MTI2 MC5 KB 2 MH OTRi M2 Ni MWE1 ZDcy Y2 U3 ZM Yx NJ Ix MDBi ODU2 Yz Ji YWI

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 7

‫السيكودراما والمعالجة بالتمثيل المسرحي‬

‫زهير حميد علوان البياتي‬

‫)ايا‬
‫)ه من قض)‬
‫)ا يقدم)‬‫تعددت وظائف الفنون عامة والمسرح خاصة إزاء ما يطرحه من أفكار ومفاهيم وم)‬
‫فلسفية تخص ماهية الحياة‪ ،‬وكذلك ما يقدم من قضايا تقترب من حياة اإلنس))ان وهموم))ه وطموحات))ه‪.‬‬
‫)ذه عب)ارة‬
‫)ق على عملي)ة العالج ه)‬‫وألهميته هذه‪ ،‬وظف لعالج بعض األمراض النفسية خاص)ة‪ ،‬وأطل)‬
‫(السيكودراما) أو المعالجة بالتمثيل المسرحي‪.‬‬

‫تبلورت هذه الفكرة‪ ،‬فكرة العالج بالدراما أو المعالجة بالتمثيل المسرحي (السيكودراما) ع))ام ‪ 1920‬في‬
‫ذهن ج‪ .‬ل‪ .‬مورينو الطالب في كلية الطب في فيينا‪ .‬هذا الطالب شغف بالفنون المسرحية ونتيجة لش))غفه‬
‫)د أداء دوره‪،‬‬
‫)ة عن)‬
‫هذا‪ ،‬أخذ يحلم بإعادة المسرح إلى عفويته عن طريق منح الممثل أكبر قسط من الحري)‬
‫وذلك بوضع فكرة معينة ويترك للممثل بعد ذلك حرية معالجة وتجسيد هذه الفكرة[‪ .]1‬وعادة م))ا ينض))م‬
‫الممثل الذي يقوم بتجسيد هذه الفكرة إلى فرقة مسرحية تعنى بهذا النوع من العروض المسرحية‪ ،‬وه))ذه‬
‫الفرقة تعمل تحت اشراف شخص يكلف بإدارتها‪ .‬وغالبا ما يكون هو المؤلف والمخرج والمتابع لش))ؤون‬
‫)رحية‬‫)وع المس)‬‫الممثلين‪ ،‬وال تكتمل مثل هذه العروض اال باستدعاء جمهور غير تقليدي يساهم في موض)‬
‫)وع‬‫)ول الموض)‬ ‫)ادل اآلراء ح)‬
‫)ذلك تب)‬
‫التي تعرض أمامه من خالل طرح االسئلة على مقدمي العرض‪ ،‬وك)‬
‫الرئيس للمسرحية‪ ،‬والتنوع وتعدد الشخصيات في العرض المسرحي الواحد يضطر الممثل إلى تجسيد هذه‬
‫الشخصيات في سبيل ايصال فكرة المسرحية إلى المتلقي الذي هو غالبا ما يش))ارك فري))ق الع))رض في‬
‫النقاش حول فكرة العرض المسرحي‪ ،‬كما ذكرنا‪.‬‬

‫)ة‪،‬‬
‫)ة معين)‬‫وبقدر ما كانت هذه العروض المسرحية ال تمتلك شروط نجاحها بسبب عدم التزام الممثل بحرك)‬
‫)ا‬
‫)اني منه)‬‫وكذلك بسبب الطرح المباشر للموضوع‪ ،‬فإنها لفتت أنظار المعنيين إلى جوهر المشكلة التي يع)‬
‫الممثل في حياته العامة‪ ،‬وتشخيص بعض األمراض النفسية‪ ،‬وعالج المرضى ال))ذين أغلبهم من الممثلين‬
‫المشتركين في مثل هذا النوع من العروض‪.‬‬

‫وبتكرار هذه العروض التي تبناها ج‪ .‬ل‪ .‬مورينو‪ ،‬المار ذكره انبثقت فكرة العالج عن طريق الدراما ال))تي‬
‫أخذها األطباء النفسانيون بنظر االعتبار بحيث وضعوا لها أسس)ا خاص)ة به)ا ومرتك)زات‪ ،‬وأهم ه)ذه‬
‫المرتكزات هي‪ :‬اطالق الحرية للعواطف الجياشة التي لتجد متنفسا في الحياة االعتيادية‪ ،‬تجد لها متنفس))ا‬
‫عن طريق التمثيل المرتجل‪ ،‬باالستمرار في هذه العملية يتخلص الممثل من جميع العقد التي يعاني منه))ا‪.‬‬
‫وباستمرار مشاركته‪ ،‬في مثل هكذا عروض فإنه بالضرورة وبالتدريج سيصبح إنسانا يعيش بشكل م))تزن‬
‫في البيئة التي يعيش فيها‪.‬‬

‫)تدعى‬‫وقد نظمت طريقة عالجية من قبل مورينو وتبلورت على الشكل التالي‪ :‬في قاعة جدرانها عارية يس)‬
‫فيها األشخاص الذين يتقدمون للمعالجة إلى استرجاع أو استعادة الفترات الصاخبة والمرهقة في حي))اتهم‬
‫الخاصة وإظهار ذكرياتهم وإثارة عقدهم بشكل يجعلهم يتخلصون تدريجيا من أمراضهم النفسية‪ ،‬بع))د أن‬
‫)ذي‬‫كانت هذه العقد حبيسة دواخلهم‪ ،‬ولكي يؤدي الممثل دوره بشكل عفوي يسمح له باختيار الموضوع ال)‬
‫يريد أن يعبر عنه بأدائه التمثيلي[‪.]2‬‬

‫يؤكد مورينو أن طريقته تؤثر بتوسيع مساحة العفوية‪ ،‬وهي عامل سايكولوجي طبيعي يكاد المرء أن يفقده‬
‫بسبب الشد النفسي والضغوط والمتطلبات الكثيرة والمعقدة في المجتمع‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس قام في فرنسا محللون نفسانيون بتطبيق طرق مختلفة قليال للعبة المسرحية تترك له))ا‬
‫حرية أوسع‪ ،‬والموضوع ُيهيأ مسبقا‪ ،‬والسيناريو يوضع أثناء المحاوالت المرتجلة بين المرضى في ب))دء‬
‫الجلسات ويقوم كل شخص مشترك في العملية المساهمة وفق اتجاهاته الفردية‪ ،‬وفي هذه األثن))اء يع))دل‬
‫ويثبت الموضوع الرئيس المتعلق به‪ .‬وقد تبرز حاالت غير متوقعة تعترض فكرة الموضوع الرئيس‪.‬‬

‫وعلى الشخص الذي يشرف على هذه العملية أن يركز على ضرورة وجود حالة مثيرة وكذلك تجنب التنقل‬
‫ومحاولة ايقاف المريض عند عرض حالته مما يهدد بإبعاده عن العفوية‪ ،‬ولضمان استمرارية هذه اللعب))ة‬
‫المسرحية التي تعالج العقد النفسية يفضل أن يتواجد طبيبان نفسيان أحدهما رجل واآلخ)ر ام)رأة بش)كل‬
‫يتمثل أمام المريض التعاطف األبوي ليعود به إلى مراحل طفولته وانبثاقه العاطفي عندما بدأت العقد ال))تي‬
‫هيمنت عليه تظهر ولم يستطع الفكاك منها‪ .‬إن الجلسات من هذا النوع تمنح المريض فرصة تشخيص هذه‬
‫العقد للتغلب عليها والتخلص منها تدريجيا‪.‬‬

‫إن حالة التحويل والنقل المعروفة في التحليل النفسي والتي تتألف من ظهور عالقات تع))اطف أب))وي بين‬
‫)ة‬
‫)ة كعالق)‬ ‫)ون إيجابي)‬
‫المحلل والمعالج‪ ،‬وبين المصاب تظهر في العالج الدرامي بشكل خاص يمكن أن تك)‬
‫اعجاب واحترام يشعر بها المريض إزاء معالجه‪ .‬أو سلبية عندما يقف المريض موقفا معاكسا من طبيبه‪.‬‬
‫وكذلك يتم التحويل والنقل بين مريض وآخر‪ ،‬وهكذا يكشف كل واحد منهم لآلخر ويش))اركون في تك))وين‬
‫)دماج‬‫اللعبة‪ ،‬وقد تمر حاالت يقطع فيها انسياب طريقة المعالجة مردها مقاومة المرضى أنفسهم وعدم االن)‬
‫)دفق‬‫)ياب الت)‬
‫)دم انس)‬‫في اللعبة المسرحية‪ ،‬فمنهم من يرفض الشفاء أحيانا‪ .‬إن هذه المقاومة تصل إلى ع)‬
‫العاطفي وتصاعد ايقاعه وصوال إلى النتيجة المرجوة‪.‬‬

‫وهنا ال بد للمدرب المعالج من استغالل سلطته الضرورية للحيلولة دون االخف))اق ووص))ول اللعب))ة إلى‬
‫نهايتها‪ .‬لذلك يتوجب أن تستمر الجلسات بمعدل جلسة في كل أسبوع لبضعة أشهر وص))وال إلى تص))فية‬
‫حقيقية للمشاكل‪.‬‬

‫إن المعالجة الدرامية بوسائلها المتنوعة تشكل عالجا قيما حتى لبعض األمراض العقلية الحادة‪ .‬لكنها تؤثر‬
‫بشكل أفضل في حاالت الناس المنطوين عن الحياة االجتماعية‪ ،‬فكثيرون أولئك الذي تكون عالقاتهم بالغير‬
‫مشوشة بسبب مرورهم بأحداث سيئة‪ ،‬فهم بالتالي يكونون شبه أسرى لعاداتهم السلبية ه))ذه‪ ،‬فت))دريبهم‬
‫على العفوية في التمثيل المسرحي يمكنهم من التخلي عن شخص)ياتهم المزيف)ة والع)ودة إلى العالق)ات‬
‫االجتماعية الطبيعية‪ .‬وهنا تأتي أهمية استخدام السايكودراما في معالجة التالميذ الذين يعانون من مشاكل‬
‫نفسية مثل التردد والقلق والخجل وغيرها من المشاكل النفسية‪ ،‬وألهميتها هذه ُط بق على كثير من ال))ذين‬
‫يعانون من هذه الحاالت وخرجوا بنتائج جيدة‪ .‬وهذا يحيلنا إلى االنشطة المدرسية والمس))رح المدرس))ي‬
‫بالذات وأهميته في عالج مثل هكذا أمراض باإلضافة إلى ما يحقق))ه من أغ))راض أخ))رى خارج))ة عن‬
‫موضوعنا هذا‪.‬‬

‫باإلضافة إلى السيكودراما تجدر اإلشارة هنا إلى أن هناك عالجا آخر أطلق عليه العالج بالدراما‪ .‬وقد تبدو‬
‫)رى‬‫)ابه وأخ)‬ ‫)ل للتش)‬‫)د عوام)‬ ‫ألول وهلة أن وسائل الوصول إلى الهدف متشابهة‪ ،‬لكنه في الحقيقة توج)‬
‫لالختالف‪ ،‬وإن أكثر الجوانب تشابها بين العالج بالدراما والسيكودراما يتركز حول دور الدراما في أسلوب‬
‫كل منهما[‪.]3‬‬

‫ما الفرق بين العالج بالدراما ‪ Dramatherapy‬والعالج بالسيكودراما ‪Psychodrama‬؟‬

‫)ر‬‫)ادئ األم)‬
‫)يران في ب)‬ ‫سؤال يدور كثيرا في ذهن من يحاول العمل في أي من المجالين‪ ،‬حيث أنهما قد يث)‬
‫)ذا‬
‫)ل ه)‬ ‫االضطراب والتشويش الفكري تجاههما‪ ،‬ذلك أن هناك عناصر مشتركة بينهما‪ ،‬هي التي قد تثير ك)‬
‫االضطراب نحو اختالفهما أو تشابههما‪ .‬ويفضل لدراسة عوامل االختالف والتشابه أن نبدأ بتلك األس))س‬
‫الدرامية المشتركة بين العالج بالدراما والسيكودراما في محاولة لنعرف مصدر التشابه بينهم))ا قب))ل أن‬
‫نتعرض لالختالفات‪.‬‬

‫عوامل التشابه‪:‬‬
‫إن أكثر الجوانب تشابها بين العالج بالدراما والعالج بالسيكودراما يتركز حول دور الدراما في أسلوب كل‬
‫منهما كما مر ذكره‪ ،‬فلو نظرنا إلى تعريف العالج بالدراما كما وصفته الجمعية البريطانية للعالج ال))درامي‬
‫فإن التعريف يؤكد على أن العالج بالدراما هو استخدام ذو هدف لكل من الدراما والمسرح‪ ،‬وما يرتبط بهما‬
‫من تقنيات من أجل تحقيق أهداف عالجية تؤدي إلى ازاحة االعراض النفسية واالجتماعية وخلق تكامل في‬
‫)س‬ ‫)و مؤس)‬ ‫)د أن ج‪ .‬ل‪ .‬مورين)‬ ‫النمو االنفعالي والفيزيقي والشخصي‪ ،‬أما بالنسبة إلى السيكودراما‪ ،‬فنج)‬
‫السيكودراما كما مر ذكره يصفها بأنها أسلوب علمي يكتشف الحقيقة بأساليب درامية‪ ،‬وإن هذا األس))لوب‬
‫)ابقين‬‫يرتبط ويتعامل مع العالقات الشخصية الداخلية والعوالم الخاصة للمرضى[‪ ،]4‬ومن التعريفين الس)‬
‫نالحظ ارتباط كل من االسلوبين بالدراما‪ ،‬وكل من يشارك في اجراءات العالج بالدراما أو بالسايكودراما ال‬
‫بد أن يتوقع وجود عناصر من المصطلحات الدرامية ‪ Dramatic Idioms‬أثناء الممارسة بجانب ما‬
‫)يز‬‫)كلها المم)‬
‫يمكن استخدامه من العناصر الدرامية اإلبداعية التي تساعد على اكساب العملية العالجية ش)‬
‫ودوافعها‪ ،‬والتي يستخدم فيها كل من المعالج والمريض تلك المنابع الداخلية اإلبداعية في العملية العالجية‬
‫التي تعتمد على االندماج في أداء الفعل الدرامي والواقع الدرامي الذي يعتبر جزءا من الفعل الذي يبدع))ه‬
‫)ل‬‫)دماج في الفع)‬ ‫)ات األداء‪ ،‬واالن)‬
‫ويشارك في تجسيده المريض‪ .‬وذلك ان كال من األسلوبين يفيد مع تقني)‬
‫الدرامي‪ ،‬بخالف ما يتم في العالج النفسي الفرويدي والذي يعتمد على التواصل اللفظي دون أي فعل‪.‬‬

‫ويمكن تلخيص ما تقوم به الدراما والجسد أو التعبير الدرامي من خالل الجسد بعد‪:‬‬

‫‪ -‬الفراغ المسرحي‪.‬‬

‫‪ -‬الدراما والحلم‬

‫‪ -‬الدراما والدور‬

‫)توى‬‫)بر من خالل مس)‬ ‫)ان يع)‬‫الدراما والجسد‪ :‬عندما يعبر اإلنسان عن الفعل الدرامي بالحركة فإنه وإن ك)‬
‫فيزيقي فإن التعبير الفيزيقي ينشأ من خالل حركة الجسد ينشأ نتيجة لقوة كبيرة من العالم الداخلي للف))رد‪.‬‬
‫فهناك ارتباط وثيق بين الجسد واألحاسيس واالنفعاالت والحالة العقلية والتعبير الفيزيقي‪ ،‬هنا يكون مدخال‬
‫سهال للتعرف على االنفعاالت والعالم الداخلي للفرد‪.‬‬

‫والعالقة بين الجسد والحالة النفسية تشكل ركنا هاما في تدريب وأداء الممثلين الذين يتعلمون كيفية تحقيق‬
‫المرونة الفيزيقية والصوتية حتى يكون أداؤهم الدرامي ذا تأثير كبير‪ ،‬وبدون هذه المه))ارات والت))دريب‬
‫عليها تظل قدرات الممثل التعبيرية محدودة‪ .‬وقد ينتهي به األمر بأن يعبر في كل دور عن شخصيته ه))و‪،‬‬
‫وهذا بالضبط ما يتم مع المريض الذي ال بد له من المشاركة الجسدية في األداء من خالل التعبير الكامل في‬
‫المواقف التي اعتمدها وتجاوزها دون أن يقوم بالتعبير في أدوار جديدة وبديلة ألداء تعبيراته الذاتية‪.‬‬

‫هناك أيضا ارتباط ما بين الجسد والالشعور‪ ،‬وقد وصفته عالمة النفس ‪ Joyco McDougel‬في كتاب‬
‫)ها‬‫عنوانه (مسرح الجسد) ‪ 1989‬حيث قالت‪" :‬إن االعراض أو المظاهر الجسدية (الفيزيقية) تعكس نفس)‬
‫باعتبارها تواصال مع اآلالم الداخلية‪ ،‬والشيء نفسه في السايكودراما"[‪ .]5‬فبعض األعراض الفيزيقي)))ة‬
‫)ذاكرة‬
‫التي تظهر في ممارسة السايكودراما من خالل الفعل قد تكون المدخل لسلسة من الدالالت التي في ال)‬
‫التي تشير إلى أسباب االضطرابات التي يصادفها منها المريض‪ ،‬وهذا ما لم يتم في كل من العالج بالدراما‬
‫والعالج بالسايكودراما حيث يعمالن من خالل الخبرات والممارسات الفيزيقية على تصعيد االنفعاالت وخبايا‬
‫الالشعور إلى المسرح العالجي‪.‬‬

‫استخدام الفراغ في المسرح والعالج‪:‬‬

‫إن الفراغ والمساحة العالجية تقرن بشكل أو بآخر بالفراغ (خشبة المسرح) أو يقصد به ذل))ك الف))راغ أو‬
‫المساحة التي يمكن خاللها تقبل الوهم ‪ Illusion‬التمثيل حيث تجسد الخبرات المختلفة عن طري))ق األداء‬
‫)اره‬
‫في أبعاد ثالثة‪ ،‬وعندما نذهب إلى المسرح نتقبل راضين الفعل الذي نشاهده على خشبة المسرح باعتب)‬
‫واقعا خاصا مختلفا عن واقع ذات الفعل في الحقيقة‪ ،‬وقد وصف الناقد االنكليزي (كولريدج) هذه العملي))ة‬
‫بوصفها إرجاء مؤقت للشك[‪ .]6‬فعندما تخفت اإلضاءة عند بدء العرض فإن المشاهدين يتقبلون ال))دعوة‬
‫إلرجاء الشك بنفس الطريقة التي يلجأ إليها الطفل عندما يسمع "كان يا ما كان في سالف العص))ر واألوان"‬
‫أو دعنا نتوهم‪ ،‬خاصة لو علمنا أن كلمة مسرحية ‪ play‬تستخدم لإلش)ارة لك)ل من اإلنت)اج المس)رحي‬
‫واألنشطة اإلبداعية ذات الخصائص الدرامية‪ ،‬أو اإليهامية التي يقوم بها األطفال‪.‬‬

‫)ال‬
‫)ذاكرة والخي)‬
‫)والم ال)‬
‫)تخدام ع)‬‫)دفعون الس)‬ ‫في سياق العالج بالدراما أو السايكودراما‪ ،‬فإن المرضى ي)‬
‫)تي‬
‫)ان ال)‬
‫واألساطير في العالج‪ ،‬ويحاولون تجسيد أشياء عديدة من خالل الطفل‪ ،‬كل هذا وتحت مظلة األم)‬
‫)ثر‬
‫)ة أك)‬
‫تحققها األساليب العالجية‪ ،‬وفي وجود الفراغ الدرامي يسمح لهم سياق التوهم التمثيلي هنا بحري)‬
‫للتعبير والتفسير‪.‬‬

‫ويمكن تفسير الكيفية الخاصة التي ينقل بها الواقع على خشبة المسرح أو في الس))ايكودراما أو في العالج‬
‫بالدراما بتفسير مشتق عن االنثروبولوجيا وطقوس العبور‪ ،‬وهو تعبير عن االنتقال الموجود بين مرحل))ة‬
‫وأخرى في حياة الفرد‪ .‬هناك أيضا مفهوم آخر يرتبط بهذه الظاهرة مشتق من كتاب))ات‪Transitional :‬‬
‫‪ Space, D. W. Winch‬وهو ما ُيعرف (بالمظاهرات المعبرية أو المساحة المعبرية) أو (الفراغ‬
‫)ع‬
‫)داخلي والواق)‬ ‫)ع ال)‬‫االنتقالي) وهو الفراغ الذي يتم فيه األداء التمثيلي‪ ،‬وهو فراغ يتوسط ما بين الواق)‬
‫الخارجي للطفل‪ ،‬وهو يلعب دورا كبيرا بالنسبة إلى الطفل وموضوعاته االنتقالية والتي تكون عادة "دميته‬
‫اللعبة" والتي تسمح بوجودها على مستوى واقعي إلى حد ما بين "أنا" ولست "أنا" فتضع جسرا بين الذاتية‬
‫والموضوعية[‪.]7‬‬

‫)ه‬
‫)ه دالالت)‬
‫)وع داخلي ل)‬ ‫فالموضوع موجود في العالم الخارجي بشكل عياني لكنه ينتقل ويتحول إلى موض)‬
‫ورموزه المرتبطة بالعالم الداخلي للطفل‪ .‬وهذه الكيفية تمثل قوة تحول وانتقال تطوري‪ ،‬نفس الشيء يوجد‬
‫)داخلي‬‫في كل من العالج بالدراما والسايكودراما‪ ،‬فهناك فراغ عالجي وانتقالي يعمل كجسر بين العالمين ال)‬
‫والخارجي ويرتبط بقوة بما يعرف بالمجاز الدرامي وبخبرة التمثيل والموافق))ة على أن التمثي))ل يمكن أن‬
‫يساعد على من يدون االيضاح ويغير من البالغ كما يغير اللعب من الطفل‪.‬‬

‫الدراما والحلم‪:‬‬

‫من خالل خبرات األحالم‪ ،‬أصبحت دراما العالم الداخلي مألوفة لنا‪ ،‬ال تخاطبنا عن طري))ق الكلم))ات‪ ،‬ب))ل‬
‫)ع‬‫)ة والموق)‬
‫)ة كالقص)‬ ‫)ر الدرامي)‬
‫تتواصل من خالل انطباع درامي أيضا‪ ،‬ففي الحلم نجد عديدا من العناص)‬
‫والحبكة والمشاهد وتغير المشاهد والخالفات الخاصة‪ ،‬والشخصيات‪ ،‬والحوار‪ ،‬وتشارك كل تلك العناص))ر‬
‫في التعبير عن معاني الحلم وحتى في أحالم اليقظة التي هي أكثر قربا للعقل الواعي‪ ،‬فإن النفس تلج))أ إلى‬
‫)ا‪.‬‬
‫)ا جميع)‬‫)ألوف لن)‬‫الحوار الدرامي‪ ،‬والخيال لتفسير ديناميات الصراع‪ ،‬هذه العملية تتم بشكل طبيعي وم)‬
‫لنفس العناصر يلجأ المعالج بالسيكودراما لتفسير الجوانب الشعورية والالشعورية على السواء‪ ،‬فالقصص‬
‫ذات الجذور الخيالية التي ترتبط بالذاكرة يمكن استخدامها لتشارك في الدراما‪ ،‬وان كان كل من األسلوبين‬
‫)ل منهم)ا‬‫يعتمد على الدراما كوسيلة للتواصل واكتشاف االهتمامات الداخلية للفرد إال أن األس)لوب في ك)‬
‫مختلف‪.‬‬

‫الدراما والدور‪:‬‬

‫)كل‬
‫)ه الش)‬‫)دور بأن)‬
‫يأخذ مفهوم الدور مكانا هاما في العالج بالدراما والسايكودراما‪ .‬وقد عرف مورينو ال)‬
‫الفعلي والملموس الذي تتخذه النفس‪ ،‬اوبأنه الشكل الوظيفي الذي يتحكم في سلوك الفرد في لحظة معينة‬
‫حين يتفاعل مع موقف معين يتضمن أشخاصا وموضوعات أخرى‪.‬‬

‫ومفهوم الدور هو مفهوم درامي أصال‪ ،‬وقد طبقه مورينو على أفعال الحياة منذ لحظة الميالد‪ .‬وقد ص))نف‬
‫األدوار إلى األدوار السيكوسوماتية‪ :‬وهي التي ترتبط باألسلوب الذي يؤدي به الفرد على مستوى فيزيقي‬
‫واألدوار األجتماعية‪ :‬وهي التي تصف الفرد في عالقاته االجتماعية مع اآلخرين‪.‬‬
‫واألدوار السيكودرامية‪ :‬هي التي توجد كصور خياالت داخلية في عالقاتها باآلخرين‪ ،‬وهي ال))تي تص))يغ‬
‫تفاعالتنا الحقيقية أو تبعا لسياق أو لخصوصيات معينة‪ ،‬أو تبعا لبعض عادات الفرد‪.‬‬

‫)د‬
‫)ا إن بعض األدوار ق)‬ ‫)وا‪ :‬كم)‬ ‫كما إن بعض األدوار قد تميل إلى التطور على حساب أدوار أخرى‪ ،‬أقل نم)‬
‫تصبح ثابتة‪ ،‬وقد تخوننا في بعض المواقف وفي مواقف أخرى قد تكون غير موظفة وتسبب المشاكل‪ ،‬كل‬
‫هذا يمكن مصادفته خالل العالج بالدراما أو السيكودراما‪ ،‬كما يمكن تش))خيص العدي))د من األدوار غ))ير‬
‫)ار من‬ ‫المألوفة خارج أو داخل الفراغ العالجي‪ ،‬وتطور الدوار وتكرارها يكون أمام الفرد الحرية في االختي)‬
‫بينها في كل لحظة‪ ،‬وهنا يأتي دور التلقائية في اختيار الدور‪ ،‬والتي تش))كل مفتاح))ا أساس))يا في العالج‬
‫بالسيكودراما‪ .‬والتلقائية ‪ Spontaneity‬مشتقة من اللفظ الالتيني ‪ Sponte‬وتعني الحرية التامة ‪Free‬‬
‫‪ Will‬وال يعني الفعل التلقائي الفعل خارج الضبط (التحكم) أو الذي يفتقر إلى الحدود المناسبة‪ .‬إنها القوة‬
‫التي تدفع الرد تجاه االستجابة المناسبة لموقف قديم‪ .‬وتعرف السيكودراما نفسها وتحديدا بتطور التلقائية‬
‫)ية بين‬‫)ابه األساس)‬ ‫بهذا المفهوم‪ ،‬وهو المفهوم المحوري في العالج بالدراما أيضا‪ .‬هذه بعض أوجه التش)‬
‫األسلوبين‪ ،‬وسوف نحاول النظر إلى االختالف بينهما‪.‬‬

‫االختالفات‪:‬‬

‫هناك نقطتان أساسيتان لفهم االختالف بين العالج بالدراما والسيكودراما؛ األول‪ :‬الذي يتخذه ك))ل منهم))ا‬
‫)يكودراما‬
‫)ل الس)‬‫)ة داخ)‬
‫كعالج جماعي‪ ،‬وخصوصية‪ ،‬وبناء‪ ،‬وتقنيات العالج‪ ،‬والثاني‪ ،‬المحاوالت العالجي)‬
‫ومقارنتها بالمدى الواسع الرحب للعالج بالدراما‪.‬‬

‫العالج بالدراما والسيكودراما كعالج جماعي‪:‬‬

‫يعتبر البطل هو محور العالج الجماعي داخل الجماعة في السيكودراما‪ ،‬وبمجرد أن يتم تحديد هذا الشخص‬
‫الذي يعرف بـ ‪ Protagonist‬يقوم بتوزيع األدوار الثانوية على المجموعة والذين تكون أدوارهم إلى حد‬
‫كبير انعكاسا لعالم البطل الداخلي[‪ .]8‬أما في العالج بالدراما‪ ،‬وان كان التركيز قد يكون على فرد واح))د‬
‫طول الفترة المخصصة للعالج‪ ،‬لكن يفضل في أكثر األحيان أن يوزع التركيز بحرية حول كل المجموع))ة‪.‬‬
‫)ياق الجمعي‬
‫)وم الس)‬ ‫هذا االختالف يمكن فهمه بشكل أكثر وضوحا لو حاولنا أن نفهم أوال المقصود بمفه)‬
‫‪ Group Matrix‬ويقصد به الحالة التي تكون عليها الجماعة‪.‬‬

‫وهذا المفهوم الذي وضعه ‪ S. H. Faulks‬في سياق التحليل النفسي للجماعة قد ييسر توضيح االختالف‪.‬‬
‫يقول ‪" Faulks‬نعني بلفظة ‪ Matrix‬للسياق‪ -‬الحالة" شبكة العالقات النفسية والتي تش))كل الخاص))ية‬
‫العقلية المميزة للجماعة وليس بين أفرادها فقط‪ ،‬ولكن تميز األفراد‪ .‬وكلما تطورت الحالة إلى ش))بكة من‬
‫العالقات األكثر تدخال‪ ،‬تطور من جهة أخرى تحديد األفراد ألنفسهم ودخولهم عالقات أك))ثر دينامي))ة‪ :‬في‬
‫)ا‬
‫)رة‪, .‬أي)‬
‫التحليل النفسي الجمعي تغرق الحالة النفسية داخل الجماعة من خالل المناقشات المتنوعة والح)‬
‫كان شكل التواصل داخل الجماعة‪ ،‬فإنه يشكل صدى ينعكس على كل أفراد الجماعة متضمنا قائ))دها ‪The‬‬
‫‪ Group Conductor‬وتصبح األفكار أكثر وضوحا وفعالية من خالل التواصل اللفظي[‪.]9‬‬

‫يوجد هذا السياق أو الحالة حيث يوجد االهتمام العام للجماعة في أية لحظة سواء أكانت جماع))ة تحلي))ل‬
‫نفسي أم جماعة العالج بالدراما أو السايكودراما‪.‬‬

‫فأفراد الجماعة ترتبط وتبدع سياقها من خالل تواجدها في لحظة آنية اعتمادا على مفردات من مواقف من‬
‫الظروف الماضية أو األدوار العادية‪.‬‬

‫)ة‬
‫وفي سياق العالج بالدراما يقترح المعالج هذه المواقف وترتيب الجماعة بها‪ ،‬ومن خالل ذلك تفجر الحال)‬
‫بواسطة تفاعل كل األفراد‪.‬‬
‫أما في السيكودراما فيجب ان ُيستثار اهتمام الجماعة عن طريق المواقف والموضوعات ال))تي يختاره))ا‬
‫البطل أو الشخصية الرئيسية والتي تجذب إليها اهتمامات الجماعة ككل‪.‬‬

‫‪ -2‬تركيب وبناء التقنيات‪ :‬إن االختالف الرئيس في التقنيات بين العالج بالدراما والسيكودراما ينب))ع من‬
‫الحقيقة التاريخية أن السيكودراما صدرت عن رجل واحد هو مروينو ‪ Moreno‬مع بعض التطورات التي‬
‫)ا هي‪ ،‬وإن‬‫قامت بها زوجته ‪ Zerka Moreno‬لذلك فإن السيكودراما الكالسيكية ما زالت مستمرة كم)‬
‫أقيمت مرجعا رئيسا لعديد من التنويعات مثل السيكودراما االستراتيجية والسيكودراما التحليلية‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫)ة‬‫)د الدرامي)‬
‫)ير من التقالي)‬
‫)ف لكث)‬
‫)تخدام والتوظي)‬ ‫أما العالج بالدراما الماقبل فقد يعود إلى تنويعات االس)‬
‫والمسرحية‪ ،‬مثل الطقوس‪ ،‬ورواية القصة‪ ،‬وكذلك اللعب الدرامي‪ ،‬وأعمال عدة من تدريبات الممثل تبع))ا‬
‫)بيق ومن ثم في‬‫لنظرة المدارس والمناهج المتبعة‪ ،‬األمر الذي يكسب العالج بالدراما تنوعا وثراء في التط)‬
‫تحقيق أهدافه‪ ،‬بمعنى أنه وان كانت السيكودراما محدودة في تقنياتها فالعالج بال))دراما أرحب وأك))ثر في‬
‫وسائله‪.‬‬

‫ولألهمية الكبيرة لمثل هكذا مواضيع فإننا من الضروري أن نأخذها مأخذ الجد‪ ،‬لعالج الكثير من المش))اكل‬
‫)تي‬‫)ائكة ال)‬
‫)دة والش)‬
‫النفسية التي يعاني منها الكثير من التالميذ والطالب‪ ،‬وخاصة في هذه المرحلة المعق)‬
‫)وع‬‫نعيشها‪ .‬وهنا تتحمل وزارة التربية مسؤولية كبيرة إزاء هذا الواقع‪ ،‬فما عليها إال أن تأخذ هذا الموض)‬
‫بنظر االعتبار وذلك باهتمامها باالنشطة المدرسية‪ ،‬والمسرح المدرسي خاصة[‪ ]10‬وان نحث الكث))ير من‬
‫)ال‬‫)ا يخص المج)‬ ‫)ة فيم)‬
‫مديرات ومدراء المدارس‪ ،‬من الذين ال زالت أفكارهم ال تالمس التطورات الحديث)‬
‫التربوي بصورة عامة‪ ،‬ان نحث هؤالء على التوجه إلى مثل هذه األنشطة التي هي رديف وجزء ال يتج))زأ‬
‫من العملية التربوية‪.‬‬

‫‪....................‬‬
‫(*) مدرس مساعد معهد الفنون الجميلة‪ -‬بغداد ‪/‬قسم الفنون المسرحية‬

‫‪ :‬الهوامش‬
‫‪..................‬‬

‫[‪ ]1‬لالستزادة‪ ،‬ينظر‪ :‬موضوع السيكودراما‪ ،‬مجلة طبيبك‪ ،‬العدد ‪ 169‬لسنة ‪ ،1970‬ص‪.58‬‬

‫[‪ ]2‬ينظر‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬مجلة طبيبك‪ ،‬العدد ‪ ،169‬صفحة ‪.62‬‬

‫[‪ ]3‬لالستزادة ينظر‪ :‬كمال الدين حسين‪ ،‬مدخل في العالج بالدراما‪ ،‬مجلة الطفولة والتنمية‪ ،‬المجلس العربي للطفولة والتنمية‪،‬‬
‫العدد‪ ،6 :‬مجلد صيف ‪ ،2002‬ص‪.31‬‬

‫[‪ ]4‬لالستزادة ينظر‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬كمال الدين حسين‪ ،‬مدخل في العالج بالدراما‪ ،‬ص‪.32‬‬

‫[‪ ]5‬ينظر‪ :‬كمال الدين حسين‪ ،‬مدخل في العالج بالدراما‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.34‬‬

‫[‪ ]6‬لالستزادة‪ ،‬ينظر‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬كمال الدين حسين‪ ،‬مدخل في العالج بالدراما‪ ،‬ص‪.36‬‬

‫[‪ ]7‬ينظر‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬كمال الدين حسين‪ ،‬مدخل بالعالج بالدراما‪ ،‬ص‪.37‬‬

‫[‪ ]8‬ينظر‪ :‬المصدر السابق‪ :‬كمال الدين حسين‪ ،‬مدخل في العالج بالدراما‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫[‪ ]9‬ينظر‪ :‬المصدر السابق‪ :‬كمال الدين حسين‪ ،‬مدخل في العالج بالدراما‪ ،‬ص ‪.38‬‬

‫[‪ ]10‬لالستفادة‪ :‬يحيل صاحب هذا البحث أنظار المعنيين في وزارة التربية إلى رسالة الماجستير المعنونة (التمثيل بين العفوية‬
‫والمبالغة في عروض المسرح المدرسي في العراق – دراسة تحليلية) للباحث زهير حميد علوان البياتي‪ ،‬وهذه الرسالة‬
‫موجودة في مكتبة كلية الفنون الجميلة‪ -‬بغداد‪.‬‬

You might also like