Professional Documents
Culture Documents
مركز قاضي التحقيق في الدعوى العمومية.-فضاء المعرفة القانونية-تطوان PDF
مركز قاضي التحقيق في الدعوى العمومية.-فضاء المعرفة القانونية-تطوان PDF
مركز قاضي التحقيق في الدعوى العمومية.-فضاء المعرفة القانونية-تطوان PDF
1
املقدمة:
2
المقدمة
يعد الحق في المحاكمة الجنائية العادلة ،من الركائز األساسية لدولة الحق والقانون ،التي
تقوم على حماية اإلنسان من التعسف والشطط والتمييز واالعتداء ،لذلك حضي هذا الحق
بمكانة هامة كرستها مختلف الصكوك الدولية في مجال حقوق اإلنسان ،بدء من اإلعالن
العالمي لحقوق اإلنسان ،مرورا بالعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،وصوال إلى اتفاقية
مناهضة التعذيب.
فالقضاء هو النظام الذي يصل به العدل إلى كل من تجرأ على حق غيره ،والقضاة هم
ضمير األمة ورمز إرادتها ومدى وجدانها ،ومعقد رجائها في إعالء كلمة الحق والعدل ،التي
أودعها اهلل أمانة مقدسة بين أيديهم ،لينطقوا في أمرها بعد جهد وكد ونصب وعناء ،بكلمة
فاصلة ،مانعة ،قاطعة ،واصلة ومانحة ،ألنها كلمة الحق عز وجل على ليان من استخلف من
عباده.
وفي ظل الدينامية السياسية والتشريعية والمؤسساتية التي عرفها المغرب منذ بداية
التسعينيات من القرن العشرين ،فقد جاء قانون المسطرة الجنائية والتعديالت التي لحقته ،من
أجل توفير ظروف مثلى للمحاكمة العادلة وتدعيم مبادئ حقوق اإلنسان ،وحماية حقوق األفراد
متهمين كانوا أم ضحايا أم شهودا ،وكذا إعطاء نظام العدالة الجنائية والوسائل الضرورية
لمكافحة الجريمة وفقا لمبادئ حقوق اإلنسان.
وقد خص المشرع المغربي كل جهاز من أجهزة القضاء بدور محدد في مسار الدعوى
العمومية ،انطالقا من بدايتها ،بحيث تكون الشرطة القضائية أو جهة تضع يدها على النازلة،
3
ليأتي بعدها دور النيابة العامة الي يعتبر محوريا واستثنائيا في جل مراحل الدعوى العمومية،
بحيث تملك الحق في تحريك الدعوى العمومية من عدمها وإحالتها على هيئة الحكم ،إن هي
ارتأت بأن االدلة كافية في القضية المعروضة عليها او إحالتها على قاضي التحقيق ،إذا كانت
مقتضيات القانون تلزم النيابة العامة بإحالتها عليه ،أو إذا تبين لها أن النازلة ال زالت تحتاج
إلى تجميع وتمحيص األدلة وتوضيح الغموض واللبس الذي يكتنفها.
فخصوصية قضاء التحقيق يتجلى في استقالله ،الذي يستمده من استقاللية القاضي نفسه،
أي الموقف الموضوعي لقاضي التحقيق ،فبوجود سلطة االتهام التي تكرسها النيابة العامة
وسلطة المحاكمة التي يكرسها قضاء الحكم ،فإن قضاء التحقيق يجد نفسه في الوسط ،فهو ال
يخضع إليهما من الناحية الرئاسية ،بل يعمل على الفصل في القضية من الناحية الواقعية إن
صح التعبير ،ذلك أن قراره في الملف وفقا للوقائع المحيطة به ،يجب أن يكون معلال تعليال
كافيا وبعيدا عن أي خرق للقانون ،فهو يستند بذلك إلى ضميره ،ومهمته باألساس تبقى هي
القيام برسالة القاضي الذي يقضي بين الناس ،وغايته التي يسعى دوما إليها ،هي التقصي
والبحث عن الحقيقة بضمير حي متجرد ،وتمحيص دقيق وواف لجميع جوانب النازلة
ووقائعها ،مهما كان مصدرها.
وإذا كان قاضي التحقيق هو الجهة التي أوكل إليها القانون أساسا القيام بالتحقيق اإلعدادي
من خالل جمع األدلة والبحث عن مرتكبيها واتخاذ القرارات التي على ضوئها يتم متابعة
المتهم من عدمه ،فإن المهام التي اسندت إليه جعلته صاحبة أدوار مختلفة ومتدخل ،فهو ضابط
سام للشرطة القضائية من حيث جمع األدلة والبحث عن مرتكبيها ،وجهة إتهام من حيت
مهامه المشابهة لمهام النيابة العامة ،وهو جهة قضائية من حيت إصداره للقرارات وإجبارية
تعليلها وقابليتها للنقض ،وكذا من حيث قوة اإلثبات التي منحها المشرع العتراف المتهم
أمامه ،وللتصريحات التي يقضي بها الشهود إليه.
4
-أهمية الموضوع:
يكتسي موضوع مؤسسة قاضي التحقيق أهمية بالغة واهتماما واسع من لدن مختلف
المهتمين بالشأن القضائي ،فعلى الرغم من االختالف أراء الممارسين لها والباحثين في شأنها،
إال أن الرأي الغالب في الفقه والقضاء هو االتفاق على اعتبارها دعامة أساسية لحقوق اإلنسان
وركيزة مهمة في تحقيق المحاكمة الجنائية العادلة ،وذلك من خالل المهام المنوطة بها على
المستويين القانونية والعملي ،والتي تقتضي ممارستها مراعاة مصلحتي الفرد والمجتمع معا،
وموازنة بينهما.
فأهمية هذا الموضوع تتجلى تأثير مسطرة التحقيق اإلعدادي على مرحلة المحاكمة،
حيث كلما أنه كلما كانت إجراءات التحقيق تتميز بالنزاهة والشفافية ،وتنجز وفق ما نص
عليه القانون ،كان ذلك في مصلحة تحقيق المحاكمة الجنائية العادلة ،لتبقى مؤسسة قاضي
التحقيق مفتاح المسطر ة الجنائية على ضوء الممارسة الميدانية في هذا المجال ،وهذا االمر
ال يقتصر على قاضي التحقيق فقط بل يمثل رسالة القضاء بصفة عامة ،فكما جاء في الخطاب
السامي لصاحب الجاللة الحسن الثاني رحمه اهلل ،على هامش إفتاح المجلس األعلى للسلطة
القضائية سنة " : 1964إن بين أيدي القاضي أكبر سلطة وأخطرها في المجتمع ،فهو يتحكم
في االنساب واألموال وفي حريات البشر وأرواحهم ،كما انه مؤتمن على حقوق الدولة
وعلى مؤسساتها المقدسة".
لذلك فإن هذه المهمة الخطيرة ،إذا كانت تقتضي من قاضي التحقيق أن يكون متضلعا
في الفقه والقضاء ،وماهرا في صناع القضاء ،فإنها تحتم عليه أكثر من ذلك ،أن يكون نقي
الضمير ،طاهر النفس ،ال تغيره األطماع واألهواء والشهوات ،وال تستجيب إال ما يمليه عليه
القانون وضميره المهني.
كما تتجلى أهمية الموضوع في محاولة إبراز الدور الفعال الذي تقوم به الغرفة الجنحية
في مجال مراقبة أ عمال قاضي التحقيق ،سواء من حيت طبيعة هذه الجهة التي تتولى قانونيا
5
وعمليا ممارس هذه الرقابة أو فيما يتعلق باألثر القانونية المترتبة عن هذه الرقابة سواء
بالنسبة لقاضي التحقيق أو أطراف الدعوى العمومية.
ومن هنا يأتي موضوعنا هذا ليساهم بالتحليل والنقد واالقتراح ،في مجرى النقاش حول
إصالح المنظمة الجنائية بالمغرب ،ال سيما من الناحية العملية ،وبالضبط في مجال التحقيق
اإلعدادي ،باعتباره يبث الروح في القواعد الموضوعية ،ويحولها من قانون جامد إلى قانون
متحرك ،وفي اتصاله الوثيق بحقوق اإلنسان وحرياتهم ،وكذا بالمصالح العامة الجوهرية في
المجتمع.
-إشكالية الموضوع
إذا كانت معظم التشريعات الحديثة قد أجمعت على إلزامية إجراء التحقيق اإلعدادي،
إال أنها اختلفت حول في مسألة الجهة التي أسندت لها سلطة التحقيق إذ انقسمت إلى فرقين،
فريق يسند التحقيق اإلعدادي إلى النيابة العامة التي تجمع وقتئذ بين سلطتي االتهام والتحقيق،
وفريق يسند التحقيق التمهيدي إلى القاضي التحقيق مستقل عن سلطة االتهام ،وهو النظام
السائد في دول الفرنكفوني ومنها المغرب ،وفد ثار نقاش حول مدى أهمية دور قاضي التحقيق
على ضوء الرؤية الجديدة التي أفرزتها تغييرات بعض الدول بإلغاء مؤسسة قاضي التحقيق
من منظمتها ،مما انقسم معه الفقه والقضاء إلى فريقين فريق يدعوا إلى إلغائها بشكل نهائي
وفريق أخر يرى أنه ال يمكن استغناء عنها.
كما أنه وعلى الرغم من الصالحيات الواسعة التي جاء بها قانون المسطرة الجنائية
لفائدة مؤسسة قاضي التحقيق ،إال أن الممارسة العميلة اليومية كشفت عن وجود عدة ثغرات
ومشاكل مرتبطة بالنصوص القانونية والواقع االجتماعي ،فقانون المسطرة الجنائية الحالي لم
يعد قادرا على مسايرة التحوالت العميقة والمتسارعة التي تشهدها الجريمة ،فبات التفكير في
مراجعتها أمرا ضروريا العتبارات عدة ،أهمها تزايد االنتقادات الموجهة إلى نظام العدالة
الجنائية بصفة عامة وقضاء التحقيق بصفة خاصة ،وذلك نتيجة بطء اإلجراءات ،وتزايد
6
معدالت الجريمة وظهور أنواع جديدة استفادت من التطورات المرتبطة بالتقدم العلمي
والتكنولوجي أو من الظروف االجتماعية واالقتصادية والتي لم يعد القانون الحالي قادرا على
مجاراتها.
كما أنه إذا كان المشرع المغربي أعطى للغرفة الجنحية لدى محكمة االستئناف مجموعة
من االختصاصات المتعلقة بالتحقيق اإلعدادي من أجل ضمان سالمة إجراءات التحقيق ،فإن
اإلشكال الذي يطرح هنا وبإلحاح يتعلق بالدور الذي تقوم به الغرفة الجنحية ي هذا المجال
والعالقة التي تربط بينها وبين قضاة التحقيق ،وما يثار أيضا من إشكال حول إشراف رئيس
الغرفة الجنحية على مكاتب التحقيق يتجلى في طبيعة هذا اإلشراف ،هل هو إشراف قضائي
أم إداري ،خاصة وأن المشرع قد منحه سلطات مهمة تخوله له ممارسة الرقابة واإلشراف
على سير وتنفيذ إجراءات التحقيق ،لذا فاألكيد أن هذه الرقابة ليست رقابة قضائية ،على
اعتبار أن الرقابة القضائية تدخل في نطاق اختصاص الغرفة الجنحية التي تعد درجة ثانية
لمراقبة األوامر الصادرة عن قاضي التحقيق.
-ما هي طبيعة العالقة التي تربط بين قاضي التحقيق والتحقيق اإلعدادي؟
-أي دور لقاضي التحقيق في قانون المسطرة الجنائية الحالي؟
-ما هي ضمانات القانونية المخولة لألفراد أمام قاضي التحقيق؟
-ما هي حدود تدخل النيابة العامة في إجراءات التحقيق اإلعدادي؟ وإلى أي حد
يمكن لهذه األخيرة التدخل في سلطات قاضي التحقيق؟
-ما هي اإلشكاليات القانونية والعملية التي تعتري التحقيق اإلعدادي؟
-ما هي الجهة المكلفة بالرقابة على أعمال قاضي التحقيق؟
-هل من ضرورة لإللغاء مؤسسة قاضي التحقيق؟
-وأي مستقبل لمؤسسة قاضي التحقيق في التشريع المغربي؟
7
-المنهج المعتمد
اقتضى منا دراسة مركز مؤسسة قاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،االستعانة
بالمنهج الوصفي الذي ال غنى عنه في دراسة أية مؤسسة قانونية ،وبما ان موضوع دراستنا
يندرج في إطار الدراسات القانونية على المستوى األكاديمي ،وما تعرفه من مواقف وأراء
على المستوى النظري والتطبيقي ،فقد اعتمدنا على المنهج التحليلي الذي حاولنا من خالله
تحليل المقتضيات القانونية في إطار رؤية نظرية للنص القانوني تقوم على أساس التحديد
المفاهيمي والتأصيل الفقهي ،وفي ظل دراسة علمية تمكن من مقاربة النص القانوني بالواقع
العملي ،وهو ما يتطلبه البحث العلمي من إمكانية تطبيق النصوص القانونية على الواقع
المادية.
كما اقتضت منا طبيعة هذا الموضوع اللجوء إلى المنهج المقارن الذي يفيد في استطالع
التوجيهات الجنائية المعاصرة في التحقيق اإلعدادي ،لنكون على ضوئها تصورا عاما حول
جدلية اإلبقاء على مؤسسة قضاء التحقيق في المغرب أو إلغائه ،سعيا منا القتراح جملة من
التوصيات التي نرى ضرورة العمل بها في سبيل تحقيق مستلزمات المحاكمة الجنائية العادلة
التي تأخذ بها معظم التشريعات المقارنة.
-خطة الدراسة
بغية اإلجابة على كل هذه التساؤالت وبهدف الخروج بدراسة علمية أكاديمية ،فقد ارتأينا
أن نعالج موضوع مركز قاضي التحقيق في الدعوى العمومية وفق مقاربة منهجية تقوم على
التوفيق بين الجانب النظري والجانب العملي ،وذلك بناء على خطة تقوم على تقسيم ثنائي،
موزع على الشكل التالي :
الفصل األول :سنخصصه لدراسة عالقة قاضي التحقيق بالتحقيق اإلعدادي ،حيت
سنحاول في المبحث االول منه أن نخرج بتأصيل نظري لكل من التحقيق اإلعدادي ومؤسسة
قضاء التحقيق ،بينما سنتطرق في المبحث الثاني إلى ممارسة التحقيق اإلعدادي ،بحيث سنبين
8
الجهة الخول لها ممارية التحقيق اإلعدادي ،ومسطرة اتصال قاضي التحقيق بالتحقيق
اإلعدادي.
9
الفصل األول:
10
بعد االنتهاء من البحث التمهيدي تدخل القضية مرحلة التحقيق اإلعدادي الذي يختلف
عن األول ال من حيت الجهة التي تقوم به وال من حيت الضمانات المقررة له ،فهو مرحلة
قضائية ال بوليسية ،فالتحقيق اإلعدادي يتوسط البحث التمهيدي الذي تقوم به الشرطة القضائية
والتحقيق النهائية الذي تختص به المحكمة من خالل الجلسات.
ذلك ،أن التحقيق اإلعدادي مرحلة متميزة عن باقي مراحل الدعوى الجنائية ،فهي متميزة
عن مرحلة المحاكمة التي تعقبها ومتميزة عن االتهام الذي يسبق بالضرورة كل تحقيق ويحدد
له الموضوع الذي تدور في نطاق أعماله ،وذاتية التحقيق تفرض – في المنطق المجرد –
أن يعهد به إلى سلطة مستقلة عن سلطة االتهام ومستقلة كذلك عن سلطة المحاكمة ،لذلك عهد
بمهمة التحقيق اإلعدادي بصفة أساسية إلى قاضي التحقيق الذي يقوم عندما تحال عليه القضايا
بكيفية قانونية ،بحيث خول له ممارسة جميع إجراءات التحقيق التي يراها صالحة للكشف
عن الحقيقة تحت مراقبة الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف.
فقاضي التحقيق هو قاض معين بصفة قانونية هدفه من مسك مسطرة التحقيق هو
إظهار الحقيقة ليس إال ،فهو بذلك طرف محايد ،ال هو مع المحقق معه وال هو ضده ،وإنما
يبحث بطرق ووسائل قانونية للوصول إلى الحقيقة المجردة ،فهو يملك سلطات واسعة للتقرير
في حريات المواطنين وفي ممتلكاتهم ويباشر مهامه من خالل مجموعة من النصوص القانونية
باستعمال خبرته وحنكته وعلمه ،إضافة إلى أخالقياته المهنية.
وعليه فإننا سنحاول من خالل هذا المبحث تبيان العالقة بين قاضي التحقيق والتحقيق
اإلعدادي وذلك من خالل التأصيل النظري العلمي لكل من التحقيق اإلعدادي ومؤسسة قاضي
التحقيق من جهة (المبحث األول) ،وتبينا المقتضيات المنظمة لحق ممارسة التحقيق اإلعدادي
من طرف قاضي التحقيق من جهة أخرى (المبحث الثاني).
11
المبحث األول :التأصيل النظري للتحقيق اإلعدادي ومؤسسة قاضي التحقيق
يعد التحقيق اإلعدادي من أهم وأدق المواضيع التي يعالجها قانون المسطرة الجنائية،
ومرد ذلك إلى كون معظم التشريعات لم تعرفه كمرحلة متميزة ضمن اإلجراءات الجنائية إال
حديثا ،بل إن بعضها ما يزال يوكله إلى أجهزة غير قضائية ،وهذا ما جعل القاضي حديث
العهد بأحكامه ،ولم تتكون لديه بعد تقاليد راسخة يسترشد بها عند صياغة النصوص والقوانين،
على الرغم من مرور العديد من األحقاب واألجيال ،هذا من جهة ،ومن جهة ثانية ،فالقوانين
التي سبقت إلى معرفة التحقيق قبل المحاكمة عرفته في أسوأ صورة ،حيت كان يمارس بشكل
سري وباستخدام مختلف وسائل التعذيب والتأثير النفسي.
إن هذا التراث التاريخي الذي ارتبط بالتحقيق اإلعدادي ،وكذا الرواسب التي خلفتها
العدالة الجنائية التقليدية ،يجعالن مهمة المشرع جد صعبة ،إذ قلما يوفق في المالئمة بينهما
وبين المفاهيم المستخدمة لظاهرة اإلجرام ومعاملة المنحرف وحقوق اإلنسان ،االمر الذي
يجعل من تحديد ماهية كل من التحقيق اإلعدادي ومؤسسة قاضي التحقيق أمرا ضروريا قبل
الخوض في دراسة اإلشكاليات التي يطرحها كل واحد منهما.
وعليه ،فإننا سنتناول مبحثنا هذا من خالل مطلبين إثنين ،مطلب أول نخصصه لتحديد
ماهية التحقيق اإلعدادي ،أما المطلب الثاني فإننا سنخصصه لتحديد ماهية مؤسسة قاضي
التحقيق.
12
المطلب األول :ماهية التحقيق اإلعدادي
على اعتبار أن مرحلة التحقيق اإلعدادي تعتبر من أهم مراحل الدعوى العمومية ،فإنه
يجب علينا أن نحدد ماهية ،والتحديد الدقيق لماهية التحقيق اإلعدادي يتطلب منا أن نتعرف
من جهة على مفهومه (الفقرة األولى) ،ومن جهة أخرى على الخصائص التي تمييز التحقيق
اإلعدادي (الفقرة الثانية).
التحقيق لغة هو اثبات الشيء وإحكامه ،واصطالحا هو كل عمل يقوم به رجال القضاء
ومساعديهم أثناء البحث في القضية المعروضة أمام العدالة .فهو مرحلة قضائية ال بوليسية،
ولذلك فالتحقيق اإلعدادي يتوسط البحث التمهيدي الذي تقوم به الشرطة القضائية والتحقيق
1
النهائي الذي تختص به المحكمة في الجلسة.
لم يعرف المشرع التحقيق اإلعدادي ضمن نصوص قانون المسطرة الجنائية .ومصطلح
التحقيق اإلعدادي ،ينطوي على مفهوم واسع واخر ضيق .فالتحقيق اإلعدادي بمفهومه
الواسع ،يشمل ذلك الجزء من الخصومة الجنائية الذي يهدف جمع أدلة اإلثبات ،وتمحيصها،
بدءا باكتشاف الجريمة إلى غاية الحكم فيها.
والتحقيق بهذا المفهوم الواسع ،ينصرف إلى البحث التمهيدي ،وإلى اإلجراءات التي
2
يباشرها قاضي التحقيق ،واإلجراءات المنوطة بقاضي الحكم.
- 1أحمد النويضي ،قضاء التحقيق في ظل قانون المسطرة الجنائية الجديدة ،الندوة الوطنية حول موضوع المسطرة الجنائية
تشريعا وممارسة 13-12 ،مارس ،ص.1 :
2 - BOULOC. « L’acte d’instruction ». Thèse, Paris, 1962, P : 17.
13
أما التحقيق اإلعدادي في مفهومه الضيق ،فيقتصر على المرحلة اإلجرائية التي يشرف
عليها قاضي التحقيق ،ويتولى خاللها جمع أدلة الجريمة ،والتثبت من وقوعها ،والبت في
3
متابعة المتهم وإحالته على هيئة الحكم.
وهذا التعريف األخير ،هو الذي ينطبق على قانون المسطرة الجنائية ،وذلك على اعتبار
أن المشرع أفرد التحقيق اإلعدادي تنظيما متميزا ينسجم مع المفهوم الضيق للتحقيق.
وقد عالج قانون المسطرة الجنائية أحكام التحقيق اإلعدادي ،ضمن القسم الثالث من
4
الكتاب األول ،المتعلق بالتحري عن الجرائم ومعاينتها.
ويفهم من هذا التنظيم التشريعي ،بأن التحقيق اإلعدادي يشكل في جوهره ،جملة من
اإلجراءات والتحريات القضائية ،الهادفة إلى كشف الحقيقة ،وتحصيل األدلة ،وتمحيصها قبل
5
عرض المتهم على هيئة الحكم.
ويتجلى من المفهوم السالف الذكر ،بأن التحقيق اإلعدادي مرحلة إجرائية قضائية،
تتوسط مرحلة البحث التمهيدي ومرحلة المحاكمة ،التحقيق اإلعدادي – بهذه الصفة – يشكل
فرصة لجمع أدلة اإلثبات ،وتمحيصها ،وتقرير مالءمة المتابعة.
3 - MERLE et Vitu « Précis de Droit pénal » .t .3 édition. Cujas.Paris.1979. P.389. N
1135
- 4الحظ مقتضيات المواد من 83إلى 250من ق .م .ج.
- 5الحظ بعض التعاريف الفقهية التي تتبنى نفس المدلول عند محمد عياط ،نفس المرجع السابق ،ص ،210 :وأحمد
الخمليشي ،تشريعات قاضي التحقيق في الدول العربية ،المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية ،الرباط،1989 ،
ص.3.
- 6هاللي عبد االله أحمد ،المركز القانوني للمتهم في مرحلة التحقيق االبتدائي ،دراسة مقارنة بالفكر الجنائي اإلسالمي،
دار النهضة العربية ،القاهرة ،الطبعة األولى ،1989ص 6و.7
14
وعليه يمكن القول بأن لقضاء التحقيق مهمة مزدوجة تتمثل من جهة في جمع األدلة
ذات االرتباط بالفعل الجرمي الذي توبع من أجله المتهم ،وتقدير قيمة تلك األدلة لمعرفة ما
7
إذا كانت كافية أو غير كافية لالستمرار في المتابعة من جهة ثانية.
هذا ،وإن إجراءات التحقيق اإلعدادي ال تقف عند حدود جمع األدلة التي تثبت أو في
تنفي الفعل الجرمي عن الشخص الخاضع للتحقيق ،بل إنها تمتد إلى تقييد حريته كلما دعت
ضرورة التحقيق ذلك ،بهدف االحتياط منه من جهة ولمنعه من الهرب أو التأثير على أدلة
8
اإلثبات من جهة أخرى.
- 7عبد اإلله أحمد ،حقوق الدفاع في مرحلة ما قبل المحاكمة بين النمط المثالي والنمط الواقعي ،دار النهضة العربية،
القاهرة ،2000 ،ص.41 :
- 8حسن صادق المرصفاوي ،في أصول اإلجراءات الجنائية ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،طبعة ،1996ص .330
15
الفقرة الثانية :خصائص التحقيق اإلعدادي
تستشف خصائص التحقيق اإلعدادي من طبيعة إجراءاته ،فهو يكتسي طابعا سريا
(أوال) ،وطابعا قضائيا (ثانيا) ،وطابعا ثنائيا (ثالثا) ،وطابعا توثيقيا (رابعا) ،وطابعا حضوريا
(خامسا).
تنص المادة 15من قانون المسطرة الجنائية على أنه" :تكون المسطرة التي تجري
أثناء البحث والتحقيق سرية .كل شخص يساهم في إجراء هذه المسطرة ملزم بكتمان السر
9
المهني ضمن الشروط وتحت طائلة العقوبات المقررة في القانون الجنائي".
ويقصد بسرية التحقيق عدم جواز حضور إجراءات التحقيق لمن ليس طرفــــا في
10
الدعوى الجنائية ،وكذا منع نشر هذه اإلجراءات بأي وسيلة من وسائل العلنية.
فالسرية تقتضي عدم السمـاح للجمهور بحضور إجراءات التحقيق ،فال يجوز لغير
الخصوم ووكالئهم الدخــول إلى المكان الذي يجرى فيه التحقيق ،وتقتضي أيضا حظر نشر
11
ما تتضمنه محاضر االستنطاق وما يتصل به من أوامر.
فقـاضي التحقيق وكل من يتصل بالتحقيق أو يحضره بحكم وظيفته هو ملزم بعدم إفشاء
أسرار التحقيق تحت طائلة القانون الجنائي والعقوبات المقررة فيه ،هذه السرية وهذا االلتزام
- 9أنظر :المادة 105من قانون المسطرة الجنائية ":كل إبالغ أو إفشاء لوثيقة وقع الحصول عليها من تفتيش ،يتم
لفائدة شخص ليست له صالحية قانونية لالطالع عليها دون الحصول على موافقة المشتبه فيه أو ذوي حقوقه أو الموقع
على الوثيقة أو من وجهت إليه وكل استعمال آخر لهذه الوثيقة ،يعاقب عليه بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من
5.000إلى 30.000درهم." .
والفصل 446من القانون الجنائي.
- 10شريف سيد كامل ،سرية التحقيق االبتدائي ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،الطبعة األولى ،1996 ،ص.25 :
- 11محمد السعيد رمضان ،مبادئ قانون اإلجراءات الجنائية ،الجزء األول ،القاهرة ،1993 ،ص.125 :
16
يضل قائما طيلة مرحلة التحقيق حتى انتهـائها وذلك بإصدار قاضي التحقيق أمرا باإلحالة أو
12
عدم المتابعة.
وتظهر أهمية مبدأ سرية التحقيق في تأدية جهة التحقيق مهمتها على أحسن وأكمل
وجه ،ذلك أن اإلخالل بمبدأ السرية يضر بالتحقيق ويخدم مرتكبي الجريمة إذ يتيـح لهم ذلك
فرصة لتضليل قــاضي التحقيق وتغيير المعالم واألدلة والتأثير على الشهـود ومنعهم من
اإلدالء بشهادتهم الشيء الذي يعرقل مجهودات سلطة التحقيق في الوصول إلى الحقيقة.
وباستقراء المادة 15المذكورة آنفا يتبادر إلى الذهن تســـاؤل حول ما إذا كانت سرية
البحث التمهيدي هي نفسها السرية التي يتميز بها التحقيق اإلعدادي؟
الشك أن البون شــاسع بين السرية التي يعمل بها أثناء البحث التمهيدي وتلك السارية
أثناء التحقيق اإلعدادي ،وال غرابة في ذلك إذ أن البحث التمهيدي يقوم به ضباط عاديون
تابعون للدرك أو الشرطة تحت إشـراف النيابة العامة ،في حين أن التحقيق اإلعدادي يكون
من اختصــاص جهة قضائية بحثه .ويتجلى الفرق بين السرية في المسطرتين من حيث
انعكــاسها على الضمانات الممنوحة للمتهم خـاصة في استعانته بمحـام ،ومدى مواجهة هذا
13
األخير بمبدأ السرية.
فمبدأ سرية التحقيق اإلعدادي يكاد يكون منعدما بين المتهم ومحاميه إذ أن المادتان
134و 140من قـانون المسطرة الجنائية نظمتا ضمانات الدفاع وحرصتا على كفـالتها تحت
طائلة طلب بطالن اإلجراءات المنجزة دون احترامها من قبل المتهم أو محاميه ،بل خــول
المشرع لقاضي التحقيق نفسه طلب بطالنها من الغرفة الجنحية إذا تبين له هو نفسه أنه أخل
14
بها وذلك إعماال للمادة 210وما بعدها من قانون المسطرة الجنائية.
- 12محمد الحسون ،مؤسسة قاضي التحقيق :التأصيل النظري والعملي ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاصة،
كلية العولم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،أكادير ،2015/2014 ،ص.35 :
- 13بوشعيب عسال ،سرية التحقيق اإلعدادي ،مقال منشور بمجلة الملحق القضائي ،العدد 40يناير ،2007ص.33 :
- 14تنص المادة 210من قانون المسطرة الجنائية على ":إذا ظهر لقاضي التحقيق أن إجراء من إجراءات التحقيق معرض
للبطالن ،فعليه أن يحيله إلى الغرفة الجنحية للبث فيه بعد استشارة النيابة العامة وإخبار المتهم والطرف المدني".
17
أمـا مبدأ السرية في البحث التمهيدي فهو أكثر وطأة على المتهم ،إذ بالرغم من أن
قانون المسطرة الجنائية الجديد أتى بمستجد 15للحد من وطأة هذه السرية وذلك باتصال المشتبه
فيه الموضوع تحت الحراسة النظرية بمحاميه ،إال أن ذلك ال يحق له إال أثناء تمديد فترة
الحراسة النظرية أي بعد 48ساعة من إجراء البحث التمهيدي مع شروط الحصـــول على
إذن النيابة العامة ،وفي مدة زمنية ال تتعدى 30دقيقة ،وأن يكون االتصال تحت إشراف
ضابط الشرطة القضائية ،مع ما تثيره كل هذه الشروط من إشكــاالت في الواقع العملي.
من هنا يتضح أن المشرع وإن سوى بين البحث التمهيدي والتحقيق اإلعدادي في مبدأ
السرية ،إال أن البون شاسع بينهما خاصة بين أطراف الدعوى إذ تكون السرية أكثر صرامة
في البحث التمهيدي بينما تك ــاد تتالشى في التحقيق اإلعدادي إذ أن محامي المتهم يحضر
16
معه جميع مراحل التحقيق ويطلع على كـافة إجراءاته من بدايته إلى نهايته.
17
وتتجلى خاصية سرية التحقيق اإلعدادي في مظهرين اثنين :خارجي وداخلي.
فالمظهر الخــارجي يتمثل في مواجهة الغير أو العموم بمبدأ السرية ،فال يجوز إعالن
إجراءات التحقيق للغير أو العمـوم ،وهذا المظهر تم سنه لمصلحة المتهم ولمصلحة العدالة.
فهو لمصلحة المتهم ألنه يبقى في منآى عن نعته من طرف الغير باإلجرام ومسه في سمعته
والحال أن التحقيق ال يزال جاريا ولم تعرف نتيجته بعد .وتم سنه لمصلحة العــدالة ــ كما
أشرنا آنفا ــ للحفــاظ على األدلة ،ذلك أن تسريب إجراءات التحقيق يسـاعد مجرمين متورطين
من اإلفالت من العدالة بعد تمكنهم من تغيير األدلة ويمنع شهــودا من اإلدالء بشهاداتهم بعد
تهديدهم أو إغرائهم.
- 15تنص المادة 80من نفس القانون على أنه" :يحق للشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية في حالة تمديدها أن
يطلب من ضابط الشرطة القضائية االتصال بمحام".
- 16أحمد فتحي سرور ،الوجيز في قانون اإلجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،1982 ،ص.225 :
- 17إيمان الخمالي المشيشي ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية بوجدة ،2014/2013 ،ص.25 :
18
ويتجلى المظهر الداخلي في منع أطراف التحقيق من إفشاء إجراءاته ،كما يتجلى في
كون التحقيق يجرى مع كل طرف بصفة انفرادية بجلسة ال يحضرها الطرف الثاني ومحاميه
إال إذا تقرر إجراء المواجهة بين الطرفين.
18
وألهمية هذه الخــاصية يتعين تحديد األشخاص الذين تشملهم السرية وهم:
ـ ضباط الشرطة القضائية :والذين أناط بهم قـــاضي التحقيق انجاز إحدى المهمات في
نطاق انتدابهم لذلك.
ـ أعوان كتابة الضبط :ومنهم كاتب الضبط الذي يباشر إجراءات التحقيق وحضور
جلساتها وكل موظف في كتــــابة النيابة العامة أو مكتب التحقيق يمكنه االطالع على أعمال
التحقيق بمناسبة مزاولته لعمله..
ـ المحامون :الذين يحضرون التحقيق إلى جــانب المتهم أو المطالب بالحق المدني.
- 18شريف سيد كامل ،سرية التحقيق االبتدائي ،نفس المرجع السابق ،ص :من 68إلى .77
19
ثانيا :ثنائية التحقيق
بالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية لسنة 1959وما عرفه من تعديل بمقتضى ظهير
اإلجراءات االنتقالية ،نجد أنه ال وجود لمؤسسة قــــــاضي التحقيق إال بمحاكم االستئناف
19
حيث كان قـــاضي التحقيق بهذه المحكمة ينظر في الجنايات والجنح الواجب فيها التحقيق.
إال أن المشرع وبمقتضى قانون المسطرة الجنائية 01ـ 22أتى بمؤسسة قاضي التحقيق
20
على مستوى المحاكم االبتدائية ليقر مبدأ ثنائية التحقيق.
وقد راعى المشرع في إقرار هذا المبدأ وإحداث مؤسسة قاضي التحقيق بالمحاكم
االبتدائية أمورا من بينها أن أفعاال وإن كـــــانت توصف بالجنح فإن خطــورتها تبقى على
جـانب من األهمية فمثال جنح التزوير والمخدرات والنصب...الخ رغم أنهــا جنح فهي من
21
الخطورة بمكان وتحتاج إلى الكثير من البحث والتدقيق.
- 19إيمان الخمالي المشيشي ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،نفس المرجع السابق،
ص.30 :
- 20محمد سعيد الوكيلي ،قاضي التحقيق أمام المحكمة اإلبتدائية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم
القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية طنجة ،2012/2011 ،ص.33 :
- 21عبد اهلل القروشي ،قضاء التحقيق :أية فعالية ،مقال منشور بموقع محكمة االستئناف بفاس ،ص64 :
- 22شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول ،وزارة العدل ،سلسلة الشروح والدالئل ،عدد ،2الطبعة الثانية ،ص:
20
ثالثا :الطابع القضائي للتحقيق.
يتسم التحقيق اإلعدادي إضـــــافة إلى ما سلف ذكره ،بكونه ذا طبيعة قضائية.
فقــــاضي التحقيق هو قبل كل شيء قاض ،وهو ما يمنح المتهم ضمانات واسعة ال يمنحها له
مثوله أمام الشرطة القضائية.
وقــــــاضي التحقيق هو جهة قضائية تصدر أوامر وقرارات تقبل الطعن باالستئناف
أمام الغرفة الجنحية مـا يضمن لألطراف الثقة من كونهم أمـام جهة قضائية تمنحهم كافة
23
الضمانات في سبيل المحاكمة العادلة.
تتميز إجراءات مرحلة التحقيق اإلعدادي بميزة الكتــابة ،بحيث يتعين أن تكون جميع
اإلجراءات بمــــا فيها االستنطاق واألوامر والقرارات مضمنة في محـــاضر وصادرة كتابة،
فقاضي التحقيق يستعين بـكاتب للضبط يقــــــوم بتضمين كل ما راج بمكتبه من استنطاق أو
استماع للشهود في محــاضر قانونية ،كما يصدر أوامره كتـــــــابة حتى يتسنى للغرفة الجنحية
24
مراقبة سالمة هذه اإلجراءات.
ومبدأ الكتابة أو التوثيق هو الدليل على القيـام وإنجاز إجراءات التحقيق ،ويفيد في
عرض الملف على القضــــــــاء ،إذ أن اإلجراءات المكتوبة تفيد األطراف في االحتجاج بها،
إضـــــــــافة إلى اعتبارها وثائق رسمية ال يمكن الطعن فيها بالزور إذا تم إنجازها طبقا
للقانون.
- 23إيمان الخمالي المشيشي ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،نفس المرجع السابق،
ص.32 :
- 24سمير الستاوي ،و محمد مسعودي ،سلطات قاضي التحقيق -دراسة ميدانية على ضوء العمل القضائي ،و أحكام
الفقه و القانون المقارن ، -رسالة نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء لسنة ،2005ص.15 :
21
خامسا :الطابع الحضوري.
الشك أن أهم تكريس لحق الدفاع أثناء مرحلة التحقيق اإلعدادي هو طابع الحضورية
الذي تمتاز بها.
فمبدأ حضورية إجراءات التحقيق يتجلى في حضــــور دفاع المتهم والطرف المدني
جميع إجراءاته لتمتيع هذين األخيرين بضمــــــــانات مختلفة وإلنارة التحقيق من خالل
منـاقشته لوســـــــــائل اإلثبات والحجج ،فمن خالل مالحظات الدفاع وأسئلته الموجهة
لألطراف أمام قــاضي التحقيق والتماس القيام بإجراءات معينة يراها صــــــالحة إلظهار
25
الحقيقة يساهم في الوصول إلى األهداف من مبدأ الحضورية.
كما يتجلى كذلك مبدأ الحضورية في حضـور األشخاص المحددين في المادة 103
إلجراءات تفتيش قـــاضي التحقيق ألحد المنازل حيث يتعين استدعاء رب المنزل أو من
يشغله لحضور التفتيش إذا كـــــان سيتم في غير منزل المتهم ،فإذا تعذر ذلك أجري التفتيش
بحضـــور شخصين من أقربائه أو أصهاره الموجودين بالمكــــان ،فإن تعذر ذلك فبحضور
26
شــــاهدين ال تربطهما عالقة التبعية بالسلطة القضائية أو الشرطة القضائية.
- 25محمد أحداف ،شرح المسطرة الجنائية ،مسطرة التحقيق اإلعدادي ،نفس المرجع السابق ،ص36 :
- 26أنظر المادة 103من قانون المسطرة الجنائية.
22
المطلب الثاني :ماهية مؤسسة قاضي التحقيق
إن دراسة ماهية مؤسسة قاضي التحقيق تتطلب منا من جهة أن نحدد مفهومها والمسطرة
القانونية المتبعة في تعيين قاضي التحقيق ،وكذا االختصاصات التي خولها له المشرع (الفقرة
األولى) ،ومن جهة أن نقف عند الجدل الفقهي والعلمي الذي خلقته مؤسسة قاضي التحقيق
بين المطالب بإلغائها والمتشبث باإلبقاء عليها (الفقرة الثانية).
يتطلب منا الحديث عن مؤسسة قاضي التحقيق في المغرب ،أن نبين في البداية مفهوم
قاض التحقيق (أوال) ،ومن ثم بيان مسطرة تعيينه (ثانيا) ،وكذا االختصاصات التي أوكله بها
المشرع المغربي (ثالثا).
قاضي التحقيق عضو في الهيئة القضائية ،ينتمي إلى سلك القضاء ،وهو المكلف اساسا
إلجراء التحقيق وفقا للمادة 52من قانون المسطرة الجنائية ،وهو يملك صالحيات وسلطات
واسعة ويباشر مهامه من خالل مجموعة من النصوص القانونية إضافة إلى أخالقياته المهنية
و ضميره ،فإذا كان هو الجهة التي أوكل إليها القانون القيام بالتحقيق اإلعدادي من خالل جمع
األدلة عن الجرائم واتخاذ القرارات على ضوئها ،فإن المهام المتعددة التي ألسندها إليه جعلته
27
صاحب أدوار مختلفة ومتداخلة:
- 27سمير الستاوي ،ومحمد مسعودي ،سلطات قاضي التحقيق -دراسة ميدانية على ضوء العمل القضائي ،-نفس المرجع
السابق ،ص.25 :
23
فهو ضابط سام للشرطة القضائية ،حيث يمارس الصالحيات الموكولة إلى ضابط
الشرطة القضائية ،كما له أن يأمر هؤالء بمتابعة األبحاث والتحريات ،وهو ما نصت عليه
المادة 75من ق .م.ج .
و هو جهة اتهام ،من حيث مهامه الشبيهة بمهام النيابة العامة ،كإصدار األوامر الماسة
بالحرية وبالحق في التنقل ،واالعتقال االحتياطي ،والتقاط المكالمات الهاتفية ،وتفقد المؤسسات
السجنية ،وتسخير القوة العمومية؛
وهو جهة قضائية ،من حيث إصدار القرارات وإجبارية تعليل بعضها ،ومن حيث قابلية
هذه القرارات للطعن .وكذلك من حيث قوة اإلثبات التي أعطاها القانون لالعتراف الذي يتم
28
أمامه وللتصريحات التي يفضي بها الشهود إليه.
بالرجوع إلى مشروع قانون المسطرة الجنائية نالحظ أن مسطرة تعيين قضاة التحقيق
تراجعا خطيرا أخل بكل مقومات العدالة الجنائية المبنية على مبدأ الفصل بين السلط والتأكيد
وتأصيل مفهوم قرينة البراءة كأصل في الظنين.
فإذا كان قانون المسطرة الجنائية القديم ينص على أن قاضي التحقيق يعين في محكمة
االستئناف 29لغاية النهوض بأعباء التحقيق اإلعدادي بصفة أساسية لمدة ثالث سنوات وذلك
بقرار من وزير العدل ،فإنه في المقابل وتماديا في تكريس السياسة الجنائية القائمة على إخالل
بمبدأ الفصل بين السلط والمركزة على أساس هيمنة وزير العدل على المرحلة ما قبل المحاكمة
بشقيها سواء أمام الضابطة القضائية –البحث التمهيدي -أو أمام قاضي التحقيق –التحقيق
اإلعدادي -فاستنادا إلى الفصل 6و 19وكذا الفصل 53م.ج أعطى الحق لوزير العدل في
- 28سمير الستاوي ،ومحمد مسعودي ،سلطات قاضي التحقيق -دراسة ميدانية على ضوء العمل القضائي ،-نفس المرجع
السابق ،ص.33 :
- 29عبد السالم بنحدو ،الوجير في شرح المسطرة الجنائية المغربية ،مطبعة أسبارطيل ،طنجة ،2013 ،ص.34 :
24
أن يصدر قرار إعفاء قاضي التحقيق من مهامه لكن بعد أن يحصل على رأي المكتب المجلس
األعلى للقضاء.
فبالرجوع إلى المادة 52ف م ج حيث نصت على أن هؤالء يتم تعيينهم باقتراح من
رئيس المحكمة االبتدائية ،وبناء على هذا االقتراح يتولى وزير العدل عملية التسمية الرسمية
لقاضي التحقيق وذلك لوالية قضائية مدتها ثالث سنوات قابلة للتجديد بقرار إداري لوزير
العدل بناء على نفس الكيفيات والشروط الواردة في المادة أعاله.
كما عمل أيضا على تحديد طريقة تعين قضاة التحقيق بمحكمة االستئناف بحيث نص
على أن هؤالء يتم انتقائهم من ضمن المستشارين أو المكلفين بمهام المستشارين بها بنفس
اإلجراءات التي تم بها تعين قضاة التحقيق بالمحكمة االبتدائية أي عن طريق وزير العدل،
كما أجاز لهذا األخير في المقابل كسلطة لتعين اتخاذ قرار بوضع حد وإنهاء مهام قاضي
30
التحقيق ومن نفس الشروط المسطرية –المادة 52ف.م .ج.
وما يميز هذه المسطرة ،هي تلك اإلرادة المتزايدة للمشرع في ضمان أحكام والمسطرة
نهائيا على هيئة التحقيق من طرف السلطة التنفيذية من جهة الممثلة في وزير العدل وأيضا
من طرف سلطة االتهام من جهة أخرى ،علما وكما سبق اإلشارة إليه ،فأن وزير العدل هو
31
السلطة الرئيسية المباشرة للنيابة العامة طبقا لمقتضيات المادة 51ف .م .ج
فهذا الوضع ال يتماشى مع دولة القرن الواحد والعشرين التي أخذت على عاتقها االلتزام
بمفهوم الحرية والديمقراطية للجميع أمام القانون وأمام المجتمع عن طريق تخليق السياسة
32
الجنائية لما هو متعارف عليه دوليا في تأصيل مفهوم البراءة أمام القضاء الجنائي.
وكتحصيل حاصل لما خوله المشرع المغربي لوزير العدل من امتيازات على النيابة
العامة الخاضعة لسلطته الرئيسية بحيث يمكنه من خاللها أي النيابة العامة التأثير على سير
- 30محمد أحذاف ،شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد ،الجزء األول ،سجلماسة للطبع والنشر ،مكناس ،الطبعة الثانية،
،2005ص 47وما بعدها.
31اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،الصادر عام 1948
- 32محمد أحذاف ،شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد ،نفس المرجع السابق ،ص.45 :
25
التحقيق لما يخدم مصالحه السياسية من جهة ومن أجل تفعيل مظاهر الهيمنة والسيطرة على
سلطة التحقيق من خالل مسطرة اختيار القاضي الذي يتعين تكليفه بمسطرة التحقيق اإلعدادي،
فهذا الوضع المزري ال يعكس فقط عدم استقاللية سلطة التحقيق على جهاز النيابة العامة،
ومن تم وزير العدل بل يعكس بؤس الوضعية القانونية لقاضي التحقيق 33،وهكذا نص المشرع
من أجل ترجمة هذه النوايا واألهداف الغير المنطقة في المادة 90ق.م.ج« .إذا تعدد قضاة
التحقيق في محكمة واحدة فإن النيابة العامة تعين من يحقق في كل قضية على حدة» فهذا
الفصل ال محل له من اإلعراب في إطار التغني بفلسفة استقاللية قاضي التحقيق لما يخدم
34
العدالة واحترام الحريات وترسيخ مبدأ البراءة كأصل.
فما يدعو لالستغراب والعجب أن نفس القانون ينص صراحة في المادة 90ق م ج على
أن قضاة النيابة هم من يتولى اختيار قاضي التحقيق الذي يجب تكليفه بقضية ما ،ولربما
أصيب واضعو مدونة قانون المسطرة الجنائية بداء النسيان وهم في إطار ديباجة الشعارات
والمباد ئ الكونية في الديباجة ،ويتولون بعد ذلك إفراغها من مضمونها بل أكثر من ذلك
اآلتيان والتنصيص على مبادئ وأحكام قانونية تتعارض جملة وتفصيال مع هذه الشعارات
التي وضعت بها مقدمة أو ديباجة المسطرة الجنائية.
وهذا ما جعل ببعض الباحثين 35المغاربة يطالبون إسناد مسألة التعين واإلعفاء إلى
جمعية قضاة المحاكم االبتدائية وللهيئة العامة لقضاة المحاكم االستئناف ،وذلك لما هو عليه
األمر بتعين قضاة الغرفة الجنحية نظرا لما تتميز به هذه الهيئات من استقاللية ،كما أن هناك
اتجاهات فقهية من يقترح وذلك تحقيقا للحياد واالستقاللية أكثر وتدعيما لهذه الحصانة المعنوية
أن تعود سلطة التحقيق وإعفاء من مهام المجلس الدستور.
- 33محمد أحذاف ،شرح المسطرة الجنائية ،نفس المرجع السابق ،ص.48– 47
- 34محمد سعيد الوكيلي ،قاضي التحقيق أمام المحكمة االبتدائية ،نفس المرجع السابق ،ص.38 :
- 35المعطي األيوبي وآخرون ،تعليق على النصوص المقترح تعديلها المتعلق بمشروع قانون المسطرة الجنائية الخاصة
بمؤسسة قاضي التحقيق ،ندوة هيئة المحامين بالرباط –رسالة المحاماة ،عدد ،2002 ،18ص.57 :
26
فسواء أنيط اختصاص تعين قاضي التحقيق لهيئة أو جمعية القضاة المحكمة االبتدائية
أو للهيئة العامة للقضاة محكمة االستئناف أو حتى لمجلس األعلى للقضاء ،فإن هذا قد يحد أو
يخفف على العموم من التناقض الذي تتخبط فيه مسطرة الجنائية بين تدعيم هيمنة وسيطرة
السلطة التنفيذية في شخص وزير العدل وبين التبرج بمفاهيم العدالة الجنائية القائمة على
الحرية واحترام حقوق اإلنسان وعلى اعتبار الفصل األول من المسطرة الجنائية ينص على
36
أن كل شخص يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته بحكم قضائي.
والمالحظ أن المشرع بسياسته القائمة وبفلسفته الرامية إلى عدم إيالء أي اعتبار أو
اهتمام يذكر وهو بصدد صياغة نصوص قانون المسطرة الجنائية لآلراء واالنتقادات الفقهية،
بحيث تبنى سياسة الالمباالة واالحتكار وصم األذن وحافظ تقريبا على نفس الوضع القائم
37
سابقا.
يتحدد اختصاص قاضي التحقيق بتحديد نطاق التحقيق اإلعدادي ويمكن أن نميز بين
ثالثة أنوع :اختصاص نوعي واختصاص شخصي واختصاص محلي.
ميز المشرع المغربي في مجال األفعال الخاضعة للتحقيق ،بين نوعين من الجرائم،
النوع األول جعل فيه التحقيق اإلعدادي إجباريا ،أما النوع الثاني فقد اعتبر المشرع التحقيق
اإلعدادي فيه اختياريا.
- 36إيمان الخمالي المشيشي ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،نفس المرجع السابق،
ص 32 :و..34
- 37محمد سعيد الوكيلي ،قاضي التحقيق أمام المحكمة اإلبتدائية ،نفس المرجع السابق ،ص.33 :
38منشور بالجريدة الرسمية عدد 3237بتاريخ 28شوال 1394موافق 13نونبر 1974
27
وحصرت المادة 83من ق.م.ج .األفعال التي يكون فيها التحقيق إلزاميا ،حيت نصت
على أنه " :يكون التحقيق إلزاميا:
في الجنايات المعاقب عليها باإلعدام ،أو السجن المؤبد أو التي يصل الحد األقصى
للعقوبة المقررة لها ثالثين سنة.
يكون اختياريا في ما عدا ذلك من الجنايات والجنح المرتكبة من طرف األحداث وفي
الجنح التي يكون الحد األقصى للعقوبة المقررة لها خمس سنوات أو أكثر".
قاضي التحقيق مقيد في األفعال المعروضة عليه وذلك انطالقا من قاعدة " التحقيق
عيني وليس شخصي" .ويجري قاضي التحقيق في نطاق ما هو محال عليه من النيابة العامة،
على أن التزامه بالتقيد باألفعال المحالة عليه ،ال يمنعه من وصفها الوصف الذي يراه مناسبا،
وال يتقيد في ذلك بتكييف النيابة العامة.39
نصت المادة 55من قانون المسطرة الجنائية على االختصاص المحلي لقاضي التحقيق
وأحالت على المادة 44من نفس القانون ،وبالتالي يرجع االختصاص المحلي لقاضي التحقيق
إما محل ارتكاب الجريمة أو محل إقامة المتهم أو محل إلقاء القبض عليه.
-محمد سعيد الوكيلي ،قاضي التحقيق أمام المحكمة االبتدائية ،نفس المرجع السابق ،ص 40 :و.41 39
28
الفقرة الثانية :موقف الفقه من مؤسسة قاضي التحقيق
إن مؤسسة قاضي التحقيق مع ما شكلته من قيمة مضافة ألجهزة العدالة الجنائية ،من
خالل ما بيناه سابقا من مظاهر فاعليتها في تحقيق العدالة الجنائية .وما تعانيه بالمقابل من
قصور في تحقيق الفاعلية من خالل مختلف مظاهر الرقابة على هذه المؤسسة ،وكذا مختلف
اإلكراهات والمواقف العملية ،كل ذلك كان سببا في انقسام األوساط القانونية والفقهية واحتدام
40
الجدل حول موضوع إلغاء مؤسسة قضاء التحقيق من عدمه.
والتساؤل الذي يطرح نفسه أمام الجدل الذي تم استعراضه هو ما مدى ضرورة التمسك
بمؤسسة قاضي التحقيق في البلدان التي أخذتها عن فرنسا ،عندما تعمل فرنسا ذاتها على
التفكير في إلغائها؟ وهل تملك هذه الدول ومنها المغرب الوسائل لذلك؟
وفيما يلي سنعرض ألهم المبررات التي يطرحها كل من مؤيدي ومعارضي اإلبقاء
على مؤسسة قاضي التحقيق بالمغرب.
تعتبر مرحلة عبور الملف على التحقيق هي أصعب مرحلة في مسار الملف الجنائي
باعتبار أنه يشكل الحلقة في انتظار عرضه أمام جهم الحكم ،وتكتسي مرحلة التحقيق اإلعدادي
أهمية خاصة في نظامنا الجنائي ألسباب عديدة نذكر منها:
فالتحقيق بمعرفة قاضي مستقل ومحايد يبحث عن أدلة إثبات كما يبحث عن )1
أدلة النفي ويحقق لفائدة العدالة والحقيقة ال لمصلحة المتهم أو ضد مصلحته ويراعي المساواة
بين أطراف الدعوة العمومية كلها شروط أساسية لتحقيق التوازن المنشود ،وتأتي أهمية
المرحلة من حيث كونها ضرورية التخاذ اإلجراءات الماسة بالحرية من قبل جهات قضائية
-محمد الحسون ،مؤسسة قاضي التحقيق :التأصيل النظري والعملي ،نفس المرجع السابق ،ص.40 : 40
29
ومستقلة ومن حيث كونها قد تحفظ للمتهم كرامته وتوفر عليه معاناة المحاكمة متى صدر
41
لصالحه قرار بعدم المتابعة.
قانون المسطرة الجنائية جاء بالعديد من المستجدات اإليجابية التي تعتبر التدابير )2
البديلة بوضع المتهم تحت المراقبة القضائية المنصوص عليها في المادة 616خطوة متقدمة
جدا واستجابة لجزمهم من المطالب الملحة للحقوقيين.
إلغاء قضاء التحقيق يمس بضمانات المحاكمة العادلة في عمقها ،وبقرينة )3
البراءة في أصولها ومقاصدها ،ذلك أن الرأي الغالب في الفقه والقضاء يعتبر التحقيق دعامة
أساسية لحقوق اإلنسان ،وركيزة مهمة في تحقيق المحاكمة العادلة ،وما تزال أعرق األنظمة
القضائية في العالم تعتمد عليه إلضفاء الشرعية على األبحاث الجنائية لما يوفره من ضمانات
42
للمهتم وحقوق الدفاع ويجعل البحث الجنائي بمنأى عن كل انتقاء.
إن الضامن لحقوق المتهمين حين عرض ملفاتهم على قضاء التحقيق هو قاضي )4
التحقيق نفسه وذلك بما يتمتع به من ضمير مهني ،وتشبعه بثقافة حماية الحقوق الفردية
43
والجماعية.
إن وجود مؤسسات قضاء التحقيق في المحاكم االستئنافية واالبتدائية يعد من )5
المكتسبات الحقوقية بحكم ما توفره من ضمانات للمتهمين والمجتمع بصفة عامة ،إذ أن
التحقيقات التي يباشرها قاضي التحقيق تمكن استجالء الحقائق بخالف األبحاث التمهيدية التي
تسند للضابطة القضائية والتي ال يتيح الحيز الزمني الذي ال يتجاوز 11ساعة لضباط الشرطة
44
إمكانية جمع األدلة والمعطيات للوصول إلى الحقيقة؛
يعتبر إلغاء قضاء التحقيق تكريسا للهيمنة القانونية للنيابة العامة بجعلها فوق )6
باقي السلطات القضائية ،بل وبجعها فوق القانون الذي حدد وظيفتها ،ومن شأن ذلك أن يؤكد
45
لنا مرة أخرى أن مبدأ المساواة بين أطراف الخصومة الجنائية يبقى حقا مهزوزا؛
- 41عبد الواحد إمام مرسي ،التحقيق الجنائي علم وفن بين النظرية والتطبيق ،دار الكتب ،مصر ،1995 ،ص.85 :
- 42إيمان الخمالي المشيشي ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،نفس المرجع السابق،
ص.37 :
-محمد أنور عاشور ،الموسوعة في التحقيق الجنائي العلمي ،نشر عالم الكتب ،الطبعة الثانية ،2005 ،ص.212 : 43
-محمد الحسون ،مؤسسة قاضي التحقيق :التأصيل النظري والعملي ،نفس المرجع السابق ،ص.42 : 44
-عبد الواحد إمام مرسي ،التحقيق الجنائي علم وفن بين النظرية والتطبيق ،نفس المرجع السابق ،ص.88 : 45
30
تقليص مجال التحقيق اإلعدادي أو إلغاؤه يساهم في تزايد األخطاء القضائية )7
التي كان باإلمكان تفاديها لو عرض الملف على التحقيق لضمان المزيد من التحري والتبصر
بدل الشرع الذي قد يكون وراءه االكتظاظ وضغط عدد القضايا الرائجة أمام غرف
46
الجنايات؛
يتعين إبقاء على قضاء التحقيق خاصة بمحاكم االستئناف ،شريطة تعزيز )8
وضعيته ومراجعة الصالحيات المخولة لقضاء التحقيق.
التحقيق اإلعدادي يشكل ضمانة تعطي للمتهم فرصة للدفاع عن نفسه وإثبات )9
برا ته متى كان بريئا ،بخالف الحالة التي يعرض فيها المتهم على المحكمة مباشرة حيت
47
تضيع عليه فرصة احتمال تقادمها وتفادي مخاطرها؛
إن التغلب على التحديات لمحاربة جرائم الفساد المالي وحماية المال العام )10
وسائر أشكال الجريمة ،وخصوصا الجريمة المنظمة والجريمة االقتصادية وجرائم اإلرهاب،
تقتضي اإلبقاء على قضاء التحقيق وتحفيزه على اإلبداع ،وتمكينه من االطالع على تجارب
48
آخرين ،وتحصينه بتكوين خاص ومتخصص للتغلب على التحديات؛
إلغاء قضاء التحقيق سيؤدي إلى خلل في مبدأ فصل السلطات ،وسيمكن النيابة )11
العامة من توسيع سلطاتها على حساب أخرى ،وفد يشكل تراجع كبير عن المكتسبات؛
سلب حق المتقاضي في تحريك الدعوى العمومية بانتصابه طرفا مدنيا؛ )12
إذا ما كانت مرحلة عبور الملف على التحقيق هي أصعب مرحلة في مسار الملف
الجنائي باعتباره يشكل الحلقة الصعبة للملف في انتظار عرضه أمام جهة الحكم ،فما الذي
يبرر المطالبة بإلغاء مؤسسة التحقيق؟
46
-عبد الواحد إمام مرسي ،التحقيق الجنائي علم وفن بين النظرية والتطبيق ،نفس المرجع السابق ،ص.96 : 47
-إيمان الخمالي المشيشي ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،نفس المرجع السابق، 48
ص.38 :
31
إن التحقيق اإلعدادي فعال في أزمة مظاهرها بادية في مدة التحقيق التي تزداد طوال
واالرتفاع المستمر لعدد المعتقلين االحتياطيين وتراكم القضايا بمكاتب التحقيق في الوقت الذي
يملك قاضي التحقيق سلطات واسعة للقيان بأبحاث خالل مدة غير محددة وفي ظل فراع
تنظيمي بالنسبة للعديد من اإلجراءات التي تنجز بواسطتها هذه األبحاث وفي الوقت الذي
يملك فيه اتخاذ أخطر القرارات ضد المتهم ويعتمد في جمعه لألدلة على الشرطة من خالل
اإلنابات القضائية.49
وفيما يلي أهم االنتقادات الموجهة لمؤسسة قاضي التحقيق بالمغرب :
أنه يساهم في تراكم الملفات وتأخير البث فيها ،وخاصة في القضايا العادية، )1
و كدا إطالة عمرها فضال عن غياب معايير محددة واضحة للتمييز بين القضايا التي تقتضي
التحقيق وتلك التي ال تستجوبه.
استقالل قاضي التحقيق هش ودون ضمانات بحكم عالقته بالنيابة العامة )2
والصالحيات الممنوحة لكل من الوكيل العام للمك ووكيل الملك ،كل فيها يخصه حسب
االختصاص ،في اختيار قاضي التحقيق من بين القضاة العاملين بالمحكمة (المادة 58من
قانون المسطرة الجنائية).
قد أبان التحقيق أكثر من مناسبة على البطء في المسطرة وطول اإلجراءات )3
لمواكبة جرائم الفساد المالي في غياب موارد بشرية متخصصة وإمكانيات لوجستيكية
ضرورية سيما إن محاضر قضاة المجلس األعلى للحسابات يمكن االعتماد عليها لما تتصف
به من مهنية تصلح ألن تكون مصدر المتابعة من طرف النيابة العامة دون إحالتها على
50
الضابطة القضائية؛
مادام قد أصبح للمتضرر من األخطاء القضائية الحق في المطالبة بالتعويض )4
طبقا للمادة 22من دستور المملكة بات ممكنا االستغناء عن قضاء التحقيق ،وذلك بشكل
تدريجي يبتدئ من تقليص اختصاصاته وسلطاته إلى حد إلغائها بإسناد مسألة اإليداع في
- 49مراد عبد الفتاح ،التحقيق الجنائي التطبيقي ،نفس المرجع السابق ،ص.25 :
- 50إيمان الخمالي المشيشي ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،نفس المرجع السابق،
ص.44 :
32
السجن واالعتقال االحتياطي ومناقشة الضمانات الشخصية والعينية المتعلقة بهما إلى هيئة
قضائية فردية أو جماعية تخت ص بالنظر في الحريات والضمانات بإعمال التدابير القضائية
51
المعروفة في هذا اإلطار.
فيما يخص قضايا الفساد المالي واتجاه البعض إلى اإلبقاء على قضاء التحقيق )5
المتخصص في الجرائم المالية ،فإن محاضر قضاة المجلس األعلى للحسابات لها قوة إثباتيه
لما تتصف به من مهنية تصلح ألن تكون مصدر المتابعة من طرف النيابة العامة دون إحالتها
52
على الضابطة القضائية.
عدم خضوع سلطة النيابة العامة لمعايير موضوعية وموحدة في اإلحالة على )6
التحقيق بالنسبة للجنايات غير معاقب عليها باإلعدام والسجن المؤبد ،أو المرتكبة من قبل
األحداث ،أو إحالتها مباشرة على غرفة الجنايات وضع يشكل مساسا بمبدأ مساواة الجميع في
المثول أمام القضاء. 53
إن قضاء التحقيق بالمحاكم االبتدائية لم يقدم أية إضافة نوعية للعدالة الجنائية، )7
بل إن غالبية القضايا التي تحال على التحقيق بحكم أن العقوبة الحبسية تصل إلى 5سنوات
يتم فيها استنساخ واجترار البحث المنجز من طرف الضابطة القضائية ،وذلك خالل مرحلة
البحث التمهيدي بشقيه االبتدائي والتفصيلي إذ يتم استنطاق المتهمين واالستماع إلى المشتكين
والشهود بشكل سطحي دون أية مميزات تجعل قضاء التحقيق يترك بصمته الخاصة على
54
ملف القضية.
عدم تفرغ التحقيق على مستوى المحاكم االبتدائية ،وإسناد مهام قضائية أخرى )8
له بالمحكمة يعد من األسباب التي تحول دون تمكينه من القيام بمهام التحقيق على الوجه
األكمل. 55
-محمد الحسون ،مؤسسة قاضي التحقيق :التأصيل النظري والعملي ،نفس المرجع السابق ،ص.53 : 51
-مراد عبد الفتاح ،التحقيق الجنائي التطبيقي ،نفس المرجع السابق ،ص.30 : 52
-محمد الحسون ،مؤسسة قاضي التحقيق :التأصيل النظري والعملي ،نفس المرجع السابق ،ص.51 : 53
- 54إيمان الخمالي المشيشي ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،نفس المرجع السابق،
ص.46 :
- 55محمد الحسون ،مؤسسة قاضي التحقيق :التأصيل النظري والعملي ،نفس المرجع السابق ،ص.50 :
33
اتساع نطاق الجرائم التي تقبل التحقيق من بين األسباب التي تؤدي إلى إغراق )9
وإثقال كاهل مكاتب التحقيق بكم هائل من الملفات تكون في غالب األحيان تكرارا لما سبق
من إجراءات البحث التي قامت بها الضابطة القضائية.
34
المبحث الثاني :ممارسة التحقيق اإلعدادي
إن التحقيق اإلعدادي هو مرحلة من مراحل القضية الجنائية تتوسط البحث التمهيدي
الذي تباشره الشرطة القضائية والتحقيق النهائي الذي تباشره المحكمة في الجلسة ،وحسب
رأي الفقه والقضاء تعد هذه المرحلة دعامة أساسية لحقوق اإلنسان وركيزة مهمة في تحقيق
المحاكمة العادلة ،ذلك أن التحقيق اإلعدادي يتمثل في مجموعة من التحريات تستهدف
استكمال المعلومات وجمع الحجج التي تكون في صالح المتابع أو ضده من طرف سلطة
قضائية مختصة يحق لها في نهاية األمر أن تقرر ما إذا كان مناسبا أو غير مناسب إحالة
القضية على المحكمة؛ وعليه فإن قاضي التحقيق له مهمة مزدوجة تتمثل من جهة أولى في
جمع األدلة المتعلقة بالجريمة التي توبع من أجلها الظنين ،ومن جهة ثانية في تقدير قيمة تلك
األدلة لمعرفة ما إذا كانت كافية أم ال لالستمرار في المتابعة ،فما هي إذا الجهات المخول لها
ممارسة التحقيق اإلعدادي إلى جانب قاضي التحقيق؟ ،وما هي اإلجراءات المسطرية المتبعة
إلحالة القضية على قاضي التحقيق من اجل ممارسة التحقيق اإلعدادي؟.
وعليه فإننا سنتناول هذا المبحث من خالل مطلبين ،حيت سنخصص المبحث االول
للتبيان الجهات التي خول لها المشرع صالحية ممارسة التحقيق اإلعدادي سواء األصلية منها
أو االستثنائية ،في حين سنخصص المطلب الثاني لعرض المسطرة المتبعة إلحالة القضية
على قاضي التحقيق.
35
المطلب األول :الجهات المخول لها ممارسة التحقيق اإلعدادي
يعتبر قاضي التحقيق هو الطرف األصيل في القيام بمهام التحقيق ،في حين تتداخل معه
بعض الجهات االخرى ،إما باعتبارها تمارس نوعا من الرقابة على إجراءات وأوامر قضاة
التحقيق ،كما هو الشأن بالنسبة للغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف (الفقرة األولى) ،أو في
إطار االنابة القضائية حيث يعهد لضباط الشرطة القضائية القيام الغرفة الجنائية بمحكمة
النقض وضباط الشرطة القضائية وقضاء الحكم بمهام التحقيق (الفقرة الثانية).
خول المشرع المغربي سلطة ممارسة التحقيق اإلعدادي لجهتين أساسيتين هما ،قضاة
التحقيق (أوال) ،والغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف (ثانيا).
57
انطالقا من نص المادة 52من قانون المسطرة الجنائية 56يالحظ ما يلي:
-مراعاة االنسجام المتكامل بين المادة 52والمادة 83من قانون المسطرة الجنائية التي
أوجدت حاالت للتحقيق اإلعدادي (اجبارية كانت ام اختيارية) في الجنح التي تختص المحاكم
االبتدائية بالفصل في موضوعها ،وهو األمر الذي اقتضى من المشرع ،من جهة ،األخذ
- 56المادة 52من قانون المسطرة الجنائية " :يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في المحاكم االبتدائية من بين قضاة الحكم
فيها لمدة ثالث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل ،بناء على اقتراح من رئيس المحكمة االبتدائية.
يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في محاكم االستئناف من بين مستشاريها لمدة ثالث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير
العدل ،بناء على اقتراح من الرئيس األول لمحكمة االستئناف.
يمكن خالل هذه المدة إعفاؤهم من مهامهم بنفس الكيفية.
يباشر هؤالء القضاة مهامهم وفق ما هو منصوص عليه في القسم الثالث بعده.
ال يمكن لقضاة التحقيق ،تحت طائلة البطالن ،أن يشاركوا في إصدار حكم في القضايا الزجرية التي سبق أن أحيلت إليهم
بصفتهم قضاة مكلفين بالتحقيق." .
-57عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية ،الجزء الثاني ،الرباط ،2016 ،ص 27 :و.28
36
بمستويين للتحقيق اإلعدادي ،األول على مستوى المحكمة االبتدائية للجنح ،والثاني على
مستوى محكمة االستئناف بالنسبة للجنايات.
-بناءا على ما سبق فإن قاضي التحقيق ينبغي أن يكون من بين أعضاء القضاء الجالس
بالمحكمة (ابتدائية كانت ام استئنافية) وليس من قضاة النيابة العامة.
ومما سلف ذكره ،يمكن المالحظة على مسطرة تعيين قاضي التحقيق ،بأنها وإن كانت
أصابت فيما يتعلق بتخصيص القضاء الجالس لشغل مهام التحقيق اإلعدادي فإن تحديد المدة
في ثالث سنوات ليس لها داع يذكر ،إذ أن قاضي التحقيق كلما طالت مدة بقائه في هذا
58
المنصب إال ووفرت خبرته في هذا المجال.
ومع ما سبق من القول ،ومن دون التشكيك أو التقليل من ضرورة إيجاد أو إبتكار آليات
جدية تدعم إستقاللية قاضي التحقيق سواء عند تعيينه أو عند وضع حد لمهامه كممارس
للتحقيق.
-إذا كانت المادة 52من قانون المسطرة الجنائية ،قد ظلت وفية للفصل 6من ظهير
اإلجراءات االنتقالية لسنة 1974فيما يتعلق بتراجعها عن الضمانة التي كان يوفرها الفصل
53من ظهير 1959/2/10المتعلق بوجوب أخد رأي مكتب المجلس األعلى للقضاة قبل
اتخاد وزير العدل لقرار إعفاء قاضي التحقيق ،فإنها خالفته بتقريرها في فقرتها االخيرة.
-إن الذي أقر التحقيق اإلعدادي على مستوى المحاكم االبتدائية واالستئنافية ،مكن
لوزير العدل من أن يعين لديها إما قاضيا للتحقيق أو عدة قضاة ،وهو ما يعني أن العدد غير
المحدد برقم في النص ،ان كان ال يطرح أي اشكالية عندما يتعدد قضاة التحقيق المعينين لدى
المحكمة.
فاألمر على خالف ذلك إن كانت المحكمة ال تتوفر سوى على قاضي واحد للتحقيق
حصل له مانع منعه مؤقتا من ممارسته لمهامه ،وهو األمر الذي تداركه القانون في المادة
- 58عبد الواحد إمام مرسي ،التحقيق الجنائي علم وفن بين النظرية والتطبيق ،نفس المرجع السابق ،ص.66 :
37
53من قانون المسطرة الجنائية التي مكنت رئيس المحكمة في حالة االستعجال وبناء على
طلب النيابة العامة وفي انتظار زوال المانع ،أو حصول التعيين بقرار نظامي يصدره وزير
59
العدل ،أن يعين أحد قضاة أو مستشاري المحكمة لممارسة هذه المهام.
تعتبر الغرفة الجنحية هيئة قضائية تدخل في مكونات محكمة االستئناف إلى جانب باقي
الغرف كغرفة الجنايات وغرفة الجنايات االستئنافية وغرفة الجنح االستئنافية...الخ ،وقد تم
احداثها بمقتضى ظهير 1974/07/28المتعلق باإلجراءات االنتقالية لتعويض غرفة االتهام
وذلك بجعلها مهمة رقابية على اعمال قاضي التحقيق.
وتتصل الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف بالتحقيق االعدادي في كونها الجهة المختصة
بالنظر في طلبات بطالن إجراءات التحقيق ،واالستئنافات المرفوعة ضد أوامر قاضي
التحقيق ،وفي طلبات االفراج المؤقت المقدمة اليها مباشرة ،وكذا كل اخالل منسوب لضابط
كما 60
من ضباط الشرطة القضائية خالل مزاولته لمهامه كما هو منصوص في القانون،
نصت على كل هذا المادة 239من قانون المسطرة الجنائية -وبالتالي يمكن اعتبارها درجة
61
ثانية من درجات التحقيق االعدادي.
وتنص المادة 231من قانون المسطرة الجنائية على أنه :تنظر الغرفة الجنحية بمحاكم
االستئناف وهي مكونة من الرئيس األول أو من ينوب عنه ومن مستشارين اثنين بحضور
ممثل النيابة العامة وكاتب الضبط:
- 59محمد الحسون ،مؤسسة قاضي التحقيق :التأصيل النظري والعملي ،نفس المرجع السابق ،ص.58 :
- 60انظر بالتفصيل المادة 231من قانون المسطرة الجنائية.
-محمد حكيم ،تأمالت في قضاء التحقيق بين الممارسة والتطبيق ،مجلة الحقوق المغربية ،العدد الخامس ،2005 ،ص.152 : 61
38
أوال :في طلبات االفراج المؤقت المقدمة اليها مباشرة طبقا لمقتضيات الفقرتين الرابعة
والخامسة من المادة ،179وفي تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية المتخذة طبقا للمادة
.160
ثانيا :في طلبات بطالن إجراءات التحقيق المنصوص عليها في المواد 210إلى 231
من قانون المسطرة الجنائية.
ثالثا :في االستئنافات المرفوعة ضد أوامر قاضي التحقيق طبقا للمادة 222وما يليها
من قانون المسطرة الجنائية.
رابعا :في كل اخالل منسوب لضابط من ضباط الشرطة القضائية خالل مزاولته لمهامه
62
طبقا لما هو منصوص عليه في المواد من 29إلى 35من هذا القانون.
وترتيبا على ما تقدم ،يمكن القول بان المادة أعاله جعلت من الغرفة الجنحية هيئة
باإلشراف على التحقيق االعدادي ،ان على مستوى النظر 64
مخولة أساسا 63
قضائية دائمة
في طلبات االفراج المؤقت التي تقدم اليها عندما ال يقوم قاضي التحقيق بالبث داخل االجل،
وان على مستوى مراقبة التحقيق االعدادي ،اما بالطعن باالستئناف من قبل النيابة العامة أو
المتهم أو المطالب بالحق المدني في أوامر قاضي التحقيق القابلة للطعن فيها امامها ،واما
باعالنها بطالن إجراءات التحقيق التي لم تحترم فيها المقتضيات الجوهرية التي كان ينبغي
مراعاتها عند انجاز التحقيق من قبل المحقق ،كما تقضي بذلك المواد من 210إلى 213منى
ق.م.ج.
- 62تجري المناقشات في الغرفة الجنحية بصفة سرية وفي اطار غرفة المشورة ،بعد االطالع على تقرير المستشار المكلف
بالقضية ودراسة الملتمسات الكتابية للوكيل العام للملك ومذكرات األطراف ،وتصدر قرارها في جلسة علنية ،ويمكنها ان
تامر بحضور األطراف شخصيا واالستماع اليهم وبإحضار أدوات االقناع.
- 63وهذا خالفا لغرفة االتهام التي كانت ال تجتمع اال عندما تقتضي الضرورة ذلك الفصل 215من ظهير .1959/2/10
- 64بسبب ان الغرفة الجنحية وان خولت في القانون الجديد للمسطرة ،صالحيات غرفة االتهام الملغات فيما يتعلق باإلشراف
على التحقيق االعدادي ،فإنها لم تكلف على غرار الغرفة الجنحية المحدثة بظهير اإلجراءات االنتقالية ل28شتنبر 1974
الفصل 10من ظ.ا.ن ،بالنظر-زيادة على مراقبة التحقيق االعدادي-في االستئناف المرفوعة ضد االحكام الصادرة عن
المحاكم االبتدائية في الجنح والمخلفات.
39
الفقرة الثانية :الجهات المكلفة استثناء بالتحقيق اإلعدادي
باإلضافة إلى قاضي التحقيق والغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف ،فهناك جهات أخرى
اسند لها المشرع القيام بإجراءات التحقيق استثناء وضمن شروط شكلية خاصة حددها المشرع
ونظمها بأحكام وقواعد إجرائية ،وتتمثل هذه الجهات االستئنافية في كل من الغرفة الجنائية
بمحكمة النقض (أوال) ،ضباط الشرطة القضائية وقضاة المحاكم (ثانيا).
قد يجري التحقيق استثناء من طرف جهة نص القانون على اسناد هذا االختصاص لها
بمقتضى نص خاص وألسباب ودواعي استثنائية.
وفي هذا اإلطار تنص المادة 265من قانون المسطرة الجنائية على أنه:
"اذا كان الفعل منسوبا إلى مستشار لجاللة الملك أو عضو من أعضاء الحكومة أو
كاتب دولة أو نائب كاتب دولة مع مراعاة مقتضيات الباب الثامن من الدستور أو قاض
أو إلى الدستوري65 بمحكمة النقض أو بالمجلس األعلى للحسابات أو عضو في المجلس
والي أو عامل أو رئيس اول محكمة استئناف عادية أو متخصصة أو وكيل عام للملك لديها،
فإن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض تامر -عند االقتضاء -بناء على ملتمسات الوكيل العام
للملك بنفس المحكمة بان يجري التحقيق في القضية عضو أو عدة أعضاء من هيئتنا.
يجري التحقيق حسب الكيفية المنصوص عليها في القسم الثالث من الكتاب األول
المتعلق بالتحقيق االعدادي.
- 65بمقتضى الدستور الجديد 1يوليوز 2011تمت االستعاضة عن المجلس الدستوري بالمحكمة الدستورية التي سوف
تحل محله.
40
بعد انهاء التحقيق يصدر قاضي أو قضاة التحقيق ،حسب األحوال ،امرا قضائيا بعدم
المتابعة أو باإلحالة إلى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض.
يقبل قرار الغرفة الجنائية االستئنافية داخل اجل ثمانية أيام ،وتبث في االستئناف غرف
محكمة النقض مجتمعة باستثناء الغرفة الجنائية التي بتت في القضية.
يتضح من المادة أعاله ان الغرفة الجنائية بمحكمة النقض هي المختصة بالتحقيق في
األفعال المنسوبة لبعض كبار الموظفين الذين تم ذكرهم على سبيل الحصر ،اال ان هذا
االستثناء على مستوى األشخاص الخاضعين إلجراءات التحقيق الذي تباشره الغرفة الجنائية
بمحكمة النقض ال يؤثر على طبيعتها القانونية بل يتم وفق االحكام المنصوص عليها في المواد
66
83الى 250من قانون المسطرة.
منح المشرع لقاض التحقيق حق انتداب أي قاضي اخر للقيام بأحد إجراءات التحقيق
من قضاة الحكم ،أو ضابط من ضباط الشرطة القضائية للقيام بإجراء ما يراه الزما من اعمال
التحقيق بواسطة االنابة القضائية.
وتتضح أهمية االنابة القضائية 67في تسهيل عمل قاضي التحقيق خصوصا عندما يتعلق
االمر باالستماع إلى شخص يتواجد خارج دائرة نفوذه الترابي.
- 66محمد حكيم ،تأمالت في قضاء التحقيق بين الممارسة والتطبيق ،نفس المرجع السابق ،ص.155 :
- 67تنص المادة 189من ق.م.ج .أنه" :يمكن لقاض التحقيق ان يطلب بواسطة انابة قضائية من أي قاض اخر للتحقيق،
أو أي قاض أو أي ضابط من ضباط الشرطة القضائية الموجودة في نفس دائرة محكمته ،القيام بإجراء ما يراه الزما من
اعمال التحقيق في األماكن الخاضعة لنفوذ كل واحد منهم.
41
وما يهمنا بخصوص اثارة موضوع االنابة ،هو ادخال جهات أخرى غير اصلية للقيام
بإجراءات التحقيق االعدادي وتتمثل في قضاة الحكم وضباط الشرطة القضائية ،فهؤالء جميعا
يحلون محل قاضي التحقيق في بعض االختصاصات الموكولة إليهم والتي يجب ان يتقيدوا
بها ،اال ان التساؤل يطرح بخصوص ،كيف يمكن التعامل مع االنابة القضائية الموجهة خارج
ارض الوطن؟ وهل انتداب السلطات القضائية لبلد أجنبي يقلص من دور قاضي التحقيق أو
68
يتنازل عن اختصاصاته لسلطة البلد األجنبي.
يمكنه ان بعهد بتنفيذ االنابة القضائية خارج دائرة نفوذ محكمته ألي قاض اخر من قضاة التحقيق أو قضاة الحكم ،وعلى
القاضي المنتدب اشعار النيابة العامة التي تنفذ االنابة في دائرة نفوذها".
- 68احمد قيلش ،مجيدي السعدية ،سعاد حميدي ،محمد زنون ،نفس المرجع السابق ،ص.138 :
42
المطلب الثاني :اتصال قاضي التحقيق بالتحقيق اإلعدادي
لئن كان قاضي التحقيق ضابطا ساميا للشرطة القضائية بمقتضى قانون المسطرة
الجنائية ويجوز له أن يبدأ في إجراءات البحث التمهيدي تلقائيا بمقتضى هذه الصفة ،فإن األمر
خالف ذلك حينما يتعلق بالتحقيق اإلعدادي .فال يمكن له إجراء بحث إال بعد إشعاره بطلب
69
من النيابة العامة أو بشكاية مصحوبة باالدعاء بالحق المدني.
فال يجوز لقاضي التحقيق أن يجري التحقيق اإلعدادي إال بموجب التماس بإجرائه
يصدر من الوكيل العام للملك ،أو وكيل الملك – حسب األحوال ،-ولو كان قاضي التحقيق قد
70
قام في حالة التلبس بجميع االختصاصات التي يخولها له قانون المسطرة الجنائية.
فمن خالل استعراض مقتضيات الفصول المنظمة للموضوع يتضح أن المشرع حاول
جعل قضايا التحقيق كمبدأ عام خاضعة لرقابة قبلية من طرف النيابة العامة فال تحيل إال ما
كان التحقيق فيها إلزاميا (وهي قضايا قليلة بالمقارنة مع غيرها) أو ما ارتأت هي بناء على
71
سلطتها التقديرية إحالتها على التحقيق بمقتضى ملتمس بإجراء تحقيق.
- 69إيمان الخمالي المشيشي ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،نفس المرجع السابق،
ص.70 :
-محمد حكيم ،تأمالت في قضاء التحقيق بين الممارسة والتطبيق ،نفس المرجع السابق ،ص.156 : 70
خالد بنیس ،دعاوي الحالة المدنية ،منشورات تنمية البحوث والدراسات القضائية ،مطبعة المعاريف الجديدة ،الرباط، 71
،1994ص.125 :
43
وهذا الملتمس يتعين أن يكون مكتوبا ومطابقا للتعليمات المعطاة لها ضمن الشروط
المنصوص عليها في المادة 38كسائر التماساتها األخرى.
وأن يتضمن وقائع الجريمة موضوع المتابعة ولو بمقتضى الوثائق المرفقة به واسم أو
أسماء األشخاص الذين سيجري التحقيق معهم وهوياتهم إن توفر ذلك ،إذ ليس ضروريا أن
يذكر في ملتمس إجراء متابعة اسم الشخص المعني بالتحقيق ،ألنه كما يجوز اتخاذ التماس
72
بإجراء تحقيق ضد شخص معين يجوز اتخاذه ضد مجهول.
وفي حالة وجود عدة قضاة للتحقيق في نفس المحكمة ،عينت النيابة العامة في ملتمسها
القاضي الذي يتكلف بإجرائه اسميا.
كما يتعين أن يشمل الملتمس باإلضافة إلى حصر وقائع التحقيق ،الفصول القانونية
المعتمدة ،حتى يضع اإلطار العام لسير إجراءات التحقيق ،ذلك أن قاضي التحقيق وإن كان
حرا في اتهام أي شخص بصفته فاعال أو مشاركا في الوقائع المعروضة عليه فإنه مقيد هذه
األخيرة ،فإذا بلغ إلى علمه أعمال لم يشر إليها في التماس إجراء التحقيق تعين عليه أن يرفعها
73
إلى النيابة العامة رفقة الوثائق المثبتة لها.
وباإلضافة إلى ملتمس إجراء تحقيق يمكن لقاضي التحقيق أن يضع يده على القضية
بمقتضى شكاية مباشرة مرفقة بالمطالبة بالحق المدني .غير أن األمر ال يقف عند حد تقديم
الشكاية وأداء المبلغ المضنون أنه الزم لصوائر إجراءات الدعوى ليباشر قاضي التحقيق
إجراءات البحث ،بل ال بد من تبليغ هذه الشكاية إلى النيابة العامة 74بمقتضى قرار باالطالع
إلبداء التماساتها بشأنها ،بعد أن تقدر ما إذا كانت األفعال موضوع الشكاية يسوغ قانونا
المتابعة من أجلها ويكون من شأنها أن تتسم بصفة جنائية على فرض ثبوتها أم ال ،فتكون
ملزمة في الحالة األولى بإصدار التماس بإجراء تحقيق ويمكنها في الحالة الثانية وفي حالة
- 72إيمان الخمالي المشيشي ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،نفس المرجع السابق،
ص.72 :
-مراد عبد الفتاح ،التحقيق الجنائي التطبيقي ،نفس المرجع السابق ،ص.250 : 73
44
ما إذا كانت الوقائع المعروضة ال تستوجب قانونا إجراء المتابعة لوجود أسباب تمس الدعوى
العمومية كالتقادم أو موت المشتكى به وكذا في الحالة التي تكون فيها الجريمة موضوع
75
الشكاية المباشرة من النوع الغير القابل للتحقيق أن تلتمس عدم إجرائه.
أما إذا اتضح للنيابة العامة أن الشكاية المقدمة غير معللة تعليال كافيا أو لم تبررها بوجه
كاف الحجج المدلى بها أمكنها أن تلتمس من قاضي التحقيق فتح تحقيق مؤقت ضد كل
األشخاص الذين سيكشف عنهم التحقيق.
وتأكيدا للقاعدة القاضية بأن قاضي التحقيق ،ال يجوز له أن يباشر التحقيق إال بموجب
ملتمس ،فإنه إذا بلغت إلى علمه أعمال لم يشر إليها الملتمس بإجراء التحقيق ،وجب عليه أن
يرفع حاال إلى النيابة العامة الشكايات والمحاضر التي تثبتها ودلك وفقا للمادة 4/84من
قانون المسطرة الجنائية ويجب أن يتقيد في حدود الوقائع المحالة عليه ،والتي كاف بالتحقيق
فيها ،بحيث ال يجوز له أن يتجاوزها ،غير أنه بإمكانه توجيه االتهام ألي شخص ودلك وفقا
لمبدأ " التحقيق عيني وليس شخصي ".
76
و يتم تقديم الملتمس بإجراء تحقيق على نوعين :أصلي وإضافي.
الملتمس األصلي :يتخذ شكل صك مكتوب ،يتضمن طلبا موجها من النيابة العامة إلى
قاضي التحقيق ،تلتمس من خالله إجراء تحقيق ضد شخص معروف أو مجهول ،في شأن
وقائع محدودة منسوبة إلى هدا الشخص.
الملتمس اإلضافي :هو اآلخر صك مكتوب ،تتدخل النيابة العامة عن طريقة ،من أجل
القيام بكل إجراء تراه مفيد اإلظهار والحقيقة .ويجوز لها طلب اإلطالع على اإلجراءات
بشرط أن ترجع الملف من طرف ال يتعدى 24ساعة.
- 75إيمان الخمالي المشيشي ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،نفس المرجع السابق،
ص 72 :و.73
-مراد عبد الفتاح ،التحقيق الجنائي التطبيقي ،نفس المرجع السابق ،ص.252 : 76
45
وباإلضافة إلى الملتمس األصلي واإلضافي ،هناك ملتمس تخلي قاضي التحقيق عن
القضية ويتخذ شكل طلب معلل االنسياب ،توجهه النيابة العامة للغرفة الجنحية أو يوجهه
المتهم أو المطالب بالحق المدني وتبت فيه الغرفة الجنحية في 10أيام وال يقبل قرارها أي
77
طعن.
- 77رشيد االدريسي ،اختصاصات النيابة العامة ،مقال منشور بموقع الحريات المغربي ،تاريخ االطالع 2017/06/16
46
الفقرة الثانية :بالمطالبة المطالب بالحق المدني (الشكاية المباشرة)
إذا كانت النيابة العامة طرفا رئيسا في تحريك الدعوى العمومية وخولها المشرع حق
اإلحالة على قاضي التحقيق بمقتضى ملتمسات كتابية ،فإن المشرع أعطى نفس الحق للمطالب
بالحق المدني ،حيث نصت المادة 92من قانون المسطرة الجنائية ":يمكن لكل شخص ادعى
انه تضرر من جناية أو جنحة ان ينص نفسه طرفا مدنيا عند تقديم شكايته أمام قاضي
كما نصت المادة 54من نفس 78
التحقيق المختص ،مالم ينص القانون على خالف ذلك"،
القانون على ما يلي "ال يمكن لقاضي التحقيق اجراء تحقيق اال بناء على ملتمس محال اليه
من النيابة العامة ،أو بناء على شكاية مرفقة بتنصيب المشتكي طرفا مدنيا".
وبذلك فإن قاضي التحقيق يضع يده على القضية بناء على شكاية الطرف المدني
المتضرر من الجريمة المراد التحقيق بشأنها.
- 78يقصد بذلك أنه هناك حاالت يقرر فيها القانون مسطرة خاصة ،كما هو الحال بالنسبة للحصانة البرلمانية أو الدبلوماسية
أو ما هو منصوص عليه ي المواد 264وما بعدها من قانون المسطرة الجنائية بشأن الجرائم المنسوبة للقضاة ونوع من
الموظفين والتي تستوجب مسطرة خاصة ،وكذا الفصل 125من قانون العدل العسكري الذي يمنع على المحكمة العسكرية
النظر في الدعوى المدنية.
- 79الشكاية المباشرة :هي المطالبة بالحق المدني من قبل المتضرر من جناية أو جنحة امام قاضي التحقيق المختص،
وتختلف عن االدعاء المباشر الذي يشكل اإلمكانية االستثنائية في تحريك الدعوى العمومية من قبل المتضرر المباشر من
فعل الجرم يتمثل في مخالفة أو جنحة مع المطالبة بالتعويض عن ضرر الجريمة مباشرة امام القضاء الزجري.
للتوسع في ذلك أنظر :عبد الرحيم الزكار ،االدعاء المباشر والشكاية المباشرة في التشريع المغربي ،دراسة تحليلية عملية،
مطبعة إديكار ،طبعة ،2001ص.152
47
تنص المادة 92من قانون المسطرة الجنائية على أنه" :يمكن لكل شخص ادعى انه
تضرر من جناية أو جنحة أن ينص نفسه طرفا مدنيا عند تقديم شكايته أمام قاضي التحقيق
المختص ،ما لم ينص القانون على خالف ذلك".
فالمتضرر يمكنه تقديم شكاية سواء من مواجهة شخص ذاتي اكان فاعال أصليا أو
مساهما أو مشاركا في الفعل الجرمي ،أو في مواجهة شخص معنوي فيما يتعلق بالجرائم التي
يمكن نسبتها إلى األشخاص المعنوية.
وقد نظم المشرع المغربي شروط وكيفية إجراءات إثارة الدعوى العمومية من طرف
المتضرر أمام قاضي التحقيق في الباب الثالث من القسم الثالث المتعلق بالتحقيق اإلعدادي
في المواد من 92إلى 98من قانون المسطرة الجنائية
وبعد إحالة الشكاية على قاضي التحقيق يقوم هذا األخير بتحديد المبلغ الذي يفترض أنه
ضروري لمصاريف الدعوى وذلك ما لم يكن الطرف المدني عند إقامته للدعوى العمومية
الذي يراعي فيه اإلمكانيات 80
حاصال على المساعدة القضائية ،ويتم إيداع المبلغ المحدد
المالية للمشتكي بصندوق المحكمة داخل أجل يحدده قاضي التحقيق تحت طائلة عدم قبول
81
شكايته.
وبمجرد توفر الشكاية على شروطها الشكلية ،يأمر قاضي التحقيق بتبليغها إلى الوكيل
العام للملك لتقديم ملتمساته ،وتقوم النيابة العامة بعد تبليغها بالشكاية من طرف قاضي التحقيق
بمراقبة مدى توفرها على كافة شروطها الشكلية والموضوعية حتى يتسنى قبولها ،والتي
يمكن إجمالها فيما يلي:
- 80شرح قانون المسطرة الجنائية ،وزارة العدل ،نفس المرجع السابق ،الجزء األول ،ص.228 :
- 81نصت الفقرة األولى من المادة 95من ق .م .ج .على أنه " :يجب على الطرف المدني عند اقامته للدعوى العمومية
ما لم يكن محصال على المساعدة القضائية ،أن يودع بكتابة الضبط المبلغ الذي يفترض أنه ضروري لمصاريف الدعوى،
ويحدد له أجل لإليداع وذلك تحت طائلة عدم قبول شكاياته ،ويحدد هذا المبلغ بأمر من قاضي التحقيق الذي عليه أن
يراعي اإلمكانيات المالية للمشتكي".
48
-االختصاص النوعي والمحلي لقاضي التحقيق المرفوعة إليه الشكاية :حيث نصت
المادة 92من ق .م .ج على أن الشكاية المباشرة يتعين تقديمها أمام قاضي التحقيق المختص،
ما لم ينص القانون على خالف ذلك ،وعليه فإن قاضي التحقيق قد يجد نفسه اعتمادا على
بأنه غير مختص بإجراء 83
والفقرة الثالثة من المادة 93من ق .م .ج، 82
المادة ،55
وفي حالة عدم اختصاص قاضي التحقيق بالنظر في الشكاية المباشرة والتحقيق 84
التحقيق،
مع األشخاص الواردة أسماؤهم بها أو سيكشف عنهم التحقيق بالتعيين عليه بعد اطالع النيابة
وهذا معناه أن المشرع 85
العامة بذلك وتلقي ملتمساتها ان يصدر أمرا بعدم االختصاص،
اوجب عليه إرشاد المشتكي وعدم تركه يرفع شكاوى إلى جهات قد تكون بدورها غير مختصة
فيضيع بذلك وقته وجهد القضاء عبثا.
-أما فيما يخص اختصاص قاضي التحقيق نوعيا :فإن هذا األخير يكون مختصا بإجراء
التحقيق بناء على شكاية المتضرر إذا كانت الجريمة المراد التحقيق فيها يتعين التحقيق فيها
(المادة 83من ق .م .ج) وإذا كان المشرع خول للمتضرر تقديم شكاية مباشرة أمام قاضي
التحقيق ،فإن ذلك ليس مطلقا بل هذا الحق يرد عليه استثناء وذلك بصريح عبارة" ما لم ينص
القانون على خالف ذلك".
-أن يكون المتهم ذا أهلية للتقاضي :إذا ال يمكن للمتضرر عديم األهلية أو ناقصها،
إثارة الدعوى العمومية أمام قاضي التحقيق عن طريق الشكاية المباشرة وإنما يتعين عليه
إقامتها بواسطة نائبه القانوني ،وال يمكن لقاضي التحقيق في حالة عدم تقديم القاصر شكاية
- 82التي تحدد اختصاص قاضي التحقيق مكانيا و التي تحيل على المادة 44التي تنص على أنه ":يرجع االختصاص
المحلي إما لوكيل الملك في مكان ارتكاب الجريمة ،وإما لوكيل الملك في مكان إلقاء القبض على أحد هؤالء األشخاص
ولو تم القبض لسبب اخر".
- 83التي تذكر بوجوب احترام المطالب بالحق المدني لالختصاص النوعي لقاضي التحقيق ،والذي يتحدد بالجرائم من
جنايات وجنح التي سمح القانون بالتحقيق فيها في المادة 83من ق .م .ج .دون غيرها.
- 84إما محليا أو نوعيا عمال بالمادة 83من ق .م .ج.
- 85المادة 97من ق .م .ج":يتعين على قاضي التحقيق في حالة عدم اختصاصه ،أن يصدر بعد تلقي ملتمسات النيابة
العامة أمرا بإحالة الطرف المدني ليقيم دعواه أمام الهيئة القضائية المختصة بالنظر فيها".
49
مباشرة بواسطة ممثله القنوني ،ان يعين وكيال خصوصيا عنه بناء على ملتمس النيابة العامة،
86
ألن هذه اإلمكانية أعطية لقضاء الحكم فقط ،وهذا ما تنص عليه المادة 353من ق .م .ج.
-أن يعين المتضرر محل المخابرة :إذا كان ال يتور على محل إقامة بالدائرة التابعة
لنفوذ المحكمة المكلفة بالتحقيق ،وعدم اختياره موطنا لم يرتب عليه المشرع جزاء ،وإنما ال
87
يسمح له االحتجاج بعدم تبليغه اإلجراءات التي كان يجب تبليغها إليه.
-مدى قابلية األفعال موضوع الشكاية للتحقيق ،وعدم انقضاء الدعوى العمومية.
-ال يمكن للنيابة العامة أن تحيل على قاضي التحقيق ملتمسات بعدم إجراء تحقيق إال
إذا توفرت أحد األسباب التي تمس الدعوى العمومية ،أو إذا كانت الوقائع ال تقبل أي تكييف
جرمي حتى لو افترض وجودها أو لم تكن من النوع القابل للتحقيق،
-في حالة تقديم شكاية ال تدعمها أسباب كافية أوال تبررها المستندات المقدمة ،يمكن
للنيابة العامة أن تلتمس من قاضي التحقيق فتح تحقيق مؤقت حول أي شخص قد يكشف عنه
البحث.
واستنادا إلى مقتضيات المادة 95من قانون المسطرة الجنائية ،فقد أوكلت إلى قاضي
التحقيق مهمة إشعار الوكيل القضائي للمملكة في حالة إقامة الدعوى العمومية ضد قاضي
التحقيق أو موظف عمومي أو عون تابع للسلطة أو القوة العموميةّ ،وظهر أن الدولة يمكن أن
88
تتحمل المسؤولية المدنية من جراء أعمال تابعيها.
- 86تنص المادة 353م ق .م .ج على أنه" :أذا كان الشخص الذي يدعي الضرر غير مؤهل لتقديم الطلب بنفسه بسبب
مرض عقلي أو بسبب قصوره ،ولم يكن له ممثل قانوني ،فللمحكمة أن تعين له لهذا الغرض وكيال خصوصيا بناء على
ملتمس من النيابة العامة".
- 87أنظر المادة 96من ق .م .ج " :يجب على كل طرف مدني ال يقيم داخل دائرة نفوذ المحكمة التي يجري فيها التحقيق
أن يختار موطنا بدائرة تلك المحكمة.
إذا لم يختر الطرف المدني موطنا ،فال يمكنه الدفع بعدم تبليغه اإلجراءات التي كان يجب تبليغها إليه بمقتضى القانون." .
- 88المالحظ أن المشرع وخالفا لقانون المسطرة الجنائية الملغى الذي كان يرتب على عدم إشعار الوكيل القضائي للمملكة
عدم قبول المتابعة ،فإنه لم يرتب عليه أي اثر بمقتضى قانون المسطرة الجنائية الجديد ،وبالتالي فإن عدم القيام به ال يتأسس
عليه أي جزاء قانوني من طرف قاضي التحقيق.
50
إجراء التحقيق في الجنح بناء على شكاية المتضرر: -
عن مسطرة إجراء تحقيق اعدادي في الجنح ال تختلف عن نظريتها في الجنايات بمحاكم
االستئناف ،وألجل تحريك الدعوى العمومية بناء على شكاية مصحوبة باالدعاء المباشر في
الجنح ،يجب مراعات الشروط واإلجراءات التالية:
-أن تكون الجنحة من الجنح التأديبية التي أجاز المشرع المغربي إجراء تحقيق
بخصوصها.
-تبيان وقائع النازلة بدقة واألفعال المرتكبة المراد إجراء تحقيق فيها ،ليتبين لقاضي
التحقيق ما إذا كانت تلك األفعال تشكل جرائم يبيح القانون أو يفرض إجراء تحقيق فيها ما
دام أن نطاق التحقيق ليس مطلقا ،وأن أفعاال بعينها هي التي أجاز القانون إجراء تحقيق
89
أعدادي بشأنها.
-تحديد وقت وتاريخ ارتكاب األفعال المراد إجراء تحقيق فيها وهو ما يساعد قاضي
التحقيق على تحديد ما إذا كانت األفعال المذكورة قد طالها التقادم الجنائي أم ال.
-أداء الرسم القضائي على الشكاية بصندوق المحكمة ،ما لم يكن المشتكي متمتعا
بالمساعدة القضائية وأداء القسط الجزافي بالنسبة للمطالب بالحق المدني ،ثم أداء الوديعة التي
90
يحددها قاضي التحقيق.
52
يملك قاضي التحقيق خالل سير الدعوى العمومية سلطة واسعة تتمثل في إصدار
مجموعة من األوامر القضائية لضمان مثول المتهم امامه ،فضال عن االوامر الضرورية
للحفاظ على حسن سير التحقيق ،فقد خول المشرع المغربي لقاضي التحقيق مجموعة من
األوامر تمس شخص المتهمين بدراجات متفاوتة ،والهدف من إقرارها يختلف بحسب ما كان
اللجوء إليها هو الوصول إلى استنطاق المتهم أو وضعه في رهم إشارة قاضي التحقيق،
لحاجيات يقتضيها البحث ،وذلك باعتقاله احتياطيا لفترة قد تمتد لحين صدور حكم نهائي في
القضية.
وينهي قاضي التحقيق تحقيقه بأمر منه ،بحيث ال يخرج هذا األمر عن ثالثة حاالت،
هي األمر بعدم االختصاص ،واألمر بعدم المتابعة ،أو األمر باإلحالة على المحكمة المختصة،
وذلك مع احترام مجموعة من الشكليات والضوابط في تبليغها لمن حددهم القانون ،فقاضي
التحقيق ملزم بإخبار النيابة العامة بانتهاء التحقيق اإلعدادي ،حتى تتمكن من تقديم ملتمساتها
النهائية في شأن التحقيق.
ولضمان تطبيق سليم لقواعد قانون المسطرة الجنائية ،وعدم المساس بحقوق الدفاع،
والموازنة بين سلطات قاضي التحقيق وحقوق الدفاع ،في إطار المحاكمة الجنائية العادلة التي
تتجسد في حقوق الضحايا وضمانات المتهم ،فإن المشرع المغربي حرص على سن مقتضيات
قانونية تحدد طرق مراقبة التحقيق اإلعدادي ،ونظم األحكام الخاصة ببطالن أوامر قاضي
التحقيق ،وذلك إلى جانب حق استئناف األوامر الصادرة عن قاضي التحقيق الذي خوله للنيابة
العامة وللمطالب بالحق المدني ،كل هذا تحت مراقبة هيئة قضائية تتمثل في الغرفة الجنحية
بمحكمة االستئناف.
وعليه فإننا سنتناول في المبحث األول من هذا الفصل مختلف األوامر التي يصدرها
قاضي التحقيق بمناسبة ممارسته للتحقيق االعدادي ،بينما سنتناول في المبحث الثاني أوجه
رقابة الغرفة الجنحية على أوامر قاضي التحقيق.
53
المبحث األول :أوامر قاضي التحقيق
بعد إحالة القضية على قاضي التحقيق إما بناء على ملتمس النيابة العامة أو بناء على
شكاية المطالب بالحق المدني ،فإن قاضي التحقيق يقوم بجميع إجراءات البحث التي يراها
صالحة للكشف عن الحقيقة ،والتعرف على مرتكب الجريمة واإللمام بشخصيته ،واإلجراءات
التي يلجئ إليها قاضي التحقيق في سبيل الحصول على أدلة اإلثبات تعرف اصطالحا
باالستدالل الذي ينصب إما على األشخاص أو على األشياء ،فاالستدالل المتعلق بشخص
المتهم يتجلى في إجراء بحث حول شخصية المجرم وإخضاعه للعالج ،واستنطاقه ومواجهته
مع الغير ،أما االستدالل المتعلق بباقي األدلة فإنه يتمثل في االستماع إلى الشهود ومواجهتهم
مع بعضهم البعض أو مع المتهم ،وانتداب الخبراء إذا كان األمر يتعلق بمسألة فنية أو تقنية،
وتفتيش المنازل أو االماكن وحجز ما بها من أشياء أو وثائق لها عالقة بالجريمة موضوع
التحقيق ،باإلضافة إلى التقاط المكالمات واالتصاالت المنجزة بوسائل االتصال عن بعد ،كما
يصدر قاضي التحقيق مجموعة من األوامر المتعلقة بسير التحقيق ،والتي تتمثل في بعض
التعليمات التي تخص المتهم ،كإلزامه بالمثول أمام قاضي التحقيق طواعية أو جبرا أو بإيداعه
السجن أو إخضاعه للمراقبة أو اعتقاله احتياطيا أو تخص االشياء كسحب جواز السفر أو
إرجاع الحيازة ،هذا باإلضافة إلى األوامر التي يصدرها قاضي التحقيق بمناسبة إنتاء التحقيق
والتي تتمثل إما باألمر بعدم االختصاص أو اإلمر بعدم اإلحالة أو األمر باإلحالة القضية
والمتابعة المتهم.
وعليه ،فإننا سنتناول هذا المبحث من خالل مطلبين إثنين ،مطلب نخصصه لعرض
أوامر قاضي التحقيق المتعلقة باالستدالل سواء تلك التي تنصب على شخص المتهم ،أو التي
تنصب على باقي األدلة ،بينما سنخصص المطلب الثاني ألوامر قاضي التحقيق المتعلقة بسير
التحقيق وانتهائه.
54
المطلب األول :أوامر قاضي التحقيق المتعلقة باالستدالل
أناط المشرع بقاضي التحقيق مهمة الكشف عن الحقيقة ،وخول له ألجل ذلك حق القيام
بجميع اإلجراءات التي يراها صالحة لبلوغ هذه الغاية ،وتعرف هذه اإلجراءات التي يلجئ
إليها قاضي التحقيق في سبيل الحصول على أدلة اإلثبات باالستدالل ،واالستدالل إما إن يتعلق
بشخص المتهم (الفقرة األولى) وإما أن يتعلق باألدلة األخرى المرتبطة بالجريمة (الفقرة
الثانية).
يعتبر المتهم محور الخصومة الجنائية ويمكنه أن يكشف عن الحقيقة ،لذلك نص قانون
المسطرة الجنائية على العديد من إجراءات االستدالل المتعلقة بشخصه ،من أهمها األمر
بإجراء بحث عن شخصية المتهم (أوال) ،وباألمر بخضوع المتهم للفحص الطبي (ثانيا)،
واستنطاقه (ثالثا).
إجراء بحث اجتماعي حول هوية شخص المتهم وظروفه االجتماعية واالقتصادية ،حيث
ينص الفصل 88من قانون المسطرة الجنائية على أنه يجري قاضي التحقيق في القضايا
الجنائية تحقيقا عن شخصية المتهمين ،وكذا عن حالتهم المادية أو العائلية أو االجتماعية وله
ان يجري هذا التحقيق بنفسه أو يكلف به إما ضباط الشرطة القضائية طبقا للفصل 87من ق
م ج أو إما إلى شخص آخر يؤهله لذلك وزير العدل ويكون هذا التحقيق اختياريا في القضايا
91
الجنحية.
- 91محمد عياظ ،دراسة في المسطرة الجنائية المغربية ،الناشر شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع ،1991،ص.80 :
55
وتكمن أهمية البحث االجتماعي في االطالع على العناصر التي كان لها دور في
الظاهرة االجرامية في الواقع المادي الخارجي ٬والتي لوال تظافرها لم يكن الماثل أمام قاضي
التحقيق مت هما في جريمة كما انه يبين الظروف العينية والشخصية التي ادت إلى وقوع
طبقا للفصول من 141إلى 162من 92
الجريمة والتي لها دور كبير في تفريد العقاب،
93
القانون الجنائي.
جاء في الفقرة الرابعة من المادة 134من ق.م.ج ما يلي" :يجب على قاضي التحقيق
أن يستجيب لطلب المتهم الذي كان موضوعا تحت الحراسة النظرية أو لطلب دفاعه الرامي
إلى إخضاعه لفحص طبي ويتعين عليه أن يأمر به تلقائيا إذا الحظ على المتهم عالمات تبرر
إجراءه ويعين لهذه الغاية خبيرا في الطب".
والغاية من هذا اإلجراء هو تخويل المتهمين حماية أجسادهم من الهالك أو التعذيب الذي
قد يمارس عليهم خصوصا في المراحل السابقة على المرحلة القضائية (البحث التمهيدي) مما
يضمن لهم زيادة على حقهم في اللجوء إلى فحص طبي تحديد المسؤوليات الممكن ترتيبها
94
على أحسن وجه.
غير أنه بإجراء مقارنة مع النص القديم لـ ق.م.ج وبالضبط المادة 127منه ,نجده
يقتصر سلطة قاضي التحقيق في إخضاع المتهم لفحص طبي على الحالة التي يكون قد سبق
فيها لهذا األخير أن وضع تحت الحراسة النظرية ،على خالف النص القديم الذي أطلق فيه
ونعتقد أن اتجاه المشرع في هذا الصدد كان حكيما ذلك أن الشخص الموضوع تحت
الحراسة النظرية هو الذي تكون لديه مصلحة جدية في طلب إجراء فحص طبي إذ قد يساعده
هذا الفحص الطبي على إثبات انتزاع تصريحاته باإلكراه من طرف الشرطة القضائية.
وقاضي التحقيق في هذه الحالة ال يسعه إال االستجابة لطلبه وتعيين خبير في الطب للقيام
بذلك .إذ أن هدفه األساسي هو الكشف عن الحقيقة ال غير وتحقيق العدل الجنائي ولعل هذا
ما دفع بالمشرع إلى التنصيص على ذلك بصيغة اإللزام (يجب).
وباإلضافة إلى ما سبق نجد المشرع الجنائي احتفظ في النص الجديد (م 134من ق.م.ج)
لقاضي التحقيق بسلطته التقديرية في إخضاع المتهم لفحص طبي إذا الحظ عليه عالمات
تبرر إجراءه.
تجيبنا عن هذا التساؤل مقتضيات المادة 88من ق.م.ج التي جاء فيها أنه" :يمكن
لقاضي ال تحقيق أن يأمر في أي وقت باتخاذ جميع التدابير المفيدة وأن يقرر إجراء فحص
طبي أو يكلف طبيبا بالقيام بفحص طبي نفساني.
57
يجوز له بعد تلقي رأي النيابة العامة أن يأمر بإخضاع المتهم لعالج ضد التسمم ،إذا
ظهر أن هذا األخير مصاب بتسمم مزمن ناتج عن تعاطي الكحول أو المخدرات أو المواد
ذات المؤثرات العقلية.
يباشر هذا العالج إما في المؤسسة التي يوجد فيها المتهم رهن االعتقال ،وإما في
مؤسسة متخصصة حسب الشروط المنصوص عليها قانونا ،وتتوقف مسطرة التحقيق أثناء
مدة العالج ،ويحتفظ سند االعتقال بمفعوله.
إذا طلب المتهم أو محاميه إجراء فحوص عليه أو إخضاعه للعالج ،فال يمكن رفض
الطلب إال بأمر معلل".95
وهكذا فإنه يجوز لقاضي التحقيق في أي وقت وفي أي مرحلة من مراحل التحقيق بأن
يقرر إجراء فحص طبي على المتهم ،أو يكلف للقيام بذلك خبيرا في الطب ،وفي المقابل يجب
عليه في حالة رفض طلب المتهم أو دفاعه بإجراء فحوص عليه أو إخضاعه للعالج ،أن يعلل
أمره بالرفض ،ولقد أحسن المشرع صنعا عند نصه على ضرورة التعليل في هذه الحالة
ضمانا لحقوق للمتهم من جهة وفسح المجال لقاضي التحقيق في إعطاء هذا اإلجراء ما يستحقه
من عناية من جهة أخرى.
يعتبر المتهم هو الحلقة األساسية في مسلسل التحقيق اإلعدادي ،ولهذا فأول ما يبدأ به
قاضي التحقيق عادة إذا كانت هويته الضنين معروفة هو الشروع في استنطاقه استنادا إلى
مقتضيات المادة 134ق م ج ،بناء على األهداف التي يسعى التحقيق التوصل إليها ،وخاصة
- 95المالحظ على هذه المادة هو أن المشرع أعطى لقاضي التحقيق سلطة إخضاع المتهم للعالج ضد التسمم بشروط معينة،
وهذا من شأنه الزيادة في أنسنة قضاء التحقيق ،ويصب في مصلحة المتهم بالدرجة األولى .مع اإلشارة إلى أن سند
االعتقال بالنسبة للمتهم المعتقل والمودع للعالج في نفس المؤسسة السجنية يحتفظ بمفعوله ،بمعنى أنه حتى ولو استغرق
العالج 6أشهرمثال ،فإن ذلك ال يدعو إلى تمديد مدة االعتقال األول بل يبقى صالحا ويبتدئ بمجرد انتهاء مدة العالج.
58
الوصول إلى الحقيقة التي تعتبر استنطاق المتهم من ضمن أهم اإلجراءات على اإلطالق،
ولكون هذا اإلجراء على درجة قصوى من األهمية ،فإن اإلشكال الذي يطرح بخصوص هذا
الموضوع يتمثل في المفهوم الذي يعتمد عليه قاضي التحقيق في التعامل مع الضنين ،هل هو
مفهوم اتهامي مسايرا بذلك نهج سياسة النيابة العامة المتمثلة في تدعيم خطورة المتهم واعتباره
عدوا لها يجب التصدي له ،أو االعتماد على أهم مبدأ أسست عليه المسطرة الجنائية( ) القائمة
على ترسيخ المحاكمة العادلة والقائمة أيضا على أساس أن أصل اإلنسان البراءة ،ومبنى
قرينة البراءة أن المتهم وهو بريء بإثبات تلك البراءة وإنما على من يدعي خالف ذلك األصل
هو البراءة أن يثبت تلك اإلدانة وتلك هي أبسط قواعد اإلثبات ،وهذا ما سارت عليه محكمة
النقض بالرباط حيث جاء في أحد قراراتها أن "اإلثبات بمعناه القانوني هو إقامة الدليل أمام
القضاء بالطرق التي حددها القانون فهو قوام الحق الذي يتجرد من قوته ما لم يقم الدليل
96
عليه".
ويقع عبء اإلثبات الجنائي دائما على عاتق االتهام وليس على المتهم أن يثبت براءته
وبالتالي ال يمكن أن يتخذ من مجرد سكوت المتهم دليل ضده وال يجبر على أن يدلي بما ال
يريد قوله ،فالبراءة المفترضة في المتهم تقتضي معاملة صاحبها بوصفه حر بريئا وال يتفق
البتة مع افتراض تلك البراءة تكليف المتهم عبء إثبات براءته وعلى من يدعى خالف ذلك
97
إثبات أنه غير بريء وأن اإلدانة تتوافر في حقه.
وتجدر اإلشارة إلى أن شكليات مسطرة االستنطاق ليست على صنف واحد ،بل إنها
تختلف حسب م ا إذا كان استنطاق المتهم يتم في إطار االستنطاق االبتدائي أو األولي أو ما
يعرف باستنطاق المقابلة األولى ،أو حسب ما إذا كان هذا االستنطاق يتم في إطار شكليات
ومسطرة االستنطاقات الالحقة لالستنطاق األولي واالبتدائي وهي ما يعرف بمسطرة
98
االستنطاق التفصيلي.
بحيث لو كان المشرع رتب البطالن على كل مخالفة هذا الفصل أي الفصل ،134وكذا
كل اإلجراءات الالحقة له فإن الواقع العملي المرير بين على حقيقة ال خالف فيها وتتمثل في
موقع الضعف الذي يكون فيه المتهم في إثبات هذه الخروقات ،فال يعتد قانونا بمجرد القول
100
بعدم تمتيع المتهم بأحد الضمانات التي خولها لها الفصل 134ق م ج.
ولهذا أقر الفقه بخلو هذا الفصل من أي ضمانة قانونية على أرض الواقع ،وقد ساير
هذا االتجاه المجلس األعلى بحيث لم يرتب البطالن على أي إجراء مخل بإحدى الضمانات
- 99محمد عياظ ،دراسة في المسطرة الجنائية المغربية ،نفس المرجع السابق ،ص.91 :
- 100محمد الحسون ،مؤسسة قاضي التحقيق :التأصيل النظري والعملي ،نفس المرجع السابق ،ص.152 :
60
المقررة للمتهم متناقدا في ذلك مع المحاكم الوطنية التي ترتب البطالن على كل خرق أو
101
تجاهل لبند من بنود المادة 134ق م ج.
باإلضافة إلى إجراءات االستدالل المتعلقة بشخص المتهم ،فإن المشرع المغربي خول
لقاضي التحقيق القيام بمجموعة من إجراءات االستدالل ،كسماع الشهود (أوال) ،والتنقل
والتفتيش والحجز (ثانيا) ،وكذا التقاط المكالمات واالتصاالت المنجزة بوسائل االتصال عن
بعد (ثالثا).
لم يوضح قانون المسطرة الجنائية المقصود بالشهود ،غير أنه يستشف من قراءة نص
المادة 1/117منه أن المشرع يقصد بالشاهد كل شخص يرى قاضي التحقيق فائدة لسماع
شهادته ،وال يشترط فيه القانون أن يكون شاهد عيان بل يكفي أن تكون شهادته مفيدة إلظهار
102
الحقيقة.
ويرجع لقاضي التحقيق وحده تقدير مالئمة االستماع للشاهد وكذا كيفية استدعائه أمامه،
فحسب المادة 117من القانون قد يكون االستدعاء بواسطة أعوان القوة العمومية أو بواسطة
األعوان القضائيين أو برسالة مضمونة أو بالطريقة اإلدارية ،كما يمكنه الحضور بمحض
إرادته.
وحسب الفصل 131من ق.م.ج .يجوز لقاضي التحقيق أن يستمع لشاهد في مكان
خارج مكتبه في حالة تعذر حضور الشاهد أمامه ،أو يصدر لهذه الغاية إنابة قضائية ،إال انه
إذا تأكد لقاضي التحقيق في مثل هذه الحالة أن الشاهد افتعل عجزه جاز له الحكم عليه بغرامة
تتراوح بين 200و 10.000درهم (م 132ق.م.ج).
103
ويخضع سماع الشهود إلجراءات شكلية خاصة نوردها فيما يأتي:
- 102بالل الفتوح ،ثنائية التحقيق في التشريع الجنائي المغربي ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
وجدة ،2012/2011 ،ص.221 :
- 103نفس المرجع السابق ،ص 222 :وما بعدها.
62
• يؤدي الشهود شهادتهم على انفراد وبغير حضور المتهم (المادة )119
غير أنه يجوز لقاضي التحقيق مواجهة الشهود بعضهم ببعض ومواجهتهم
بالمتهمين (المادة )125
• ذكر هوية الشاهد إذ ال قيمة لشهادة مجهول
• أداء اليمين بالصيغة اآلتية " أقسم باهلل العظيم على أن أشهد بدون حقد
وال خوف وأن أقول الحق كل الحق وأن ال أشهد إال بالحق " (المادة 123
ق.م.ج).
غير أن القاصر الذي لم يبلغ سن 18من العمر معفى من أداء اليمين ،وكذا األشخاص
المحكوم عليهم بعقوبة جنائية وأصول المتهم وفروعه وزوجه.
ويجوز لقاضي التحقيق االستعانة بمترجم إذا كان الشهود يتكلمون لغة أو لهجة أو لسانا
يصعب فهمه على المتهمين أو األطراف أو الشهود اآلخرين أو قاضي التحقيق.
فإذا كان الشاهد صما أو بكما توضع له أسئلة كتابية ويجيب عنها بالكتابة ،وإذا كان ال
يعرف الكتابة يعين له قاضي التحقيق مترجما قادرا على التحدث معه وفي هذه الحالة يذكر
في المحضر اسم المترجم وسنه ومهنته ومحل سكناه واليمين التي أداها وتوقيعه على المحضر
(المادة .)121
ومن جهة أخرى فرض القانون على الشاهد بعض االلتزامات وهي:
63
ال ينحصر مجال عمل قاضي التحقيق في مكتبه وال يقتصر دوره على التحقيق فيما
تنقله محاضر الضابطة القضائية بل إن ميدانه أوسع من مكتبه ومهمته أعظم من التحقيق
االبتدائي مما يدعوه أحيانا إلى االنتقال إلى الميدان إلجراء معاينات مادية أو للقيام بعمليات
التفتيش أو الحجز التي يراها مفيدة إلظهار الحقيقة 104،وقد خص المشرع المغربي في القانون
الجديد لموضوع التنقل والتفتيش والحجز المواد من 99إلى 107من الباب الرابع المشار
إليه في القسم الثالث المتعلق بالتحقيق اإلعدادي من الكتاب األول تحت عنوان " التحري عن
الجرائم ومعاينتها ".
أ -التنقل :من أهم إجراءات التحقيق التي تجعل القاضي المحقق يقف بنفسه على
معلومات يصعب بل ال يمكن أحيانا أن تصل إليه من سبيل أخر 105،ولهذا فهي وسيلة يتمكن
بواسطتها قاضي التحقيق من اإلدراك المباشر للجريمة ومرتكبها.
إن مهمة قاضي التحقيق كمحقق تفرض عليه أحيانا االنتقال إلى الميدان إلجراء معاينات
مادية لم تجرها الضابطة القضائية أو لتكميل معاينة قامت بها الشرطة القضائية .وعندما ينتقل
إلى عين المكان فإنه يكون ملزما دائما بأن يصحب معه كاتب الضبط الذي يسهر على تحرير
محضر عن كل العمليات التي تم إنجازها من تفتيش وحجز إلى غير ذلك ،ويقول Bruneau
عن كاتب الضبط بأنه " بمثابة الشاهد على ما يقوم به القاضي وال أحد منهما يستطيع أن
ويتعين على قاضي التحقيق إشعار النيابة العامة قبل االنتقال 106
يفعل شيئا بدون اآلخر "،
إلى عين المكان ولهذه األخيرة أن ترافقه إذا رأت ضرورة لذلك (المادة 99من ق.م.ج).
ب -التفتيش :هو وسيلة إلثبات أدلة مادية ويقصد به بحث مادي ينفذ في مكان ما سواء
كان مسكونا أو غير مسكون وفي هذا الصدد تنص المادة 101من ق.م.ج .على أن " يجرى
التفتيش في جميع األماكن التي قد يعثر فيها على أشياء يكون اكتشافها مفيدا إلظهار الحقيقة
- 104أحمد بوسقيعة ،التحقيق القضائي ،دار الحكمة للنشر والتوزيع ،الطبعة الثالثة ،2008 ،ص.87 :
- 105محمد عياظ ،دراسة في المسطرة الجنائية المغربية ،نفس المرجع السابق ،ص.122 :
106 -Bruneau: " Mascimes sur les matières criminelles " p 67 lité par P. chambon le
وهكذا فإن لقاضي التحقيق صالحية تفتيش أي مكان يحتمل أن يعثر فيه على أشياء
تساعد على تبديد غموض النازلة المعروضة عليه ،ويتعين عليه على الخصوص أن ال يقوم
بالتفتيش خارج الساعات القانونية غير أن بإمكانه القيام بالتفتيش خارج الساعات القانونية
حسبما أشارت إليه المادة 102من القانون المسطرة الجنائية الذي حدد شروط جواز القيام
107
بالتفتيش خارج الساعات القانونية وهي كالتالي:
الشرط األول :ويتعلق بطبيعة الجريمة التي يجب أن تكون من نوع الجناية.
الشرط الثاني :ويهم من يقع التفتيش في منزله ،ويجب أن يكون هو المتهم نفسه فإذا
كان رب المنزل شخصا آخر وجب تفتيشه كمبدأ عام داخل الساعات القانونية ال خارجها
وعلى خالف هذا الحكم فإن الفصل 4من قانون العدل العسكري يسمح بتفتيش أي منزل
خارج الوقت القانوني حتى ولو كان منزال غير منزل المتهم.
الشرط الثالث :ينبغي أن يقوم بالتفتيش قاض التحقيق شخصيا والبد أن يكون برفقته
كذلك ممثل النيابة العامة.
وعالوة على ما سبق ينبغي على قاضي التحقيق أن يتخذ اإلجراءات الالزمة للمحافظة
على السر المهني إذا كان التفتيش واقعا بمنزل شخص ملزم بكتمانه (المادة 2/103م.ج).
ج -الحجز :لقاضي التحقيق حجز األشياء والوثائق التي يرى أنها مفيدة إلظهار الحقيقة
أو التي قد يضر إفشاؤها بسير التحقيق.
-بالل الفتوح ،ثنائية التحقيق في التشريع الجنائي المغربي ،نفس المرجع السابق ،ص.221 : 107
65
وإذا كان لقاضي التحقيق كل السلطة في حجز ما يراه مفيدا للتحقيق فعليه أيضا واجبات
108
يتحتم عليه احترامها عند إجراء الحجز وهي:
يتعلق األمر في هذا الصدد بمسألة بالغة األهمية لكونها تشكل انتهاكا لحرمة المكالمات
والمراسالت التي يحميها الدستور ،ولم يرد في ق.م.ج .السابق في هذا الموضوع أي مقتضى،
109
كما أنه لم يصدر عن القضاء المغربي أي اجتهاد لمعرفة موقفه منه.
و لقد سبق أن أثيرت مسألة شرعية التقاط المكالمات في فرنسا التي كان تشريعها يعرف
فراغا قانونيا في هذا الشأن فلم يتردد القضاء الفرنسي في القول بقانونية هذا اإلجراء حيث
أكدت محكمة النقض الفرنسية شرعية التصنت التليفوني الذي يأمر به قاضي التحقيق بشرط
أال يقترن ذلك بحيلة فنية أو بمخالفة لحق الدفاع ،ويرمي هذا القيد األخير إلى حظر التصنت
على الخط الهاتفي لمحامي المتهم ،وقد استند القضاء الفرنسي في حكمه على عمومية نص
المادة 81من قانون اإلجراءات الجنائية الفرنسي ،وبعد هذا الحكم أثار صاحب الشأن المسألة
من جديد في قضية أخرى على أساس مخالفة المادة 8من االتفاقية األوروبية التي تحظر كل
تدخل من جانب السلطات العامة في الحياة الخاصة ،غير أن محكمة النقض رفضت الطلب
بالرجوع إلى نص المادة 8من االتفاقية حيث رأت المحكمة ضرورة إعماله كله دون تجزئة،
ذلك أن المادة المذكورة إذ تحظر التدخل في الحياة الخاصة فإنها أوردت تحفظا بنصها " إال
- 108إيمان الخمالي المشيشي ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،نفس المرجع السابق،
ص.153 :
-محمد سعيد الوكيلي ،قاضي التحقيق أمام المحكمة االبتدائية ،نفس المرجع السابق ،ص.98 : 109
66
وتجدر 110
إذا كان هذا التدخل ينص عليه القانون وكان ضروريا للوقاية من الجرائم ".
اإلشارة إلى أن ما قضت به محكمة النقض الفرنسية يتفق مع ما انتهت إليه محكمة
استراسبورغ األوربية لحقوق اإلنسان حيث رفع خمسة مواطنين ألمان دعوى إلى هذه
المحكمة ضد بالدهم ادعوا فيها أن القانون األلماني الصادر في 13غشت 1968يخالف
أحكام المادة 8من االتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان التي تكفل حرمة المراسالت واالتصاالت
الالسلكية ،لكن المحكمة األوربية لم تنضم إلى وجهة نظرهم وقضت بأن القانون األلماني ال
يزال متمشيا مع المبادئ المعمول بها في مجتمع ديمقراطي في حدود ما وضعه من قيود على
111
التصنت على هذه االتصاالت (قضية كاالس ،حكم 9مارس .)1984
أما فيما يخص التشريع المغربي وأسوة بباقي التشريعات المقارنة التي أخذت بهذه
المسألة فقد أشار المشرع إلى موضوع التقاط المكالمات واالتصاالت المنجزة بوسائل
االتصال عن بعد في الباب الخامس من القسم الثالث المتعلق بالتحقيق اإلعدادي وخص له
المواد من 108إلى 116من ق.م.ج.
وقد خول المشرع لقاضي التحقيق إمكانية األمر بالتقاط المكالمات الهاتفية وجميع
االتصاالت المنجزة بواسطة وسائل االتصال عن بعد وتسجيلها ،كما مكن الوكيل العام للملك
من أن يصدر أمرا بالتقاط المكالمات الهاتفية أو االتصاالت المنجزة بوسائل االتصال بعد
تقديم التماس كتابي إلى الرئيس األول لمحكمة االستئناف ،غير أنه في حالة االستعجال
القصوى أجاز المشرع المغربي للوكيل العام للملك أن يأمر كتابه بالتقاط المكالمات الهاتفية
112
أو االتصاالت المنجزة بوسائل عن بعد وتسجيلها.
- 110محمد عوض ،قانون اإلجراءات الجنائية ،الجزء األول ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية ،ص.499 :
- 111لحسن بوسقيعة :التحقيق القضائي ،نفس المرجع السابق ،ص.96 :
- 112محمد حكيم ،تأمالت في قضاء التحقيق بين الممارسة والتطبيق ،مجلة الحقوق المغربية ،العدد الخامس ،2005 ،ص.153 :
67
المطلب الثاني :أوامر قاضي التحقيق المتعلقة بسير التحقيق وانتهائه
منح المشرع المغربي لقاضي التحقيق مجموعة من السلطات التي تمكنه من ضمان
امتثال المتهم أمامه وكذا ضمان حسن سير التحقيق (الفقرة األولى) ،وبعد انتهاء قاضي
التحقيق من جميع إجراءات التحقيق ،وتأكده من حقيقة الوقائع المعروضة عليه يصدر أمرا
يقرر فيه ،إما أنه ال موجب لمحاكمة المتهم لعدم إثبات التهمة في حقه ،وإما إحالته على
المحكمة إذا ما تبت أن األدلة ثابتة في حقه (فقرة الثانية).
يصدر قاضي التحقيق مجموعة من األوامر المتعلقة بسير التحقيق ،سواء الرامية منها
إلى امتثال المتهم أمام قاضي التحقيق (أوال) ،أو تلك الرامية إلى ضمان حسن سير التحقيق
اإلعدادي (ثانيا).
حدد المشرع المغربي من خالل قانون المسطرة الجنائية أوامر قاضي التحقيق الرامية
إلى ضمان امتثال المتهم أمامه ،وهي كل من األمر بالحضور ،واألمر بإحضار ،واألمر بإلقاء
القبض ،واألمر باإليداع في السجن.
عرفت المادة 144من قانون المسطرة الجنائية األمر بالحضور بأنه " :إنذار يوجهه
قاضي التحقيق للمتهم للحضور أمامه في التاريخ والساعة المبينين في نص األمر" ،وهو
نفس التعريف الذي كان يتضمنه قانون المسطرة الجنائية القديم ،بموجب نص المادة 137
منه مع مالحظة أن نص المادة 144المذكورة سابقا استعمل عبارة "إنذار" خالفا لنص المادة
68
137التي كانت تنص على أن "األمر إخطار يقصد منه إحضار المتهم على المثول أمام
القاضي في التاريخ والساعة المبينين في نص األمر".
ويعد األمر بالحضور شبيها باالستدعاء الذي توجهه المحكمة وال يقيد حرية المتهم،
إال أنه في حالة عدم امتثال المتهم له ،فلقاضي التحقيق أن يلجأ إلى إصدار أوامر أخرى أشد
إلحضاره بالقوة ،فهو بمثابة إنذار بالحضور قبل استعمال وسائل أخرى لإلجبار على
الحضور ،ويعتبر األمر بالحضور أشد قوة من االستدعاء ،وأنه ليس هناك ما يمنع قاضي
التحقيق من توجيه نفس األمر بالحضور إلى الشاهد وحتى قبل توجيه أي استدعاء إليه إذا ما
113
دعت الضرورة إلى ذلك.
وحسب نص الفقرة الثانية من المادة 144فإن األمر بالحضور يقوم بتبليغه إلى المتهم
ويسلمه نسخة منه إما عون قضائي أو ضابط أو عون للشرطة القضائية أو أحد أعوان القوة
العمومية.
-األمر باإلحضار
خصص المشرع المغربي مقتضيات المواد من 146إلى غاية 151من قانون المسطرة
الجنائية لتنظيم األمر باإلحضار .ولإلشارة فإن قانون المسطرة الجنائية القديم كان ينظم هذا
وقد عرفت المادة 146من قانون 114
األمر بموجب المواد من 139إلى المادة 144منه،
المسطرة الحالي األمر باإلحضار على أنه "األمر الذي يعطيه قاضي التحقيق للقوة العمومية
لتقديم المتهم أمامه في الحال".
- 113طارق السباعي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول" ،الدعوى العمومية ،السلطات المختصة بالتحري عن
الجرائم" ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ،سلسلة الشروح والدالئل العدد ،2004 ،2الطبعة الثانية،
ص.264 :
- 114نشير إلى أن قانون المسطرة الجنائية القديم كان ينص بمقتضى المادة 138على أن األمر باإلستقدام هو "األمر الذي
يعطيه القاضي للقوة العمومية لتسوق المتهم أمامه في الحين"
وبذلك فإن قانون المسطرة الجنائية الحالي استعمل مصطلح األمر باإلحضار بدال من مصطلح األمر باإلستقدام الذي كان
مستعمال في قانون المسطرة الجنائية القديم، ،عالوة على أنه نص صراحة على أن قاضى التحقيق هو الذي يصدر هذا األمر
خالفا لنص المادة 138المذكورة والتي كانت تشير فقط إلى عبارة القاضي.
69
ويصدر قاضي التحقيق األمر باالستقدام في حالة توصل الظنين باألمر بالحضور
وامتناعه عن تنفيذه بدون مبرر مقبول ،وكذلك في الحاالت التي يخشى فيها فرار الظنين
وفي حالة االستعجال يمكن نشر األمر باإلحضار بكافة 115
وتهربه من إجراءات التحقيق،
الوسائل ،غير أنه يجب أن تحدد بدقة جميع البيانات األساسية الواردة في أصل األمر
بالحضور ،وخصوصا هوية المتهم ونوع التهمة ،واسم قاضي التحقيق الصادر عنه وصفته،
116
ويوجه أصل األمر في أسرع وقت إلى العون المكلف بتنفيذه.
ونظرا لطبيعة األمر باإلحضار المتجلية في التنفيذ المادي بتقييد حرية المتهم وإلزامه
بالحضور ،فإن القانون أو كل أمر تبليغه وتنفيذه إلى أعوان القوة العمومية المؤهلين قانونا
117
لضبط األشخاص ونقلهم جبرا ولو لم يكونوا ينتمون إلى جهاز الشرطة القضائية.
هو األمر الصادر عن قاضي التحقيق للقوة العمومية بالبحت عن المتهم ونقله إلى
المؤسسة السجنية المبينة في األمر حيت بتم تسليمه واعتقاله فيها ،واألمر بإلقاء القبض ال
يختلف عن األمر باإليداع في السجن إال في كون هذا األمر األخير يتخذ ضد الظنين الحاضر
أمام قاضي التحقيق ،في حين يصدر األمر بإلقاء القبض ضد الظنين الفار من وجه العدالة أو
المقيم خارج المغرب.
وال يجوز لقاضي التحقيق أن يصدر هذا األمر إال بعد أخذه لرأي النيابة العامة عن
طريق إصداره قرارا باالطالع في هذا الشأن وذلك:
- 115أحمد الخمليشي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،نفس المرجع السابق ،ص.374 :
- 116حسب نص الفقرة الرابعة من المادة 146من قانون المسطرة الجنائية.
- 117شرح قانون المسطرة الجنائية الجزء األول -المرجع السابق ،ص.264 :
70
إذا كانت األفعال الجرمية موضوع إجراءات التحقيق توصف بأنها •
جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بعقوبة سالبة للحرية.
يعد األمر باإليداع في السجن من اخطر األوامر على اإلطالق التي يصدرها قاضي
التحقيق .إذ بموجبه يتلقى مدير السجن المتهم ويحبسه بعد استنطاقه من طرف قاضي التحقيق،
ويبقى هذا األمر ساري المفعول إلى أن يصدر ما يلغيه ويتضمن تاريخ الوضع تحت الحراسة
لما له من األهمية بالنسبة لتاريخ العقوبة .فإذا تسلم مدير السجن المتهم أرجع إلى قاضي
التحقيق قصاصة هذا األمر ،وعليها طابع السجن ورقم اعتقال المتهم ،وهذا اإلشعار يسهل
118
التعرف على المتهم.
وقد حرص المشرع المغربي على تحديد شروط إصدار األمر باإليداع في السجن .فطبقا
لنص المادة 153من قانون المسطرة الجنائية ال يمكن لقاضي التحقيق إصدار هذا األمر إال
وفقا للضوابط اآلتية:
من أجل ضمان حسن سير التحقيق اإلعدادي فإنه يمكن لقاضي التحقيق أن يباشر
إجرائيين استثنائيين ،هما الوضع تحت المراقبة القضائية واالعتقال االحتياطي.
- 118محمد حكيم ،تأمالت في قضاء التحقيق بين الممارسة والتطبيق ،مجلة الحقوق المغربية ،العدد الخامس ،2005 ،ص154 :
71
المراقبة القضائية: -
تعتبر المراقبة القضائية من بين أهم مستجدات قانون المسطرة الجنائية المغربي الجديد،
وأحد أبرز االختصاصات الجديدة التي خولها المشرع لقاضي التحقيق من أجل الحد من
ظاهرة اكتظاظ السجون بالمعتقلين االحتياطيين ،وما يفرضه ذلك من جهود بشرية وأعباء
مادية .وبذلك فإنها تعتبر من أهم إجراءات التحقيق المتعلقة بشخص المتهم والتي استحدثت
بالقانون المغربي ألول مرة كبديل لالعتقال االحتياطي.
غير أن المراقبة القضائية تختلف عن االعتقال االحتياطي في كونها تبقى مجرد تدبير
وإن كان من شانه الحد من حرية المتهم أو من بعض حقوقه ،فإنه يتيح له أن يبقى حرا في
حين يؤدي االعتقال االحتياطي إلى حرمان المتهم من حريته والزج به في السجن ،كما أن
المراقبة القضائية ال يمكن أن تمس بحرية الرأي بالنسبة لألشخاص الخاضعين لها ،وال
119
بمعتقداتهم الدينية أو السياسية وال بحقهم في الدفاع.
وقد حدد نص المادة 160من قانون المسطرة الجنائية مدة الوضع تحت المراقبة
القضائية في شهرين قابلة للتجديد لخمس مرات فقط .والمالحظ هنا أن هذه المدة هي نفس
مدة االعتقال االحتياطي في الجنايات .واألمر بالوضع تحت المراقبة القضائية قابل لالستئناف
من قبل النيابة العامة والمتهم خالل اليوم الموالي لصدوره ،طبقا للشكليات المتعلقة باستئناف
أوامر قاضي التحقيق بشأن اإلفراج المؤقت وتبت الغرفة الجنحية داخل أجل خمسة أيام من
تاريخ اإلحالة .ويجوز أن يأمر قاضي التحقيق بوضع المتهم تحت المراقبة القضائية في أي
120
مرحلة من مراحل التحقيق.
- 119بالل الفتوح ،ثنائية التحقيق في التشريع الجنائي المغربي ،نفس مرجع السابق ،ص.285 :
- 120محمد حكيم ،تأمالت في قضاء التحقيق بين الممارسة والتطبيق ،مجلة الحقوق المغربية ،العدد الخامس ،2005 ،ص 155 :و.156
72
إال أن هذه السلطة التقديرية المخولة لقاضي التحقيق تخضع لشروط معينة حدد بعضها
121
نص الفقرة األولى من المادة 160ويمكن بسط هذه الشروط كالتالي:
-1أن يتخذ قاضي التحقيق هذا التدبير ألجل ضمان حضور المتهم.
-2أن ال تتطلب ضرورة التحقيق أو الحفاظ على أمن األشخاص أو النظام العام اعتقال
المتهم اعتقاال احتياطيا.
-3أن تكون الجريمة موضوع المتابعة جناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة سالبة
للحرية.
إلى جانب الوضع تحت المراقبة القضــــائية ،يعد االعتقال االحتياطي بدوره تدبيرا
استثنائيا بصريح المادة 159من قانون المسطرة الجنائية ،ويجد هذا اإلجــــــراء مبرره في
ضرورة منع المتهم من الفرار وتغيير األدلة وتبديد وسائل اإلثبات نــــاهيك عن وجوده رهن
122
إشارة قـــاضي التحقيق قصد استنطاقه ومواجهته مع الغير متى كان ذلك مفيدا.
ويعرف االعتقــال االحتياطي بأنه إجراء هدفه حرمان المتهم من حريته واتصاله بالعالم
الخارجي عن طريق إيداعه في مؤسسة سجنية لمدة محدودة وذلك مبــاشرة بعد االستنطاق
االبتدائي ،وهو نتيجة حتمية لألمر بإلقاء القبض واألمر باإليداع في السجن.123
- 121بالل الفتوح ،ثنائية التحقيق في التشريع الجنائي المغربي ،نفس مرجع السابق ،ص 286 :و.287
- 122أن أغلب الملفات التي يقرر فيها قاضي التحقيق عدم اعتقال المتهم والتحقيق معه في حالة سراح تبقى معلقة نتيجة
عدم حضور المتهم اجراءات التحقيق الموالية واختفاءه عن األنظار األمر الذي يعرقل التحقيق.
- 123مراد عبد الفتاح ،التحقيق الجنائي التطبيقي ،نفس المرجع السابق ،ص.125 :
73
ورغم أن المشرع حـــاول حصر االعتقال االحتياطي باعتباره تدبيرا استثنائيا في
حاالت المادة 160من قـانون المسطرة الجنائية وهي ضرورات التحقيق أو الحفاظ على أمن
األشخاص أو النظام العام ،فإن هذا الحصر جـــاء فضفاضا لعموميته ،وبالتالي يبقى اللجوء
إلى االعتقال االحتياطي موكـــــوال للسلطة التقديرية لقـاضي التحقيق وهو ما يفسر اللجوء
124
إليه بكثرة ويفسره كذلك العدد المهول للمعتقلين احتياطيا بالسجون المغربية.
ويتم اعتقال المتهم احتياطيا لمدة شهر واحد في الجنح ،وإذا تطلبت ضرورة التحقيق
االستمرار في ذلك بعد انصرام هذه المدة ،أصدر قـاضي التحقيق أمرا قضائيا معلال بنــــاء
ملتمس النيابة العامة بتمديد فترة االعتقال االحتياطي مدة شهر واحد ولمرتين فقط 125،أي أن
مدة االعتقال االحتياطي في الجنح كحد أقصــى هو ثالثة أشهر.
أما في الجنايات فإن مدة االعتقال االحتيـــــاطي ال تتجاوز شهرين ،ويمكن تمديدها
لنفس األسبــاب وعلى نفس النحو لمدة شهرين خمس مرات ،أي أن مدة االعتقـال االحتياطي
ال تتجاوز في الجنايات كحد أقصى سنة واحدة ،ويجب على قاضي التحقيق عند اتخـاذه قرارا
باالعتقال االحتياطي أن يبلغه حاال وشفاهيا للمتهم ،كما يقــوم بتبليغه إلى النيابة العامة داخل
أجل 24ساعة الموالية التخاذه القرار المذكور .وينتهي مفعول االعتقـــال االحتياطي بقوة
القانون بعد انتهاء مدته طبقا للمادتين 176و 177من قـــانون المسطرة الجنائية سواء تم
إنهاء إجراءات التحقيق أم لم تنته حيث يتم إطالق سراح المتهم بقوة القـانون ويستمر التحقيق.
- 126تنص المادة 178من قانون المسطرة الجنائية " يجوز لقاضي التحقيق في جميع القضايا ،بعد استشارة النيـابة
العامة ،أن يأمر باإلفراج المؤقت تلقائيا ،إذا كان اإلفراج غير مقرر بموجب القــــانون ،بشرط أن يلتزم المتهم بالحضور
لجميع إجراءات الدعوى كلما دعي لذلك ،وبأن يخبر قاضي التحقيق بجميع تنقالته أو باإلقامة في مكـان معين ،كما يمكن
ربط اإلفراج المؤقت بإدالء المعني باألمر بشهادة من مؤسسة عمومية أو خاصة للصحة أو التعليم تؤكد تكفلها بالمتهم
أثنـــاء مدة هذا اإلفراج.
يمكن كذلك أن يتوقف هذا اإلفراج على وجوب االلتزام بتقديم ضمانة مالية أو ضمانة شخصية
يمكن عالوة على ذلك أن يكون اإلفراج المؤقت مرفوقا بالوضع تحت المراقبة القضــــائية وفقا للشكليات المقررة في
المواد 160إلى 174أعاله.
يمكن للنيابة العامة أيضا أن تلتمس في كل وقت وحين اإلفراج المؤقت ،وعلى قــاضي التحقيق أن يبت في ذلك خالل
أجل خمسة أيام من تاريخ تقديم هذه الملتمسات".
75
الفقرة الثانية :أوامر قاضي التحقيق المتعلقة بانتهاء التحقيق
يصدر قـاضي التحقيق عند انتهاء التحقيق اإلعدادي ،عدة أوامر تختلف طبيعتها بحسب
األحوال ،فإما أن يصدر أمرا بعدم االختصاص (أوال) ،أو أمرا بعدم المتابعة (ثانيا) ،أو أمرا
باإلحالة على المحكمة المختصة (ثالثا).
إذا تبين لقــــاضي التحقيق أن األفعال المعروضة أمامه تخرج عن دائرة اختصاصه،
فإنه يصدر أمرا بعدم االختصـــاص ،وتحتفظ جميع إجراءات التحقيق المنجزة بمفعولها
وأثرها القانوني ،فتبقى األدلة التي توصل إليها قـــاضي التحقيق واعترافات المتهم منتجة في
127
اإلثبات.
وإذا صرح قاضي التحقيق سواء لدى المحكمة االبتدائية أو لدى محكمة االستئناف بعدم
اختصاصه فإنه يحيل ملف القضية على النيابة العامة داخل أجل ثمانية أيام ابتداء من تاريخ
صدور هذا األمر.
فضال عن ذلك يحتفظ كل أمر يكون قد أصدره قاضي التحقيق ضد المتهم بقوته
التنفيذية –كاألمر بإلقاء القبض أو اإليداع في السجن -كما تحتفظ إجراءات المتابعة والتحقيق
المنجزة بأثرها القانوني ،بحيث تعتبر الدالئل التي توصل إليها قاضي التحقيق ومنها االعتراف
128
منتجة في اإلثبات ويتعين على الجهة المحال عليها الملف أن تعتمدها.
وفي هذا اإلطار أصدر قاضي التحقيق لدى محكمة االستئناف بالرباط أمرا بعدم
االختصاص ،ومما جاء في تعليل هذا األمر ما يلي" :حيث ثبت من خالل وثائق الملف
خصوصا بعد االطالع على الملف الجنائي رقم 22-04-14والمدرج بجلسة -10-13
- 127بالل الفتوح ،ثنائية التحقيق في التشريع الجنائي المغربي ،نفس المرجع السابق ،ص.300 :
- 128شرح قانون المسطرة الجنائية ،وزارة العدل ،نفس المرجع السابق ،ص.288 :
76
2004ووثائقه أن المتهم ...أصدر في حقه قاضي التحقيق بالغرفة الرابعة أمرا بإلقاء
القبض ،ثم تابعه بجريمة القتل العمد وأمر بإحالة الملف على غرفة الجنايات لمحاكمته،
وأن هاته األخيرة باشرت اإلجراءات المتعلقة بالمسطرة الغيابية ،والملف الزال مدرجا
بجلسة .2004-10-13
وحيث تطبيقا لما ذكر أعاله وإعماال للقانون ،فإن قاضي التحقيق يبقى غير مختص
إلجراء التحقيق فيما نسب إلى المتهم ،.....خصوصا وأن الملف معروض أمام غرفة
الجنايات بنفس المحكمة.
وحيث يتعين والحالة هاته القول بوقف إجراءات التحقيق في الملف 04/111
وإحالته ومستندات الدعوى على السيد الوكيل العام للملك لدى هاته المحكمة إلحالته والمتهم
129
على الجهة المختصة".
األمر بعدم المتابعة هو قرار قاضي التحقيق إنهاء التحقيق وتوقفه عند هذه المرحلة،
فهو قرار بعدم إحــــــالة الدعوى على المحكمة المختصة لعدم اجتماع قرائن ودالئل كــــافية
على ارتكاب المتهم لألفعال المنسوبة إليه أو ألسباب أخرى ،وهذا األمر ذو طبيعة قضـائية
يجب أن يصدر كبـــاقي األوامر كتابة ،وأن يتضمن البيـــــانات المتطلبة قانونا ،وأن يكون
130
صريحا فال يصح أن يفترض أو يؤخذ فيه عن طريق الظن.
ويجب أن يصدر األمر المذكور معلال تعليال كــافيا ضمانا لجديته وضمـانا لصدوره
بعد تحقيق جدي أفضى إلى استخالص قـاضي التحقيق وجود أسباب تحول دون محــــاكمة
131
المتهم ،أو عدم اجتماع قرائن كافية تفيد ارتكابه األفعال المنسوبة إليه.
- 129ملف تحقيق رقم ،2004-111غرفة التحقيق الثانية لدى محكمة االستئناف بالرباط ،أمر غير منشور.
-بالل الفتوح ،ثنائية التحقيق في التشريع الجنائي المغربي ،نفس المرجع السابق ،ص.305 : 130
-شرح قانون المسطرة الجنائية ،وزارة العدل ،نفس المرجع السابق ،ص.288 : 131
77
وأسباب األمر بعدم المتابعة إما قانونية أو واقعية.
فاألسباب القـــــانونية هي من قبيل كون الواقعة ال يعاقب عليها القانون ،أو كان المتهم
يستفيد من مــانع من موانع المسؤولية وإيقاع العقاب .واألسباب الواقعية هي من قبيل عدم
132
كفـاية األدلة أو عدم اجتماع قرائن كافية للقول بكون المتهم قد اقترف المنسوب إليه.
وينتج عن األمر بعدم المتابعة عدة آثار من أهمها توقف الدعوى عند المرحلة التي
بلغتها وقت صدور األمر فال يتم اتخـــــاذ أي إجراء الحق من إجراءات التحقيق ،وعدم إحالة
المتهم على المحكمة ،واإلفراج عنه إذا كان محبوسا احتياطيا ولو استأنفت النيابة العامة األمر
بعدم المتابعة ،وإيقــاف مفعول المراقبة القضائية وتصفية صائر الدعوى.
ومن أهم اآلثار التي تنتج عن إصدار أمر بعدم المتــــــابعة اكتسابه للحجية التي تمنع
من العودة إلى الدعوى ما دام هذا األمر قـــــائما ولم يتعرض لإللغاء ،فال يجوز معه إقـــامة
الدعوى عن نفس الواقعة التي صدر األمر فيها ،فهو في هذه الحجية المؤقتة يتمتع بما لألحكام
من قوة الشيء المقضي به ما لم تظهر دالئل جديدة وقوية تبرر إعادة فتح التحقيق.
األمر باإلحالة هو األمر الذي يقرر بموجبه قاضي التحقيق نقل الدعوى من مرحلة
التحقيق اإلعدادي إلى مرحلة المحــاكمة ،أي إحالة الملف على المحكمة المختصة للبث فيه
طبقا للقانون .ويفترض في ذلك تقدير قـــــاضي التحقيق توافر أدلة كـافية على نسبة الفعل
إلى المتهم وتوافر أركان الجريمة وانعدام أسباب عدم القبول.
وتقدير كفاية األدلة على حصول الواقعة ونسبتها للمتهم ال يعني أنها كـافية إلدانته ،إذ
ال اختصاص لقاضي التحقيق في تقرير اإلدانة ،فتلك مهمة المحكمة ،بل تقدير قاضي التحقيق
لرجحان اإلدانة كاف إلحالة الملف وليس يقينه وجزمه بذلك على نحو ما تفعله المحكمة ،إذ
قد يقرر قاضي التحقيق احتمال براءة المتهم ومع ذلك يحيل الملف على المحكمة ألنه يرى
134
احتمال اإلدانة أرجح.
بالنظر إلى السلطات الواسعة التي منحها المشرع المغربي لقاضي التحقيق في اتخاذ
وإصدار األوامر للوصول إلى الحقيقة ،فقد جعل القانون لهذه الحرية قيودا وأخضعها لمراقبة
جميع الجهات التي لها عالقة بالدعوى -وباألخص الغرفة الجنحية ،-ذلك أن حرية اإلنسان
حق ال يمكن ألي أحد أن ينال منه إال في إطار الشرعية والقانون ،وفي نطاق مسطرة
وإجراءات كفيلة بصيانة كرامة اإلنسان ،فالمشرع المغربي حدد من خالل قانون المسطرة
الجنائية بعض القواعد الشكلية والموضوعية ،وأوجب على قاضي التحقيق إتباعها توفيرا
للضمانات الفردية وتأمينا لشروط المحاكمة العادلة ،ورتب على مخالفتها بطالن اإلجراءات
المعيبة واإلجراءات الموالية لها (المواد من 210إلى 213من الباب الثاني عشر من القسم
الثالث المتعلق بالتحقيق اإلعدادي ق.م.ج ،).كما خول للنيابة العامة والمتهم والمطالب بالحق
المدني إن وجد ،الحق في الطعن باالستئناف في أوامر قاضي التحقيق (المواد من 222إلى
227من الباب الرابع عشر ق.م.ج.).
80
المطلب األول :استئناف أوامر قاضي التحقيق
سنعمل من خالل هذا المطلب على تبيان الجهات المخول لها الطعن باالستئناف في
أوامر قاضي التحقيق ،والمتمثلة في كل من النيابة العامة والمتهم والمطالب بالحق المدني
(الفقرة األولى) ،وكذا األثار القانونية المترتب على إثارة الطعن باالستئناف في أوامر قاضي
التحقيق (الفقرة الثانية).
خول المشرع المغربي حق استئناف أوامر قاضي التحقيق لثالثة جهات أساسية هي
النيابة العامة (أوال) ،والمتهم (ثانيا) ،والمطالب بالحق المدني (ثالثا).
لقد كرست المادة 222من قانون المسطرة الجنائية حق النيابة العامة في استئناف جميع
قرارات و أوامر قاضي التحقيق باستثناء األوامر بإجراء خبرة إذ نصت على أنه **يحـــق
للنيابة العامة أن تستأنف لدى الغرفة الجنحية كل أمر قضائي يصدره قــــاضي التحقيق
باستثناء األوامر الصادرة بإجراء خبرة طبقا لمقتضيات المادة 196من قانون المسطرة
الجنائية**
إال أنه في الواقع العملي فإن النيابة العـــامة ال تستأنف إال األوامر التي تأتي مخالفة
لما التمسته قبال في ملتمساتها الموجهة إلى قــاضي التحقيق ،وبالرغم من كون المشرع نص
في المادة أعاله على جواز استئناف النيابة العامة لكل األوامر ما عدا القاضية بإجراء خبرة
81
فإنه يمكن استنتاج عدم جواز استئنافها لألمر القـــاضي باإلحالة وذلك من المادتين 217
135
و 218من قانون المسطرة الجنائية.
ولتبيان رغبة النيــابة العامة باستئناف أمر من أوامر قـاضي التحقيق فإنه يتعين ملء
تصريح باالستئناف تقدمه إلى كتابة الضبط في اليوم الموالي إلشعارها بصدور األمر
المذكور ،وتقوم بتحرير تقرير استئنافي تبين فيه وجهة نظرها وما تعيبه على األمر المطعون
فيه.
يجوز للمتهم استئناف أوامر قاضي التحقيق المحددة حسب نص المادة 223من قانون
داخل أجل ثالثة أيام الموالية ليوم تبليغه ،وذلك في شكل تصريح لدى 136
المسطرة الجنائية
137
كتابة ضبط المحكمة التي يوجد بها مقر قاضي التحقيق.
وإذا كان المتهم معتقال ،فإن هدا التصريح يكون صحيحا إذا تلقته كتابة الضبط للمؤسسة
السجنية التي يجب عليها أن تقيده حاال في سجل خاص ،وعلى رئيس المؤسسة أن يقوم بتوجيه
هذا التصريح لكتابة الضبط للمحكمة في ظرف أربع وعشرين ساعة وإال تعرض لعقوبات
138
تأديبية.
وهكذا فإن المتهم يمكنه استئناف جميع األوامر المنصوص عليها في المادة
223المذكورة أعاله ،وهي على العموم المنازعة في قبول طلبات الطرف المدني ورفض
-محمد حكيم ،تأمالت في قضاء التحقيق بين الممارسة والتطبيق ،نفس المرجع السابق ،ص.160 : 135
-وقد جاء في الفقرة األولى من المادة 223من ق م ج أنه "يحق للمتهم أن يستأنف لدى الغرفة الجنحية بمحكمة 136
االستناف الوامر المنصوص عليها في المواد 94و 152و 177و 179و( 194الفقرة األخيرة) و 208و( 216الفقرات
2و 3و 6و.")7
-137عبد اهلل بورحب ،مداخلة حول أوامر قاضي التحقيق بالندوة الوطنية حول موضوع المسطرة الجنائية تشريعا وممارسة
-قضاء التحقيق ،--الجمعة والسبت 13-12مارس ،2003ص.21 :
- 138الفقرة الخيرة من المادة 223من ق م ج
82
طلب إجراء الخبرة ،والقرار الصادر بشأن رد األشياء المحجوزة ،والقرار المتعلق بنشر
139
قرار عدم المتابعة بالطعن وكذلك ما يتعلق منه بتحديد البيانات القابلة للنشر.
140
يتبين إذا أن الطلب ال يحق له الطعن باالستئناف إال في األوامر التي تمس حقوقه
والتي حددتها المادة 223المذكورة أنفا والمادة 206من قانون المسطرة الجنائية القديم.
وبالنسبة الستئناف المتهم ألمر قاضي التحقيق برفض طلب السراح المؤقت ،نذكر أن
فاضي التحقيق بمحكمة االستئناف بالرباط قضى برفض هذا الطلب .وبناء على الطعن في
األمر المذكور من طرف دفاع المتهم قضت الغرفة الجنحية بتأييد القرار المستأنف استنادا
إلى العلل التالية" :حيث اعترف المتهم بالمنسوب إليه أمام الضابطة القضائية .وحيث أن
المتهم من ذوي السوابق القضائية وكان مبحوثا عنه وتمت مطاردته من طرف عناصر
الشرطة وطعن أحد عناصر الضابطة بسكين.
وحيث إن تعليل قرار السيد قاضي التحقيق للقرار المطعون فيه يعتبر سليما ومصادفا
141
للصواب من الناحيتين الواقعية والقانونية مما يتعين تأييده".
وكما سبق ذكره فإن المشرع حدد على سبيل الحصر أوامر قاضي التحقيق التي يجوز
للمتهم استئنافها ،وفي هذا الصدد نشير إلى أن المتهم استأنف بواسطة دفاعه أمر قاضي
التحقيق بمحكمة االستئناف بالرباط ،القاضي برفض طلبه الرامي إلى تشخيص الحادث الذي
وقع بالمديرية العامة للمحافظة على التراب الوطني وكذا التعرف على بعض الحقائق المدرجة
بالملف وذلك لعدم وجود ما يبرره قانونا ،فأصدرت الغرفة الجنحية بالمحكمة المذكورة قرار
بتاريخ 2000/2/10قضى بعدم قبول االستئناف شكال ،استنادا إلى العلل التالية" :حيث إن
قرارات قاضي التحقيق القابلة لالستئناف محددة على سبيل الحصر في الفصل 206من ق
م ج الذي ينص على أن القرارات التي يحق للمتهم استئنافها هي المذكورة في الفصول
173-156-154-95و 133من ق م ج.
يمكن للطرف المدني أن يستأنف لدى الغرفة الجنحية األوامر الصادرة عن قاضي
التحقيق التي حددها نص المادة ،224وتتمثل في:
غير أنه ال يمكن للطرف المدني ،أن يستأنف أمرا قضائيا متعلقا باعتقال المتهم أو
143
مقتضى من مقتضيات أمر قضائي يتعلق بهذا االعتقال أو بالمراقبة القضائية.
ولإلشارة فإن عبارة األوامر التي تمس مصالحه المدنية –الواردة في المادة 207من
قانون المسطرة الجنائية القديم وفي الفقرة األولى من المادة 225من قانون المسطرة الجنائية
الجديدة -تجعل ل لمطالب بالحق المدني حقا عاما في الطعن باالستئناف في كل أوامر قاضي
التحقيق التي يراها ماسة بحقوقه ،وقد اقتبس القانون المغربي عبارة "األوامر التي تمس
بمصالحه المدنية" من القانون الفرنسي (م .)186والغرفة الجنحية هي التي تملك الصالحية
145
لتقدير مساس األمر القضائي بحقوق المطالب بالحق المدني أو عدم مساس بها.
وفيما يتعلق باستئناف المطالب بالحق المدني ألمر قاضي التحقيق القاضي بعدم
المتابعة نذكر أن المطالب بالحق المدني تقدم بواسطة دفاعه باستئناف ضد أمر قاضي التحقيق
لدى محكمة االستئناف بالدار البيضاء ،في ملف تحقيق عدد 92-122-62القاضي بعدم
متابعة المتهم األول بجنحة اإلدالء بتصريحات مخالفة للحقيقة ،وعدم متابعة المتهم الثاني
لسقوط الدعوى العمومية ،وعدم متابعة باقي شهود اللفيف .وأصدرت الغرفة الجنحية
146
بالمحكمة المذكورة قرار بتأييد أمر السيد قاضي التحقيق المستأنف.
كما تقدم المطالب بالحق المدني في ملف تحقيق عدد 47ش م 76ق 03/باستئناف
قرار قاضي التحقيق لدى محكمة االستئناف بالدار البيضاء ،الصادر بتاريخ ،2003/12/2
والقاضي برفض شكاية المشتكي .وقد تبين للغرفة الجنحية أن قرار قاضي التحقيق قد صادف
الصواب فقضت بتأييده استنادا على الحيثيات التالية" :حيث إن الدعوى العمومية في الجنايات
-144الفقرة األخيرة من المادة 224التي تحيل لهذا الشأن على مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 223من قانون المسطرة
الجنائية.
-145أحمد الخمليشي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،نفس المرجع السابق ،ص.392 :
-146ملف غرفة المنشورة عدد 02/27قرار عدد 2002/55صدر بتاريخ ،2002-6-19غير منشور.
85
حسب مقتضيات الفصل 5من قانون المسطرة الجنائية تتقادم بمرور عشرين سنة شمسية
كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجناية.
وحيث إن التقادم يسقط الدعوى العمومية وفق ما تنص عليه المادة الرابعة من نفس
القانون.
وحيث إن الثابت من الوقائع الواردة بالشكاية المباشرة أنها تعود لسنتي 1965
و 1966فيكون بذلك قد طالها التقادم الذي يضع حدا إلجراء أية متابعة بشأنها.
وحيث إن ما أثاره دفاع المشتكي من كونه ال يعلم بزورية المحضرين إال بتاريخ -25
147
2001-07ال أثر له على سريان أمد التقادم".
- 147ملف غرفة المشورة ،عدد ،2003-206قرار رقم 04-105بتاريخ ،2004/5/5غير منشور.
86
الفقرة الثانية :أثر استئناف أوامر قاضي التحقيق
يترتب عن استئناف أوامر قاضي التحقيق أثران اثنان ،هما األثر الواقف لألوامر (أوال)،
واألثر الناشر (ثانيا).
إذا كان ،كمبدأ عام ،االستئناف واجله يوقف تنفيذ الحكم أو القرار ما لم يقرر خالف
ذلك بناء على طلبات النيابة العامة أو بنص خاص ،فالنسبة للقرارات الصادرة عن قاضي
التحقيق فان االثر الموقف لالستئناف يثير عدة اشكاليات قانونية على الصعيد العملي لم يتطرق
لها الفقه النظري بالمناقشة والتحليل ،وخصوصا بالنسبة لقراره القاضي بعدم المتابعة أو بعدم
االختصاص ،فهل في هاته الحالتين بمجرد صدور هذين القرارين يترتب عنه االفراج عن
المتهم رغم استئناف النيابة العامة ،أم يلزم ان يظل المتهم رهن االعتقال في حالة االستئناف
148
لمعرفة مآل القرار أمام الغرفة الجنحية.
تنص المادة 196من قانون المسطرة الجنائية " إذا رأى قاضي التحقيق ان االفعال
ليست لها صفة جناية أو جنحة ،أو مخالفة أو انه ليست هناك دالئل كافية ضد المتهم أو ان
المجرم ظل مجهوال فيصدر امرا بعدم المتابعة ويفرج عن المتهمين المتعلقين احتياطا.
وفي نفس االتجاه تنص المادة 154من قانون االجراءات الجنائية المصري" انه إذا
رأى قاضي التحقيق ان الواقعة ال يعاقب عليها القانون أو ان االدلة ضد المتهم غير كافية
- 148إيمان خريشيش ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،نفس المرجع السابق ،ص.156 :
87
يصدر امرا بان ال وجهة إلقامة الدعوى ويفرج عن المتهم المحبوس ان لم يكن محبوسا
149
لسبب اخر".
ويالحظ ان حشر المشرع المغربي في اسباب صدور القرار القاضي بعدم المتابعة عن
قاضي التحقيق حالة عدم التعرف على المجرم مسالة غير منطقية الن المتابعة من عدمها تتم
في مواجهة شخص معروف الهوية على خالف البحث الذي يمكن ان يتم ضد مجهول ومن
ثم فهذه الحالة تدخل في نطاق قرار الحفظ الذي يصدره قاضي التحقيق ،وقد أحسن المشرع
150
المصري حينما تفادى هذا االشكال.
وفي إطار التعرض الستئناف قرارات قاضي التحقيق نجد المشرع ينص في الفصل
240من ق م ج على انه يحق للوكيل العام للملك ان يستأنف لدى الغرفة الجنحية كل امر
قضائي يصدره قاضي التحقيق ومنها االمر بعدم المتابعة.
ولو ان المشرع كان هدفه عدم االفراج عن المتهم اال بصدور قرار االستئناف من
ألنه 151
الغرفة الجنحية لما اتاح للمطالب بالحق المدني استئناف االمر القاضي بالمتابعة،
نص صراحه في الفصل " 207غير انه ال يستطيع في اية حال من االحوال ان يستأنف
امرا قضائيا أو مقتضيات من االمر القضائي يتعلق باعتقال المتهم ،لكنه اباح له ذلك بعلة
ان المتهم يفرج عنه بمجرد صدور قرار قاضي التحقيق.
كما انه ال يمكن االحتجاج بالفصل 107من ق م ج للقول بان استئناف قرار قاضي
التحقيق بعدم المتابعة يترتب عنه بقاء المتهم رهن االعتقال ذلك ان هذا الفصل ينص على
انه يتعين االفراج عمن يأتي ذكرهم بالرغم من تقديم االستئناف.
المتهم بمجرد صدور الحكم بتبرئته أو بإعفائه أو حكم بالسجن مع تأجيل -1
التنفيذ أو الغرامة.
- 149مراد عبد الفتاح ،التحقيق الجنائي التطبيقي ،نفس المرجع السابق ،ص.330 :
- 150محمد الحسون ،مؤسسة قاضي التحقيق :التأصيل النظري والعملي ،نفس المرجع السابق ،ص.220 :
- 151إيمان خريشيش ،صالحيات سلطتي النيابة العامة وقاضي التحقيق في الدعوى العمومية ،نفس المرجع السابق ،ص.157 :
88
المتهم المحكوم عليه بعقوبة السجن بمجرد ما يقضي مدة سجنه". -2
ومما ال شك فيه ان هذا الفصل يتعلق باستئناف االحكام الصادرة عن المحاكم وال يتعلق
باستئناف قرار قاضي التحقيق مادام هذا االخير ليس من حقه ان يصدر حكم بالبراءة أو
االعفاء أو اال دانة الن ذلك من اختصاص هيئة الحكم التي تعد منفصلة عن هيئة التحقيق
152
تحقيقا لمبدأ الفصل بين سلطة الحكم والتحقيق وعدم جمعهما في يد واحدة.
ونشير إلى ان المشرع المغربي ينص في الفصل 351من ق م ج على أنه " :كل
شخص ابرئت ساحته أو حكم بإعفائه ال يمكن ان يتابع من اجل نفس الوقائع ولو اتصفت
بصفة قانونية اخرى" ،كما ينص الفصل 210من ق م ج على أن " :المتهم الذي يقضي
التحقيق بان ال وجه لمتابعته ال يمكن ان يتابع من اجل نفس الفعل اال إذا ظهرت أدلة
جديدة".
ومن قراءة الفصلين معا يتضح ان المشرع سوى في الحجية بين الحكم بالبراءة واالعفاء
والقرار القاضي بعدم المتابعة ذلك ان كال منهما يمنع من المتابعة من اجل نفس االفعال ورتب
المشرع على مجرد تصريح المحكمة بالبراءة أو االعفاء االفراج عن المتهم حاال رغم
استئناف النيابة العامة ،لذلك فان التفسير القانوني السليم الذي ينسجم مع هذه النصوص هو
القول باإلفراج عن المتهم بمجرد صدور القرار القاضي بعدم المتابعة عن قاضي التحقيق
انسجاما مع اهداف وغايات المشرع في صيانة حقوق االنسان وفي محاربة االعتقال والشطط
153
التعسفي ذلك ان حقوق االنسان ال تقدر بثمن.
في حالة صدور قرار بعدم االختصاص هل يترتب عنه االفراج عن المتهم رغم استئناف
النيابة العامة أو المطالب بالحق المدني.
-محمد الحسون ،مؤسسة قاضي التحقيق :التأصيل النظري والعملي ،نفس المرجع السابق ،ص224 : 152
- 153محمد سعيد الوكيلي ،قاضي التحقيق أمام المحكمة اإلبتدائية ،نفس المرجع السابق ،ص.130 :
89
-1بالنسبة للمخالفات ينص الفصل م ق ج إذا رأى قاضي التحقيق ان االفعال لها صفة
تترتب عنها مخالفة فيحيل النازلة على المحكمة الضبطية ويأمر باإلفراج عن المتهم ان كان
معتقال ،وعليه إذا تعلق االمر بمخالفة فيترتب عنه وبالضرورة وبصراحة الفصل امر السيد
قاضي التحقيق االفراج عن المتهم ان كان معتقال ولو في حالة االستئناف.
-2بالنسبة للجنح والجنايات فان صدور قرار قاضي التحقيق القاضي بعدم االختصاص
يترتب عنه بقاء المتهم رهن االعتقال وإحالة الملف على المحكمة المختصة رغم االستئناف.
وما يزكي التفسير السالف الذكر كون المشرع نص في الفصل 200ق م ج وتحديدا
في الفقرة الثانية ويبقى االمر الصادر بإلقاء القبض على المتهم أو ايداعه في السجن ساري
المفعول إلى ان تبث في امره الغرفة الجنحية مما يفيد كون استئناف قرار قاضي التحقيق
يترتب عنه بقاء المتهم رهن االعتقال إذا تعلق االمر بجناية أو جنحة معاقب عنها بالحبس،
كما ان المشرع لم يأت بمثل هذه الفقرة في إطار القرار القاضي بعدم المتابعة مما يجعلنا
154
ننتصر لالتجاه القائل بوجوب االفراج عن المتهم رغم استئناف النيابة العامة.
يعتبر األثر الناشر أو الناقل لالستئناف هو إعادة طرح القضية للمناقشة والبحث أمام
وبصيغة أخرى سمى هذا األثر 155
الجهة االستئنافية في حدود العلل واألسباب المستأنفة،
بالناشر ألنه ينشر الدعوى أو القضية على محكمة الدرجة الثانية وتكون هذه األخيرة مقيدة
بالوقائع المطروحة على محكمة الدرجة األولى وال تتعداها أي تتقيد بحدود ما جاء في التقرير،
ويعني ذلك أيضا أنه يمنع على المحكمة االستئنافية إضافة وقائع أو تهم جديد لم تعرض في
156
البداية لكنها تستطيع أن تبحث في أدلة جديدة لم يسبق مناقشتها.
- 154محمد الحسون ،مؤسسة قاضي التحقيق :التأصيل النظري والعملي ،نفس المرجع السابق ،ص 226 :و.227
- 155حاتم بكار ،حماية حق المتهم في محاكمة عادلة دراسة تحليلية تأصيلية انتقادية مقارنة في ضوء التشريعات الجنائية
المصرية -الليبية -الفرسية -األنجليزية ،األسكندرية ، 1997 ،ص.1115 :
- 156عبد السالم بنحدو ،نفس المرجع السابق ،ص.248 :
90
المطلب الثاني :بطالن إجراءات التحقيق اإلعدادي
يعد بطالن اإلجراءات التحقيق اإلعدادي من بين أهم الضمانات التي قررها القانون
لفرض تطبيق نصوص المسطرة الجنائية أثناء التحقيق اإلعدادي ،هو المخالفة للقانون،
وباألخص تلك التي يترتب عنها المساس بحقوق الدفاع ،فيما هي إذن الجهات المخول لها
حق إثارة هذا البطالن وكذا الجهة المختصة لتقريره؟ (الفقرة األولى) ،وماهي الحالت التي
يترتب عليها البطالن؟ (الفقرة الثانية) ،وما هي األثار القانونية التي تتربت عن إقرار البطالن
(الفقرة الثالثة).
سنعمل من خالل هذه الفقرة على تبيان الجهات التي لها الحق في طلب بطالن إجراءات
التحقيق اإلعدادي (أوال) ،ومن تم الجهات المختصة قانونا لتقرير بطالن إجراءات التحقيق
اإلعدادي (ثانيا).
بالرجوع إلى نص الفصل 191من قانون المسطرة الجنائية القديم نجده يحدد الجهات
التي لها حق طلب تقرير بطالن إجراء التحقيق في كل من قاضي التحقيق والنيابة العامة إال
أن الفقرة الثانية من الفصل 211من قانون المسطرة الجنائية الحالي خول هذا الحق أيضا
إلى كل من المتهم والطرف المدني.
وهكذا إذا ظهر لقاضي التحقيق أن إجراء من اإلجراءات التحقيق معرض للبطالن فعليه
أن يحيله إلى الغرفة الجنحية للبت فيه بعد استشارة النيابة العامة وإخبار المتهم والطرف
المدني.
91
أما إذا ظهر للنيابة العامة أو المتهم أو للطرف المدني أن إجراء مشبوبا بالبطالن قد
اتخذ فلهم أن يطلبوا من قاضي التحقيق أن يوجه ملف الدعوة إلى النيابة العامة إلحالته إلى
الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف رفقة الطلب الذي يبينون فيه أسباب البطالن خالل خمسة
157
أيام.
وتقرر الغرفة الجنحية ما إذا كان يجب أن يقتصر على اإلجراء المقصود أو يمتد كال
أو بعضا لإلجراءات الالحقة.
ويظهر أن قاضي التحقيق ال يملك صالحية إلغاء أي جزء من اإلجراءات التي يكون
قد اتخذها ،ولو تأكد له فيما بعد بطالنها ،وإنما الغرفة الجنحية هي التي تملك ذلك ،ولكن
يجب التنبيه إلى أن قاضي التحقيق قد ال يلجأ إلى مسطرة طلب إعالن البطالن من الغرفة
الجنحية إذا تنازل عنه من هو مقرر لمصلحته ،شريطة أن يكون هذا التنازل صريحا
وبحضور محاميه أو بعد استدعائه قانونا .159هذا التنازل يجب عرضة على الغرفة
الجنحية.
- 157محمد حكيم ،تأمالت في قضاء التحقيق بين الممارسة والتطبيق ،نفس المرجع السابق ،ص.163 :
- 158شرح قانون المسطرة الجنائية ،نفس المرجع السابق ،ص.292 :
ّ- 159عبد الواحد العلمي ،نفس المرجع السابق ،ص.90 :
- 160محمد الحسون ،مؤسسة قاضي التحقيق :التأصيل النظري والعملي ،نفس المرجع السابق ،ص.230 :
92
ثانيا :الجهة المختصة لتقرير بطالن إجراءات التحقيق:
طبقا لنص المادة 211من قانون المسطرة الجنائية تختص الغرفة الجنحية بمحكمة
االستئناف في إعالن بطالن إجراءات التحقيق اإلعدادي ،إلى جانب اختصاصها للبت في
تنازل المتهم أو الطرف المدني عن ادعاء البطالن المقرر لفائدته عمال بنص الفقرة األخيرة
من المادة 210من نفس القانون.
وتنظر الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف وهي مكونة من الرئيس األول أو من ينوب
عنه ومن مستشارين بحضور ممثل النيابة العامة وكاتب الضبط ،في طلبات بطالن إجراءات
التحقيق المنصوص عليها في المواد من 210إلى ،213وذلك طبقا للمادة 213من قانون
المسطرة الجنائية.
ولإلشارة فإنه عند ما يرفع ملف التحقيق إلى الغرفة الجنحة عن طريق االستئناف ال
يوجد نص صريح يخولها حق إعالن البطالن وقد يبدو والحالة هذه أن ال تكون لها صالحية
التعرض لإلجراء الباطل ،عمال بالمبدأ الذي يقيد صالحيات الهيئة القضائية األعلى درجة
بموضوع الطعن المرفوع إليها ،فال تتعداه إلى إثارة أسباب أخرى مادام ذوو المصلحة من
األطراف لم يثيرها .وهكذا إذا طعن المطالب بالحق المدني مثال في أحد أوامر قاضي التحقيق
أمام الغرفة الجنحية فقد يبدو من المستبعد أن تثير الغرفة الجنحية بطالن إجراء للتحقيق مس
161
بمصالح الظنين.
-محمد حكيم ،تأمالت في قضاء التحقيق بين الممارسة والتطبيق،نفس المرجع السابق ،ص.166 : 161
93
تحقيق تكميلي ،وإما بإحالة الملف إلى القاضي المكلف بالتحقيق ،أو إلى أحد قضاة التحقيق
163
لمتابعة إجراءات البحث.
أما إذا تبين من اإلبطال الكلي للمسطرة ،أن هذه األخيرة كانت معيبة من بدايتها ،فإن
الغرفة الجنحة تحيل المسطرة إلى النيابة العامة لتتخذ في شأنها ما تراه مناسبا ،وتبت في شأن
االعتقال االحتياطي أو المراقبة القضائية.
وقد طرح تساؤل حول الحالة التي ال يكتشف فيها بطالن إجراء من إجراءات التحقيق
إال بعد صدور قرار قاضي التحقيق باإلحالة على المحكمة المختصة.
المالحظ أن قانون المسطرة الجنائية الجديد لم يتضمن مقتضيات مماثلة لنص المادة
194من قانون المسطرة الجنائية القديم والتي جاء فيها على "أنه إذا كان األمر يتعلق بالنظر
في جنح أو مخالفات جاز للمحاكم المرفوعة إليها النازلة أن تصدر بعد االستماع إلى أقوال
النيابة العامة والمترافعين حكما بإبطال الوثائق غير الصحيحة ،وأن يقرر ما إذا كان يجب
امتداد البطالن إلى اإلجراءات الموالية لها كال أو بعضا"
أن لغرفة الجنايات أن تثير البطالن ولو تلقائيا بالرغم من عدم 164
وهذا ويرى الفقه
النص على ذلك صراحة بمقتضى المادة 194المشار إليها .وبعد أن تقرر الغرفة الجنحية
بطالن إجراءات التحقيق اإلعدادي تسحب من الملف وثائق اإلجراءات التي أبطلت وتحفظ
- 163المادة 239من ق م ج " :إذا أحيل إلى الغرفة الجنحية طلب بإبطال إجراء من إجراءات التحقيق ،فإنها تصرح ،إذا
كان لذلك موجب ،ببطالن اإلجراء المعيب ،وإن اقتضى الحال ببطالن اإلجراءات التي تليه كال أو بعضا ،طبقا لما هو
منصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 211أعاله.
إذا اقتصرت الغرفة على إبطال جزء من اإلجراءات ،فيمكنها أن تأمر إما بإجراء تحقيق تكميلي طبق الشروط المنصوص
عليها في المادة 238أعاله ،وإما بإحالة الملف إلى القاضي المكلف بالتحقيق أو إلى أحد قضاة التحقيق لمتابعة
إجراءات البحث.
إذا تبين من اإلبطال الكلي للمسطرة ،أن هذه األخيرة كانت معيبة من بدايتها ،فإن الغرفة الجنحية تحيل المسطرة إلى
النيابة العامة لتتخذ في شأنها ما تراه مناسباً ،وتبت في شأن االعتقال االحتياطي أو المراقبة القضائية.".
- 164احمد الخمليشي ،نفس المرجع السابق ،ص.645 :
94
في كتابة الضبط بمحكمة االستئناف ويمنع الرجوع إليها الستخالص أدلة ضد األطراف،
165
تحت طائلة متابعات تأديبية في حق القضاة والمحامين.
- 165المادة 213من ق م ج ":تسحب من ملف التحقيق وثائق اإلجراءات التي أبطلت وتحفظ في كتابة الضبط بمحكمة
االستئناف ،ويمنع الرجوع إليها الستخالص أدلة ضد األطراف في الدعوى ،تحت طائلة متابعات تأديبية في حق القضاة
والمحامين.".
95
الفقرة الثانية :حاالت بطالن أوامر قاضي التحقيق
فالمادة 210حددت ثالث فئات من اإلجراءات الشكلية والموضوعية التي يترتب عن
خرقها بطالن اإلجراءات المعيبة واإلجراءات الموالية لها ،مع مراعاة تقدير مدى هذا البطالن
من طرف الغرفة الجنحية ،التي لها أن تقرر ما إذا كان يجب أن يقتصر البطالن على اإلجراء
166
المقصود أو يمتد كال أو بعضا لإلجراءات الالحقة له.
وباإلضافة إلى حاالت البطالن المحدد في نص المادة ،212فإن البطالن يترتب كذلك
على خرق المقتضيات الجوهرية للمسطرة ،إذا كانت نتيجتها المساس بحقوق الدفاع لكل
طرف من األطراف.
ويمكن للمتهم أو الطرف أن يتنازل عن ادعاء البطالن المقرر لفائدته ،لكن تنازل المتهم
ال يقبل إال بحضور محاميه أو بعد استدعائه قانونا ،ويتعين أن يكون التنازل سواء كان من
قبل المتهم أو الطرف المدني صريحا ،ويعرض هذا التنازل على الغرفة الجنحية طبقا
لإلجراءات المحدد في المادة 211من قانون المسطرة الجنائية
أن هذا النوع من حاالت البطالن يضم أسبابا وإن كان القانون هو 167
ويرى البعض
الذي يؤطرها (الفصل 192من قانون المسطرة الجنائية القديم والمادة 212من قانون
- 166حسب نص الفقرة الثلث من المادة 211م ق.م.ج ":.تقرر هذه الغرفة ما إذا كان يجب أن يقتصر البطالن على
اإلجراء المقصود أو يمتد كال أو بعضا لإلجراءات الالحقة.".
- 167عبد الواحد العلمي ،شرح المسطرة الجنائية ،نفس مرجع سابق ،ص.80 :
96
المسطرة الجنائية الحالي) ،إال أن القضاء هو الذي يعطيها الحركية ،ولذالك يسمها بعض الفقه
أسباب البطالن القضائي ،فيقرر القضاء بأن إجراءها جوهري وماس بحقوق الدفاع أو العكس
بأن إجراء ما وإن كان جوهريا فإنه ال يمس بحقوق الدفاع.
ويعطي الفقه أمثلة على هذا النوع من البطالن بعدم احترام قاضي التحقيق الختصاصه
المكاني أو عدم استنطاقه للمتهم أصال خالل التحقيق اإلعدادي ،أو اتصاله بالتحقيق بملتمس
بإجرائه غير موقع عليه من قبل الوكيل العام للملك أو من يمثله ،أو إصداره إلنابة قضائية
عامة يكلف بها غيره من قضاة أو ضباط الشرطة القضائية بإنجاز عمليات التحقيق
برمتها.168
وقد جاء في قرار للمجلس األعلى أن "أداء اليمين من طرف المترجم شكلية جوهرية
تمس عدم مراعاتها بحقوق الدفاع ،ولتمكن المجلس األعلى من مراقبة ما كانت قد تمت
االستجابة للنصوص القانونية ،يجب أن تشمل المسطرة اإلشارة إلى أداء اليمين أو أن تبين
169
أن المترجم محلف".
170
ويذهب الفقه إلى تقسيم أسباب البطالن إلى نوعين:
النوع األول :أسباب البطالن القانوني ،وهي التي تعرض لها القانون بالنص وتشكل
الحاالت المنصوص عليها في المواد 127و 128و 132من قانون المسطرة الجنائية القديم
و 134و135و 59و 60و 62و 101و 139من قانون المسطرة الجنائية الجديد.
النوع الثاني :أسباب البطالن القضائي وهي ترجع إلى القانون من حيت المصدر ولكنها
اجتهادية من الناحية التطبيقية ،ومعيار التعرف على هذه األسباب هو أن يكون اإلجراء
- 168من هذه األمثلة كذلك عدم تبليغ األوامر القضائية التي يصدرها قاضي التحقيق للخصوم لكي يمارسوا حقهم في
استئنافها انظر – عبد الوهاب حوميد ،الوجيز في المسطرة الجنائية المغربية ،نفس المرجع السابق ،ص :من 262إلى
.263
- 169قرار رقم 786مؤرخ في 1960-11-23مجموعة قرارات الغرفة الجنائية ،المجموعة الثانية الصفحة – 189
أورده ،عبد الواحد العلمي ،شرح المسطرة الجنائية ،مرجع سابق ،ص ،89-88 :الهامش .16
- 170أحمد الخملبشي ،نفس المرجع السابق ،ص.365 :
97
جوهريا وأن يؤدي خرقه إلى المس بحقوق الدفاع للنيابة العامة أو للطنين أو للمطالب بالحق
المدني.
وقد ميز جانب من الفقه 171بين البطالن المطلق والبطالن النسبي ،فحسب هذا االتجاه
يهدف البطالن المطلق إلى تحقيق مصلحة عامة رأى المشرع أن المساس بها مساس بالنظام
العام ،ويمكن لمن له مصلحة فيه أن يتمسك به في أي مرحة من مراحل الدعوى وال يجوز
االتفاق على ما يخالفه ،ويتعين على قاضي التحقيق أن يثيره من تلقاء نفسه .واإلجراءات التي
اعتبرها المشرع من النظام العام هي المشار إليها في الفصل 190من قانون المسطرة
الجنائية القديم ،المادة 210من قانون المسطرة الجنائية الحالي.
أما البطالن النسبي فإنه يهدف إلى تحقيق مصلحة أحد األطراف في الدعوة ويمكن
التنازل عنه صراحة وال يثيره قاضي التحقيق من تلقاء نفسه ،ولئن كان قانون المسطرة
الجنائية نص على القيام ببعض اإلجراءات بصبغة الوجوب واعتبر عدم احترامها مساسا
172
بحق الدفاع فإن البعض اآلخر يبقى خاضعا لالجتهاد.
- 171طارق السباعي ،قانون المسطرة الجنائية بين النظرية والتطبيق ،الجزء األول ،مطبعة الصومعة ،الطبعة الثانية،
،1994ص93-87 :
- 172محمد الحسون ،مؤسسة قاضي التحقيق :التأصيل النظري والعملي ،نفس المرجع السابق ،ص.166 :
98
الفقرة الثالثة :أثار بطالن أوامر قاضي التحقيق
اذا كان المشرع قد ميز بين حاالت البطالن اعتبارا لمعيار طبيعة االجراء المتخذ من
طرف قاضي التحقيق هل هو اجراء جوهري يعتبر من النظام العام ،أم انه مجرد اجراء
شكلي غير جوهري وبالتالي ال تكون له نفس أهمية االجراء األول ،فانه اعتمد نفس
االزدواجية على مستوى االثار القانونية للبطالن.
رتب المشرع المغربي صراحة بطالن االجراء الذي لم ينجز وفق ما هو مطلوب،
ورتب بطالن االجراء المعيب وكذا بطالن كافة اإلجراءات الالحقة له وان تم إنجازها بصفة
سليمة ،كما هو االمر بخصوص المادة 63من ق.م.ج 173،ولعل اختيار المشرع لهذا الحل
الجذري يعود الى ايمانه بضرورة واهمية هذه اإلجراءات.
على خالف خرق اإلجراءات األساسية التي يترتب عنها بطالن االجراء المعيب
واإلجراءات التي تليه ،فانه بالنسبة لإلجراءات التي ال توصف بالجوهرة أو من النظام العام،
فان المشرع ترك تطبيق مقتضيات المادة 210و 211من ق.م.ج للقضاة صالحية تقرير ما
اذا كان يجب ترتيب أثر بطالن اإلجراءات المنجزة الالحقة باإلجراء المعيب الذي تم تقرير
بطالنه ،أي تحال حاالت البطالن طبقا للمادتين المذكورتين على الغرفة الجنحية بمحكمة
- 173المادة 63من ق .م .ج" :.يعمل باإلجراءات المقرر في المواد 60 ،59و 62أعاله تحت طائلة بطالن االجراء
المعيب وما قد يترتب عنه من إجراءات".
99
االستئناف التي تقرر ما اذا كان البطالن مقصورا على االجراء الفاسد أو يمتد الى اإلجراءات
174
الالحقة كال أو بعضا.
ولإلشارة ،فانه ال يجوز الدفع ببطالن إجراءات التحقيق بعدى صدور قرار الغرفة
177
الجنحية المتعلقة باإلحالة على هيئة الحكم وهو ما نصت عليه المادة 227من ق .م .ج.
نستخلص مما سبق ،أن قوة أثر البطالن تختلف باختالف حالتي البطالن اللتين يعرفهما
قانون المسطرة الجنائية ،وهكذا فان حاالت البطالن المقرر بقوة القانون تلغي االجراء المعيب
وما يليه من اإلجراءات ،اما حاالت البطالن القضائي الناجمة عن خرق اجراء جوهري يمس
حقوق الدفاع فيترك تقدير قوة تأثيرها للجهة التي تقرر البطالن.
اما فيها يتعلق بمصير ما تم استخالصه من أدلة ونتائج عم هذا االجراء المعيب،
واإلجراءات التي تليه حالة بطالنها بقوة القانون أو بناء على السلطة التقديرية للقضاة ،فانه
يترتب قانونيا استبعاد كافة الوثائق واألدلة المتعلقة بملف الدعوى ويجب حفظها لدى كتابة
بل يمنع المشرع صراحة الرجوع اليها ألجل استعمالها 178
الضبط بمحكمة االستئناف،
- 174دوارد غالي الذهبي ،اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري ،مكتبة غريب الطبعة الثانية ،1990 ،ص.220 :
- 175الحبيب البيهي ،نفس المرجع السابق ،ص.366 :
- 176المادة 240من ق.م.ج " :.يكون للمقرر المحال إلى الغرفية الجنحية مفعوله التام إذا أيدته هذه الغرفة".
- 177المادة 227من ق.م.ج" :.ال يمكن إثارة الدفع ببطالن إجراءات التحقيق بعد صدور قرار الغرفة الجنحية القاضي
باإلحالة على هيئة الحكم".
- 178محمد أحداف ،نفس المرجع السابق ،ص.521 :
100
واستخالص دليل أو أدلة ضد أحد أطراف الملف وذلك تحت طائلة المتابعات التأديبية في حق
179
القضاة والمحامين ،هذا ما قررته المادة 213من ق .م .ج.
البد أن نشير في ختام تطرقنا الى موضوع بطالن إجراءات التحقيق ان اثارة هذا الطعن
ال يكون وقت نظر الغرفة الجنحية في الموضوع ،وهو االمر الذي سارت عليه الغرفة الجنحية
بالدار البيضاء في أحد قراراتها ،حيث جاء في حيثياته أنه" :حيث ان الطعن في إجراءات
التحقيق يكون امام الغرفة الجنحية التي حلت محل غرفة االتهام ،وال يمكن اثارته وقت
النظر في الموضوع.
وإذا كانت الغرفة الجنحية منتصبة للبث في موضع التهمة بناء على قرار اإلحالة،
التحقيق180."... فإنها ال تكون مخولة للنظر في نفس الوقت في صحة إجراءات
- 179المادة 213من ق.م.ج" :تسحب من ملف التحقيق وثائق اإلجراءات التي أبطلت وتحفظ في كتابة الضبط بمحكمة
االستئناف ،ويمنع الرجوع إليها لالستخالص أدل ضد األطراف في الدعوى ،تحت طائلة متابعات تأديبية في حق القضاة
والمحامين".
- 180قرار في ملف عدد 2003/1353الصادر بتاريخ 2003/03/26عن الغرفة الجنحية لدى محكمة االستئناف بالدار
البيضاء ،منشور بمجلة المحاكم المغربية ،عدد ،98ص.182 :
101
الخاتمة
ختما ال يسعنا القول إال أن قاضي التحقيق من الوجوه البارزة في المنظومة القضائية
الجنائية المغربية ،بحيث استمد هذه الميزة بالدرجة األولى من خصوصياته التي يتميز بها في
ظل قانون المسطرة الجنائية المغربي ،فإذا كان المشرع المغربي أقر بإلزامية التحقيق
اإلعدادي في حالة الجنح بنص خاص في القانون وفي الجنح المتعلقة بالقتل الخطأ في حوادث
السير المميتة ،فإن هذا ال يحد من الصالحيات الواسعة الموكولة لهذا القاضي ،الذي بمجرد
وضع يده على القضية ،يمكنه أن يتخذ أي إجراء يراه ضروريا لكشف الحقيقة وإيقاع العقاب
على الجاني.
وعلى هذا األساس ميزنا في إجراءات التحقيق بين اإلجراءات المتعلقة بجمع األدلة
والتنقيب عنها ،وبين األوامر التي تهم األشياء وكذا المتهم ،والتي اعتبرناها سلطات لقاضي
التحقيق في العمل القضائي ،إذ قيد المشرع هذه السلطة باالستئناف والمراقبة ،بحيث خول
لكل من النيابة العامة والمتهم والمطالب بالحق المدني ،استئناف أوامر قاضي التحقيق ،ومن
جهة أخرى أخضع عمل قاضي التحقيق للرقابة من طرف الغرفة الجنحية.
كما استنتجنا من خالل هذه الدراسة ،أن الواقع العملي يطرح وبحدة ،إمكانية وجود
اختالفات قانونية بين جهاز النيابة العامة وأوامر قاضي التحقيق ،وهو ما لم يغفل عن تنظيمه
المشرع ،إذ بادر إلى وضع نصوص قانونية توضح الجهة المختصة للبت في هذا االختالف،
وجعل للغرفة الجنحية القول الفصل بين قرارات قاضي التحقيق ،وملتمسات النيابة العامة
الرامية عكس منحى قاضي التحقيق ،حيث إن هذه الغرفة بحكم االختصاص المخول إليها قد
تلغي قرارات قاضي التحقيق جزئيا أو كليا ،وقد تؤيدها وترفض استئناف النيابة العامة أو أي
طرف أخر في الدعوى ،سواء انتهى التحقيق فيها أو لم ينتهي .
102
وفي معرض دراستنا هذه ،وقفنا على تضارب اآلراء والنقاشات الفقهية والقضائية حول
طبيعة هذه الرقابة التي تمارسها الغرفة الجنحية على عمل قاضي التحقيق ،ونوعية العالقة
التي تربط بين هاتين الجهتين ،لنصل إلى فكرة مفادها أن عالقة قاضي التحقيق بالغرفة
الجنحية هي في األصل عالقة تكاملية ،تنقسم إلى شقين أساسيين ،يتعلق الشق األول بالرقابة
القضائية ،حيث تمارس الغرفة المذكورة هذا االختصاص باعتبارها جهة استئنافية لكل ما
يتخذه قاضي التحقيق من إجراءات وأوامر صادرة أثناء سريان التحقيق ،أو بشأن انتهاء
التحقيق وشق ثاني يشمن المسار السليم والعادي للقضايا المعروض على قضاة التحقيق،
انطالقا من تظهير إجراءات التحقيق من كل الشوائب التي يمكن أن تؤدي بها إلى البطالن،
باإلضافة إلى البث في طلبات اإلفراج المؤقت المقدمة لها مباشرة وفق شروط معينة ،وكذا
الوضع تحت تدابير المراقبة القضائية.
وقد خلصنا من خالل هذه الدراسة المتواضعة إلى مجموعة من المالحظة والتوصيات
التي نجملها فيما يلي:
لن يكتمل اإلصالح العميق والشامل للمنظومة القضائية بالمغرب إال بتأهيل
العنصر البشري ،وفي مقدمتهم قضاة التحقيق بالزيادة في عددهم داخل المحاكم ،لكي ال
يتم إرهاقهم بالملفات الكثيرة ،مما يضطر معه قاضي التحقيق إلى االعتماد الكلي على
أبحاث الشرطة القضائية ،بشكل تفقد معه مرحلة التحقيق مغزاها وتنحرف عن الدور
المخصص لها.
ضرورة توسيع نطاق التحقيق اإلعدادي بالرجوع إلى إلزامية التحقيق في جميع
الجنايات ،على غرار المشرع الفرنسي الذي أقر وجوبية التحقيق في جميع الجنايات،
وعدم التذرع بقلة العنصر البشري ،الذي ال يمكن أن يعلق عليه هذا التنصيص في الجرائم
الواجب التحقيق فيها.
إن المدة المخصصة لمزاولة قاضي التحقيق لمهامه والمحددة في ثالث سنوات
،تبقى غير كافية ،حيث كان على المشرع اإلبقاء على قاضي التحقيق بمنصبه لمدة أطول
103
منها ،خصوصا وأن إعفائه كون بنفس طريقة تعيينه ،ألن بقائه في منصبه يمكنه من
اكتساب خبرة وتجربة ميدانية تساعده في أداء مهامه على أحسن وجه.
تعيين وإعفاء قضاة التحقيق يكون من طرف وزير العدل وهذا فيه نوع من
المساس باستقاللهم ،لذلك يجب على المشرع أن ينيط ذلك بجهة قضائية ممثلة في المجلس
األعلى للسلطة القضائية ضمانا لشفافية ومصداقية قرار اإلعفاء.
التأكد الصريح بأن التحقيق ملزم باألفعال الواردة في ملتمس النيابة العامة
وليس باألشخاص الواردة أسماؤهم في الملتمس المذكور ،حيث يجوز لقاضي التحقيق
توجيه المتابعة إلى أشخاص لم ترد أسماؤهم في ملتمس النيابة العامة الرامي إلى فتح
التحقيق.
للغرفة الجنحية دور قضائي مهم وهو ما يدعو إلى منحها صالحيات واسعة
لكونها بمثابة الحكم أو الفيصل بين النيابة العامة وقاضي التحقيق ،والتنصيص صراحة
علة أن الغرفة الجنحية مؤهلة للبت في تطهير إجراءات التحقيق من البطالن من تلقاء
نفسها ،عندما يعرض عليها الملف أثناء تقديم االستئناف ،وعدم االقتصار على ملتمسات
قاضي التحقيق والنيابة العامة والمتهم بخصوص البطالن.
تدعيم دور رئيس الغرفة الجنحية لما له من أهمية كبيرة لمراقبة أعمال التحقيق،
خصوصا فيما يتعلق بزيارة المؤسسات السجنية والتحقق من سالمة تطبيق إجراء
االعتقال االحتياطي.
104
الئحة المراجع
الكتب العامة:
أحمد الخمليشي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول ،مطبعة المعارف
الجديدة ،الرباط ،الطبعة الخامسة.1999 ،
أحمد فتحي سرور ،الوجيز في قانون اإلجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية،
القاهرة.1982 ،
احمد قيلش ،مجيدي السعدية ،سعاد حميدي ،محمد زنون ،الشرح العملي
لقانون المسطرة المدنية ،مكتبة امنية – الرباط ،الطبعة الثانية.2016 ،
العلمي عبد الواحد ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء الثاني ،مطبعة
النجاح الجديدة ،الطبعة الخامسة.2017 ،
حاتم بكار ،حماية حق المتهم في محاكمة عادلة دراسة تحليلية تأصيلية انتقادية
مقارنة في ضوء التشريعات الجنائية المصرية – الليبية – الفرنسية -اإلنجليزية،
اإلسكندرية.1997 ،
حسن صادق المرصفاوي ،في أصول اإلجراءات الجنائية ،منشأة المعارف،
اإلسكندرية ،طبعة .1996
دوارد غالي الذهبي ،اإلجراءات الجنائية في التشريع المصري ،مكتبة غريب
الطبعة الثانية.1990 ،
شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء األول ،وزارة العدل ،سلسلة الشروح
والدالئل ،عدد ،2الطبعة الثانية.
طارق السباعي ،قانون المسطرة الجنائية بين النظرية والتطبيق ،الجزء األول،
مطبعة الصومعة ،الطبعة الثانية.1994 ،
105
عبد السالم بنحدو ،الوجيز في شرح المسطرة الجنائية المغربية ،مطبعة
أسبارطيل ،طنجة.2013 ،
عبد الوهاب حوميد ،الوجيز في المسطرة الجنائية المغربية ،كتبة التومي،
للنشر والتوزيع ،الرباط.1983 ،
محمد أحذاف ،شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد ،الجزء األول ،سجلماسة
للطبع والنشر ،مكناس ،الطبعة الثانية.2005 ،
محمد السعيد رمضان ،مبادئ قانون اإلجراءات الجنائية ،الجزء األول،
القاهرة.1993 ،
محمد عوض ،قانون اإلجراءات الجنائية ،الجزء األول ،دار المطبوعات
الجامعية ،اإلسكندرية.
محمد عياظ ،دراسة في المسطرة الجنائية المغربية ،الناشر شركة بابل للطباعة
والنشر والتوزيع.1991،
الكتب الخاصة:
106
عبد الواحد إمام مرسي ،التحقيق الجنائي علم وفن بين النظرية والتطبيق ،دار
الكتب ،مصر.1995 ،
محمد أنور عاشور ،الموسوعة في التحقيق الجنائي العلمي ،نشر عالم الكتب،
الطبعة الثانية.2005 ،
هاللي عبد االله أحمد ،المركز القانوني للمتهم في مرحلة التحقيق االبتدائي،
دراسة مقارنة بالفكر الجنائي اإلسالمي ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،الطبعة األولى
.1989
الرسائل واألطروحات
107
محمد سعيد الوكيلي ،قاضي التحقيق أمام المحكمة االبتدائية ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة،
.2012/2011
108
إشكالية األثر الموقف الستئناف قرار قاضي التحقيق بعدم، محمد الهيني
.26 العدد، مجلة اإلشعاع،المتابعة أو عدم االختصاص
مجلة الحقوق، تأمالت في قضاء التحقيق بين الممارسة والتطبيق، محمد حكيم
.2005 ، العدد الخامس،المغربية
109
الفهرس
المبحث األول :التأصيل النظري للتحقيق اإلعدادي ومؤسسة قاضي التحقيق 12 ....
المطلب األول :الجهات المخول لها ممارسة التحقيق اإلعدادي 36 ...................
الفقرة الثانية :بالمطالبة المطالب بالحق المدني (الشكاية المباشرة) 47 ...............
110
الفصل الثاني :صالحية قاضي التحقيق في الدعوى العمومية 52 ...................
المطلب الثاني :أوامر قاضي التحقيق المتعلقة بسير التحقيق وانتهائه 68 ............
الفقرة األولى :أوامر قاضي التحقيق المتعلقة بسير التحقيق 68 .......................
الفقرة الثانية :أوامر قاضي التحقيق المتعلقة بانتهاء التحقيق 76 ......................
المبحث الثاني :رقابة الغرفة الجنحية على أوامر قاضي التحقيق 80 .................
الفقرة األولى :الجهات المخول لها استئناف أوامر قاضي التحقيق 81 ................
الفقرة األولى :طلب بطالت إجراءات التحقيق اإلعدادي والبت فيه 91 ..............
111