Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 62

‫جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‬

‫كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية‬


‫فاس‬

‫محاضرات في مادة األوراق‬


‫التجارية‬

‫الدكتورة بهيجة فردوس‬

‫السنة الجامعية ‪2016 - 2015‬‬


‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫مقدمة‬

‫تعرف األوراق التجارية بأنها صكوك أو سندات االئتمان التجاري تمثل نقودا تدفع في‬
‫مكان و ميعاد معين‪ ،‬وتقوم مقام النقود في الوفاء بسبب سهولة تداولها‪ .‬وقد عرفت األوراق‬
‫التجارية منذ القديم ومرت بمراحل في تنظيمها قبل أن تصل إلى شكلها الحالي‪ .‬وأول هذه‬
‫األوراق ظهورا في القدم" الكمبيالة" حيث ذكر المؤرخون أنها عرفت لدى الفرس ولدى‬
‫الصينيين ولدى العرب الذين كانوا يطلقون عليها لفظ ال ُّس ْفتجة والجمع " السَّفاتج"‪.‬‬

‫وبعد سنوات من انتشار األوراق التجارية في العالم وانتقالها من دولة إلى أخرى فكرت‬
‫الدول في إيجاد أوراق تجارية موحدة بينها كي يسهل معرفتها عند انتقالها بين هذه الدول‪.‬‬
‫فعقدت عدة مؤتمرات إلصدار قانون يوحد قواعد األوراق التجارية‪ ،‬وكان أهم تلك المؤتمرات‬
‫مؤتمر " جنيف" الذي انعقد في ‪ 13‬ماي ‪ 1930‬حيث صدر على إثره قانون يوحد قواعد‬
‫األوراق التجارية يعرف "بقانون جينف الموحد" وهو مؤرخ في ‪ 7‬يونيو ‪ 1930‬ويضم قواعد‬
‫الكمبيالة والسند ألمر ثم صدر بتاريخ ‪ 19‬مارس ‪ 1931‬في جنيف أيضا " القانون الموحد‬
‫للشيك"‪.‬‬

‫وكان المغرب ضمن الدول التي أدخلت قانون جنيف الموحد إلى تشريعاتها وقوانينها‬
‫التجارية فقد أصدر المشرع المغربي ظهيرا مؤرخا في ‪ 19‬يناير ‪ 1939‬أدخل بمقتضاه‬
‫تعديالت على القسم التاسع من الكتاب األول من القانون التجاري الصادر في ‪ 12‬غشت ‪1913‬‬
‫وهو القسم المتعلق بالكمبيالة والسند ألمر أي المواد من ‪ 128‬إلى ‪ 196‬كما أصدر ظهيرا آخر‬
‫مؤرخا في ‪ 19‬يناير ‪ 1939‬يتعلق باألخذ بقانون جنيف الموحد الصادر في ‪ 13‬مارس ‪1931‬‬
‫والخاص بالشيك‪ .‬ويتضمن هذا الظهير ‪ 77‬مادة‪ .‬ثم أصدر المشرع المغربي بعد ذلك مدونة‬
‫التجارة بمقتضى ظهير رقم ‪ 83-96-1‬الصادر بتنفيذ القانون رقم ‪ 15-95‬الذي صادق عليه‬
‫مجلس النواب في ‪ 24‬من ذي الحجة الموافق ل ‪ 13‬ماي ‪ 1996‬والمنشور بالجريدة الرسمية‬

‫‪2‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫عدد ‪ 4418‬بتاريخ ‪ 3‬أكتوبر ‪ 1996‬وتضم ‪ 736‬مادة‪ .‬وقد ألغت هذه المدونة الجديدة‪ ،‬وبكيفية‬
‫صريحة‪ ،‬كل مقتضيات ظهير ‪ 12‬غشت ‪.1913‬‬

‫وتتميز األوراق التجارية بخصائص معينة تجعلها تؤدي وظيفتها كأداة للوفاء تقوم مقام‬
‫النقود في المعامالت وتميزها عن غيرها من األوراق المشابهة وأهم هذه الخصائص هي ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬األوراق التجارية هي سندات شكلية‪ ،‬ذلك أنها تتحرر وفق بيانات إلزامية نص عليها‬
‫المشرع يؤدي تخلفها مبدئيا إلى بطالن السند كورقة تجارية‪.‬‬

‫‪ .2‬األوراق التجارية هي سندات قابلة للتداول‪ ،‬حيث تتداول بين التجار بالطرق التجارية‪،‬‬
‫بمعنى أنها تنتقل إما بطريق التظهير إذا كانت ألمر شخص معين‪ ،‬أو بالمناولة اليدوية‬
‫إذا كانت للحامل‪ ،‬أو مظهًّرة على بياض‪ .‬ولهذا يكون تداولها من جهة سريعا يشبه تداول‬
‫النقود‪ ،‬ويكون من جهة أخرى أسهل وأبسط من الطرق المقررة لحوالة الحقوق المدنية‬
‫التي تخضع إلجراءات بطيئة ومعقدة ال تتفق وما تستلزمه التجارة من بساطة وسرعة‪.‬‬

‫‪ .3‬األوراق التجارية هي سندات تمثل دينا من النقود‪ ،‬إذ يشترط أن تحرر الورقة التجارية‬
‫بمبلغ من النقود‪ ،‬فهي تمثل حقا ًّ نقديا‪ ،‬ذلك أن السندات التي تتضمن دفع مبلغ من النقود‬
‫في أجل معين هي وحدها التي تصلح أن تقوم مقام النقود في المعامالت التجارية‪ .‬وبذلك‬
‫تخرج من عداد األوراق التجارية السندات التي تمثل بضاعة حتى ولو كانت تنتقل بنفس‬
‫الطرق التي تنتقل بها األوراق التجارية‪.‬‬

‫‪ .4‬األوراق التجارية هي سندات مستحقة الدفع بمجرد االضطالع أو بعد أجل قصير‪،‬‬
‫فالورقة التجارية تمثل دينا مستحق الدفع بمجرد االضطالع أو بعد فترة قصيرة وعادة‬
‫ما يكون األجل في حدود الثالثة أشهر إلى الستة أشهر وقليال ما يتم تجاوز هذه المدة مع‬
‫إمكانية حصول حامل الورقة التجارية المستحقة بعد أجل على قيمتها فورا عن طريق‬
‫خصمها لدى بنك من البنوك‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫‪ .5‬وتتميز األوراق التجارية عن األوراق البنكية في أن هذه األخيرة هي مجرد نقود ورقية‬
‫كالنقود المعدنية سواء بسواء‪ ،‬مما يجعلها تختلف اختالفا جوهريا عن األوراق التجارية‪.‬‬
‫ويتمثل ذلك بالخصوص في أن األوراق البنكية لها قوة إبراء مطلقة من الديون في حين‬
‫أن تسليم الورقة التجارية ال يترتب عليه براءة ذمة المدين إال عند الوفاء بقيمتها‪ .‬كما أن‬
‫األوراق البنكية تصدر عن بنك اإلصدار وحده في حين أن األوراق التجارية تصدر عن‬
‫أطراف العالقة سواء كانوا تجارا أو غير تجار وقد يرفض الناس في معامالتهم قبول‬
‫األوراق التجارية وهو ما ال يستطيعونه بالنسبة لألوراق البنكية‪.‬‬

‫‪ .6‬وتتميز األوراق التجارية أيضا عن األوراق المالية التي تصدرها شركات األموال‬
‫كاألسهم والسندات‪ .‬فهذه األخيرة تصدر ألجل طويل أما األوراق التجارية فهي تستح ُّق‬
‫إما بمجرد االضطالع أو بعد أجل قصير‪ .‬كما أن األوراق المالية ترتب حقوقا لصاحبها‬
‫كالحق في األرباح‪ ،‬واإلدارة والتصويت‪ ،‬والحق في موجودات الشركة بعد تصفيتها‪ ،‬في‬
‫حين أن األوراق التجارية ليس فيها مثل هذه الحقوق وإنما تمثل فقط حقا نقديا‪.‬‬

‫وسنتناول في دراستنا لألوراق التجارية كال من‪ :‬الكمبيالة والشيك والسند ألمر‪.‬‬
‫مخصصين لكل نوع من هذه األنواع الثالثة دراسة مستقلة ومنظمة‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الكمبيالة‬

‫ضمن هذا الفصل سنعرض لمختلف النقط المتعلقة بالكمبيالة بدءا بالتعريف وبيان صيغتها‬
‫ووظائفها في فرع أول‪ ،‬و كيفية إنشاء الكمبيالة في فرع ثان‪ .‬وأيضا سنعرض لبيان كيفية تداول‬
‫الكمبيالة ضمن فرع ثالث‪،‬مع ضرورة توضيح الضمانات المقررة للوفاء بهذه الكمبيالة في فرع‬
‫رابع‪.‬باإلضافة إلى الوفاء بهذه الكمبيالة ضمن فرع خامس‪.‬وختاما في الفرع السادس واألخير‬
‫نشير إلى حاالت الرجوع على الموقعين وكيفية ممارسته‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الكمبيالة وصيغتها ووظائفها‪.‬‬

‫سنعرض ضمن هذا الفرع لتعريف الكمبيالة وصيغتها في مبحث أول ‪،‬على أن نبين في مبحث‬
‫ثان مختلف الوظائف التي تؤديها هذه الورقة التجارية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف الكمبيالة وصيغتها‬

‫في هذا المبحث سنتطرق لكل من تعريف الكمبيالة في مطلب أول على أن نبين في مطلب ثان‬
‫صيغة هذه الكمبيالة‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬تعريف الكمبيالة‬

‫الكمبيالة ورقة تجارية تحرر وفقا لبيانات شكلية حددها القانون تتضمن أمرا صادرا من‬
‫منشئها يسمى الساحب إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه بأن يدفع مبلغا معينا من النقود‬
‫بمجرد االضطالع أو في تاريخ معين أو قابل للتعيين ألمر شخص ثالث يسمى المستفيد‪.‬‬

‫وتعتبر الكمبيالة عمال تجاريا بالنسبة لجميع الموقعين عليها كيفما كانت صفة العمل الذي‬
‫سحبت من أجله‪ ،‬مما يتعين معه سريان جميع القواعد المتعلقة باألعمال التجارية على الكمبيالة‪،‬‬
‫ما عدا قواعد اإلثبات التجاري باعتبار أن الكمبيالة هي من التصرفات الشكلية التي ال تثبت إال‬
‫إذا كانت ثابتة في محرر مشتمل على البيانات التي حددها القانون‪.‬‬

‫وتهدف الكمبيالة عند إنشائها إلى الوفاء بدينين مفترضين‪ ،‬أولهما يتمثل في كون الساحب‬
‫دائنا للمسحوب عليه فيصدر األول أمرا للثاني بدفع مبلغ الكمبيالة الذي يمثل ذلك الدين‪ .‬والدين‬
‫الثاني يتجلى في كون المستفيد دائنا للساحب بمبلغ الكمبيالة بناءا على عالقة كانت تربطهما‬
‫فسحبت هذه الكمبيالة إلنهاء ذلك الدين‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫المطلب الثاني‪:‬صيغة الكمبيالة‬

‫ومن خالل البيانات اإللزامية الواردة في المادة ‪ 159‬من مدونة التجارة يمكن إيراد الصيغة‬
‫التالية للكمبيالة‪.‬‬

‫المبلغ باألرقام‪:‬‬

‫مكان وتاريخ إنشاء الكمبيالة‪:‬‬

‫ميعاد‬

‫ادفعوا مقابل هذه الكمبيالة ألمر( اسم المستفيد) مبلغ (باألرقام)‬

‫اسم المسحوب عليه‬

‫عنوانه أو المحل المختار‬

‫توقيع المسحوب عليه بالقبول‬ ‫توقيع الساحب‪:‬‬

‫أو توقيع الضامن‬

‫الطوابع‬

‫المبحث الثاني‪ :‬وظائف الكمبيالة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬وظائف الكمبيالة‬

‫في هذا المبحث سنع رض لمختلف الوظائف التي تؤديها الكمبيالة من كونها أداة صرف‬
‫وأداة وفاء‪،‬و وأخيرا كونها أداة ائتمان وجلك ضمن ثالث مطالب‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫المطلب األول‪ :‬الكمبيالة أداة صرف‬

‫وهي الوظيفة األولى التي كانت للكمبيالة عند بداية ظهورها في العصور القديمة‪ ،‬حيث‬
‫كانت التجارة واألسفار محفو فة بالمخاطر وخاصة نقل النقود من مكان إلى آخر فكانت الكمبيالة‬
‫أداة لتفادي حمل تلك النقود حتى تبقى في مأمن من الضياع أو السرقة‪ .‬إذ كان بإمكان التاجر‬
‫الذي ينوي شراء بضاعة في بل د آخر أن يتفادى حمل النقود معه وذلك بأن يلجأ إلى أحد التجار‬
‫ويودع لديه ثمن البضاعة‪ ،‬على أن يحرر له التاجر المودع لديه كمبيالة مسحوبة على تاجر آخر‬
‫في البلد الذي توجد فيه البضاعة‪.‬‬

‫وقد ساهمت البنوك عند ظهورها في زيادة أهمية الكمبيالة كأداة للصرف إذ كان المسافر‬
‫من بلد إلى آخر يتقدم إلى البنك الذي يتعامل معه ويودع لديه المبلغ الذي ينوي حمله في سفره‬
‫على أن يقوم البنك بإعطائه كمبيالة مسحوبة على بنك مراسل له في المدينة التي ينوي المسافر‬
‫التوجه إليها مقابل عمولة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الكمبيالة أداة وفاء‬

‫وتتجلى هذه الوظيفة في كون الكمبيالة وسيلة يتم بواسطتها سداد الديون فهي تعتبر كالنقود‬
‫وسيطا في المعامالت‪ .‬حيث يستطيع المستفيد في الكمبيالة أن يسدد دينه عن طريق تظهير‬
‫الكمبيالة إلى دائنه كما أن هذا األخير يكون مدينا بمبلغ الكمبيالة إلى شخص آخر فيظهرها له‬
‫وفاء لهذا الدين وهكذا‪....‬‬

‫فالكمبيالة هنا تكون قابلة لسداد عدة ديون ناشئة عن عدة معامالت تجارية في حين أن‬
‫الدفع بالنقود يتم في كل عملية على حدة‪ ،‬فعندما يشتري تاجر التقسيط مثال بضاعة من تاجر‬
‫الجملة‪ ،‬وهذا األخير يشتري البضاعة من صاحب المصنع فإن كمبيالة واحدة تكفي لسداد جميع‬
‫الديون الناتجة عن العمليتين‪ .‬بحيث يسحب تاجر الجملة كمبيالة على تاجر التقسيط يأمره فيها‬
‫بأداء مبلغها لصاحب المصنع‪ ،‬في حين لو استعملت النقود بدل الكمبيالة لتطلب األمر عمليتين‬
‫األولى‪ :‬قيام تاجر التقسيط بدفع مبلغ البضاعة لتاجر الجملة‪ .‬والثانية‪ :‬قيام هذا األخير بدفع مبلغ‬
‫البضاعة لصاحب المصنع‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الكمبيالة أداة ائتمان‬

‫إن أهم دور تلعبه ا لكمبيالة في الوقت الحاضر هو كونها أداة ائتمان‪ ،‬أي أداة لتأخير الوفاء‬
‫إلى أجل معين أو قابل للتعيين فالكمبيالة بهذا تستجيب لمتطلبات التجارة التي تعتمد على‬
‫االئتمان والثقة وهذا ما يجعل التجار يقبلون كثيرا في معامالتهم على استعمال الكمبيالة ألنها‬
‫تمنحهم أجاال لتداول سلعهم وصرف منتجاتهم فهي شبيهة بقروض قصيرة األجل يمنحها التجار‬
‫لبعضهم البعض بدل البنوك في كثير من األحيان‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إنشاء الكمبيالة‪.‬‬

‫في هذا الفرع سنعمل على بيان الشروط القانونية الالزمة إلنشاء الكمبيالة وذلك من خالل‬
‫مبحثين اثنين‪ ،‬نعرض في األول منهما للشروط الموضعية ثم نتطرق في الثاني منهما للشروط‬
‫الشكلية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الشروط الموضوعية إلنشاء الكمبيالة‪.‬‬

‫تخضع الكمبيالة باعتبارها من تصرفات اإلدارة المنفردة لألحكام العامة للعقد وعليه ال بد‬
‫إلنشائها من توافر الشروط الموضوعية وهي األهلية والرضى والمحل والسبب‪.‬‬

‫فبالنسبة لألهلية يشترط في الساحب وغيره من الملتزمين بالكمبيالة أن يكونوا متمتعين‬


‫باألهلية التجارية ألن الكمبيالة من األعمال التي اعتبرها القانون تجارية أيا كان المتعاملون بها‪.‬‬

‫ويكون الشخص أهال للقيام باألعمال التجارية وبالتالي االلتزام بالكمبيالة إذا بلغ سن الرشد‬
‫القانوني وهي ‪ 18‬سنة شمسية كاملة ولم يصب بأي عارض من عوارض األهلية‪ .‬فمتى كان‬
‫الشخص فاقدا لألهلية لصغر في السن أو جنون‪ ،‬فإن التزامه بالكمبيالة يكون باطال وتبقى في‬
‫هذه الحالة التزامات األشخاص اآلخرين الموقعين على الكمبيالة صحيحة‪ .‬أما القاصر وهو‬
‫الذي لم يبلغ بعد سن الرشد فتعتبر الكمبيالة الموقعة من طرفه باطلة ما لم يكن مأذونا له‬
‫باالتجار فيكون في حكم الراشد وذلك في حدود ما أذن له به من أعمال تجارية‪ .‬فإذا كانت‬
‫الكمبيالة من بين تلك األعمال كان التزام القاصر الناشئ عنها صحيحا وال يسوغ له إبطالها‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫أما بالنسبة للرضى فيشترط فيه أن تتجه إرادة الساحب وغيره من الموقعين إلى االلتزام‬
‫بالكمبيالة و ينبغي أن تكون تلك اإلرادة سليمة خالية من عيوب الرضى وهي الغلط والتدليس‬
‫واإلكراه والغبن‪.‬‬

‫أيضا من الشروط الموضوعية للكمبيالة هناك المحل‪ ،‬فالمحل في االلتزامات عموما ليس‬
‫واحدا بل هو متنوع حيث أجاز الفصل ‪ 57‬من قانون االلتزامات والعقود أن يكون محل االلتزام‬
‫إما أشياء أو أفعاال أو حقوقا معنوية شريطة أن تكون داخلة في دائرة التعامل‪ ،‬أما محل الكمبيالة‬
‫فهو واحد ال يتغير وهو أداء مبلغ معين من النقود‪.‬‬

‫باإلضافة إلى الشروط السالف ذكرها هناك السبب‪ ،‬وهو الدافع الذي من أجله حررت هذه‬
‫الكمبيالة‪ ،‬ويشكل العالقة بين الساحب والمستفيد‪ ،‬تلك العالقة التي جعلت األول يسحب كمبيالة‬
‫بوصفه مدينا لفائدة الثاني الذي يعتبر دائنا‪ ،‬ويعبر عن السبب في الكمبيالة بعبارة " القيمة‬
‫وصلت" أو " مقابل ثمن بضاعة استلمت"‪ .‬ولم يشترط القانون المغربي وجود السبب في‬
‫الكمبيالة خالفا لما قضت به القواعد العامة في السبب وذلك أخذا بقانون" جنيف الموحد" الذي‬
‫لم يجعل السبب من البيانات االلزامية في الكمبيالة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الشروط الشكلية‪.‬‬

‫ضمن هذا المبحث سنتطرق للشروط الشكلية المتعلقة بإنشاء الكمبيالة بدءا بالكتابة في مطلب‬
‫أول‪،‬وتوضيح مختلف البيانات اإللزامية ضمن مطلب ثان‪،‬مع بيان اآلثار المترتبة عن تخلف‬
‫بيان من هذه البيانات اإللزامية في مطلب ثالث‪ ،‬باإلضافة إلى البيانات االختيارية التي يمكن‬
‫إدراجها في الكمبيالة وذلك في مطلب رابع‪،‬على أن نشير في المطلب الخامس واألخير إلى تعدد‬
‫النظائر والنسخ في الكمبيالة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫المطلب األول‪ :‬الكتابة‪.‬‬

‫سبق تعريف الكمبيالة بأنها ورقة تجارية تحرر وفق بيانات حددها القانون‪ .‬من خالل هذا‬
‫التعريف يتضح أن تحرير الكمبيالة شرط أساسي لقيامها فالبد من كتابة البيانات االلزامية في‬
‫الكمبيالة حتى يمكن تحديد االلتزام الصرفي و بالتالي يمكن االحتجاج بها‪.‬‬

‫ولما كانت الكمبيالة تتداول كغيرها من األوراق التجارية وذلك عن طريق التظهير أو‬
‫المناولة اليدوية إن كان التظهير للحامل‪ ،‬فإن هذا التداول ال يمكن أن يستمر إال إذا تعلق األمر‬
‫بكمبيالة مكتوبة في محرر‪ ،‬هذا المحرر فقط هو الذي يصح تداوله عن طريق التظهير‪.‬‬

‫فالكتابة إذن ال يقتصر دورها في أن تكون مجرد أداة إلثبات عالقة قانونية‪ ،‬بل هي شكل‬
‫جوهري منشئ االلتزام‪ ،‬فال يجوز إثبات الكمبيالة بغير الكتابة كالشهادة أو اإلقرار أو اليمين‪.‬‬
‫وتحرر الكمبيالة إما في محرر رسمي أو محرر عرفي وال يشترط كتابتها بخط يد التاجر بل‬
‫يجوز كتابتها بخط يد غيره أو بالطباعة شرط أن تكون موقعة عنه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬البيانات اإللزامية‬

‫في هذا المطلب سنعرض لمختلف البيانات اإللزامية التي نص عليها المشرع المغربي‬
‫لقيام الكمبيالة كورقة صرفية وذلك ضمن الفقرات التالية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تسمية الكمبيالة‬

‫لقد حددت الفقرة األولى من المادة ‪ 159‬من مدونة التجارة البيانات اإللزامية للكمبيالة‬
‫حيث اشترطت ضرورة تسمية " كمبيالة" في السند حتى يصلح أن يكون كمبيالة تخضع ألحكام‬
‫قانون الصرف‪ .‬حيث يجب أن تذكر كلمة (كمبيالة) في نص السند ذاته أي في صلبه‪ ،‬فال يجوز‬
‫ذكرها في مكان آخر من السند‪ ،‬كما ال يجوز كتابتها على ورقة أخرى‪ ،‬ونص السند هو العبارة‬
‫التي تتضمن األمر باألداء ( إدفعوا مقابل هذه الكمبيالة) وتكتب كلمة كمبيالة بنفس اللغة التي‬
‫حررت بها البيانات األخرى وإال كانت الكمبيالة باطلة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األمر الناجز بأداء مبلغ معين‬

‫تتضمن الكمبيالة دائما أمرا صادرا من الساحب إلى المسحوب عليه بأن يدفع مبلغا معينا‬
‫من النقود ويعبر عن هذا األمر بصيغة ( ادفعوا مقابل هذه الكمبيالة ‪.)...‬‬

‫ويشترط في هذا األمر أن يكون ناجزا أي مطلقا غير معلق على شرط واقف أو فاسخ أو‬
‫على أجل غير معين‪ .‬كما يشترط في األمر الناجز أن يتعلق بأداء مبلغ معين من النقود فإذا‬
‫سحبت الكمبيالة بدفع شيء معين غير النقود كالبضائع أو السلع تكون باطلة‪ ،‬ويمكن كتابة المبلغ‬
‫في الكمبيالة باألحرف فقط أو باألرقام فقط غير أن العرف جرى على ذكر المبلغ مرتين مرة‬
‫باألحرف ومرة باألرقام‪.‬‬

‫ويشترط في المبلغ أن يكون محددا بدقه سواء في قيمته أو في نوع العملة التي سيؤدى بها‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬اسم المسحوب عليه‬

‫المسحوب عليه في الكمبيالة هو الشخص الذي يوجه له الساحب األمر بدفع مبلغ معين من‬
‫النقود‪ .‬وقد يكون المسحوب عليه مدينا فعال للساحب بذلك المبلغ وقد ال يكون مدينا له به‪ ،‬إال أنه‬
‫ال يلزم بدفع المبلغ المعين في الكمبيالة إال إذا عرضت عليه هذه األخيرة وقبلها‪ .‬ويتحقق قبوله‬
‫بتوقيعه على الكمبيالة‪ .‬وقد يكون القبول بدون توقيع إذا قدمت إليه الكمبيالة في تاريخ االستحقاق‬
‫وأدى ثمنها‪.‬‬

‫وينبغي أن يكون المسحوب عليه معروفا في الكمبيالة ولهذا اشترط المشرع ذكر اسمه‬
‫واألهم أن المسحوب عليه يكون شخصا آخر غير الساحب‪ ،‬لكن ليس هناك ما يمنع أن يكون‬
‫المسحوب عليه هو نفسه الساحب وهذا ما يقع عادة في المعامالت التي تجري بين األبناك‬
‫والمؤسسات والشركات التي لها فروع ووكاالت حيث يسحب المركز الرئيسي كمبياالت على‬
‫أحد فروعه أو وكالءه ألمر مركز آخر أو فرع آخر أو وكالة أخرى‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬تعيين ميعاد االستحقاق‬

‫يقصد بميعاد االستحقاق اليوم الذي يصل فيه أجل أداء مبلغ الكمبيالة ويكتسي هذا الميعاد‬
‫في المعامالت التجارية أهمية خاصة‪ ،‬حيث يبن ي عليه التاجر عادة بعض أعماله وصفقاته كما‬
‫تتحد بمقتضاه آجال االجراءات القانونية التي يتعين على الحامل التقيد بها حتى ال تضيع حقوقه‬
‫في الرجوع على الضامنين في الكمبيالة كالمظهرين السابقين والساحب‪.‬‬

‫وب اعتبار الكمبيالة أداة وفاء تشبه النقود فيتعين تحديد ميعاد االستحقاق بدقة بحيث ال ينبغي‬
‫أن يكون معلقا على شرط واقف أو فاسخ أو مرتبطا بواقعة معينة‪ ،‬كوفاة شخص أو بظاهرة‬
‫طبيعية كسقوط المطر‪.‬‬

‫وهناك أربع طرق يحدد بها ميعاد استحقاق الكمبيالة نصت عليها المادة ‪ 181‬من مدونة‬
‫التجارة حيث تكون الكمبيالة بمقتضى هذه المادة مستحقة الوفاء‪:‬‬

‫‪ ‬مجرد االطالع عليها‪.‬‬

‫‪ ‬أو بعد مدة من االطالع‪.‬‬

‫‪ ‬أو بعد مدة من تاريخ التحرير‪.‬‬

‫‪ ‬أو في تاريخ معين‪.‬‬

‫والكمبيالة التي يعين فيها ميعاد االستحقاق بطرق أخرى أو التي تشتمل على مواعيد‬
‫متعاقبة تكون باطلة‪.‬‬

‫الفقرة الخامسة‪ :‬تعيين مكان الوفاء‬

‫ويقصد بمكان الوفاء المكان الذي يستطيع المستفيد التوجه إليه للمطالبة بمبلغ الكمبيالة وقد‬
‫يكون هذا المكان هو نفسه مكان المسحوب عليه وقد يكون غير ذلك فالمهم هو تحديد المكان‬
‫بدقة تجعله معروفا يسهل االهتداء إليه‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫ويجوز اختيار مك ان آخر لوفاء الكمبيالة غير مكان المسحوب عليه كأن يكون أحد األبناك‬
‫أو أحد فروعها أو وكاالتها أو مكان أحد األشخاص العاديين‪.‬‬

‫الفقرة السادسة‪ :‬اسم المستفيد‬

‫المستفيد هو الشخص الذي حررت الكمبيالة ألمره أو بمعنى آخر الشخص الذي سحبت‬
‫الكمبيالة لفائدته‪ .‬وقد ألزم المشرع ذكر اسم المستفيد وهذا يعني ضرورة تحديد اسمه وتعيينه‬
‫بشكل واضح ال يدع مجاال للشبهة سواء تعلق األمر بشخص طبيعي أو معنوي كالشركة حيث‬
‫يتعين ذكر اسمها أو عنوانها التجاري‪.‬‬

‫وكما أن المسحوب عليه قد يكون هو الساحب فكذلك المستفيد يمكن أن يكون هو الساحب‬
‫وال يلجأ الساحب عادة إلى هذه اإلمكانية إال عندما ال يجد شخصا يسحب لفائدته الكمبيالة حيث‬
‫تكون هذه األخيرة قابلة للتداول خاصة أنه ال يجوز في ظل القانون المغربي سحب كمبيالة‬
‫للحامل‪.‬‬

‫فيسحبها ألمر ثم يظهرها للحامل أو على بياض باعتبار أن التظهير للحامل أو على بياض‬
‫جائز قانونا‪.‬‬

‫الفقرة السابعة‪ :‬تعيين تاريخ ومكان إنشاء الكمبيالة‬

‫يوضح هذا البيان االلزامي عادة في أعلى الكمبيالة ويكتب التاريخ إما باألحرف أو‬
‫باألرقام ويجب أن يحدد باليوم والشهر والسنة وقد يكون بالتقويم الهجري أو الميالدي أو هما‬
‫معا‪.‬‬

‫وتتجلى أهمية ذكر تاريخ إنشاء الكمبيالة في كونه يفيد في معرفة ما إذا كان الساحب وقت‬
‫تحريره الكمبيالة متمتعا باألهلية التجارية أم ال‪ .‬ألن الكمبيالة الموقعة من طرف القاصرين غير‬
‫تجار تعتبر باطلة بالنسبة إليهم‪ .‬وفي حالة صعوبة المقاولة أيضا حيث يمكن بفضل التاريخ‬
‫معرفة ما إذا كانت الورقة قد حرر ت في فترة الريبة أم أنها حررت قبل ذلك‪ .‬فإذا حررت في‬
‫فترة الريبة من أجل وفاء دين لم يحل أجله كانت باطلة‪ ،‬كما يفيد التاريخ في تحديد ميعاد‬
‫‪13‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫االستحقاق إذا كانت الكمبيالة مستحقة بعد مدة من إنشائها‪ ،‬ويفيد التاريخ أيضا في احتساب مدة‬
‫التقادم‪.‬‬

‫ويجب كذلك النص على مكان إنشاء الكمبيالة وهو المدينة أو البلدة التي حررت فيها ويفيد‬
‫ذكر المكان في معرفة القانون الواجب التطبيق عند تنازع القوانين خاصة أن الكمبيالة أصبح لها‬
‫في الوقت الحاضر دورا هاما في التجارة الدولية‪.‬‬

‫الفقرة الثامنة‪ :‬إمضاء أو توقيع الساحب‬

‫وأخيرا ألزم المشرع توقيع الساحب في أسفل الكمبيالة حيث يعبر على إرادته الجدية في‬
‫التزام بأداء مبلغ الكمبيالة إذا لم يؤده المسحوب عليه‪ ،‬فالساحب بمجرد توقيعه يكون ضامنا‬
‫للوفاء بالكمبيالة وال يجوز له التحلل من ذلك‪ .‬وقد اختلف الفقه في تفسير معنى اإلمضاء على‬
‫اعتبار أن المادة ‪ 159‬من مدونة التجارة لم تعرف معنى اإلمضاء ولم تعين كيفيته‪ ،‬فذهب‬
‫البعض إلى ضرورة عدم التوسع في تفسير هذا اللفظ وجعله مقتصرا على اإلمضاء كتابة وهو‬
‫الرأي الذي أخذت به المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء في قرار صادر بتاريخ ‪ 27‬يناير ‪1954‬‬
‫وذهب البعض اآلخر إلى ضرورة التوسع في تفسير لفظ اإلمضاء بأن يشمل إضافة إلى الكتابة‬
‫بصمة اليد‪.‬‬

‫ونرى بخصوص هذا االختالف وأمام عموم لفظ اإلمضاء الوارد في الفصل ‪ 159‬من‬
‫مدونة التجارة ضرورة الرجوع إلى القواعد العامة الواردة في ق‪.‬ا‪.‬ع وبالضبط في الفصلين‬
‫‪ 426‬و ‪ 427‬منه فالفصل ‪ 426‬يجيز أن تكون الورقة مكتوبة بيد غير الشخص الملتزم بها‬
‫بشرط أن تكون موقعة منه‪ ،‬ويلزم أن يكون التوقيع بيد الملتزم نفسه وأن يردف أسفل الورقة‬
‫وال يقوم الطابع أو الخاتم مقام التوقيع ويعتبر وجوده كعدمه‪ .‬أما الفصل ‪ 427‬فيقضي بأن‬
‫المحررات المتضمنة اللتزامات أشخاص أميين ال تكون لها قيمة إال إذا تلقاها موثقون أو‬
‫موظفون عموميون مأذون لهم بذلك‪ .‬فمن خالل هذين الفصلين يمكن القول أن اإلمضاء ينبغي‬
‫أن يكون إما بخط اليد أو بالبصمة دون الختم‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اآلثار المترتبة على تخلف بيان من البيانات‬

‫األصل أن الساحب إذا أهمل بيانا من البيانات في الكمبيالة اعتبرت باطلة كورقة صرفية‬
‫ألن القانون اشترط أن تأتي الكمبيالة في شكل معين أي أن تتوفر فيها جميع البيانات التي نصت‬
‫عليها المادة ‪ 159‬من مدونة التجارة ولكن المشرع أورد لهذا األصل استثناءات ثالث نص‬
‫عليها في المادة ‪ 160‬من م ت المذكورة وتتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬الكمبيالة التي لم يحن ميعاد استحقاقها تعتبر مستحقة عند االطالع‪.‬‬

‫‪ ‬المكان المذكور إلى جانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكان الوفاء وفي نفس الوقت‬
‫مكان موطن المسحوب عليه ما لم يرد في السند خالف ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬إذا لم يعين مكان بجانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكانا للوفاء المكان الذي يزاول‬
‫فيه المسحوب عليه نشاطه أو موطنه‪.‬‬

‫‪ ‬إذا لم يعين مكان بجانب اسم الساحب فإن الكمبيالة تعتبر منشأة بموطنه‪.‬‬

‫‪ ‬إذا لم يعين تاريخ إنشاء الكمبيالة يعتبر تاريخ اإلنشاء هو تاريخ تسليم السند إلى‬
‫المستفيد ما لم يرد في السند خالف ذلك‪.‬‬

‫وفيما عدا هذه االستثناءات فإن إهمال ذكر بيان آخر من البيانات االلتزامية يفقد الكمبيالة‬
‫صفتها التجارية وال يكون االلتزام فيها التزاما صرفيا بل يتحول إلى التزام عادي أي إلى محرر‬
‫عادي إذا توفرت الشروط الالزمة لذلك حسب المبدأ العام المقرر في الفصل ‪ 309‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‬
‫الذي جاء فيه ( إذا بطل ا اللتزام باعتبار ذاته وكان به من الشروط ما يصح به التزام آخر جرت‬
‫عليه القواعد المقررة لهذا االلتزام اآلخر)‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬البيانات االختيارية‬

‫باإلضافة إلى البيانات اإللزامية المذكورة سابقا يمكن أن تتضمن الكمبيالة بيانات ينشئها‬
‫األطراف بإرادتهم تعرف بالبيانات االختيارية‪ .‬و هذه البيانات لم يحددها القانون وإنما ترك‬

‫‪15‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫للملتزمين بالكمبيالة إدراج ما شاءوا منها حسب إرادتهم واتفاقهم شريطة عدم إخاللها‬
‫بمقتضيات النظام العام واآلداب الحميدة وعدم تعارضهما مع البيانات اإللزامية‪ ،‬هذا من جهة‪،‬‬
‫ومن جهة ثانية ال يؤدي عدم ذكرها إلى بطالن الكمبيالة وهذه البيانات منها ما يؤثر على‬
‫الكمبيالة ومنها ما ال يؤثر على الكمبيالة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪:‬البيانات االختيارية التي تؤثر على الكمبيالة‪:‬‬

‫نذكر من بين هذه البيانات ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪:‬شرط عدم تداول الكمبيالة‬

‫وهو ما يعبر عنه قانونا بشرط " ليس ألمر" ويقصد من إدراج هذا الشرط منع تداول‬
‫الكمبيالة بالطرق التجارية أو بالتظهير فإذا أراد الساحب منع تداول الكمبيالة بالطرق التجارية‬
‫أو بالتظهير‪ /،‬فإذا أراد الساحب منع تداول الكمبيالة بالطرق التجارية‪ /‬فإنه يضمن الكمبيالة‬
‫ببيان شرط " ليس ألمر" و‪ .....‬يمنع المستفيد من تظهيرها ويتعين عليه االنتظار إلى حين‬
‫حلول ميعاد االستحقاق الستالم مبلغها من المسحوب عليه‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬شرط يحل الدفع االختياري‬

‫وهو ما يعبر عنه "بتوطين الكمبيالة " فاألصل في تسديد قيمة الكمبيالة من طرف‬
‫المسحوب عليه أن يتم في موطن هذا األخير المبين في الكمبيالة‪ ،‬إال أن طبيعة الحياة التجارية‬
‫وما تفرضه على التاجر من تنقل مستمر جعلت من غير ‪ .....‬دائما لحامل الكمبيالة تقديم هذه‬
‫األخيرة إلى المسحوب عليه‪ ،‬إذ قد ال يجده في محل عمله الذي يكون غالبا هو محل الدفع مما‬
‫ينجم عنه آثار سلبية‪ ،‬لذلك فقد أُجيز أن يتم االتفاق على وفاء مبلغ الكمبيالة في موطن شخص‬
‫آخر غير المسحوب عليه وغالبا ما يكون هذا الغير هو البنك الذي يتعامل معه المسحوب عليه‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬شرط عدم الضمان‬

‫األصل أن الساحب والمظهرين يسألون بالتضامن أمام المستفيد الحامل عن أداء قيمة‬
‫الكمبيالة فهم ضامنون للقبول وللوفاء‪ ،‬إال أن هذا الضمان ليس من النظام العام حيث يستطيع أي‬
‫‪16‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫من المظهرين أن يشترط عدم ضمانه وذلك بإدراج شرط عدم الضمان في الكمبيالة عند‬
‫تظهيرها أمام الساحب فال يملك اشتراط عدم الضمان وكل شرط مخالف يعتبر غير موجود‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬شرط المطالبة بال مصاريف أو بدون احتجاج‬

‫لما كان تنظيم االحتجاج ودعوا إلى الرجوع بمتطلبات نفقات قد ال يرغب الملتزمون‬
‫بالكمبيالة تحملها لذلك فقد سمح المشرع للساحب أو ألي عن المظهرين أن يشترط على الحامل‬
‫أن يرجع عليه إذا ما رفض المسحوب عليه الوفاء أو القبول‪.‬فيطالب بمبلغ الكمبيالة مع عدم‬
‫تنظيم االحتجاج ويتحقق هذا بفضل شرط الرجوع بال مصاريف أو بدون احتجاج‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬البيانات االختيارية التي ال تؤثر على الكمبيالة‬

‫من هذه البيانات نذكر ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬شرط وصول القيمة‬

‫تسحب الكمبيالة عادة لتسديد دين مترتب في ذمة الساحب فوصول القيمة هو بيان‬
‫وتوضيح للعالقة القان ونية التي أنشئت من أجلها الكمبيالة والتي تربط الساحب بالمستفيد أي أن‬
‫الساحب يأمر بالدفع ألن القيمة وصلته وتوضح هذه العالقة مثال بالصيغة التالية‪ " :‬القيمة ثمن‬
‫البضاعة وصلت" أو " القيمة وصلت"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شرط مقابل الوفاء‬

‫المسحوب عليه عادة يهمه معرفة السبب الذي أدى إلى تلقيه األمر بوفاء مبلغ الكمبيالة إذ‬
‫على هذه المعرفة يسنى غالبا قبوله أو عدم قبوله للوفاء‪ .‬وهذا ما يجعل الساحب يضمن الكمبيالة‬
‫شرط" مقابل الوفاء" ليوضح به السبب الذي سميت من أجله الكمبيالة وهو بالتالي الذي يبين‬
‫العالقة التي تربط الساحب بالمسحوب عليه‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫ثالثا‪ :‬شرط السحب لحساب الغير‬

‫يقصد بالسحب لحساب الغير توقيع الساحب على الكمبيالة باسمه الشخصي دون أن يشير‬
‫إلى أنه يعمل ذلك بالوكالة عن الغير‪ ،‬مع أنه في الحقيقة إنما أجرى السحب لحساب الغير‪ .‬أي‬
‫أن الساحب لحساب الغير إنما يتصرف باسمه الشخصي مباشرة فهو الساحب الظاهر‪ ،‬إال أنه‬
‫في حقيقة األمر يعمل لحساب شخص آخر هو الساحب الفعلي أو الحقيقي وهو الذي أعطاه‬
‫األمر بإجراء السحب‪.‬‬

‫وعلى هذا تطبق أحكام السحب لحساب الغير عندما يظهر شخص بمظهر الساحب فيلتزم‬
‫بالكمبيالة باسمه مباشرة وبدون أن يشير إلى اسم من كلفه بالسحب‪ ،‬بل أكثر من ذلك فهي تطبق‬
‫وإن أشار الساحب الظاهر أنه سحب لحساب الغير إذا تمت اإلشارة إلى هذا الغير باألحرف‬
‫األولى السمه‪.‬‬

‫ويلجأ إلى هذه الطريقة في سحب الكمبيالة عندما يريد الساحب الحقيقي أن يبقي مستترا‬
‫سواء ألن طبيعة عمله ال تسمح له بذلك كالمحامي في عالقته مع موكليه‪ ،‬أو أنه يمارس التجارة‬
‫إال أنه لسبب خاص به ال يريد الظهور في الكمبيالة كما لو تعلق األمر بسمعته التجارية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في ختام دراسة البيانات االختيارية أن المشرع المغربي أجاز في المادة‬
‫‪ 162‬من مدونة التجارة لساحب الكمبيالة المستحقة عند االطالع أو بعد مدة من االطالع أن‬
‫يدرج في الكمبيالة بيان آخر اختياري هو " شرط الفائدة" ويعتبر هذا الشرط غير موجود في‬
‫أنواع الكمبياالت األخرى‪.‬‬

‫وقد أخذ هذا البيان عن قانون جنيف الموحد دون أن ينتبه إلى أن هذا البيان يتعارض مع‬
‫المبدأ العام الوارد في المادة ‪ 870‬ق أ ع الذي جاء ف ي مطلعها‪ ( :‬اشتراط الفائدة بين المسلمين‬
‫باطل ومبطل العقد) وهذا المبدأ كما هو معلوم من النظام العام وال ينبغي مخالفته‪ ،‬على أن جواز‬
‫اشتراط الفائدة المنصوص عليه في المادة ‪ 162‬من مدونة التجارة يمكن أن يفسر بكون‬
‫المقصود منه الحاالت التي يتعامل فيها غير المسلمين بالكمبياالت وهذا يوافق مقتضيات الفصل‬

‫‪18‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫‪ 871‬من ق‪.‬ا‪.‬ع الذي جاء في مطلعه ( وفي الحاالت األخرى يجوز اشتراط الفائدة) والمقصود‬
‫بالحاالت األخرى في هذا الفصل حاالت غير المسلمين‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪:‬تعدد النظائر والنسخ في الكمبيالة‬

‫األصل أن الكمبيالة تحرر بنظير واحد‪ ،‬إال أنها قد تسحب عدة نظائر عندما تدعو الحاجة‬
‫إلى ذلك فقد يرغب الساحب في تسهيل تداول الكمبيالة قبل أن يقبلها المسحوب عليه فيحرر منها‬
‫نظائر أو نسخا بحسب األحوال وهذا ما سنراه ضمن المطلبين التاليين‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعدد النظائر‬

‫قد يقوم الساحب رغبة منه في تسهيل تداول الكمبيالة قبل أن يقبلها المسحوب عليه‪ ،‬فيقوم‬
‫بتحرير نظائر من الكمبيالة يرسل أحدها للمسحوب عليه قصد التوقيع عليه بالقبول‪ .‬أو قد يكون‬
‫الهدف من سحب الكمبيالة بعدة نظائر هو تفادي مخاطر الضياع أو السرقة خاصة بالنسبة‬
‫للكمبياالت التي ترسل إلى بلدان أجنبية‪ .‬لذلك جرى التعامل الدولي خاصة على أن تحرر‬
‫الكمبيالة المرسلة في أكثر من نظير حتى إذا ما ضاعت هذه الكمبيالة يستطيع الحامل إرسال‬
‫نظير أخر ويمارس حقه في الحصول على مبلغ الكمبيالة وتعتبر الكمبيالة المسحوبة بعدة نظائر‬
‫واحدة مهما بلغ عدد النظائر التي سحبت بها ويترتب على هذا القول بعض النتائج منها‪:‬‬

‫‪ ‬يجب أن تكون النظائر متماثلة بحيث يطابق بعضها بعضا بما في ذلك التوقيعات‬
‫التي يجب أن تكون حقيقية ألصحابها‪.‬‬

‫‪ ‬يلزم ذكر رقم كل نظير في نص الكمبيالة نفسه حتى يعلم الحامل أو المسحوب‬
‫عليه أن هذه الكمبيالة حررت بعدة نظائر فإذا لم يذكر اعتبر كل نظير كمبيالة‬
‫مستقلة عن األخرى‪.‬‬

‫‪ ‬ال يلزم المسحوب عليه إال ب سداد مبلغ النظير الذي وقع عليه بالقبول ويجب عليه‬
‫أن يسترد ذلك النظير المقبول كي تبرأ ذمته قانونا وإذا حدث أن وضع المسحوب‬

‫‪19‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫عليه توقيعه بالقبول على عدة نظائر فإنه يلتزم بكل نظير منها ما لم يستردها منها‬
‫جميعا عند أداءه مبلغ الكمبيالة‪.‬‬

‫‪ ‬يعتبر تظهير النظائر إلى أشخاص مختلفين عمال غير مشروع يلزم صاحبه‬
‫بالتعويض عن الضرر الحاصل من جراء ذلك‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تعدد النسخ‬

‫يجوز لكل حامل للكمبيالة أن ينشئ منها نسخا وتتميز النسخة بأنها صورة طبق األصل‬
‫للكمبيال ة ووسيلتها العملية في الوقت الحاضر التصوير إال أنه ليس هناك ما يمنع من أن تنسخ‬
‫باليد‪ ،‬وهذا ما كان عليه العمل قبل ظهور آلة التصوير‪.‬‬

‫والنسخة تشبه النظير في جوانب وتختلف عنه في جوانب أخر‪ ،‬فهي تشبهه في‪:‬‬

‫‪ ‬ضرورة اإلشارة إلى أن الورقة هي صورة أو نسخة من األصل‪.‬‬

‫‪ ‬ضرورة تطابق النسخة مع األصل من حيث البيانات والتظهيرات وكل التقييدات‬


‫األخرى الموجودة في األصل‪.‬‬

‫‪ ‬ضرورة إدراج بيان في النسخة يعين من بيده األصل ومن واجب هذا األخير أن يسلمه‬
‫لحامل النسخة الشرعي‪.‬‬

‫إال أن النسخة تختلف عن النظير في أن‪.‬‬

‫‪ ‬النظائر ينشؤها الساحب أما النسخ فينشؤها الحامل‪.‬‬

‫‪ ‬التوقيعات التي توجد على النظير هي نفسها التوقيعات الحقيقية للساحب والمظهرين‬
‫باعتبار أنها صادرة بخط يد أصحابها كما هو الشأن بالنسبة لألصل‪ .‬أما في النسخة‬
‫فإن الصورة ترسم التوقيعات‪ .‬وإذا جرى النسخ باليد فإنه يشار إلى أسماء أصحاب‬
‫التوقيعات فقط دون تقليد لتوقيعاتهم‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫‪ ‬ال يمكن األداء بواسطة النسخة خالف النظير ولذلك يجب اإلشارة في النسخة إلى‬
‫الشخص الحائز على أصل الكمبيالة‪ .‬غير أن النسخة تقبل هي أيضا التداول بطريقة‬
‫التظهير‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تداول الكمبيالة‬

‫سنتطرق ضمن هذا الفرع لتعريف التظهير وتمييزه عن حوالة الحق وشروطه في مبحث‬
‫أول ‪.‬على أن نعرض ألشكال التظهير في مبحث ثان‪..‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف التظهير وتمييزه عن حوالة الحق وشروطه‬

‫سنتطرق ضمن هذا المبحث لتعريف التظهير وتمييزه عن حوالة الحق في مطلب أول ‪ ،‬وفي‬
‫مطلب ثان سنبين شروط قيام هذا التظهير‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف التظهير وتمييزه عن حوالة الحق‬

‫التظهير هو كتابة عبارة على ظهر الكمبيالة تفيد انتقال المبلغ الثابت فيها من المستفيد‬
‫المظهر إلى المظهَّر إليه‪.‬‬

‫ويختلف التظهير اختالفا جوهريا عن حوالة الحق المدنية فإذا أراد الدائن حوالة حق له‬
‫إلى شخص آخر عن طريق الحوالة المدنية‪ .‬فإن هذه الحوالة ال تصبح نافذة اتجاه المدين والغير‬
‫إال إذا قبلها المدين أو بلغت إليه تبليغا رسميا‪ .‬في حين أن انتقال الحق بالتظهير ال يتوقف على‬
‫قبول المسحوب عليه أو تبليغه باالنتقال تبليغا رسميا‪ .‬وحوالة الحق ال توفر للمحال له‬
‫الضمانات الكافية ا لتي تجعله يطمئن إلى أنه سيستوفي فعال مبلغ الدين المحال به‪ ،‬ذلك أنه في‬
‫الحوالة ب عوض ال يضمن المحيل إال وجود الحق المحال به وقت الحوالة‪ ،‬أما إذا كانت الحوالة‬
‫بغير عوض فال يكون المحيل ضامنا لوجود الدين أو الحق المحال به وإنما يكون مسؤوال عن‬
‫ما يترتب على تدليسه‪ ،‬أما بخصوص التظهير فإن المظهِّر يضمن الوفاء والقبول ما لم يرد‬
‫شرط يخالف ذلك‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫ويجوز للمدين في حوالة الحق أن يتمسك في مواجهة المحال له بكل الدفوع التي كان‬
‫بإمكانه التمسك بها في مواجهة المحيل بشرط أن يكون أساسها قائما عند حصول الحوالة أو عند‬
‫تبليغها‪ ،‬أما التظهير فإنه يطهر الكمبيالة من الدفوع المبنية على العالقات الشخصية ما لم يكن‬
‫الحامل قد تعمد باكتسابه الكمبيالة اإلضرار بالمدين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬شروط التظهير‬

‫إذا كان القانون التجاري قد أجاز انتقال أية كمبيالة بطريق التظهير فإنه قيد ذلك ببعض‬
‫الشروط وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬أن يكون التظهير ناجزا وكل شرط مقيد له يعتبر وكأنه غير موجود‪ [ .‬إن التظهير يجب‬
‫أن يكون ناجزا والتصرف الناجز هو أن يكون غير معلق على شرط من الشروط]‪.‬‬

‫‪ .2‬أن يكون التظهير تاما أي شامال لكل مبلغ الكمبيالة‪ ،‬أما التظهير الجزئي وهو الذي يفيد‬
‫انتقال جزء معين من المبلغ فقط فإنه يعتبر باطال كأن لم يكن‪.‬‬

‫‪ .3‬أن يحرر التظهير على الكمبيالة نفسها سواء على وجهها أو على ظهرها أو على ورقة‬
‫متصلة بها وذلك عندما يمتلئ ظهر الكمبيالة بالتوقيعات حيث تضاف ورقة متصلة بها‬
‫الستئناف التوقيعات عليها‪ .‬إال أنه يشترط في التظهير الذي يقع على وجه الكمبيالة أن ال‬
‫يكون على بياض وذلك تفاديا للخلط بينه وبين توقيع الضامن االحتياطي عندما يتم بدوره‬
‫على بياض [ التوقيع على بياض هو الذي يتم وحده دون آية عبارة]‪.‬‬

‫‪ .4‬أن يتم التظهير بتوقيع المظهر‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه إذا حدث أن بطل التظهير فإن ذلك ال يؤدي إلى بطالن الكمبيالة‬
‫ألن هذه األخيرة ال تبطل إال إذا اختل فيها بيان من البيانات اإللزامية‪ ،‬والتظهير ال يعد من‬
‫البيانات اإللزامية للكمبيالة وإنما هو طريق من طرق تداولها‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫المبحث الثاني‪:‬أشكال التظهير‬

‫قد يأتي التظهير في أحد األشكال الثالثة اآلتية والتي سنعرض لها ضمن المطالب الموالية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التظهير االسمي‬

‫وهو الذي يكتب فيه المظهر اسم المظهَّر إليه ثم يرفقه بتوقعيه‪ .‬وقد يكتفي المظهر بذكر‬
‫اسم المظهر إليه فقط وقد يورد عبارة تفيد انتقال الحق في الكمبيالة إلى المظهَّر إليه كأن يكتب "‬
‫ادفعوا ألمر فالن" أو " التظهير لفائدة فالن" ويمكن أن يرد التظهير االسمي على وجه الكمبيالة‬
‫أو على ظهرها أو على الورقة المتصلة بها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬التظهير على بياض‬

‫وهو الذي ال يذكر فيه المظهر اسم المظهر إليه بل يكتفي بوضع توقيعه مجردا عن أية‬
‫عبارة‪ ،‬وحتى يكون التظهير على بياض صحيحا ال بد من وقوعه على ظهر الكمبيالة أو على‬
‫الورقة المتصلة بها‪ ،‬فإذا وقع على وجه الكمبيالة فال يعتبر صحيحا ألن من شأن ذلك كما سبق‬
‫القول اختالطه بالضمان االحتياطي‪.‬‬

‫ويستطيع المستفيد من تظهير الكمبيالة تظهيرا على بياض أن يحول ذلك التظهير إلى‬
‫تظهير اسمي وذلك بإضافة اسمه كما يستطيع أن يظهرها من جديد إما تظهيرا على بياض أو‬
‫تظهيرا اسميا‪ ،‬وأخيرا يستطيع أن ينقلها بمجرد تسلميها دون إضافة أي اسم ودون تظهيرها‬
‫وفي هذه الحالة يتداول الكمبيالة كأي سند لحامله‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬التظهير للحامل‬

‫وهو يشبه التظهير على بياض من حيث إن كالهما ال يذكر فيه اسم المظهَّر إليه إال أن‬
‫الفرق بينهما أن التظهير على بياض يكتفى فيه بالتوقيع‪ ،‬في حين أن التظهير للحامل تكتب فيه‬
‫إلى جانب التوقيع كلمة " للحامل"‪ .‬وإذا كان المشرع قد منع إنشاء الكمبيالة للحامل حيث اعتبر‬
‫ذكر اسم الشخص الذي يجب أن يقع الوفاء ألمره بيانا إلزاميا يترتب على مخالفته بطالن‬
‫الكمبيالة‪ ،‬فإنه أجاز تظهير الكمبيالة للحامل‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫المبحث الثالث‪ :‬أنواع التظهير‬

‫تتعدد أنواع التظهير بحسب الهدف الذي يسعى إليه المظهر من تظهيره للكمبيالة فقد‬
‫يكون هدفه نقل ملكيتها إلى المظهَّر إليه وهذا ما يسمى" بالتظهير الناقل للملكية"‪ .‬وقد يكون‬
‫هدفه توكيل المظهَّر إليه قصد تسلم مبلغها وهذا ما يعرف " بالتظهير التوكيلي"‪ .‬وقد يكون هدفه‬
‫رهن الكمبيالة من أجل تأمين وضمان دين عليه وهذا ما يطلق عليه" التظهير التأميني"‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التظهير الناقل للملكية‪.‬‬

‫ضمن هذا المطلب سنعرض لتعريف التظهير الناقل للملكية و شروطه و كذا اآلثار‬
‫المترتبة عنه في الفقرات الثالث الموالية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪:‬تعريف التظهير الناقل للملكية‬

‫التظهير الناقل للملكية أو التظهير التام هو الذي تنقل بمقتضاه ملكية الكمبيالة من المظهِّر‬
‫إلى المظهَّر إليه‪ .‬فهذا النوع من التظهير ينقل بيع الحقوق الناتجة عن الكمبيالة إلى المظهَّر إليه‬
‫ولهذا يعتبر أهم أنواع التظهير وأكثرها شيوعا‪.‬‬

‫ويفترض أن كل تظهير هو ناقل للملكية ألن هذا هو األصل ما لم يشر صراحة إلى أن‬
‫األمر يتعلق بنوع آخر من أنواع التظهير كالتظهير التوكيلي أو التظهير التأميني‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط التظهير الناقل للملكية‬

‫يلزم لصحة التظهير الناقل للملكية أن يتوفر فيه نوعان من الشروط شروط موضوعية‬
‫وأخرى شكلية‪.‬‬

‫أوال‪:‬الشروط الموضوعية‬

‫تتمثل الشروط الموضوعية في ضرورة صدور التظهير من الحامل الشرعي للكمبيالة فإذا‬
‫انتقلت الكمبيالة بطريق غير شرعي كسرقتها أو تزويرها كان تظهيرها بعد ذلك باطال‪ .‬وفي‬
‫ضرورة توافر الرضا بأن يصدر التظهير من شخص متمتع بكامل اإلرادة فال يشوب إرادته‬
‫‪24‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫عيب من عيوب الرضا كالغلط أو التدليس أو اإلكراه أو الغبن‪ .‬وفي توافر األهلية بأن يوقع‬
‫التظهير شخص متمتع بأهلية تعاطي العمل التجاري ألن االلتزام بالكمبيالة من األعمال التجارية‬
‫األصلية‪ .‬وفي ضرورة وجود المحل ومحل التظهير هو نفسه محل الكمبيالة‪ ،‬ولما كان محل‬
‫الكمبيالة هو مبلغ من النقود فإن هذا المبلغ يجب أن يكون كامال غير ناقص‪ .‬ولذلك يكون‬
‫التظهير الناقص أو الجزئي باطال‪ ،‬وتتمثل الشروط الموضوعية أخيرا في ضرورة قيام سبب‬
‫مشروع للتظهير والسبب هنا هو العالقة التي تربط المظهِّر بالمظهَّر إليه والتي بناءا عليها ظهَّر‬
‫األول الكمبيالة للثاني‪ ،‬فإذا كانت هذه العالقة غير مشروعة كان السبب أيضا غير مشروع‬
‫وبالتالي بطل التظهير المؤسس عليه‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬الشروط الشكلية‬

‫أما الشروط الشكلية للتظهير فتتمثل في الكتابة وهذه األخيرة تتم عن طريق التوقيع‪،‬‬
‫فالتظهير ال يمكن إثباته بطريقة إثبات أخرى غير الكتابة كيفما كان الشكل الذي يتخذه سواء كان‬
‫التظهير اسميا أو على بياض أو للحامل‪.‬‬

‫وإذا كان التوقيع هو الشرط الشكلي الوحيد الذي ألزم المشرع تحققه لصحة التظهير فإنه‬
‫ليس هناك ما يمنع ذكر بيانات اختيارية في التظهير كبيان" وصول القيمة" وبيان" الرجوع‬
‫بدون مصاريف" وبيان" ليس ألمر" وبيان" عدم الضمان" وغيرها من البيانات االختيارية التي‬
‫درسناها سابقا‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬آثار التظهير الناقل للملكية‬

‫يرتب عن التظهير الناقل للملكية بعض اآلثار نجملها فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪:‬انتقال الحقوق الناشئة عن الكمبيالة‬

‫إن التظهير ينقل جميع الحقوق الناشئة عن الكمبيالة وأهم هذه الحقوق ملكية هذه الكمبيالة‪.‬‬
‫فالتظهير معناه تنازل المظهِّر عن الكمبيالة للمظهَّر إليه بكل بياناتها اإللزامية واالختيارية‪.‬‬
‫ومؤدى هذا أن المظهِّر تنازل عن جميع الحقوق التي تتصل بالكمبيالة سواء كانت حقوقا أصلية‬
‫‪25‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫أو مرتبطة بها كالضمانات العينية والشخصية ألن التنصيص على هذه الضمانات في الكمبيالة‬
‫يجعلها حقوقا صرفية‪ ،‬مثال ذلك أن ينشئ شخص رهنا أو كفالة من أجل ضمان األداء في‬
‫الكمبيالة فإن هذا الرهن أو الكفالة ينتقل إلى المظهَّر إليه تأسيسا على نظرية الفرع يتبع األصل‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬ضمان القبول والوفاء‬

‫إن تظهير الكمبيالة وانتقالها إلى المظهَّر إليه ال يجعل المظهِّر مبدئيا متحلال من االلتزام‬
‫بضمان قبولها ووفائها في تاريخ االستحقاق بحيث يلتزم المظهِّر بضمان القبول والوفاء‬
‫بالتضامن مع بقية الموقعين على الكمبيالة من ساحب ومظهرين وضامنين احتياطيين‬
‫والمسحوب عليه القابل‪ .‬لذا يكون من حق الحامل أن يوجه الدعوى ضمن هؤالء األشخاص‬
‫جميعا سواء بصورة انفرادية أو جماعية دون أن يكون ملزما باتباع الترتيب الذي صدر به‬
‫التزامهم وإذا حدث أن وفى أحدهم فإنه يتمتع بالحق نفسه‪.‬‬

‫وإذا كان األمر أن المظهِّر ضامن للقبول والوفاء فإنه قد يتحلَّل من هذا الضمان إذا أورد‬
‫شرطا بخالف ذلك عند التظهير تظهير الكمبيالة كما أن بإمكان المظهر أن يقصر الضمان على‬
‫المظهر إليه دون من يأتي بعد ممن تظهر لهم الكمبيالة وذلك بأن يورد في الكمبيالة شرطا يمنع‬
‫بمقتضاه المظهَّر إليه من تظهير الكمبيالة تظهيرا جديدا وإذا خالف المظهَّر إليه هذا المنع فإن‬
‫المظهِّر ال يلزم بالضمان اتجاه المظهَّر إليهم الجدد‪.‬‬

‫ويالحظ أن ضمان القبول والوفاء يعتبر من خصائص الكمبيالة كورقة صرفية ذلك أننا ال‬
‫نجد مثيال له في حوالة الحق المدنية‪ .‬فالمحيل في حوالة الحق ال يضمن إال وجود الحق المحال‬
‫به وقت الحوالة‪ ،‬أما إذا كانت بغير عوض فال يكون المحيل ضامنا وجود الحق وإنما يكون‬
‫مسؤوال عما يترتب عن تدليسه‪ ،‬أما في التظهير فإن المظهِّر يضمن للمظهَّر إليه يسر المسحوب‬
‫عليه في تاريخ االستحقاق ودونما حاجة إلى اتفاق مسبق على ذلك‪.‬‬

‫بفضل هذه الضمانات الكبيرة يقبل المتعاملون في ميدان التجارة على استيفاء ديونهم عن‬
‫طريق كمبياالت تسحب أو تظهَّر ألمرهم ألنهم مطمئنون على استيفاء قيمتها في تاريخ‬
‫االستحقاق‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التظهير التوكيلي‪.‬‬

‫سنعرض في هذا المطلب ومن خالل ثالث فقرات لمفهوم التظهير التوكيلي وشروطه‬
‫وآلثاره‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم التظهير التوكيلي‬

‫هو توكيل أو إنابة المظهَّر إليه ليتولى تحصيل مبلغ الكمبيالة عند االستحقاق‪ .‬أو القيام‬
‫باإلجراءات القانونية للمحافظة على حقوق المالك الناتجة عن الكمبيالة كتقديم االحتجاج في‬
‫الحالة التي يمتنع فيها المسحوب عليه من القبول أو األداء والرجوع على الموقعين في الكمبيالة‪.‬‬
‫فالمظهِّر ال ينقل بتظهيره الكمبيالة ملكية هذه األخيرة للمظهر إليه بل يوكله فقط ليمارس‬
‫الحقوق باسمه ولحسابه نيابة عنه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬شروط التظهير التوكيلي‬

‫يشترط لصحة التظهير التوكيلي كما هو الشأن بالنسبة للتظهير الناقل للملكية توفر‬
‫شروط موضوعية وأخرى شكلية‪.‬‬

‫أوال‪:‬الشروط الموضوعية‬

‫وهي ال تختلف عن الشروط الموضوعية في التظهير الناقل للملكية باستثناء ما يتعلق‬


‫باألهلية‪ ،‬حيث ال يشترط في المظهِّر تظهيرا توكيليا أن يكون متمتعا باألهلية التجارية بل يكفي‬
‫لصحة التظهير التوكيلي أن يكون القاصر المظهِّر مأذونا له بمزاولة أعمال اإلدارة‪ ،‬ألن‬
‫المظهر هنا ال يلزم وإنما يكلف المظهَّر إليه باستخالص مبلغ الكمبيالة‪.‬‬

‫أما المظهَّر إليه تظهيرا توكيليا فيكفي بالنسبة إليه أن يكون مميزا‪ ،‬إذ ال تشترط فيه أهلية‬
‫معينة طبقا للمبدأ العام الوارد في الفصل ‪ 880‬ق‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬وإذا كان ال يجوز للمظهَّر إليه تظهيرا‬
‫توكيليا أن يظهر الكمبيالة من جديد تظهيرا ناقال للملكية فإنه يجوز له أن يظهرها تظهيرا‬
‫توكيليا جديدا‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫ثانيا‪:‬الشروط الشكلية‬

‫يشترط لصحة التظهير التوكيلي أن يتم التنصيص على التوكيل صراحة في التظهير وذلك‬
‫باستعمال عبارة تدل عليه مع التوقيع ومن أمثلة هذه العبارة " التظهير للتوكيل" أو " القيمة‬
‫للقبض" أو "القيمة للتحصيل" أو غيرها من العبارات‪ .‬وكيفما كان التعبير المستعمل فيجب أن‬
‫يكون ذا داللة واضحة على أن الغرض منه هو التظهير التوكيلي‪ ،‬فإن لم يكن كذلك اعتبر‬
‫تظهيرا ناقال للملكية‪ ،‬ألن األصل في التظهير أن يكون ناقال للملكية ما لم يذكر صراحة خالف‬
‫ذلك‪ ،‬و هذه القرينة هي قرينة بسيطة قابلة إلثبات العكس‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬آثار التظهير التوكيلي‬

‫لما كان المظهَّر إليه في التظهير التوكيلي هو وكيل المظهِّر فإن آثار هذا التظهير هي‬
‫نفسها اآلثار المترتبة عن الوكالة العادية وهذه اآلثار منها ما يتعلق بعالقة المظهِّر بالمظهَّر إليه‬
‫ومنها ما يتعلق بعالقة المظهِّر والمظهَّر إليه بالغير‪.‬‬

‫أوال‪ :‬آثار التظهير التوكيلي بالنسبة لعالقة المظ ِّهر بالمظهَّر إليه‬

‫ينتج عن التظهير التوكيلي في هذه العالقة اآلثار التالية‪:‬‬

‫أ) يمكن للمظهر إليه أن يمارس جميع الحقوق المتفرعة عن الكمبيالة‪ .‬ويتعين عليه‬
‫بالخصوص أن يقدم الكمبيالة للقبول قبل االستحقاق‪ ،‬وإذا رفضها المسحوب عليه ألزمه‬
‫تنظيم احتجاج عدم القبول‪ .‬و إن قدم الكمبيالة للوفاء في تاريخ االستحقاق و امتنع‬
‫المسحوب عليه من الدفع وجب عليه تنظيم احتجاج عدم الوفاء‪ .‬كما يتعين عليه الرجوع‬
‫على المظهرين السابقين وعلى الساحب وذلك إلرغامهم على الوفاء‪ .‬ومن أجل ذلك‬
‫يستطيع أن يتخذ جميع اإلجراءات التحفظية‪.‬‬

‫ب) يلزم المظهَّر إليه الوكيل بتنفيذ المهمة التي كلف بها وال يسوغ له أن يجري أي عمل‬
‫يتجاوز أو يخرج عن حدود تلك المهمة وإال ترتبت عليه المسؤولية‪ ،‬ما لم يكن هناك‬
‫عرف تجاري يترك بمقتضاه للمظهر إليه الوكيل القيام ببعض التصرفات القانونية‪ .‬كما‬
‫‪28‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫هو الشأن بالنسبة لألبناك التي تأخذ على عاتقها تحصيل أوراق زبنائها التجارية حيث‬
‫تكتفي عادة بعرضها على الوفاء واستثناء تنظيم احتجاج عدم الوفاء‪ .‬أما المتابعة‬
‫القضائية بسبب عدم الوفاء فيباشرها الزبون بعد أن يعيد إليه البنك الورقة التي لم تسدد‪،‬‬
‫ما لم يتفق على غير ذلك‪.‬‬

‫ت) إن عالقة المظهَّر إليه بالمظهِّر تحكمها مبدئيا قواعد الوكالة العادية وعليه ينتهي التظهير‬
‫التوكيلي بتنفيذ المظهَّر إليه مهمته أو بعزله " والعزل يكون بالتشطيب على التظهير‬
‫التوكيلي" أو بتنازله عن التوكيل أو بوفاته‪ .‬إال أنه خالفا ألحكام الوكالة العادية فإن التظهير‬
‫التوكيلي ال ينتهي بوفاة المظهر أو بفقده ألهليته‪ .‬لذلك يستطيع المسحوب عليه أن يؤدي مبلغ‬
‫الكمبيالة للوكيل رغم علمه بوفاة المظهِّر أو بانعدام أهليته‪.‬‬

‫بخالف الحالة التي يتوقف فيها المظهِّر عن أداء ديونه حيث يمنع المظهَّر إليه الوكيل من‬
‫استيفاء مبلغ الكمبيالة‪ ،‬ألن التظهير التوكيلي ينتهي بتوقف المظهر عن أداء ديونه و يحل‬
‫محله وكيل الدائنين‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬آثار التظهير التوكيلي في عالقة المظ ِّهر والمظ َّهر إليه بالغير‬

‫يمكن تلخيص هذه اآلثار فيما يلي‪:‬‬

‫أ) سبق القول أن المظهَّر إليه في الكمبيالة في التظهير التوكيلي ليس إال وكيال للمظهِّر‬
‫وبالتالي يبقى هذا األخير هو المستفيد في الكمبيالة وهو الملتزم بها‪ .‬وينتج عن ذلك أن‬
‫بإمكان المسحوب عليه وكل ملتزم بالكمبيالة أن يتمسك في مواجهة المظهَّر إليه الوكيل‬
‫بالدفوع الشخصية التي كان بإمكانه التمسك بها ضد المظهر الموكل‪ .‬أما الدفوع‬
‫الشخصية الناتجة عن العالقة بين المظهِّر والغير فإن هذا الغير ال يستطيع التمسك بها‬
‫في مواجهة المظهر إليه الوكيل ألن هذا األخير ما هو إال نائب أو وكيل وليس مالكا‬
‫قانونيا للكمبيالة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫ب) يلزم الغير المدين في الكمبيالة إذا ما توقف المظهر عن أداء ديونه أن يمتنع عن أداء‬
‫مبلغ الكمبيالة للمظهَّر إليه الوكيل‪ ،‬كما يكون من حق وكيل الدائنين االعتراض على‬
‫األداء للمظهًّر إليه الوكيل ألن مهمة هذا األخير تنتهي بتوقف المظهِّر عن أداء ديونه‪.‬‬
‫لكن إذا توقف المظهَّر إليه الوكيل عن أداء ديونه فإن هذا ال يمنع المظهِّر من تقديمها‬
‫الستيفاء مبلغها ألنها ملك له وليس لوكيله‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التظهير التأميني‪.‬‬

‫ضمن هذا المطلب سنتطرق في ثالث فقرات لمفهوم التظهير التأميني للكمبيالة وشروطه‬
‫وآلثاره‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم التظهير التأميني للكمبيالة‬

‫يقصد بالتظهير التأميني للكمبيالة التظهير الذي بمقتضاه يرهن المبلغ الثابت في الكمبيالة‬
‫ضمانا لدين المظهَّر إليه في ذمة المظهِّر فيكون المظهَّر إليه دائنا مرتهنا والمظهِّر مدينا راهنا‪.‬‬

‫ويعتبر التظهير التأميني أقل أنواع التظهير تطبيقا إذ يندر اللجوء إليه‪ ،‬ومع ذلك فإن هذا‬
‫التظهير الزال يلعب دورا هاما في المعامالت التجارية حيث توجد حاالت يبرز فيها دوره‬
‫بشكل كبير‪ .‬من ذلك مثال الحالة التي تكون فيها الكمبيالة محررة بمبلغ كبير ويكون تاريخ‬
‫استحقاقها بعيدا فإذا التجأ حاملها إلى خصمها وكان ما يحتاجه من المال أقل بكثير من مبلغ‬
‫الكمبيالة‪ ،‬فإن ذلك الخصم لن يكون في مصلحته لذا يكون من المفيد بالنسبة له اقتراض ذلك‬
‫المبلغ مقابل رهن الكمبيالة عن طريق تظهيرها للمقترض تظهيرا تأمينيا ولن يتردد المقرض‬
‫في إقراضه المبلغ مادام سيتمتع بحق رهن على الكمبيالة بكل ما يوفره الرهن من ضمانات‬
‫باعتباره مظهَّرا إليه تظهيرا تأمينيا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬شروط التظهير التأميني‬

‫يشترط في التظهير التأميني أيضا شروط موضوعية وأخرى شكلية‪.‬‬


‫‪30‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫أوال‪:‬الشروط الموضوعية‬

‫يشترط في التظهير التأميني توفر نفس الشروط الموضوعية التي بحثناها بالنسبة للتظهير‬
‫الناقل للملكية‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬الشروط الشكلية‪:‬‬

‫يتطلب التظهير التأميني لصحته اشتماله على عبارة تدل عليه‪ ،‬وليس هناك صيغة واحدة‬
‫للتظهير التأميني فقد يعبر عنه بعبارة " المبلغ للدين" أو " القيمة للضمان" أو غيرهما فإذا‬
‫تضمن التظهير إحدى هذه العبارات أمكن للحامل أن يمارس جميع الحقوق المتفرعة عن‬
‫الكمبيالة غير أنه ال يستطيع تظهير الكمبيالة إال تظهيرا توكيليا‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬آثار التظهير التأميني‬

‫تتجلى أهم آثار التظهير التأميني فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬يجوز للحامل أن يمارس جميع الحقوق المتفرعة عن الكمبيالة وهو يشبه هنا المظهَّر‬
‫إليه تظهيرا توكيليا‪.‬‬

‫وهكذا يجوز للمظهَّر إليه تظهيرا تأمينا أن يتقدم في تاريخ االستحقاق إلى المسحوب عليه‬
‫وغيره من الضامنين للمطالبة بمبلغ الكمبيالة‪ ،‬وعليه أن ينظم االحتجاج في حالتي عدم القبول‬
‫وعدم الوفاء وغيره من اإلجراءات التحفظية التي يتعذر على المظهِّر الراهن القيام بها بنفسه‬
‫بسبب عدم حيازته للكمبيالة‪ ،‬كل ذلك حماية لحقوق المظهِّر الراهن‪ ،‬وإذا تهاون المظهَّر إليه في‬
‫ذلك اعتبر مسؤوال اتجاه المظهِّر الراهن‪.‬‬

‫‪ ‬ال يجوز للمظهَّر إليه تظهيرا تأمينا أن يظهِّر الكمبيالة من جديد تظهيرا ناقال للملكية‬
‫بل يملك فقط إمكانية تظهيرها تظهيرا توكيليا وأيا ما كان نوع التظهير الذي يمارسه‬
‫المظهَّر إليه على الكمبيالة فال يحمل إال على أنه تظهير توكيلي‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫‪ ‬قد يصادف تاريخ حلول أجل دين المظهر تاريخ استحقاق الكمبيالة أو قد يحل تاريخ‬
‫االستحقاق قبل حلول أجل الدين‪ ،‬وفي هاتين الحالتين يمارس المظهَّر إليه حقه في‬
‫اقتضاء مبلغ الكمبيالة ثم يستوفي منه مبلغ الدين قبل أي دائن آخر ويرد الباقي‬
‫للمظهِّر‪ .‬أما إذا حل أجل استيفاء الدين قبل حلول تاريخ االستحقاق الكمبيالة فإن‬
‫المظهَّر إليه بالخيار بين الرجوع على المظهِّر الراهن وفقا ألحكام الرهن‪ ،‬أو االنتظار‬
‫إلى حين استحقاق الكمبيالة واستيفاء مبلغها‪.‬‬

‫‪ ‬وعلى خالف التظهير التوكيلي فإن قاعدة تظهير الدفوع تلعب دورا هاما تماما كما‬
‫هو الحال في التظهير الناقل للملكية‪ ،‬حيث ال يسوغ للملتزمين بالكمبيالة أن يتمسكوا‬
‫ضد المظهَّر إليه تظهيرا تأمينيا بالدفوع المبنية على عالقاتهم الشخصية مع المظهِّر ما‬
‫لم يكن المظهَّر إليه قد قصد بتلقيه الكمبيالة اإلضرار بالمدين عندما ظهرت له‬
‫الكمبيالة تظهيرا تأمينيا‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬ضمانات الوفاء بالكمبيالة‪.‬‬

‫سنعرض في هذا الفرع لضمانات الوفاء بالكمبيالة وهي مقابل الوفاء والقبول وكذا‬
‫تضامن الموقعين والضمان االحتياطي في أربعة مباحث‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مقابل الوفاء‬

‫في هذا المبحث سنعمل على إعطاء تعريف لمقابل الوفاء وبيان أهميته ضمن مطلب‬
‫أول‪،‬وعرض شروطه ضمن مطلب ثان ولطرق إثباته ضمن مطلب ثالث‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف مقابل الوفاء وبيان أهميته‬

‫سنتطرق ضمن هذا المطلب في فقرتين اثنتين لتعريف مقابل الوفاء وبيان أهميته‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف مقابل الوفاء‬

‫يعرف مقابل الوفاء بأنه دين بمبلغ من النقود مساو على األقل لمبلغ الكمبيالة يكون‬
‫للساحب في ذمة المسحوب عليه في تاريخ استحقاقها‪ .‬وهو يختلف عن وصول القيمة الذي هو‬
‫دين للمستفيد في ذمة الساحب والذي من أجله حررت الكمبيالة للمستفيد‪ .‬ومن أمثلة مقابل الوفاء‬
‫في الكمبيالة أن يسحب الساحب بضاعة للمسحوب عليه فيسحب األول كمبيالة على الثاني‬
‫فيكون ثمن البيع هو مقابل وفاء تلك الكمبيالة‪.‬‬

‫غير أن وجود مقابل الوفاء ال يعتبر شرطا لصحة الكمبيالة إذ يستطيع الساحب أن يحرر‬
‫كمبيا لة على المسحوب عليه دون أن يكون دائنا له بمبلغ الكمبيالة وال يتعرض في ذلك ألي‬
‫جزاء مدني أو جنائي‪ ،‬إنما يبقى من حق المسحوب عليه في هذه الحالة االمتناع عن القبول أو‬
‫الوفاء ‪.‬كما يحتفظ الحامل برجوع الصرف على الساحب وبقية الموقعين لعدم وجود مقابل‬
‫الوفاء لدى المسحوب عليه والذي ينتج عنه امتناع هذا األخير عن القبول أو الوفاء‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬بيان أهمية مقابل الوفاء‬

‫لمقابل الوفاء أهمية قصوى ويتجلى ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬إن المسحوب عليه غالبا ما يرفض التوقيع على الكمبيالة بالقبول إذا لم يحصل على‬
‫مقابل الوفاء‪ .‬وتنتج عن هذه الحالة األولى صعوبة تداول الكمبيالة ألن الغير ال يطمئن‬
‫إلى التعامل بها نطرا لخلوها من قبول المسحوب عليه‪.‬‬

‫‪ .2‬إن إهمال الحامل الناتج عن عدم اتخاذ اإلجراءات القانونية التي تمكنه من ممارسة حقه‬
‫في الرجوع على الضامنين ال يسقط حقه في الرجوع الصرفي على الساحب الذي لم‬
‫يقدم مقابل الوفاء‪.‬‬

‫‪ .3‬وأخيرا فإن أهمية مقابل الوفاء تبرز في العالقة بين الساحب والمسحوب عليه حيث‬
‫تبر أ ذمة هذا األخير من الدين الذي عليه اتجاه الساحب إذا ما وفى مبلغ الكمبيالة وكان‬

‫‪33‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫مقابل الوفاء موجودا لديه‪ .‬أما إذا لم يتلق مقابل الوفاء ومع ذلك وفى بمبلغ الكمبيالة فإن‬
‫من حقه الرجوع على الساحب بذلك المبلغ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬شروط مقابل الوفاء‬

‫يمكن إجمال شروط مقابل الوفاء فيما يلي‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪:‬وجوب تقديم مقابل الوفاء من قبل الساحب أو اآلمر بالسحب‬

‫حيث إن الساحب هو الملزم أصال بتقديم مقابل الوفاء ألنه هو الذي أصدر أمره للمسحوب‬
‫عليه بالوفاء بمبلغ الكمبيالة في تاريخ االستحقاق‪ .‬وهذا األمر إنما يصدره الساحب عندما يكون‬
‫دائنا للمسحوب عليه أو يكون دائنا له في ميعاد االستحقاق‪ .‬وقد ال يكون اآلمر بالدفع في‬
‫الكمبيالة هو الساحب األصلي بل شخصا أخر يسحبها لحساب الساحب األصلي‪ ،‬فيتعين على‬
‫هذا الساحب األصلي أن يقدم مقابل الوفاء للمسحوب عليه‪ ،‬ألن هذا اآلمر بالسحب هو الذي‬
‫يعتبر ساحبا حقيقيا في الكمبيالة أما الساحب الظاهر فال يلزم بتقديم مقابل الوفاء ألنه ليس إال‬
‫وكيال عن اآلمر بالسحب ومع ذلك يبقى الساحب الظاهر مسؤوال شخصيا اتجاه المظهرين‬
‫والحامل فقط‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬يجب أن يكون مقابل الوفاء موجودا في ميعاد االستحقاق‬

‫فالعبرة بوجود مقابل الوفاء أو عدم وجوده تكون بتاريخ استحقاق الكمبيالة وليس قبله أو‬
‫بعده‪ ،‬فإذا كان الساحب دائنا للمسحوب عليه في هذا التاريخ كان مقابل الوفاء موجودا‪ .‬أما إذا‬
‫كان دائنا له في تاريخ إنشاء الكمبيالة أو في تاريخ سابق له عن استحقاق الكمبيالة ثم زال الدين‬
‫قبل االستحقاق‪ ،‬اعتبر مقابل الوفاء غير موجود‪ .‬ونفس الحكم إذا لم يكن الساحب دائنا‬
‫للمسحوب عليه إال بعد ميعاد االستحقاق أو كان دائنا له قبل ميعاد االستحقاق ولكن بدين مؤجل‬
‫إلى تاريخ الحق لميعاد االستحقاق‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬يجب أن يكون مقابل الوفاء مبلغا من النقود‬

‫اشترط المشرع أن يكون مبلغ الدين مساويا على األقل لمبلغ الكمبيالة‪ .‬وما دام مبلغ‬
‫الكمبيالة يكون دائما نقدا‪ ،‬فحتى يتساوى معه مقابل الوفاء البد أن يمثل هو أيضا مبلغا من‬
‫النقود‪ .‬وهذا يعني أن مقابل الوفاء قد يكون في األصل دينا بمبلغ من النقود كما لو كان مصدره‬
‫االقتراض أو يكون على شكل بضاعة ومع ذلك نكون دائما أمام نفس النتيجة‪ ،‬إذ يتعلق األمر‬
‫في هذه الحالة األخيرة بمبلغ من النقود حيث يكون مقابل الوفاء هو ثمن البضاعة التي باعها‬
‫الساحب للمسحوب عليه وليس البضاعة نفسها‪ ،‬أو أن يكون مقابل الوفاء في شكل أوراق‬
‫تجارية فيكون مقابل الوفاء منصبا في هذه الحالة على المبلغ المعين في األوراق التجارية وليس‬
‫على هذه األوراق ذاتها‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬يجب أن يكون مقابل الوفاء مساويا على األقل لمبلغ الكمبيالة‬

‫فال يوجد مقابل الوفاء إذا كان دين الساحب على المسحوب عليه أقل من مبلغ الكمبيالة‬
‫عند استحقاقها فمقابل الوفاء الناقص أو الجزئي يعتبر في حكم عدم وجود مقابل الوفاء ولهذا‬
‫يستطيع المسحوب عليه الذي يتوفر على مقابل وفاء ناقص أن يرفض القبول أو الوفاء إال أن‬
‫المشرع أجاز له في هذه الحالة قبول الكمبيالة قبوال جزئيا في حدود ما لديه من مقابل الوفاء‪،‬‬
‫في حين ألزمه بوفائها وفاءا جزئيا وذلك أيضا في حدود مقابل الوفاء الجزئي‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬إثبات وجود مقابل الوفاء‬

‫يستطيع كل من الساحب والحامل إثبات وجود مقابل الوفاء عندما تكون له مصلحة في‬
‫ذلك‪ ،‬فالساحب تتحقق مصلحته في القيام بهذا اإلثبات إما في مواجهة المسحوب عليه عندما‬
‫يدعي هذا األخير أنه أدى مبلغ الكمبيالة دون أن يتلقى مقابل الوفاء من الساحب‪ ،‬أو في مواجهة‬
‫الحامل المهمل عندما يرجع هذا األخير على الساحب بقيمة الكمبيالة‪.‬‬

‫أما الحامل فتحقق مصلحته في إثبات وجود مقابل الوفاء إذا ادعى المسحوب عليه الذي لم‬
‫يقبل الكمبيالة عدم وجوده ألن الحامل ال يستطيع الرجوع على المسحوب عليه الذي رفض‬

‫‪35‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫قبول الكمبيالة إال إذا أثبت أن هذا األخير قد تلقى مقابل الوفاء‪ .‬ويقع عبئ إثبات مقابل الوفاء‬
‫وعلى الطرق الذي يدعي وجوده وذلك طبقا للقواعد العامة‪.‬‬

‫وتقترن وسائل إثبات مقابل الوفاء بما إذا كان دين الساحب على المسحوب عليه مدينا أو‬
‫تجاريا‪ ،‬فإذا كان مدينا تعين اإلثبات بالكتابة إذا زادت قيمته على ‪ 10000‬درهما طبقا للفصل‬
‫‪ 443‬من ق ا ع‪ .‬أما إذا كان الدين تجاريا فيجوز مبدئيا إثباته بكافة وسائل اإلثبات المقررة في‬
‫الميدان التجاري غير أن قبول المسحوب عليه الكمبيالة يعتبر قرينة على وجود مقابل الوفاء إال‬
‫أن هذه القرينة تعتبر قاطعة فقط في العالقة بين المسحوب عليه والحامل أما في العالقة بين‬
‫المسحوب عليه والساحب فهي قرينة بسيطة قابلة إلثبات العكس‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬القبول‬

‫القبول هو التزام المسحوب بدفع قيمة الكمبيالة في ميعاد االستحقاق‪ .‬حيث يتم القبول‬
‫بتوقيع المسحوب عليه وبمجرد هذا التوقيع يصبح ملتزما التزاما صرفيا في مواجهة الحامل‪.‬‬
‫وال يعتبر المسحوب عليه ملزما بالتوقيع على الكمبيالة بالقبول فهو في األصل أجنبي عنها ألنه‬
‫قد ال يعلم أن الكمبيالة سحبت عليه فكيف يلزم بالوفاء‪ .‬وعلى افتراض أن لديه مقابل الوفاء فإنه‬
‫قد يفضل تسوية دينه للساحب مباشرة دون أن يخضع ألحكام القانون الصرفي‪ .‬أما إذا وقع‬
‫المسحوب عليه بالقبول فإنه يصبح مدينا رئيسيا في الكمبيالة ويلتزم التزاما صرفيا في مواجهة‬
‫الحامل بأداء مبلغ الكمبيالة في تاريخ االستحقاق سواء كان لديه مقابل الوفاء أو لم يكن‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تقديم الكمبيالة للقبول‬

‫إذا كان المشرع قد أعطى الخيار لحامل الكمبيالة بتقديمها للقبول أو عدم تقديمها فإن هذا‬
‫األخير مع ذلك فقد يلزم بتقديم الكمبيالة للقبول وقد يمنع من ذلك‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التزام الحامل بتقديم الكمبيالة للقبول‬

‫فأما التزام الحامل بتقديم الكمبيالة للقبول فيتم في حالتين‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫الحالة األولى‪ :‬عندما يتعلق األمر باشتراط الساحب تقديم الكمبيالة للقبول‪.‬وهذا الشرط‬
‫الذي يعرف بشرط التقديم اإللزامي للقبول وهو من البيانات االختيارية وقد سبقت اإلشارة إليه‪،‬‬
‫فإذا لم يقدم الحامل الكمبيالة للقبول رغم وجود هذا الشرط فإنه يخسر حق الرجوع على جميع‬
‫الملتزمين بالكمبيالة‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪:‬عندما يتعلق األمر بالكمبيالة المستحقة األداء بعد مدة من االطالع‪ ،‬حيث‬
‫يلزم الحامل بتقديمها للقبول داخل أجل سنة من تاريخها ويمكن للساحب أن يقصر األجل أو أن‬
‫يطيله ويمكن للمظهرين أن يقصروا هذه اآلجال دون أن يحق لهم إطالتها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إلزام الحامل بعدم تقديم الكمبيالة للقبول‬

‫وأما إلزام ا لحامل بعدم تقديم الكمبيالة للقبول فيتم في الحالة التي تتضمن الكمبيالة شرط [‬
‫عدم التقديم للقبول] أو شرط [ ليست للقبول] وهو من البيانات االختيارية في الكمبيالة كما رأينا‬
‫سابقا‪ .‬فبمقتضى هذا الشرط يمتنع على الحامل تقديم الكمبيالة للقبول وإذا فعل فإنه يعرض نفسه‬
‫لدفع التعويضات الضرورية للطرف المتضرر لكنه إذا تمكن من الحصول على القبول رغم‬
‫ذلك المنع فإن هذا القبول يعتبر صحيحا وينتج كافة آثاره‪.‬‬

‫ويجوز تقديم الكمبيالة للقبول إما من الحامل أو من شخص يكون حائزا لها‪ ،‬سواء كانت‬
‫حيازته مشروعة أو غير مشروعة‪ ،‬فال يجوز للمسحوب عليه أن يتحرى عما إذا كان المتقدم‬
‫بالكمبيالة ممسكا لها بصفة شرعية أم ال‪ ،‬ألن هذا ال يهمه في شيء باعتبار أن قبوله للكمبيالة‬
‫إنما يعني التزامه بأداء مبلغها في تاريخ االستحقاق اتجاه الحامل الشرعي وليس اتجاه الشخص‬
‫الذي قدمها له للقبول‪.‬‬

‫والتقديم للقبول يتم عا دة لدى المسحوب عليه الذي عين في الكمبيالة ألنه في األصل هو‬
‫الذي يقبل الكمبيالة‪ .‬غير أنه يجوز تقديم الكمبيالة بقصد القبول إلى المسحوب عليه االحتياطي‬
‫في الحالة التي يعين فيها الساحب أو أحد المظهرين مسحوبا عليه احتياطيا‪ .‬حيث يجوز لهذا‬
‫األخير قبول الكمبيالة حين امتناع المسحوب عليه األصلي عن قبولها‪ .‬غير أن قبول المسحوب‬

‫‪37‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫عليه االحتياطي ال يعدو أن يكون ضمانا احتياطيا أو كفالة ويظل الساحب هو المدين األصلي‬
‫فإذا توقف المسحوب عليه االحتياطي عن أداء ديونه حق للحامل الرجوع على الضامنين‪.‬‬

‫وللحامل أن يقدم الكمبيالة للقبول في أي وقت شاء منذ تاريخ إنشاء الكمبيالة إلى ميعاد‬
‫االستحقاق ما لم يشترط الساحب أو أحد المظهرين تقديم الكمبيالة للقبول في أجل معين‪ ،‬أو أن‬
‫يشترط أن التقديم للقبول ال يمكن أن يقع قبل انصرام أجل معين أو ما لم تكن الكمبيالة مستحقة‬
‫األداء بعد مدة من االطالع حيث يجب تقديمها للقبول داخل أجل سنة من تاريخ إنشاءها كما‬
‫سبقت اإلشارة إلى ذلك‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬شروط القبول‪.‬‬

‫يشترط في القبول شروط موضوعية وأخرى شكلية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الشروط الموضوعية‬

‫إن الشروط الموضوعية هي نفسها الشروط الموضوعية إلنشاء الكمبيالة وتظهيرها‪،‬‬


‫وهكذا يجب أن يكون قبول المسحوب عليه صحيحا خاليا من عيوب الرضى‪ ،‬فإذا كان معيبا‬
‫بأحد تلك العيوب كان باطال وجاز للمسحوب عليه أن يتمسك بهذا البطالن في مواجهة حامل‬
‫الكمبيالة المقبولة سيء النية‪ .‬ولكن ال يجوز له أن يتمسك بالبطالن في مواجهة الحاملين‬
‫الالحقين إذا كانوا ح سني النية‪ .‬كما يشترط في القبول أن يصدر من شخص متمتع بأهلية التوقيع‬
‫على الكمبيالة‪ ،‬ولما كان القبول عمال تجاريا فإن األهلية المشترطة هي األهلية التجارية‪ ،‬على‬
‫أن األهلية يجوز االحتجاج بها في مواجهة كل حامل ولو كان حسن النية‪ .‬ويشترط في القبول‬
‫أيضا أن يكون له محل وهذا المحل هو مبلغ الكمبيالة‪ ،‬غير أنه يجوز للمسحوب عليه أن يقصر‬
‫القبول على جزء من مبلغ الكمبيالة‪ ،‬وهذا ما يسمى بالقبول الجزئي‪ .‬وأخيرا يشترط في القبول‬
‫أن يكون له سبب والسبب هنا هو إرادة المسحوب عليه دفع قيمة الكمبيالة باعتباره مدينا‬
‫للساحب بتلك القيمة خاصة إذا كان قد تلقى مقابل الوفاء أو ألي سبب آخر إذا لم يكن قد تلقى‬
‫مقابل الوفاء‪ .‬وفي هذه الحالة األخيرة عادة ما يكتب المسحوب عليه عبارة [ مقبول على‬
‫المكشوف] للداللة على أنه لم يتلق مقابل الوفاء‪ ،‬وكيفما كان سبب القبول فإنه يتعين أن يكون‬
‫‪38‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫مشروعا وإال كان هذا القبول باطال‪ ،‬غير أن هذا البطالن ينحصر فقط في العالقة بين‬
‫المسحوب عليه والساحب‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬الشروط الشكلية‬

‫تتمثل الشروط الشكلية في ضرورة كتابة القبول على ذات الكمبيالة ويكون القبول مكتوبا‬
‫إذا جاء بلفظ يدل عليه مثل "قبل" أو "مقبول" أو " سأدفع" أو غير ذلك من األلفاظ التي تعني‬
‫القبول‪.‬‬

‫و ال يكفي لصحة القبول كتابة لفظ يدل عليه‪ ،‬بل البد أن يصاحب ذلك توقيع المسحوب‬
‫عليه ألن هذا التوقيع هو أساس وجود القبول‪ ،‬وينتج عن هذا أن القبول ال يكون صحيحا بمجرد‬
‫كتابة اللفظ الدال عليه‪ ،‬بل البد من التوقيع‪ ،‬ولكن العكس إذ يمكن أن يأتي القبول في شكل توقيع‬
‫مجرد دون أن يكتب أي لفظ يدل عليه‪.‬‬

‫و يضاف إلى شرط الكتابة شرط تأريخ القبول‪ ،‬غير أن هذا الشرط ال يعتبر إلزاميا في‬
‫جميع أنواع الكمبياالت بل يعتبر كذلك في بعضها دون البعض األخر‪ .‬وهكذا يجب تأريخ القبول‬
‫في الكمبيالة المستحقة بعد مدة من االطالع أو في الكمبياالت التي اتفق على تقديمها للقبول‬
‫داخل أجل معين‪ ،‬أما غير هذه الكمبياالت فليس هناك ما يلزم تأريخ قبولها‪ .‬وإذا حدث أن كان‬
‫القبول خاليا من التاريخ فإنه يتعين على الحامل حفاظا على حقوقه في الرجوع على الساحب‬
‫والمظهرين أن يثبت عدم وجود تاري خ للقبول وذلك بواسطة احتجاج محرر داخل المدة التي‬
‫حددها القانون لذلك‪.‬‬

‫ويشترط أيضا إلى جانب الكتابة والتأريخ أن يكون القبول ناجزا وهذا يعني عدم جواز‬
‫تعليق القبول على شرط واقف أو فاسخ كأن يقبل للمسحوب عليه الكمبيالة على شرط أن يتلقى‬
‫مقابل الوفاء أو على شرط أن تعجبه البضاعة المرسلة إليه من طرف الساحب‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬آثار القبول‪.‬‬

‫ضمن هذا المطلب سنعرض آلثار القبول بالنسبة للمسحوب عليه والحامل في فقرة أولى‬
‫وآلثار القبول بالنسبة للعالقة بين الحامل والساحب والمظهرين في فقرة ثانية‪ ،‬وآلثار القبول‬
‫بالنسبة للعالقة بين المسحوب عليه والساحب في فقرة ثالثة وأخيرة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪:‬آثار القبول بالنسبة للمسحوب عليه والحامل‬

‫بالقبول يلتزم المسحوب عليه بوفاء الكمبيالة للحامل في تاريخ استحقاقها‪ .‬فالمسحوب عليه‬
‫قبل قبوله للكمبيالة‪ ،‬ال يعتبر طرفا فيها وال مدينا شخصيا بقيمتها وال توجد رابطة قانونية بينه‬
‫وبين الحامل‪ ،‬لكن بتوقيعه الكمبيالة بالقبول يدخل ضمن الملتزمين بها ليصبح المدين األصلي‬
‫والمباشر فيها للحامل‪.‬‬

‫والتزام المسحوب عليه القابل ألداء مبلغ الكمبيالة للحامل‪ ،‬هو التزام صرفي ناتج عن‬
‫الكمبيالة ذاتها‪ .‬وهذا يعني أن المسحوب عليه ال يستطيع التمسك في مواجهة الحامل بالدفوع‬
‫التي كان يمكنه التمسك بها في مواجهة الساحب أو أحد المظهرين‪ ،‬كما أن المسحوب عليه ال‬
‫يستطيع التمسك بعدم وجود مقابل الوفاء ألن قبوله قطعي يلزمه بالوفاء للحامل سواء وجد لديه‬
‫مقابل الوفاء أو لم يوجد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬آثار القبول بالنسبة للعالقة بين الحامل والساحب والمظهرين‬

‫بالقبول تبرأ ذمة الساحب والمظهرين من االلتزام بضمان القبول فالساحب يتحلل من‬
‫ضمان القبول ولكن يبقى ملتزما بضمان الوفاء‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬آثار القبول بالنسبة للعالقة بين المسحوب عليه والساحب‬

‫يلتزم المسحوب عليه القابل‪ ،‬بأداء مبلغ الكمبيالة للحامل عند حلول تاريخ االستحقاق‪،‬‬
‫سواء تلقى من الساحب مقابل الوفاء أو لم يتلقه‪ ،‬ألن القبول قطعي كما سبقت اإلشارة إلى ذلك‪.‬‬
‫ولذلك فإن المسحوب عليه القابل يتعرض للمسؤولية عن عدم وفائه في تاريخ االستحقاق ويلتزم‬

‫‪40‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫بالتعويض قبل الساحب‪ .‬إال أن المسحوب عليه يستطيع مع ذلك أن يثبت في مواجهة الساحب‬
‫عدم وجود مقابل الوفاء أي أنه دفع مبلغ الكمبيالة للحامل على المكشوف‪ .‬وفي هذه الحالة يلتزم‬
‫الساحب برد المبلغ الذي دفعه المسحوب عليه لهذا األخير مع المصاريف‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تضامن الموقعين‪.‬‬

‫قررت المادة ‪ 201‬من مدونة التجارة مبدأ تضامن الموقعين في الكمبيالة حيث نصت على‬
‫أن جميع الساحبين للكمبيالة والقابلين لها والمظهرين والضامنين االحتياطيين ملزمون على وجه‬
‫التضامن نحو الحامل‪ ،‬ومن حق هذا األخير أن يوجه الدعوى ضد جميع هؤالء األشخاص‬
‫فرادى أو جماعة دون أن يكون ملزما باتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم‪ .‬ويتمتع بهذا الحق‬
‫أيضا كل موقع على الكمبيالة وفى مبلغها‪ ،‬وال تمنع الدعوى المقامة على أحد الملتزمين من‬
‫إقامة الدعوى ضد البقية ولو جاءوا في الترتيب بعد الذي أقيمت عليه الدعوى أوال‪.‬‬

‫ويلعب تضامن الموقعين دورا هاما في الكمبيالة إذ بفضله يستطيع الحامل الذي لم يتمكن‬
‫من استيفاء مبلغ الكمبيالة من المسحوب عليه أن يرجع على أي موقع على الكمبيالة دون أن‬
‫يكون ملزما باتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم‪ .‬وهذا من شأنه أن يمكنه من الرجوع على‬
‫الموقع الذي يكون أقدر على وفاء مبلغ الكمبيالة خصوصا إذا كان ذلك الموقع بنك من البنوك‬
‫مثال‪ .‬لذلك ومن خالل تطبيق مبدأ تضامن الموقعين تكون حظوظ الحامل في استيفاء الكمبيالة‬
‫أكيدة‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬نطاق التضامن‬

‫يشمل التضامن الصرفي جميع الموقعين على الكمبيالة وهم الساحب والمسحوب عليه‬
‫القابل والمظهرون والضامنو ن االحتياطيون‪ .‬أما المسحوب عليه غير القابل فال يكون متضامنا‬
‫في الكمبيالة ألنه ال يلتزم صرفيا ما دام لم يقبل الكمبيالة‪.‬‬

‫طبيعة التضامن‪ :‬يقوم التضامن بين الموقعين على فكرتين‪:‬‬

‫‪41‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫األولى وحدة الدين‪ :‬الدين يلتزم به المدينون المتضامنون نحو الدائن بحيث يحق للحامل أن‬
‫يطالب أيا من المدينين في الكمبيالة بكل الدين‪.‬‬

‫الثانية تعدد الروابط في الكمبيالة‪ :‬أي أن هناك روابط متعددة تجمع الحامل بكل موقع‬
‫على الكمبيالة تطبيقا لمبدأ استقالل التوقيعات فكل مدين تربطه بالدائن رابطة مستقلة عن‬
‫الروابط األخرى‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬آثار تضامن الموقعين‬

‫سنعرض ضمن هذا المطلب في الفقرة األولى منه إلى عالقة الحامل بالموقعين وفي‬
‫الفقرة الثانية لعالقة الموقعين فيما بينهم‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪:‬عالقة الحامل بالموقعين‬

‫يستطيع الحامل الرجوع على جميع الملتزمين بالكمبيالة وأن يقيم الدعوى عليهم منفردين‬
‫أو مجتمعين دون أن يكون ملزما باتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم‪ .‬كما أن إقامة الحامل‬
‫ا لدعوى على أحد الملتزمين ال يمنعه من إقامة الدعوى على باقي الملتزمين سواء جاؤوا في‬
‫الترتيب قبل الذي أقيمت عليه الدعوى أو بعده‪ .‬ويعتبر الموقعون على الكمبيالة مدينين أصليين‬
‫اتجاه الحامل بحيث يستوي في ذلك الساحب والمظهرون والضامنون االحتياطيون‪ ،‬ولذلك‬
‫اعتبرهم المشرع جميعا متضامنين اتجاه الحامل كما رتب على ذلك بعض اآلثار منها أن‬
‫انقطاع التقادم بالنسبة ألحد الموقعين ال يسري على اآلخرين فال يمكن للحامل أن يدفع بذلك‬
‫اتجاه الموقعين اآلخرين‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬عالقة الموقعين فيما بينهم‬

‫إذا أدى أحد الموقعين مبلغ الكمبيالة للحامل فإنه يحل محل هذا األخير في المطالبة‬
‫بذلك المبلغ من الموقعين السابقين له‪ ،‬فهو يتمتع بنفس الحق الذي يتمتع به الحامل في الرجوع‬
‫على الموقعين‪ .‬ومعنى ذلك أنه يستطيع الرجوع عليهم فرادى أو جماعة دون أن يكون ملزما‬
‫باتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم‪ .‬إال أن هذا الحق مقيد بقيد وهو اقتضاء الرجوع على‬
‫‪42‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫الموقعين السابقين فقط وليس الموقعين الالحقين ألن الموقع الذي وفى مبلغ الكمبيالة ال يكون‬
‫دينه مضمونا إال من طرف الموقعين السابقين له أما الموقعين الالحقين فال يضمنون له بطبيعة‬
‫الحال الدين بل يكون هو ضامنا لهم‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬الضمان االحتياطي‪.‬‬

‫الضمان االحتياطي هو كفالة صرفية لكل الدين الثابت في الكمبيالة أو بجزء منه‬
‫يقدمها شخص أجنبي عن الكمبيالة أو حتى أحد الموقعين عليها ويعرف مقدم الكمبيالة بالضامن‬
‫االحتياطي‪ .‬وإذا كان المشرع قد تعرض لضمان وفاء الكمبيالة دون ضمان قبولها فإنه ليس‬
‫هناك ما يمنع قانونا ضمان قبول الكمبيالة ضمانا احتياطيا‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬الشروط الشكلية للضمان االحتياطي‬

‫يلزم كتابة الضمان االحتياطي على الكمبيالة ذاتها أو ورقة متصلة بها أو حتى على ورقة‬
‫مستقلة‪ ،‬ولم يحدد المشرع العبارات التي يكتب بها الضمان االحتياطي‪ ،‬وإنما أشار إلى بعضها‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬مما يجوز معه استعمال أية عبارة تدل عليه ثم يضيف إليها الضامن توقيعه‬
‫وإال كان الضمان االحتياطي باطال ويعبر عن هذا الضمان عادة بعبارة "على وجه الضمان‬
‫االحتياطي" كما يعبر عنه أيضا بعبارة " للضمان" و" للكفالة" أو غيرها‪.‬‬
‫على أن كتابة عبارة تدل على الضمان االحتياطي ليست إلزامية إذ يمكن االكتفاء بالتوقيع‬
‫مجردا على تلك العبارة إال أن هذا مشروط بشرطين اثنين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن ال يكون الضامن االحتياطي هو الساحب أو المسحوب عليه إذ في هذه الحالة‬
‫يلزم أن يصحب توقيعهما عبارة تفيد الضمان االحتياطي ألن توقيع الساحب يعبر عن البيانات‬
‫اإللزامية في الكمبيالة وهو يعني أن الساحب ملزم بضمان قبول الكمبيالة ووفاء مبلغها وليس‬
‫من الفائدة في شيء أن يكون ضامنا احتياطيا‪.‬‬
‫أما المسحوب عليه فإن توقيعه المجرد يفترض فيه قبوله الكمبيالة وال يعتبر ضامنا‬
‫احتياطيا إال إذا أضاف إليه عبارة تفيد ذلك‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫ثانيا‪ :‬إن التوقيع المجرد ال يعتد به كضمان احتياطي إال إذا وقع على وجه الكمبيالة أما إذا‬
‫وق ع على ظهرها فإنه إذن يعتبر تظهيرا إذا كان يدخل في حلقة التظهيرات أو أن ال تكون له أية‬
‫قيمة صرفية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أشخاص الضمان االحتياطي‬
‫يجوز أن يكون ضامنا احتياطيا كل شخص سواء كان أجنبيا عن الكمبيالة أو أحد الموقعين‬
‫عليها‪ .‬وغني عن البيان أنه يشترط في هذا الضامن االحتياطي أن يكون متمتعا باألهلية‬
‫التجارية ألنه يلتزم بالكمبيالة وهو التزام صرفي وعمل تجاري‪.‬‬
‫ويجوز تقديم الضمان االحتياطي لمصلحة أي موقع سواء كان ساحبا أو مظهرا أو‬
‫مسحوبا عليه القابل شرط أن يتم تعيي ن الموقع الذي قدم الضمان االحتياطي لمصلحته فإذا لم‬
‫يعين كان الضمان االحتياطي لمصلحة الساحب‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪:‬آثار الضمان االحتياطي‬
‫سنعرض ضمن هذا المطلب لكل من عالقة الضامن االحتياطي بالحامل‪ ،‬و عالقة‬
‫الضامن االحتياطي بالملتزم المضمون في فقرتين اثنتين‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬عالقة الضامن االحتياطي بالحامل‬
‫إن الضامن االحتياطي يكون ملتزما اتجاه الحامل كما هو عليه األمر بالنسبة للمضمون‪.‬‬
‫وعليه يستطيع الحامل الرجوع على الضامن االحتياطي ليطالبه باألداء باعتباره ضامنا ألحد‬
‫الموقعين‪ ،‬وال يستطيع الضامن االحتياطي أن يتمسك في مواجهة الحامل بحق التجريد أي‬
‫مطالبته باقتضاء الدين أوال من المضمون حتى ولو كان هذا األخير موسرا‪ .‬غير أن الضامن‬
‫االحتي اطي ال يكون ملتزما اتجاه الحامل إال في حدود التزام الشخص المضمون دون أن‬
‫يتجاوزه‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬عالقة الضامن االحتياطي بالملتزم المضمون‬
‫إن اعتبار الضامن االحتياطي شبيها بالكفالة يعطي أيضا للضامن االحتياطي إمكانية‬
‫الرجوع على جميع الموقعين على الكمبيالة الذين يلتزمون باألداء إزاء المضمون ألن الضامن‬
‫االحتياطي إنما حل هنا محل المضمون‪ .‬ولكن لما كان الضمان االحتياطي التزاما صرفيا‬
‫مجردا فإنه يخضع لمبدأ استقالل التوقيعات‪ .‬فالضامن االحتياطي ال يستطيع التمسك في مواجهة‬
‫‪44‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫الملتزمين اآلخرين يبطالن االلتزام المضمون كأن يكون هذا االلتزام صادرا عن قاصر أو أن‬
‫يشوب االلتزام عيب من عيوب الرضى أو أن يكون توقيع المضمون مزورا‪ .‬وهكذا ما لم يتعلق‬
‫سبب البطالن بعيب في الشكل حيث يستطيع الضامن االحتياطي التمسك به والدفع بأن الكمبيالة‬
‫باطلة وبالتالي ال يعتبر الضمان في هذه الحالة ضمانا احتياطيا خاضعا لاللتزام الصرفي‪.‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬الوفاء بالكمبيالة‪.‬‬
‫سنعرض ضمن هذا الفرع لميعاد الستحقاق في مبحث أول وللوفاء في مبحث ثان‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ميعاد االستحقاق‪.‬‬
‫ميعاد االستحقاق هو اليوم الذي يستحق فيه أداء مبلغ الكمبيالة أي الوقت الذي يحل فيه‬
‫تنفيذ االلت زام الصرفي‪ .‬ولتحديد ميعاد االستحقاق أهمية تظهر من عدة وجوه أهمها أن التجار‬
‫عادة ما يعتمدون عليه في استخالص ديونهم أو الوفاء بها ويبنون عليه التزاماتهم‪ ،‬وغالبا ما‬
‫ترتبك تجارتهم إذا لم يتم الوفاء في ميعاد االستحقاق‪ .‬كما أنه في هذا الميعاد يلزم الحامل بتقديم‬
‫الكمبيالة للمسحوب عليه بقصد الوفاء وإال أصبح الحامل مهمال وخسر حقه في الرجوع على‬
‫أغلب الموقعين‪.‬‬
‫المطلب األول‪:‬طرق تحديد ميعاد االستحقاق‬
‫حدد الم شرع ميعاد االستحقاق بطرق أربعة فأجاز أن تكون الكمبيالة مستحقة الوفاء‬
‫بمجرد االطالع عليها‪ ،‬أو بعد مدة من االطالع‪ ،‬أو بعد مدة من تاريخ التحديد‪ ،‬أو في تاريخ‬
‫معين‪ .‬والكمبيالة التي يعين فيها ميعاد االستحقاق بطرق أخرى أو التي تشتمل على مواعيد‬
‫متعاقبة تكون باطلة وهذا يعني أن تحديد مواعيد االستحقاق وارد على سبيل الحصر وليس على‬
‫سبيل المثال‪ .‬وذكر ميعاد االستحقاق يعتبر من البيانات اإللزامية في الكمبيالة غير أن عدم ذكره‬
‫أصال ال يجعل الكمبيالة باطلة بل تبقى صحيحة وتكون مستحقة األداء عند االطالع وفيما يلي‬
‫بيان لكل طريق من هذه الطرق األربعة لميعاد االستحقاق‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬الكمبيالة المستحقة الوفاء بمجرد االطالع‬
‫وهي التي تكون واجبة الدفع بمجرد تقديمها للمسحوب عليه إلطالعه عليها وهي ال تقدم‬
‫للقبول وإنما تقدم للوفاء‪ .‬ألنها مستحقة الدفع بمجرد تقديمها وليس هناك صيغة معينة يلزم‬

‫‪45‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫استعمالها في هذا النوع من الكمبيالة فيمكن التعبير عنها بعبارة "بمجرد االطالع" وصيغتها‬
‫"ادفعوا مقابل هذه الكمبيالة ألمر فالن مبلغ كذا "بمجرد االطالع " أو أية عبارة مماثلة كعبارة‬
‫"لدى التقديم"‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬الكمبيالة المستحقة بعد مدة من االطالع‬
‫وهي التي ال يجوز فيها للحامل طلب الوفاء إال بعد مرور مدة من الزمن على تقديمها‬
‫للمسحوب عليه‪ .‬وفائدتها تمكين المسحوب عليه خالل هذه المدة من تهيئ المبلغ الالزم للوفاء‪،‬‬
‫أو الحصول عليه من الساحب‪ .‬ولم يلزم المشرع هنا أيضا استعمال عبارة معينة فيمكن‬
‫استعمال أية عبارة تدل على هذا النوع من مواعيد االستحقاق وتكتب عادة عبارة "ادفعوا‬
‫بموجب هذه الكمبيالة ألمر فالن مبلغ كذا بعد مضي كذا من األيام أو األسابيع والشهور من‬
‫االطالع"‪.‬‬
‫ويبدأ احتساب ميعاد استحقاق الكمبيالة المستحقة بعد مدة من االطالع من تاريخ القبول أو‬
‫من تاريخ تنظيم احتجاج عدم القبول‪ .‬وإذا وقع المسحوب عليه بالقبول فإن احتساب الميعاد‬
‫يبتدئ من ذلك التاريخ وهذا يعني أن القبول يجب أن يكون مؤرخا‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬الكمبيالة المستحقة الوفاء بعد مدة من تاريخ التحرير‬


‫وهي التي تكون مستحقة الوفاء بعد مرور مدة محددة تحسب ابتداء من التاريخ المعين في‬
‫الكمبيالة إلنشائها‪ .‬وهذا الميعاد ليست له صيغة معينة وعادة ما تستعمل فيه الصيغة التالية‬
‫"ادفعوا بموجب هذه الكمبيالة مبلغ كذا بعد كذا من األيام أو األسابيع من تاريخها"‪ .‬وهذه‬
‫الكمبيالة تشبه الكمبيالة المستحقة الوفاء في تاريخ معين ألن كالهما يعين فيه مسبقا تاريخ الوفاء‬
‫وهذا ما يؤدي إلى التساؤل عن ماهية فائدة اختيار هذه الطريقة لتعيين ميعاد االستحقاق مادام‬
‫با إلمكان تعين يوم االستحقاق؟ إال أن الواقع يثبت أن لهذه الطريقة فوائدها خصوصا عندما‬
‫يختلف تقويم بلد إنشاء الكمبيالة عن تقويم بلد وفائها خاصة وأن الكمبيالة أصبحت تلعب دورا‬
‫هاما في التبادل الدولي‪ ،‬فإذا كان هناك مثل هذا االختالف فإن المدة تحسب وفقا لتقويم بلد‬
‫اإلنشاء‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫الفقرة الرابعة‪:‬الكمبيالة المستحقة الوفاء في تاريخ معين‬


‫وهي التي يحدد فيها تاريخ الوفاء منذ إنشاءها وهذه هي الطريقة المألوفة والشائعة كأن‬
‫يكتب في الكمبيالة "ادفعوا بموجب هذه الكمبيالة ألمر فالن مبلغ كذا في ‪ 10‬يوليوز ‪]2016‬‬
‫ويجب أن يذكر التاريخ بوضوح ودقة وذلك بذكر اليوم والشهر والسنة‪ .‬وإذا لم يذكر اليوم وإنما‬
‫أشير إليه فقط كأن يقال "ادفعوا بموجب هذه الكمبيالة في أول الشهر أو وسط الشهر أو آخر‬
‫الشهر" فإن المقصود بذلك أول يوم في الشهر أو اليوم الخامس عشر في الشهر أو اليوم األخير‬
‫في الشهر‪ .‬أما إذا كان تحديد التاريخ غامضا فإن الكمبيالة تكون باطلة كأن يكتب "ادفعوا‬
‫بموجب هذه الكمبيالة‪ ...‬خالل األشهر الثالثة األولى من سنة ‪ "2016‬كما أن ذكر عدة تواريخ‬
‫متعاقبة ولو كانت واضحة يؤدي إلى بطالن الكمبيالة كأن يكتب [ ادفعوا بموجب هذه الكمبيالة‬
‫في ‪ 10‬يناير ‪ 2016‬وفي ‪ 15‬فبراير ‪.]2016‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬كيفية احتساب مواعيد االستحقاق‬
‫تحتسب مواعيد االستحقاق بالكيفية اآلتية‪:‬‬
‫‪ ‬أن الكمبيالة المستحقة بعد شهر أو عدة أشهر من تاريخها أو من االطالع يقع استحقاقها‬
‫في مثل هذا التاريخ من الشهر الذي يجب فيه الوفاء فإذا لم يوجد مقابل لذلك التاريخ في‬
‫الشهر الذي يجب فيه الوفاء وتم االستحقاق في اليوم األخير من ذلك الشهر‪.‬‬
‫‪ ‬إذا سحبت الكمبيالة لشهر ونصف أو لعدة أشهر ونصف من تاريخها أو من تاريخ‬
‫االطالع عليها وجب بدء الحساب بالشهور الكاملة‪.‬‬
‫‪ ‬إذا كان االستحقاق في أول الشهر أو في منتصف الشهر كأن يكتب مثال في "نصف شهر‬
‫يناير" أو "في نصف شهر فبراير أو في آخر الشهر" كان المقصود من هذه التعابير‬
‫اليوم األول أو اليوم الخامس عشر أو اليوم األخير من الشهر‪.‬‬
‫‪ ‬إذا كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء في يوم معين وكانت اليومية المعمول بها في مكان‬
‫الوفاء تختلف عن يومية مكان اإلصدار اعتمد تاريخ االستحقاق معينا وفقا ليومية مكان‬
‫الوفاء ما لم يتفق على خالف ذلك‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الوفاء‪.‬‬
‫سنتطرق في هذا المبحث لكل من شروط الوفاء وإثباته وآلثاره وذلك في ثالثة مطالب‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫المطلب األول ‪:‬شروط الوفاء‬


‫يمكن إجمال شروط الوفاء فيما يلي‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ميعاد الوفاء‬
‫لما كان الدين يطلب وال يحمل فإنه يتعين على حامل الكمبيالة تقديمها للوفاء إما في‬
‫يوم االستحقاق بالذات وإما في أحد يومي العمل التاليين له‪ ،‬ما لم يتعلق األمر بالكمبيالة‬
‫المستحقة الوفاء بمجرد االطالع حيث تكون مستحقة الوفاء بمجرد تقديمها شريطة أن يتم ذلك‬
‫خالل سنة واحدة من تاريخ تحريرها ما لم يقصر هذه المدة أو يطيلها الساحب أو ما لم يقصرها‬
‫المظهر‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬مكان الوفاء‬
‫يجب على الحامل أن يتقدم إلى مكان الوفاء الستخالص مبلغ الكمبيالة في الميعاد المعين‬
‫لذلك‪ .‬وتعيي ن مكان الوفاء في الكمبيالة أمر الزم ألنه يعتبر من البيانات اإللزامية فيها إال أن‬
‫عدم ذكر مكان الوفاء ال يؤدي إلى بطالن الكمبيالة‪ ،‬إذا ذكر فيها وكان إلى جانب المسحوب‬
‫عليه حيث يعتبر هذا المكان الذي يكون غالبا موطن المسحوب عليه هو مكان الوفاء‪ .‬وقد يكون‬
‫هذا المكان هو الذي يختاره الساحب للوفاء عندما يورد شرطا بذلك في الكمبيالة وهو ما يسمى‬
‫بشرط " المحل المختار" فيتعين على الحامل تسلم مبلغ الكمبيالة من صاحب هذا المحل‬
‫المختار‪.‬‬
‫وقد يكون مكان الوفاء هو مكان إقامة الشخص المتدخل لوفاء الكمبيالة وهو ما يسمى‬
‫"بالموفي االحتياطي" وفي هذه الحالة يلزم الحامل بالتوجه إلى محل إقامة هذا الموفي‬
‫االحتياطي الستالم مبلغ الكمبيالة‪ .‬وقد يكون مكان الوفاء هو إحدى غرف المقاصة فإذا قدم‬
‫الحامل الكمبيالة لغرفة المقاصة بقصد الوفاء فكأنه قدمها للمسحوب عليه حيث تبرأ ذمة هذا‬
‫األخير اتجاه الحامل‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬األشخاص الذين يحق لهم قبض قيمة الكمبيالة‬
‫يجب تقديم مبلغ الكمبيالة إلى الحامل الشرعي أو نائبه‪ ،‬فالحامل الشرعي هو الذي توجد‬
‫الكمبيالة ماديا في يده والذي انتقلت إليه بسلسلة متواصلة من التظهيرات‪ ،‬أو هو حامل الكمبيالة‬
‫عندما تكون هذه األخيرة مظهرة لحاملها أو على بياض‪ .‬ونائب الحامل الشرعي قد يكون وكيال‬
‫‪48‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫أو مظهرا إليه تظهيرا توكيليا ألن هذا األخير يعتبر بدوره حامال شرعيا للكمبيالة مكلفا باستالم‬
‫مبلغها‪.‬‬
‫ويلزم الشخص الذي يطلب منه وفاء قيمة الكمبيالة أن يتأكد من أنه يؤدي المبلغ للحامل‬
‫الشرعي وذلك بالتثبت من سالمة الشكل الذي وصلت به الكمبيالة إلى الحامل‪ .‬كما يستطيع هذا‬
‫األخير أن يثبت ذلك وتعتبر التظهيرات المشطوبة كأن لم تكن‪ .‬ومتى كان التظهير على بياض‬
‫متبوعا بتظهير آخر اعتبر موقع التظهير األخير مكتسبا للكمبيالة بذلك التظهير على بياض‪.‬‬
‫الفقرة الرابعة‪:‬األشخاص الملزمون بتسديد قيمة الكمبيالة‬
‫يلزم بأداء مبلغ الكمبيالة إما المسحوب عليه‪ ،‬أو الشخص المختار للوفاء أو الموفي‬
‫االحتياطي إذا رفض المسحوب عليه الوفاء‪ .‬حيث يجب على الحامل تقديم الكمبيالة لهذا الموفي‬
‫االحتياطي بقصد األداء كما يلتزم بوفاء قيمة الكمبيالة كل من الساحب والمظهرين والضامنين‬
‫إذا لم يوف المسحوب عليه قيمة الكمبيالة في ميعاد االستحقاق‪ .‬ويكون التزام هؤالء األشخاص‬
‫بالوفاء التزاما تضامنيا‪ .‬وتبرأ ذمة الشخص الذي وفى الكمبيالة في ميعاد االستحقاق ما لم يقع‬
‫منه غش أو خطأ جسيم‪ .‬والغش هو الخطأ العمدي الذي يصدر من المسحوب عليه حينما يؤدي‬
‫المبلغ إلى شخص يعلم جيدا أنه ليس حامال شرعيا للكمبيالة‪ .‬أما الخطأ الجسيم فهو كل إهمال‬
‫خطير يرتكبه المسحوب عليه عند األداء كأن يؤدي مبلغ الكمبيالة دون أن يسترد هذه األخيرة‬
‫من حاملها فيضطر إلى األداء مرة ثانية إذا قدمت إليه‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪:‬إثبات الوفاء‬
‫إن إثبات وفاء ا لكمبيالة يتم بتسليم المدين الكمبيالة مكتوبا فيها ما يفيد الوفاء وتتم الكتابة‬
‫بتوقيع الحامل على الكمبيالة بالمخالصة‪ .‬حيث يبقى توقيع الحامل على الكمبيالة بالوفاء‬
‫ضروريا إلثبات الوفاء في مواجهة الحامل حسن النية ولو كان الوفاء جزئيا‪ .‬إذ أنه في هذه‬
‫الحالة األخي رة قد يطلب المسحوب عليه تسليمه وصال بما يفيد الوفاء الجزئي غير أن ذلك ال‬
‫يكفي لمواجهة الحامل حسن النية وال بد من ذكر الوفاء الجزئي على الكمبيالة‪.‬‬
‫غير أن التوقيع على الكمبيالة بما يفيد الوفاء وتسليم وصل بذلك في حالة الوفاء الجزئي ال‬
‫يشكالن الوسيلتين الوحيدتين إلثبات الوفاء‪ .‬بل يمكن للمسحوب عليه أن يثبت الوفاء بجميع‬
‫طرق اإلثبات المقررة في الميدان التجاري ألن المشرع لم يلزم المسحوب عليه بمطالبة الحامل‬
‫‪49‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫بتسليمه الكمبيالة بعد إثباته عليها أنها وفيت من أجل إثبات وقوع األداء بل أجاز له ذلك‪ .‬فإذا لم‬
‫يستعمل المسحوب ع ليه هذه اإلمكانية فإنه مع ذلك ال يفقد حقه في إثبات الوفاء بل يستطيع ذلك‬
‫بجميع وسائل اإلثبات‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬آثار الوفاء‬
‫إذا أدى المسحوب عليه مبلغ الكمبيالة فإن ذمته وذمة جميع الضامنين تبرأ من الدين‬
‫باستثناء ذمة الساحب التي ال تبدأ في مواجهة المسحوب عليه إال إذا كان قد قدم له مقابل الوفاء‪.‬‬
‫وإذا أدى الساحب مبلغ الكمبيالة برئت ذمته وذمة جميع الملتزمين ألن الساحب ضامن‬
‫لهؤالء جميعا وال يبقى للساحب إال الرجوع على المسحوب عليه إذا كان قد وفر له مقابل‬
‫الوفاء‪.‬‬
‫وإذا أدى أحد المظهرين مبلغ الكمبيالة فإن ذمته تبرأ من الدين وكذلك ذمة الملتزمين الذين‬
‫يضمنهم هذا المظهر أما الملتزمون الذين يضمنون ذلك المظهر فال تبرأ ذمتهم ويترتب على‬
‫ذلك أن المظهر الموفي يستطيع الرجوع على هؤالء الملتزمين الضامنين‪.‬‬
‫وإذا أدى أحد الضامنين االحتياطيين فإن ذمته وذمة الملتزمين تبرأ ما عدا ذمة المضمون‬
‫والملتزمين السابقين لهذا المضمون‪ ،‬حيث يستطيع الضامن االحتياطي الموفي الرجوع عليهم‪.‬‬

‫الموقعين‪.‬‬ ‫الفرع السادس‪ :‬الرجوع على‬


‫ضمن هذا الفرع سنتطرق لحاالت الرجوع وكيفية ممارسته ضمن مبحث أول‪ ،‬ولسقوط‬
‫حق الرجوع على الموقعين ضمن مبحث ثان‪ ،‬ولسقوط حق الرجوع على الموقعين ضمن‬
‫مبحث ثالث‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬حاالت الرجوع وكيفية ممارسته‬
‫ضمن هذا المبحث سنعرض لحاالت الرجوع ولكيفية ممارسته وذلك في مطلبين اثنين‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬حاالت الرجوع‬

‫‪50‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫يتم رجوع الحامل على الموقعين عند استحقاق الكمبيالة‪ .‬وهذه هي الحالة العادية ولكنه قد‬
‫يتم أيضا قبل االستحقاق وذلك في حاالت ثالث حددها المشرع فتكون بذلك حاالت الرجوع‬
‫أربعة‪.‬‬
‫‪ .1‬األولى عند االستحقاق وذلك إذا لم توف الكمبيالة‪ .‬والثالثة األخرى قبل االستحقاق‬
‫وذلك‬
‫‪ .2‬إذا حصل امتناع كلي أو جزئي عن القبول‪.‬‬
‫‪ .3‬في حالة خضوع المسحوب عليه للتسوية أو التصفية القضائية سواء كان قابال‬
‫للكمبيالة أو غير قابل لها‪ .‬أو في حالة توقفه عن الوفاء ولو لم يثبت هذا التوقف‬
‫بواسطة حكم أو في حالة حجز بدون جدوى على أمواله‪.‬‬
‫‪ .4‬في حالة خضوع ساحب كمبيالة غير مقبولة للتسوية أو التصفية القضائية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬كيفية ممارسة حق الرجوع‬
‫يمارس حق الرجوع إما با لمطالبة الودية أو بالمطالبة القضائية أو بإجراء حجز تحفظي أو‬
‫سحب كمبيالة جديدة‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬المطالبة الودية‬
‫عادة ما يلجأ الحامل عند عدم حصوله على مبلغ الكمبيالة من المسحوب عليه إلى سلوك‬
‫الطريق الودي في الرجوع على الملتزمين بالكمبيالة‪ ،‬فيطالبهم بصفة ودية بالوفاء‪ .‬وقد يمارس‬
‫هذا األسلوب نفسه الموقع الذي أدى مبلغ الكمبيالة وذلك عند رجوعه على من سبقه من‬
‫الموقعين وكثيرا ما يتم وفاء الكمبيالة بطريقة المطالبة الودية ألنها تجنب الملتزمين مصاريف‬
‫المطالبة القضائية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬المطالبة القضائية‬
‫يستطيع الحامل أن يمارس حقه في الرجوع على الموقعين بالوفاء عن طريق المطالبة‬
‫القضائية سواء لجأ إلى المطالبة الودية وفشل في ذلك أو لم يلجأ إليها أصال‪ .‬ألنه غير ملزم‬
‫باللجوء أوال إلى المطالبة الودية إذ يمكنه مباشرة سلوك طريق المطالبة القضائية‪ .‬وتتم المطالبة‬
‫القضائية بإقام ة الحامل دعوى أمام القضاء يطالب فيها أحد الملتزمين أو أكثر باألداء بناء على‬

‫‪51‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫المسؤولية التضامنية للموقعين ويملك حق إقامة الدعوى أيضا الملتزم الذي أدى مبلغ الكمبيالة‬
‫وذلك في مواجهة الملتزمين السابقين له‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬الحجز التحفظي‬
‫قد يرغب الحامل الذي سلك طريق المطالبة القضائية في المحافظة على أموال المدين في‬
‫الكمبيالة حتى يصدر القضاء حكمه‪ ،‬فيلجأ إلى استئذان القاضي بإيقاع حجز تحفظي على تلك‬
‫األموال بشرط أن يكون قد نظم احتجاج عدم الوفاء‪ .‬ويمارس الحق نفسه كل موقع أدى مبلغ‬
‫الكمبيالة إذا أقام الدعوى على أحد الملتزمين السابقين له‪.‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬كمبيالة الرجوع‬
‫قد ال يريد الحامل سلوك طريق المطالبة الودية أو القضائية للرجوع على الموقعين وإنما‬
‫يكتفي بسحب كمبيالة جديدة على الموقع الذي يريد الرجوع عليه ويضمنها مبلغ الكمبيالة‬
‫األصلية مضافا إليه المصاريف التي نص عليها المشرع‪ ،‬وتسمى هذه الكمبيالة الجديدة كمبيالة‬
‫الرجوع‪.‬‬
‫لقد حدد المشرع في المادة ‪ 202‬من مدونة التجارة المبالغ التي يجوز للحامل أن يطالب‬
‫بها الموقع الذي يمارس ضده حق الرجوع وهي‪:‬‬
‫مبلغ الكمبيالة التي لم تقبل أو لم توف مع الفوائد االتفاقية إن كانت مشروطة‪.‬‬ ‫أ)‬
‫ب) الفوائد بالسعر القانوني محسوبة من يوم االستحقاق‪.‬‬
‫ت) مصاريف االحتجاج واإلخطارات وغيرها من المصاريف‪.‬‬
‫وإذا وقعت المطالبة قبل تاريخ االستحقاق فيجب إجراء خصم من مبلغ الكمبيالة ويحسب‬
‫هذا الخصم بحسب سعر الخصم الرسمي في تاريخ وقوع الرجوع بالمكان الذي يقع فيه موطن‬
‫الحامل‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الشروط الشكلية للرجوع‬
‫سنعرض في هذا المبحث لكل من االحتجاج وكيفية تنظيمه وأيضا لإلعالم وذلك في‬
‫مطلبين اثنين‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬االحتجاج ‪Protesto‬‬
‫سنعرض في هذا المطلب لكل من االحتجاج وكيفية تنظيمه في فقرتين اثنتين‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫الفقرة األولى‪:‬مبدأ تقديم االحتجاج واالستثناءات التي ترد عليه‬


‫إذا كان ي حق للحامل أن يرجع على الملتزمين بالكمبيالة‪ ،‬إما بسبب عدم قبولها أو عدم‬
‫وفائها وسواء عند االستحقاق أو قبله‪ ،‬فإن حقه هذا مقيد بشرط تقديم احتجاج عدم القبول أو‬
‫احتجاج عدم الوفاء حسب األحوال‪ ،‬وهذا ما يطلق عليه" ‪ ."Protesto‬وال يمكن ممارسة حق‬
‫الرجوع لوفاء مبلغ الكمبيالة إال عند تحرير االحتجاج وال يغني عنه أي إجراء آخر إال في حالة‬
‫ضياع الكمبيالة حيث يجوز استصدار أمر من القاضي بالوفاء بعد تقديم كفالة‪.‬‬
‫ويختلف التزام الحامل بتقديم االحتجاج بين ما إذا كان األمر يتعلق بعدم القبول أو عدم‬
‫الوفاء‪ .‬فإذا قدم الحامل الكمبيالة للقبول وامتنع المسحوب عليه عن قبولها فإن الحامل يبقى‬
‫مخيرا في تقديم احتجاج عدم القبول من أجل الرجوع على الموقعين قبل االستحقاق أو االنتظار‬
‫إلى حين حلول ميعاد االستحقاق والتقدم بالكمبيالة لألداء‪ .‬أما إذا قدمها للوفاء وامتنع المسحوب‬
‫عليه عن األداء فإن الحامل ملزم بتقديم احتجاج عدم األداء في الميعاد المحدد له وإال كان مهمال‬
‫وخسر حقه في الرجوع على الملتزمين في الكمبيالة‪ ،‬ما لم يكن الحامل قد سبق له أن قدم‬
‫احتجاج عدم القبول‪ ،‬أو تكون الكمبيالة متضمنة شرط الرجوع بال مصاريف‪ ،‬أو يكون‬
‫المسحوب عليه أو الساحب في حالة توقف عن األداء‪ ،‬أو أن يكون سبب عدم تقديم االحتجاج‬
‫ناتجا عن قوى قاهرة ففي هذه الحاالت االستثنائية إذن يعفي الحامل من تقديم االحتجاج‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬كيفية تنظيم االحتجاج‬
‫يتم تحرير احتجاج عدم القبول أو عدم الوفاء من طرف كاتب الضبط بالمحكمة االبتدائية‬
‫التي يوجد بدائرتها موطن المسحوب عليه‪ .‬وإذا عين الموطن تعيينا كاذبا فإن ذلك ال يؤدي إلى‬
‫بطالن الكمبيالة ويبقى على كاتب الضبط أن يتحرى ما إذا كان هناك موطن آخر للمسحوب‬
‫عليه في دائرة نفوذ محكمته ثم يضمن نتيجة تحريه في محرر مستقل قبل إقامة االحتجاج‪.‬‬
‫ويجب أن يتضمن محرر االحتجاج نسخة حرفية من الكمبيالة والقبول والتظهيرات‬
‫والبيانات المذكورة فيها إلى جانب إخطار الملزم بالوفاء بضرورة أداء قيمة الكمبيالة‪ .‬كما يذكر‬
‫في االحتجاج ما إذا كان الملزم بالوفاء حاضرا أم غائبا‪ ،‬وأسباب رفض الوفاء‪ ،‬وكذلك العجز‬
‫عن التوقيع أو رفضه‪ .‬ويتعين على كاتب الضبط أن يسلم للملزم بالوفاء نسخة مطابقة لألصل‬

‫‪53‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫من االحتجاج وأن ينسخ االحتجاجات كاملة يوما بيوم وبترتيب تاريخي على سجل خاص مرقم‬
‫وموقع عليه ومشهود بصحته كبقية سجالت كتابة الضبط‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اإلعالم‬
‫اشترط المشرع لصحة الرجوع على الموقعين ضرورة توجيه إعالم لهؤالء إلى جانب‬
‫تقديم االحتجاج‪ ،‬وذلك مراعاة لمصلحة الموقعين على الكمبيالة الذين يكون من المفيد لهم‬
‫التعرف على حقيقة األمر عند رفض القبول أو األداء‪ ،‬وذلك لمواجهة ذلك الرفض بما يحافظ‬
‫على مصلحتهم وعلى سمعتهم التجارية على أساس أن الرجوع قد يمارس ضدهم منفردين أو‬
‫مجتمعين‪.‬‬
‫والشخص الذي يوجه اإلعالم هو الحامل‪ ،‬وكل موقع على الكمبيالة تلقى اإلعالم‪ .‬ويتم‬
‫توجيهه إلى كل شخص يمكن الرجوع عليه بمقتضى الكمبيالة‪ .‬وإذا كان موجه اإلعالم هو‬
‫الحامل إلى من ما ظهر له الكمبيالة فيجب أن يتم هذا اإلعالم داخل ستة أيام العمل التي تلي يوم‬
‫إقامة االحتجاج‪ .‬أما اإلعالمات التي يوجهها المظهرون بعضهم إلى بعض فيجب توجيهها داخل‬
‫ثالثة أيام العمل التالية ليوم تلقي المظهر اإلعالم‪ .‬ويجب على كل موقع تسلم اإلعالم أن يوجهه‬
‫إلى ضامنه االحتياطي داخل ثالثة أيام العمل التالية ليوم تلقيه اإلعالم‪.‬‬
‫ولم يحدد المشرع طريقة معينة لتوجيه هذا اإلعالم إال في حالة وحيدة وهي الحالة التي‬
‫يوجه فيها كاتب الضبط اإلعالم إلى الساحب حيث يتعين توجيه هذا اإلعالن عن طريق البريد‬
‫برسالة مضمونة وذلك داخل ‪ 48‬ساعة التي تلي يوم إقامة االحتجاج‪.‬‬
‫وال يترتب على من لم يوجه اإلعالم داخل اآلجال المشار إليها سابقا سقوط حقه ولكنه‬
‫يكون مسؤوال إن اقتضى الحال عن الضرر الذي تسبب فيه بإهماله‪ .‬إال أن تعويض هذا الضرر‬
‫ال ينبغي أن يتجاوز مبلغ الكمبيالة ويبقى على من يدعي حصول الضرر أن يثبته ويثبت وجود‬
‫عالقة سببية بين ذلك الضرر والخطأ المتمثل في عدم اإلعالم‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬سقوط حق الرجوع على الموقعين‪.‬‬


‫يسقط حق الحامل في الرجوع على الموقعين ألحد سببين إما بسبب اإلهمال أو بسبب‬
‫التقادم‪ .‬وهذا ماسنعمل على بيانه ضمن المطلبين التاليين‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫المطلب األول‪ :‬سقوط حق الرجوع بسبب اإلهمال‬


‫يسقط حق الحامل في الرجوع على الملتزمين بالكمبيالة بسبب إهماله اتخاذ اإلجراءات‬
‫القانونية لذلك‪ ،‬وهناك أربعة أسباب يسقط بها حق الحامل المهمل في الرجوع على الموقعين‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬عند عدم تقديم الكمبيالة المستحقة عند االطالع أو بعد مدة من االطالع داخل األجل‬
‫الم حدد قانونا وهو سنة من تاريخ إنشاءها ما لم يطل هذه المدة الساحب أو يقصرها وما‬
‫لم يقصرها المظهر‪.‬‬
‫‪ .2‬عند عدم إقامة االحتجاج بسبب عدم القبول أو عدم الوفاء خالل المواعيد المحددة قانونا‬
‫والتي رأيناها سابقا‪.‬‬
‫‪ .3‬عند عدم تقديم الكمبيالة للوفاء متى كانت متضمنة شرط الرجوع بال مصاريف ألن هذا‬
‫الشرط ال يعفي الحامل من تقديم الكمبيالة للوفاء عند استحقاقها‪.‬‬
‫‪ .4‬عند عدم تقديم الكمبيالة للقبول ضمن األجل الذي حدده الساحب‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬سقوط حق الرجوع بسبب التقادم‬
‫حدد الفصل ‪ 228‬من مدونة التجارة ثالث مدد لتقادم الكمبيالة على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ " .1‬تتقادم جميع الدعاوى الناتجة عن الكمبيالة ضد المسحوب عليه القابل بانصرام ثالث‬
‫سنوات ابتداء من تاريخ االستحقاق‪.‬‬
‫‪ .2‬تتقادم دعاوى الحامل على المظهرين والساحب بانصرام مدة سنة واحدة ابتداء من تاريخ‬
‫االحتجاج المحرر ضمن المهلة القانونية أو من تاريخ االستحقاق في حالة اشتراط‬
‫الرجوع بدون مصاريف‪.‬‬
‫‪ .3‬تتقادم دعاوى المظهرين بعضهم ضد بعض وضد الساحب بانصرام ستة أشهر ابتداء من‬
‫اليوم الذي أدى فيه المظهر مبلغ الكمبيالة أو من اليوم الذي وجهت فيه الدعوى ضده‪"...‬‬
‫يتضح من نص المادة أعاله أن القانون وضع تقادما ًّ قصيراًّ خاصا ًّ يستفيد منه سائر‬
‫الملتزمين المصرفيين‪ .‬وهذا التقادم القصير يستند إلى قرينة الوفاء‪ .‬ويقصد بالتقادم مرور الزمن‬
‫الذي يمنع من المطالبة أو الرجوع‪ ،‬إال أن المنع من المطالبة بالكمبيالة التي مضى عليها التقادم‬

‫‪55‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫ال يمنع صاحب الحق من المطالبة بالدين األصلي الذي من أجله أنشئت الكمبيالة‪،‬بل يظل الدين‬
‫األصلي قائما ًّ يمكن المطالبة به خالل فترة التقادم العادي الطويل‪.‬‬
‫حيث إن الدعاوى التي ترفع ضد المسحوب عليه القابل تسقط بمضي ‪ 3‬سنوات وهي‬
‫أطول مدد التقادم الصرفي‪ .‬ويبدأ سريان التقادم من تاريخ االستحقاق إال في حالتين ‪:‬‬
‫‪ ‬إذا كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء بمجرد االطالع يبدأ احتساب المدة من تاريخ‬
‫التقديم‬
‫‪ ‬إذا كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء بعد مدة من االطالع فيسري التقادم من تاريخ‬
‫االحتجاج‬
‫أما بالنسبة لدعاوى الحامل تجاه المظهرين أو الساحب فإنها تتقادم بمضي سنة واحدة‬
‫ابتداء من تاريخ االحتجاج المحرر في اآلجال القانونية ‪ ،‬أو من تاريخ االستحقاق إن اشتملت‬
‫الكمبيالة على شرط اإلعفاء من االحتجاج‪.‬‬
‫أما بالنسبة لدعاوى الرجوع بين المتضامنين الصرفيين أي دعاوى المظهرين ضد‬
‫الساحب وضد بعضهم البعض‪ ،‬فإنها تتقادم بمضي ستة شهور فقط تبدأ من اليوم الذي وفي فيه‬
‫المظهر الكمبيالة‪ ،‬أو من يوم إقامة الدعوى عليه للوفاء بقيمتها إذا لم يقم بوفائها مختارا‪.‬‬
‫يترتب على التقادم الصرفي انقضاء الدين الصرفي‪ ،‬ومع ذلك فانقضاء هذا األخير‬
‫بالتقادم ال يؤدى إلى انقضاء الدين األصلي الذي من أجله أنشئت الكمبيالة أو ظهرت بل يظل‬
‫الدين األصلي قائما يمكن المطالبة به ما لم يكن قد انقضى لسبب خاص به‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫الفصل الثاني‪ :‬السند ألمر‬

‫عالج المشرع المغربي أحكام السند ألمر إلى جانب أحكام الكمبيالة في القسم الثاني من‬
‫الكتاب الثالث من مدونة التجارة وخص له المواد من ‪ 232‬إلى ‪ 238‬وسندرس تباعا تعريف‬
‫السند ألمر وبيان شروطه ثم مدى تطبيق قواعد الكمبيالة على السند ألمر‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬تعريف السند ألمر وصيغته ووظائفه‬
‫السند ألمر أو السند اإلذني هو ورقة تحرر وفق بيانات نص عليها القانون وتتضمن‬
‫تعهدا صادرا من منشئه ويقال له "المتعهد" أو "المحرر" بأن يدفع مبلغا من النقود ألمر شخص‬
‫ثاني يدعى "المستفيد" أو "المتعهد له" وفي تاريخ ومكان معينين أو قابلين للتعيين وصيغته كما‬
‫يلي‪:‬‬

‫مكان وتاريخ اإلنشاء‬ ‫المبلغ باألرقام‬


‫أتعهد بمقابل هذا السند ألمر بأن أدفع ألمر " اسم المستفيد " مبلغ " يكتب بالحروف في‬
‫مكان وتاريخ الوفاء"‬
‫توقيع المتعهد‬ ‫الطوابع المالية‬

‫ويؤدي السند ألمر نفس الوظائف التي تؤديها الكمبيالة فهو أداة صرف ووفاء غير أنه‬
‫يختلف عن الكمبيالة في أن هذه األخيرة ازدادت أهميتها في التجارة الخارجية في حين أن السند‬
‫ألمر ال تبرز أهميته إال في التجارة الداخلية فنطاقه في التعامل التجاري أضيق من نطاق‬
‫الكمبيالة ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروط إنشاء السند ألمر‬
‫إلنشاء السند ألمر ال بد من توافر شروط موضوعية وأخرى شكلية‪ ،‬فالنسبة للشروط‬
‫الموضوعية ليس هناك أي فرق بينها وبين الشروط الموضوعية المتطلبة إلنشاء الكمبيالة والتي‬
‫درسناها سابقا‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫أما الشروط الشكلية للسند ألمر فهي تتمثل في ضرورة توافر الكتابة شأنه شأن الكمبيالة‬
‫وفي توافر البيانات اإللزامية التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬اشتراط الوفاء ألمر أو تسميته السند بأنه ألمر مدرجا في النص نفسه ومعبرا عنه بنفس‬
‫اللغة المستعملة لتحرير السند‪.‬‬
‫‪ .2‬الوعد الناجز ألداء مبلغ معين‪.‬‬
‫‪ .3‬تعيين ميعاد االستحقاق‪.‬‬
‫‪ .4‬تعيين المكان الذي يجب أن يقع فيه الوفاء‪.‬‬
‫‪ .5‬اسم الشخص الذي يجب أن يقع الوفاء له أو ألمره‪.‬‬
‫‪ .6‬تعيين تاريخ تحرير السند ومكانه‪.‬‬
‫‪ .7‬توقيع من صدر عنه السند " المتعهد"‪.‬‬
‫و كما هو الشأن بالنسبة للكمبيالة فإن عدم ذكر البيانات اإللزامية في السند ألمر يترتب عنه‬
‫بطالن هذا السند إال في الحاالت االستثنائية الثالثة اآلتية‪.‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬يعتبر السند ألمر الخالي من تعيين ميعاد االستحقاق مستحقا عند االطالع‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬يعتبر مكان إنشاء السند مكانا للوفاء وفي الوقت نفسه مكانا لموطن المتعهد ما لم‬
‫يرد نص على خالف ذلك‪.‬‬
‫الحالة الثالثة ‪ :‬إذا لم يعين في السند ألمر مكان إنشاءه اعتبر منشئا في المكان المعين بجانب اسم‬
‫المتعهد‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬مدى تطبيق قواعد الكمبيالة على السند ألمر‪.‬‬
‫يتضح من التعريف السابق للسند ألمر والبيانات التي ألزم المشرع ذكرها في هذا السند أن‬
‫هناك بعض الفوارق بين الكمبيالة والسند ألمر‪ ،‬وهي أن الكمبيالة تعتبر عمال تجاريا شكليا‬
‫بمقتضى المادة ‪ 9‬من مدونة التجارة وكذلك األمر بالنسبة السند ألمر حيث اعتبره المشرع عمال‬
‫تجاريا ولو صدر من شخص غير تاجر ولكن لغرض أو بمناسبة عمل تجاري‪.‬‬
‫كما أن الكمبيالة تتضمن أمرا صادرا من الساحب إلى المسحوب عليه بأن يؤدي مبلغا من‬
‫النقود للمستفيد في حين أن السند ألمر ال يتضمن أمرا بل تعهدا باألداء صادرا من المتعهد‬

‫‪58‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫لمصلحة المستفيد وأخيرا تتضمن الكمبيالة ثالثة أشخاص هم الساحب والمسحوب عليه و‬
‫المستفيد‪ ،‬في حين أن السند ألمر يتضمن شخصين فقط هما المتعهد والمستفيد أو المتعهد له‪.‬‬
‫ورغم وجود هذه الفوارق بين الكمبيالة والسند ألمر فإنهما يتشابهان في أغلب القواعد واألحكام‬
‫لذلك فإن المشرع طبق على السند ألمر نفس القواعد المطبقة على الكمبيالة وقد أشار إلى ذلك‬
‫صراحة في المادة ‪ 234‬من مدونة التجارة‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬الشيك‬

‫ظهر الشيك في التعامل كأداة للوفاء عند أواخر القرن ‪ 19‬إلى أن قواعده لم تكن موحدة‬
‫بين جميع الدول مما أحدث صعوبات في تداوله خاصة في التعامل الدولي وكان هذا المشكل‬
‫سببا في انعقاد مؤتمر جنيف كما حدث بالنسبة للكمبيالة والسند ألمر ونتج عن هذا المؤتمر إبرام‬
‫اتفاقيات تتعلق بالشيك في ‪ 19‬مارس ‪ 1931‬وقد أخذ المشرع المغربي بأحكام قانون جنيف‬
‫الموحد المتعلق بالشيك فأصدر ظهيرا مؤرخا في ‪ 19‬يناير ‪ 1939‬ينضم بمقتضاه قواعد الشيك‬
‫ويتألف هذا الظهير من ‪ 77‬مادة خضع بعضها لتعديالت بمقتضى ظهائر الحقة إلى أن تم‬
‫تضمين أحكامه ضمن مدونة التجارة الحالية مع مع ما عرفه من تعديالت ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الشيك وبيان صيغته‬

‫الشيك أو الحوالة البنكية هو ورقة مكتوبة وفقا لبيانات حددها القانون‪ ،‬تتضمن أمرا‬
‫صادرا من شخص يسمى الساحب إلى شخص أخر يسمى المسحوب عليه " ويكون إما بنكا أو‬
‫غيره من المؤسسات التي أعطاها القانون هذه الصفة أي صفة "البنك" بأن يدفع مبلغا من النقود‬
‫إلى شخص ثالث يسمى المستفيد أو لفائدة الحامل ويأتي الشيك عادة في الصيغة التالية‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫اسم البنك المسحوب عليه‬ ‫المبلغ باألرقام‬


‫ادفعوا مقاب ل هذا الشيك مبلغ " بالحروف" ألمر " اسم المستفيد أو الحامل" في "مكان إنشاء الشيك‬
‫وتاريخه"‪.‬‬
‫مكان الوفاء‬
‫عنوان البنك أو فرعه‬
‫توقيع الساحب‬

‫الفرع الثاني‪:‬مقارنة بين الشيك والكمبيالة‬


‫إن إجراء مقارنة بين الشيك والكمبيالة تتطلب التعرض ألوجه الشبه وأوجه االختالف‬
‫بينهما‪.‬‬
‫فالنسبة ألوجه الشبه يالحظ أن كال من الشيك والكمبيالة يتضمن ثالثة أشخاص ساحب‬
‫ومسحوب عليه ومستفيد‪ ،‬وبذلك يختلفان عن السند ألمر الذي يتضمن شخصين فقط هما المتعهد‬
‫والمتعهد له‪ ،‬كما أن الشيك يشبه الكمبيالة من حيث إن الساحب في كل منهما يصدر أمرا إلى‬
‫المسحوب عليه لمصلحة المستفيد بخالف السند ألمر الذي يتضمن تعهدا من المحرر لمصلحة‬
‫المستفيد‪ ،‬ومن خالل أوجه الشبه هذه يمكن القول أن الشيك هو عبارة عن كمبيالة مسحوبة على‬
‫بنك ومستحقة األداء عند اإلطالع ومع ذلك فإن للشيك خصائص تجعله يختلف عن الكمبيالة‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬الشيك عمل مدني في حين أن الكمبيالة تعتبر عمال تجاريا شكليا‪.‬‬
‫‪ .2‬الشيك الزم الوفاء عند االطالع في حين أن الكمبيالة لها مواعد استحقاق كما سبق‬
‫بيان ذلك‪.‬‬
‫‪ .3‬الشيك أداة وفاء فقط وليس أداة ائتمان في حين أن الكمبيالة أداة وفاء وائتمان معا‪.‬‬
‫‪ .4‬المسحوب عليه في الشيك هو البنك أو الشخص المعين قانونا في حين أن‬
‫المسحوب عليه في الكمبيالة قد يكون بنكا أو شخصا عاديا‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫‪ .5‬يجب توفير مقابل الوفاء عند سحب الشيك فإذا سحب الشيك رغم عدم وجود مقابل‬
‫الوفاء لدى المسحوب عليه فإن الساحب يكون قد ارتكب جريمة اصدار الشيك‬
‫بدون رصيد يستوجب عقابه‪ .‬في حين يمكن سحب كمبيالة رغم عدم وجود مقابل‬
‫الوفاء لدى المسحوب عليه وذلك بأنها أداة ائتمان تعطي للساحب مزية تأجيل‬
‫توفير مقابل الوفاء إلى تاريخ االستحقاق‪.‬‬
‫‪ .6‬ال وجود للقبول في الشيك ويعني ذلك ضرورة وفاء الشيك بمجرد تقديمه للوفاء في‬
‫حين أن القبول في الكمبيالة جائز ألن المسحوب عليه فيها ال يلتزم إال بقبولها‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪:‬إنشاء الشيك‬


‫إلنشاء الشيك البد من توفر شروط موضوعية وأخرى شكلية شأنه في ذلك شأن الكمبيالة‬
‫والسند ألمر‪.‬‬
‫فالشروط الموضوعية هي نفسها الشروط الموضوعية للكمبيالة والسند ألمر‪ ،‬أما الشروط‬
‫الشكلية فهي الكتابة حيث يجب أن تكتب بيانات الشيك في محرر باإلضافة إلى البيانات‬
‫اإللزامية التي حددها المشرع في المادة ‪ 239‬من مدونة التجارة على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬لفظ حوالة ب نكية " الشيك" ويكون مدرجا في السند ذاته ومكتوبا بنفس اللغة‬
‫المستعملة لتحريره‪.‬‬
‫‪ .2‬األمر الناجز بدفع مبلغ معين‪.‬‬
‫‪ .3‬اسم المسحوب عليه‪.‬‬
‫‪ .4‬تعيين مكان الوفاء‪.‬‬
‫‪ .5‬بيان تاريخ ومكان إنشاء الشيك‪.‬‬
‫‪ .6‬توقيع الساحب‪.‬‬
‫واألصل أن إهمال بيان من البيانات اإللزامية للشيك يؤدي إلى بطالنه غير أن المشرع‬
‫أوجد لذلك استثنائين وهما‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا لم يذكر في الشيك مكان الوفاء اعتبر المكان المذكور إلى جانب اسم‬
‫المسحوب عليه هو مكان الوفاء فيجب دفع الشيك في المكان المعين‪ ،‬أوال وإذا لم‬
‫‪61‬‬
‫دة‪ .‬بهيجة فردوس‬ ‫األوراق التـجـارية‬

‫يذكر في الشيك أي مكان فيجب دفعه في المكان الذي يوجد فيه المحل األصلي‬
‫للمسحوب عليه‪.‬‬
‫‪ .2‬يعتبر الشيك الخالي من بيان مكان اإلنشاء محررا في المكان المبين إلى جانب‬
‫اسم الساحب‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪:‬قواعد الوفاء في الشيك‬

‫تتمثل قواعد أداء الشيك طبقا للمادة ‪ 267‬من مدونة التجارة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬يعتبر الشيك مستحق الوفاء بمجرد االطالع عليه وكل عبارة مخالفة لذلك تعتبر‬
‫كأنها غير موجودة‪.‬‬
‫‪ .2‬يجب تقديم الشيك للوفاء في أجل عشرين يوما إذا كان صادرا في المغرب‬
‫وواجب األداء فيه‪ ،‬أما إذا كان صادرا خارج المغرب وكان واجب الدفع فيه فينبغي تقديمه‬
‫الوفاء داخل أجل ستين يوما‪.‬‬
‫‪ .3‬ال يجوز للحامل أن يرفض وفاء جزء من الشيك إذا ما عرض عليه وإذا كان‬
‫مقابل الوفاء يقل عن مبلغ الشيك فإنه يحق للحامل أن يطلب الوفاء في حدود مقابل الوفاء‬
‫الموجود وفي هذه الحالة يحق للمسحوب عليه المطالبة بتقييد ذلك الوفاء الجزئي على الشيك‪.‬‬
‫‪ .4‬يكون مرتكبا لجريمة إصدار الشيك بدون رصيد الساحب الذي يسحب شيك دون‬
‫أن يكون له رصيد كامل في البنك أو كان له رصيد ناقص ال يكفي لسداد مبلغ الشيك وعقوبة‬
‫هذه الجريمة منصوص عليها في القانون الجنائي ومدونة التجارة‪.‬‬

‫‪62‬‬

You might also like