Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 2

‫َعاِم ًال الُّصْل ِبَد ِم ِليِبِه‬

‫َح َص‬
‫نيافة األنبا ابيفانيوس أسقف ورئيس دير أبو مقار‬
‫سبتمبر ‪ - 2013‬توت ‪ 18‬ش ‪27 1730‬‬

‫َعاِم ًال الُّصْل ِبَد ِم ِليِبِه‬


‫َح َص‬
‫«َش اِكِر يَن اآلَب ‪ ...‬اَّلِذ ي أْنَقَذ َنا ِم ْن ُس ْلَطاِن الُّظْلَم ِة َو َنَق َلَنا إَلى َم َلُك وِت اْبِن َمَح َّبِتِه‪َ ...‬ألَّنُه ِفيِه ُس َّر أْن َيِح َّل‬
‫ُك ُّل اْلِم ْل ِء ‪َ ،‬و َأْن ُيَص اِلَح ِبِه اْلُك َّل ِلَنْف ِس ِه‪َ ،‬ع اِم ًال الُّص ْلَح ِب َد ِم َص ِليِبِه‪ِ ،‬بَو اِس َطِتِه‪َ ،‬س َو اٌء َك اَن َم ا َعَلى اَألْر ِض أْم َم ا ِفي‬
‫الَّس َم اَو اِت » (كولوسي ‪.)20-12 :1‬‬
‫الصليب ه‪77‬و عالمة المصالحة العظمى‪ ،‬المصالحة ال‪77‬تي ق‪77‬ام به‪77‬ا اهلل‪ ،‬ليصالح البش‪77‬ر جميًع ا مع نفسه‪،‬‬
‫واإلنسان مع أخيه اإلنسان‪ ،‬بعد العداوة التي استمرت آالف السنين منذ بدء الخليقة‪ « :‬اِل ااِل ِن ِفي ٍد‬
‫َج َس‬ ‫َو ُيَص َح ْثَنْي‬
‫َو اِح ٍد َمَع اِهلل ِبالَّصِليِب ‪َ ،‬قاِتًال اْلَعَد اَو َة ِبِه» (أفسس ‪ .)16 :2‬وهكذا‪« :‬أَّمَن بدم صليبه ووَّح د وأَّلف السمائيين مع‬
‫األرضيين‪ ،‬والشعب (اليهودي) مع الشعوب (األمم)‪ ،‬والنفس مع الجسد» (صالة القسمة السريانية)‪.‬‬
‫فبموت الرب على الصليب تَّم ت المصالحة‪ ،‬وبحي‪7‬اة ال‪77‬رب اآلن وجلوس‪7‬ه عن يمين اآلب‪ ،‬يتُّم خالُص نا‪،‬‬
‫ألنه يحملنا في جسده‪َ« :‬ألَّنُه ِإْن ُك َّنا َو َنْح ُن َأْعَد اٌء َقْد ُصوِلْحَنا َمَع اِهلل ِبَمْو ِت اْبِنِه‪َ ،‬فِباَألْو َلى َك ِثيرًا َو َنْح ُن ُمَص اَلُح وَن‬
‫َنْخ ُلُص ِبَحَياِتِه‪َ .‬و َلْيَس َذِلَك َفَق ْط َبْل َنْف َتِخ ُر َأْيض‪ً7‬ا ِبالَّل ِه ِبَر ِّبَن ا َيُس وَع اْلَم ِس يِح اَّلِذ ي ِنْلَن ا ِب ِه اآلَن اْلُم َص اَلَح َة» (رومي‪7‬ة‬
‫‪.)11-10 :5‬‬
‫وما زال الصليب ه‪7‬و عالمة المصالحة بين المتخاصمين‪ ،‬ألن‪7‬ه عالمة البذل والمحبة‪ ،‬وكل مصالحة ال‬
‫تتم دون بذل ومحبة‪ ،‬مآله‪77 7‬ا إلى االنفصام‪َ « :‬أْنُت اَّل ِذ ي ُك ْنُت َقْبًال أْجَنِبِّيي َأْع َد ا ِفي اْلِف ْك ِر ‪ِ ،‬في اَألْع اِل‬
‫َم‬ ‫ًء‬ ‫َن َو‬ ‫َن ْم‬ ‫َو ُم‬
‫ٍم‬
‫الِّش ِّر يَر ِة‪َ ،‬قْد َص اَلَح ُك ُم اآلَن ِفي ِج ْس ِم َبَش ِر َّيِتِه ِباْلَمْو ِت ‪ُ ،‬يْح َر ُك ْم ِّدي يَن َو ِبَال َل ْو َو َال َش ْك َو ى أَم اَم ُه» (كولوس‪7‬ي‬
‫ِس‬ ‫ِق‬ ‫ِض‬ ‫ِل‬
‫‪.)22-21 :1‬‬
‫وما يزال الصليب أيًض ا وسيلة الَو حدة والمصالحة بين المؤمنين‪َ ،‬و حدة البذل والتواض‪7‬ع وقبول اآلخ‪7‬ر‪.‬‬
‫فتحت راية الصليب تتم الوحدة في الكنيسة‪ ،‬وبواسطته نصير من أه‪7‬ل بيت اهلل (أفسس ‪ .)19 :2‬يق‪77‬ول الق‪77‬ديس‬
‫كيرلس الكبير في شرحه على سفر إشعياء (‪:)13 :11‬‬
‫[إن راي‪77‬ة المسيح أي الصليب المكَّر م ق‪77‬د صار دافًع ا لجمي‪77‬ع ال‪77‬ذين على وج‪77‬ه األرض للسعي مًع ا نحو‬
‫وحدة اإليمان‪ ،‬والدخول به (بالصليب) في عالق‪7‬ة ُقْر بى مع اآلب الق‪7‬دوس‪ .‬وه‪7‬ذا يتض‪7‬ح مم‪7‬ا كتبه الق‪7‬ديس يوحنا‬
‫َأ َن ا الَّل ِه‬ ‫ِل‬ ‫ِة‬ ‫ِة‬ ‫ِم‬
‫اإلنجيلي أن (قيافا)‪َ ،‬سَبَق «وَتَنَّبَأ َأَّن َيُس وَع ُمْز ٌع َأْن َيُم وَت َعِن اُألَّم ‪َ ،‬و َلْيَس َعِن اُألَّم َفَق ْط‪َ ،‬ب ْل َيْج َم َع ْب َء‬
‫اْلُم َتَف ِّر ِقيَن ِإَلى َو اِح ٍد » (يوحنا ‪ 51 :11‬و‪ .)52‬فق ‪77‬د صار المسيح س ‪77‬المنا‪ ،‬ونقض كالمكتوب حائ ‪77‬ط السياج‬
‫المتوسط‪ ،‬وأبطل ن‪7‬اموس الوصايا في ف‪7‬رائض‪ ،‬وخلق الش‪7‬عبين إنساًنا واحًد ا جدي‪ً7‬د ا‪ ،‬وصالحهما كليهم‪7‬ا في نفسه‬
‫مع اهلل اآلب (أفسس ‪.])16-14 :2‬‬
‫لذلك يحق لنا أن ُنرِّنم مع القديس بولس الرسول قائلين‪َ« :‬و َأَّما ِم ْن ِج َه ِتي‪َ ،‬فَح اَش ا ِلي َأْن َأْفَتِخ َر ِإَّال‬
‫ِبَص ِليِب َر ِّبَنا َيُس وَع اْلَم ِس يِح ‪ ،‬اَّلِذ ي ِبِه َقْد ُصِلَب اْلَعاَلُم ِلي َو َأَنا ِلْلَعاَلِم » (غالطية ‪.)14 :6‬‬

You might also like