المولد النبوي الشريف

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 24

‫َبَي اُن األِد َّلِة الَقاِط َعِة َع َلى َج َو اِز االْح ِتَفاِل ِبالَم ْو ِلِد الّنبوي الّش ريف‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫اْلَح ْمُد ِهلل اَّلذي أرَس َل َلنا َم ْن ِباْلَح ِّق َس َّن ‪ ،‬وَج َع َل َلنا ِمَن الِبَد ِع ما ُه َو َح َس ٌن ‪ ،‬والَّصالُة والَّسالُم على صاِحِب الَّصْو ِت والَو ْج ِه‬
‫اْلَح َس ِن ‪َ ،‬أبي القاِس ِم َج ِّد اْلُحسيِن واْلَح َس ِن ‪.‬‬

‫يقول ُهللا تعالى ‪َ ﴿ :‬لَقْد َج اءُك ْم َر ُسوٌل ِّمْن َأنُفِس ُك ْم َع ِز يٌز َع َلْيِه َم ا َع ِنُّت ْم َح ِر يٌص َع َلْي ُك م ِباْلُمْؤ ِمِنيَن َر ُؤ وٌف َّر ِحيٌم ﴾ [سورة الّت وبة‬
‫آية ‪.]1288‬‬

‫ُأ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬


‫أَّما َب ْع ُد َفَه َذ ا بياُن َج واِز االْح ِتَفاِل ِباْلَم ْو ِلِد َو َّن فيِه ْج ًر ا َو َث َو اًبا‪َ .‬ن قوُل ُم َت َو ِّك ليَن على ِهللا‪ ،‬الِبدَع ُة ‪ُ :‬لَغ ًة هَي َم ا ْح ِد َث على َغ ْي ِر‬
‫ِمثاٍل ساِبٍق وَش ْر ًعا اْلُمْح َد ُث اَّلذي َلْم َي ُنَّص عليِه الُقرءاُن وال اْلَح ديُث ‪.‬‬

‫الَّدليُل ِمَن الُقرءاِن الَك ريِم على الِبْد َعِة اْلَح َس َن ِة ‪َ :‬ق ْو ُلُه تعالى في َم ْد ِح اْلُمؤمنيَن ِمْن أَّمِة َس ِّيِدنا عيسى َق اَل تعالى ‪َ { :‬و َج َع ْلَن ا‬
‫في ُقُلوب اَّلذيَن اَّت َب ُعوُه َر أَفًة َو َر ْح َم ًة َو َر ْه َب اِنَّيًة اْب َت َد ُعوَه ا َم ا َكَت ْب َن اها َع َلْي ِه ْم ِإال اْبِتَغاَء ِر ْض َو اِن هللا } [سورة الحديد‪ ،]27 ،‬فاُهلل‬
‫امَت َد َح اْلُمْس ِلِميَن اَّلذيَن كاُنوا على َش ريَع ِة عيسى عليه السالم ألَّن ُهْم كاُنوا َأْه َل َر ْح َم ٍة ورأَف ٍة وألَّن ُهْم اْب َت َد ُعوا الَّر ْه بانيَة َو ِهَي‬
‫االْن ِقطاُع عِن الَّش هواِت اْلُمباَح ِة زياَد ًة على َت َج ُّن ِب اْلُمحَّر ماِت‪َ ،‬ح َّت ى إَّنُهْم اَن قَط ُعوا عِن الِّز واِج وَت َر ُك وا اللَذ اِئَذ ِمَن اْلَم ْط ُعوَماِت‬
‫والِّث ياِب الفاِخَر ِة وأْق َب ُلوا على اآلِخَر ِة اْق باًال تاًّم ا‪ ،‬فاُهلل اْم َت َد َح ُهْم َع َلى َهِذِه الَّر ْه باِنَّيِة َمَع أَّن عيسى عليه السالم َلْم َي ُنَّص َلُهم‬
‫َع َلْي َه ا‪.‬‬

‫أَّما قْو ُلُه تعالى في َب ِقَّيِة اآليِة { َفَم ا َر َع ْو َه ا َح َّق ِر َع اَيِتَه ا } [سورة الحديد‪َ ]277 ،‬ف َلْي َس فيها َذ ٌّم َلُهْم َو ال ِللَّر هباِنَّيِة اَّلتي‬
‫ابَت َد َعَه ا أوَلِئَك الَّصاِد ُقوَن اْلُمؤِم ُنوَن َب ْل َذ ٌم ِلَم ْن جاَء َب ْع َد ُهم ِمَّمْن َق َّلَد ُهم في االْن ِقطاِع َع ِن الَّش هواِت َمَع الِّش ْر ِك أي َمَع ِع باَدِة‬
‫عيسى عليه السالُم وُأِّمِه‪.‬‬

‫الَّدليُل ِمَن الُّسنِة اْلُم َط َّهَر ِة على الِبْد َعِة اْلَح َس َن ِة ‪َ :‬ق ْو ُلُه صلى هللا عليه وسلم "َم ْن َس َّن في اإلْس الِم ُس َّن ًة َح َس َن ًة َف َلُه َأْج ُر َه ا َو َأْج ُر‬
‫َم ْن َعِمَل ِبها َب ْع َدُه ِمْن َغْي ِر َأْن َي نُقَص ِمْن ُأجوِر ِهم شْى ٌء‪َ ،‬و َم ْن َس َّن في اإلْس الِم ُس َّن ًة َس ِّيئًة كاَن َع َلْيِه ِو ْز ُر َه ا َو ِو ْز ُر َم ْن َعِمَل‬
‫ِبَه ا ِمن َب ْع ِدِه ِمْن َغ ْي ِر أْن َي ْنُقَص ِمْن َأْو َز اِر ِهم شْى ٌء"‪ ،‬رواُه ُمْس ِلٌم في َصحيِحِه ِمْن َح ديِث َج ريِر بِن َع ْبِد ِهللا الَبَج ِلِّي َر ضَي‬
‫ُهللا َع ْن ُه‪ .‬فأْف َه َم َه ذا اْلَح ديُث أَّن الَّر ُسوَل صلى هللا عليه وسلم ُه َو اَّلذي َع َّلَم ُأَّم َت ُه أَّن الِبْد َع َة على َض ْر َب ْي ِن ‪ :‬بدَع ُة َض اللٍة ‪:‬‬
‫َو ِهَي اْلُمْح َد َثُة اْلُم َخ اِلَفُة ِلْلُقرءاِن والُّس َّن ِة‪َ .‬و ِبْد َع ُة ُه ًد ى ‪َ :‬و ِهَي اْلُمْح َد َثُة اْلُمواِفَقُة ِلْلُقرءاِن والُّس َّن ِة‪ .‬فإْن قيَل ‪َ :‬ه ذا َم ْع ناُه َم ْن َس َّن‬
‫في حياِة َر ُسوِل ِهللا أَّما َب ْع َد َو فاِتِه فال‪ ،‬فاْلجواُب أْن ُيقاَل "ال َت ْث ُبُت اْلُخ ُصوِص َّي ُة إال ِبَد ِليٍل " َو ُهنا الَّدليُل ُيْع ِط ي ِخالَف ما‬
‫َي َّدعوَن َح ْي ُث ِإَّن َر ُسوَل ِهللا صلى هللا عليه وسلم قال "َم ْن َس َّن في اإلسالم" َو َلْم َي ُقْل َم ْن َس َّن في حياِتي وال قاَل َم ْن َعِمَل‬
‫َعَم ًال أنا َعِم ْلُتُه فأْح ياُه‪َ ،‬و َلْم َي ُك ْن اإلسالُم َم ْق صوًر ا على الَّز َم ِن اَّلذي كاَن فيِه رسوُل هللا‪َ ،‬ف َب َط َل َز ْع ُمُهم‪ .‬فِإْن قاُلوا ‪ :‬اْلَح ديُث‬
‫َس َب ُبُه أَّن ُأناًس ا ُفَقراَء شديدي الَفْق ِر َي ْلَب ُسوَن الِّن ماَر ‪-‬نوع من الّثياب‪ -‬جاؤوا َفَت َمَّعَر ‪-‬أى تغّير‪َ -‬و ْج ُه رسوِل ِهللا ِلما رأى ِمْن‬
‫ُبؤِس ِه م َفَت َص َّدق الَّن اُس َح َّت ى َج َم ُعوا َلُهم شيًئ ا كثيًر ا َفَت َه َّلَل َو ْج ُه رسوِل ِهللا فقاَل "َم ْن َس َّن في اإلْس الِم ُس َّنًة َح َس َن ًة َفَلُه َأْج ُر َه ا‬
‫َو َأْج ُر َم ْن َعِمَل ِبها"‪ ،‬فاْلَج َو اُب َأْن ُيقاَل ‪ :‬الِعْب َر ُة ِبُعُموِم الَّلْف ِظ ال ِبُخ ُصوِص الَّسَبِب َك َم ا َذ َك َر ُع َلَم اُء اُألُصوِل ‪.‬‬

‫الَّدليُل ِمْن َأقواِل وأفعاِل اْلُخَلفاِء الَّر اشديَن على الِبْد َعِة اْلَح َس َن ِة ‪َ :‬فَقْد َأْح َد َث الُخَلفاُء الَّر اشُدوَن اْلَم ْر ِض ُّيوَن َأْش ياَء َلْم َي ْف َع ْلها‬
‫الَّر سوُل صلى هللا عليه وسلم وال أَمَر ِبها ِمَّما ُيواِفُق اْلِكتاَب والُّس َّنَة فكانوا ُقْد َو ًة لنا فيها‪َ ،‬ف َه ذا أبو َب ْك ٍر الِّصديُق َي ْج َم ُع‬
‫الُقرءاَن وُيَس ِّميِه ِباْلُمْص َح ِف ‪ ،‬وَه ذا ُع َم ُر بُن اْلخَّط اِب َي ْج َم ُع الَّن اسفي صالِة الَّت راويِح على إماٍم واِحٍد َو َي قوُل َع ْن ها ‪ِ" :‬نْع َمِت‬
‫الِبْد َع ُة َه ِذِه"‪ ،‬وَه ذا ُعثماُن بُن َع َّفاَن يأُمُر ِباَألذاِن األَّو ِل ِلَص الِة اْلُج َمَع ِة‪ ،‬وَه ذا اإلماُم علٌّي ُيْن َقُط اْلُمْص َح ُف َو ُيَشَّك ُل في زماِنِه‬
‫على َيِد َي ْح يى بِن َي ْع َمَر ‪ ،‬وَه ذا ُع َم ُر بُن َع ِبِد العزيِز يْع َم ُل اْلَم حاِر يَب واْلمآِذَن ِلْلَم ساِج ِد‪ُ .‬ك ُّل َهِذِه َلْم َت ُك ْن في َز ماِن َر ُسوِل ِهللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم َفَه ْل َس َي ْم َن ُعها اْلماِنُعوَن ِلْلَم ْو ِلِد في أَّياِمنا َهِذِه أْو َأَّن ُهم َس َي َت َح َّك ُموَن َفَي ْس َت ِبيُحوَن َأشياَء َو ُيَح ِّر ُموَن َأشياَء ؟!‬
‫َو َقْد َفَع ُلوا َذ ِلَك فِإَّن ُهم َح َّر ُموا اْلَم ْو ِلَد وأباُحوا َن ْقَط اْلُمْص َح ِف وَت ْش كيَلُه وأباُح وا أشياَء كثيَر ًة ِمَّما َلم َي ْف َع ْلَه ا الَّر سوُل صلى هللا‬
‫عليه وسلم َك الُّر ْز ناماِت ‪-‬مواقيِت الَّصلواِت‪ -‬اَّلتي َلْم َت ْظ َه ْر إال َق ْب َل َن ْح ِو ثالِثِم اَئ ِة عاٍم َو ُهم َي ْش َت ِغ ُلوَن ِبَه ا َو َي ْنُشروَن ها بيَن‬
‫الَّن اِس ‪.‬‬

‫ُأل‬
‫الَّدليُل ِمَن أْق واِل ُع َلَم اِء الَّس َلف على الِبْد َعِة اْلَح َس َن ِة ‪ :‬قاَل اإلماُم الَّش اِفعُّي َر ِض َي ُهللا َع ْن ُه "اْلُمْح َد َث اُت ِمَن ا موِر َض ْر َب اِن‬
‫َأَح ُدُهما ما ُأْح ِد َث ِمَّما ُيخاِلُف ِكتاًبا أو ُس َّنًة أو ِإْج ماًع ا أْو َأَث ًر ا َفَهِذِه الِبْد َع ُة الَّضاللُة والَّث اِنَي ُة ما ُأْح ِد َث ِمَن اْلَخ ْي ِر وال ُيخاِلُف‬
‫ِكتاًبا أْو ُس َّنًة َأو ِإْج ماًعا وَهِذِه ُمْح َد َثٌة َغ ْيُر َم ْذ ُموَم ٍة" رواُه الَبْيَهِقُّي باإلْس ناِد الَّصحيِح في ِكتاِبِه َم ناِقُب الَّش اِفِعِّي ‪َ .‬و َم ْع لوٌم أَّن‬
‫اْلُم َح ِّد ثيَن َأْج َم ُعوا على أَّن الَّش اِفِعَّي َر ضَي ُهللا عنُه ُه َو اْلَم ْق ُصوُد ِبقْو ِلِه صلى هللا عليه وسلم "عاِلُم ُقَر ْي ٍش َي ْم ُأل ِط باَق اَألْر ِض‬
‫ِع ْلَم ا" َر واُه الِّت ْر ِمِذُّي ‪َ .‬أَّما الَبْيَهِقُّي َفُهَو ِمَن اْلُح َّفاِظ الَّسْبَعِة اَّلذيَن اُّت ِفَق على َع َد اَلِتِه م‪.‬‬

‫اْلمْو لُد ُه َو ُشْك ٌر ِهلل تعالى َع َلى أَّن ُه َأْظ َهَر ُم َح َّم ًد ا في ِم ْث ِل َه ذا الَّش هر‪َ ،‬لْي َس ِع َب اَد ًة ِلُم َح َّمٍد ‪َ :‬ن ْح ُن ال َن ْع ُبُد ُم َح َّم ًد ا َو ال َن ْع ُبُد َش ْي ًئ ا‬
‫ِس وى ِهللا‪َ ،‬لِكْن ُنَع ِّظ ُمُه َت ْع ظيًما َفَقط‪ُ ،‬نَع ِّظ ُم ُم َح َّم ًد ا َأْك َث َر ِمْن َغْي ِر ِه ِمَن اَألنبياِء واْلَمالِئَك ِة‪ُ ،‬ثَّم ُنَع ِّظ ُم ُك َّل اَألْن بياِء وال َن ْع ُبُد واِح ًد ا‬
‫ِم ْن ُهم‪ ،‬ال َن ْع ُبُد ُم َح َّم ًد ا وال َأَّي َم َلٍك َو ال َأَّي َن ْج ٍم وال الَّش ْم َس وال الَقَمَر ‪ِ ،‬نَه اَي ُة الَّت َذ ُّلِل ِع ْن َد نا هلل‪َ ،‬ن َض ُع ِج باَه نا ِباألْر ِض َو ُنَقِّد ُسُه‪،‬‬
‫ِنهايُة الَّت َذ ُّلِل ِهَي الِعباَد ُة‪َ ،‬هِذِه َن ْح ُن ال َن ْف َع ُلها ِلَس ِّيِدنا ُم َح َّمٍد‪ِ ،‬إَّن ما َن ْح ُن ِع باَد ُتنا ِهلل‪َ ،‬ن ْح ُن ال َن ْع ُبُد ُمحَّم ًد ا َب ْل َن ْع َت ِبُر ُم َح َّم ًد ا َد اِع ًيا‬
‫إلى ِهللا‪َ ،‬ه َد ى الَّن اَس َو َي ْس َت ِح ُّق الَّت ْع ظيَم ‪َ ،‬أَق َّل ِمَن الِعباَدِة‪َ ،‬أَق َّل ِمْن َأْن ُيْع َب َد ‪ ،‬وُهللا تعالى اْم َت َد َح اَّلذيَن ءامُنوا ِبِه صلى هللا عليه‬
‫وسلم َو َع َّز ُروُه أي عَّظ ُموُه َفقاَل َع َّز َو َج َّل { َف اَّلِذيَن ءاَم ُنوا ِبِه َو َع َّز ُروُه َو َن َص ُروُه َو اَّت َب ُعوا الُّن وَر اَّلذي ُأْن ِز َل َمَع ُه ُأولِئَك ُه ُم‬
‫اْلُم ْف ِلُحون } [سورة األعراف‪.]157 ،‬‬

‫اْلَم ْو ِلُد فيِه اْج ِتَم اٌع على طاَعِة ِهللا‪ ،‬اْج ِتَم اٌع على ُحِّب ِهللا وُحِّب رُسوِل ِهللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬اْج ِتَم اٌع على ِذ ْك ِر ِهللا َو ِذ ْك ِر‬
‫َّط‬ ‫ْط‬ ‫ْل ُل‬ ‫ْل ْل‬
‫َش ْى ٍء ِمْن سيَر ِة َر سوِل ِهللا صلى هللا عليه وسلم وَن َس ِبِه الَّش ريِف ‪ ،‬وَش ْى ٍء ِمْن ِص َفاِتِه ا َخ ِقَّيِة وا ُخ ِقَّيِة‪َ ،‬و فيِه ِإ عاُم ال عاِم‬
‫ِلوْج ِه ِهللا َت َب اَر َك َو َت َع الى وُهللا تعالى َي قول { َو ُيْط ِعُموَن الَّط َع اَم َع َلى ُحِّبِه ِمْس ِك يًن ا َو َي ِتيًما َو َأِس يًر } [سورة اإلنسان‪َ ، ]8 ،‬ب ْع َد‬
‫هذا َك ْي َف ُيَح ِّر ُم َش ْخ ٌص َي َّدعي الِع ْلَم َعَمَل اْلَم ْو ِلِد َف َر ًح ا ِبِو الَدِة َر ُسوِل ِهللا صلى هللا عليه وسلم ؟!قال الشيخ محمد الخضر‬
‫حسين التونسي المالكي (‪ 1378‬هـ ) شيخ جامع األزهر سابقا‪ ,‬في مجلة الهداية اإلسالمية (ج‪ 11‬م‪ ) 2‬ما نصه‪" :‬أما‬
‫احتفالنا بذكرى مولده فإنا لم نفعل غير ما فعله حسان بن ثابت رضي هللا عنه حين كان يجلس إليه الناس و ُيسمعهم مديح‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه و سلم في شعر‪ ,‬و لم نفعل غير ما فعل علي بن أبي طالب أو البراء بن عازب أو أنس بن مالك‬
‫رضي هللا عنهم حين يتحدثون عن محاسن رسول هللا الُخ لقية و الخلقية في جماعة"‪..‬‬

‫الحافظ العراقي (وهو شيخ الحافظ ابن حجر العسقالني) (‪ 808 - 725‬هـ) له مولد باسم المورد الهني في المولد السني‬
‫ذكره ضمن مؤلفاته‪ ،‬قال فيها‪" :‬إَّن اّتخاَذ الوليَمِة وإطعاَم الّط عاِم ُمستحٌّب في كِّل وقٍت فكيف إذا انَض ّم إلى ذلك الفرُح‬
‫والُّس روُر بُظ هور نور الّنِبّي صلى هللا عليه وآله وسَّلم في هذا الَّش ْه ِر الَّش ريِف ‪ .‬وال يلزم من كونه بدعة كونه مكروها فكم‬
‫من بدعة مستحبة بل قد تكون واجبة" شرح المواهب اللدنية للزرقاني‪.‬‬

‫األْص ُل الذي اْس َت ْخ َر َج ُه اْلحاِفُظ ابُن َح َج ٍر ِمَن الُّسنِة على َج واِز َعَم ِل اْلَم ْو ِلِد في ِك َت اِبه الحاوي للفتاوي ‪)1977-1/189( :‬‬
‫َم ا َر َو اُه ابِن َع َّباٍس رضَي ُهللا َع ْن ُهَم ا قال ‪َ :‬لَّما َق ِد َم الَّن ِبُّي صلى هللا عليه وسلم اْلَم دينَة َو َج َد اْلَي ُهوَد َي ُصوُموَن َي ْو َم عاُشوراَء ‪،‬‬
‫َفُسئلوا َع ْن َذ ِلَك ‪َ ،‬فَقالوا‪ُ" :‬ه َو اْلَي وُم اَّلذي َأْظ َهَر ُهللا ُموسى َو َب ني إْس رائيَل على ِفْر َع ْو َن َو َن ْح ُن نُصوُمُه َت ْع ظيًما َلُه"‪ ،‬فقاَل‬
‫رسوُل ِهللا صلى هللا عليه وسلم "َن ْح ُن أْو لى ِبموسى" َو َأَمَر ِبَص ْو ِمِه َأْم َر اْس ِتْح باٍب‪َ .‬فُيْس َتَفاُد ِمْن َه َذ ا اْلَح ديِث ِفْع ُل الُّشْك ِر ِهلل‬
‫تعالى على ما تَفَّضَل ِبِه في َي ْو ٍم ُم َع َّي ٍن ِمن ُحُصوِل ِنْع َم ٍة َأو َر ْف ِع ِنْق َم ٍة‪ ،‬وُيعاُد َذ ِلَك في َن ظيِر َذ ِلَك الَي ْو ِم ِمْن ُك ِّل َس َن ٍة‪ ،‬والُّش كُر‬
‫ِهلل َي ْح ُصُل ِبَأْن واِع الِعباَد ِة كالُّسجوِد والِّصياِم والَّصَد َقِة والِّت الَو ِة‪ ،‬وَأُّي ِنْع َم ٍة َأْع َظ ُم ِمْن ِنْع َمِة ُبُروِز الَّن بِي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫األْص ُل الذي اْس َت ْخ َر َج ُه اْلَح اِفُظ الِّسيوِط ُّي ِمَن الُّسنِة على َج واِز َعَم ِل اْلَم ْو ِلِد في ِر َس اَلِتِه ُحْس ُن اْلَم ْق ِص ِد في َعَم ِل اْلَم ْو ِلِد ‪َ :‬ق وُلُه‬
‫صلى هللا عليه وسلم "َذ اَك َي ْو ٌم ُو ِلْد ُت فيِه وفيِه ُأْن ِز َل َع َلَّي " َلَّما ُس ِئَل عليِه الَّصالُة والَّسالُم َع ْن َس َبِب ِص ياِمِه ِليْو ِم االثنيِن ‪.‬‬
‫وفي َه َذ ا اْلحديِث ِإشاَر ٌة ِإلى اْس ِتْح باِب ِص ياِم األَّياِم اَّلتي َتَت َج َّدُد ِفيها ِنَع ُم ِهللا تعالى على ِع باِدِه‪ ،‬وإَّن ِمْن َأْع َظ ِم الِّنَع ِم اَّلتي َأْن َع َم‬
‫ُهللا ِبَه ا َع َلْينا ِإْظ َه اَر ُه صلى هللا عليه وسلم َو ِبْع َث َت ُه وإرساَلُه ِإَلْي َن ا‪َ ،‬و َد ليُل َذ ِلَك ِمْن َق ْو ِلِه تعالى { َلَقْد َمَّن ُهللا َع َلى اْلُمْؤ ِمنيَن ِإْذ‬
‫َبَع َث ِفيِه ْم َر ُسوًال ِمْن َأْنُفِس ِه م } [سورة ءال عمران‪ .]1644 ،‬قاَل اْلحاِفُظ السيوطُّي في ِر َس اَلِتِه "وَق ِد اْس َت ْخ َر َج َلُه ‪ -‬أي‬
‫اْلَم ْو ِلِد ‪ِ -‬إماُم اْلُح َّفاِظ أبو الَفْض ِل َأْح َم ُد بُن َح َج ٍر َأْص ًال ِمَن الُّس َّنِة واْس َت ْخ َر ْج ُت َلُه َأنا َأْص ًال ثانًيا‪ "...‬اهـ‪.‬‬

‫الحافظ العراقي (وهو شيخ الحافظ ابن حجر العسقالني) (‪ 808 - 725‬هـ) له مولد باسم المورد الهني في المولد السني‬
‫ذكره ضمن مؤلفاته‪ ،‬قال فيها‪ :‬إَّن اّتخاَذ الوليَمِة وإطعاَم الّط عاِم ُمستحٌّب في كِّل وقٍت فكيف إذا انَض ّم إلى ذلك الفرُح‬
‫والُّس روُر بُظ هور نور الّنِبّي صلى هللا عليه وآله وسَّلم في هذا الَّش ْه ِر الَّش ريِف ‪ .‬وال يلزم من كونه بدعة كونه مكروها فكم‬
‫من بدعة مستحبة بل قد تكون واجبة) شرح المواهب اللدنية للزرقاني‪.‬‬

‫اْلَم ْو ِلُد ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة َو َأَّو ُل َم ْن َعِمَل ِبِه اْلُمْس ِلُموَن َو َلْي َس َك َم ا قيَل ِإَّن أصَلُه ُه َو أَّن ُأناًس ا كاُنوا َي ْح َت ِفُلوَن ِبوفاِتِه صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪َ :‬فَقْد َذ َك َر اْلُح َّفاُظ والُع َلَم اُء ِمْن َأْص حاِب الَّت واِر يِخ وَغ ْي ِر ِهم أَّن َأَّو َل َم ِن اْس َت ْح َد َث َعَمَل اْلَم ْو ِلِد ُه َو اْلَم ِلُك اْلُم َظ َّفُر اَّلذي‬
‫كاَن َي ْح ُك ُم ِإْر ِبَل ‪َ ،‬و ُه َو َو ِر ٌع‪ ،‬صاِلٌح‪ ،‬عاِلٌم‪ُ ،‬شَج اٌع‪ُ ،‬ذ و ِع َن اَي ٍة ِباْلِج َه اِد‪ ،‬كاَن من اَألْبطاِل ‪َ ،‬م اَت َو ُه َو ُيَح اِص ُر الِفِر ْن َج ِبَع َّك ا‪ُ ،‬ه َو‬
‫َأَّو ُل َم ْن اْس َت ْح َد َث َه َذ ا اَألْم َر ‪ُ ،‬ثَّم واَفَقُه الُع َلماُء والُفَقهاُء‪َ ،‬ح َّت ى ُع َلَم اُء َغ ْي ِر َب َلِدِه اَّلذيَن ال َي ْح ُك ُمُه‪َ ،‬ذ َك َر َذ ِلَك اْلحاِفُظ السيوِط ُّي‬
‫في ِكتاِبِه األواِئِل ‪ ،‬وال زاَل اْلُمْس ِلموَن على َذ ِلَك ُم ْن ُذ َث ماِنِمائِة َس َن ٍة َح َّت ى اآلَن ‪ .‬فأُّي َأمٍر اْس َت ْح َس َن ُه ُع َلَم اُء ُأَّمِة ُم َح َّمٍد وَأْج َم عوا‬
‫َع َلْيِه َفُهَو َح َس ٌن َو َأُّي شىٍء اْس َت ْق َبَح ُه ُع َلَم اُء ُأَّمِة ُم َح َّمٍد َفُهَو َح َس ٌن َو َأُّي شىٍء اْس َت ْق َبَح ُه ُع َلَم اُء ُأَّمِة ُم َح َّمٍد َفُهَو َق بيٌح‪ ،‬وَم ْع لوٌم أَّن‬
‫ُع َلَم اَء اُألَّمِة ال َي ْج َت ِمُعوَن على َض الَلٍة ِلحديِث "ِإَّن ُأَّمتي ال َت ْج َت ِمُع على َض اللٍة" َر واُه ابُن ماَج ه في ُس َن ِنِه‪.‬‬

‫اْلَم ْو ِلُد ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة وال ُيقاُل َع ْن ُه لْو كاَن َخ ْيًر ا َلَد َّل الَّر ُسوُل ُأَّم َت ُه عليِه ‪َ :‬ف َج ْم ُع اْلُمْص َح ِف َو َن ْق ُط ُه وَت ْش كيُلُه َعَم ُل َخ يٍر َمَع أَّنُه‬
‫صلى هللا عليه وسلم ما َن َّص عليِه وال َعِم َلُه‪َ .‬فُهؤالِء اَّلذيَن َي ْم َن ُعوَن َعَمَل اْلَم ْو ِلِد ِبَد عوى أَّن ُه َلْو كاَن َخ ْيًر ا َلَد َّلنا الَّر سوُل عليِه‬
‫َو ُهم َأْنُفُسُهم َي ْش َت ِغ ُلوَن في َت ْش كيِل اْلُمْص َح ِف َو َت ْن قيِط ِه َي َقعوَن في َأَح ِد أْم َر ْي ِن ‪َ :‬ف ِإَّما أْن َي قوُلوا ِإَّن َن ْقَط اْلُمْص َح ِف وَت ْش كيَلُه َلْي َس‬
‫َعَمَل َخ ْي ٍر ألَّن الَّر سوَل ما َفَع َلُه َو َلْم َي ُد َّل اُألَّم َة عليِه َو َمَع َذ ِلَك َن ْح ُن َن ْع َم ُلُه‪ ،‬وِإَّما أْن َي قوُلوا إَّن َن ْقَط اْلُمْص َح ِف وَت ْش كيَلُه َعَم ُل‬
‫خيٍر َلو َلْم َي ْف َع ْلُه الَّر سوُل َو َلْم َي ُد َّل اُألَّم َة عليِه ِلَذ ِلَك َن ْح ُن َن ْع َم ُلُه‪َ .‬و في ِكال اْلحاَلْي ِن َن اَق ُضوا َأْنُفَس ُهم‪.‬‬

‫اْلَم ْو ِلُد ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة وال ُيقاُل الَّر ُسوُل َلْم يأِت ِبه َفال َن ْع َم ُلُه اْح ِتَج اًج ا ِبقوِلِه تعالى { َو ما ءاَت اُك ُم الَّر سوُل َفُخ ُذ وُه َو َم ا َن َه اُك م َع ْن ُه‬
‫فاْن َت هوا } ‪َ :‬ف َلْي َس ُك ُّل أْم ٍر َلْم يأُمْر نا ِبِه الَّر ُسوُل وال َن هانا َع ْن ُه َفُهَو َح راٌم‪ ،‬فالَّر ُسوُل َلْم يأُمْر نا ِبَن ْق ِط اْلُمْص َح ِف وال َن هانا َع ْن ُه‬
‫فَلْي َس َح راًما َع َلْي َن ا َعَم ُلُه ألَّن ُه ُمواِفٌق ِلديِنِه صلى هللا عليه وسلم‪َ ،‬ك َذ ِلَك َعَم ُل اْلَم ْو ِلِد الَّر ُسوُل َلْم يأُمْر نا ِبِه وال َن هانا َع ْن ُه َف َلْي َس‬
‫ُأ‬
‫َح راًما َع َلْينا َعَم ُلُه َألَّن ُه ُمواِفٌق ِلِديِنِه صلى هللا عليه وسلم‪ .‬اْلحاِص ُل َلْي َس ْت ُك ُّل ُموِر الِّد يِن َج اَء ْت َن ًّص ا َص ريًح ا في الُقرءاِن‬
‫أْو في اْلحديِث‪َ ،‬ف َلْو َلْم ُيوَج ْد فيِه ما َف ِلُع َلَم اِء اُألَّمِة اْلُمْج َت ِه ديَن َأْه ِل اْلَم ْع ِر َفِة ِباْلَح ديِث أْن َي ْس َت نِب وا ْش ياَء ُتواِفُق ديَن ُه صلى هللا‬
‫َأ‬ ‫ُط‬
‫عليه وسلم‪َ ،‬و ُيؤِّيُد َذ ِلَك َق وُلُه صلى هللا عليه وسلم "َم ْن َس َّن في اإلْس الِم ُس َّن ًة َح َس َن ًة َف َلُه َأْج ُر َه ا‪ ،"...‬فُيْس تَفاُد ِمْن َه َذ ا اْلَح ديِث‬
‫أَّن َهللا تبارَك وتعالى َأِذَن للُمسلميَن َأْن ُيحِد ُثوا في ديِنِه ما ال ُيخاِلُف الُقرءاَن واْلحديَث فُيقاُل لذلَك ُس َّنٌة َح َس َن ٌة ‪.‬‬

‫اْلَم ْو ِلُد ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة َو َلْي َس َد اِخ ًال َت ْح َت َن ْه ٍي ِم ْن ُه صلى هللا عليه وسلم ِبَق ْو ِلِه "َم ْن َأْح َد َث في َأْم ِر َن ا َه َذ ا ما َلْي َس ِم ْن ُه َفُهَو َر ٌد " ‪:‬‬
‫ألَّنُه صلى هللا عليه وسلم َأْف َه َم ِبَقْو ِلِه "ما َلْي َس ِم ْن ُه" َأَّن اْلُمْح َد َث ِإَّنما َي ُك وُن رًّد ا أْي َم ْر ُدوًد ا ِإذا كاَن على ِخالِف الَّش ريَع ِة‪،‬‬
‫وَأَّن اْلُمْح َد َث اْلُمواِفَق ِللَّش ريَع ِة َلْي َس َم ْر ُدوًد ا‪ .‬فالَّر ُسوُل َلْم َي ُقْل َم ْن َأْح َد َث في أْم ِر نا َه ذا َفُهَو َر ٌّد َب ْل َقَّيَد َه ا ِبَق وِلِه "ما َلْي َس ِم ُه"‬
‫ْن‬
‫ِلُيَب ِّي َن َلَن ا أَّن اْلُمْح َد َث ِإْن كاَن ِم ْن ُه (أي ُمواِفًقا ِللَّش ْر ِع ) َفُهَو َم ْش ُروٌع وِإْن َلْم َي ُك ْن ِم ْن ُه (أي َلْم َي ُك ْن مواِفًقا ِللَّش ْر ِع ) َفُهَو َم ْم نوٌع‪.‬‬
‫َو َلَّما كاَن َع َم ُل اْلَم ْو ِلِد أْم ًر ا َم شروًعا ِبالَّدليِل الَّنْق ِلِّي ِمْن ُقْر ءاٍن َو ُس َّن ٍة َث َب َت أَّن ُه َلْي َس ِبَم ْر ُدوٍد‪ .‬اْلَم ْو ِلُد ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة َو َلْي َس فيِه‬
‫إشاَر ٌة إلى أَّن الِّد يَن َلْم َي ْك َت ِمْل َو ال َت كذيًبا ِلَق وِلِه تعالى‪ { :‬اْلَي ْو َم َأْك َم ْلُت َلُك ْم ِد يَن ُك ْم } [سورة المائدة‪ :]2 ،‬ألَّن َم ْع ناها أَّن قواِع َد‬
‫الِّد يِن َت َّمت‪ ،‬قاَل الُقرُط ِبُّي في َت ْف سيِر ِه "َو قاَل اْلُجْمُهوُر ‪ :‬اْلُمراُد ُمْع َظ ُم الَف َر اِئِض والَّت حليِل والَّت ْح ريِم ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وَق د َنَز َل َب ْع َد َذ ِلَك‬
‫ُقرءاٌن كثيٌر‪ ،‬وَنَز َلْت ءايُة الِّر با َو َنَز َلت ءايُة الَك الَلِة إلى َغ ْي ِر َذ ِلَك "‪ُ .‬ثَّم ِإَّن َهِذِه اآلَي َة َلْي َس ْت ِهَي ءاِخَر ءاَي ٍة َنَز َلت ِمَن الُقرءاِن‬
‫َب ْل ءاِخُر ءاَي ٍة َنَز َلْت ِهَي قوُلُه تعالى { َو اَّتُقوْا َي ْو ًما ُتْر َج ُعوَن فيِه ِإلى ِهللا ُثَّم ُتوَّفى ُك ُّل َن ْف ٍس َم ا َك َس َب ْت َو ُه ْم ال ُيْظ َلُمون }‬
‫[سورة البقرة‪َ ]2855 ،‬ذ َك َر َذ ِلَك الُقرُط ِبُّي في َت ْف سيِر ِه َع ِن ابِن َع َّباٍس َر ِض َي ُهللا َع ْن ُهما‪.‬‬
‫اْلَم ْو ِلُد ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة َو َلْي َس فيِه اَّت هاٌم ِلَر ُسوِل ِهللا ِباْلِخياَن ِة ِبَد ْع وى أَّن ُه َلْم ُيَع ِّر ْف ُأَّم َت ُه ِبِه َك َم ا َز َع َم اْلمانُعوَن ِللَم ْو ِلِد ‪ :‬فِإْن كاَن ُك ُّل‬
‫ِفْع ٍل ُأْح ِد َث َب ْع َد الَّر ُسوِل َلْم ُيَع ِّر ِف الَّن ِبُّي ُأَّم َت ُه ِبِه ِمَّما ُه َو مواِفٌق ِللُقرءاِن والُّسنِة َي كوُن فيه اَّت هاٌم ِللَّر سوِل ِباْلِخياَن ِة َفعلى َق ْو ِلُك ْم‬
‫أبو َب كٍر وُع َم ُر وُع ْث ماُن َو َعِلٌّي وُع َم ُر بُن عبِد العزيِز وَص فوٌة ِمْن ُع َلماِء اُألَّمِة اَّت َه ُموا الَّر ُسوَل ِباْلِخياَن ِة ألَّن ُهم َأْح َد ُثوا أشياَء‬
‫مواِفَقًة للُقرءاِن والُّس َّن ِة ِمَّما َلْم ُيَع ِّر ِف الَّر سوُل ُأَّم َت ُه ِبها‪ .‬أَّما اسِتشهاُد ُك م ِبما َت ْن ُسُبوَن ُه لإلماِم ماِلٍك ِمْن أنُه قاَل "َم ِن اْب َت َد َع في‬
‫اإلْس الِم ِبْد َع ًة َي راَه ا َح َس َن ًة َفَقد َز َع َم أَّن ُم َح َّم ًد ا صلى هللا عليه وسلم خاَن الِّر سالَة " َف َم ْع ناُه الِبْد َع ُة اْلُم َح َّر َم ُة َك عقيَد ِة الَّت شبيِه‬
‫والَّت جسيم وَلْي َس في اْلَم ْو ِلِد وما َأْش َب ه‪ُ .‬ثَّم َأْنُتْم َت ْس َت ْش ِه ُدوَن ِبَق ْو ِل اإلماِم ماِلٍك وَأْنُتم ُتَك ِّفروَن ُه َم ْع ًن ى وإْن َلْم ُتَك ِّفروُه َلْف ًظ ا‪ ،‬ألَّن‬
‫اْلَخ ليفَة اْلَم ْن صوَر َلَّما جاَء اْلَم دينَة َس َأَلُه "يا َأبا عبِد هللا أْس َت ْق ِبُل الِقْب َلَة وأْد عو أم أْس َت قِبُل َر ُسوَل هللا صلى هللا عليه وسلم؟ قاَل ‪:‬‬
‫َو ِلَم َت ْص ِر ُف َو ْج َهَك َع ْن ُه َو ُه َو َو ِس يَلُتَك َو َو سيَلُة أبيَك ءاَد َم صلى هللا عليه وسلم إلى ِهللا تعالى؟ َب ِل اْس َت ْق ِبْلُه واْس َت ْش ِفع ِبِه َف ُيَش ِّفَع ُه‬
‫ُهللا"‪ ،‬وَه ذا ِع ْن َد ُك م ِش ْر ٌك وضالٌل ُمبين‪َ .‬ر َم ْي ُتم ُع َلماَء األَّمِة بالِّش رِك ُثَّم اْس َت ْش َه ْد ُتم ِبأْق واِلِه م‪.‬؟؟؟‬

‫اْلَم ْو ِلُد ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة َو ال ُيْم َن ُع ِبَد ْع وى أَّن فيِه ُمشاَبَه ًة ِللَّن صاَر ى في اْح ِتفاِلِه م ِبَم ْو ِلِد عيسى عليه السالم ‪ :‬ألَّن ما ُيواِفُق ِديَن ِهللا‬
‫ِمَّما َعِم َلُه أولئَك اليهوُد أِو الَّن صارى ِإْن َن ْح ُن َعِم ْلناُه َفُهَو ُم َر َّخ ٌص َلنا ِبِخالِف ما َفَع ُلوُه ِمَّما ال ُيواِفُق ِديَن ِهللا‪ ،‬ألْي َس الَّر سوُل‬
‫صلى هللا عليه وسلم َلَّما رأى الَي هوَد َت صوُم َي ْو َم عاُشوراَء َلَّما َق ِد َم اْلَم دينَة وقاُلوا "َه ذا يوٌم َأْغ َر َق ُهللا ِفْر َع وَن َو َن َص َر ُموسى"‬
‫قال صلى هللا عليه وسلم "َن ْح ُن أولى ِبموسى ِم ْنُك م" وأَمَر ِبَص ْو ِمِه‪ ،‬ما قاَل ال َت ُصوُموا عاُشوراَء اليهوُد َت ُصوُمُه َه ذا َتَش ُّبٌه‬
‫ِبِه م‪َ ،‬ب ْل َأَمَر ُأَّم َت ُه ِبصْو ِمِه‪ُ ،‬نَع ِّظ ُم َه ذا اليوَم َك َم ا أْت باُع موسى المسلموَن َع َّظ ُموا َذ ِلَك اليوَم ‪ ،‬يوَم َع اُشوَر اء‪ .‬اْلَم ْو ِلُد ُس َّنٌة َح َس َن ٌة‬
‫َو َم ِن اْش َت َر َط ِلَج واِز ِه َأْن َي ُك وَن الَّر ُسوُل صلى هللا عليه وسلم َعِم َلُه َفَش ْر ُط ُه باِط ٌل ‪َ :‬ك َم ا أَّن َن ْقَط اْلُمْص َح ِف ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة َو َم ِن‬
‫اْش َت َر َط ِلَج واِز ِه أْن َي ُك وَن الَّر ُسوُل صلى هللا عليه وسلم َعِم َلُه َفَش ْر ُط ُه باِط ٌل ألَّن َه َذ يِن الَّش ْر َط ْي ِن ال أْص َل َلُهَم ا في ديِن ِهللا‬
‫تعالى والَّر ُسوُل صلى هللا عليه وسلم يُقوُل "ُك ُّل َش ْر ٍط َلْي َس في ِكتاِب ِهللا تعالى َفُهَو باِط ٌل وِإْن كاَن ِم اَئ َة َش ْر ٍط "‪َ ،‬ر واُه‬
‫الَب َّز اُر َع ِن ابِن َع َّباٍس َر ضَي ُهللا َع ْن ُهَم ا‪.‬‬

‫اْلَم ْو ِلُد ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة َو َلْي َس داِخ ًال في الِبَد ِع اَّلتي َن َه ى َع ْن ها َر سوُل ِهللا صلى هللا عليه وسلم ِبَقْو ِلِه "وُك ُّل ِبْد َع ٍة ضالَلٌة " ‪َ :‬ق اَل‬
‫اْلَح اِفُظ اْلِعَر اِقُّي في َأْلِفَّيِتِه "َو َخ ْيُر َم ا َفَّسْر َت ُه ِباْل َو اِر ِد" َم ْع َن اُه َأْح َس ُن َم ا ُيَفَّسُر ِبِه اْل َو اِر ُد اْل َو اِر ُد‪َ ،‬و َقاَل اْلُع َلَم اُء ِإَّن َأْح َس َن َت ْف سيٍر‬
‫َم ا َو اَفَق الِّس َي اَق ‪َ ،‬و ِس َي اُق اْلَح ديِث اْب َت َد أُه الَّر ُسوُل ِبَق ْو ِلِه "َف ِإَّن َأْح َس َن اْلَح ِديِث ِك َت اُب ِهللا" َم ْع َن اُه َأْح َس ُن اْلَك الِم َك الُم ِهللا‪َ" ،‬و َأْح َس َن‬
‫ُأل‬ ‫ُأل‬ ‫ُث‬ ‫َأ‬
‫اْلَه ْد ِي َه ْد ُي ُم َح َّمٍد" َم ْع َن اُه ْح َس ُن الِّس َي ِر ِس يَر ُة ُم َح َّمٍد‪َّ ،‬م َق اَل "َو َش َّر ا ُموِر ُمْح َد َث اُتَه ا" اْلَح ِديَث ‪َ ،‬ف َي ُك وُن اْلَم ْع َن ى ِإَّن َش َّر ا ُموِر‬
‫اْلُمْح َد َث اُت اَّلتي َخ اَلَفْت َأْح َس َن اْلَح ديِث َو َأْح َس َن اْلَه ْد ِي َو ِهَي ِبْد َع ُة الَّضالَلة‪َ ،‬ف ال َد َخ َل ِلْلِبْد َعِة اْلَح َس َن ِة في َذ ِلَك الَّذ ِّم اْلَم ْذ ُك وِر ‪.‬‬
‫قاَل الَّن َو َو ُّي في َش رِح َص حيِح ُمْس ِلٍم (اْلُم َج َّلِد الَّساِد ِس في َص حيَفِة ِماَئ ٍة وَأْر َبَع ٍة وَخ ْمسيَن ) ما َن ُّصُه "َق ْو ُلُه صلى هللا عليه وسلم‬
‫"َو ُك ُّل ِبْد َع ٍة َض الَلٌة " َه ذا عاٌّم َم ْخ ُصوٌص (أي َلْف ُظ ُه عاٌّم َو َم عناُه َم ْخ صوٌص )‪ ،‬واْلُمراُد ِبِه غاِلُب الِبَد ِع "وقاَل أْيًض ا" وال َي ْم َن ُع‬
‫ِمْن َك ْو ِن اْلَح ديِث عاًّم ا َم ْخ ُصوًصا َق ْو ُلُه "ُك ُّل ِبْد َع ٍة ُم َؤ َّك ًد ا ِبُك ُّل‪َ ،‬ب ْل َي ْد ُخ ُلُه الَّتْخ صيُص َمَع َذ ِلَك َكَق ْو ِلِه تعالى { ُتَدِّمُر ُك َّل‬
‫َش ْى ء } [سورة األحقاف‪.]25 ،‬هـ‪َ .‬فَهِذِه اآليُة َلْف ُظ ها عاٌّم َو َم ْع ناَه ا َم ْخ ُصوٌص ألَّن َهِذِه الِّر يَح اَّلتي َو َر َد أَّن ها ُتَدِّمُر ُك َّل شىٍء‬
‫َس َّخ َر َه ا ُهللا على الكاِفريَن ِمْن َق ْو ِم عاٍد فأْه َلَك ْت ُهم َو َلْم ُتَد ِّمْر ُك َّل َم ن على َو ْج ِه اَألْر ِض ألَّن َهللا تعالى َأْخ َبَر نا أَّن ُه َن َّج ى ُهوًد ا‬
‫عليه السالم َو َم ْن َمَع ُه ِمَن اْلُمؤِمنيَن ‪َ ،‬ق اَل تعالى { َو َلَّما َج آَء َأْم ُر َن ا َن َّج ْي َن ا ُهوًد ا َو اَّلِذيَن َء اَم ُنوا َمَع ُه ِبَر ْح َم ٍة ِم َّن ا َو َن َّج ْي َن اُه ْم ِمْن‬
‫َع َذ اٍب َغِليٍظ } [سورة هود‪َ ]58 ،‬و ِمَن اَألْم ِثَلِة على العاِّم اْلَم ْخ صوِص َق ْو ُل الَّر ُسوِل صلى هللا عليه وسلم "ُك ُّل َع ْي ٍن زانيٌة "‬
‫َو ْم علوٌم َش ْر ًعا أَّن هذا اْلحديَث ال َي ْش َم ُل َأْع ُيَن األنبياِء َع َلْي ِه ُم الَّصالُة والَّسالُم ألَّن َهللا تعالى َع َصَم ُهم ِمْن َذ ِلَك ِلَقْو ِلِه َت عالى‬
‫{ َو ُك ًّال َف َّض ْلَن ا َع لى اْلَع اَلمين } [سورة األنعام‪َ ]866،‬و َقْد َو َر َد في اْلَح ديِث الَّصحيِح اَّلِذي َر َو اُه َأُبو َد اووَد في ُس َن ِنِه في َباِب‬
‫ِذ ْك ِر الُّصوِر َو اْلَب ْع ِث َأَّن ُه صلى هللا عليه وسلم َق اَل "ُك ُّل اْب ِن ءاَد َم تأُك ُلُه اَألْر ُض إال َع ْج َب الَّذ َن ِب ِم ْن ُه ُخ ِلَق َو ِفيِه ُيَر َّك ُب " َو َه َذ ا‬
‫ُيَؤ ِّيُد َأَّن َك ِلَم َة ُك ّل ال َت أتي َد اِئًما ِللُّش ُموِل اْلُك ِّلِّي ِبَد ِليِل َأَّن الَّر ُسوَل صلى هللا عليه وسلم َقاَل "ِإَّن َهللا َح َّر َم َع َلى اَألْر ِض َأْن َت أُك َل‬
‫َأْج َس اَد اَألْن ِبَي اء" َفَي ُك وُن َم ْع َن ى "ُك ُّل اْب ِن ءاَد َم تأُك ُلُه اَألْر ُض " األْغ َلَب َألَّن الَّر ُسوَل اْس َت ْث َن ى في اْلَح ديِث اآلَخ ِر اَألْن ِبَي اَء ‪ .‬اْلَم ْو ِلُد‬
‫ُأ‬
‫ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة وَلْي َس َد اِخ ًال في َق ْو ِلِه صلى هللا عليه وسلم "َلَتَّت ِبُعَّن َس َن َن اَّلذيَن َق ْب َلُك م" ‪ :‬ألَّن َم ْع نى اْلحديِث ِمَّما َح َص َل ِمْن موٍر‬
‫ُد ْن َي ِو َّيٍة‪ ،‬ألْي َس اآلَن الَّن اُس في أثاِث اْلمناِز ِل واألزياِء وُأموٍر كثيَر ٍة ِقْس ٌم ِم ْن ُه ُمباٌح َلْي َس ُم َح َّر ًما وِقْس ٌم ُم َح َّر ٌم اَّت َبَع ت هؤالِء ‪،‬‬
‫الَي ْو َم اُألَّم ُة اَّت َبَع ْت َه ؤالِء في أشياَء ُم َح َّر مٍة وفي أشياَء غيِر ُم َح َّر َم ٍة إَّنما ِهَي َت َو ُّسٌع في الُّدنيا‪.‬‬

‫اْلَم ْو ِلُد ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة َو َلْي َس َد اِخ ًال في اإلْط راِء اَّلذي َن هانا َع نُه الَّر ُسوُل صلى هللا عليه وسلم ِبَق ْو ِلِه "ال ُتْط روني كما أْط َر ِت‬
‫الَّن صارى اْلَم سيَح ابَن َم ْر َي َم " ‪ :‬ألَّن َم ْع ناُه ال َت ْر َفُعوني َف ْو َق َم ْن ِز َلتي َك َم ا َر َفَع ِت الَّن صارى عيسى َف ْو َق َم ْن ِز َلِتِه‪َ ،‬ج َع ُلوُه إلـًها‬
‫خاِلًقا‪ .‬أَّما َعَم ُلَن ا ِلْلَم ْو ِلِد َلْي َس َر ْف ًع ا ِللَّر ُسوِل َف ْو َق َم ْن ِز َلِتِه َب ْل ُه َو ُشْك ٌر هلل تعالى على َو الَد ِتِه صلى هللا عليه وسلم‪َ .‬فِإًذ ا َق ْو ُلُه‬
‫صلى هللا عليه وسلم "ال ُتْط ُروني" َلْي َس َم ْع ناُه ال َت ْم َدُحوني على اإلطالِق ‪َ ،‬ب ِل اْلَح ُّق أْن ُيقاَل ما كاَن ُغ ُلًّو ا َفُهَو َم منوٌع َو ما ْمَل‬
‫َي ُك ن َك َذ ِلَك َف َلْي َس ِبَم ْم ُنوٍع ‪ ،‬وإال َك ْي َف َأِذَن الَّر ُسوُل صلى هللا عليه وسلم ِلَع ِّمِه الَع َّباِس رضَي ُهللا َع ْن ُه أْن َي ْمَد َح ُه َب ْل َو َد عى َلُه‪،‬‬
‫َفَقد َث َب َت ِباإلْس ناِد اْلَح َس ِن ِفيما رواُه ابُن َح َج ٍر في األمالِّي أَّن الَّر سوَل صلى هللا عليه وسلم قاَل َلُه َع ُّمُه العباُس رضَي ُهللا‬
‫عنُه "يا َر سوَل هللا ِإِّن ي اْم َت َدْح ُتَك ِبأْبياٍت‪ ،‬فقاَل َر ُسوُل ِهللا صلى هللا عليه وسلم "ُقْلَه ا ال َي ْف ُض ِض ُهللا فاَك " َفكاَن ِمَّما َق اَلُه‬
‫العَّباُس َر ضَي ُهللا َع ْن ُه في َم ْد ِح الَّن ِبِّي صلى هللا عليه وسلم "َو َأْن َت َلَّما ُو ِلْد َت أْش َر َقِت اَألْر ُض َو ضاءْت ِبُنوِر َك اُألُفُق "‪.‬‬

‫اْلَم ْو ِلُد ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة َو َلْي َس فيِه اْخ ِتَز اٌل ِلَمَح َّبِتِه صلى هللا عليه وسلم في َي ْو ٍم واِحٍد ‪ :‬أَلْي َس الَّر ُسوُل صلى هللا عليه وسلم قال‬
‫َأ‬
‫ِلليُهوِد "َن ْح ُن أْو لى ِبُموَس ى ِم ْنُك م" َو َمَر ِبَص ْو ِم عاُشوَر اَء ‪َ ،‬فَه ْل َي ُك وُن الَّر سوُل ِبَذ ِلَك اْخ َتَز َل َمَح َّب َة ُموَس ى عليه السالم في يوٍم‬
‫واِحٍد َفَقط؟!‬

‫اْلَم ْو ِلُد ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة َو َلْي َس فيِه َقْد ٌح ِلَصحاَبِتِه صلى هللا عليه وسلم ِبَز ْع ِم أَّن فيِه ِإشاَر ًة إلى أَّن نا ُنِحُّبُه َأْك َث َر ِم ْن ُهم ‪ :‬فالَّر سوُل‬
‫صلى هللا عليه وسلم ما َج َمَع الُقرءاَن في كتاٍب واِحٍد بل أبو َب ْك ٍر الِّصديُق ُه َو اَّلذي َج َمَع ُه َو َس َّماُه اْلُمْص َح َف ‪َ ،‬و َلْم ُيْن ِكْر َع ْيِه‬
‫َل‬
‫أَح ٌد ِمَن الَّصحاَبِة ِبُحَّج ِة أَّن ِفْع َلُه َه َذ ا ُيشيُر إلى أَّن ُه ُيِحُّب الُقرءاَن َأْك َث َر ِمَن َر ُسوِل ِهللا‪ُ .‬ثَّم ألْي َس اْلُع َلَم اُء قاُلوا "اْلَم ِز َّي ُة ال‬
‫َت ْق َت ضي الَّتْف ضيَل "‪ ،‬فإْن كاَن أبو بْك ٍر الِّصديُق َج َمَع الُقرءاَن والَّر سوُل َلْم َي ْج َم ْع ُه في ِكتاٍب واِحٍد على َه ْي َئ ِتِه اليْو َم فَه ذا ال‬
‫َي عني أَّن ُه أْف َض ُل ِمْن َر سوِل هللا‪ ،‬وإْن كاَن ُع َم ُر بُن اْلَخ َّط اِب َج َمَع الَّن اَس في صالِة الَّت راويِح على إماٍم واِحٍد وأبو بْك ٍر َلْم‬
‫َي ْف َع ْلُه فَه ذا ال َي عني أَّنُه أْف َض ُل ِمْن أبي َب ْك ٍر ‪ ،‬وإْن كاَن ُع ْث ماُن بُن َع َّفاَن أَمَر باألذاِن األَّو ِل ِلَصالِة اْلُجُمَعِة َو ُع َم ُر َلْم َي ْف َع ْلُه َفهذا‬
‫ال َي عني أَّن ُه َأْف َض ُل ِمْن ُع َمَر ‪َ ،‬ك َذ ِلَك َعَم ُل اْلَم ْو ِلِد ِإْن َن ْح ُن َعِم ْلناُه َلِكَّن الَّصحاَب َة ما َعِم ُلوُه َفُم َج َّر ُد َه ذا ال َي ْع ني أَّن نا َأْف ضُل ِم ْن ُهم‬
‫وال أَّن نا ُنِحُّبُه َأْك َث َر ِم ْن ُهم‪ .‬اْلَم ْو ِلُد ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة وِإْظ هاُر َن ا ِللَف َر ِح والُّسروِر في ِم ْث ِل َه ذا اليوم ِبِو الَد ِتِه َو ِبْع َث ِتِه َلْي َس َقْد ًح ا في َمَح َّبِتنا‬
‫َلُه ِلُم َج َّر ِد أَّن َي ْو َم َو فاِتِه كاَن في َن ظيِر َي ْو ِم ِو الَد ِتِه َك ما َز َع َم اْلماِنعوَن ِلْلَم ْو ِلِد ‪َ :‬فَم ا اْس َتَن ُدوا َع َلْيِه َلْي َس َلُهْم فيِه ُم َت َم َّسٌك ألَّن‬
‫أياَم اُألسبوِع على َم ِّر الُعُصوِر ال َي ْخ ُلو ِمنها َي ْو ٌم ِإال َو َح َص َل فيِه حاِد ٌث أو ُمصيَب ٌة أَلَّم ْت ِباْلُمسلميَن وأْح َز َن ْت ُهم‪َ ،‬فَع َلى َق ْو ِلُك م‬
‫اْلُمْس ِلموَن ال َي ْح َت ِفُلوَن ِبُعْر ٍس وال ِبعيٍد ألَّن ُه َق د َي ُك وُن في ِم ْث ِل اليْو ِم اَّلذي ماَت فيِه الَّر ُسوُل أو في ِم ْث ِل الَي وِم اَّلذي ُك ِس َر ْت‬
‫َر َباِع َي ُتُه َو ُشَّقْت َشَفُتُه الَّش ريَفُة َك َم ا َح َص َل في َغ ْز َو ِة ُأُحٍد‪ .‬اْلحاِص ُل أَّن ما اَّد َع ْي ُتُموُه ال َي ْق َب ُلُه الَع ْق ُل وال الَّنْق ُل‪ُ .‬ثَّم أَلْي َس الَّر ُسوُل‬
‫قال "َخ يُر يْو ٍم َط َلَع ْت َع َلْيِه الَّش ْمُس َي ْو ُم اْلُجُمَعِة فيِه ُخ ِلَق ءاَد ُم وفيِه ُأْد ِخَل اْلَج َّنَة وفيه ُأْخ ِر َج ِم ْن َه ا"َر واُه ُمْس ِلٌم في الَّصحيِح ‪،‬‬
‫َفَت ْف ضيُل الَّر ُسوِل ِليْو ِم اْلُجُم َع ِة َو َت ْف ضيُلنا ِلَه ذا اليْو ِم َلْي َس فيِه َقْد ٌح في َمَح َّبِتنا آلَد َم َمَع أَّن ُه َن ظيُر الَي وِم اَّلذي ُأْخ ِر َج فيِه ِمَن‬
‫اْلَج َّنِة‪َ ،‬ك َذ ِلَك َت ْع ظيُمنا ِليوِم عاُشوراَء ِلَق ْو ِلِه "َن ْح ُن أْو لى ِبُموسى ِم ْنُك م" وأَمَر ِبَص ْو ِمِه َلْي َس فيِه َقْد ٌح في َمَح َّبِتنا ِلَس ِّيِد شباِب أهِل‬
‫الجَّنِة اْلَح َس ْي ِن بِن علٍّي َر ضَي ُهللا َع ْن ُهما َمَع أَّنُه َن ظيُر الَي وِم اَّلذي ُقِتَل فيِه‪َ ،‬ك َذ ِلَك ِإْظ هاُرنا ِلْلَف َر ِح في ِم ْث ِل َي ْو ِم َموِلِدِه َلْي َس فيِه‬
‫َقْد ٌح ِلَمَح َّبِتنا َلُه َمَع أَّن َو فاَت ُه َك اَن ت في ِم ْث ِل َه ذا اليوِم ‪.‬‬

‫اْلَم ْو ِلُد ُس َّن ٌة َح َس َن ٌة َو ال ُنَح ِّر ُمُه ِبَس َبِب ما َي ْف َع ُلُه َب ْع ُض اْلَج َه َلِة فيِه ‪َ :‬فَم ْع لوٌم أَّن الَح َّج في أَّياِمنا هِذِه َو ِمْن َق ْبُل َي ْح ُصُل فيِه‬
‫ُم ْن َك راٌت ِمْن َب ْع ِض اْلَج َه َلِة َح َّت ى ِإَّنُه وُم ْن ُذ َز َم ٍن قال َب ْع ُض الُعلماِء "ما أْك َث َر الَّضجيَج وأَق َّل اْلَح جيَج "‪ُ ،‬ك ُّل َه ذا َلْم َي ُك ْن َس َب ًبا‬
‫ِلَت ْح ِر يِم اْلَح ِّج أْو َم ْن ِع الَّن اِس ِم ْن ُه‪َ ،‬ك َذ ِلَك ساِئُر الِعباَد اِت‪َ ،‬ك َذ ِلَك اْلموِلُد إْن َح َص َل فيِه ُمنكراٌت ِمْن َب ْع ِض اْلَج َه َلِة فال ُنَح ِّر ُمُه‬
‫على اإلْط الِق َب ْل ُنَح ِّر ُم ما َي ْف َع ُلُه اْلَج َه َلُة فيِه ِمَّما ُيخاِلُف ديَن هللا‪ُ .‬ثَّم ِإْن َح َص َل َفساٌد في َم ْس ِج ٍد أُيْغ َلُق اْلَم ْس ِج ُد أْم ُيْن َه ى َع ِن‬
‫الَفَس اِد اّلذي ُفِعَل فيِه ؟ اْلحاِص ُل أَّن َعَمَل اْلَم ْو ِلِد َخ ْيٌر وَبَر َك ٌة ‪َ ،‬ه َذ ا َلْي َس َش ْي ًئ ا َي ُرُّد اُألَّم َة ِإلى الوَر اِء ‪َ ،‬لْي َس َش يًئ ا ُيؤِّخ ُر‪َ ،‬ه َذ ا‬
‫ُيَج ِّدُد ُحَّب الَّن ِبِّي صلى هللا عليه وسلم في اْلُمْس ِلِم ‪َ ،‬ي ُبُّث فيِه الُّش ُعوَر ِباْلُحِّب للَّن ِبِّي واْلَم ْي ِل ِإَلْيِه‪َ .‬فَم ا ِلَه ُؤ الِء اَّلذيَن ُيَح اِر ُبوَن‬
‫اْلَم ْو ِلَد َو اْلُمْح َت ِفليَن ِبِه َو ُيَب ِّد ُع وَن ُهْم َو ُيَفِّس ُقوَن ُهْم َب ْل َو ُيَك ِّفُر وَن ُهْم َأْح َي اًن ا َت َر ُك وا ِإْن َك اَر اْلُم ْن َك َر اِت اَّلتي ِهَي ُم ْن َك َر اٌت َح ًّقا ِبَح َس ِب‬
‫الَّش ِر يَع ِة َك اْلُكْف ِر الَّلْف ِظ ِّي اْلُم ْن َت ِش ِر َب ْي َن َك ِثيٍر ِمَن اْلَع َو اِّم ِمْن َس ِّب ِهللا َو َغ ْي ِر ِه َو َكَت ْك فيِر اْلُمْس ِلميَن ِبال َس َب ٍب َش ْر ِع ٍّي ِلُم َج َّر ِد َأَّنُهْم‬
‫َت َو َّس ُلوا ِبالَّن ِبِّي َأِو الَّصاِلِحيَن َأْو َت َبَّر ُك وا ِبالَّن ِبِّي َأْو ءاَث اِر ِه َأْو َق َر ءوا اْلَفاِتَح َة َأْو َغ ْي َر َه ا ِمَن اْلُقْر َء اِن على اْلَم ِّيِت‪ِ ،‬لَم َلْم ُيْن ِكُروا‬
‫َه َذ ا َو َأْن َك ُروا االْح ِتَفاَل ِبَم ْو ِلِد اْلَّن ِبِّي اَّلذي اَّت َفَق اْلُمْس ِلُموَن ِمْن ِحيِن ُظ ُهوِر ِه ِإلى َي ْو ِم َن ا َه َذ ا َع َلى اْس ِتْح َس اِنِه ِإْن َخ ال َع ِن‬
‫اْلُم ْن َك َر اِت َكَت ْح ِر يِف اْس ِم ِهللا َأِو اْلَك ِذِب َع َلى الَّر ُسوِل صلى هللا عليِه وسَّلم‪َ ،‬فَه ْل َي ُك وُن َذ ِلَك ِبَس َبِب َضِغ يَن ٍة في ُقُلوِبِه م ُتَج اَه‬
‫َأْف َض ِل اْلَخ ْلِق ‪.‬‬

‫الحمد هلل رّب العالمين‬

‫هذا مايعنيه اإلحتفال بالمولد النبوي الشريف ‪ ..‬بقلم‪ :‬الشيخ‪ /‬أحمد البدوي التجاني‬
‫نشر في سودانيل يوم ‪2011 - 02 - 07‬‬

‫إن سيرة المصطفى صلى هللا عليه وسلم أعظم السير لما فيها من المواعظ والعبر ‪ ,‬فأولها آيات وآخرها عظات ‪ ,‬وإن‬
‫أعظم مناسبة إلستعراض تلك السيرة العطرة هي مولده صلى هللا عليه وسلم ألن مولده ((صلى هللا عليه وسلم)) هو مولد‬
‫اإلنسان الذي أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا ‪ ,‬اإلنسان الذي كان متخبطًا في عبادته ضاًال في تدينه بين‬
‫أديان موضوعة وآلهة مصنوعة‪.‬‬
‫مولد الرسول ((صلى هللا عليه وسلم)) بعث جديد لإلنسان بعد أن رد إلى أسفل سافلين ليرتفع إلى أحسن تقويم ويتحرر‬
‫من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ‪ ,‬مولد المصطفى ((صلى هللا عليه وسلم)) مولد الدعوة لألمة الواحدة ذات الرب‬
‫الواحد والرسالة الواحدة والقبلة الواحدة‪ ,‬دعوة لوحدة العالم ‪ ,‬الوحدة المؤسسة على التقوى ‪ ,‬ال أحساب وال أنساب وال‬
‫ألوان ‪ ,‬المبنية على المحبة واإليثار ((ال يؤمن أحدكم حتى يحب ألخيه مايحب لنفسه)) القائمة على الشورى ((وشاورهم‬
‫في األمر)) المتماسكة بالتعاون ((وتعاونوا على البر والتقوى وال تعاونوا على اإلثم والعدوان))والقائمة على التكافل‬
‫((ليس منا من بات شبعان وجاره جائع))‪.‬‬
‫األمة المتراحمة كالبنيان يشد بعضه بعضا‪ ,‬المتعاطفة كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر‬
‫والحمى ‪ .‬أتى رسول هللا ((صلى هللا عليه وسلم)) داعيًا لتلك الوحدة ولسان حاله يقول‪:‬‬
‫لقد جئنا نبسط العدل في األرض *** وجئنا نساوي بين البشر‬
‫فسلمان منا وبالل *** ومنا صهيب ومنا عمر‬
‫مولد المصطفى ((صلى هللا عليه وسلم)) ميالد وإعالن لوحدة األديان ووحدة مصدرها وتصحيحها وتصديقها بعد أن‬
‫حرفت وبدلت ‪ ,‬فكان ذلك اإلعالن المشهود والشاهد إلى يوم القيامة ((ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أال‬
‫نعبد إال هللا والنشرك به شيئًا)) التبخيس وال إنكار لما قبله من األديان بل تصديق وتصحيح‪.‬‬
‫إن ميالد المصطفى ((صلى هللا عليه وسلم)) هو ميالد هذا القرآن الذي‪( :‬لو ُأنزل على جبل لرأيته خاشعًا متصدعا من‬
‫خشية هللا)‪ ,‬وهو (الذي يهدي للتي هي أقوم)‪.‬‬
‫إن مولد النبي ((صلى هللا عليه وسلم)) هو مولد أول إعالن في التأريخ لتكريم بني آدم من حيث هو‪ ,‬على إختالف ألوانهم‬
‫وأشكالهم ((ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيًال))‬
‫و ((الناس كأسنان المشط أكرمهم عند هللا أتقاهم))‪.‬‬
‫مولد النبي مولد الحفاظ على البيئة بجميع مكوناتها فقد حض على غرس األشجار وعدم قطعها إال بقدر الحاجة وعدم‬
‫التبول والتبرز في موارد المياه والظل وحض على نظافة الثوب والمكان وغسل اليدين قبل األكل وبعده وتقليم األظافر‬
‫وحلق الشعر والتطيب والتزين ‪ ,‬كما حفظ للحيوان حقه في قوله‪(( :‬في كل كبد رطب أجر)) عندما سئل رسول هللا‬
‫((صلى هللا عليه وسلم)) ألنا في البهائم أجر؟ كما ذكر أن هللا أدخل رجًال الجنة بسبب كلب سقاه من العطش وأدخل إمراة‬
‫النار بسبب هرة حبستها جوعًا حتى ماتت ‪.‬‬
‫ميالد المصطفى ((صلى هللا عليه وسلم)) ميالد للمرأة وإكرا مها وإحيائها بعد أن كانت في المجتمع الجاهلي مغيبة موؤدة‬
‫مهانة ((وإذا الموؤدة ُسئلت بأي ذنب ٌقتلت )) فأعطاها اإلسالم كرامتها ‪ ,‬ورفع عنها بعض التكاليف لبعض ظروفها‪,‬‬
‫وساوى بينها وبين الرجل في الثواب والعقاب‪ ,‬قال تعالى‪(( :‬من عمل صالحًا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة‬
‫طيبة‪ ,‬ولنجزينهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون)) وقد إهتم اإلسالم بأمرها وعال من شأنها‪ ,‬وقد سمع هللا إمرأة تجادل‬
‫النبي ((صلى هللا عليه وسلم)) في زوجها من فوق سبع سماوات‪ ,‬قال تعالى))قد سمع هللا قول التي تجادلك في زوجها‬
‫وتشتكي إلى هللا وهللا يسمع تحاوركما إن هللا سميع بصير)) وهناك سورة كامله من طوال السور في القرآن تسمى سورة‬
‫النساء‪ .‬أي مكانة أعلى من هذه وأي إهتمام أكبرمن هذا وقال ((صلى هللا عليه وسلم))‪( :‬إستوصوا بالنساء خيرًا) وكانت‬
‫المرأة تشارك في جميع مناحي الحياة التي تناسب وضعها‪ ,‬فكانت السيدة خديجة تاجرة والسيدة عائشة عالمة وكانت نسيبة‬
‫طبيبة‪ ,‬وقد بايعن الرسول ((صلى هللا عليه وسلم)) كما بايعه الرجال‪ .‬قال تعالى‪ (( :‬ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات‬
‫يبايعنك على أن ال يشركن باهلل شيئًا واليسرقن وال يزنين وال يقتلن أوالدهن وال يأتين ببهتان يفترينه بين إيديهن وأرجلهن‬
‫فبايعهن وإستغفر لهن هللا إن هللا غفور رحيم))‪.‬‬
‫مولد المصطفى ((صلى هللا عليه وسلم)) مولد حرية اإلنسان وإنعتاقه من اإلسترقاق الذي كان سلوكًا إجتماعيًا منتشرًا في‬
‫ذلك الزمان ‪ ,‬ولم يكن ممارسة عربية إسالمية كما يدعي البعض ‪ ,‬ولم يختص به السود دون غيرهم ‪ ,‬كما كان من‬
‫الغربيين في التأريخ الحديث ‪ ,‬بل كان ممارسة ضد كل مستضعف ‪ ,‬وسببه في اإلسالم الحرب مع الكفر‪ ,‬فقد كان صهيب‬
‫الرومي األوربي وسلمان الفارسي وبالل الحبشي كانوا جميعًا أرقاء والننسى سيدنا يوسف بن يعقوب كريم األصل كريم‬
‫الشكل بيع رقيقًا ((وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين))‪.‬‬
‫فجاء اإلسالم وعالج اإلسترقاق عالجًا جادًا متدرجًا ‪ ,‬فجعل عتق الرقاب من العمل الصالح والقربى إلى هللا وتكفير‬
‫الذنوب ‪ ,‬كما جعل مصرفًا كامًال من مصارف الزكاة سماه في الرقاب يصرف منه لتحرير األرقاء‪.‬‬
‫ميالد النبي ((صلى هللا عليه وسلم)) ميالد السلم العالمي والتسامح وذلك في قوله‪(( :‬وإن جنحوا للسلم فأجنح لها)) وعدم‬
‫اإلعتداء إال في حالة الدفاع عن النفس في قوله تعالى‪(( :‬وقاتلوا الذين يقاتلونكم والتعتدوا إن هللا اليحب المعتدين))‪.‬‬
‫فإذا كانت المنن تستوجب الشكر فالرسول ((صلى هللا عليه وسلم)) كان منة تستوجب الشكر ((لقد من هللا على المؤمنين إذ‬
‫بعث فيهم رسوًال من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضالل مبين))‪.‬‬
‫وإذا كانت األفضال والرحمات تقتضي اإلحتفاء والفرح والسرور فالرسول ((صلى هللا عليه وسلم)) كان فضًال ورحمة‬
‫قال تعالى‪(( :‬فبضل هللا ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون))‪.‬‬
‫لكل هذه األسباب سالفة الذكر إذا كان هناك فقه للضرورة فإن الضرورة إقتضت اإلحتفال بهذا الرجل الرحمة ‪ ,‬وإذا كان‬
‫لألمة إجماع فعليها أن تجمع على اإلحتفال بهذا النبي المنة ‪ ,‬وإذا كان لألمة حق اإلجتهاد والقياس ‪ ,‬فعليها ان توجه‬
‫إجتهادها وقياسها ‪ ,‬وتحرك كل هذه اآلليات المتاحة لإلحتفال بمولد هذا الرسول النعمة ((صلى هللا عليه وسلم)) فمولد‬
‫المصطفى ((صلى هللا عليه وسلم)) ضرورة إقتضتها الظروف ‪ ,‬خاصة هذه األيام التي صار فيها شخص النبي ((صلى‬
‫هللا عليه وسلم)) هدفًا من أهداف اليهود والنصارى وذلك باإلساءة إليه وسبه والتقليل من شأنه ‪ ,‬ألنهم تأكدوا أن عظمة هذا‬
‫الدين محورها هذا النبي ((صلى هللا عليه وسلم)) وحب أتباعه له ‪ ,‬إنهم علموا ماال نعلم إن اإلساءة إليه وسبه والتقليل من‬
‫شأنه بالضرورة إساءة لهذا الدين يفعل كل هذا في حق رسول هللا ((صلى هللا عليه وسلم)) وبعضنا يحاول أن يدعمهم في‬
‫هذا اإلتجاه‪ ,‬وذلك باإلختالف على اإلحتفال به ومدحه وتعظيمه‪ ,‬وقد علموا أن رسول هللا ((صلى هللا عليه وسلم)) كان‬
‫يصوم يوم اإلثنين فُسئل عن ذلك فقال‪ :‬إنه يوم ولدت فيه‪ ,‬وفي هذا الحديث إشارة لمكانة هذا اليوم عند رسول هللا ((صلى‬
‫هللا عليه وسلم)) لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد ‪ .‬فأنتبهوا أيها المسلمون من غفلتكم وإستيقظوا من نومكم لتعوا‬
‫دوركم وتنافحوا عن نبيكم وتذودوا عنه بما إستطعتم شعرًا ونثرًا وكاركاتيرًا وبكل السبل المتاحة بقدر ماسبه هؤالء‬
‫األعداء ‪ .‬وماظلم من تعامل بالمثل‪ ,‬وقد تخلف وقعد من قال إن مدحه في إتباعه واإلحتفاء به في إقتفائه فحسب‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي هللا عنهما كان رسول هللا ((صلى هللا عليه وسلم)) يضع لسيدنا حسان بن ثابت رضي‬
‫هللا عنه منبرًا في المسجد يقوم عليه قائمًا يفاخر عن رسول هللا ((صلى هللا عليه وسلم)) ويقول رسول هللا ((صلى هللا عليه‬
‫وسلم))‪ :‬إن هللا يؤيد حسان بروح القدس مانافح أو فاخر عن رسول هللا ((صلى هللا عليه وسلم)) ‪ ,‬إحتفوا بنبيكم‬
‫وأفرحوا ‪ ,‬ألن كل مايحتفل به الناس في عالم اليوم وتصرف فيه الماليين يكفيهم أن يحتفلوا بهذا النبي ‪ ,‬ألنه أسس لكل‬
‫ذلك ‪ ,‬والسابق إليه واإلحتفال به يعني اإلحتفال بكل ذلك‪.‬‬
‫أنصروا رسولكم إقتداء وإتباعًا‪ ,‬أنصروه مدحًا وإحتفاًال‪ ,‬عّرفوا به من لم يعرفه وذكروا به من نسيه إن الذكرى تنفع‬
‫المؤمنين ‪ ,‬أنصروه في كل زمان وكل مكان وبكل وسيلة ‪ .‬وأال تنصروه فقد نصره هللا والزال ينصره ‪ ,‬فهذا قول الكاتب‬
‫اإلنجليزي والمفكر الغربي توماس كاراليل في كتابه األبطال ‪ ,‬يقول‪ :‬إن العار أن يصغي إنسان متمدن من أبناء هذا الجيل‬
‫إلى وهم القائلين إن دين اإلسالم كذب وإن محمدًا لم يكن على حق‪.‬‬
‫آن األوان أن نحارب هذه اإلدعاءات السخيفة المخجلة وأضاف الكاتب بأن الرسالة التي دعا إليها النبي محمد ظلت سراجًا‬
‫منيرًا أربعة عشر قرنًا من الزمان لماليين من الناس ‪ ,‬فهل من المعقول أن تكون هذه الرسالة أكذوبة كاذب أو خدعة‬
‫مخادع! ‪ ..‬فقال‪ :‬لقد كان في قلوب العرب (غلظة وجفاء وكان من الصعب قيادتهم ‪ ,‬لكن محمدًا إستطاع أن يقودهم‬
‫ويوحدهم ويعاشرهم ‪ ,‬وإلتفوا حوله وجاهدوا معه‪ ,‬لهذا كان من يقدر على ذلك بطًال ولوال أن وجدوا فيه من آيات النبل‬
‫والفضل لما خضعوا له ‪ ,‬وأنه لو وضع قيصر مكانه بتيجانه وصولجانه لما إستطاع أن يجبرهم على طاعته كما إستطاع‬
‫هذا النبي في ثوبه المرقع ‪ ,‬هكذا تكون الفطنة ‪ ,‬وهكذا تكون البطوله وهكذا تكون العبقرية ‪ ,‬إنتهى كالم الكاتب والفضل‬
‫ماشهدت به األعداء‪.‬‬
‫ونقول للذين أضاعوا الزمن في الخالف على الفرعيات وفي تضعيف األحاديث ‪ ,‬فأضعفوا بذلك هذه األمة ‪ ,‬وكشفوا‬
‫ظهرها حتى صارت هدفًا في وحدتها وهدفًا في دينها و هدفًا في رسولها ‪ ,‬نقول لهم‪(( :‬أيهما شر مكانًا هذا النصراني‬
‫الذي أثنى على رسول هللا ((صلى هللا عليه وسلم)) ومدحه ‪ ,‬أم سلمان رشدي ذاك المسلم الذي أساء لنبيه وقدح ((مالكم‬
‫كيف تحكمون))‪.‬‬
‫الشيخ‪ /‬أحمد البدوي التجاني‬

‫أدلة جواز االحتفال بمولد النبي صّلىاهلل عليه وسّلم‬

‫الدليل األول عبارة عن الفرح والسرور‬

‫األول ‪ :‬أن االحتفال بالمولد النبوي الشريف تعبير عن الفرح والسرور بالمصطفى صّلىاهلل عليه وسّلم ‪ ،‬وقد انتفع به الكافر‬
‫‪.‬‬

‫وسيأتي في الدليل التاسع مزيد بيان لهذه المسألة ‪ ،‬ألن أصل البرهان واحد وإن اختلفت كيفية االستدالل وقد جرينا على‬
‫هذا المنهج في هذا البحث وعليه فال تكرار‬

‫فقد جاء في البخاري أنه يخفف عن أبي لهب كل يوم االثنين بسبب عتقه لثويبة جاريته لما بّش رته بوالدة المصطفى‬
‫صّلىاهلل عليه وسّلم ‪.‬‬

‫ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر الدين الدمشقي‬

‫إذا كان هذا كافـرًا جاء ذمـه‪ .....‬بتّبت يداه في الجحيم مخّلدا‬

‫أتى أنه في يوم االثنين دائـمـا‪ُ .....‬يخّفف عنه للسرور بأحمدا‬

‫فما الظن بالعبد الذي كان عمره ‪......‬بأحمد مسرورا ومات موّح دا‬

‫وهذه القصة رواها البخاري في الصحيح في كتاب النكاح مرسلة ونقلها الحافظ ابن حجر في الفتح ورواها اإلمام‬
‫عبدالرزاق الصنعاني في المصنف والحافظ البيهقي في الدالئل وابن كثير في السيرة النبوية من البداية ومحمد ابن عمر‬
‫بحرق في حدائق األنوار والحافظ البغوي في شرح السنة وابن هشام والسهيلي في الروض اُألُنف والعامري في بهجة‬
‫المحافل ‪ ،‬وهي وإْن كانت مرسلة إال أنها مقبولة ألجل نقل البخاري لها واعتماد العلماء من الحفاظ لذلك ولكونها في‬
‫المناقب والخصائص ال في الحالل والحرام ‪ ،‬وطالب العلم يعرفون الفرق في االستدالل بالحديث بين المناقب واألحكام ‪،‬‬
‫وأما انتفاع الكفار بأعمالهم ففيه كالم بين العلماء ليس هذا محل بسطه ‪ ،‬واألصل فيه ما جاء في الصحيح من التخفيف عن‬
‫أبي طالب بطلب من الرسول صّلىاهلل عليه وسّلم‬
‫‪ .‬الدليل االثاني تعظيم يوم مولده‬
‫الثاني ‪ :‬أنه صّلى هللا عليه وسّلم كان يعّظ م يوم مولده ‪ ،‬ويشكر هللا تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه ‪ ،‬وتفّضله عليه‬
‫بالجود لهذا الوجود ‪ ،‬إذ سعد به كل موجود ‪ ،‬وكان يعّبر عن ذلك التعظيم بالصيام كما جاء في الحديث عن أبي قتادة ‪ :‬أن‬
‫رسول هللا صّلىاهلل عليه وسّلم ُسئل عن صيام يوم االثنين ؟ فقال (فيه ُو لدُت وفيه ُأنزل علَّي ) رواه اإلمام مسلم في‬
‫الصحيح في كتاب الصيام ‪.‬‬

‫وهذا في معنى االحتفال به ‪ ،‬إّال أن الصورة مختلفة ولكن المعنى موجود سواء كان ذلك بصيام أو إطعام طعام أو اجتماع‬
‫على ذكر أو صالة على النبي صّلىاهلل عليه وسّلم أو سماع شمائله الشريفة ‪.‬‬

‫الدليل االثالث الفرح به مطلوب بأمر القرآن‬

‫الثالث ‪ :‬أن الفرح به صّلى هللا عليه وسّلم مطلوب بأمر القرآن من قوله تعالى ( قل بفضل هللا وبرحمته فبذلك فليفرحوا )‬
‫فاهلل تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة ‪ ،‬والنبي صّلىاهلل عليه وسّلم أعظم الرحمة ‪ ،‬قال هللا تعالى ( وما أرسلناك إال رحمة‬
‫للعالمين ) ‪.‬‬
‫الدليل الرابع مالحظة ارتباط الزمان‬

‫الرابع ‪ :‬أن النبي صّلى هللا عليه وسّلم كان يالحظ ارتباط الزمان بالحوادث الدينية العظمى التي مضت وانقضت ‪ ،‬فإذا‬
‫جاء الزمان الذي وقعت فيه كان فرصة لتذّك رها وتعظيم يومها ألجلها وألنه ظرف لها ‪.‬‬

‫وقد أّصل صّلى هللا عليه وسّلم هذه القاعدة بنفسه كما صرح في الحديث الصحيح أنه صّلىاهلل عليه وسّلم ‪ :‬لما وصل‬
‫المدينة ورأى اليهود يصومون يوم عاشوراء سأل عن ذلك فقيل له ‪ :‬إنهم يصومون ألن هللا نّج ى نبيهم وأغرق عدوهم فهم‬
‫يصومونه شكرا هلل على هذه النعمة ‪ ،‬فقال صّلىاهلل عليه وسّلم ‪ :‬نحن أولى بموسى منكم ‪ ،‬فصامه وأمر بصيامه ‪.‬‬

‫الدليل الخامس المولد الشريف يبعث على الصالة والسالم‬

‫الخامس ‪ :‬أن المولد الشريف يبعث على الصالة والسالم المطلوبين بقوله تعالى ‪ ( :‬إن هللا ومالئكته يصّلون على النبي يا‬
‫أيها الذين آمنوا صّلوا عليه وسّلموا تسليما ) ‪.‬‬

‫وما كان يبعث على المطلوب شرعًا فهو مطلوب شرعًا ‪ ،‬فكم للصالة عليه من فوائد نبوية ‪ ،‬وإمدادات محمدية ‪ ،‬يسجد‬
‫القلم في محراب البيان عاجزًا عن تعداد آثارها ومظاهر أنوارها ‪.‬‬

‫الدليل السادس المولد ذكر مولده الشريف ومعجزاته وسيرته والتعريف به‬

‫السادس ‪ :‬أن المولد الشريف يشتمل على ذكر مولده الشريف ومعجزاته وسيرته والتعريف به ‪ ،‬أولسنا مأمورين بمعرفته‬
‫ومطالبين باالقتداء به والتأّسي بأعماله واإليمان بمعجزاته والتصديق بآياته ؟ وكتب المولد تؤدي هذا المعنى تماما ‪.‬‬

‫الدليل السابع التعّرض لمكافأته‬


‫السابع ‪ :‬التعّرض لمكافأته بأداء بعض ما يجب له علينا ببيان أوصافه الكاملة وأخالقه الفاضلة ‪ ،‬وقد كان الشعراء يفدون‬
‫إليه صّلىاهلل عليه وسّلم بالقصائد ويرضى عملهم ‪ ،‬ويجزيهم على ذلك بالطيبات والصالت ‪ ،‬فإذا كان يرضى عمن مدحه‬
‫فكيف ال يرضى عمن جمع شمائله الشريفة ‪ ،‬ففي ذلك التقرب له عليه السالم باستجالب محبته ورضاه ‪.‬‬

‫الدليل الثامن معرفة شمائله تستدعي كمال اإليمان‬

‫الثامن ‪ :‬أن معرفة شمائله ومعجزاته وإرهاصاته تستدعي كمال اإليمان به عليه الصالة والسالم ‪ ،‬وزيادة المحبة ‪ ،‬إذ‬
‫اإلنسان مطبوع على حب الجميل ‪ ،‬وال أجمل وال أكمل وال أفضل من أخالقه وشمائله صّلىاهلل عليه وسّلم ‪ ،‬وزيادة المحبة‬
‫وكمال اإليمان مطلوبان شرعًا ‪ ،‬فما كان يستدعيهما فهو مطلوب كذلك ‪ .‬الدليل التاسع تعظيمه مشروع‬

‫التاسع ‪ :‬أن تعظيمه صّلى هللا عليه وسّلم مشروع ‪ ،‬والفرح بيوم ميالده الشريف بإظهار السرور وصنع الوالئم واالجتماع‬
‫للذكر وإكرام الفقراء من أظهر مظاهر التعظيم واالبتهاج والفرح والشكر هلل بما هدانا لدينه القويم وما مّن به علينا من‬
‫بعثه عليه أفضل الصالة والتسليم ‪.‬‬

‫الدليل العاشر تشريف الزمان مشروع‬

‫العاشر ‪ :‬يؤخذ من قوله صّلى هللا عليه وسّلم في فضل يوم الجمعة وعِّد مزاياه ‪ ( :‬وفيه ُخ لق آدم ) تشريف الزمان الذي‬
‫ثبت أنه ميالد ألي نبٍّي كان من األنبياء عليهم السالم ‪ ،‬فكيف باليوم الذي ُو لد فيه أفضل النبيين وأشرف المرسلين ‪.‬‬
‫وال يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه بل يكون له خصوصًا ‪ ،‬ولنوعه عمومًا مهما تكرر كما هو الحال في يوم الجمعة‬
‫ُشكرًا للنعمة وإظهارًا لمزية النبوة وإحياًء للحوادث التاريخية الخطيرة ذات اإلصالح المهم في تاريخ اإلنسانية وجبهة‬
‫الدهر وصحيفة الخلود ‪ ،‬كما يؤخذ تعظيم المكان الذي ُو لد فيه نبٌّي من أمر جبريل عليه السالم النبَّي صّلىاهلل عليه وس م‬
‫ّل‬
‫بصالة ركعتين ببيت لحم ‪ ،‬ثم قال له ‪ ( :‬أتدري أين صّليت ؟ قال ‪ :‬ال ‪ ،‬قال ‪ :‬صّليَت ببيت لحم حيث ُو لد عيسى ) كما جاء‬
‫ذلك في حديث شداد بن أوس الذي رواه البّز ار وأبو يعلى والطبراني ‪ .‬قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ‪ :‬ورجاله‬
‫رجال الصحيح ‪ ،‬وقد نقل هذه الرواية الحافظ ابن حجر في الفتح وسكت عنها ‪.‬‬

‫الدليل الحادي عشر المولد أمٌر استحسنه العلماء والمسلمون‬

‫الحادي عشر ‪ :‬أن المولد أمٌر استحسنه العلماء والمسلمون في جميع البالد ‪ ،‬وجرى به العمل في كل صقع فهو مطلوب‬
‫شرعًا للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود رضي هللا عنه الموقوف ( ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند هللا حسن ‪ ،‬وما‬
‫رآه المسلمون قبيحًا فهو عند هللا قبيح ) أخرجه أحمد ‪.‬‬

‫الدليل الثاني عشر اجتماع وذكر ومدح وتعظيم للجناب النبوي سنة‬

‫الثاني عشر ‪ :‬أن المولد اشتمل على اجتماع وذكر وصدقة ومدح وتعظيم للجناب النبوي فهوسنة ‪ ،‬وهذه أمور مطلوبة‬
‫شرعًا وممدوحة وجاءت اآلثار الصحيحة بها وبالحّث عليها ‪.‬‬
‫الدليل الثالث عشر نحتاج إلى تثبيت أفئدتنا بأنبائه وأخباره‬

‫الثالث عشر ‪ :‬أن هللا تعالى قال ‪ ( :‬وكًّال نقُّص عليك من أنباء الرسل ما نثّبت به فؤادك ) فهذا يظهر منه أن الحكمة في‬
‫قّص أنباء الرسل عليهم السالم تثبيت فؤاده الشريف بذلك وال شك أننا اليوم نحتاج إلى تثبيت أفئدتنا بأنبائه وأخباره أشد‬
‫من احتياجه هو صّلى هللا عليه وسّلم ‪.‬‬

‫مفهوم القيام في نهاية المولد عند أهل الفهم والذوق‬

‫ما حكم القيام في نهاية المولد النبوي الشريف ؟ وهل ما يقوله بعض الناس أن هذا القيام ألجل دخول النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم إلى المجلس صحيح ‪ ،،‬أرجو منكم حسم هذه المسألة ؛ ألنها كثر فيها الخوض من الجهال والمتقولين الذين يرمون‬
‫غيرهم بالجهل ويتهمونهم بالمبتدعة ‪ //‬على األقل هذا في بلدي ‪ ،،‬حفظ هللا أوطانكم منهم ‪ ،‬ومن جميع المؤذين ‪.‬‬
‫أجاب عنه‪ :‬الشيخ محمد الفحام‬

‫أقول ابتداًء ليت أَّن نا ُنكَر ُم بحضور أنوار الحبيب األعظم صلى هللا عليه وسلم علينا كَّل مجلس‪ ،‬وِهللا هذا ُمبتَغ ى كِّل ُمِحٍّب‬
‫ُيْذ ُك ر النبي الكريم صلى هللا عليه وسلم بالصالة عليه وعرض سيرته الشريفة وحديثه الزاكي وهديه المنيف ومكارمه‬
‫العلية‪.‬‬
‫غيَر أن أحدًا ال يملك اَّدعاء ما ليس فيه‪ ،‬فإَّن ما ذكرَت ال ُيراد منه وبه إال الفتنة والتقليل من شأن ما عليه المحُّبون من‬
‫أمر إجاللهم لنبِّيهم األعظم صلى هللا عليه وسلم ُكَّلما ُذ كر‪ .‬فإن أمر القيام في الموالد ما هو إال للتعظيم له عليه الصالة‬
‫والسالم‪.‬‬
‫أما أْم ُر دخوِله المجالس صلى هللا عليه وسلم وأنهم ال يقومون إال ألنه دخل مجلسهم فهذه قضية ال ُتّدعى وال ُتْخ َت رع‪.‬‬
‫وتسأُلني وهل ُيَع َّظ ُم رسوُل هللا صلى هللا عليه وسلم في غيبته أو بعَد وفاته؟؟!‬
‫والجواب‪ :‬ارجع إلى ما كان عليه الصدر األول من السلف الصالحين من األحوال الجليلة إذا ُحَّدثوا بحديثه صلى هللا عليه‬
‫وسلم أو َص َّلوا عليه كيف تظهر آثاُر اإلجالل واإلكبار لَم ن ُذ كر وكأنهم بين يديه صلى هللا عليه وسلم لِع ْلِمهم جميعًا أَّن‬
‫حرَم ته بعد موته كحرمته في حياته فإن انتقاله لم َي ْنُقْص ه قدَر ه الشريف‪.‬‬
‫يقول القاضي عياض في الشفا‪ :‬واعلم أَّن حرمَة النبي صلى هللا عليه وسلم بعد موته وتوقيَر ه وتعظيَم ه الزٌم لما كان في‬
‫حال حياته‪ ،‬وذلك عند ذكره عليه الصالة والسالم وذكر حديثه وُس َّن تِه وسماع اسمه وسيرته‪...‬‬
‫ثم ذكر شواهد عدة عن السلف منها؛ ما رواه مصعُب بن عبد هللا قال‪ :‬كان مالك _أي ابن أنس_ إذا َذ َك َر النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم يَت غَّير لوُنه ويْن َح ني حتى َي ْص ُع َب ذلك على جلسائه فقيل له يومًا في ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬لو رأيتم ما رأيُت لما أنكرتم‬
‫علَّي ما ترون ولقد كنت أرى محمد بن المنكدر _وكان سيَد الُقراء_ ال يكاد يسأله أحٌد عن حديث أبدًا إال يبكي حتى‬
‫نرحمه‪...‬‬
‫ولقد كان عبد الرحمن بن القاسم ‪-‬بن أبي بكر الصديق رضي هللا عنه‪ -‬يذكر النبي صلى هللا عليه وسلم فُيْنَظ ُر إلى لونه‬
‫كأنه نزَف منه الدم‪ ،‬ولقد جَّف لساُنه في فِمه هيبًة لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم فأْم ُر القيام عند ذكره عند أهل الفهم‬
‫والحب هو نوع تعظيم‪ ،‬وما سمعُت ِمَّمن رأيت من أهل العلم والفقه والصالح في بالدنا أنهم كانوا يقومون للِع َّلة التي‬
‫ذكرَت بل كانوا كثيرًا ما يترنمون عند سماعهم المنشَد لمولِد البرزنجي وهو يقول‪:‬‬
‫وقد استحسن القياَم عند ذكر مولده الشريف أئمٌة ذوو روايٍة وروية‬
‫فطوبى لمن كان تعظيُمه صلى هللا عليه وسلم غاية مراِمه وَم ْر ماه‪.‬‬
‫وأما اعتقادنا بحياته البرزخية فأقول ما قاَله أهُل العلم‪:‬‬
‫فنحن نعتقد أنه صلى هللا عليه وسلم حٌّي حياًة برزخية كاملة الئقة بمقامه‪ ،‬وأَّن روَح ه جَّو الة في ملكوت هللا سبحانه‬
‫وتعالى‪ ،‬ويمكن أن يحُضر مجالَس الخير‪ ،‬وكذلك أرواُح األولياء والصالحين من أتباعه وفي كتاب الروح البن القيم قال‬
‫مالك‪ :‬بلغني أن الروح مرسلة تذهب حيث شاءت‬
‫قلت‪ :‬فكيف بأشرِف األرواح وأكرِمها عند الفتاح لسِّيد الِمالح َم ن ِع ْط ره بذكره بين أهل الحب والبصيرة فواح؟؟! (يختص‬
‫برحمته من يشاء)‪.‬‬
‫ومع ذلك فأمر القيام في أصله عند َم ن يقومون من أهله للتعظيم الواجب الذي ما ينبغي إنكاره وأما عين العمل فلم يأمر به‬
‫أحٌد أحدًا أمَر ُس َّن ٍة أو واجٍب‪ ،‬ولكنه تعبيُر المحِّب عَّما يعتلج في قلبه ِقَبَل محبوِبه كَّلما ُذ كر‪ ،‬ولعل الشاهَد اآلتي يزيُدنا‬
‫وضوحًا‬

‫في السيرة الحلبية للشيخ برهاِن الدين الحلبي الشافعي قال‪ :‬وَق د ُو جَد القيام عند ذكِر اسمه صلى هللا عليه وسلم من عالم‬
‫اُألَّمِة ومقتدى األئمة دينًا وورعًا اإلماُم تقي الدين السبكي اجتمع عنده جمٌع كثير من ُعلماء عصِر ه فأنشد قوَل البوصيري‬
‫في مدحه صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫قليٌل لمدح المصطفى الخُّط بالذهب على ورٍق من خِّط أحسِن َم ن كتب‬
‫وأن تنهض األشراف عند سماعه قيامًا صفوفًا أو جثّيًا على الركب‬
‫فعند ذلك قام السبكي رحمه هللا وجميع َم ن في المجلس فحصل أنٌس كبير بذلك ويكفي مثل ذلك في االقتداء‪.‬‬
‫لذلك أختم بلفِت النظر إلى أَّن ُه كثيرًا ما ُيَّت هم َم ن ُيَّت هم بمفهوٍم مغاير للحقيقة وأصحاُبه منه براء وشكري الجزيل للسائل‬
‫حيث استوضح للتنبيه فما أحوَج نا إلى إعذاِر بعضنا بمنطق األدب في السؤال لمدلول العلم الصحيح ال سيما في زمن‬
‫كثرت فيه األغاليط واختلطْت المفاهيم‪..‬‬

‫‪..‬من اجمل ماقرأت حول موضوع المولد النبوي الشريف‪ ..‬بقلم‪ ..‬د‪.‬ربيع العايدي‬
‫لقد جرت العادة في كل سنة من شهر ربيع األول ان تبدأ النقاشات المتبادلة بين مجيز لالحتفال ‪ ،‬ومانع‬
‫منه ‪.‬‬
‫وكل واحد من الطرفين يأتي باألدلة التي يرى انها تؤيد رأيه ‪.‬‬
‫إخواني األعزاء ‪:‬‬
‫علينا أن نفرق هنا بين* (األصل وأثره )* وهذه قضية ضرورية لفهم المسألة ‪.‬‬
‫فالدليل يطلب لألصل وال يطلب لألثر ‪ ،‬ألن األثر تابع له والزم من لوازم الفعل ‪.‬‬
‫فإذا كان الدليل مع جواز الفعل ‪ ،‬جاز أثره ‪ ،‬وإذا كان الدليل على حرمة الفعل ‪ ،‬حرم أثره ‪.‬‬
‫وسأذكر أمثلة ليتضح المقام ‪:‬‬
‫*المثال األول* ‪ :‬تعظيم المصحف ‪ ،‬هذا أصل ‪ ،‬يمكن لإلنسان أن يطلب الدليل على تعظيم المصحف ؟‬
‫ولكن هذا التعظيم له آثار متفاوتة بين الناس على حسب انفعالهم مع األصل‬
‫فتقبيل المصحف مثال‪ ،‬وتجليده‪ ،‬وطباعته ملونا ‪ ،‬هذه آثار األصل وهو التعظيم للقرآن الكريم‪ .‬وهذه‬
‫اآلثار من تجليد المصحف‪ ،‬وطباعتها ‪ ،‬وألوانه …‪ .‬ال يحق للمسلم ان يسأل عن دليلها ‪ ،‬ألنها آثار‬
‫لتعظيم المصحف ‪ ،‬والدليل يطلب لألصول واألفعال ال لآلثار ‪.‬‬
‫*المثال الثاني* ‪ :‬بر الوالدين ‪ ،‬أصل وفعل يطلب المسلم الدليل عليه ‪ ،‬وهذا صحيح وسليم ‪ ،‬وهناك أدلة‬
‫من القرآن والسنة أوجبت على المسلم احترام والديه وهذا مما ال شك فيه ‪.‬‬
‫ولكن هناك آثار بر الوالدين يفعلها الناس ولم يأت بها دليل مستقل مثال تقبيل أيديهما‪ ،‬أو رأسهما ‪ ،‬أو‬
‫انتظار جلوسهما ثم جلوس األوالد وهكذا كثير من صور بر الوالدين التي لم يرد لها أدلة مستقلة تدل‬
‫على كل جزئية فيها ‪.‬‬
‫فهل يصح ألحد أن يقول ما الدليل على جواز تقبيل يد الوالدين ‪،‬أو تغطيتهما عند النوم ؟‬
‫طبعا ال يصح ! ألن هذا العمل من آثار بر الوالدين ‪ ،‬فإذا جاز األصل جاز األثر ‪.‬‬
‫*المثال الثالث* ‪ :‬تعظيم الكعبة أمر ثابت ‪ ،‬ولكن ما الدليل المستقل على تبديل كسوة الكعبة ؟ أو غسلها‬
‫واعتياد ذلك في كل عام ؟‬
‫*المثال الرابع* ‪ :‬توقير العلماء أصل ثابت ‪ ،‬ولكن ما هو الدليل على كثير من صور التوقير التي نراها‬
‫يضيق المقال عن ذكرها هذه التفصيالت ما دليلها ؟‬
‫واألمثلة كثيرة ‪ ،‬ولكن من هذه األمثلة صار يمكننا تصور المسألة بشكل أوضح !‬
‫االحتفال بالمولد ‪ ،‬هذا العمل ليس أصال وإنما هو أثر من آثار التعظيم لسيدنا محمد عليه الصالة‬
‫والسالم ‪ ،‬فال يصح ان يطلب عليه دليل ‪.‬‬
‫فاألدلة تطلب لألصول وليس لآلثار ‪.‬‬
‫يعني إن األمر بتعظيم النبي عليه الصالة والسالم أمر ثابت ولكن يقوم المسلمون ببعض مظاهر هذا‬
‫الحب والتعظيم من أناشيد وأذكار واجتماع على قراءة سيرته العطرة وهكذا ‪ ،‬هذه اآلثار ال يصح أن‬
‫تطلب لها دليال مستقال ‪،‬ألن الدليل ثبت لألصل وهو استحباب تعظيمه عليه الصالة والسالم ‪ .‬قال تعالى‬
‫” لتؤمنوا باهلل ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيال”‬
‫ومن هذه التقريرات نفهم معنى كالم العلماء فيما ال دليل عليه مستقل بأنه جائز أو مستحب ألنه لم‬
‫يخالف األصل ‪.‬‬
‫وهذا ما فعله الصحابة في جمع المصحف فقد كان جواب سيدنا أبي بكر واضحا ” لكنه خير ” أي لم‬
‫يناقض أصول اإلسالم العامة ‪،‬وإن هذا العمل يصب في تعظيم المصحف وأثر من آثار تعظيمه ‪.‬‬
‫ولو أردنا أن نطلب دليال مستقال على كل عمل الحتجنا إلى أدلة ال متناهية إذ الوقائع والحوادث ليست‬
‫متناهية ‪،‬ولبقينا في حلقة مفرغة ولضيقنا على الناس واسعا وحرمنا حالال من حيث ال ندري ‪ .‬فنضيق‬
‫دائرة الحالل ونوسع دائرة الحرام ‪.‬لألسف !!‬
‫فمن كان يريد ان يطلب الدليل فعليه ان يوجهه الى األصل وهو ما الدليل على تعظيم رسول هللا عليه‬
‫الصالة والسالم ! وال يطلب الدليل على اثر هذا التعظيم كعمل المولد او قراءة القصائد وما شابه ذلك ‪.‬‬

‫مواقف شيوخ "السلفية" من االحتفال بمولد خير البرية‬


‫ُعرف شهر ربيع األول في عهد البعثة المحمدية بأحداث عظام‪ ،‬ووقائع جسام‪ ،‬منها ميالد سيد ولد‬
‫عدنان صلى هللا عليه وعلى آله األطهار‪ ،‬ومنها اإلسراء والمعراج‪ ،1‬ومنها هجرته الشريفة إلى‬
‫المدينة النبوية‪ ،‬حيث أشرقت به أرجاؤها الزكية‪ ،‬ومنها التحاقه بربه وارتقاؤه إلى مواله راضيا‬
‫مرضيا‪ ،‬ولهذه األحداث النبوية وغيرها كان علماء األمة يصرون على تسمية هذا الشهر الشريف‬
‫بالربيع النبوي‪ ،‬أو ربيع األنور‪ ،‬أو غيرهما من األسماء الرضية‪ ،‬وكانوا يوزعون االحتفال طيلة‬
‫أيام وليالي هذا الشهر ليستنشقوا نفحاته الشذية‪ ،‬ولم يحصل اإلجماع على هذا األمر‪ ،‬بل عمد بعض‬
‫المشايخ إلى تعكير صفوه في كل عصر‪ ،‬ومنهم من ينسبون في عصرنا إلى “السلفية”‪ ،‬حيث نسبوا‬
‫‪.‬المحتفلين بالمولد إلى البدعة وارتكاب المحظور‬
‫ومن مشايخهم في هذا العصر السيد محمد حسان‪ ،‬والسيد الحويني‪ ،‬تعمدت إيراد رأيهما نظرا لما‬
‫أصبحا يتمتعان به من شهرة بين العوام‪ ،‬على اعتبار أنهما من شيوخ الميديا بامتياز‪ ،‬ورأيهما يمكن‬
‫‪ :‬حصره في اآلتي ‪ :‬ال يجوز االحتفال بالمولد النبوي لعدة اعتبارات‪ ،‬منها‬
‫الصحابة أفضل منا وأْف َه ُم منا وأحب للنبي منا‪ ،‬وهم لم يخصصوا يوما لالحتفال‪ ،‬وإذا ما احتفلنا *‬
‫‪.‬فإننا ننسب الصحابة إلى التقصير في حبهم للنبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫الدليل الخاص في االحتفال معدوم‪ ،‬والدليل العام ال يجوز االستدالل به إال إذا عمل به السلف‪ ،‬أما *‬
‫‪.‬الدليل العام الذي لم يجر عليه عمل السلف فهو بدعة‬
‫تخصيص يوم لالحتفال بالنبي تقصير وتنقيص من قدر النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬إذ يجب *‬
‫‪.‬االحتفال به في كل نَف س‬
‫… االحتفاء الالئق بالنبي صلى هللا عليه وسلم هو االمتثال ألمره واتباع سنته *‬
‫هذه أهم مرتكزات الشيخين في تحريم االحتفال‪ ،‬ومقاطع أشرطتهما – لمن أراد التثبت – موجودة‬
‫‪.‬في النت‪ ،‬ولنا معها بعض الوقفات‬
‫‪ :‬أوال ‪ :‬ال ِع ْلمية الموقف‬
‫ال يختلف اثنان ممن لهم أدنى إلمام بعلم أصول الفقه أن ما عبر عنه الشيخان المذكوران ال يعد شيئا‬
‫في االحتجاج واالستدالل‪ ،‬بل تجاوزا األمر إلى التقول على المحتفلين‪ ،‬إذ لم يقل أحد منهم عبر‬
‫التاريخ أنهم أكثر حبا للنبي من صحابته األكرمين‪ ،‬وما يقوله “السلفية” في هذا الباب مجرد إلزام‪،‬‬
‫‪.‬وهم أول من يعرف أن الزم القول ال يعد قوال‬
‫أما عدم فعل الصحابة للشيء فال يعد دليال شرعيا‪ ،‬بل األكثر من هذا‪ ،‬أن عدم فعل النبي للشيء ال‬
‫يعد دليال على الحظر والمنع‪ ،‬كما نص على ذلك كثير من أئمة األصول‪ ،‬يتبين ذلك من خالل اآلتي‬
‫‪:‬‬
‫عّر ف األصوليون السنة بقولهم ‪ :‬ما صدر عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير‪ ،‬لذلك كان ‪1-‬‬
‫فعل النبي حجة شرعية‪ ،‬ولم يقولوا ‪“ :‬السنة هي ما صدر عن الرسول من قول أو فعل أو ترك أو‬
‫تقرير”‪ ،‬لذلك لم يعتبر العلماء ترك النبي حجة في مجال االستدالل‪ ،‬ألنه لم يفعل كل المباحات‪ ،‬ولم‬
‫يفعل كل المندوبات‪ ،‬ولو كان الترك حجة لحرمنا مباحات ومندوبات كثيرة‪ ،‬وهذا ال يقوله عاقل‪،‬‬
‫‪.‬يزيد هذا األمر وضوحا وجالء الحديث الموالي‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ِ“ :‬إَذ ا َأَم ْر ُتُك ْم ِبَش ْي ٍء َف ُخ ُذ وا ِم ْن ُه َم ا اْس َت َط ْع ُتْم ‪َ ،‬و ِإَذ ا َن َه ْي ُتُك ْم ‪2-‬‬
‫َع ْن َش ْي ٍء َف اْن َت ُهوا”‪ ،‬ولم يقل صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬وما تركته فاتركوه‪ ،‬ومن أضاف الترك في مجال‬
‫‪.‬الحجية والدليل فقد استدرك على الشارع‪ ،‬وهذا غير جائز‬
‫بناء على ما ُذ كر‪ ،‬قرر العلماء أن “األصل في األشياء اإلباحة”‪ ،‬وال يمكن صرفها إلى الحرمة ‪3-‬‬
‫إال بدليل‪ ،‬ولو كان الترك يفيد التحريم لما قرروا هذه القاعدة‪ ،‬ولكان التحريم هو األصل‪ ،‬ولكانت‬
‫‪.‬شريعتنا مليئة باألغالل واآلصار‬
‫أما قولهم بانعدام الدليل الخاص المعين لالحتفال بالمولد‪ ،‬وأن أقصى ما ُيستدل به في هذا الباب‬
‫مجرد عمومات‪ ،‬فإننا نجاريهم في هذا االستدالل‪ ،‬ال لنبين وجاهته وقوته الحجاجية‪ ،‬بل لنبين لكل‬
‫ذي لب أنه حجة عليهم ال لهم‪ ،‬إذ من المعلوم المقرر عند العلماء أن العام يبقى على عمومه‪ ،‬وال‬
‫يجوز تخصيصه إال بدليل‪ ،‬ولذلك كان المحتفلون بالمولد موّفقين في العمل بعموم النصوص‪ ،‬وكان‬
‫المحّر مون لالحتفال مخصصين للعام من غير دليل‪ ،‬وهو غير جائز‪ ،‬قال الشيخ عبد الوهاب خالف‬
‫‪“ :‬فالعام المطلق عن قرينة تخصصه يدل على العموم قطعا‪ ،‬وال ُيصرف عن معناه الحقيقي إال‬
‫بدليل‪ ،‬ولهذا استدل الصحابة والتابعون واألئمة المجتهدون بعموم األلفاظ العامة التي وردت في‬
‫‪.‬النصوص مطلقة عن التخصيص‪ ،‬واستنكروا تخصيصها من غير دليل”‪2‬‬
‫وأما قولهم ( إن تخصيص يوم في السنة لالحتفال بالنبي صلى هللا عليه وسلم ُيعد تنقيصا من قدره‬
‫العظيم ) فلغٌو ال يلتفت إليه‪ ،‬ويكفي في الرد عليه‪ ،‬أنهم ُيذكروننا بحديث “نحن أولى بموسى منهم”‪،‬‬
‫وذلك حين أمر النبي الصحابة بصيام عاشوراء بعدما أخبره اليهود بأنه يوم نجى هللا في موسى من‬
‫فرعون‪ ،‬وهذا الحديث وإن كان لنا فيه رأي نرجئه إلى مناسبة الحقة‪ ،‬لكننا نتوقف اآلن عند رد‬
‫النبي على اليهود‪ ،‬وهو الذي لم يعتبرهم مقصرين في حق نبيهم‪ ،‬ولم يقل لهم عليكم أن تصوموا‬
‫الدهر كله وأال تخصصوا يوما واحدا له‪ ،‬ولما كان النبي أولى بموسى‪ ،‬فإنه أرشد األمة – وِنعم‬
‫المرشد هو – إلى صيام يوم في السنة‪ ،‬وهو اليوم الموافق لذلك الحدث التاريخي‪ ،‬وهذه عادة‬
‫البشر‪ ،‬وُس ّن ة اإلنسانية عامة‪ ،‬حيث يخصصون لالحتفاالت أوقاتا محدودة‪ ،‬ترتبط بمناسبات‬
‫مخصوصة‪ ،‬أما دعوى تعميم االحتفال على سائر العام فال يعدو أن يكون تمييعا للنقاش‪ ،‬وانحطاطا‬
‫‪.‬به إلى أدنى الدركات‬
‫أما قولهم إن االحتفاء بالنبي صلى هللا عليه وسلم يكون باتباع سنته والتزام هديه‪ ،‬فال نخالفهم األمر‪،‬‬
‫لكنه ال يجوز قْص ُر االحتفاِء على االتباع فحسب‪ ،‬وإال سقطنا في ما أسماه د‪ .‬مراد هوفمان بقانونية‬
‫الدين‪ ،‬أو الدين القائم على القانون‪ ،3‬بمعنى ‪ :‬التعامل مع تعاليم الدين بفراغ روحي تصير معه‬
‫التعاليم الدينية أشبه بالقوانين‪ُ ،‬يلتَز م بها دون حب (إقصاء العامل القلبي‪/‬الروحي‪/‬الوجداني)‪ ،‬وهذا‬
‫األمر هو الذي تفّط ن له أبو حامد الغزالي رحمه هللا حين رأى الناس يتعاملون مع الفقه اإلسالمي‬
‫‪.‬على هذا األساس‪ ،‬فطرح مشروعه التجديدي (إحياء علوم الدين)‬
‫وأخطر ما في هذه الدعوى‪ ،‬هو أن يصبح المسلم – ال قدر هللا – كالمنافق‪ ،‬سواء بسواء‪ ،‬ألن‬
‫‪.‬المنافقين األوائل كانوا متبعين للنبي مقتدين به‪ ،‬ال يستطيع أحد من الصحابة تمييزهم عن غيرهم‬
‫‪” :‬ثانيا ‪ :‬تناقض شيوخ “السلفية‬
‫ال يقتصر تحريم االحتفال بالمولد على الشيخين المذكورين‪ ،‬بل عموم “السلفية” على رأيهم‪ ،‬يكرر‬
‫بعضهم ما قاله اآلخر‪ ،‬ونظرا لضعف مدركهم فإنهم وقعوا في تناقضات يتنزه عنها صغار الطلبة‪،‬‬
‫من ذلك أن مشايخ “السلفية” يحُيون في السعودية أسبوعا خاصا لشيخهم وإمام ِنْح لتهم محمد بن عبد‬
‫الوهاب‪ ،‬فيجيزون ألنفسهم إحياء ذكرى شيخهم‪ ،‬ويحرمون إحياء ذكرى نبيهم‪ ،‬وهو ما تفطن له‬
‫أحد الظرفاء‪ ،‬فوّج ه سؤاال محرجا للشيخ ابن عثيمين الذي أجاب بما نصه ‪“ :‬الفرق بينهما حسب‬
‫‪ :‬علمنا من وجهين‬
‫األول ‪ :‬أن أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه هللا تعالى لم ُيتخذ تقربا إلى هللا عز وجل‪،‬‬
‫وإنما ُيقصد به إزالة شبهة في نفوس بعض الناس في هذا الرجل ويبين ما مَّن هللا به على المسلمين‬
‫‪.‬على يد هذا الرجل‬
‫الثاني‪ :‬أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه هللا ال يتكرر ويعود كما تعود األعياد‪ ،‬بل هو أمر‬
‫بين للناس وكتب فيه ما كتب‪ ،‬وتبين في حق هذا الرجل ما لم يكن معروفًا من قبل لكثير من الناس‬
‫‪”.‬ثم انتهى أمره‬
‫‪ :‬هذا نص الفتوى ومنطوقها‪ ،‬ولنا عليها مالحظات‪ ،‬أهمها‬
‫ال يقصد بأسبوع الشيخ التقرُب إلى هللا‪ ،‬إذن ‪ :‬التقرب بهذا النشاط إلى َم ن ؟ أليس التقرب إلى *‬
‫غير هللا من نواقض العقيدة “السلفية” ؟‬
‫االحتفال بالشيخ جائز لتبيين “ما َم َّن هللا به على المسلمين على يد هذا الرجل”‪ ،‬وأليس النبي حريا *‬
‫بهذا ؟ أم أن ما مّن به هللا على المسلمين على يد ابن عبد الوهاب أفضل مما مّن هللا به على يد‬
‫‪.‬سيدنا محمد ؟ أستغفر هللا ِمن هذه المقارنة‪ ،‬لقد اضطررُت إليها اضطرارا‬
‫وإذا تجاوزنا الشيخ ابن عثيمين‪ ،‬فإن المفتي العام للملكة السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد هللا آل‬
‫الشيخ ليس أحسن حاال وأقوم قيال منه‪ ،‬بل هو صنوه في التناقض واالضطراب‪ ،‬حيث اعتبر إقامة‬
‫الموالد من المناسبات الشركية التي ال أساس لها من الدين‪ ،‬وبالمقابل‪ ،‬وفي تصريح لصحيفة عكاظ‪،‬‬
‫أباح االحتفال باليوم الوطني‪ ،‬بل طالب السعوديين أن يكثروا من شكر هللا في ذلك اليوم‪ ،‬وخصوصا‬
‫‪.‬شكر هللا على نعمة األمن‬
‫ألم يكن حريا بفضيلته أن يدعو إلى تخصيص ليلة المولد لشكر هللا على النعمة المسداة والرحمة‬
‫المهداة صلى هللا عليه وسلم ؟ وكيف يجوز في األذهان إباحة االحتفال بميالد الدولة وعدم إباحة‬
‫االحتفال بميالد النبي ؟ أستغفر هللا العظيم من هذه المقارنة أيضا‪ ،‬ولكن عذري أن الضرورات تبيح‬
‫‪.‬المحظورات‬
‫‪ :‬وختاما‪ ،‬أنبه إلى مسألتين‬
‫األولى ‪ :‬خطورة اإلكثار من التحريم‪ ،‬واإلفراط في التحريم‪ ،‬والغلو في التحريم‪ ،‬ألنه داء خطير‪،‬‬
‫عانت منه األمم السابقة‪ ،‬ونبه عليه أستاذنا العالمة د‪ .‬أحمد الريسوني حفظه هللا‪ ،‬حيث قال ‪“ :‬ال‬
‫يحق ألحد أن ُيَح رم على نفسه أو على غيره‪ ،‬وال أن يفرض على نفسه أو على غيره‪ ،‬حكما منسوبا‬
‫إلى هللا أو إلى شرعه‪ ،‬إال بدليل صحيح واضح‪ ،‬وإال فهو معتٍد ومبتدع ومتنطع‪ ،‬وفي جميع الحاالت‬
‫‪.‬ال يؤبه له‪ ،‬وال قيمة لدعواه حتى يثبتها بدليلها”‪4‬‬
‫الثانية ‪ :‬لقد كان االختالف بين “السلفيين” وبين المحتفلين بالمولد اختالفا فكريا في األساس‪ ،‬وإن‬
‫كانت فيه نوع من التجاوزات كتبديع المخالف أو غير ذلك‪ ،‬أما مع وصول الحركة “السلفية” إلى‬
‫مواقع القرار في عدد من الدول العربية‪ ،‬فإنه أصبح لزاما علينا أن ننبه إلى خطورة المرحلة‪ ،‬ألن‬
‫الخالف لن يبقى فكريا فحسب‪ ،‬وقد صدرت عن بعض السلفيين في مصر تهديدات بمنع أي مظاهر‬
‫االحتفال بالمولد هذه السنة‪ ،‬وهو ما جعل المحتفلين يشكلون لجانا شعبية ولجانا لليقضة احترازا من‬
‫‪.‬تلك التهديدات‬
‫ولم تنفع الشراكة السياسية بين “السلفيين” واإلخوان في تليين مواقفهم‪ ،‬بل زادتها تصلبا‪ ،‬ورغم‬
‫قرار الرئيس مرسي حضور حفل بالمناسبة‪ ،‬فإن د‪ .‬هشام كمال المتحدث باسم الجبهة السلفية اعتبر‬
‫أن االحتفال بالمولد النبوي بدعة‪ ،‬وزاد من كيسه حكاية إجماع الفقهاء على أنها إثم‪ ،‬وفي هذا‬
‫اإلجماع – المتوهم – إقصاء للفكر اآلخر والطرف اآلخر‪ ،‬واإلقصاُء إلغاٌء واغتياٌل معنوي يجب‬
‫أن يترفع عنه المشتغلون بالسياسة ولو كانوا من “السلفية‬

‫المؤيدون من العلماء القدامى والمتأخرين باالحتفال النبوي الشريف‬


‫تنا‬
‫كثير من العلماء القدامى والمعاصرين اعترفوا باستحباب االحتفال بالمولد النبوي الشريف‬
‫‪ .‬واعتبروه بدعة حسنة وال يتعارض مع الدين والسنة النبوية الشريفة وتعاليم القران الكريم‬
‫انشر ‪ : Twitter instagram Email Telegram‬شارک‬

‫من البدع الحسنة االحتفال بمولد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فهذا العمل لم يكن في عهد النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم وال فيما يليه‪ ،‬إنما أحدث في أوائل القرن السابع للهجرة‪ ،‬وأول من أحدثه ملك‬
‫‪.‬إربل وكان عالًما تقًّي ا شجاًعا يقال له المظفر‬

‫فاستحسن ذلك العمل العلماء في مشارق األرض ومغاربها‪ ،‬منهم الحافظ أحمد بن حجر العسقالني‪،‬‬
‫‪.‬وتلميذه الحافظ السخاوي‪ ،‬وكذلك الحافظ السيوطي وغيرهم‬

‫الَّد ليُل ِمَن الُّسنِة اْلُم َط َّه َر ِة على الِبْد َع ِة اْل َح َس َن ِة‪َ :‬قْو ُلُه صلى هللا عليه وسلم "َم ْن َس َّن في اإلْس ال ُس َّن ًة‬
‫ِم‬
‫َح َس َن ًة َف َلُه َأْج ُر َه ا َو َأْج ُر َم ْن َع ِمَل ِبها َب ْع َدُه ِمْن َغ ْي ِر َأْن َي نُقَص ِمْن ُأجوِر ِهم شْى ٌء‪َ ،‬و َم ْن َس َّن في‬
‫اإلْس الِم ُس َّن ًة َس ِّيئًة كاَن َع َلْيِه ِو ْز ُر َه ا َو ِو ْز ُر َم ْن َع ِمَل ِبَه ا ِمن َب ْع ِدِه ِمْن َغ ْي ِر أْن َي ْنُقَص ِمْن َأْو َز اِر ِهم‬
‫شْى ٌء"‪ ،‬رواُه ُمْس ِلٌم في َص حيِحِه ِمْن َح ديِث َج ريِر بِن َع ْبِد ِهللا الَبَج ِلِّي َر ضَي ُهللا َع ْن ُه‪ .‬فأْف َه َم َه ذا‬
‫اْل َح ديُث أَّن الَّر ُسوَل صلى هللا عليه وسلم ُه َو اَّلذي َع َّلَم ُأَّم َت ُه أَّن الِبْد َع َة على َض ْر َب ْي ِن ‪ :‬بدَع ُة َض اللٍة‪:‬‬
‫َو ِهَي اْلُمْح َد َثُة اْلُم َخ اِلَف ُة ِلْلُقرءاِن والُّس َّن ِة‪َ .‬و ِبْد َع ُة ُه ًد ى‪َ :‬و ِهَي اْلُمْح َد َثُة اْلُمواِفَق ُة ِلْلُقرءاِن والُّس َّن ِة‪ .‬فإْن‬
‫قيَل ‪َ :‬ه ذا َم ْع ناُه َم ْن َس َّن في حياِة َر ُسوِل ِهللا أَّما َب ْع َد َو فاِتِه فال‪ ،‬فاْل جواُب أْن ُيقاَل "ال َت ْث ُبُت‬
‫اْل ُخ ُصوِص َّي ُة إال ِبَد ِليٍل " َو ُهنا الَّد ليُل ُيْع ِط ي ِخالَف ما َي َّد عوَن َح ْي ُث ِإَّن َر ُسوَل ِهللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫قال "َم ْن َس َّن في اإلسالم" َو َلْم َي ُقْل َم ْن َس َّن في حياِتي وال قاَل َم ْن َع ِمَل َع َم ًال أنا َع ِم ْل ُتُه فأْح ياُه‪َ ،‬و َلْم‬
‫َي ُك ْن اإلسالُم َم ْق صوًر ا على الَّز َم ِن اَّلذي كاَن فيِه رسوُل هللا‪َ ،‬ف َب َط َل َز ْع ُمُهم‪ .‬فِإْن قاُلوا‪ :‬اْل َح ديُث َس َب ُبُه‬
‫أَّن ُأناًسا ُفَق راَء شديدي الَف ْق ِر َي ْل َب ُسوَن الِّن ماَر _نوع من الّث ياب_ جاؤوا َفَت َم َّع َر _أى تغّير_ َو ْج ُه رسوِل‬
‫ِهللا ِلما رأى ِمْن ُبؤِس ِه م َفَت َص َّد ق الَّن اُس َح َّت ى َج َم ُعوا َلُهم شيًئ ا كثيًر ا َفَت َه َّلَل َو ْج ُه رسوِل ِهللا فقاَل "َم ْن‬
‫َس َّن في اإلْس الِم ُس َّن ًة َح َس َن ًة َف َلُه َأْج ُر َه ا َو َأْج ُر َم ْن َع ِمَل ِبها"‪ ،‬فاْل َج َو اُب َأْن ُيقاَل ‪ :‬الِعْب َر ُة ِبُعُموِم الَّلْف ِظ ال‬
‫‪ِ.‬بُخ ُصوِص الَّسَبِب َك َم ا َذ َك َر ُع َلَم اُء اُألُصوِل‬

‫‪ :‬القدامى من العلماء‬
‫السيوطي‪ ،‬حيث قال‪" :‬عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من‬
‫القرآن ورواية األخبار الواردة في مبدأ أمر النبي وما وقع في مولده من اآليات ثم يمد لهم سماط‬
‫يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه‬
‫‪".‬من تعظيم قدر النبي وإظهار الفرح واالستبشار بمولده الشريف‬

‫ابن الجوزي‪ ،‬حيث قال عن المولد النبوي‪" :‬من خواصه أنه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل‬
‫‪".‬البغية والمرام‬

‫ابن حجر العسقالني‪ ،‬حيث قال الحافظ السيوطي‪" :‬وقد سئل شيخ اإلسالم حافظ العصر أبو الفضل‬
‫ابن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه‪ :‬أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من‬
‫القرون الثالثة‪ ،‬ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها‪ ،‬فمن تحرى في عملها المحاسن‬
‫وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة‪ ،‬وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت‪ ،‬وهو ما ثبت في‬
‫الصحيحين ‪ ،‬فيستفاد منه فعل الشكر هلل على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة‪ ،‬أو دفع نقمة‪..‬‬
‫إلى أن قال ‪ :‬وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي‪ ..‬نبي الرحمة في ذلك اليوم‪ ،‬فهذا ما يتعلق‬
‫بأصل عمله‪ ،‬وأما ما يعمل فيه‪ :‬فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر هلل تعالى من نحو ما تقدم‬
‫من التالوة واإلطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل‬
‫‪".‬الخير والعمل لآلخرة‬

‫السخاوي‪ ،‬حيث قال عن المولد النبوي‪" :‬لم يفعله أحد من السلف في القرون الثالثة‪ ,‬وإنما حدث‬
‫بعُد ‪ ,‬ثم ال زال أهل اإلسالم من سائر األقطار والمدن يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع‬
‫‪".‬الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم‪ ،‬ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم‬

‫ابن الحاج المالكي‪ ،‬حيث قال‪" :‬فكان يجب أن نزداد يوم الثاني عشر في ربيع األول من العبادات‬
‫والخير شكرا للمولى على ما أوالنا من هذه النعم العظيمة وأعظمها ميالد المصطفى صلى هللا عليه‬
‫وآله وسلم"‪ .‬وقال أيضا‪" :‬ومن تعظيمه صلى هللا عليه وآله وسلم الفرح بليلة والدته وقراءة المولد"‪.‬‬
‫ابن عابدين‪ ،‬حيث قال‪" :‬اعلم أن من البدع المحمودة عمل المولد الشريف من الشهر الذي ولد فيه صلى هللا عليه وآله‬
‫وسلم"‪ .‬وقال أيضا‪" :‬فاالجتماع لسماع قصة صاحب المعجزات عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات من اعظم القربات‬
‫لما يشتمل عليه من المعجزات وكثرة الصلوات"‪.‬‬

‫الحافظ عبد الرحيم العراقي‪ ،‬حيث قال‪" :‬إن اتخاذ الوليمة وإطعام الطعام مستحب في كل وقت فكيف إذا انضم إلى ذلك‬
‫الفرح والسرور بظهورنور رسول هللا في هذا الشهر الشريف وال يلزم من كونه بدعة كونه مكروها فكم من بدعة مستحبة‬
‫قد تكون واجبة"‪.‬‬

‫الحافظ شمس الدين ابن الجزري‪ ،‬حيث قال الحافظ السيوطي‪" :‬ثم رأيت إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري قال‬
‫في كتابه المسمى (عرف التعريف بالمولد الشريف) ما نصه‪ :‬قد رؤي أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له‪ :‬ما حالك؟ فقال‪:‬‬
‫في النار إال أنه يخفف عني كل ليلة اثنين‪ ،‬وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا‪ -‬وأشار لرأس أصبعه ‪ ،-‬وأن ذلك‬
‫بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بوالدة النبي وبإرضاعها له‪ .‬فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار‬
‫بفرحه ليلة مولد النبي صلى اله عليه وسلم به فما حال المسلم الموحد من أمة النبي يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته‬
‫في محبته‪ ،‬لعمري إنما يكون جزاؤه من هللا الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيمة"‪.‬‬

‫أبو شامة (شيخ النووي)‪ ،‬حيث قال‪" :‬ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما ُيفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى هللا‬
‫عليه وآله وسلم من الصدقات‪ ،‬والمعروف‪ ،‬وإظهار الزينة والسرور‪ ،‬فإن ذلك مشعٌر بمحبته صلى هللا عليه وآله وسلم‬
‫وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكرًا هلل تعالى على ما مّن به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين"‪.‬‬

‫الشهاب أحمد القسطالني (شارح البخاري)‪ ،‬حيث قال‪" :‬فرحم هللا امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا‪ ،‬ليكون أشد‬
‫علة على من في قلبه مرض وإعياء داء"‪.‬‬

‫الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي‪ ،‬حيث قال في كتابه المسمى (مورد الصادي في مولد الهادي)‪" :‬قد صح أن‬
‫أبا لهب يخفف عنه عذاب النار في مثل يوم االثنين إلعتاقه ثويبة سروًر ا بميالد النبي "‪ ،‬ثم أنشد‪:‬‬
‫إذا كان هـذا كافًر ا جـاء ذمـه وتبت يـداه في الجحـيم مخـلًد ا‬
‫أتى أنـه في يـوم االثنين دائـًما يخفف عنه للسـرور بأحــمدا‬
‫فما الظن بالعبد الذي طول عمره بأحمد مسروٌر ومات موحـــًد ا‬

‫من المتأخرىن‪:‬‬
‫محمد الطاهر بن عاشور شيخ جامع الزيتونة ومن أبرز علماء المالكية‪ ،‬أّيد االعتناء بيوم المولد النبوي في قوله‪َ"" :‬فَقْد‬
‫َأْل‬ ‫ْذ‬
‫َج َع َل ُهَّللا ِلْلَمَو اِقيِت اْلَم ْح ُد وَدِة اْع ِتَب اًر ا ُيْش ِبُه اْع ِتَب اَر الَّش ْي ِء اْلَو اِحِد اْلُم َت َج ِّد ِد‪َ ،‬و ِإَّن َم ا َه َذ ا اْع ِتَب اٌر ِللَّت ِكيِر ِبا َّياِم اْلَع ِظ يَمِة اْلِم ْق َد اِر‬
‫َك َم ا َق اَل َت َع اَلى‪َ :‬و َذِّك ْر ُه ْم ِبَأَّياِم ِهَّللا [ِإْب َر اِهيم‪َ ، ]5 :‬فَخ َلَع ُهَّللا َع َلى اْلَمَو اِقيِت اَّلِتي َق اَر َن َه ا َش ْي ٌء َع ِظ يٌم ِفي اْلَفْض ِل ْن َج َع َل ِلِتْلَك‬
‫َأ‬
‫اْلَمَو اِقيِت َف ْض اًل ُمْس َت ِم ًّر ا َت ْن ِو يًها ِبَك ْو ِنَه ا َت ْذ ِكَر ًة َأِلْم ٍر َعِظ يٍم ‪َ ،‬و َلَع َّل َه َذ ا ُه َو اَّلِذي َج َع َل ُهَّللا َأِلْج ِلِه ُس َّنَة اْلَه ْد ِي ِفي اْلَح ِّج‪َ ،‬أِلَّن ِفي‬
‫ْل‬ ‫َأ ْل‬ ‫َأْظ‬ ‫ْل‬ ‫ْث‬
‫ِم ِل َذ ِلَك ا َو ْق ِت اْب َت َلى ُهَّللا ِإْب َر اِهيَم ِبَذ ْب ِح َو َلِدِه ِإْس َماِع يَل َو َهَر َع ْز َم ِإْب َر اِهيَم َو َط اَع َت ُه َر َّبُه َو ِم ْن ُه َخ َذ ا ُع َلَم اُء َت ْع ِظ يَم ا َي ْو ِم‬
‫اْلُم َو اِفِق ِلَي ْو ِم ِو اَل َدِة الَّن ِبيِء َص َّلى ُهللا َع َلْيِه َو َس َّلَم َو َي ِج يُء ِمْن َه َذ ا ِإْك َر اُم ُذ ِّر َّيِة َر ُسوِل ِهَّللا َو َأْب َن اِء الَّصاِلِحيَن َو َت ْع ِظ يِم ُو اَل ِة‬
‫اُأْلُموِر الَّش ْر ِع َّيِة اْلَقاِئِميَن َم َقاَم الَّن ِبيِء َص َّلى ُهللا َع َلْيِه َو َس َّلَم ِفي َأْع َماِلِه ْم ِمَن اُأْلَمَر اِء َو اْلُقَض اِة َو اَأْلِئَّمِة" ‪.‬‬

‫حسنين محمد مخلوف شيخ األزهر‪ ،‬حيث قال‪" :‬إن إحياء ليلة المولد الشريف وليالي هذا الشهر الكريم الذي أشرق فيه‬
‫النور المحمدي إنما يكون بذكر هللا وشكره لما أنعم به على هذه األمة من ظهور خير الخلق إلى عالم الوجود‪ ،‬وال يكون‬
‫ذلك إال في أدب وخشوع وبعد عن المحرمات والبدع والمنكرات‪ .‬ومن مظاهر الشكر على حبه مواساة المحتاجين بما‬
‫يخفف ضائقتهم‪ ،‬وصلة األرحام‪ ،‬واإلحياء بهذه الطريقة وإن لم يكن مأثورا في عهده صلى هللا عليه وآله وسلم وال في‬
‫عهد السلف الصالح إال أنه ال بأس به وسنة حسنة"‪.‬محمد الفاضل بن عاشور من علماء تونس البارزين‪ ،‬في قوله‪" :‬إن ما‬
‫يمأل قلوب المسلمين في اليوم الثاني عشر من ربيع األول كل عام من ناموِس المحبة الُعلوي‪ ،‬وما يهّز نفوسهم من الفيض‬
‫النوراني المتدفق جماال وجالال‪ ،‬ليأتي إليهم محّمال من ذكريات القرون الخالية بأريج طيب ينّم عما كان ألسالفهم الكرام‬
‫من العناية بذلك اليوم التاريخي األعظم‪ ،‬وما ابتكروا إلظهار التعّلق به وإعالن تمجيده من مظاهر االحتفاالت‪ ،‬فتتطلع‬
‫النفوُس إلى استقصاء خبر تلك األيام الزهراء والليالي الغراء؛ إذ المسلمون ملوكًا وسوقًة (أي عامتهم) يتسابقون إلى‬
‫الوفاء بالمستطاع من حقوق ذلك اليوم السعيد"‪.‬‬

‫محمد الشاذلي النيفر‪ ،‬شيخ الجامع األعظم في تونس‪ ،‬في قوله‪َ" :‬و َأِز يُد َع َلى َذ ِلَك َم ا ُيَؤ ِّيُد َم ا َتَقَّد َم َع ِن «اْب ِن َح َج ٍر »‬
‫َو «الّسُيوِط ِّي » َأَّن الَّلـَه َأْو َج َب َع َلْي َن ا َمَح َّب َة َن ِبِّيِه َع َلْيِه الَّص اَل ُة َو الَّس اَل ُم َب ْع َد َمَح َّبِتِه َج َّل َو َع اَل ‪َ ،‬و َذ ِلَك ُيوِج ُب َع َلْي َن ا َت ْع ِظ يَم ُك ِّل َم ا‬
‫َي َت َع َّلُق ِبالَّن ِبِّي صلى هللا عليه وسلم‪َ ،‬و ِمْن َذ ِلَك َت ْع ِظ يُم َي ْو ِم َم ْو ِلِدِه ِباالْح ِتَفاِل ِبِه ِبَم ا ُيِج يُز ُه الَّش ْر ُع الَك ِر يُم" ‪.‬‬

‫محمد متولي الشعراوي من علماء مصر‪ ،‬حيث قال‪" :‬وإكراًما لهذا المولد الكريم فإنه يحق لنا أن نظهر معالم الفرح‬
‫واالبتهاج بهذه الذكرى الحبيبة لقلوبنا كل عام وذلك باالحتفال بها من وقتها"‪.‬‬

‫المبشر الطرازي‪ ،‬شيخ علماء تركستان‪ :‬حيث قال‪" :‬إن االحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف أصبح واجًبا أساسًيا‬
‫لمواجهة ما استجد من االحتفاالت الضارة في هذه األيام"‪.‬‬

‫محمد علوي المالكي‪ ،‬حيث قال‪" :‬إننا نقول بجواز االحتفال بالمولد النبوي الشريف واالجتماع لسماع سيرته والصالة‬
‫والسالم عليه وسماع المدائح التي ُتقال في حقه‪ ،‬وإطعام الطعام وإدخال السرور على قلوب األمة"‪.‬‬

‫الفقيد محمد سعيد رمضان البوطي‪ ،‬ابرز علماء السنة في سوريا حيث قال‪" :‬االحتفال بذكرى مولد رسول هللا نشاط‬
‫اجتماعي يبتغي منه خير دينّي ‪ ،‬فهو كالمؤتمرات والندوات الدينية التي تعقد في هذا العصر‪ ،‬ولم تكن معروفة من قبل‪.‬‬
‫ومن ثم ال ينطبق تعريف البدعة على االحتفال بالمولد‪ ،‬كما الينطبق على الندوات والمؤتمرات الدينية‪ .‬ولكن ينبغي أن‬
‫تكون هذه االحتفاالت خالية من المنكرات"‪.‬‬

‫عبد هللا بن بيه‪ ،‬أحد أكبر العلماء السنة المعاصرين والنائب السابق لرئيس االتحاد العالمي للعلماء المسلمين‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫"فحاصل األمر أن من احتفل به فسرد سيرته والتذكير بمناقبه العطرة احتفاًال غير ملتبس بأي فعل مكروه من الّناحية‬
‫الشرعية وليس ملتبسًا بنّية السّنة وال بنّية الوجوب فإذا فعله بهذه الشروط التي ذكرت؛ ولم يلبسه بشيء مناف للشرع‪ ،‬حبًا‬
‫للنبي ففعله ال بأس به إن شاء ُهللا وهو مأجور"‪.‬‬

‫نوح القضاة مفتي األردن سابقًا‪ ،‬حيث قال‪" :‬وال شك أن مولد المصطفى من أعظم ما تفضل هللا به علينا‪ ،‬ومن أوفر النعم‬
‫التي تجلى بها على هذه األمة؛ فحق لنا أن نفرح بمولده "‪.‬‬

‫علي جمعة مفتي مصر سابقا‪ ،‬حيث قال‪" :‬االحتفال بذكرى مولده من أفضل األعمال وأعظم القربات؛ ألنه تعبير عن‬
‫الفرح والحب له‪ ،‬ومحبة النبي أصل من أصول اإليمان"‪.‬‬

‫وهبة الزحيلي‪ ،‬حيث قال‪" :‬إذا كان المولد النبوي مقتصًر ا على قراءة القرآن الكريم‪ ،‬والتذكير بأخالق النبي عليه الصالة‬
‫والسالم‪ ،‬وترغيب الناس في االلتزام بتعاليم اإلسالم وحّضهم على الفرائض وعلى اآلداب الشرعية‪ ،‬واليكون فيها مبالغة‬
‫في المديح وال إطراٌء كما قال النبي (ال تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ولكن قولوا عبد هللا ورسوله) وهذا‬
‫إذا كان هذا االتجاه في واقع األمر ال ُيعد من البدع"‪.‬‬

‫محمد بن عبد الغفار الشريف‪ ،‬األمين العام لألوقاف في الكويت‪ ،‬حيث قال‪" :‬االحتفال بمولد سيد الخلق عليه وعلى آله‬
‫أفضل الصالة والتسليم أمر مستحب‪ ،‬وبدعة حسنة في رأي جماهير العلماء"‪.‬‬

‫محمد راتب النابلسي‪ ،‬حيث قال‪" :‬االحتفال بعيد المولد ليس عبادة ولكنه يندرج تحت الدعوة إلى هللا‪ ،‬ولك أن تحتفل‬
‫بذكرى المولد على مدى العام في ربيع األول وفي أي شهر آخر‪ ،‬في المساجد وفي البيوت"‪.‬‬

‫عمر بن حفيظ‪ ،‬حيث قال‪" :‬مجالس الموالد كغيرها من جميع المجالس؛ إن كان ما يجري فيها من األعمال صالح وخير‪،‬‬
‫كقراءة القران‪ ،‬والذكر للرحمن‪ ،‬والصالة على النبي‪ ،‬وإطعام الطعام لإلكرام ومن أجل هللا‪ ،‬وحمد هللا‪ ،‬والثناء على‬
‫رسوله‪ ،‬ودعاء الحق سبحانه‪ ،‬والتذكير والتعليم‪ ،‬وأمثال ذلك مما دعت إليه الشريعة ورغبت فيه؛ فهي مطلوبة ومندوبة‬
‫شرعًا"‪.‬‬

‫العلماء الذين كتبوا وأفتوا بجواز المولد ‪:‬‬

‫قد يظن كثير من قليلي العلم أو عوام الدعاه أن كتابة المولد واإلهتمام به بدعة صوفية لم يهتم بها ولم يؤلف فيها‬
‫( الموالد ) إال الصوفية ‪ ،‬فإلى هؤالء الجهالء الذين يظنون هذا الظن ويزعمون هذا الزعم نقول ‪:‬‬
‫قد أفتى الكثير من علماء األمة وصالحيها بجواز اإلحتفال بالمولد النبوي وإليك البيان ‪:‬‬

‫أوًال من علماء المالكية على سبيل المثال ‪:‬‬


‫ـ اإلمام أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي البلنسي المغربي المعروف بإبن دحية وله في المولد كتابان ضخمان أحدهما‬
‫يسمى ( السراج المنير في مولد البشير النذير ) والثاني ( التنوير في مولد السراج المنير )‬
‫ـ القاضي أحمد بن محمد العزفي – بفتحتين – نسبة إلى جده وهو سبتي لخمي من تالميذ القاضي أبي بكر بن العربي‬
‫الفقه المالكي الشهير وقد ألف مولد سماه ( الدر المنظم بمولد النبي األعظم ) ومات قبل إكتماله فأكمله ولده القاضي محمد‬
‫بن أحمد اللخمي ‪.‬‬
‫ـ الشيخ إبن عبادة القدوري وهو من مشائخ الشيخ زروق وقد كتب بجواز اإلحتفال بالمولد في ( رساله كبرى )‬
‫الشيخ أبو محمد عبد الواحد بن أحمد بن علي المشهور بإبن عاشر – صاحب المرشد المعين وكان من كبار الصالحين ‪.‬‬
‫ـ الشيخ محمد البناني في حاشيته على الزرقاني ‪.‬‬
‫ـ الشيخ الدردير في الشرح الكبير ‪.‬‬
‫ـ الشيخ الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير ‪.‬‬
‫ـ الشيخ الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير ‪.‬‬
‫ـ الشيخ محمد عليش في شرحه على مختصر خليل ‪.‬‬
‫ـ هذا وقد أجاز فضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز المبارك رئيس القضاء الشرعي بدولة األمارات العربية المتحدة اآلن –‬
‫وهو من مشاهير علماء المذهب المالكي اإلحتفال بمولد الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وله مقال ممتاز عن حكم اإلحتفال‬
‫بمولد الرسول الكريم نشرته مجلة منار اإلسالم – العدد ‪ 6‬السنة السادسة بتاريخ جمادي اآلخرة ‪1401‬هـ أبريل – مابو‬
‫‪1981‬م ص ‪. 11-9‬‬
‫ـ الشيخ علوي المالكي ‪.‬‬
‫ـ الشيخ محمد الحسن المالكي ‪.‬‬
‫ـ العالمة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور وله كتاب أسماه ( قصة المولد ) ‪.‬‬

‫ثانيًا من علماء الشافعية على سبيل المثال ‪:‬‬


‫ـ اإلمام الشيخ أبو شامة وهو شيخ اإلمام يحيي بن شرف النووي ‪.‬‬
‫ـ اإلمام يحيي بن شرف النووي ‪.‬‬
‫ـ اإلمام تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي ‪.‬‬
‫ـ اإلمام القاضي عبد الوهاب بن علي السبكي صاحب طبقات الشافعية ‪.‬‬
‫ـ اإلمام عماد الدين أبو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير صاحب التفسير المشهور وصاحب البداية والنهاية ‪ ،‬وقد نظم‬
‫مولد بن كثير العالمة الشيخ محمد بن سالم بن حفيظ العلوي الحسيني ‪.‬‬
‫ـ اإلمام محمد بن أبي بكر بن عبد هللا القيسي المشهور بالحافظ بن ناصر الدمشقي وهو من أكابر الحفاط وأئمة فقهاء‬
‫الشافعية ‪ ،‬ألف ثالثة موالد ذكرها األستاذ حاجي خليفة في كشف الطنون من أسماء الكتب والفنون ‪.‬‬
‫ـ اإلمام عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن المشهور بالحافظ العراقي وهو من أشهر المحدثين الحفاظ في القرن‬
‫الثامن الهجري ‪ ،‬وقد تخرج عليه االلحفاظ في القرن الثامن الهجري ‪ ،‬وقد تخرج عليه اإلمام الحاقظ بن حجر العسقالني ‪.‬‬
‫ـ اإلمام بن حجر العسقالني صاحب فتح الباري ‪.‬‬
‫ـ اإلمام السخاوي ‪ :‬وهو من األئمة الكبار ‪.‬‬
‫ـ اإلمام جالل الدين السيوطي ‪.‬‬

‫ثالثًا من علماء الحنابلة الذين أجازوا المولد ‪:‬‬


‫ـ اإلمام بن الجوزي وله مولد مطبوع متداول يسمى ( مولد العروس ) ‪.‬‬
‫ـ إبن رجب والبرزلي وغيرهم من محدثي الحنابلة في القرن الثامن الهجري ‪.‬‬
‫ـ اإلمام الحافظ المحدث المال بن سلطان بن محمد الهروي ( الورد الروي في المولد النبوي) ‪.‬‬

‫رابعًا ‪ :‬ومن علماء السودان الذين أجازوا المولد ‪:‬‬


‫ـ األستاذ الشيخ عبد المحمود الشيخ نور الدائم مجدد الطريقة السمانية بالسودان ‪.‬‬
‫ـ موالنا السيد محمد عثمان الميرغني الختم مؤسس الطريقة الختمبة ‪.‬‬
‫ـ السيد أبو هاشم األستاذ محمد شريف الشيخ نور الدائم ‪.‬‬
‫ـ السيد الشريف يوسف بن الشريف محمد األمين الهندي شيخ الطريقة الهندية ‪.‬‬
‫سقت هؤالء العلماء ألدلل على أن المولد واإلحتفال به أمر مباح ال نكير فيه ‪ ،‬إذ ال يمكن لعاقل أن يتصور أن جهابذة‬
‫العلماء أمثال ابي شامة والنووي وإبن دحية والبرزلي وإبن رجب وإبن كثير وإبن الجوزي وإبن حجر العسقالني‬
‫والقاضي عياض اليحصبي والزرقاني وإبن عابدين والسخاوي والهيثمي والسيوطي والقاري والشيباني وغيرهم ممن‬
‫ذكرنا ولم نذكر ‪ ،‬أقول ال يمكن لعاقل أن يتصور أن هؤالء جميعًا مبتدعة ضالون عصاة ألنهم أفتوا بجواز اإلحتفال‬
‫بالمولد وألفوا الموالد مما يدل داللة واضحة على أنه من السنن الحسنات التي تلقاها الناس بالقبول توقيرًا وتعزيزًا‬
‫للمصطفى وحبًا له صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وجواز اإلحتفال بالمولد عندهم ال يعني جواز ماليس بجائز من معاصي يرتكبها‬
‫العوام بإسم المولد ‪ ،‬فالمعصية حرام حيث كانت وممن كانت ‪.‬‬

‫النوافح العطرية في ذكر خير البرية‬

‫للعالمة صالح الدين حسن محمد التجاني السوداني‬


‫الرابط ‪:‬‬
‫النوافح العطرية في ذكر خير البرية‬
‫إعالم‬
‫جهال بحقيقة الحقائق بأسنة كالم أنصوص سيد الخالئق‬
‫ممزوجا بالمولد النبوي‪ ،‬في مدح أصل النبي المولوي‬
‫الرابط ‪:‬‬
‫مولد الحاج األحسن أبو عقيل ” إعالم جهال …”‬
‫بلوغ القصد والمرام بقراءة مولد خير األنام‬
‫ألبي عبد هللا محمد الحجوجي الحسني‬
‫المتوفى بدمنات عام ‪1370‬ه‬
‫الرابط ‪:‬‬
‫مولد الفقيه الحجوجي بلوغ المرام‬
‫مولد إنسان الكمال‬
‫السيد محمد بن السيد المختار التجاني الشنقيطي‬

‫الرابط ‪:‬‬
‫مولد إنسان الكمال السيد محمد بن السيد المختار التجاني الشنقيطي‬

‫السر الرباني في مولد النبي العدناني‬


‫للعالمة السيد محمد البناني‬

‫الرابط ‪:‬‬
‫السر الرباني في مولد النبي العدناني للعالمة السيد محمد البناني‬
‫شفاء اآلالم بذكر والدة الرسول األعظم‬
‫للعالمة ادريس العراقي‬
‫الرابط ‪:‬‬
‫شفاء اآلالم بذكر والدة الرسول األعظم‬
‫اْلَفْيُض اَألْح َم ِدي‬
‫ِفي اْلَم ْو ِلِد اْلُم َح َّمِدي‬
‫تأليف‬

‫َش ْي ِخ اِإلْس َالِم‬


‫َأِبي ِإْس َح اَق ِإْب َر اِهيَم ْب ِن َع ْبِد ِهللا‬

‫ِنَي اٍس‬

‫الرابط ‪:‬‬

‫اْلَفْيُض اَألْح َم ِدي ِفي اْلَم ْو ِلِد اْلُم َح َّمِدي َش ْي ِخ اِإلسالم ِإْب َر اِهيَم ِنَي اٍس‬

‫ِش فاُء الَّسقيِم‬


‫بمولِد‬

‫النبِّي الكريِم‬

‫تأليف‪:‬‬

‫للعاَّل مِة الُم حِّقِق‬


‫أِبي علٍّي سِّيدي اْلحسِن بِن عمَر مُّز وِر‬

‫الرابط ‪:‬‬

‫ِش فاُء الَّسقيِم بمولِد النبِّي الكريِم للعالمة اْلحسِن بِن عمَر مُّز وِر‬

‫المولد األحمدي وسرد اختصار قصة مولد نور الوجود‬


‫لناظمه‪:‬‬
‫موالي هشام السعيدي األمغاري‬
‫الرابط ‪:‬‬
‫المولد األحمدي لناظمه موالي هشام السعيدي األمغاري‬

‫تَـنَـُّس ُم النَّـَفس الرحماني‬


‫لألستاذ‪ :‬سعيد بنيس منقار‬
‫الرابط ‪:‬‬
‫تَـنَـُّس ُم النَّـَفس الرحماني لألستاذ‪ :‬سعيد بنيس منقار‬
‫فتح السميع المجيب‬
‫في مولد الشفيع الحبيب‬
‫لألستاذ‪ :‬سعيد بنيس منقار‬

You might also like