Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 9

‫ملخص القواعد الفقهية‬

‫تعريف القاعدة الفقهية‪ُ :‬ح كٌم شرعي فقهي أغلبي‪ ،‬يؤخذ منه أحكام جزئيات كثيرة‪.‬‬

‫القواعد الفقهية الكبرى المشهورة خمس قواعد هي‪:‬‬


‫القاعدة األولى‪ :‬األمور بمقاصدها‪ ،‬ويتفرع منها ثالث قواعد‪:‬‬
‫‪" - 1‬ال ثواب إال بنية"‪.‬‬
‫‪" - 2‬النية شرط لصحة األعمال"‪.‬‬
‫‪" - 3‬العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني ال باأللفاظ والمباني"‪.‬‬

‫القاعدة الثانية‪ :‬اليقين ال يزول بالشك‪ ،‬ويتفرع منها أربع قواعد‪:‬‬


‫‪" - 1‬األصل بقاء ما كان على ما كان"‪.‬‬
‫‪" - 2‬األصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته"‪.‬‬
‫‪" - 3‬األصل في األشياء الطهارة"‪.‬‬
‫‪" - 4‬األصل براءة الذمة"‪.‬‬

‫القاعدة الثالثة‪ :‬المشقة تجلب التيسير‪ ،‬ويتفرع منها خمس قواعد‪:‬‬


‫‪" - 1‬الضرورات تبيح المحظورات"‪.‬‬
‫‪" - 2‬الضرورات تقدر بقدرها"‪.‬‬
‫‪" - 3‬إذا ضاق األمر اتسع"‪.‬‬
‫‪" - 4‬ال واجب مع العجز"‪.‬‬
‫‪" - 5‬الميسور ال يسقط بالمعسور"‪.‬‬

‫القاعدة الرابعة‪ :‬الضرر ُي زال‪ ،‬ويتفرع منها أربع قواعد‪:‬‬


‫‪" - 1‬الضرر ال ُي زال بمثله أو أعلى منه"‪.‬‬
‫‪" - 2‬الضرر ُيدفع قدر اإلمكان"‪.‬‬
‫‪" - 3‬تدفع أعلى المفسدتين بارتكاب أدتاهما"‪.‬‬
‫‪" - 4‬درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"‪.‬‬

‫القاعدة الخامسة‪ :‬العادة محكمة‪ ،‬أو قاعدة‪ :‬العرف‪ ،‬ويتفرع منها ثالث قواعد‪:‬‬
‫‪" - 1‬المعروف عرًف ا كالمشروط شرًطا"‪.‬‬
‫‪" -2‬المعروف عند التجار كالمشروط بينهم"‪.‬‬
‫‪" - 3‬التعيين بالعرف كالتعيين بالنص"‪.‬‬

‫وقد نظم هذه القواعد الخمس الكبرى بعض الشافعية فقال‪:‬‬


‫خمٌس مقررٌة قواعد مذهٍب‬
‫للشافعي فكن بهن خبيرا‬
‫ضرٌر يزال وعادٌة قد ُح كمت‬
‫وكذا المشقة تجلُب التيسيرا‬
‫والشك ال ترفع به متيقًنا‬
‫والقص< < < < < < < < < <<د أخلص إن أردت‬
‫ُأجورا‬

‫خمٌس مقررٌة قواعد مذهٍب‬

‫للشافعي فكن بهن خبيرا‬


‫ضرٌر يزال وعادٌة قد ُح كمت‬
‫وكذا المشقة تجلُب التيسيرا‬
‫والشك ال ترفع به متيقًنا‬
‫والقصد أخلص إن أردت ُأجورا‬

‫قاعدة األمور بمقاصدها تنقسم القواعد الفقهية من حيث اّت فاق فقهاء المذاهب عليها إلى القواعد الكلّية الكبرى والقواعد الفرعّية‪ ،‬وقد جعل‬
‫معظم العلماء القواعد الفقهّية الكلّية مقصورة على خمسة أقسام‪ ]١[،‬وتعّد هذه القواعد أساسّية؛ نظًر ا لما تتصف فيه من العموم والشمول‪،‬‬
‫ويتفّر ع عن كّل واحدة منها مجموعة من الفروع‪" ]٢[.‬األمور بمقاصدها" أي إّن األمور والشؤون ترتبط بالنّيات‪ ،‬واألصل في هذه القاعدة‬
‫الحديث الثابت في الصحيحين عن الرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسّلم‪ -‬أّن ه قال‪( :‬إَّن ما األْع ماُل بالِّن ّياِت‪ ،‬وإَّن ما ِلُك ِّل اْم ِر ٍئ ما َن َو ى‪ ،‬فَم ن كاَنْت‬
‫ِهْج َر ُتُه إلى ُد ْن يا ُيِص يُبها‪ ،‬أْو إلى اْم َر َأٍة َي ْن ِكُحها‪َ ،‬فِه ْج َر ُتُه إلى ما هاَج َر إَلْيِه)‪ ]٤[]٣[،‬وينبثق عنها مجموعة من الفروع‪ ،‬منها‪ ]٥[:‬ما ال‬
‫يشترط التعّر ض له جملة وتفصياًل إذا عّين المسلم ما ال يشترط التعّر ض له جملًة وتفصياًل ‪ ،‬فأخطأ في ذلك فال شيء عليه؛ كأن يكون قد‬
‫عّين أن يصلي في المكان كذا وفي الوقت كذا‪ ،‬أو أّن إماًما قد عّين من يصّلي خلفه‪ ،‬ثم بان خالف ذلك‪ .‬ما يشترط فيه التعيين يكون الخطأ‬
‫في هذه الحالة مبطًال‪ ،‬كمن صّلى العصر‪ ،‬وقد نوى أداء الّظ هر‪ ،‬وهناك ما يشترط التعّر ض له جملة ال تفصياًل ‪ ،‬فإذا عّينه وأخطأ في ذلك‬
‫ضّر ؛ كمن نوى أداء كفارة الظهار وعليه كفارة قتل؛ فحينها ال ُتجِز ُئه‪ .‬ما يشترط التعّر ض فيه للفرضّية وذلك في بعض العبادات‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫الكفارات‪ ،‬والصالة‪ ،‬والغسل‪ ،‬والزكاة إذا ُأخرجت بلفظ الصدقة‪ ،‬وال يجب التعّر ض لألداء والقضاء‪ .‬فيديو قد يعجبك‪ :‬ما يترّتب على‬
‫اإلخالص في المنوي وذلك بأن ُيخلص في نّيته هلل ‪-‬سبحانه وتعالى‪ ،-‬وال ُيشرك معه غيره؛ كما لو ذبح أحدهم األضحية هلل وللصنم‪ ،‬فإن‬
‫ذلك يوجب حرمة الذبيحة‪ ،‬ولهذا الفرع أقسام وتفريعات‪ .‬قاعدة اليقين ال يزول بالشك قاعدة اليقين ال يزول بالشك معناها‪ :‬أّن من تيّقن‬
‫ثبوت أمٍر ما فإّنه ال يرتفع إذا حصل له شّك مجّر د‪ ،‬فاليقين ال يزيله ما هو أضعف منه‪ ،‬والشّك في الفقه يعني الترّدد باستواء أو رجحان‪،‬‬
‫ولهذه القاعدة فروع فيما يأتي ذكرها‪ ]٦[:‬األصل بقاء ما كان على ما كان‪ .‬ما ثبت بزمان ُيحكم ببقائه على ما هو طالما لم يقم دليل على‬
‫خالفه‪ .‬األصل العدم‪ .‬األصل براءة الذّمة‪ .‬الحادث يضاف إلى أقرب وقت إليه‪ .‬ال عبرة للداللة إذا قابله تصريح‪ .‬السكوت في معِر ض‬
‫الحاجة بيان‪ .‬ال عبرة في الظّن الذي بان خطؤه‪ .‬ال عبرة للتوّهم‪ .‬األصل في الّصفات الطارئة والعارضة العدم‪ .‬من شّك في فعل شيء من‬
‫عدمه األصل أّنه لم يفعله‪ .‬من تيّقن أّنه فعل الفعل وشّك في القليل والكثير بنى على القليل؛ ألّنه القدر المتيّقن‪ .‬األصل اإلباحة إلى أن يرد‬
‫الدليل على التحريم‪ ،‬وعند أبي حنيفة عكسه‪ .‬األصل في األبضاع التحريم‪ .‬إذا عّمرت الذّمة بيقين ال تبرأ إال بيقين‪ .‬ال حّج ة مع االحتمال‬
‫الذي نشأ عن دليل‪ .‬قاعدة المشّقة تجلب التيسير األصل في قاعدة "المشّقة تجلب التيسير" قول هللا ‪-‬تعالى‪ُ( :-‬يِر يُد ُهَّللا ِبُك ُم اْلُيْس َر َو اَل ُيِر يُد‬
‫ِبُك ُم اْلُعْس َر )‪ ]٧[،‬والمقصود منها أّن المشّقة تجلب الّر خص بأنواعها؛ رخص العبادات‪ ،‬والمعامالت‪ ،‬والقصاص‪ ،‬والمناكحات‪ ،‬والظهار‪،‬‬
‫واأليمان‪ ،‬ورخص المجتهدين‪ ،‬ورخص األرّقاء‪ ]٨[،‬ويندرج تحتها مجموعة من القواعد‪ ]٩[:‬األمر إذا ضاق اّتسع‪ .‬الضرورات تبيح‬
‫المحظورات‪ .‬الضرورات تقدر بقدرها‪ .‬يسقط الواجب عند العجز‪ .‬الميسور ال يسقط بالمعسور‪ .‬قاعدة الضرر يزال األصل في قاعدة‬
‫الضرر ُيزال الحديث الوارد عن الرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسّلم‪( :-‬ال ضرَر وال ِض راَر )‪ ]١٠[،‬وينبني على هذه القاعدة عدٌد كبيٌر من‬
‫الفروع‪ ،‬وهي متداخلة مع قاعدة‪" :‬المشّقة تجلب التيسير"‪ ]١١[،‬ومن قواعدها الفرعية ما يأتي‪ ]١٢[:‬يدفع الضرر قدر اإلمكان‪ .‬ال ُيزال‬
‫الضرر بمثله‪ُ .‬يتحمل الضرر الخاص؛ لدفع ضرر أعّم ‪ُ .‬يراعى اختيار أخف الشّرين عند تعارضهما‪ .‬درء المفاسد أولى من جلب‬
‫ّل‬
‫المصالح‪ .‬قاعدة العادة محكمة المقصود من قاعدة العادة محكمة أّن العادة هي المرجع في األمور المتنازع عليها عند عدم وجود أد ة في‬
‫الشرع تفّصل في المسألة‪ ،‬وكّل عرف عادة والعكس ليس صحيًح ا؛ فهناك فرق دقيق بينهما‪ ]١٣[،‬وتندرج من هذه القاعدة مجموعة من‬
‫القواعد‪ ]١٤[:‬استعمال الناس حجٌة ينبغي العمل بها‪ .‬تكون العادة معتبرة إن اطردت أو غلبت‪ .‬العبرة للغالب ال للنادر‪ .‬الُعرف الذي يحمل‬
‫عليه اللفظ‪ ،‬هو الذي ُيقارن السابق ال المتأخر‪ .‬تترك الحقيقة بداللة العادة‪ .‬الكتاب كالخطاب‪ .‬اإلشارة لألخرس مثل بيان الناطق بلسانه‪.‬‬
‫المشتهر ُعرًف ا مثل المشروط شرًط ا‪ .‬ما يتعّين بالعرف كالذي يتعّين بالنص‪ .‬ما ُيعرف بين التجار بالعرف مثل الشرط بينهم‪ .‬تغير األحكام‬
‫االجتهادية ال ُينكر إذا تغّير الزمان‪.‬‬
‫سلسلة شرح القواعد الفقهية الكبرى القواعد‬
‫الفقهية ( مفهومها‪ ،‬ونشأتها‪ ،‬وأقسامها)‬
‫مجد جاسم·الثالثاء‪ ٣١ ،‬مايو ‪·٢٠١٦‬مجموعة عامة‬
‫تعريف القاعدة الفقهية ‪ :‬حكم شـرعـي في قـضية أغلبية يتعرف منها أحكام ما دخل تحتها ‪,‬أو ‪:‬هي أصل فقهي‬
‫كلي يتضمن أحـكـامـًا تشريعية عامة‪ ،‬من أبواب متعددة في القضايا الـتـي تـدخـل تـحـت مـوضـوعــه‪ .‬نحو‬
‫قاعدة‪ :‬األمور بمقاصدها‪ ،‬واليقين ال يزول بالشك‪ ،‬والضرر ُيزال‪ ،‬والعادة محكمة‪ ،‬والمشقة تجلب التيسير‪ .‬وهذه‬
‫هي القواعد الفقهية الكلية الخمس الكبرى‪ ،‬ودونها من القواعد الفقهية كثير‪.‬‬
‫الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد األصولية ‪ -1 :‬يعتبر علم أصول الفقه بالنسبة للفقه ميزانًا وضابطًا‬
‫لالستنباط الصحيح‪ ،‬وقواعده وسط بين األدلة واألحكام فهي التي يستنبط منها الحكم من الدليل التفصيلي‬
‫وموضوعها الدليل والحكم مثل‪ :‬األمر للوجوب‪ .‬أما القاعدة الفقهية فهي قضية أكثرية جزئياتها بعض مسائل‬
‫الفقه‪ ،‬وموضوعها فعل المكلف‪ .‬مثل ال ضرر وال ضرار‪ -2 .‬القواعد األصولية قواعد مطردة تنطبق على جميع‬
‫جزئياتها‪ ،‬بخالف القواعد الفقهية فهي أغلبية والحكم فيها يكون على أغلب الجزئيات ‪ ،‬ويستثنى منها بعض‬
‫المسائل‪ -3 .‬تعتبر القواعد األصولية وسيلة الستنباط األحكام الشرعية العملية‪ ،‬أما القواعد الفقهية فهي عبارة عن‬
‫مجموعة من األحكام المتشابهة التي ترجع إلى علة واحدة تجمعها‪ -4 .‬تعتبر القواعد الفقهية متأخرة في وجودها‬
‫الذهني والواقعي عن الفروع‪ ،‬أم األصول فالفرض الذهني يقتضي وجودها قبل الفروع‪ -5 .‬تتفق القاعدة الفقهية‬
‫والقاعدة األصولية في أن كًال منهما قواعد تندرج تحتها جزئيات‪ ،‬ويختلفان في أن قواعد األصول هي عبارة عن‬
‫المسائل التي تشملها أنواع من األدلة التفصيلية يمكن استنباط التشريع منها‪ ،‬وأما قواعد الفقه فهي عبارة عن‬
‫المسائل التي تندرج تحتها أحكام الفقه نفسها‪.‬‬

‫أنواع القواعد الفقهية ومراتبها ‪ :‬القواعد الفقهية ليست نوعًا واحدًا‪ ،‬وال كلها في مرتبة واحدة‪ ،‬وإنما هي أنواع‬
‫وراتب‪ ،‬ويرجع هذا التنوع إلى سببين رئيسيين‪ :‬ا ألول‪ :‬من حيث شمول القاعدة وسعة استيعابها للفروع‬
‫والمسائل الفقهية وتنقسم إلى ثالث مراتب ‪:‬‬
‫المرتبة األولى‪ :‬القواعد الكلية الكبرى ذوات الشمول العام والسعة العظيمة للفروع والمسائل حيث يندرج تحت‬
‫كِّل منها ُجُّل أبواب الفقه ومسائله وأفعال المكلفين إن لم يكن كلها‪ .‬وهذه القواعد ست هي‪ :‬قاعدة (إنما األعمال‬
‫بالنيات) أو (األمور بمقاصدها)‪ .‬قاعدة (اليقين ال يزول‪ ،‬أو ال يرتفع بالشك)‪ .‬قاعدة (المشقة تجلب التيسير)‪ .‬قاعدة‬
‫(ال ضرر وال ضرار) أو (الضرر يزال)‪ .‬قاعدة ( العادة محَّك مة)‪ .‬المرتبة الثانية‪ :‬قواعد أضيق مجاًال من‬
‫سابقاتها (وإن كانت ذوات شمول وسعة) حيث يندرج تحت كل منها أعداد ال تحصى من مسائل الفقه في األبواب‬
‫المختلفة‪ ،‬وهي قسمان‪ :‬ا) قسم يندرج تحت القواعد الكبرى ويتفرع عليها ‪ :‬مثال قاعدة‪( :‬الضرورات تبيح‬
‫المحظورات)‪ ،‬وهي تتفرع على قاعدة (المشقة تجلب التيسير) وقاعدة (ال ينكر تغير األحكام االجتهادية بتغير‬
‫األزمان) وهي مندرجة تحت قاعدة (العادة محَّك مة)‪ .‬ب) قسم آخر ال يندرج تحت أي منها ‪ :‬مثال قاعدة ‪:‬‬
‫(االجتهاد ال ينقض باالجتهاد)‪ .‬وقاعدة‪( :‬التصرف على الرعية منوط بالمصلحة)‪ .‬المرتبة الثالثة‪ :‬القواعد ذوات‬
‫المجال الضيق التي ال عموم فيها حيث تختص بباب أو جزء باب‪ ،‬وهذه التي تسمى بالضوابط جمع ضابط أو‬
‫ضابطة‪ ،‬ومنها ما ال يختص بباب كقولنا‪( :‬التابع تابع) ومنها ما يختص كقولنا‪( :‬كل كفارة سببها معصية فهي‬
‫على الفور)‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬من حيث االتفاق على مضمون القاعدة أو االختالف فيه وتنقسم إلى مرتبتين ‪:‬‬

‫المرتبة األولى‪ :‬القواعد المتفق على مضمونها عند جميع الفقهاء ومختلف المذاهب‪ .‬فمن قواعد هذه المرتبة‪ :‬كل‬
‫القواعد الكلية الكبرى وأكثر القواعد األخرى‪ .‬المرتبة الثانية‪ :‬القواعد المذهبية التي تختص بمذهب دون مذهب‬
‫أو يعمل بمضمونها بعض الفقهاء دون اآلخرين مع شمولها وسعة استيعابها لكثير من مسائل الفقه من أبواب‬
‫مختلفة‪ .‬وهذه تعتبر من أسباب اختالف الفقهاء من إصدار األحكام تبعًا الختالف النظرة في مجال تعليل األحكام‪.‬‬
‫ومن أمثلة هذه المرتبة‪ :‬قاعدة‪( :‬ال حجة مع االحتمال الناشئ عن دليل)‪ .‬وأساسها قولهم‪( :‬إن التهمة إذا تطرقت‬
‫إلى فعل الفاعل حكم بفساد فعله)‪ .‬وهذه القاعدة يعمل بها الحنفية والحنابلة دون الشافعية‪ ،‬وقد يعمل بها المالكية‬
‫ضمن قيود‪ ،‬ومنها عند الحنفية‪( :‬األصل أن جواز البيع يتبع الضمان)‪ .‬وأما عند الشافعي‪( :‬فإن جواز البيع يتبع‬
‫الطهارة)‪.‬‬

‫فائدة ‪ :‬الفرق بين القاعدة والضابط ‪:‬‬

‫القاعد الفقهية ‪ :‬تحصر مسائل فقهية في أبواب شتى ‪ :‬مثال ‪ :‬األمور بمقاصدها‪ ,‬ال ضرر وال ضرار ‪ ,‬العادة‬
‫محكمة‪ .‬الضابط ‪ :‬يحصر جزئيات ضمن باب واحد ‪ ,‬مثال ‪ :‬باب التيمم قالوا ‪ :‬كل شيء ال يطبع باإلحراق وال‬
‫يصير رمادًا يجوز به التيمم ‪.‬‬

‫مصادر القواعد الفقهية وتنقسم إلى قسمين‪:‬‬

‫القسم األول قواعد فقهية مصدرها النصوص الشرعية من كتاب وسنة‪ :‬فما كان مصدره نصًا من الكتاب الكريم‬
‫هو أعلى أنواع القواعد وأوالها باالعتبار حيث إن الكتاب الكريم هو أصل الشريعة وكليتها وكل ما عداه من‬
‫األدلة راجع إليه‪ ،‬فمن آيات الكتاب التي جرت مجرى القواعد‪ -1 :‬قوله تعالى‪( :‬وأحَّل هللا البيَع وحَّرم الِربا)‪.‬‬
‫البقرة‪ ،‬آية (‪ )275‬فقد جمعت هذه اآلية على وجازة لفظها أنواع البيوع ما أحل منها وما حَّرم عدا ما استثنى‪-2 .‬‬
‫قوله تعالى‪( :‬وال تأكلوا أموالُك م بيَنكم بالباطل)‪ .‬البقرة‪ ،‬آية (‪ .)188‬فهذه قاعدة شاملة لتحريم كل تعامل وتصرف‬
‫يؤدي إلى أكل أموال الناس وإتالفها بالباطل من غير وجه مشروع يحله هللا ورسوله‪ ،‬كالسرقة والغصب‪ ،‬الربا‪،‬‬
‫والجهالة‪ ،‬والضرر‪ ،‬والغرر‪ ،‬فكل عقد باطل يعتبر نوعًا من أكل أموال الناس بالباطل‪ -3 .‬قوله تعالى‪ُ( :‬خ ِذ العفو‬
‫وأُم ر بالُعرِف وأعِرض َع ِن الجاهلين)‪ .‬األعراف‪ ،‬آية (‪ .)199‬وهذه اآلية هي الجامعة لمكارم األخالق‪ .‬ومن‬
‫األحاديث الشريفة الجامعة التي جرت مجرى القواعد إلى جانب مهمتها التشريعية فإن الرسول صل هللا عليه‬
‫وسلم أوتي جوامع الكلم واختصر له الكالم اختصارًا ‪ -1‬قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬كل مسكر حرام) وقد سئل‬
‫عن حكم أنواع من األشربة‪ .‬فدل هذا الحديث على وجازة لفظه على تحريم كل مسكر من عنب أو غيره مائع أو‬
‫جامد‪ ،‬نباتي أو حيواني أو مصنوع‪ -2 .‬قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬ال ضرر وال ضرار)‪ .‬القاعدة الكلية الكبرى‪،‬‬
‫فهذا الحديث نص في تحريم الضرر بأنواعه ألن ال النافية تفيد استغراق الجنس فالحديث وإن كان خبرًا لكنه في‬
‫معنى النهي‪ ،‬فيصير المعنى (اتركوا كل ضرر وكل ضرار)‪ -3 .‬ومنها قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬المسلمون‬
‫عند شروطهم) فظاهر المعنى وجوب احترام كل ما رضيه المتعاقدان من الشروط‪ ،‬إال الشروط التي تحل الحرام‬
‫أو تحرم الحالل‪ ،‬كما ورد في رواية‪.‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬ما كان من غير النصوص‪ :‬وهو أنواع‪:‬‬

‫النوع األول‪ :‬قواعد فقهية مصدرها اإلجماع المستند إلى الكتاب والسنة‪ ،‬فمن أمثلة قواعد هذا المصدر‪ -1 :‬قولهم‪:‬‬
‫(ال اجتهاد مع النص) فهذه القاعدة تفيد تحريم االجتهاد في حكم مسألة ورد فيها نص من الكتاب أو السنة أو‬
‫اإلجماع ألنه إنما يحتاج لالجتهاد عند عدم وجود النص‪ ،‬أما عند وجوده فال اجتهاد إال في فهم النص وداللته‪-2 .‬‬
‫قولهم (االجتهاد ال ينتقض بمثله) أو باالجتهاد وهذا أمر مجمع عليه‪ .‬والمراد أن األحكام االجتهادية إذا فصلت بها‬
‫الدعوى على الوجه الشرعي ونفذت أنه ال يجوز نقضها بمثلها ألن االجتهاد الثاني ليس أولى من االجتهاد األول‪،‬‬
‫وألنه إذا نقض األول جاز أيضًا نقض الثاني بثالث والثالث بغيره فال يمكن أن تستقر األحكام‪ .‬ولكن إذا تبين‬
‫مخالفة االجتهاد للنص الشرعي أو لمخالفته طريق االجتهاد الصحيح‪ ،‬أو وقوع خطأ فاحش‪ ،‬فينقض حينئٍذ ‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬قواعد فقهية أوردها الفقهاء المجتهدون مستنبطين لها من أحكام الشرع العامة ومستدلين لها‬
‫بنصوص تشملها من الكتاب والسنة واإلجماع ومعقول النصوص مثل‪ -1 :‬قاعدة (األمور بمقاصدها) مستدلين لها‬
‫بقوله عليه الصالة والسالم‪( :‬إنما األعمال بالنيات) وقد جعلنا هذا الحديث رأس القاعدة وعنوانًا داًال عليها ال دليًال‬
‫لها‪ ،‬وُصِّدرت به موسوعة القواعد الفقهية تيمنًا واقتداء‪ -2 .‬ومثل قاعدة (اليقين ال يزول بالشك) المسَتَد ّل لها‬
‫بأحاديث كثيرة عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬مثل قوله عليه الصالة والسالم (إذا شك أحدكم في صالته فلم‬
‫يدر كم صلى أثالثًا أم أربعًا‪ ،‬فليطرح الشك وليبن على ما استيقن)‪ -3 .‬ومثل قاعدة‪( :‬المشقة تجلب التيسير) وهي‬
‫قاعدة رفع الحرج وقاعدة الرخص الشرعية‪ .‬وأدلتها كثيرة من الكتاب والسنة واإلجماع والمعقول‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬قواعد فقهية أوردها الفقهاء المجتهدون في مقام االستدالل القياسي الفقهي‪ ،‬حيث تعتبر تعليالت‬
‫األحكام الفقهية االجتهادية ومسالك االستدالل القياسي عليها‪ ،‬أعظم مصدر لتقعيد هذه القواعد وإحكام صيغها عند‬
‫استقرار المذاهب الفقهية الكبرى وانصراف أتباعها إلى تحريرها وترتيب أصولها وأدلتها‪ .‬وهذه القواعد التي‬
‫استنبطها الفقهاء المتأخرون من خالل أحكام المسائل التي أوردها أئمة المذاهب في كتبهم أو نقلت عنهم ال تخرج‬
‫عن نطاق أدلة األحكام الشرعية األصلية أو التبعية الفرعية‪ ،‬فالناظر لهذه القواعد والباحث عن أدلة ثبوتها وأساس‬
‫التعليل بها يراها تندرج كل منها تحت دليل شرعي إما من األدلة المتفق عليها كالكتاب والسنة واإلجماع‪ ،‬وإما من‬
‫األدلة األخرى كالقياس واالستصحاب والمصلحة أو االستصالح والعرف‪ ،‬واالستقراء‪ ،‬وغير ذلك مما يستدل به‬
‫على األحكام؟ ألنه ال يعقل ويستبعد جدًا أن يبني فقيه مجتهد حكمًا لمسألة فقهية‪ ،‬أو يعلل لمسائل فقهية معتمدًا‬
‫على مجرد الرأي غير المدعوم بأدلة الشرع أو معتمدًا على الهوى والتشهي‪ ،‬فهم رحمة هللا عليهم كانوا أجَّل‬
‫وأورع وأتقى وأخشى هلل من أن يفتي أحدهم أو يحكم في مسألة أو يقضي بحكم غير مستند إلى دليل شرعي‬
‫مقرر‪ ،‬وسواء اتفق عليه أم اختلف الفقهاء في اعتباره فمن استند إلى القياس ال يقال‪ :‬إنه حكم بغير ما أنزل هللا‪:‬‬
‫ألن هناك من ُينكر القياس وال يعمل به‪ .‬وكذلك من استند في حكمه إلى المصلحة الغالبة أو مصلحة غلب على‬
‫ظنه وجودها ال يقال‪ :‬إن حكمه مخالف للشرع ألن غيره من الفقهاء قد ال يعمل بالمصلحة وال يستدل بها‪ ،‬أو ال‬
‫يرى في هذه المسألة مصلحة‪ ،‬وكذلك بالنسبة للعرف أو قول الصحابي‪ ،‬أو شرع من قبلنا‪ ،‬أو سد الذرائع أو‬
‫االستقراء أو غير ذلك من األدلة أو مواطن االستدالل التي ما عمل بها من عمل إال مستدًال لها بأدلة من الكتاب أو‬
‫السنة أو المعقول المبني على قواعد الشرع وِح كمه‪ .‬أمثلة ‪( -1 :‬إنما يثبت الحكم بثبوت السبب) هذه قاعدة أصولية‬
‫فقهية استنبطها الفقهاء المجتهدون من اإلجماع ومعقول النصوص‪ ،‬فمثًال‪ :‬يثبت وجوب صالة الظهر وتعلقها في‬
‫ذمة المكلف بزوال الشمس‪ ،‬فزوال الشمس سبب لثبوت الوجوب للصالة‪ ،‬فلو لم يثبت الزوال لم يثبت الوجوب‪،‬‬
‫وقد يستدل لها بقوله تعالى‪( :‬أِقم الصالة ِلُدلوِك الشمس) اإلسراء‪ ،‬آية (‪ -2 )78‬ومنها قولهم‪( :‬األيمان في جميع‬
‫الخصومات موضوعة في جانب المدعى عليه إال في القسامة)‪ ،‬وهذه القاعدة مستنبطة من الحديث‪( :‬البينة على‬
‫المدعي واليمين على المَّد عى عليه)‪ -3 .‬ومنها قولهم‪( :‬إذا اجتمعت اإلشارة والعبارة واختلف موجبهما ُغ ِّلبت‬
‫اإلشارة)‪ .‬وهذه القاعدة مستنبطة من المعقول والعرف‪.‬‬

‫خالصة القول أن القاعدة الفقهية ليست دليال قائما بذاته ولكنها مستمدة من األدلة الشرعية الثابتة ولذا فإن‬
‫أصل القاعدة ومصدرها يتنوع حسب اختالف الدليل الذي استمدت منه‪ ،‬وتكتسب القاعدة قوة أو ضعفا حسب‬
‫هذا المصدر الذي استمدت منه‪.‬‬

‫هل يجوز أن نجعل القاعدة الفقهية دليًال يستنبط منه الحكم الشرعي ؟‬

‫هناك رأيان لهذه المسألة‪ :‬الرأي األول‪:‬وهو الرفض‪ ،‬ويرى أصحاب هذا الرأي أنه ال يسوغ اعتبار القواعد‬
‫الفقهية أدلة شرعية الستنباط األحكام لسببين‪ :‬األول‪ :‬أن هذه القواعد ثمرة للفروع المختلفة وجامع ورابط لها‪،‬‬
‫وليس من المعقول أن يجعل ما هو ثمرة وجامع دليًال الستنباط أحكام الفروع‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن معظم هذه القواعد ال تخلو عن المستثنيات‪ ،‬فقد تكون المسألة المبحوث عن حكمها من المسائل‬
‫والفروع المستثناة‪ ،‬ولذلك ال يجوز بناء الحكم على أساس هذه القواعد‪ ،‬وال يسوغ تخريج أحكام الفروع عليها‪،‬‬
‫ولكنها تعتبر شواهد مصاحبة لألدلة يستأنس بها في تخريج األحكام للوقائع الجديدة قياسًا على المسائل الفقهية‬
‫الدَّو نة‪.‬‬

‫الرأي الثاني‪ :‬وهو التفصيل؛ حيث إن القواعد الفقهية تختلف من حيث أصولها ومصادرها أوًال‪ ،‬ثم من حيث‬
‫وجود الدليل على حكم المسألة المبحوث عنها ثانيًا‪ ،‬فإذا كانت القاعدة نصًا قرآنيًا كريمًا فهي قبل أن تكون قاعدة‬
‫أو تجري مجرى القواعد فهي دليل شرعي باالتفاق فهل إذا جرى النص القرآني مجرى القاعدة خرج عن كونه‬
‫دليًال شرعيًا معموًال به‪ ،‬وال يجوز تقديم غيره عليه‪ .‬وأما إذا كانت القاعدة مبنية على دليل شرعي من األدلة التي‬
‫اختلف في اعتبارها فيجب الرجوع أوًال إلى األدلة المتفق عليها فإذا وجد الحكم بأحدها يستأنس بالقاعدة وال يحكم‬
‫بها‪ ،‬وإال نظر إلى الدليل الذي بنيت عليه القاعدة فإن أمكن إعطاء المسألة حكمًا بموجبه (عند من يعتبرونه دليًال)‬
‫كان بها واعتبرت القاعدة دليًال تابعًا يستأنس به‪.‬‬

‫فإن القواعد الفقهية ‪-‬كما عرفها العلماء‪ -‬هي أصول ومبادئ كلية في نصوص موجزة تتضمن‬
‫أحكامًا تشريعية عامة في الحوادث التي تدخل تحت موضوعها‪.‬‬
‫وقد صاغ الفقهاء قواعد كثيرة بعبارات موجزة تدخل تحتها فروع كثيرة من أبواب مختلفة من‬
‫الفقه‪ ،‬وألفوا فيها كتبًا كثيرة ومن هذه القواعد خمس قواعد متفق عليها‪ ،‬وقصرها بعضهم على‬
‫أربعة فقط‪ ،‬وهي األربع األولى التي سنذكرها ‪-‬إن شاء هللا تعالى‪ ،‬وهذه القواعد هي‪:‬‬
‫القاعدة األولى‪ :‬اليقين ال يزول بالشك‪.‬‬
‫قال المقري في قواعده‪ :‬المعتبر في األسباب والبراءة وكل ما تترتب عليه األحكام‪ :‬العلم‬
‫اليقين‪ ،‬ولما تعذر في أكثر الصور أقيم الظن مقامه لقربه منه وبقي الشك ملغى على‬
‫األصل‪ .‬ومن فروع هذه القاعدة‪ :‬لزوم البناء على اليقين لمن شك أصلى ثالثا أو أربعا؟ ألن‬
‫األربعة وجبت بيقين وال تبرأ الذمة إال بيقين‪ ،‬ولهذا قلنا‪ :‬اليقين ال يرفع بالشك‪ .‬ومن فروعها‪:‬‬
‫لزوم البينة على المدعي‪....‬‬
‫واألصل في هذه القاعدة ما جاء في الصحيحين وغيرهما من أن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫قال‪ :‬في الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصالة أيقطع الصالة؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬حتى يسمع صوتًا‬
‫أو يجد ريحًا‪.‬‬
‫قال الوالتي‪ :‬وهذه القاعدة تشتمل على قاعدة العمل باستصحاب األصل‪ ،‬وتندرج تحتها قاعدة‪:‬‬
‫إلغاء الشك في المانع‪ ،‬واعتباره في المقتضي الشرط‪.‬‬
‫القاعدة الثانية‪ :‬إزالة الضرر‪ ،‬أو الضرر يزال‪.‬‬
‫أي وجوب إزالة الضرر عمن نزل به‪ ،‬واألصل في هذه القاعدة ما رواه مالك في الموطأ أن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪ :‬ال ضرر وال ضرار‪.‬‬
‫قال الوالتي‪ :‬ألن الشريعة مبنية على جلب المصالح ودفع المفاسد‪ ،‬وتندرج تحت هذه القاعدة‪،‬‬
‫قاعدة‪ :‬ارتكاب أخف الضررين‪.‬‬
‫ومن فروعها‪ :‬شرع الزواجر من الحدود‪ ،‬والضمان‪ ،‬ورد المغصوب‪ ،‬أو ضمانه بالتلف‪،‬‬
‫والتطليق باإلضرار‪ ،‬وباإلعسار‪..‬‬
‫القاعدة الثالثة‪ :‬المشقة تجلب التيسير‪.‬‬
‫أي كلما وقعت المشقة حسًا جاء التيسير شرعا‪.‬‬
‫واألصل في هذه القاعدة قوله تعالى‪َ :‬و َم ا َج َع َل َع َلْي ُك ْم ِفي الِّد يِن ِم ْن َح َر ٍج [الحج‪.]78:‬‬
‫ومن فروعها‪ :‬األخذ باألخف والرخص كجواز القصر والجمع والفطر في السفر‪....‬‬
‫قال الوالتي‪ :‬والمشقة قسمان‪ :‬قسم ال تنفك عنه العبادة فال يوجب تخفيفًا ألن العبادة قررت‬
‫معه‪ ،‬كالوضوء في البرد والصوم في الحر‪...‬‬
‫وقسم تنفك عنه وهو ثالثة أقسام‪ :‬فإن كان في مرتبة الضروريات عفي عنه إجماعًا كما إذا‬
‫كان فيه هالك نفس أو تلف عضو‪.....‬‬
‫وإن كان في مرتبة التتميمات "التحسينات" لم يعف عنه إجماعًا كما إذا كان فيه مجرد جهد‬
‫فقط‪ ،‬وإن كان في مرتبة الحاجيات‪ :‬فمحل خالف‪ ،‬كما إذا كان فيه مرض خفيف‪....‬‬
‫القاعدة الرابعة‪ :‬العادة محكمة‪ ،‬أو العادة معتبرة‪.‬‬
‫قال الوالتي‪ :‬إن كان ما تدخل فيه العادة أي عادة العوام القولية والفعلية من األحكام الشرعية‬
‫فهي عاملة فيه أي محكمة فيه‪ :‬تخصصه إن كان عامًا‪ ،‬وتقيده إن كان مطلقًا‪ ،‬وتبينه إن كان‬
‫مجمًال‪ .‬والذي يدخل فيه عادة العوام القولية وتحكم فيه هو ألفاظ الناس في األيمان والمعامالت‬
‫من العقود والفسوخ‪ ،‬واالقرارات‪ ،‬والشهادات‪ ،‬والدعاوى؛ وهي في غلبة استعمال اللفظ في‬
‫معنى غير معناه األصلي‪ ،‬سواء كان جزئي معناه األصلي أم ال حتى يصير هو المتبادر إلى‬
‫الذهن منه عند اإلطالق‪ ،‬ويصير المعنى األصلي كالمهجور‪ ،‬مثال تخصيص العرف للعام‪:‬‬
‫حمل يمين من حلف أال يركب دابة على ذوات األربع فال يحنث بركوب غيرها من كل ما‬
‫يدب على وجه األرض‪ ،‬فلفظ الدابة لغة يشمل كلما يدب على وجه األرض‪ ،‬لكن العادة القولية‬
‫خصصته بذوات األربع‪ ..‬وهكذا العادة الفعلية‪.‬‬
‫ْأ‬
‫واألصل في هذه العادة قوله تعالى‪ُ :‬خ ِذ اْلَع ْف َو َو ُمْر ِباْلُعْر ِف َو َأْع ِر ْض َع ِن اْلَج اِهِليَن [األعراف‪:‬‬
‫‪.]199‬‬
‫وقوله صلى هللا عليه وسلم لهند بنت عتبة‪ :‬خذي من ماله ما يكفيك وولدك‬
‫بالمعروف‪ .‬والحديث في الصحيحين‪.‬‬
‫ومن فروعها‪ :‬تقدير النفقات الواجبة للزوجات واألقارب‪ ....‬وما هو األنسب من متاع البيت‬
‫للرجال‪ ،‬وما هو األنسب للنساء عند النزاع في ذلك‪.....‬‬
‫القاعدة الخامسة‪ :‬األمور تتبع المقاصد‪ ،‬أو األمور بمقاصدها‪.‬‬
‫يعني أن األمور تتبع المقاصد فإن كان حسنا كان حسنا‪ ،‬وإن كان قبيحًا كان قبيحًا‪ ،‬واألصل‬
‫في هذه القاعدة‪ :‬قوله صلى هللا عليه وسلم‪ :‬إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما‬
‫نوى‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫ومن فروعها‪ :‬تمييز العبادات من العادات بالقصد‪ ،‬وتمييز مراتب العبادات بالقصد ألن القصد‬
‫"النية" شرط صحة في العبادات المحضة‪ ،‬وشرط لحصول الثواب في جميع األعمال‪.‬‬
‫وتندرج تحت هذه القاعدة قاعده‪ :‬سد الذرائع إلى الفساد‪ :‬وقيل‪ :‬إن قاعدة تبع األمور للمقاصد‪،‬‬
‫ترجع إلى قاعدة‪ :‬اليقين ال يرفع بالشك‪ ،‬ألن الشيء إذا لم يقصد فنحن على يقين من عدم‬
‫حصوله‪.‬‬
‫قال الوالتي رحمه هللا‪ :‬وهذه القواعد ذكرها القاضي حسين وقال‪ :‬إن فروع الفقه كلها آيلة‬
‫إليها‪ ،‬وبحث بعضهم في ذلك فقال‪ :‬إن في رجوع جميع الفقه إليها تعسفًا‪ ،‬ألن أصوله منتشرة‬
‫تتضح بالتفصيل‪ ،‬ثم قال‪ :‬وهذه القواعد الخمس ال خالف بين العلماء في كونها أصوًال تبنى‬
‫عليها فروع الشريعة‪ ،‬وإنما الخالف بينهم في تفصيل ذلك‪ ....‬ثم قال‪ :‬وقال الشيخ عز‬
‫الدين‪ :‬أحكام الشرع كلها تعود إلى جلب المصالح‪ ،‬ودرء المفاسد‪ .‬وقال الشيخ الشنقيطي في‬
‫نشر البنود‪ :‬ورجوع فروع الفقه إلى هذه األصول فيه تكلف‪ ....‬فلو زيدت األصول التي ترجع‬
‫إليها فروع الفقه مع وضوح الداللة لزادت على المائتين‪.‬‬
‫والحاصل أن القواعد الخمس التي اتفق عليها علماء الفقه واألصول والتي ال خالف بينهم في‬
‫كونها أصوًال تبنى عليها الفروع هي‪:‬‬
‫‪ -1‬اليقين ال يرفع بالشك‪.‬‬
‫‪ -2‬وجوب إزالة الضرر‪.‬‬
‫‪ -3‬المشقة تجلب التيسير‪.‬‬
‫‪ -4‬العادة محكمة‪ ،‬أو العرف معتبر‪.‬‬
‫‪ -5‬األمور تتبع المقاصد‪.‬‬

You might also like