Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 20

‫دراسات في القانون الدولي اإلنساني‬

‫األستاذ‪ :‬قدوم محمد‬

‫السنة الجامعية‪2024/2023 :‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫لقد كانت ظهور القانون الدولي اإلنساني نتيجة حتمية وطبيعة ورد فعل للمعاناة الكبيرة و الخطيرة التي‬
‫عاشها اإلنسان خالل النزاعات التي عرفتها البشرية منذ القدم‪ ،‬و كان الغاية من بروز هذا القانون هو تخفيف‬
‫آالم اإلنسان أثناء الحروب‪ ،‬على أن ميزته األساسية أنه ال يطبق في منطقة أو بلد معين بل يطبق في جميع‬
‫المناطق التي تشهد النزاعات و يعاني األفراد المآسي و اآلالم‪.‬‬

‫بناء على ذلك تكون دراستنا لهذا القانون تتطلب منا تحديد مدلوله و خصائصه و عالقته ببعض القوانين التي‬
‫تطبق في إطار مماثل لإلطار الذي يطبق فيه القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬و كذلك كيفية ظهوره و تطوره ومختلف‬
‫‪1‬‬
‫مصادره و مبادئه‪ ،‬ثم التطرق لمجاالت ا لحماية من حيث األشخاص أو الفئات و األعيان المشمولة بموجب‬
‫أحكام هذا القانون‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مدلول القانون الدولي اإلنساني‬

‫نحاول فيما يلي أن نبرز في هذا اإلطار تعريف القانون الدولي اإلنساني وتطوره التاريخي‬

‫‪ -1‬تعريف القانون الدولي اإلنساني‪:‬‬

‫تتنوع تعريفات الباحثين في مجال القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬إال أنها تصب في سياق واحد تتفق من‬
‫حيث المعنى‬

‫ب‪ -‬تعريف األستاذ أ‪ .‬بوزيد‪ :‬عبارة عن "مجموعة من القواعد القانونية التي تهدف في حاالت النزاع‬
‫المسلح‪ ،‬إلى حماية األشخاص الذين يعانون من ويالت هذا النزاع‪ ،‬و كذلك حماية المباني و الممتلكات‬
‫التي ليس لها عالقة مباشرة بالعمليات العسكرية"‪.‬‬
‫لقد تضمن التعريف حماية األشخاص و الممتلكات‪ ،‬و هذا ما يتفق مع أحكام القانون الدولي‪ ،‬ويبدوا‬
‫أن هذا التعريف ج اء عاما و لم يفصل في الفئات التي تحظى بالحماية‪.‬‬‫ّ‬
‫و الغاية و من بينها‪:‬‬

‫أ‪-‬تعريف األستاذ صالح الدين ‪ ":‬هو مجموعة من المبادئ و القواعد المتفق عليها دوليا‪ ،‬و التي تهدف‬
‫إلى الحد من استخدام العنف في وقت النزاعات المسلحة‪ ،‬عن طريق حماية األفراد المشتركين في‬
‫العمليات الحربية أو الذين توقفوا عن المشاركة فيها و الجرحى و األسرى والمدنيين وكذلك عن‬
‫طريق جعل العنف في المعارك العسكرية مقتصرا على تلك األعمال الضرورية لتحقيق الهدف‬
‫العسكري"‪.‬‬

‫يتضح من خالل هذا التعريف أن القانون الدولي اإلنساني عبارة عن مجموعة من المبادئ‬
‫والقواعد التي تطبق في النزاعات المسلحة بغية حماية بعض الفئات التي ال تشارك في العمليات‬
‫العسكرية أو العاجزة عن المشاركة في العمليات العسكرية‪ ،‬في حين لم يتضمن التعريف حماية‬
‫األعيان (المدنية) المادية التي تعتبر مجاال محميا بحكم القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬

‫ج ‪-‬تعريف لجنة الدولية للصليب األحمر(‪ :)ICRC-CICR‬عبارة عن "مجموعة من القواعد القانونية‬


‫الد ولية المستمدة من االتفاقيات الدولية و األعراف‪ ،‬التي تهدف يشكل خاص إلى تسوية المشكالت‬
‫اإلنسانية الناجمة بصورة مباشرة عن النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية و التي تقيد وألسباب‬
‫إنسانية حق أطراف النزاع في استخدام أساليب الحرب و طرقها التي تروق لها‪ ،‬أو تحمي األشخاص و‬
‫األمالك المعرضين أو الذي يمكن أن يتعرضوا ألخطار النزاع"‪.‬‬
‫يتضح من خالل ما تقدم بأن القانون الدولي اإلنساني‪:‬‬

‫‪ -‬يعد فرع من فروع القانون الدولي العام‪.‬‬

‫‪ -‬يتحدد النطاق الزماني لتطبيق هذا القانون بوقوع النزاع المسلح‪.‬‬

‫‪ -‬يشمل مجال الحماية‪ :‬فئات معينة واألعيان المادية‪.‬‬

‫‪ -2‬خصائص القانون الدولي اإلنساني ‪ :‬يتميز هذا القانون بمجموعة من الخصائص تتمثل أساسا في‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫أ‪ -‬قانون رضائي أي ال تلتزم به الدول إال بإرادتها المنفردة و الحرة عن طريق االنضمام إلى‬
‫االتفاقيات الدولية ذات الصلة‪.‬‬
‫ب‪ -‬موضوعه هو حماية اإلنسان و األعيان‪ ،‬وااللتزام بمعاملة من هم خارج العمليات العسكرية مثل‪:‬‬
‫الجرحى والمرضى والغرقى األسرى و المدنين معاملة إنسانية و حظر كل أشكال القسوة واإلهانة‬
‫ضدهم‪.‬‬

‫ج‪ -‬العالمية‪ :‬تتسم قواعد القانون الدولي اإلنساني بالعالمية ألن معظم الدول بما فيها الدول الكبرى‬
‫انضمت لالتفاقيات الدولية التي تعد مصدر من مصادر هذا القانون‪ ،‬و بذلك فإن المجتمع الدولي كله قد‬
‫قبل و وافق على هذه االتفاقيات‪.‬‬

‫د‪ -‬سمو قواعد القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬حيث أن األولوية في تطبيق قواعده ( االتفاقيات) في حالة‬
‫وجود تعارض بينها و بين أي اتفاق تعقده الدولة‪.‬‬

‫‪ -3‬عالقة القانون الدولي اإلنساني بالقوانين األخرى‬

‫يعتبر القانون الدولي اإلنساني فرع م ن فروع القانون الدولي العام‪ ،‬لهذا نجده يرتبط بغيره من‬
‫فروع هذا القانون من ذلك‪ :‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬والقانون الجنائي الدولي‪.‬‬

‫أ‪ -‬عالقة القانون الدولي اإلنساني بالقانون الدولي لحقوق اإلنسان‬

‫يرتبط القانونين من حيث أنهما يعالجان مواضيع دولية‪ ،‬كما أنهما يهدفان إلى حماية حياة‬
‫األفراد و صحتهم و كرامتهم من زوايتين مختلفتين‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ :‬يهدف كل منهما إلى حماية‬
‫حياة اإلنسان‪ ،‬كما تضمن كل منهما أحكاما تكفل حماية األطفال و النساء و توفير مستلزمات الحياة‬
‫من غذاء وأدوية‪ ،‬إالّ أنهما يختلفان من جوانب أخرى‪ ،‬فالقانون الدولي اإلنساني يعتبر األسبق في‬
‫الظهور بنحو مائة عام إذ بدأ تقنينه خالل منتصف القرن التاسع عشر و بالتحديد بعد تأسيس اللجنة‬
‫الدولية للصليب األحمر (‪ ،)1863‬في حين أن قواعد القانون الدولي لحقوق اإلنسان بدأت في‬
‫الظهور في منتصف القرن العشرين بفضل جهود منظمة األمم المتحدة‪.‬‬

‫كما يخت لفان كذلك من حيث الموضوع ذلك القانون الدولي اإلنساني يعالج مواضع تخرج عن نطاق‬
‫القانون الدولي لحقوق اإلنسان مثل سير العمليات الحربية و الوضع القانوني للمقاتلين‪ ،‬كما أن القانون‬
‫الدول ي لحقوق اإلنسان يعالج مواضيع تخرج عن نطاق القانون الدولي اإلنساني في ظل حماية حقوق‬
‫اإلنسان في وقت السلم‪ ،‬حرية الصحافة‪ -‬حرية االجتماع‪.‬‬
‫و أن القانون الدولي اإلنساني يطبق في وقت النزاعات المسلحة‪ ،‬بينما القانون الدولي لحقوق اإلنسان‬
‫يطبق في وقت السلم و النزاع المسلح‪.‬‬
‫ب‪ -‬عالقة القانون الدولي اإلنساني بالقانون الجنائي الدولي‬

‫يرتبطان من حيث تأكيدهما للمسؤولية الجنائية الدولية للفرد عن الجرائم المرتكبة و العقوبة‬
‫المقررة لذلك‪ ،‬كما أن قواعد القانون الجنائي الدولي يمثل النصوص اإلجرائية لقواعد القانون الدولي‬
‫اإلنساني‪ ،‬فهي تحدد إجراءات التقاضي أمام المحاكم الجنائية الدولية و طرق الطعن في األحكام‬
‫القضائية الدولية في حالة حصول انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي اإلنساني فيما تشكل هذا األخير‬
‫إحدى القواعد الموضوعية للقانون الجنائي الدولي‪.‬‬
‫ثانيا ظهور و تطور قواعد القانون الدولي اإلنساني‬

‫‪3‬‬
‫كان الملوك و األم راء القدامى يأمرون جيوشهم بمعاملة الشعوب المنهزمة معاملة حسنة و احترام‬
‫كافة أماكن العبادة من ذلك ملك الفرس "سيروس"‪ ،‬و كذلك الملك "أشوكا" عندما استولى على وسط الهند‬
‫عام ‪ 279-380‬ق‪.‬م‪ .‬حيث أمر قواته بمساعدة الجرحى و المرضى وعالجهم‪ .‬تطور األمر في هذه‬
‫العصور لت يشمل الحماية العسكرين حيث منع الرومان استخدام السم في الحرب‪.‬‬
‫يشهد التاريخ في سوابق كثيرة‪ ،‬أن الرومان بعد ميالد المسيح عليه السالم قد اهتموا بحماية المدنيين‬
‫و األسرى والجرحى والمصابين في العمليات الحربية حيث شهد عام "‪ 410‬ق‪.‬م قيام "أالريك األول"‬
‫بغزو مدينة روما والذي أمر جنوده باحترام الكنائس و عدم قتل أو إيذاء من يحتمي بها سواء كانوا من‬
‫المدنيين أو العسكر الفارين من ضراوة المعارك الحربية‪.‬‬

‫وبظهور الدين اإلسالمي الذي أسس قواعد كثيرة لها صلة بالحروب وردت في القرآن الكريم والسنة‬
‫الشريفة و معامالت الخلفاء الراشدين من ذلك حماية النساء واألطفال ‪ -‬كبار السن حسن معاملة األسرى‪،‬‬
‫منع التمثيل بالجثث‪.‬‬
‫ظهرت قواعد القانون الدولي اإلنساني أيضا قي مؤلفات الكتاب مثل "فيكتوريا وسوارين" الذين‬
‫دعوا إلى التخفيف من شدّة وحشية الحرب‪ .‬و الرفق بما أدخلوه من نظم دينية على الحرب مثل "صلح‬
‫الحرب"‪" ،‬هدنة الحرب" وخالل حرب الثالثين عاما التي عاشتها أوروبا '‪ "1648-1618‬بين الدول‬
‫الكاثوليكية والدول البروتستانتية‪ ،‬ظهر الفقيه "غروسيوس" بمؤلفه‪ ،‬المعروف قانون الحرب والسالم‬
‫حيث دعا إثر هذه الحرب إلى ضبط سل وك المتحاربين حيث دعا فيه على عدم قتل المهزوم إال في حاالت‬
‫استثنائية و أنه ال يجوز تدمير الممتلكات إال لضرورة عسكرية‪.‬‬
‫وكان "لـ جون جاك روسو" رأي في هذه المسألة حيث أوضح في كتابه "العقد االجتماعي" الصادر‬
‫عام ‪ 1752‬بأن الحرب ليست عالقة إنسان بإنسان بل عالقة دولة بدولة و ال يكون فيها األفراد أعداء إال‬
‫بصورة عابرة ال كبشر و ال حتى كمواطنين‪ ،‬بل كجنود ال كأفراد من الوطن بل كمدافعين عنه) و أكد بأن‬
‫نهاية الحرب تكون بالقضاء على الدولة المعادية لذلك من حقنا أن نقتل المدافعين عنها طالما كان السالح‬
‫في أيدهم‪ ،‬و لكن ما أن يلقوا السالح و يستسلموا و يتوقفوا عن كونهم أعداء أو أدوات العدو‪ ،‬يصبحون من‬
‫جديد مجرد بشر الحق لنا في حياتهم)‪.‬‬
‫وهكذا نجد "روسو" وضع مبادئ و قواعد ثورية جديدة في سلوك المتحاربين‪ ،‬لو اتبعتها األطراف‬
‫المتحاربة ألدى ذلك إلى ال تقليل من ضحايا هذه النزاعات المسلحة إلى حد كبير‪.‬‬
‫وتعود النواة األولى لوضع قواعد قانونية دولية إنسانية إلى معركة "سولفرينو" (مدينة شمال ايطاليا)‬
‫بين الجيش الفر نسي و الجيش النمساوي عام ‪ 1859‬انتهت بانتصار الجيش الفرنسي وسقط خاللها ضحايا‬
‫كثيرة في وقت وجيز‪ ،‬وفي ذات اليوم وصل إلى هذه المنطقة مواطن سويسري يدعى (هونري دونان)‪ ،‬و‬
‫شاهد مأساة كبيرة و عند عودته إلى سويسرا ألف كتابه المعنون بـ"تذكار سولفرينو" و نشره في عام‬
‫‪ 1862‬و تقدم باقتراحين‪:‬‬

‫‪ -1‬يدعو فيه إلى تشكيل جمعيات إغاثة في وقت السلم تضم ممرضين و ممرضات مستعدين لرعاية‬
‫الجرحى في وقت الحرب‬

‫‪ -2‬االعتراف بالمتطوعين الذين يتعين عليهم تقديم الخدمات الطبية التابعة للجيش وحمايتهم بموجب اتفاق‬
‫دولي‪.‬‬

‫وفي عام ‪ 1863‬تشكلت لجنة جنيف تتكون من خمس أعضاء ثم أنشأت اللجنة الدولية إلغاثة الجرحى‬
‫والتي تحولت فيما بعد إلى اللجنة الدولية للصليب الحمر‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫واستمرت الجهود إلى أن كللت بإبرام اتفاقيات الهاي عام ‪ 1907-1899‬تتصل بتنظيم العالقة وسلوك‬
‫الدول المتحاربة فيما بينها و بين السكان من ناحية أخرى وضعت ضوابط تحد من السلطة المطلقة للدول‬
‫في الحرب و التي كانت سائدة من قبل‪.‬‬

‫وبانته اء الحرب العالمية الثانية و ما خلفته من مآسي و دمار في صفوف المدنيين و العسكريين‬
‫والممتلكات‪ ،‬تم التوصل عام ‪ 1949‬إلى إبرام اتفاقيات جنيف األربع‪ ،‬و تداعمت هذه االتفاقيات بـ‬
‫برتوكولين إضافيين عام ‪ 1977‬األول خاص بالنزاعات الدولية والثاني بالنزاعات غير الدولية كما تم‬
‫إبرام برتوكول اختياري الملحق بــ "اتفاقية حقوق الطفل"( النزاعات المسلحة عام ‪ ،)2000‬وبرتوكول‬
‫ثالث ملحق باتفاقيات جنيف ‪ ،2005‬الشارة المميزة والتي تشكل قواعد هذه االتفاقيات معظم أحكام القانون‬
‫الدولي اإلنساني‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مصادر القانون الدولي اإلنساني‬


‫باعتبار القانون الدولي اإلنساني فرع من فروع القانون الدولي العام‪ ،‬فان مصادر هذا األخير هي‬
‫ذاتها مصادر القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬والتي وردت في نص م‪ 38 /‬من النظام األساسي لمحكمة العدل‬
‫الدولية و التي تتمثل في‪:‬‬

‫االتفاقيات الدولية – العرف الدولي – المبادئ العامة للقانون – قرارات المنظمات الدولية – القضاء و‬
‫الفقه‪.‬‬
‫‪ -1‬االتفاقيات الدولية‬

‫تعد المصدر الرسمي واألساس للقانون الدولي اإلنساني وصنفها الفقه إلى قسمين‪ :‬قانون الهاي – قانون‬
‫جنيف‪.‬‬

‫أ‪ -‬قانون الهاي‪ :‬وضعت أسس هذا القانون في مؤتمر السالم بـ "الهاي" عام ‪ 1907-1899‬حيث أبرمت‬
‫عدة اتفاقيات لتحديد واجبات و حقوق الدول في إدارة العمليات الحربية‪ ،‬وأيضا الحد من حرية الدول في‬
‫اختيار وسائل الحرب‪.‬‬
‫‪-‬ا تفاقية الهاي بشأن حقوق و واجبات الدول المحايدة و األشخاص المحايدين في حالة الحرب‪.‬‬

‫‪ -‬االتفاقية المتعلقة بقوانين و أعراف الحرب البرية‪.‬‬


‫ويندرج ضمن هذا القانون بعض التصريحات واالتفاقيات التي ال تحمل اسم العاصمة الهولوندية‬
‫"الهاي" مثل إعالن "سان بيترسبورغ" عام ‪ 1868‬الذي تضمن حظر استعمال الرصاص المتفجر‪،‬‬
‫وبرتوكول ضيف لعام ‪ 1925‬بشأن حظر استعمال الغازات الخانقة و السامة أو ما شابهها و الوسائل‬
‫الجرثومية في الحرب‪ .‬اتفاقية جنيف لعام ‪ 1980‬بشأن خطر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن‬
‫اعتبارها مفرط ة الضرر أو عشوائية األثر (و برتوكول جنيف لعام ‪ 1890‬بشأن الشظايا)‬
‫ب‪-‬قانون جيف ‪ :‬يتضمن مجموعة من االتفاقيات والبرتوكوالت التي تهدف إلى حماية العسكريين‬
‫العاجزين عن القتال‪ ،‬أي الذين أصبحوا خارج العمليات الحربية أو القوا السالح‪ ،‬الجرحى و المرضى‬
‫والغرقى وأسرى الحرب‪ ،‬وأيضا حماية األشخاص الذين ال يشتركون في العمليات الحربية و هم‬
‫المدنيين‪ ،‬ويشتمل هذا القانون على أربع اتفاقيات و برتوكولين إضافيين تحت رعاية الجنة الدولية للصليب‬

‫‪5‬‬
‫األحمر‪ ،‬إضافة إلى البرتوكول االختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل لعام ‪ ،2000‬وهي على النحو‬
‫اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬اتفاقية جن يف لتحسين حال الجرحى و المرضى بالقوات المسلحة في الميدان‪.‬‬
‫‪ -‬اتفاقية جنييف لتحسين حال الجرحى و المرضى بالقوات المسلحة في البحار‪.‬‬
‫‪ -‬اتفاقية جنييف لحماية أسرى الحرب‪.‬‬
‫‪ -‬اتفاقية جنيف لحماية المدنيين وقت الحرب‪.‬‬
‫‪ -‬البرتوكول اإلضافي األول المتعلق بحماية ضحايا ال نزاعات ذات الطابع المسلحة الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬البرتوكول اإلضافي ال ثاني‪ ،‬المتعلق بحماية ضحايا النزاعات ذات الطابع المسلحة غير الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬البرتوكول اإلضافي الخاص باعتماد شارة مميزة‪.‬‬
‫‪ -‬البرتوكول االختياري التفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك األطفال في النزاعات المسلحة‪.‬‬
‫‪ -2‬العرف الدولي‬

‫عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي تنشأ في المجتمع بفعل تكرار الدول لها مدة طويلة و‬
‫التزامها بها اعتقادا منها بأنها قواعد تتصف باإللزامية‪.‬‬

‫والعرف الدولي شأ نه شأن العرف الداخلي و هو التكرار و هذا من خالل تكرار السلوك أو الوقائع‬
‫بشكل دائم و مستمر و عام‪ ،‬وعنصر معنوي يتمثل في اقتناع الدول بضرورة هذا العرف و إيمانها بأن‬
‫إتباعه مصدر من مصادر القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬يمكن الرجوع إليه في حالة عدم وجود نص في‬
‫االتفاقيات الدولية من خالل ما نصت عليه م‪ 2/1‬من البرتوكول اإلضافي األول لعام ‪ " 1977‬يظل‬
‫المدنيون والمقاتلون في الحاالت التي ال ينص هذا الملحق "البروتوكول" أو أي اتفاق دولي آخر تحت‬
‫حماية و سلطان مبادئ القانون الدولي كما استقر بها العرف و مبادئ اإلنسانية و ما يمليه الضمير العام"‪.‬‬
‫و من أمثلة القواعد العرفية‪" :‬قاعدة مارتينز"( ‪ )Clause martins‬و هو مندوب اإلمبراطورية الروسية‬
‫(نيكوالس الثاني) لمؤتمر الهاي ‪.1899‬‬
‫" في الحاالت التي تشملها أحكام االتفاقية التي تم عقدها بظل السكان المدنيون و المقاتلون تحت حماية و‬
‫سلطان مبادئ قانون األمم كما جاءت في األعراف التي استقر عليها الحال من الشعوب المتمدينة ;قوانين‬
‫اإلنسانية و مقتضيات الضمير العام)"‪.‬‬
‫‪-3‬المبادئ العامة للقانون‬
‫إلى جانب االتفاقيات الدولية واألعراف المستقر عليها وضعت التزامات عديدة على الدول‪ .‬بحيث‬
‫توجد مجموعة من المبادئ القانونية يستند إليها هذا القانون بعضها تستنبط من سياق النص القانوني ألنها‬
‫تعبر عن جوهر القانون و البعض منها تمت صياغتها بشكل صريح في االتفاقيات الدولية‪.‬‬
‫أما األساس القانوني في اعتبارها مصدرا للقانون الدولي اإلنساني فنجده في نص م ½ من البرتوكول‬
‫اإلضافي األول التفاقيات ضيف عام ‪ ،"1977‬يظل المدنيون تحت حماية و سلطان مبادئ القانون الدولي"‬
‫و من بين هذه المبادئ‪ :‬نجد ‪ :‬مبدأ اإلنسانية‪ ،‬مبدأ التمييز – مبدأ الضرورة العسكرية – مبدأ المحاكمة‬
‫العادلة – مبدأ التناسب إلى غير ذلك من المبادئ‪.‬‬
‫‪-4‬القضاء‬
‫يتمثل القضاء الدولي في محكمة العدل الدولية التي تتولى الفصل في النزاعات المعروضة أمامها من‬
‫طرف الد ول و تقديم اآلراء االستشارية بشأن بعض المسائل و القضايا‪.‬‬

‫كان لهذه المحكمة دور كبير ف ي الكشف و تطبيق بعض المبادئ القانونية و القواعد العرفية الدولية‪ ،‬وهذا‬
‫من خالل القضايا التي عرضت عليها‪ ،‬و من بين هذه القضايا التي قضت المحكمة بشأنها نجد‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -1‬قضية مضيق كورفو (المملكة المتحدة (بريطانيا) ضد ألبانيا)‬
‫أشارت المحكمة في هذه القضية إلى أن الدول يجب أن تخضع لبعض االلتزامات الناشئة عن وجود‬
‫بعض المبادئ العامة المعترف بها كاالعتبارات المبدئية اإلنسانية المفروضة في وقت السلم أكثر منها في‬
‫وقت الحرب‪ ،‬انتهت هذه المحكمة في هذه القضية بأن ألبانيا كانت ملزمة باالعتراف بوجود حقل األلغام‬
‫في مضيق "كورفو" و أن تقوم بإخبار البواخر الحربية البريطانية في الوقت الذي كانت تقترب منها‬
‫وتنبهها إلى األخطار اآلتية التي ستتعرض لها في حقل األلغام‪.‬‬

‫‪ -2‬قضية األنشطة العسكرية و شبه العسكرية في نيكارغوا ضد الو‪.‬م‪.‬أ‬

‫أكدت المحكمة في حكمها الصادر بتاريخ‪ 86/06/27 :‬على وجوب احترام القانون الدولي اإلنساني و‬
‫المبادئ العامة المعترف بها كاالعتبارات اإلنسانية المبدئية‪.‬‬
‫‪ -3‬قضية الحروب البرية و البحرية في الكامرون و نيجريا (التدابير المؤقتة)‬
‫استندت المحكمة إلى الغرض األساسي لألمم المتحدة و هو حفظ السلم واألمن الدولي لتأمر باتخاذ‬
‫التدابير المستعجلة الالزمة في حالة النزاعات المسلحة بغية ضمان الحق في الحياة لموطني كال الدولتين‬
‫طرفي النزاع‪ ،‬لقد كان الحق في الحياة لهؤالء األشخاص عرضة للخطر سبب استعمال القوة من طرفي‬
‫النزاع لكن المحكمة اتخذت من صالحياتها في تقرير تدابير مستعجلة كأداة لحماية هذا الحق‪.‬‬
‫‪-5‬الفقه‬
‫يمكن أن تشكل أراء كبار الفقهاء القانون الدولي اإلنساني و كتاباتهم مصدرا تفسيريا للقانون د إ‪ ،‬وذلك‬
‫بالكشف عن الثغرات أو النقائص الموجودة في االتفاقيات الدولية ذات الصلة‪ ،‬ولفت انتباه الدول إليها‬
‫وحثها على تبنيها في اتفاقيات دولية الحقة‪.‬‬
‫وعلى مر العصور أسهم الفقه في تطوير قواعد القانون الدولي اإلنساني و تنبيه الدول و القضاء الدولي‬
‫بما وضعه من مقترحات و أراء حول تطبيق القواعد القانونية و تفسير نصوص المعاهدات الدولية و مدى‬
‫تطبيقها‪ ،‬و لهذا فإن فقهاء القانون الدولي في الدول المختلفة غالبا ما سهموا في تطوير قواعد القانون‬
‫الدولي اإلنساني عبر األجهزة الداخلية في وزارت الخارجية للدول‪ ،‬وأن الرجوع إلى مؤلفاتهم مفيد من‬
‫الناحية العلمية‪.‬‬
‫‪ -6‬المبادئ العامة للقانون‬
‫يرتكز القانون الدولي اإلنساني على مجموعة من المبادئ تتمثل هذه في‪:‬‬
‫أ‪ -‬مبدأ اإلنسانية‬
‫يتطلب هذا المبدأ أن تكون الشخصية اإلنسانية محل اعتبار دائم و في كل الظروف‪ ،‬و بما يفيد تمتع‬
‫أو‬ ‫الكائن اإلنساني بالحماية هذه و بمعزل عن أي اعتبار اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي أو ديني‬
‫عسكري فهذا المبدأ بطبيعته ال يعطي أية قيمة لهذه االعتبارات‪ ،‬و يتجاهل أي تميز مبني على أساس‬
‫العنصر أو الجنس‪ ،‬أو العرق‪ ،‬أو العقيدة‪.‬‬
‫نجد بأن اتفاقيات جنيف قد نصت على هذا المبدأ في " و على أطراف النزاع الذين يكونون تحت‬
‫سلطته أن يعاملهم معاملة إنسانية‪ ،‬و أن هذا يهم و يحفظ بشدة أي اعتداء على حياتهم أو استعمال العنف‬
‫معهم‪ ،‬و يجب على األخص عدم قتلهم أو إبادتهم‪ ،‬أو تعريضهم للتعذيب أو للتجارب الخاصة بعلم‬
‫الحياة‪"...‬‬
‫كما تضمن النظام األساسي للجنة الدولية للصليب األحمر هذا المبدأ‪ ،‬إن أشار إلى أن اللجنة تستند في‬
‫عملها إلى مبدأ اإلنسانية‪ ،‬و هذا المبدأ يعد قاعدة قانونية و أخالقية و قاعدة مؤسسية تربط جميع عناصر‬
‫العمل االجتماعي و رسالة اللجنة الدولية للصليب الحمر‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وبناء على ما تقدم فان القانون الدولي اإلنساني يطبق على جميع الناس دون تميز على أساس الجنس‬
‫أو اللون أو العقيدة أو االنتماء الثقافي‪.‬‬
‫ب‪ -‬مبدأ الضرورة العسكرية‬
‫يعني امتناع أطراف النزاع عن القيام بأعمال عسكرية ال تبررها ضرورة‪ ،‬أو اإلفراط في القيام بهذه‬
‫األ عمال دون مبرر‪ ،‬أو انتهاك الحرمات واالعتداء على األعيان المدنية‪ ،‬وقد كرست م ‪ 2/54‬من‬
‫البرتوكول اإلضافي التفاقيات جن يف والخاص بالنزاعات المسلحة الدولية على أنه " يحظر مهاجمة‬
‫أو تدمير أو قتل أو تعطيل األعيان و المواد التي ال غني عنها لبقاء السكان المدنين و مثالها المواد الغذائية‬
‫و المناطق الزراعية التي تنتجها‪ ،‬و المحاصيل‪ ،‬و الماشية‪ ،‬و مرافق مياه الشرب و شبكاتها‪ ،‬وأشغال‬
‫الري إذا تحدد القصد منها في منعها عن السكان المدنيين أو الخصم لقيمتها الحيوية مهما كان الباعث‬
‫سواء كان بقصد تجويع المدنيين‪ ،‬أم حملهم على النزوح أم ألي باعث آخر"‪ .‬فيما نصت الفقرة ‪ 5‬من ذات‬
‫المادة على أنه‪ " :‬يسمح مراعاة للمتطلبات الحيوية ألي طرف في النزاع من أجل الدفاع عن إقليميه‬
‫الوطني ضد الغز و‪ ،‬بأن يضرب طرف النزاع صفحا عن الخطر الوارد في الفقرة الثانية في نطاق مثل‬
‫ذلك اإلقليم الخاضع لسيطرته إذا أملت ذلك ضرورة عسكرية ملحة"‪.‬‬
‫ج‪ -‬مبدأ التمييز‪ :‬ورد هذا المبدأ في نص م ‪ 48‬من البرتوكول اإلضافي األول لعام ‪ 1977‬على أنه‪-" :‬‬
‫قواعد‪ -‬تعمل أطراف النزاع على التمييز بين السكان المدنيين و المقاتلين و بين األعيان المدنية واألهداف‬
‫العسكرية دون غيرها‪ ،‬و ذلك من أجل تأمين احترام و حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية"‪.‬‬
‫يقصد باألهداف العسكرية استنادا لنص م ‪ 52‬من ذات البروتوكول "‪...‬األهداف التي تسهم مساهمة‬
‫فعالة في العمل العسكري سواء كان ذلك بطبيعتها‪ ،‬أو بموقفها أو بغايتها أو باستخدامها و التي تحقق‬
‫تدمرها التام‪ ،‬أو الجزئي‪ ،‬أو االستيالء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك ميزة عسكرية أكيدة‬
‫"‬

‫ويتطلب مبدأ التميز منع استخدام أي سالح عشوائي األثر‪ ،‬و يلحق بالبيئة أضرار‪ ،‬بالغة و طويلة‬
‫األمد‪.‬‬
‫د‪ -‬مبدأ التناسب‬
‫وجوب عدم تجاوز األ عمال العسكرية للمتطلبات الكفيلة بتحقيق الهدف العسكري المقصود و هو‬
‫إضعاف القوة العسكرية للعدو‪ ،‬وال ينبغي أن تكون األضرار ال تناسب الغرض من النزاع المسلح‪.‬‬
‫وقد أرسى تصريح "بترسبورغ" عام ‪ 1868‬أسس هذا المبدأ في ديباجته " يجب أن يكون من شأن‬
‫تقدم المدنية التخفيف بقدر اإلمكان من كوارث الحرب‪ ،‬و يجب أن يكون الغرض الشرعي الوحيد الذي‬
‫تستهدفه الدول أثناء النزاعات (الحرب) هو إضعاف قوة العدو العسكرية"‪.‬‬
‫و كرس هذا المبدأ كذلك في م ‪ 35‬من البرتوكول اإلضافي األول لعام ‪ 1977‬على أنه " قواعد أساسية‪:‬‬
‫‪ -1‬إن حق أطراف النزاع المسلح في اختيار أساليب و وسائل القتال ليس حقا ال تقيده قيود قيود‬
‫‪ -2‬يحظر استخدام األسلحة و القذائف و المواد و وسائل القتال التي من شأنها إحداث إصابات أو أالم ال‬
‫مبرر لها‪.‬‬
‫‪ -3‬يحظر استخدام وسائل القتل يقصد بها‪ ،‬أو قد يتوقع منها أن تلحق أضرار بالغة بالبيئة واسعة االنتشار‬
‫و طويلة األمد‪.‬‬
‫د‪ -‬مبدأ المحاكمة العادلة‬
‫تعتبر االنتهاكات الجسيمة التفاقيات جن يف األربعة‪ ،‬واالنتهاكات األخرى للقوانين و األعراف السارية‬
‫على النزا عات الدولية المسلحة في النطاق الثابت للقانون الدولي و االنتهاكات الخطيرة األخرى لقوانين‬
‫الحرب و األعراف السارية على النزاعات المسلحة غير الدولية في النطاق الثابت للقانون الدولي‪ ،‬جرائم‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫تتولى المحكمة الجنائية الدولية متابعة مرتكبها و هنا ينبغي االلتزام بكل قواعد التعاون القضائي و تسليم‬
‫المجرين لمحاكمتهم‪ ،‬و هذا التزام ال تتحمله أطراف النزاع فقط بل تتحمله كذلك األطراف السامية‬
‫المتعاقدة‪.‬‬
‫أما االنتهاكات غير الجسمية فتعتبر أفعاال غير قانونية تعرض مرتكبها للمسؤولية الفردية و يجب على‬
‫األطراف المتعاقدة اتخاذ اإلجراءات المناسبة لذلك‪.‬‬
‫‪ -‬نطاق تطبيق القانون الدولي اإلنساني‬
‫يتحدد تطبيق القانون الدولي اإلنساني في الجانب المادي و الجانب الشخصي‬
‫‪ -1‬النطاق المادي لتطبيق القانون الدولي اإلنساني‬
‫يقصد به تحديد النزاعات التي يطبق عليها هذا القانون و الذي يشمل النزاعات المسلحة الدولية‬
‫والنزاعات المسلحة غير الدولية‪.‬‬
‫‪ -1‬النزاعات المسلحة الدولية‬
‫يقصد به الحرب التي تندلع بين دولتين مستقلتين و جيشين نظاميين‪ ،‬وقد طبق القانون الدولي‬
‫اإلنساني في بداية ظهوره على حاالت الحرب المعلنة و المحددة بموجب قانون "الهاي" لعام ‪1899‬‬
‫والتي كرست في م‪ 1/‬من اتفاقية الهاي الثالثة الخاصة ببدء العمليات العسكرية و التي نصت على أنه‪" :‬‬
‫تعترف جميع الدول المتعاقدة بعدم جواز بدء العمليات العدائية دون إنذار مسبق و صريح‪ ،‬إما في شكل‬
‫إعالن حرب مع بيان األسباب‪ ،‬أو إنذار أخير مع إعالن شروط الحرب"‬

‫بناء على تقدم فإن إعالن الحرب يسرى فقط في مواجهة الدول األطراف في االتفاقية‪ ،‬مما يخرج‬
‫العديد من النزاعات من دائرة سريان قانون الحرب‪ .‬غير أن اتفاقيات جنيف م ‪ 2/5‬مشتركة تصدت لهذا‬
‫الوضع حيث لم يعد عدم وجود اإلعالن المسبق سببا في إنكار وجود حالة الحرب بين األطراف‬
‫المتنازعة‪ ،‬و يعتبر النزاع المسلح دولي ذلك النزاع الذي يقع أو يحدث حال قيام مواجهات بين القوات‬
‫المسلحة لدولتين أو أكثر حتى و لو لم يعترف أحدهما رسميا بحالة الحرب‪.‬‬

‫تم توسيع دائرة النزاعات المسلحة بموجب م ‪ 4/1‬في برتوكول جنيف األول لعام ‪ 1977‬لتشمل‬
‫ح روب التحرير الوطنية و بذلك يمكننا حصر النزاع الدولي المسلح في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬النزاع المسلح بين الدول‬
‫‪ -2‬النزاع الداخلي المسلح و الذي اعترف بأنه حالة نزاع الدولي‬
‫‪ -3‬النزاع المسلح الداخلي المنطوي على تدخل أجنبي‬
‫‪ -4‬النزاع المسلح الداخلي المنطوي على تدخل األمم المتحدة‬
‫‪-5‬حروب االستقالل الوطني (النضال ضد التسلط االستعماري )‬
‫‪ -2‬النزاعات المسلحة غير الدولية‬
‫كانت النزاعات المسلحة غير الدولية تعتبر شأنا داخليا‪ ،‬يخضع للقانون الداخلي للدولة غير أنه بعد‬
‫توقيع اتفاقيات جنيف األربع و بالخصوص م ‪ 3‬مشتركة التي عرفت النزاع المسلح الداخلي على أنه‪":‬‬
‫النزاعات التي تثور في أراضي أحد األطراف السامية المتعاقدة بين جماعة منشقة أو أكثر في مواجهة‬
‫السلطة القائمة‪ ،‬أو بين جماعات متمردة فيما بينها دون أن تكون الحكومة القائمة طرفا فيها‪ ،‬شريطة‬
‫استفاء هذه الجماعات المنشقة لعنصرين أساسيين هما‪ :‬عمومية حجم التمرد من جانب و استفاؤها‬
‫لمقتضيات التنظيم من جانب آخر‪ ،‬غير أنه تم تضيق هذا التعريف في م ‪ 1/‬من البرتوكول اإلضافي الثاني‬
‫لسنة ‪ ،1977‬فأصبحت النزاعات المسلحة غير الدولية " التي تدور في إقليم أحد األطراف السامية‬
‫المتعاقدة بين قواته المسلحة وقوات مسلحة منشقة أو جماعات نظامية مسلحة أخرى و تمارس تحت قيادة‬

‫‪9‬‬
‫مسؤولة على جزء من اإلقليم من السيطرة ما يمكنها من القيام بعمليات عسكرية متواصلة و منسقة‬
‫وتستطيع تنفيذ أحكام هذا الملحق من البرتوكول"‪.‬‬
‫و بذلك يشترط لتوفر حالة نزاع مسلح غير دولي ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون هناك حد أدنى من العنف يتجاوز في درجة شدته االضطرابات و التوترات الداخلية‬
‫مثل‪ :‬أعمال الشغب العرضية والمألوفة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون هناك حد أدنى من السيطرة على األراضي‪ ،‬بمعنى القيام بعمليات عسكرية متواصلة‬
‫ومنسقة‪ .‬ويستثنى من هذه النزاعات ما يلي‪:‬‬
‫أ‪-‬االضطرابات الداخلية‪ :‬تتضمن مواجهات داخلية خطيرة كاالنتفاضات ضد أنظمة الحكم الدكتاتورية‬
‫والمظاهرات السلمية التي تستخدم فيها السلطة قوات الشرطة بشكل كبير‪ ،‬وحتى القوات المسلحة الستعادة‬
‫النظام داخل الدولة‪ ،‬كما قد يتم إعالن حالة الطوارئ لمنح المزيد من السلطات ألجهزة األمن والقوات‬
‫المسلحة والمخابرات‪.‬‬
‫ب‪-‬التوترات الداخلية ‪ :‬ال تصل إلى درجة االضطرابات الداخلية وتقل أقل خطورة منها‪ ،‬وكثيرا ما تكون‬
‫أسباب هذه التوترات سياسية أو دينية أو عرقية أو عنصرية‪ ،‬وقد تكون نتيجة لمخلفات الحرب األهلية أ‬
‫توتر سياسيي‪ ،‬وتؤدي إلى تعطيل الضمانات القانونية‪.‬‬
‫إن توسيع نطاق تطبيق القانون الدولي اإلنساني ليشمل النزاعات المسلحة غير الدولية تعتبر قفزة‬
‫مهمة ونوعية‪ ،‬وكذلك إسقاط شرط اإلعالن أو اعتراف الدولة بالحرب فيما بينها لتطبيق القانون الدولي‬
‫اإلنساني‪ ،‬ألن الدول في حروبها سوف تسعى إلى عدم اإلعالن الصريح لحالة الحرب بغية التملص من‬
‫أحكام ق دإ‪.‬‬
‫‪ -‬النطاق الشخصي ‪:‬‬
‫يطبق القانون الدولي اإلنساني على مجموعة من األشخاص تم تحديدهم في اتفاقيات جنيف األربع‬
‫والبرتوكولين اإلضافيين األول والثاني‪ ،‬وهمم كاألتي‪:‬‬
‫‪-‬الجرحى والمرضى والغرقى‪.‬‬
‫‪-‬أسرى الحرب‬

‫‪-‬المدنيين‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الفئات المشمولة بالحماية في القانون الدولي اإلنساني‬

‫تهدف قواعد القانون الدولي اإلنساني إلى حماية بعض الفئات واألعيان المادية أثناء النزاعات‬
‫المسلحة وهي على النحو األتي‪:‬‬

‫الجرحى والمرضى والغرقى‬

‫‪-‬حماية األسرى‬

‫‪-‬حماية المدنيين‬

‫‪-‬حماية األعيان المدنية‬

‫‪-‬األعيان المادية والثقافية‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫تقتصر العمليات العسكرية أو الحربية على المقاتلين وهم األشخاص الذين يقومون بالعمليات الحربية‬
‫ويتعرضون لهجمات العدو‪ ،‬أي أنهم هم الذين يهاجمون ويكونون في الوقت ذاته محال أو هدفا لهجوم‬
‫مضاد من طرف قوات هذا العدو‪.‬‬

‫غير أن المصطلح عرف تطورا واكب اتساع دائرة المشاركون في الحروب المعاصرة من جهة وحداثة‬
‫وسائل وأساليب القتال فيها من جهة أخرى وانطالقا من هذا نجد اتفاقيات جنيف األربع والبرتوكولين‬
‫اإلضافيين قد حددت الفئات التي ينطبق عليها وصف المقاتل‪ ،‬فباستقراء نص المادة ‪ 50‬من البرتوكول‬
‫اإلضافي األول نجد بأن المقاتل هو نقيض المدني‪ ،‬والتي تحيلنا إلى المادة ‪/4‬أ‪ 6-3-2-1-‬من اتفاقية جنيف‬
‫الثالثة وبناء على ذلك فإن المقاتلين هم‪:‬‬

‫‪ -1‬أفراد القوات المسلحة ألحد أطراف النزاع أو الميليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزء من‬
‫هذه القوات المسلحة‪.‬‬

‫‪-2‬أفراد الميليشيات األخرى والوحدات المتطوعة األخرى بما فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة‬
‫الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليميهم حتى ولو كان هذا اإلقليم محتال‪،‬‬
‫على أن تتوفر هذه الشروط فيها‪:‬‬

‫‪-‬أن يقودها شخص مسئول عن مرؤوسيه‪.‬‬

‫‪-‬أن تكون لها شارة مميزة محددة يمكن تمييزها عن بعد‬

‫‪-‬أن تحمل األسلحة جهرا‬

‫‪ -‬أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وعاداتها‪.‬‬

‫‪ -3‬أفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعلنون والءهم لحكومة أو سلطة ال تعترف بها الدولة الحاجزة‪.‬‬

‫‪ -6‬سكان األراضي غير المحتلة الذين يحملون السالح من تلقاء أنفسهم عند اقتراب العدو لمقاومة القوات‬
‫الغازية دون أن يتوفر لهم الوقت لتشكيل وحدات مسلحة نظامية‪ ،‬شريطة أن يحملوا السالح جهرا وأن‬
‫يراعوا قوانين الحرب وعادتها‪.‬‬

‫إضافة إلى كل هذه الفئات فإنه تم االعتراف ألفراد حركات المقاومة المنظمة الذين ينتمون ألحد‬
‫األفراد النزاع بوصف المقاتل سواء كانوا يعملون داخل أو خارج اإلقليم حتى ولو كان هذا اإلقليم محتال‬
‫على أن تتوفر في أعضاء هذه الحركات باإلضافة إلى شرط االنتماء ألحد أطراف النزاع والشروط التي‬
‫نصت عليها الئحة "الهاي" و أوردتها اتفاقيات جنيف‪.‬‬

‫ويستثنى من هؤالء الجوسيس والمرتزقة‪:‬‬

‫‪-‬الجواسيس‪ :‬تجند الدول المتحاربة بعض األشخاص من العسكريين لجمع المعلومات عن الوضع‬
‫العسكري للطرف األخر‪.‬‬

‫أو تحت‬ ‫عرفت (م‪ 2-46/‬من اتفاقية جنيف ‪ )3‬الجاسوس على أنه‪" :‬الشخص الذي يعمل في خفية‬
‫ستار كاذب في جمع أو محاولة جمع المعلومة في منطقة األعمال العسكرية إلحدى الدول المتحاربة بقصد‬
‫إيصال هذه المعلومة لدولته‪ ،‬وقد أجاز العرف الدولي استعمال الوسائل المشروعة للحصول على‬
‫المعلومات من العدو في ميدان القتال"‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫إذا وقع أي فرد من أفراد القوات المسلحة في قبضة الخصم أثناء مقارفته للتجسس فال يكون له الحق في‬
‫التمتع بوضع أسير ا لحرب ويجوز أن يعامل كجاسوس بغض النظر عن أي نص آخر في االتفاقيات‬
‫والبرتوكول‪.‬‬

‫‪ -‬ال يعد مقترفا للتجسس فرد من القوات المسلحة لطرف في النزاع الذي يقوم بجمع أو يحاول جمع‬
‫معلومات لصالح ذلك الطرف في إقليم يسيطر عليه الخصم إذا ارتدى زي قوته المسلحة أثناء أدائه لهذا‬
‫العمل‪.‬‬

‫‪-‬ال يعد مقترفا للتجسس فرد القوات المسلحة لطرف في النزاع الذي يقيم في إقليم يحتله الخصم والذي يقوم‬
‫لصالح الخصم الذي يتبعه بجمع أو محاولة جمع معلومات ذات قيمة عسكرية داخل ذلك اإلقليم ما لم‬
‫يرتكب ذلك عن طريق عمل من أعمال الزيف أو تعمد التخفي‪ ،‬وال يفقد المقيم فضال عن ذلك حقه في‬
‫التمتع بوضع أسير الحرب و ال يجوز أن يعامل كجاسوس إال إذا قبض عليه أثناء مقارفته للجوسسة‪.‬‬

‫‪ -‬ال يفقد فرد القوات المسلحة لطرف النزاع غير مقيم في اإلقليم الذي يحتله الخصم و ال يقارف الجوسسة‬
‫في ذلك اإلقليم حقه في التمتع بوضع أسير الحرب و ال يجوز أن يعامل كجاسوس ما لم يقبض عليه قبل‬
‫لحاقه بالقوات المسلحة التي ينتمي إليها‪.‬‬

‫‪-‬المرتزقة ‪ :‬يتخذ البعض من التجند مهنة يرتزقون منها ويبيعون حياتهم لمن يدفع لهم ثمن أكثر دون أن‬
‫تهمهم أسباب الحرب أو المبادئ اإلنسانية أو األخالق‪ .‬نصت م‪ 47 /‬من البرتوكول اإلضافي األول على‬
‫أن المرتزق ال يتمتع بوضع المقاتل أو أسير حرب‪ .‬ووضعت مجموعة من الشروط لكي يعتبر الشخص‬
‫مرتزق وهي‪:‬‬

‫‪ -‬يجري تجنيده خصيصا محليا أو في الخارج ليقاتل في نزاع مسلح‪.‬‬

‫‪ -‬أن يشارك فعليا في األعمال العدائية‬

‫‪-‬أن يكون الهدف من القتال هو تحقيق منفعة شخصية‪ ،‬وهو جمع المال أي الحصول على تعويض مادي‬
‫يتجاوز بإفراط ما يوعد به المقاتلون ذوو الرتب والوظائف المماثلة في القوات المسلحة لذلك الطرف أو ما‬
‫يدفع لهم‪.‬‬

‫‪ -‬أن ال يكون من رعايا طرفي النزاع و ال متوطنا بإقليم يسيطر عليه احد أطراف النزاع‪.‬‬

‫‪ -‬أن ال يكون موفدا ف ي مهمة رسمية من قبل دولة ليست طرفا في النزاع بوصفه عضوا في قواتها‬
‫المسلحة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حماية الجرحى والمرضى والغرقى‬

‫تعتبر اتفاقية جنيف الثانية المؤرخة في ‪ ،1949/08/12‬مطابقة لالتفاقية األولى‪ ،‬وتختلفان فقط من‬
‫حيث نطاق تطبيقهما‪ ،‬فاألولى تطبق على أفراد القوات المسلحة في الميدان(البر)‪ ،‬والثانية تطبق على‬
‫أفراد القوات المسلحة في البحار‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف الجرحى والمرضى‬


‫‪ -2‬تعريف الغرقى‬
‫‪ -3‬قواعد حماية الجرحى والمرضى والغرقى‬
‫‪12‬‬
‫‪-1‬تعريف الجرحى والمرضى‪ :‬ال يوجد تعريف لهذه الفئة في اتفاقيات جنيف‪ ،‬وترك األمر لألطراف‬
‫المتنازعة لحسن اإلدراك والنية الحسنة‪ ،‬مع أن هذه الفكرة ال يظهر أثرها في زمن النزاع المسلح‪.‬‬

‫حاول بعض الفقهاء وضع تعريف لهذه الفئة" المقاتلون الذين يسقطون بدواع الجرح أو المرض من‬
‫أي نوع كان‪ ،‬أو الذين يتوقفون عن القتال ويلقوا سالحهم بسبب األلم الذين يشعرون به" ‪.‬‬

‫وتوجد حاالت يواصل فيها الجنود القتال رغم تعرضهم لجروح خطيرة‪ ،‬وهم بذالك يرفضون بإرادتهم‬
‫استخدام حقهم في الحماية التي تمنحها لهم االتفاقية‪ ،‬ولذلك فسقوط الجندي وإلقائه السالح هو الدليل على‬
‫ذلك‪.‬‬

‫غير أن البرتوكول اإلضافي األول التفاقية جنيف عام ‪ 1977‬تدارك النقص وعرف الجرحى في‬
‫المادة ‪ /8‬أ على أنهم‪ ":‬األشخاص العسكريون أو المدنيون الذين يحتاجون إلى مساعدة أو رعاية طبية‬
‫بسبب الصدم ة أو المرض أو أي اضطراب أو عجز بدنيا كان أو عقليا الذين يحجمون عن أي عمل‬
‫عدائي‪ .".....‬يالحظ أن صياغة النص وردت عامة لتشمل العسكريون والمدنيون من جهة وارتكز على‬
‫عنصر أساس هو الحاجة إلى المساعدة الطبية من جهة‪ ،‬إضافة إلى إدراج المصابين بمرض عقلي في فئة‬
‫الجرحى والمرضى‪.‬‬

‫‪-2‬تعريف الغرقى‪ :‬عرفت المادة ‪ /8‬ب من البرتوكول اإلضافي األول الغرقى على أنهم‪ ":‬األشخاص‬
‫أو‬ ‫العسكريون أو المدنيون الذين يتعرضون للخطر في البحار أو أية مياه أخرى نتيجة لما يصيبهم‬
‫يصيب السفينة التي تقلهم من نكبات والذين يحجمون عن أي عمل عدائي ‪ ،‬ويستمر اعتبار هؤالء‬
‫األشخاص منكوبين في البحار أثناء إنقاذهم إلى أن يحصلوا على وضع أخر بمقتضى االتفاقيات أو هذا‬
‫البرتوكول بشرط أن يستمروا في اإلحجام عن أي عمل عدائي"‪.‬‬

‫يتضح من خالل كل ما تقدم بأن البرتوكول اإلضافي األول أضفى الحماية على الجرحى والمرضى‬
‫والغرقى في البحار سواء كانوا عسكريين أو مدنيين كما أن اصطالح الغرقى في البحار يشمل المعرضين‬
‫للخطر في البحار أو أية مياه أخرى نتيجة لما يصيب الطائرة التي تقلهم من نكبات وليس من الضروري‬
‫أن يكون االصطالح مقصورا على غرقى السفن كما اشترط البرتوكول االمتناع عن القيام بأي عمل‬
‫عدائي ضد الخصم وإال سقطت عنهم الحماية المقررة بموجب قانون جنيف‪.‬‬

‫قواعد حماية الجرحى والمرضى والغرقى‬

‫وضع قانون جنيف ثالث واجبات اتجاه ضحايا النزاعات المسلحة وهي االحترام والحماية والمعاملة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وتبدوا هذه المفاهيم متقاربة فيما بينها إال أنها غير مترادفة‪.‬‬

‫‪-‬االحترام ‪ :‬مظهر سلبي يتمثل في االمتناع عن القيام بأي عمل ما يؤذي أو يهدد‪ ،‬وإنما ينبغي المحافظة‬
‫على حياة اآلخرين وكرامتهم ووسائل وجودهم‪ ،‬احترام شخصيتهم الذاتية‪.‬‬

‫‪-‬الحماية ‪ :‬عمل ايجابي وهو صيانة حياة اآلخرين من العلل واألخطار والمعاناة التي يتعرضون لها‬
‫والدفاع عنهم وتزويدهم بالعون والدعم‪.‬‬

‫المعاملة اإلنسانية ‪ :‬تتباين كثيرا بحسب الظروف وتمثل الحد األدنى من المتطلبات الالزمة لحياة مقبولة‬
‫وفيما يلي نتطرق لهذه الحماية بالتفصيل‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫يحظى الجرحى والمرضى والغرقى بحماية مهمة إذ يجب احترامهم وحمايتهم أيا كان الطرف الين‬
‫ينتمون إليه كما يجب في جميع األحوال أن يعامل أي منهم معاملة إنسانية ويلقى قدر المستطاع وبالسرعة‬
‫الممكنة الرعاية الطبية التي تتطلبها حالته ويجب عدم التميز بينهم ألي اعتبارات سوى االعتبارات الطبية‪.‬‬

‫كما يتعين كلما سمحت الظروف بذلك‪-‬أن يتفق أطراف النزاع تدابير عقد هدنة أو وقف إطالق النار‪،‬‬
‫أو ترتيبات محلية لتمكين من جمع وتبادل ونقل الجرحى المتروكين في ميدان القتال ومن ثم يجب حماية‬
‫هؤالء واالعتناء بهم ورعايتهم بغض النظر عن جنسيتيهم‪ ،‬ويتعين على الطرف الذي يسيطر على ميدان‬
‫المعركة أن ي بحث عنهم ويحميهم من أي اعتداء أو أية معاملة سيئة ويمنع في جميع األحوال قتلهم أو‬
‫تعذيبهم أو أخذهم كرهائن أو تعريض أي منهم ألي إجراء طبي ال تقتضيه حالته الصحية و ال يتفق مع‬
‫المعايير الطبية المرعية التي قد يطبقها الطرف الذي يقوم باإلجراء على رعاياه المتمتعين بكامل حريتهم‬
‫في الظروف الطبية المماثلة طبقا للمادة ‪11‬من البرتوكول اإلضافي األول‪.‬‬

‫وبصفة خاصة يحظر بتر أو استئصال أي عضو دون موافقتهم وبصفة خاصة يحظر إخضاعهم ألية‬
‫تجربة عالجية أو علمية دون رضاهم ‪ ،‬كما يحظر قتلهم أو إبادتهم أو تعذيبهم أو تركهم عمدا بدون عالج‬
‫أو عناية معرضين لخطر الوباء أو العدوى‪.‬‬

‫ويتعين في جميع األوقات وخاصة بعد االشتباك في القتال أن يقوم أطراف النزاع دون تأخير بجميع‬
‫اإلجراءات الممكنة للبحث عن الجرحى والمرضى وجمعهم وحمايتهم من سوء من المعاملة وضمان‬
‫العناية المناسبة لهم‪ .‬كما يجب على كل طرف من أطراف النزاع أن يسجل بأسرع ما يمكن جميع البيانات‬
‫التي تساعد على تحقيق شخصية كل مريض أو جريح أو غريق أو متوفي من الطرف المعادي يقع في‬
‫قبضته‪.‬‬

‫أما المعاملة الواجبة لهؤالء الجرحى والمرضى والغرقى في البحار فمن ألقى سالحه منهم يصبح أسير‬
‫حرب ويستفيد ف ي هذه الحالة من الحماية المقررة في اتفاقية جنيف الثالثة‪.‬‬

‫يتعين على السكان المدنين رعاية الجرحى والمرضى والغرقى في البحار ولو كانوا ينتمون لقوات العدو‬
‫وعدم االعتداء عليهم‪ .‬كما يسمح للسكان المدنين ولجمعيات اإلغاثة (الهالل األحمر‪-‬الصليب األحمر) بأن‬
‫يقوموا من تلقاء أنفسهم بإيواء الجرحى والمرضى والغرقى في البحار والعناية بهم حتى في مناطق العدو‬
‫أو االحتالل و ال يجوز ألي شخص أو محاكمته أو إدانته أو عقابه بسبب هذه األعمال اإلنسانية‪.‬‬

‫‪-‬األفراد المرفقون للقوات المسلحة‪:‬‬

‫ترافق القوات المسلحة عند قيامها بعملياتها الحرب ية مجموعة من االفراد ال يتدخلون في القتال وهم على‬
‫النحو األتي‪:‬‬

‫أ‪-‬رجال الدين ‪ :‬يتمتع رجال الدين يرافقون القوات المسلحة بحماية خاصة‪ ،‬كالشيوخ والقساوسة و رجال‬
‫األديان األخرى‪.‬‬
‫ب‪-‬أفراد الهيئات الطبية ‪ :‬يتمتع هؤالء بالحماية ألنهم ال يشكلون جزء من القوات المسلحة‪ ،‬وتم إقرار هذه‬
‫الحماية ألهمية الدور الذي يقومون به والمتمثل في جمع ونقل وعالج الجرحى والمرضى من ساحة‬
‫العمليات الحربية‪ ،‬كما أن قتل هؤالء األفراد ال يحقق ميزة عسكرية للطرف األخر ألن أعمالهم هي أعمال‬
‫إنسانية‪ ،‬ألن أعمالهم أعمال إنسانية وقد يستفيد جرحى ومرضى وأسرى الطرف األخر من خدماتهم وفي‬
‫حالة القبض عليهم فيجب أن يتمتعوا بالحماية التي يتمتع بها األسير‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ج‪-‬أفراد الجمعيات التطوعية‪ :‬يضفي القانون الدولي خالل وأثناء النزاع المسلح الحماية على أفراد‬
‫الوحدات الطبية للجمعيات التطوعية‪ ،‬وال تقتصر هذه الحماية على جمعيات الدول المتحاربة بل تشمل‬
‫أيضا جمعيات الدول المحايدة‪ ،‬وقد نص البرتوكول األول لعام ‪ 1977‬على أن تفسير عبارة" الخدمات‬
‫الطبية" يشمل أفراد الخدمات التابعين لجمعيات الصليب األحمر والهالل األحمر وغيرها من جمعيات‬
‫اإلسعاف الوطنية التطوعية التي تعترف بها أو ترخص لها حكوماتها وفقا لألصول المرعية ومن ثم‬
‫يحصل أفراد الجمعيات التطوعية على الحماية المقررة ألفراد الخدمات الطبية من عسكريين ومدنيين‬
‫التابعين للقوات المسلحة بشرط التزامهم بالقوانين والتعليمات الحربية‪.‬‬

‫د‪-‬حماية األعيان الطبيين‪ :‬تتوقف حماية الجرحى والمرضى والمنكوبين من العسكريين على حماية‬
‫األعيان الطبيين‪ ،‬في البداية كان قانون جنيف يستهدف تلك التي تستخدم لعالج العسكريين( المركبات‬
‫الطبية والمستشفيات العسكرية)‪ ،‬لكن بمرور الوقت أصبحت تشمل المستشفيات البحرية"السفن‬
‫المستشفيات‪ ،‬كما تقرر حماية الطائرات الطبية المستخدمة كلية في نقل الجرحى والمرضى والغرقى‬
‫العسكريين وكذلك لنقل أفراد الهيئات الطبية والمهمات الطبية وال يجوز االعتداء عليها‪.‬‬

‫ه‪-‬الشارة المميزة ‪ :‬أدرك واضعو قانون جنيف مدى الحاجة إلى شارة تميز نشاطات أفراد الخدمات الطبية‬
‫الذين يقومون بمساعدة ضحايا النزاعات المسلحة الدولية لذلك نصت اتفاقيات جنيف على منح الشارة‬
‫صفة الحماية وهي عبارة عن " صليب" أو "هالل أحمر" على أرضية بيضاء‪ ،‬يستخدمها كل فرد يؤدي‬
‫خدمات طبية لصالح هؤالء الضحايا‪ ،‬أو ترفع على الوحدات الطبية‪ ،‬و وسائل النقل الطبي تحت إشراف‬
‫الخدمات العسكرية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حمــــــــــ ـــــايـــــــــة المـــــــــــــــدنيـــــــــــــــــن‬

‫أولى ق دإ حماية مهمة لهذه الفئة‪ ،‬ويتجلى هذا االهتمام من خالل النصوص الواردة في كل من اتفاقية‬
‫جنيف وبالخصوص االتفاقية الثالثة التي خصت لحماية هذه الفئة والبرتوكولين اإلضافيين األول والثاني‬
‫لعام ‪ ،1977‬من بين هذه النصوص نجد‪:‬‬
‫‪-‬ال يجوز أن يكون المدنين محال للهجوم‪ ،‬وتحظر كل أعمال العنف أو التهديد به الرامية أساسا إلى بث‬
‫الرعب بين السكان المدنين بشرط أال يقوموا بدور مباشر في األعمال العدائية( م‪ 51/‬ب ج ‪.)1‬‬

‫أو تلك‬ ‫‪-‬حظر الهجمات العشوائية ‪ ،‬وتعد هجمات عشوائية تلك ال تي ال توجه إلى هدف عسكري محدد‬
‫التي تستخدم طريقة او وسيلة للقتال ال يمكن حصر أثارها‪ ،‬مثل الهجمات بالقنابل (م‪ 54/‬ب ج ‪.)1‬‬

‫أو‬ ‫‪ -‬حظر تجويع المدنين كأسلوب من أساليب الحرب وتأكيدا لذلك يحظر مهاجمة أو تدميرا أو نقل‬
‫تعطيل األعيان و المواد التي ال غ نى عنها لبقاء السكان المدنين على قيد الحياة ومثالها المواد الغذائية‬
‫والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري (م ‪55/‬‬
‫بج‪.)1‬‬

‫‪ -‬عدم جواز استخدام هجمات الردع ضد المدنين فإذا قام طرف ما بضرب المدنين للطرف األخر‪ ،‬فال‬
‫يجوز لهذا أن يرد بهجوم مماثل طبقا للمادة ‪ 51‬ب ا ج ‪.1‬‬

‫‪-‬ال يجوز ترحيل المدنين ألسباب تتصل بالنزاع ما لم يتطلب ذلك امن األشخاص المدنين المعنيين أو‬
‫أسباب عسكرية ملحة وإذا ما تم الترحيل فيجب اتخاذ كافة اإلجراءات الممكنة الستقبال السكان المدنين‬

‫‪15‬‬
‫في ظروف مرضية م ن حيث المأوى واألوضاع الصحية الوقائية العالجية والسالمة والتغذية (م‪ 49/‬إ ج‬
‫‪.)4‬‬

‫‪-‬حماية بعض الفئات من األشخاص المدنين‪ :‬إضافة إلى الحماية التي ق دا للمدنين‪ ،‬فإنه خص بعض‬
‫الفئات بحماية خاصة وهي األطفال والنساء وكبار السن‪.‬‬

‫‪-‬حماية األطفال‪ :‬نظرا لألضرار واآلثار السلبية التي تخلفها النزاعات المسلحة على فئة األطفال‪ ،‬لذلك‬
‫أفردت اتفاقية جنيف الرابعة حماية خاصة لهم من ذلك‪- :‬إنشاء مناطق مأمونة وأماكن أمان منظمة تحمي‬
‫األطفال الذين تقل أعمارهم عن ‪ 15‬عاما من أثار الحرب( م‪ 14 /‬من ا ج ‪.)4‬‬

‫‪-‬السماح بمرور األطفال من األماكن المطوقة أو المحاصرة‪ ،‬فيما ألقت م‪ 23/‬ا ج ‪ 4‬التزاما على الدول‬
‫المتحاربة بأن تسمح بمرور أي إرساالت من األغذية الضرورية أو المالبس والمقويات المخصصة‬
‫لألطفال دون ‪ 15‬عاما‪ ،‬أما المادة ‪ 24‬من إ ج ‪ ،4‬فألزمت الدول باتخاذ التدابير الفعالة لضمان عدم‬
‫األطفال اشتراك دون ‪ 15‬عاما الذين فقدوا ذويهم أو ابتعدوا عن عائالتهم بسبب الحروب‪.‬‬

‫ما يالحظ على هذه األحكام هو أنها تبدوا غير كافية‪ ،‬لهذا تفطن واضعو برتوكول جنيف األول عام‬
‫‪ 1977‬في نص م‪ 77/‬التي تنص على أنه‪(:‬يجب أن يكون األطفال موضع احترام وتكفل لهم الحماية ضد‬
‫أي صورة من صور خدش الحياء)‪.‬‬

‫‪-‬اتخاذ كافة التدابير المستطاعة التي تكفل عدم اشتراك األطفال الذين لم يبلغوا سن ‪ 15‬عاما في األعمال‬
‫العدائية بصورة مباشرة وعلى هذه األطراف بوجه خاص أن تمتنع عن تجنيد هؤالء ممن لم يبلغوا سن‬
‫‪ 15‬عاما أن تسعى إلعطاء األولوية من هم أكبر سنا‪.‬‬

‫‪-‬حماية النساء ‪ :‬اهتمت االتفاقية الرابعة كذلك بالنساء وهذا من خالل‪:‬‬

‫‪-‬ال يجوز اغتصاب النساء أو إكراههن على الدعارة أو إجبارهن على القيام بأي عمل يؤثر في شرفهن أو‬
‫حياتهن‪.‬‬

‫‪-‬ال يجوز إلقاء القبض على المرأة الحامل‪ ،‬ويجب توفير لهن الحماية والرعاية الالزمتين( م‪ 276 /‬ب ج‬
‫‪.)1‬‬

‫‪-‬يجب معاملة النساء األسرى معاملة خاصة بهن ويجب احترام شرفهن وأشخاصهن بعين االعتبار‬
‫قاليتيهن الجسمية و ال تقل معاملتهن في األحوال جميعها عن معاملة الرجال من األسرى ويجب أن توضع‬
‫النساء األسيرات في أماكن منعزلة عن الرجال‪.‬‬

‫‪-‬كبار السن ‪ :‬يتجلى اهتمام االتفاقية بهذه الفئة فيما يأتي‪ ":‬يكون الجرحى والمرضى وكذلك العجزة موضع‬
‫حماية خاصة( م‪-17 /‬إ ج ‪.)4‬‬

‫‪-‬يجب نقل المسنين من المناطق المطوقة ( م‪-17/‬إج ‪.)4‬‬

‫‪ -‬توفير الرعاية الطبية وتوفير الراحة في مناطق مريحة بعيدا عن العمليات العسكرية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حماية األسرى‬

‫حددت المادة ‪ /4‬أ ‪ -‬ب األشخاص الذين يعاملون كسرى‪:‬‬


‫‪16‬‬
‫أ‪-‬أسرى الحرب بمعني المقصود في هذه االتفاقية هم األشخاص الذين ينتمون إلى إحدى الفئات التالية‬
‫ويقعون في قبضة العدو‪:‬‬

‫‪ -1‬أفراد القوات المسلحة ألحد أطراف النزاع أو الميليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزء من‬
‫هذه القوات المسلحة‪.‬‬

‫‪-2‬أفراد الميليشيات األخرى والوحدات المتطوعة األخرى بما فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة‬
‫الذين ينتمون إلى احد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليميهم حتى ولو كان هذا اإلقليم محتال‪،‬‬
‫على أن تتوفر هذه الشروط فيها‪:‬‬

‫‪-‬أن يقودها شخص مسئول عن مرؤوسيه‪.‬‬

‫‪-‬أن تكون لها شارة مميزة محددة يمكن تمييزها عن بعد‬

‫‪-‬أن تحمل األسلحة جهرا‬

‫‪ -‬أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وعادتها‪.‬‬

‫‪ -3‬أفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعلنون والءهم لحكومة أو سلطة ال تعترف بها الدولة الحاجزة‪.‬‬

‫‪-4‬األشخاص الذين يرفقون القوات المسلحة دون أن يكونوا في الواقع جزء من منها كاألشخاص المدنين‬
‫الموجودين ضمن أطقم الطائرات الحربية والمراسلين الحربين ومتعهدي التموين وأفراد وحدات العمل أو‬
‫الخدمات المختصة بالترفيه عن العسكريين شريطة أن يكون لديهم تصريح لديهم من القوات التي‬
‫يرفقونها‪.‬‬

‫‪ -5‬أفراد أطقم المالحية بمن فيهم القادة والمالحون ومساعدوهم في السفن التجارية وأطقم الطائرات المدنية‬
‫التابعة ألطراف النزاع‪.‬‬

‫‪ -6‬سكان األراضي غير المحتلة الذين يحملون السالح من تلقاء أنفسهم عند اقتراب العدو لمقاومة القوات‬
‫الغازية دون أن يتوفر لهم الوقت لتشكيل وحدات مسلحة نظامية‪ ،‬شريطة أن يحملوا السالح جهرا وان‬
‫يراعوا قوانين الحرب وعادتها‪.‬‬

‫ب‪-‬يعا مل األشخاص المذكورين بالمثل كأسرى حرب بمقتضى هذه االتفاقية‪:‬‬

‫‪-1‬األشخاص الذين يتبعون أو كانوا تابعين للقوات المسلحة للبلد المحتل إذا رأت دولة االحتالل ضرورة‬
‫اعتقالهم بسبب هذا االنتماء حتى ولو كانت قد تركتهم أحرارا في بادئ األمر أثناء سير األعمال الحربية‬
‫خارج األراضي التي تحتلها‪.‬‬

‫‪ -2‬األشخاص الذين ينتمون إلى إحدى الفئات المبينة في هذه المادة والذين تستقبلهم دولة محايدة أو غير‬
‫محاربو في إقليميها وتلتزم باعتقالهم بمقتضى القانون الدولي مع مراعاة أية اثر مالئمة قد تر هذه الدول‬
‫من المناسب منحها لهم باستثناء أحكام المواد ‪ 8‬و‪ 1‬و ‪ 15‬والفقرة ‪ 5‬من م‪ 30/‬والمواد ‪58‬و ‪67‬و‪92‬‬
‫و‪.126‬‬

‫أما بالنسبة لوضع أفراد الخدمات الطبية والدينية فقد نصت هذه المادة في فقرتها ح على أن هذه المادة ال‬
‫تؤثر بأي حال على وضعهم كما هو محدد في م‪ 33/‬من االتفاقية‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫حقوق األسير‪:‬‬

‫‪-1‬الرعاية اإلنسانية لألسير(م‪13/‬و ‪)14‬‬

‫‪ -‬عدم جواز قتله بأي شكل من األشكال‪ ،‬عدم االعتداء عليه وخاصة التشويه والتعذيب والمعاملة القاسية‬
‫وعدم االعتداء على كرامته الشخصية وعلى األخص المعاملة المهينة والماسة بالكرامة‪.‬‬

‫‪ -‬عدم معاقبته دون محاكمة عادلة ويجب معاملته معاملة إنسانية من ذلك عدم تعريضه أي أسير للتشويه‬
‫البدني أو التجارب الطبية أو العلمية من أي نوع كان مما ال تبرره المعالجة الطبية لألسير المعني أو ال‬
‫يكون في مصلحته‪.‬‬

‫‪-‬ألسرى الحرب حق في احترام أشخاصهم وشرفهم في جميع األحوال ويجب أن تعامل النساء األسيرات‬
‫بكل اعتبار الواجب لجنسهن‪ ،‬ويجب على أي حال أن يلقين معاملة ال تقل مالئمة عن المعاملة التي يتلقاها‬
‫الرجال ويحفظ أسرى الحرب بكامل أهليتهم المدنية التي كانت لهم عند وقوعهم في األسر وال يجوز‬
‫للدولة الحاجزة تغييب ممارسة الحقوق التي تكفلها هذه األهلية سواء في إقليمها أو خارجه إال بالقذر الذي‬
‫يقتضيه األسر‪.‬‬

‫‪ -‬عند القبض على األسير ال يجوز استجوابه إال باإلدالء باسمه كامال ورتبته العسكرية وتاريخ ميالده و‬
‫رقمه بالجيش أو رقمه الشخصي إذا لم يستطع فبمعلومات مماثلة‪ ،‬وإذ أخل األسير بهذه القاعدة باختياره‬
‫فإنه قد يتعرض النتقاص المزايا التي تمنح ألسرى الذين لهم رتبته أو وضعه‪.‬‬

‫‪-‬الرعاية الغذائية والصحية لألسير‬

‫تلتزم الدولة الحاجزة بتوفير الطعام والشراب والرعاية الطبية بدون مقابل وبدون تمييز‪ ،‬وينبغي أن‬
‫تكون وجبات الطعام األساسية اليومية كافية من حيث كميتها ونوعيتها وتنوعها لتكفل صحة األسير‪.‬‬

‫توفير المالبس بمختلف أنواعها والتي تناسب مناخ المنطقة المحتجز بها ويجوز للدولة الحاجزة‬
‫تكليف أسرى الحرب من أطباء وجراحي أسنان والممرضين بمباشرة مهامهم الطبية لمصلحة أسرى‬
‫الحرب التابعين لنفس الدولة حتى إذا لم يكونوا ملحقين بالخدمات الطبية في قواتهم المسلحة‪.‬‬

‫إجراء الفحوص الطبية لألسير مرة واحدة على األقل كل شهر ويشمل الفحص مراجعة وتسجيل وزن‬
‫كل أسير والغرض من هذه الفحوص هو مراقبة الحالة العامة لصحة األسير و تغذيتهم ونافتهم وكشف‬
‫األمراض المعدية و السيما المالريا وغيرها من األمراض األخرى الخطيرة كالكورونا مثال‪.‬‬

‫‪-‬نقل األسرى من ساحة العمليات العسكرية‪:‬‬

‫يتم القبض على أسرى في ساحة المعارك وهي منطقة عرضة للقصف من طرف الدولتين المتحاربتين لذا‬
‫يتطلب من الدول االلتزام بما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬يجب نقل األسرى عن ساحة العمليات العسكرية إلى منطقة بعيدة عن القتال ولو بصورة مؤقتة‬

‫‪ -‬عدم نقل األسرى إلى منطقة خطيرة معرضة للقصف من الطرفين إال إذا كان نقلهم يعرضهم للخطر‬
‫بسبب الجرح أو المرض الذي تعرضوا له‪.‬‬

‫‪-‬يجب تزويد األسرى بالماء والغداء واللباس والرعاية الطبية‪.‬‬


‫‪18‬‬
‫‪-‬معسكرات األسر‬

‫يمكن للدولة الحاجزة إخضاع أسرى الحرب لالعتقال ولها أن تفرض عليهم التزاما بعدم تجاوز حدود‬
‫معينة من المعسكر الذي يعتقلون فيه أو بعدم تجاوز نطاقه إذا كان ميسورا و ال يجوز حجز أو حبس‬
‫األسرى إال كإجراء ضروري تقتضيه حماية صحتهم‪ ،‬و ال يجوز أن يدوم هذا الوضع على أي حال‬
‫ألكثر مما تطلبه الظروف التي اقتضته كما ال يجوز إطالق سراح أسرى الحرب بصورة جزئية أو كلية‬
‫مقابل وعد أو تعهد منهم بحسب قوانين الدولة‪.‬‬

‫وينبغي أن تكون معسكرات األسر تتوفر على‪:‬‬

‫‪ -‬وضع األسرى في أبنية تتوفر فيها الظروف الصحية و ال يجوز اعتقالهم في سجون أو إصالحيات‪.‬‬

‫‪-‬أن تكون معسكرات اآلسر مماثلة لمعسكرات القوات المسلحة في الدولة‬

‫‪-‬اتخاذ كافة التدابير الصحية الضرورية لتامين نظافة المعسكرات ومالئمتها للصحة والوقاية من األوبئة‪.‬‬

‫‪-‬انتهاء حاالت األسر‬

‫تنتهي حالة األسر‪:‬‬

‫‪-‬إعادة األسرى المصابين بأمراض أو جروح خطيرة إلى أوطانهم بغض النظر عن العدد والرتبة‪.‬‬

‫‪-‬يعاد الجرحى والمر ضى الميؤس من شفائهم إلى وطنهم وكذلك المصابون باألمراض عقلية من الجرحى‬
‫والمرضى‪.‬‬

‫‪-‬اإلفراج عنهم بعد االنتهاء من العمليات القتالية الفعلية دون إبطاء‪.‬‬

‫يتضح من خالل كل ما تقدم بأن األسير يتمتع بحماية مهمة بدء من نقله من كان العمليات العسكرية‬
‫وانتهاء باإلفر اج عنه‪ ،‬غير أن الواقع يثبت عكس ذلك بحيث يعامل األسرى معاملة قاسية وغير إنسانية‬
‫من خالل وضع ما يعرف" بالمعتقالت السرية" التي ال تتوفر فيها أدنى الشروط التي يتطلبها القانون‬
‫الدولي اإلنساني‪ ،‬ناهيك عما يتعرض له األسير من قتل وتعذيب وحرمان من الغذاء والماء والتي أصبحت‬
‫من األمور المألوفة لدى األسرى وما تعرض له األسرى في كل من سجني "أبو غريب" بالعراق‬
‫"وكونتانامو" دليل على ما نقول‪.‬‬
‫إضافة إلى األشخاص السابقة فإن القانون اإلنساني حظر ضرب األهداف غير العسكرية (األعيان‬
‫المدنية والثقافية)‪ ،‬ألنها تعد أهدافا مدنية وحدد بعض المناطق واألبنية وأماكن معينة لها قدسية ومؤسسات‬
‫مخصصة ألغراض إنسانية لما لها من أهمية لدى المدنين‪ .‬فال يجوز ضرب أي هدف مدني مهما كانت‬
‫األسباب وتتمتع بعض المناطق بحماية خاصة فال يجوز التعرض لها أو ضربها ألن المساس بها يؤدي‬
‫إلى إلحاق الضرر بالمدنين ومن هذه المناطق‪- :‬المناطق المحايدة –األبنية والمنقوالت‪.‬‬
‫الخاتمة‬

‫حاولنا في هذه المحاضرات أن نبرز أهم الجوانب التي يتناولها موضوع القانون الدولي اإلنساني‪،‬‬
‫باعتبار فرعا من فروع القانون الدولي‪ ،‬وبالتالي فدراسته كباقي الفروع يحتاج لإللمام بمختلف عناصره‬
‫وترتيبها صحيحا حسب المعطيات التاريخية والقانونية‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى ينبغي القول بأن‬

‫‪19‬‬
‫القانون الدولي اإلنساني موضوع خطير ومعقد في آن واحد من الناحية العملية‪ ،‬السيما وهو يعالج مسألة‬
‫حماية حقوق اإلنسان في زمن النزاعات المسلحة‪.‬‬

‫لقد تبين أن القانون الدولي اإلنساني مر بثالثة مراحل مهمة كانت بدايتها بالمعامالت اإلنسانية أثناء‬
‫الحروب مرورا بعصر الديانات السماوية التي عززت تنظيم وأنسنة الحروب إلى أن جاء عصر التنظيم‬
‫الدولي وتقنين القواعد اإلنسانية أثناء النزاعات المسلحة ابتداء بعام ‪ 1863‬بعد توقيع أول اتفاقية دولية‬
‫خاصة بحماية الجرحى العسكريين في الميدان‪ ،‬وقد تطورت هذه القوانين إلى أن توجت باالتفاقيات اإلطار‬
‫والمتمثلة في اتفاقيات جنيف األربع لعام‪ 1949‬والبروتوكولين اإلضافيين لعام ‪ ،1977‬هذا إلى جانب‬
‫االتفاقيات األخرى المتخصصة ذات الصلة بالنزاعات المسلحة‪.‬‬

‫إن تطبيق القانون الدولي اإلنساني ال يمكن أن يقوم بدون تحديد النطاق المادي والشخصي له‪،‬‬
‫فاألول يقف على أنواع النزاعات المسلحة وخصوصيات كل نزاع على حدا‪ ،‬إلى جانب معرفة بدايتها‬
‫ونهايتها قصد تحديد زمن تطبيق قانون النزاعات المسلحة‪ ،‬كما أن تطبيق القانون الدولي اإلنساني يقتضي‬
‫اعتماد آليات واضحة قصد تفعيله وتكريس حماية للفئات المشمولة من العسكريين العاجزين أو المدنيين‪،‬‬
‫وقد سعت األجهزة المكلفة بتطبيق القانون الدولي اإلنساني بدرجات متفاوتة في تحقيق وتوفير الحماية في‬
‫عدة مناطق التي تشهد بؤر التوتر في مقابل شلل آليات أخرى وعدم تفعيلها كآلية الدولة الحامية وغيرها‪.‬‬

‫‪20‬‬

You might also like