Professional Documents
Culture Documents
2ملخص كتاب الميزانية ذ بكور2
2ملخص كتاب الميزانية ذ بكور2
الفصل األول:
ماهية الميزانية العامة ونشأتها.
المبحث األول :التطور العام لمفهوم المالية العامة
ينصرف مدلول المالية العامة إلى دراسة القواعد العامة التي تحكم النشاط المالي للدولة والهيئات
العامة ،والذي يهدف عن طريق الموازنة بين النفقات واإليرادات إلى تحقيق غايات المجتمع السياسية
واالقتصادية واالجتماعية ،ويمكن تعريفه بأنه علم يعنى بدراسة وتحليل النشاط المالي للدولة والذي يهدف
إلى تحقيق ما يلي:
-التخصيص األمثل للموارد المالية واالقتصادية المتاحة للمجتمع ،بقصد تحقيق وإشباع الحاجات العامة
والخاصة.
-استخدام أفضل للموارد المتاحة بشكل يكفل النمو المتوازن للنشاط االقتصادي للمجتمع.
-توزيع أفضل للدخل القومي وفقا لمبادئ العدالة االجتماعية بقصد رفع مستوى الرفاهية االقتصادية
للمجتمع.
وتجدر اإلشارة إلى أنه مع تطور الدولة وانتقالها من الدولة الحارسة إلى الدولة التدخلية ثم إلى
الدولة الليبرالية الجديدة كذلك عرف مفهوم المالية العامة تطورا كبيرا من مالية عامة تقليدية إلى
مالية حديثة ثم إلى مالية معاصرة ،وهذا التطور حصل أيضا على مستوى تطور النظام المالي
بالمغرب.
1
المطلب األول :المالية العامة التقليدية
اقتصرت وظيفة الدولة الرأسمالية الحارسة (دولة المذهب الفردي الحر) على المهام التقليدية
كتوفير األمن الداخلي والدفاع عن سالمة التراب ضد أي خطر خارجي ،فكانت الدولة مبتعدة عن
أي تدخل في الميدان االقتصادي واالجتماعي ألن االقتصاد كان يسر وفق مبدأ "دعه يعمل دعه
يمر " .وكانت المالية العامة تتميز بطابع الحياد المطلق وكانت ميزانية الدولة مجرد أداة لتحقيق
التوازن الحسابي الصرف بين النفقات الدولة وإيراداتها دون إحداث فائض فيها.
وكخالصة :الميزانية في مفهومها التقليدي كانت تقتصر على واردات الدولة ونفقاتها ولم
تكن تتمتع بأية صفة سوى الصفة المالية المحضة ،وكان من المتفق عليه أن تكون الميزانية سنوية،
وأن تكون متعادلة أي أن تتعادل نفقاتها مع وارداتها بصورة دقيقة .فمبدأ توزان الميزانية شكل
قاعدة ذهبية في إطار المالية العامة التقليدية ،وهكذا كان رفض لفكرة عجز الميزانية كما كان هناك
رفض لفكرة الفائض .فاألنشطة المالية للدولة كانت تسعى فقط إلى إيجاد أموال لتغطية نفقات
ضرورية مرتبطة بأنشطة إدارية محدودة.
المطلب الثاني :المالية العامة الحديثة
أدى انتشار المبادئ االشتراكية و تعدد األزمات االقتصادية و السياسية في بداية القرن 20
إلى تخلي الدولة عن حيادها التقليدي و التجائها إلى التدخل في الحياة االقتصادية بقصد تحقيق
التوازن الذي عجز عن تحقيقه قانون السوق وفقا للمذهب الفردي الحر ،و بعد ظهور و انتشار
مبادئ الفكر الكنزي قامت الدولة الرأسمالية بالكثير من األنشطة االقتصادية التي أخرجتها من
النطاق التقليدي للدولة الحارسة الى نطاق الدولة المتدخلة ،و لم يعد دور الدولة الرأسمالية المعاصرة
قاصرا على مجرد االحتفاظ بالتوازن االقتصادي عالجا لألزمات و إنما سعت إلى تحقيق الزيادة
في معدل النمو االقتصادي القومي .
وهكذا أصبحت الدولة بوظائفها الجديدة مسؤولة عن تحقيق التوازنات االقتصادية
واالجتماعية ضمانا لسير النشاط المالي في اتجاه خدمة الحاجات العامة ،وهذا ما أصبح يشكل
جوهر موضوع المالية العامة الذي تجاوز قضية اإليرادات والنفقات العامة إلى هدف تحقيق
الموازنات االقتصادية واالجتماعية.
وتجدر اإلشارة إلى أن تغير وظيفة الدولة أدى كذلك إلى تغيير في وظيفة ميزانية الدولة ،إذ لم
تعد الميزانية بيانا يحافظ على التساوي الحسابي بين النفقات واإليرادات بل أصبحت ت دعد برنامجا
عمليا سنويا للوصول إلى التوازن االقتصادي واالجتماعي العام ،ولذلك أصبح مطلوبا من ميزانية
الدولة التكيف مع الوضعيات االقتصادية الظرفية ،فتعالج فترات الكساد وفترات االزدهار ،وإعادة
توزيع الدخل القومي بين الطبقات االجتماعية .ومع بداية الثمانينات عرفت المالية الدولية منعطفا
جديدا باستدعاء مبادئ النيوليبرالية التي تدعو إلى المبالغة في تدخل الدولة االقتصادي وتعترض
على اتساع حجم نفقاتها وتدعو إلى عقلنتها.
وفي إطار تطور المالية العمومية البد أن نشير كذلك إلى الفكر االشتراكي الذي انتشر بعد
الثورة البلشفية 1917واختفى أواخر ثمانينيات القرن 20والذي كان يقوم على أساس الملكية
الجماعية لوسائل اإلنتاج وبذلك فإن وظائف الدولة االشتراكية كانت تغطي كافة المجاالت
وتقوم بتوجيه وتنظيم النشاط االقتصادي واالجتماعي ومن أجل ذلك كانت الدولة االشتراكية تعتمد
على نظام التخطيط المركزي الشامل بكيفية موحدة وإجبارية.
2
أما بالنسبة لتطور مفهوم المالية بالمغرب فالمالحظ أنه بعد االستقالل سعى المغرب إلى
تجاوز تداعيات الفترة االستعمارية والخروج من دوامة التخلف ،وأمام ضعف القطاع الخاص
ك ان تدخل الدولة كضرورة حتمية لهيكلة االقتصاد ،األمر الذي انعكس بشكل مباشر على المالية
العامة التي سيطر عليها الهاجس التنموي وذلك تماشيا مع التيار االقتصادي السائد عالميا والمتمثل
في التصور الكنزي ،فارتفع االنفاق العمومي وازدادت القروض الخارجية فأضحت ميزانيته في
عجز دائم ،ومع بداية الثمانينيات بلغت مديونية المغرب حدا ال يطاق و تفاقمت المشاكل الداخلية
،فخضع المغرب لتوصيات صندوق النقد الدولي القاضية بتطبيق سياسة التقشف التي تقضي
بخفض نفقات الدولة و فتح المجال لالستثمار الخاص و بالرغم من كون هذه السياسة قد مكنت
من تقليص نسبة العجز في الميزانية العامة ،إال أنها كانت لها عواقب وخيمة على الجانب
االجتماعي ( ارتفاع األسعار ،البطالة ،تدهور المرافق العامة )...
و إذا كانت هذه هي الظروف التاريخية التي نشأت فيها المالية العامة ،فإن الميزانية
العامة في شكلها الحديث نشأت بصفة تدريجية في بريطانيا ،فأثناء إنشاء مجلس العموم دخل
في صراع تاريخي و مرير مع الملك من أجل تقليص اختصاصاته التي كانت واسعة و شاملة
لجميع المجاالت ،فالملك كان إلى حدود القرون الوسطى يستفرد بممارسة سلطة الجباية و اإلنفاق
دو ن قيد أو شرط ما دام أن جزءا كبيرا كان يمول من ممتلكات التاج الخاصة ،لكن بسبب عدم
كفاية أموال التاج لتغطية نفقات الدولة ،اضطر الملك إلى فرض الضرائب على نطاق واسع
و غالبا دون الحصول على موافقة ممثلي الشعب الشيء الذي دفع البرلمانات المتعاقبة إلى تكثيف
ضغوطاتها ألجل تقييد سلطة الملكية في الجباية ،و هو ما تحقق فعال سنة 1628تاريخ إصدار
الملك شارل األول لما يعرف بوثيقة إعالن الحقوق التي أقرّت مبدأ موافقة البرلمان المسبقة على
فرض الضرائب .غير أن عدم التزام الملك بهذا المبدأ تسبب في قيام حرب أهلية توجت باستسالم
ت تلك الصراعات بإصدار دستور الحقوق سنة 1688 الملك المذكور ومحاكمته في ،1649وت ِّو دج ْ
في عهد ويليام الثالث ،التي نصت على ضرورة أخذ إِذن البرلمان وموافقته على كافة أنواع
اإلذن صفة دورية ومتجددة كل سنة. اإليرادات والمصروفات كما اتخذ هذا ِ
وكذلك الشأن في فرنسا ،فقد عرفت هي األخرى صراعا تاريخيا طويال بين الشعب والمؤسسة
الملكية التي كانت تستأثر بسلطة الجباية واإلنفاق ،وبعد قيام الثورة الفرنسية سنة 1789قامت
الجمعية الوطنية التأسيسية بتأكيد عدم شرعية أي ضريبة لم تأذن بفرضها وجبايتها ،كما تم
تكريس هذه القاعدة بمقتضى " شرعة حقوق اإلنسان والمواطن" ،وكذلك فقد نص دستور 1791
على أن "المساهمات العمومية تحدد كل سنة من طرف الجهاز التشريعي" .ورغم كل هذه األحداث
ففرنسا لم تأخذ بالمعنى الحقيقي للميزانية إال في بداية القرن 19وبالضبط بعد سقوط نابوليون
بونابرت وعودة الملكية في عام .1814
وبالرجوع إلى دول العالم العربي ،يالحظ أنه تم العمل بالميزانية العامة ألول مرة في مصر عام
،1880وفي لبنان لم يتم العمل به إال عام 1921وكان يقوم بتحضيرها الحاكم الفرنسي ويصادق
عليها المفوض السامي الفرنسي ويأمر بنشرها .أما بالنسبة للمغرب فلم تظهر فيه الميزانية
بمفهومها الحديث إال عام ،1914/1913أما قبل هذا التاريخ فكان تنظيمه المالي يعتمد على"
نظام األمناء " الذي كان يتأسس على هيئة األمناء الموزعة على الصعيدين المركزي والمحلي
ويرأسها أمين األمناء ،فاألمناء المركزيون وهم( :أمين الدخل +أمين الخرج +أمين الحسابات +أمين الشكارة)
3
هم الذين كانوا يتولون مهمة السهر على تدبير مالية الدولة مركزيا .أما األمناء المحليون وهم(:أمين
الخرْ صْ ) فكان دورهم السهر على الشؤون المالية على المرسى أو الديوانة +أمين المستفاد +أمين د
الصعيد المحلي.
ومع بداية القرن 20ونتيجة الستشراء الفساد المالي انهار نظام األمناء واخت َّل التوازن المالي
للدولة وعجزت عن سداد ديونها الخارجية األمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام مختلف
أشكال التدخل األجنبي وهو الذي أدى إلى ظهور الميزانية العامة في المغرب بمفهومها الحديث.
6
-الصنف الثاني :قوانين المالية المعدلة :إذا ظهرت الحاجة خالل السنة المالية إلى تغيير
المقتضيات التي أتى بها قانون مالية السنة أمكن للحكومة أن تعد مشروعا للقانون
يهدف إلى تعديل هذا األخير وعند المصادقة على هذا المشروع يصبح قانونا مع ِّدالا
لقانون مالية السنة ،إذن فالقانون التعديلي يسمح بمالئمة تقديرات الميزانية مع التقلبات
االقتصادية والمالية التي تطرأ أثناء عمليات تنفيذ هذه التقديرات ،وتبعا لذلك فهو أداة
فعالة لتقويم مسار الميزانية العامة.
-الصنف الثالث :قانون التصفية :هو القانون الذي يصدر بعد تنفيذ قانون مالية السنة
والقوانين المعدلة له عند االقتضاء ،وبواسطته يتم التعرف على حقيقة تنفيذ الميزانية ،وهو
يثبت النتائج التي أسفر عنها تنفيذ قانون مالية السنة ويحدد الفروق بين التوقعات
واإلنجازات.
وإذا كان قانون المالية يضم هذه المكونات فإننا نشير من جهة ثانية إلى أن مفهوم
قانون مالية السنة مفهوم أوسع من مفهوم ميزانية الدولة حيث أن قانون مالية السنة يتضمن
ميزانية الدولة إضافة إلى عناصر أخرى كميزانية مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة
والحسابات الخصوصية للخزينة.
الفقرة الثانية :الحساب الختامي :ويسمى كذلك قانون التصفية ،وهو عبارة عن بيان للنفقات
التي أنفقت فعال ،واإليرادات التي حصلت فعال في فترة ماضية من الزمن ،فهو تسجيل لما
تم خالل سنة مالية كاملة ويعتبر مقياسا لمدى صحة تقديرات الموازنة ،فهو يتضمن المبلغ
النهائي للمداخيل المقبوضة والنفقات المأمور بها المتعلقة بالسنة المالية المعنية .فبعد انتهاء
مرحلة تنفيذ الميزانية العامة تبدأ مرحلة أخرى وهي إعداد الحسابات الختامية وتمر هذه
المرحلة بعدة خطوات وهي اإلعداد والمراجعة واالعتماد وتقوم بخطوة اإلعداد السلطة
التنفيذية وخطوة المراجعة يقوم بها الجهاز المركزي للمحاسبات وأخيرا تقوم السلطة
التشريعية باعتماد الحسابات الختامية ،إذن الحساب الختامي يعد آخر مرحلة في دورة
الميزانية العامة للدولة.
ويختلف الحساب الختامي عن الموازنة (الميزانية) العامة في عدة أمور منها:
-أن األرقام المسجلة في الحساب الختامي حقيقية في حين أنها تقديرية في الميزانية
-الحساب الختامي بيان لفترة مضت بينما الميزانية بيان لفترة قادمة
-الميزانية العامة تتسم بعدة خصائص سبق ذكرها ،لكن الحساب الختامي إذا كان يملك
بعضها إال أنه في بعض األحوال تختلف هذه الخصائص في الحساب الختامي.
-قد تكشف الحسابات الختامية عن بعض العمليات تمت خارج الميزانية العامة مما يخل
بمبدأ الشمولية.
ويودع مشروع قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية سنويا بمكتب مجلس النواب
في أجل أقصاه الربع األول من السنة الثانية ،ويجب أن يكون مرفقا بعدة وثائق
وتقارير منها تقرير المجلس األعلى للحسابات حول تنفيذ الميزانية.
مما سبق نخلص إلى أن الحساب يكتسي أهمية بالغة في النظم المالية الحديثة إذ يساعد
على مقارنة تقديرات الميزانية واإلنجازات التي تحققت فعال ،األمر الذي يقود إلى
تحسين طرق التقدير والتنبؤ بالنسبة للميزانيات القادمة.
7
الميزانية االقتصادية :هي بيان تقديري لمجموع النشاط االقتصادي العام
والخاص لدولة معينة في فترة زمنية مقبلة وتلتقي هذه الميزانية مع الميزانية العامة
للدولة في أن كليهما عمل تقديري لفترة زمنية مقبلة ويختلفان في كون أن الميزانية
االقتصادية تشمل مختلف أوجه النشاط االقتصادي المالي العام والخاص بينما تقتصر
ميزانية الدولة على جزء فقط من النشاط المالي العام هو نشاط الدولة ،فهي ال تشمل
النشاط المالي الخاص كما ال تشمل مالية الجماعات الترابية والمؤسسات العامة.
المبحث الثالث :مصادر قانون الميزانية العامة
المطلب األول :الدستور المالي
يؤطر الميزانية العامة نصان أساسيان هما دستور المملكة والقانون التنظيمي للمالية فهذان
النصان يشكالن ما يسمى بالدستور المالي.
-الفقرة األولى :دستور :2011منذ صدور أول دستور للمملكة 1962الذي خص للميزانية
فصلين كاملين هما 50و 51اللذان يكرسان السلطة المالية للبرلمان يحددان ضوابطها ومضمون
هذين الفصلين هو ما نجده في الفصلين 75و 77من دستور 2011الذي أضاف فصول أخرى
وهي الفصل 39الذي يكرس مبدأ العدالة الضريبية والفصول من 147الى 150التي تهدف
الى دسترة الرقابة المالية العليا للمجلس األعلى والمجالس الجهوية للحسابات على تنفيذ قوانين
المالية.
-الفقرة الثانية :القانون التنظيمي للمالية :وتعتبر أحكامه امتدادا لإلطار الدستوري للمالية
صل وتوضِّح مراحل دورة الميزانية كما تبين صالحيات كل من السلطة العمومية حيث تف ِّ
التنفيذية والتشريعية خالل هذه المراحل ،فالقانون التنظيمي يعد الوثيقة األساسية المحددة لمختلف
جوانب القانون المالي كما يضع أسس الميزانية والمحاسبة والتدبير الحديث للدولة والعالقة بين
المؤسسات الدستورية ويهدف القانون التنظيمي 130.13إلى:
أوال :تحسين نجاعة أداء التدبير العمومي للمال العام
ثانيا :تعزيز المبادئ والقواعد المالية وتقوية شفافية المالية العمومية
ثالثا :تقوية دور البرلمان في الرقابة على المالية العمومية.
المطلب الثاني :التشريع المالي
ويقصد به تلك الترسانة من النصوص القانونية والتنظيمية المؤطرة للمالية العمومية التي تروم الى
وضع أسس مالية سليمة ترتكز على معايير قوامها :التبسيط والترشيد والوضوح والتخليق المالي والتكيف
مع المتطلبات والمستجدات الدولية واإلقليمية.
المطلب الثالث :القضاء المالي
تشكل أحكام القضاء مرجعية أساسية للقضاء الالحق ودليال للباحث وسندا للمشرع إلدخال
التعديالت الضرورية على النصوص القانونية .فهذه األحكام تهم المصالح العامة والمشتركة بين جميع
المواطنين ألنها تحاول أن تكشف عن كيفية تدبير األموال العمومية وعن المخالفات المالية والعقوبات
المقررة في حق المتالعبين بالمال العام وتتحدد جهات القضاء المالي بالمغرب في المجلس الدستوري
والمحاكم المالية والمحاكم اإلدارية.
8
-فالمحاكم المالية :متمثلة في المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات باعتبارها
تمارس الرقابة العليا على تنفيذ قوانين المالية طبقا للفصل 177من الدستور.
-القضاء الدستوري :ويتمثل في المحكمة الدستورية وتعمل على التأكد من مدى مطابقة قواعد
قانون الميزانية مع أحكام الوثيقة الدستورية كما يتأكد من مدى مطابقة القانون التنظيمي لقانون
المالية مع الدستور قبل إصدار األمر بتنفيذها.
-المحاكم اإلدارية :ويتجلى دورها في البث في مختلف المنازعات المتعلقة بالضرائب.
الفصل الثاني:
قواعد الميزانية العامة.
مع التطور الذي طرأ على الفكر المالي وكذا االنتقال من دولة ليبرالية إلى دولة تدخلية ،تغيرت اهداف
المالية العامة مسايرة لتطور مفهوم الدولة ولتطور مسؤولياتها ووظائفها ،فكان لزاما على مبادئ الميزانية
أن تساير هذا التطور ،حيث عرف تطبيقها مجموعة من االستثناءات ويمكن إجمال أهم هذه القواعد في:
قاعدة الوحدة ،قاعدة السنوية ،قاعدة الشمول ،قاعدة التوازن ،وقاعدة الصدقية
المبحث األول :قاعدة السنوية
المطلب األول :مضمون القاعدة
ويقصد بها وضع تقديرات الميزانية العامة التي تحدد طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد
وتكاليف الدولة خالل فترة زمنية مقبلة محددة في سنة واحدة تسمى السنة المالية ،هذه األخيرة
تختلف بدايتها ونهايتها من دولة ألخرى ،وأغلب دول العالم بما فيها المغرب تعتمد توقيت السنة
المالية الذي يبتدأ من فاتح يناير وينتهي في 31دجنبر.
ومبدأ سنوية الموازنة ال يعني أن الجهات اإلدارية يجب أن تنفذ كل ما ورد في الميزانية خالل
هذه السنة.
وتحديد المدة الزمنية للميزانية العامة في سنة واحدة حسب بعض الباحثين في المالية العامة
فرضتها اعتبارات سياسية وعملية نذكر منها:
ضمان ممارسة رقابة دورية ومنتظمة من طرف البرلمان على الحكومة.
تغطية السنة للمواسم الفصلية األربعة.
السنة وحدة زمنية قياسية معتمدة في العديد من أوجه الحياة االقتصادية االجتماعية
والمالية
صعوبة التنبؤ والتكهن بميزانية لمدة أطول من سنة
وقد وجهت لمبدأ السنوية انتقادات استندت على مبررات تقنية وأخرى اقتصادية:
المبررات التقنية :تنطلق من كون انحصار النفقات في إطار سنوي ال يسمح للنفقات
المتعلقة باالستثمار من ضمان استمرارية الدفع لمواجهة الحجم المتنامي الستثمارات
الدولة وكذا األخذ بعين االعتبار طول المدة التي يستغرقها إنجاز بعض الخدمات.
9
المبررات االقتصادية :وتستند على سياسة برمجة المشاريع التي أصبحت تنتهجها الدولة
على المدى المتوسط والمدى الطويل بكيفية تتجاوز حدود مدة السنة التي تغطيها الميزانية،
باعتبار أن سنوية الميزانية ال تسمح بالقيام بتوقعات مالية حول المشاريع المبرمجة خارج
اإلطار السنوي.
المطلب الثاني :االستثناءات الواردة على قاعدة السنوية
وألن لكل قاعدة استثناء ،فإن قاعدة السنوية ليست مطلقة بل ترد عليها استثناءات تفرضها
بعض المتطلبات الظرفية(الزمنية) أو المحاسبية.
فقاعدة السنوية إن كانت تالئم النفقات الجارية ،إال أنها ال تتناسب مع النفقات االستثمارية
التي كثيرا ما تتطلب إطالة فترة الميزانية عن مدة سنة .و في هذه الحالة يتم اللجوء إلى
نظام ترحيل فائض االعتمادات حيث أن قاعدة سنوية الميزانية تقضي بإلغاء االعتمادات التي
لم تستعمل حتى نهاية السنة المالية ،و هذا يؤدي في بعض األحيان إلى إساءة الجهات
اإلدارية استعمال االعتمادات المتبقية قبل نهاية السنة المالية لتفادي إلغاء المبالغ التي لن
تستعملها .و على ذلك فإن أسلوب الترحيل يؤدي إلى تفادي هذه المخالفات .و من
االستثناءات األخرى الواردة على مبدأ السنوية هناك ما يعرف باالعتمادات المؤقتة أو
الميزانيات االثني عشر ( بمعدل ميزانية كل شهر ) عند تعذر المصادقة على الميزانية السنوية في
الوقت المناسب .
وفي المغرب نصت المادة 75من الدستور على البرمجة متعددة السنوات ،كما أن المادة 7
و الفصل السادس من القانون التنظيمي للمالية تحددان االستثناءات الواردة على مبدأ السنوية
في :االتفاقيات المالية ،و الضمانات التي تمنحها الدولة و تدبير شؤون الدين العمومي
و كذا الدين العمري و الترخيصات في البرامج ثم الترخيصات في االلتزام مقدما.
مبدأ السنوية و البرمجة المتعددة :تنفيذا ألحكام الفصل 75من الدستور الذي جاء فيه "
يصوت البرلمان مرة واحدة على نفقات التجهيز التي يتطلبها ،في مجال التنمية إنجاز
المخططات التنموية االستراتيجية و البرامج متعددة السنوات" و عندما يوافق عليها يستمر
مفعول الموافقة تلقائيا على النفقات طيلة مدة هذه المخططات و البرامج التنموية.
االتفاقات المالية :هي اتفاقيات ذات طابع مالي تكلف الدولة ميزانية مهمة يمتد تنفيذها
عدة سنوات (.كاتفاقيات الشراكة مع االتحاد األوروبي أو اتفاقيات التبادل الحر)
الضمانات التي تمنحها الدولة :و هي تحمالت افتراضية قد تتحول الى تحمالت فعلية
في حالة عدم تكمن الجهة المستفيدة من الضمان من الوفاء بتعهداتها ،و يدرج هذا الضمان
ضمن مشروع المالية يصادق عليه مرة واحدة و يمتد ألكثر من سنة .
الدين العمومي :يتم االلتزام بتسديد القروض التي تقترضها الدولة مع الفوائد و العموالت
المرتبطة بها على أساس جدول زمني محدد قد يطول و قد يقصر .
الترخيصات في البرامج :و هي ترخيصات تمنح بخصوص نفقات االستثمار الناتجة
عن تنفيذ مخطط التنمية ،تكون برامج تنموية تتطلب ميزانيات ضخمة تتجاوز مدة
تنفيذها السنة الواحدة يصادق عليها البرلمان مرة واحدة ( مثال المغرب األخضر ) .
الدين العمري أو المعاشات :إذا كان الدين العمومي محدد بأجل فإن الدين العمري غير
محدد بأجل إال بوفاة المستفيدين منها و ذوي حقوقهم و هو من النفقات التي تسري لمدة
و بحجم يصعب تحديدهما بدقة ألنها مرتبطة بأعمار المستفيدين .
10
الترخيصات في االلتزام مقدما :و تتعلق بنفقات التسيير ،و تمنح هذه الترخيصات في
حدود مبلغ أقصى ينص عليه قانون المالية .
إذا كان المشرع المغربي قد رخص بهذه االستثناءات خارج مبدأ السنوية فإنه كذلك أوجد عدة آليات
بهدف مساعدة السلطات المالية على االلتزام بمبدأ السنوية و من بين هذه اآلليات نذكر :
-في حالة إذا لم يتم التصويت على مشروع القانون المالي في حدود 31دجنبر ،فإن
الحكومة بمقتضى الفصل 75من دستور 2011تفتح بمرسوم االعتمادات الالزمة
لسير المرافق العمومية و القيام بالمهام المنوطة بها ،على أساس ما هو مقترح في
الميزانية المعروضة على الموافقة .
-أما في حالة استجدت أمور على الدولة غير متوقعة ( مثال :وباء كورونا ) تمس حسابات
الموارد و النفقات ،فإن المشرع أوجد أربع تقنيات مالية بهدف مقابلة هذه الوضعيات
،و هذه التقنيات هي :قانون مالية تعديلي ـ اعتمادات إضافية ـ نفقات طارئة ـ
مخصصات احتياطية ـ و أخيرا تقنية وقف تنفيذ نفقات االستثمار .
المبحث الثاني :قاعـدة الوحـدة
المطلب األول :مضمون قاعدة وحدة الميزانية
ويقصد بها إدراج جميع نفقات وإيرادات الدولة في وثيقة واحدة ،وعدم تجزئتها وتوزيعها
وتقسيمها على وثائق متعددة .ويتعين على الميزانية أن تشتمل على جميع إيرادات الدولة ونفقاتها
بدون استثناء ،و تدرجها في قانون واحد ،و تبعا لذلك ينبغي أن تكون وحدة في تقدير اإليرادات
ووحدة في الترخيص البرلماني.
وتجدر اإلشارة إلى أن مبدأ الوحدة قد ظهر في نهاية ق 19على يد ليو ساي الذي كتب بأن
هذا المبدأ يسهل عملية التقييم وعلى التعرف منذ الوهلة األولى على الخطوط الكبرى للميزانية.
وال بد أن نشير أن هذه القاعدة تحمل في طياتها عدة مزايا:
-فهي تستجيب لمتطلبات الوضوح وتجعل اإلطالع على الوضع المادي للدولة
والوقوف على تناسق وتكامل مكوناته أكثر يسرا.
-وتمكن السلطة التشريعية من اإلطالع على صور بسيطة لمشروع الميزانية ،وإجراء
الرقابة عليها بشكل كلي.
-تسمح هذه القاعدة بمعرفة مدى توازن الميزانية وقياس حجم العجز في حالة انعدام
التوازن.
المطلب الثاني :االستثناءات الواردة على قاعدة وحدة الميزانية.
ألنه أصبح ال يتالءم كثيرا مع االتجاه الحديث لوظيفة الدولة بسبب تدخالت الدول
في توجيه النشاط االقتصادي وكذا بسبب تطبيق الدول لمنظم الالمركزية أدى إلى
فصل مصروفات وموارد الحكومة المركزية عن مصروفات وموارد وحدات الحكم
المحلي.
وأيضا نشأت الميزانيات الملحقة التي تتعلق بالنشاط التجاري والصناعي ،حيث يكون
من أفضل عدم إدماج حساباتها في الميزانية العامة للدولة نظرا لطبيعتها الخاصة
المنتجة للربح أو المحققة للخسارة ،مما أفضى إلى تعدد الميزانيات في الدولة الواحدة.
11
وكما سبقت اإلشارة إلى ذلك ،فالميزانية العامة بيان تقديري مفصل بالنفقات
واإليرادات ،غير الواردة بالميزانيات الملحقة أو ميزانيات مرافق الدولة المسيرة
بصورة مستقلة أو الحسابات الخصوصية للخزينة ،وهو ما يعني أن االستثناءات
الواردة على قاعدة وحدة الميزانية تتحدد في :الميزانيات الملحقة ،وميزانيات مرافق
الدولة المسيرة بصورة مستقلة ،والحسابات الخصوصية للخزينة.
12
-4حسابات العمليات النقدية ومثال ذلك :الحساب الخاص بالعمليات المنجزة مع صندوق
النقد الدولي وأيضا حساب الخسارات واألرباح الناجمة عن الصرف أو حساب إصدار
النقود المعدنية.
-5حسابات النفقات من المخصصات :وهي الحسابات التي تبين عمليات متعلقة بصنف
خاص من النفقات يتم تمويله من مخصصات الميزانية العامة.
المبحث الثالث :قاعـدة توازن المالية
يقصد بمبدأ توازن الميزانية أن يكون حجم النفقات معادال لحجم المداخيل ،غير أن هذا المفهوم
عرف تطورا نتيجة التطور الحاصل في وظائف الدولة في الحياة االجتماعية واالقتصادية.
المطلب األول :تطور ميزانية الدولة
-الفقرة األولى :المالية العامة التقليدية وتوازن الميزانية
فيما سبق ،تم توضيح أن المالية العامة عايشت الدولة الليبرالية التي كانت لها أنشطة
محصورة في مهام إدارية محضة وكانت الميزانية في ذلك العهد تتميز بالخصائص التالية:
ضآلة حجم المالية العامة :لم تكن االقتطاعات العمومية تتجاوز 15%
الحياد :كانت بعيدة عن كل تأثير أو تدخل أو توجيه في الحياة االقتصادية
أما بالنسبة لمبدأ توازن الميزانية :فقد كان هذا المبدأ يشكل قاعدة ذهبية في ظل المالية
العامة التقليدية ،ذلك أن الحجم اإلجمالي لمداخيل الدولة كان يجب أن يعادل الحجم
اإلجمالي للنفقات .وعليه فقد كان هناك رفض لمسألة عجز الميزانية كما كان هناك
رفض لفكرة الفائض.
ولإلشارة فإن قاعدة توازن الميزانية تعرف بدورها استثناء يتمثل في نظرية المأزق
L’impasseالتي تقبل بوجود عجز ضمن حدود معينة وبشروط محددة ،وتقول بإمكانية قبول
العجز لفترة معينة وذلك لما يتم موازنته في السنوات المقبلة بفوائض.
-الفقرة الثانية :المالية العامة الحديثة ومبدأ توازن الميزانية
كما سبقت اإلشارة إلى ذلك حصل تطور في المالية العامة نتيجة تطور وظائف الدولة فانتقلت
من طابع تقليدي إلى طابع حديث يمكن حصر أهم خصائصه في ما يلي:
ارتفاع حجم المالية العامة :أصبحت االقتطاعات العمومية تتجاوز نسبة 30%
لم تعد الميزانية العامة محايدة
وكذلك لم تعد الميزانية متوازنة ،بحيث أصبح العجز مقبوال
عموما يمكن القول أن ميزانية الدولة لم تعد في إطار الدولة المتدخلة بيان يحافظ على التساوي
الحسابي بين النفقات و اإليرادات ،بل أصبحت برنامج عمل سنوي للوصول إلى التوازن
االقتصادي و االجتماعي العام ،أي لم يعد ينصرف هم السياسة المالية الحديثة إلى المحافظة
على توازن نفقات الدولة مع إيراداتها فحسب و إنما إلى ناحيتين:
-الناحية األولى :بلوغ التوازن االقتصادي العام ولذلك أصبح مطلوبا من ميزانية
الدولة اتكيف مع الوضعيات االقتصادية الظرفية ،فتعالج فترات الكساد بفترات
االزدهار ،وظهرت فكرة التوازن الدوري بدل التوازن السنوي.
13
-الناحية الثانية :تحقيق التوازن االجتماعي وذلك بإعادة توزيع ادخل القومي بين
الطبقات االجتماعية بسبب ضغوط النقابات العمالية من جهة وأهمية الزيادة في دخول
الطبقات الفقيرة في زيادة الطلب االستهالكي من جهة أخرى.
المطلب الثاني :تطبيقات قاعدة التوازن في المغرب.
بالرغم من أن جميع الوثائق الدستورية والنصوص التنظيمية المتعاقبة قد نصت على ضرورة
إقرار مبدأ التوازن إال أن المالية العامة بالمغرب قد عرفت عجز الميزانية منذ السنوات
األولى لالستقالل نتيجة ارتفاع حجم اإلنفاق العمومي وضعف الموارد العادية ،وهذا العجز
ال زال مستمرا إلى يومنا هذا.
ومهما يكن فإن اتوازن كمبدأ ال يمكن تطبيقه نظرا لإلكراهات وضغوطات تخضع لها المالية
العامة للدولة وهو ما يجعلها تعرف عجزا ،فاعجز أصبح من السمات المستقرة في الميزانية
بالمغرب وهو في تصاعد مستمر
المبحث الرابع :قاعـدة الشمول والعمومية
ويقصد بها أن تدرج في الميزانية اإليرادات والمصروفات دون إجراء أية مقاصة بينهما ،أي يجب
جمع كل اإليرادات في كتلة واحدة يصرف منها بدون تخصيص موارد معينة لنوع خاص من
اإلنفاق .لكن الواقع العمل يفرض تليينه وبذلك ترد عليه استثناءات متعددة.
المطلب األول :قاعدة عدم المقاصة بين النفقات واإليرادات.
ال يكفي أن يكون مجموع النفقات والمداخيل مضمنا في وثيقة واحدة ،بل يلزم أن تكون هذه
الوثيقة مشتملة على كل المداخيل من جهة وعلى كل النفقات من جهة أخرى ،وأن تقدم كل
من المجموعتين منفصلة عن بعضها ،أي أال تقع مقاصة بين المداخيل والنفقات بحيث تقتصر
الميزانية على تقديم الفرق بينهما .ومن مزايا هذه القاعدة أنها تتيح لألجهزة المسؤولة عن
الرقابة المالية الوقوف على تفصيالت الميزانية العامة بشقيها اإلنفاقي واإليرادي ومحاربة
أوجه اإلسراف والتقصير فيها ،وهو ما يعتبر ضمانة أساسية لحسن صرف األموال العمومية
وعدم تحصيلها إال في حدود المتطلبات الضرورية.
أما بالنسبة للمغرب فإن المشرع المغربي نص صراحة على هذه القاعدة ونص على
احترامها ،ومن تم استقر المبدأ ضمن القواعد األساسية للميزانية.
المطلب الثاني :االستثناءات الواردة على مبدأ الشمول.
أدى تزايد وظائف الدولة وتداخالتها إلى ظهور ظاهرتين جديدتين في موضوع شمول
الموازنة:
-الظاهرة األولى :تتمثل في أن تطور الدولة أدى إلى تعدد موازناتها ،وكثرة حساباتها وتنوع
الهيئات واألجهزة المكلفة بتدبيرها ،وأصبح من الصعب فنيا أن تخضع جميع أنشطة الدولة
إلى قاعدة الشمول في إطار ميزانية عامة.
-الظاهرة الثانية :بعد تزايد مداخيل الدولة ومصاريفها ،وكذا تعدد مصادر اإليرادات اتضح
جليا صالبة مبدأ الشمول ومدى الحاجة إلى األخذ به ألنه يفيد في ضمان شفافية التسيير
المالي ،إال أنه مع ذلك كان ال بد من تليينه ولهذا ترد عليه مجموعة من االستثناءات.
وبخصوص المغرب فالالفت أن قاعدة المقاصة ال تطبق فعليا إال على الميزانية العامة للدولة،
وهكذا تضع جانبا كال من الميزانيات الملحقة والحسابات الخصوصية للخزينة .وبمعنى آخر
فهذه الميزانيات والحسابات هي االستثناءات الواردة على قاعدة عدم المقاصة.
14
المبحث الخامس :قاعـدة عدم التخصيص
ويقصد بها أال تخصص بعض اإليرادات ألنواع معينة من المصروفات ،فمجموع اإليرادات العامة
يخصص لتغطية مجموع النفقات العامة على وجه الشيوع دون تخصيص نوع من اإليرادات لتمويل
أوجه معينة من اإلنفاق ".مثال ال يمكن تخصيص حصيلة الضريبة على وقود السيارات ورسوم
التسجيل لتمويل إنجاز الطرق العامة "...
وهذه القاعدة تعتمدها مجموعة من الدول ومن الدوافع التي تجعل هذه الدول تتبناها نذكر:
-أن قاعدة عدم التخصيص تمكن الدول من استغالل مواردها استغالال متالئما إلشباع
حاجاتها العامة تبعا لألهمية النسبية.
ت هذه اإليرادات في فترة ما -إذا خصصت إيرادات معينة لتمويل نوع من الخدمات و دقلَّ ْ
ض ،وبالعكس إذا زادت اإليرادات فقد تؤدي هذه تعذرت هذه الخدمات على وجه غير مرْ ٍ َّ
الزيادة إلى التبذير واإلسراف في اإلنفاق.
-أن مبدأ عدم التخصيص ال يسمح للحكومة بالتحيز في تخصيص الموارد ألجل اإلنفاق على
خدمات تستفيد منها فئة معينة دون أخرى .بل يستعمل مجموع الموارد لتغطية مجموع
التحمالت.
-يتطابق مبدأ عدم التخصيص مع مفهوم الدولة مقاولة الجميع ،وعليه فإنه يتعين التصرف
في الموارد التي تتوفر عليها الدولة بكيفية مشتركة بين جميع المصالح المكونة لها حسب
معيار المصلحة العامة ،وبذلك يضمن مبدأ عدم التخصيص التجرد والحياد وال يسمح
بالتحيز في رصد الموارد لتغطية نفقات معينة لفائدة فئات محددة العتبارات سياسية أو
اجتماعية.
ورغم هذه المزايا فقد وجهت مجموعة من االنتقادات لمبدأ عدم التخصيص بسبب بعض عيوبه.
وقد نص التشريع المغربي في المادة 8من القانون التنظيمي 130.13على ضرورة " رصد مجموع
المداخيل لتنفيذ مجموع النفقات "
بيد أنه إذا كانت معظم التشريعات المالية المقارنة تأخذ بهذا المبدأ ،فإن هذه التشريعات تقر ببعض
االستثناءات ،والمغرب كذلك يعمل بهذا االستثناء بحيث نجد في المادة 8من القانون التنظيمي
130.13على أنه " يمكن رصد بعض المداخيل لبعض النفقات في إطار ميزانيات مرافق الدولة المسيرة
بصورة مستقلة أو الحسابات الخصوصية للخزينة أو في إطار إجراءات محاسبية خاصة "
وفي هذا الصدد نشير إلى أنه توجد قاعدة أخرى تعتبر من قواعد الميزانية العامة وهي قاعدة
تخصيص النفقات وهي عكس القاعدة األولى ،فمبدأ تخصيص االعتمادات ينطلق من كون الترخيص
بالنفقات الذي يمنحه البرلمان للحكومة ال يكتسي طابعا عاما بحيث يسمح لهذه األخيرة بالتصرف
في االعتمادات المفتوحة بكل حرية بل يتم توجيهها لتمويل نفقات معينة.
فقاعدة تخصيص االعتمادات تساعد على توجيه الموارد المالية نحو استخداماتها المحددة ،كما تتيح
للبرلمان متابعة ومراقبة اإلنفاق الحكومي في تفصيالته .وقد أخضعها المشرع الستثنائيين هما:
الحسابات الخصوصية للخزينة والنفقات الطارئة والتحمالت المشتركة.
15
كما أن المشرع المغربي منح الحكومة صالحيات هامة من أجل اتخاذ ما يلزم من إجراءات مالية
خالل السنة المالية وتتمثل هذه اإلجراءات في:
تجاوز االعتمادات -
فتح اعتمادات إضافية -
تحويل المناصب أو إعادة انتشارها بين الوزارات -
وقف تنفيذ بعض نفقات االستثمار -
تحويل االعتمادات -
ومما يالحظ على هذه اإلجراءات التي منح المشرع الصالحية للحكومة بالعمل بها دون الرجوع
إلى البرلمان ولو الحقا قصد المصادقة عليها أنها قد تتعارض مع مفهوم الترخيص البرلماني الذي
يخول للحكومة سلطة تقديرية في إنفاق االعتمادات المرخص بها أو عدم إنفاقها وفق ما تقتضيه
اعتبارات المصلحة العامة ولكن في حدود االعتمادات المفتوحة في الميزانية وبما ال يتجاوزها.
المبحث الخامس :قاعـدة صدق الميزانية
تعتبر هذه القاعدة أحد مظاهر دمقرطة التدبير المالي وما تفرضه من وضوح للنشاط المالي للدولة
فضال عن كونها مظهرا للحكامة المالية الجيدة.
ويعتبر مجلس الدولة أن صدق العمليات المالية يكتسي طابعا دستوريا الفرنسي ،و من المستجدات
التي تضمنها قانون المالية 130.13تنصيصه على مبدأ الصدقية في التوقع و اإلعداد و كذا
تنصيصه على ضرورة تصديق المجلس األعلى للحسابات على مطابقة هاته الحسابات و صدقيتها.
16
دورة الميزانية -مراحل الميزانية
الفصل األول:
تحضير مشروع الميزانية العامة .
المبحث األول :األجهزة المكلفة بعملية إعداد الميزانية
المطلب األول :أجهزة تحضير مشروع الميزانية في النظم المالية المقارنة .
تتولى السلطة التنفيذية مهمة تحضير الميزانية لعدة أسباب منها :
-أن هذه السلطة يتجمع لديها البيانات عن القطاعات و األوضاع االقتصادية المختلفة
،كما تتوفر لديها الخبرة للقيام بهذا العمل .
-أنها هي المسؤولة عن تحقيق أهداف المجتمع االقتصادية و االجتماعية ،و لذلك كان
من الطبيعي أن تعطى لها الوسائل الالزمة لتحقيق تلك األهداف ن و أهمها الحق في
إعداد الميزانية أي وضع التقديرات الالزمة لتنفيذ برنامجها .
-أن السلطة التنفيذية أقدر من السلطة التشريعية على تقدير اإليرادات و النفقات العامة
بحكم توفرها على أجهزة مختلفة و إمكانيات تقنية و بشرية تمكنها من معرفة
الحاجيات و ما تتطلبه من نفقات.
-أن السلطة التنفيذية أكثر قدرة على معرفة حاجات المجتمع و مشاكله و تحديد
األولويات فيما بينها و ذلك لما تراكم لديها من خبرة في تنفيذ ميزانيات السنوات
السابقة.
-أن السلطة التشريعية إضافة إلى أنها ال تتوفر على اإلمكانيات التقنية و البشرية فهي
ق د تلجأ إلى إرضاء الناخبين على حساب المصلحة العامة و الحفاض على التوازن
المالي و االقتصادي.
و يبقى تدخل السلطة التشريعية منحصرا في مناقشة المشروع الحكومي و المصادقة عليه ،
و هو ما من شأنه أن يضمن تحقيق نوع من التوازن في اختصاصات السلطين في المجال
المالي .
17
المطلب الثاني :أجهزة تحضير القانون المالي في النظام المالي المغربي.
ينص القانون التنظيمي 130.13في المادة 46على أنه " يتولى الوزير المكلف بالمالية تحت
سلطة رئيس الحكومة إعداد مشاريع قوانين المالية طبقا للتوجهات العامة المتداول بشأنها في
المجلس الوزاري ".
إن عملية تحضير قانون مالية السنة في المغرب يساهم فيها كل من وزير المالية و رئيس
الحكومة و كذا جاللة الملك .
-الفقرة األولى :دور وزير المالية في مجال تحضير الميزانية.
تبقى مهمة تحضير مشروع قانون المالية موكولة إلى وزير المالية ويعود السبب في ذلك إلى
كون وزير المالية هو " المسؤول بالدرجة األولى عن السياسة المالية للحكومة كما أنه
مسؤول عن التوازنات العامة للميزانية ،وأنه يشرف مباشرة على مختلف المصالح اإلدارية
المختصة بتحصيل الموارد ،و أنه يطلع بصورة دقيقة عن طريق المراقب العام و مراقبي
االلتزام بالنفقات على جميع النفقات الحكومية .
و من جهة أخرى يمتلك وزير المالية من خالل اإلطار الوظيفي في وزارة المالية القدرة
الفنية و اإلدارية التي تسهل عملية التنسيق مع بقية الوزارات في المجال المالي .كما لديه
الطرق الفنية التي يتبع فيها الدقة و الحذر و االقتراب من الواقع قدر اإلمكان و ذلك أثناء
وضع التقديرات المتعلقة باإليرادات و النفقات .
و يباشر تحضير مشروع القانون المالي عن طرق عرضه على الحكومة كل سنة قبل فاتح
ماي .و يقدم عرضا إجماليا عن مشروع قانون المالية للسنة المالية التالية ،و يدعو اآلمرين
بالصرف وفق توجيهات الحكومة إلعداد مقترحاتهم بالمداخيل و النفقات للسنة المالية التالية
.
و يتمتع بسلطة واسعة تشبه نسبيا سلطة " الفيتو" ،فال يمكن للحكومة اتخاذ أي إجراء يكون
له أثر مالي مباشر أو غير مباشر دون موافقته ،و تتقوى سلطته نتيجة لتعدد المجاالت
الحيوية التي يقوم بإدارتها أو يشرف على مراقبتها .و رغم أنه يعتبر مؤهال أكثر من غيره
لتحضير مشروع الميزانية العامة ،فإن مهمة التحضير ال يتكلف بها لوحده ،بل يشاركه
كافة الوزراء فعلى المستوى الفردي يعمل وزير المالية كل سنة و قبل فاتح نونبر من سنة
تنفيذ الميزانية على إصدار مناشير تتضمن التوجيهات التي يجب أن تراعى من قبل الوزراء
في تحضير مشروع قانون المالية ،كما يوجه بهذه المناسبة الئحتين إلى مختلف الوزارات
،تتعلق الالئحة األولى بنفقات التسيير و تتعلق الثانية بنفقات التجهيز ،و تتضمن كل الئحة
توجيهات يتعين على جميع المرافق الحكومية اتباعها في إعداد مشروعاتها .كما أن وضع
تقديرات المشاريع من لدن مختلف الوزارات يجب أن تستند إلى مختلف المرجعيات التي
تتأسس على ضوئها السياسة الحكومية والتي تتمثل في:
خطب وتوجيهات جاللة الملك
التوجهات العامة للمخطط
تصريحات الوزير األول امام البرلمان
18
ويجب أن تصل مقترحات اآلمرين بالصرف المتعلقة بالمداخيل والنفقات وكذا مشاريع
األحكام المراد إدراجها في مشروع قانون المالية إلى الوزارة المكلفة قبل فاتح يوليوز ،وقد
حددت هذه التواريخ لكي يتمكن مجلس الوزراء من المصادقة على المشروع ،وبالتالي يقدمه
للبرلمان قبل 70يوما من نهاية السنة.
و بمجرد وصول التقديرات المتعلقة بالمداخيل و النفقات إلى وزير المالية ،توجه نحو األقسام
القطاعية المعنية بمديرية الميزانية و تباشر هذه األقسام دراسة المقترحات للتأكد من مطابقتها
للتوجيهات الحكومية و لرسالة التأطير .
-الفقرة الثانية :سلطة رئيس الحكومة في تحديد التوجهات الرئيسية لمشروع
الميزانية .
رئاسة مجالس الحكومة موكولة بمقتضى الدستور لرئيس الحكومة هذه المجالس تعقد لدراسة
السياسة العامة التي تتبعها الحكومة و كذا دراسة مشاريع القوانين قبل عرضها في مجلس
الوزراء ،حيث يقوم وزير المالية تحت سلطة رئيس الحكومة بتحضير مشروع القانون
المالي .و يتابع مجلس الحكومة تحت رئاسة رئيسه مشروع الميزانية بكيفية مستمرة ،
و ذلك تفاديا للخالف الذي يمكن أن يقع بين بعض الوزارات ووزارة المالية .
و قد عمل القانون التنظيمي الجديد بمقتضى الفصل 46منه ،على تكريس مسؤولية رئيس
الحكومة في المجال المالي و كلفه بمهمة جديدة و هي تحضير مشروع قانون المالية من
طرف وزير المالية و تحت سلطته .هذه السلطة تمثل ممارسة فعالة لتحديد المشاركة
المسؤولة لكل القطاعات بعيدا عن روح الهيمنة .و تبرز سلطة الزير في المجال المالي على
مستويين هما :التوجيه و التحكيم .
و هكذا فإن رئيس الحكومة يبعث برسالة توجيهية و يعممها على مختلف الوزراء لتوضيح
العناصر التي يتعين أخذها بعين االعتبار لدى تحديد مقترحاتهم المتعلقة باإليرادات و النفقات.
و بخصوص سلطة التحكيم فإن رئيس الحكومة يتدخل في الخالفات التي قد تنشأ بين وزير
المالية و باقي الوزراء حول الغالف المالي المخصص لكل وزارة ليكون حكما في الخالفات
أو حول عدم مطابقة مقترحات إحدى الوزارات للتوجيهات الحكومية المتضمنة في الرسالة
التوجيهية لرئيس الحكومة .
-الفقرة الثالثة :دور مجلس الوزراء
بعد المصادقة على مشروع قانون المالية في المجلس الحكومي ،يعرض على مجلس الوزراء
تطبيقا لمقتضيات الفصل 49من الدستور ،و ينعقد مجلس الوزراء لتحديد مشروع القانون
المالي ،مبدئيا قبل 20أكتوبر من كل سنة ،و يتميز باستفسار جاللة الملك عن بعض جوانب
المشروع و بتوجيه تعليماته للحكومة في هذا الصدد .بل أكثر من ذلك فالملك تبقى له كلمة
الفصل و الحسم في تحديد و توجيه مشروع الميزانية و ذلك نظرا ألنه هو الذي يرأس مجلس
الوزراء .كما أنه يعين رئيس الحكومة و باقي أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها .كما
للملك بمبادرة منه ،بعد استشارة رئيس الحكومة ،أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء
الحكومة من مهامهم .
19
و بعد موافقة مجلس الوزراء تتم طباعة مشروع قانون المالية في صيغته النهائية بالمطبعة
الرسمية و إرساله إلى رئيس الحكومة قصد إيداعه باألسبقية لدى مجلس النواب ،و ذلك قبل
نهاية السنة المالية الجارية ب 70يوما على أبعد تقدير .
و إلى جانب هذه االعتمادات غير المتجددة هناك االعتمادات التقديرية المتعلقة بالنفقات التي
ال يمكن تقديرها إال بكيفية تقريبية .أي أنه يمكن للحكومة تجاوز المبالغ المقيدة في الميزانية
إذا اقتضت الضرورة ذلك .و من تم فإن مصادقة البرلمان عليها تكون مصادقة على الغرض
و الهدف من االعتماد و ليس على مبلغ االعتماد .و بذلك يمكن للحكومة أن تلجأ على طلب
الموافقة على اعتمادات إضافية تستدعيها الظروف المتغيرة.
-الفقرة الثانية :األساليب العصرية
تعتبر أساليب متطورة في تقدير النفقات ألنها أكثر نجاعة و أكثر فعالية و مردودية ،و تقوم
على برمجة األهداف و الوسائل و تحديد األولويات ووضع آليات التنفيذ و التتبع ،و تقييم
األداء و تحليل النتائج و فق معايير موضوعية و تتخذ هذه األساليب عدة أشكال و أنواع
نذكر منها ما يلي :
أوال :نظام تخطيط و برمجة الميزانية :ظهرت هذه الطريقة في الواليات المتحدة
األمريكية سنة 1961و تقوم على تحديد أهداف كل األعمال التي ستنجز مع ضرورة
معرفة جميع أهداف األمة و اختيارها يعتبر أولويا ،و لبلوغ هذا المبتغى يالحظ أن هذه
الطرقة تتمحور حول 3مراحل :
20
-1مرحلة البحث العلمي عن تحديد دراسة مستقبلية على األمد البعيد ،بحيث أن إعداد
الميزانية يبحث عن عقلنة اختيارات القرار.
-2المرحلة الثانية تتحدد في انجاز الحسابات الخاصة بتحليل البرامج المراد إنجازها ،
و ذلك لمواجهة كل اإلمكانات المحتملة .
-3بعد أن يتم تحديد األهداف يتم توزيع البرامج حسب تقسيمات موازنية سنوية .
ثانيا :نظام ترشيد الميزانية :و تسمى أيضا بعقلنة اختيارات الميزانية ظهرت في فرنسا ،
و هي عبارة عن المسطرة التي تهدف على إلزام كل مسؤول عن القرار اإلداري و االقتصادي
و االجتماعي ،بالتفكير في األهداف و في المهام التي يتعين القيام بها بما في ذلك بحث
الوسائل األكثر تناسبا و األكثر اقتصادا و تجاوزا للتبذير.
ثالثا :طريقة التسيير باألهداف :ظهرت تطبيقاتها في شركة جنرال موتورز العمالقة ،
ترتكز على أساس رصد األهداف و تحديد األولويات ووضع جدول زمني للتنفيذ في إطار
الميزانية السنوية للدولة .
رابعا :ميزانية قاعدة الصفر :تتطلب مراجعة مستمرة و منتظمة لألهداف و الوسائل ،
و إعادة توزيع دائم للمواد المتاحة ،ليس بناء على مرصدات مخصصات الميزانية السابقة
،بل في ضوء أهمية و استعجالية و أولية النشاطات و البرامج المقترحة من طرف المصالح
الحكومية في كل سنة على حدة .
المطلب الثاني :طرق تقدير اإليرادات العامة
-الفقرة األولى :طريقة حسابات السنة قبل األخيرة
حسب هذه الطريقة يتم تقدير إيرادات السنة المالية على أساس اإليرادات التي تحققت
فعال في آخر سنة عرفت نتائجها مع إدخال بعض التعديالت التي قد تدعو إليها بعض
االعتبارات الخاصة ( .كإلغاء ضريبة كانت موجودة أو تغيير سعرها أو فرض ضريبة جديدة )
21
الفصل الثاني:
مصادقة البرلمان على الق انون المالي
المبحث األول :الصيغة التي يقدم بها مشروع قانون المالية
بمجرد المصادقة على قانون المالية من طرف مجلس الوزراء يعرض على البرلمان في وثيقة واحدة
و يكون في صيغة مشروع تتكفل المطبعة الرسمية بطبعه ،و ينقسم قانون المالية للسنة إلى جزأين
:
الجزء األول :و تحصر فيه المعطيات العامة للتوازن المالي
الجزء الثاني :و تحصر فيه نفقات الميزانية العامة عن كل فصل و نفقات ميزانيات مرافق الدولة
المسيرة بصورة مستقلة و نفقات الحسابات الخصوصية للخزينة عن كل حساب .
أما بالنسبة لموارد الميزانية العامة و كذا موارد مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة فإن المادة
37من القانون التنظيمي المذكور توضح كيفية تقديم هذه الموارد حيث تقضي هذه المادة أن تقدم:
موارد الميزانية العامة في فصول منقسمة إن اقتضى الحال إلى مصالح و طبيعة
الموارد .
موارد كل مرفق من مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة مجمعة بحسب القطاعات
الوزارية أو المؤسسات التابعة لهذه المرافق .
موارد الحسابات الخصوصية للخزينة فإنها تقدم بحسب كل حساب خصوصي داخل
كل صنف من هذه الحسابات .
المبحث الثاني :الجهة المختصة بالمصادقة على قانون المالية
يعهد بصالحية المصادقة على القانون المالي في جميع األنظمة الحديثة إلى البرلمان و تشكل مرحلة
المصادقة البرلمانية مرحلة حاسمة في المسلسل الموازني ألنها هي التي يتحدد على ضوئها الموقف
النهائي للبرلمان إما بالمصادقة أو الرفض.
و ينص الفصل 75من دستور 2011على أن " يصدر قانون المالية ،الذي يودع باألسبقية لدى
مجلس النواب بالتصويت من قبل البرلمان " إال أنه ما يميز النظام السياسي المغربي هو الدور الذي
كان يلعبه الملك في الدساتير المتعاقبة أثناء مرحلة المصادقة على مشروع القانون المالي ،حيث
وجدت حاالت معينة يتولى فيها ممارسة هذا االختصاص بمفرده ،و هذه الحاالت هي:
المطلب األول :حالة حل البرلمان
يقع بعد خطاب يوجهه الملك إلى األمة ،و إذا وقع حل أحد المجلسين فال يمكن حل المجلس الذي
يليه إال بعد مضي سنة على انتخابه ما عدا في حالة تعذر توفر أغلبية حكومية داخل مجلس النواب
الجديد ،فالملك هو من له صالحية حل البرلمان و ذلك إما بهدف المحافظة على االستمرار الحكومي
و تحكيم الشعب في الخالف الواقع بين البرلمان و مؤسسة الحكومة .
22
المطلب الثاني :حالة الفراغ التشريعي
إذا كانت بعض الدساتير وضعت حال لمسألة من يمارس السلطة التشريعية خالل الفترة الفاصلة بين
تاريخ انتهاء والية البرلمان القديم و تاريخ البرلمان الجديد ،فإن الدساتير المتعاقبة بالمغرب منذ
1962إلى دستور 1996لم تتصدى للمسألة التي نحن بصددها بنص صريح حيث لم تسند مهمة
التشريع في هذه الحالة ألي جهة .
استنادا الى هذا و باعتبار أن الملك هو واضح الدستور فإنه مارس الوظيفة التشريعية في هذه الحالة
بناء على الفصل 19من الدستور بعد تأويله في اتجاه يسمح له بممارسة هذه المهمة إلى حين انتخاب
البرلمان الجديد الذي لم يتم تنصيبه إال في 14أكتوبر . 1984وتبعا لهذا مارس الملك كذلك
الوظيفة المالية أي أنه تولى المصادقة على مشاريع قوانين المالية .
المطلب الثالث :الحالة االنتقالية
الحالة االنتقالية لم يعد لها وجود في دستور 1996و كذا في الستور الحالي ،و يقصد بها الفترة
الزمنية افاصلة بين وضع الدستور الجديد أو تعديله و انتخاب برلمان جديد و هذه الحالة عاشها
المغرب في بداية السبعينات حيث امتدت من عام 1972إلى عام 1977و هي حالة غير عادية ،
و من أهم أسبابها طبيعة العالقة بين السلط و الحكم و األحزاب السياسية المعارضة و التي اتسمت
بالتوثر على المستوى السياسي و التنافي التآمري على المستوى العملي .و خالل هذه الفترة يتولى
الملك امصادقة على مشاريع قوانين المالية( )1977-1976-1975-1974-1973
من بين التقنيات الدستورية األخرى التي كانت تخول للملك ممارسة جميع السلطات بما في ذلك
المصادقة على القوانين المالية نجد حالة االستثناء التي قلد فيها الدستور المغربي الدستور الفرنسي
.هذه الحالة عاشها المغرب سنة ، 1965أما الدستور الحالي فينص في فصله 59على أنه " إذا
كانت حوزة التراب الوطني مهددة ،أو وقع من األحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات
الدستورية ،أمكن للملك أن يعلن حالة االستثناء بظهير ..و يخول للملك بذلك صالحية اتخاذ
اإلجراءات التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية .
المبحث الثالث :مسطرة دراسة مشروع قانون المالية و التصويت عليه .
إن مسطرة المصادقة على مشروع قانون المالية طويلة و معقدة تخضع لمقتضيات الدستور و القانون
التنظيمي و كذلك للنظام الداخلي للبرلمان .
المطلب األول :إيداع و تقديم المشروع – من له حق األولوية ؟
( مجلسإن معظم الدول التي تتألف مجالسها التشريعية من مجلسين تعطي األولوية للمجلس السفلي
النواب ) في حق إقرار الموازنة .و يمكن تحديد االعتبارات التي جعلت األولوية للغرفة السفلى في
ثالثة أمور :
-1أن المجلس السفلي هو الذي يمثل الشعب و يكرس إرادته عن طريق االنتخاب المباشر
-2نظرا للشرعية السياسية التي يحظى بها المجلس السفلي فإن مدة دراسة و مناقشة الموازنة في
التجارب المقارنة تختلف لدى كل من المجلسين .فيعطي مجلس النواب عادة مدة تقارب شهرين
23
و نصف ،في حين أن المهلة المحددة لمجلس الشيوخ أو المستشارين غالبا ما تكون قصيرة 20
يوما أو شهرا واحدا
-3نظرا ألهمية و مكانة المجلس السفلي في األنظمة السياسية و الدستورية المقارنة ،ففي حال
اخالف النهائي بين المجلسين تعود كلمة الفصل للغرفة السفلى .
و ب مجرد إيداع قانون المالية في مكتب مجلس النواب يقوم وزير المالية بتقديم هذا المشروع في
جلسة عمومية ،و تتمثل الخطو ة التالية في تقديم مشروع قانون المالية أمام لجنة المالية التي تكون
بذلك أول لجنة تباشر دراسة هذا المشروع .
المطلب الثاني :المناقشة البرلمانية لمشروع القانون المالي
إن المناقشة البرلمانية لمشروع القانون المالي تتم على مستوى الغرفتين
-الفقرة األولى :تدخل مجلس النواب
أوال :المرحلة اإلعدادية – مناقشة المشروع داخل اللجان :تعتبر لجنة المالية أول لجنة
تباشر دراسة مشروع قانون المالية وموازاة مع ذلك يقوم مختلف الوزراء بإرسال مشاريع ميزانيات
الوزارات التي يشرفون عليها للجان الفرعية قصد دراستها و المصادقة عليها .
-1لجنة المالية و مشروع القانون المالي :تعتبر لجنة المالية من أهم اللجان البرلمانية الدائمة ،
فهي تقوم بدراسة ضخمة و هامة للميزانية و القوانين المالية و بالتالي فهي توجه و بمجرد إيداع
مشروع قانون المالية في مكتب مجلس النواب سياسة الدولة و يمثل كل حزب داخل اللجنة بنسبة
عدد نوابه و مستشاريه .و غالبا ما يتم اختيار هؤالء حسب خبرتهم في المجال االقتصادي و
المالي للدولة حتى تستطيع اللجنة القيام بمسؤولياتها على أحسن ما يرام ،و تنتخب اللجنة عادة
لمدة سنة واحدة و بمجرد إيداع مشروع قانون المالية في مجلس النواب يحال في الحين على
اللجنة المكلفة بالمالية بهذا المجلس قصد دراسته .و هذه الدراسة تتم عبر مراحل و هي :
تقديم مشروع قانون المالية بشكل مفصل و بتفاصيل أكثر دقة من طرف وزير المالية
توزيع الوثائق التكميلية
المناقشات العامة حيث يطرح النواب مالحظاتهم و تساؤالتهم و اقتراحاتهم و يتولى
وزير المالية اإلجابة و التوضيح ،كما بإمكان اللجنة استدعاء الوزراء أو من ينوبون
عنهم لتفسير و تبرير تقديراتهم .
دراسة المواد :بعد مرحلة المناقشة العامة تبدأ مرحلة دراسة المواد مادة فمادة
تقديم التعديالت :بحيث يقوم كل فريق بتقديم التعديالت التي يراها مناسبة
التصويت على مشروع قانون المالية :غالبا ما تقبل اللجنة المشروع ألنها مشكلة
من أغلبية البرلمان التي تنبثق عنها الحكومة .
-2اللجان القطاعية و مشروع القانون المالي
في الوقت الذي يقدم فيه مشروع قانون المالية أما لجنة المالية ،يقوم مختلف الوزراء بإرسال
مشاريع ميزانيات الوزارات التي يشرفون عليها إلى اللجان القطاعية بهدف دراستها و المصادقة
عليها .و يتعين على الوزراء وضع لدى رئاسة اللجنة ملفا يتضمن مشروع الميزانية الفرعية
بكل تفاصيلها في مجالي التسيير و التجهيز و كافة الوثائق المطلوبة .
و تتميز اللجان القطاعية عن لجنة المالية من زوايا نذكر منها ما يلي :
24
انفراد لجنة المالية و حدها بصالحية دراسة مشروع قانون المالية برمته .
توقف أعمال اللجان القطاعية على نتائج أعمال لجنة المالية بحيث ال يمكن أن يم
التصويت من لدن هذه اللجان على ميزانيات مختلف الوزارات قبل اعتماد الموارد
و النفقات االجمالية و التوازن المرتبط بها من طرف لجنة المالية .
مسؤولية مقرر لجنة المالية لتقديم مشروع قانون المالية أمام البرلمان في جلسته
العمومية
ثانيا :المرحلة النهائية – مناقشة المشروع في الجلسات :إن أشغال الجلسة العامة للبرلمان
المخصصة لمناقشة مشروع قانون المالية و التصويت عليه تكاد تكون صورة طبق األصل ألشغال
لجنة المالية و اللجان الفرعية ،و تمر أشغال الجلسة العامة لمجلس النواب عبر تقديم مقرر لجنة
المالية عرضا يستعرض فيه بتفصيل الظروف المحيطة بمشروع قانون المالية و أهم مميزات هذا
المشروع قبل أن يبسط أعمال لجنة المالية و ظروف عملها .فالمشروع الذي يتداول المجلس بشأنه
ليس هو المشروع الحكومي بل المشروع المعدل من طرف لجنة المالية .
بعد ذلك يتدخل رؤساء الفرق من أحزاب سياسية و مجموعات نيابية للتعبير عن موقف الفرق التي
يمثلونها من مشروع قانون المالية المقترح و من السياسة االقتصادية و االجتماعية التي ينطلق منها
.و يمكن ألعضاء الحكومة الرد على استفسارات أعضاء البرلمان .
بعد هذه المرحلة يتدخل وزير المالية للرد على تدخالت الفرق و يحرص من خاللها الوزير األول
على الدفاع من جديد على السياسة الحكومية المنتهجة و على تناول االنتقادات الموجهة إليها بعد
ذلك ينتقل المجلس الى المناقشة التفصيلية لمقتضيات مشروع قانون المالية .
-الفقرة الثانية :تدخل مجلس المستشارين
لما كان دستور 2011قد اعتمد نظام الغرفتين فإنه كان من الواجب على القانون التنظيمي للمالية
الجديد أن يعمل على مالئمة مسطرة المناقشة و التصويت على القانون المالي وفق هذا النظام الجديد
( نظام الغرفتين) ،و الالفت أن المشرع المغربي قد سوى بين الغرفتين من حيث الوظيفة المالية ،
و تبعا لهذا تعرض الحكومة فور التصويت على مشروع قانون المالية للسنة من لدن مجلس النواب
أو عند انصرام أجل 30يوما الموالية لتاريخ إيداعه على مجلس المستشارين النص الذي تم إقراره
أو النص الذي قدمته ف ي أول األمر مدخلة عليه إن اقتضى الحال التعديالت المصوت عليها من
طرف مجلس النواب و المقبولة من طرف الحكومة .
أما بالنسبة للحيز الزمني لكال المجلسين ليناقش من خالله قانون المالية فالمشرع المغربي منح
لمجلس النواب أجل 30يوما ليبث في مشروع قانون المالية للسنة .أما مجلس المستشارين فيبث
داخل أجل 22يوما الموالية لعرضه عليه .
يبث مجلس النواب في مشروع قانون المالية المعدل داخل أجل 8أيام الموالية لتاريخ إيداعه ،أما
مجلس المستشارين يبث في المشروع داخل أجل 4أيام الموالية لعرضه عليه .و يقوم مجلس النواب
بدراسة التعديالت المصوت عليها من طرف مجلس المسنشارين و يعود له البث النهائي في مشروع
قانون المالية المعدل في أجل ال يتعدى 3أيام .
المطلب الثالث :تقييد سلطة البرلمان في المصادقة على القانون المالي
25
-الفقرة األولى :عدم قبول اقتراحات أعضاء البرلمان الرامية الى تخفيض الموارد
أو الزيادة في النفقات .
طبقا للفقرة 2من الفصل 77من الدستور للحكومة أن ترفض بعد بيان األسباب المواد اإلضافية
أو التعديالت الرامية إما على تخفيض الموارد العمومية و إما إلى إحداث تكليف عمومي جديد
أو الزيادة في تكليف موجود .و يتضح من هذه المقتضيات تقييد حرية المبادرة لدى النواب
و المستشارين حيث يقتصر دورهم على المصادقة على االقتراحات الحكومية مهما كانت طبيعتها.
و ينحصر دور أعضاء البرلمان المغربي على التقدم باقتراحات ترمي الى تحويل االعتمادات من
باب الى آخر شريطة احترام التوازن الذي ينص عليه مشروع الميزانية فيما يتعلق بالمداخيل
و المصاريف .
-الفقرة الثانية :الفصل 83من الدستور
ورد في الفصل 83من دستور 2011الفقرة األولى " ألعضاء مجلسي البرلمان و للحكومة حق
التعديل .و للحكومة بعد افتتاح المناقشة أن تعارض في بحث كل تعديل لم يعرض من قبل على
اللجنة التي يعنيها األمر " يتضح من خالل هذه المقتضيات الدستورية أن هناك قيد آخر يتعلق بحق
االقتراح أو التعديل يوجد بجانب القيد األول المنصوص عليه في الفصل . 75هذا القيد يتجلى في
كون أن هاته التعديالت يجب أن يتم تقديمها الى اللجان البرلمانية المختصة عندما تكون هذه األخيرة
بصدد مناقشة مشروع قانون المالية .
يضاف لهذه القيود و الحدود الدستورية المفروضة على عمل البرلمان أثناء ممارسته لحق االقتراح
و التعديل لمشروع القانون المالي قيد شكلي يحد هو اآلخر من سلطة البرلمان .هذا القيد يتمثل في
القيد الزمني هذا القيد يتجلى في أن دراسة مشروع قانون المالية و البث فيه من طرف البرلمان
بغرفتيه يجب أن يتم داخل أجل 70يوما الموالية إليداعه و هذه المدة القصيرة إذا ما قورنت باألهمية
البالغة التي يكتسيها قانون المالية .
المطلب الرابع :إجراءات التصويت
-الفقرة األولى :المسطرة العادية
يتضح أن حق التصويت و المصادقة على قانون المالية حق مخول للبرلمان بمجلسيه على قدم
المساواة باعتبار أن لكل منهما الصفة التشريعية من جهة و باعتبار أنه ال يعقل أن يحصر أمر
التصديق على الميزانية و هي قانون على جانب من األهمية و الخطورة بمجلس واحد أو نعطي
األفضلية ألحدهما على اآلخر نم جهة أخرى ،و ما دام األمر كذلك فإن كل مجلس يشرع في
التصويت أوال على الجزء المتعلق بالمداخيل قبل االنتقال الى التصويت على الجزء الثاني المتعلق
بالنفقات و يجرى التصويت على أحكام قانون المالية مادة فمادة .
التصويت على المداخيل :بالنسبة لتقديرات مداخيل الميزانية العامة و ميزانيات
مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة يتم التصويت عليها بصفة إجمالية .أما
تقديرات مداخيل الحسابات الخصوصية للخزينة فيتم التصويت على كل صنف من
هذه الحسابات على حدة .
التصويت على النفقات :بالنسبة لتقديرات نفقات الميزانية العامة يتم التصويت على
كل باب و كل فصل داخل نفس الباب .أما نفقات مرافق الدولة المسيرة بصورة
26
مستقلة يتم التصويت عليها بصفة إجمالية بحسب الوزارات أو المؤسسات التابعة
لهذه المرافق و يصوت على نفقات كل صنف من أصناف الحسابات الخصوصية
للخزينة على حدة .
-الفقرة الثانية :المسطرة الخاصة
اعتماد مشروع قانون المالية يمكن أن يتم في بعض الحاالت وفق مساطر خاصة و استثنائية .هذه
المساطر االستثنائية يمكن تحديدها في التالي :
حق التصويت :يمكن للحكومة أن تطلب من البرلمان البث في القانون المالي
بتصويت واحد مع االقتصار على التعديالت المقترحة أو المقبولة من طرفها أي من
طرف الحكومة كما يمكن ألحد مجلسي البرلمان إجراء تصويت إجمالي عن الجزء
2بطلب من الحكومة أو بطلب من المجلس .
التصويت بمنح حق الثقة :يمكن للحكومة أن تدفع البرلمان إلى الموافقة على مشروع
قانون المالية دون تصويت طبقا لمقتضيات الفصل 57من الدستور .بهذا الحق
سيكون البرلمان قد صادق على مشروع المالية دون مناقشة و ال تصويت.
المطلب الخامس :حالة تدخل اللجنة الثنائية المختلطة ( دستور )1996
بالنسبة للمسطرة التي كانت معتمدة في دستور 1996و كذا القانون التنظيمي للمالية لعام 1998
كانت محددة على النحو التالي :
إذا لم يتأتى إقرار مشروع القانون المالي بعد المناقشة الواحدة في كال المجلسين أو بعد قراءته مرتين
في كال المجلسين يجوز للحكومة أت تعلن حالة االستعجال و تعمل على اجتماع لجنة ثنائية مختلطة
من أعضاء المجلسين يناط بها اقتراح نص بشأن األحكام التي مازالت محل خالف و ذلك داخل
أجل ال يزيد على 7أيام من يوم عرض الحكومة األمر عليها .
بعدما تقترح اللجنة الثنائية المختلطة النص المقبول من طرفها ،تعرضه الحكومة على المجلسين
إلقراره داخل أجل ال يزيد عن 3أيام و ال يجوز في هذه الحالة قبول أي تعديل إال بموافقة الحكومة.
27
تغيير أسعار أو وقف استيفاء الرسوم الجمركية
إصدار االقتراضات الخارجية
إصدار االقتراضات قصد التسديد المسبق لالقتراضات المبرمة بأسعار فائدة تفوق
األسعار المعمول بها في السوق
تحديد ظروف تدبير الميزانية
المطلب الثاني :تصحيحات الحكومة خالل تنفيذ قانون المالية
لقد تضمن الباب 4من القانون التنظيمي للمالية الجديد 130.13مجموعة من القواعد التي تمكن
الحكومة من اتخاذ تدابير استعجالية أثناء تنفيذ قانون المالية وهي:
ترشيد تدبير الموارد البشرية على مستوى الوظيفة العمومية بأكملها
التوقيت المؤقت الستخدام المناصب المالية علما أن حذف المناصب ال يمكن أن يتم
إال بموجب قانون المالية
السماح بتجاوز االعتمادات المفتوحة برسم النفقات المشار إليها في الفقرة السابقة ،
يتم إثباتها و اإلذن بتسويتها فيقانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية للسنة
المعنية
في حالة تجاوز االعتمادات المقررة ألجور الموظفين واألعوان
تحديد شروط االقتطاع من الفصل المتعلق بالنفقات الطارئة و المخصصات
االحتياطية
ترحيل اعتمادات األداء المتوفرة برسم نفقات االستثمار الى السنة الموالية
يجوز للحكومة أثناء السنة المالية و قف تنفيذ بعض النفقات المتعلقة باالستثمار إذا
استلزمت ذلك الظروف االقتصادية و االجتماعية
المطلب الثالث :ضعف آليات التتبع و الرقابة
يتوفر البرلمان على عدة أدوات لممارسة مراقبته على المالية العمومية من أهم هذه األدوات :
دراسة قانون التصفية الذي يشكل موضوع باب خاص ،تكوين لجان التحقيق التي ال زالت لم
تتخذ طابعا هيكليا يتسم باالستمرارية ،مساءلة الحكومة من خالل األسئلة الشفوية و الكتابية
الموجهة للوزراء و أخيرا استغالل المعطيات التي توفرها الحكومة حول تنفيذ الميزانية السابقة
ضمن الوثائق المواكبة لمشروع قانون المالية لكن على الرغم من توفر البرلمان على هذه اآلليات
فإنها تبقى ضعيفة حيث تصطدم هذه األنواع من الرقابة بعدة عراقيل تحد من نجاعتها .
الديموقراطية المحكومة التي تبناها المغرب منذ بداية الحياة الدستورية تجعل البرلمان المغربي
رهينة في يد الحكومة .هذه الحكومة تستمد قوتها من العصا السحرية التي تسمى عقد األغلبية و
الدستور المغربي الجديد جعل الحزب الحائز على الرتبة األولى في االنتخابات هو الذي يظفر
بمنصب رئيس الحكومة و يقترح بالتالي الوزراء و التشكيلة الحكومية .
28