حالة حل البرلمان‬ ‫‪‬‬

‫يقع بعد خطاب يوجهه الملك إلى األمة ‪ ،‬و إذا وقع حل أحد المجلسين فال يمكن حل المجلس الذي‬
‫يليه إال بعد مضي سنة على انتخابه ما عدا في حالة تعذر توفر أغلبية حكومية داخل مجلس النواب‬
‫الجديد ‪ ،‬فالملك هو من له صالحية حل البرلمان و ذلك إما بهدف المحافظة على االستمرار الحكومي‬
‫و تحكيم الشعب في الخالف الواقع بين البرلمان و مؤسسة الحكومة ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬حالة الفراغ التشريعي‬ ‫‪‬‬

‫إذا كانت بعض الدساتير وضعت حال لمسألة من يمارس السلطة التشريعية خالل الفترة الفاصلة بين‬
‫تاريخ انتهاء والية البرلمان القديم و تاريخ البرلمان الجديد ‪ ،‬فإن الدساتير المتعاقبة بالمغرب منذ‬
‫‪ 1962‬إلى دستور ‪ 1996‬لم تتصدى للمسألة التي نحن بصددها بنص صريح حيث لم تسند مهمة‬
‫التشريع في هذه الحالة ألي جهة ‪.‬‬
‫استنادا الى هذا و باعتبار أن الملك هو واضح الدستور فإنه مارس الوظيفة التشريعية في هذه الحالة‬
‫بناء على الفصل ‪ 19‬من الدستور بعد تأويله في اتجاه يسمح له بممارسة هذه المهمة إلى حين انتخاب‬
‫البرلمان الجديد الذي لم يتم تنصيبه إال في ‪ 14‬أكتوبر ‪ . 1984‬وتبعا لهذا مارس الملك كذلك‬
‫الوظيفة المالية أي أنه تولى المصادقة على مشاريع قوانين المالية ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الحالة االنتقالية‬ ‫‪‬‬

‫الحالة االنتقالية لم يعد لها وجود في دستور ‪ 1996‬و كذا في الستور الحالي ‪ ،‬و يقصد بها الفترة‬
‫الزمنية افاصلة بين وضع الدستور الجديد أو تعديله و انتخاب برلمان جديد و هذه الحالة عاشها‬
‫المغرب في بداية السبعينات حيث امتدت من عام ‪ 1972‬إلى عام ‪ 1977‬و هي حالة غير عادية ‪،‬‬
‫و من أهم أسبابها طبيعة العالقة بين السلط و الحكم و األحزاب السياسية المعارضة و التي اتسمت‬
‫بالتوثر على المستوى السياسي و التنافي التآمري على المستوى العملي ‪ .‬و خالل هذه الفترة يتولى‬
‫الملك امصادقة على مشاريع قوانين المالية( ‪)1977-1976-1975-1974-1973‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬حالة االستثناء‬ ‫‪‬‬

‫من بين التقنيات الدستورية األخرى التي كانت تخول للملك ممارسة جميع السلطات بما في ذلك‬
‫المصادقة على القوانين المالية نجد حالة االستثناء التي قلد فيها الدستور المغربي الدستور الفرنسي‬
‫‪ .‬هذه الحالة عاشها المغرب سنة ‪ ، 1965‬أما الدستور الحالي فينص في فصله ‪ 59‬على أنه " إذا‬
‫كانت حوزة التراب الوطني مهددة ‪ ،‬أو وقع من األحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات‬
‫الدستورية ‪ ،‬أمكن للملك أن يعلن حالة االستثناء بظهير ‪ ..‬و يخول للملك بذلك صالحية اتخاذ‬
‫اإلجراءات التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية ‪.‬‬
‫‪‬المبحث الثالث ‪ :‬مسطرة دراسة مشروع قانون المالية و التصويت عليه ‪.‬‬
‫إن مسطرة المصادقة على مشروع قانون المالية طويلة و معقدة تخضع لمقتضيات الدستور و القانون‬
‫التنظيمي و كذلك للنظام الداخلي للبرلمان ‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬إيداع و تقديم المشروع – من له حق األولوية ؟‬
‫( مجلس‬‫إن معظم الدول التي تتألف مجالسها التشريعية من مجلسين تعطي األولوية للمجلس السفلي‬
‫النواب ) في حق إقرار الموازنة ‪ .‬و يمكن تحديد االعتبارات التي جعلت األولوية للغرفة السفلى في‬
‫ثالثة أمور ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن المجلس السفلي هو الذي يمثل الشعب و يكرس إرادته عن طريق االنتخاب المباشر‬
‫‪ -2‬نظرا للشرعية السياسية التي يحظى بها المجلس السفلي فإن مدة دراسة و مناقشة الموازنة في‬
‫التجارب المقارنة تختلف لدى كل من المجلسين‪ .‬فيعطي مجلس النواب عادة مدة تقارب شهرين‬
‫‪23‬‬
‫و نصف ‪ ،‬في حين أن المهلة المحددة لمجلس الشيوخ أو المستشارين غالبا ما تكون قصيرة ‪20‬‬
‫يوما أو شهرا واحدا‬
‫‪ -3‬نظرا ألهمية و مكانة المجلس السفلي في األنظمة السياسية و الدستورية المقارنة ‪ ،‬ففي حال‬
‫اخالف النهائي بين المجلسين تعود كلمة الفصل للغرفة السفلى ‪.‬‬
‫و ب مجرد إيداع قانون المالية في مكتب مجلس النواب يقوم وزير المالية بتقديم هذا المشروع في‬
‫جلسة عمومية ‪ ،‬و تتمثل الخطو ة التالية في تقديم مشروع قانون المالية أمام لجنة المالية التي تكون‬
‫بذلك أول لجنة تباشر دراسة هذا المشروع ‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬المناقشة البرلمانية لمشروع القانون المالي‬
‫إن المناقشة البرلمانية لمشروع القانون المالي تتم على مستوى الغرفتين‬
‫‪ -‬الفقرة األولى‪ :‬تدخل مجلس النواب‬
‫أوال‪ :‬المرحلة اإلعدادية – مناقشة المشروع داخل اللجان ‪ :‬تعتبر لجنة المالية أول لجنة‬
‫تباشر دراسة مشروع قانون المالية وموازاة مع ذلك يقوم مختلف الوزراء بإرسال مشاريع ميزانيات‬
‫الوزارات التي يشرفون عليها للجان الفرعية قصد دراستها و المصادقة عليها ‪.‬‬
‫‪ -1‬لجنة المالية و مشروع القانون المالي‪ :‬تعتبر لجنة المالية من أهم اللجان البرلمانية الدائمة ‪،‬‬
‫فهي تقوم بدراسة ضخمة و هامة للميزانية و القوانين المالية و بالتالي فهي توجه و بمجرد إيداع‬
‫مشروع قانون المالية في مكتب مجلس النواب سياسة الدولة و يمثل كل حزب داخل اللجنة بنسبة‬
‫عدد نوابه و مستشاريه ‪ .‬و غالبا ما يتم اختيار هؤالء حسب خبرتهم في المجال االقتصادي و‬
‫المالي للدولة حتى تستطيع اللجنة القيام بمسؤولياتها على أحسن ما يرام ‪ ،‬و تنتخب اللجنة عادة‬
‫لمدة سنة واحدة و بمجرد إيداع مشروع قانون المالية في مجلس النواب يحال في الحين على‬
‫اللجنة المكلفة بالمالية بهذا المجلس قصد دراسته ‪.‬و هذه الدراسة تتم عبر مراحل و هي ‪:‬‬
‫‪ ‬تقديم مشروع قانون المالية بشكل مفصل و بتفاصيل أكثر دقة من طرف وزير المالية‬
‫‪ ‬توزيع الوثائق التكميلية‬
‫‪ ‬المناقشات العامة حيث يطرح النواب مالحظاتهم و تساؤالتهم و اقتراحاتهم و يتولى‬
‫وزير المالية اإلجابة و التوضيح ‪ ،‬كما بإمكان اللجنة استدعاء الوزراء أو من ينوبون‬
‫عنهم لتفسير و تبرير تقديراتهم ‪.‬‬
‫‪ ‬دراسة المواد ‪ :‬بعد مرحلة المناقشة العامة تبدأ مرحلة دراسة المواد مادة فمادة‬
‫‪ ‬تقديم التعديالت ‪ :‬بحيث يقوم كل فريق بتقديم التعديالت التي يراها مناسبة‬
‫‪ ‬التصويت على مشروع قانون المالية ‪ :‬غالبا ما تقبل اللجنة المشروع ألنها مشكلة‬
‫من أغلبية البرلمان التي تنبثق عنها الحكومة ‪.‬‬
‫‪ -2‬اللجان القطاعية و مشروع القانون المالي‬
‫في الوقت الذي يقدم فيه مشروع قانون المالية أما لجنة المالية ‪ ،‬يقوم مختلف الوزراء بإرسال‬
‫مشاريع ميزانيات الوزارات التي يشرفون عليها إلى اللجان القطاعية بهدف دراستها و المصادقة‬
‫عليها ‪ .‬و يتعين على الوزراء وضع لدى رئاسة اللجنة ملفا يتضمن مشروع الميزانية الفرعية‬
‫بكل تفاصيلها في مجالي التسيير و التجهيز و كافة الوثائق المطلوبة ‪.‬‬
‫و تتميز اللجان القطاعية عن لجنة المالية من زوايا نذكر منها ما يلي ‪:‬‬
‫‪24‬‬
‫‪ ‬انفراد لجنة المالية و حدها بصالحية دراسة مشروع قانون المالية برمته ‪.‬‬
‫‪ ‬توقف أعمال اللجان القطاعية على نتائج أعمال لجنة المالية بحيث ال يمكن أن يم‬
‫التصويت من لدن هذه اللجان على ميزانيات مختلف الوزارات قبل اعتماد الموارد‬
‫و النفقات االجمالية و التوازن المرتبط بها من طرف لجنة المالية ‪.‬‬
‫‪ ‬مسؤولية مقرر لجنة المالية لتقديم مشروع قانون المالية أمام البرلمان في جلسته‬
‫العمومية‬
‫ثانيا ‪ :‬المرحلة النهائية – مناقشة المشروع في الجلسات ‪ :‬إن أشغال الجلسة العامة للبرلمان‬
‫المخصصة لمناقشة مشروع قانون المالية و التصويت عليه تكاد تكون صورة طبق األصل ألشغال‬
‫لجنة المالية و اللجان الفرعية ‪ ،‬و تمر أشغال الجلسة العامة لمجلس النواب عبر تقديم مقرر لجنة‬
‫المالية عرضا يستعرض فيه بتفصيل الظروف المحيطة بمشروع قانون المالية و أهم مميزات هذا‬
‫المشروع قبل أن يبسط أعمال لجنة المالية و ظروف عملها ‪ .‬فالمشروع الذي يتداول المجلس بشأنه‬
‫ليس هو المشروع الحكومي بل المشروع المعدل من طرف لجنة المالية ‪.‬‬
‫بعد ذلك يتدخل رؤساء الفرق من أحزاب سياسية و مجموعات نيابية للتعبير عن موقف الفرق التي‬
‫يمثلونها من مشروع قانون المالية المقترح و من السياسة االقتصادية و االجتماعية التي ينطلق منها‬
‫‪ .‬و يمكن ألعضاء الحكومة الرد على استفسارات أعضاء البرلمان ‪.‬‬
‫بعد هذه المرحلة يتدخل وزير المالية للرد على تدخالت الفرق و يحرص من خاللها الوزير األول‬
‫على الدفاع من جديد على السياسة الحكومية المنتهجة و على تناول االنتقادات الموجهة إليها بعد‬
‫ذلك ينتقل المجلس الى المناقشة التفصيلية لمقتضيات مشروع قانون المالية ‪.‬‬
‫‪ -‬الفقرة الثانية ‪:‬تدخل مجلس المستشارين‬
‫لما كان دستور ‪ 2011‬قد اعتمد نظام الغرفتين فإنه كان من الواجب على القانون التنظيمي للمالية‬
‫الجديد أن يعمل على مالئمة مسطرة المناقشة و التصويت على القانون المالي وفق هذا النظام الجديد‬
‫( نظام الغرفتين) ‪ ،‬و الالفت أن المشرع المغربي قد سوى بين الغرفتين من حيث الوظيفة المالية ‪،‬‬
‫و تبعا لهذا تعرض الحكومة فور التصويت على مشروع قانون المالية للسنة من لدن مجلس النواب‬
‫أو عند انصرام أجل ‪ 30‬يوما الموالية لتاريخ إيداعه على مجلس المستشارين النص الذي تم إقراره‬
‫أو النص الذي قدمته ف ي أول األمر مدخلة عليه إن اقتضى الحال التعديالت المصوت عليها من‬
‫طرف مجلس النواب و المقبولة من طرف الحكومة ‪.‬‬
‫أما بالنسبة للحيز الزمني لكال المجلسين ليناقش من خالله قانون المالية فالمشرع المغربي منح‬
‫لمجلس النواب أجل ‪ 30‬يوما ليبث في مشروع قانون المالية للسنة ‪ .‬أما مجلس المستشارين فيبث‬
‫داخل أجل ‪ 22‬يوما الموالية لعرضه عليه ‪.‬‬
‫يبث مجلس النواب في مشروع قانون المالية المعدل داخل أجل ‪ 8‬أيام الموالية لتاريخ إيداعه ‪ ،‬أما‬
‫مجلس المستشارين يبث في المشروع داخل أجل ‪ 4‬أيام الموالية لعرضه عليه ‪ .‬و يقوم مجلس النواب‬
‫بدراسة التعديالت المصوت عليها من طرف مجلس المسنشارين و يعود له البث النهائي في مشروع‬
‫قانون المالية المعدل في أجل ال يتعدى ‪ 3‬أيام ‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثالث‪ :‬تقييد سلطة البرلمان في المصادقة على القانون المالي‬
‫‪25‬‬
‫‪ -‬الفقرة األولى ‪ :‬عدم قبول اقتراحات أعضاء البرلمان الرامية الى تخفيض الموارد‬
‫أو الزيادة في النفقات ‪.‬‬
‫طبقا للفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪ 77‬من الدستور للحكومة أن ترفض بعد بيان األسباب المواد اإلضافية‬
‫أو التعديالت الرامية إما على تخفيض الموارد العمومية و إما إلى إحداث تكليف عمومي جديد‬
‫أو الزيادة في تكليف موجود ‪ .‬و يتضح من هذه المقتضيات تقييد حرية المبادرة لدى النواب‬
‫و المستشارين حيث يقتصر دورهم على المصادقة على االقتراحات الحكومية مهما كانت طبيعتها‪.‬‬
‫و ينحصر دور أعضاء البرلمان المغربي على التقدم باقتراحات ترمي الى تحويل االعتمادات من‬
‫باب الى آخر شريطة احترام التوازن الذي ينص عليه مشروع الميزانية فيما يتعلق بالمداخيل‬
‫و المصاريف ‪.‬‬
‫‪ -‬الفقرة الثانية ‪ :‬الفصل ‪ 83‬من الدستور‬
‫ورد في الفصل ‪ 83‬من دستور ‪ 2011‬الفقرة األولى " ألعضاء مجلسي البرلمان و للحكومة حق‬
‫التعديل ‪ .‬و للحكومة بعد افتتاح المناقشة أن تعارض في بحث كل تعديل لم يعرض من قبل على‬
‫اللجنة التي يعنيها األمر " يتضح من خالل هذه المقتضيات الدستورية أن هناك قيد آخر يتعلق بحق‬
‫االقتراح أو التعديل يوجد بجانب القيد األول المنصوص عليه في الفصل ‪ . 75‬هذا القيد يتجلى في‬
‫كون أن هاته التعديالت يجب أن يتم تقديمها الى اللجان البرلمانية المختصة عندما تكون هذه األخيرة‬
‫بصدد مناقشة مشروع قانون المالية ‪.‬‬
‫يضاف لهذه القيود و الحدود الدستورية المفروضة على عمل البرلمان أثناء ممارسته لحق االقتراح‬
‫و التعديل لمشروع القانون المالي قيد شكلي يحد هو اآلخر من سلطة البرلمان ‪ .‬هذا القيد يتمثل في‬
‫القيد الزمني هذا القيد يتجلى في أن دراسة مشروع قانون المالية و البث فيه من طرف البرلمان‬
‫بغرفتيه يجب أن يتم داخل أجل ‪ 70‬يوما الموالية إليداعه و هذه المدة القصيرة إذا ما قورنت باألهمية‬
‫البالغة التي يكتسيها قانون المالية ‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الرابع‪ :‬إجراءات التصويت‬
‫‪ -‬الفقرة األولى ‪ :‬المسطرة العادية‬
‫يتضح أن حق التصويت و المصادقة على قانون المالية حق مخول للبرلمان بمجلسيه على قدم‬
‫المساواة باعتبار أن لكل منهما الصفة التشريعية من جهة و باعتبار أنه ال يعقل أن يحصر أمر‬
‫التصديق على الميزانية و هي قانون على جانب من األهمية و الخطورة بمجلس واحد أو نعطي‬
‫األفضلية ألحدهما على اآلخر نم جهة أخرى‪ ،‬و ما دام األمر كذلك فإن كل مجلس يشرع في‬
‫التصويت أوال على الجزء المتعلق بالمداخيل قبل االنتقال الى التصويت على الجزء الثاني المتعلق‬
‫بالنفقات و يجرى التصويت على أحكام قانون المالية مادة فمادة ‪.‬‬
‫‪ ‬التصويت على المداخيل ‪ :‬بالنسبة لتقديرات مداخيل الميزانية العامة و ميزانيات‬
‫مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة يتم التصويت عليها بصفة إجمالية ‪ .‬أما‬
‫تقديرات مداخيل الحسابات الخصوصية للخزينة فيتم التصويت على كل صنف من‬
‫هذه الحسابات على حدة ‪.‬‬
‫‪ ‬التصويت على النفقات ‪ :‬بالنسبة لتقديرات نفقات الميزانية العامة يتم التصويت على‬
‫كل باب و كل فصل داخل نفس الباب ‪ .‬أما نفقات مرافق الدولة المسيرة بصورة‬
‫‪26‬‬
‫مستقلة يتم التصويت عليها بصفة إجمالية بحسب الوزارات أو المؤسسات التابعة‬
‫لهذه المرافق و يصوت على نفقات كل صنف من أصناف الحسابات الخصوصية‬
‫للخزينة على حدة ‪.‬‬
‫‪ -‬الفقرة الثانية ‪ :‬المسطرة الخاصة‬
‫اعتماد مشروع قانون المالية يمكن أن يتم في بعض الحاالت وفق مساطر خاصة و استثنائية ‪ .‬هذه‬
‫المساطر االستثنائية يمكن تحديدها في التالي ‪:‬‬
‫‪ ‬حق التصويت ‪ :‬يمكن للحكومة أن تطلب من البرلمان البث في القانون المالي‬
‫بتصويت واحد مع االقتصار على التعديالت المقترحة أو المقبولة من طرفها أي من‬
‫طرف الحكومة كما يمكن ألحد مجلسي البرلمان إجراء تصويت إجمالي عن الجزء‬
‫‪ 2‬بطلب من الحكومة أو بطلب من المجلس ‪.‬‬
‫‪ ‬التصويت بمنح حق الثقة ‪ :‬يمكن للحكومة أن تدفع البرلمان إلى الموافقة على مشروع‬
‫قانون المالية دون تصويت طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 57‬من الدستور ‪ .‬بهذا الحق‬
‫سيكون البرلمان قد صادق على مشروع المالية دون مناقشة و ال تصويت‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الخامس‪ :‬حالة تدخل اللجنة الثنائية المختلطة ( دستور ‪)1996‬‬
‫بالنسبة للمسطرة التي كانت معتمدة في دستور ‪ 1996‬و كذا القانون التنظيمي للمالية لعام ‪1998‬‬
‫كانت محددة على النحو التالي ‪:‬‬
‫إذا لم يتأتى إقرار مشروع القانون المالي بعد المناقشة الواحدة في كال المجلسين أو بعد قراءته مرتين‬
‫في كال المجلسين يجوز للحكومة أت تعلن حالة االستعجال و تعمل على اجتماع لجنة ثنائية مختلطة‬
‫من أعضاء المجلسين يناط بها اقتراح نص بشأن األحكام التي مازالت محل خالف و ذلك داخل‬
‫أجل ال يزيد على ‪ 7‬أيام من يوم عرض الحكومة األمر عليها ‪.‬‬
‫بعدما تقترح اللجنة الثنائية المختلطة النص المقبول من طرفها ‪ ،‬تعرضه الحكومة على المجلسين‬
‫إلقراره داخل أجل ال يزيد عن ‪ 3‬أيام و ال يجوز في هذه الحالة قبول أي تعديل إال بموافقة الحكومة‪.‬‬

‫‪‬المبحث الرابع ‪ :‬نحو تجريد البرلمان من السلطة المالية‬


‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬أهلية الحكومة للتشريع مكان البرلمان‬
‫الفصل ‪ : 70‬يتضح من خالل هذا الفصل أنه بإمكان البرلمان أن يأذن و يرخص للحكومة‬
‫بالتشريع مكانه ‪ ،‬و بالنسبة للمجاالت المالية التي يأذن البرلمان للحكومة التشريع فيها و المحددة‬
‫بمقتضى النصوص التنظيمية للمالية و كذا قانون مالية السنة هي ‪:‬‬

‫إحداث الحسابات الخصوصية للخزينة خالل السنة المالية‬ ‫‪‬‬


‫فتح االعتمادات الالزمة لسير المرافق العمومية و استخالص المداخيل‬ ‫‪‬‬
‫االقتطاعات من فصل النفقات الطارئة‬ ‫‪‬‬
‫فتح اعتمادات إضافية خالل السنة المالية‬ ‫‪‬‬
‫إحداث مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‬ ‫‪‬‬

‫‪27‬‬
‫تغيير أسعار أو وقف استيفاء الرسوم الجمركية‬ ‫‪‬‬
‫إصدار االقتراضات الخارجية‬ ‫‪‬‬
‫إصدار االقتراضات قصد التسديد المسبق لالقتراضات المبرمة بأسعار فائدة تفوق‬ ‫‪‬‬
‫األسعار المعمول بها في السوق‬
‫تحديد ظروف تدبير الميزانية‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬تصحيحات الحكومة خالل تنفيذ قانون المالية‬
‫لقد تضمن الباب ‪ 4‬من القانون التنظيمي للمالية الجديد ‪ 130.13‬مجموعة من القواعد التي تمكن‬
‫الحكومة من اتخاذ تدابير استعجالية أثناء تنفيذ قانون المالية وهي‪:‬‬
‫ترشيد تدبير الموارد البشرية على مستوى الوظيفة العمومية بأكملها‬ ‫‪‬‬
‫التوقيت المؤقت الستخدام المناصب المالية علما أن حذف المناصب ال يمكن أن يتم‬ ‫‪‬‬
‫إال بموجب قانون المالية‬
‫السماح بتجاوز االعتمادات المفتوحة برسم النفقات المشار إليها في الفقرة السابقة ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫يتم إثباتها و اإلذن بتسويتها فيقانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية للسنة‬
‫المعنية‬
‫في حالة تجاوز االعتمادات المقررة ألجور الموظفين واألعوان‬ ‫‪‬‬
‫تحديد شروط االقتطاع من الفصل المتعلق بالنفقات الطارئة و المخصصات‬ ‫‪‬‬
‫االحتياطية‬
‫ترحيل اعتمادات األداء المتوفرة برسم نفقات االستثمار الى السنة الموالية‬ ‫‪‬‬
‫يجوز للحكومة أثناء السنة المالية و قف تنفيذ بعض النفقات المتعلقة باالستثمار إذا‬ ‫‪‬‬
‫استلزمت ذلك الظروف االقتصادية و االجتماعية‬
‫المطلب الثالث‪ :‬ضعف آليات التتبع و الرقابة‬ ‫‪‬‬

‫يتوفر البرلمان على عدة أدوات لممارسة مراقبته على المالية العمومية من أهم هذه األدوات ‪:‬‬
‫دراسة قانون التصفية الذي يشكل موضوع باب خاص ‪ ،‬تكوين لجان التحقيق التي ال زالت لم‬
‫تتخذ طابعا هيكليا يتسم باالستمرارية ‪ ،‬مساءلة الحكومة من خالل األسئلة الشفوية و الكتابية‬
‫الموجهة للوزراء و أخيرا استغالل المعطيات التي توفرها الحكومة حول تنفيذ الميزانية السابقة‬
‫ضمن الوثائق المواكبة لمشروع قانون المالية لكن على الرغم من توفر البرلمان على هذه اآلليات‬
‫فإنها تبقى ضعيفة حيث تصطدم هذه األنواع من الرقابة بعدة عراقيل تحد من نجاعتها ‪.‬‬
‫الديموقراطية المحكومة التي تبناها المغرب منذ بداية الحياة الدستورية تجعل البرلمان المغربي‬
‫رهينة في يد الحكومة ‪ .‬هذه الحكومة تستمد قوتها من العصا السحرية التي تسمى عقد األغلبية و‬
‫الدستور المغربي الجديد جعل الحزب الحائز على الرتبة األولى في االنتخابات هو الذي يظفر‬
‫بمنصب رئيس الحكومة و يقترح بالتالي الوزراء و التشكيلة الحكومية ‪.‬‬

‫‪28‬‬

You might also like