Professional Documents
Culture Documents
الأوراق التجارية S4 د بهيجة فردوس
الأوراق التجارية S4 د بهيجة فردوس
مقدمة
تعرف األوراق التجارية بأنها صكوك أو سندات االئتمان التجاري تمثل نقودا تدفع في
مكان و ميعاد معين ،وتقوم مقام النقود في الوفاء بسبب سهولة تداولها .وقد عرفت األوراق
التجارية منذ القديم ومرت بمراحل في تنظيمها قبل أن تصل إلى شكلها الحالي .وأول هذه
األوراق ظهورا في القدم" الكمبيالة" حيث ذكر المؤرخون أنها عرفت لدى الفرس ولدى
الصينيين ولدى العرب الذين كانوا يطلقون عليها لفظ ال ُّس ْفتجة والجمع " السَّفاتج".
وبعد سنوات من انتشار األوراق التجارية في العالم وانتقالها من دولة إلى أخرى فكرت
الدول في إيجاد أوراق تجارية موحدة بينها كي يسهل معرفتها عند انتقالها بين هذه الدول.
فعقدت عدة مؤتمرات إلصدار قانون يوحد قواعد األوراق التجارية ،وكان أهم تلك المؤتمرات
مؤتمر " جنيف" الذي انعقد في 13ماي 1930حيث صدر على إثره قانون يوحد قواعد
األوراق التجارية يعرف "بقانون جينف الموحد" وهو مؤرخ في 7يونيو 1930ويضم قواعد
الكمبيالة والسند ألمر ثم صدر بتاريخ 19مارس 1931في جنيف أيضا " القانون الموحد
للشيك".
وكان المغرب ضمن الدول التي أدخلت قانون جنيف الموحد إلى تشريعاتها وقوانينها
التجارية فقد أصدر المشرع المغربي ظهيرا مؤرخا في 19يناير 1939أدخل بمقتضاه
تعديالت على القسم التاسع من الكتاب األول من القانون التجاري الصادر في 12غشت 1913
وهو القسم المتعلق بالكمبيالة والسند ألمر أي المواد من 128إلى 196كما أصدر ظهيرا آخر
مؤرخا في 19يناير 1939يتعلق باألخذ بقانون جنيف الموحد الصادر في 13مارس 1931
والخاص بالشيك .ويتضمن هذا الظهير 77مادة .ثم أصدر المشرع المغربي بعد ذلك مدونة
التجارة بمقتضى ظهير رقم 83-96-1الصادر بتنفيذ القانون رقم 15-95الذي صادق عليه
مجلس النواب في 24من ذي الحجة الموافق ل 13ماي 1996والمنشور بالجريدة الرسمية
2
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
عدد 4418بتاريخ 3أكتوبر 1996وتضم 736مادة .وقد ألغت هذه المدونة الجديدة ،وبكيفية
صريحة ،كل مقتضيات ظهير 12غشت .1913
وتتميز األوراق التجارية بخصائص معينة تجعلها تؤدي وظيفتها كأداة للوفاء تقوم مقام
النقود في المعامالت وتميزها عن غيرها من األوراق المشابهة وأهم هذه الخصائص هي ما
يلي:
.1األوراق التجارية هي سندات شكلية ،ذلك أنها تتحرر وفق بيانات إلزامية نص عليها
المشرع يؤدي تخلفها مبدئيا إلى بطالن السند كورقة تجارية.
.2األوراق التجارية هي سندات قابلة للتداول ،حيث تتداول بين التجار بالطرق التجارية،
بمعنى أنها تنتقل إما بطريق التظهير إذا كانت ألمر شخص معين ،أو بالمناولة اليدوية
إذا كانت للحامل ،أو مظهًّرة على بياض .ولهذا يكون تداولها من جهة سريعا يشبه تداول
النقود ،ويكون من جهة أخرى أسهل وأبسط من الطرق المقررة لحوالة الحقوق المدنية
التي تخضع إلجراءات بطيئة ومعقدة ال تتفق وما تستلزمه التجارة من بساطة وسرعة.
.3األوراق التجارية هي سندات تمثل دينا من النقود ،إذ يشترط أن تحرر الورقة التجارية
بمبلغ من النقود ،فهي تمثل حقا ًّ نقديا ،ذلك أن السندات التي تتضمن دفع مبلغ من النقود
في أجل معين هي وحدها التي تصلح أن تقوم مقام النقود في المعامالت التجارية .وبذلك
تخرج من عداد األوراق التجارية السندات التي تمثل بضاعة حتى ولو كانت تنتقل بنفس
الطرق التي تنتقل بها األوراق التجارية.
.4األوراق التجارية هي سندات مستحقة الدفع بمجرد االضطالع أو بعد أجل قصير،
فالورقة التجارية تمثل دينا مستحق الدفع بمجرد االضطالع أو بعد فترة قصيرة وعادة
ما يكون األجل في حدود الثالثة أشهر إلى الستة أشهر وقليال ما يتم تجاوز هذه المدة مع
إمكانية حصول حامل الورقة التجارية المستحقة بعد أجل على قيمتها فورا عن طريق
خصمها لدى بنك من البنوك.
3
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
.5وتتميز األوراق التجارية عن األوراق البنكية في أن هذه األخيرة هي مجرد نقود ورقية
كالنقود المعدنية سواء بسواء ،مما يجعلها تختلف اختالفا جوهريا عن األوراق التجارية.
ويتمثل ذلك بالخصوص في أن األوراق البنكية لها قوة إبراء مطلقة من الديون في حين
أن تسليم الورقة التجارية ال يترتب عليه براءة ذمة المدين إال عند الوفاء بقيمتها .كما أن
األوراق البنكية تصدر عن بنك اإلصدار وحده في حين أن األوراق التجارية تصدر عن
أطراف العالقة سواء كانوا تجارا أو غير تجار وقد يرفض الناس في معامالتهم قبول
األوراق التجارية وهو ما ال يستطيعونه بالنسبة لألوراق البنكية.
.6وتتميز األوراق التجارية أيضا عن األوراق المالية التي تصدرها شركات األموال
كاألسهم والسندات .فهذه األخيرة تصدر ألجل طويل أما األوراق التجارية فهي تستح ُّق
إما بمجرد االضطالع أو بعد أجل قصير .كما أن األوراق المالية ترتب حقوقا لصاحبها
كالحق في األرباح ،واإلدارة والتصويت ،والحق في موجودات الشركة بعد تصفيتها ،في
حين أن األوراق التجارية ليس فيها مثل هذه الحقوق وإنما تمثل فقط حقا نقديا.
وسنتناول في دراستنا لألوراق التجارية كال من :الكمبيالة والشيك والسند ألمر.
مخصصين لكل نوع من هذه األنواع الثالثة دراسة مستقلة ومنظمة.
ضمن هذا الفصل سنعرض لمختلف النقط المتعلقة بالكمبيالة بدءا بالتعريف وبيان صيغتها
ووظائفها في فرع أول ،و كيفية إنشاء الكمبيالة في فرع ثان .وأيضا سنعرض لبيان كيفية تداول
الكمبيالة ضمن فرع ثالث،مع ضرورة توضيح الضمانات المقررة للوفاء بهذه الكمبيالة في فرع
رابع.باإلضافة إلى الوفاء بهذه الكمبيالة ضمن فرع خامس.وختاما في الفرع السادس واألخير
نشير إلى حاالت الرجوع على الموقعين وكيفية ممارسته.
4
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
سنعرض ضمن هذا الفرع لتعريف الكمبيالة وصيغتها في مبحث أول ،على أن نبين في مبحث
ثان مختلف الوظائف التي تؤديها هذه الورقة التجارية.
في هذا المبحث سنتطرق لكل من تعريف الكمبيالة في مطلب أول على أن نبين في مطلب ثان
صيغة هذه الكمبيالة.
الكمبيالة ورقة تجارية تحرر وفقا لبيانات شكلية حددها القانون تتضمن أمرا صادرا من
منشئها يسمى الساحب إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه بأن يدفع مبلغا معينا من النقود
بمجرد االضطالع أو في تاريخ معين أو قابل للتعيين ألمر شخص ثالث يسمى المستفيد.
وتعتبر الكمبيالة عمال تجاريا بالنسبة لجميع الموقعين عليها كيفما كانت صفة العمل الذي
سحبت من أجله ،مما يتعين معه سريان جميع القواعد المتعلقة باألعمال التجارية على الكمبيالة،
ما عدا قواعد اإلثبات التجاري باعتبار أن الكمبيالة هي من التصرفات الشكلية التي ال تثبت إال
إذا كانت ثابتة في محرر مشتمل على البيانات التي حددها القانون.
وتهدف الكمبيالة عند إنشائها إلى الوفاء بدينين مفترضين ،أولهما يتمثل في كون الساحب
دائنا للمسحوب عليه فيصدر األول أمرا للثاني بدفع مبلغ الكمبيالة الذي يمثل ذلك الدين .والدين
الثاني يتجلى في كون المستفيد دائنا للساحب بمبلغ الكمبيالة بناءا على عالقة كانت تربطهما
فسحبت هذه الكمبيالة إلنهاء ذلك الدين.
5
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
ومن خالل البيانات اإللزامية الواردة في المادة 159من مدونة التجارة يمكن إيراد الصيغة
التالية للكمبيالة.
المبلغ باألرقام:
ميعاد
الطوابع
في هذا المبحث سنع رض لمختلف الوظائف التي تؤديها الكمبيالة من كونها أداة صرف
وأداة وفاء،و وأخيرا كونها أداة ائتمان وجلك ضمن ثالث مطالب.
6
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
وهي الوظيفة األولى التي كانت للكمبيالة عند بداية ظهورها في العصور القديمة ،حيث
كانت التجارة واألسفار محفو فة بالمخاطر وخاصة نقل النقود من مكان إلى آخر فكانت الكمبيالة
أداة لتفادي حمل تلك النقود حتى تبقى في مأمن من الضياع أو السرقة .إذ كان بإمكان التاجر
الذي ينوي شراء بضاعة في بل د آخر أن يتفادى حمل النقود معه وذلك بأن يلجأ إلى أحد التجار
ويودع لديه ثمن البضاعة ،على أن يحرر له التاجر المودع لديه كمبيالة مسحوبة على تاجر آخر
في البلد الذي توجد فيه البضاعة.
وقد ساهمت البنوك عند ظهورها في زيادة أهمية الكمبيالة كأداة للصرف إذ كان المسافر
من بلد إلى آخر يتقدم إلى البنك الذي يتعامل معه ويودع لديه المبلغ الذي ينوي حمله في سفره
على أن يقوم البنك بإعطائه كمبيالة مسحوبة على بنك مراسل له في المدينة التي ينوي المسافر
التوجه إليها مقابل عمولة.
وتتجلى هذه الوظيفة في كون الكمبيالة وسيلة يتم بواسطتها سداد الديون فهي تعتبر كالنقود
وسيطا في المعامالت .حيث يستطيع المستفيد في الكمبيالة أن يسدد دينه عن طريق تظهير
الكمبيالة إلى دائنه كما أن هذا األخير يكون مدينا بمبلغ الكمبيالة إلى شخص آخر فيظهرها له
وفاء لهذا الدين وهكذا....
فالكمبيالة هنا تكون قابلة لسداد عدة ديون ناشئة عن عدة معامالت تجارية في حين أن
الدفع بالنقود يتم في كل عملية على حدة ،فعندما يشتري تاجر التقسيط مثال بضاعة من تاجر
الجملة ،وهذا األخير يشتري البضاعة من صاحب المصنع فإن كمبيالة واحدة تكفي لسداد جميع
الديون الناتجة عن العمليتين .بحيث يسحب تاجر الجملة كمبيالة على تاجر التقسيط يأمره فيها
بأداء مبلغها لصاحب المصنع ،في حين لو استعملت النقود بدل الكمبيالة لتطلب األمر عمليتين
األولى :قيام تاجر التقسيط بدفع مبلغ البضاعة لتاجر الجملة .والثانية :قيام هذا األخير بدفع مبلغ
البضاعة لصاحب المصنع.
7
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
إن أهم دور تلعبه ا لكمبيالة في الوقت الحاضر هو كونها أداة ائتمان ،أي أداة لتأخير الوفاء
إلى أجل معين أو قابل للتعيين فالكمبيالة بهذا تستجيب لمتطلبات التجارة التي تعتمد على
االئتمان والثقة وهذا ما يجعل التجار يقبلون كثيرا في معامالتهم على استعمال الكمبيالة ألنها
تمنحهم أجاال لتداول سلعهم وصرف منتجاتهم فهي شبيهة بقروض قصيرة األجل يمنحها التجار
لبعضهم البعض بدل البنوك في كثير من األحيان.
في هذا الفرع سنعمل على بيان الشروط القانونية الالزمة إلنشاء الكمبيالة وذلك من خالل
مبحثين اثنين ،نعرض في األول منهما للشروط الموضعية ثم نتطرق في الثاني منهما للشروط
الشكلية.
تخضع الكمبيالة باعتبارها من تصرفات اإلدارة المنفردة لألحكام العامة للعقد وعليه ال بد
إلنشائها من توافر الشروط الموضوعية وهي األهلية والرضى والمحل والسبب.
ويكون الشخص أهال للقيام باألعمال التجارية وبالتالي االلتزام بالكمبيالة إذا بلغ سن الرشد
القانوني وهي 18سنة شمسية كاملة ولم يصب بأي عارض من عوارض األهلية .فمتى كان
الشخص فاقدا لألهلية لصغر في السن أو جنون ،فإن التزامه بالكمبيالة يكون باطال وتبقى في
هذه الحالة التزامات األشخاص اآلخرين الموقعين على الكمبيالة صحيحة .أما القاصر وهو
الذي لم يبلغ بعد سن الرشد فتعتبر الكمبيالة الموقعة من طرفه باطلة ما لم يكن مأذونا له
باالتجار فيكون في حكم الراشد وذلك في حدود ما أذن له به من أعمال تجارية .فإذا كانت
الكمبيالة من بين تلك األعمال كان التزام القاصر الناشئ عنها صحيحا وال يسوغ له إبطالها.
8
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
أما بالنسبة للرضى فيشترط فيه أن تتجه إرادة الساحب وغيره من الموقعين إلى االلتزام
بالكمبيالة و ينبغي أن تكون تلك اإلرادة سليمة خالية من عيوب الرضى وهي الغلط والتدليس
واإلكراه والغبن.
أيضا من الشروط الموضوعية للكمبيالة هناك المحل ،فالمحل في االلتزامات عموما ليس
واحدا بل هو متنوع حيث أجاز الفصل 57من قانون االلتزامات والعقود أن يكون محل االلتزام
إما أشياء أو أفعاال أو حقوقا معنوية شريطة أن تكون داخلة في دائرة التعامل ،أما محل الكمبيالة
فهو واحد ال يتغير وهو أداء مبلغ معين من النقود.
باإلضافة إلى الشروط السالف ذكرها هناك السبب ،وهو الدافع الذي من أجله حررت هذه
الكمبيالة ،ويشكل العالقة بين الساحب والمستفيد ،تلك العالقة التي جعلت األول يسحب كمبيالة
بوصفه مدينا لفائدة الثاني الذي يعتبر دائنا ،ويعبر عن السبب في الكمبيالة بعبارة " القيمة
وصلت" أو " مقابل ثمن بضاعة استلمت" .ولم يشترط القانون المغربي وجود السبب في
الكمبيالة خالفا لما قضت به القواعد العامة في السبب وذلك أخذا بقانون" جنيف الموحد" الذي
لم يجعل السبب من البيانات االلزامية في الكمبيالة.
ضمن هذا المبحث سنتطرق للشروط الشكلية المتعلقة بإنشاء الكمبيالة بدءا بالكتابة في مطلب
أول،وتوضيح مختلف البيانات اإللزامية ضمن مطلب ثان،مع بيان اآلثار المترتبة عن تخلف
بيان من هذه البيانات اإللزامية في مطلب ثالث ،باإلضافة إلى البيانات االختيارية التي يمكن
إدراجها في الكمبيالة وذلك في مطلب رابع،على أن نشير في المطلب الخامس واألخير إلى تعدد
النظائر والنسخ في الكمبيالة.
9
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
سبق تعريف الكمبيالة بأنها ورقة تجارية تحرر وفق بيانات حددها القانون .من خالل هذا
التعريف يتضح أن تحرير الكمبيالة شرط أساسي لقيامها فالبد من كتابة البيانات االلزامية في
الكمبيالة حتى يمكن تحديد االلتزام الصرفي و بالتالي يمكن االحتجاج بها.
ولما كانت الكمبيالة تتداول كغيرها من األوراق التجارية وذلك عن طريق التظهير أو
المناولة اليدوية إن كان التظهير للحامل ،فإن هذا التداول ال يمكن أن يستمر إال إذا تعلق األمر
بكمبيالة مكتوبة في محرر ،هذا المحرر فقط هو الذي يصح تداوله عن طريق التظهير.
فالكتابة إذن ال يقتصر دورها في أن تكون مجرد أداة إلثبات عالقة قانونية ،بل هي شكل
جوهري منشئ االلتزام ،فال يجوز إثبات الكمبيالة بغير الكتابة كالشهادة أو اإلقرار أو اليمين.
وتحرر الكمبيالة إما في محرر رسمي أو محرر عرفي وال يشترط كتابتها بخط يد التاجر بل
يجوز كتابتها بخط يد غيره أو بالطباعة شرط أن تكون موقعة عنه.
في هذا المطلب سنعرض لمختلف البيانات اإللزامية التي نص عليها المشرع المغربي
لقيام الكمبيالة كورقة صرفية وذلك ضمن الفقرات التالية.
لقد حددت الفقرة األولى من المادة 159من مدونة التجارة البيانات اإللزامية للكمبيالة
حيث اشترطت ضرورة تسمية " كمبيالة" في السند حتى يصلح أن يكون كمبيالة تخضع ألحكام
قانون الصرف .حيث يجب أن تذكر كلمة (كمبيالة) في نص السند ذاته أي في صلبه ،فال يجوز
ذكرها في مكان آخر من السند ،كما ال يجوز كتابتها على ورقة أخرى ،ونص السند هو العبارة
التي تتضمن األمر باألداء ( إدفعوا مقابل هذه الكمبيالة) وتكتب كلمة كمبيالة بنفس اللغة التي
حررت بها البيانات األخرى وإال كانت الكمبيالة باطلة.
10
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
تتضمن الكمبيالة دائما أمرا صادرا من الساحب إلى المسحوب عليه بأن يدفع مبلغا معينا
من النقود ويعبر عن هذا األمر بصيغة ( ادفعوا مقابل هذه الكمبيالة .)...
ويشترط في هذا األمر أن يكون ناجزا أي مطلقا غير معلق على شرط واقف أو فاسخ أو
على أجل غير معين .كما يشترط في األمر الناجز أن يتعلق بأداء مبلغ معين من النقود فإذا
سحبت الكمبيالة بدفع شيء معين غير النقود كالبضائع أو السلع تكون باطلة ،ويمكن كتابة المبلغ
في الكمبيالة باألحرف فقط أو باألرقام فقط غير أن العرف جرى على ذكر المبلغ مرتين مرة
باألحرف ومرة باألرقام.
ويشترط في المبلغ أن يكون محددا بدقه سواء في قيمته أو في نوع العملة التي سيؤدى بها.
المسحوب عليه في الكمبيالة هو الشخص الذي يوجه له الساحب األمر بدفع مبلغ معين من
النقود .وقد يكون المسحوب عليه مدينا فعال للساحب بذلك المبلغ وقد ال يكون مدينا له به ،إال أنه
ال يلزم بدفع المبلغ المعين في الكمبيالة إال إذا عرضت عليه هذه األخيرة وقبلها .ويتحقق قبوله
بتوقيعه على الكمبيالة .وقد يكون القبول بدون توقيع إذا قدمت إليه الكمبيالة في تاريخ االستحقاق
وأدى ثمنها.
وينبغي أن يكون المسحوب عليه معروفا في الكمبيالة ولهذا اشترط المشرع ذكر اسمه
واألهم أن المسحوب عليه يكون شخصا آخر غير الساحب ،لكن ليس هناك ما يمنع أن يكون
المسحوب عليه هو نفسه الساحب وهذا ما يقع عادة في المعامالت التي تجري بين األبناك
والمؤسسات والشركات التي لها فروع ووكاالت حيث يسحب المركز الرئيسي كمبياالت على
أحد فروعه أو وكالءه ألمر مركز آخر أو فرع آخر أو وكالة أخرى.
11
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
يقصد بميعاد االستحقاق اليوم الذي يصل فيه أجل أداء مبلغ الكمبيالة ويكتسي هذا الميعاد
في المعامالت التجارية أهمية خاصة ،حيث يبن ي عليه التاجر عادة بعض أعماله وصفقاته كما
تتحد بمقتضاه آجال االجراءات القانونية التي يتعين على الحامل التقيد بها حتى ال تضيع حقوقه
في الرجوع على الضامنين في الكمبيالة كالمظهرين السابقين والساحب.
وب اعتبار الكمبيالة أداة وفاء تشبه النقود فيتعين تحديد ميعاد االستحقاق بدقة بحيث ال ينبغي
أن يكون معلقا على شرط واقف أو فاسخ أو مرتبطا بواقعة معينة ،كوفاة شخص أو بظاهرة
طبيعية كسقوط المطر.
وهناك أربع طرق يحدد بها ميعاد استحقاق الكمبيالة نصت عليها المادة 181من مدونة
التجارة حيث تكون الكمبيالة بمقتضى هذه المادة مستحقة الوفاء:
والكمبيالة التي يعين فيها ميعاد االستحقاق بطرق أخرى أو التي تشتمل على مواعيد
متعاقبة تكون باطلة.
ويقصد بمكان الوفاء المكان الذي يستطيع المستفيد التوجه إليه للمطالبة بمبلغ الكمبيالة وقد
يكون هذا المكان هو نفسه مكان المسحوب عليه وقد يكون غير ذلك فالمهم هو تحديد المكان
بدقة تجعله معروفا يسهل االهتداء إليه.
12
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
ويجوز اختيار مك ان آخر لوفاء الكمبيالة غير مكان المسحوب عليه كأن يكون أحد األبناك
أو أحد فروعها أو وكاالتها أو مكان أحد األشخاص العاديين.
المستفيد هو الشخص الذي حررت الكمبيالة ألمره أو بمعنى آخر الشخص الذي سحبت
الكمبيالة لفائدته .وقد ألزم المشرع ذكر اسم المستفيد وهذا يعني ضرورة تحديد اسمه وتعيينه
بشكل واضح ال يدع مجاال للشبهة سواء تعلق األمر بشخص طبيعي أو معنوي كالشركة حيث
يتعين ذكر اسمها أو عنوانها التجاري.
وكما أن المسحوب عليه قد يكون هو الساحب فكذلك المستفيد يمكن أن يكون هو الساحب
وال يلجأ الساحب عادة إلى هذه اإلمكانية إال عندما ال يجد شخصا يسحب لفائدته الكمبيالة حيث
تكون هذه األخيرة قابلة للتداول خاصة أنه ال يجوز في ظل القانون المغربي سحب كمبيالة
للحامل.
فيسحبها ألمر ثم يظهرها للحامل أو على بياض باعتبار أن التظهير للحامل أو على بياض
جائز قانونا.
يوضح هذا البيان االلزامي عادة في أعلى الكمبيالة ويكتب التاريخ إما باألحرف أو
باألرقام ويجب أن يحدد باليوم والشهر والسنة وقد يكون بالتقويم الهجري أو الميالدي أو هما
معا.
وتتجلى أهمية ذكر تاريخ إنشاء الكمبيالة في كونه يفيد في معرفة ما إذا كان الساحب وقت
تحريره الكمبيالة متمتعا باألهلية التجارية أم ال .ألن الكمبيالة الموقعة من طرف القاصرين غير
تجار تعتبر باطلة بالنسبة إليهم .وفي حالة صعوبة المقاولة أيضا حيث يمكن بفضل التاريخ
معرفة ما إذا كانت الورقة قد حرر ت في فترة الريبة أم أنها حررت قبل ذلك .فإذا حررت في
فترة الريبة من أجل وفاء دين لم يحل أجله كانت باطلة ،كما يفيد التاريخ في تحديد ميعاد
13
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
االستحقاق إذا كانت الكمبيالة مستحقة بعد مدة من إنشائها ،ويفيد التاريخ أيضا في احتساب مدة
التقادم.
ويجب كذلك النص على مكان إنشاء الكمبيالة وهو المدينة أو البلدة التي حررت فيها ويفيد
ذكر المكان في معرفة القانون الواجب التطبيق عند تنازع القوانين خاصة أن الكمبيالة أصبح لها
في الوقت الحاضر دورا هاما في التجارة الدولية.
وأخيرا ألزم المشرع توقيع الساحب في أسفل الكمبيالة حيث يعبر على إرادته الجدية في
التزام بأداء مبلغ الكمبيالة إذا لم يؤده المسحوب عليه ،فالساحب بمجرد توقيعه يكون ضامنا
للوفاء بالكمبيالة وال يجوز له التحلل من ذلك .وقد اختلف الفقه في تفسير معنى اإلمضاء على
اعتبار أن المادة 159من مدونة التجارة لم تعرف معنى اإلمضاء ولم تعين كيفيته ،فذهب
البعض إلى ضرورة عدم التوسع في تفسير هذا اللفظ وجعله مقتصرا على اإلمضاء كتابة وهو
الرأي الذي أخذت به المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء في قرار صادر بتاريخ 27يناير 1954
وذهب البعض اآلخر إلى ضرورة التوسع في تفسير لفظ اإلمضاء بأن يشمل إضافة إلى الكتابة
بصمة اليد.
ونرى بخصوص هذا االختالف وأمام عموم لفظ اإلمضاء الوارد في الفصل 159من
مدونة التجارة ضرورة الرجوع إلى القواعد العامة الواردة في ق.ا.ع وبالضبط في الفصلين
426و 427منه فالفصل 426يجيز أن تكون الورقة مكتوبة بيد غير الشخص الملتزم بها
بشرط أن تكون موقعة منه ،ويلزم أن يكون التوقيع بيد الملتزم نفسه وأن يردف أسفل الورقة
وال يقوم الطابع أو الخاتم مقام التوقيع ويعتبر وجوده كعدمه .أما الفصل 427فيقضي بأن
المحررات المتضمنة اللتزامات أشخاص أميين ال تكون لها قيمة إال إذا تلقاها موثقون أو
موظفون عموميون مأذون لهم بذلك .فمن خالل هذين الفصلين يمكن القول أن اإلمضاء ينبغي
أن يكون إما بخط اليد أو بالبصمة دون الختم.
14
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
األصل أن الساحب إذا أهمل بيانا من البيانات في الكمبيالة اعتبرت باطلة كورقة صرفية
ألن القانون اشترط أن تأتي الكمبيالة في شكل معين أي أن تتوفر فيها جميع البيانات التي نصت
عليها المادة 159من مدونة التجارة ولكن المشرع أورد لهذا األصل استثناءات ثالث نص
عليها في المادة 160من م ت المذكورة وتتمثل فيما يلي:
المكان المذكور إلى جانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكان الوفاء وفي نفس الوقت
مكان موطن المسحوب عليه ما لم يرد في السند خالف ذلك.
إذا لم يعين مكان بجانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكانا للوفاء المكان الذي يزاول
فيه المسحوب عليه نشاطه أو موطنه.
إذا لم يعين مكان بجانب اسم الساحب فإن الكمبيالة تعتبر منشأة بموطنه.
إذا لم يعين تاريخ إنشاء الكمبيالة يعتبر تاريخ اإلنشاء هو تاريخ تسليم السند إلى
المستفيد ما لم يرد في السند خالف ذلك.
وفيما عدا هذه االستثناءات فإن إهمال ذكر بيان آخر من البيانات االلتزامية يفقد الكمبيالة
صفتها التجارية وال يكون االلتزام فيها التزاما صرفيا بل يتحول إلى التزام عادي أي إلى محرر
عادي إذا توفرت الشروط الالزمة لذلك حسب المبدأ العام المقرر في الفصل 309من ق.ا.ع
الذي جاء فيه ( إذا بطل ا اللتزام باعتبار ذاته وكان به من الشروط ما يصح به التزام آخر جرت
عليه القواعد المقررة لهذا االلتزام اآلخر).
باإلضافة إلى البيانات اإللزامية المذكورة سابقا يمكن أن تتضمن الكمبيالة بيانات ينشئها
األطراف بإرادتهم تعرف بالبيانات االختيارية .و هذه البيانات لم يحددها القانون وإنما ترك
15
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
للملتزمين بالكمبيالة إدراج ما شاءوا منها حسب إرادتهم واتفاقهم شريطة عدم إخاللها
بمقتضيات النظام العام واآلداب الحميدة وعدم تعارضهما مع البيانات اإللزامية ،هذا من جهة،
ومن جهة ثانية ال يؤدي عدم ذكرها إلى بطالن الكمبيالة وهذه البيانات منها ما يؤثر على
الكمبيالة ومنها ما ال يؤثر على الكمبيالة.
وهو ما يعبر عنه قانونا بشرط " ليس ألمر" ويقصد من إدراج هذا الشرط منع تداول
الكمبيالة بالطرق التجارية أو بالتظهير فإذا أراد الساحب منع تداول الكمبيالة بالطرق التجارية
أو بالتظهير /،فإذا أراد الساحب منع تداول الكمبيالة بالطرق التجارية /فإنه يضمن الكمبيالة
ببيان شرط " ليس ألمر" و .....يمنع المستفيد من تظهيرها ويتعين عليه االنتظار إلى حين
حلول ميعاد االستحقاق الستالم مبلغها من المسحوب عليه.
وهو ما يعبر عنه "بتوطين الكمبيالة " فاألصل في تسديد قيمة الكمبيالة من طرف
المسحوب عليه أن يتم في موطن هذا األخير المبين في الكمبيالة ،إال أن طبيعة الحياة التجارية
وما تفرضه على التاجر من تنقل مستمر جعلت من غير .....دائما لحامل الكمبيالة تقديم هذه
األخيرة إلى المسحوب عليه ،إذ قد ال يجده في محل عمله الذي يكون غالبا هو محل الدفع مما
ينجم عنه آثار سلبية ،لذلك فقد أُجيز أن يتم االتفاق على وفاء مبلغ الكمبيالة في موطن شخص
آخر غير المسحوب عليه وغالبا ما يكون هذا الغير هو البنك الذي يتعامل معه المسحوب عليه.
األصل أن الساحب والمظهرين يسألون بالتضامن أمام المستفيد الحامل عن أداء قيمة
الكمبيالة فهم ضامنون للقبول وللوفاء ،إال أن هذا الضمان ليس من النظام العام حيث يستطيع أي
16
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
من المظهرين أن يشترط عدم ضمانه وذلك بإدراج شرط عدم الضمان في الكمبيالة عند
تظهيرها أمام الساحب فال يملك اشتراط عدم الضمان وكل شرط مخالف يعتبر غير موجود.
لما كان تنظيم االحتجاج ودعوا إلى الرجوع بمتطلبات نفقات قد ال يرغب الملتزمون
بالكمبيالة تحملها لذلك فقد سمح المشرع للساحب أو ألي عن المظهرين أن يشترط على الحامل
أن يرجع عليه إذا ما رفض المسحوب عليه الوفاء أو القبول.فيطالب بمبلغ الكمبيالة مع عدم
تنظيم االحتجاج ويتحقق هذا بفضل شرط الرجوع بال مصاريف أو بدون احتجاج.
تسحب الكمبيالة عادة لتسديد دين مترتب في ذمة الساحب فوصول القيمة هو بيان
وتوضيح للعالقة القان ونية التي أنشئت من أجلها الكمبيالة والتي تربط الساحب بالمستفيد أي أن
الساحب يأمر بالدفع ألن القيمة وصلته وتوضح هذه العالقة مثال بالصيغة التالية " :القيمة ثمن
البضاعة وصلت" أو " القيمة وصلت".
المسحوب عليه عادة يهمه معرفة السبب الذي أدى إلى تلقيه األمر بوفاء مبلغ الكمبيالة إذ
على هذه المعرفة يسنى غالبا قبوله أو عدم قبوله للوفاء .وهذا ما يجعل الساحب يضمن الكمبيالة
شرط" مقابل الوفاء" ليوضح به السبب الذي سميت من أجله الكمبيالة وهو بالتالي الذي يبين
العالقة التي تربط الساحب بالمسحوب عليه.
17
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
يقصد بالسحب لحساب الغير توقيع الساحب على الكمبيالة باسمه الشخصي دون أن يشير
إلى أنه يعمل ذلك بالوكالة عن الغير ،مع أنه في الحقيقة إنما أجرى السحب لحساب الغير .أي
أن الساحب لحساب الغير إنما يتصرف باسمه الشخصي مباشرة فهو الساحب الظاهر ،إال أنه
في حقيقة األمر يعمل لحساب شخص آخر هو الساحب الفعلي أو الحقيقي وهو الذي أعطاه
األمر بإجراء السحب.
وعلى هذا تطبق أحكام السحب لحساب الغير عندما يظهر شخص بمظهر الساحب فيلتزم
بالكمبيالة باسمه مباشرة وبدون أن يشير إلى اسم من كلفه بالسحب ،بل أكثر من ذلك فهي تطبق
وإن أشار الساحب الظاهر أنه سحب لحساب الغير إذا تمت اإلشارة إلى هذا الغير باألحرف
األولى السمه.
ويلجأ إلى هذه الطريقة في سحب الكمبيالة عندما يريد الساحب الحقيقي أن يبقي مستترا
سواء ألن طبيعة عمله ال تسمح له بذلك كالمحامي في عالقته مع موكليه ،أو أنه يمارس التجارة
إال أنه لسبب خاص به ال يريد الظهور في الكمبيالة كما لو تعلق األمر بسمعته التجارية.
وتجدر اإلشارة في ختام دراسة البيانات االختيارية أن المشرع المغربي أجاز في المادة
162من مدونة التجارة لساحب الكمبيالة المستحقة عند االطالع أو بعد مدة من االطالع أن
يدرج في الكمبيالة بيان آخر اختياري هو " شرط الفائدة" ويعتبر هذا الشرط غير موجود في
أنواع الكمبياالت األخرى.
وقد أخذ هذا البيان عن قانون جنيف الموحد دون أن ينتبه إلى أن هذا البيان يتعارض مع
المبدأ العام الوارد في المادة 870ق أ ع الذي جاء ف ي مطلعها ( :اشتراط الفائدة بين المسلمين
باطل ومبطل العقد) وهذا المبدأ كما هو معلوم من النظام العام وال ينبغي مخالفته ،على أن جواز
اشتراط الفائدة المنصوص عليه في المادة 162من مدونة التجارة يمكن أن يفسر بكون
المقصود منه الحاالت التي يتعامل فيها غير المسلمين بالكمبياالت وهذا يوافق مقتضيات الفصل
18
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
871من ق.ا.ع الذي جاء في مطلعه ( وفي الحاالت األخرى يجوز اشتراط الفائدة) والمقصود
بالحاالت األخرى في هذا الفصل حاالت غير المسلمين.
األصل أن الكمبيالة تحرر بنظير واحد ،إال أنها قد تسحب عدة نظائر عندما تدعو الحاجة
إلى ذلك فقد يرغب الساحب في تسهيل تداول الكمبيالة قبل أن يقبلها المسحوب عليه فيحرر منها
نظائر أو نسخا بحسب األحوال وهذا ما سنراه ضمن المطلبين التاليين.
قد يقوم الساحب رغبة منه في تسهيل تداول الكمبيالة قبل أن يقبلها المسحوب عليه ،فيقوم
بتحرير نظائر من الكمبيالة يرسل أحدها للمسحوب عليه قصد التوقيع عليه بالقبول .أو قد يكون
الهدف من سحب الكمبيالة بعدة نظائر هو تفادي مخاطر الضياع أو السرقة خاصة بالنسبة
للكمبياالت التي ترسل إلى بلدان أجنبية .لذلك جرى التعامل الدولي خاصة على أن تحرر
الكمبيالة المرسلة في أكثر من نظير حتى إذا ما ضاعت هذه الكمبيالة يستطيع الحامل إرسال
نظير أخر ويمارس حقه في الحصول على مبلغ الكمبيالة وتعتبر الكمبيالة المسحوبة بعدة نظائر
واحدة مهما بلغ عدد النظائر التي سحبت بها ويترتب على هذا القول بعض النتائج منها:
يجب أن تكون النظائر متماثلة بحيث يطابق بعضها بعضا بما في ذلك التوقيعات
التي يجب أن تكون حقيقية ألصحابها.
يلزم ذكر رقم كل نظير في نص الكمبيالة نفسه حتى يعلم الحامل أو المسحوب
عليه أن هذه الكمبيالة حررت بعدة نظائر فإذا لم يذكر اعتبر كل نظير كمبيالة
مستقلة عن األخرى.
ال يلزم المسحوب عليه إال ب سداد مبلغ النظير الذي وقع عليه بالقبول ويجب عليه
أن يسترد ذلك النظير المقبول كي تبرأ ذمته قانونا وإذا حدث أن وضع المسحوب
19
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
عليه توقيعه بالقبول على عدة نظائر فإنه يلتزم بكل نظير منها ما لم يستردها منها
جميعا عند أداءه مبلغ الكمبيالة.
يعتبر تظهير النظائر إلى أشخاص مختلفين عمال غير مشروع يلزم صاحبه
بالتعويض عن الضرر الحاصل من جراء ذلك.
يجوز لكل حامل للكمبيالة أن ينشئ منها نسخا وتتميز النسخة بأنها صورة طبق األصل
للكمبيال ة ووسيلتها العملية في الوقت الحاضر التصوير إال أنه ليس هناك ما يمنع من أن تنسخ
باليد ،وهذا ما كان عليه العمل قبل ظهور آلة التصوير.
والنسخة تشبه النظير في جوانب وتختلف عنه في جوانب أخر ،فهي تشبهه في:
ضرورة إدراج بيان في النسخة يعين من بيده األصل ومن واجب هذا األخير أن يسلمه
لحامل النسخة الشرعي.
التوقيعات التي توجد على النظير هي نفسها التوقيعات الحقيقية للساحب والمظهرين
باعتبار أنها صادرة بخط يد أصحابها كما هو الشأن بالنسبة لألصل .أما في النسخة
فإن الصورة ترسم التوقيعات .وإذا جرى النسخ باليد فإنه يشار إلى أسماء أصحاب
التوقيعات فقط دون تقليد لتوقيعاتهم.
20
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
ال يمكن األداء بواسطة النسخة خالف النظير ولذلك يجب اإلشارة في النسخة إلى
الشخص الحائز على أصل الكمبيالة .غير أن النسخة تقبل هي أيضا التداول بطريقة
التظهير.
سنتطرق ضمن هذا الفرع لتعريف التظهير وتمييزه عن حوالة الحق وشروطه في مبحث
أول .على أن نعرض ألشكال التظهير في مبحث ثان..
سنتطرق ضمن هذا المبحث لتعريف التظهير وتمييزه عن حوالة الحق في مطلب أول ،وفي
مطلب ثان سنبين شروط قيام هذا التظهير.
التظهير هو كتابة عبارة على ظهر الكمبيالة تفيد انتقال المبلغ الثابت فيها من المستفيد
المظهر إلى المظهَّر إليه.
ويختلف التظهير اختالفا جوهريا عن حوالة الحق المدنية فإذا أراد الدائن حوالة حق له
إلى شخص آخر عن طريق الحوالة المدنية .فإن هذه الحوالة ال تصبح نافذة اتجاه المدين والغير
إال إذا قبلها المدين أو بلغت إليه تبليغا رسميا .في حين أن انتقال الحق بالتظهير ال يتوقف على
قبول المسحوب عليه أو تبليغه باالنتقال تبليغا رسميا .وحوالة الحق ال توفر للمحال له
الضمانات الكافية ا لتي تجعله يطمئن إلى أنه سيستوفي فعال مبلغ الدين المحال به ،ذلك أنه في
الحوالة ب عوض ال يضمن المحيل إال وجود الحق المحال به وقت الحوالة ،أما إذا كانت الحوالة
بغير عوض فال يكون المحيل ضامنا لوجود الدين أو الحق المحال به وإنما يكون مسؤوال عن
ما يترتب على تدليسه ،أما بخصوص التظهير فإن المظهِّر يضمن الوفاء والقبول ما لم يرد
شرط يخالف ذلك.
21
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
ويجوز للمدين في حوالة الحق أن يتمسك في مواجهة المحال له بكل الدفوع التي كان
بإمكانه التمسك بها في مواجهة المحيل بشرط أن يكون أساسها قائما عند حصول الحوالة أو عند
تبليغها ،أما التظهير فإنه يطهر الكمبيالة من الدفوع المبنية على العالقات الشخصية ما لم يكن
الحامل قد تعمد باكتسابه الكمبيالة اإلضرار بالمدين.
إذا كان القانون التجاري قد أجاز انتقال أية كمبيالة بطريق التظهير فإنه قيد ذلك ببعض
الشروط وهي:
.1أن يكون التظهير ناجزا وكل شرط مقيد له يعتبر وكأنه غير موجود [ .إن التظهير يجب
أن يكون ناجزا والتصرف الناجز هو أن يكون غير معلق على شرط من الشروط].
.2أن يكون التظهير تاما أي شامال لكل مبلغ الكمبيالة ،أما التظهير الجزئي وهو الذي يفيد
انتقال جزء معين من المبلغ فقط فإنه يعتبر باطال كأن لم يكن.
.3أن يحرر التظهير على الكمبيالة نفسها سواء على وجهها أو على ظهرها أو على ورقة
متصلة بها وذلك عندما يمتلئ ظهر الكمبيالة بالتوقيعات حيث تضاف ورقة متصلة بها
الستئناف التوقيعات عليها .إال أنه يشترط في التظهير الذي يقع على وجه الكمبيالة أن ال
يكون على بياض وذلك تفاديا للخلط بينه وبين توقيع الضامن االحتياطي عندما يتم بدوره
على بياض [ التوقيع على بياض هو الذي يتم وحده دون آية عبارة].
وتجدر اإلشارة إلى أنه إذا حدث أن بطل التظهير فإن ذلك ال يؤدي إلى بطالن الكمبيالة
ألن هذه األخيرة ال تبطل إال إذا اختل فيها بيان من البيانات اإللزامية ،والتظهير ال يعد من
البيانات اإللزامية للكمبيالة وإنما هو طريق من طرق تداولها.
22
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
قد يأتي التظهير في أحد األشكال الثالثة اآلتية والتي سنعرض لها ضمن المطالب الموالية.
وهو الذي يكتب فيه المظهر اسم المظهَّر إليه ثم يرفقه بتوقعيه .وقد يكتفي المظهر بذكر
اسم المظهر إليه فقط وقد يورد عبارة تفيد انتقال الحق في الكمبيالة إلى المظهَّر إليه كأن يكتب "
ادفعوا ألمر فالن" أو " التظهير لفائدة فالن" ويمكن أن يرد التظهير االسمي على وجه الكمبيالة
أو على ظهرها أو على الورقة المتصلة بها.
وهو الذي ال يذكر فيه المظهر اسم المظهر إليه بل يكتفي بوضع توقيعه مجردا عن أية
عبارة ،وحتى يكون التظهير على بياض صحيحا ال بد من وقوعه على ظهر الكمبيالة أو على
الورقة المتصلة بها ،فإذا وقع على وجه الكمبيالة فال يعتبر صحيحا ألن من شأن ذلك كما سبق
القول اختالطه بالضمان االحتياطي.
ويستطيع المستفيد من تظهير الكمبيالة تظهيرا على بياض أن يحول ذلك التظهير إلى
تظهير اسمي وذلك بإضافة اسمه كما يستطيع أن يظهرها من جديد إما تظهيرا على بياض أو
تظهيرا اسميا ،وأخيرا يستطيع أن ينقلها بمجرد تسلميها دون إضافة أي اسم ودون تظهيرها
وفي هذه الحالة يتداول الكمبيالة كأي سند لحامله.
وهو يشبه التظهير على بياض من حيث إن كالهما ال يذكر فيه اسم المظهَّر إليه إال أن
الفرق بينهما أن التظهير على بياض يكتفى فيه بالتوقيع ،في حين أن التظهير للحامل تكتب فيه
إلى جانب التوقيع كلمة " للحامل" .وإذا كان المشرع قد منع إنشاء الكمبيالة للحامل حيث اعتبر
ذكر اسم الشخص الذي يجب أن يقع الوفاء ألمره بيانا إلزاميا يترتب على مخالفته بطالن
الكمبيالة ،فإنه أجاز تظهير الكمبيالة للحامل.
23
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
تتعدد أنواع التظهير بحسب الهدف الذي يسعى إليه المظهر من تظهيره للكمبيالة فقد
يكون هدفه نقل ملكيتها إلى المظهَّر إليه وهذا ما يسمى" بالتظهير الناقل للملكية" .وقد يكون
هدفه توكيل المظهَّر إليه قصد تسلم مبلغها وهذا ما يعرف " بالتظهير التوكيلي" .وقد يكون هدفه
رهن الكمبيالة من أجل تأمين وضمان دين عليه وهذا ما يطلق عليه" التظهير التأميني".
ضمن هذا المطلب سنعرض لتعريف التظهير الناقل للملكية و شروطه و كذا اآلثار
المترتبة عنه في الفقرات الثالث الموالية.
التظهير الناقل للملكية أو التظهير التام هو الذي تنقل بمقتضاه ملكية الكمبيالة من المظهِّر
إلى المظهَّر إليه .فهذا النوع من التظهير ينقل بيع الحقوق الناتجة عن الكمبيالة إلى المظهَّر إليه
ولهذا يعتبر أهم أنواع التظهير وأكثرها شيوعا.
ويفترض أن كل تظهير هو ناقل للملكية ألن هذا هو األصل ما لم يشر صراحة إلى أن
األمر يتعلق بنوع آخر من أنواع التظهير كالتظهير التوكيلي أو التظهير التأميني.
يلزم لصحة التظهير الناقل للملكية أن يتوفر فيه نوعان من الشروط شروط موضوعية
وأخرى شكلية.
أوال:الشروط الموضوعية
تتمثل الشروط الموضوعية في ضرورة صدور التظهير من الحامل الشرعي للكمبيالة فإذا
انتقلت الكمبيالة بطريق غير شرعي كسرقتها أو تزويرها كان تظهيرها بعد ذلك باطال .وفي
ضرورة توافر الرضا بأن يصدر التظهير من شخص متمتع بكامل اإلرادة فال يشوب إرادته
24
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
عيب من عيوب الرضا كالغلط أو التدليس أو اإلكراه أو الغبن .وفي توافر األهلية بأن يوقع
التظهير شخص متمتع بأهلية تعاطي العمل التجاري ألن االلتزام بالكمبيالة من األعمال التجارية
األصلية .وفي ضرورة وجود المحل ومحل التظهير هو نفسه محل الكمبيالة ،ولما كان محل
الكمبيالة هو مبلغ من النقود فإن هذا المبلغ يجب أن يكون كامال غير ناقص .ولذلك يكون
التظهير الناقص أو الجزئي باطال ،وتتمثل الشروط الموضوعية أخيرا في ضرورة قيام سبب
مشروع للتظهير والسبب هنا هو العالقة التي تربط المظهِّر بالمظهَّر إليه والتي بناءا عليها ظهَّر
األول الكمبيالة للثاني ،فإذا كانت هذه العالقة غير مشروعة كان السبب أيضا غير مشروع
وبالتالي بطل التظهير المؤسس عليه.
ثانيا:الشروط الشكلية
أما الشروط الشكلية للتظهير فتتمثل في الكتابة وهذه األخيرة تتم عن طريق التوقيع،
فالتظهير ال يمكن إثباته بطريقة إثبات أخرى غير الكتابة كيفما كان الشكل الذي يتخذه سواء كان
التظهير اسميا أو على بياض أو للحامل.
وإذا كان التوقيع هو الشرط الشكلي الوحيد الذي ألزم المشرع تحققه لصحة التظهير فإنه
ليس هناك ما يمنع ذكر بيانات اختيارية في التظهير كبيان" وصول القيمة" وبيان" الرجوع
بدون مصاريف" وبيان" ليس ألمر" وبيان" عدم الضمان" وغيرها من البيانات االختيارية التي
درسناها سابقا.
إن التظهير ينقل جميع الحقوق الناشئة عن الكمبيالة وأهم هذه الحقوق ملكية هذه الكمبيالة.
فالتظهير معناه تنازل المظهِّر عن الكمبيالة للمظهَّر إليه بكل بياناتها اإللزامية واالختيارية.
ومؤدى هذا أن المظهِّر تنازل عن جميع الحقوق التي تتصل بالكمبيالة سواء كانت حقوقا أصلية
25
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
أو مرتبطة بها كالضمانات العينية والشخصية ألن التنصيص على هذه الضمانات في الكمبيالة
يجعلها حقوقا صرفية ،مثال ذلك أن ينشئ شخص رهنا أو كفالة من أجل ضمان األداء في
الكمبيالة فإن هذا الرهن أو الكفالة ينتقل إلى المظهَّر إليه تأسيسا على نظرية الفرع يتبع األصل.
إن تظهير الكمبيالة وانتقالها إلى المظهَّر إليه ال يجعل المظهِّر مبدئيا متحلال من االلتزام
بضمان قبولها ووفائها في تاريخ االستحقاق بحيث يلتزم المظهِّر بضمان القبول والوفاء
بالتضامن مع بقية الموقعين على الكمبيالة من ساحب ومظهرين وضامنين احتياطيين
والمسحوب عليه القابل .لذا يكون من حق الحامل أن يوجه الدعوى ضمن هؤالء األشخاص
جميعا سواء بصورة انفرادية أو جماعية دون أن يكون ملزما باتباع الترتيب الذي صدر به
التزامهم وإذا حدث أن وفى أحدهم فإنه يتمتع بالحق نفسه.
وإذا كان األمر أن المظهِّر ضامن للقبول والوفاء فإنه قد يتحلَّل من هذا الضمان إذا أورد
شرطا بخالف ذلك عند التظهير تظهير الكمبيالة كما أن بإمكان المظهر أن يقصر الضمان على
المظهر إليه دون من يأتي بعد ممن تظهر لهم الكمبيالة وذلك بأن يورد في الكمبيالة شرطا يمنع
بمقتضاه المظهَّر إليه من تظهير الكمبيالة تظهيرا جديدا وإذا خالف المظهَّر إليه هذا المنع فإن
المظهِّر ال يلزم بالضمان اتجاه المظهَّر إليهم الجدد.
ويالحظ أن ضمان القبول والوفاء يعتبر من خصائص الكمبيالة كورقة صرفية ذلك أننا ال
نجد مثيال له في حوالة الحق المدنية .فالمحيل في حوالة الحق ال يضمن إال وجود الحق المحال
به وقت الحوالة ،أما إذا كانت بغير عوض فال يكون المحيل ضامنا وجود الحق وإنما يكون
مسؤوال عما يترتب عن تدليسه ،أما في التظهير فإن المظهِّر يضمن للمظهَّر إليه يسر المسحوب
عليه في تاريخ االستحقاق ودونما حاجة إلى اتفاق مسبق على ذلك.
بفضل هذه الضمانات الكبيرة يقبل المتعاملون في ميدان التجارة على استيفاء ديونهم عن
طريق كمبياالت تسحب أو تظهَّر ألمرهم ألنهم مطمئنون على استيفاء قيمتها في تاريخ
االستحقاق.
26
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
سنعرض في هذا المطلب ومن خالل ثالث فقرات لمفهوم التظهير التوكيلي وشروطه
وآلثاره.
هو توكيل أو إنابة المظهَّر إليه ليتولى تحصيل مبلغ الكمبيالة عند االستحقاق .أو القيام
باإلجراءات القانونية للمحافظة على حقوق المالك الناتجة عن الكمبيالة كتقديم االحتجاج في
الحالة التي يمتنع فيها المسحوب عليه من القبول أو األداء والرجوع على الموقعين في الكمبيالة.
فالمظهِّر ال ينقل بتظهيره الكمبيالة ملكية هذه األخيرة للمظهر إليه بل يوكله فقط ليمارس
الحقوق باسمه ولحسابه نيابة عنه.
يشترط لصحة التظهير التوكيلي كما هو الشأن بالنسبة للتظهير الناقل للملكية توفر
شروط موضوعية وأخرى شكلية.
أوال:الشروط الموضوعية
أما المظهَّر إليه تظهيرا توكيليا فيكفي بالنسبة إليه أن يكون مميزا ،إذ ال تشترط فيه أهلية
معينة طبقا للمبدأ العام الوارد في الفصل 880ق.ا.ع .وإذا كان ال يجوز للمظهَّر إليه تظهيرا
توكيليا أن يظهر الكمبيالة من جديد تظهيرا ناقال للملكية فإنه يجوز له أن يظهرها تظهيرا
توكيليا جديدا.
27
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
ثانيا:الشروط الشكلية
يشترط لصحة التظهير التوكيلي أن يتم التنصيص على التوكيل صراحة في التظهير وذلك
باستعمال عبارة تدل عليه مع التوقيع ومن أمثلة هذه العبارة " التظهير للتوكيل" أو " القيمة
للقبض" أو "القيمة للتحصيل" أو غيرها من العبارات .وكيفما كان التعبير المستعمل فيجب أن
يكون ذا داللة واضحة على أن الغرض منه هو التظهير التوكيلي ،فإن لم يكن كذلك اعتبر
تظهيرا ناقال للملكية ،ألن األصل في التظهير أن يكون ناقال للملكية ما لم يذكر صراحة خالف
ذلك ،و هذه القرينة هي قرينة بسيطة قابلة إلثبات العكس
لما كان المظهَّر إليه في التظهير التوكيلي هو وكيل المظهِّر فإن آثار هذا التظهير هي
نفسها اآلثار المترتبة عن الوكالة العادية وهذه اآلثار منها ما يتعلق بعالقة المظهِّر بالمظهَّر إليه
ومنها ما يتعلق بعالقة المظهِّر والمظهَّر إليه بالغير.
أوال :آثار التظهير التوكيلي بالنسبة لعالقة المظ ِّهر بالمظهَّر إليه
أ) يمكن للمظهر إليه أن يمارس جميع الحقوق المتفرعة عن الكمبيالة .ويتعين عليه
بالخصوص أن يقدم الكمبيالة للقبول قبل االستحقاق ،وإذا رفضها المسحوب عليه ألزمه
تنظيم احتجاج عدم القبول .و إن قدم الكمبيالة للوفاء في تاريخ االستحقاق و امتنع
المسحوب عليه من الدفع وجب عليه تنظيم احتجاج عدم الوفاء .كما يتعين عليه الرجوع
على المظهرين السابقين وعلى الساحب وذلك إلرغامهم على الوفاء .ومن أجل ذلك
يستطيع أن يتخذ جميع اإلجراءات التحفظية.
ب) يلزم المظهَّر إليه الوكيل بتنفيذ المهمة التي كلف بها وال يسوغ له أن يجري أي عمل
يتجاوز أو يخرج عن حدود تلك المهمة وإال ترتبت عليه المسؤولية ،ما لم يكن هناك
عرف تجاري يترك بمقتضاه للمظهر إليه الوكيل القيام ببعض التصرفات القانونية .كما
28
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
هو الشأن بالنسبة لألبناك التي تأخذ على عاتقها تحصيل أوراق زبنائها التجارية حيث
تكتفي عادة بعرضها على الوفاء واستثناء تنظيم احتجاج عدم الوفاء .أما المتابعة
القضائية بسبب عدم الوفاء فيباشرها الزبون بعد أن يعيد إليه البنك الورقة التي لم تسدد،
ما لم يتفق على غير ذلك.
ت) إن عالقة المظهَّر إليه بالمظهِّر تحكمها مبدئيا قواعد الوكالة العادية وعليه ينتهي التظهير
التوكيلي بتنفيذ المظهَّر إليه مهمته أو بعزله " والعزل يكون بالتشطيب على التظهير
التوكيلي" أو بتنازله عن التوكيل أو بوفاته .إال أنه خالفا ألحكام الوكالة العادية فإن التظهير
التوكيلي ال ينتهي بوفاة المظهر أو بفقده ألهليته .لذلك يستطيع المسحوب عليه أن يؤدي مبلغ
الكمبيالة للوكيل رغم علمه بوفاة المظهِّر أو بانعدام أهليته.
بخالف الحالة التي يتوقف فيها المظهِّر عن أداء ديونه حيث يمنع المظهَّر إليه الوكيل من
استيفاء مبلغ الكمبيالة ،ألن التظهير التوكيلي ينتهي بتوقف المظهر عن أداء ديونه و يحل
محله وكيل الدائنين.
ثانيا:آثار التظهير التوكيلي في عالقة المظ ِّهر والمظ َّهر إليه بالغير
أ) سبق القول أن المظهَّر إليه في الكمبيالة في التظهير التوكيلي ليس إال وكيال للمظهِّر
وبالتالي يبقى هذا األخير هو المستفيد في الكمبيالة وهو الملتزم بها .وينتج عن ذلك أن
بإمكان المسحوب عليه وكل ملتزم بالكمبيالة أن يتمسك في مواجهة المظهَّر إليه الوكيل
بالدفوع الشخصية التي كان بإمكانه التمسك بها ضد المظهر الموكل .أما الدفوع
الشخصية الناتجة عن العالقة بين المظهِّر والغير فإن هذا الغير ال يستطيع التمسك بها
في مواجهة المظهر إليه الوكيل ألن هذا األخير ما هو إال نائب أو وكيل وليس مالكا
قانونيا للكمبيالة.
29
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
ب) يلزم الغير المدين في الكمبيالة إذا ما توقف المظهر عن أداء ديونه أن يمتنع عن أداء
مبلغ الكمبيالة للمظهَّر إليه الوكيل ،كما يكون من حق وكيل الدائنين االعتراض على
األداء للمظهًّر إليه الوكيل ألن مهمة هذا األخير تنتهي بتوقف المظهِّر عن أداء ديونه.
لكن إذا توقف المظهَّر إليه الوكيل عن أداء ديونه فإن هذا ال يمنع المظهِّر من تقديمها
الستيفاء مبلغها ألنها ملك له وليس لوكيله.
ضمن هذا المطلب سنتطرق في ثالث فقرات لمفهوم التظهير التأميني للكمبيالة وشروطه
وآلثاره.
يقصد بالتظهير التأميني للكمبيالة التظهير الذي بمقتضاه يرهن المبلغ الثابت في الكمبيالة
ضمانا لدين المظهَّر إليه في ذمة المظهِّر فيكون المظهَّر إليه دائنا مرتهنا والمظهِّر مدينا راهنا.
ويعتبر التظهير التأميني أقل أنواع التظهير تطبيقا إذ يندر اللجوء إليه ،ومع ذلك فإن هذا
التظهير الزال يلعب دورا هاما في المعامالت التجارية حيث توجد حاالت يبرز فيها دوره
بشكل كبير .من ذلك مثال الحالة التي تكون فيها الكمبيالة محررة بمبلغ كبير ويكون تاريخ
استحقاقها بعيدا فإذا التجأ حاملها إلى خصمها وكان ما يحتاجه من المال أقل بكثير من مبلغ
الكمبيالة ،فإن ذلك الخصم لن يكون في مصلحته لذا يكون من المفيد بالنسبة له اقتراض ذلك
المبلغ مقابل رهن الكمبيالة عن طريق تظهيرها للمقترض تظهيرا تأمينيا ولن يتردد المقرض
في إقراضه المبلغ مادام سيتمتع بحق رهن على الكمبيالة بكل ما يوفره الرهن من ضمانات
باعتباره مظهَّرا إليه تظهيرا تأمينيا.
أوال:الشروط الموضوعية
يشترط في التظهير التأميني توفر نفس الشروط الموضوعية التي بحثناها بالنسبة للتظهير
الناقل للملكية.
ثانيا:الشروط الشكلية:
يتطلب التظهير التأميني لصحته اشتماله على عبارة تدل عليه ،وليس هناك صيغة واحدة
للتظهير التأميني فقد يعبر عنه بعبارة " المبلغ للدين" أو " القيمة للضمان" أو غيرهما فإذا
تضمن التظهير إحدى هذه العبارات أمكن للحامل أن يمارس جميع الحقوق المتفرعة عن
الكمبيالة غير أنه ال يستطيع تظهير الكمبيالة إال تظهيرا توكيليا.
يجوز للحامل أن يمارس جميع الحقوق المتفرعة عن الكمبيالة وهو يشبه هنا المظهَّر
إليه تظهيرا توكيليا.
وهكذا يجوز للمظهَّر إليه تظهيرا تأمينا أن يتقدم في تاريخ االستحقاق إلى المسحوب عليه
وغيره من الضامنين للمطالبة بمبلغ الكمبيالة ،وعليه أن ينظم االحتجاج في حالتي عدم القبول
وعدم الوفاء وغيره من اإلجراءات التحفظية التي يتعذر على المظهِّر الراهن القيام بها بنفسه
بسبب عدم حيازته للكمبيالة ،كل ذلك حماية لحقوق المظهِّر الراهن ،وإذا تهاون المظهَّر إليه في
ذلك اعتبر مسؤوال اتجاه المظهِّر الراهن.
ال يجوز للمظهَّر إليه تظهيرا تأمينا أن يظهِّر الكمبيالة من جديد تظهيرا ناقال للملكية
بل يملك فقط إمكانية تظهيرها تظهيرا توكيليا وأيا ما كان نوع التظهير الذي يمارسه
المظهَّر إليه على الكمبيالة فال يحمل إال على أنه تظهير توكيلي.
31
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
قد يصادف تاريخ حلول أجل دين المظهر تاريخ استحقاق الكمبيالة أو قد يحل تاريخ
االستحقاق قبل حلول أجل الدين ،وفي هاتين الحالتين يمارس المظهَّر إليه حقه في
اقتضاء مبلغ الكمبيالة ثم يستوفي منه مبلغ الدين قبل أي دائن آخر ويرد الباقي
للمظهِّر .أما إذا حل أجل استيفاء الدين قبل حلول تاريخ االستحقاق الكمبيالة فإن
المظهَّر إليه بالخيار بين الرجوع على المظهِّر الراهن وفقا ألحكام الرهن ،أو االنتظار
إلى حين استحقاق الكمبيالة واستيفاء مبلغها.
وعلى خالف التظهير التوكيلي فإن قاعدة تظهير الدفوع تلعب دورا هاما تماما كما
هو الحال في التظهير الناقل للملكية ،حيث ال يسوغ للملتزمين بالكمبيالة أن يتمسكوا
ضد المظهَّر إليه تظهيرا تأمينيا بالدفوع المبنية على عالقاتهم الشخصية مع المظهِّر ما
لم يكن المظهَّر إليه قد قصد بتلقيه الكمبيالة اإلضرار بالمدين عندما ظهرت له
الكمبيالة تظهيرا تأمينيا.
سنعرض في هذا الفرع لضمانات الوفاء بالكمبيالة وهي مقابل الوفاء والقبول وكذا
تضامن الموقعين والضمان االحتياطي في أربعة مباحث.
في هذا المبحث سنعمل على إعطاء تعريف لمقابل الوفاء وبيان أهميته ضمن مطلب
أول،وعرض شروطه ضمن مطلب ثان ولطرق إثباته ضمن مطلب ثالث.
سنتطرق ضمن هذا المطلب في فقرتين اثنتين لتعريف مقابل الوفاء وبيان أهميته.
32
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
يعرف مقابل الوفاء بأنه دين بمبلغ من النقود مساو على األقل لمبلغ الكمبيالة يكون
للساحب في ذمة المسحوب عليه في تاريخ استحقاقها .وهو يختلف عن وصول القيمة الذي هو
دين للمستفيد في ذمة الساحب والذي من أجله حررت الكمبيالة للمستفيد .ومن أمثلة مقابل الوفاء
في الكمبيالة أن يسحب الساحب بضاعة للمسحوب عليه فيسحب األول كمبيالة على الثاني
فيكون ثمن البيع هو مقابل وفاء تلك الكمبيالة.
غير أن وجود مقابل الوفاء ال يعتبر شرطا لصحة الكمبيالة إذ يستطيع الساحب أن يحرر
كمبيا لة على المسحوب عليه دون أن يكون دائنا له بمبلغ الكمبيالة وال يتعرض في ذلك ألي
جزاء مدني أو جنائي ،إنما يبقى من حق المسحوب عليه في هذه الحالة االمتناع عن القبول أو
الوفاء .كما يحتفظ الحامل برجوع الصرف على الساحب وبقية الموقعين لعدم وجود مقابل
الوفاء لدى المسحوب عليه والذي ينتج عنه امتناع هذا األخير عن القبول أو الوفاء.
.1إن المسحوب عليه غالبا ما يرفض التوقيع على الكمبيالة بالقبول إذا لم يحصل على
مقابل الوفاء .وتنتج عن هذه الحالة األولى صعوبة تداول الكمبيالة ألن الغير ال يطمئن
إلى التعامل بها نطرا لخلوها من قبول المسحوب عليه.
.2إن إهمال الحامل الناتج عن عدم اتخاذ اإلجراءات القانونية التي تمكنه من ممارسة حقه
في الرجوع على الضامنين ال يسقط حقه في الرجوع الصرفي على الساحب الذي لم
يقدم مقابل الوفاء.
.3وأخيرا فإن أهمية مقابل الوفاء تبرز في العالقة بين الساحب والمسحوب عليه حيث
تبر أ ذمة هذا األخير من الدين الذي عليه اتجاه الساحب إذا ما وفى مبلغ الكمبيالة وكان
33
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
مقابل الوفاء موجودا لديه .أما إذا لم يتلق مقابل الوفاء ومع ذلك وفى بمبلغ الكمبيالة فإن
من حقه الرجوع على الساحب بذلك المبلغ.
الفقرة األولى :وجوب تقديم مقابل الوفاء من قبل الساحب أو اآلمر بالسحب
حيث إن الساحب هو الملزم أصال بتقديم مقابل الوفاء ألنه هو الذي أصدر أمره للمسحوب
عليه بالوفاء بمبلغ الكمبيالة في تاريخ االستحقاق .وهذا األمر إنما يصدره الساحب عندما يكون
دائنا للمسحوب عليه أو يكون دائنا له في ميعاد االستحقاق .وقد ال يكون اآلمر بالدفع في
الكمبيالة هو الساحب األصلي بل شخصا أخر يسحبها لحساب الساحب األصلي ،فيتعين على
هذا الساحب األصلي أن يقدم مقابل الوفاء للمسحوب عليه ،ألن هذا اآلمر بالسحب هو الذي
يعتبر ساحبا حقيقيا في الكمبيالة أما الساحب الظاهر فال يلزم بتقديم مقابل الوفاء ألنه ليس إال
وكيال عن اآلمر بالسحب ومع ذلك يبقى الساحب الظاهر مسؤوال شخصيا اتجاه المظهرين
والحامل فقط.
فالعبرة بوجود مقابل الوفاء أو عدم وجوده تكون بتاريخ استحقاق الكمبيالة وليس قبله أو
بعده ،فإذا كان الساحب دائنا للمسحوب عليه في هذا التاريخ كان مقابل الوفاء موجودا .أما إذا
كان دائنا له في تاريخ إنشاء الكمبيالة أو في تاريخ سابق له عن استحقاق الكمبيالة ثم زال الدين
قبل االستحقاق ،اعتبر مقابل الوفاء غير موجود .ونفس الحكم إذا لم يكن الساحب دائنا
للمسحوب عليه إال بعد ميعاد االستحقاق أو كان دائنا له قبل ميعاد االستحقاق ولكن بدين مؤجل
إلى تاريخ الحق لميعاد االستحقاق.
34
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
اشترط المشرع أن يكون مبلغ الدين مساويا على األقل لمبلغ الكمبيالة .وما دام مبلغ
الكمبيالة يكون دائما نقدا ،فحتى يتساوى معه مقابل الوفاء البد أن يمثل هو أيضا مبلغا من
النقود .وهذا يعني أن مقابل الوفاء قد يكون في األصل دينا بمبلغ من النقود كما لو كان مصدره
االقتراض أو يكون على شكل بضاعة ومع ذلك نكون دائما أمام نفس النتيجة ،إذ يتعلق األمر
في هذه الحالة األخيرة بمبلغ من النقود حيث يكون مقابل الوفاء هو ثمن البضاعة التي باعها
الساحب للمسحوب عليه وليس البضاعة نفسها ،أو أن يكون مقابل الوفاء في شكل أوراق
تجارية فيكون مقابل الوفاء منصبا في هذه الحالة على المبلغ المعين في األوراق التجارية وليس
على هذه األوراق ذاتها.
الفقرة الرابعة :يجب أن يكون مقابل الوفاء مساويا على األقل لمبلغ الكمبيالة
فال يوجد مقابل الوفاء إذا كان دين الساحب على المسحوب عليه أقل من مبلغ الكمبيالة
عند استحقاقها فمقابل الوفاء الناقص أو الجزئي يعتبر في حكم عدم وجود مقابل الوفاء ولهذا
يستطيع المسحوب عليه الذي يتوفر على مقابل وفاء ناقص أن يرفض القبول أو الوفاء إال أن
المشرع أجاز له في هذه الحالة قبول الكمبيالة قبوال جزئيا في حدود ما لديه من مقابل الوفاء،
في حين ألزمه بوفائها وفاءا جزئيا وذلك أيضا في حدود مقابل الوفاء الجزئي.
يستطيع كل من الساحب والحامل إثبات وجود مقابل الوفاء عندما تكون له مصلحة في
ذلك ،فالساحب تتحقق مصلحته في القيام بهذا اإلثبات إما في مواجهة المسحوب عليه عندما
يدعي هذا األخير أنه أدى مبلغ الكمبيالة دون أن يتلقى مقابل الوفاء من الساحب ،أو في مواجهة
الحامل المهمل عندما يرجع هذا األخير على الساحب بقيمة الكمبيالة.
أما الحامل فتحقق مصلحته في إثبات وجود مقابل الوفاء إذا ادعى المسحوب عليه الذي لم
يقبل الكمبيالة عدم وجوده ألن الحامل ال يستطيع الرجوع على المسحوب عليه الذي رفض
35
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
قبول الكمبيالة إال إذا أثبت أن هذا األخير قد تلقى مقابل الوفاء .ويقع عبئ إثبات مقابل الوفاء
وعلى الطرق الذي يدعي وجوده وذلك طبقا للقواعد العامة.
وتقترن وسائل إثبات مقابل الوفاء بما إذا كان دين الساحب على المسحوب عليه مدينا أو
تجاريا ،فإذا كان مدينا تعين اإلثبات بالكتابة إذا زادت قيمته على 10000درهما طبقا للفصل
443من ق ا ع .أما إذا كان الدين تجاريا فيجوز مبدئيا إثباته بكافة وسائل اإلثبات المقررة في
الميدان التجاري غير أن قبول المسحوب عليه الكمبيالة يعتبر قرينة على وجود مقابل الوفاء إال
أن هذه القرينة تعتبر قاطعة فقط في العالقة بين المسحوب عليه والحامل أما في العالقة بين
المسحوب عليه والساحب فهي قرينة بسيطة قابلة إلثبات العكس.
القبول هو التزام المسحوب بدفع قيمة الكمبيالة في ميعاد االستحقاق .حيث يتم القبول
بتوقيع المسحوب عليه وبمجرد هذا التوقيع يصبح ملتزما التزاما صرفيا في مواجهة الحامل.
وال يعتبر المسحوب عليه ملزما بالتوقيع على الكمبيالة بالقبول فهو في األصل أجنبي عنها ألنه
قد ال يعلم أن الكمبيالة سحبت عليه فكيف يلزم بالوفاء .وعلى افتراض أن لديه مقابل الوفاء فإنه
قد يفضل تسوية دينه للساحب مباشرة دون أن يخضع ألحكام القانون الصرفي .أما إذا وقع
المسحوب عليه بالقبول فإنه يصبح مدينا رئيسيا في الكمبيالة ويلتزم التزاما صرفيا في مواجهة
الحامل بأداء مبلغ الكمبيالة في تاريخ االستحقاق سواء كان لديه مقابل الوفاء أو لم يكن.
إذا كان المشرع قد أعطى الخيار لحامل الكمبيالة بتقديمها للقبول أو عدم تقديمها فإن هذا
األخير مع ذلك فقد يلزم بتقديم الكمبيالة للقبول وقد يمنع من ذلك.
36
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
الحالة األولى :عندما يتعلق األمر باشتراط الساحب تقديم الكمبيالة للقبول.وهذا الشرط
الذي يعرف بشرط التقديم اإللزامي للقبول وهو من البيانات االختيارية وقد سبقت اإلشارة إليه،
فإذا لم يقدم الحامل الكمبيالة للقبول رغم وجود هذا الشرط فإنه يخسر حق الرجوع على جميع
الملتزمين بالكمبيالة.
الحالة الثانية:عندما يتعلق األمر بالكمبيالة المستحقة األداء بعد مدة من االطالع ،حيث
يلزم الحامل بتقديمها للقبول داخل أجل سنة من تاريخها ويمكن للساحب أن يقصر األجل أو أن
يطيله ويمكن للمظهرين أن يقصروا هذه اآلجال دون أن يحق لهم إطالتها.
وأما إلزام ا لحامل بعدم تقديم الكمبيالة للقبول فيتم في الحالة التي تتضمن الكمبيالة شرط [
عدم التقديم للقبول] أو شرط [ ليست للقبول] وهو من البيانات االختيارية في الكمبيالة كما رأينا
سابقا .فبمقتضى هذا الشرط يمتنع على الحامل تقديم الكمبيالة للقبول وإذا فعل فإنه يعرض نفسه
لدفع التعويضات الضرورية للطرف المتضرر لكنه إذا تمكن من الحصول على القبول رغم
ذلك المنع فإن هذا القبول يعتبر صحيحا وينتج كافة آثاره.
ويجوز تقديم الكمبيالة للقبول إما من الحامل أو من شخص يكون حائزا لها ،سواء كانت
حيازته مشروعة أو غير مشروعة ،فال يجوز للمسحوب عليه أن يتحرى عما إذا كان المتقدم
بالكمبيالة ممسكا لها بصفة شرعية أم ال ،ألن هذا ال يهمه في شيء باعتبار أن قبوله للكمبيالة
إنما يعني التزامه بأداء مبلغها في تاريخ االستحقاق اتجاه الحامل الشرعي وليس اتجاه الشخص
الذي قدمها له للقبول.
والتقديم للقبول يتم عا دة لدى المسحوب عليه الذي عين في الكمبيالة ألنه في األصل هو
الذي يقبل الكمبيالة .غير أنه يجوز تقديم الكمبيالة بقصد القبول إلى المسحوب عليه االحتياطي
في الحالة التي يعين فيها الساحب أو أحد المظهرين مسحوبا عليه احتياطيا .حيث يجوز لهذا
األخير قبول الكمبيالة حين امتناع المسحوب عليه األصلي عن قبولها .غير أن قبول المسحوب
37
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
عليه االحتياطي ال يعدو أن يكون ضمانا احتياطيا أو كفالة ويظل الساحب هو المدين األصلي
فإذا توقف المسحوب عليه االحتياطي عن أداء ديونه حق للحامل الرجوع على الضامنين.
وللحامل أن يقدم الكمبيالة للقبول في أي وقت شاء منذ تاريخ إنشاء الكمبيالة إلى ميعاد
االستحقاق ما لم يشترط الساحب أو أحد المظهرين تقديم الكمبيالة للقبول في أجل معين ،أو أن
يشترط أن التقديم للقبول ال يمكن أن يقع قبل انصرام أجل معين أو ما لم تكن الكمبيالة مستحقة
األداء بعد مدة من االطالع حيث يجب تقديمها للقبول داخل أجل سنة من تاريخ إنشاءها كما
سبقت اإلشارة إلى ذلك.
مشروعا وإال كان هذا القبول باطال ،غير أن هذا البطالن ينحصر فقط في العالقة بين
المسحوب عليه والساحب.
تتمثل الشروط الشكلية في ضرورة كتابة القبول على ذات الكمبيالة ويكون القبول مكتوبا
إذا جاء بلفظ يدل عليه مثل "قبل" أو "مقبول" أو " سأدفع" أو غير ذلك من األلفاظ التي تعني
القبول.
و ال يكفي لصحة القبول كتابة لفظ يدل عليه ،بل البد أن يصاحب ذلك توقيع المسحوب
عليه ألن هذا التوقيع هو أساس وجود القبول ،وينتج عن هذا أن القبول ال يكون صحيحا بمجرد
كتابة اللفظ الدال عليه ،بل البد من التوقيع ،ولكن العكس إذ يمكن أن يأتي القبول في شكل توقيع
مجرد دون أن يكتب أي لفظ يدل عليه.
و يضاف إلى شرط الكتابة شرط تأريخ القبول ،غير أن هذا الشرط ال يعتبر إلزاميا في
جميع أنواع الكمبياالت بل يعتبر كذلك في بعضها دون البعض األخر .وهكذا يجب تأريخ القبول
في الكمبيالة المستحقة بعد مدة من االطالع أو في الكمبياالت التي اتفق على تقديمها للقبول
داخل أجل معين ،أما غير هذه الكمبياالت فليس هناك ما يلزم تأريخ قبولها .وإذا حدث أن كان
القبول خاليا من التاريخ فإنه يتعين على الحامل حفاظا على حقوقه في الرجوع على الساحب
والمظهرين أن يثبت عدم وجود تاري خ للقبول وذلك بواسطة احتجاج محرر داخل المدة التي
حددها القانون لذلك.
ويشترط أيضا إلى جانب الكتابة والتأريخ أن يكون القبول ناجزا وهذا يعني عدم جواز
تعليق القبول على شرط واقف أو فاسخ كأن يقبل للمسحوب عليه الكمبيالة على شرط أن يتلقى
مقابل الوفاء أو على شرط أن تعجبه البضاعة المرسلة إليه من طرف الساحب.
39
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
ضمن هذا المطلب سنعرض آلثار القبول بالنسبة للمسحوب عليه والحامل في فقرة أولى
وآلثار القبول بالنسبة للعالقة بين الحامل والساحب والمظهرين في فقرة ثانية ،وآلثار القبول
بالنسبة للعالقة بين المسحوب عليه والساحب في فقرة ثالثة وأخيرة.
بالقبول يلتزم المسحوب عليه بوفاء الكمبيالة للحامل في تاريخ استحقاقها .فالمسحوب عليه
قبل قبوله للكمبيالة ،ال يعتبر طرفا فيها وال مدينا شخصيا بقيمتها وال توجد رابطة قانونية بينه
وبين الحامل ،لكن بتوقيعه الكمبيالة بالقبول يدخل ضمن الملتزمين بها ليصبح المدين األصلي
والمباشر فيها للحامل.
والتزام المسحوب عليه القابل ألداء مبلغ الكمبيالة للحامل ،هو التزام صرفي ناتج عن
الكمبيالة ذاتها .وهذا يعني أن المسحوب عليه ال يستطيع التمسك في مواجهة الحامل بالدفوع
التي كان يمكنه التمسك بها في مواجهة الساحب أو أحد المظهرين ،كما أن المسحوب عليه ال
يستطيع التمسك بعدم وجود مقابل الوفاء ألن قبوله قطعي يلزمه بالوفاء للحامل سواء وجد لديه
مقابل الوفاء أو لم يوجد.
بالقبول تبرأ ذمة الساحب والمظهرين من االلتزام بضمان القبول فالساحب يتحلل من
ضمان القبول ولكن يبقى ملتزما بضمان الوفاء.
يلتزم المسحوب عليه القابل ،بأداء مبلغ الكمبيالة للحامل عند حلول تاريخ االستحقاق،
سواء تلقى من الساحب مقابل الوفاء أو لم يتلقه ،ألن القبول قطعي كما سبقت اإلشارة إلى ذلك.
ولذلك فإن المسحوب عليه القابل يتعرض للمسؤولية عن عدم وفائه في تاريخ االستحقاق ويلتزم
40
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
بالتعويض قبل الساحب .إال أن المسحوب عليه يستطيع مع ذلك أن يثبت في مواجهة الساحب
عدم وجود مقابل الوفاء أي أنه دفع مبلغ الكمبيالة للحامل على المكشوف .وفي هذه الحالة يلتزم
الساحب برد المبلغ الذي دفعه المسحوب عليه لهذا األخير مع المصاريف.
قررت المادة 201من مدونة التجارة مبدأ تضامن الموقعين في الكمبيالة حيث نصت على
أن جميع الساحبين للكمبيالة والقابلين لها والمظهرين والضامنين االحتياطيين ملزمون على وجه
التضامن نحو الحامل ،ومن حق هذا األخير أن يوجه الدعوى ضد جميع هؤالء األشخاص
فرادى أو جماعة دون أن يكون ملزما باتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم .ويتمتع بهذا الحق
أيضا كل موقع على الكمبيالة وفى مبلغها ،وال تمنع الدعوى المقامة على أحد الملتزمين من
إقامة الدعوى ضد البقية ولو جاءوا في الترتيب بعد الذي أقيمت عليه الدعوى أوال.
ويلعب تضامن الموقعين دورا هاما في الكمبيالة إذ بفضله يستطيع الحامل الذي لم يتمكن
من استيفاء مبلغ الكمبيالة من المسحوب عليه أن يرجع على أي موقع على الكمبيالة دون أن
يكون ملزما باتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم .وهذا من شأنه أن يمكنه من الرجوع على
الموقع الذي يكون أقدر على وفاء مبلغ الكمبيالة خصوصا إذا كان ذلك الموقع بنك من البنوك
مثال .لذلك ومن خالل تطبيق مبدأ تضامن الموقعين تكون حظوظ الحامل في استيفاء الكمبيالة
أكيدة.
يشمل التضامن الصرفي جميع الموقعين على الكمبيالة وهم الساحب والمسحوب عليه
القابل والمظهرون والضامنو ن االحتياطيون .أما المسحوب عليه غير القابل فال يكون متضامنا
في الكمبيالة ألنه ال يلتزم صرفيا ما دام لم يقبل الكمبيالة.
41
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
األولى وحدة الدين :الدين يلتزم به المدينون المتضامنون نحو الدائن بحيث يحق للحامل أن
يطالب أيا من المدينين في الكمبيالة بكل الدين.
الثانية تعدد الروابط في الكمبيالة :أي أن هناك روابط متعددة تجمع الحامل بكل موقع
على الكمبيالة تطبيقا لمبدأ استقالل التوقيعات فكل مدين تربطه بالدائن رابطة مستقلة عن
الروابط األخرى.
سنعرض ضمن هذا المطلب في الفقرة األولى منه إلى عالقة الحامل بالموقعين وفي
الفقرة الثانية لعالقة الموقعين فيما بينهم.
يستطيع الحامل الرجوع على جميع الملتزمين بالكمبيالة وأن يقيم الدعوى عليهم منفردين
أو مجتمعين دون أن يكون ملزما باتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم .كما أن إقامة الحامل
ا لدعوى على أحد الملتزمين ال يمنعه من إقامة الدعوى على باقي الملتزمين سواء جاؤوا في
الترتيب قبل الذي أقيمت عليه الدعوى أو بعده .ويعتبر الموقعون على الكمبيالة مدينين أصليين
اتجاه الحامل بحيث يستوي في ذلك الساحب والمظهرون والضامنون االحتياطيون ،ولذلك
اعتبرهم المشرع جميعا متضامنين اتجاه الحامل كما رتب على ذلك بعض اآلثار منها أن
انقطاع التقادم بالنسبة ألحد الموقعين ال يسري على اآلخرين فال يمكن للحامل أن يدفع بذلك
اتجاه الموقعين اآلخرين.
إذا أدى أحد الموقعين مبلغ الكمبيالة للحامل فإنه يحل محل هذا األخير في المطالبة
بذلك المبلغ من الموقعين السابقين له ،فهو يتمتع بنفس الحق الذي يتمتع به الحامل في الرجوع
على الموقعين .ومعنى ذلك أنه يستطيع الرجوع عليهم فرادى أو جماعة دون أن يكون ملزما
باتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم .إال أن هذا الحق مقيد بقيد وهو اقتضاء الرجوع على
42
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
الموقعين السابقين فقط وليس الموقعين الالحقين ألن الموقع الذي وفى مبلغ الكمبيالة ال يكون
دينه مضمونا إال من طرف الموقعين السابقين له أما الموقعين الالحقين فال يضمنون له بطبيعة
الحال الدين بل يكون هو ضامنا لهم.
الضمان االحتياطي هو كفالة صرفية لكل الدين الثابت في الكمبيالة أو بجزء منه
يقدمها شخص أجنبي عن الكمبيالة أو حتى أحد الموقعين عليها ويعرف مقدم الكمبيالة بالضامن
االحتياطي .وإذا كان المشرع قد تعرض لضمان وفاء الكمبيالة دون ضمان قبولها فإنه ليس
هناك ما يمنع قانونا ضمان قبول الكمبيالة ضمانا احتياطيا.
يلزم كتابة الضمان االحتياطي على الكمبيالة ذاتها أو ورقة متصلة بها أو حتى على ورقة
مستقلة ،ولم يحدد المشرع العبارات التي يكتب بها الضمان االحتياطي ،وإنما أشار إلى بعضها
على سبيل المثال ،مما يجوز معه استعمال أية عبارة تدل عليه ثم يضيف إليها الضامن توقيعه
وإال كان الضمان االحتياطي باطال ويعبر عن هذا الضمان عادة بعبارة "على وجه الضمان
االحتياطي" كما يعبر عنه أيضا بعبارة " للضمان" و" للكفالة" أو غيرها.
على أن كتابة عبارة تدل على الضمان االحتياطي ليست إلزامية إذ يمكن االكتفاء بالتوقيع
مجردا على تلك العبارة إال أن هذا مشروط بشرطين اثنين:
أوال :أن ال يكون الضامن االحتياطي هو الساحب أو المسحوب عليه إذ في هذه الحالة
يلزم أن يصحب توقيعهما عبارة تفيد الضمان االحتياطي ألن توقيع الساحب يعبر عن البيانات
اإللزامية في الكمبيالة وهو يعني أن الساحب ملزم بضمان قبول الكمبيالة ووفاء مبلغها وليس
من الفائدة في شيء أن يكون ضامنا احتياطيا.
أما المسحوب عليه فإن توقيعه المجرد يفترض فيه قبوله الكمبيالة وال يعتبر ضامنا
احتياطيا إال إذا أضاف إليه عبارة تفيد ذلك.
43
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
ثانيا :إن التوقيع المجرد ال يعتد به كضمان احتياطي إال إذا وقع على وجه الكمبيالة أما إذا
وق ع على ظهرها فإنه إذن يعتبر تظهيرا إذا كان يدخل في حلقة التظهيرات أو أن ال تكون له أية
قيمة صرفية.
المطلب الثاني :أشخاص الضمان االحتياطي
يجوز أن يكون ضامنا احتياطيا كل شخص سواء كان أجنبيا عن الكمبيالة أو أحد الموقعين
عليها .وغني عن البيان أنه يشترط في هذا الضامن االحتياطي أن يكون متمتعا باألهلية
التجارية ألنه يلتزم بالكمبيالة وهو التزام صرفي وعمل تجاري.
ويجوز تقديم الضمان االحتياطي لمصلحة أي موقع سواء كان ساحبا أو مظهرا أو
مسحوبا عليه القابل شرط أن يتم تعيي ن الموقع الذي قدم الضمان االحتياطي لمصلحته فإذا لم
يعين كان الضمان االحتياطي لمصلحة الساحب.
المطلب الثالث:آثار الضمان االحتياطي
سنعرض ضمن هذا المطلب لكل من عالقة الضامن االحتياطي بالحامل ،و عالقة
الضامن االحتياطي بالملتزم المضمون في فقرتين اثنتين.
الفقرة األولى:عالقة الضامن االحتياطي بالحامل
إن الضامن االحتياطي يكون ملتزما اتجاه الحامل كما هو عليه األمر بالنسبة للمضمون.
وعليه يستطيع الحامل الرجوع على الضامن االحتياطي ليطالبه باألداء باعتباره ضامنا ألحد
الموقعين ،وال يستطيع الضامن االحتياطي أن يتمسك في مواجهة الحامل بحق التجريد أي
مطالبته باقتضاء الدين أوال من المضمون حتى ولو كان هذا األخير موسرا .غير أن الضامن
االحتي اطي ال يكون ملتزما اتجاه الحامل إال في حدود التزام الشخص المضمون دون أن
يتجاوزه.
الفقرة الثانية:عالقة الضامن االحتياطي بالملتزم المضمون
إن اعتبار الضامن االحتياطي شبيها بالكفالة يعطي أيضا للضامن االحتياطي إمكانية
الرجوع على جميع الموقعين على الكمبيالة الذين يلتزمون باألداء إزاء المضمون ألن الضامن
االحتياطي إنما حل هنا محل المضمون .ولكن لما كان الضمان االحتياطي التزاما صرفيا
مجردا فإنه يخضع لمبدأ استقالل التوقيعات .فالضامن االحتياطي ال يستطيع التمسك في مواجهة
44
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
الملتزمين اآلخرين يبطالن االلتزام المضمون كأن يكون هذا االلتزام صادرا عن قاصر أو أن
يشوب االلتزام عيب من عيوب الرضى أو أن يكون توقيع المضمون مزورا .وهكذا ما لم يتعلق
سبب البطالن بعيب في الشكل حيث يستطيع الضامن االحتياطي التمسك به والدفع بأن الكمبيالة
باطلة وبالتالي ال يعتبر الضمان في هذه الحالة ضمانا احتياطيا خاضعا لاللتزام الصرفي.
الفرع الخامس :الوفاء بالكمبيالة.
سنعرض ضمن هذا الفرع لميعاد الستحقاق في مبحث أول وللوفاء في مبحث ثان.
المبحث األول :ميعاد االستحقاق.
ميعاد االستحقاق هو اليوم الذي يستحق فيه أداء مبلغ الكمبيالة أي الوقت الذي يحل فيه
تنفيذ االلت زام الصرفي .ولتحديد ميعاد االستحقاق أهمية تظهر من عدة وجوه أهمها أن التجار
عادة ما يعتمدون عليه في استخالص ديونهم أو الوفاء بها ويبنون عليه التزاماتهم ،وغالبا ما
ترتبك تجارتهم إذا لم يتم الوفاء في ميعاد االستحقاق .كما أنه في هذا الميعاد يلزم الحامل بتقديم
الكمبيالة للمسحوب عليه بقصد الوفاء وإال أصبح الحامل مهمال وخسر حقه في الرجوع على
أغلب الموقعين.
المطلب األول:طرق تحديد ميعاد االستحقاق
حدد الم شرع ميعاد االستحقاق بطرق أربعة فأجاز أن تكون الكمبيالة مستحقة الوفاء
بمجرد االطالع عليها ،أو بعد مدة من االطالع ،أو بعد مدة من تاريخ التحديد ،أو في تاريخ
معين .والكمبيالة التي يعين فيها ميعاد االستحقاق بطرق أخرى أو التي تشتمل على مواعيد
متعاقبة تكون باطلة وهذا يعني أن تحديد مواعيد االستحقاق وارد على سبيل الحصر وليس على
سبيل المثال .وذكر ميعاد االستحقاق يعتبر من البيانات اإللزامية في الكمبيالة غير أن عدم ذكره
أصال ال يجعل الكمبيالة باطلة بل تبقى صحيحة وتكون مستحقة األداء عند االطالع وفيما يلي
بيان لكل طريق من هذه الطرق األربعة لميعاد االستحقاق.
الفقرة األولى:الكمبيالة المستحقة الوفاء بمجرد االطالع
وهي التي تكون واجبة الدفع بمجرد تقديمها للمسحوب عليه إلطالعه عليها وهي ال تقدم
للقبول وإنما تقدم للوفاء .ألنها مستحقة الدفع بمجرد تقديمها وليس هناك صيغة معينة يلزم
45
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
استعمالها في هذا النوع من الكمبيالة فيمكن التعبير عنها بعبارة "بمجرد االطالع" وصيغتها
"ادفعوا مقابل هذه الكمبيالة ألمر فالن مبلغ كذا "بمجرد االطالع " أو أية عبارة مماثلة كعبارة
"لدى التقديم".
الفقرة الثانية:الكمبيالة المستحقة بعد مدة من االطالع
وهي التي ال يجوز فيها للحامل طلب الوفاء إال بعد مرور مدة من الزمن على تقديمها
للمسحوب عليه .وفائدتها تمكين المسحوب عليه خالل هذه المدة من تهيئ المبلغ الالزم للوفاء،
أو الحصول عليه من الساحب .ولم يلزم المشرع هنا أيضا استعمال عبارة معينة فيمكن
استعمال أية عبارة تدل على هذا النوع من مواعيد االستحقاق وتكتب عادة عبارة "ادفعوا
بموجب هذه الكمبيالة ألمر فالن مبلغ كذا بعد مضي كذا من األيام أو األسابيع والشهور من
االطالع".
ويبدأ احتساب ميعاد استحقاق الكمبيالة المستحقة بعد مدة من االطالع من تاريخ القبول أو
من تاريخ تنظيم احتجاج عدم القبول .وإذا وقع المسحوب عليه بالقبول فإن احتساب الميعاد
يبتدئ من ذلك التاريخ وهذا يعني أن القبول يجب أن يكون مؤرخا.
46
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
أو مظهرا إليه تظهيرا توكيليا ألن هذا األخير يعتبر بدوره حامال شرعيا للكمبيالة مكلفا باستالم
مبلغها.
ويلزم الشخص الذي يطلب منه وفاء قيمة الكمبيالة أن يتأكد من أنه يؤدي المبلغ للحامل
الشرعي وذلك بالتثبت من سالمة الشكل الذي وصلت به الكمبيالة إلى الحامل .كما يستطيع هذا
األخير أن يثبت ذلك وتعتبر التظهيرات المشطوبة كأن لم تكن .ومتى كان التظهير على بياض
متبوعا بتظهير آخر اعتبر موقع التظهير األخير مكتسبا للكمبيالة بذلك التظهير على بياض.
الفقرة الرابعة:األشخاص الملزمون بتسديد قيمة الكمبيالة
يلزم بأداء مبلغ الكمبيالة إما المسحوب عليه ،أو الشخص المختار للوفاء أو الموفي
االحتياطي إذا رفض المسحوب عليه الوفاء .حيث يجب على الحامل تقديم الكمبيالة لهذا الموفي
االحتياطي بقصد األداء كما يلتزم بوفاء قيمة الكمبيالة كل من الساحب والمظهرين والضامنين
إذا لم يوف المسحوب عليه قيمة الكمبيالة في ميعاد االستحقاق .ويكون التزام هؤالء األشخاص
بالوفاء التزاما تضامنيا .وتبرأ ذمة الشخص الذي وفى الكمبيالة في ميعاد االستحقاق ما لم يقع
منه غش أو خطأ جسيم .والغش هو الخطأ العمدي الذي يصدر من المسحوب عليه حينما يؤدي
المبلغ إلى شخص يعلم جيدا أنه ليس حامال شرعيا للكمبيالة .أما الخطأ الجسيم فهو كل إهمال
خطير يرتكبه المسحوب عليه عند األداء كأن يؤدي مبلغ الكمبيالة دون أن يسترد هذه األخيرة
من حاملها فيضطر إلى األداء مرة ثانية إذا قدمت إليه.
المطلب الثاني :إثبات الوفاء
إن إثبات وفاء ا لكمبيالة يتم بتسليم المدين الكمبيالة مكتوبا فيها ما يفيد الوفاء وتتم الكتابة
بتوقيع الحامل على الكمبيالة بالمخالصة .حيث يبقى توقيع الحامل على الكمبيالة بالوفاء
ضروريا إلثبات الوفاء في مواجهة الحامل حسن النية ولو كان الوفاء جزئيا .إذ أنه في هذه
الحالة األخي رة قد يطلب المسحوب عليه تسليمه وصال بما يفيد الوفاء الجزئي غير أن ذلك ال
يكفي لمواجهة الحامل حسن النية وال بد من ذكر الوفاء الجزئي على الكمبيالة.
غير أن التوقيع على الكمبيالة بما يفيد الوفاء وتسليم وصل بذلك في حالة الوفاء الجزئي ال
يشكالن الوسيلتين الوحيدتين إلثبات الوفاء .بل يمكن للمسحوب عليه أن يثبت الوفاء بجميع
طرق اإلثبات المقررة في الميدان التجاري ألن المشرع لم يلزم المسحوب عليه بمطالبة الحامل
49
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
بتسليمه الكمبيالة بعد إثباته عليها أنها وفيت من أجل إثبات وقوع األداء بل أجاز له ذلك .فإذا لم
يستعمل المسحوب ع ليه هذه اإلمكانية فإنه مع ذلك ال يفقد حقه في إثبات الوفاء بل يستطيع ذلك
بجميع وسائل اإلثبات.
المطلب الثالث :آثار الوفاء
إذا أدى المسحوب عليه مبلغ الكمبيالة فإن ذمته وذمة جميع الضامنين تبرأ من الدين
باستثناء ذمة الساحب التي ال تبدأ في مواجهة المسحوب عليه إال إذا كان قد قدم له مقابل الوفاء.
وإذا أدى الساحب مبلغ الكمبيالة برئت ذمته وذمة جميع الملتزمين ألن الساحب ضامن
لهؤالء جميعا وال يبقى للساحب إال الرجوع على المسحوب عليه إذا كان قد وفر له مقابل
الوفاء.
وإذا أدى أحد المظهرين مبلغ الكمبيالة فإن ذمته تبرأ من الدين وكذلك ذمة الملتزمين الذين
يضمنهم هذا المظهر أما الملتزمون الذين يضمنون ذلك المظهر فال تبرأ ذمتهم ويترتب على
ذلك أن المظهر الموفي يستطيع الرجوع على هؤالء الملتزمين الضامنين.
وإذا أدى أحد الضامنين االحتياطيين فإن ذمته وذمة الملتزمين تبرأ ما عدا ذمة المضمون
والملتزمين السابقين لهذا المضمون ،حيث يستطيع الضامن االحتياطي الموفي الرجوع عليهم.
50
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
يتم رجوع الحامل على الموقعين عند استحقاق الكمبيالة .وهذه هي الحالة العادية ولكنه قد
يتم أيضا قبل االستحقاق وذلك في حاالت ثالث حددها المشرع فتكون بذلك حاالت الرجوع
أربعة.
.1األولى عند االستحقاق وذلك إذا لم توف الكمبيالة .والثالثة األخرى قبل االستحقاق
وذلك
.2إذا حصل امتناع كلي أو جزئي عن القبول.
.3في حالة خضوع المسحوب عليه للتسوية أو التصفية القضائية سواء كان قابال
للكمبيالة أو غير قابل لها .أو في حالة توقفه عن الوفاء ولو لم يثبت هذا التوقف
بواسطة حكم أو في حالة حجز بدون جدوى على أمواله.
.4في حالة خضوع ساحب كمبيالة غير مقبولة للتسوية أو التصفية القضائية.
المطلب الثاني :كيفية ممارسة حق الرجوع
يمارس حق الرجوع إما با لمطالبة الودية أو بالمطالبة القضائية أو بإجراء حجز تحفظي أو
سحب كمبيالة جديدة.
الفقرة األولى:المطالبة الودية
عادة ما يلجأ الحامل عند عدم حصوله على مبلغ الكمبيالة من المسحوب عليه إلى سلوك
الطريق الودي في الرجوع على الملتزمين بالكمبيالة ،فيطالبهم بصفة ودية بالوفاء .وقد يمارس
هذا األسلوب نفسه الموقع الذي أدى مبلغ الكمبيالة وذلك عند رجوعه على من سبقه من
الموقعين وكثيرا ما يتم وفاء الكمبيالة بطريقة المطالبة الودية ألنها تجنب الملتزمين مصاريف
المطالبة القضائية.
الفقرة الثانية:المطالبة القضائية
يستطيع الحامل أن يمارس حقه في الرجوع على الموقعين بالوفاء عن طريق المطالبة
القضائية سواء لجأ إلى المطالبة الودية وفشل في ذلك أو لم يلجأ إليها أصال .ألنه غير ملزم
باللجوء أوال إلى المطالبة الودية إذ يمكنه مباشرة سلوك طريق المطالبة القضائية .وتتم المطالبة
القضائية بإقام ة الحامل دعوى أمام القضاء يطالب فيها أحد الملتزمين أو أكثر باألداء بناء على
51
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
المسؤولية التضامنية للموقعين ويملك حق إقامة الدعوى أيضا الملتزم الذي أدى مبلغ الكمبيالة
وذلك في مواجهة الملتزمين السابقين له.
الفقرة الثالثة:الحجز التحفظي
قد يرغب الحامل الذي سلك طريق المطالبة القضائية في المحافظة على أموال المدين في
الكمبيالة حتى يصدر القضاء حكمه ،فيلجأ إلى استئذان القاضي بإيقاع حجز تحفظي على تلك
األموال بشرط أن يكون قد نظم احتجاج عدم الوفاء .ويمارس الحق نفسه كل موقع أدى مبلغ
الكمبيالة إذا أقام الدعوى على أحد الملتزمين السابقين له.
الفقرة الرابعة :كمبيالة الرجوع
قد ال يريد الحامل سلوك طريق المطالبة الودية أو القضائية للرجوع على الموقعين وإنما
يكتفي بسحب كمبيالة جديدة على الموقع الذي يريد الرجوع عليه ويضمنها مبلغ الكمبيالة
األصلية مضافا إليه المصاريف التي نص عليها المشرع ،وتسمى هذه الكمبيالة الجديدة كمبيالة
الرجوع.
لقد حدد المشرع في المادة 202من مدونة التجارة المبالغ التي يجوز للحامل أن يطالب
بها الموقع الذي يمارس ضده حق الرجوع وهي:
مبلغ الكمبيالة التي لم تقبل أو لم توف مع الفوائد االتفاقية إن كانت مشروطة. أ)
ب) الفوائد بالسعر القانوني محسوبة من يوم االستحقاق.
ت) مصاريف االحتجاج واإلخطارات وغيرها من المصاريف.
وإذا وقعت المطالبة قبل تاريخ االستحقاق فيجب إجراء خصم من مبلغ الكمبيالة ويحسب
هذا الخصم بحسب سعر الخصم الرسمي في تاريخ وقوع الرجوع بالمكان الذي يقع فيه موطن
الحامل.
المبحث الثاني :الشروط الشكلية للرجوع
سنعرض في هذا المبحث لكل من االحتجاج وكيفية تنظيمه وأيضا لإلعالم وذلك في
مطلبين اثنين.
المطلب األول :االحتجاج Protesto
سنعرض في هذا المطلب لكل من االحتجاج وكيفية تنظيمه في فقرتين اثنتين.
52
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
53
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
من االحتجاج وأن ينسخ االحتجاجات كاملة يوما بيوم وبترتيب تاريخي على سجل خاص مرقم
وموقع عليه ومشهود بصحته كبقية سجالت كتابة الضبط.
المطلب الثاني :اإلعالم
اشترط المشرع لصحة الرجوع على الموقعين ضرورة توجيه إعالم لهؤالء إلى جانب
تقديم االحتجاج ،وذلك مراعاة لمصلحة الموقعين على الكمبيالة الذين يكون من المفيد لهم
التعرف على حقيقة األمر عند رفض القبول أو األداء ،وذلك لمواجهة ذلك الرفض بما يحافظ
على مصلحتهم وعلى سمعتهم التجارية على أساس أن الرجوع قد يمارس ضدهم منفردين أو
مجتمعين.
والشخص الذي يوجه اإلعالم هو الحامل ،وكل موقع على الكمبيالة تلقى اإلعالم .ويتم
توجيهه إلى كل شخص يمكن الرجوع عليه بمقتضى الكمبيالة .وإذا كان موجه اإلعالم هو
الحامل إلى من ما ظهر له الكمبيالة فيجب أن يتم هذا اإلعالم داخل ستة أيام العمل التي تلي يوم
إقامة االحتجاج .أما اإلعالمات التي يوجهها المظهرون بعضهم إلى بعض فيجب توجيهها داخل
ثالثة أيام العمل التالية ليوم تلقي المظهر اإلعالم .ويجب على كل موقع تسلم اإلعالم أن يوجهه
إلى ضامنه االحتياطي داخل ثالثة أيام العمل التالية ليوم تلقيه اإلعالم.
ولم يحدد المشرع طريقة معينة لتوجيه هذا اإلعالم إال في حالة وحيدة وهي الحالة التي
يوجه فيها كاتب الضبط اإلعالم إلى الساحب حيث يتعين توجيه هذا اإلعالن عن طريق البريد
برسالة مضمونة وذلك داخل 48ساعة التي تلي يوم إقامة االحتجاج.
وال يترتب على من لم يوجه اإلعالم داخل اآلجال المشار إليها سابقا سقوط حقه ولكنه
يكون مسؤوال إن اقتضى الحال عن الضرر الذي تسبب فيه بإهماله .إال أن تعويض هذا الضرر
ال ينبغي أن يتجاوز مبلغ الكمبيالة ويبقى على من يدعي حصول الضرر أن يثبته ويثبت وجود
عالقة سببية بين ذلك الضرر والخطأ المتمثل في عدم اإلعالم.
55
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
ال يمنع صاحب الحق من المطالبة بالدين األصلي الذي من أجله أنشئت الكمبيالة،بل يظل الدين
األصلي قائما ًّ يمكن المطالبة به خالل فترة التقادم العادي الطويل.
حيث إن الدعاوى التي ترفع ضد المسحوب عليه القابل تسقط بمضي 3سنوات وهي
أطول مدد التقادم الصرفي .ويبدأ سريان التقادم من تاريخ االستحقاق إال في حالتين :
إذا كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء بمجرد االطالع يبدأ احتساب المدة من تاريخ
التقديم
إذا كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء بعد مدة من االطالع فيسري التقادم من تاريخ
االحتجاج
أما بالنسبة لدعاوى الحامل تجاه المظهرين أو الساحب فإنها تتقادم بمضي سنة واحدة
ابتداء من تاريخ االحتجاج المحرر في اآلجال القانونية ،أو من تاريخ االستحقاق إن اشتملت
الكمبيالة على شرط اإلعفاء من االحتجاج.
أما بالنسبة لدعاوى الرجوع بين المتضامنين الصرفيين أي دعاوى المظهرين ضد
الساحب وضد بعضهم البعض ،فإنها تتقادم بمضي ستة شهور فقط تبدأ من اليوم الذي وفي فيه
المظهر الكمبيالة ،أو من يوم إقامة الدعوى عليه للوفاء بقيمتها إذا لم يقم بوفائها مختارا.
يترتب على التقادم الصرفي انقضاء الدين الصرفي ،ومع ذلك فانقضاء هذا األخير
بالتقادم ال يؤدى إلى انقضاء الدين األصلي الذي من أجله أنشئت الكمبيالة أو ظهرت بل يظل
الدين األصلي قائما يمكن المطالبة به ما لم يكن قد انقضى لسبب خاص به.
56
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
عالج المشرع المغربي أحكام السند ألمر إلى جانب أحكام الكمبيالة في القسم الثاني من
الكتاب الثالث من مدونة التجارة وخص له المواد من 232إلى 238وسندرس تباعا تعريف
السند ألمر وبيان شروطه ثم مدى تطبيق قواعد الكمبيالة على السند ألمر.
الفرع األول:تعريف السند ألمر وصيغته ووظائفه
السند ألمر أو السند اإلذني هو ورقة تحرر وفق بيانات نص عليها القانون وتتضمن
تعهدا صادرا من منشئه ويقال له "المتعهد" أو "المحرر" بأن يدفع مبلغا من النقود ألمر شخص
ثاني يدعى "المستفيد" أو "المتعهد له" وفي تاريخ ومكان معينين أو قابلين للتعيين وصيغته كما
يلي:
ويؤدي السند ألمر نفس الوظائف التي تؤديها الكمبيالة فهو أداة صرف ووفاء غير أنه
يختلف عن الكمبيالة في أن هذه األخيرة ازدادت أهميتها في التجارة الخارجية في حين أن السند
ألمر ال تبرز أهميته إال في التجارة الداخلية فنطاقه في التعامل التجاري أضيق من نطاق
الكمبيالة .
الفرع الثاني :شروط إنشاء السند ألمر
إلنشاء السند ألمر ال بد من توافر شروط موضوعية وأخرى شكلية ،فالنسبة للشروط
الموضوعية ليس هناك أي فرق بينها وبين الشروط الموضوعية المتطلبة إلنشاء الكمبيالة والتي
درسناها سابقا.
57
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
أما الشروط الشكلية للسند ألمر فهي تتمثل في ضرورة توافر الكتابة شأنه شأن الكمبيالة
وفي توافر البيانات اإللزامية التالية:
.1اشتراط الوفاء ألمر أو تسميته السند بأنه ألمر مدرجا في النص نفسه ومعبرا عنه بنفس
اللغة المستعملة لتحرير السند.
.2الوعد الناجز ألداء مبلغ معين.
.3تعيين ميعاد االستحقاق.
.4تعيين المكان الذي يجب أن يقع فيه الوفاء.
.5اسم الشخص الذي يجب أن يقع الوفاء له أو ألمره.
.6تعيين تاريخ تحرير السند ومكانه.
.7توقيع من صدر عنه السند " المتعهد".
و كما هو الشأن بالنسبة للكمبيالة فإن عدم ذكر البيانات اإللزامية في السند ألمر يترتب عنه
بطالن هذا السند إال في الحاالت االستثنائية الثالثة اآلتية.
الحالة األولى :يعتبر السند ألمر الخالي من تعيين ميعاد االستحقاق مستحقا عند االطالع.
الحالة الثانية :يعتبر مكان إنشاء السند مكانا للوفاء وفي الوقت نفسه مكانا لموطن المتعهد ما لم
يرد نص على خالف ذلك.
الحالة الثالثة :إذا لم يعين في السند ألمر مكان إنشاءه اعتبر منشئا في المكان المعين بجانب اسم
المتعهد.
الفرع الثالث:مدى تطبيق قواعد الكمبيالة على السند ألمر.
يتضح من التعريف السابق للسند ألمر والبيانات التي ألزم المشرع ذكرها في هذا السند أن
هناك بعض الفوارق بين الكمبيالة والسند ألمر ،وهي أن الكمبيالة تعتبر عمال تجاريا شكليا
بمقتضى المادة 9من مدونة التجارة وكذلك األمر بالنسبة السند ألمر حيث اعتبره المشرع عمال
تجاريا ولو صدر من شخص غير تاجر ولكن لغرض أو بمناسبة عمل تجاري.
كما أن الكمبيالة تتضمن أمرا صادرا من الساحب إلى المسحوب عليه بأن يؤدي مبلغا من
النقود للمستفيد في حين أن السند ألمر ال يتضمن أمرا بل تعهدا باألداء صادرا من المتعهد
58
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
لمصلحة المستفيد وأخيرا تتضمن الكمبيالة ثالثة أشخاص هم الساحب والمسحوب عليه و
المستفيد ،في حين أن السند ألمر يتضمن شخصين فقط هما المتعهد والمستفيد أو المتعهد له.
ورغم وجود هذه الفوارق بين الكمبيالة والسند ألمر فإنهما يتشابهان في أغلب القواعد واألحكام
لذلك فإن المشرع طبق على السند ألمر نفس القواعد المطبقة على الكمبيالة وقد أشار إلى ذلك
صراحة في المادة 234من مدونة التجارة.
ظهر الشيك في التعامل كأداة للوفاء عند أواخر القرن 19إلى أن قواعده لم تكن موحدة
بين جميع الدول مما أحدث صعوبات في تداوله خاصة في التعامل الدولي وكان هذا المشكل
سببا في انعقاد مؤتمر جنيف كما حدث بالنسبة للكمبيالة والسند ألمر ونتج عن هذا المؤتمر إبرام
اتفاقيات تتعلق بالشيك في 19مارس 1931وقد أخذ المشرع المغربي بأحكام قانون جنيف
الموحد المتعلق بالشيك فأصدر ظهيرا مؤرخا في 19يناير 1939ينضم بمقتضاه قواعد الشيك
ويتألف هذا الظهير من 77مادة خضع بعضها لتعديالت بمقتضى ظهائر الحقة إلى أن تم
تضمين أحكامه ضمن مدونة التجارة الحالية مع مع ما عرفه من تعديالت .
الشيك أو الحوالة البنكية هو ورقة مكتوبة وفقا لبيانات حددها القانون ،تتضمن أمرا
صادرا من شخص يسمى الساحب إلى شخص أخر يسمى المسحوب عليه " ويكون إما بنكا أو
غيره من المؤسسات التي أعطاها القانون هذه الصفة أي صفة "البنك" بأن يدفع مبلغا من النقود
إلى شخص ثالث يسمى المستفيد أو لفائدة الحامل ويأتي الشيك عادة في الصيغة التالية.
59
دة .بهيجة فردوس األوراق التـجـارية
.5يجب توفير مقابل الوفاء عند سحب الشيك فإذا سحب الشيك رغم عدم وجود مقابل
الوفاء لدى المسحوب عليه فإن الساحب يكون قد ارتكب جريمة اصدار الشيك
بدون رصيد يستوجب عقابه .في حين يمكن سحب كمبيالة رغم عدم وجود مقابل
الوفاء لدى المسحوب عليه وذلك بأنها أداة ائتمان تعطي للساحب مزية تأجيل
توفير مقابل الوفاء إلى تاريخ االستحقاق.
.6ال وجود للقبول في الشيك ويعني ذلك ضرورة وفاء الشيك بمجرد تقديمه للوفاء في
حين أن القبول في الكمبيالة جائز ألن المسحوب عليه فيها ال يلتزم إال بقبولها.
يذكر في الشيك أي مكان فيجب دفعه في المكان الذي يوجد فيه المحل األصلي
للمسحوب عليه.
.2يعتبر الشيك الخالي من بيان مكان اإلنشاء محررا في المكان المبين إلى جانب
اسم الساحب.
الفرع الرابع:قواعد الوفاء في الشيك
تتمثل قواعد أداء الشيك طبقا للمادة 267من مدونة التجارة فيما يلي:
.1يعتبر الشيك مستحق الوفاء بمجرد االطالع عليه وكل عبارة مخالفة لذلك تعتبر
كأنها غير موجودة.
.2يجب تقديم الشيك للوفاء في أجل عشرين يوما إذا كان صادرا في المغرب
وواجب األداء فيه ،أما إذا كان صادرا خارج المغرب وكان واجب الدفع فيه فينبغي تقديمه
الوفاء داخل أجل ستين يوما.
.3ال يجوز للحامل أن يرفض وفاء جزء من الشيك إذا ما عرض عليه وإذا كان
مقابل الوفاء يقل عن مبلغ الشيك فإنه يحق للحامل أن يطلب الوفاء في حدود مقابل الوفاء
الموجود وفي هذه الحالة يحق للمسحوب عليه المطالبة بتقييد ذلك الوفاء الجزئي على الشيك.
.4يكون مرتكبا لجريمة إصدار الشيك بدون رصيد الساحب الذي يسحب شيك دون
أن يكون له رصيد كامل في البنك أو كان له رصيد ناقص ال يكفي لسداد مبلغ الشيك وعقوبة
هذه الجريمة منصوص عليها في القانون الجنائي ومدونة التجارة.
62