Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 11

‫‪:‬محتويات العرض‬

‫مقدمة‪3......................................................................................................................:‬‬

‫المحور األول ‪:‬تعريف الجَدل‪3............................................................................................‬‬

‫المحور الثاني‪:‬آداب الجدل ‪4..............................................................................................‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬أركان الجدل‪7............................................................................................‬‬

‫خاتمة‪11......................................................................................................................‬‬

‫‪2‬‬
‫‪:‬مقدمة‬
‫الكتاب الذي بين أيدينا هو عبارة عن تحقيق قام به فولفهارتهاينريشسلكتاب "علم الجدل في علم‬
‫الجدل" لنجم الدين الطوفي الحنبلي‪ ،‬و هو يعتبر من الكتب القليلة التي طبعت في ميدان الجدل‪ ،‬و تكمن‬
‫أهميتهالكبرى في كونه يهدف إلى استئناف البحث في مقاالت الدين و علومه على أساس الق‪88‬رآن‪ ،‬حيث أن‬
‫القسم الرئيسي من هذا الكت‪88‬اب و ه‪88‬و الب‪88‬اب الخ‪88‬امس يش‪88‬تمل على إثب‪88‬ات جمي‪88‬ع المن‪88‬اظرات الموج‪88‬ودة في‬
‫القرآن و شرحها بالمصطلحات الجدلية‪ ،‬و معنى ذلك ‪ -‬على ما يظهر ‪ -‬هو االس‪88‬تدالل من المث‪88‬ال الق‪88‬رآني‬
‫على جواز الجدل و تحليله‪.‬‬

‫بخصوص هذا العرض فهو يشمل م‪8‬ا ج‪8‬اء في الب‪8‬اب الث‪8‬اني و الب‪8‬اب الث‪8‬الث من ه‪8‬ذا الكت‪8‬اب‪ .‬و‬
‫عليهسنقتصر على التطرق آلداب و أركان الجدل‪ ،‬حيث تم تخصيص المحور األول للتعريف بالج‪88‬دل‪ ،‬في‬
‫حين أن المحور الثاني تم تخصيصه للح‪88‬ديث عن آداب الج‪88‬دل و أخ‪88‬يرا خِّص ص المح‪88‬ور الث‪88‬الث لع‪88‬رض‬
‫أركان الجدل‪.‬‬

‫المحور األول ‪:‬تعريف الجَد ل‬

‫يمكن اشتقاق الجْد ل بسكون الدال و هو الشُّد ‪ /‬و اإلحكام يقال جدلت الحبل أجدله جدال كتص‪88‬ريف‬
‫فتلته أفتله فتال إذا فتلته فتال شديدا محكما‪ ،‬و منه جارية مجدولة الخلق أي محكمة البني‪88‬ة و األج‪88‬دل الص‪88‬قر‬
‫الشتداد خلقته و قوته في نفسه‪ ،‬و ال شك أن في الجدل معنى الش‪88‬د و اإلحك‪88‬ام ألن كال من الخص‪88‬مين يش‪88‬تد‬
‫على خصمه و يضايقه بالحجة التي اجتهد في إحكامها‪.‬‬

‫و يمكن اشتقاقه من الجدال‪88‬ة – بفتح الجيم – و هي األرض‪ ،‬ك‪88‬أن ك‪88‬ل واح‪88‬د من المتج‪88‬ادلين يقص‪88‬د‬
‫غلبة صاحبه و صرعه في مقام النطق كما يجّد ل الف‪88‬ارس قرن‪88‬ه أي يرمي‪88‬ه بالجدال‪88‬ة‪ ،‬يق‪88‬ال طعن‪88‬ه فجّد ل‪88‬ه و‬
‫انجدل هو إذا سقط‪.‬‬

‫و يمكن اش‪88‬تقاقه من الج‪88‬دال –بفتح الجيم – من غ‪88‬ير ح‪88‬اء و ه‪88‬و البلح إذا اخض‪88‬ر و اس‪88‬تدار قب‪88‬ل‬
‫اشتداده بلغة أهل نجد‪ ،‬كأن كل واحد من المتجادلين يقصد االس‪88‬تعالء و االرتف‪88‬اع على ص‪88‬احبه في الحج‪88‬ة‬
‫حتى يكون منه موضع الجدال و هو البلح من النخلة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫و يمكن اشتقاقه من الِم جَدل و هو القصر و جمعه مجادل ألن كل واحد من المتجادلين يتحصن من‬
‫صاحبه بالحجة تحصن صاحب القصر به‪.‬‬

‫و يمكن اشتقاقه من الجدول و هو النهر الصغير لتفتل الماء فيه‪ ،‬فكأن كل واح‪8‬د منهم‪8‬ا يقص‪8‬د فت‪8‬ل‬
‫صاحبه عن رأيه فتل الماء في النهر‪.‬‬

‫و يمكن اشتقاقه من األجدل و هو الصقر‪ ،‬كأن كل واحد منهما يسطو بالحجة على ص‪88‬احبه س‪88‬طوة‬
‫األجدل على الطير و يشتد عليه اشتداده عليها‪.‬‬

‫و كخالصة لكل ما سبق‪ ،‬يمكننا القول بأنه و كأن مادة (ج د ل) ترجع في جميع تصاريفها إلى‬
‫معنى القوة و االمتناع و الشد و اإلحكام‪ ،‬فيكون الجدل مشتقا من هذا المعنى الجامع الكلي و من كل‬
‫واحد من جزئياته باعتبار ما يشتركان فيه من ذلك المعنى‪.‬‬

‫قال الجوهري‪ :‬يقال جادله أي خاصمه مجادلة‪ .‬و جداال و االسم الجدل و هو شدة الخصومة‪.‬‬

‫أما رسم الج‪88‬دل في االص‪88‬طالح فقي‪88‬ل‪ :‬ه‪88‬و ق‪88‬انون ص‪88‬ناعي يع‪88‬رف أح‪88‬وال المب‪88‬احث من الخط‪88‬أ و‬
‫الصواب على وجه يدفع عن نفس الناظر و المناظرالشك و االرتياب‪.‬‬

‫و هنا تجدر اإلشارة إلى أن الجدل ال يقتصر على رد الخصم إلى رأي خصمه المناظر له‪ ،‬بل إن‪88‬ه‬
‫رد الخصم عن رأيه إلى غيره بالحجة ألن الخصم قد يناظر عن مذهب غيره إعان‪88‬ة ل‪88‬ذلك الغ‪88‬ير ك‪88‬الحنبلي‬
‫ينصر مذهب بعض الطوائف الثالثة و قد يكون مقصوده إفساد مذهب الخصم ال تص‪88‬حيح مذهب‪88‬ه ه‪88‬و‪ ،‬فال‬
‫جرم يرجح أي مذهب كان و يقابل به مذهب خصمه و به يحصل المقصود‪.‬‬

‫و حكى اإلمام عن الغزالي أنه قال‪ :‬الجدل منازعة بين متفاوضين لتحقيق الح‪88‬ق و إبط‪88‬ال الباط‪88‬ل‪.‬‬
‫قال‪ :‬الجدل ملكة صناعية يتمكن بها ص‪88‬احبها من ت‪88‬ركيب الحج‪88‬ة من مق‪88‬دمات مش‪88‬هورة أو مس‪88‬لمة إلنت‪88‬اج‬
‫نتيجة ظنية‪.‬‬

‫المحور الثاني‪:‬آداب الجدل‬

‫و هو ما ينبغي للخصمين أن يس‪88‬تعماله في مناظرتهم‪88‬ا و من‪88‬ه م‪88‬ا يش‪88‬تركان في‪88‬ه جميع‪88‬ا و من‪88‬ه م‪88‬ا‬
‫يختص بكل واحد منهما‪.‬‬

‫أما األول و هو ما يشتركان فيه فيلزم ك‪88‬ل واح‪88‬د منهم‪88‬ا قص‪ُ88‬د إظه‪88‬ار الح‪88‬ق في مناظرت‪88‬ه ال قص‪88‬د‬
‫إظهار فضيلته‪ ،‬و أن ال يبالي قامت الحجة له أو عليه‪ ،‬كما نقل الشافعي رضي هللا عنه أنه قال‪ :‬ما ناظرت‬

‫‪4‬‬
‫أحدا فباليت مع من كانت الحجة إن كانت معه اتبعته‪ .‬و ليلن كل منهما لخص‪88‬مه الكالم و ال يغل‪88‬ظ علي‪88‬ه‪ ،‬و‬
‫ليتلق ما يصدر عنه بقبول و لطف و تحسين‪ ،‬مثل أن يقول‪ :‬ما ذكرته حس‪88‬ن مّتج‪88‬ه‪ ،‬لكن ي‪88‬رد علي‪88‬ه ك‪88‬ذا أو‬
‫يعارضه كذا‪ .‬و ليتناوبا الكالم مناوب‪8‬ة ال مناهب‪8‬ة بحيث ينص‪8‬ت المع‪8‬ترض للمس‪8‬تدل ح‪8‬تى يف‪8‬رغ و تقري‪8‬ره‬
‫للدليل ثم المستدل للمعترض حتى يقرر اعتراضه‪ ،‬و ال يقطع أحد منهما على اآلخر كالم‪88‬ه في إثبات‪88‬ه و إن‬
‫فهم مقصوده من بعضه‪ .‬و بعض الناس يفعل ه‪88‬ذا تنبيه‪88‬ا للحاض‪88‬رين على فطنت‪88‬ه و ذكائ‪88‬ه و ليس في ذل‪88‬ك‬
‫فض‪88‬يلة‪ ،‬إذ المع‪88‬اني بعض‪88‬ها مرتب‪88‬ط ببعض و بعض‪88‬ها دلي‪88‬ل على بعض و ليس‪ /‬ذل‪88‬ك علم غيب أو زج‪88‬را‬
‫صادقا أو استخراج ضمير حتى يفتخر به‪.‬‬

‫و ليقبل كل واحد منهما من ‪ /‬صاحبه الحجة فإنه أنبل لقدره و أعون على إدراك‬

‫الحق و سلوك سبيل الصدق‪ .‬قال الشافعي رضي هللا عنه‪ :‬م‪88‬ا ن‪88‬اظرت أح‪88‬دا فقب‪88‬ل م‪88‬ني الحج‪88‬ة إال‬
‫عظم في عيني‪ ،‬و ال ردها علي إال سقط في عيني‪.‬‬

‫و ليلزم كل واح‪8‬د منهم‪8‬ا مقالت‪8‬ه و ال ينكره‪8‬ا خ‪8‬وف االنقط‪8‬اع ف‪8‬إن االنقط‪8‬اع خ‪8‬ير من المك‪8‬ابرة و‬
‫الكذب‪.‬‬

‫و ال يناظر أحدهما اآلخر في علم ال يفهمه أو ه‪88‬و في‪88‬ه ض‪88‬عيف إذ المتع‪88‬رض ل‪88‬ذلك مهين لنفس‪88‬ه و‬
‫الداعي إليه مع علمه بقصور خصمه جائر عليه‪ ،‬و قد اجتمع موسى بالخضر فسلم كل منهما لآلخر حاله و‬
‫اعترف له بما خصه هللا عز و جل به من علم‪.‬‬

‫و إن أفحم أحدهما فليسكت اآلخر و ال يضحك منه فيزيده خجال إذ في انقطاع‪88‬ه ُغ ني‪88‬ة عن تخجيل‪88‬ه‬
‫كما قال القائل‪:‬‬

‫و نحن سكوت و الهوى يتكلم‬

‫و ال يورد أحدهما على اآلخر شبهة يعلم أنها ال ت‪88‬رد علي‪88‬ه أو ال تلزم‪88‬ه ألن الزم‪88‬ان أقص‪88‬ر من أن‬
‫يضيع في األغلوطات و التغليطات و في تحقيق الحق ما يستغرق الوقت‪.‬‬

‫و ليجتنبا في مناظرتهما األلفاظ العامية السخيفة كقوله في المن‪88‬ع "ال" و يطوله‪88‬ا أو في قلب ال‪88‬دليل‬
‫أو فساد الوضع "ذا عليك" كما يستعمله بعض أخشان الزم‪88‬ان‪ ،‬أو يجعالن بحثهم‪88‬ا مث‪88‬ل لغ‪88‬و اليمين فيق‪88‬ول‬
‫هذا‪" :‬ال و هللا" و هذا‪" :‬بلى و هللا" و ليق‪88‬ل ع‪88‬وض "ذا علي‪88‬ك"‪ :‬ه‪88‬ذا ال‪88‬دليل ينعكس أو ينقلب أو ه‪88‬و فاس‪88‬د‬
‫الوضع و هو الذي يقتضي خالف ما استدل به عليه‪ ،‬و عوض "ال المطولة"‪ :‬لم قلت‪ ،‬أو‪ :‬ال نسلم‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫و إن عَر ض أحدهما بصاحبه من جهة ‪ /‬البالدة أو قلة العلم و نحوه مم‪88‬ا يص‪88‬عب على العلم‪88‬اء‪،‬‬
‫كقوله في أثناء المناظرة‪ :‬هذا شيء إنما يفهمه الفض‪88‬الء و ي‪88‬درك معن‪88‬اه األذكي‪88‬اء‪ ،‬أو‪ :‬ه‪88‬ذا نق‪88‬ل يعرف‪88‬ه من‬
‫وقف على المقاالت و اطلع على الكتب المطوالت و أشباه ذلك‪ ،‬فليرض نفس‪88‬ه على مس‪88‬امحته و اإلغض‪88‬اء‬
‫عنه حتى إن أمكنه أن يوهمه أنه لم يفهم ذلك عنه أو لم يلق له باال فليفعل فهو أصون لهما جميعا و أح‪88‬رى‬
‫أن ال يكون بينهما شر كما قال القائل‪:‬‬

‫ليس الغبي بسيد في قومه ****** لكن سيد قومه المتغابي‬

‫‪:‬و قال المتنبي‬

‫و من جاهل بي و هو يجهل جهله****** و يجهل علمي أنه بي جاهل‬

‫‪:‬و قال اآلخر‬

‫إذا لم تستطع للضيم حمال****** حملت الضيم حتى تستطيعا‬

‫و ال شك أنه بإغضائه عن صاحبه يحمل عنه خطر شر عساه يق‪88‬ع بينهم‪88‬ا‪ .‬ف‪88‬إن لم تجب‪88‬ه نفس‪88‬ه إلى‬
‫التغاضي بالكلية فليتسامح له المرتين أو الثالث‪ ،‬ثم ليعاتبه و ليعضه عتابا و ليعضه وعضا مث‪88‬ل أن يق‪88‬ول‪:‬‬
‫اتق هللا و ال تعرض بي و صن نفسك عن سماع الجواب‪.‬‬

‫و ليجتنبا الكالم في المناظرة في كل وقت ُيمنع فيه الحاكم من الحكم لمظنة المخاطرة‪.‬‬

‫هذا ما حضر من اآلداب المشتركة‪.‬‬

‫أما المختصة فينبغي للمستدل أن يشرع في تقرير الحجة عقيب الدعوى من غ‪8‬ير فص‪88‬ل‪ ،‬مثال أن‬
‫يقول‪ :‬بيع الفضولي موقوفا على اإلجازة صحيح‪ ،‬ألنه تصرف خال عن مفس‪88‬دة‪ .‬و ك‪88‬ل تص‪88‬رف خ‪88‬ال عن‬
‫مفسدة فهو صحيح‪ ،‬و يقرر مقدمات الدليل بما ينبغي‪ .‬و إن ذكر ال‪88‬دعوى ثم أنظ‪88‬ر الس‪88‬ائل أن يق‪88‬ول ل‪88‬ه‪ :‬لم‬
‫قلت‪ ،‬فال بأس و الخطب في هذا يسير‪ ،‬فليتبع فيه اصطالح البلد أو قرائن األحوال‪ ،‬إذ ق‪88‬د ت‪8‬دل قرين‪8‬ة ح‪8‬ال‬
‫السائل على استدعائه الدليل بغير سؤال عنه‪ ،‬إذ تصديه لالعتراض استدعاء للدليل‪.‬‬

‫فإن أّخ ر المستدل الدليل عن ذكر الدعوى أو عن قول السائل‪ " :‬لم قلت" فإن كان التأخير يسيرا لم‬
‫يؤثر إذ قد يؤثر المستدل التروي زمنا يسيرا في إعادة النظر في دليله أو نظم عبارته قصدا لبيان معناها و‬
‫إيضاح المقصود بها و غير ذلك فال يشاح في ذلك‪ ،‬و إن طال الفصل طوال خارجا عن العادة بحيث يش‪88‬عر‬
‫بتعذر الدليل عليه فهل يكون منقطعا؟ هو محل تردد و نظر‪ ،‬فيحتمل أن يعّد منقطعا لتقصيره عن نصرة ما‬
‫تصدى لنصرته كالمحارب يقف في ناحية المي‪88‬دان كاف‪88‬ا عن الض‪88‬رب و الطع‪88‬ان م‪88‬ع اس‪88‬تدعاء األق‪88‬ران‪ ،‬و‬
‫‪6‬‬
‫يحتم‪8‬ل أن ال يع‪8‬د منقطع‪8‬ا كالس‪8‬اكت عن ج‪8‬واب ال‪8‬دعوى في مجلس الحكم ال يجع‪8‬ل ن‪8‬اكال ح‪8‬تى يق‪8‬ول ل‪8‬ه‬
‫الحاكم‪ :‬إن أجبت و إال جعلتك ناكال و قضيت عليك‪ ،‬فيقال لهذا كذلك‪ :‬إن ذكرت دليل دعواك و إال جعلت‪88‬ك‬
‫منقطعا‪ .‬و يحتمل أن يفَّص ل فيقال‪ :‬إن تقدم المناظرة ترٍّو و إرهاص به‪88‬ا و ت‪88‬أهب له‪88‬ا ب‪88‬زمن يتس‪88‬ع لتقري‪88‬ر‬
‫ال‪88‬دليل ع‪َّ8‬د منقطع‪88‬ا بالس‪88‬كوت عن‪88‬ه‪ ،‬و إن وقعت بغت‪88‬ة لم يع‪ّ8‬د منقطع‪88‬ا إذ ليس في ق‪88‬وة ك‪88‬ل واح‪88‬د المباده‪88‬ة‬
‫بالحجة‪ ،‬كما ليس في قوة كل شاعر ارتجال الشعر بديهة‪ ،‬و ال يعد بالتروي في نظمه عيّي ًا‪ .‬و ق‪88‬د س‪88‬بق أن‬
‫نسبة الجدل إلى المطلق األصول نسبة النظم إلى النثر‪.‬‬

‫و أما المعترض فينبغي أن يشرع في االع‪88‬تراض على ال‪88‬دليل‪ /‬عقيب ف‪88‬راغ المس‪88‬تدل من تقري‪88‬ره‪،‬‬
‫فإن أخره عن ذلك فحكمه نحٌو من حكم تأخير المستدل ذكر الدليل عن الدعوى‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬أركان الجدل‬

‫إن ركن الشيء يستعمل تارة في جزئه الداخل في حقيقته ك‪88‬الركوع و الس‪88‬جود من الص‪88‬الة و ت‪88‬ارة‬
‫يستعمل فيما يوقف تحقق ذلك الشيء عليه و هو أعم من األول‪.‬‬

‫فأركان الجدل باالعتبار األول هي السؤال و الجواب و االستدالل و االعتراضات ووج‪88‬ه التخلص‬
‫منها‪ ،‬كذا زعم بعضهم‪ ،‬و فيه ت‪88‬داخل إذ االس‪88‬تدالل ي‪88‬دخل في الج‪88‬واب و االع‪88‬تراض إذا ك‪88‬ان بالمعارض‪88‬ة‬
‫حيث ينقلب المعترض مستدال و المستدل معترضا‪ ،‬إذ ج‪88‬واب المس‪88‬تدل و معارض‪88‬ة الس‪88‬ائل إنم‪88‬ا يتق‪88‬رران‬
‫باالستدالل و االستدالل هناك خارج عنهما‪.‬‬

‫و أركانه باالعتبار الثاني‪ :‬الدال و الدليل و المستِد ّل و المستَد ّل عليه و المستَد ّل له‪.‬‬

‫فالّد ال يطلق باألصالة على هللا عز و جل ألن‪88‬ه األص‪88‬ل في نص‪88‬ب األدل‪88‬ة العقلي‪88‬ة و الس‪88‬معية و م‪88‬ا‬
‫ترَّك ب منهما‪ ،‬و يطلق بطريقة الفرعية عليه على الرسول المبين المحق‪88‬ق ألدل‪88‬ة هللا ع‪88‬ز و ج‪88‬ل و على ك‪88‬ل‬
‫من ذكر دليال ليدل به على أمر‪.‬‬

‫و الدليل هو المعنى المرشد إلى المطلوب و هو فعيل بمع‪88‬نى فاع‪88‬ل أي دال و فاعليت‪88‬ه مج‪88‬از إذ‬
‫هو بالحقيقة مدلول به ال دال إذ الدال بالحقيقة هو الشارع‪.‬‬

‫و رسم الدليل اصطالحا بما ُتوِّص ل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري علم‪88‬ا أو ظن‪88‬ا‪ ،‬و قي‪88‬ل‪:‬‬
‫ماُتوِّص ل به لذلك إلى علم‪ ،‬و هو قول من فرق بين الدليل و األمارة – بفتح الهمزة – ما أوصل إلى ظن‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫و المستدل هو ذاكر الدليل يطلب ب‪88‬ه الوص‪88‬ول إلى مطلوب‪88‬ه‪ ،‬و ق‪88‬د يس‪88‬تعمل المس‪88‬تدل في ط‪88‬الب‬
‫الداللة من المتصدي لالستدالل‪ .‬فإذن يطلق المستدل على كل من الخصمين‪ .‬و هو من باب االستفعال وهو‬
‫طلب الفعل كما يقال‪ :‬استعطى و استعفى‪ ،‬إذا طلب العط‪88‬اء و العف‪88‬و‪ .‬ف‪88‬ذاكر ال‪88‬دليل يطلب ب‪88‬ه االهت‪88‬داء إلى‬
‫الحكم أو قطع الخصم‪ ،‬و المعترض يطلب دليل الحكم من المس‪88‬تدل‪ ،‬و المش‪88‬هور الظ‪88‬اهر في المس‪88‬تدل أن‪88‬ه‬
‫ذاكر الدليل‪.‬‬

‫و المستدل عليه – بفتح الدال – هو الحكم المطلوب بالدليل‪.‬‬

‫و المستدل له – بفتحها أيض‪88‬ا – يص‪88‬ح إطالق‪88‬ه على الس‪88‬ائل المع‪88‬ترض ألن االس‪88‬تدالل إلظه‪88‬ار‬
‫الحكم له إن كان مسترشدا أو إلفحامه إن كان معاندا‪ ،‬و يصح إطالقه على علة االس‪88‬تدالل ال‪88‬تي هي مب‪88‬دؤه‬
‫كالمنازعة في أصح الرأيين فيقطع النزاع باالستدالل‪ ،‬أو التي هي غايته كإظهار الحق ليعمل به البط‪88‬ال و‬
‫يهتدي إليه الضال‪.‬‬

‫و ثم عبارة أخرى يذكرها غ‪88‬ير واح‪88‬د من األص‪88‬وليين و الج‪88‬دليين و هي ق‪88‬ولهم‪ :‬أص‪88‬ول الش‪88‬رع‬
‫أربعة‪ :‬دال و دليل و مبّين و مستدل‪ ،‬فالدال هو هللا عز و جل و الدليل هو الق‪88‬رآن و الم‪88‬بّين الرس‪88‬ول علي‪88‬ه‬
‫السالم لقوله سبحانه و تعالى‪ " :‬و أنزلنا إليك الذكر لت‪88‬بين للن‪88‬اس م‪88‬ا ن‪88‬زل إليهم" و المس‪88‬تدل هم أه‪88‬ل العلم‬
‫الذين أجمع المسلمون على هدايتهم و درايتهم‪.‬‬

‫و حيث قد ذكرنا أركان الجدل و منها المستدل و االستدالل فلن‪8‬ذكر م‪8‬ا يتعل‪8‬ق ب‪8‬ذلك من الف‪SS‬رض و‬
‫البناء‪:‬‬

‫معنى الفرض‪ :‬أن ُيسأل المستدل عاّم ا فيجيب خاّصا مث‪88‬ل أن تك‪88‬ون المس‪88‬ألة ذات ص‪88‬ور فيس‪88‬أل‬
‫السائل عنها سؤاال يقتضي الجواب عن جميع صورها‪ ،‬فيجيب المستدل عن صورة أو ص‪88‬ورتين منه‪88‬ا ألن‬
‫الفرض هو القطع و التقدير‪ ،‬و كأن المستدل اقتطع تلك الصورة عن أخواتها فأجاب عنها‪.‬‬

‫و لذلك أمثلة‪ ،‬منها أن يقول السائل‪ :‬ما تقول في البيع الفاسد هل ينعقد أم ال؟ فيق‪88‬ول المس‪88‬تدل‪ :‬ال‬
‫ينعقد بيع درهم بدرهمين لورود النهي عنه‪ ،‬فإن بيع الدرهم بدرهمين صورة من صور البيع الفاسد‪ ،‬إذ من‬
‫صورة البيع الفاسد البيع بثمن محرم كالخمر و الميتة و الخنزير‪ ،‬أو بثمن مجهول أو إلى أجل مجه‪88‬ول‪ ،‬أو‬
‫بشرط فاسد أو غير ذلك‪ ،‬و في أي صورة من هذه الصور أجاب على الخصوص كان فارض‪88‬ا‪ .‬و منه‪88‬ا أن‬
‫يقول السائل‪ :‬ما تقول في المرأة‪ ،‬هل يصح منها مباشرة عقد النكاح أم ال؟ فقال‪ :‬ال يصح منها االستقالل به‬
‫أو يصح فيما إذا وكلت فيه دون غيره‪ ،‬أو يصح بإذن الولي أو يصح فيما إذا نظر الولي في مص‪88‬لحة العق‪88‬د‬
‫و لم تبق إال مباشرته فكل هذه صور لمباشرة المرأة عقد النكاح‪ ،‬فأيها خص بالجواب كان فارض‪88‬ا‪ .‬و منه‪88‬ا‬

‫‪8‬‬
‫أن يقول السائل‪ :‬ما تقول في السارق إذا ملك المال المسروق بعد الحكم بالقطع و قبل اس‪88‬تيفائه‪ ،‬ه‪88‬ل يس‪88‬قط‬
‫عنه القطع أم ال؟ فقال إن ملكه بالشراء ال يسقط‪ ،‬أو‪ :‬عن ملكه ب‪88‬اإلرث أو بالهب‪88‬ة أو بالوص‪88‬ية يس‪88‬قط أو ال‬
‫يسقط‪ ،‬ألن هذه كلها صور للملك ففي أيها فرض الجواب كان فارضا‪ ،‬و أمثلته كثيرة‪.‬‬

‫و الفرض ضربان فرض في الفتوى كما ذكرنا أمثلته‪ ،‬و فرض في الدليل مثل أن يفتى عاما ثم‬
‫يدل خاصا‪ ،‬مثل أن يقول‪ :‬ال ينعقد البيع الفاسد ألن النبي عليه السالم نهى عن بيع درهم بدرهمين‪ ،‬أو قال‪:‬‬
‫ليس للمرأة مباشرة عقد النكاح لقوله عليه السالم‪ :‬أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل‪ ،‬أو‬
‫قال‪ :‬ألنها قاصرة النظر‪ ،‬فإن الحديث إنما يدل على عدم جواز مباشرتها للعقد بدون إذن وليه‪88‬ا‪ .‬و مفهوم‪88‬ه‬
‫جوازه بإذنه‪ ،‬و هو من صور السؤال‪ ،‬و التعليل بالقصور غير مت‪88‬أت فيم‪88‬ا إذا نظ‪88‬ر ال‪88‬ولي ثم باش‪88‬رت هي‬
‫ألن مفسدة القصور مأمونة حينئذ‪ .‬أو قال‪ :‬إذا ملك السارق المال المسروق ال يقطع ألن‪8‬ه ملك‪8‬ه قه‪8‬را فق‪8‬وي‬
‫على دفع القطع‪ ،‬فإن هذا إنما يصح فيما إذا ملكه ب‪88‬اإلرث دون بقي‪88‬ة الص‪88‬ور‪ ،‬و ه‪88‬ذا على جه‪88‬ة المث‪88‬ال‪ .‬أو‬
‫سئل‪ :‬هل يفسخ النكاح بالعيوب الخمسة؟ فقال‪ :‬يفسخ بالبرص و الج‪88‬ذام‪ ،‬فه‪88‬ذا ف‪88‬رض في الفت‪88‬وى‪ ،‬أو ق‪88‬ال‪:‬‬
‫نعم يفسخ بالعيوب الخمسة ألن النبي عليه السالم تزوج امرأة فوجد بكشحها بياضا فقال لها‪ :‬الحقي بأهلك‪،‬‬
‫فهذا فرض في الدليل ألنه أفتى عاما و دل خاصا‪.‬‬

‫و إذا عرف الفرض في الفتوى و الدليل بأمثلته و صوره فقد ذهب األس‪88‬تاذ أب‪88‬و بك‪88‬ر ابن ف‪88‬ورك‬
‫إلى أنه ال يجوز‪ ،‬ألن حق الجواب أن يطابق السؤال و حق الدليل أن يطابق المدلول و الخاص من ذل‪88‬ك ال‬
‫يطابق العام فال يجوز‪.‬‬

‫و ذهب من عداه من الجدليين إلى خالفه في ذلك و جواز الفرض ألن المسؤول قد ال يجد دليال‬
‫إال على بعض صور السؤال‪ ،‬فيدور األمر بين أن يكلف تعميم الجواب فيما عدا تلك الصورة فيك‪88‬ون مفتي‪88‬ا‬
‫بغير علم و هو حرام‪ .‬و بين أن يسكت عن الجواب بالكلية فيكون كاتما للعلم في الصورة التي عرف دليلها‬
‫و هو حرام أيضا و منع له فائدة يستفيد بها السائل‪ .‬و م‪88‬ا ال ي‪88‬درك بكليت‪88‬ه‪ ،‬ال ي‪88‬ترك بكليت‪88‬ه‪ ،‬و بعض الش‪88‬ر‬
‫أه‪88‬ون من بعض‪ ،‬و بين أن يجيب فيم‪88‬ا ظه‪88‬ر ل‪88‬ه دليل‪88‬ه دون غ‪88‬يره و ذل‪88‬ك متض‪88‬من لمص‪88‬لحة محض‪88‬ة ال‬
‫تعارضها مفسدة فيكون متعّينا‪ .‬أما مصلحته فحص‪88‬ول الفائ‪88‬دة بج‪88‬واب الص‪88‬ورة ال‪88‬تي ع‪88‬رف دليله‪88‬ا‪ ،‬و أّك ا‬
‫انتفاء المفسدة فألن السائل عن جميع الصور س‪88‬ائل عن بعض‪88‬ها‪ .‬ف‪88‬الجواب بالنس‪88‬بة إلى ذل‪88‬ك البعض ال‪88‬ذي‬
‫عرف دليله مطابق‪ .‬فقول‪ :‬حق الجواب أن يكون مطابقا للسؤال‪ ،‬جوابه‪ :‬إن عنيت المطابقة بالنسبة إلى كل‬
‫صورة على حدتها فهذا حاصل في صورة الفرض‪ ،‬فقد استوفى الجواب حقه‪ .‬و إن عنيت المطابقة بالنسبة‬
‫إلى مجموع صور السؤال فإن شرطت في ذلك العلم بدليل جميع الصور فمس‪ّ8‬لم لكن الف‪88‬رض ه‪88‬ا هن‪88‬ا ليس‬
‫فيه‪ .‬و إن لم تشرط ذلك بل أوجبت تعميم الجواب حتى مع عدم العلم بدليل جميع صوره فه‪88‬و ممن‪88‬وع ألن‪88‬ه‬
‫إلزام القول بغير علم و هو حرام لقوله عز و جل‪ " :‬و أن تقولوا على هللا ما ال تعلمون"‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫و أما الفائدة الثانية للفرض فألن المسؤول قد يرد على جوابه العام إشكال ال يندفع فيتخلص من‪88‬ه‬
‫بالفرض‪ /‬الخاص‪ ،‬مثل أن يسأل عن جواز مباشرة المرأة عقد النك‪88‬اح فيق‪88‬ول‪ :‬ال يج‪88‬وز له‪88‬ا االس‪88‬تقالل ب‪88‬ه‬
‫لقصورها‪ ،‬فإن هذا يتمشى له‪ ،‬و لو أجاب عاما و علل بالقصور لم يتمش‪88‬ن ل‪88‬ه في جمي‪88‬ع الص‪88‬ور‪ ،‬ألن من‬
‫جملة صور السؤال أن ينظر ال‪88‬ولي في مص‪88‬لحة النك‪88‬اح و يق‪88‬رر مقدمات‪88‬ه ح‪88‬تى ال يبقى إال التلف‪88‬ظ بص‪88‬يغة‬
‫اإليجاب فتوجب المرأة‪ .‬و ها هنا القصور مأمون الغائلة فال يصلح بمجرده أن يكون مانعا فيبطل ب‪88‬ه دلي‪88‬ل‬
‫المستدل‪ ،‬فِبعدوله إلى نفي خصوص االستقالل تخلص عن هذا اإلشكال‪.‬‬

‫و هاتان فائدتان جليتان للفرض فال يهَم ل تحصيلهما‪.‬‬

‫و غاية ما يلزم من الفرض أن السائل لم يكمل فائدته بكمال الجواب عما سأل عنه‪ ،‬لكن هذا مم‪8‬ا‬
‫ال يصلح أن يكون مانعا للفرض مع ما فيه من فائدتيه العظيمتين المذكورتين‪ ،‬و ذل‪88‬ك ألن س‪88‬ؤال الس‪88‬ائل و‬
‫إن كان واحدا في اللفظ و الصورة فهو متعدد بتعدد الصور في المعنى و الحقيقة‪ ،‬ف‪88‬إذا ك‪88‬ان للمس‪88‬ألة خمس‬
‫صور مثال كان السؤال في تقدير خمسة أسئلة‪ ،‬و ال يلزم المسؤول أن يجيب عن ك‪88‬ل س‪88‬ؤال بش‪88‬رطه‪ .‬كم‪88‬ا‬
‫أن الحاكم إذا اُدعي عنده في مجلس واحد عدة دعاوى بكالم واح‪88‬د أو بجم‪88‬ل من الكالم لم يلزم‪88‬ه الحكم في‬
‫كل واحدة منها إال بشروطها‪.‬‬

‫هذا الكالم في لبناء و حكمه‪.‬‬

‫أما البناء فمعناه أن المسؤول إذا أجاب في صورة الفرض فهل يلزمه أن يبني غيرها من صور‬
‫السؤال عليها‪ ،‬إما بأن يقرر عين دليلها في بقية الصور أو يجمع بين بقية الصور و بينها بمعنى جامع على‬
‫قاعدة القياس‪ ،‬مثل أن يسأل عن فسخ النك‪8‬اح ب‪8‬العيوب‪ ،‬فيف‪8‬رض الكالم في ال‪8‬برص و ي‪8‬دل علي‪8‬ه بالح‪8‬ديث‬
‫الم‪88‬ذكور ثم يب‪88‬ني الفس‪88‬خ ببقي‪88‬ة العي‪88‬وب علي‪88‬ه ب‪88‬أن يق‪88‬ول ‪ :‬عيب مف‪ّ88‬وت لمقص‪88‬ود العاق‪88‬د فيثبت ب‪88‬ه الفس‪88‬خ‬
‫كالبرص‪ ،‬و يقول في المال المسروق إذا ملك البيع أو اإلرث‪َ :‬م َلَك ه بعد الحكم بالقطع فلم يسقط ب‪88‬ه كم‪88‬ا ل‪88‬و‬
‫ملكه بالهبة‪ ،‬و يثبت الحكم في األصل بحديث صفوان‪.‬‬

‫و إذا عرف البناء و مثاله فمن القائلين بالفرض من أوجبه على المسؤول توفية بعموم ما اقتض‪88‬اه‬
‫السؤال‪ ،‬أو بعموم ما ألزمه هو من الفتوى فيما إذا ك‪88‬ان فرض‪88‬ه في ال‪88‬دليل‪ .‬و منهم من لم يوجب‪88‬ه ل‪88‬وجهين‪:‬‬
‫أحدهما أنه يضيع فائدتي الفرض المذكورتين ألنا إذا ألزمناه الجواب في بقية صور الس‪88‬ؤال م‪88‬ع أن‪88‬ه ق‪88‬د ال‬
‫نجد دليال إال في بعضها فقد ألزمناه القول بغير علم أو كلفناه ما ال يطاق و هو الجمع بين الج‪88‬واب في تل‪88‬ك‬
‫الصور و عدمه‪ .‬الوجه الثاني أن ذلك تناقض ممن أوجب البناء ألن تجويزه للفرض تقري‪88‬ر من‪88‬ه للمس‪88‬ؤول‬
‫على االقتصار في الجواب على بعض صور السؤال و إيجاب البناء عليه رجوع عن ذلك التقري‪88‬ر‪ .‬و منهم‬

‫‪10‬‬
‫من فَص ل فقال‪ :‬إن كان الفرض في بعض صور السؤال كم‪88‬ا س‪88‬بق في األمثل‪88‬ة‪ ،‬و كم‪88‬ا إذا س‪88‬ئل عن إزال‪88‬ة‬
‫النجاسة بما سوى المائعات ففرض الجواب في بعضها كالخل و نحوه‪ ،‬لم يلزمه البناء‪.‬‬

‫و إن كان في غير محل السؤال مثل إن سئل‪ :‬هل يقتل المس‪88‬لم بال‪88‬ذِم َي ؟ فق‪88‬ال‪ :‬ال يقت‪88‬ل بالمعاه‪88‬د‪،‬‬
‫لزمه البناء‪ ،‬و الفرق أنه في األول أجاب عن محل السؤال في الجملة‪ ،‬و في الثاني لم يجب عنه أصال فه‪88‬و‬
‫كما قيل‪ :‬سألته عن أبيه فقال‪ :‬خالي شعيب‪ .‬و نظير هذا من الفرق‪ :‬المسافر المفطر القاصر للصالة يقضي‬
‫الصوم ألنه لم يأت منه بشيء و ال يقضي الصالة ألنه أتى ببعضها و لم يخل بأصلها‪.‬‬

‫و أصح األقوال و أشهرها جواز الفرض و عدم وجوب البناء‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫‪11‬‬

You might also like