الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية الشيخ يحيى الحجوري

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 36

‫‪5‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪6‬‬

‫‪‬‬
‫‪7‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫الوسائل الخفية‬

‫لضرب الد عوة السلفية‬

‫لفيضلة الشيخ‬

‫يحيى بن علي الحجوري‬

‫حفظه اهلل‬

‫القائم على دار الحديث بدماج ‪ -‬اليمن –‬


‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪8‬‬

‫ترجمة الشيخ العالمة المحدث ‪:‬‬


‫أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه اهلل تعالى‬
‫نسبة‪:‬‬
‫هو يحيى بن علي بن أحمد بن علي بن يعقوب الحجوري‪ ،‬من قبيلة بني َوهان‪ ،‬من‬
‫نجرة في أصل جبل ال ُك َع ْيدنة‪.‬‬
‫الح َ‬
‫قرية َ‬
‫طلبة للعلم‪:‬‬
‫درس في الكتاتيب بمعالمة الشيخ‪ ،‬أمين تلك القرى وفقيهها وخطيبها (يحيى‬
‫العتابي)‪ ،‬والتعليم في تلك ِ‬
‫الم ْعالمة كما هو شأن التعليم القديم‪ ،‬تعليم قراءة القرآن‬
‫نظراً في المصحف‪ ،‬وتعليم الخط‪ ،‬ومن تخرج منها غالباً يصير فقيه قريته إمامةً‬
‫وخطابةً في بعض ال ُخطب المؤلفة‪ ،‬وكتابة العقود ونحو ذلك‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك رحل إلى السعودية وحضر حلقة اإلقراء بعد صالة الفجر عند فضيلة‬
‫المقرئ الشهير ُعبيد اهلل األفغاني في مدينة أبها‪ ،‬ثم الشيخ المقرئ محمد‬
‫الشيخ ُ‬
‫أعظم ثم أتم القراءة برواية حفص عن عاصم عند المقرئ محمد بشير‪.‬‬
‫ثم سمع بالشيخ العالمة مقبل بن هادي الوادعي وأنه عالم سلفي يُدرس علوم كتاب‬
‫اهلل وسنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم في دماج إحدى قرى بالد صعدة‪ ،‬فالتحق به‬
‫في داره في عام ‪ 5041‬هـ‪.‬‬
‫وبقي من ذلك التاريخ في طلب العلم‪ ،‬حتى توفي الشيخ مقبل وأوصى به ليخلفه‬
‫في التدريس انظر وصية الشيخ مقبل بن هادي الوادعي‪.‬‬
‫تولى التدريس في دار الحديث في أثناء مرض مؤسسها الشيخ مقبل بن هادي‬
‫الوادعي‪ ،‬ثم بعد وفاته وهو متقلد لهذا المنصب إلى أن تم إخرجهم قسرا من قبل‬
‫الجماعه الطائفيه الشيعيه الحوثيه‪.‬‬
‫مؤالفاته‪:‬‬
‫للشيخ إنتاج غزير من المؤلفات يمكنك مطالعتها على الموقع الرسمي له‪ ،‬وهنا‬
‫نذكر أهم مؤلفاته‪:‬‬

‫‪‬‬
‫‪9‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫إصالح األمة بالخطب والمواعظ من القرآن والسنة مجلدان‬


‫إفادة القارئ المبتدي بتلخيص كتاب البرهان في علوم القرآن للعالمة محمد بن‬
‫عبد اهلل الزركشي‬
‫شرعية طلب الحالل وبيان حكم حشيشة الفجور والضالل‬
‫الشرح والتوضيح لقصيدة غرامي صحيح‬
‫الباعث على انكار أم الخبائث‬
‫رسالة في بيان مالم يثبت فيه حديث من األبواب‬
‫تسلية صالحي الفقراء بما لهم من الفضل على أصحاب الثرا‬
‫أحكام الجمعة وبدعها‬
‫اإلفتاء على األسئلة الواردة من دول شتى‬
‫أحكام التيمم‬
‫الصبح الشارق على ضالالت عبد المجيد الزندني في كتابه توحيد الخالق‬
‫التحذير عن أهم صوارف الخير‬
‫الحث والتحريض على تعلم أحكام المريض‬
‫السيل العريض الجارف لبعض ضالالت الصوفي عمر بن حفيظ‬
‫توضيح اإلشكال في أحكام اللقطة والضوال‬
‫جلسة ساعة في الرد على المفتين في االذاعة‬
‫ردا على‬
‫شرعية الدعاء على الكافرين وذكر أهم الفوارق بينهم وبين المسلمين ً‬
‫القرضاوي الزائغ المهين‬
‫كشف التلبيس والكذب في قول الصوفية ال يوجد شرك في جزيرة العرب [نسخة‬
‫معدلة مع ملحق]‬
‫ضياء السالكين في أحكام وآداب المسافرين‬
‫مشاهداتي في بريطانيا‬
‫نصيحة للتجار بالبعد عن نشر األضرار‬
‫النصيحة المحتومة لقضاة السوء وعلماء الحكومة‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪01‬‬

‫فتوى في حكم الدراسة اإلختالطية‬


‫التبيين لجهاالت الدكتور أحمد بن نصر اهلل صبري في كتابه أضواء على أخطاء‬
‫كتاب الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين ومدى خطورة منهج الدكتور على‬
‫كتب فحول المحدثين‬
‫الثمر الداني بتتبع ما أعل في السنن الكبرى للبيهقي والمحاكمة بينه وبين ابن‬
‫التركماني‬
‫أضرار الحزبية على األمة اإلسالمية‬
‫المبادئ المفيدة في التوحيد والفقه والعقيدة‬
‫الحجج القاطعة على أن الروافض ضد اإلسالم على ممر التاريخ بال مدافعة‬
‫شرح المية ابن الوردي‬
‫األربعون الحسان لتنبيه األنام إلى فضل االجتماع على الطعام‬
‫األدلة الزكية في بيان أقوال الجفري الشركية‬
‫حشد األدلة على أن اختالط النساء بالرجال وتجنيدهن من الفتن المضلة‬
‫فتح الوهاب في شرح حديث أنس في البصاق إلى القبلة وفيه حكم البصاق إلى‬
‫القبلة وحكم المحراب‬
‫كشف الوعثاء بزجر الخبثاء الداعين إلى مساواة الرجال بالنساء وإلغاء فوارق األنثى‬
‫الطبقات لما حصل بعد موت شيخنا اإلمام الوادعي رحمه في الدعوة السلفية من‬
‫الحاالت‪.‬‬
‫إنجازات ومواقف‪:‬‬
‫كان للشيخ موقف حازم لمن أراد إسقاط مركز دار الحديث بدماج بعد وفاة‬
‫مؤسسها الشيخ مقبل بن هادي الوادعي‬
‫عندما قامت فتنة الرافضة الحوثيين في شمال اليمن وهجموا على بلدة دماج أعلن‬
‫الشيخ الجهاد عليهم‪ ،‬وحصلت مواجهات بين الجانبين إال أن الغلبة كانت لطلبة‬
‫الشيخ في أكثرها‬

‫‪‬‬
‫‪00‬‬ ‫الوسائل الخفية‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪01‬‬

‫الحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول اهلل‪ ،‬أما بعد‪:‬‬

‫فهذه عدة نقاط دارت في خلدي‪ ،‬مما يتعلق بالوسائل الخفية‪،‬‬


‫لضرب الدعوة السلفية‪ ،‬ورأيت أن بيان ذلك من المهمات‪ ،‬فما‬
‫كل إنسان يفهم هذا ويعرفه‪ ،‬وبيان هذا من التعاون على البر‬
‫والتقوى‪ ،‬ومن باب‬

‫ومن لم يعرف الشر من‬ ‫عرفت الشر ال للشر لكن لتوقيه‬


‫الخير يقع فيه‬

‫وهذا البيت الشعري مبني على حديث ح َذيْـ َفةَ بْن الْيم ِ‬
‫ان رضي‬ ‫َ ََ‬ ‫ُ‬
‫اهلل عنه عند البخاري رقم‪ )6343( :‬ومسلم رقم‪)5401( :‬‬
‫ول اللَّ ِه صلى اهلل عليه وسلم َع ْن‬ ‫َّاس يَ ْسأَلُو َن َر ُس َ‬ ‫قال‪َ :‬كا َن الن ُ‬
‫ْت‪ :‬يَا‬‫الش ِّر؛ َم َخافَةَ أَ ْن يُ ْد ِرَكنِي‪ ،‬فَـ ُقل ُ‬
‫َسأَلُهُ َع ْن َّ‬ ‫تأْ‬ ‫ْخ ْي ِر‪َ ،‬وُك ْن ُ‬
‫ال َ‬
‫اءنَا اللَّهُ بِ َه َذا ال َ‬ ‫ِِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫رس َ ِ‬
‫ْخ ْي ِر‪ ،‬فَـ َه ْل‬ ‫ول اللَّه إِنَّا ُكنَّا في َجاهليَّة َو َش ٍّر‪ ،‬فَ َج َ‬ ‫َُ‬
‫ك َّ‬
‫الش ِّر‬ ‫ْت‪َ :‬و َه ْل بَـ ْع َد ذَلِ َ‬
‫ال‪« :‬نَـ َع ْم» قُـل ُ‬ ‫بَـ ْع َد َه َذا الْ َخ ْي ِر ِم ْن َش ٍّر؟ قَ َ‬
‫ال‪« :‬قَـ ْوم‬ ‫ْت‪َ :‬وَما َد َخنُهُ؟ قَ َ‬ ‫ال‪« :‬نَـ َع ْم َوفِ ِيه َد َخن» قُـل ُ‬ ‫ِم ْن َخ ْي ٍر؟ قَ َ‬
‫ك‬ ‫ف ِم ْنـ ُه ْم َوتُـ ْن ِك ُر» قُـل ُ‬
‫ْت‪ :‬فَـ َه ْل بَـ ْع َد ذَلِ َ‬ ‫يَـ ْه ُدو َن بِغَْي ِر َه ْديِي‪ ،‬تَـ ْع ِر ُ‬
‫َجابَـ ُه ْم‬
‫َّم َم ْن أ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪« :‬نَـ َع ْم‪ُ ،‬د َعاة إلَى أَبْـ َواب َج َهن َ‬ ‫ْخ ْي ِر ِم ْن َش ٍّر؟ قَ َ‬
‫ال َ‬

‫‪‬‬
‫‪01‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫ال‪ُ « :‬ه ْم‬ ‫ص ْف ُه ْم لَنَا‪ ،‬فَـ َق َ‬‫ول اللَّ ِه ِ‬ ‫ْت‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫إِلَْيـ َها قَ َذفُوهُ فِ َيها» قُـل ُ‬
‫ْت‪ :‬فَ َما تَأ ُْم ُرنِي إِ ْن أَ ْد َرَكنِي‬
‫ْسنَتِنَا» قُـل ُ‬ ‫ِمن ِج ْل َدتِنَا‪ ،‬ويـتَ َكلَّمو َن بِأَل ِ‬
‫ََ ُ‬ ‫ْ‬
‫ْت‪ :‬فَِإ ْن لَ ْم‬‫ين َوإِ َم َام ُه ْم» قُـل ُ‬ ‫ِِ‬ ‫َذلِ َ‬
‫اعةَ ال ُْم ْسلم َ‬ ‫ال‪« :‬تَـل َْزُم َج َم َ‬ ‫ك؟ قَ َ‬
‫ْك ال ِْف َر َق ُكلَّ َها‪َ ،‬ولَ ْو‬‫ال‪« :‬فَا ْعتَ ِز ْل تِل َ‬ ‫اعة َوَال إِ َمام؟ قَ َ‬ ‫يَ ُك ْن لَ ُه ْم َج َم َ‬
‫ك»‪.‬‬ ‫ت َعلَى ذَلِ َ‬ ‫ت َوأَنْ َ‬ ‫ك ال َْم ْو ُ‬ ‫َص ِل َش َج َرةٍ َحتَّى يُ ْد ِرَك َ‬ ‫ض بِأ ْ‬ ‫أَ ْن تَـ َع َّ‬
‫ومن تلك الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية‪،‬‬
‫‪ -5‬التحريش‪:‬‬
‫الذي يقوم به أضداد الدعوة السلفية بين َح َملة الدعوة السلفية‪،‬‬
‫علماء‪ ،‬ودعاة‪ ،‬فينشرون في أوساطهم التحريش‪ ،‬وليس هذا‬
‫بجديد‪ ،‬وإنما هو قديم من زمن اإلمام البخاري وشيخه محمد بن‬
‫يحيى الذهلي‪ ،‬ومن زمن اإلمام مالك وابن إسحاق‪ ،‬ومن زمن‬
‫عباس بن عبد العظيم‪ ،‬وعبد الرزاق وأئمة متقدمين‪ ،‬وهذا جهد‬
‫الشيطان‪.‬‬
‫روى اإلمام مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد اهلل رضي‬
‫اهلل عنه‪ :‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪» :‬إن الشيطان أيس‬
‫أن يعبده المصلون في جزيرة العرب‪ ،‬ولكن بالتحريش«‪ ،‬أي هو‬
‫سائر في التحريش‪ ،‬عامل في التحريش‪ ،‬جاهد في التحريش‪ ،‬ال‬
‫يفتأ من التحريش حتى يحرش بين األخ وأخيه‪ ،‬واألب وابنه‪،‬‬
‫ينصب عرشه على البحر‪ ،‬ويبث جنوده للتحريش بين الناس‪،‬‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪01‬‬

‫ويأتي من يخبر بأنه حرش بين فالن وفالن‪ ،‬فال يحبذ ما صنع‬
‫حتى يأتي من يقول‪ :‬ال أزال بفالن وفالن حتى فارق امرأته‪،‬‬
‫أنت ويُـت ِو ُجه‪.‬‬
‫فيقول‪ :‬نعم َ‬
‫ومن سعى في ذلك يعتبر من جنود الشيطان في هذا‪ ،‬سواء حرش‬
‫بين األخ وأخيه‪ ،‬أو بين المرأة وزوجها‪ ،‬أو بين الجار وجاره‪ ،‬من‬
‫المسلمين‪ ،‬كل ذلك من عمل الشيطان‪ ،‬وقد قال النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪» :‬من خبب امرأة على زوجها ‪ ،‬أو مملوكاً على سيده‬
‫فليس منا«‪ ،‬ومعنى خببها أي‪ :‬أفسدها وجعلها تبغضه‪ ،‬وجعل‬
‫المملوك يبغض سيده‪ ،‬ويتمرد على سيده‪ ،‬فيعينه على اإلباق‪،‬‬
‫ويعين المرأة على العقوق والشقاق على زوجها‪ ،‬الذي هو‬
‫العشير‪ ،‬وأقرب جار لها‪ ،‬بل إن جعل اهلل المودة يكون من أحب‬
‫الناس إليها‪.‬‬
‫فهذا أمر ملحوظ عند العقالء‪ ،‬أنه ال يمكن أن يهدأ أعداء‬
‫الدعوة السلفية عن هذا الجانب‪ ،‬واهلل لو استطاعوا أن يفرقوا بين‬
‫المرء وزوجه لما تحاشوا ذلك ولما اتقوا‪ ،‬إذا كانت داعية إلى‬
‫اهلل‪ ،‬مستقيمة على كتاب اهلل‪ ،‬وسنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم ‪،‬‬
‫وهو على ذلك‪ ،‬فإنهم يتضررون أن يُبذل هذا الجهد بين أوساط‬
‫الرجال والنساء‪ ،‬ويتعاون هو وزوجه على نشر هذا الخير‪،‬‬
‫فيبذلون وسعهم جاهدين في إضعاف هذه القوى الخيرية من‬

‫‪‬‬
‫‪05‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫امرأة وزوجها‪.‬‬
‫‪ -2‬الوسيلة الثانية‪:‬‬
‫من الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية‪ ،‬التلفيقات والبتر‬
‫والكذب عليهم‪ ،‬وما صنيع أولئك الفقهاء بأبي إسماعيل الهروي‬
‫عنكم ببعيد؛ حقدوا عليه‪ ،‬فعمدوا إلى لعبة أطفال‪ ،‬على صورة‬
‫صنم‪ ،‬وأرادوا أن يزوروا الوالي فمروا على أبي إسماعيل‪ ،‬ولما‬
‫جلسوا إلى أبي إسماعيل قالوا‪ :‬أردنا أن نمر على الوالي‪ ،‬فرأينا‬
‫أن حقك أولى‪ ،‬نزورك أوالً ثم نمر عليه‪.‬‬
‫فجلسوا معه ووضعوا تلك اللعبة تحت فراشه وانصرفوا‪ ،‬ثم أتوا‬
‫الوالي وقالوا‪ :‬إن أبا إسماعيل يعبد صنماً‪ ،‬فغضب الوالي‪ ،‬ما‬
‫يرضى في رعيته أن يحصل فيهم هذا المنكر العظيم‪ ،‬مهما‬
‫حصل عند أولئك من المعاصي‪ ،‬ومن بعض من كان يسمع‬
‫الغناء‪ ،‬وبعضهم كان عنده بعض البدع‪ ،‬لكنهم يغارون على‬
‫الدين‪ ،‬ويقيمون الشعائر‪ ،‬ويأمرون بالمعروف‪ ،‬وينهون عن المنكر‬
‫في الجملة‪.‬‬
‫معلوما‬
‫ومن ذلك القيام بالجهاد وغير ذلك‪ ،‬وبُغض الكفار‪ ،‬كان ً‬
‫عندهم‪ ،‬فلما سمع بهذا أرسل إلى أبي إسماعيل من يتأكد من‬
‫هذا الخبر‪ ،‬وجاء ذلك المرسول ونظر تحت الفراش‪ ،‬ثم أخذه‬
‫معه وقال‪ :‬الوالي يدعوك‪ ،‬فأتى إليه‪ ،‬وقد أعطاه المرسول تلك‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪06‬‬

‫اللعبة‪ ،‬فلما جلس رفع الوالي تلك اللعبة وقال‪ :‬ما هذا يا أبا‬
‫إسماعيل؟ قال‪ :‬هذه لعبة لألطفال‪ ،‬قال له‪ :‬ما هذا؟ وغضب‬
‫عليه‪ ،‬إنهم يقولون‪ :‬إنك تعبد صنماً‪ ،‬فلما رأى أبو إسماعيل أن‬
‫ك َه َذا‬
‫﴿س ْب َحانَ َ‬
‫هت‪ ،‬وأنه قد ظلم‪ ،‬قال‪ُ :‬‬
‫األمر جد‪ ،‬وأنه قد بُ ْ‬
‫بُـ ْهتَان َع ِظيم﴾[النور‪ ،]53:‬ورفع بها صوته‪ ،‬وكان جهورياً‪ ،‬وهي‬
‫كلمة مظلوم‪ ،‬فوقعت في قلب الوالي‪ ،‬فعلم أنه مكذوب عليه‪،‬‬
‫وأن هذا من التلفيقات عليه‪ ،‬فال يزال بأولئك الكذابين حتى‬
‫اعترفوا‪ ،‬قال‪ :‬ما حملكم على ذلك؟ قالوا‪ :‬حملنا على ذلك‬
‫شهرته بين الناس‪ ،‬أي‪ :‬حسدوه‪ ،‬حتى أرادوا أن يهونوا من شأنه‪،‬‬
‫عند الوالي على أقل ما يمكن‪ ،‬إن لم يقتله‪ ،‬أو إن لم يسجنه‪،‬‬
‫ويستحريحون منه‪ ،‬فزاده اهلل بذلك عزاً‪ ،‬عند الوالي وغيره‪.‬‬
‫وأمر شيخ اإلسالم ابن تيمية الذي نقله ابن بطوطة في «رحلته»‬
‫هو من هذا الباب من التلفيقات التي تستخدم ضد الدعوة‬
‫السلفية‪ ،‬شيخ اإلسالم من تعرفون‪ ،‬زهداً‪ ،‬وورعاً‪ ،‬وعلماً‪ ،‬وصدعاً‬
‫بالحق‪ ،‬وجهاداً في اهلل‪ ،‬بقدر ما يستطيع‪ ،‬نحسبه كذلك واهلل‬
‫حسبيه‪.‬‬
‫وبعد هذا كله حسده أهل زمنه من المتفقه‪ ،‬واقرأ في مقدمة كتابه‬
‫«الواسطية»‪ ،‬من كتاب «المجموع في الفتاوى لشيخ اإلسالم»‪،‬‬
‫ترى ما صنعوا له من أجل تأليف «الواسطية»‪ ،‬فيها قال اهلل‪ ،‬قال‬

‫‪‬‬
‫‪07‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫رسوله‪« ،‬الواسطية» فيها كالم مثل العسل‪ ،‬ليس فيها إال آية‬
‫وحديث‪ ،‬وبعض اآلثار‪ ،‬عن السلف رضوان اهلل عليهم‪ ،‬ومع ذلك‬
‫اعتبروا هذا جناية على الدين‪ ،‬وال يزالون يوشون به إلى الواله‪،‬‬
‫وينصره اهلل عليهم‪ ،‬ويبهت أولئك الذين أرادوا قتل الحق‪ ،‬ومن‬
‫البهت له‪ ،‬ما صنع ابن بطوطة‪ ،‬إذ قال في «رحتله» تلك أنه‬
‫ألتقى بشيخ اإلسالم‪ ،‬وسمع له خطبة في مسجد دمشق‪ ،‬وفي‬
‫أثناء تلك الخطبة نزل شيخ اإلسالم من على المنبر وقال‪( :‬إن‬
‫اهلل ينزل عن السماء كما أنزل عن منبري هذا)‪ ،‬سبحان اهلل هذا‬
‫تشبيه ُمزري‪ ،‬وحا َشا شيخ اإلسالم من هذا القول‪ ،‬وإنما هو‬
‫الكذب الصراح على شيخ اإلسالم‪ ،‬وجاءوا بالتاريخ الذي ذكره‬
‫ابن بطوطة أثناء لقياه لشيخ اإلسالم آنذاك‪ ،‬وأن المتيقن أن شيخ‬
‫اإلسالم كان في بطن السجن‪ ،‬ولم يكن خطيبًا في مسجد‬
‫دمشق‪ ،‬ففضح ابن بطوطة في هذه الكذبة بالتاريخ‪.‬‬
‫اإلمام محمد بن عبد الوهاب النجدي رحمة اهلل عليه‪ ،‬ال يزال‬
‫يكيد له الصوفية وأمثالهم‪ ،‬وأنا أطلب َمن أحب أن يتأكد من‬
‫ذلك‪ ،‬فليقرأ المجلد األول من «رسائله»‪ ،‬ويعلم ما كان يُشيعون‬
‫عنه؛ وأنه سفاك للدماء‪ ،‬وأنه مكفر للمسلمين األبرياء‪ ،‬وأنه‬
‫كذب به علينا‬
‫ُم َج ِّسم حسب قولهم‪ ،‬وهو يقول‪ :‬هذا كالم يُ ُ‬
‫ليجتال به الناس‪ ،‬وليصدوا به عن الحق والسنة‪.‬‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪08‬‬

‫هذا من باب التنبيه في هذه المسألة‪ ،‬وهو عبارة عن رؤوس أقالم‬


‫وعدوا‪ ،‬ولنا‬
‫عن ذلك األمر‪ ،‬الذي يُكاد به أهل السنة‪ ،‬بغيًا ً‬
‫بحمد هلل شريط بعنوان‪« :‬تلفيقات الماكرين على حملة هذا‬
‫الدين» عسى أن ينشر في رسالة‪ ،‬بعد النظر فيه وإضافة ما‬
‫يحتاج إليه‪.‬‬
‫وال يستبعد أن يُؤتى بصورة امرأة صالحة وهي عريانة‪ ،‬وال يستبعد‬
‫أن يؤتى بصورة رجل صالح وهو يزني‪ ،‬يقاربون بينه بجانب امرأة‪،‬‬
‫بطريقة األجهزة الحديثة‪.‬‬
‫وكذلك يفعلون من المكر والخديعة والخيانة‪ ،‬التي يفعلونها عن‬
‫طريق الكمبيوترات‪ ،‬وعن طريق الجواالت‪ ،‬وما إلى ذلك من‬
‫أنواع األجهزة‪.‬‬
‫يمكن أن يأخذ لك كلمة من قبل عشر سنين‪ ،‬ثم يلفقها بكلمة‬
‫في هذا الوقت‪ ،‬ويلفق كلمة أنك قلت‪ :‬فرعون كافر‪ ،‬فيأتي بها‬
‫إلى رجل من المسلمين‪ ،‬ويطرح عليه كلمة كافر‪ ،‬وهكذا ما‬
‫صنعه هؤالء الحزبيون‪ ،‬أصحاب أبي الحسن المصري‪،‬‬
‫المعروفون عندنا بأصحاب براءة الذمة في قولهم‪ :‬إننا قلنا‪ :‬إن‬
‫أصحاب أبي الحسن يعتبرون لوطة‪ ،‬تاهلل لو قلت هذا في فرعون‪،‬‬
‫وفي أبي لهب‪ ،‬وأبي جهل؛ لكان ظلماً‪ ،‬وكذباً‪ ،‬ألن هؤالء كفرة‪،‬‬
‫وليسوا بلوطة‪ ،‬فكيف بمن يقول هذا في إنسان مسلم‪ ،‬والنبي‬

‫‪‬‬
‫‪09‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫عليه الصالة والسالم يقول‪» :‬من قال في مسلم ما ليس فيه‬


‫أسكنه اهلل ردغة الخبال«‪ ،‬فنحن نبرأ إلى اهلل من هذا الكذب‪،‬‬
‫ولنا أن نقول‪ :‬على الكذاب لعنة اهلل‪ ،‬وعلى من قال هذا الكالم‬
‫لعنة اهلل‪ ،‬إن هذا من الكذب‪ ،‬ليجتالوا به الناس‪ ،‬نحن واهلل ما‬
‫اء‬
‫ب ُج َف ً‬
‫الزبَ ُد فَـيَ ْذ َه ُ‬
‫نبالي‪ ،‬بهذه األكاذيب‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬فَأ ََّما َّ‬
‫ض ﴾[الرعد‪.]51:‬‬ ‫ث فِي ْاأل َْر ِ‬
‫َّاس فَـيَ ْم ُك ُ‬
‫َوأ ََّما َما يَـ ْنـ َف ُع الن َ‬
‫لكن حرام عليهم أن يصدوا الناس عن السنة‪ ،‬وعن طلب العلم‪،‬‬
‫بهذه األكاذيب‪ ،‬كل حين يختلقون لهم كذبة؛ يهوشون بها على‬
‫الجهال‪ ،‬فليستحيوا على أنفسهم‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ ﴿ :‬إِنَّ َما يَـ ْفتَ ِري‬
‫اذبُو َن ﴾‬ ‫ك ُهم الْ َك ِ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ ِ‬ ‫الْ َك ِذ َّ ِ‬
‫ين ال يُـ ْؤمنُو َن بآيات الله َوأُولَئ َ ُ‬
‫ب الذ َ‬ ‫َ‬
‫[النحل‪.]541:‬‬
‫هذه المقوالت يكذبون بها ويرجونها على الناس ليصدوهم؛ عن‬
‫طلب العلم‪ ،‬وطب العلم الشرعي‪ :‬سبيل اهلل‪ ،‬واهلل سبحانه وتعالى‬
‫يل اللَّ ِه َولَ ُك ْم َع َذاب‬ ‫ص َد ْدتُ ْم َع ْن َسبِ ِ‬ ‫وء بِ َما َ‬ ‫الس َ‬‫يقول‪َ ﴿ :‬وتَ ُذوقُوا ُّ‬
‫َع ِظيم ﴾[النحل‪ ،]40:‬أال فليتقوا اهلل‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬يَا أَيُّـ َها‬
‫صلِ ْح لَ ُك ْم أَ ْع َمالَ ُك ْم‬
‫آمنُوا اتَّـ ُقوا اللَّهَ َوقُولُوا قَـ ْوالً َس ِديداً * يُ ْ‬ ‫ين َ‬ ‫الذ َ‬
‫َّ ِ‬
‫از فَـ ْوزاً َع ِظيماً‬ ‫َويَـغْ ِف ْر لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم َوَم ْن يُ ِط ِع اللَّهَ َوَر ُسولَهُ فَـ َق ْد فَ َ‬
‫﴾[األحزاب‪.]15:‬‬
‫صالح األعمال‪ ،‬وغُفران الذنوب‪ ،‬بالقول السديد‪،‬‬ ‫اهلل َعلَّ َق َ‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪11‬‬

‫وبطاعة اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬ال بالكذب والتلفيقات‪ ،‬وإذا ظهرت‬


‫الكذبة عند من ُكذب عليه‪ ،‬يصير من أشد الناس بغضاً للمبلس‬
‫عليه؛ ألنه غشه‪ ،‬وقد قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪» :‬من‬
‫غشنا فليس منا«‪ ،‬أخرجه مسلم‪ ،‬وألنه أبعده عن الهدى‪ ،‬وعن‬
‫السنة تحت ستار األكاذيب‪ ،‬نبرأ إلى اهلل مما خالف الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬ومن كل قول باطل‪ ،‬هذا واهلل كذب علينا‪ ،‬عامل اهلل من‬
‫قال ذلك الكذب علينا بما يستحق‪.‬‬
‫ومن التلفيقات التي تعلمونها على شيخنا رحمه اهلل‪ ،‬كانوا يلفقون‬
‫عليه‪ :‬أنه ال يجيز للمرأة حلب البقرة‪ ،‬ويقول‪ :‬ضرع البقرة هذا‬
‫شبيه بالذكر‪ ،‬فليبتعد النساء عن حلب البقرة‪ ،‬وأنه ال يجيز شراء‬
‫الخيار‪ ،‬وال الموز‪ ،‬وال إدخاله في البيوت‪ ،‬ومن جاء إليه يطلب‬
‫العلم يأمره بتطليق امرأته ألن عقده باطل‪ ،‬وأنه ألف رسالة‬
‫سماها‪( :‬الصواعق في تحريم األكل بالشوك والمالعق)‪ ،‬وال نزال‬
‫نسمع هذه الديدنات إلى آونتنا هذه‪ ،‬وإنما فتروا عن ذلك لما‬
‫مات الشيخ رحمة اهلل عليه‪ ،‬حولوا المقاالت واألكاذيب‪،‬‬
‫والبرنامج نفسه علينا‪ ،‬وذهبوا يتظاهرون بالترحم والتأسف على‬
‫الشيخ رحمه اهلل‪ ،‬وتاهلل لم يكونوا راضين عنه من قبل‪ ،‬وال عن‬
‫دعوته من بعد‪ ،‬وإنما هي السياسات الحزبية‪.‬‬
‫‪ -6‬الوسيلة الثالثة‪:‬‬

‫‪‬‬
‫‪10‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫من الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية‪ ،‬التصنع والتزلف‪،‬‬


‫عند علماء السنة‪ ،‬ليتسنى للحزبيين نشر ما يريدون‪ ،‬فإنهم إذا‬
‫أرادوا نشر فكرهم ومبدئهم دون أن يقربوا من أهل السنة‪ ،‬الناس‬
‫ليس لهم ثقة في الحزبيين‪ ،‬انتزعت ثقة الناس عن فتاوى‬
‫الحزبيين‪ ،‬وانتزعت ثقة الناس عن منهج الحزبيين‪ ،‬فعملوا اآلن‬
‫مكراً جديداً‪ ،‬وهو‪ :‬القرب من علماء السنة‪ ،‬والمكث عند‬
‫أقدامهم‪ ،‬واستعمال األخالق المزيفة‪ ،‬التي هي عبارة عن‬
‫اجتذاب وامتصاص غضب ذلك العالم عليهم‪.‬‬
‫وهكذا يعمدون إلى بعض كتب السنة‪ ،‬فيأتونك بكالم في‬
‫الحقيقة منشور في بطون كتب السنة‪ ،‬فيجمع له فيه رسالة‪ ،‬ثم‬
‫يقدمها إلى ذلك العالم‪ ،‬فضيلة الشيخ‪ ،‬من فضلك قدم لي‪،‬‬
‫ويقدم له ذلك وأشاد به‪ ،‬وبهذا يكون قد صار ثقة عند دهماء‬
‫الناس‪ ،‬ويستطيع أن ينشر أباطيله بين أوساط العوام من تحزب‪،‬‬
‫ومن غش‪ ،‬تحت ستار أنه طالب عند العالم الفالني‪ ،‬أو أنه قدم‬
‫له العالم الفالني‪ ،‬واهلل ما ينفعك؛ عند اهلل‪ ،‬وعند الحاذقين من‬
‫خلقه‪ ،‬فإن واصل بن عطاء الغزال‪ ،‬وبعده عمرو بن عبيد وجملة‬
‫من هؤالء‪ ،‬كانوا من تالميذ ذلك اإلمام النحرير الحسن البصري‪،‬‬
‫بل إن ذو الخوصيرة عبارة أنه واحد من أصحاب النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم آنذاك‪ ،‬ممن رآه منهم من يقول منافق‪ ،‬ومنهم من‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪11‬‬

‫يقول غير ذلك‪ ،‬بل إن ابن سلول في زمن النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم وقد سمع من النبي صلى اهلل عليه وسلم وغزى معه‪،‬‬
‫وحضر معه‪ ،‬وصلى خلفه‪ ،‬وعمران بن ِحطَّان الذي صار من‬
‫الخوارج يعتبر واحد ممن عايش كبار الصحابة‪ ،‬فهل هذا‬
‫نفعهم؟‪ ،‬لما انحرفوا عن دين اهلل الحق‪ ،‬وبدأوا يقررون مناهج‬
‫منهجا خارجيًا‪ ،‬أو كان المنهج القدري‬
‫المبطلين‪ ،‬سواء كان ً‬
‫المتعزلي‪ ،‬أو ما إلى ذلك من المحاربة للسنة‪ ،‬ما نفعهم ذلك‪،‬‬
‫ولكن نحن في زمن التبس به الحابل بالنابل‪ ،‬فقد يحصل من‬
‫صاحب الباطل إذا تمسح بصاحب الحق؛ أن يغرر بعوام الناس‬
‫وأشباههم‪ ،‬على حساب ذلك التمسح‪.‬‬
‫أال فإني ناصح لمن يبلغه هذا الكالم من علماء السنة ومشايخها‬
‫ودعاتها‪ ،‬أن أال يفرحوا‪ ،‬وال يتكثروا بقرب من رأوا منه الرغبة‬
‫والرضى بأفكار الحزبيين‪ ،‬إما بأفكار سيد قطب‪ ،‬وإما بأفكار‬
‫حسن البناء‪ ،‬وإما بغير ذلك من األفكار‪ ،‬واهلل لقرب السلفي‬
‫الذي يرجى خيره‪ ،‬ويؤمن شره‪ ،‬كما في الحديث‪» :‬خيركم من‬
‫يرجى خيره‪ ،‬ويؤمن شره«‪ ،‬أجل وأفضل‪ ،‬وأحق من أن يقرب هذا‬
‫اللماعة‪ ،‬وتقديم النعال‪ ،‬وفتح باب‬
‫الذي تجد منه تلك الكلمات َّ‬
‫السيارة‪ ،‬ويقول‪ :‬قال شيخنا‪ ،‬قال شيخنا‪ ،‬وهو على منهج‬
‫منحرف‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪11‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫فهذه نصيحة واهلل رأينا أثر هذا على الدعوة السلفية سلبيًا‪ ،‬رأينا‬
‫أثر هذا على الدعوة السلفية‪ ،‬يا علماء السلفية‪ :‬إن الحزبيين إن‬
‫قربوا منكم هو لَِقصد الطعن في منهجكم‪ ،‬وفي َح َملَة دعوتكم‪،‬‬
‫وفي أنصار السنة التي أنتم تشيدون بها‪ ،‬وتدعون إليها‪ ،‬فهم‬
‫يمكرون عن طريق التزلف أو التمسح‪ ،‬أو التصنع أو التقديمات‪،‬‬
‫ولو كانوا صادقين ناصحين‪ ،‬لتابوا عن فكرهم المنحرف‪ ،‬هذا أمر‬
‫مهم‪ ،‬وإن قصرت العبارة‪ ،‬فقد وفت اإلشارة‪ ،‬والحمد هلل‪.‬‬
‫‪ -0‬الوسيلة الرابعة‪:‬‬
‫من الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية‪ :‬محاولة جعل تكافؤ‬
‫في الدعوات‪ ،‬توجد دعوات صوفية‪ ،‬ودعوات حزبية‪ ،‬ودعوات‬
‫شيعية‪ ،‬ودعوات حق‪ ،‬ودعوات باطل‪ ،‬فيأتي بعض الناس‬
‫فيحاولون جعل تكافؤ مذهبي‪ ،‬وقد صرح بهذا بعض المسئولين‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬نحن ما نريد أن يكون سلفي فوق‪ ،‬وصوفي تحت‪ ،‬سلفي‬
‫فوق‪ ،‬وحزبي تحت‪ ،‬ولكن يريدون أن يضربوا هذا بهذا‪ ،‬حتى‬
‫تنفذ لهم مآربهم‪ ،‬ومن قال قوالً من السلفيين‪ ،‬يقال‪ :‬قد خالفك‬
‫العالم الفالني‪ ،‬يأتون له بصوفي‪ ،‬أو يأتون له بشيعي‪ ،‬أو يأتون له‬
‫بحزبي‪ ،‬فيقولون للمجتمع‪ :‬هذا عالم‪ ،‬وهذا عالم‪ ،‬أنت تقول‬
‫اإلنتخابات غير جائزة‪ ،‬وغيرك قال‪ :‬اإلنتخابات جائزة‪ ،‬أنت‬
‫تقول‪ :‬الديمقراطية ُكفر‪ ،‬وغيرك مثل الصوفي المشرك مرعي‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪11‬‬

‫صاحب الحديدة‪ ،‬ومن حوله يقولون‪ :‬الديمقراطية نعمة‪ ،‬أنت‬


‫تقول‪ :‬اإلختالط محرم‪ ،‬وغيرك يقول‪ :‬هو ضرورة‪ ،‬أنت تقول‪:‬‬
‫الربا حرام‪ ،‬وغيرك يقول‪ :‬اقتصاد البالد‪ ،‬ويجعلون الحق عبارة‬
‫عن صوت من تلك األصوات‪.‬‬
‫وهذا في الحقيقة تزهيد في الحق‪ ،‬وإعراض عنه‪ ،‬نسأل اهلل‬
‫السالمة والعافية‪ ،‬العبرة بالحق‪ ،‬وليست العبرة بقول فالن أو‬
‫عالن‪.‬‬
‫وأيضاً يحاولون محاولة أخرى‪ :‬أن يجعلوا في الدعوة نفسها‪ ،‬من‬
‫يعمل تكافئاً حتى يكونوا عبارة عن آراء متضاربة‪ ،‬منهجهم واحد‪،‬‬
‫وآرؤهم شتى؛ عبد اهلل له رأي‪ ،‬وزيد له رأي‪ ،‬وعمرو له رأي‪ ،‬وكل‬
‫واحد يريد أن ينفذ رأيه‪ ،‬فمن هنا يحصل الشتات‪ ،‬وتضارب‬
‫اآلراء‪ ،‬ويحصل ما يريده أعداء الدعوة السلفية؛ من الوقيعة منها‪،‬‬
‫بالشحناء واإلحتكاكات‪ ،‬وكل يقف ضد اآلخر‪ ،‬ويحاولون نزع‬
‫الثقة فيمن يرونه موثوقًا عندهم‪ ،‬وأن يكون الكل عبارة عن‬
‫فوضى‪ ،‬ليس لهم دعوة منضبطة على شخص وكم قيل‪:‬‬
‫وال سراة إذا جهالهم سادوا‬ ‫اليصلح الناس فوضى ال سراة لها‬
‫ولكن هذه المحاولة كلها فاشلة‪ ،‬بإذن اهلل عز وجل‪ ،‬وله الحمد‬
‫والمنة‪ ،‬فإن اهلل عز وجل يقول‪ ﴿ :‬لِلَّ ِه ْاأل َْم ُر ِم ْن قَـ ْب ُل َوِم ْن بَـ ْع ُد ﴾‬
‫[الروم‪ ،]0:‬والنبي صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ :‬البن عباس‪:‬‬

‫‪‬‬
‫‪15‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫وك بِ َش ْي ٍء‪ ،‬لَ ْم يَـ ْنـ َفعُ َ‬


‫وك‬ ‫ت َعلَى أَ ْن يَـ ْنـ َفعُ َ‬ ‫اجتَ َم َع ْ‬
‫َن ْاأل َُّمةَ لَ ْو ْ‬‫« َوا ْعلَ ْم أ َّ‬
‫ش ْي ٍء‪،‬‬‫وك بِ َ‬ ‫اجتَ َمعُوا َعلَى أَ ْن يَ ُ‬
‫ض ُّر َ‬ ‫ك‪َ ،‬ولَ ْو ْ‬ ‫ش ْي ٍء قَ ْد َكتَبَهُ اللَّهُ لَ َ‬
‫إَِّال بِ َ‬
‫ت‬‫ت ْاألَق َْال ُم‪َ ،‬و َج َّف ْ‬ ‫ك‪ُ ،‬رفِ َع ْ‬‫ش ْي ٍء قَ ْد َكتَبَهُ اللَّهُ َعلَْي َ‬‫وك إَِّال بِ َ‬‫ض ُّر َ‬
‫لَ ْم يَ ُ‬
‫ف»‪ ،‬أخرجه الترمذي‪ ،‬وهو حديث صحيح‪ ،‬ولو كان األمر‬ ‫الص ُح ُ‬ ‫ُّ‬
‫كوال إلى الناس‪ ،‬لما قامت دعوة المرسلين عليهم الصالة‬ ‫مو ً‬
‫والسالم‪ ،‬وإنما ذكرنا ذلك؛ لمعرفة ما يحاك لهذه الدعوة‪ .‬واهلل‬
‫المستعان‪.‬‬
‫‪ -1‬الوسيلة الخامسة‪:‬‬
‫محاولة دخول الحزبيين في أوساط السلفيين‪ ،‬وفي معاقلهم‪،‬‬
‫وتفكيكهم‪ ،‬أال تالحظون حفظكم اهلل ما صنعوا في السعودية؟‪،‬‬
‫فإنهم لما رأوا دعوة التوحيد والسنة سائدة في تلك الدولة‪،‬‬
‫حاول الحزبيون من أصحاب أفكار حسن البنا‪ ،‬وسيد قطب‪ ،‬أن‬
‫يدخلوا في جامعاتهم‪ ،‬وأن يدخلوا في شئون دعوتهم باسمهم؛‬
‫حتى أنشأوا من يقوم بالدور‪ ،‬ولما حصل هذا القيام بالدور‪ ،‬من‬
‫أيادي قوية ممكنة‪ ،‬جعلوا يزحزحون السلفيين عن كثير من‬
‫األعمال الهامة‪ ،‬واحداً بعد واحد‪.‬‬
‫وتاهلل أن الحزبيين ليسوا هادئين عن دار الحديث بدماج‬
‫وفروعها‪ ،‬ولو استطاعوا أن يفعلوا ذلك‪ ،‬ألسرعوا إليه الهرولة‪ ،‬من‬
‫أجل أن يعملوا فيه نفس ذلك األسلوب‪ ،‬حتى يصير هذا يميع‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪16‬‬

‫هذا‪ ،‬وهذا إذا تكلم قام ضده فالن‪ ،‬ولكن وهلل الحمد‪ :‬من‬
‫حاول ذلك في مراكز السنة يبؤ بالفشل إن شاء اهلل‪ ،‬فقد وهبنا‬
‫ْح ِّق‬
‫أنفسنا للدعوة السلفية‪ ،‬وال نبغي بها بدالً‪ ﴿ ، ،‬فَ َما َذا بَـ ْع َد ال َ‬
‫ص َرفُو َن ﴾ [يونس‪.]62:‬‬ ‫إَِّال الض ُ‬
‫َّالل فَأَنَّى تُ ْ‬
‫قص ُدنا أن تصير هذه المراكز زكية نقية صافية‪ ،‬عن الخلط‬
‫ْ‬
‫والخبط‪ ،‬متميزة‪ ،‬على كتاب اهلل وسنة رسوله صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬ال يدخلها فكر تكفيري‪ ،‬وال تفجيري‪ ،‬وال صوفي‪ ،‬وال‬
‫شيعي‪ ،‬وال حزبي قطبي‪ ،‬وال جمعي‪ ،‬وال صاحب شبهات‬
‫وتلفيقات‪ ،‬وال غالي وحدادي‪ ،‬وإنما تبقى كما هي‪ ،‬لتعليم كتاب‬
‫اهلل‪ ،‬وسنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬وباهلل التوفيق‪.‬‬
‫واهلل يا أصحاب المراكز السلفية‪ ،‬إن دخول الحزبيين في أوساط‬
‫السلفيين‪ ،‬من أعظم التمييع لهم‪ ،‬ألم يقل اهلل سبحانه وتعالى عن‬
‫المشركين‪َ ﴿ :‬ودُّوا لَ ْو تُ ْد ِه ُن فَـيُ ْد ِهنُو َن ﴾[القلم‪،]4:‬‬
‫فقد ذكر َإم َاما التفسير ابن جرير الطبري‪ ،‬وابن كثير الدمشقي‬
‫وغيرهما حديث جابر بن عبداهلل رضي اهلل عنه قال‪ :‬اجتمعت‬
‫يوما فقالوا‪ :‬انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر‪،‬‬
‫قريش ً‬
‫فيأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا‪ ،‬وشتت أمرنا‪ ،‬وعاب‬
‫ديننا‪ ،‬فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما نعلم أح ًدا غير‬
‫عتبة بن ربيعة‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا أبا الوليد أنت‪ ،‬فأتاه عتبة فقال‪ :‬يا‬

‫‪‬‬
‫‪17‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫محمد أنت خير أم عبد اهلل؟ فسكت رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬فقال‪ :‬أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬فقال‪ :‬إن كنت تزعم أن هؤالء خير منك‬
‫فقد عبدوا اآللهة التي عبت‪ ،‬وإن كنت تزعم أنك خير منهم‬
‫فتكلم حتى نسمع قولك‪ ،‬إنا واهلل ما رأينا ِس َخلَةً قط أشأم على‬
‫قومك منك‪ ،‬فرقت جماعتنا‪ ،‬وشتت شملنا‪ ،‬وعبت ديننا‪،‬‬
‫ساحرا‪،‬‬
‫وفضحتنا في العرب‪ ،‬حتى لقد طار فيهم أن في قريش ً‬
‫وأن في قريش كاهنًا‪ ،‬واهلل ما ننتظر إال مثل صيحة الحبلى ويقوم‬
‫بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى‪ ،‬أيها الرجل إن كان إنما‬
‫بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجالً واح ًدا‪ ،‬وإن‬
‫كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك‬
‫عشرا‪ .‬فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪« :‬فرغت؟» قال‪:‬‬ ‫ً‬
‫يم حم * تَـ ْن ِزيل ِم َن َّ‬
‫الر ْح َم ِن‬ ‫الرِح ِ‬‫الر ْح َم ِن َّ‬‫نعم‪ ،‬فقال‪ ﴿« :‬بِ ْس ِم اللَّ ِه َّ‬
‫ٍ‬ ‫الرِح ِ‬
‫ت آيَاتُهُ قُـ ْرآناً َع َربِياً لَِق ْوم يَـ ْعلَ ُمو َن * بَ ِشيراً‬
‫صلَ ْ‬ ‫يم * كِتَاب فُ ِّ‬ ‫َّ‬
‫ض أَ ْكثَـ ُرُه ْم فَـ ُه ْم ال يَ ْس َمعُو َن﴾ إلى قوله تعالى‪﴿ :‬فَِإ ْن‬ ‫ِ‬
‫َونَذيراً فَأَ ْع َر َ‬
‫ود﴾»‬ ‫اع َق ِة َع ٍ‬ ‫اع َقةً ِمثْل ص ِ‬ ‫ضوا فَـ ُقل أَنْ َذرتُ ُكم ص ِ‬ ‫أَ ْع َر ُ‬
‫اد َوثَ ُم َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ْ ْ َ‬
‫[فصلت‪ .]56-5:‬فقال عتبة‪ :‬حسبك حسبك ما عندك غير‬
‫هذا؟ فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪« :‬ال»‪ ..‬الخ تلك‬
‫القصة‪.‬‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪18‬‬

‫وأخرجها أبو يعلى في «مسنده» وابن أبي شيبة في «مصنفه»‬


‫وعبد بن حميد في «مسنده» ولها طرق تصير بها حسنة السند‪،‬‬
‫كما أنها حسنة المتن‪.‬‬
‫فأئمتنا نصرهم اهلل بالحق؛ أبو إسماعيل الهروي يقول‪ :‬عرضت‬
‫على السيف كذا‪ ،‬وكذا مرة‪ ،‬ال يقال لي اترك دينك‪ ،‬ولكن يقال‬
‫لي‪ :‬أسكت عمن خالفك‪ ،‬فأقول‪ :‬ال‪.‬‬
‫فهذا من أعظم الوسائل‪ ،‬وهو محاولة دخول المبطلين في أوساط‬
‫السلفيين‪ ،‬والتغلغل فيهم‪ ،‬وكما يقال‪ :‬واحد مخرب يغلب مائة‬
‫جدارا‪ ،‬وواحد يهدمه تراه‬
‫مصلح؛ لو جاء مائة واحد يبنون ً‬
‫يسبقهم‪.‬‬
‫فلو ُو ِجد حزبي واحد في دار‪ ،‬ما تدري إال وقد قرقر في أذن‬
‫هذا‪ ،‬وفي هذا‪ ،‬وال تدري إال وعندك كتلة داخل الدار عصابة‪،‬‬
‫هذا مريض‪ ،‬وهذا مريض‪ ،..‬وكم تسعف‪ ،‬ونسأل اهلل العافية‪.‬‬
‫‪ -3‬الوسيلة السادسة‪:‬‬
‫زرع الجدل في أوساط السلفيين‪ ،‬بألفاظ مجملة‪ ،‬وقد ثبت من‬
‫حديث أبي أمامة رضي اهلل عنه‪ :‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫قال‪» :‬ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إال أوتوا الجدل«‪ ،‬ومن‬
‫أشد الناس جدالً وفراغاً هم الحزبيون أهل الباطل‪ ،‬ما عندهم ما‬
‫يشغلهم‪ ،‬حتى لما كانوا فارغين‪ ،‬شغلوا أصحابهم ومن يليهم بعلم‬

‫‪‬‬
‫‪19‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫ال ينفع‪ ،‬وال يستطيعون أن يعرفوا به كيف يصلون ‪ ،‬وكيف‬


‫يوحدون اهلل سبحانه وتعالى ويعبدونه‪ ،‬سموه‪( :‬اإلعجاز العلمي)‪،‬‬
‫وبذلوا له الماليين من أموال المتطوعين‪ ،‬وأنشأوا له المعاهد‪،‬‬
‫وأوجدوا له المدرسين‪ ،‬ويضيعون الناس‪ ،‬يقول قائلهم‪ :‬من‬
‫اإلعجاز العلمي أن فرعون مات بالغرق‪ ،‬لقد اكتشف اآلن أنه‬
‫أوتي بمختب ٍر طبي‪ ،‬فاختبروا تلك الجثة‪ ،‬فوجدوها أنها ماتت‬
‫بالغرق‪ ،‬ويأتون بأدلة‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬سنُ ِري ِهم آياتِنَا فِي ْاآلفَ ِ‬
‫اق‬ ‫َ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْح ُّق ﴾[فصلت‪.]16:‬‬ ‫َوفي أَنْـ ُفس ِه ْم َحتَّى يَـتَبَـيَّ َن لَ ُه ْم أَنَّهُ ال َ‬
‫وما تبين لكم الحق إال بذلك المختبر‪ ،‬أن فرعون مات بالغرق‪،‬‬
‫وفي القرآن عدة آيات أن اهلل أغرق فرعون‪ ،‬فتأتون له بهذه‬
‫الشواهد والمتابعات‪.‬‬
‫انظروا يا إخوان عدم القناعة بالحق‪ ،‬والتشكيك فيه عن طريق‬
‫اإلعجاز العلمي‪ ،‬وأن هذا هو التوحيد‪ ،‬فهذا زرع الجدل بين‬
‫أوساط الناس‪ ،‬فال تجد من يسمع بهذا إال وهو يقول‪ :‬أرأيت‬
‫هذا صحيح‪ ،‬أم ليس بصحيح؟‪ ،‬ويشغلون الناس بهذا الضياع‪،‬‬
‫فالجدل من وظائف هؤالء الفرغ‪.‬‬
‫ومما يصنعونه بين أهل السنة وغيرهم‪ ،‬مسائل ال خاضها‬
‫البخاري‪ ،‬وال مسلم‪ ،‬وال اإلمام أحمد‪ ،‬وال مالك‪ ،‬وال األوزاعي‪،‬‬
‫وال أئمة السنة‪ ،‬من السفيانين‪ ،‬والحمادين‪ ،‬وغير هؤالء‪ ،‬ما أحد‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪11‬‬

‫قال في ذلك‪ ،‬تارك جنس العمل مسلم أو كافر؟ هذا السؤال‬


‫محدث‪ ،‬لم يكن في كتاب وال سنة‪ ،‬وأيضاً هذه ألفاظ مجملة‪،‬‬
‫فرهُ بالدليل يقال‪ :‬كافر‪ ،‬أما هذه اإلجماالت فمحدثة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫من عُل َم ُك ُ‬
‫وقد تُ ْستغل ممن لم يفطن للتفصيل في ذلك‪.‬‬
‫ومن هذه المسائل الجدلية‪ ،‬التي يطرحونها في أوساط السلفيين‬
‫لشغلهم وتضيع أوقاتهم‪ ،‬قول بعضهم‪ :‬هل العمل شرط في صحة‬
‫اإليمان‪ ،‬أم في كمال اإليمان‪ ،‬وهذا أيضاً الذي عليه الدليل‪،‬‬
‫والذي عليه السنة‪ ،‬وبوب عليه البخاري‪ :‬أن األعمال داخلة في‬
‫مسمى اإليمان‪ ،‬ومن أدلة ذلك‪ ،‬قول اهلل تعالى‪َ ﴿ :‬وَما َكا َن اللَّهُ‬
‫ِ ِ‬
‫يمانَ ُك ْم ﴾[البقرة‪ ،]506:‬وفي »الصحيحين« من حديث‬ ‫يع إِ َ‬
‫ليُض َ‬
‫أبي هريرة أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪» :‬إن اإليمان بعض‬
‫وستون ُشعبة‪ ،‬أعالها ال إله إال اهلل‪ ،‬وأدناها إماطة األذى عن‬
‫ب األنصار من‬
‫الطريق‪ ،‬والحياء ُشعبة من اإليمان«‪ ،‬وحديث‪ُ » :‬ح ُّ‬
‫غضهم من النفاق»‪.‬‬
‫اإليمان‪ ،‬وبُ ُ‬
‫والحزبيين يأتون بألفاظ مجملة يشغلون بعض طلبة العلم‪،‬‬
‫فبعضهم كل ما وجد من قربعة لقطها‪ ،‬ويظن أنه حصل على علم‪،‬‬
‫ويريد أن يقررها على زميله‪.‬‬
‫وهذا إن شئت أعرضت عن ذلك‪ ،‬وهو أولى‪ ،‬وإن أردت أن‬
‫تفصل فتقول‪ :‬من العمل ما تركه كفر‪ ،‬ومن العمل ما تركه ليس‬

‫‪‬‬
‫‪10‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫بكفر‪ ،‬وإنما هو نقص في كمال اإليمان‪ ،‬من العمل ما حصوله‬


‫شرط صحة‪ ،‬وهو التوحيد‪ ،‬ال إله إال اهلل‪» ،‬قولوا ال إله إال اهلل‬
‫تفلحوا«‪ ،‬ويدخل اإلنسان في اإلسالم بال إله إال اهلل‪،‬‬
‫باإلخالص‪ ،‬وأما رد السالم‪ ،‬إكرام الضيف‪ُ ،‬حسن الجوار‪،‬‬
‫التعاون على البر والتقوى‪ ،‬هذا شرط كمال في اإليمان‪ ،‬وليس‬
‫شرط صحة‪.‬‬
‫قردا‪،‬‬‫وكم شغلوا الناس بنظرية داروين‪ ،‬وأن اإلنسان كان أصله ً‬
‫ض َوال‬ ‫ات َو ْاأل َْر ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫واهلل عز وجل يقول‪َ ﴿ :‬ما أَ ْش َه ْدتُـ ُه ْم َخل َ‬
‫ْق َّ َ َ‬
‫ْق أَنْـ ُف ِس ِه ْم ﴾ [الكهف‪.]15:‬‬ ‫َخل َ‬
‫وكم شغلوا الناس ببعض نظريات الكفار‪ :‬أن الشمس ثابتة‪،‬‬
‫س تَ ْج ِري لِ ُم ْستَـ َق ٍّر‬ ‫الش ْم ُ‬‫واألرض تدور‪ ،‬واهلل عز وجل يقول‪َ ﴿ :‬و َّ‬
‫يم ﴾ [يـس‪ ،]64:‬ويقول‪ ﴿ :‬إِ َّن اللَّهَ‬ ‫ك تَـ ْق ِد ُير ال َْع ِزي ِز ال َْعلِ ِ‬
‫لَ َها َذلِ َ‬
‫س َك ُه َما ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض أَ ْن تَـ ُزوال َولَئ ْن َزالَتَا إ ْن أ َْم َ‬ ‫ات َو ْاأل َْر َ‬ ‫السماو ِ‬
‫ك َّ َ َ‬ ‫يُ ْم ِس ُ‬
‫َح ٍد ِم ْن بَـ ْع ِدهِ ﴾ [فاطر‪ .]05:‬واألولى البُعد عن الجدل الفارغ‪،‬‬ ‫أَ‬
‫وطالب العلم بحاجة أن يُقبِل على ما ينفعه كما قال النبي صلى‬
‫ص على ما ينفعك واستَ ِعن باهلل وال‬ ‫اهلل عليه وسلم ‪» :‬اح ِر ْ‬
‫تَـ ْع َج َّزن«‪.‬‬

‫‪ -1‬الوسيلة السابعة‪:‬‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪11‬‬

‫تشويه صورة الدعوة‪ ،‬إما بتكفير‪ ،‬وإما بغلو في تبديع أو تفسيق‬


‫بغير حق‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬مما يحصل من الحدادية وأضرابهم‪،‬‬
‫فلهذا يستغله أعداء الدعوة السلفية؛ لتنفير الناس عنها‪ ،‬ويصير‬
‫هذا من أعظم الواسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية‪.‬‬
‫وليس ببعيد أن يدس أمثال هؤالء لمقاصد؛ فإنا نالحظ بعض من‬
‫يعيش في أحظان الكفار في بريطانيا‪ ،‬وغيرها من بالد الغرب‪،‬‬
‫ويقوم في وسطهم ببعض التفجيرات؛ التي يستفيد منها الكفار‬
‫في ضرب اإلسالم‪ ،‬واضطهاده أهله‪ ،‬واستغالل كثير من ثرواتهم‪،‬‬
‫مقابل تلك التفجيرات‪ ،‬وهذا نموذج واحد لخطط أعداء الحق‪.‬‬
‫‪ -4‬الوسيلة الثامنة ‪:‬‬
‫من الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية‪ :‬مد األيدي لبعض‬
‫المغفلين من السلفيين‪ ،‬وبذل األخالق المزيفة‪ ،‬فترى بعض‬
‫السلفيين‪ ،‬إذا احتك بحزبي‪ ،‬وعنده بعض األخالق أو رأى منه‬
‫بعض العطايا‪ ،‬والهدايا‪ ،‬بعدها يتلقى منه التزهيدات في إخوانه‬
‫السلفيين‪ ،‬وفي منهجهم‪ ،‬وفي دعوتهم‪ ،‬وسيرتهم‪ ،‬ولو كانت‬
‫بباطل ملبس‪ ،‬إنقدح ذلك في قلبه وذهب يدافع عن ذلك‬
‫الحزبي‪ ،‬ويكون عبارة عن موزع لفكره بين أوساط السلفيين‪،‬‬
‫فيكون ذلك المغفل‪ ،‬استغله الحزبي بهذه الوسائل‪ ،‬واهلل‬
‫المستعان‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪11‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫الخلق الحسن مطلوب‪ ،‬ولكن ليس خلق حسن‬


‫األخالق مطلوبة‪ُ ،‬‬
‫على حساب عقيدتك‪ ،‬وعلى حساب الدعوة السلفية‪ ،‬يعطيك‬
‫خل ًقا حسنًا ويغرر بك‪ ،‬ويبعدك عن العلم والسنة‪.‬‬
‫‪ -4‬الوسيلة التاسعة‪:‬‬
‫التنفير المباشر عن الدعوة السلفية‪ ،‬بقولهم‪ :‬هؤالء يجرحون‪،‬‬
‫هؤالء يتكلمون في العلماء‪ ،‬هؤالء يغتابون‪ ،‬هؤالء شغلوا أنفسهم‬
‫بالكالم في الناس‪ ،‬هذا تنفير مباشر‪ ،‬وهناك تنفير غير مباشر؛‬
‫وهو أوسع وأشد‪ ،‬وأضر من األول‪ ،‬وهو نوع من التزهيد عن‬
‫علماء السنة‪ ،‬وعن تلقي العلم عنهم؛ بالطعن في قدرتهم العلمية‪،‬‬
‫ويغلون ويبالغون فيمن هو معهم‪ ،‬ولو لم يبلغ في العلم عشر‬
‫ذلك السلفي‪ ،‬أو يقولون‪ :‬ما عندهم شهادات‪ ،‬أو ما عندهم‬
‫تنظيم‪ ،‬أي‪ :‬عل ما يريدون‪ ،‬أو ما عندهم أكل طيب‪ ،‬ويكون في‬
‫هذا التزهيد صرفه عن الخير‪.‬‬
‫والتحذير غير المباشر‪ ،‬قد يحمله بعض المغفلين حتى وإن كان‬
‫سلفياً‪.‬‬
‫‪ -54‬الوسيلة العاشرة‪:‬‬
‫من الوسائل لضرب الدعوة السلفية‪ ،‬تشويه صورة الجرح‬
‫والتعديل‪ ،‬الذي أجمع عليه علماء المسلمين‪ ،‬والذي عليه أدلة‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬وفي مقدمة »المخرج من الفتنة« ومقدمة‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪11‬‬

‫»الجامع الصحيح« ومقدمة »الطبقات لما حصل للدعوة‬


‫السلفية بعد موت شيخنا رحمة اهلل عليه من الحاالت«‪ ،‬قدر‬
‫طيب وهلل الحمد‪ ،‬وقد قرر ذلك أهل العلم في بطون الكتب‪ ،‬بما‬
‫ال مزيد عليه‪.‬‬
‫وهؤالء يظهرون الجرح والتعديل‪ ،‬لمن يستحقه‪ ،‬وممن هو أهل‬
‫له‪ ،‬ويجعلونه غيبة‪ ،‬ويشوهونه‪ ،‬حتى ال يزهد الناس فيهم‪ ،‬وحتى‬
‫يكون كل الناس عندهم على حق‪ ،‬ويصير كما يقول بعضهم‪ :‬واهلل‬
‫جعلتمونا في دوامة‪ ،‬ويصير كما يقول بعضهم‪ :‬واهلل ما ندري مع‬
‫من الحق‪ ،‬من أين جاء هذا؟ من التمييع‪ ،‬ومن التزهيد‪ ،‬ومن‬
‫تشيوه صورة الجرح والتعديل‪ ،‬وصورة أهل السنة‪ ،‬وصورة علماء‬
‫السنة الحق‪ُ ،‬م َخطَط فاجر‪ ،‬سلكه فرعون‪ ،‬وجنوده‪ ،‬ضد موسى‬
‫عليه الصالة والسالم‪ ،‬حتى أظهروا للناس أنه يريد أن يظهر في‬
‫األرض الفساد‪ ،‬وحتى أظهروا أنهم هم المصلحون‪ ،‬قال فرعون‪:‬‬
‫الر َش ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اد‬ ‫﴿ َما أُ ِري ُك ْم إ َّال َما أ ََرى َوَما أ َْهدي ُك ْم إ َّال َسب َ‬
‫يل َّ‬
‫﴾[غافر‪.]24:‬‬
‫يد ﴾[هود‪ ،]41:‬قال تعالى‪﴿ :‬‬ ‫وقال اهلل‪ ﴿ :‬وما أَمر فِر َعو َن بِر ِش ٍ‬
‫ََ ُْ ْ ْ َ‬
‫اف أَ ْن يُـبَد َ‬ ‫وسى َولْيَ ْدعُ َربَّهُ إِنِّي أ َ‬ ‫ِ‬ ‫وقَ َ ِ‬
‫ِّل‬ ‫َخ ُ‬ ‫ال ف ْر َع ْو ُن ذَ ُروني أَقـْتُ ْل ُم َ‬ ‫َ‬
‫اد ﴾ [غافر‪. ]23:‬‬ ‫سَ‬ ‫ض الْ َف َ‬ ‫ِدينَ ُك ْم أَ ْو أَ ْن يُظْ ِه َر فِي ْاأل َْر ِ‬
‫يل لَ ُه ْم ال‬ ‫ِ ِ‬
‫وسلكه المنافقون‪ ،‬قال اهلل تعال عنهم‪َ ﴿ :‬وإذَا ق َ‬

‫‪‬‬
‫‪15‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫صلِ ُحو َن * أَال إِنَّـ ُه ْم ُه ُم‬ ‫تُـ ْف ِس ُدوا فِي ْاأل َْر ِ‬
‫ض قَالُوا إِنَّ َما نَ ْح ُن ُم ْ‬
‫ال ُْم ْف ِس ُدو َن َولَ ِك ْن ال يَ ْشعُ ُرو َن ﴾ [البقرة‪.]52:‬‬
‫وسلكه اليهود والنصارى والمشركون ضد النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أنه ساحر‪ ،‬وأنه كاهن‪ ،‬وأنه به مرض‪ ،‬وما إلى ذلك حتى‬
‫جاء ضماد األزدي‪ ،‬وقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إنهم يقولون‪ :‬إنه بك‬
‫ريح‪ ،‬وإني أرقي من هذا الريح‪ ،‬إن شئت رقيتك‪ ،‬ولما فرغ قرأ‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪» :‬الحمد هلل‪ ،‬نحمده ونستعينه‪،‬‬
‫‪...‬إلى آخر الخطبة البليغة«‪.‬قال ضماد األزدي رضي اهلل عنه‪:‬‬
‫أعدها علي‪ ،‬فأعادها عليه‪ ،‬قال‪ :‬واهلل لقد بلغنا ناعوس البحر‪،‬‬
‫وما هي بالشعر‪ ،‬وال بالسحر‪ ،‬ثم بايع النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫في الحال‪ ،‬لما تبين له أكاذيب أولئك الذين يقولون إن النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬إنما به سحر‪ ،‬وهكذا ثمامة لما ربط في‬
‫سارية كان النبي صلى اهلل عليه وسلم يمر عليه ويقول‪» :‬ماذا‬
‫عندك يا ثمامة؟«‪ ،‬قال‪ :‬عندي خير يا رسول اهلل‪ ،‬إن تقتل تقتل‬
‫ذا دم‪ ،‬وإن تنعم تنعم على شاكر‪ ،‬فكان كذلك اليوم األول‪،‬‬
‫والثاني‪ ،‬والثالث‪ ،‬ثم أطلقه رسول اهلل ‪ ،‬ولما أطلقه أسلم‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫واهلل يا رسول اهلل‪ ،‬ما كان على وجه األرض من وجه أبغض إلي‬
‫من وجهك‪ ،‬ولما أسلمت كان وجهك أحب الوجوه إلي على‬
‫األرض‪ ،‬وما كان من دين أبغض إلي من دينك‪ ،‬واآلن ليس ديناً‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪16‬‬

‫أحب إلي من دينك‪ ،‬وما كان من ٍ‬


‫بلد أبغض إلي من بلدك‪ ،‬واآلن‬
‫بلدك أحب البلدان إلي‪ ،‬إلى آخر ما ذكره قالوا‪ :‬صبوت‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ما صبوت‪ ،‬ولكني أسلمت‬
‫لما تبين له‪ ،‬ورأى الخلق الحسن؛ من رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬مكارم حقة‪ ،‬ودالئل نبوة‪ ،‬وذهب عنه ذلك الزيف‬
‫والتشويه الذي كان يُلقى عليه ويسمعه عن رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -52‬الوسيلة الحادية عشر‪:‬‬
‫ب سلفي يقال‬
‫محاولة إدخال السلفيين في أعمال الحزبيين‪ ،‬فَـ ُر َّ‬
‫له‪ :‬تعالى اعمل عندنا أنت أمين‪ ،‬تقوم بهذا الواجب‪ ،‬فلو تخلى‬
‫عنه أمثالك سيضيع‪ ،‬وال تدري بعد أيام إال وقد صار ضداً للحق‪،‬‬
‫ويتنكر لما كان يدعو إليه من قبل‪ ،‬وهذا ما هو خافي عنكم‪ ،‬أن‬
‫أناساً التحقوا بالحزبيين‪ ،‬وبجمعياتهم‪ ،‬إما أخذوه لإلمارات‪ ،‬وبقوا‬
‫يجالسونه العشاء عند فالن‪ ،‬والفطور عند فالن‪ ،‬والغداء عند‬
‫فالن‪ ،‬وفالن عنده جلسة‪ ،‬ويلتقي بالشيخ الفالني‪ ،‬حتى صار‬
‫مميعاً‪ ،‬وصار متنكراً للدعوة السلفية‪ ،‬وصار يقول‪ :‬إن جاءني‬
‫تبليغي أمكنه‪ ،‬وإن جاءني إخواني أمكنه‪ ،‬وإن جاءني سلفي‬
‫أمكنه‪ ،‬وال أرد أحداً من مسجدي فالناس كلهم عنده على الحق‪.‬‬
‫‪ -52‬الوسيلة الثاني عشر‪:‬‬

‫‪‬‬
‫‪17‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

‫إثارة الطالب على شيخه‪ ،‬وال تتكلف كبير ٍ‬


‫شيء‪ ،‬فلكم عبرة بما‬
‫حصل من إثارة أصحاب جمعية إحياء التراث‪ ،‬أصحاب جمعية‬
‫الحكمة‪ ،‬على الشيخ مقبل رحمة اهلل عليه‪ ،‬أثاروا عليه أناساً هم‬
‫من تالميذه‪ ،‬وبعد ذلك يقوم واحد من هنا‪ ،‬وواحد من هناك‪،‬‬
‫وواحد من هناك‪ ،‬ثم يُ َكونون لهم جمعية‪ ،‬ويحتقرون الشيخ أنه‬
‫عنده أخطاء ال يعرف القياس‪ ،‬وأنه في مسألة اإلجماع أيضاً لم‬
‫يحسن في ذلك‪ ،‬أنه‪ ،‬وأنه‪ ،‬كما صنع أحدهم آنذاك‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫محمد بن موسى البيضاني‪ ،‬فغرروا بهم حتى قال قائلهم‪ :‬القافلة‬
‫ماشية‪ ،‬إما أن تلحق بنا؛ وإال فإنك لم تضر الدعوة‪ ،‬وما هي إال‬
‫أيام وترى أحدهم مخزناً‪ ،‬ضائعاً‪ ،‬وليس له أي أثر علمي نافع‪.‬‬
‫أليس هذا من المسخ؟‪ ،‬ومن إثارة الطالب على شيخه؟‪ ،‬وعلى أن‬
‫هذا الطالب إذا ثار على شيخه السلفي معناه‪ ،‬على أنه أستفاده‬
‫وحرم من شيخه‪ ،‬وقد تفشل دعوته؛ كلما ذهب إلى‬‫الحزبيون‪ُ ،‬‬
‫ٍ‬
‫بلد‪ ،‬يقولون‪ :‬هذا تكلم فيه شيخه‪ ،‬وهو أعرف الناس به‪.‬‬

‫الناصحون ما يقبلونه؛ من ناحية أنه مجروح‪ ،‬ومن أجل أنه تكلم‬


‫فيه شيخه‪ ،‬وغير الناصحين يتخذونها سلماً لضرب دعوته‪ ،‬فهذه‬
‫من جراء إثارة الطالب على شيخه‪ ،‬وجعله يحتقر شيخه‪ ،‬ويتطاول‬
‫عليه‪.‬‬
‫لضرب الدعوة السلفية‬ ‫‪18‬‬

‫وقد ضاع أصحاب براءة الذمة واهلل بسبب غش بعض الحزبيين‬


‫لهم‪ ،‬وهو أبو الحسن‪ ،‬وما كان في صالحهم‪ .‬واهلل المستعان‪.‬‬
‫هذه نحو أثني عشر نقطة ذكرناها‪ ،‬ال على سبيل الحصر‪ ،‬ومن‬
‫أخطرها عندي هي النقطة الثالثة‪ :‬التصنع والتزلف عند علماء‬
‫السنة‪ ،‬ليتسنى لذلك الحزبي‪ ،‬أن ينشر أفكاره‪ ،‬فقد حصل‬
‫‪.‬‬‫بسبب ذلك لبس شديد على كثير من الناس‪ .‬واهلل المستعان‬

‫***‬

‫‪‬‬
‫‪19‬‬ ‫الوسائل الخفية‬

You might also like