Professional Documents
Culture Documents
ورقة عمل 5
ورقة عمل 5
مرفقا لكم النصين اللذين اخترناهما في القراءة في كتب الفقه المقارن ،راجيا منكم إضافة نصين آخرين
من كتب المالكية والشافعية مع ذكر اسم الكتاب واسم الؤلف.
قال صاحب المغنيُ " :جْم َلُة ذلك أَّن الَج ْم َع بين الَّص اَل َت ْي ِن في الَّس َفِر ،في َو ْق ِت إْح َد اُهما ،جاِئٌز في َقْو ِل
أْكَث ِر أْه ِل الِع ْلِم .وممن ُر ِو َى عنه ذلك َس ِعيُد بُن زيٍد ،وَس ْع ٌد ،وُأسامُة ،وُم َع اُذ بن َج َب ٍل ،وأبو موسى ،وابُن
َع َّباٍس ،وابُن عمَر .وبه قالَ :ط اُو ٌس ،وُم َج اِه ٌد ،وِع ْك ِر َم ُة ،وماِلٌك ،والَّث ْو ِر ُّى ،والَّش اِفِعُّى ،وإسحاُق ،وأبو
َث ْو ٍر ،وابُن الُم ْن ِذ ِر .وُر ِو َى عن سليمان بن أِخى ُز َر يِق بن َح ِكيٍم ( ،)2قال (َ :)3م َّر بنا َن اِئَلُة بُن ()4
َر ِبيَع َة ،وأُبو الِّز َن اِد ،ومحمُد بن الُم ْن َك دِر ( ،)5وَص ْف َو اُن بن ُس َلْي ٍم ( ،)6في ( )7أْش ياٍخ من أْه ِل الَمِد يَن ِة،
فأَت ْي َن اُهم في َم ْن ِز ِلهم ،وقد أَخ ُذ وا في الَّر ِحيِل ،فَص َّلوا الُّظ ْه َر والَع ْص َر َج ِميًعا حين َز اَلِت الَّش ْم ُس ،ثم أَت ْي َن ا
المسجَد ،فإذا ُز َر ْي ُق بن َح ِكيٍم ُيَص ِّلى للَّن اِس الُّظ ْه َر .وقال الحسُن ،وابُن ِس يِر يَن ،وأْص َح اُب الَّر ْأِى :ال
َي ُجوُز الَج ْم ُع إاَّل في َي ْو ِم َعَر َف َة ِبَعَر َف َة ،وَلْي َلِة ُم ْز َد ِلَفَة بها ،وهذا ِر َو اَي ُة ابن الَقاِس ِم عن ماِلٍك واْخ ِتَي اُر ُه،
واْح َت ُّج وا بأن الَمَو اِقيَت َت ْث ُبُت بالَّت َو اُتِر ،فال َي ُجوُز َت ْر ُك ها بَخ َب ر َو اِحٍد ( .)8ولَن ا ،ما َر َو ى ناِفٌع عن ابِن
عمَر ،أَّن ه كان إذا َج َّد به الَّسْيُر َج َمَع بين الَم ْغ ِر ِب والِع َش اِء ،ويقول :إَّن رسوَل ِهللا -صلى هَّللا عليه وسلم-
كان إذا َج َّد به الَّسْيُر َج َمَع بينهما .وعن أَن ٍس ،قال :كان رسوُل ِهللا -صلى هَّللا عليه وسلم -إذا اْر َت َح َل قبَل
أن َت ِز يَغ الَّش ْم ُس أَّخ َر الُّظ ْه َر إلى َو ْق ِت الَع ْص ِر ،ثم َنَز َل فَج َمَع َب ْي َن هما ،وإن َز اَغ ِت الَّش ْم ُس َق ْب َل أن َي ْر َت ِحَل ،
َص َّلى الُّظ ْه َر ثم َر ِكَب ُ .م َّتَفٌق عليهما ( .)9وِلُمْس ِلٍم عن النبِّي -صلى هَّللا عليه وسلم ،-إَذ ا َع ِج َل عليه الَّسْيُر
ُيَؤ ِّخ ُر الُّظ ْه َر إلى َو ْق ِت الَع ْص ِر َ ،ف َي ْج َم ُع َب ْي َن هما ،وُيَؤ ِّخ ُر الَم ْغ ِر َب حتى َي ْج َمَع بينها وبين الِع َش اء حيَن َي ِغيُب
الَّش َفُق ( .)11وَر َو ى الَج ْم َع ُم َع اُذ [بُن َج َب ٍل ] ( ،)12وابُن َع َّباٍس ،وَس َن ْذ ُك ُر أحاِد يَث هما فيما بعد (،)13
وَقْو ُلهم :ال َن تُرُك األْخ باَر الُم َت واِتَر َةُ .قْل نا :ال َن ْت ُر ُك ها ،وإَّن ما ُنَخ ِّصُصها ،وَت ْخ ِص يُص الُم َت واِتِر بالَخ َب ِر
الَّصِحيِح جاِئٌز باِإلْج ماِع ،وقد جاَز َت ْخ ِص يُص الِك َت اِب ِبَخ َب ِر الَو اِحِد باِإلْج َم اِع ،فَت ْخ ِص يُص ( )14الُّس َّن ِة
بالُّس َّن ِة َأْو َلى ،وهذا َظ اِه ٌر ِج ًّد ا .فإْن ِقيَل َ :م ْع َن ى الَج ْم ِع في األْخ َب اِر أن ُيَص ِّلَى اُألوَلى في آِخر َو ْق ِتها،
واُألْخ َر ى في َأَّو ل َو ْق ِتهاُ .قْلَن ا :هذا فاِس ٌد ِلَو ْج َه ْي ِن :أحُد هما ،أَّن ه قد َج اَء الَخ َب ُر َص ِر يًح ا في أَّن ه كان
َي ْج َم ُعهما في َو ْق ِت إْح َد اهما ،على ما َس َن ْذ ُك ُر ه ،وِلَقْو ِل أَن ٍس :أَّخ َر الُّظ ْه َر إلى َو قِت الَع ْص ِر ،ثم َنَز ل فَج َمَع
َب ْي َن هما ،وُيَؤ ِّخ ُر الَم ْغ ِر َب حتى َي ْج َمَع بينها وبين الِع َش اِء حين َي ِغيَب الَّش َفُق َ .ف َي ْب ُط ُل الَّت ْأِو يُل .الَّث انى ،أن
الَج ْم َع ُر ْخ َص ٌة ،فلو كان على ما َذ َك ُروه َلكان أَش َّد ِض يًقا ،وأْع َظ َم َح َر ًج ا من اِإلْت ياِن بُك ِّل َص الٍة في َو ْق ِتها؛
ألَّن اِإلْت ياَن بُك ِّل صالٍة في َو ْق ِتها أْو َس ُع من ُم َر اَعاِة َط َر َفِى الَو ْق َت ْي ِن ،بحيُث ال َي ْب َقى من وْق ِت اُألوَلى إال
َقْد ُر ِفْع ِلها ،وَم ن (َ )15ت َد َّب َر هذا َو َج َد ه كما َو َص ْف َن ا ،ولو كان الَج ْم ُع هكذا لَج اَز الَج ْم ُع بين الَع ْص ِر
ُأل
والَم ْغ ِر ِب ،والِعشاِء والُّصْب ِح ،وال ِخ اَل َف بين ا َّمِة في َت ْح ِر يِم ذلك ،والَعَم ُل بالَخ َب ِر على الَو ْج ِه الَّساِبِق
إلى الَفْه ِم منه أْو َلى من هذا الَّت َك ُّلِف الذي ُيَص اُن كالُم رسوِل ِهللا -صلى هَّللا عليه وسلم -من َح ْم ِله عليه.
إذا َث َب َت هذا فَم ْف ُهوُم قوِل اْلِخَر ِقِّى أَّن الَج ْم َع إَّن ما َي ُجوُز إذا كان َس اِئًر ا في َو ْق ِت اُألوَلىَ ،ف ُيَؤ ِّخ ُر إلى َو ْق ِت
جامعة العلوم التطبيقية الخاصة
APPLIED SCIENCE PRIVATE UNIVERSITY ( ج.ع.ت)
عمان – األردن
()A.S.U
AMMAN – JORDAN
الَّث اِنَي ة ،ثم َي ْج َم ُع َب يَن هما ،وَر َو اُه األْث َر ُم عنأحمَد ،وُر ِو َى نحُو هذا الَقْو ل عن َس ْع ٍد ،وابِن عمَر ،وِع ْك ِر َم َة ،
أْخ ًذ ا ( )16بالَخ َبَر ْي ِن الَّلَذ ْي ِن َذ َك ْر َن اهماَ .و ُر ِو َى عن أحمَد َج َو اُز َت ْق ِديِم الصالِة الَّث اِنَي ة إلى اُألوَلى ،وهذا هو
الَّصِحيُح ،وعليه أْك َث ُر األْص حاِب .قال القاضي :األَّو ُل هو الَفِض يَلُة واالْس ِتْح باُب ،وإن أَح َّب أن َي ْج َمَع بين
الصالَت ْي ِن في َو ْق ِت اُألوَلى منهما ،جاَز َ ،ن اِز اًل كان ،أو َس اِئًر ا ،أو ُمِقيًما في َب َلٍد إَق اَم ًة ال َت ْم َن ُع الَقْص َر .
وهذا قوُل َع طاٍء ،وُجْم ُهوِر ُعلماِء المِدينة ،والَّش اِفِعِّى ،وإسحاَق ،واْب ِن الُم ْن ِذ ِر ؛ لما َر َو ى ُم َع اُذ بُن َج َب ٍل ،
هَّللا
قالَ :خ َر ْج َن ا مع رسوِل ِهللا -صلى عليه وسلم -في َغ ْز َو ِة (َ )17ت ُبوَك ،فكان إذا اْر َت َح َل قبَل َز ْي ِغ
الَّش ْم ِس أَّخ َر الُّظ ْه َر حتى َي ْج َمَع ها إلى الَع ْص ِر َ ،ف ُيَص ِّليهما َج ِم يًع ا ،وإذا اْر َت َح َل بعَد (َ )18ز ْي ِغ الَّش ْم ِس ،
َص َّلى الُّظ ْه َر والَع ْص َر َج ِم يًع ا ،ثم َس اَر ،وإذا اْر َت َح َل قبَل الَم ْغ ِر ِبَ ،أَّخ َر الَم ْغ ِر َب حتى ُيَص ِّلَي ها مع الِع َش اِء ،
وإذا اْر َت َح َل بعَد الَم ْغ ِر ِبَ ،ع َّج َل الِع َش اَء ،فَص اَّل َه ا مع الَم ْغ ِر ِبَ .ر َو اه أبو َد اُو َد ،والِّت ْر ِمِذُّى ( ،)19وقال:
هذا َح ِديٌث َح َس ٌن .وَر َو ى ابُن َع َّباٍس ،عن الَّن ِبِّي -صلى هَّللا عليه وسلم -في الُظ ْه ِر والَع ْص ِر مثَل ذلك.
وقيل :إَّن ه ُم َّتَفٌق عليه ( .)20وهذا َص ِر يٌح في َمَح ِّل الِّن َز اِع .وَر َو ى ماِلٌك في "الُم َو َّط ِإ" ( ،)21عن أبي
الُّز َب ْي ِر ،عن أِبي الُّط َفْي ِل ،أَّن ُم َع اًذ ا أْخ َبَر ُه ،أَّن هم َخ َر ُجوا مع رسوِل ِهللا -صلى هَّللا عليه وسلم -في َغ ْز َو ِة
َت ُبوَك ،فكان رسوُل ِهللا -صلى هَّللا عليه وسلمَ -ي ْج َم ُع بين الُّظ ْه ِر والَع ْص ِر ،والَم ْغ ِر ِب والِع َش اِء .قال :فأَّخ َر
الَّص اَل َة َي ْو ًما ،ثم َخ َر َج فَص َّلى الُّظ ْه َر والَع ْص َر َج ِم يًع ا ،ثم َد َخ َل ،ثم َخ َر َج َفَص َّلى الَم ْغ ِر َب والِع َش اَء َج ِم يًع ا.
قال ابُن عبِد الَب ِّر :هذا َح ِديٌث َص ِحيٌح ،ثاِبُت اِإلْس َن اِد .وقال أْه ُل الِّس َي ِر :إَّن َغ ْز َو َة (َ )22ت ُبوَك كانت في
رجب ( ،)23سنَة ِتْس ع ،وفى هذا الَح ِديِث أْو َض ُح الَّد اَل ِئِل ،وَأْق َو ى الُح َج ِج ،في الَّر ِّد على َم ن قال :ال
َي ْج َم ُع بين الَّص اَل َت ْي ِن إاَّل إذا َج َّد به الَّسْيُر ؛ ألَّن ه كان َي ْج َم ُع وهو َن اِز ٌل غيُر َس اِئٍر ،ماِك ٌث في ِخَب اِئهَ ،ي ْخ ُرُج
َف ُيَص ِّلى الصالَت ْي ِن َج ِم يًع ا ،ثم َي ْن َص ِر ُف إلى ِخَب اِئه .وَر َو ى هذا الَح ِديَث ُمْس ِلٌم في "َص ِحيِحه" ( ،)24قال:
فكان ُيَص ِّلى الُّظ ْه َر والَع ْص َر َج ِم يًع ا والَم ْغ ِر َب والِع َش اَء َج ِم يًع ا .واألْخ ُذ بهذا الَح ِديِث ُم َت َع َّيٌن ؛ ِلُثُبوِته وَك ْو ِنه
َص ِر يًح ا في الُح ْك ِم ،وال ُم َع اِر َض له ،وألَّن الَج ْم َع ُر ْخ َص ٌة ِمن ُر َخ ِص الَّس َفِر ،فلم َي ْخ َت َّص بَح اَلِة الَّسْي ِر (
،)25كالَقْص ِر والَم ْس ِح ،ولِكَّن األْف َض َل الَّت ْأِخيُر ،ألَّن ه أْخ ٌذ باالْح ِتَياِط ،وُخ ُروٌج من ِخ اَل ِف الَقاِئِليَن بالَج ْم ِع ،
وَعَم ٌل باألحاِديِث ُك ِّلها ".
---------------------------------------------------------------------------------
قال صاحب بدائع الصنائع " :وعلى هذا األصل قال أصحابنا :إنه ال يجوز الجمع بين فرضين في وقت
أحدهما إال بعرفة والمزدلفة فيجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة ،وبين المغرب والعشاء
في وقت العشاء بمزدلفة ،اتفق عليه رواة نسك رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -أنه فعله ،وال يجوز
الجمع بعذر السفر والمطر .وقال الشافعي :يجمع بين الظهر والعصر في وقت العصر وبين المغرب
والعشاء في وقت العشاء بعذر السفر والمطر( ،واحتج) بما روى ابن عباس وابن عمر -رضي هللا
عنهما -أن النبي -صلى هللا عليه وسلم -كان يجمع بعرفة بين الظهر والعصر ،وبمزدلفة بين المغرب
والعشاء ،وألنه يحتاج إلى ذلك في السفر كي ال ينقطع به السير ،وفي المطر كي تكثر الجماعة ،إذ لو
رجعوا إلى منازلهم ال يمكنهم الرجوع فيجوز الجمع بهذا كما يجوز الجمع بعرفة بين الظهر والعصر،
وبمزدلفة بين المغرب والعشاء.
جامعة العلوم التطبيقية الخاصة
APPLIED SCIENCE PRIVATE UNIVERSITY ( ج.ع.ت)
عمان – األردن
()A.S.U
AMMAN – JORDAN
(ولنا) أن تأخير الصالة عن وقتها من الكبائر فال يباح بعذر السفر والمطر كسائر الكبائر ،والدليل على
أنه من الكبائر ما روي عن ابن عباس -رضي هللا عنهما -أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -قال:
«من جمع بين صالتين في وقت واحد فقد أتى بابا من الكبائر» ،وعن عمر -رضي هللا عنه -أنه
قال :الجمع بين الصالتين من الكبائر ،وألن هذه الصلوات عرفت مؤقتة بأوقاتها بالدالئل المقطوع بها
من الكتاب والسنة المتواترة واإلجماع ،فال يجوز تغييرها عن أوقاتها بضرب من االستدالل أو بخبر
الواحد ،مع أن االستدالل فاسد؛ ألن السفر والمطر ال أثر لهما في إباحة تفويت الصالة عن وقتها ،أال
ترى أنه ال يجوز الجمع بين الفجر والظهر مع ما ذكرتم من العذر؟ والجمع بعرفة ما كان لتعذر الجمع
بين الوقوف والصالة؛ ألن الصالة ال تضاد الوقوف بعرفة ،بل ثبت غير معقول المعنى بدليل اإلجماع
والتواتر عن النبي -صلى هللا عليه وسلم -فصلح معارضا للدليل المقطوع به ،وكذا الجمع بمزدلفة
غير معلول بالسير ،أال ترى أنه ال يفيد إباحة الجمع بين الفجر والظهر ،وما روي من الحديث في خبر
اآلحاد فال يقبل في معارضة الدليل المقطوع به ،مع أنه غريب ورد في حادثة تعم بها البلوى ،ومثله
غير مقبول عندنا ثم هو مؤول وتأويله أنه جمع بينهما فعال ال وقتا ،بأن أخر األولى منهما إلى آخر
الوقت ثم أدى األخرى في أول الوقت وال واسطة بين الوقتين فوقعتا مجتمعتين فعال ،كذا فعل ابن عمر
-رضي هللا عنهما -في سفر وقال :هكذا كان يفعل بنا رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -دل عليه ما
روي عن ابن عباس -رضي هللا عنهما -أن «النبي -صلى هللا عليه وسلم -جمع من غير مطر وال
سفر» وذلك ال يجوز إال فعال ،وعن علي -رضي هللا عنه -أنه جمع بينهما فعال ثم قال :هكذا فعل بنا
رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -وهكذا روي عن أنس بن مالك أنه جمع بينهما فعال ثم قال :هكذا
فعل بنا رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم .-
---------------------------------------------------------------------------------
كتاب المغني //ابن قدامة -موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن قدامة المقدسي
( ) 1249مسألة ; قال ( :وللمسافر أن يتم ويقصر ،كما له أن يصوم ويفطر ) .المشهور
عن أحمد ،أن المسافر إن شاء صلى ركعتين ،وإن شاء أتم .وروي عنه أنه توقف ،وقال :أنا
أحب العافية من هذه المسألة .وممن روي عنه اإلتمام في السفر :عثمان ،وسعد بن أبي
وقاص ،وابن مسعود ،وابن عمر ،وعائشة رضي هللا عنهم وبه قال األوزاعي ،والشافعي ،
وهو المشهور عن مالك .
وقال حماد بن أبي سليمان :ليس له اإلتمام في السفر .وهو قول الثوري ،وأبي حنيفة .
وأوجب حماد اإلعادة على من أتم .وقال أصحاب الرأي :إن كان جلس بعد الركعتين قدر
التشهد ،فصالته صحيحة ،وإال لم تصح .وقال عمر بن عبد العزيز :الصالة في السفر
ركعتان حتم ،ال يصلح غيرهما .
جامعة العلوم التطبيقية الخاصة
APPLIED SCIENCE PRIVATE UNIVERSITY ( ج.ع.ت)
عمان – األردن
()A.S.U
AMMAN – JORDAN
وروي عن ابن عباس أنه قال :من صلى في السفر أربعا فهو كمن صلى في الحضر ركعتين .
واحتجوا بأن صالة السفر ركعتان بدليل قول عمر ،وعائشة ،وابن عباس ،على ما ذكرناه .
وروي عن صفوان بن محرز ،أنه سأل ابن عمر عن الصالة في السفر ،فقال :ركعتان ،فمن
خالف السنة كفر ،وألن الركعتين األخريين يجوز تركهما إلى غير بدل ،فلم تجز زيادتهما على
الركعتين المفروضتين ،كما لو زادهما على صالة الفجر .ولنا ،قول هللا تعالى { :فليس عليكم
جناح أن تقصروا من الصالة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } وهذا يدل على أن القصر رخصة
مخير بين فعله وتركه ،كسائر الرخص .وقال يعلى بن أمية { :قلت لعمر بن
الخطاب { :فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصالة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } ،فقال
عجبت مما عجبت منه ،فسألت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال :صدقة تصدق هللا بها
عليكم ،فاقبلوا صدقته } .رواه مسلم .
وهذا يدل على أنه رخصة ،وليس بعزيمة ،وأنها مقصورة .وروى األسود ،عن عائشة ،أنها
قالت { :خرجت مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في عمرة رمضان ،فأفطر وصمت ،
وقصر وأتممت ،فقلت :يا رسول هللا ،بأبي أنت وأمي ،أفطرت وصمت ،وقصرت وأتممت .
فقال :أحسنت } .رواه أبو داود الطيالسي ،في " مسنده " .وهذا صريح في الحكم .وألنه لو
ائتم بمقيم صلى أربعا ،وصحت الصالة ،والصالة ال تزيد باالئتمام .
قال ابن عبد البر :وفي إجماع الجمهور من الفقهاء على أن المسافر إذا دخل في صالة
المقيمين ،فأدرك منها ركعة أن يلزمه أربع ،دليل واضح على أن القصر
رخصة [ ،ص ] 55 :إذ لو كان فرضه ركعتين لم يلزمه أربع بحال .
وروى بإسناده ،عن عطاء ،عن عائشة :أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم { كان يتم في
السفر ويقصر } .وعن أنس ،قال :كنا -أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم -نسافر ،
فيتم بعضنا ،ويقصر بعضنا ،ويصوم بعضنا ،ويفطر بعضنا ،فال يعيب أحد على أحد ،وألن
ذلك إجماع الصحابة ،رحمة هللا عليهم ،بدليل أن فيهم من كان يتم الصالة ،ولم ينكر الباقون
عليه ،بدليل حديث أنس ،وكانت عائشة تتم الصالة .رواه مسلم والبخاري
وأتمها عثمان ،وابن مسعود ،وسعد .وقال عطاء :كانت عائشة وسعد يوفيان الصالة في
السفر ،ويصومان ،وروى األثرم بإسناده ،عن سعد ،أنه أقام بعمان شهرين ،فكان يصلي
ركعتين ،ويصلي أربعا .وعن المسور بن مخرمة ،قال :أقمنا مع سعد ببعض
قرى الشام أربعين ليلة يقصرها سعد ونتمها .وسأل ابن عباس رجل ،فقال :كنت أتم الصالة
في السفر .فلم يأمره باإلعادة .
جامعة العلوم التطبيقية الخاصة
APPLIED SCIENCE PRIVATE UNIVERSITY ( ج.ع.ت)
عمان – األردن
()A.S.U
AMMAN – JORDAN
فأما قول عائشة :فرضت الصالة ركعتين .فإنما أرادت أن ابتداء فرضها كان ركعتين ،ثم
أتمت بعد الهجرة ،فصارت أربعا .وقد صرحت بذلك حين شرحت ،ولذلك كانت تتم الصالة ،
ولو اعتقدت ما أراد هؤالء لم تتم .
وقول ابن عباس مثل قولها ،وال يبعد أن يكون أخذه منها ،فإنه لم يكن في زمن فرض الصالة
في سن من يعقل األحكام ،ويعرف حقائقها ،ولعله لم يكن موجودا ،أو كان فرضها في السنة
التي ولد فيها ،فإنها فرضت بمكة ليلة اإلسراء قبل الهجرة بثالث سنين ،وكان ابن عباس حين
مات النبي صلى هللا عليه وسلم ابن ثالث عشرة سنة ،وفي حديثه ما اتفق على تركه ،وهو قوله
:والخوف ركعة .والظاهر أنه أراد ما أرادت عائشة من ابتداء الفرض ،فلذلك لم يأمر من أتم
باإلعادة .
وقول عمر :تمام غير قصر .أراد بها تمام في فضلها غير ناقصة الفضيلة .ولم يرد أنها غير
مقصورة الركعات ; ألنه خالف ما دلت عليه اآلية واإلجماع ،إذ الخالف إنما هو في القصر
واإلتمام ،وقد ثبت بروايته عن النبي صلى هللا عليه وسلم في حديث يعلى بن أمية أنها
مقصورة ،ويشبه هذا ما رواه مجاهد ،قال :جاء رجل إلى ابن عباس ،فقال :إني وصاحب
لي كنا في سفر ،وكان صاحبي يقصر وأنا أتم .فقال له ابن عباس :أنت كنت تقصر وصاحبك
يتم ; رواه األثرم ،
أراد أن فعله أفضل من فعلك .ثم لو ثبت أن أصل الفرض ركعتان لم يمتنع جواز الزيادة
عليها ،كما لو ائتم بمقيم ،ويخالف زيادة ركعتين على صالة الفجر ،فإنه ال يجوز زيادتهما
بحال ) 1250 ( .مسألة ; قال ( :والقصر والفطر أعجب إلى أبي عبد هللا ،رحمه هللا ) .أما
القصر فهو أفضل من اإلتمام في قول جمهور العلماء ،وقد كره جماعة منهم اإلتمام .
قال أحمد :ما يعجبني .
وقال ابن عباس للذي قال له :كنت أتم الصالة وصاحبي يقصر :أنت الذي كنت تقصر
وصاحبك يتم .وشدد ابن عمر على من أتم الصالة ،روي أن رجال سأله عن صالة السفر ،
فقال :ركعتان ،فمن خالف السنة كفر .وقال بشر بن حرب :سألت ابن عمر :كيف صالة
السفر يا أبا عبد الرحمن ؟ قال إما أنتم تتبعون سنة نبيكم صلى هللا عليه وسلم أخبرتكم ،وإما ال
تتبعون سنة نبيكم فال أخبركم ؟ قلنا :فخير ما اتبع سنة نبينا يا أبا عبد الرحمن .قال { :كان
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا خرج من المدينة لم يزد على ركعتين حتى يرجع إليها } .
رواه سعيد .
جامعة العلوم التطبيقية الخاصة
APPLIED SCIENCE PRIVATE UNIVERSITY ( ج.ع.ت)
عمان – األردن
()A.S.U
AMMAN – JORDAN
قال :حدثنا حماد بن زيد ،عن بشر .ولما بلغ ابن مسعود أن عثمان صلى أربعا استرجع ،
وقال { :صليت مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم [ ص ] 56 :ركعتين ،ومع أبي بكر ركعتين
،ومع عمر ركعتين ،ثم تفرقت بكم الطرق ،ووددت أن حظي من أربع ركعتان متقبلتان } .
وهذا قول مالك .
وال أعلم فيه مخالفا من األئمة إال الشافعي في أحد قوليه ،قال :اإلتمام أفضل ; ألنه أكثر عمال
وعددا ،وهو األصل ،فكان أفضل ،كغسل الرجلين .ولنا { ،أن النبي صلى هللا عليه وسلم
كان يداوم على القصر } ،بدليل ما ذكرنا من األخبار ،وقال ابن عمر { :صحبت رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم في السفر ،فلم يزد على ركعتين حتى قبضه هللا ،وصحبت أبا بكر فلم يزد
على ركعتين حتى قبضه هللا ،وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه هللا تعالى } .
متفق عليه .
وعن ابن مسعود ،وعمران بن حصين مثل ذلك .وروى سعيد بن المسيب ،عن النبي صلى هللا
عليه وسلم أنه قال { :خياركم من قصر في السفر وأفطر } رواه األثرم .مع ما ذكرنا من أقوال
الصحابة فيما مضى ،وألنه إذا قصر أدى الفرض باإلجماع ،وإذ أتم اختلف فيه ،وأما الغسل
فال نسلم له أنه أفضل من المسح ،والفطر نذكره في بابه .
---------------------------------------------------------------------------------
كتاب المغني //ابن قدامة -موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن قدامة المقدسي
( ) 1245مسألة ; قال ( :ومن لم ينو القصر في وقت دخوله إلى الصالة لم يقصر ) .وجملته
أن نية القصر شرط في جوازه ،ويعتبر وجودها عند أول الصالة ،كنية الصالة .وهذا
قول الخرقي واختاره القاضي .
وقال أبو بكر :ال تشترط نيته ; ألن من خير في العبادة قبل الدخول فيها خير بعد الدخول فيها ،
كالصوم ،وألن القصر هو األصل ; بدليل خبر عائشة ،وعمر ،وابن عباس ،فال يحتاج إلى
نية ،كاإلتمام في الحضر ،ووجه األول أن اإلتمام هو األصل ،على ما سنذكره في مسألة "
وللمسافر أن يقصر وله أن يتم " ،وإطالق النية ينصرف إلى األصل ،وال ينصرف عنه إال
بتعيين ما يصرفه إليه ،كما لو نوى الصالة مطلقا ،ولم ينو إماما وال مأموما ،فإنه ينصرف
إلى االنفراد ،إذ هو األصل .
جامعة العلوم التطبيقية الخاصة
APPLIED SCIENCE PRIVATE UNIVERSITY ( ج.ع.ت)
عمان – األردن
()A.S.U
AMMAN – JORDAN
والتفريع يقع على هذا القول ،فلو شك في أثناء صالته ،هل نوى القصر في ابتدائها أو ال ،
لزمه إتمامها احتياطا ; ألن األصل عدمها ،فإن ذكر بعد ذلك أنه كان قد نوى القصر ،لم يجز
له القصر ; ألنه قد لزمه اإلتمام ،فلم يزل .ولو نوى اإلتمام ،أو ائتم بمقيم ،ففسدت الصالة ،
وأراد إعادتها ،لزمه اإلتمام أيضا ; ألنها وجبت عليه تامة بتلبسه بها خلف المقيم ،ونية
اإلتمام .
وهذا قول الشافعي .وقال الثوري ،وأبو حنيفة :إذا فسدت صالة اإلمام عاد المسافر إلى حاله .
ولنا ،أنها وجبت بالشروع فيها تامة ،فلم يجز له قصرها ،كما لو لم تفسد .
كتاب المغني //ابن قدامة -موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن قدامة المقدسي
( ) 1244فصل :والمالح الذي يسير في سفينه ،وليس له بيت سوى سفينته ،فيها أهله
وتنوره وحاجته ،ال يباح له الترخص .قال األثرم :سمعت أبا عبد هللا يسأل عن المالح ،
أيقصر ،ويفطر في السفينة ؟ قال :أما إذا كانت السفينة بيته فإنه يتم ويصوم .قيل له :وكيف
تكون بيته ؟ قال :ال يكون له بيت غيرها ،معه فيها أهله وهو فيها مقيم .وهذا قول عطاء .
وقال الشافعي يقصر ويفطر ; لعموم النصوص ،وقول النبي صلى هللا عليه وسلم { :إن هللا
وضع عن المسافر الصوم وشطر الصالة } .رواه أبو داود .وألن كون أهله معه ال يمنع
الترخص ،كالجمال .ولنا ،أنه غير ظاعن عن منزله ،فلم يبح له الترخص ،كالمقيم في المدن
،فأما النصوص فإن المراد بها الظاعن [ ص ] 53 :عن منزله ،وليس هذا كذلك ،وأما الجمال
والمكاري فلهم الترخص وإن سافروا بأهلهم .
قال :أبو داود :سمعت أحمد يقول في المكاري الذي هو دهره في السفر :ال بد من أن يقدم
فيقيم اليوم .قيل :فيقيم اليوم واليومين والثالثة في تهيئه للسفر .قال :هذا يقصر .
وذكر القاضي ،وأبو الخطاب ،أنه ليس له القصر كالمالح .وهذا غير صحيح ; ألنه مسافر
مشفوق عليه ،فكان له القصر كغيره ،وال يصح قياسه على المالح ; فإن المالح في منزله سفرا
وحضرا ،ومعه مصالحه وتنوره وأهله ،وهذا ال يوجد في غيره .
وإن سافر هذا بأهله كان أشق عليه ،وأبلغ في استحقاق الترخص ،وقد ذكرنا نص أحمد في
الفرق بينهما ،والنصوص متناولة لهذا بعمومها ،وليس هو في معنى المخصوص ،فوجب
القول بثبوت حكم النص فيه ،وهللا أعلم .
جامعة العلوم التطبيقية الخاصة
APPLIED SCIENCE PRIVATE UNIVERSITY ( ج.ع.ت)
عمان – األردن
()A.S.U
AMMAN – JORDAN
كتاب المغني //ابن قدامة -موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن قدامة المقدسي
( ) 1239فصل :وال تباح هذه الرخص في سفر المعصية كاإلباق ،وقطع الطريق ،والتجارة
في الخمر والمحرمات .نص عليه أحمد .وهو مفهوم كالم الخرقي لتخصيصه الواجب
والمباح ،وهذا قول الشافعي ،وقال الثوري ،واألوزاعي ،وأبو حنيفة :له ذلك ; احتجاجا بما
ذكرنا من النصوص ،وألنه مسافر ،فأبيح له الترخص كالمطيع .
ولنا ،قول هللا تعالى { :فمن اضطر غير باغ وال عاد فال إثم عليه } أباح األكل لمن لم يكن
عاديا وال باغيا ،فال يباح لباغ وال عاد .قال ابن عباس :غير باغ على المسلمين ،مفارق
لجماعتهم ،يخيف السبيل ،وال عاد عليهم .
وألن الترخص شرع لإلعانة على تحصيل المقصد المباح ،توصال إلى المصلحة ،فلو شرع
هاهنا لشرع إعانة على المحرم ،تحصيال للمفسدة ،والشرع منزه عن هذا ،والنصوص وردت
في حق الصحابة ،وكانت أسفارهم مباحة ،فال يثبت الحكم في من سفره مخالف لسفرهم ،
ويتعين حمله على ذلك جمعا بين النصين ،وقياس المعصية على الطاعة بعيد ،لتضادهما .
( ) 1240فصل :فإن عدم العاصي بسفره الماء ،فعليه أن يتيمم ; ألن الصالة واجبة ال
تسقط ،والطهارة لها [ ص ] 52 :واجبة أيضا ،فيكون ذلك عزيمة ،وهل تلزمه اإلعادة ؟ على
وجهين :أحدهما ،ال تلزمه ; ألن التيمم عزيمة ،بدليل وجوبه ،والرخص ال تجب ،والثاني :
عليه اإلعادة ; ألنه حكم يتعلق بالسفر ،أشبه بقية الرخص .
واألول أولى ; ألنه أتى بما أمر به من التيمم والصالة ،فلم يلزمه إعادتها ،ويفارق بقية
الرخص ،فإنه يمنع منها ،وهذا يجب فعله ،وألن حكم بقية الرخص المنع من فعلها ،وال يمكن
تعدية هذا الحكم إلى التيمم ،وال إلى الصالة ،لوجوب فعلهما ،ووجوب اإلعادة ليس بحكم في
بقية الرخص ،فكيف يمكن أخذه منها أو تعديته عنها .ويباح له المسح يوما وليلة ; ألن ذلك ال
يختص السفر ،فأشبه االستجمار ،والتيمم وغيرهما من رخص الحضر .
وقيل :ال يجوز ; ألنه رخصة ،فلم تبح له كرخص السفر ،واألول أولى ،وهذا ينتقض بسائر
رخص الحضر