Professional Documents
Culture Documents
محاضرات في القانون الدولي الانساني السنة الثالثة
محاضرات في القانون الدولي الانساني السنة الثالثة
مقدمة:
لقد كانت ظهور القانون الدولي اإلنساني نتيجة حتمية وطبيعة ورد فعل للمعاناة الكبيرة و الخطيرة التي
عاشها اإلنسان خالل النزاعات التي عرفتها البشرية منذ القدم ،و كان الغاية من بروز هذا القانون هو تخفيف
آالم اإلنسان أثناء الحروب ،على أن ميزته األساسية أنه ال يطبق في منطقة أو بلد معين بل يطبق في جميع
المناطق التي تشهد النزاعات و يعاني األفراد المآسي و اآلالم.
بناء على ذلك تكون دراستنا لهذا القانون تتطلب منا تحديد مدلوله و خصائصه و عالقته ببعض القوانين التي
تطبق في إطار مماثل لإلطار الذي يطبق فيه القانون الدولي اإلنساني ،و كذلك كيفية ظهوره و تطوره ومختلف
1
مصادره و مبادئه ،ثم التطرق لمجاالت ا لحماية من حيث األشخاص أو الفئات و األعيان المشمولة بموجب
أحكام هذا القانون.
نحاول فيما يلي أن نبرز في هذا اإلطار تعريف القانون الدولي اإلنساني وتطوره التاريخي
تتنوع تعريفات الباحثين في مجال القانون الدولي اإلنساني ،إال أنها تصب في سياق واحد تتفق من
حيث المعنى
ب -تعريف األستاذ أ .بوزيد :عبارة عن "مجموعة من القواعد القانونية التي تهدف في حاالت النزاع
المسلح ،إلى حماية األشخاص الذين يعانون من ويالت هذا النزاع ،و كذلك حماية المباني و الممتلكات
التي ليس لها عالقة مباشرة بالعمليات العسكرية".
لقد تضمن التعريف حماية األشخاص و الممتلكات ،و هذا ما يتفق مع أحكام القانون الدولي ،ويبدوا
أن هذا التعريف ج اء عاما و لم يفصل في الفئات التي تحظى بالحماية.ّ
و الغاية و من بينها:
أ-تعريف األستاذ صالح الدين ":هو مجموعة من المبادئ و القواعد المتفق عليها دوليا ،و التي تهدف
إلى الحد من استخدام العنف في وقت النزاعات المسلحة ،عن طريق حماية األفراد المشتركين في
العمليات الحربية أو الذين توقفوا عن المشاركة فيها و الجرحى و األسرى والمدنيين وكذلك عن
طريق جعل العنف في المعارك العسكرية مقتصرا على تلك األعمال الضرورية لتحقيق الهدف
العسكري".
يتضح من خالل هذا التعريف أن القانون الدولي اإلنساني عبارة عن مجموعة من المبادئ
والقواعد التي تطبق في النزاعات المسلحة بغية حماية بعض الفئات التي ال تشارك في العمليات
العسكرية أو العاجزة عن المشاركة في العمليات العسكرية ،في حين لم يتضمن التعريف حماية
األعيان (المدنية) المادية التي تعتبر مجاال محميا بحكم القانون الدولي اإلنساني.
-2خصائص القانون الدولي اإلنساني :يتميز هذا القانون بمجموعة من الخصائص تتمثل أساسا في:
2
أ -قانون رضائي أي ال تلتزم به الدول إال بإرادتها المنفردة و الحرة عن طريق االنضمام إلى
االتفاقيات الدولية ذات الصلة.
ب -موضوعه هو حماية اإلنسان و األعيان ،وااللتزام بمعاملة من هم خارج العمليات العسكرية مثل:
الجرحى والمرضى والغرقى األسرى و المدنين معاملة إنسانية و حظر كل أشكال القسوة واإلهانة
ضدهم.
ج -العالمية :تتسم قواعد القانون الدولي اإلنساني بالعالمية ألن معظم الدول بما فيها الدول الكبرى
انضمت لالتفاقيات الدولية التي تعد مصدر من مصادر هذا القانون ،و بذلك فإن المجتمع الدولي كله قد
قبل و وافق على هذه االتفاقيات.
د -سمو قواعد القانون الدولي اإلنساني ،حيث أن األولوية في تطبيق قواعده ( االتفاقيات) في حالة
وجود تعارض بينها و بين أي اتفاق تعقده الدولة.
يعتبر القانون الدولي اإلنساني فرع م ن فروع القانون الدولي العام ،لهذا نجده يرتبط بغيره من
فروع هذا القانون من ذلك :القانون الدولي لحقوق اإلنسان ،والقانون الجنائي الدولي.
يرتبط القانونين من حيث أنهما يعالجان مواضيع دولية ،كما أنهما يهدفان إلى حماية حياة
األفراد و صحتهم و كرامتهم من زوايتين مختلفتين ،فعلى سبيل المثال :يهدف كل منهما إلى حماية
حياة اإلنسان ،كما تضمن كل منهما أحكاما تكفل حماية األطفال و النساء و توفير مستلزمات الحياة
من غذاء وأدوية ،إالّ أنهما يختلفان من جوانب أخرى ،فالقانون الدولي اإلنساني يعتبر األسبق في
الظهور بنحو مائة عام إذ بدأ تقنينه خالل منتصف القرن التاسع عشر و بالتحديد بعد تأسيس اللجنة
الدولية للصليب األحمر ( ،)1863في حين أن قواعد القانون الدولي لحقوق اإلنسان بدأت في
الظهور في منتصف القرن العشرين بفضل جهود منظمة األمم المتحدة.
كما يخت لفان كذلك من حيث الموضوع ذلك القانون الدولي اإلنساني يعالج مواضع تخرج عن نطاق
القانون الدولي لحقوق اإلنسان مثل سير العمليات الحربية و الوضع القانوني للمقاتلين ،كما أن القانون
الدول ي لحقوق اإلنسان يعالج مواضيع تخرج عن نطاق القانون الدولي اإلنساني في ظل حماية حقوق
اإلنسان في وقت السلم ،حرية الصحافة -حرية االجتماع.
و أن القانون الدولي اإلنساني يطبق في وقت النزاعات المسلحة ،بينما القانون الدولي لحقوق اإلنسان
يطبق في وقت السلم و النزاع المسلح.
ب -عالقة القانون الدولي اإلنساني بالقانون الجنائي الدولي
يرتبطان من حيث تأكيدهما للمسؤولية الجنائية الدولية للفرد عن الجرائم المرتكبة و العقوبة
المقررة لذلك ،كما أن قواعد القانون الجنائي الدولي يمثل النصوص اإلجرائية لقواعد القانون الدولي
اإلنساني ،فهي تحدد إجراءات التقاضي أمام المحاكم الجنائية الدولية و طرق الطعن في األحكام
القضائية الدولية في حالة حصول انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي اإلنساني فيما تشكل هذا األخير
إحدى القواعد الموضوعية للقانون الجنائي الدولي.
ثانيا ظهور و تطور قواعد القانون الدولي اإلنساني
3
كان الملوك و األم راء القدامى يأمرون جيوشهم بمعاملة الشعوب المنهزمة معاملة حسنة و احترام
كافة أماكن العبادة من ذلك ملك الفرس "سيروس" ،و كذلك الملك "أشوكا" عندما استولى على وسط الهند
عام 279-380ق.م .حيث أمر قواته بمساعدة الجرحى و المرضى وعالجهم .تطور األمر في هذه
العصور لت يشمل الحماية العسكرين حيث منع الرومان استخدام السم في الحرب.
يشهد التاريخ في سوابق كثيرة ،أن الرومان بعد ميالد المسيح عليه السالم قد اهتموا بحماية المدنيين
و األسرى والجرحى والمصابين في العمليات الحربية حيث شهد عام " 410ق.م قيام "أالريك األول"
بغزو مدينة روما والذي أمر جنوده باحترام الكنائس و عدم قتل أو إيذاء من يحتمي بها سواء كانوا من
المدنيين أو العسكر الفارين من ضراوة المعارك الحربية.
وبظهور الدين اإلسالمي الذي أسس قواعد كثيرة لها صلة بالحروب وردت في القرآن الكريم والسنة
الشريفة و معامالت الخلفاء الراشدين من ذلك حماية النساء واألطفال -كبار السن حسن معاملة األسرى،
منع التمثيل بالجثث.
ظهرت قواعد القانون الدولي اإلنساني أيضا قي مؤلفات الكتاب مثل "فيكتوريا وسوارين" الذين
دعوا إلى التخفيف من شدّة وحشية الحرب .و الرفق بما أدخلوه من نظم دينية على الحرب مثل "صلح
الحرب"" ،هدنة الحرب" وخالل حرب الثالثين عاما التي عاشتها أوروبا ' "1648-1618بين الدول
الكاثوليكية والدول البروتستانتية ،ظهر الفقيه "غروسيوس" بمؤلفه ،المعروف قانون الحرب والسالم
حيث دعا إثر هذه الحرب إلى ضبط سل وك المتحاربين حيث دعا فيه على عدم قتل المهزوم إال في حاالت
استثنائية و أنه ال يجوز تدمير الممتلكات إال لضرورة عسكرية.
وكان "لـ جون جاك روسو" رأي في هذه المسألة حيث أوضح في كتابه "العقد االجتماعي" الصادر
عام 1752بأن الحرب ليست عالقة إنسان بإنسان بل عالقة دولة بدولة و ال يكون فيها األفراد أعداء إال
بصورة عابرة ال كبشر و ال حتى كمواطنين ،بل كجنود ال كأفراد من الوطن بل كمدافعين عنه) و أكد بأن
نهاية الحرب تكون بالقضاء على الدولة المعادية لذلك من حقنا أن نقتل المدافعين عنها طالما كان السالح
في أيدهم ،و لكن ما أن يلقوا السالح و يستسلموا و يتوقفوا عن كونهم أعداء أو أدوات العدو ،يصبحون من
جديد مجرد بشر الحق لنا في حياتهم).
وهكذا نجد "روسو" وضع مبادئ و قواعد ثورية جديدة في سلوك المتحاربين ،لو اتبعتها األطراف
المتحاربة ألدى ذلك إلى ال تقليل من ضحايا هذه النزاعات المسلحة إلى حد كبير.
وتعود النواة األولى لوضع قواعد قانونية دولية إنسانية إلى معركة "سولفرينو" (مدينة شمال ايطاليا)
بين الجيش الفر نسي و الجيش النمساوي عام 1859انتهت بانتصار الجيش الفرنسي وسقط خاللها ضحايا
كثيرة في وقت وجيز ،وفي ذات اليوم وصل إلى هذه المنطقة مواطن سويسري يدعى (هونري دونان) ،و
شاهد مأساة كبيرة و عند عودته إلى سويسرا ألف كتابه المعنون بـ"تذكار سولفرينو" و نشره في عام
1862و تقدم باقتراحين:
-1يدعو فيه إلى تشكيل جمعيات إغاثة في وقت السلم تضم ممرضين و ممرضات مستعدين لرعاية
الجرحى في وقت الحرب
-2االعتراف بالمتطوعين الذين يتعين عليهم تقديم الخدمات الطبية التابعة للجيش وحمايتهم بموجب اتفاق
دولي.
وفي عام 1863تشكلت لجنة جنيف تتكون من خمس أعضاء ثم أنشأت اللجنة الدولية إلغاثة الجرحى
والتي تحولت فيما بعد إلى اللجنة الدولية للصليب الحمر.
4
واستمرت الجهود إلى أن كللت بإبرام اتفاقيات الهاي عام 1907-1899تتصل بتنظيم العالقة وسلوك
الدول المتحاربة فيما بينها و بين السكان من ناحية أخرى وضعت ضوابط تحد من السلطة المطلقة للدول
في الحرب و التي كانت سائدة من قبل.
وبانته اء الحرب العالمية الثانية و ما خلفته من مآسي و دمار في صفوف المدنيين و العسكريين
والممتلكات ،تم التوصل عام 1949إلى إبرام اتفاقيات جنيف األربع ،و تداعمت هذه االتفاقيات بـ
برتوكولين إضافيين عام 1977األول خاص بالنزاعات الدولية والثاني بالنزاعات غير الدولية كما تم
إبرام برتوكول اختياري الملحق بــ "اتفاقية حقوق الطفل"( النزاعات المسلحة عام ،)2000وبرتوكول
ثالث ملحق باتفاقيات جنيف ،2005الشارة المميزة والتي تشكل قواعد هذه االتفاقيات معظم أحكام القانون
الدولي اإلنساني.
االتفاقيات الدولية – العرف الدولي – المبادئ العامة للقانون – قرارات المنظمات الدولية – القضاء و
الفقه.
-1االتفاقيات الدولية
تعد المصدر الرسمي واألساس للقانون الدولي اإلنساني وصنفها الفقه إلى قسمين :قانون الهاي – قانون
جنيف.
أ -قانون الهاي :وضعت أسس هذا القانون في مؤتمر السالم بـ "الهاي" عام 1907-1899حيث أبرمت
عدة اتفاقيات لتحديد واجبات و حقوق الدول في إدارة العمليات الحربية ،وأيضا الحد من حرية الدول في
اختيار وسائل الحرب.
-ا تفاقية الهاي بشأن حقوق و واجبات الدول المحايدة و األشخاص المحايدين في حالة الحرب.
5
األحمر ،إضافة إلى البرتوكول االختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل لعام ،2000وهي على النحو
اآلتي:
-اتفاقية جن يف لتحسين حال الجرحى و المرضى بالقوات المسلحة في الميدان.
-اتفاقية جنييف لتحسين حال الجرحى و المرضى بالقوات المسلحة في البحار.
-اتفاقية جنييف لحماية أسرى الحرب.
-اتفاقية جنيف لحماية المدنيين وقت الحرب.
-البرتوكول اإلضافي األول المتعلق بحماية ضحايا ال نزاعات ذات الطابع المسلحة الدولية.
-البرتوكول اإلضافي ال ثاني ،المتعلق بحماية ضحايا النزاعات ذات الطابع المسلحة غير الدولية.
-البرتوكول اإلضافي الخاص باعتماد شارة مميزة.
-البرتوكول االختياري التفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك األطفال في النزاعات المسلحة.
-2العرف الدولي
عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي تنشأ في المجتمع بفعل تكرار الدول لها مدة طويلة و
التزامها بها اعتقادا منها بأنها قواعد تتصف باإللزامية.
والعرف الدولي شأ نه شأن العرف الداخلي و هو التكرار و هذا من خالل تكرار السلوك أو الوقائع
بشكل دائم و مستمر و عام ،وعنصر معنوي يتمثل في اقتناع الدول بضرورة هذا العرف و إيمانها بأن
إتباعه مصدر من مصادر القانون الدولي اإلنساني ،يمكن الرجوع إليه في حالة عدم وجود نص في
االتفاقيات الدولية من خالل ما نصت عليه م 2/1من البرتوكول اإلضافي األول لعام " 1977يظل
المدنيون والمقاتلون في الحاالت التي ال ينص هذا الملحق "البروتوكول" أو أي اتفاق دولي آخر تحت
حماية و سلطان مبادئ القانون الدولي كما استقر بها العرف و مبادئ اإلنسانية و ما يمليه الضمير العام".
و من أمثلة القواعد العرفية" :قاعدة مارتينز"( )Clause martinsو هو مندوب اإلمبراطورية الروسية
(نيكوالس الثاني) لمؤتمر الهاي .1899
" في الحاالت التي تشملها أحكام االتفاقية التي تم عقدها بظل السكان المدنيون و المقاتلون تحت حماية و
سلطان مبادئ قانون األمم كما جاءت في األعراف التي استقر عليها الحال من الشعوب المتمدينة ;قوانين
اإلنسانية و مقتضيات الضمير العام)".
-3المبادئ العامة للقانون
إلى جانب االتفاقيات الدولية واألعراف المستقر عليها وضعت التزامات عديدة على الدول .بحيث
توجد مجموعة من المبادئ القانونية يستند إليها هذا القانون بعضها تستنبط من سياق النص القانوني ألنها
تعبر عن جوهر القانون و البعض منها تمت صياغتها بشكل صريح في االتفاقيات الدولية.
أما األساس القانوني في اعتبارها مصدرا للقانون الدولي اإلنساني فنجده في نص م ½ من البرتوكول
اإلضافي األول التفاقيات ضيف عام ،"1977يظل المدنيون تحت حماية و سلطان مبادئ القانون الدولي"
و من بين هذه المبادئ :نجد :مبدأ اإلنسانية ،مبدأ التمييز – مبدأ الضرورة العسكرية – مبدأ المحاكمة
العادلة – مبدأ التناسب إلى غير ذلك من المبادئ.
-4القضاء
يتمثل القضاء الدولي في محكمة العدل الدولية التي تتولى الفصل في النزاعات المعروضة أمامها من
طرف الد ول و تقديم اآلراء االستشارية بشأن بعض المسائل و القضايا.
كان لهذه المحكمة دور كبير ف ي الكشف و تطبيق بعض المبادئ القانونية و القواعد العرفية الدولية ،وهذا
من خالل القضايا التي عرضت عليها ،و من بين هذه القضايا التي قضت المحكمة بشأنها نجد:
6
-1قضية مضيق كورفو (المملكة المتحدة (بريطانيا) ضد ألبانيا)
أشارت المحكمة في هذه القضية إلى أن الدول يجب أن تخضع لبعض االلتزامات الناشئة عن وجود
بعض المبادئ العامة المعترف بها كاالعتبارات المبدئية اإلنسانية المفروضة في وقت السلم أكثر منها في
وقت الحرب ،انتهت هذه المحكمة في هذه القضية بأن ألبانيا كانت ملزمة باالعتراف بوجود حقل األلغام
في مضيق "كورفو" و أن تقوم بإخبار البواخر الحربية البريطانية في الوقت الذي كانت تقترب منها
وتنبهها إلى األخطار اآلتية التي ستتعرض لها في حقل األلغام.
أكدت المحكمة في حكمها الصادر بتاريخ 86/06/27 :على وجوب احترام القانون الدولي اإلنساني و
المبادئ العامة المعترف بها كاالعتبارات اإلنسانية المبدئية.
-3قضية الحروب البرية و البحرية في الكامرون و نيجريا (التدابير المؤقتة)
استندت المحكمة إلى الغرض األساسي لألمم المتحدة و هو حفظ السلم واألمن الدولي لتأمر باتخاذ
التدابير المستعجلة الالزمة في حالة النزاعات المسلحة بغية ضمان الحق في الحياة لموطني كال الدولتين
طرفي النزاع ،لقد كان الحق في الحياة لهؤالء األشخاص عرضة للخطر سبب استعمال القوة من طرفي
النزاع لكن المحكمة اتخذت من صالحياتها في تقرير تدابير مستعجلة كأداة لحماية هذا الحق.
-5الفقه
يمكن أن تشكل أراء كبار الفقهاء القانون الدولي اإلنساني و كتاباتهم مصدرا تفسيريا للقانون د إ ،وذلك
بالكشف عن الثغرات أو النقائص الموجودة في االتفاقيات الدولية ذات الصلة ،ولفت انتباه الدول إليها
وحثها على تبنيها في اتفاقيات دولية الحقة.
وعلى مر العصور أسهم الفقه في تطوير قواعد القانون الدولي اإلنساني و تنبيه الدول و القضاء الدولي
بما وضعه من مقترحات و أراء حول تطبيق القواعد القانونية و تفسير نصوص المعاهدات الدولية و مدى
تطبيقها ،و لهذا فإن فقهاء القانون الدولي في الدول المختلفة غالبا ما سهموا في تطوير قواعد القانون
الدولي اإلنساني عبر األجهزة الداخلية في وزارت الخارجية للدول ،وأن الرجوع إلى مؤلفاتهم مفيد من
الناحية العلمية.
-6المبادئ العامة للقانون
يرتكز القانون الدولي اإلنساني على مجموعة من المبادئ تتمثل هذه في:
أ -مبدأ اإلنسانية
يتطلب هذا المبدأ أن تكون الشخصية اإلنسانية محل اعتبار دائم و في كل الظروف ،و بما يفيد تمتع
أو الكائن اإلنساني بالحماية هذه و بمعزل عن أي اعتبار اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي أو ديني
عسكري فهذا المبدأ بطبيعته ال يعطي أية قيمة لهذه االعتبارات ،و يتجاهل أي تميز مبني على أساس
العنصر أو الجنس ،أو العرق ،أو العقيدة.
نجد بأن اتفاقيات جنيف قد نصت على هذا المبدأ في " و على أطراف النزاع الذين يكونون تحت
سلطته أن يعاملهم معاملة إنسانية ،و أن هذا يهم و يحفظ بشدة أي اعتداء على حياتهم أو استعمال العنف
معهم ،و يجب على األخص عدم قتلهم أو إبادتهم ،أو تعريضهم للتعذيب أو للتجارب الخاصة بعلم
الحياة"...
كما تضمن النظام األساسي للجنة الدولية للصليب األحمر هذا المبدأ ،إن أشار إلى أن اللجنة تستند في
عملها إلى مبدأ اإلنسانية ،و هذا المبدأ يعد قاعدة قانونية و أخالقية و قاعدة مؤسسية تربط جميع عناصر
العمل االجتماعي و رسالة اللجنة الدولية للصليب الحمر.
7
وبناء على ما تقدم فان القانون الدولي اإلنساني يطبق على جميع الناس دون تميز على أساس الجنس
أو اللون أو العقيدة أو االنتماء الثقافي.
ب -مبدأ الضرورة العسكرية
يعني امتناع أطراف النزاع عن القيام بأعمال عسكرية ال تبررها ضرورة ،أو اإلفراط في القيام بهذه
األ عمال دون مبرر ،أو انتهاك الحرمات واالعتداء على األعيان المدنية ،وقد كرست م 2/54من
البرتوكول اإلضافي التفاقيات جن يف والخاص بالنزاعات المسلحة الدولية على أنه " يحظر مهاجمة
أو تدمير أو قتل أو تعطيل األعيان و المواد التي ال غني عنها لبقاء السكان المدنين و مثالها المواد الغذائية
و المناطق الزراعية التي تنتجها ،و المحاصيل ،و الماشية ،و مرافق مياه الشرب و شبكاتها ،وأشغال
الري إذا تحدد القصد منها في منعها عن السكان المدنيين أو الخصم لقيمتها الحيوية مهما كان الباعث
سواء كان بقصد تجويع المدنيين ،أم حملهم على النزوح أم ألي باعث آخر" .فيما نصت الفقرة 5من ذات
المادة على أنه " :يسمح مراعاة للمتطلبات الحيوية ألي طرف في النزاع من أجل الدفاع عن إقليميه
الوطني ضد الغز و ،بأن يضرب طرف النزاع صفحا عن الخطر الوارد في الفقرة الثانية في نطاق مثل
ذلك اإلقليم الخاضع لسيطرته إذا أملت ذلك ضرورة عسكرية ملحة".
ج -مبدأ التمييز :ورد هذا المبدأ في نص م 48من البرتوكول اإلضافي األول لعام 1977على أنه-" :
قواعد -تعمل أطراف النزاع على التمييز بين السكان المدنيين و المقاتلين و بين األعيان المدنية واألهداف
العسكرية دون غيرها ،و ذلك من أجل تأمين احترام و حماية السكان المدنيين واألعيان المدنية".
يقصد باألهداف العسكرية استنادا لنص م 52من ذات البروتوكول "...األهداف التي تسهم مساهمة
فعالة في العمل العسكري سواء كان ذلك بطبيعتها ،أو بموقفها أو بغايتها أو باستخدامها و التي تحقق
تدمرها التام ،أو الجزئي ،أو االستيالء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك ميزة عسكرية أكيدة
"
ويتطلب مبدأ التميز منع استخدام أي سالح عشوائي األثر ،و يلحق بالبيئة أضرار ،بالغة و طويلة
األمد.
د -مبدأ التناسب
وجوب عدم تجاوز األ عمال العسكرية للمتطلبات الكفيلة بتحقيق الهدف العسكري المقصود و هو
إضعاف القوة العسكرية للعدو ،وال ينبغي أن تكون األضرار ال تناسب الغرض من النزاع المسلح.
وقد أرسى تصريح "بترسبورغ" عام 1868أسس هذا المبدأ في ديباجته " يجب أن يكون من شأن
تقدم المدنية التخفيف بقدر اإلمكان من كوارث الحرب ،و يجب أن يكون الغرض الشرعي الوحيد الذي
تستهدفه الدول أثناء النزاعات (الحرب) هو إضعاف قوة العدو العسكرية".
و كرس هذا المبدأ كذلك في م 35من البرتوكول اإلضافي األول لعام 1977على أنه " قواعد أساسية:
-1إن حق أطراف النزاع المسلح في اختيار أساليب و وسائل القتال ليس حقا ال تقيده قيود قيود
-2يحظر استخدام األسلحة و القذائف و المواد و وسائل القتال التي من شأنها إحداث إصابات أو أالم ال
مبرر لها.
-3يحظر استخدام وسائل القتل يقصد بها ،أو قد يتوقع منها أن تلحق أضرار بالغة بالبيئة واسعة االنتشار
و طويلة األمد.
د -مبدأ المحاكمة العادلة
تعتبر االنتهاكات الجسيمة التفاقيات جن يف األربعة ،واالنتهاكات األخرى للقوانين و األعراف السارية
على النزا عات الدولية المسلحة في النطاق الثابت للقانون الدولي و االنتهاكات الخطيرة األخرى لقوانين
الحرب و األعراف السارية على النزاعات المسلحة غير الدولية في النطاق الثابت للقانون الدولي ،جرائم.
8
تتولى المحكمة الجنائية الدولية متابعة مرتكبها و هنا ينبغي االلتزام بكل قواعد التعاون القضائي و تسليم
المجرين لمحاكمتهم ،و هذا التزام ال تتحمله أطراف النزاع فقط بل تتحمله كذلك األطراف السامية
المتعاقدة.
أما االنتهاكات غير الجسمية فتعتبر أفعاال غير قانونية تعرض مرتكبها للمسؤولية الفردية و يجب على
األطراف المتعاقدة اتخاذ اإلجراءات المناسبة لذلك.
-نطاق تطبيق القانون الدولي اإلنساني
يتحدد تطبيق القانون الدولي اإلنساني في الجانب المادي و الجانب الشخصي
-1النطاق المادي لتطبيق القانون الدولي اإلنساني
يقصد به تحديد النزاعات التي يطبق عليها هذا القانون و الذي يشمل النزاعات المسلحة الدولية
والنزاعات المسلحة غير الدولية.
-1النزاعات المسلحة الدولية
يقصد به الحرب التي تندلع بين دولتين مستقلتين و جيشين نظاميين ،وقد طبق القانون الدولي
اإلنساني في بداية ظهوره على حاالت الحرب المعلنة و المحددة بموجب قانون "الهاي" لعام 1899
والتي كرست في م 1/من اتفاقية الهاي الثالثة الخاصة ببدء العمليات العسكرية و التي نصت على أنه" :
تعترف جميع الدول المتعاقدة بعدم جواز بدء العمليات العدائية دون إنذار مسبق و صريح ،إما في شكل
إعالن حرب مع بيان األسباب ،أو إنذار أخير مع إعالن شروط الحرب"
بناء على تقدم فإن إعالن الحرب يسرى فقط في مواجهة الدول األطراف في االتفاقية ،مما يخرج
العديد من النزاعات من دائرة سريان قانون الحرب .غير أن اتفاقيات جنيف م 2/5مشتركة تصدت لهذا
الوضع حيث لم يعد عدم وجود اإلعالن المسبق سببا في إنكار وجود حالة الحرب بين األطراف
المتنازعة ،و يعتبر النزاع المسلح دولي ذلك النزاع الذي يقع أو يحدث حال قيام مواجهات بين القوات
المسلحة لدولتين أو أكثر حتى و لو لم يعترف أحدهما رسميا بحالة الحرب.
تم توسيع دائرة النزاعات المسلحة بموجب م 4/1في برتوكول جنيف األول لعام 1977لتشمل
ح روب التحرير الوطنية و بذلك يمكننا حصر النزاع الدولي المسلح في الحاالت اآلتية:
-1النزاع المسلح بين الدول
-2النزاع الداخلي المسلح و الذي اعترف بأنه حالة نزاع الدولي
-3النزاع المسلح الداخلي المنطوي على تدخل أجنبي
-4النزاع المسلح الداخلي المنطوي على تدخل األمم المتحدة
-5حروب االستقالل الوطني (النضال ضد التسلط االستعماري )
-2النزاعات المسلحة غير الدولية
كانت النزاعات المسلحة غير الدولية تعتبر شأنا داخليا ،يخضع للقانون الداخلي للدولة غير أنه بعد
توقيع اتفاقيات جنيف األربع و بالخصوص م 3مشتركة التي عرفت النزاع المسلح الداخلي على أنه":
النزاعات التي تثور في أراضي أحد األطراف السامية المتعاقدة بين جماعة منشقة أو أكثر في مواجهة
السلطة القائمة ،أو بين جماعات متمردة فيما بينها دون أن تكون الحكومة القائمة طرفا فيها ،شريطة
استفاء هذه الجماعات المنشقة لعنصرين أساسيين هما :عمومية حجم التمرد من جانب و استفاؤها
لمقتضيات التنظيم من جانب آخر ،غير أنه تم تضيق هذا التعريف في م 1/من البرتوكول اإلضافي الثاني
لسنة ،1977فأصبحت النزاعات المسلحة غير الدولية " التي تدور في إقليم أحد األطراف السامية
المتعاقدة بين قواته المسلحة وقوات مسلحة منشقة أو جماعات نظامية مسلحة أخرى و تمارس تحت قيادة
9
مسؤولة على جزء من اإلقليم من السيطرة ما يمكنها من القيام بعمليات عسكرية متواصلة و منسقة
وتستطيع تنفيذ أحكام هذا الملحق من البرتوكول".
و بذلك يشترط لتوفر حالة نزاع مسلح غير دولي ما يلي:
-1أن يكون هناك حد أدنى من العنف يتجاوز في درجة شدته االضطرابات و التوترات الداخلية
مثل :أعمال الشغب العرضية والمألوفة.
-2أن يكون هناك حد أدنى من السيطرة على األراضي ،بمعنى القيام بعمليات عسكرية متواصلة
ومنسقة .ويستثنى من هذه النزاعات ما يلي:
أ-االضطرابات الداخلية :تتضمن مواجهات داخلية خطيرة كاالنتفاضات ضد أنظمة الحكم الدكتاتورية
والمظاهرات السلمية التي تستخدم فيها السلطة قوات الشرطة بشكل كبير ،وحتى القوات المسلحة الستعادة
النظام داخل الدولة ،كما قد يتم إعالن حالة الطوارئ لمنح المزيد من السلطات ألجهزة األمن والقوات
المسلحة والمخابرات.
ب-التوترات الداخلية :ال تصل إلى درجة االضطرابات الداخلية وتقل أقل خطورة منها ،وكثيرا ما تكون
أسباب هذه التوترات سياسية أو دينية أو عرقية أو عنصرية ،وقد تكون نتيجة لمخلفات الحرب األهلية أ
توتر سياسيي ،وتؤدي إلى تعطيل الضمانات القانونية.
إن توسيع نطاق تطبيق القانون الدولي اإلنساني ليشمل النزاعات المسلحة غير الدولية تعتبر قفزة
مهمة ونوعية ،وكذلك إسقاط شرط اإلعالن أو اعتراف الدولة بالحرب فيما بينها لتطبيق القانون الدولي
اإلنساني ،ألن الدول في حروبها سوف تسعى إلى عدم اإلعالن الصريح لحالة الحرب بغية التملص من
أحكام ق دإ.
-النطاق الشخصي :
يطبق القانون الدولي اإلنساني على مجموعة من األشخاص تم تحديدهم في اتفاقيات جنيف األربع
والبرتوكولين اإلضافيين األول والثاني ،وهمم كاألتي:
-الجرحى والمرضى والغرقى.
-أسرى الحرب
-المدنيين.
تهدف قواعد القانون الدولي اإلنساني إلى حماية بعض الفئات واألعيان المادية أثناء النزاعات
المسلحة وهي على النحو األتي:
-حماية األسرى
-حماية المدنيين
تمهيد:
10
تقتصر العمليات العسكرية أو الحربية على المقاتلين وهم األشخاص الذين يقومون بالعمليات الحربية
ويتعرضون لهجمات العدو ،أي أنهم هم الذين يهاجمون ويكونون في الوقت ذاته محال أو هدفا لهجوم
مضاد من طرف قوات هذا العدو.
غير أن المصطلح عرف تطورا واكب اتساع دائرة المشاركون في الحروب المعاصرة من جهة وحداثة
وسائل وأساليب القتال فيها من جهة أخرى وانطالقا من هذا نجد اتفاقيات جنيف األربع والبرتوكولين
اإلضافيين قد حددت الفئات التي ينطبق عليها وصف المقاتل ،فباستقراء نص المادة 50من البرتوكول
اإلضافي األول نجد بأن المقاتل هو نقيض المدني ،والتي تحيلنا إلى المادة /4أ 6-3-2-1-من اتفاقية جنيف
الثالثة وبناء على ذلك فإن المقاتلين هم:
-1أفراد القوات المسلحة ألحد أطراف النزاع أو الميليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزء من
هذه القوات المسلحة.
-2أفراد الميليشيات األخرى والوحدات المتطوعة األخرى بما فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة
الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليميهم حتى ولو كان هذا اإلقليم محتال،
على أن تتوفر هذه الشروط فيها:
-3أفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعلنون والءهم لحكومة أو سلطة ال تعترف بها الدولة الحاجزة.
-6سكان األراضي غير المحتلة الذين يحملون السالح من تلقاء أنفسهم عند اقتراب العدو لمقاومة القوات
الغازية دون أن يتوفر لهم الوقت لتشكيل وحدات مسلحة نظامية ،شريطة أن يحملوا السالح جهرا وأن
يراعوا قوانين الحرب وعادتها.
إضافة إلى كل هذه الفئات فإنه تم االعتراف ألفراد حركات المقاومة المنظمة الذين ينتمون ألحد
األفراد النزاع بوصف المقاتل سواء كانوا يعملون داخل أو خارج اإلقليم حتى ولو كان هذا اإلقليم محتال
على أن تتوفر في أعضاء هذه الحركات باإلضافة إلى شرط االنتماء ألحد أطراف النزاع والشروط التي
نصت عليها الئحة "الهاي" و أوردتها اتفاقيات جنيف.
-الجواسيس :تجند الدول المتحاربة بعض األشخاص من العسكريين لجمع المعلومات عن الوضع
العسكري للطرف األخر.
أو تحت عرفت (م 2-46/من اتفاقية جنيف )3الجاسوس على أنه" :الشخص الذي يعمل في خفية
ستار كاذب في جمع أو محاولة جمع المعلومة في منطقة األعمال العسكرية إلحدى الدول المتحاربة بقصد
إيصال هذه المعلومة لدولته ،وقد أجاز العرف الدولي استعمال الوسائل المشروعة للحصول على
المعلومات من العدو في ميدان القتال".
11
إذا وقع أي فرد من أفراد القوات المسلحة في قبضة الخصم أثناء مقارفته للتجسس فال يكون له الحق في
التمتع بوضع أسير ا لحرب ويجوز أن يعامل كجاسوس بغض النظر عن أي نص آخر في االتفاقيات
والبرتوكول.
-ال يعد مقترفا للتجسس فرد من القوات المسلحة لطرف في النزاع الذي يقوم بجمع أو يحاول جمع
معلومات لصالح ذلك الطرف في إقليم يسيطر عليه الخصم إذا ارتدى زي قوته المسلحة أثناء أدائه لهذا
العمل.
-ال يعد مقترفا للتجسس فرد القوات المسلحة لطرف في النزاع الذي يقيم في إقليم يحتله الخصم والذي يقوم
لصالح الخصم الذي يتبعه بجمع أو محاولة جمع معلومات ذات قيمة عسكرية داخل ذلك اإلقليم ما لم
يرتكب ذلك عن طريق عمل من أعمال الزيف أو تعمد التخفي ،وال يفقد المقيم فضال عن ذلك حقه في
التمتع بوضع أسير الحرب و ال يجوز أن يعامل كجاسوس إال إذا قبض عليه أثناء مقارفته للجوسسة.
-ال يفقد فرد القوات المسلحة لطرف النزاع غير مقيم في اإلقليم الذي يحتله الخصم و ال يقارف الجوسسة
في ذلك اإلقليم حقه في التمتع بوضع أسير الحرب و ال يجوز أن يعامل كجاسوس ما لم يقبض عليه قبل
لحاقه بالقوات المسلحة التي ينتمي إليها.
-المرتزقة :يتخذ البعض من التجند مهنة يرتزقون منها ويبيعون حياتهم لمن يدفع لهم ثمن أكثر دون أن
تهمهم أسباب الحرب أو المبادئ اإلنسانية أو األخالق .نصت م 47 /من البرتوكول اإلضافي األول على
أن المرتزق ال يتمتع بوضع المقاتل أو أسير حرب .ووضعت مجموعة من الشروط لكي يعتبر الشخص
مرتزق وهي:
-أن يكون الهدف من القتال هو تحقيق منفعة شخصية ،وهو جمع المال أي الحصول على تعويض مادي
يتجاوز بإفراط ما يوعد به المقاتلون ذوو الرتب والوظائف المماثلة في القوات المسلحة لذلك الطرف أو ما
يدفع لهم.
-أن ال يكون من رعايا طرفي النزاع و ال متوطنا بإقليم يسيطر عليه احد أطراف النزاع.
-أن ال يكون موفدا ف ي مهمة رسمية من قبل دولة ليست طرفا في النزاع بوصفه عضوا في قواتها
المسلحة.
تعتبر اتفاقية جنيف الثانية المؤرخة في ،1949/08/12مطابقة لالتفاقية األولى ،وتختلفان فقط من
حيث نطاق تطبيقهما ،فاألولى تطبق على أفراد القوات المسلحة في الميدان(البر) ،والثانية تطبق على
أفراد القوات المسلحة في البحار.
حاول بعض الفقهاء وضع تعريف لهذه الفئة" المقاتلون الذين يسقطون بدواع الجرح أو المرض من
أي نوع كان ،أو الذين يتوقفون عن القتال ويلقوا سالحهم بسبب األلم الذين يشعرون به" .
وتوجد حاالت يواصل فيها الجنود القتال رغم تعرضهم لجروح خطيرة ،وهم بذالك يرفضون بإرادتهم
استخدام حقهم في الحماية التي تمنحها لهم االتفاقية ،ولذلك فسقوط الجندي وإلقائه السالح هو الدليل على
ذلك.
غير أن البرتوكول اإلضافي األول التفاقية جنيف عام 1977تدارك النقص وعرف الجرحى في
المادة /8أ على أنهم ":األشخاص العسكريون أو المدنيون الذين يحتاجون إلى مساعدة أو رعاية طبية
بسبب الصدم ة أو المرض أو أي اضطراب أو عجز بدنيا كان أو عقليا الذين يحجمون عن أي عمل
عدائي .".....يالحظ أن صياغة النص وردت عامة لتشمل العسكريون والمدنيون من جهة وارتكز على
عنصر أساس هو الحاجة إلى المساعدة الطبية من جهة ،إضافة إلى إدراج المصابين بمرض عقلي في فئة
الجرحى والمرضى.
-2تعريف الغرقى :عرفت المادة /8ب من البرتوكول اإلضافي األول الغرقى على أنهم ":األشخاص
أو العسكريون أو المدنيون الذين يتعرضون للخطر في البحار أو أية مياه أخرى نتيجة لما يصيبهم
يصيب السفينة التي تقلهم من نكبات والذين يحجمون عن أي عمل عدائي ،ويستمر اعتبار هؤالء
األشخاص منكوبين في البحار أثناء إنقاذهم إلى أن يحصلوا على وضع أخر بمقتضى االتفاقيات أو هذا
البرتوكول بشرط أن يستمروا في اإلحجام عن أي عمل عدائي".
يتضح من خالل كل ما تقدم بأن البرتوكول اإلضافي األول أضفى الحماية على الجرحى والمرضى
والغرقى في البحار سواء كانوا عسكريين أو مدنيين كما أن اصطالح الغرقى في البحار يشمل المعرضين
للخطر في البحار أو أية مياه أخرى نتيجة لما يصيب الطائرة التي تقلهم من نكبات وليس من الضروري
أن يكون االصطالح مقصورا على غرقى السفن كما اشترط البرتوكول االمتناع عن القيام بأي عمل
عدائي ضد الخصم وإال سقطت عنهم الحماية المقررة بموجب قانون جنيف.
وضع قانون جنيف ثالث واجبات اتجاه ضحايا النزاعات المسلحة وهي االحترام والحماية والمعاملة
اإلنسانية ،وتبدوا هذه المفاهيم متقاربة فيما بينها إال أنها غير مترادفة.
-االحترام :مظهر سلبي يتمثل في االمتناع عن القيام بأي عمل ما يؤذي أو يهدد ،وإنما ينبغي المحافظة
على حياة اآلخرين وكرامتهم ووسائل وجودهم ،احترام شخصيتهم الذاتية.
-الحماية :عمل ايجابي وهو صيانة حياة اآلخرين من العلل واألخطار والمعاناة التي يتعرضون لها
والدفاع عنهم وتزويدهم بالعون والدعم.
المعاملة اإلنسانية :تتباين كثيرا بحسب الظروف وتمثل الحد األدنى من المتطلبات الالزمة لحياة مقبولة
وفيما يلي نتطرق لهذه الحماية بالتفصيل.
13
يحظى الجرحى والمرضى والغرقى بحماية مهمة إذ يجب احترامهم وحمايتهم أيا كان الطرف الين
ينتمون إليه كما يجب في جميع األحوال أن يعامل أي منهم معاملة إنسانية ويلقى قدر المستطاع وبالسرعة
الممكنة الرعاية الطبية التي تتطلبها حالته ويجب عدم التميز بينهم ألي اعتبارات سوى االعتبارات الطبية.
كما يتعين كلما سمحت الظروف بذلك-أن يتفق أطراف النزاع تدابير عقد هدنة أو وقف إطالق النار،
أو ترتيبات محلية لتمكين من جمع وتبادل ونقل الجرحى المتروكين في ميدان القتال ومن ثم يجب حماية
هؤالء واالعتناء بهم ورعايتهم بغض النظر عن جنسيتيهم ،ويتعين على الطرف الذي يسيطر على ميدان
المعركة أن ي بحث عنهم ويحميهم من أي اعتداء أو أية معاملة سيئة ويمنع في جميع األحوال قتلهم أو
تعذيبهم أو أخذهم كرهائن أو تعريض أي منهم ألي إجراء طبي ال تقتضيه حالته الصحية و ال يتفق مع
المعايير الطبية المرعية التي قد يطبقها الطرف الذي يقوم باإلجراء على رعاياه المتمتعين بكامل حريتهم
في الظروف الطبية المماثلة طبقا للمادة 11من البرتوكول اإلضافي األول.
وبصفة خاصة يحظر بتر أو استئصال أي عضو دون موافقتهم وبصفة خاصة يحظر إخضاعهم ألية
تجربة عالجية أو علمية دون رضاهم ،كما يحظر قتلهم أو إبادتهم أو تعذيبهم أو تركهم عمدا بدون عالج
أو عناية معرضين لخطر الوباء أو العدوى.
ويتعين في جميع األوقات وخاصة بعد االشتباك في القتال أن يقوم أطراف النزاع دون تأخير بجميع
اإلجراءات الممكنة للبحث عن الجرحى والمرضى وجمعهم وحمايتهم من سوء من المعاملة وضمان
العناية المناسبة لهم .كما يجب على كل طرف من أطراف النزاع أن يسجل بأسرع ما يمكن جميع البيانات
التي تساعد على تحقيق شخصية كل مريض أو جريح أو غريق أو متوفي من الطرف المعادي يقع في
قبضته.
أما المعاملة الواجبة لهؤالء الجرحى والمرضى والغرقى في البحار فمن ألقى سالحه منهم يصبح أسير
حرب ويستفيد ف ي هذه الحالة من الحماية المقررة في اتفاقية جنيف الثالثة.
يتعين على السكان المدنين رعاية الجرحى والمرضى والغرقى في البحار ولو كانوا ينتمون لقوات العدو
وعدم االعتداء عليهم .كما يسمح للسكان المدنين ولجمعيات اإلغاثة (الهالل األحمر-الصليب األحمر) بأن
يقوموا من تلقاء أنفسهم بإيواء الجرحى والمرضى والغرقى في البحار والعناية بهم حتى في مناطق العدو
أو االحتالل و ال يجوز ألي شخص أو محاكمته أو إدانته أو عقابه بسبب هذه األعمال اإلنسانية.
ترافق القوات المسلحة عند قيامها بعملياتها الحرب ية مجموعة من االفراد ال يتدخلون في القتال وهم على
النحو األتي:
أ-رجال الدين :يتمتع رجال الدين يرافقون القوات المسلحة بحماية خاصة ،كالشيوخ والقساوسة و رجال
األديان األخرى.
ب-أفراد الهيئات الطبية :يتمتع هؤالء بالحماية ألنهم ال يشكلون جزء من القوات المسلحة ،وتم إقرار هذه
الحماية ألهمية الدور الذي يقومون به والمتمثل في جمع ونقل وعالج الجرحى والمرضى من ساحة
العمليات الحربية ،كما أن قتل هؤالء األفراد ال يحقق ميزة عسكرية للطرف األخر ألن أعمالهم هي أعمال
إنسانية ،ألن أعمالهم أعمال إنسانية وقد يستفيد جرحى ومرضى وأسرى الطرف األخر من خدماتهم وفي
حالة القبض عليهم فيجب أن يتمتعوا بالحماية التي يتمتع بها األسير.
14
ج-أفراد الجمعيات التطوعية :يضفي القانون الدولي خالل وأثناء النزاع المسلح الحماية على أفراد
الوحدات الطبية للجمعيات التطوعية ،وال تقتصر هذه الحماية على جمعيات الدول المتحاربة بل تشمل
أيضا جمعيات الدول المحايدة ،وقد نص البرتوكول األول لعام 1977على أن تفسير عبارة" الخدمات
الطبية" يشمل أفراد الخدمات التابعين لجمعيات الصليب األحمر والهالل األحمر وغيرها من جمعيات
اإلسعاف الوطنية التطوعية التي تعترف بها أو ترخص لها حكوماتها وفقا لألصول المرعية ومن ثم
يحصل أفراد الجمعيات التطوعية على الحماية المقررة ألفراد الخدمات الطبية من عسكريين ومدنيين
التابعين للقوات المسلحة بشرط التزامهم بالقوانين والتعليمات الحربية.
د-حماية األعيان الطبيين :تتوقف حماية الجرحى والمرضى والمنكوبين من العسكريين على حماية
األعيان الطبيين ،في البداية كان قانون جنيف يستهدف تلك التي تستخدم لعالج العسكريين( المركبات
الطبية والمستشفيات العسكرية) ،لكن بمرور الوقت أصبحت تشمل المستشفيات البحرية"السفن
المستشفيات ،كما تقرر حماية الطائرات الطبية المستخدمة كلية في نقل الجرحى والمرضى والغرقى
العسكريين وكذلك لنقل أفراد الهيئات الطبية والمهمات الطبية وال يجوز االعتداء عليها.
ه-الشارة المميزة :أدرك واضعو قانون جنيف مدى الحاجة إلى شارة تميز نشاطات أفراد الخدمات الطبية
الذين يقومون بمساعدة ضحايا النزاعات المسلحة الدولية لذلك نصت اتفاقيات جنيف على منح الشارة
صفة الحماية وهي عبارة عن " صليب" أو "هالل أحمر" على أرضية بيضاء ،يستخدمها كل فرد يؤدي
خدمات طبية لصالح هؤالء الضحايا ،أو ترفع على الوحدات الطبية ،و وسائل النقل الطبي تحت إشراف
الخدمات العسكرية.
أولى ق دإ حماية مهمة لهذه الفئة ،ويتجلى هذا االهتمام من خالل النصوص الواردة في كل من اتفاقية
جنيف وبالخصوص االتفاقية الثالثة التي خصت لحماية هذه الفئة والبرتوكولين اإلضافيين األول والثاني
لعام ،1977من بين هذه النصوص نجد:
-ال يجوز أن يكون المدنين محال للهجوم ،وتحظر كل أعمال العنف أو التهديد به الرامية أساسا إلى بث
الرعب بين السكان المدنين بشرط أال يقوموا بدور مباشر في األعمال العدائية( م 51/ب ج .)1
أو تلك -حظر الهجمات العشوائية ،وتعد هجمات عشوائية تلك ال تي ال توجه إلى هدف عسكري محدد
التي تستخدم طريقة او وسيلة للقتال ال يمكن حصر أثارها ،مثل الهجمات بالقنابل (م 54/ب ج .)1
أو -حظر تجويع المدنين كأسلوب من أساليب الحرب وتأكيدا لذلك يحظر مهاجمة أو تدميرا أو نقل
تعطيل األعيان و المواد التي ال غ نى عنها لبقاء السكان المدنين على قيد الحياة ومثالها المواد الغذائية
والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري (م 55/
بج.)1
-عدم جواز استخدام هجمات الردع ضد المدنين فإذا قام طرف ما بضرب المدنين للطرف األخر ،فال
يجوز لهذا أن يرد بهجوم مماثل طبقا للمادة 51ب ا ج .1
-ال يجوز ترحيل المدنين ألسباب تتصل بالنزاع ما لم يتطلب ذلك امن األشخاص المدنين المعنيين أو
أسباب عسكرية ملحة وإذا ما تم الترحيل فيجب اتخاذ كافة اإلجراءات الممكنة الستقبال السكان المدنين
15
في ظروف مرضية م ن حيث المأوى واألوضاع الصحية الوقائية العالجية والسالمة والتغذية (م 49/إ ج
.)4
-حماية بعض الفئات من األشخاص المدنين :إضافة إلى الحماية التي ق دا للمدنين ،فإنه خص بعض
الفئات بحماية خاصة وهي األطفال والنساء وكبار السن.
-حماية األطفال :نظرا لألضرار واآلثار السلبية التي تخلفها النزاعات المسلحة على فئة األطفال ،لذلك
أفردت اتفاقية جنيف الرابعة حماية خاصة لهم من ذلك- :إنشاء مناطق مأمونة وأماكن أمان منظمة تحمي
األطفال الذين تقل أعمارهم عن 15عاما من أثار الحرب( م 14 /من ا ج .)4
-السماح بمرور األطفال من األماكن المطوقة أو المحاصرة ،فيما ألقت م 23/ا ج 4التزاما على الدول
المتحاربة بأن تسمح بمرور أي إرساالت من األغذية الضرورية أو المالبس والمقويات المخصصة
لألطفال دون 15عاما ،أما المادة 24من إ ج ،4فألزمت الدول باتخاذ التدابير الفعالة لضمان عدم
األطفال اشتراك دون 15عاما الذين فقدوا ذويهم أو ابتعدوا عن عائالتهم بسبب الحروب.
ما يالحظ على هذه األحكام هو أنها تبدوا غير كافية ،لهذا تفطن واضعو برتوكول جنيف األول عام
1977في نص م 77/التي تنص على أنه(:يجب أن يكون األطفال موضع احترام وتكفل لهم الحماية ضد
أي صورة من صور خدش الحياء).
-اتخاذ كافة التدابير المستطاعة التي تكفل عدم اشتراك األطفال الذين لم يبلغوا سن 15عاما في األعمال
العدائية بصورة مباشرة وعلى هذه األطراف بوجه خاص أن تمتنع عن تجنيد هؤالء ممن لم يبلغوا سن
15عاما أن تسعى إلعطاء األولوية من هم أكبر سنا.
-ال يجوز اغتصاب النساء أو إكراههن على الدعارة أو إجبارهن على القيام بأي عمل يؤثر في شرفهن أو
حياتهن.
-ال يجوز إلقاء القبض على المرأة الحامل ،ويجب توفير لهن الحماية والرعاية الالزمتين( م 276 /ب ج
.)1
-يجب معاملة النساء األسرى معاملة خاصة بهن ويجب احترام شرفهن وأشخاصهن بعين االعتبار
قاليتيهن الجسمية و ال تقل معاملتهن في األحوال جميعها عن معاملة الرجال من األسرى ويجب أن توضع
النساء األسيرات في أماكن منعزلة عن الرجال.
-كبار السن :يتجلى اهتمام االتفاقية بهذه الفئة فيما يأتي ":يكون الجرحى والمرضى وكذلك العجزة موضع
حماية خاصة( م-17 /إ ج .)4
-توفير الرعاية الطبية وتوفير الراحة في مناطق مريحة بعيدا عن العمليات العسكرية.
-1أفراد القوات المسلحة ألحد أطراف النزاع أو الميليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزء من
هذه القوات المسلحة.
-2أفراد الميليشيات األخرى والوحدات المتطوعة األخرى بما فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة
الذين ينتمون إلى احد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليميهم حتى ولو كان هذا اإلقليم محتال،
على أن تتوفر هذه الشروط فيها:
-3أفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعلنون والءهم لحكومة أو سلطة ال تعترف بها الدولة الحاجزة.
-4األشخاص الذين يرفقون القوات المسلحة دون أن يكونوا في الواقع جزء من منها كاألشخاص المدنين
الموجودين ضمن أطقم الطائرات الحربية والمراسلين الحربين ومتعهدي التموين وأفراد وحدات العمل أو
الخدمات المختصة بالترفيه عن العسكريين شريطة أن يكون لديهم تصريح لديهم من القوات التي
يرفقونها.
-5أفراد أطقم المالحية بمن فيهم القادة والمالحون ومساعدوهم في السفن التجارية وأطقم الطائرات المدنية
التابعة ألطراف النزاع.
-6سكان األراضي غير المحتلة الذين يحملون السالح من تلقاء أنفسهم عند اقتراب العدو لمقاومة القوات
الغازية دون أن يتوفر لهم الوقت لتشكيل وحدات مسلحة نظامية ،شريطة أن يحملوا السالح جهرا وان
يراعوا قوانين الحرب وعادتها.
-1األشخاص الذين يتبعون أو كانوا تابعين للقوات المسلحة للبلد المحتل إذا رأت دولة االحتالل ضرورة
اعتقالهم بسبب هذا االنتماء حتى ولو كانت قد تركتهم أحرارا في بادئ األمر أثناء سير األعمال الحربية
خارج األراضي التي تحتلها.
-2األشخاص الذين ينتمون إلى إحدى الفئات المبينة في هذه المادة والذين تستقبلهم دولة محايدة أو غير
محاربو في إقليميها وتلتزم باعتقالهم بمقتضى القانون الدولي مع مراعاة أية اثر مالئمة قد تر هذه الدول
من المناسب منحها لهم باستثناء أحكام المواد 8و 1و 15والفقرة 5من م 30/والمواد 58و 67و92
و.126
أما بالنسبة لوضع أفراد الخدمات الطبية والدينية فقد نصت هذه المادة في فقرتها ح على أن هذه المادة ال
تؤثر بأي حال على وضعهم كما هو محدد في م 33/من االتفاقية.
17
حقوق األسير:
-عدم جواز قتله بأي شكل من األشكال ،عدم االعتداء عليه وخاصة التشويه والتعذيب والمعاملة القاسية
وعدم االعتداء على كرامته الشخصية وعلى األخص المعاملة المهينة والماسة بالكرامة.
-عدم معاقبته دون محاكمة عادلة ويجب معاملته معاملة إنسانية من ذلك عدم تعريضه أي أسير للتشويه
البدني أو التجارب الطبية أو العلمية من أي نوع كان مما ال تبرره المعالجة الطبية لألسير المعني أو ال
يكون في مصلحته.
-ألسرى الحرب حق في احترام أشخاصهم وشرفهم في جميع األحوال ويجب أن تعامل النساء األسيرات
بكل اعتبار الواجب لجنسهن ،ويجب على أي حال أن يلقين معاملة ال تقل مالئمة عن المعاملة التي يتلقاها
الرجال ويحفظ أسرى الحرب بكامل أهليتهم المدنية التي كانت لهم عند وقوعهم في األسر وال يجوز
للدولة الحاجزة تغييب ممارسة الحقوق التي تكفلها هذه األهلية سواء في إقليمها أو خارجه إال بالقذر الذي
يقتضيه األسر.
-عند القبض على األسير ال يجوز استجوابه إال باإلدالء باسمه كامال ورتبته العسكرية وتاريخ ميالده و
رقمه بالجيش أو رقمه الشخصي إذا لم يستطع فبمعلومات مماثلة ،وإذ أخل األسير بهذه القاعدة باختياره
فإنه قد يتعرض النتقاص المزايا التي تمنح ألسرى الذين لهم رتبته أو وضعه.
تلتزم الدولة الحاجزة بتوفير الطعام والشراب والرعاية الطبية بدون مقابل وبدون تمييز ،وينبغي أن
تكون وجبات الطعام األساسية اليومية كافية من حيث كميتها ونوعيتها وتنوعها لتكفل صحة األسير.
توفير المالبس بمختلف أنواعها والتي تناسب مناخ المنطقة المحتجز بها ويجوز للدولة الحاجزة
تكليف أسرى الحرب من أطباء وجراحي أسنان والممرضين بمباشرة مهامهم الطبية لمصلحة أسرى
الحرب التابعين لنفس الدولة حتى إذا لم يكونوا ملحقين بالخدمات الطبية في قواتهم المسلحة.
إجراء الفحوص الطبية لألسير مرة واحدة على األقل كل شهر ويشمل الفحص مراجعة وتسجيل وزن
كل أسير والغرض من هذه الفحوص هو مراقبة الحالة العامة لصحة األسير و تغذيتهم ونافتهم وكشف
األمراض المعدية و السيما المالريا وغيرها من األمراض األخرى الخطيرة كالكورونا مثال.
يتم القبض على أسرى في ساحة المعارك وهي منطقة عرضة للقصف من طرف الدولتين المتحاربتين لذا
يتطلب من الدول االلتزام بما يأتي:
-يجب نقل األسرى عن ساحة العمليات العسكرية إلى منطقة بعيدة عن القتال ولو بصورة مؤقتة
-عدم نقل األسرى إلى منطقة خطيرة معرضة للقصف من الطرفين إال إذا كان نقلهم يعرضهم للخطر
بسبب الجرح أو المرض الذي تعرضوا له.
يمكن للدولة الحاجزة إخضاع أسرى الحرب لالعتقال ولها أن تفرض عليهم التزاما بعدم تجاوز حدود
معينة من المعسكر الذي يعتقلون فيه أو بعدم تجاوز نطاقه إذا كان ميسورا و ال يجوز حجز أو حبس
األسرى إال كإجراء ضروري تقتضيه حماية صحتهم ،و ال يجوز أن يدوم هذا الوضع على أي حال
ألكثر مما تطلبه الظروف التي اقتضته كما ال يجوز إطالق سراح أسرى الحرب بصورة جزئية أو كلية
مقابل وعد أو تعهد منهم بحسب قوانين الدولة.
-وضع األسرى في أبنية تتوفر فيها الظروف الصحية و ال يجوز اعتقالهم في سجون أو إصالحيات.
-اتخاذ كافة التدابير الصحية الضرورية لتامين نظافة المعسكرات ومالئمتها للصحة والوقاية من األوبئة.
-إعادة األسرى المصابين بأمراض أو جروح خطيرة إلى أوطانهم بغض النظر عن العدد والرتبة.
-يعاد الجرحى والمر ضى الميؤس من شفائهم إلى وطنهم وكذلك المصابون باألمراض عقلية من الجرحى
والمرضى.
يتضح من خالل كل ما تقدم بأن األسير يتمتع بحماية مهمة بدء من نقله من كان العمليات العسكرية
وانتهاء باإلفر اج عنه ،غير أن الواقع يثبت عكس ذلك بحيث يعامل األسرى معاملة قاسية وغير إنسانية
من خالل وضع ما يعرف" بالمعتقالت السرية" التي ال تتوفر فيها أدنى الشروط التي يتطلبها القانون
الدولي اإلنساني ،ناهيك عما يتعرض له األسير من قتل وتعذيب وحرمان من الغذاء والماء والتي أصبحت
من األمور المألوفة لدى األسرى وما تعرض له األسرى في كل من سجني "أبو غريب" بالعراق
"وكونتانامو" دليل على ما نقول.
إضافة إلى األشخاص السابقة فإن القانون اإلنساني حظر ضرب األهداف غير العسكرية (األعيان
المدنية والثقافية) ،ألنها تعد أهدافا مدنية وحدد بعض المناطق واألبنية وأماكن معينة لها قدسية ومؤسسات
مخصصة ألغراض إنسانية لما لها من أهمية لدى المدنين .فال يجوز ضرب أي هدف مدني مهما كانت
األسباب وتتمتع بعض المناطق بحماية خاصة فال يجوز التعرض لها أو ضربها ألن المساس بها يؤدي
إلى إلحاق الضرر بالمدنين ومن هذه المناطق- :المناطق المحايدة –األبنية والمنقوالت.
الخاتمة
حاولنا في هذه المحاضرات أن نبرز أهم الجوانب التي يتناولها موضوع القانون الدولي اإلنساني،
باعتبار فرعا من فروع القانون الدولي ،وبالتالي فدراسته كباقي الفروع يحتاج لإللمام بمختلف عناصره
وترتيبها صحيحا حسب المعطيات التاريخية والقانونية ،هذا من جهة ،ومن جهة أخرى ينبغي القول بأن
19
القانون الدولي اإلنساني موضوع خطير ومعقد في آن واحد من الناحية العملية ،السيما وهو يعالج مسألة
حماية حقوق اإلنسان في زمن النزاعات المسلحة.
لقد تبين أن القانون الدولي اإلنساني مر بثالثة مراحل مهمة كانت بدايتها بالمعامالت اإلنسانية أثناء
الحروب مرورا بعصر الديانات السماوية التي عززت تنظيم وأنسنة الحروب إلى أن جاء عصر التنظيم
الدولي وتقنين القواعد اإلنسانية أثناء النزاعات المسلحة ابتداء بعام 1863بعد توقيع أول اتفاقية دولية
خاصة بحماية الجرحى العسكريين في الميدان ،وقد تطورت هذه القوانين إلى أن توجت باالتفاقيات اإلطار
والمتمثلة في اتفاقيات جنيف األربع لعام 1949والبروتوكولين اإلضافيين لعام ،1977هذا إلى جانب
االتفاقيات األخرى المتخصصة ذات الصلة بالنزاعات المسلحة.
إن تطبيق القانون الدولي اإلنساني ال يمكن أن يقوم بدون تحديد النطاق المادي والشخصي له،
فاألول يقف على أنواع النزاعات المسلحة وخصوصيات كل نزاع على حدا ،إلى جانب معرفة بدايتها
ونهايتها قصد تحديد زمن تطبيق قانون النزاعات المسلحة ،كما أن تطبيق القانون الدولي اإلنساني يقتضي
اعتماد آليات واضحة قصد تفعيله وتكريس حماية للفئات المشمولة من العسكريين العاجزين أو المدنيين،
وقد سعت األجهزة المكلفة بتطبيق القانون الدولي اإلنساني بدرجات متفاوتة في تحقيق وتوفير الحماية في
عدة مناطق التي تشهد بؤر التوتر في مقابل شلل آليات أخرى وعدم تفعيلها كآلية الدولة الحامية وغيرها.
20