Professional Documents
Culture Documents
المستند
المستند
قسم فلسفة
الموضوع :المنهج البنيوي
المقدمة
المنهج البنيوي نهج من المناهج النقدية الحديثة التي ظهرت في القرن العشرين ،واصبح منهجًا قريبًا من مناهج
االدب ،وقد نشأ هذا المنهج في المدارس النقدية الغربية ،ثم انتقل الى المدراس النقدية الشرقية ،ومنها النقد
العربي الذي أدخل هذا المنهج ورّح ب به .وهذا البحث يهدف الى التعريف بالمنهج البنيوي ونشأته وميزاته
ويسّل ط الضوء على إيجابياته وسلبياته وأهدافه ،ويركز على التحليل البنيوي على مستويات اللغة ليكشف عن
مكامن االبداع والجمال في النص االدبي.وقد اقتضت طبيعة البحث ومادته أن ينقسم على تمهيد وثالثة مباحث؛
فتناول التمهيد نشوءالمذهب البنيوي؛ وتناول المبحث االول داللةمصطلح البنيوية ،و ميزات هذا المنهج
وسلبياته ،ومفهوم البنية التكوينيةوكيفية معالجته النصوص األدبية .وتناول المبحث الثاني البنيوية التكوينية
ومفهومها ،فيما تناول المبحث الثالث التحليل البنيوي ؛ إذ كان تطبيقًا لقواعد هذا المنهج ،وكانت المادة
المختارة ( قصيدة أبي فراس الحمداني الرائية) لتحليلها بشكل كامل ،وتلت المباحث خاتمة بأهم النتائج التي
وصل إليها البحث وفي الختام أقول :هذا جهد المقل ،فإن وفقت فمن هللا سبحانه ،وإن اخفقت فمن هللا .
////////////////////////////////////
ينظر :البنيوية بين فرنسة وروسية (ش.م) ،غريمون ريغون 10 :
( )4ينظر :البنيوية بين فرنسة وروسية (ش.م) ،غريمون ريغون 10 :
///////////////////////////////////////
نشأة البنيوية :
ظهرت البنيوية اللسانية في منتصف العقد الثاني من القرن العشرين مع رائدها فردیناند دي سوسير ،من خالل
كتابه ) محاضرات في اللسانيات العامة ) ،الذي ُن شر في باريس عام 1916م ،وكأن الهدف من الدرس اللساني
التعامل مع النص االدبي من الداخل ،وتجاوز الخارج المرجعي وعده نسقًا لغويًا في سكونه وثباته ،وقد حقق
هذا المنهج نجاحه في الساحتين اللسانية واالدبية حينما انكب عليه الدراسون بلهفة كبيرة ؛للتسّلح به واستعماله
منهجًا وتصورًا في التعامل مع الظواهر األدبيةوالنصية واللغوية .وقد أصبح المنهج البنيوي أقرب المناهج إلى
األدب ؛ألنه يجمع بين االبداع وخاصيته االولى وهي اللغة في بوتقة ثقافية واحدة .وعندما ظهرت البنيوية
اللغوية عند (سوسیر) دفع (بارت) و (تودروف) الى الكشف عن عناصر النظام في االدب ( ،)2اما في نظرية
علم اللغة فإن سوسير يرى موضوع علم اللغة الصحيح والوحيد هي اللغة ذاتها من اجل ذاتها ،وقد وجدت
البنيوية في فرنسا بيئة صالحة للنمو والتكاثر ،واصبحت البنيوية الفرنسية هي الشكل المعبر عن الطموح
البنيوي () 4؛ إذ برزت حاجة ماسة منذ أواسط الخمسينات إلى تيار فكري جديد يستطيع تجاوز ما في الوجودية
من إفراط ومغاالة في الحرية الفردية ،كما عجزت الوجودية عن التغلب على الخبرة السياسية وااليدولوجية
التي خلفتها القطيعة مع الشيوعية السوفيتية وقد بدأت البنيوية كأنها تتيح ألتباعها قرارًا فكريًا جديرًا باالحترام
من مواجهة قصور الماركسية والوجودية على السواء ،وهذا االمر يعّبر أيضًا عن أزمة وجود اليسار الفرنسي
بعد انفصالهعن الشيوعية السوفيتية ؛ بسبب الدكتاتورية التي انتهجها(شتالني ) والتي شوهت الحركة الماركسية
(. ) 6أما ظهور البنيوية في أمريكا ،فقد تأخر بعض الوقت بسبب استمرار شعبية وجودية ( سارتير) وتشديدها
على حرية اإلنسان وأهمية الذات وهي افكار تتفق مع المنظومة الثقافية االمريكية بالدرجة االولى ،ومن ثم
كانت هذه االفكار ذات تأثير شديد على المثقف االمريكي؛ ورّبما يعود ذلك الى اختالف المزاجين الثقافيين
الفرنسي واالمريكي؛ إذ إن المسعى المصرفي األمريكي ينطلق من تقاليد مختلفة ؛ فاألمريكيون يقللون من
أهمية التأريخ وينظرون إلى المستقبل ،والفرنسيون إلى غيره ويحفظون الماضي(.)4وثمة من يرى أن الفضل
األكبر في ظهور البنيوية الفرنسية في نيويورك يعود الى رومان يوكاسبون) الذي نزح بعد االحتالل النازي
لباريس إلى اسكندنافيا ،ثم الواليات المتحدة ،وكان علم اللغة االمريكي عبر بأفضل االطوار ،وهو الطور
السلوكي ؛ فقدم يوكاسبون محاضراته الشهيرة (الصوت والمعنى لمثقفي الواليات المتحدة ،وشكلت البنيوية
جاذبيةفكرية غذت العقل االوربي(.)6أما في الوطن العربي ؛ فقد وصلت أطروحات البنيوية في
أواخرالتسعينات وبداية السبعينات ؛ ذلك ظهرت رغبة التحديث عند النقاد العرب؛ وذلك بإعالن حالة التمرد
والمقاطعة للمناهج السياقية المتداولة التي أصبحت في نظرهم عاجزة عن اإليفاء بـ( متطلبات دراسة النص )(
.) 2وقد رغب بعض النقاد العرب بإصباغ النقد العربي الحديث بصبغة تقوم على طبيعة العلم الحديث الذي
يتمتع بالموضوعية ( )4ومنهم عبد السالم المسدي ؛ إذ وصف التمثيل البنيوي بأنه قضّية ،بقوله (( التبس أمرها
بيننا ،واصطبغت في مناخنا العربي بما لم تصبغ به غيرنا : ،تلك هي قضية البنيوية ))(.)6وخالصة لما تقدم
فإن فكرة النظام والنسق الذي يتحكم بعناصر واجزاء ذلك النص مجتمعة ،والذي يمكن أن يظهر من خالل
شبكة العالقات العميقة بين المستويات النحوية واالسالمية واإليقاعية ،فهي مستمدة فكرة العالقات اللغوية التي
تعد أساسًا من أسس نظرية (دي سويسر).من التي اوضحها حين قال بأن اللغة ليست مفردات محددة المعاني ،
ولكنها مجموعة عالقات ؛ بمعنى أن الكلمة ال يتحدد معناها اال بعالقاتها بعدد من الكلمات ؛ وأن العالقة بين
صوت الكلمة ال يتحدد معناها إال بعالقتها بعدد الكلمات ؛ وأن العالقة بين صوت الكلمة ومفهومها كما يرى
سويسر عالقة تعسفية ؛ بمعنى أن ال عالقة لمفهوم الكلمة بصوتها ؛ بدلیل اختالف صوت هذا الشيء بين لغة
واخرى ،فبناء اللغة أو نظامها ال يتمثل إال في بين الكلمات ،وهي تمثل نظامًا متزامنًا ،حيث أن هذه العالقات
من العالقات مترابطة (.)8
الداللة اللغوية لكلمة (بنية)
تشتق كلمة (بنية) من الفعل الثالثي (بنى) ؛ وتعني البناء أو الطريقة ،وتدّل أيضًا على معنى التشييد والعمارة
والكيفية التي يكون البناء عليها ،اوالكيفية التي شيد عليها (.)2
الداللة االصطالحية لكلمة (بنية)
يقدم جان بياجيه تعريفًا للبنية بقوله :هي نسق من التحويالت تحتوي على قوانينه الخاصة ،علمًا بأن شأن هذا
النسق أن يظل قائمًا ويزداد ثراًءبفضل الدور الذي تقوم به هذه التحوالت أنفسها ، ،من دون أن تخرج عن ذلك
النسق أو نستعين بعناصر خارجية ؛ وبإيجاز إن البنية تتألف حدود ثالث خصائص هي :الكلية ،والتحوالت ،
والضبط الذاتي (.)4
خصائص البنية :
الكلية أو الشمول (الجملة) أ-
ُيراد بهذا المصطلح (( أن البنية ال تتألف من عناصر خارجية تراكميةمستقلةمن عن (الكل) ،بل هي تتكون من
عناصر داخلية خاضعة للقوانين الممّيزة للنسق من حيث هو (نسق) ،وال تريد تركيب قوانين هذا النسق
إلى(ارتباطات تراكمية ،بل تضفي على الكل من حيث هو خواص المجموعةباعتبارها سمات متمايزة عن
خصائص العناصر وهذا يعني أن البنية تشكل من عناصر لغوية متعددة ،غير أنها تتماسك في ما بينها وتنسجم
على الرغم من اختالفاتها جملة واحدة او (كًال واحدًا) ،وليس المهم في النسق العنصر أو الكل ،بل العالقات
القائمةهذه بين العناصر.
التحوالت : ب-
إن خاصة هذه التحوالت توضح القانون الداخلي للمتغيرات داخل البنيةالتي ال يمكن أن تظل في حالة ثبات ؛
ألنها دائمة التحول ،وتأكيدًا لذلك ترى البنيوية أن كل نص يحتوي ضمنيًا على نشاط داخلي يجعل كل
عنصرفيه عنصرًا بانيًا لغيره ومبنيًا في الوقت ذاته ؛ ولهذا أخذت البنيوية هذه السمة بعين االعتبار لتحاصر
تحول البنية وما قد يعتريها من بعض التغير وترى ايضًا أن هذه السمة تعّبر عن حقيقة هامة في البنيوية ،وهي
أن البنية ال يمكن أن تظل في حالة يكون مطلق ،بل هي دائمًا تقبل من التغيرات ما ينسجم مع الحاجات المحددة
من قبل عالقات النسق أوتعارضاته ؛ فاألفكار التي يحتويها النص االدبي تصبح مثال التحول سببًا لبزوغ افكار
جديدة (.)4
ج _ التنظيم الذاتي او ( الضبط الذاتي):
///////////////////////////////
/مشكلة البنية
/مشكلة البنية
ينظر :نظرية األدب المعاصرة وقراءة الشعر ،ديفيد بشبندر .61
ُيراد بهذه الميزة أن البنية تكتفي بذاتها ؛ أي انها تستطيع أن تضبط نفسها ،وهذا الضبط الذاتي يؤدي الى
الحفاظ عليها والى نوع من االنغالق إن البنية وفق هذا الكالم ال تستثمر وظيفتها من عالقتها بالواقع الخارجي،
بل من انتظامها الداخلي الذي يعمل على شد العناصر بعضها إلى بعض بشكل يؤدي إلى أن يكون فيه النظام أو
النسق ككل ثابتًا منغلقًا على نفسه ،على الرغم من خضوعهما الى مبدأ التحويالت ،غير أن هذا المبدأ ال.يسمح
بتالشي أو عدم تالقي البنيات داخل النظام ،بل تظل مترابطةومتناسقة في ما بينها ؛ ألن قانون (الكل) القائم
على نهج مرسوم وفقًا لعمليات منتظمة ؛ لجمع هذه البنيات .وهذايعني أن البنيوية تسعى الى توحيد جميع العلوم
في نظام واحد ،وأن تفسر علميًا كل الظواهر االنسانية ،ومن ثم فهي بحث شمولي استوعب واستقطب اهتمام
المجاالت المعرفية عامة ،وبذلك فهو يسعى إلى اكتشاف بنية االشياء ،ويتخذ من البنية أسمه ومرتكزه ،وال بد
أن يحمل جوهرها وخصائصها وذاتها
أهداف البنيوية :
أوال :اكتشاف قواعد التراكيب وآلية تشكيل المعنى في النص ؛ ألن البنيوية ُت عد النواة لالتجاهات التي جاءت
بعدها كالتفكيكية السيمولوجيا والتلقي.
/////////////////////
ينظر :مشكلة البنية ،ابراهيم زكريا 30 :
ينظر :مشكلة البنية ،ابراهيم زكريا 30 :
ان البنيوية تختلف عن غيرها ؛ذلك أنها تعيد بناء الشيء من خالل عمليتين اساسيتين هما:
آ -االقتطاع :وهو اقتطاع االجزاء الدالة على الشيء للكشف عن كيفيةقيامها بوظائفها ومدى تأثيرها في الكل .
ب التركيب :وهو تركيب هذه االجزاء بعد اكتشاف قوانين حركتها .
مستويات البنيوية :
المستوى الصوتي :وُت درس فيه الحروف وميزاتها وتكويناتهاالموسيقية من بنر وتنغيم وإيقاع . -1
المستوى الصرفي :وُت درس فيه الوحدات الصرفية ووظيفتها في التكوين اللغوي والداللي . -2
3المستوى المعجمي :وُيدرس الكلمات حسيًاوتجريديًا ،وأسلوبيًا.
المستوى النحوي :وُت درس فيه الخصائص الداللية الجمالية . -3
المستوى الداللي :وُيدرس فيه تحليل المعاني الُمباشرة وغيرالمباشرة . -4
المستوى الرمزي :وُيدرس فيه المعنى الثاني ألغة داخل اللغة -5
– 7المستوى القولي :وهو دراسة تحليل تراكيب الجمل لمعرفةخصائصها األساسية والثانوية .
/////////////////////////
ينظر :النقد االدبي الحديث أصوله واتجاهاته ،احمد كمال زكي ،192-191:في
الحديث ،د .طالب رهيف السلطاني .68-67 :النقد االدبي.
المبحث الثاني
البنيوية التكوينية او التوليدية
هي فرع من فروع البنيوية نشأ استجابة لسعي بعض المفكرين والنقادالماركسيين للتوفيق بين طروحات البنيوية
في صيغتها الشكالنية وأسس الفكر الماركسي أو الجدلّي كما ُيسمى في تركيزه على التفسير المادي الواقعي
للفكر والثقافة وقد أسهم عدد من المفكرين في صياغة هذا االتجاه ،منهم المجري جور لوكاش والفرنسي بيبر
بورديو ،غير أن المفكر الكثر اسهامًا من غيره في تلك الصياغة هو الفرنسي الروماني الصل ) لوسيان
غولدمان) ،وكانت طروحات (غولدمان) نابعة من طروحات المفكر والناقد المجري (جورج لوكاش) الذي
طّو ر النظرية الماركسية النقدية باتجاهات سمحت لتيار كالبنيوية التكوينية بالظهور على النحو الذي ظهرت
به ،في الوقت الذي أفاد فيه من دراسات السويسري جان بياجيه لقد سعى غولدمان إلى تأسيس علم حقيقي
لواقع االنسان ،فخرج بين النظريات والفلسفات ،كالماركسية وطروحات فلسفة (كانت) و (هيفل) و(بياجيه) و
(لوكاش) وكان سعيه من ذلك إيجاد دليل علمي لبنيويةشتراوس وفلسفة التوسير لدراسة المجتمع إن الثبوتية
التكوينية التي تزعمها الناقد والمفكر (غولدمان ) جاءت كرد فعل على الغالف النص عند البنوين ،إذ ربط هذا
الناقد النص بحركة التأريخ االجتماعي الذي ظهر فيه تلمسًا خطى مرجعه االساس ( جورج لوكاش) الى جانب
اهتمامه بدراسة بنية النص االدبي دراسة تكشف الدرجةالتي يجّسد بها النص بنية الفكر العالم) عن طبقة او
مجموعةاجتماعية ينتمي إليها الكاتب.
2-البنية الداّلة :تقوم البنية الدالة بتحقيق هدفين ؛ األول يتعلق بفهم االعمال األدبية من حيث طبيعتها والكشف
عن داللتها ،وهذا الهدف يبدواكثر ارتباطًا بعملية الفهم ،اما الثاني فيتعلق بالحكم على القيم الفلسفية.
//////////////////////
ينظر :المنهجية في علم االجتماع االدبي ،غلودمان لوسیان .15 :
ينظر :المنهجية في علم االجتماع االدبي ،غلودمان لوسيان .15 :
واالدبية في إطار التصور البنيوي التكويني ،أي يحتوي على بينة دالةتقابلها بنية فكرية خارجية هي بنية احدى
رؤى العالم ،غير أن هذه البنية الدالة ال يمكن إدراكها إال بتجاوز المظهر الخارجي للعمل الروائي.
فمفهوم البنية الدالة ال يفترض فقط وحدة األجزاء ضمن كلية النص والعالقة الداخلة بين العناصر ،بل يفترض
في الوقت نفسه االنتقال من رؤية سكونية إلى رؤية دينامية ،أي مرصدة النشأة الوظيفية ،وقد أكد غولدمان
على االنسجام بين البنيات أي اقامة عالقة انعكاس ميكانيكي بين الوعي الجمعي والعمل األدبي .
– 3الوعي القائم والوعي الممكن :الوعي من المفاهيم التي يصعب تحديدها ،وقد عّر فه غولدمان بأنه مظهر
معني لكل سلوك بشري يستتبع العمل ،وأن كلمة مظهر تفرض وجود ذات عارفة وموضوعًا للمعرفة ،وهذه
الذات العارفة ليست ألفراد أو جماعة ،بل هي بنية متغيرة ينضوي تحتهافرد او جماعة او عدد معين من
الجماعات ،وكل واقعة اجتماعية هي واقعة وعي من بعض جوانبها ،وكل وعي قبل كل شيء تمثيل لقطاع
معين من الواقع على وجه التقريب ،وهكذا فإن كل واقعة اجتماعية تستتبع وقائع وعي ؛ ولذلك فإن العنصر
البنيوي األساسي لوقائع الوعي تلك هو درجة تالؤمها او درجة الالتالؤم مع الواقع .ويميز غولدمان بين نمطين
من الوعي ،هما :الوعي الواقع ،والوعي الممكن ،فالوعي الواقعي :هو وعي ال يتوافر صاحبه على
إمكانيةالتأمل فيه ،فيفكر بالسلوك أكثر مما يفكر بالذهن .أما الوعى الممكن فال يصله الفرد الفكرية لجماعة من
أجل أن يبني بواسطتها مستوى متبلور لمصالح الجماعة واهدافها .
- 4-رؤية العالم :إن رؤية العالم من أهم العناصر التي تبنى عليها البنيويةالتكوينية كما صاغها (غولدمان )
وهذا المفهوم استعمله كثير من المفكرين السابقين امثال (ديلثي) ،و (ياسبرز) و (لوكاش) ويذهب غولدمان إلى
أن رؤية العام في العمل األدبي هي ليست من إبداع األفراد ؛ إذ يرى أن األدب والفلسفة هما اللذان يعبران عن
رؤية العالم .
ومن هنا يمكن القول إن رؤية العالم تتجاوز ما هو واقعي إلى ما هو مستقبلي ،وما دامت األعمال الروائية
الكبرى تتميز بشمولية الرؤية ؛ فإنهاوحدها التي تملك رؤية العالم ،فتعبر تعبيرًا كليًا وشموليًا عن قيم
وطموحات ومشاعر الجماعة التي تؤمن بها .
إيجابيات المنهج البنيوي وسلبياته :
إن المنهج البنيوي كبقية المناهج األخرى واضعه انسان ومطبقه انسان ،وال بد أن تكون له إيجابيات وسلبيات،
ويمكن أن تتلخص االيجابيات في المتطلبات الصارمة التي يفرضها على قارئ األدب ،فالقارئ ال يكون مجرد
و للمتعة أو التسلية أو أن يكون غير ملم بقواعد اللغة وفنون القول ،لكن هذا المطلب في الوقت نفسه يحد من
انتشار األدب ؛ بسبب صعوبة العثورعلى عدد كبير من القراء ليتحّلى بهذا المستوى الممتاز الذي يخلق نوعًا
من االرستقراطية األدبية ومن إيجابيات الروح النقدية العالية التي يتطلبها من القارئ ،بحيث يشارك مشاركة
إيجابية وفّع الة في تصور امكانيات النص وتوقع الحلول المتعددة للقضايا المعروضة للقارئ ( ،)4ومن
اإليجابيات االخرى ما ذكرها أبوديب حسين أستاذ بالمنهج ،ودعا إلى اصطناع المنهج البنيوي في
دراسةالظاهرة األدبية.
أما سلبيات المنهج البنيوي فهي :
1-ان البنيوية كما يفهم من لفظها تعتمد على بنية النص وبيان العالقات التي تربط بين كيانه اللفظي والمادي،
لتصل إلى حكم أدبي ،فهي وإن كانت
ال تهمل الدراسة العالئقية لأللفاظ ،فهي تهمل الوحدة الموضوعية ودوافع االبداع وأثر المبدع ،ومن هنا فإنها
تقع في خطر ميكانيكية التحليل
-2التحليل البنيوي يقف عاجزًا أمام التفريق بين االعمال األدبية الجيدةوالرديئة القديمةوالجديدة ؛ والسيء أنه
تحليل وصفي صوري ال يهتم بالقيمة ،وهذا يؤدي بدوره إلى تشويه األعمال األدبية وإلغاء خصوصيتها
- 3اعتمدت البنيوية لغة األرقام والمعادالت الرياضية ؛ األمر الذي جعل مادة النقد جاّفة يعزف عنها القراء
-4-إن كثرة المصطلحات وغموضها في البنيوية يجعل منهما صعبًا إال من قبل المتخصصين ،بل حتى
المتخصصين قلما يفهم بعضهم بعضًا في هذا المجال .
-5إن البنيوية تخضع لشروط محّد دة ،وترفض أي شيء خارج عنها ؛ولذلك فهي منغلقة على نفسها ،وليست
منفتحة كالدراسات الحديثة .
إن البنيوية مدرسة ال مذهبية وال فكرية ،وتقوم على االقتطاع والتركيب. -6
#مبادىءالمنهج البنيوي:
يهتم التحليل البنيوي بالكشف عن القوانين الكلية ،إما باالستنباط أواالستدالل من خالل تحليل األثر من أجل
إعطاء صفة اإلطالق على تحليله وقد حدد روالن بارت) مجموعة من االجراءات التي يتبعها المحلل البنيوي
في ممارسته لتحليل الظاهرة ،وهو كما يأتي
يبدأ المحلل البنيوي بتفكيك الظاهرة او الموضوع الكتشاف عناصره التكوينية ،أي بناه الذرية ،ومن -1
ثم يقوم بدراسة العالقات التي تربط عناصر الظاهرة بعضها ببعض .
إعادة تركيب عناصر الظاهرة من خالل الكشف التي فككناها وتأملنا عالقتها ووظائفها عن عالقات -2
العناصرإن هدف هذا النشاط اإلمساك بالبنية أو العّلة الصورية للظاهرة ،العلةوهي التي ترتبط
بالظاهرة في العقل حينما يقوم العقل بتجريد أنموذج عقلّي للموضوع يمثل صورة الموضوع ،فيصبح
تصور األنموذج العقلي هو تصور للبنية نفسها ؛ أي أن البنية هي التصور العقلي لعالقات عناصر
الموضوع ووظائفه وهناك مبادئ جوهرية يتوجب على المحلل البنيوي أن ينطلق منها ،وهي :
ضرورة التركيز على الجوهر الداخلي للنص االدبي والتعامل معه من أية افتراضات سابقة من أي -1
نوع من مثل عالقته بالواقع دون االجتماعي أو التأريخي...الخ.
- 2يقف التحليل البنيوي عند حدود اكتشاف هذه البنية في النص األدبي ،فهو جوهرها ،وحين ،التعرف عليها
يهتم بالعالقات القائمةأكثر من تحليل داللتها أو معناها ،عن طريق االستعانة بلغة النص .
3-يتم التركيز الكتشاف بنية النص على إظهار التشابه والتناظروالتعارض والتضاد والتوازي والتجاور والتقابل
بين المستويات النحوية وااليقاعية واألسلوبية ،إذ يتم التحليل الصوتي من خالل إظهار الوقف والبنر والمقطع
الصوتي والوزن والقافية ،أما تحليل التركيب فيتم بدراسة أركانه كالمبتدأ والخبر .
البحث عن داللة النص عبر الوصف المتوزع في النص ،وتكون داللته في الصوت والجملة ، -3
كالرمز والصورة والموسيقى ،وذلك في نسيج العالقات اللغوية.
-5االعتماد على مبدأ الثنائيات ؛ ألنها تسّهل السيطرة على الموضوع الخاضع للتحليل البنيوي ،وهي تبدأ بالدال
والمدلول ،والتعاتب والتزامن ،واللغة والكالم .
6-ومن ثم عمل جداول أو مصفوفات باالعتماد على التصنيف أو الفرز .
وهذا يعني أن التحليل البنيوي محاولة للتسلل إلى داخل النص من منطلقات المنهج البنيوي ولكن قد ال تتوافق
هذه المحاولة مع صواب القارئ؛ إذ التحليل البنيوي محاولة لقراءة بنيويته رّبما تقترب في البنى الكامنة للنص
الذي مخفي في طياته دالالت متعددة تنقل القارئ من الخصوص إلى األفق العام .
الخاتمة
توصلت هذه الدراسة إلى مجموعة من النقاط ،يمكن أيجازها باآلتي:
إن البنيوية تتطلب معانيه متعَّمقة في النص ،وهذه المعاينة نابعةمن رؤية شمولية للنص تتجاوز شرط -1
الزمان والمكان ،والفرد واللغة ،وتجّسد عالقة جدلية بين الجزئي والكلي والعام و الخاص.
إن للبنيوية قدرة على إضاءة العالم ،الثقافة واألدب واإلنسان ،إضاءة جديدة تمنح الفكر النقدي صالبة -2
أشد ،وقدرة أكبر على معاينه النصوص وفهم دالالت مكوناتها..
البنيوية لغة األرقام والمحاوالت الرياضية ؛ ألنها تنظر إلى النص من الداخل؛ فهي منغلقة على نفسها -3
،وتقوم على سجن النص ،وموت المؤلف ،مع إهمال حركة التاريخ .
إن تطبيق المنهج البنيوي في تحليل النصوص الدبية يكشف عن قيمة هذا المنهج ؛ ألنه يتناول جزئيات -4
النص ويعيد تجميعها من جدید لتكشف عن مكامن اإلبداع في النصوص.
#قائمة المصادر والمراجع:
ينظر :النقد االدبي الحديث أصوله واتجاهاته ،احمد كمال زكي ،192-191:في
الحديث ،د .طالب رهيف السلطاني .68-67 :النقد االدبي.
ينظر :نظرية األدب المعاصرة وقراءة الشعر ،ديفيد بشبندر .61
:مشكلة البنية ،ابراهيم زكريا 30 :
مشكلة البنية ،ابراهيم زكريا 30 :
:البنيوية بين فرنسة وروسية (ش.م) ،غريمون ريغون 10 :
() :البنيوية بين فرنسة وروسية (ش.م) ،غريمون ريغون 10 :