Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 83

‫أ‬

‫جامعة محمد بوقّر ة – بومرداس‪-‬‬


‫كلّي ة الحقوق والعلوم السياسية‬
‫قسم القانون العام‬

‫جريمة التحريض في التشريع‬


‫الجزائري‬
‫شكر‬
‫مذّك رة مقّد مة لنيل شهادة الماستر في القانون العام‬
‫تخّص ص‪ :‬قانون عام معمق‬

‫وعرفان‬
‫أل‬ ‫إعداد الطالبين‪:‬‬
‫إشراف ا ستاذة‪:‬‬
‫‪ ‬جمعة حميدة‬ ‫‪ ‬تمازيرت أ يوب‬

‫وعرفان‬
‫بومزراق لبنى‬ ‫‪‬‬
‫نحمد هللا عزوجل ونشكره على توفيقه إلتمام هذا العمل وإنجازه على هذا الوجه‪.‬‬

‫وإمتثاال لقول املصطفى صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬


‫المناقشة‬
‫يشكر هللا"‪...‬‬ ‫" من ال يشكر لجنة‬
‫الناس ال‬
‫الجامعة‬ ‫الصفة‬ ‫الرتبة‬ ‫اإلسم واللقب‬
‫والتقدير لألستاذة املشرفة "جمعة حميدة"‪..‬‬ ‫أ‬
‫نرفع أسمى عبارات الشكر ‪.‬‬
‫على قبولها اإلشراف على هاته املذكرة وتوجيهاتها ونصائحها القيمة‪.‬‬

‫كما نقدم بالشكر ألعضاء لجنة املناقشة الذين تفضلو وقبلوا مناقشة‪ ،‬هذا العمل‬
‫املتواضع‪..‬‬

‫ونتقدم بخالص تشكراتنا لكل من اعاننا من قريب أو من بعيد إلنهاء هذا العمل‪.‬‬
‫السنة الجامعية ‪2024-2023‬‬

‫الّطالب‪ :‬تمازيرت أيوب‬

‫الّطالبة‪ :‬بومزراق لبنى‬


‫اإلهداء‬
‫أقف على عتبة تخرجي‪ ،‬رافعة قبعتي بفخر‪ ،‬لم تكن الرحلة سهلة وقصيرة ولم يكن الحلم قريبا ‪ ،‬لكن‬
‫بفضل هللا فعلتها‪ ،‬فالحمد هلل حبا وشكرا وامتنانا ‪...‬‬
‫أهدي هذا االنجاز املتواضع ‪...‬‬
‫*‪...‬إلى الذين قال فيهم الرحمان ‪ « ...‬وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين احسانا » حفظهما هللا‬
‫وألبسهما لباس الصحة والعافية ‪...‬‬
‫*‪....‬إلى الذي زين اسمي بأحلى األلقاب‪ ،‬من دعمني بال حدود وأعطاني بال مقابل ‪ ،‬صاحب السيرة‬
‫العطرة فخري واعتزازي‪ " ،‬والـ ـ ــدي قـ ـ ــدوتـ ـ ــي " ‪...‬‬
‫*‪...‬إلى التي جعل هللا الجنة تحت أقدامها وسهلت لي الشدائد بتضحياتها ودعائها ‪ ،‬سر قوتي ‪ ،‬وشمعة‬
‫ضلمتي ‪ ،‬أعظم من في الوجود " أمـ ـ ـ ــي غ ــال ـي ــتي "‪...‬‬
‫*‪...‬وكل الذين قيل فيهم سنشذ عضدك بأـخيك ‪ ،‬من يمد يده دون كلل الحتوائي وقت ضعفي‪ ،‬أمان‬
‫أيامي " أخ ـ ـ ــي " ‪..‬‬
‫* إلى من تزيح األشواك عن طريق نجاحي‪ ،‬داعمتي إناء حزني وأفراحي ‪ ،‬من زرعت الثقة بداخلي وامنت‬
‫بقدراتي القلب الحنون " أخ ـتـ ـ ـ ــي " ‪...‬‬
‫* إلى روح جـ ـ ــدتي الطاهرة‪ ،‬عزيزتي الغائبة الحاضرة دائما في فؤادي طاملا تمن رؤيتي متخرجة ناجحة ‪،‬‬
‫رحمك هللا ومأل قبرك بالرضا والنور ‪...‬‬
‫* إلى حلوتي " ل ـ ـ ـ ــوتي " صانعة ابتسامتي ‪...‬‬
‫* إلى جميع األصدقاء الحقيقيين في وفائهم ‪...‬‬

‫الّطالبة‪ :‬بومزراق لبنى‬


‫اإلهداء‬
‫أهدي ثمرة جهدي املتواضع إلى‪:‬‬
‫التي كانت مصدر قوتي وقدرتي في طلب العلم والتي شجعتني على إتمام الدراسة غرست في قلبي حب‬
‫العلم واملعرفة ومن كان دعائها سر نجاحي‪ ،‬إلى "أمي الغالية"‪ ...‬فاللهم أحفظها لي يارب وأرزقها‬
‫الصحة والعافية‪..‬‬
‫إلى قدوتي في الحياة الذي تعب وتحمل املصاعب من أجل تربيتي وتعليمي‪....‬‬
‫إلى من أحمل اسمه بكل افتخار ‪ ..‬إلى من كلله هللا بالهيبة والوقار‬
‫أرجو من هللا أن يرحمك ويتقبلك من الشهداء وستبقى كلماتك نجوم أهتدي بها اليوم وفي الغد وإلى‬
‫األبد "أبي الغالي"‪ ...‬رحمه هللا‬
‫أدعو هللا أن يرحمك ‪ .‬و يجعلكما فخرا لنا اللهم أمين‪...‬‬
‫إلى سندي وعوني في الحياة إخوتي‪..‬‬
‫إلى كل األصدقاء ومن كانوا برفقتي ومصاحبتي أثناء الدراسة‪....‬‬
‫وإلى كل من لم يبخل جهدا في مساعدتي وفي تلقيني ولو بحرف في حياتي الدراسية‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫الّطالب‪ :‬تمازيرت أيوب‬


‫قائمة المختصرات‬
‫ج ر ‪ :‬جريدة رسمية‬

‫مج ‪ :‬مجلد‬

‫د ج ‪ :‬دينار جزائري‬

‫د د ن ‪ :‬دون دار النشر‬

‫د س ‪ :‬دون سنة‬

‫د ط ‪ :‬دون طبعة‬

‫ص ‪ :‬صفحة‬

‫ق ع ‪ :‬قانون العقوبات‬

‫ق ع ج ‪ :‬قانون العقوبات الجزائري‬

‫م ج ‪ :‬المشرع الجزائري‬
‫مقّد مة‬
‫م ـقـ ـ ـّد م ـ ـ ـ ــة‪:‬‬

‫منذ األزل‪ ،‬كان االنسان في سعي دائم لتحقيق ما يتطلع إليه من رغبات‪ ،‬اختار في‬
‫س‪55‬بيل ذل‪55‬ك مس‪55‬الك متع‪55‬ددة‪ .‬وفي ه‪55‬ذا الس‪55‬ياق‪ ،‬انح‪55‬رف بعض‪55‬هم نح‪55‬و اتب‪55‬اع ط‪55‬رق تخ‪55‬الف‬
‫القانون‪ ،‬مفضلين الجريمة كوسيلة سريعة وسهلة لتحقيق أهدافهم‪.‬‬

‫الجريمة‪ ،‬بتعريفها القانوني‪ ،‬تمثل أي سلوك يصدر عن فرد أو يتخذ ش‪55‬كل االمتن‪55‬اع‬
‫عن فع‪55‬ل مح‪55‬دد‪ ،‬وال‪55‬ذي ي‪55‬رتب علي‪55‬ه النظ‪55‬ام الق‪55‬انوني عقوب‪55‬ة مس‪55‬بقة النص نظ ‪ً5‬ر ا لتج‪55‬ريم‬
‫ذلك السلوك‪ ،‬فهي بمثابة االنح‪5‬راف عن المس‪5‬ارات المقبول‪5‬ة اجتماعًي ا وال‪5‬تي ُتعت‪5‬بر خرًق ا‬
‫للقواع‪55‬د المعم‪55‬ول به‪55‬ا‪ ،‬مم‪55‬ا يس‪55‬توجب تط‪55‬بيق الج‪55‬زاءات على الفاع‪55‬ل‪ ،‬وق‪55‬د يك‪55‬ون م‪55‬رتكب‬
‫الجريم‪55‬ة ف‪55‬رًد ا وحي ‪ً5‬د ا‪ ،‬حيث ينبث‪55‬ق الفع‪55‬ل اإلج‪55‬رامي من نش‪55‬اطه الشخص‪55‬ي دون مش‪55‬اركة‬
‫الغير‪ ،‬ما ينتج عنه جريمة منفردة ناتجة من مرتكب واحد‪ ،‬بينما في س‪55‬ياقات أخ‪55‬رى‪ ،‬ق‪55‬د‬
‫تظه ‪55‬ر الجريم ‪55‬ة كنتيج ‪55‬ة لتع ‪55‬اون إج ‪55‬رامي متع ‪55‬دد األف ‪55‬راد‪ ،‬حيث تتك ‪55‬اتف الجه ‪55‬ود وتتح ‪55‬د‬
‫النواي‪55‬ا بين شخص‪55‬ين أو أك‪55‬ثر به‪55‬دف إنج‪5‬از العم‪55‬ل اإلج‪5‬رامي‪ ،‬وه‪55‬و م‪55‬ا ُيص‪55‬طلح علي‪55‬ه في‬
‫معظم األنظمة الجنائية بالمساهمة الجنائية أو االشتراك في الجريمة‪.‬‬

‫التح‪55‬ريض‪ ،‬كمفه‪55‬وم ق‪55‬انوني وكفع‪55‬ل ُيع‪55‬اقب علي‪55‬ه‪ ،‬يعت‪55‬بر من األم‪55‬ور المحوري‪55‬ة في‬
‫النظ‪55 5‬ام الجن‪55 5‬ائي وُيع‪55 5‬الج بدق‪55 5‬ة ض‪55 5‬من األط‪55 5‬ر القانوني‪55 5‬ة لعدي‪55 5‬د من ال‪55 5‬دول‪ ،‬بم‪55 5‬ا في ذل‪55 5‬ك‬
‫الجزائر‪ .‬فقد كان المحرض قب‪55‬ل س‪55‬نة ‪ 1982‬يعت‪55‬بر ش‪55‬ريكا في الجريم‪55‬ة طبق‪55‬ا للم‪55‬ادة ‪42‬‬
‫و ليس ف ‪55‬اعال أص ‪55‬ليا‪ ،‬لكن المش ‪55‬رع الجزائ ‪55‬ري خ ‪55‬الف أغلب تش ‪55‬ريعات ال ‪55‬دول‪ ،‬و ح ‪55‬ول‬
‫التح‪55‬ريض من أفع‪55‬ال االش‪55‬تراك إلى األفع‪55‬ال األص‪55‬لية‪ ،‬و ذل‪55‬ك في تع‪55‬ديل ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات‬
‫‪ 04-82‬حيث نق‪55 5‬ل الفق‪55 5‬رة ‪ 1‬من الم‪55 5‬ادة ‪ 42‬إلى الم‪55 5‬ادة ‪ « : 41‬يعت‪55 5‬بر ف‪55 5‬اعال ك‪55 5‬ل من‬
‫ساهم مساهمة مباش‪5‬رة في تنفي‪5‬ذ الجريم‪5‬ة أو ح‪5‬رض على ارتك‪5‬اب الفع‪5‬ل بالهب‪5‬ة أو الوع‪5‬د‬
‫أو تهدي ‪55‬د أو إس ‪55‬اءة اس ‪55‬تعمال الس ‪55‬لطة أو الوالي ‪55‬ة أو التحاي ‪55‬ل أو الت ‪55‬دليس االج ‪55‬رامي »‪. 1‬‬

‫عدلت بالقانون رقم ‪ 04-82‬المؤرخ في ‪ 13‬فبراير ‪(.1982‬ج‪.‬ر‪ 7‬ص‪)318.‬‬ ‫‪1‬‬

‫حررت في ظل األمر رقم ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 08‬يونيو ‪ 1966‬كما يلي‪:‬‬


‫يعتبر فاعال كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫م ـقـ ـ ـّد م ـ ـ ـ ــة‪:‬‬

‫على أساس أن المحرض له نية الفاعل وله مصلحة من وراء الجريم‪5‬ة المحرض‪5‬ة و ه‪5‬و‬
‫الذي خلق الجريمة‪.2‬‬

‫بن‪55 5‬اًء على الم‪55 5‬ادة ‪ 41‬من ق‪55 5‬انون العقوب‪55 5‬ات الجزائ‪55 5‬ري الم‪55 5‬ذكورة س‪55 5‬ابقا‪ُ ،‬يع‪55 5‬رف‬
‫التحريض بأنه دعوة أو تش‪5‬جيع ف‪5‬رد أو مجموع‪5‬ة أف‪5‬راد على ارتك‪5‬اب جريم‪5‬ة أو مخالف‪5‬ة‪،‬‬
‫فالق‪55‬انون الجزائ‪55‬ري ُيش‪55‬دد على محاس‪55‬بة المح‪55‬رض ح‪55‬تى وإ ن لم ت‪55‬رتكب الجريم‪55‬ة بالفع‪55‬ل‪،‬‬
‫م ‪55‬ا يؤك ‪55‬د على الطبيع ‪55‬ة الوقائي ‪55‬ة والردعي ‪55‬ة له ‪55‬ذه التش ‪55‬ريعات‪ ،‬فه ‪55‬ذا النص يض ‪55‬ع اإلط ‪55‬ار‬
‫الق ‪55 5‬انوني لمس ‪55 5‬ؤولية المحرض ‪55 5‬ين‪ ،‬مش ‪55 5‬يًر ا إلى أهمي ‪55 5‬ة ال ‪55 5‬دور ال ‪55 5‬ذي يلعبون ‪55 5‬ه في تف ‪55 5‬اقم‬
‫الس‪55 5‬لوكيات اإلجرامي‪55 5‬ة ض‪55 5‬من المجتم‪55 5‬ع‪ ،‬وبالت‪55 5‬الي‪ ،‬يعكس الرؤي‪55 5‬ة الش‪55 5‬املة للق‪55 5‬انون في‬
‫مكافح‪55‬ة الجريم‪55‬ة من ج‪55‬ذورها‪ ،‬معت‪55‬بًر ا التح‪55‬ريض جريم‪55‬ة بح‪55‬د ذات‪55‬ه‪ ،‬س‪55‬واء أفض‪55‬ى إلى‬
‫جريمة مادية أم ال‪.‬‬

‫ُيعتبر المح‪5‬رض ف‪5‬اعًال أص‪5‬لًيا في الجريم‪5‬ة نظ‪ً5‬ر ا ل‪5‬دوره الحاس‪5‬م في تش‪5‬جيع أو دف‪5‬ع‬
‫اآلخ‪55 5‬رين الرتك‪55 5‬اب فع‪55 5‬ل مج‪55 5‬رم‪ ،‬ه‪55 5‬ذا التص‪55 5‬نيف يس‪55 5‬تند إلى فك‪55 5‬رة أن التح‪55 5‬ريض ُيمث‪55 5‬ل‬
‫مس ‪55‬اهمة فكري ‪55‬ة ومعنوي ‪55‬ة ُتس ‪55‬اهم بش ‪55‬كل مباش ‪55‬ر في تحق ‪55‬ق الجريم ‪55‬ة‪ ،‬حيث ُيعت ‪55‬بر الفع ‪55‬ل‬
‫اإلجرامي نتيج‪5‬ة مباش‪5‬رة لت‪5‬أثير المح‪5‬رض‪ .‬ب‪5‬ذلك‪ُ ،‬ينظ‪5‬ر إلى المح‪5‬رض كمش‪5‬ارك رئيس‪5‬ي‬
‫في العملي ‪55‬ة اإلجرامي ‪55‬ة‪ ،‬وُيحم ‪55‬ل المس ‪55‬ؤولية الجنائي ‪55‬ة بم ‪55‬ا يتناس ‪55‬ب م ‪55‬ع دوره في تح ‪55‬ريض‬
‫الفاعلين اآلخرين‪.‬‬

‫إن االعتب‪55‬ار الق‪55‬انوني للمح‪55‬رض كفاع‪55‬ل أص‪55‬لي ُي برز األهمي‪55‬ة ال‪55‬تي ُتوليه‪55‬ا األنظم‪55‬ة‬
‫القانونية للعناصر المحرضة التي ُتس‪5‬اهم في تك‪5‬وين الني‪5‬ة اإلجرامي‪5‬ة وفي النهاي‪5‬ة‪ ،‬تحقي‪5‬ق‬
‫الفعل اإلجرامي نفس‪5‬ه‪ ،‬فه‪5‬ذا التق‪5‬ييم يؤك‪5‬د على ال‪5‬دور الض‪5‬روري لمعاقب‪5‬ة المحرض‪5‬ين في‬
‫اس ‪55 5‬تراتيجيات الوقاي ‪55 5‬ة من الجريم ‪55 5‬ة والح ‪55 5‬د من انتش ‪55 5‬ار الس ‪55 5‬لوكيات اإلجرامي ‪55 5‬ة ض ‪55 5‬من‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫د‪ .‬فريد روابح (محاضرات في القانون الجنائي العام) جامعة محمد لمين دباغيم – سطيف – كلية الحقوق‬ ‫‪2‬‬

‫مطبوعات الدروس لطلبة السنة الثانية ليسانس – ‪ . 2018.2019‬الصفحة ‪110‬‬

‫‪3‬‬
‫م ـقـ ـ ـّد م ـ ـ ـ ــة‪:‬‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫إنطالقا مما سبق فقد تكمن أهمية دراسة هذا الموضوع في‪:‬‬

‫دراس‪55‬ة موض‪55‬وع التح‪55‬ريض على الجريم‪55‬ة تحم‪55‬ل أهمي‪55‬ة كب‪55‬يرة لع‪55‬دة أس‪55‬باب رئيس‪55‬ية‬
‫تتعل‪55‬ق ب‪55‬الفهم العمي‪55‬ق لآللي‪55‬ات اإلجرامي‪55‬ة وتعزي‪55‬ز فعالي‪55‬ة النظ‪55‬ام الق‪55‬انوني والع‪55‬دالي‪ .‬إلي‪55‬ك‬
‫بعض الجوانب التي تبرز أهمية هذه الدراسة‪:‬‬

‫الوقاي ‪55‬ة من الجريم ‪55‬ة ومكافحته ‪55‬ا‪ :‬فهم كيفي ‪55‬ة وأس ‪55‬اليب التح ‪55‬ريض على الجريم ‪55‬ة‬ ‫‪-‬‬
‫يمكن أن يس ‪55 5‬اعد في تط ‪55 5‬وير اس ‪55 5‬تراتيجيات أك ‪55 5‬ثر فعالي ‪55 5‬ة للوقاي ‪55 5‬ة من الج ‪55 5‬رائم‬
‫ومكافحتها‪ ،‬بما في ذلك التدخل المبكر لمنع األفراد من التحول إلى مجرمين‪.‬‬
‫فهم األبعاد النفس‪55‬ية واالجتماعي‪55‬ة‪ :‬التح‪55‬ريض على الجريم‪55‬ة ينط‪55‬وي على عوام‪55‬ل‬ ‫‪-‬‬
‫نفسية واجتماعية معقدة‪ .‬الدراسة في هذا المجال تساهم في فهم كي‪55‬ف ت‪55‬ؤثر ه‪55‬ذه‬
‫العوامل على سلوك األفراد وتقودهم إلى ارتكاب أفعال إجرامية‪.‬‬
‫تحس ‪55‬ين األط ‪55‬ر القانوني ‪55‬ة‪ :‬البحث والدراس ‪55‬ة المتعمق ‪55‬ة ح ‪55‬ول التح ‪55‬ريض يمكن أن‬ ‫‪-‬‬
‫تساعد في تطوير وتحديث الق‪5‬وانين والتش‪5‬ريعات لتعكس بش‪5‬كل أفض‪5‬ل التح‪5‬ديات‬
‫الحديثة والمتطورة في مجال الجريمة والعقاب‪.‬‬

‫أسباب إختيار الموضوع‪:‬‬

‫إن أب‪55‬رز األس‪55‬باب ال‪55‬تي دفعتن‪55‬ا لإختي‪55‬ار ه‪55‬ذا الموض‪55‬وع راج‪55‬ع إلى أهميت‪55‬ه بالدرج‪55‬ة‬
‫األولى كما أن االنتشار الواس‪5‬ع لظ‪5‬اهرة التح‪5‬ريض ق‪5‬د بلغت مس‪5‬تويات عالي‪5‬ة من التط‪5‬ور‬
‫باألخص في مواقع التواصل االجتماعي التي أضحت تهدد الشباب الذين نعتبرهم الحلق‪55‬ة‬
‫الحساسة و البارزة في المجتمع‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫تتمثل األهداف الرئيسية للموضوع في‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫م ـقـ ـ ـّد م ـ ـ ـ ــة‪:‬‬

‫فهم آلي‪55 5‬ات التح‪55 5‬ريض وتأثيرات‪55 5‬ه‪ :‬ته‪55 5‬دف الدراس‪55 5‬ة إلى استكش‪55 5‬اف وفهم الط‪55 5‬رق‬ ‫‪.1‬‬
‫والوسائل التي يتم بها التحريض على الجريمة‪ ،‬باإلضافة إلى ت‪55‬أثيرات المح‪5‬رض‬
‫على الف ‪55‬رد والمجتم ‪55‬ع‪ .‬يش ‪55‬مل ذل ‪55‬ك تحلي ‪55‬ل األس ‪55‬اليب النفس ‪55‬ية واالجتماعي ‪55‬ة ال ‪55‬تي‬
‫يستخدمها المحرضون إلقناع أو دفع اآلخرين الرتكاب أعمال إجرامية‪.‬‬

‫تحديد المسؤولية الجنائية‪ :‬من خالل دراسة التحريض‪ ،‬تسعى الدراسات القانونية‬ ‫‪.2‬‬
‫إلى تحديد وتوضيح المع‪55‬ايير القانوني‪55‬ة لمس‪5‬ؤولية المحرض‪55‬ين جنائًي ا‪ ،‬بم‪55‬ا في ذل‪55‬ك‬
‫التمي‪55‬يز بين المح‪55‬رض وغ‪55‬يره من األط‪55‬راف المش‪55‬اركة في الجريم‪55‬ة مث‪55‬ل الف‪55‬اعلين‬
‫الماديين والمعنويين‪.‬‬

‫تعزي‪55‬ز العدال‪55‬ة والمس‪55‬اواة‪ :‬تس‪55‬تهدف الدراس‪55‬ة تعزي‪55‬ز تط‪55‬بيق العدال‪55‬ة بش‪55‬كل ع‪55‬ادل‬ ‫‪.3‬‬
‫ومتس ‪55 5‬اوي‪ ،‬من خالل ض ‪55 5‬مان أن يتم معاقب ‪55 5‬ة المحرض ‪55 5‬ين بش ‪55 5‬كل مناس ‪55 5‬ب وفًق ا‬
‫لدورهم ومسؤوليتهم في الجرائم التي يتم ارتكابها‪.‬‬

‫تعزيز األمن العام‪ :‬تساهم الدراسات في مجال التحريض في تطوير آليات‬ ‫‪.4‬‬
‫وسياسات أمنية فعالة تهدف إلى حماية المجتمع من األنشطة اإلجرامية‪ ،‬بما في‬
‫ذلك اإلرهاب والتطرف‪ ،‬اللذين غالًبا ما يكون التحريض جزًء ا ال يتجزأ منهما‪.‬‬

‫حدود الدراسة‪:‬‬

‫تحددت الدراسة ب‪:‬‬

‫الحدود المكانية‪ :‬لق‪55‬د تم الترك‪55‬يز في ه‪55‬ذه الدراس‪55‬ة على اإلقليم الوط‪55‬ني الجزائ‪55‬ري‬
‫وه ‪55 5‬ذا من خالل تس ‪55 5‬ليط الض ‪55 5‬وء على نظ ‪55 5‬رة المش ‪55 5‬رع الجزائ ‪55 5‬ري في معالجت ‪55 5‬ه لق ‪55 5‬انون‬
‫العقوبات الذي يعتبر اتجاها جديدا خرج عن االتجاه التقليدي ‪.‬‬

‫الحدود الزمنية‪ :‬االتجاه الجديد الذي اتخذه قانون العقوبات الجزائري بشأن اعتبار‬
‫المح‪55 5‬رض ف‪55 5‬اعًال أص‪55 5‬ليًا وليس مج‪55 5‬رد ش‪55 5‬ريك في الجريم‪55 5‬ة يمث‪55 5‬ل تح‪55 5‬وًال مهم ‪ً5 5‬ا في فهم‬
‫وتط ‪55‬بيق الق ‪55‬انون على ج ‪55‬رائم التح ‪55‬ريض‪ .‬ه ‪55‬ذا التغي ‪55‬ير ي ‪55‬أتي مواكب ‪ً5‬ا للحاج ‪55‬ة إلى معالج ‪55‬ة‬

‫‪5‬‬
‫م ـقـ ـ ـّد م ـ ـ ـ ــة‪:‬‬

‫أك ‪55‬ثر فعالي ‪55‬ة لألفع ‪55‬ال ال ‪55‬تي تس ‪55‬اهم في تحف ‪55‬يز أو تش ‪55‬جيع الج ‪55‬رائم‪ ،‬ح ‪55‬تى وإ ن لم يش ‪55‬ارك‬
‫المح‪55‬رض مباش‪55‬رة في تنفي‪55‬ذها‪ .‬من خالل توس‪55‬يع نط‪55‬اق المس‪55‬ؤولية الجنائي‪55‬ة‪ :‬يه‪55‬دف ه‪55‬ذا‬
‫التغيير إلى توسيع إطار المسؤولية الجنائي‪55‬ة ليش‪55‬مل أولئ‪55‬ك ال‪55‬ذين يلعب‪55‬ون دورًا حاس‪55‬مًا في‬
‫إيج‪5‬اد الظ‪55‬روف المواتي‪55‬ة الرتك‪55‬اب الج‪5‬رائم ع‪55‬بر التح‪5‬ريض‪ ،‬معت‪55‬برًا أن ت‪55‬أثيرهم يمكن أن‬
‫يكون بالغ األهمية كتأثير من ينفذ الجريمة مباشرة‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫لقد تعددت الدراسات حول موض‪5‬وع التح‪5‬ريض على الجريم‪5‬ة وذل‪5‬ك راج‪5‬ع ألهمي‪5‬ة‬
‫ه‪55 5‬ذا الموض‪55 5‬وع واإلدراك الكب‪55 5‬ير بخط‪55 5‬ورة ه‪55 5‬ذه الظ‪55 5‬اهرة حيث تف‪55 5‬رعت الدراس‪55 5‬ات الى‬
‫ش ‪55‬هادة دكت ‪55‬وراه والماجس ‪55‬تير والماس ‪55‬تر‪ ،‬إض ‪55‬افة الى الكتب والمق ‪55‬االت العلمي ‪55‬ة الدولي ‪55‬ة‬
‫والوطنية وما أفرزته من مداخالت قيمة في صلب الموضوع‪:‬‬

‫‪ -‬الدراسة األولى ‪ :‬بعنوان "التحريض على الجريمة في قانون العقوبات الجزائري‬


‫"‪ ،‬وهي م‪55‬ذكرة ماس‪55‬تر من إع‪55‬داد الط‪55‬البتين‪ ،‬ملكي س‪55‬مية وق‪55‬ادري أم‪55‬يرة ‪ ،‬جامع‪55‬ة محم‪55‬د‬
‫بوضياف المسيلة ‪2019.‬‬
‫‪ -‬الدراس‪11‬ة الثاني‪11‬ة‪ :‬بعن‪55‬وان " التح‪55‬ريض الجن‪55‬ائي في ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات الجزائ‪55‬ري "‪،‬‬
‫م‪55‬ذكرة ماس‪55‬تر‪ ،‬من إع‪55‬داد الط‪55‬الب‪ ،‬يوس‪55‬ف الق‪55‬ويزي‪ ،‬جامع‪55‬ة محم‪55‬د بوض‪55‬ياف‪ ،‬المس‪55‬يلة‪،‬‬
‫‪.2021‬‬

‫صعوبات البحث‪:‬‬
‫كغ‪55‬يره من البح‪55‬وث فق‪55‬د وج‪55‬دنا ص‪55‬عوبات وعوائ‪55‬ق أثن‪55‬اء إنج‪55‬از ه‪55‬ذه الدراس‪55‬ة أهمه‪55‬ا‬
‫حساس ‪55‬ية موض ‪55‬وع التح ‪55‬ريض وش ‪55‬موليته م ‪55‬ا خل ‪55‬ق ص ‪55‬عوبة في اإللم ‪55‬ام بجمي ‪55‬ع تفاص ‪55‬يل‬
‫مكافحة هذه الظاهرة وذلك لتشعبها في مختلف المجاالت‪.‬‬

‫ومنه نطرح االشكالية التالية ‪:‬‬

‫كيف نظم المشرع الجزائري موضوع التحريض على الجريمة ؟‬

‫‪6‬‬
‫م ـقـ ـ ـّد م ـ ـ ـ ــة‪:‬‬

‫منهج الدراسة‪:‬‬

‫حيث إعتمدنا في موضوعنا على عدة مناهج لضمان تحقيق التناس‪55‬ق واإلنس‪55‬جام في‬
‫مختلف المعلومات المقدمة تمثلت فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬المنهج التحليلي الوص‪11‬في‪ :‬إن من المناس ‪55‬ب اإلس ‪55‬تعانة به ‪55‬ذه المن ‪55‬اهج لتحلي ‪55‬ل م ‪55‬واد‬
‫قانون العقوبات الجزائري وكذا دراسة السياسة الجنائية لمواجهة هذه الظاهرة والمبادئ‬
‫التي يقوم عليها القانون بالوقاية من الجريمة ومكافحتها‪.‬‬
‫أم‪55 5‬ا المنهج الوص‪55 5‬في فق‪55 5‬د ك‪55 5‬انت اإلس‪55 5‬تعانة ب‪55 5‬ه عن‪55 5‬د استعراض‪55 5‬نا لمختل‪55 5‬ف األحك‪55 5‬ام‬
‫والقواعد التي استحدثها المشرع الجزائري في هذا الأخير‪.‬‬
‫‪-2‬المنهج التاريخي والمقارن‪ :‬لقد تطلبت دراساتنا اإلستعانة بالمنهج التاريخي لتتبع‬
‫تطور مكافحة الجريمة على المستوى الوطني والتطرق للجهود الدولية في هذا المجال‬
‫كما اعتمدنا على المنهج المقارن من خالل مقارنة المناهج التقليدية و الحديثة في‬
‫اعتبار المحرض فاعال أصليا أم شريكا‪ .‬مع ما ورد في المواد القانونية على الصعيد‬
‫العربي و الدولي ‪.‬‬

‫من هنا قد تم تقسيم موضوع محل الدراسة وفقا لما يلي‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬االطار المفاهيمي للتحريض على الجريمة‪.‬‬


‫المبحث األول‪ :‬مفهوم التحريض و أنواعه ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تمييز المحرض عن باقي مرتكبي الجريمة ‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬االحكام العامة للتحريض على الجريمة‬


‫المبحث األول‪ :‬أركان التحريض على الجريمة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية للتحريض على الجريمة والعقوبات المقررة ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫االطار املفاهيمي‬
‫للتحريض على الجريمة‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫الفصل األول‪ :‬االطار المفاهيمي للتحريض على الجريمة‬


‫س ‪55‬نتطرق في ه ‪55‬ذا الفص ‪55‬ل إلى دراس ‪55‬ة التح ‪55‬ريض على الجريم ‪55‬ة وال ‪55‬ذي يعت ‪55‬بر من‬
‫اح‪55‬دى أهم الدراس‪55‬ات ال ‪55‬تي يجب االلم ‪55‬ام بموض ‪55‬وعها ‪ ،‬فمن الط ‪55‬بيعي كلم ‪55‬ا زادت أهمي ‪55‬ة‬
‫الش ‪55‬يء‪ ،‬اقتض ‪55‬ت الحكم ‪55‬ة زي ‪55‬ادة االلم ‪55‬ام ب ‪55‬ه‪ ،‬وفي ض ‪55‬وء ذل ‪55‬ك يمكن الق ‪55‬ول ب ‪55‬أن االلم ‪55‬ام‬
‫بموض ‪55‬وع التح ‪55‬ريض على الجريم ‪55‬ة لن يك ‪55‬ون بالق ‪55‬در ال ‪55‬ذي يتع ‪55‬رض لمفه ‪55‬وم التح ‪55‬ريض‬
‫ووسائله وشروطه وأنواعه‪.‬‬

‫فالتحريض يعتبر هو المحرك األساسي إلى الجريم‪55‬ة فه‪55‬و يش‪55‬جع الج‪55‬اني أو ك‪55‬ل من‬
‫تس ‪55‬ول ل ‪55‬ه نفس ‪55‬ه إلى ارتك ‪55‬اب جريم ‪55‬ة أن يق ‪55‬وم بجريمت ‪55‬ه ‪ ،‬ف ‪55‬المحرض ه ‪55‬و ال ‪55‬ذي يس ‪55‬هل‬
‫ارتكاب الجريمة وانتشارها في المجتمع ‪ ،‬وهذا ما يدفعنا إلى استكشاف أنواع‪5‬ه المختلف‪5‬ة‬
‫ال‪55‬تي ت‪55‬تراوح م‪55‬ا بين التح‪55‬ريض الف‪55‬ردي والع‪55‬ام ‪ ،‬باإلض‪55‬افة إلى الوس‪55‬ائل المتنوع‪55‬ة ال‪55‬تي‬
‫يمكن من خالله ‪55‬ا ممارس ‪55‬ة التح ‪55‬ريض ‪ ،‬س ‪55‬واء ك ‪55‬انت ه ‪55‬ذه الوس ‪55‬ائل لفظي ‪55‬ة أو كتابي ‪55‬ة أو‬
‫رقمي ‪55‬ة‪ ،‬ونن ‪55‬اقش كي ‪55‬ف ت ‪55‬ؤثر ه ‪55‬ذه الوس ‪55‬ائل على فعالي ‪55‬ة ونت ‪55‬ائج التح ‪55‬ريض ‪ ،‬كم ‪55‬ا س ‪55‬يتم‬
‫التطرق لشروط التحريض التي تحدد متى يمكن‪5‬ا اعتب‪5‬ار الفع‪5‬ل تحريض‪5‬ا جنائي‪5‬ا يس‪5‬توجب‬
‫المس‪55‬اءلة ‪ ،‬وك‪55‬ذا سنستكش‪55‬ف اختالف المح‪55‬رض عن المرتك‪55‬بين اآلخ‪55‬رين للجريم‪55‬ة ال‪55‬ذين‬
‫يش‪55‬اركون بش‪55‬كل مباش‪55‬ر في تنفي‪55‬ذها وال‪55‬ذين يس‪55‬اعدون في التحض‪55‬ير و التس‪55‬هيل لتنفي‪55‬ذها‬
‫بهدف تعزيز فهم أعمق لهذا الفصل ‪.‬‬

‫‪.‬وعلى ذل‪55‬ك فإنن‪55‬ا س‪55‬نتطرق في ه‪55‬ذا الفص‪55‬ل وفي المبحث األول إلى مفه‪55‬وم‬
‫التحريض وأنواعه ‪،‬‬

‫كما سنعالج في المبحث الثاني تمييز المحرض عن باقي مرتكبي الجريمة ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم التحريض وأنواعه‬


‫التح ‪55‬ريض مفه ‪55‬وم يش ‪55‬غل ح ‪55‬يًز ا ب ‪55‬الغ األهمي ‪55‬ة في الدراس ‪55‬ات القانوني ‪55‬ة‪ ،‬االجتماعي ‪55‬ة‪،‬‬
‫واألخالقي‪5‬ة‪ُ ،‬يع‪5‬رف بأن‪5‬ه دف‪5‬ع أو تش‪5‬جيع ش‪5‬خص آخ‪5‬ر على ارتك‪5‬اب فع‪5‬ل معين‪ ،‬ق‪5‬د يك‪5‬ون‬
‫ه‪55 5‬ذا الفع‪55 5‬ل غ‪55 5‬ير ق ‪55‬انوني أو يتع‪55 5‬ارض م‪55 5‬ع القيم والمع‪55 5‬ايير االجتماعي‪55 5‬ة المقبول‪55 5‬ة‪ ،‬يتجلى‬
‫التحريض في أشكال متعددة ويمكن أن يحدث ع‪5‬بر وس‪5‬ائط مختلف‪5‬ة‪ ،‬ه‪5‬ذا المفه‪5‬وم يس‪5‬تلزم‬
‫التمي ‪55‬يز ال ‪55‬دقيق بين حري ‪55‬ة التعب ‪55‬ير والت ‪55‬أثير الض ‪55‬ار ال ‪55‬ذي يمكن أن ينجم عن الكلم ‪55‬ات أو‬
‫األفعال التي تحث على العنف‪ ،‬الكراهية‪ ،‬أو السلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫فيمكن أن يك ‪55‬ون المح ‪55‬رض أخط ‪55‬ر من الفاع ‪55‬ل نفس ‪55‬ه ‪ ،‬خصوص ‪55‬ا في الح ‪55‬االت ال ‪55‬تي‬
‫‪1‬‬
‫يكون فيها الفاعل مجرد منفذ بحسن نية ‪ ،‬أو عندما يكون غير مؤهل جنائيا‪.‬‬
‫في ه‪55 5‬ذا اإلط‪55 5‬ار‪ ،‬تلعب األط‪55 5‬ر القانوني‪55 5‬ة دوًر ا حاس ‪ً5 5‬م ا في تحدي‪55 5‬د ح‪55 5‬دود التح‪55 5‬ريض‬
‫وف‪5‬رض العقوب‪55‬ات على األفع‪55‬ال ال‪55‬تي تتج‪5‬اوز ه‪55‬ذه الح‪5‬دود‪ ،‬م‪55‬ع الحف‪55‬اظ على الت‪55‬وازن بين‬
‫حماية األمن العام واحترام الحقوق الفردية‪.‬‬

‫عيد الغريب محمد ‪ ( ،‬شرح قانون العقوبات القسم العام النظرية العامة للجريمة) د ط‪ ،‬د د ن ‪ ،‬المنصورة ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2000-1999‬ص‪250‬‬

‫‪10‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف التحريض و أنواعه وكيفية اثباته‬

‫اختلفت وجه‪55‬ات نظ‪55‬ر العلم‪55‬اء الفقهي‪55‬ة في تعري‪55‬ف التح‪55‬ريض على ارتك‪55‬اب الج‪55‬رائم‪،‬‬
‫ولم يص‪5‬ل الفقه‪5‬اء إلى اتف‪5‬اق على تعري‪5‬ف موح‪5‬د للتح‪5‬ريض‪ ،‬و س‪5‬وف نس‪5‬تعرض تعري‪5‬ف‬
‫للتحريض من النواحي اللغوية‪ ،‬الفقهية‪ ،‬القانونية ‪ ،‬والقضائية‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف التحريض على الجريمة‬

‫أوال ‪ :‬التعريف اللغوي‬

‫التحريض لغة يعني تشجيع شخص ما على فع‪55‬ل ش‪55‬يء وااللح‪55‬اح علي‪55‬ه‪ ،‬بحيث يق‪55‬ال‬
‫ح ‪55‬رض على الفع ‪55‬ل في مع ‪55‬نى أن ‪55‬ه حث علي ‪55‬ه ودف ‪55‬ع للقي ‪55‬ام ب ‪55‬ه ‪ ،‬وحرض ‪55‬ه ‪ :‬حمل ‪55‬ه علي ‪55‬ه‬
‫وأغ‪55‬راه ب‪55‬ه وك‪55‬ذلك ي‪55‬أتي بمع‪55‬نى الت‪55‬أثير على الغ‪55‬ير‪ ،‬ودفع‪55‬ه نح‪55‬و اتي‪55‬ان الج‪55‬ريم س‪55‬واء ك‪55‬ان‬
‫‪1‬‬
‫ذلك بوعد أو اغراء او غير ذلك‪.‬‬

‫وق ‪55‬د يك ‪55‬ون التح ‪55‬ريض على الخ ‪55‬ير أو الش ‪55‬ر ‪ ،‬وق ‪55‬د وردت ه ‪55‬ذه الكلم ‪55‬ة في الق ‪55‬رآن‬
‫‪2‬‬
‫الكريم في عدة مواضيع للتعبير عن هذا المعنى‪.‬‬

‫كما في قوله تعالى ‪َ{ :‬و َح ِّر ِض ٱْلُم ْؤ ِمِنيَن ۖ َع َس ى ٱُهَّلل َأن َيُك َّف َبْأَس ٱَّلِذ يَن َكَف ُروْاۚ َو ٱُهَّلل َأَش ُّد‬
‫‪4‬‬
‫َبْأًسا َو َأَشُّد َتنِكياًل }‪ 3‬و قوله تعالى ‪َ{ :‬يا َأُّيَها الَّنِبُّي َح ِّر ِض اْلُم ْؤ ِمِنيَن َع َلى اْلِقَتاِل ‪.}...‬‬

‫محمد هاني فرحات (نظرية المحرض على الجريمة) مكتبة زين الحقوقية واألدبية‪ ،‬ط ‪ ، 1‬لبنان ‪ 2013‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪230‬‬
‫أبو الفضل جمال الدين محمد ابن مكرم (إبن المنظور االغريقي لسان العرب)‪ ،‬المج ‪ ،7‬الصادر ببيروت‬ ‫‪2‬‬

‫‪1990‬ص‪133‬‬
‫القرآن الكريم سورة النساء (اآلية ‪)84‬‬ ‫‪3‬‬

‫القرآن الكريم سورة االنفال (اآلية ‪)65‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪11‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫وكمث‪55‬ال عن التح‪55‬ريض في الش‪55‬ريعة االس‪55‬المية نج‪55‬د أن أول جريم‪55‬ة تح‪55‬ريض وق‪55‬ع تحت‬
‫طائلته‪55‬ا س‪55‬يدنا آدم علي‪55‬ه الس‪55‬الم عن‪55‬دما حث‪55‬ه الش‪55‬يطان على أك‪55‬ل التفاح‪55‬ة من الش‪55‬جرة ال‪55‬تي‬
‫‪5‬‬
‫نهاه اهلل عز وجل من االقتراب إليها وكانت عقوبته أن أخرجه اهلل من الجنة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعريف الفقهي للتحريض على الجريمة‬


‫تتنوع تعريفات التحريض على الجريمة وفق‪55‬ا للفق‪55‬ه الق‪55‬انوني ‪ ،‬ولم يتوص‪55‬ل الفقه‪55‬اء‬
‫إلى اجم‪55 5‬اع ح‪55 5‬ول تعري‪55 5‬ف موح‪55 5‬د‪ ،‬ولن‪55 5‬ا هن‪55 5‬ا مجموع‪55 5‬ة من تعريف‪55 5‬ات الفقه‪55 5‬اء نتناوله‪55 5‬ا‬
‫كالتالي ‪:‬‬
‫يعرف التحريض على أنه ‪ « :‬دعوة الجمه‪55‬ور بش‪55‬كل مباش‪55‬ر أو غ‪55‬ير مباش‪55‬ر للقي‪55‬ام بفع‪55‬ل‬
‫ض‪55 5‬د األف‪55 5‬راد أو المجتمع‪55 5‬ات ‪ ،‬وذل‪55 5‬ك باس‪55 5‬تخدام إح‪55 5‬دى ط‪55 5‬رق العلني‪55 5‬ة‪ ،‬على أن يك‪55 5‬ون‬
‫الخط‪55 5‬اب موجه‪55 5‬ا ض‪55 5‬د أف‪55 5‬راد أو مجموع‪55 5‬ات مح‪55 5‬ددة ول‪55 5‬و بش‪55 5‬كل غ‪55 5‬ير مباش‪55 5‬ر في حال‪55 5‬ة‬
‫‪2‬‬
‫استخدام االستعارات والمجازات »‪.‬‬
‫كما يعرف أيضا بأنه‪ « :‬عب‪55‬ارة عن الت‪55‬أثير على الغ‪55‬ير ودفع‪55‬ه نح‪55‬و إتي‪55‬ان الجريم‪55‬ة‪،‬‬
‫سواء كان ذلك بوعد‪ ،‬أو إغراء‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬من كل ما يعتبر من قبي‪55‬ل المنك‪55‬ر وي‪55‬دخل‬
‫‪3‬‬
‫تحت عنوان المعصية‪» .‬‬
‫أما جريمة التحريض فهي ‪ « :‬خل‪55‬ق فك‪55‬رة ل‪55‬دى ش‪55‬خص تم ت‪55‬دعيمها كي تتح‪55‬ول إلى‬
‫تصميم ارتكاب الجريمة‪ ،‬وبمعنى آخر إغ‪55‬راء ش‪55‬خص بص‪55‬ورة مباش‪55‬رة الرتك‪55‬اب جريم‪55‬ة‬
‫‪4‬‬
‫شريطة أن يكون االغراء هو الدافع الرتكاب الجريمة‪» .‬‬

‫عبد القادر عودة‪ ( ،‬التشريع الجنائي االسالمي مقارنا بالقانون الوضعي) مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ ،5‬بيروت ‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ ، 1968‬ص‪.357‬‬
‫أحمد باي ‪ ،‬شعيب قماز ‪( ،‬الدعاية السياسية وأثرها على مسار خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي)‪ ،‬مج‬ ‫‪2‬‬

‫الدراسات القانونية والسياسية‪ ،‬مج‪ ،4 :‬عدد‪ ،2017 ،6:‬ص‪79 :‬‬


‫أحمد حماد عبد اهلل عبد الرحيم‪ ،‬النمش عبد الرحمان محمد يوسف‪ ،‬أبو علي عبد المجيد أحمد‪( ،‬جريمة التحريض‬ ‫‪3‬‬

‫اإللكتروني على تفويض النظام الدستوري عبر وسائل التواصل االجتماعي)‪ ،‬مجلة العلوم االقتصادية واالدارية‬
‫والقانونية‪ ،‬مج‪ ، 1 :‬ع‪ ،2017 ،6:‬ص‪98‬‬
‫أحمد بوسقيعة‪( ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام)‪ ،‬ط‪ ،6 :‬دار هومة للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2008 ،‬ص‪27‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪12‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫ثالثا ‪ :‬التعريف القانوني للتحريض على الجريمة‬


‫ورد في الم‪55‬ادة ‪ 41‬من ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات الجزائ‪55‬ري التح‪55‬ريض بأن‪55‬ه « يعت‪55‬بر ف‪55‬اعال‬
‫كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة أو حرض على ارتكاب الفع‪55‬ل بالهب‪55‬ة أو‬
‫الوع‪55‬د أو التهدي‪55‬د أو إس‪55‬اءة اس‪55‬تعمال الس‪55‬لطة أو الوالي‪55‬ة أو التحاي‪55‬ل أو الت‪55‬دليس االج‪55‬رامي‬
‫»‪ .‬ف‪55‬التحريض يتم بخل‪55‬ق التص‪55‬ميم على الجريم‪55‬ة ل‪55‬دى الفاع‪55‬ل ودفع‪55‬ه إلى ارتكابه‪55‬ا وه‪55‬ذا‬
‫في االخير يؤدي إلى نتيجتين ‪ ،‬نتيجة مادية واخرى معنوية ‪.‬‬
‫في ه ‪55‬ذه الم ‪55‬ادة المش ‪55‬رع الجزائ ‪55‬ري لم يتط ‪55‬رق إلى تعري ‪55‬ف دقي ‪55‬ق للتح ‪55‬ريض وإ نم ‪55‬ا‬
‫تط ‪55‬رق فق ‪55‬ط ل ‪55‬ذكر وس ‪55‬ائله ‪ ،‬م ‪55‬ع ذك ‪55‬ره أن المح ‪55‬رض يعت ‪55‬بر ف ‪55‬اعال أص ‪55‬ليا وليس ش ‪55‬ريكا‬
‫حسب تعديل قانون العقوبات سنة ‪.1982‬‬
‫وقد أوردت بعض التشريعات العربية تعريفا للتحريض على الجريمة منها ‪:‬‬
‫ع‪55‬رف البن‪55‬د األول من الفق‪55‬رة االولى للم‪55‬ادة ‪ 80‬من ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات االردني المح‪55‬رض‬
‫بأن ‪55‬ه « يع ‪55‬د محرض ‪55‬ا من حم ‪55‬ل أو ح ‪55‬اول أن يحم ‪55‬ل شخص ‪55‬ا آخ ‪55‬ر على ارتك ‪55‬اب جريم ‪55‬ة‬
‫بإعطائ‪55 5‬ه نق‪55 5‬ود أو بتق‪55 5‬ديم هدي‪55 5‬ة ل‪55 5‬ه أو بالت‪55 5‬أثير علي‪55 5‬ه بالتهدي‪55 5‬د أو الحيل‪55 5‬ة أو الخديع‪55 5‬ة أو‬
‫باستغالل النفوذ أو بإساءة االستعمال في حكم الوظيفة »‪.1‬‬
‫المش ‪55 5‬رع القط ‪55 5‬ري ع ‪55 5‬رف التح ‪55 5‬ريض في الم ‪55 5‬ادة ‪ 55‬من ق ‪55 5‬انون العقوب ‪55 5‬ات « يع ‪55 5‬د‬
‫محرض‪55‬ا على ارتك‪55‬اب الجريم‪55‬ة ك‪55‬ل من يغ‪55‬ري أو يحم‪55‬ل غ‪55‬يره بأي‪55‬ة وس‪55‬يلة من الوس‪55‬ائل‬
‫على ارتكاب تلك الجريمة أو يشترك مع شخص آخ‪5‬ر أو م‪55‬ع أش‪5‬خاص آخ‪5‬رين في اتف‪55‬اق‬
‫الرتك‪55‬اب الجريم‪55‬ة أو يس‪55‬اعد قص‪55‬دا على ارتك‪55‬اب تل‪55‬ك الجريم‪55‬ة أو يس‪55‬هل ارتكابه‪55‬ا قص‪55‬دا‬
‫وذل‪55‬ك بفع‪55‬ل أو امتن‪55‬اع مخ‪55‬الف للق‪55‬انون ‪ ،‬وال يش‪55‬ترط لقي‪55‬ام جريم‪55‬ة التح‪55‬ريض أن ي‪55‬رتكب‬
‫‪2‬‬
‫الفعل المحرض عليه‪ ،‬أو أن يحدث الفعل األثر الالزم لتكوين الجريمة‪».‬‬

‫عدلت بالقانون رقم ‪ 08‬لسنة ‪ 2011‬وتم تعديلها بموجب القانون المعدل رقم ‪ 15‬لسنة ‪ 1971‬حيث كان نصها‬ ‫‪1‬‬

‫السابق كما يلي ‪ :‬يعد محرضا من حمل غيره على ارتكاب جريمة بإعطائه نقودا أو بتقديم هدية له أو بالتأثير عليه‬
‫بالتهديد أو الحيلة أو الدسيسة أو بصرف النقود أو بإساءة االستعمال في حكم الوظيفة‪.‬‬
‫القانون رقم ‪ 14‬سنة ‪ 1971‬بإصدار قانون العقوبات القطري‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪13‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫أم‪55‬ا المش‪55‬رع الس‪55‬وري فق‪55‬د ع‪55‬رف التح‪55‬ريض بنفس العب‪55‬ارة ال‪55‬تي اس‪55‬تعملها المش‪55‬رع‬
‫اللبن‪55‬اني ‪ ،‬وه‪55‬ذا في الم‪55‬ادة ‪ 216‬من ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات « يع‪55‬د محرض‪55‬ا من حم‪55‬ل أو ح‪55‬اول‬
‫‪1‬‬
‫أن يحمل شخصا آخر بأي وسيلة كانت على ارتكاب الجريمة »‪.‬‬

‫أم‪55‬ا الق‪55‬انون الفرنس‪5‬ي فيعت‪55‬بر المح‪5‬رض ش‪5‬ريكا عادي‪55‬ا للش‪5‬خص ال‪55‬ذي ارتكب االفع‪55‬ال‬
‫المادي ‪55‬ة إذا فه ‪55‬و ليس ف ‪55‬اعال أص ‪55‬ليا في الم ‪55‬ادة ‪ 121/7‬فق ‪55‬رة ‪2‬حيث نص ‪55‬ت م ‪55‬ادة على ‪:‬‬
‫«ي يك ‪55‬ون ش ‪55‬ريك في الجريم ‪55‬ة أو الجنح ‪55‬ة الش ‪55‬خص ال ‪55‬ذي ق ‪55‬ام‪ ،‬على علم ‪ ،‬بتس ‪55‬هيل أو‬
‫ارتك‪55 5‬اب الجريم‪55 5‬ة من خالل المس‪55 5‬اعدة أو التح‪55 5‬ريض ‪ .‬كم‪55 5‬ا يك‪55 5‬ون ش‪55 5‬ريك في الجريم‪55 5‬ة‬
‫الش‪55 5‬خص ال‪55 5‬ذي ح‪55 5‬رض على جريم‪55 5‬ة أو أعطى تعليم‪55 5‬ات بارتكابه‪55 5‬ا من خالل العطي‪55 5‬ة ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫الوعد ‪ ،‬التهديد ‪ ،‬األمر ‪ ،‬وإ ساءة استغالل السلطة"‬
‫‪«Est egalement complice la personne qui par, promesse, menace, ordre, abus,‬‬
‫‪d’autorité ou de pouvoir aura provoqué une infraction ou donne des‬‬
‫‪instructions pour la commettre » 3‬‬
‫أم‪55‬ا المش‪55‬رع المص‪55‬ري اعت‪55‬بره ش‪55‬ريكا حس‪55‬ب نص الم‪55‬ادة ‪ 40‬من ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات‬
‫المصري على ‪ « :‬يعد شريكا في الجريمة ‪:‬‬

‫ك‪55‬ل من ح‪5‬رض عى‪55‬ل ارتك‪55‬اب الفع‪55‬ل المك‪55‬ون للجريم‪55‬ة إذا ك‪55‬ان ه‪55‬ذا الفع‪55‬ل ق‪5‬د وق‪5‬ع‬ ‫‪-‬‬
‫بناء على التحريض‪.‬‬
‫من اتفق مع غيره على ارتكاب الجريمة فوقعت بناء على االتفاق‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫من أعطى للفاعل أو الفاعلين سالحا أو آالت أو أي شيء آخ‪55‬ر مم‪55‬ا اس‪55‬تعمل في‬ ‫‪-‬‬
‫ارتك ‪55‬اب الجريم ‪55‬ة م ‪55‬ع علم ‪55‬ه به ‪55‬ذا أو س ‪55‬اعدهم ب ‪55‬أي طريق ‪55‬ة أخ ‪55‬رى في األعم ‪55‬ال‬
‫‪4‬‬
‫المجهزة أو المسهل أو المتممة الرتكابها»‪.‬‬
‫قانون العقوبات السوري رقم ‪ 148‬لعام ‪ 1949‬المعدل بالمرسوم التشريعي ‪ 1‬لعام ‪2011‬‬ ‫‪1‬‬

‫شبكة قوانين الشرق‪ ،‬فرنسا‪ ،‬قانون العقوبات لسنة ‪ ، 1992‬الموقع االلكتروني‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ، https://www.eastlaws.com‬تم االطالع عليه في ‪ 2020/09/02‬على الساعة ‪12:56‬‬


‫‪Harald W.Renout, (droit pénal general). Deug droit 1998/1999.p.194‬‬ ‫‪3‬‬

‫عبد القادر عدو‪( ،‬مبادئ قانون العقوبات الجزائري)‪ ،‬القسم العام ‪ ،‬د ط ‪ ،‬دار هومة ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2010 ،‬ص‬ ‫‪4‬‬

‫‪151‬‬

‫‪14‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫رابعا‪ :‬مفهوم التحريض في القضاء‬

‫القضاء الفرنسي‪ :‬باستقراء أحكام القضاء الفرنس‪55‬ي بأن‪55‬ه ق‪55‬د أوجب أن يتض‪55‬من الحكم‬ ‫‪-‬‬
‫بيانا كافيا للوسيلة التي تمت بها المسألة حتى يمكن مساءلة الجاني باعتب‪5‬اره ش‪5‬ريكا‪،‬‬
‫فإذا قررت المحكمة في حكمها أن المتهم قد حرض على الجريمة بالهدية أو بالوعد‬
‫مكررة في ذلك نفس عبارات الق‪55‬انون‪ ،‬ف‪55‬إن ذل‪55‬ك يكفي العتب‪55‬ار االش‪55‬تراك ق‪55‬د تح‪55‬ددت‬
‫الوس‪55‬يلة ال‪55‬تي تم به‪55‬ا ب‪55‬دون أن تك‪55‬ون هنال‪55‬ك حاج‪55‬ة لبي‪55‬ان الكيفي‪55‬ة ال‪55‬تي استخلص‪55‬ت به‪55‬ا‬
‫‪1‬‬
‫المحكمة وقوع التحريض بالهدية أو بالوعد‪.‬‬
‫القضاء المصري‪ :‬إذا اتجهنا شطر القض‪55‬اء المص‪55‬ري نج‪55‬د أن‪55‬ه لم يس‪55‬تقر على مفه‪55‬وم‬ ‫‪-‬‬
‫التح ‪55‬ريض إذ أن ‪55‬ه يتص ‪55‬ف بالعمومي ‪55‬ة ويح ‪55‬ول دون الوق ‪55‬وع في التن ‪55‬اقض فه ‪55‬و ت ‪55‬ارة‬
‫يعطي التح‪55‬ريض مفهوم‪55‬ا من خالل الوس‪55‬ائل ال‪55‬تي يق‪55‬ترن به‪55‬ا‪ ،‬فتق‪55‬رر محكم‪55‬ة النقض‬
‫أنه قد ينشأ عن الهب‪5‬ة أو الوع‪5‬د أو الوعي‪5‬د أو المخادع‪5‬ة ومن اإلرش‪5‬ادات ال‪5‬تي تعطي‬
‫أو من اس‪55‬تعمال الش‪55‬خص لس‪55‬لطته و نف‪55‬وذه على م‪55‬رتكب الفع‪55‬ل‪ ،‬وت‪55‬ارة أخ‪55‬رى يخل‪55‬ط‬
‫بين التح‪55‬ريض واالك‪55‬راه المعن‪55‬وي‪ ،‬حيث قض‪55‬ى ب‪55‬أن الت‪55‬داخل س‪55‬واء وق‪55‬ع من رج‪55‬ال‬
‫الضبط أو من سواهم من عامة الناس إن كان له أثر في قي‪5‬ام الجريم‪5‬ة‪ ،‬فإن‪5‬ه يقتص‪5‬ر‬
‫على ما يتصل بالركن المعنوي فيه‪5‬ا وه‪5‬و القص‪5‬د الجن‪5‬ائي ل‪5‬دى الفاع‪5‬ل بحيث إذا بل‪5‬غ‬
‫الت ‪55‬داخل أو التح ‪55‬ريض ال ‪55‬ذي ال يجع ‪55‬ل للج ‪55‬اني خي ‪55‬ارا في الوق ‪55‬وع في حم ‪55‬اة الجريم ‪55‬ة‬
‫ويدفعه التردي فيها دفعا ال يملك إزاءه ردا ف‪5‬إن مث‪5‬ل ه‪5‬ذا الت‪5‬داخل من ش‪5‬أنه أن يع‪5‬دم‬
‫الرض ‪55‬ا برف ‪55‬ع المس ‪55‬ؤولية عن الفاع ‪55‬ل فينقى ب ‪55‬ذلك العق ‪55‬اب النع ‪55‬دام اإلرادة ال ‪55‬تي يق ‪55‬وم‬
‫عليها القصد الجنائي تالقي تصرف أما يق‪55‬ع من مج‪5‬رد تالقي تص‪55‬رف رج‪5‬ل الض‪55‬بط‬

‫د‪ .‬محمود القبالوي ‪( ،‬المسؤولية الجنائية للمحرض على الجريمة) ط‪ ، 1‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2012‬ص ‪24‬‬

‫‪15‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫أو س‪55‬واه م‪55‬ع رغب‪55‬ة الج‪55‬اني اإلجرامي‪55‬ة ومس‪55‬ايرته ل‪55‬ه‪ ،‬فال يعت‪55‬بر ذل‪55‬ك تحريض‪55‬ا على‬
‫مقارن‪55‬ة الجريم‪55‬ة معلم‪55‬ا لإلرادة وليس في‪55‬ه اس‪55‬تهواء إلى مخالف‪55‬ة الق‪55‬انون ب‪55‬إغراء‪ ،‬ه‪55‬ذا‬
‫ويالح‪55‬ظ أن الخل‪55‬ط بين التح‪55‬ريض واإلك‪55‬راه ‪ ،‬ق‪55‬د س‪55‬بق إلي‪55‬ه القض‪55‬اء الفرنس‪55‬ي وتبعت‪55‬ه‬
‫في‪55‬ه محكم‪55‬ة النقض المص‪55‬رية‪ ،‬إال أن القض‪55‬اء الفرنس‪55‬ي ق‪55‬د وض‪55‬عه أص‪55‬ال للتح‪55‬ريض‬
‫الص‪55‬ادر من رج‪55‬ال الس‪55‬لطة العام‪55‬ة‪ ،‬في حين أن محكم‪55‬ة النقض المص‪55‬رية لم تقص‪55‬ره‬
‫على ه ‪55 5‬ذا الن ‪55 5‬وع من رج ‪55 5‬ال الس ‪55 5‬لطة العام ‪55 5‬ة أو من س ‪55 5‬واهم من عام ‪55 5‬ة من الن ‪55 5‬اس‪،‬‬
‫وب‪55‬الرغم من ذل‪55‬ك‪ ،‬فق‪55‬د وض‪55‬عت محكم‪55‬ة النقض المص‪55‬رية مفهوم‪55‬ا للتح‪55‬ريض عن‪55‬دما‬
‫قضت‪ ،‬بأن التحريض موقف ال يلزم في‪5‬ه أن يك‪5‬ون للمح‪5‬رض س‪5‬لطة على المح‪5‬رض‬
‫تجعل‪55‬ه يخض‪55‬ع ألوام‪55‬ره ‪ ...‬ب‪55‬ل يكفي أن يص‪55‬در من المح‪55‬رض من األفع‪55‬ال واألق‪55‬وال‬
‫‪1‬‬
‫ما يهيج لشعور الفاعل فيدفعه لإلجرام‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬أنواع التحريض على الجريمة وكيفية إثباته‬

‫فق‪5‬د نص الق‪5‬انون على أن التح‪5‬ريض‪ ،‬بوص‪5‬فه س‪5‬لوكا اجرامي‪5‬ا يع‪5‬اقب علي‪5‬ه ض‪5‬من‬
‫التشريعات المتنوعة‪ ،‬فإذا كان النش‪5‬اط ال‪5‬ذي يح‪5‬رض علي‪5‬ه المح‪5‬رض ين‪5‬درج تحت نط‪5‬اق‬
‫االعمال المشروعة‪ ،‬فإنه ال يخضع للعقوبة وال يعرض للمساءلة القانونية ‪.‬‬

‫قد يوجه المحرض جهوده نحو شخص لم يفكر قط في ارتك‪55‬اب جريم‪55‬ة‪ ،‬مم‪55‬ا ي‪55‬ؤدي‬
‫إلى زرع فك‪55‬رة العم‪55‬ل االج‪55‬رامي في ذهن‪55‬ه ‪ ،‬س‪55‬واء أس‪55‬فرت ه‪55‬ذه المحاول‪55‬ة عن نج‪55‬اح أو‬
‫فشل ‪ ،‬بالمثل قد يستهدف المحرض شخص‪55‬ا ك‪55‬انت فك‪55‬رة الجريم‪55‬ة في ذهن‪55‬ه بين ارتكابه‪55‬ا‬
‫أو ال ‪55‬تراجع عنه ‪55‬ا ‪ ،‬حيث ي ‪55‬أتي دور المح ‪55‬رض لي ‪55‬دفع الكف ‪55‬ة نح ‪55‬و تنفي ‪55‬ذ الجريم ‪55‬ة ‪ ،‬م ‪55‬ع‬
‫امكانية النجاح في هذا التوجيه أو عدمه ‪.‬‬

‫يف ‪55‬ترض بش ‪55‬كل أساس ‪55‬ي أن يس ‪55‬تهدف النش ‪55‬اط التحريض ‪55‬ي أف ‪55‬رادا مح ‪55‬ددين بص ‪55‬فتهم‬
‫الشخص‪55‬ية‪ ،‬و ه‪55‬و م‪55‬ا يع‪55‬رف ب‪55‬التحريض الخ‪55‬اص أو الف‪55‬ردي‪ .‬بالمقاب‪55‬ل ‪ ،‬نج‪55‬د التح‪55‬ريض‬

‫محمود القبالوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪25‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪16‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫الع‪55‬ام أو الجم‪55‬اعي يح‪55‬دث عن‪55‬دما يك‪55‬ون التح‪55‬ريض موجه‪55‬ا نح‪55‬و مجموع‪55‬ة غ‪55‬ير معين‪55‬ة من‬
‫الناس ‪ ،‬دون تحديد هوياتهم مسبقا‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬أنواع التحريض‬

‫التحريض الفردي‬ ‫‪-‬‬

‫في األصل التحريض يكون فردي فهو يوجه إلى ش‪5‬خص معين بذات‪55‬ه أو مجموع‪55‬ة‬
‫أشخاص معينين بذواتهم يحثهم على تنفي‪55‬ذ مادي‪55‬ات الجريم‪55‬ة ‪ ،1‬ويس‪55‬مى أيض‪55‬ا ب‪55‬التحريض‬
‫الخ‪55‬اص‪ ،‬ف‪55‬التحريض الف‪55‬ردي يك‪55‬ون عن طري‪55‬ق قي‪55‬ام المح‪55‬رض ب‪55‬إغواء ش‪55‬خص معين أو‬
‫أـشخاص معينين بذواتهم لدفعهم نحو ارتكاب الجريمة ‪،‬‬

‫كم‪55‬ا أن التح‪55‬ريض الف‪55‬ردي أو التح‪55‬ريض الخ‪55‬اص ال يس‪55‬تلزم أن يك‪55‬ون علني‪55‬ا بحيث‬


‫يمكن أن ال يك‪55‬ون علني‪55‬ا ‪ ،‬أي أن النش‪55‬اط التحريض‪55‬ي يمكن أن يتم في الخف‪55‬اء أو بط‪55‬رق‬
‫تجنب لفت االنتب ‪55‬اه الع ‪55‬ام‪ ،‬مم ‪55‬ا يس ‪55‬مح بتوجي ‪55‬ه ال ‪55‬دعوة للجريم ‪55‬ة بش ‪55‬كل خ ‪55‬اص ومباش ‪55‬ر‬
‫‪2‬‬
‫للمستهدفين من دون علم اآلخرين‪.‬‬

‫اذن نستخلص ش‪5‬رطين أال وهم‪55‬ا االرادة المباش‪5‬رة اي التخص‪55‬يص في االس‪5‬تهداف و‬


‫التركيز على فعل غير مشروع معين فيما قد يتم التحريض بوسيلة معينة تنتج أثرها في‬
‫في خلق فكرة الجريمة ‪ ،‬في مثال عن ذلك لنفترض أن شخصا يدعى (أ) وشخص آخ‪55‬ر‬

‫محمود نجيب حسني‪( ،‬المساهمة الجنائية في التشريعات العربية)‪ ،‬ط‪ ، 2‬دار النهصة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪1998 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،‬ص‪.298‬‬
‫ملكي سمية‪ ،‬قادري أميرة (التحريض على الجريمة في قانون العقوبات الجزائري) مذكرة مقدمة لنيل شهادة‬ ‫‪2‬‬

‫الماستر أكاديمي‪ .‬جامعة محمد بوضياف – المسيلة – كلية الحقوق و العلوم السياسية سنة ‪ 2020-2019‬ص ‪10‬‬

‫‪17‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫ي‪55‬دعى (م) يعمالن مع‪55‬ا في نفس المك‪55‬ان‪ ،‬يق‪55‬وم ش‪55‬خص ث‪55‬الث ي‪55‬دعى(خ) ب‪55‬ترويج ش‪55‬ائعات‬
‫كاذب‪55 5‬ة ونش‪55 5‬ر األك‪55 5‬اذيب بينهم‪55 5‬ا بقص‪55 5‬د خل‪55 5‬ق حال‪55 5‬ة من الش‪55 5‬قاق والكراهي‪55 5‬ة‪ .‬نتيج‪55 5‬ة لتل‪55 5‬ك‬
‫األكاذيب‪ ،‬ينش‪5‬أ بين (أ) و (م) ت‪5‬وتر ش‪5‬ديد ي‪5‬ؤدي في نهاي‪5‬ة المط‪5‬اف إلى أن يق‪5‬دم (أ) على‬
‫قت‪55‬ل (م)‪ ،‬في ه‪55‬ذا المث‪55‬ال ال يمكن اعتب‪55‬ار (خ) محرض‪55‬ا مباش‪55‬را على القت‪55‬ل ألن‪55‬ه لم ي‪55‬أمر‬
‫(أ) صراحة بقتل (م) ولكنه كان السبب في خلق الظروف ال‪5‬تي أدت إلى ذل‪5‬ك‪ ،‬وبالت‪5‬الي‪،‬‬
‫يمكن أن يك ‪55‬ون (خ) مس ‪55‬ؤوال بش ‪55‬كل غ ‪55‬ير مباش ‪55‬ر عن الجريم ‪55‬ة نظ ‪55‬را ألن ‪55‬ه زرع ب ‪55‬ذور‬
‫الكراهية والعداوة التي قادت إلى الجريمة‪ ،‬لكن ليس كمحرض على القتل بشكل مباشر‪.‬‬

‫التحريض العام ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫ويسمى أيضا بالتحريض الجماعي على الجريمة‪ ،‬هذا النوع من التحريض يك‪55‬ون‬
‫موج‪5‬ه إلى مجموع‪5‬ة من الن‪5‬اس أو إلى الجمه‪5‬ور دون تحدي‪5‬د األش‪5‬خاص ب‪5‬ذواتهم‪ ،‬كم‪5‬ا أن‬
‫التح ‪55‬ريض الع ‪55‬ام يق ‪55‬وم بموجب ‪55‬ه المح ‪55‬رض بالت ‪55‬أثير على مجموع ‪55‬ة من األش ‪55‬خاص به ‪55‬دف‬
‫‪1‬‬
‫دفعهم الرتكاب الجريمة أو جرائم معينة‪.‬‬

‫باإلض ‪55 5‬افة إلى أن التح ‪55 5‬ريض الع ‪55 5‬ام أو التح ‪55 5‬ريض الجم ‪55 5‬اعي يقتض ‪55 5‬ي دوم ‪55 5‬ا ركن‬
‫العالني ‪55‬ة عكس التح ‪55‬ريض الخ ‪55‬اص أو التح ‪55‬ريض الف ‪55‬ردي ‪ ،‬ف ‪55‬التحريض الجم ‪55‬اعي يك ‪55‬ون‬
‫بإح‪55 5‬دى ط‪55 5‬رق العالني‪55 5‬ة مث‪55 5‬ل ‪ :‬المنش‪55 5‬ورات ‪ ،‬ووس‪55 5‬ائل االعالم الحديث‪55 5‬ة‪ . 2‬مم‪55 5‬ا يجع‪55 5‬ل‬
‫الرس‪55‬الة التحريض‪55‬ية متاح‪55‬ة لع‪55‬دد كب‪55‬ير من االش‪55‬خاص بطريق‪55‬ة علني‪55‬ة وواس‪55‬عة االنتش‪55‬ار‬
‫كش‪5‬رط لتحقيق‪55‬ه‪ ،3‬بع‪55‬دم اس‪5‬تهدافه أشخاص‪55‬ا بعينهم ‪ ،‬إال أن‪55‬ه يمكن أن يك‪55‬ون م‪55‬ؤثرا ويخل‪55‬ق‬
‫مناخ ‪55‬ا يش ‪55‬جع على الس ‪55‬لوك االج ‪55‬رامي‪ ،‬فخصائص ‪55‬ه يمكن استخالص ‪55‬ها في اتس ‪55‬امه بع ‪55‬دم‬
‫التحدي‪55 5‬د في األش‪55 5‬خاص أو التفاص‪55 5‬يل الدقيق‪55 5‬ة للفع‪55 5‬ل االج‪55 5‬رامي ال‪55 5‬ذي يتم دع‪55 5‬وتهم الي‪55 5‬ه‪،‬‬
‫الوس ‪55‬ائل المس ‪55‬تخدمة كوس ‪55‬ائل االعالم واالن ‪55‬ترنت والخطب والمظ ‪55‬اهرات ال ‪55‬تي يمكن أن‬
‫محمد هاني فرحات ‪ ،‬مرجع سابق – ص‪109‬‬ ‫‪1‬‬

‫نفس المرجع ‪ -‬ص ‪111‬‬ ‫‪2‬‬

‫فهد بن مبارك العفرج‪( ،‬التحريض على الجريمة في الفقه االسالمي والنظام السعودي) دراسة تأصيلية تطبيقية‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫أطروحة مقدمة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬إشراف الدكتور محمد بن عبد اهلل عرفه‪ ،‬قسم العدالة الجنائية‪ ،‬تخصص‬
‫السياسة الجنائية‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة نايف للعلوم األمنية‪ ، 2006 ،‬ص ‪123‬‬

‫‪18‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫تصل على جمهور واسع ‪ ،‬النية لديه لحث اآلخرين على ارتك‪55‬اب أفع‪55‬ال غ‪55‬ير قانوني‪55‬ة أو‬
‫ج‪55 5‬رائم ‪ ،‬والت‪55 5‬أثير المحتم‪55 5‬ل واس‪55 5‬ع النط‪55 5‬اق بحيث يمكن أن يس‪55 5‬تجيب أش‪55 5‬خاص كث‪55 5‬يرون‬
‫للدعوة المبثوثة ويتخذون اجراءات إجرامية ‪.‬‬

‫ل ‪55‬ذا التح ‪55‬ريض الع ‪55‬ام يعت ‪55‬بر خط ‪55‬يرا بس ‪55‬بب قدرت ‪55‬ه على الت ‪55‬أثير على ع ‪55‬دد كب ‪55‬ير من‬
‫الن ‪55‬اس وق ‪55‬د ي ‪55‬ؤدي إلى ع ‪55‬واقب وخيم ‪55‬ة ج ‪55‬دا خاص ‪55‬ة في المجتمع ‪55‬ات المض ‪55‬طربة أو في‬
‫ظروف متوترة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إثبات التحريض‬

‫إلثب‪55 5‬ات جريم‪55 5‬ة التح‪55 5‬ريض تتطلب ع‪55 5‬دة عناص‪55 5‬ر أساس‪55 5‬ية منه‪55 5‬ا تحدي‪55 5‬د التعري‪55 5‬ف‬
‫القانوني للتحريض وفقا للتشريع المعمول ب‪55‬ه ‪ ،‬حيث يش‪55‬مل ذل‪55‬ك ع‪55‬ادة حث ش‪55‬خص آخ‪55‬ر‬
‫على ارتكاب الجريمة‪ ،1‬ومن الضروري اثبات نية المتهم في التحريض على الجريم‪5‬ة ‪،‬‬
‫والتي يمكن استنتاجها من خالل تصريحاته و أفعال‪55‬ه‪ ،‬عالوة على ذل‪55‬ك ‪ ،‬يجب أن يك‪55‬ون‬
‫هن‪55‬اك دلي‪55‬ل ملم‪55‬وس على أن المتهم ق‪55‬ام بأفع‪55‬ال ووس‪55‬ائل ق‪55‬د تم ذكره‪55‬ا من خالل م‪55‬ادة ‪41‬‬
‫من ق ‪55‬انون العقوب ‪55‬ات أو أدى بتص ‪55‬ريحات تع ‪55‬د تحريض ‪55‬ا‪ .‬كم ‪55‬ا يجب اثب ‪55‬ات وج ‪55‬ود عالق ‪55‬ة‬
‫مباش ‪55 5‬رة بين التح ‪55 5‬ريض والجريم ‪55 5‬ة المرتكب ‪55 5‬ة أو المحتم ‪55 5‬ل ارتكابه ‪55 5‬ا وتكمن األدل ‪55 5‬ة في‬
‫التس‪55‬جيالت الص‪55‬وتية‪ ،‬الرس‪55‬ائل النص‪55‬ية‪ ،‬والش‪55‬هادات الشخص‪55‬ية‪ ،‬ال‪55‬تي تلعب دورا حيوي‪55‬ا‬
‫في رب‪5‬ط المتهم ب‪5‬التحريض‪ ،‬ل‪5‬ذا ك‪5‬ل ه‪5‬ذه العناص‪5‬ر تتم مراجعته‪5‬ا بعناي‪5‬ة من قب‪5‬ل الجه‪5‬ات‬
‫القضائية لتحديد ما إذا كانت تشكل جريمة التحريض وفقا للقوانين المعمول بها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل التحريض على الجريمة و شروطه‬

‫ان وس‪55‬ائل التح‪55‬ريض على الجريم‪55‬ة بطبعه‪55‬ا تش‪55‬كل ال‪55‬دافع األج‪55‬در بال‪55‬ذكر بم‪55‬ا له‪55‬ا من‬
‫ت‪55‬أثيرات على النفس البش‪55‬رية ‪ ،‬فت‪55‬دفع الن‪55‬اس للطم‪55‬ع وتزي‪55‬د من ح‪55‬دة االرادة الذاتي‪55‬ة س‪55‬واء‬
‫ب‪55 5‬دافع الخ‪55 5‬وف أو على ش‪55 5‬كل أطم‪55 5‬اع ب‪55 5‬دافع الم‪55 5‬ال أو اله‪55 5‬دايا ترغيب‪55 5‬ا ‪ ،‬أم‪55 5‬ا اذا لم تفي‬

‫محمد هاني فرحات‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪230‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪19‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫ب‪5‬الغرض فق‪5‬د يلج‪5‬أ المح‪5‬رض لوس‪5‬ائل اخ‪5‬رى أش‪5‬د ت‪5‬أثيرا وترهيب‪5‬ا كالتهدي‪5‬د أو االض‪5‬طرار‬
‫لتب‪55‬ني أفك‪55‬ار أخ‪55‬رى أش‪55‬د س‪55‬ذاجة كالحيل‪55‬ة والخديع‪55‬ة أو اس‪55‬تعمال م‪55‬ا ل‪55‬ه من نف‪55‬وذ أو س‪55‬لطة‬
‫فق ‪55‬د اش ‪55‬ترطت الم ‪55‬ادة ‪ 41‬من ق ع خمس ‪55‬ة وس ‪55‬ائل للتح ‪55‬ريض واردة على س ‪55‬بيل الحص ‪55‬ر‬
‫وهي ‪ :‬الهب‪55 5‬ة‪ ،‬الوع‪55 5‬د ‪ ،‬التهدي‪55 5‬د ‪ ،‬اس‪55 5‬اءة اس‪55 5‬تعمال الس‪55 5‬لطة أو الوالي‪55 5‬ة ‪ ،‬التحاي‪55 5‬ل وك‪55 5‬ذا‬
‫التدليس االجرامي‪ ،‬و هذا ما سنتطرق له في الفرع األول ‪.‬‬

‫تتضمن شروط التحريض عدة معايير وض‪5‬وابط يجب توافره‪5‬ا لكي يتم النظ‪5‬ر إلى‬
‫فعل ما على أنه تحريض جنائي‪ .‬تشمل هذه الشروط عناصر سنعالجها في الفرع الثاني‬

‫الفرع األول ‪ :‬وسائل التحريض على الجريمة‬

‫أوال ‪ :‬الهبة‬

‫تعتبر الهبة من وسائل الترغيب لما لها من ت‪55‬أثيرات على نفس‪5‬ية المح‪5‬رض‪ ،1‬فالهب‪55‬ة‬
‫عبارة عن مال أو شيء آخر يقوم المحرض بدفعه إلى الفاعل مرتكب الجريم‪55‬ة إلغوائ‪55‬ه‬
‫ب‪55‬ه كم‪55‬ا ذكرن‪55‬اه س‪55‬ابقا ‪ ،‬ق‪55‬د تك‪55‬ون الهب‪55‬ة م‪55‬ال أو تق‪55‬ديم خدم‪55‬ة مثال‪ ، 2‬أن ي‪55‬دفعها المح‪55‬رض‬
‫للفاع‪55‬ل قب‪55‬ل ارتك‪55‬اب الجريم‪55‬ة أو ك‪55‬ذلك يجب أن يك‪55‬ون الفاع‪55‬ل قب‪55‬ل بالهدي‪55‬ة أو الهب‪55‬ة قب‪55‬ل‬
‫ارتكاب الجريمة‪. 3‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الوعد‬

‫محمد هاني فرحات ‪ .‬مرجع سابق ص‪61-60‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد اهلل سليمان ‪ ( .‬شرح قانون العقوبات – القسم العام – الجزء ‪ "1‬الجريمة ") ط ‪ – 6‬ديوان المطبوعات‬ ‫‪2‬‬

‫الجامعية – الجزائر ‪– 2005‬ص ‪205‬‬


‫مفيدة عزيري (التحريض في التشريع الجزائري) مذكرة مكملة لمقتضيات نيل شهادة الماستر في الحقوق –‬ ‫‪3‬‬

‫تخصص قانون جنائي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد بوضياف ‪ ،‬مسيلة ‪. 2014‬ص‪28‬‬

‫‪20‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫من أهم الوس ‪55 5 5‬ائل و األعم ‪55 5 5‬ال المادي ‪55 5 5‬ة المس ‪55 5 5‬تخدمة في التح ‪55 5 5‬ريض ه ‪55 5 5‬و الوع ‪55 5 5‬د ‪،‬‬
‫ف‪55‬المحرض ق‪55‬د يق‪55‬وم بوع‪55‬د الفاع‪55‬ل بتق‪55‬ديم ل‪55‬ه خدم‪55‬ة أو هدي‪55‬ة أو أي ش‪55‬يء مقاب‪55‬ل ارتك‪55‬اب‬
‫الجريمة التي يطلبها منه ‪ ،‬ويشرط في الوعد أن يكون قبل تنفيذ أو ارتكاب الجريمة‪. 1‬‬

‫ثالثا ‪ :‬التهديد‬

‫يمكن للتهدي ‪55‬د أن يك ‪55‬ون معنوي ‪55‬ا كم ‪55‬ا يمكن أن يك ‪55‬ون مادي ‪55‬ا‪ ،‬فالتهدي ‪55‬د المعن ‪55‬وي على‬
‫سبيل المث‪5‬ال التهدي‪5‬د بإفش‪5‬اء س‪5‬ر م‪5‬ا يس‪5‬يئ إلى س‪5‬معة المح‪5‬رض ‪ ،‬ام‪5‬ا التهدي‪5‬د الم‪5‬ادي ه‪5‬و‬
‫كأن يهدده بالقتل أو بأي أذى اذا لم يرتكب الجريمة‪.‬‬

‫فالتهديد يعت‪5‬بر من وس‪5‬ائل ال‪5‬ترهيب ال‪5‬تي يمكن أن يس‪5‬تخدمها المح‪5‬رض للت‪5‬أثير على‬
‫نفس‪55‬ية ش‪55‬خص آخ‪55‬ر وذل‪55‬ك ب‪55‬زرع الخ‪55‬وف و الهل‪55‬ع‪ ،‬فيق‪55‬وم بن‪55‬اء على ذل‪55‬ك التهدي‪55‬د بتنفي‪55‬ذ‬
‫‪2‬‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬إساء استغالل السلطة أو الوالية‬

‫يشترط فيه وجود عالقة تمكين بين المحرض ومنفذ الفع‪5‬ل اإلج‪5‬رامي‪ ،‬حيث تس‪5‬تند‬
‫هذه العالقة إلى أس‪55‬اس ق‪55‬انوني يمنح الط‪55‬رف األول س‪55‬لطة أو نف‪55‬وًذ ا على الط‪55‬رف الث‪55‬اني‪.‬‬
‫تتجلى هذه السلطة في أش‪5‬كال مختلف‪55‬ة كس‪5‬لطة ال‪55‬رئيس على موظفي‪55‬ه‪ ،‬الوال‪55‬د على األبن‪55‬اء‪،‬‬
‫أو الزوج تجاه الزوجة‪ .‬مثال على ذلك‪ ،‬حال‪5‬ة ي‪5‬دفع فيه‪5‬ا ال‪5‬رئيس موظًف ا الرتك‪5‬اب عملي‪5‬ة‬
‫اختالس‪ .‬في ه‪55 5‬ذا الس‪55 5‬ياق‪ُ ،‬يعت‪55 5‬بر التح‪55 5‬ريض مع‪55 5‬زًز ا بالهيمن‪55 5‬ة أو النف‪55 5‬وذ ال‪55 5‬ذي يمارس‪55 5‬ه‬
‫الش ‪55‬خص ص ‪55‬احب الس ‪55‬لطة على من ه ‪55‬و في مرتب ‪55‬ة أدنى أو خاض ‪55‬ع ل ‪55‬ه‪ ،‬مم ‪55‬ا ي ‪55‬ؤدي إلى‬
‫توقع التزام المنفذ باالستجابة ألوامر الشخص األعلى منه‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬التحايل أو التدليس االجرامي‬

‫يعتبر التحايل أو التدليس االجرامي آخر فعل نص عليه المش‪55‬رع في الق‪55‬انون ‪ ،‬كم‪55‬ا‬
‫أن كل منهما يقوم‪5‬ان على أس‪5‬اس الخ‪5‬داع أو الك‪5‬ذب وال‪5‬تي ت‪5‬ؤدي إلى ارتك‪5‬اب الجريم‪5‬ة ‪،‬‬

‫عبد اهلل سليمان ‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪205‬‬ ‫‪1‬‬

‫ملكي سمية‪ ،‬قادري أميرة – مرجع سابق ص ‪25‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪21‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫فيقصد بهما اس‪5‬تخدام وس‪5‬ائل احتيالي‪5‬ة ل‪5‬دفع الغ‪5‬ير نح‪5‬و تنفي‪5‬ذ الجريم‪5‬ة ‪ ،1‬ك‪5‬أن يق‪5‬ول ل‪5‬ه أن‬
‫المراد من االعتداء عليه ه‪5‬و ال‪5‬ذي تس‪5‬بب في قت‪5‬ل أخي‪5‬ك أو تس‪5‬بب في فص‪5‬له عن العم‪5‬ل‪،‬‬
‫أو اتخ‪55‬اذ اس‪55‬لوب اقن‪55‬اع الغ‪55‬ير باالنص‪55‬ياع إلى رغب‪55‬ة المح‪55‬رض مم‪55‬ا يدفع‪55‬ه إلى الس‪55‬خط و‬
‫بالت‪55‬الي ارتك‪55‬اب الجريم‪55‬ة ‪ ،‬ك‪55‬أن ت‪55‬دعي ام‪55‬رأة أم‪55‬ام زوجه‪55‬ا أو ابنه‪55‬ا أن فالن غازله‪55‬ا في‬
‫الطريق واعترض سبيلها مما يؤدي إلى ارتكاب الجريمة ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬شروط التحريض على الجريمة‬

‫أوال ‪ :‬نشاط المحرض‬

‫ان نشاط المحرض يقوم على أساس خلق فكرة ارتكاب الجريم‪55‬ة في ذهن الفاع‪55‬ل‪،‬‬
‫و ذل‪55 5‬ك بالت‪55 5‬أثير على نفس‪55 5‬ية الفاع‪55 5‬ل مم‪55 5‬ا ي‪55 5‬ؤدي ذل‪55 5‬ك بدفع‪55 5‬ه الرتك‪55 5‬اب تل‪55 5‬ك الجريم‪55 5‬ة و‬
‫التص‪55 5‬ميم عليه‪55 5‬ا ‪ ،‬كم‪55 5‬ا أن‪55 5‬ه في الق‪55 5‬انون اللبن‪55 5‬اني ال يش‪55 5‬ترط أي وس‪55 5‬يلة مح‪55 5‬ددة و معين‪55 5‬ة‬
‫الرتك‪55‬اب الجريم‪55‬ة على خالف الق‪55‬انون الفرنس‪55‬ي ال‪55‬ذي يحص‪55‬ر ه‪55‬ذه الوس‪55‬ائل في الوع‪55‬د و‬
‫التهدي‪55‬د أو االرش‪55‬اد أو الس‪55‬لطة أو الوالي‪55‬ة بمع‪55‬نى اس‪55‬تعمال نف‪55‬وذ المح‪55‬رض على م‪55‬رتكب‬
‫الجريمة م‪ 121-7‬فقرة ‪ 2‬من القانون الفرنسي ‪.2‬‬

‫كما أن نشاط المحرض يتميز بكونه يؤدي إلى نتيجتين‪:‬‬

‫وفي األخ‪55‬ير يتض‪55‬ح لن‪55‬ا أن النش‪55‬اط ال‪55‬ذي يق‪55‬وم ب‪55‬ه المح‪55‬رض ه‪55‬و نش‪55‬اط ذو طبيع‪55‬ة نفس‪55‬ية‬
‫أك‪55‬ثر من أنه‪55‬ا طبيع‪55‬ة مادي‪55‬ة تب‪55‬دو في ت‪55‬أثر نفس‪55‬ية الفاع‪55‬ل ب‪55‬التحريض واندفاع‪55‬ه الرتك‪55‬اب‬
‫‪3‬‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشخص الموجه إليه التحريض‬

‫عبد القادر عدو ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪27‬‬ ‫‪1‬‬

‫نظام توفيق‪ ،‬المجاني (شرح قانون العقوبات ) دار الثقافة للنشر و التوزيع – ‪ 2020‬ص ‪369‬‬ ‫‪2‬‬

‫باسم شهاب(مبادئ القسم العام قانون العقوبات ) جامعة عبد الحميد ابن باديس‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫وهران‪ ،2007 ،‬ص‪.156‬‬

‫‪22‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫المقص‪55‬ود هن‪55‬ا أن يوج‪55‬ه التح‪55‬ريض إلى ش‪55‬خص معين أو أش‪55‬خاص معي‪55‬نين يخت‪55‬ارهم‬
‫المحرض الرتكاب الجريمة أو يتم اختيارهم بواسطة الغير‪.‬‬

‫كم‪55 5‬ا أن ه‪55 5‬ذا ال يع‪55 5‬ني أن يك‪55 5‬ون التح‪55 5‬ريض عام‪55 5‬ا موجه‪55 5‬ا لمجموع‪55 5‬ة من الن‪55 5‬اس أو‬
‫الجمه ‪55‬ور دون تمي ‪55‬يز ‪ ،‬و لكن يش ‪55‬ترط أن يك ‪55‬ون عالني ‪55‬ا حاص ‪55‬ال بإح ‪55‬دى وس ‪55‬ائل النش ‪55‬ر‬
‫المح ‪55‬ددة في الق ‪55‬انون ‪ 1.‬فاألص ‪55‬ل أن يك ‪55‬ون التح ‪55‬ريض شخص ‪55‬يا ب ‪55‬ل يكفي أن يص ‪55‬ل إلي ‪55‬ه‬
‫النش‪55 5‬اط ال‪55 5‬دافع إلى الجريم‪55 5‬ة فاالتف‪55 5‬اق ليس ش‪55 5‬رطا في التح‪55 5‬ريض‪ ،‬ب‪55 5‬ل ه‪55 5‬و وس‪55 5‬يلة من‬
‫وسائله‪ .‬وقد أضاف الفقهاء شروط تتمثل في‪:‬‬

‫أن يك‪55‬ون التح‪55‬ريض س‪55‬ابقا للجريم‪55‬ة‪ :‬لتحق‪55‬ق ه‪55‬ذا الش‪55‬رط وجب أن يتم التح‪55‬ريض‬ ‫‪-‬‬
‫قب‪55‬ل الخ‪55‬وض في مادي‪55‬ات الجريم‪55‬ة ألن‪55‬ه ي‪55‬أتي بتش‪55‬جيع المح‪55‬رض للفاع‪55‬ل والت‪55‬أثير‬
‫على نفس ‪55‬يته من خالل خل ‪55‬ق فك ‪55‬رة الجريم ‪55‬ة كفك ‪55‬رة لجدي ‪55‬دة للفاع ‪55‬ل والعم ‪55‬ل على‬
‫‪2‬‬
‫تقويتها‪ ،‬فالتحريض يسبق الجريمة ‪.‬‬
‫أن يك‪55‬ون التح‪55‬ريض منتج‪55‬ا ألث‪55‬ره‪ :‬أي أن ي‪55‬رتكب المح‪55‬رض الجريم‪55‬ة أو يش‪55‬رع‬ ‫‪-‬‬
‫‪3‬‬
‫في ارتكابها‪.‬‬
‫ان المشرع الجزائري باعتباره أن المحرض مسؤوال من ال‪55‬واجب توقي‪55‬ع العقوب‪55‬ة‬
‫المقررة حتى إذا لم يقم الفاعل المحرض بارتكاب الجريمة وه‪5‬ذا م‪5‬ا نص‪5‬ت علي‪5‬ه‬
‫الم ‪55‬ادة ‪ 46‬من ق ‪55‬انون العقوب ‪55‬ات الجزائ ‪55‬ري ‪ « :‬إذا لم ت ‪55‬رتكب الجريم ‪55‬ة الم ‪55‬زعم‬
‫ارتكابه‪55‬ا لمج‪55‬رد امتن‪55‬اع من ك‪55‬ان ين‪55‬وي ارتكابه‪55‬ا بإرادت‪55‬ه وح‪55‬دها ف‪55‬إن المح‪55‬رض‬
‫عليه‪55‬ا يع‪55‬اقب رغم ذل‪55‬ك بالعقوب‪55‬ات المق‪55‬ررة له‪55‬ذه الجريم‪55‬ة‪ ».‬فالم‪55‬ادة هن‪55‬ا تع‪55‬اقب‬
‫المح‪55 5‬رض ح‪55 5‬تى وان لم تفض التح‪55 5‬ريض إلى نتيج‪55 5‬ة ‪ ،‬تحقيق‪55 5‬ا لمب‪55 5‬دأ اس‪55 5‬تقاللي‬

‫نظام توفيق‪ ،‬المجاني ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪370‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد عوض‪( ،‬قانون العقوبات القسم العام) ‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ، 1998 ،‬ص ‪368‬‬ ‫‪2‬‬

‫أحمد بوسقيعة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪156‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪23‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫مس‪55‬ؤولية المح‪55‬رض ف‪55‬التحريض جريم‪55‬ة مس‪55‬تقلة بح‪55‬د ذاته‪55‬ا عن مس‪55‬ؤولية الفاع‪55‬ل‬


‫‪1‬‬
‫المادي ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬موضوع التحريض‬

‫يجب أن يقوم موضوع التحريض على طلب ارتك‪55‬اب الجريم‪55‬ة بص‪55‬ورة مباش‪55‬رة أي‬
‫يجب أن يك‪55‬ون التح‪55‬ريض مباش‪55‬را بمع‪55‬نى أن يتج‪55‬ه المح‪55‬رض إلى ش‪55‬خص من أج‪55‬ل دفع‪55‬ه‬
‫‪2‬‬
‫الرتكاب الجريمة‪.‬‬

‫أم ‪55‬ا اذا ك ‪55‬ان التوج ‪55‬ه إلى الجريم ‪55‬ة بص ‪55‬ورة غ ‪55‬ير مباش ‪55‬رة ال يعت ‪55‬بر تحريض ‪55‬ا جنائي ‪55‬ا‬
‫بالم‪55‬دلول الق‪55‬انوني‪ ،‬ك‪55‬أن يوق‪55‬ع الع‪55‬داوة والكراهي‪55‬ة الش‪55‬ديدة بين شخص‪55‬ين ف‪55‬يرتكب أح‪55‬دهما‬
‫‪3‬‬
‫جريمة ضد اآلخر‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬قصد التحريض‬

‫أن القصد في ارتكاب الجريمة شرط من شروط التحريض ال‪55‬ذي ال يتم بدون‪55‬ه‪ ،‬كم‪55‬ا‬
‫أنه يتكون من عنصر العلم و االرادة‪.‬‬

‫فال ب ‪55 5‬د أن يعلم المح ‪55 5‬رض بأن ‪55 5‬ه ي ‪55 5‬ؤثر على نفس ‪55 5‬ية الفاع ‪55 5‬ل و يدفع ‪55 5‬ه إلى ارتك ‪55 5‬اب‬
‫الجريم‪55‬ة‪ ،‬و ك‪55‬ذلك يجب أن تنص‪55‬رف ارادة المح‪55‬رض إلى خل‪55‬ق فك‪55‬رة الجريم‪55‬ة في ذهن‬
‫‪4‬‬
‫الفاعل ليقع على عاتقه ارتكابها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تمييز المحرض عن باقي مرتكبي الجريمة‪.‬‬


‫تتع‪55‬دد أش‪55‬كال المش‪55‬اركة اإلجرامي‪55‬ة بن‪55‬اًء على ال‪55‬دور ال‪55‬ذي يلعب‪55‬ه ك‪55‬ل ف‪55‬رد في س‪55‬ياق‬
‫ارتكاب الجريمة‪ ،‬وذلك نظ‪ً5‬ر ا للتب‪5‬اين في األس‪5‬اليب والط‪5‬رق المتبع‪5‬ة للوص‪5‬ول إلى الغاي‪5‬ة‬

‫نفس المرجع‪ ، ،‬ص‪156‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬نظام توفيق‪ ،‬المجاني ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪370‬‬


‫عبد القادر عدو ‪،‬مرجع سابق‪ .‬ص‪151‬‬ ‫‪3‬‬

‫نظام توفيق‪ ،‬المجاني ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬ص ‪371‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪24‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫اإلجرامي‪55‬ة‪ .‬تختل‪55‬ف ه‪55‬ذه األدوار في درج‪55‬ة أهميته‪55‬ا اس‪55‬تناًد ا إلى حجم المس‪55‬اهمة والت‪55‬أثير‬
‫الذي يمارسه كل دور في تحقيق الفعل الجرمي‪.‬‬
‫في الق‪5‬انون الجن‪55‬ائي‪ ،‬يع‪55‬د التمي‪55‬يز بين المختلفين في ارتك‪55‬اب الجريم‪55‬ة ك‪55‬المحرض‪،‬‬
‫الفاع‪55 5‬ل األص‪55 5‬لي‪ ،‬الفاع‪55 5‬ل المعن‪55 5‬وي‪ ،‬والش‪55 5‬ريك من األم‪55 5‬ور الجوهري‪55 5‬ة لتحدي‪55 5‬د مس‪55 5‬توى‬
‫المسؤولية ونوع العقوبة المناسبة‪ ،‬بالنسبة للمحرض‪ ،‬يتميز بكون‪55‬ه يح‪55‬رض شخًص ا آخ‪55‬ر‬
‫على ارتك‪55‬اب الجريم‪55‬ة‪ ،‬م‪55‬وفًر ا ل‪55‬ه ال‪55‬دافع أو الوس‪55‬ائل الالزم‪55‬ة لتنفي‪55‬ذها‪ ،‬دون أن يش‪55‬ارك‬
‫بش‪5‬كل مباش‪5‬ر في تنفي‪5‬ذ الفع‪5‬ل االج‪5‬رامي نفس‪5‬ه‪ ،‬والفاع‪5‬ل األص‪55‬لي ه‪5‬و الش‪5‬خص ال‪5‬ذي ينف‪5‬ذ‬
‫الجريمة بشكل مباشر‪ ،‬أم‪5‬ا الفاع‪5‬ل المعن‪5‬وي فه‪5‬و من يق‪5‬وم ب‪5‬دور قي‪5‬ادي أو ي‪5‬أمر بارتك‪5‬اب‬
‫الجريمة استغالال لعدم توفر ش‪5‬روط األهلي‪5‬ة دون تنفي‪5‬ذها بنفس‪5‬ه‪ ،‬أم‪5‬ا الش‪5‬ريك يش‪5‬ترك في‬
‫الجريمة بطرق مختلفة كالمساعدة‪ ،‬لكن دون أن يكون الفاعل األساسي‪.‬‬
‫لذا سوف نتناول في هذا المطلب األول تمييز المحرض عن الفاعل األصلي ‪ ،‬أم‪55‬ا‬
‫في المطلب الثاني سنتناول فيه تمييز المحرض عن الفاعل المعنوي و الشريك‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تمييز المحرض عن المحرض الصوري و الفاعل األصلي‬

‫‪25‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫ب‪55‬العودة إلى نص الم‪55‬ادة ‪ 41‬من ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات الجزائ‪55‬ري « يعت‪55‬بر ف‪55‬اعال ك‪55‬ل من‬
‫ساهم مساهمة مباش‪5‬رة في تنفي‪5‬ذ الجريم‪5‬ة أو ح‪5‬رض على ارتك‪5‬اب الفع‪5‬ل بالهب‪5‬ة أو الوع‪5‬د‬
‫أو تهديد أو اساءة استعمال السلطة أو الوالية أو التحايل أو التدليس اإلجرامي »‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تمييز المحرض عن المحرض الصوري‬

‫يع‪55‬رف المح‪55‬رض الص‪55‬وري بأن‪55‬ه ك‪55‬ل ش‪55‬خص يحث آخ‪55‬ر على ارتك‪55‬اب جريم‪55‬ة بغي‪55‬ة‬
‫االيقاع بمرتكبها وضبطه متلبسا ليسلمه للسلطات العامة في حين أن هذا الفاعل كان من‬
‫‪1‬‬
‫الجائز أن ال يرتكب الجريمة تلقائيا لو ترك وشأنه‪.‬‬

‫يطلق تسمية المحرض الصوري لكونه صادر من رجال الش‪5‬رطة أو الض‪5‬بطية القض‪5‬ائية‬
‫أو ك‪55‬ذلك لرج‪55‬ال الس‪55‬لطة العام‪55‬ة المن‪55‬وط بهم عملي‪55‬ات التح‪55‬ري والبحث وجم‪55‬ع اس‪55‬تدالالت‬
‫بلجوئهم إلى طرق غير مشروعة كأسلوب لضبط الجناة من أجل تقديمهم للعدالة وتوقي‪55‬ع‬
‫العق‪55‬اب عليهم ‪ ،‬ف‪55‬المحرض الص‪55‬وري والمح‪55‬رض الع‪55‬ادي يتفق‪55‬ان في حث ودف‪55‬ع الفاع‪55‬ل‬
‫إلى القي ‪55 5‬ام بالفع ‪55 5‬ل االج ‪55 5‬رامي ‪ ،‬غ ‪55 5‬ير أنهم ‪55 5‬ا يختلف ‪55 5‬ان في اله ‪55 5‬دف أو الغاي ‪55 5‬ة أو القص ‪55 5‬د‬
‫ف‪55‬المحرض الع‪55‬ادي يس‪55‬عى لتحقي‪55‬ق الفع‪55‬ل وارتك‪55‬اب الجريم‪55‬ة من أج‪55‬ل االس‪55‬تفادة من ثم‪55‬ار‬
‫الجريم ‪55‬ة وفوائ ‪55‬دها‪ ،‬ويختلف ‪55‬ان في ك ‪55‬ون المح ‪55‬رض الع ‪55‬ادي شخص ‪55‬ا عادي ‪55‬ا ال ينتمي إلى‬
‫‪2‬‬
‫رجال السلطة العامة ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تمييز المحرض عن الفاعل األصلي‬

‫قانون العقوبات الجزائري ُيميز بوضوح بين مفهوم المحرض والفاعل األصلي في‬
‫الم ‪55‬ادة ‪ ،41‬الف ‪55‬رق الرئيس ‪55‬ي يكمن في دور ومس ‪55‬توى مش ‪55‬اركة ك ‪55‬ل منهم ‪55‬ا في ارتك ‪55‬اب‬
‫الجريمة‪:‬‬

‫مالك أحمد إبراهيم الجدبة‪ ( ،‬التحريض الصوري على الجريمة في التشريع الجزائي الفلسطيني) دراسة مقارنة‬ ‫‪1‬‬

‫بالشريعة االسالمية والقوانين الوضعية ‪ ،‬إشراف د‪.‬حسام الدين محمود زكريا الدن و د‪ .‬ياسر إسعيد حسين فوجو ‪،‬‬
‫رسالة ماجيستير في قسم القانون العام‪ ،‬كلية الشريعة والقانون‪ ،‬الجامعة االسالمية ‪ ،‬غزة ‪ ، 2018 ،‬ص‪19‬‬
‫محمود القبالوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.129-128‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪26‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫الفاع‪55‬ل األص‪55‬لي ه‪55‬و الش‪55‬خص ال‪55‬ذي يق‪55‬وم بارتك‪55‬اب الفع‪55‬ل اإلج‪55‬رامي بنفس‪55‬ه أو يس‪55‬اهم‬
‫مباش ‪55 5‬رة في تنفي ‪55 5‬ذه‪ ،‬بمع ‪55 5‬نى آخ ‪55 5‬ر‪ ،‬الفاع ‪55 5‬ل األص ‪55 5‬لي ه ‪55 5‬و من ينف ‪55 5‬ذ الجريم ‪55 5‬ة بنفس ‪55 5‬ه أو‬
‫باالشتراك مع آخرين‪ ،‬ويعتبر المباشر للفعل االجرامي‪.‬‬

‫المح‪55‬رض‪ ،‬ه‪55‬و ذل‪55‬ك الش‪55‬خص ال‪55‬ذي يخل‪55‬ق فك‪55‬رة اقتناع‪55‬ا و رغب‪55‬ة في نفس ش‪55‬خص‬
‫آخ ‪55 5‬ر ويحمل‪55 5 5‬ه على ارتك‪55 5 5‬اب الجريم‪55 5 5‬ة ‪ ،‬ونتيج ‪55 5‬ة لخط‪55 5 5‬ورة الش ‪55 5‬خص المح ‪55 5‬رض على‬
‫الجريم‪55 5‬ة‪ ،‬له‪55 5‬ذا أخض‪55 5‬عه المش‪55 5‬رع الجزائ‪55 5‬ري لثالث‪55 5‬ة ض‪55 5‬وابط وهي ‪ :‬اس‪55 5‬تعمال وس‪55 5‬ائل‬
‫التح‪55‬ريض الم‪55‬ذكورة في نص الم‪55‬ادة ‪ 41‬من ق‪.‬ع ‪ ،‬اس‪55‬تعمال التح‪55‬ريض بص‪55‬فة مباش‪55‬رة‬
‫‪1‬‬
‫واستعماله بصفة شخصية‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬أوجه التشابه‬

‫يمكن الق‪55 5 5‬ول إن هن‪55 5 5‬اك أوج ‪55 5‬ه تش ‪55 5‬ابه بين المح ‪55 5‬رض والفاع‪55 5 5‬ل األص‪55 5 5‬لي من حيث‬
‫المس‪55 5‬ؤولية الجنائي‪55 5‬ة والعقوب‪55 5‬ة المترتب‪55 5‬ة على الفع‪55 5‬ل اإلج‪55 5‬رامي ال‪55 5‬ذي تم ارتكاب‪55 5‬ه‪ .‬وفق ‪ً5 5‬ا‬
‫للقانون‪ ،‬كل من المحرض والفاعل األصلي يمكن أن ُيحاسبان جنائيًا ويخض‪5‬عان للعقوب‪5‬ة‬
‫بناًء على دورهما في ارتكاب الجريمة‪ ،‬حتى وإ ن كانت مشاركة المحرض غير مباش‪55‬رة‬
‫من خالل التحريض‪.‬‬

‫التشابه الرئيس‪5‬ي يكمن في أن الق‪5‬انون يعت‪5‬بر كاًل من الفع‪5‬ل (التنفي‪5‬ذ الفعلي للجريم‪5‬ة)‬
‫والتحريض (الدفع نحو ارتكاب الجريمة) عناصر جوهرية تس‪5‬توجب المس‪5‬اءلة القانوني‪5‬ة‪.‬‬
‫بمع‪55 5‬نى آخ ‪55‬ر‪ ،‬يتم التعام‪55 5‬ل م‪55 5‬ع المح ‪55‬رض على أن‪55 5‬ه ج ‪55‬زء ال يتج ‪55‬زأ من عملي‪55 5‬ة ارتك‪55 5‬اب‬
‫الجريمة‪ ،‬وبالتالي‪ُ ،‬يعاقب بنفس القدر من الجدية التي ُيعاقب به‪55‬ا الفاع‪55‬ل األص‪55‬لي‪ ،‬م‪55‬ا لم‬
‫ينص القانون على خالف ذلك‪.‬‬

‫أوجه التشابه بينهما‪ ،‬إذن‪ ،‬ترتكز على مبدأ المسؤولية الجنائية المشتركة والعقوبات‬
‫المترتبة على الفعل اإلجرامي‪ ،‬مع التأكيد على أن القانون يهدف إلى معاقبة كل من‬

‫نصيرة تواتي (محاضرات في القانون الجنائي العام) سنة ثانية حقوق ل‪.‬م‪.‬د جامعة عبد الرحمان ميرة بجاية‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫كلية الحقوق – ‪ 2015-2014‬ص ‪33‬‬

‫‪27‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫يساهم في الجريمة‪ ،‬سواء بالتنفيذ المباشر أو بالتحريض‪ ،‬لضمان تحقيق العدالة وردع‬
‫السلوكيات اإلجرامية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أوجه االختالف‬


‫أما أوجه االختالف بين المحرض والفاعل األصلي تكمن أساًس ا في دور وطبيعة‬
‫المشاركة في ارتكاب الجريمة‪ .‬هذه االختالفات تشمل‪:‬‬

‫طبيعة المشاركة‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫الفاعل األصلي هو الشخص الذي ينفذ الفعل اإلجرامي مباشرًة‪ ،‬سواء بنفسه أو‬
‫بمساعدة الغير‪ ،‬كما يجب لتحقق المساهمة األصلية أن يتحقق للفاعل العنصر المعنوي‬
‫المتمثل في العلم و اإلرادة‪ ،‬ومنه فإن الفاعل هو من يحقق ماديات الجريمة‬
‫‪1‬‬
‫ومعنوياتها‪.‬‬

‫المحرض هو الشخص الذي يشجع أو يحث أو يسهل ارتكاب الجريمة من خالل التأثير‬
‫على اآلخرين دون المشاركة المباشرة في تنفيذ الفعل الجرمي‪.‬‬

‫المسافة من الفعل اإلجرامي‬ ‫‪-‬‬

‫الفاعل األصلي يكون في قلب الحدث اإلجرامي‪ ،‬حيث يمثل اليد التي تنفذ‪.‬‬

‫المحرض يكون بعيًد ا نسبًي ا عن الحدث االجرامي‪ ،‬حيث يؤثر من خلف الكواليس‪.‬‬

‫النية والدافع‬ ‫‪-‬‬

‫الفاعل األصلي يجب أن يكون لديه نية مباشرة الرتكاب الجريمة‪.‬‬

‫المحرض قد يكون دافعه التأثير على اآلخرين الرتكاب الجريمة دون الرغبة أو النية‬
‫للمشاركة المباشرة فيها‪.‬‬

‫محمود نجيب حسني‪ ( .‬شرح قانون العقوبات – القسم العام – النظرية العامة للجريمة النظرية العامة للعقوبة‬ ‫‪1‬‬

‫والتدبير االحترازي ) ط ‪ ، 6‬دار النهضة العربية القاهرة ‪ .1989 ،‬ص‪424-423‬‬

‫‪28‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫وبالت ‪55 5‬الي‪ ،‬الف ‪55 5‬رق الج ‪55 5‬وهري بين المح ‪55 5‬رض والفاع ‪55 5‬ل األص ‪55 5‬لي يتمث ‪55 5‬ل في طبيع ‪55 5‬ة‬
‫مش‪5‬اركتهم في الجريم‪5‬ة؛ الفاع‪5‬ل األص‪5‬لي ه‪5‬و من ينف‪5‬ذ الفع‪5‬ل بنفس‪5‬ه أو بمش‪5‬اركة مباش‪5‬رة‪،‬‬
‫في حين أن المح ‪55‬رض يلعب دوًر ا في تش ‪55‬جيع أو تس ‪55‬هيل ارتك ‪55‬اب الفع ‪55‬ل دون المش ‪55‬اركة‬
‫المباشرة في تنفيذه‪ .‬وبناًء على ذلك‪ ،‬يتم تحديد المسؤولية الجنائية لكل منهما وفًقا ل‪5‬دوره‬
‫في الجريمة‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تمييز المحرض عن الفاعل المعنوي و الشريك‬

‫الجريم‪55‬ة هي الواقع‪55‬ة المنش‪55‬ئة للمس‪55‬ؤولية الجزائي‪55‬ة ال‪55‬تي ع‪55‬بر عنه‪55‬ا المش‪55‬رع الجن‪55‬ائي‬
‫الجزائري صراحة وجعلها عنوانا للفصل الث‪5‬اني من الب‪5‬اب الث‪5‬اني المعن‪5‬ون ب " مرتكب‪5‬وا‬
‫الجريمة " من قانون العقوبات‪.‬‬

‫على اث‪55‬ر ذل‪55‬ك ق‪55‬د ي‪55‬رتكب الجريم‪55‬ة ش‪55‬خص واح‪55‬د‪ ،‬و ق‪55‬د يش‪55‬ترك مع‪55‬ه ع‪55‬دة أش‪55‬خاص‬
‫بمع ‪55‬نى تع ‪55‬دد األش ‪55‬خاص المرتك ‪55‬بين للس ‪55‬لوك الم ‪55‬رتكب حس ‪55‬ب ال ‪55‬دور ال ‪55‬ذي يق ‪55‬وم ب ‪55‬ه ك ‪55‬ل‬
‫مس‪55‬اهم في الجريم‪55‬ة‪ ،‬وعلي‪55‬ه لكي يتم وص‪55‬ف الش‪55‬خص بأن‪55‬ه مس‪55‬اهم في الجريم‪55‬ة الب‪55‬د أن‬
‫يكون سلوكه مؤثرا بشكل أو بآخر في الواقعة االجرامية‪.‬‬

‫والمساهمة في الجريمة قد تكون مساهمة أصلية والتي تشمل الفاعل المباشر‬


‫والمحرض حسب المادة ‪ 41‬من قانون العقوبات‪ ،‬وتشمل كذلك الفاعل المعنوي‬
‫المنصوص عليه بالمادة ‪ 45‬من نفس القانون التي تنص على « من يحمل شخصا ال‬
‫يخضع للعقوبة بسبب وضعه أو صفته الشخصية على ارتكاب جريمة يعاقب بالعقوبات‬
‫المقررة لها » ‪.1‬‬

‫كما قد تكون مساهمة تبعية التي تشمل الشريك حسب المادة ‪ 42‬من قانون‬
‫العقوبات التي نصت على « يعتبر شريكا في الجريمة من لم يشترك اشتراكا مباشرا‪،‬‬
‫ولكنه ساعد بكل الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب االفعال التحضيرية‬

‫أنظر المادة ‪ 45‬من قانون العقوبات الجزائري‬ ‫‪1‬‬

‫‪29‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك »‪ ، .1‬وتشمل كذلك من يأخذ حكم الشريك‬
‫المنصوص عليه بالمادة ‪ 43‬من قانون العقوبات التي تنص على ‪ « :‬يأخذ حكم الشريك‬
‫من اعتاد أن يقدم مسكنا أو ملجأ أو مكانا لالجتماع لواحد أو أكثر من األشرار الذين‬
‫يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو‬
‫األموال مع علمه بسلوكهم االجرامي »‪.2‬‬

‫فالفاعل المعنوي و الشريك لم ينالوا القسط الوافر من الدراسات الجنائية‪ ،‬بالبحث‬


‫فيه من حيث التخصيص هذا من ناحية ‪ ،‬و من ناحية أخرى لما لمسناه من أهمية‬
‫موضوعية لمعرفة التشابه بين المحرض و الفاعل المعنوي و الشريك التي يشوبهما‬
‫الغموض و اللبس لما أثير حولهما من جدل وخالف فقهي ‪ ،‬و الذي أثار الخالف‬
‫تساؤل جوهري ‪.‬‬

‫لذا ستكون دراستنا مقسمة إلى نقطتين أساسيتين بحيث تخصص النقطة األولى‬
‫كفرع أول لتمييز المحرض عن الفاعل المعنوي حسب المادة ‪ 45‬من قانون العقوبات‪،‬‬
‫بينما خصصنا النقطة الثانية كفرع ثان لدراسة التمييز بين المحرض و الشريك حسب‬
‫المادة ‪ 42‬من قانون العقوبات‬

‫الفرع األول ‪ :‬تمييز المحرض عن الفاعل المعنوي في الجريمة‬

‫عدلت بالقانون رقم ‪ 04-82‬المؤرخ في ‪ 13‬فبراير ‪(.1982‬ج‪.‬ر‪ 7‬ص‪)318‬‬ ‫‪1‬‬

‫حررت في ظل األمر رقم ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ 1966‬كما يلي‪:‬‬


‫يعتبر شريكا في الجريمة من لم يشارك اشتراكا مباشرا فيها لكنه قام باالفعال اآلتية ‪:‬‬
‫حرض على ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استغالل السلطة أو الوالية أو التحايل أو التدليس‬
‫االجرامي أو أعطى تعليمات الرتكابه‬
‫ساعد بكافة الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب األفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه‬
‫بذلك‪.‬‬
‫أنظر المادة ‪ 43‬من األمر رقم ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪.1966‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪30‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫تنص المادة ‪ 45‬من قانون العقوبات الجزائري على أنه ‪ " :‬من يحمل شخصا ال‬
‫يخضع للعقوبة بسبب وضعه أو صفته الشخصية على ارتكاب جريمة يعاقب بالعقوبات‬
‫المقررة لها "‬

‫يتشابه المحرض مع الفاعل المعنوي أن كليهما ينفذان الجريمة بواسطة الغير ‪،‬‬
‫وكالهما صاحب الفكرة ‪.‬‬

‫فالفاعل المعنوي يشتمل‪ ،‬عالوة على المحرض بمفهوم المادة ‪ 41‬من ق‪.‬ع كل من‬
‫حمل الغير على ارتكاب احدى الجرائم دون اللجوء إلى الوسائل الواردة في المادة‬
‫‪1‬‬
‫المذكورة سلفا‪.‬‬

‫يكمن االختالف بين المحرض والفاعل المعنوي أن هذا األخير يدفع شخصا غير‬
‫مسؤول جزائيا الرتكاب الجريمة كونه لديه مانع من موانع المسؤولية الجزائية‬
‫كالمجنون‪ ،‬صغير السن‪ ،‬أو حسن النية ال يعلم بحقيقة ما أمره به وليس له قصد جنائي‬
‫وإ نما يعتقد أنه يقوم بفعل مشروع لعدم توافر االرادة والعلم ‪.‬‬

‫مثال ‪ :‬من يضع سم في طعام ويعيطه لشخص حسن النية كخادم ألجل تسليمه لشخص‬
‫‪2‬‬
‫المجني عليه وبهذا تقوم جريمة القتل بالتسميم‪.‬‬

‫بينما المحرض يدفع شخصا مدركا جديرا بالمسؤولية الرتكاب الجريمة ‪،‬ففي‬
‫التحريض يتطابق كل من القصد والتصور لدى المحرض والمحرض بكسر الراء وهذا‬
‫التطابق غير موجود في صور الفاعل المعنوي ألن هذا األخير ليس له قصد في‬
‫ارتكاب الجريمة‪.‬‬

‫و من جهة ‪ ،‬فإن الفاعل المعنوي هو الذي يقطف ثمرات الجريمة المدفوع إليها‬
‫غير المسؤول‪ ،‬في حين أن المحرض ال ينال هذه الثمرة االجرامية التي تعود بالفائدة‬

‫أحسن بوسقيعة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪170‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫عبد القادر عدو ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪155‬‬

‫‪31‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫على الفاعل منفذ الجريمة ‪ ،‬يعني "ان الفاعل المعنوي هو الذي يستفيد من الجريمة التي‬
‫حث على ارتكابها في حين أن المحرض قد ال يستفيد شيئا"‪.1‬‬

‫و من المالحظ أن مفهوم الفاعل المعنوي أوسع من مفهوم المحرض‪ ،‬فهذا األخير‬


‫عندما يحمل شخصا اخر على ارتكاب الجريمة ‪ ،‬يستخدم الوسائل التي نصت عليها‬
‫المادة ‪ 41‬من قانون العقوبات ‪ ،‬بينما الفاعل المعنوي القانون لم يحدد له الوسائل‬
‫المراد استخدامها عند ارتكاب الجريمة‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تمييز المحرض عن الشريك في الجريمة‬

‫ولوك‪55 5‬ان المش‪55 5‬رع الجزائ‪55 5‬ري بم‪55 5‬وجب الق‪55 5‬انون رقم ‪ 82/04‬أخ‪55 5‬رج المح‪55 5‬رض من‬
‫المس‪55 5‬اهمة الثانوي‪55 5‬ة واعت‪55 5‬بره ف‪55 5‬اعال أص‪55 5‬ليا مس‪55 5‬تقال بأركان‪55 5‬ه وجزائ‪55 5‬ه حس‪55 5‬ب الم‪55 5‬ادة‪41‬‬
‫الم ‪55 5‬ذكورة س ‪55 5‬لفا و الم ‪55 5‬ادة ‪ 46‬من ق‪.‬ع ال ‪55 5‬تي تنص على ‪ « :‬إذا لم ت ‪55 5‬رتكب الجريم ‪55 5‬ة‬
‫الم‪55‬زعم ارتكابه‪55‬ا لمج‪55‬رد امتن‪55‬اع من ك‪55‬ان ين‪55‬وي ارتكابه‪55‬ا بإرادت‪55‬ه وح‪55‬دها ف‪55‬إن المح‪55‬رض‬
‫عليه‪55 5‬ا يع‪55 5‬اقب رغم ذل‪55 5‬ك بالعقوب‪55 5‬ات المق‪55 5‬ررة له‪55 5‬ذه الجريم‪55 5‬ة »‪ . 2‬فإن‪55 5‬ه من الض‪55 5‬روري‬
‫التمي‪55‬يز بين‪55‬ه و بين الش‪55‬ريك لوج‪55‬ود عالق‪55‬ة واقعي‪55‬ة بين الفاع‪55‬ل والش‪55‬ريك ال يمكن تجاهله‪55‬ا‬
‫قانون‪5‬ا‪ ،‬فهن‪5‬اك فروق‪5‬ا جوهري‪5‬ة بين عم‪5‬ل الفاع‪5‬ل والش‪5‬ريك من الناحي‪5‬ة المادي‪5‬ة و المعنوي‪5‬ة‬
‫يحسن معها القول بأن القانون لم ينشئ التفرقة إنما قررها ‪.3‬‬

‫يستخلص من تعري‪5‬ف الش‪5‬ريك في الم‪5‬ادة ‪ 42‬من ق‪.‬ع‪ 4‬أن االش‪5‬تراك يقتض‪5‬ي عم‪5‬ل‬
‫مساهمة في ارتكاب الجريمة‪ ،‬وقد حصر المشرع الجزائري هذا العم‪55‬ل في المس‪55‬اعدة أو‬
‫المعاون‪55‬ة على ارتك‪55‬اب األفع‪55‬ال التحض‪55‬يرية أو المس‪55‬هلة أو المنف‪55‬ذة له‪55‬ا ‪ ،‬في حين يش‪55‬مل‬

‫محمد عبد القادر محمود أبو عجالن‪ ( ،‬جريمة التحريض في التشريع الفلسطيني‪ ،‬دراسة مقارنة بالشريعة‬ ‫‪1‬‬

‫االسالمية) اشراف حسام الدين محمود الدن وسالم عبد اهلل أبو مخدة‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬قسم‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية الشريعة والقانون‪ ،‬الجامعة االسالمية بغزة‪ 2017 ،‬ص‪77-76‬‬
‫األمر ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪8‬يونيو ‪1966‬‬ ‫‪2‬‬

‫عمر خوري‪ ( ،‬شرح قانون العقوبات – القسم العام – ) ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ .2010‬ص‪57‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫أنظر المادة ‪ 42‬من قانون العقوبات الجزائري‬

‫‪32‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫االش ‪55 5‬تراك في غ ‪55 5‬الب التش ‪55 5‬ريعات الس ‪55 5‬يما منه ‪55 5‬ا التش ‪55 5‬ريع الفرنس ‪55 5‬ي و المص ‪55 5‬ري فع ‪55 5‬ل‬
‫التحريض الذي اعتبره المشرع الجزائري عمل من أعمال الفاعل األصلي ‪.‬‬

‫وللتوضيح‪ ،‬نقدم أمثلة إضافية ُتظهر مفهوم المشاركة الثانوية في الجريمة‪:‬‬

‫كشخص ُيقدم معلومات حول نظ‪55‬ام األم‪55‬ان في مب‪55‬نى م‪55‬ا لمنف‪55‬ذي عملي‪55‬ة س‪5‬طو‪ ،‬مم‪55‬ا يس‪5‬هل‬
‫عليهم التخطي‪55 5‬ط لل‪55 5‬دخول والخ‪55 5‬روج دون القبض عليهم‪ ،‬أو ف‪55 5‬رد يخفي أدوات أو أس‪55 5‬لحة‬
‫ُيف‪5‬ترض اس‪5‬تخدامها في ارتك‪5‬اب جريم‪5‬ة‪ ،‬أو يعم‪5‬ل على إخف‪5‬اء أدل‪5‬ة بع‪5‬د ارتك‪5‬اب الجريم‪5‬ة‬
‫لمنع كشف الجن‪5‬اة‪ ،‬أو ش‪5‬خص ُيق‪5‬دم دعًم ا لوجس‪5‬تًيا‪ ،‬مث‪5‬ل ت‪5‬أمين مك‪5‬ان لالختب‪5‬اء أو تس‪5‬هيل‬
‫الهروب لمرتكبي الجريمة‪ ،‬أو فرد ُيس‪55‬اعد في تزوي‪55‬ر الوث‪55‬ائق أو إع‪55‬داد الهوي‪55‬ات المزيف‪55‬ة‬
‫التي ُتستخدم في تنفيذ عملية احتيال‪.‬‬

‫تؤك ‪55 5‬د ه ‪55 5‬ذه األمثل ‪55 5‬ة على أن الش ‪55 5‬راكة في الجريم ‪55 5‬ة ال تقتص ‪55 5‬ر فق ‪55 5‬ط على األفع ‪55 5‬ال‬
‫المباشرة المتعلقة بالمحرض في ارتكاب الجريمة‪ ،‬بل تشمل األفع‪55‬ال الثانوي‪55‬ة ال‪55‬تي ُتس‪55‬هل‬
‫أو ُتع‪55‬زز من إمكاني‪55‬ة ارتكابه‪55‬ا أو ُتس‪55‬اعد في إخفاءه‪55‬ا أو تجنب العق‪55‬اب عليه‪55‬ا‪ ،‬فيح‪55‬رص‬
‫القانون على معاقبة هذه األفع‪55‬ال باعتباره‪55‬ا مس‪55‬اهمة فّعال‪55‬ة في النش‪55‬اط اإلج‪55‬رامي‪ُ ،‬م س‪55‬تنًد ا‬
‫إلى مب‪55‬دأ المس‪55‬ؤولية الجنائي‪55‬ة لك‪55‬ل من ُيس‪55‬اهم‪ ،‬بش‪55‬كل مباش‪55‬ر أو غ‪55‬ير مباش‪55‬ر‪ ،‬في تحقي‪55‬ق‬
‫الجريمة أو في دعم مرتكبيها‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫االطـ ـ ـ ـ ـ ــار املفـ ـ ـ ـ ـ ــاهيمي للتحـ ـ ـ ـ ـ ــريض على‬ ‫الفصل األّو ل‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫خالصة الفصل األول‬


‫كخالص ‪55‬ة له ‪55‬ذا الفص ‪55‬ل وال ‪55‬ذي يعت ‪55‬بر بواب ‪55‬ة البداي ‪55‬ة نح ‪55‬و الس ‪55‬ير في مج ‪55‬ال موض ‪55‬وع‬
‫التحريض على الجريمة في التشريع الجزائري‪.‬‬

‫تتطلب دراسة مضوعنا هذا كأي بحث علمي أن نتعرف عليه وذلك من خالل‬
‫التطرق إلى االطار المفاهيمي للتحريض على الجريمة في التشريع الجزائري وذلك‬
‫بتعريفه لغة واصطالحا و في مختلف التشريعات العربية وغيرها وأيضا حسب‬
‫القضاءين الفرنسي و المصري ‪ ،‬إضافة إلى إثبات التحريض وكذلك أنواع التحريض‬
‫والذي ينقسم إلى نوعين‪ ،‬التحريض الفردي وهو الذي يكون موجه إلى أشخاص‬
‫بذواتهم والنوع الثاني هو التحريض العام الذي يكون موجها إلى عامة الناس‪ ،‬كما‬
‫يرتكز التحريض على وسائل حددها المشرع على سبيل الحصر تتمثل في الوعد‪ ،‬الهبة‬
‫‪ ،‬التهديد‪ ،‬اساءة استعمال السلطة أو الوالية‪ ،‬التحايل والتدليس‪ ،‬كما تطرقنا أيضا إلى‬
‫الشروط الواجب توفرها لكي يتحقق التحريض نلخصها في نشاط المحرض ‪ ،‬الشخص‬
‫الموجه إليه التحريض وموضوع التحريض وأخيرا القصد من التحريض‪ ،‬ويختلف‬
‫المحرض عن باقي مرتكبي الجريمة باعتباره فاعال أصليا وصاحب الفكرة حيث يدفع‬
‫شخصا آخر بالغا وعاقال الرتكاب الجريمة أما المحرض الصوري يعرف بأنه كل‬
‫شخص يحث آخر على ارتكاب جريمة بغية االيقاع بمرتكبها وضبطه أما الفاعل‬
‫المعنوي هو الذي يدفع شخصا غير مسؤول الرتكاب الجريمة ‪ ،‬أما الفاعل األصلي‬
‫فهو المنفذ نفسه لتلك الجريمة غير أن الشريك يعتبر مساهما لقيامه باألدوار الثانوية‬
‫‪.‬والتبعية في تنفيذ الجريمة‬

‫‪34‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫األحكام العامة للتحريض‬
‫على الجريمة‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫الفصل الثاني‪ :‬األحكام العامة للتحريض على الجريمة‬


‫جريم‪55‬ة التح‪55‬ريض تع‪55‬د من الج‪55‬رائم ال‪55‬تي تش‪55‬كل خط ‪ً5‬ر ا جس‪55‬يًم ا على المجتمع‪55‬ات‪،‬‬
‫ألنه‪55‬ا ُتعّب ر عن فع‪55‬ل يه‪55‬دف إلى دف‪55‬ع اآلخ‪55‬رين الرتك‪55‬اب ج‪55‬رائم معين‪55‬ة أو ال‪55‬ترويج ألفك‪55‬ار‬
‫تؤدي إلى الضرر أو الفوضى في المجتمع ‪ ،‬ولفهم هذا النوع من الج‪5‬رائم بش‪5‬كل أعم‪5‬ق‪،‬‬
‫من الض ‪55‬روري التط ‪55‬رق إلى أركانه ‪55‬ا األساس ‪55‬ية‪ ،‬س ‪55‬واء المادي ‪55‬ة أو المعنوي ‪55‬ة حيث اتف ‪55‬ق‬
‫الفقه ‪55‬اء على ض ‪55‬رورة ت ‪55‬وفر األرك ‪55‬ان في كاف ‪55‬ة الج ‪55‬رائم ‪ ،‬حيث أن لك ‪55‬ل جريم ‪55‬ة أركانه ‪55‬ا‬
‫الخاصة فالركن المادي هو ال‪5‬ذي يع‪5‬بر عن‪5‬ه بالفع‪5‬ل التحريض‪5‬ي المنف‪5‬ذ من قب‪5‬ل المح‪5‬رض‬
‫به ‪55‬دف الت ‪55‬أثير على ذهني ‪55‬ة و إرادة ف ‪55‬رد آخ ‪55‬ر لدفع ‪55‬ه نح ‪55‬و ارتك ‪55‬اب جريم ‪55‬ة‪ ،‬أم ‪55‬ا ال ‪55‬ركن‬
‫المعنوي‪،‬هو الذي يتجسد في النية ‪ ،‬أي وعي المحرض بجوهر الفع‪55‬ل ال‪55‬ذي يس‪55‬عى لحث‬
‫اآلخ‪55‬رين على ارتكاب‪55‬ه‪ ،‬م‪55‬ع توجي‪55‬ه إرادت‪55‬ه وترك‪55‬يزه على العم‪55‬ل التحريض‪55‬ي وعلى األث‪55‬ر‬
‫المترتب علي‪5‬ه‪ ،‬بحيث يك‪5‬ون للمح‪5‬رض الرغب‪5‬ة في أن يتم ارتك‪5‬اب الجريم‪5‬ة ع‪5‬بر ش‪5‬خص‬
‫آخر‪.‬‬
‫في رحلة فهم البني‪55‬ة القانوني‪55‬ة للجريم‪55‬ة وتحلي‪55‬ل مكوناته‪55‬ا‪ ،‬يظه‪55‬ر بوض‪55‬وح أن أرك‪55‬ان‬
‫الجريمة تمثل األساس الذي تقوم عليه المسؤولية الجنائية‪ ،‬ف‪5‬إن االنتق‪55‬ال من مج‪5‬رد الفع‪55‬ل‬
‫أو الس‪55‬لوك إلى تحق‪55‬ق المس‪55‬ؤولية الجنائي‪55‬ة يتطلب م‪55‬روًر ا دقيًق ا ع‪55‬بر األرك‪55‬ان ‪ ،‬ال‪55‬تي ُتع‪55‬د‬
‫المح ‪55‬ك األساس ‪55‬ي لتوجي ‪55‬ه االته ‪55‬ام وتحدي ‪55‬د العقوب ‪55‬ة ‪ ،‬إض ‪55‬افة إلى العقوب ‪55‬ات المق ‪55‬ررة في‬
‫القوانين المختلفة لمواجهتها‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫المبحث األول ‪ :‬أركان التحريض على الجريمة‬


‫يتعام ‪55‬ل الق ‪55‬انون م ‪55‬ع التح ‪55‬ريض على أنه ‪55‬ا جريم ‪55‬ة مس ‪55‬تقلة‪ ،‬ل ‪55‬ذلك وض ‪55‬ع له ‪55‬ا‬
‫المشرع أركانا ثابتة في ك‪55‬ل الج‪55‬رائم ‪ ،‬وال ب‪55‬د من وجوده‪55‬ا ح‪55‬تى تتحق‪55‬ق الجريم‪55‬ة ‪ ،‬ففي‬
‫ه‪55‬ذا المبحث س‪55‬نقوم ب‪55‬التطرق في المطلب األول إلى ال‪55‬ركن الم‪55‬ادي ال‪55‬ذي يعت‪55‬بره الق‪55‬انون‬
‫زرع‪55‬ا لفك‪55‬رة وإ غ‪55‬راء الفاع‪55‬ل به‪55‬ا وال‪55‬ذي يتك‪55‬ون من ثالث عناص‪55‬ر أساس‪55‬ية المتمثل‪55‬ة في‬
‫الفع ‪55‬ل االج ‪55‬رامي ‪ ،‬النتيج ‪55‬ة االجرامي ‪55‬ة لنش ‪55‬اط المح ‪55‬رض ‪،‬و العالق ‪55‬ة الس ‪55‬ببية بين الفع ‪55‬ل‬
‫والنتيجة ‪.‬‬
‫أما من خالل المطلب الثاني سنقوم بدراسة عن الركن المعنوي أو القصد الجنائي‬
‫الذي يعتبره القانون نية المحرض أثناء تحريضه ومعرفته الكامل‪5‬ة ب‪5‬رد فع‪5‬ل الفاع‪5‬ل على‬
‫تحريضه في ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫أم‪55‬ا ال‪55‬ركن الش‪55‬رعي لجريم‪55‬ة التح‪55‬ريض ه‪55‬و خض‪55‬وعه لنص التج‪55‬ريم‪ ،‬ويوق‪55‬ع علي‪55‬ه‬
‫الق ‪55‬انون عقاب ‪55‬ا لمن يرتكب ‪55‬ه‪ ،‬وه ‪55‬و م ‪55‬ا يع ‪55‬رف بمب ‪55‬دأ ش ‪55‬رعية الج ‪55‬رائم‪ ،‬والعقوب ‪55‬ات‪ ،‬وذل ‪55‬ك‬
‫حسب نص المادة ‪ 01‬من ق ع ج « ال جريمة وال عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون »‪،‬‬
‫كم‪55 5‬ا عرف‪55 5‬ه المش‪55 5‬رع الجزائ‪55 5‬ري في نص الم‪55 5‬ادة ‪ 41‬من ق ع « يعت‪55 5‬بر ف‪55 5‬اعال ك‪55 5‬ل من‬
‫ساهمة مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة أو حرض على ارتكاب الفعل بالهب‪55‬ة أو الوع‪55‬د‬
‫أو تهديد أو اساءة استعمال السلطة أو الوالية أو التحايل أو التدليس االج‪55‬رامي »‪ ،‬تعت‪55‬بر‬
‫جريمة التحريض في ق ع ج مستقلة بأركانها ‪ ،‬ويعاقب المح‪5‬رض على الفع‪5‬ل ال‪5‬ذي ق‪5‬ام‬
‫ب‪55 5‬ه‪ ،‬وق‪55 5‬د ح‪55 5‬دده المش‪55 5‬رع الجزائ‪55 5‬ري على س‪55 5‬بيل الحص‪55 5‬ر في الم‪55 5‬ادة ‪ 46‬ق ع « إذا لم‬
‫ت‪5‬رتكب الجريم‪5‬ة الم‪5‬زعم ارتكابه‪5‬ا لمج‪5‬رد امتن‪5‬اع من ك‪5‬ان ين‪5‬وي ارتكابه‪5‬ا بإرادت‪5‬ه وح‪5‬دها‬
‫‪1‬‬
‫فإن المحرض عليها يعاقب رغم ذلك بالعقوبات المقررة لهذه الجريمة »‪.‬‬

‫مزيان عفاف ‪( ،‬جريمة التحريض في القانون المقارن) تخصص القانون الخاص والعلوم الجنائية‪ ،‬مذكرة‬ ‫‪1‬‬

‫ماجستير‪ ،‬الجزائر ‪ ، 1976 ،‬ص‪36‬‬

‫‪37‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫المطلب األول ‪ :‬الركن المادي للتحريض على الجريمة‬


‫يتمثل الركن المادي في جريمة التحريض بقيام المح‪5‬رض ب‪5‬زرع فك‪5‬رة الجريم‪5‬ة‬
‫في ذهن الش‪55‬خص الم‪55‬رتكب للجريم‪55‬ة ‪ ،‬والت‪55‬أثير على نفس‪55‬يته وإ قناع‪55‬ه الرتكابه‪55‬ا ‪،‬و ذل‪55‬ك‬
‫بمختل‪55 5 5‬ف الوس‪55 5 5‬ائل المنص‪55 5 5‬وص عليه‪55 5 5‬ا في م‪ 41‬من ق ع ج كم‪55 5 5‬ا أن ال‪55 5 5‬ركن الم‪55 5 5‬ادي‬
‫للتح ‪55 5‬ريض على الجريم ‪55 5‬ة يتك ‪55 5‬ون من النش ‪55 5‬اط أو العم ‪55 5‬ل ال ‪55 5‬ذي يص ‪55 5‬در عن المح ‪55 5‬رض‬
‫باإلض‪55‬افة إلى الموض‪55‬وع ال‪55‬ذي ينص‪55‬ب علي‪55‬ه‪ . 1‬وله‪55‬ذا قمن‪55‬ا نحن بدراس‪55‬ة ه‪55‬ذا ال‪55‬ركن في‬
‫ثالث نقاط ‪:‬‬
‫الفعل االجرامي للمحرض‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫النتيجة االجرامية لنشاط المحرض‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫العالقة السببية بين المحرض والجريمة المرتكبة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬الفعل االجرامي للمحرض‬

‫يعتم ‪55‬د المح ‪55‬رض في نش ‪55‬اطه على توجي ‪55‬ه ت ‪55‬أثير نفس ‪55‬ي على ش ‪55‬خص آخ ‪55‬ر بغ ‪55‬رض‬
‫زرع وترس ‪55‬يخ فك ‪55‬رة ارتك ‪55‬اب جريم ‪55‬ة في ذهن ‪55‬ه ودفع ‪55‬ه لتنفي ‪55‬ذها‪ ،‬لكن ‪55‬ه ال يق ‪55‬وم بارتك ‪55‬اب‬
‫الجريم‪55 5‬ة بنفس‪55 5‬ه‪ ،‬ب‪55 5‬ل يس‪55 5‬تخدم األس‪55 5‬اليب النفس‪55 5‬ية للت‪55 5‬أثير على إرادة وس‪55 5‬لوك الفاع‪55 5‬ل ‪،‬‬
‫فُيف‪55‬ترض أن ه‪55‬ذا األخ‪55‬ير المت‪55‬أثر ب‪55‬التحريض‪ ،‬ينج‪55‬ذب نح‪55‬و تنفي‪55‬ذ الجريم‪55‬ة اس‪55‬تجابة له‪55‬ذا‬
‫الت‪55‬أثير‪ ،‬بالت‪55‬الي‪ ،‬يتم‪55‬يز دور المح‪55‬رض بأن‪55‬ه يرك‪55‬ز على الت‪55‬أثير النفس‪55‬ي‪ ،‬ال‪55‬ذي يظه‪55‬ر في‬
‫‪2‬‬
‫تحريض الفاعل واندفاعه الرتكاب الجريمة‪.‬‬

‫ال ‪55‬دور ال ‪55‬ذي يلعب ‪55‬ه المح ‪ِّ5‬ر ض ُيع ‪55‬د أساس ‪ً5‬يا في والدة الجريم ‪55‬ة نفس ‪55‬ها‪ ،‬حيث يص ‪55‬بح‬
‫بمثابة العقل االستراتيجي وراء العمل اإلجرامي الذي ينفذه الفاعل الم‪5‬ادي‪ ،‬ه‪55‬ذا األخ‪55‬ير‪،‬‬
‫تحت ت ‪55‬أثير المح‪ِّ5 5‬ر ض‪ ،‬يتح ‪55‬ول إلى مج ‪55‬رد أداة تنف ‪55‬ذ الجريم ‪55‬ة وفق‪ً5 5‬ا لرغب ‪55‬ات المح‪ِّ5 5‬ر ض‪،‬‬
‫مزيان عفاف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪37‬‬ ‫‪1‬‬

‫باسم شهاب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪156‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪38‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫ال‪5‬ذي ل‪5‬وال تدخل‪5‬ه‪ ،‬لم‪5‬ا خط‪5‬رت الفك‪5‬رة اإلجرامي‪5‬ة بب‪5‬ال الفاع‪5‬ل أساًس ا‪ ،‬بالت‪5‬الي‪ ،‬التح‪5‬ريض‬
‫ه‪55‬و إج‪55‬راء ينب‪55‬ع من المس‪55‬تهدف‪ ،‬وليس المس‪55‬تهدف ب‪55‬ه‪ ،‬ويتس‪55‬م بط‪55‬ابع نفس‪55‬ي بحت‪ ،‬حيث‬
‫يه ‪55‬دف إلى تغي ‪55‬ير طريق ‪55‬ة تفك ‪55‬ير الفاع ‪55‬ل الم ‪55‬ادي وتحف ‪55‬يزه نح ‪55‬و ارتك ‪55‬اب الجريم ‪55‬ة‪ ،‬مث ‪55‬ل‬
‫البغض‪55‬اء والع‪55‬داوة لدفع‪55‬ه إلى ذل‪55‬ك‪ ،‬ه‪55‬ذه العملي‪55‬ة تأخ‪55‬ذ ش‪55‬كل تس‪55‬ليط الض‪55‬وء على ال‪55‬دوافع‬
‫‪1‬‬
‫والمحفزات التي تجعل الفاعل يقدم على الفعل اإلجرامي‪.‬‬

‫في ج ‪55‬وهره‪ ،‬التح ‪55‬ريض ه ‪55‬و فن الت ‪55‬أثير واإلقن ‪55‬اع‪ ،‬يس ‪55‬تخدم المح‪ِّ5 5‬ر ض قدرت ‪55‬ه على‬
‫التواص‪55 5‬ل والتالعب باألفك‪55 5‬ار لغ‪55 5‬رس ني‪55 5‬ة الجريم‪55 5‬ة في ش‪55 5‬خص آخ‪55 5‬ر‪ ،‬حيث ال يقتص‪55 5‬ر‬
‫التح‪55‬ريض على توجي‪55‬ه األوام‪55‬ر أو الطلب بش‪55‬كل مباش‪55‬ر‪ ،‬ب‪55‬ل يمكن أن يتض‪55‬من مجموع‪55‬ة‬
‫واسعة من التكتيكات‪ ،‬منها اإلغراء‪ ،‬توفير الدعم األيديولوجي‪ ،‬أو حتى استخدام اإلكراه‬
‫النفس‪5‬ي‪ .‬تتم‪5‬يز ه‪5‬ذه العملي‪5‬ة بتعقي‪5‬دها وتفاعله‪5‬ا العمي‪5‬ق م‪5‬ع البني‪5‬ة النفس‪5‬ية للفاع‪5‬ل المباش‪5‬ر‪،‬‬
‫حيث يسعى المحِّر ض ليس فقط إلقناع اآلخر بجدوى الفعل اإلجرامي‪ ،‬بل وأيًض ا لجعله‬
‫يؤمن به كأمر ال بد منه أو مستحق‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬النتيجة اإلجرامية لنشاط المحرض‬

‫في األص ‪55‬ل النتيج ‪55‬ة االجرامي ‪55‬ة تتحق ‪55‬ق بفع ‪55‬ل أو عم ‪55‬ل المح ‪55‬رض ‪ ،‬وينبث ‪55‬ق عن ه ‪55‬ذا‬
‫التحقي ‪55 5‬ق نتيج ‪55 5‬ة اجرامي ‪55 5‬ة وهي زرع فك ‪55 5‬رة الجريم ‪55 5‬ة في ذهن الفاع ‪55 5‬ل والتص ‪55 5‬ميم على‬
‫ارتكابها‪.‬‬

‫كما نالحظ أن المادة ‪ 46‬من ق‪.‬ع ساوت بين قيام التحريض و الشروع في‪55‬ه نص‪55‬ها‬
‫« اذا لم ترتكب الجريمة المزعم ارتكابها لمجرد امتن‪55‬اع من ك‪55‬ان ين‪55‬وي ارتكابه‪55‬ا بإرادت‪55‬ه‬
‫فإن المحرض عليها يعاقب رغم ذلك بالعقوبات المقررة لهذه الجريمة »‪ .‬بالت‪55‬الي يتحق‪55‬ق‬
‫ه‪55‬ذا الش‪55‬روع إذا ب‪55‬دأ المح‪55‬رض في نش‪55‬اطه المتج‪55‬ه إلى خل‪55‬ق التص‪55‬ميم االج‪55‬رامي‪ ،‬ول‪55‬و لم‬
‫يفض إلى تحقي ‪55‬ق النتيج ‪55‬ة‪ ،‬وبمع ‪55‬نى إذا ك ‪55‬ان المح ‪55‬رض ق ‪55‬د ع ‪55‬دل عن فك ‪55‬رة الجريم ‪55‬ة‪ ،‬أو‬

‫محمود نجيب حسني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪148‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪39‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫رفض المح ‪55‬رض فك ‪55‬رة الجريم ‪55‬ة أص ‪55‬ال فالنتيج ‪55‬ة تبقى قائم ‪55‬ة‪ ،‬ول ‪55‬و تراج ‪55‬ع الفاع ‪55‬ل على‬
‫‪2‬‬
‫ارتكابها‪.‬‬

‫نس‪55‬تخلص من ه‪55‬ذه الم‪55‬ادة أن‪55‬ه ح‪55‬تى وإ ن لتم تق‪55‬ع الجريم‪55‬ة من ط‪55‬رف الفاع‪55‬ل ال‪55‬ذي تراج‪55‬ع‬
‫عنه‪55 5‬ا والمح‪55 5‬رض ق‪55 5‬د ع‪55 5‬دل عن فك‪55 5‬رة الجريم‪55 5‬ة ‪،‬إال أن النتيج‪55 5‬ة اإلجرامي‪55 5‬ة تبقى قائم‪55 5‬ة‬
‫ويعاقب عليها‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬العالقة السببية بين الفعل االجرامي والنتيجة‬

‫إن العالقة الس‪5‬ببية هي ال‪5‬تي تجم‪5‬ع بين الفع‪5‬ل ال‪5‬ذي تم ارتكاب‪5‬ه والنتيج‪5‬ة المترتب‪5‬ة عن‬
‫ذلك الفعل ‪ ،‬بمعنى ارتباط الفعل بالنتيجة‪ ،‬فإذا كان بين الفعل والنتيجة رابطة س‪55‬ببية هن‪55‬ا‬
‫الج‪55‬اني يس‪55‬أل عن نتيج‪55‬ة فعل‪55‬ه ‪ ،‬وإ ذا ك‪55‬انت الرابط‪55‬ة منقطع‪55‬ة من الج‪55‬اني يس‪55‬أل عن فعل‪55‬ه‬
‫وال يس ‪55‬أل عن النتيج ‪55‬ة ‪ ،‬أم ‪55‬ا اذا لم تكن هن ‪55‬اك أي رابط ‪55‬ة بين الفع ‪55‬ل والنتيج ‪55‬ة ال يس ‪55‬أل‬
‫الجاني عن نتيجة فعله فال يكون هناك تحريض‪ ،‬وال تكون هناك عقوبة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الركن المعنوي للتحريض على الجريمة‬

‫ال يكفي لتقري ‪55‬ر المس ‪55‬ؤولية الجنائي ‪55‬ة أن يص ‪55‬در عن الج ‪55‬اني س ‪55‬لوك إج ‪55‬رامي ذو‬
‫مظهر مادي بل البد من توافر ركن معنوي الذي هو عبارة عن ني‪5‬ة داخلي‪5‬ة وباطني‪5‬ة في‬
‫نفس الج‪5‬اني وه‪5‬و ك‪5‬ذلك الحال‪5‬ة النفس‪5‬ية والذهني‪5‬ة للفاع‪5‬ل عن‪5‬د ارتكاب‪5‬ه للجريم‪5‬ة‪ ،‬ف‪5‬إذا أراد‬
‫الجريمة ‪ ،‬يكون قد ارتكب جريمة مقص‪5‬ودة يتخ‪5‬ذ ركنه‪5‬ا ص‪5‬ورة القص‪5‬د الجن‪5‬ائي‪ ،‬أم‪5‬ا إذا‬
‫لم تكن إرادت ‪55‬ه متجه ‪55‬ة الرتكابه ‪55‬ا فتك ‪55‬ون جريمت ‪55‬ه غ ‪55‬ير مقص ‪55‬ودة ويتخ ‪55‬ذ ركنه ‪55‬ا ص ‪55‬ورة‬
‫الخطأ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬القصد الجنائي‬

‫القص ‪55‬د الجن ‪55‬ائي كمفه ‪55‬وم ق‪55‬انوني يتأس‪55‬س على رك ‪55‬يزتين أساس‪55‬يتين‪ :‬العلم واإلرادة‪.‬‬
‫هذه الركائز تعكس األبعاد النفسية والمعرفية للجاني في لحظة ارتكاب الفعل اإلجرامي‪،‬‬
‫وتعتبر ضرورية لتحديد ما إذا كان الفرد قد ارتكب جريمة بنية محددة‪.‬‬

‫عفاف مزيان‪ ،‬مرجع سابق ‪ .‬ص‪42‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪40‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫أوال ‪ :‬العلم‬

‫العلم ه ‪55‬و إلم ‪55‬ام الش‪55‬خص بماهي ‪55‬ة األش‪55‬ياء وت ‪55‬وافر اليقين ل ‪55‬دى الج‪55‬اني ب ‪55‬أن س‪55‬لوكه‬
‫ي‪55‬ؤدي الى نتيج‪55‬ة جرمي‪55‬ة يع‪55‬اقب عليه‪55‬ا الق‪55‬انون ‪ ،‬ف‪55‬العلم به‪55‬ذا االتج‪55‬اه مف‪55‬ترض حتمي فال‬
‫إرادة لشيء مجهول ‪ ، 1‬يعني أن الجاني كان يعي بالفعل أو السلوك الذي يقوم به وك‪55‬ان‬
‫على دراي‪55‬ة ب‪55‬الظروف المحيط‪55‬ة بفعل‪55‬ه‪ .‬كم‪55‬ا يش‪55‬مل العلم اإلدراك ب‪55‬أن الفع‪55‬ل الم‪55‬رتكب من‬
‫الممكن أن ي‪55‬ؤدي إلى نت‪55‬ائج معين‪55‬ة‪ .‬في س‪5‬ياق القص‪55‬د الجن‪55‬ائي‪ ،‬يجب أن يك‪55‬ون الج‪5‬اني ق‪5‬د‬
‫علم أو ك‪55‬ان يجب علي‪55‬ه أن يعلم ب‪55‬أن أفعال‪55‬ه س‪55‬تؤدي إلى نت‪55‬ائج مح‪55‬ددة تعت‪55‬بر غ‪55‬ير قانوني‪55‬ة‬
‫أو مجرم‪55 5‬ة‪ ،‬العلم ال يتطلب دائًم ا معرف‪55 5‬ة مطلق‪55 5‬ة؛ ففي بعض الح‪55 5‬االت‪ ،‬يكفي أن يك‪55 5‬ون‬
‫الجاني قد أدرك احتمال حدوث نتيجة ضارة نتيجة ألفعاله‪.‬‬

‫ان العلم يتمثل في اعالم المحرض وإ خباره بعناصر الجريمة التي يق‪55‬وم من خالله‪55‬ا‬
‫المح‪5‬رض ب‪5‬دفع ش‪5‬خص آخ‪5‬ر الرتكابه‪5‬ا ‪ ،‬وذل‪5‬ك باس‪5‬تخدام الوس‪5‬ائل المنص‪5‬وص عليه‪5‬ا في‬
‫ق‪.‬ع‪.‬ج أي أن يك ‪55‬ون المح ‪55‬رض عالم ‪55‬ا بتل ‪55‬ك الكلم ‪55‬ات أو العب ‪55‬ارات ال ‪55‬تي ي ‪55‬ؤثر به ‪55‬ا على‬
‫ذهن ونفس ‪55‬ية وشخص ‪55‬ية الفاع ‪55‬ل ‪ ،‬وك ‪55‬ذلك علم ‪55‬ه ب ‪55‬أن تل ‪55‬ك الوس ‪55‬ائل ال ‪55‬تي ق ‪55‬ام باس ‪55‬تعمالها‬
‫للتعبير عن نشاطه االجرامي أن تؤدي بالفاعل إلى اقتراف الجريمة ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلرادة‬

‫يع‪55‬رف الفق‪55‬ه الجن‪55‬ائي اإلرادة بأنه‪55‬ا « نش‪55‬اط ذه‪55‬ني يتج‪55‬ه الى تحقي‪55‬ق غ‪55‬رض معين عن‬
‫طريق وسيلة معينة فهي قوة يستعين به‪55‬ا االنس‪5‬ان للت‪55‬أثير على م‪55‬ا يحي‪55‬ط ب‪55‬ه من أش‪5‬خاص‬

‫هاني مصطفى محمد‪( ،‬دور اإلرادة في بناء القصد الجنائي في القانون الوضعي واإلسالمي)‪ ،‬دار النهضة‬ ‫‪1‬‬

‫العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،2011 ،‬ص ‪185‬‬

‫‪41‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫وأش‪55 5‬ياء وال ب‪55 5‬د من ت‪55 5‬وافر إدراك ووعي له‪55 5‬ذه اإلرادة وعلم مف‪55 5‬ترض مس‪55 5‬بق ب‪55 5‬الغرض‬
‫المستهدف والوسيلة التي يستعان بها لبلوغ الغرض» ‪.1‬‬

‫اإلرادة تع‪55‬ني أن الج‪55‬اني ق‪55‬د اخت‪55‬ار بحري‪55‬ة ارتك‪55‬اب الفع‪55‬ل اإلج‪55‬رامي أو االمتن‪55‬اع عن‪55‬ه‪،‬‬
‫ه‪55‬ذا يش‪55‬مل الرغب‪55‬ة في تحقي‪55‬ق نتيج‪55‬ة معين‪55‬ة من خالل األفع‪55‬ال ال‪55‬تي يق‪55‬وم به‪55‬ا‪،‬و في س‪55‬ياق‬
‫القصد الجنائي‪ ،‬يجب أن يكون الفع‪5‬ل ق‪5‬د تم بني‪5‬ة مباش‪5‬رة لتحقي‪5‬ق نتيج‪5‬ة معين‪5‬ة أو ب‪5‬القبول‬
‫بح ‪55‬دوث ه ‪55‬ذه النتيج ‪55‬ة كنتيج ‪55‬ة محتمل ‪55‬ة ومقبول ‪55‬ة ألفع ‪55‬ال الج ‪55‬اني‪ ،‬ف ‪55‬اإلرادة تم ‪55‬يز األفع ‪55‬ال‬
‫العمدية عن األفعال غير المقصودة أو الحوادث‪.‬‬

‫ان العلم باعتباره حالة ذهنية ‪ ،‬اليكفي وحده لقيام القصد الجن‪55‬ائي للمح‪55‬رض ب‪55‬ل ال ب‪55‬د‬
‫من وج‪55‬ود ارادة ل‪55‬زرع فك‪55‬رة الجريم‪55‬ة في ذهن ش‪55‬خص آخ‪55‬ر ت‪55‬أثر لنش‪55‬اطه التح‪55‬ريض ‪،‬‬
‫فاالرادة يجب أن تكون من أجل خلق أو زرع فكرة الجريمة والتصميم عليه‪55‬ا ‪ ،‬وبمع‪55‬نى‬
‫آخر يجب أن أن تتجه ارادة المحرض إلى النشاط التحريضي وإ لى نتيجة ه‪55‬ذا النش‪55‬اط‪،‬‬
‫بحيث يجب أن يكون المحرض قد أراد تنفيذ تلك الجريمة أي تكون له إرادة عن طريق‬
‫شخص آخر ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬المحرض الصوري‬

‫" التح‪55‬ريض الص‪55‬وري" في الق‪55‬انون الجن‪55‬ائي‪ ،‬وه‪55‬و موق‪55‬ف يظه‪55‬ر في‪55‬ه ش‪55‬خص‪ ،‬غالًب ا من‬
‫أعض‪55‬اء الس‪55‬لطة العام‪55‬ة مث‪55‬ل الش‪55‬رطة‪ ،‬يش‪55‬جع آخ‪55‬رين على ارتك‪55‬اب جريم‪55‬ة ليس به‪55‬دف‬
‫ارتكاب الجريمة نفسها‪ ،‬بل لضبط الجاني ومنع وقوع الجريمة في النهاية‬

‫د‪ .‬محمود نجيب حسني ‪ ( ،‬النظرية العامة للقصد الجنائي) ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬د س ط ‪ ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪200‬‬

‫‪42‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫إن التحريض الصوري باعتباره أسلوب ليس عادي للتحري عن الجريم‪55‬ة‪ ،‬وكش‪55‬فها‬
‫يطلب ت ‪55 5‬رخيص من النياب ‪55 5‬ة العام ‪55 5‬ة على أن يح ‪55 5‬دد ه ‪55 5‬ذا ال ‪55 5‬ترخيص ن ‪55 5‬وع الفع ‪55 5‬ل ون ‪55 5‬وع‬
‫المصالح المؤهلة لتنفيذها في ظل هذا االجراء والنتائج المنتظرة منه‪. 1‬‬

‫فهو تشجيع يظهره الش‪5‬خص (المح‪5‬رض الص‪55‬وري) آلخ‪5‬ر على ارتك‪55‬اب جريم‪55‬ة دون‬
‫النية الفعلية لتحقيق تل‪55‬ك الجريم‪55‬ة‪ ،‬اله‪55‬دف من‪55‬ه ه‪55‬و ض‪55‬بط الج‪5‬اني في مرحل‪55‬ة مبك‪55‬رة لمن‪55‬ع‬
‫‪2‬‬
‫وقوع الجريمة‪.‬‬

‫ففي التح‪55‬ريض الص‪55‬وري‪ ،‬يغيب القص‪55‬د الجن‪55‬ائي ألن المح‪55‬رض الص‪55‬وري ال يري‪55‬د‬
‫فعاًل وقوع الجريمة؛ وكذلك ألن إرادته متجهة نحو منع الجريم‪5‬ة بض‪5‬بط الج‪5‬اني‪ ،‬فب‪5‬دون‬
‫اإلرادة لتحقيق نتيجة اجرامية ‪ُ ،‬يعتبر الفعل مجرد تحريض ص‪55‬وري ‪ ،‬إذن ال ُيع‪55‬اقب ال‬
‫ه‪5‬ذا األخ‪5‬ير جنائًي ا كمح‪5‬رض ألن‪5‬ه ال يوج‪5‬د لدي‪5‬ه ني‪5‬ة اجرامي‪5‬ة ‪ ،‬أم‪5‬ا إذا تج‪5‬اوز المح‪5‬رض‬
‫الص ‪55‬وري ح ‪55‬دوده وأدى تص ‪55‬رفه إلى ارتك ‪55‬اب جريم ‪55‬ة دون إمكاني ‪55‬ة الض ‪55‬بط‪ ،‬ق ‪55‬د يتحم ‪55‬ل‬
‫مسؤولية غير عمدية إذا أدى تص‪5‬رفه لح‪5‬دوث ض‪5‬رر‪ .‬كمث‪5‬ال على التح‪5‬ريض الص‪5‬وري‪:‬‬
‫ضابط شرطة يتخفى ويظهر كمشتٍر محتمل لمخدرات بهدف ضبط مروجي المخ‪55‬درات‪،‬‬
‫الض‪55 5‬ابط هن‪55 5‬ا ال يري‪55 5‬د فعاًل ش ‪55‬راء المخ ‪55‬درات أو تش ‪55‬جيع تجارته‪55 5‬ا‪ ،‬ب‪55 5‬ل يه‪55 5‬دف إلى من‪55 5‬ع‬
‫الجريمة بضبط المجرمين‪ .‬وهنا سنتستخلص أهم شروط التحريض الصوري ‪:‬‬

‫ُي عد من الضروري أن يقوم المحرض بممارسة نشاط تحريضي موج‪55‬ه نح‪55‬و الغ‪55‬ير‬
‫بقص‪55‬د حث‪55‬ه على ارتك‪55‬اب فع‪55‬ل ُيص‪55‬نف قانوني ‪ً5‬ا كجريم‪55‬ة مع‪55‬اقب عليه‪55‬ا‪ .‬يجب أن يتض‪55‬من‬

‫عثمان غازي صالح (أنواع التسليم المراقب وصلته بالتحريض الصوري) رسالة ماجستير – كلية الحقوق –‬ ‫‪1‬‬

‫جامعة تكريت ‪ 2018 ،‬ص‪21‬‬


‫أحمد فتحي سرور‪( ،‬الوسيط في قانون العقوبات) القسم العام ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬ط ‪ 1996 ، 6‬ص‪445‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪43‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫ه ‪55‬ذا النش ‪55‬اط إيع ‪55‬ازًا وإ ث ‪55‬ارة بطريق ‪55‬ة تؤك ‪55‬د وج ‪55‬ود رابط ‪55‬ة س ‪55‬ببية بين التح ‪55‬ريض والفع ‪55‬ل‬
‫اإلجرامي الذي يقوم به الفاعل استجابة لذلك التحريض‪.‬‬

‫يجب أن يكون ه‪5‬دف المح‪5‬رض من وراء تحريض‪5‬ه ه‪5‬و التمكن من معاين‪5‬ة الجريم‪5‬ة‬
‫والقبض على الج‪55‬اني متلبًس ا به‪55‬ا‪ ،‬ولكن يش‪55‬ترط أن يت‪55‬دخل المح‪55‬رض في اللحظ‪55‬ات ال‪55‬تي‬
‫‪1‬‬
‫يشرع فيها الجاني بارتكاب الجريمة‪.‬‬

‫تطلب من المح‪55‬رض أن يك‪55‬ون تدخل‪55‬ه موجه‪ً5‬ا لمن‪55‬ع تحق‪55‬ق نتيج‪55‬ة الجريم‪55‬ة‪ ،‬أي أن‪55‬ه ال‬
‫ينبغي أن يك‪55‬ون قص‪55‬د المح‪55‬رض متجًه ا نح‪55‬و تحقي‪55‬ق نتيج‪55‬ة الجريم‪55‬ة ال‪55‬تي ق‪55‬ام بتح‪55‬ريض‬
‫الغ‪55 5‬ير عليه‪55 5‬ا‪ ،‬ب‪55 5‬ل يجب أن يقتص‪55 5‬ر غرض‪55 5‬ه على الوق‪55 5‬وف على الجريم‪55 5‬ة والت‪55 5‬دخل في‬
‫‪2‬‬
‫مرحلة الشروع بها‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬المسؤولية الجنائية للمحرض في التشريع الجزائري‬

‫عندما تتوفر عناصر الجريمة بم‪55‬ا يط‪55‬ابق التعريف‪55‬ات القانوني‪55‬ة المح‪55‬ددة في ق‪55‬انون‬
‫العقوبات أو األنظمة المع‪5‬ززة ل‪5‬ه‪ ،‬يب‪5‬دأ تق‪5‬ييم مس‪5‬ؤولية الف‪5‬رد تج‪5‬اه تل‪5‬ك الجريم‪5‬ة والعقوب‪5‬ة‬
‫المناس‪55‬بة ال‪55‬تي ينبغي توقيعه‪55‬ا‪ .‬ه‪55‬ذا التق‪55‬ييم للمس‪55‬ؤولية الجنائي‪55‬ة ي‪55‬أتي بع‪55‬د التأك‪55‬د من وق‪55‬وع‬
‫الجريمة وتوافر جميع مكوناتها‪ ،‬وقبل تحدي‪55‬د العقوب‪55‬ة الجنائي‪55‬ة المخصص‪55‬ة للم‪55‬رتكب‪ .‬إن‪55‬ه‬
‫يش ‪55‬غل موقع‪ً5 5‬ا متوس ‪55‬طًا بين الفع ‪55‬ل اإلج ‪55‬رامي من ناحي ‪55‬ة‪ ،‬والعقوب ‪55‬ة القانوني ‪55‬ة المنص ‪55‬وص‬
‫عليها من ناحية أخرى‪ .‬بمع‪5‬نى آخ‪5‬ر‪ ،‬ال تنش‪5‬أ المس‪5‬ؤولية الجنائي‪5‬ة في غي‪5‬اب جريم‪5‬ة‪ ،‬وال‬
‫يتم فرض العقوبة الجنائية عندما تغيب المسؤولية الجنائية‪.‬‬

‫احمد بن العباس عبد الفتاح الحازمي (استدراج المتهم الثبات الجرم ) دراسة تأصيلية تطبيقية‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫قسم العدالة الجنائية ‪ ،‬جامعة نايف للعلوم األمني‪،‬الرياض‪، 2010 ،‬ص‪146‬‬


‫نسرين عبد الحميد‪ (،‬المحرض الصوري‪ ،‬دراسة حول المساهمة الجنائية بالتحريض الصوري) دار الجامعة ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫االسكندرية ‪ ، 2008 ،‬ص‪13-12‬‬

‫‪44‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫وس‪55‬وف نتط‪55‬رق في ه‪55‬ذا المبحث إلى دراس‪55‬ة المس‪55‬ؤولية الجنائي‪55‬ة للمح‪55‬رض في‬
‫التشريع الجزائري على النحو التالي‪،‬‬

‫في المطلب األول ‪ :‬المركز القانوني للمحرض وحاالت التحريض على الجريمة‬

‫أما في المطلب الثاني سنتطرق إلى عقوبة التحريض على الجريمة‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬األساس القانوني لجريمة التحريض‬

‫من الواضح أن مفهوم التح‪5‬ريض في الق‪5‬انون الجن‪5‬ائي يختل‪5‬ف من تش‪5‬ريع إلى آخ‪5‬ر‬
‫ومن ف‪55‬ترة زمني‪55‬ة إلى أخ‪55‬رى ح‪55‬تى داخ‪55‬ل نفس التش‪55‬ريع‪ .‬في الق‪55‬انون الجزائ‪55‬ري‪ ،‬تط‪55‬ور‬
‫تعري‪55 5‬ف التح‪55 5‬ريض ومكانت‪55 5‬ه ض‪55 5‬من الق‪55 5‬انون الجن‪55 5‬ائي بش‪55 5‬كل ملح‪55 5‬وظ كم‪55 5‬ا يتض‪55 5‬ح من‬
‫التعديالت القانونية األخيرة التي أدخلت على قانون العقوبات‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المركز القانوني للمحرض‬

‫‪45‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫ب‪55 5‬النظر إلى التع‪55 5‬ديالت ال‪55 5‬تي ُأج‪55 5‬ريت على الم‪55 5‬ادتين ‪ 41‬و‪ 42‬من ق‪55 5‬انون العقوب‪55 5‬ات‬
‫الجزائري‪ ،‬فقد شهد مفهوم التحريض تغيرًا جذريًا من حيث التأهيل القانوني للمح‪55‬رض‪،‬‬
‫فقب‪55‬ل التع‪55‬ديل‪ ،‬ك‪55‬ان التح‪55‬ريض ُيعت‪55‬بر نوع‪ً5‬ا من المس‪55‬اهمة التبعي‪55‬ة حيث ُيص‪55‬نف المح‪55‬رض‬
‫كش‪55 5‬ريك في الجريم‪55 5‬ة وليس ف‪55 5‬اعًال أص‪55 5‬ليًا‪ ،‬ه‪55 5‬ذا يع‪55 5‬ني أن المح‪55 5‬رض بم‪55 5‬وجب الق‪55 5‬انون‬
‫الس‪55‬ابق‪ ،‬لم يكن ُيعت‪55‬بر المنف‪55‬ذ الرئيس‪55‬ي للجريم‪55‬ة ب‪55‬ل مج‪55‬رد مس‪55‬اهم في تنفي‪55‬ذها من خالل‬
‫التأثير على الفاعل المادي‪.‬‬

‫بع‪55‬د التع‪55‬ديل‪ ،‬أص‪55‬بح المح‪55‬رض ُيعت‪55‬بر ف‪55‬اعًال أص‪55‬ليًا للجريم‪55‬ة وفق ‪ً5‬ا للتش‪55‬ريع الجدي‪55‬د‪ .‬ه‪55‬ذا‬

‫التغيير يعكس نظرة أك‪55‬ثر ص‪55‬رامة تج‪5‬اه التح‪5‬ريض‪ ،‬حيث ُيعت‪55‬بر المح‪5‬رض اآلن مس‪5‬ؤوًال‬
‫عن الجريم‪55‬ة إلى درج‪55‬ة مماثل‪55‬ة للفاع‪55‬ل الم‪55‬ادي‪ ،‬اله‪55‬دف من ه‪55‬ذا التع‪55‬ديل ق‪55‬د يك‪55‬ون تعزي‪55‬ز‬
‫ال‪5‬ردع الع‪5‬ام وتحقي‪5‬ق مزي‪5‬د من العدال‪5‬ة بمعاقب‪5‬ة األش‪5‬خاص ال‪5‬ذين يحرض‪5‬ون على الج‪5‬رائم‬
‫بنفس قدر المسؤولية التي يحملها المنفذون الماديون لهذه الجرائم‪.1‬‬

‫فإع‪55 5‬ادة تأهي‪55 5‬ل المح‪55 5‬رض كفاع‪55 5‬ل أص‪55 5‬لي تعكس أيًض ا فهًم ا أعم‪55 5‬ق لطبيع‪55 5‬ة التح‪55 5‬ريض‬
‫كجريمة تشاركية حيث يلعب المح‪5‬رض دوًر ا حاس‪ً5‬م ا في التخطي‪5‬ط والتحف‪5‬يز وربم‪5‬ا ح‪5‬تى‬
‫التوجي‪5‬ه للفع‪5‬ل اإلج‪5‬رامي‪ ،‬ه‪5‬ذا التع‪5‬ديل يرس‪5‬خ مفه‪5‬وم أن الجريم‪5‬ة ليس‪5‬ت فق‪5‬ط نت‪5‬اج الفع‪5‬ل‬
‫المادي بل كذلك نتاج الفكر والتخطيط والتحفيز‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬حاالت التحريض على الجريمة‬

‫أوال ‪ :‬الحاالت الحديثة‬

‫التحريض عبر مواقع التواصل االجتماعي‬ ‫‪-‬‬

‫عبد اهلل سليمان ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪203‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪46‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫تعرف مواقع التواصل االجتم‪55‬اعي بأنه‪55‬ا « منظوم‪55‬ة من الش‪5‬بكات االلكتروني‪55‬ة ال‪55‬تي‬


‫تس‪5‬مح للمش‪5‬ترك فيه‪55‬ا بإنش‪5‬اء موق‪5‬ع خ‪5‬اص ب‪55‬ه‪ ،‬ومن ثم ربط‪55‬ه عن طري‪55‬ق نظ‪55‬ام اجتم‪55‬اعي‬
‫‪1‬‬
‫الكتروني مع أعضاءآخرين لديهم االهتمامات والهوايات نفسها»‬

‫مواقع التواصل االجتماعي هي منصات رقمية تس‪55‬مح للمس‪55‬تخدمين بإنش‪55‬اء محت‪55‬وى‪،‬‬


‫مش ‪55‬اركة المعلوم ‪55‬ات‪ ،‬التفاع ‪55‬ل‪ ،‬والتواص ‪55‬ل ع ‪55‬بر اإلن ‪55‬ترنت‪ ،‬تعم ‪55‬ل ه ‪55‬ذه المواق ‪55‬ع كوس ‪55‬ائط‬
‫للتواصل بين األفراد والجماعات من مختل‪55‬ف أنح‪5‬اء الع‪55‬الم‪ ،‬وت‪55‬وفر لهم إمكاني‪55‬ات متنوع‪55‬ة‬
‫مث‪55‬ل‪ :‬التواص‪55‬ل الشخص‪55‬ي ‪ ،‬المش‪55‬اركة الجماعي‪55‬ة‪ ،‬النش‪55‬ر و الت‪55‬دوين‪ ،‬التس‪55‬ويق واالعالن‪،‬‬
‫التعلم والنوعي‪55‬ة‪ ،‬تش‪55‬مل أش‪55‬هر ه‪55‬ذه المواق‪55‬ع ‪ :‬الفيس‪55‬بوك ‪،‬توي‪55‬تر انس‪55‬تغرام ‪ ،‬س‪55‬ناب ش‪55‬ات‪،‬‬
‫وتيك توك كل منها يتميز بخصائص فريدة تستجيب الحتياجات وتفض‪55‬يالت المس‪55‬تخدمين‬
‫المختلفة‪.‬‬

‫ل ‪55‬ذا فمن أك ‪55‬ثر الوس ‪55‬ائل ال ‪55‬تي ينتهجه ‪55‬ا المح ‪55‬رض س ‪55‬واء على العن ‪55‬ف والتط ‪55‬رف أو‬
‫الفس‪5‬اد األخالقي ‪ ،‬أو الس‪5‬ب والق‪5‬ذف ونش‪5‬ر األخب‪5‬ار الكاذب‪5‬ة هي ش‪5‬بكة األن‪5‬ترنت وخاص‪5‬ة‬
‫مواق‪55‬ع التواص‪55‬ل االجتم‪55‬اعي س‪55‬واء ك‪55‬انت سياس‪55‬ية أو ديني‪55‬ة أو عنص‪55‬رية ‪ ،‬للس‪55‬يطرة على‬
‫وجدان الشباب ‪،‬واستغالل طموحاتهم واندفاعهم ‪ ،‬بحيث تعتبر ه‪55‬ذه المواق‪55‬ع األك‪55‬ثر أمان‪55‬ا‬
‫للمح‪55‬رض لم‪55‬ا تحمل‪55‬ه من مزاي‪55‬ا تخفي هويت‪55‬ه األص‪55‬لية ‪ ،‬كأح‪55‬داث الح‪55‬راك الش‪55‬عبي مطل‪55‬ع‬
‫‪ 2019‬الذي عرف انتشار العديد من الحسابات التي تحث على تخ‪55‬ريب ممتلك‪55‬ات الدول‪55‬ة‬
‫والعنف والتطرف و نشر حقائق عن ظلم الدولة للشعب‪.‬‬

‫التحريض على خطاب الكراهية عبر مواقع التواصل االجتماعي‬ ‫‪-‬‬

‫غنية صوالحية‪ ،‬أكرم بوطورة ( اعتماد األساتذة الجامعيين على مواقع التواصل االجتماعي كمصدر للمعلومات‬ ‫‪1‬‬

‫دراسة ميدانية بقسم العلوم االنسانية بجامعة تبسة)‪ .‬مجلة العلوم االنسانية لجامعة أم البواقي ‪ ،‬مج ‪ ، 2‬ع‪،2 :‬‬
‫‪ ،2020‬ص‪.270 :‬‬

‫‪47‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫التحريض على خط‪5‬اب الكراهي‪5‬ة ع‪5‬بر مواق‪5‬ع التواص‪5‬ل االجتم‪5‬اعي " ه‪5‬و ك‪5‬ل عب‪5‬ارة‬
‫يتم نش‪55‬رها وت‪55‬داولها ع‪55‬بر مواق‪55‬ع التواص‪55‬ل االجتم‪55‬اعي ال‪55‬تي تحم‪55‬ل في طياته‪55‬ا تحريض‪55‬ا‬
‫على العنف وتدعو للتفرقة العرقية أو الدينية أو الثقافية أو غيرها" ‪.1‬‬

‫التح‪5‬ريض من خالل خط‪5‬اب الكراهي‪5‬ة ع‪5‬بر مواق‪5‬ع التواص‪5‬ل االجتم‪5‬اعي ُيع‪5‬د مش‪5‬كلة‬
‫متزاي ‪55‬دة ومعق ‪55‬دة‪ ،‬ت ‪55‬ؤثر على األف ‪55‬راد والمجتمع ‪55‬ات على نط ‪55‬اق واس ‪55‬ع‪ ،‬خط ‪55‬اب الكراهي ‪55‬ة‬
‫يش‪5‬ير إلى التعب‪5‬ير عن الع‪5‬داء أو الكراهي‪5‬ة تج‪5‬اه ش‪5‬خص أو مجموع‪5‬ة على أس‪5‬اس الع‪5‬رق‪،‬‬
‫ال‪55‬دين‪ ،‬الجنس‪ ،‬الجنس‪55‬ية‪ ،‬الهوي‪55‬ة الجنس‪55‬ية‪ ،‬أو أي خاص‪55‬ية أخ‪55‬رى ع‪55‬بر مواق‪55‬ع التواص‪55‬ل‬
‫االجتماعي‪ ،‬يمكن لهذا النوع من الخط‪5‬اب أن ينتش‪5‬ر بس‪5‬رعة كب‪5‬يرة‪ ،‬ويص‪5‬ل إلى جمه‪5‬ور‬
‫ع‪55 5‬ريض‪ ،‬مم‪55 5‬ا يزي‪55 5‬د من ت‪55 5‬أثيره الس‪55 5‬لبي‪ ،‬وأب‪55 5‬رز النق‪55 5‬اط ح‪55 5‬ول التح‪55 5‬ريض ع‪55 5‬بر خط‪55 5‬اب‬
‫الكراهي‪55‬ة ك‪55‬اآلتي ‪ :‬االنتش‪55‬ار الس‪55‬ريع‪ ،‬فمواق‪55‬ع التواص‪55‬ل االجتم‪55‬اعي تس‪55‬هل انتش‪55‬ار خط‪55‬اب‬
‫الكراهي‪55 5‬ة بس‪55 5‬رعة كب‪55 5‬يرة وإ لى جمه‪55 5‬ور واس‪55 5‬ع‪ ،‬مم‪55 5‬ا يض‪55 5‬خم من ت‪55 5‬أثيره ‪ ،‬فالت‪55 5‬أثير على‬
‫الض ‪55 5‬حايا ع ‪55 5‬بر خط ‪55 5‬اب الكراهي ‪55 5‬ة يمكن أن ي ‪55 5‬ؤدي إلى أض ‪55 5‬رار نفس ‪55 5‬ية كب ‪55 5‬يرة لألف ‪55 5‬راد‬
‫المس‪55‬تهدفين‪ ،‬بم‪55‬ا في ذل‪55‬ك الش‪55‬عور بع‪55‬دم األم‪55‬ان‪ ،‬الخ‪55‬وف‪ ،‬والعزل‪55‬ة‪ .‬ك‪55‬ذلك التش‪55‬جيع على‬
‫العن ‪55‬ف‪ ،‬في بعض الح ‪55‬االت‪ ،‬يمكن لخط ‪55‬اب الكراهي ‪55‬ة أن يحف ‪55‬ز على العن ‪55‬ف الفعلي ض ‪55‬د‬
‫األش ‪55 5‬خاص أو المجموع ‪55 5‬ات المس ‪55 5‬تهدفة‪ .‬و أخ ‪55 5‬يرا تح ‪55 5‬ديات التنظيم‪ ،‬فمواجه ‪55 5‬ة خط ‪55 5‬اب‬
‫الكراهي‪55‬ة على مواق‪55‬ع التواص‪55‬ل االجتم‪55‬اعي تش‪55‬كل تح‪55‬دًيا للمنص‪55‬ات والجه‪55‬ات التنظيمي‪55‬ة‪،‬‬
‫حيث يجب موازنة بين مكافحة خطاب الكراهية وحماية حرية التعبير‪.‬‬

‫يم ‪55‬يز الق ‪55‬انون ‪ 20/05‬بين مص ‪55‬طلح التمي ‪55‬يز وخط ‪55‬اب الكراهي ‪55‬ة‪ ،‬وإ ن ك ‪55‬انت في مجمله ‪55‬ا‬
‫ت‪55‬ؤدي إلى نتيج‪55‬ة واح‪55‬دة وهي تحف‪55‬يز وش‪55‬حن المش‪55‬اعر بش‪55‬كل س‪55‬لبي ض‪55‬د فئ‪55‬ة معين‪55‬ة‪ ،‬مم‪55‬ا‬
‫فريد صحراوي‪ ( ،‬مكافحة خطاب الكراهية في البيئة الرقمية على ضوء القانون ‪ ،) 05-20‬كلية العلوم‬ ‫‪1‬‬

‫االسالمية‪ ،‬دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ ،‬المجلد ‪ 6‬العدد ‪ 01/2022‬جامعة الجزائر ‪، 1‬‬
‫الجزائر ‪ 2022 ،‬ص‪09‬‬

‫‪48‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫يجسد العنصرية فكًر ا وواقًع ا‪ .‬فيعرف خط‪55‬اب الكراهي‪55‬ة في مفه‪55‬وم الق‪55‬انون ‪ 20/05‬على‬
‫أنه « جميع أشكال التعبير التي تنتشر أو تشجع أو تبرر التمييز‪ ،‬وكذا تلك التي تتض‪55‬من‬
‫أس‪55 5 5‬لوب االزدراء واإلهان‪55 5 5‬ة أو الع‪55 5 5‬داء أو البغض أو العن‪55 5 5‬ف الموج‪55 5 5‬ه إلى الش‪55 5 5‬خص أو‬
‫مجموع ‪55‬ة من األش ‪55‬خاص على أس ‪55‬اس الجنس أو الع ‪55‬رق أو الل ‪55‬ون أو النس ‪55‬ب أو األص ‪55‬ل‬
‫القومي أو اإلثني أو اللغة أو االنتماء الجغرافي أو الديني أو الحالة الصحية» ‪.‬‬

‫من تعريف المشرع الجزائري المعتمد في القانون ‪ 20/05‬لخطاب الكراهية‪ ،‬يتضح أن‪55‬ه‬
‫ق ‪55‬د اس ‪55‬تخدم مص ‪55‬طلحات عام ‪55‬ة‪ ،‬مم ‪55‬ا يجع ‪55‬ل من تطبيق ‪55‬ه أم ‪55‬رًا ص ‪55‬عبًا في بعض األحي ‪55‬ان‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫خاصة في ظل غياب األساس الديني كأهم سبب لقيام التمييز وخطابات الكراهية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحاالت التقليدية‬

‫جريمة تحريض العسكريين على االنضمام إلى صفوف العدو‬ ‫‪-‬‬

‫نقص ‪55‬د ب ‪55‬الجرائم الواقع ‪55‬ة على أمن الدول ‪55‬ة هي مجموع ‪55‬ة من الج ‪55‬رائم ال ‪55‬تي تمس‬
‫بش‪55‬كل مباش‪55‬ر س‪55‬يادة الدول‪55‬ة وأراض‪55‬يها ومواطنيه‪55‬ا أو تن‪55‬ال من نظ‪55‬ام الحكم الخ‪55‬اص به‪55‬ا‪.‬‬
‫نج ‪55‬د المش ‪55‬رع الجزائ ‪55‬ري ق ‪55‬د نص على ه ‪55‬ذه الج ‪55‬رائم في الب ‪55‬اب األول من الفص ‪55‬ل األول‬
‫تحت عن‪55‬وان "الجناي‪55‬ات والجنح ض‪55‬د أمن الدول‪55‬ة" وقس‪55‬م ه‪55‬ذه الج‪55‬رائم إلى قس‪55‬مين‪ ،‬ف‪55‬ذكر‬
‫ج‪55 5‬رائم الخيان ‪55 5‬ة والتجس‪55 5‬س في القس‪55 5‬م األول المتعل ‪55 5‬ق بج‪55 5‬رائم الواقع ‪55 5‬ة على أمن الدول ‪55 5‬ة‬
‫الخ ‪55‬ارجي‪ .‬فالمش ‪55‬رع الجزائ ‪55‬ري لم يض ‪55‬ع تعريف ‪55‬ا لجريم ‪55‬ة للخيان ‪55‬ة وه ‪55‬ذا م ‪55‬ا ت ‪55‬وجب على‬
‫الفقهاء وضع تعريف مناسب‬

‫عمير سعاد‪ ( ،‬آليات الوقاية من التمييز و خطاب الكراهية و مكافحتهما في الجزائر قراءة في أحكام القانون رقم‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .)05 /20‬مجلة الحقوق والعلوم السياسية‪ .2022 ،‬ص ‪09‬‬

‫‪49‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬
‫‪2‬‬
‫فهي « اعتداء على أمن الدولة يؤدي إلى االضرا بها وذلك لمصلحة دولة أخرى »‬

‫تنص المادة‪ 62/01‬من األمر ‪ 156-66‬المتضمن قانون العقوبات‪.‬‬

‫« يرتكب جريمة الخيانة ويعاقب باإلعدام كل جزائري وكل عسكري أو بحار في‬
‫خدمة الجزائر يقوم في وقت الحرب بأحد األعمال اآلتية‪:‬‬

‫تح‪55‬ريض العس‪55‬كريين أو البح‪55‬ارة على اإلنض‪55‬مام إلى دول‪55‬ة أجنبي‪55‬ة أو تس‪55‬هيل الس‪55‬بيل لهم‬
‫إلى ذل ‪55‬ك والقي ‪55‬ام بعملي ‪55‬ات تجني ‪55‬د لحس ‪55‬اب دول ‪55‬ة في ح ‪55‬رب م ‪55‬ع الجزائ ‪55‬ر‪ »....‬تك ‪55‬ون ه ‪55‬ذه‬
‫الجريم‪55 5‬ة في زمن الح‪55 5‬رب ‪ .‬حيث يس‪55 5‬تعمل الج‪55 5‬اني مختل‪55 5‬ف الوس‪55 5‬ائل وجمي‪55 5‬ع الط‪55 5‬رق‬
‫إلغ ‪55‬راء العس ‪55‬كريين ودفعهم لالنض ‪55‬مام إلى تل ‪55‬ك الدول ‪55‬ة فق ‪55‬د يعتم ‪55‬د في ذل ‪55‬ك على أس ‪55‬اليب‬
‫كالكتابة أو وإ لقاء خطابات و كل الطرق المتعلقة بالتصريح العلني قصد قبوله لالنضمام‬
‫إلى الع‪55‬دو ‪ ،‬كم‪55‬ا يق‪55‬وم بمختل‪55‬ف األس‪55‬اليب للتش‪55‬جيع والت‪55‬أثير لتغي‪55‬ير وجه‪55‬ة نظ‪55‬رهم وتقب‪55‬ل‬
‫‪2‬‬
‫فكرة ترك خدمة الوطن و التفرغ لاللتحاق بالعدو‬

‫ُتع‪55‬د الجريم‪55‬ة متمم‪55‬ة بمج‪55‬رد اإلق‪55‬دام على الفع‪55‬ل‪ ،‬حيث يش‪55‬كل التح‪55‬ريض أو التجني‪55‬د‬
‫لصالح دولة أجنبية في حالة عداء مع الجزائر‪ ،‬أو تيسير انضمام العس‪55‬كريين أو البح‪55‬ارة‬
‫لتل ‪55‬ك الدول ‪55‬ة‪ ،‬الرك ‪55‬يزة األساس ‪55‬ية للج ‪55‬رم‪ .‬في ه ‪55‬ذا الس ‪55‬ياق‪ ،‬ال تت ‪55‬أثر المس ‪55‬ؤولية الجنائي ‪55‬ة‬
‫للفاع‪55‬ل بال‪55‬دوافع أو األه‪55‬داف ال‪55‬تي ك‪55‬ان ي‪55‬رمي إليه‪55‬ا‪ ،‬س‪55‬واء ك‪55‬انت الحص‪55‬ول على من‪55‬افع‬
‫مادي‪55‬ة من الدول‪55‬ة المعادي‪55‬ة‪ ،‬أو اإلض‪55‬رار بمص‪55‬الح الجزائ‪55‬ر‪ ،‬أو أي داف‪55‬ع آخ‪55‬ر‪ .‬المهم في‬
‫تحدي ‪55‬د الجريم ‪55‬ة ه ‪55‬و فع ‪55‬ل التح ‪55‬ريض أو التجني ‪55‬د وتيس ‪55‬ير انض ‪55‬مام العس ‪55‬كريين أو البح ‪55‬ارة‬

‫أحمد رضا (معجم متن اللغة العربية) المجلد الثالث‪ ،‬منشورات دار مكتبة الحياة‪ ،‬د‪،‬د‪،‬ن لبنان س‪. 1985‬ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪362‬‬
‫شافعي ليلى‪( ،‬جرائم الخيانة و التجسس في التشريع الجزائري) مذكرة ماستر – قانون جنائي – كلية الحقوق‬ ‫‪2‬‬

‫والعلوم السياسية – جامعة تبسة ‪ -‬ص‪50‬‬

‫‪50‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫للع‪55 5‬دو‪ ،‬بغض النظ‪55 5‬ر عن النت‪55 5‬ائج المترتب‪55 5‬ة على ه‪55 5‬ذا الفع‪55 5‬ل أو النواي‪55 5‬ا الكامن‪55 5‬ة وراءه‪.‬‬
‫فيقتضي الركن المعنوي في هذه الجريمة توافر القصد العام‪:‬‬

‫« تتم الجريم‪55 5‬ة بمج‪55 5‬رد التح‪55 5‬ريض ول‪55 5‬و لم يحص‪55 5‬ل أب‪55 5‬دا انض‪55 5‬مام العس‪55 5‬كريين أو‬
‫البح‪5‬ارة إلى الدول‪5‬ة األجنبي‪5‬ة‪ .‬أم‪5‬ا بالنس‪5‬بة لعملي‪5‬ات التجني‪5‬د فال ب‪5‬د من حص‪5‬ولها فعال إذ ال‬
‫يكفي مجرد الوعد بها » ‪.1‬‬

‫جريمة التحريض على تعاطي المخدرات‬ ‫‪-‬‬

‫ان أعقد وأخط‪55‬ر المش‪5‬اكل ال‪55‬تي يواجهه‪55‬ا المجتم‪55‬ع الجزائ‪55‬ري في ال‪55‬وقت الح‪5‬الي في‬
‫تع‪55‬اطي المخ‪55‬درات‪ ،‬ال‪55‬تي انتش‪55‬رت بين الش‪55‬باب في عم‪55‬ر الزه‪55‬ور باعتب‪55‬ارهم أم‪55‬ل األم‪55‬ة ‪،‬‬
‫وثروته‪55‬ا القومي‪55‬ة ‪ ،‬فهم نص‪55‬ف الحاض‪55‬ر وك‪55‬ل المس‪55‬تقبل مم‪55‬ا ي‪55‬ؤثر على جمي‪55‬ع الج‪55‬وانب‬
‫س‪55‬واء االجتماعي‪55‬ة أم االس‪55‬رية أم االقتص‪55‬ادية للدول‪55‬ة ‪ ،‬ف‪55‬األمر أك‪55‬بر من كث‪55‬ير باعتباره‪55‬ا‬
‫ك ‪55‬ذلك من أخط ‪55‬ر الج ‪55‬رائم المنظم ‪55‬ة الع ‪55‬ابرة للح ‪55‬دود ‪ ،‬ومن هن ‪55‬ا ي ‪55‬أتي دور أم ‪55‬اكن التعليم‬
‫س‪55 5‬واء من الم‪55 5‬دارس وخاص‪55 5‬ة دور األس‪55 5‬رة كونه‪55 5‬ا اللبن‪55 5‬ة األساس‪55 5‬ية للمجتم‪55 5‬ع ‪ .‬ل‪55 5‬ذا اهتم‬
‫المش ‪55‬رع الجزائ ‪55‬ري بمكافح ‪55‬ة ه ‪55‬ذه اآلف ‪55‬ة ج ‪55‬د الخط ‪55‬يرة بمكافح ‪55‬ة االتج ‪55‬ار به ‪55‬ا من خالل‬
‫الق ‪55‬انون ‪ 18-04‬المتعل ‪55‬ق بالوقاي ‪55‬ة من المخ ‪55‬درات والم ‪55‬ؤثرات العقلي ‪55‬ة وقم ‪55‬ع االس ‪55‬تعمال‬
‫واالتجار غير الشرعيين ‪ .‬وبإنتشارها بطريقة رهيب‪55‬ة وبتط‪55‬ور وس‪5‬ائل انتش‪5‬ارها وتوس‪5‬يع‬
‫نط‪55‬اق المت‪55‬اجرة به‪55‬ا‪ ،‬أدى ه‪55‬ذا إلى تع‪55‬ديل الق‪55‬انون ‪ 22-06‬ال‪55‬ذي أض‪55‬اف أس‪55‬اليب جدي‪55‬دة‬
‫لمكافح‪55‬ة الجريم‪55‬ة ‪ .‬ع‪55‬رف المش‪55‬رع الجزائ‪55‬ري المخ‪55‬درات في نص م‪ 02‬من ‪" 18-04‬‬
‫المخ‪55‬در ك‪55‬ل م‪55‬ادة طبيعي‪55‬ة أو اص‪55‬طناعية من الم‪55‬واد ال‪55‬واردة في الج‪55‬دولين األول والث‪55‬اني‬
‫من االتفاقي ‪55 5‬ة الوحي ‪55 5‬دة للمخ ‪55 5‬درات س ‪55 5‬نة ‪ 1961‬بص ‪55 5‬يغتها المعدل ‪55 5‬ة بم ‪55 5‬وجب بروتوك ‪55 5‬ول‬
‫‪"1972‬‬
‫عبد اهلل سليمان ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬ص‪28‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪51‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫وكم‪55 5‬ا ع‪55 5‬رفت ك‪55 5‬ذلك بأنه‪55 5‬ا مجموع‪55 5‬ة من الم‪55 5‬واد تس‪55 5‬بب االدم‪55 5‬ان وتس‪55 5‬مم الجه‪55 5‬از‬
‫العصبي‪ ،‬و يحضر تداولها أو زراعتها أو تص‪55‬نيعها إال ألغ‪55‬راض يح‪5‬ددها الق‪55‬انون ‪ ،‬وال‬
‫تس ‪55‬تعمل إال بواس ‪55‬طة من ي ‪55‬رخص ل ‪55‬ه ذل ‪55‬ك ‪ ،‬و تش ‪55‬مل ه ‪55‬ذه الم ‪55‬واد األفي ‪55‬ون ومش ‪55‬تقاته ‪،‬‬
‫والحش ‪55‬يش ‪ ،‬وعق ‪55‬اقير الهلوس ‪55‬ة‪ ،‬والكوك ‪55‬ايين ‪ ،‬والمنش ‪55‬طات ‪ .‬ولكن ال تص ‪55‬نف الخم ‪55‬ور‬
‫والمه ‪55 5‬دئات والمنوم ‪55 5‬ات ض ‪55 5‬من المخ ‪55 5‬درات‪ ،‬على ال ‪55 5‬رغم من أنه ‪55 5‬ا م ‪55 5‬ع االس ‪55 5‬تمرار في‬
‫‪1‬‬
‫استعمالها بشكل خاطئ وبدون وصفة طبية تسبب االدمان ‪.‬‬

‫فتعد جريم‪55‬ة التح‪5‬ريض على تع‪55‬اطي المخ‪5‬درات والم‪55‬ؤثرات العقلي‪55‬ة تام‪55‬ة إذا اس‪5‬توفت‬
‫ش‪55 5‬روطها من خالل التش‪55 5‬جيع وزرع الفك‪55 5‬رة ل‪55 5‬دى الش‪55 5‬خص وت‪55 5‬دعيمها ب‪55 5‬أي وس‪55 5‬يلة من‬
‫الوس‪55 5‬ائل بغض النظ‪55 5‬ر عن الوس‪55 5‬ائل المنص‪55 5‬وص عليه‪55 5‬ا في الم‪55 5‬ادة ‪ 41‬من ق‪.‬ع ‪ ،‬فق‪55 5‬د‬
‫نص عليه ‪55 5‬ا المش ‪55 5‬رع الجزائ ‪55 5‬ري في الم ‪55 5‬ادة ‪ 22‬من الق ‪55 5‬انون ‪ 18-04‬الم ‪55 5‬ؤرخ في‪25‬‬
‫ديس‪55 5‬مبر ‪ 2004‬المتعل‪55 5‬ق بالمخ‪55 5‬درات والم‪55 5‬ؤثرات العقلي‪55 5‬ة " يع‪55 5‬اقب ك‪55 5‬ل من يح‪55 5‬رض أو‬
‫يشجع أو يحث بأي وسيلة كانت على ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في ه‪5‬ذا الق‪5‬انون‬
‫المقررة للجريمة أو الجرائم المرتكبة"‪.2‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬العقوبة المقررة للمحرض في التشريع الجزائري‬

‫في س‪55 5‬ياق الجه‪55 5‬ود المبذول‪55 5‬ة لحماي‪55 5‬ة النس‪55 5‬يج االجتم‪55 5‬اعي وض‪55 5‬مان اس‪55 5‬تقراره‪ ،‬أولت‬
‫التش‪55‬ريعات القانوني ‪55‬ة في الجزائ ‪55‬ر اهتمام ‪55‬ا بالغ ‪55‬ا لمس‪55‬ألة التح‪55‬ريض‪ ،‬معت ‪55‬برة إي ‪55‬اه جريم ‪55‬ة‬
‫تستوجب العق‪5‬اب ح‪5‬تى في غي‪5‬اب تجس‪5‬يد الفع‪5‬ل الج‪5‬رمي المح‪5‬رض علي‪5‬ه‪ .‬ه‪5‬ذا النهج ينب‪5‬ع‬
‫من إدراك عمي ‪55‬ق بخط ‪55‬ورة التح ‪55‬ريض على الس ‪55‬الم االجتم ‪55‬اعي وأمن الدول ‪55‬ة‪ ،‬حيث يع ‪55‬د‬
‫محمد جمال مظلوم (االتجار بالمخدرات) جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز الدراسات والبحوث‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الرياض ‪ ، 2012 ،‬ص ‪06‬‬


‫القانون رقم ‪ 18-04‬المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع االستعمال واالتجار غير‬ ‫‪2‬‬

‫المشروعين بها‪ .‬المؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر ‪2004‬‬

‫‪52‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫التح ‪55‬ريض ذات ‪55‬ه فعال يه ‪55‬دد النظ ‪55‬ام الع ‪55‬ام ويس ‪55‬تدعي ت ‪55‬دخال قانوني ‪55‬ا فوري ‪55‬ا لردع ‪55‬ه‪ .‬ل ‪55‬ذلك‪،‬‬
‫تجس ‪55‬د العقوب ‪55‬ات المفروض ‪55‬ة على المحرض ‪55‬ين س ‪55‬عيا للحف ‪55‬اظ على الهيئ ‪55‬ة االجتماعي ‪55‬ة من‬
‫خالل الوقاية من األفعال التي تقود إلى تفككها أو تهديد استقرارها ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬عقوبة المحرض في حالة ارتكاب جريمة التحريض‬

‫طبق ‪55 5‬ا لنص الم ‪55 5‬ادة ‪ 41‬من ق‪،‬ع وال ‪55 5‬تي تنص على " يعت ‪55 5‬بر ف ‪55 5‬اعال ك ‪55 5‬ل من س ‪55 5‬اهم‬
‫مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريم‪5‬ة أو ح‪5‬رض على ارتك‪5‬اب الفع‪5‬ل ‪ ." ....‬ف‪5‬إن المح‪5‬رض‬
‫يعت ‪55‬بر ف ‪55‬اعال أص ‪55‬ليا‪ ،‬وبالت ‪55‬الي توق ‪55‬ع علي ‪55‬ه العقوب ‪55‬ة المق ‪55‬ررة للجريم ‪55‬ة ال ‪55‬تي ح ‪55‬رض على‬
‫تنفيذها‪.‬‬

‫كما أن أساس العقاب يختلف‪ ،‬فالمحرض يع‪55‬اقب على أس‪55‬اس قيام‪55‬ه بتح‪55‬ريض الغ‪55‬ير‬
‫على ارتك‪55‬اب الجريم‪55‬ة بينم‪55‬ا الفاع‪55‬ل الم‪55‬ادي يع‪55‬اقب على أس‪55‬اس قيام‪55‬ه بالتنفي‪55‬ذ ‪ ،‬وه‪55‬ذا م‪55‬ا‬
‫يشير إلى استقاللية المحرض عن الفاعل المادي من حيث العقوبة ‪ ،‬باالضافة إلى األمر‬
‫‪ 106-05‬وال‪55‬ذي يؤك‪55‬د على ه‪55‬ذه االس‪55‬تقاللية من خالل الم‪55‬ادة ‪ 222‬من‪55‬ه وال‪55‬تي اس‪55‬تبعدت‬
‫المحرض من ظروف التخفيف في الوقت الذي يستفيد منه الفاعل المادي ‪.‬‬

‫األمر ‪ ، 05-06‬المتعلق بمكافحة التهريب‪ ،‬المؤرخ في ‪ 23‬غشت ‪ 2005‬المعدل والمتتم ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬المادة ‪ 22‬من األمر ‪ 05-06‬على ‪ " :‬ال يستفيد الشخص المدان الرتكابه أحد األفعال المجرمة في هذا األمر من‬
‫ظروف التخفيف المنصوص عليها في المادة ‪ 53‬من قانون العقوبات‪.‬‬
‫اذا كان محرضا على ارتكاب الجريمة‬ ‫‪-‬‬
‫اذا كان يمارس وظيفة عمومية أو مهنة ذات صلة بالنشاط المجرم وارتكب الجريمة أثناء تأدية وظيفته أو‬ ‫‪-‬‬
‫بمناسبتها‪.‬‬
‫اذا استخدم العنف أو السالح في ارتكاب الجريمة"‬ ‫‪-‬‬

‫‪53‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫أوال‪ :‬في ظ‪55‬ل الق‪55‬انون رقم ‪ 105-20‬المتعل‪55‬ق بالوقاي‪55‬ة من التمي‪55‬يز وخط‪55‬اب الكراهي‪55‬ة‬
‫ومكافحتها ‪:‬‬

‫المادة ‪ 30‬من قانون رقم ‪ : 05-20‬يعاقب على التمييز وخطاب الكراهي‪5‬ة ب‪5‬الحبس‬
‫من س ‪55‬تة (‪ )6‬أش ‪55‬هر إلى ثالث (‪ )3‬س ‪55‬نوات وبغرام ‪55‬ة من ‪ 60.000‬دج إلى ‪300.000‬‬
‫دج‪.‬‬

‫يع‪55‬اقب ك‪55‬ل من يق‪55‬وم علن‪55‬ا ب‪55‬التحريض على ارتك‪55‬اب الج‪55‬رائم المنص‪55‬وص عليه‪55‬ا في‬
‫ه‪55‬ذه الم‪55‬ادة أو ينظم أو يش‪55‬يد أو يق‪55‬وم بأعم‪55‬ال دعائي‪55‬ة من أج‪55‬ل ذل‪55‬ك‪ ،‬م‪55‬ا لم يش‪55‬كل الفع‪55‬ل‬
‫جريم‪55‬ة يع‪55‬اقب عليه‪55‬ا الق‪55‬انون بعقوب‪55‬ة أش‪55‬د‪ ،‬ب‪55‬الحبس من س‪55‬نة(‪ )1‬إلى ثالث (‪ )3‬س‪55‬نوات‬
‫وبغرامة من ‪ 100.000‬دج إلى ‪ 300.000‬دج ‪.‬‬

‫م‪55‬ا يالح‪55‬ظ ع‪55‬ل المش‪55‬رع أن‪55‬ه ق‪55‬د اس‪55‬تحدث مس‪55‬تجدات لم تكن موج‪55‬ودة في ظ‪55‬ل الم‪55‬ادة‬
‫‪ 295‬مك‪55‬رر‪ ،21‬حيث لم يع‪55‬د يج‪55‬رم التح‪55‬ريض كم‪55‬ا ك‪55‬ان معم‪55‬ول ب‪55‬ه س‪55‬ابقا وإ نم‪55‬ا خص‪55‬ها‬
‫بعقوب‪55‬ة تف‪55‬وق العقوب‪55‬ة المق‪55‬ررة للفاع‪55‬ل األص‪55‬لي من دون تح‪55‬ريض وه‪55‬ذا من خالل رفع‪55‬ه‬
‫للحد األدنى المتعلق بعقوبة الحبس والغرامة‪.3‬‬

‫أما عن ظ‪5‬رف التش‪5‬ديد فق‪5‬د أق‪5‬ره المش‪5‬رع في الم‪5‬ادة ‪ ،431‬ليص‪5‬بح الج‪5‬زاء من س‪5‬نتين‬
‫إلى خمس س‪55‬نوات وغرام‪55‬ة من ‪ 200.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج في حالم‪55‬ا إذا ك‪55‬انت‬
‫الضحية طفال أو سهل ارتكاب الجريمة حالة الضحية الناتجة عن مرضها أو إعاقته‪55‬ا أو‬

‫القانون رقم ‪ ، 05-20‬المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتها‪ ،‬المؤرخ في ‪ 28‬أفريل ‪،2020‬‬ ‫‪1‬‬

‫ج ر عدد‪ 25‬الصادرة في ‪ 29‬أفريل ‪2020‬‬


‫أنظر المادة ‪ 295‬مكرر‪ 1‬من قانون العقوبات (أضيفت بالقانون رقم‪ 01-14‬المؤرخ في ‪ 04‬فبراير ‪.)2014‬‬ ‫‪2‬‬

‫مختاري حياة‪ ،‬حساين عومرية ( جريمة التحريض على خطاب الكراهية عبر وسائل التواصل االجتماعي) مجلة‬ ‫‪3‬‬

‫البحوث القانونية واالقتصادية – المجلد ‪ – 6‬العدد ‪ :‬خاص ‪. 2023‬ص‪343-342‬‬


‫أنظر المادة ‪ 31‬من األمر ‪ 05-20‬المتعلق بالوقاية من التمييز و خطاب الكراهية ومكافحتها‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪54‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫عجزه ‪55‬ا الب ‪55‬دني أو العقلي ‪ ،‬و م ‪55‬ا اذا ك ‪55‬ان لم ‪55‬رتكب الفع ‪55‬ل س ‪55‬لطة قانوني ‪55‬ة أو فعلي ‪55‬ة على‬
‫الض‪5‬حية أو اس‪5‬تغل نف‪5‬وذ وظيفت‪5‬ه في ارتك‪5‬اب الجريم‪5‬ة‪ ،‬م‪5‬ا إذا ك‪5‬ان ك‪5‬انت م‪5‬رتكب الفع‪5‬ل‬
‫س‪55‬واء من مجموع‪55‬ة أش‪55‬خاص س‪55‬وء ك‪55‬انو ف‪55‬اعلين أص‪55‬ليين أو مش‪55‬اركين‪ ،‬وم‪55‬ا إذا ارتكب‬
‫الجريمة باستعمال تكنولوجيا االعالم و االتصال‪ .‬باإلضافة لنص الم‪55‬ادة ‪ 321‬إذا تض‪55‬من‬
‫خطاب الكراهية الدعوة إلى العنف ب‪5‬الحبس من ثالث (‪ )3‬س‪5‬نوات إلى س‪5‬بع (‪ )7‬س‪5‬نوات‬
‫وبغرامة من ‪ 300.000‬دج إلى ‪ 700.000‬دج‪.‬‬

‫وبش‪55‬كل يحس‪55‬م في‪55‬ه الفص‪55‬ل في ال‪55‬نزاع في حال‪55‬ة عرض‪55‬ت على القض‪55‬اء واقع‪55‬ة مماثل‪55‬ة‬
‫باالض‪55 5‬افة إلى م‪55 5‬ا ورد في نص‪55 5‬وص الم‪55 5‬واد "‪ 2"35-34-33‬من ج‪55 5‬زاءات مق‪55 5‬ررة على‬
‫تش ‪55‬ييد وتموي ‪55‬ل االنش ‪55‬طة أو الجمعي ‪55‬ات أو الجماع ‪55‬ات ال ‪55‬تي ت ‪55‬دعو إلى الكراهي ‪55‬ة لتص ‪55‬بح‬
‫عقوبته‪55 5 5‬ا من س‪55 5 5‬نتين إلى ‪ 5‬س‪55 5 5‬نوات حبس و غرام‪55 5 5‬ة ت‪55 5 5‬تراوح من ‪ 500.000‬دج إلى‬
‫‪ 1.000.000‬وجعل عقوبة الحبس مشددة من ‪ 5‬سنوات إلى ‪ 10‬سنوات وغرامة مالي‪55‬ة‬
‫من ‪ 1.000.000‬دج إلى ‪ 5.000.000‬دج في حال‪55 5‬ة األنش‪55 5‬اء أو اإلدارة أو اإلش‪55 5‬راف‬
‫على مواقع الكترونية تعمل على الترويج لبرامج أو أفكار أو أخب‪55‬ار أو رس‪55‬وم من ش‪55‬أنها‬
‫أن تنشر التمييز والكراهية في المجتمع‪ .‬ويستوي أن يكون التحريض بإنتاج أو صنع أو‬
‫ع‪55 5‬رض لل‪55 5‬بيع أو للت‪55 5‬داول منتج‪55 5‬ات أو تس‪55 5‬جيالت أو أفالم أو أش‪55 5‬رطة أو أس‪55 5‬طوانات أو‬
‫ب ‪55‬رامج لالعالم اآللي أو أي وس‪55‬يلة أخ‪55‬رى تحم ‪55‬ل أي ش‪55‬كل من أش‪55‬كال التعب ‪55‬ير ال ‪55‬تي من‬
‫ش ‪55‬أنها أن ت ‪55‬ؤدي إلى ارتك ‪55‬اب الج ‪55‬رائم المنص ‪55‬وص عليه ‪55‬ا في ه ‪55‬ذا الق ‪55‬انون ب ‪55‬الحبس من‬
‫سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من ‪ 200.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج ‪. 3‬‬

‫أنظر المادة ‪ 32‬من األمر ‪ 05-20‬المتعلق بالوقاية من التمييز و خطاب الكراهية ومكافحتها‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر المواد ‪ 35 ،34 ،33‬من األمر ‪ 05-20‬المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫مختاري حياة‪ ،‬حساين عومرية ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬ص‪343‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪55‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫ثاني ‪11‬ا‪ :‬عقوب‪55 5‬ة جريم‪55 5‬ة تح‪55 5‬ريض العس‪55 5‬كريين في ق‪55 5‬انون العقوب‪55 5‬ات وق‪55 5‬انون القض‪55 5‬اء‬
‫العسكري‬

‫نص عليه‪55‬ا المش‪55‬رع في م‪ " : 62/1‬ي‪55‬رتكب جريم‪55‬ة الخيان‪55‬ة ويع‪55‬اقب باالع‪55‬دام ك‪55‬ل‬
‫جزائري وكل عسكري أو بحار في خدمة الجزائ‪5‬ر يق‪5‬وم في وقت الح‪5‬رب بأح‪5‬د األعم‪5‬ال‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫تحريض العسكريين أو البحارة على االنضمام إلى دولة أجنبي‪55‬ة أو تس‪55‬هيل الس‪55‬بيل‬
‫‪1‬‬
‫لهم إلى ذلك والقيام بعمليات تجنيد لحساب دولة في حرب مع الجزائر "‬

‫الم‪55‬ادة ‪" : 278‬يعت‪55‬بر مجن‪55‬دا لص‪55‬الح الع‪55‬دو ويع‪55‬اقب باالع‪55‬دام ك‪55‬ل ش‪55‬خص يح‪55‬رض‬
‫العس‪55‬كريين على االنض‪55‬مام إلى الع‪55‬دو أو يس‪55‬هل لهم الوس‪55‬ائل ل‪55‬ذلك م‪55‬ع علم‪55‬ه ب‪55‬األمر‪ ،‬أو‬
‫‪2‬‬
‫يجند لصالح دولة هي في حالة حرب مع الجزائر " ‪.‬‬

‫الم‪55‬ادة ‪ " :279‬يع‪55‬اقب باالع‪55‬دام م‪55‬ع التجري‪55‬د العس‪55‬كري ‪ ....‬ك‪55‬ل عس‪55‬كري يح‪55‬رض‬
‫‪3‬‬
‫على الهزيمة أمام العدو أو يعرقل جمع الجنود "‬

‫نقص ‪55‬د بالتجري ‪55‬د العس ‪55‬كري االبع ‪55‬اد الكلي والنه ‪55‬ائي عن ص ‪55‬فوف الق ‪55‬وات المس ‪55‬لحة‪ ،‬م ‪55‬ع‬
‫الحرمان من جميع الحقوق الخاصة بالمعاش ومكافآت عن الخدمة السابقة‪.‬‬

‫من خالل ه‪55‬ذه الم‪55‬واد نج‪55‬د أن المش‪55‬رع الجزائ‪55‬ري وض‪55‬ع عقوب‪55‬ة االع‪55‬دام على ه‪55‬ذه‬
‫الجريم ‪55‬ة ليحق ‪55‬ق ب ‪55‬ذلك ال ‪55‬ردع الع ‪55‬ام حاله ‪55‬ا ح ‪55‬ال جمي ‪55‬ع الم ‪55‬واد المتعلق ‪55‬ة بج ‪55‬رائم الخيان ‪55‬ة‬
‫والتجسس بما أنه‪5‬ا تع‪5‬بر جريم‪5‬ة ماس‪5‬ة بكي‪5‬ان وشخص‪5‬ية وس‪5‬يادة الدول‪5‬ة لك‪5‬ل ش‪5‬خص يق‪5‬وم‬
‫أنظر المادة ‪ 62‬من األمر ‪ 156-66‬المتضمن قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم ‪ 47-75‬المؤرخ في ‪17‬‬ ‫‪1‬‬

‫يونيو ‪( 1975‬ج ر‪.‬عدد‪53‬ص‪)752‬‬


‫أنظر المادة ‪ 278‬من قانون القضاء العسكري ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر المادة ‪ 279‬من قانون القضاء العسكري ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪56‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫ب ‪55‬العبث أو التص ‪55‬دي له ‪55‬ا نظ ‪55‬را لخطورته ‪55‬ا الكب ‪55‬يرة على س ‪55‬المة وأمن واس ‪55‬تقرار الدول ‪55‬ة‬
‫وحماي ‪55‬ة لمص ‪55‬الح الش ‪55‬عب وتوطي ‪55‬دا لألمن‪ ،‬كم ‪55‬ا يع ‪55‬اقب بمفس العقوب ‪55‬ة ك ‪55‬ل ش ‪55‬خص ق ‪55‬ام‬
‫بالتحريض وذلك بمحاولة التأثير على عقولهم ‪ ،‬وقد يكون التحريض علني أو العكس ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬جريمة التحريض على تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية‪.‬‬

‫الم ‪55 5 5 5‬ادة ‪ :13‬يع ‪55 5 5 5‬اقب ب ‪55 5 5 5‬الحبس من س ‪55 5 5 5‬نتين إلى عش ‪55 5 5 5‬ر س ‪55 5 5 5‬نوات وبغرام ‪55 5 5 5‬ة من‬
‫‪100.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج ك ‪55 5‬ل من يس ‪55 5‬لم أو يع ‪55 5‬رض بطريق ‪55 5‬ة غ ‪55 5‬ير مش ‪55 5‬روعة‬
‫مخدرات أو مؤثرات عقلية على الغير بهدف االستعمال الشخصي ‪.‬‬

‫يض ‪55‬اعف الح ‪55‬د األقص ‪55‬ى للعقوب ‪55‬ة إذا تم تس ‪55‬ليم أو ع ‪55‬رض المخ ‪55‬درات أو الم ‪55‬ؤثرات‬
‫العقلية حسب الشروط المحددة في الفقرة السابقة على قاص‪5‬ر أو مع‪5‬وق أو ش‪5‬خص يع‪5‬الج‬
‫بس ‪55‬بب إدمان ‪55‬ه أو في مراك ‪55‬ز تعليمي ‪55‬ة أو تربوي ‪55‬ة أو تكويني ‪55‬ة أو ص ‪55‬حية أو اجتماعي ‪55‬ة أو‬
‫داخل هيئات عمومية‪.‬‬

‫الم ‪55 5‬ادة‪ " : 18‬يع ‪55 5‬اقب بالس ‪55 5‬جن المؤب ‪55 5‬د ك ‪55 5‬ل من ق ‪55 5‬ام بتس ‪55 5‬يير أو تنظيم أو تموي ‪55 5‬ل‬
‫‪1‬‬
‫النشاطات المئكورة في المادة ‪" 17‬‬

‫أي كل شخص يتورط في تسليم أو عرض مخدرات أو م‪55‬ؤثرات عقلي‪55‬ة بش‪55‬كل غ‪55‬ير‬
‫قانونية‪ ،‬هذه المعاقب‪5‬ة تش‪5‬مل أيًض ا األش‪5‬خاص ال‪5‬ذين يعمل‪5‬ون كمحرض‪5‬ين أو يس‪5‬هلون ه‪5‬ذه‬
‫األفع‪55 5‬ال‪ ،‬س‪55 5‬واء بتش‪55 5‬جيع اآلخ‪55 5‬رين على اس‪55 5‬تخدام ه‪55 5‬ذه الم‪55 5‬واد أو بتق‪55 5‬ديم المس‪55 5‬اعدة في‬
‫الحصول عليها بهدف االستهالك الشخصي‪ ،‬بمعنى آخر‪ ،‬ح‪5‬تى األف‪5‬راد ال‪5‬ذين ال يقوم‪5‬ون‬

‫القانون ‪ 18-04‬المؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر ‪ ، 2004‬المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع‬ ‫‪1‬‬

‫االستعمال واالتجار غير المشروعين بها ‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪.2004 ، 83‬‬

‫‪57‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫بتوزيع المخدرات مباش‪5‬رة ولكن يحرض‪5‬ون على اس‪5‬تخدامها أو يس‪5‬هلون عملي‪5‬ة الحص‪5‬ول‬
‫عليها‪ ،‬يواجهون العقوبات ذاتها‪.‬‬

‫تش ‪55 5‬ير العب ‪55 5‬ارة "يع ‪55 5‬اقب بالس ‪55 5‬جن المؤب ‪55 5‬د ك ‪55 5‬ل من ق ‪55 5‬ام بتس ‪55 5‬يير أو تنظيم أو تموي ‪55 5‬ل‬
‫النش ‪55‬اطات الم ‪55‬ذكورة" إلى أن الق ‪55‬انون يف ‪55‬رض عقوب ‪55‬ة ش ‪55‬ديدة وهي الس ‪55‬جن المؤب ‪55‬د‪ ،‬على‬
‫األش ‪55‬خاص ال ‪55‬ذين يلعب ‪55‬ون دورًا رئيس ‪55‬يًا في إدارة‪ ،‬تنظيم‪ ،‬أو تموي ‪55‬ل أنش ‪55‬طة معين ‪55‬ة‪ .‬ه ‪55‬ذه‬
‫األنش‪55‬طة ق‪55‬د ذك‪55‬رت س‪55‬ابقًا في الم‪55‬ادة ‪ 117‬وتتمث‪55‬ل في اإلنت‪55‬اج ‪ ،‬الحص‪55‬ول والش‪55‬راء قص‪55‬د‬
‫ال ‪55‬بيع أو التخ ‪55‬زين أو اس ‪55‬تخراج أو تحض ‪55‬ير أو توزي ‪55‬ع أو تس ‪55‬ليم بأي ‪55‬ة ص ‪55‬فة ك ‪55‬انت ‪ ،‬أو‬
‫سمس‪55 5‬مرة أو ش‪55 5‬حن أو نق‪55 5‬ل عن طري‪55 5‬ق العب‪55 5‬ور أو نق‪55 5‬ل الم‪55 5‬واد المخ‪55 5‬درة أو الم‪55 5‬ؤثرات‬
‫العقلية‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬عقوبة المحرض في حالة عدم افضاء التحريض إلى نتيجة‬

‫طبق ‪55‬ا للم ‪55‬ادة ‪ 46‬من ق‪.‬ع‪.‬ج وال ‪55‬تي تنص على ‪ " :‬إذا لم ت ‪55‬رتكب الجريم ‪55‬ة الم ‪55‬زعم‬
‫ارتكابه ‪55‬ا لمج ‪55‬رد امتن ‪55‬اع من ك ‪55‬ان ين ‪55‬وب ارتكابه ‪55‬ا بإرادت ‪55‬ه وح ‪55‬دها ف ‪55‬إن المح ‪55‬رض عليه ‪55‬ا‬
‫يعاقب رغم ذلك بالعقوبة المقررة لهذه الجريمة "‪.‬‬

‫واس ‪55‬تنادا له ‪55‬ذه الم ‪55‬ادة يت ‪55‬بين لن ‪55‬ا أن المح ‪55‬رض يع ‪55‬اقب ح ‪55‬تى ول ‪55‬و لم ت ‪55‬رتكب أو تنف ‪55‬ذ‬
‫الجريم‪5‬ة الم‪5‬راد ارتكابه‪5‬ا ولكن بمج‪5‬رد قي‪5‬ام المح‪5‬رض بس‪5‬لوكه وه‪5‬و زرع فك‪5‬رة الجريم‪5‬ة‬
‫لدى الشخص المنف‪5‬ذ ي‪5‬دل على أن الش‪5‬روع ق‪5‬د تم فعال وبالت‪5‬الي هن‪5‬ا الش‪5‬روع يع‪5‬اقب علي‪5‬ه‬
‫وهنا نكون بصدد استقاللية مسؤولية المحرض على ارتك‪5‬اب جريم‪5‬ة التح‪5‬ريض‪ ،‬كم‪5‬ا أن‬
‫المحرض توقع عليه العقوبة ح‪5‬تى ول‪55‬و ع‪55‬دل المنف‪55‬ذ عن ارتك‪55‬اب الجريم‪55‬ة‪ ،‬باالض‪55‬افة إلى‬

‫القانون ‪ 18-04‬المؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر ‪ ، 2004‬المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع‬ ‫‪1‬‬

‫االستعمال واالتجار غير المشروعين بها ‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪2004 ، 83‬‬

‫‪58‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫أن المش‪55‬رع الجزائ‪55‬ري ي‪55‬رى ب‪55‬أن الجريم‪55‬ة األص‪55‬لية مس‪55‬تقلة تمام‪55‬ا عن جريم‪55‬ة التح‪55‬ريض‬
‫ولو تخلى الفاع‪55‬ل بإرادت‪55‬ه عن ارتكاب‪55‬ه الجريم‪55‬ة أو ح‪5‬تى ل‪55‬و فش‪5‬لت أو خ‪5‬اب أثره‪55‬ا أو أي‬
‫سبب آخر منع من عدولها‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬بصدد الشروع في جريمة التحريض‬

‫من خالل ه‪55 5 5‬ذا يتض‪55 5 5‬ح أن التق‪55 5 5‬نين الجزائ‪55 5 5‬ري أق‪55 5 5‬ر ص‪55 5 5‬راحة توقي‪55 5 5‬ع العقوب‪55 5 5‬ة على‬
‫المح‪55‬رض ح‪55‬تى ول‪55‬و لم ي‪55‬زعم ارتكابه‪55‬ا كم‪55‬ا في حال‪55‬ة الش‪55‬روع ف‪55‬إن المح‪55‬رض توق‪55‬ع علي‪55‬ه‬
‫العقوب‪55‬ة‪ ،‬والعل‪55‬ة من ذل‪55‬ك أن المش‪55‬رع الجزائ‪55‬ري ي‪55‬رى جريم‪55‬ة التح‪55‬ريض بنظ‪55‬رة التج‪55‬ريم‬
‫‪1‬‬
‫المستقل لفعل المحرض‬

‫إذا قام المحرض بطلب ارتكاب الجريمة من شخص آخر مقابل هب‪5‬ة‪ ،‬وع‪5‬د‪ ،‬تهدي‪5‬د‪،‬‬
‫أو أي وس‪55‬يلة أخ‪55‬رى‪ ،‬ف‪55‬إن ه‪55‬ذا الفع‪55‬ل ُيعت‪55‬بر بداي‪55‬ة التنفي‪55‬ذ الفعلي للجريم‪55‬ة‪ .‬بم‪55‬وجب نص‬
‫المادة ‪ 41‬من القانون الجزائري « يعتبر ف‪5‬اعال ك‪5‬ل من س‪5‬اهم مس‪5‬اهمة مباش‪5‬رة في تنفي‪5‬ذ‬
‫الجريم ‪55‬ة أو ح ‪55‬رض على ارتك ‪55‬اب الفع ‪55‬ل بالهب ‪55‬ة أو الوع ‪55‬د أو تهدي ‪55‬د أو إس ‪55‬اءة اس ‪55‬تعمال‬
‫الس‪55‬لطة أو الوالي‪55‬ة أو التحاي‪55‬ل أو الت‪55‬دليس االج‪55‬رامي »‪ُ ، 2‬يع‪55‬د موق‪55‬ف المح‪55‬رض في ه‪55‬ذه‬
‫الحال‪55‬ة ش‪55‬روًع ا في ارتك‪55‬اب الجريم‪55‬ة‪ ،‬س‪55‬واء ق‪55‬ام باألفع‪55‬ال المنص‪55‬وص عليه‪55‬ا ص‪55‬راحًة في‬
‫القانون أو بأي فعل آخر ُيظهر بوضوح نيت‪55‬ه للش‪55‬روع في الجريم‪55‬ة‪ .‬بالت‪55‬الي‪ُ ،‬تطب‪55‬ق على‬
‫المح‪55‬رض أحك‪55‬ام الش‪55‬روع العام‪55‬ة‪ ،‬مم‪55‬ا يع‪55‬ني أن‪55‬ه س‪55‬يواجه عقوب‪55‬ات معين‪55‬ة ح‪55‬تى ل‪55‬و لم تتم‬
‫‪3‬‬
‫الجريمة بالكامل‪.‬‬

‫سمير عالية وهيثم سمير عالية‪ ،‬الوسيط في شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬ط‪ ،1‬المؤسسة الجامعية للدراسات‬ ‫‪1‬‬

‫والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت ‪ ، 2010 ،‬ص ‪332‬‬


‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 41‬من ق ع ج‪ .‬من القانون ‪04-82‬‬
‫عبد اهلل سليمان – مرجع سابق – ص‪207‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪59‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫الفك‪55 5‬رة ال‪55 5‬تي تط‪55 5‬رقت إليه‪55 5‬ا تؤك‪55 5‬د على مفه‪55 5‬وم مهم في الق‪55 5‬انون الجزائ‪55 5‬ري يخص‬
‫جريمة التحريض‪ ،‬وهو أن المسؤولية الجنائية للمح‪55‬رض ال تتوق‪55‬ف على وق‪55‬وع الجريم‪55‬ة‬
‫األصلية التي حرض عليها‪ .‬بمعنى آخر‪ ،‬جريمة التحريض تقوم على القصد والفعل من‬
‫جانب المحرض وهي مس‪55‬تقلة تماًم ا عن الجريم‪55‬ة األص‪55‬لية وعن الش‪55‬خص ال‪55‬ذي ك‪55‬ان من‬
‫المفترض أن ينفذها‪.‬‬

‫هذا يعني أن المحرض يمكن أن ُيحاسب قانونًيا حتى لو‪:‬‬

‫رفض الشخص المحرض عليه ارتكاب الجريمة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫لم ُيبد الشخص المحرض عليه أي رفض لكنه لم ينفذ الجريمة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فشلت الجريمة في تحقيق أثرها المرجو رغم محاولة تنفيذها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كانت الوسيلة المستخدمة في التحريض ال تسمح بتحقيق الجريمة أصًال‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الج ‪55‬انب المهم هن ‪55‬ا ه ‪55‬و أن مج ‪55‬رد الش ‪55‬روع في التح ‪55‬ريض‪ ،‬بقص ‪55‬د واض ‪55‬ح وع ‪55‬بر وس ‪55‬يلة‬
‫معينة‪ ،‬يكفي لتحميل المحرض المسؤولية الجنائية‪ .‬هذا النهج ُيظه‪55‬ر األهمي‪55‬ة ال‪55‬تي يوليه‪55‬ا‬
‫الق ‪55‬انون الجزائ ‪55‬ري لمن ‪55‬ع الج ‪55‬رائم من خالل التص ‪55‬دي لألفع ‪55‬ال ال ‪55‬تي ق ‪55‬د ت ‪55‬ؤدي إليه ‪55‬ا قب ‪55‬ل‬
‫وقوعه‪55 5‬ا فعلًي ا‪ ،‬وُي برز االعتب‪55 5‬ار الخ‪55 5‬اص للني‪55 5‬ة والفع‪55 5‬ل في ج‪55 5‬رائم التح‪55 5‬ريض كأس‪55 5‬اس‬
‫للمسؤولية الجنائية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬بصدد مبدأ استقاللية المحرض‬

‫مبدأ استقالل مسؤولية المحرض هو أساس في القانون الجنائي ُيظهر كيف يتم تق‪55‬ييم‬
‫ومعاقب ‪55‬ة المح ‪55‬رض على جريم ‪55‬ة بمع ‪55‬زل عن األفع ‪55‬ال االجرامي ‪55‬ة ال ‪55‬تي يق ‪55‬وم به ‪55‬ا الفاع ‪55‬ل‬
‫األصلي‪ .‬هذا المب‪5‬دأ يعكس التق‪5‬دير لل‪5‬دور ال‪5‬ذي يلعب‪5‬ه المح‪5‬رض في تش‪5‬كيل الني‪5‬ة والت‪5‬أثير‬
‫على سلوك اآلخرين نحو ارتكاب الجرائم‪ ،‬حتى لو لم تتحقق النتائج المتوقعة بالضبط‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫وفقًا للتشريع الجزائري ‪ُ ،‬يعتبر المحرض فاعًال أصليًا في الجريمة‪ ،‬وُيقرر ل‪55‬ه نفس‬
‫العقوب‪55‬ات المق‪55‬ررة للفاع‪55‬ل الم‪55‬ادي‪ ،‬ه‪55‬ذا النهج يس‪55‬تند إلى الم‪55‬ادة ‪ 46‬من ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات‪،‬‬
‫وال‪5‬تي تؤك‪5‬د أن المح‪5‬رض ُيع‪5‬اقب بن‪5‬اًء على فع‪5‬ل التح‪5‬ريض نفس‪5‬ه‪ ،‬بغض النظ‪5‬ر عن قي‪5‬ام‬
‫الفاعل الم‪5‬ادي بتنفي‪5‬ذ الجريم‪5‬ة‪ ،‬إن العقوب‪5‬ة الموقع‪5‬ة على المح‪5‬رض ال تتطلب بالض‪5‬رورة‬
‫أن يكون الفاعل قد ارتكب الجريمة بمفرده؛ مما يعكس مبدأ قانوني‪ً5‬ا يؤك‪55‬د على اس‪55‬تقاللية‬
‫مس‪55‬ؤولية المح‪55‬رض عن مس‪55‬ؤولية الفاع‪55‬ل الم‪55‬ادي‪ .‬ه‪55‬ذه الطريق‪55‬ة في التق‪55‬نين ُتظه‪55‬ر أهمي‪55‬ة‬
‫ال ‪55‬دور ال ‪55‬ذي يلعب ‪55‬ه المح ‪55‬رض في تنفي ‪55‬ذ الج ‪55‬رائم‪ ،‬مم ‪55‬ا ي ‪55‬برز الحاج ‪55‬ة إلى معاقبت ‪55‬ه بش ‪55‬كل‬
‫‪1‬‬
‫يتناسب مع خطورة تأثيره في العملية اإلجرامية‪.‬‬
‫ُتعت‪5‬بر مس‪5‬ؤولية المح‪5‬رض مس‪5‬تقلة كلي‪ً5‬ا عن مس‪5‬ؤولية الش‪5‬خص ال‪5‬ذي ُيح‪5‬رض علي‪5‬ه‪،‬‬
‫أي الفاع ‪55‬ل األص ‪55‬لي ‪ ،‬ه ‪55‬ذه االس ‪55‬تقاللية تع ‪55‬ني أن المح ‪55‬رض يتحم ‪55‬ل المس ‪55‬ؤولية القانوني ‪55‬ة‬
‫بغض النظر عما إذا كان الفعل المحرض عليه قد تم تنفيذه كما ُخ طط ل‪55‬ه أم ال‪ ،‬أو ح‪55‬تى‬
‫إذا لم ُي ترتب على التح‪55 5‬ريض أي‪55 5‬ة نت‪55 5‬ائج عملي‪55 5‬ة ‪ ،‬و ُيع‪55 5‬اقب المح‪55 5‬رض بن‪55 5‬اًء على الني‪55 5‬ة‬
‫االجرامي ‪55‬ة المس ‪55‬تقلة والكامل ‪55‬ة‪ ،‬ح ‪55‬تى وإ ن اقتص ‪55‬ر نش ‪55‬اط الفاع ‪55‬ل على محاول ‪55‬ة أو مج ‪55‬رد‬
‫شروع في الجريمة‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تنحصر مسؤولية المح‪5‬رض على الجريم‪55‬ة ال‪55‬تي‬
‫‪2‬‬
‫دعا إليها فقط‪ ،‬وال تمتد إلى أي أفعال أخرى قد يرتكبها الفاعل‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬بصدد عدول المحرض عن تحريضه ‪:‬‬

‫العدول عن التحريض في القانون‬ ‫‪-‬‬

‫أحمد بوسقيعة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪156‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫محمود نجيب حسني ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪37‬‬

‫‪61‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫ان المس ‪55‬ؤولية الجنائي ‪55‬ة للمح ‪55‬رض تثبت بمج ‪55‬رد إتمام ‪55‬ه لفع ‪55‬ل التح ‪55‬ريض وال ت ‪55‬زول ه ‪55‬ذه‬
‫المسؤولية بمجرد أن يغير المحرض رأيه أو يحاول التراجع عن تحريضه‪ ،‬له‪55‬ذا ينقس‪55‬م‬
‫العدول إلى نوعين وهما‪:‬‬

‫الع‪55‬دول االختي‪55‬اري ‪ :‬يع‪55‬رف الع‪55‬دول االختي‪55‬اري عن التح‪5‬ريض في الجريم‪55‬ة بأن‪55‬ه ‪" :‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪1‬‬
‫رجوع الجاني طواعية عن المضي في مشروعه االجرامي " ‪.‬‬
‫العدول االضطراري ‪ :‬يع‪55‬رف بأن‪55‬ه الحيلول‪55‬ة بين الج‪55‬اني وبين المض‪55‬ي في مش‪55‬روعه‬ ‫‪-‬‬
‫االج‪5‬رامي‪ ،‬لس‪5‬بب خ‪5‬ارج عن ارادت‪5‬ه‪ ،‬أو لظ‪5‬روف ق‪5‬اهرة ‪ ،‬ف‪5‬يرجع الس‪5‬بب في‪5‬ه لع‪5‬دم‬
‫الوص ‪55‬ول إلى نتيج ‪55‬ة الجريم ‪55‬ة إلرادة خارج ‪55‬ة عن إرادة الج ‪55‬اني‪ ،‬كش ‪55‬خص يح ‪55‬رض‬
‫ش‪55‬خص آخ‪55‬ر للقت‪55‬ل بس‪55‬يف لكن قب‪55‬ل وص‪55‬ول الس‪55‬يف إلى عن‪55‬ق المج‪55‬ني علي‪55‬ه يتب‪55‬ادره‬
‫‪2‬‬
‫ثالث يمسك يده والحيلولة دون قطع عنقه‪.‬‬

‫ُيعت ‪55 5‬بر الش ‪55 5‬خص مس ‪55 5‬ؤوًال جنائي‪ً5 5 5‬ا عن جريم ‪55 5‬ة التح ‪55 5‬ريض بمج ‪55 5‬رد إتمام ‪55 5‬ه ألفع ‪55 5‬ال‬
‫التح‪55‬ريض وتحقي‪55‬ق كاف‪55‬ة عناص‪55‬رها األساس‪55‬ية‪ ،‬وال ُيعفى من المس‪55‬ؤولية بم‪55‬وجب الق‪55‬انون‬
‫ح ‪55‬تى في ح ‪55‬ال عدول ‪55‬ه عن التح ‪55‬ريض بع ‪55‬د اتمام ‪55‬ه له ‪55‬ذه األفع ‪55‬ال‪ .‬ه ‪55‬ذا الع ‪55‬دول‪ ،‬س ‪55‬واء تم‬
‫إبالغ الفاع‪55 5 5‬ل ب‪55 5 5‬ه أو ال‪ ،‬ال يلغي المس‪55 5 5‬ؤولية القانوني‪55 5 5‬ة المترتب‪55 5 5‬ة على الفع‪55 5 5‬ل األص‪55 5 5‬لي‬
‫للتحريض‪ ،‬إذ يظل المحرض مس‪55‬ؤوًال عن دعم أو تش‪55‬جيع فع‪55‬ل إج‪55‬رامي‪ ،‬ح‪55‬تى ل‪55‬و تمكن‬
‫من إقناع الفاعل بالتخلي عن نيته الرتكاب الجريمة المحرض عليها‪.3‬‬

‫لذا فالعدول يعتبر الحق على فعله الذي تقوم عليه الجريمة المستقلة فإنه ال يعتبر‬
‫عدوال اختياريا وإ نما بمثابة التوبة ‪ ،‬والندم الالحق الذي ال يؤثر على قيام الجريمة ‪،‬‬
‫عبد الفتاح خضر ‪ ( ،‬الجريمة وأحكامها العامة في االتجاهات المعاصرة والفقه االسالمي) ط‪ ، 1‬إدارة البحوث‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫السعودية‪ ، 1985 ،‬ص‪.282‬‬


‫عبد اهلل سليمان‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪231‬‬ ‫‪2‬‬

‫سمير عالية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪333‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪62‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫اذا ما دام أن نيته اتجهت إلى االجرام فإنه يعاقب عليه ‪ ،‬وبما أن هذا العدول الحق‬
‫‪.1‬على اتمام المحرض لجريمته فليس له من تأثير على مسؤوليته‬

‫العدول عن التحريض في الشريعة االسالمية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫يتم ‪55‬يز دينن ‪55‬ا اإلس ‪55‬المي بتعزي ‪55‬ز العالق‪55‬ة الراس‪55‬خة بين العب ‪55‬د وخالق ‪55‬ه‪ ،‬حيث تظ ‪55‬ل ه ‪55‬ذه‬
‫الص‪55‬لة قوي‪55‬ة ومس‪55‬تمرة في ك‪55‬ل زم‪55‬ان ومك‪55‬ان‪ ،‬ه‪55‬ذه الخصوص‪55‬ية تش‪55‬كل أساس‪ً5‬ا لتش‪55‬ريعات‬
‫ال ‪55‬دين الح ‪55‬نيف‪ ،‬ال ‪55‬تي تس ‪55‬تهدف دائم‪ً55‬ا النظ ‪55‬ر إلى الحي ‪55‬اة اآلخ ‪55‬رة بك ‪55‬ل م ‪55‬ا فيه ‪55‬ا من ج ‪55‬زاء‬
‫وثواب للمحسنين وعقاب للمسيئين‪ .‬هذا التوجه يختلف عن القوانين الوضعية التي تفتق‪55‬ر‬
‫إلى ه‪55‬ذه الرؤي‪55‬ة األخروي‪55‬ة‪ ،‬وي‪55‬برز ت‪55‬أثيره بش‪5‬كل واض‪55‬ح في التش‪5‬ريع الجن‪55‬ائي اإلس‪5‬المي‪،‬‬
‫يهدف هذا األخير إلى ردع األفراد عن ارتكاب الذنوب والمعاص‪55‬ي‪ ،‬ودفعهم نح‪55‬و التوب‪55‬ة‬
‫والع‪55‬دول عن أي س‪55‬لوكيات خاطئ‪55‬ة ق‪55‬د يك‪55‬ون الج‪55‬اني ق‪55‬د ب‪55‬دأ في ارتكابه‪55‬ا‪ ،‬مم‪55‬ا يحق‪55‬ق في‬
‫نهاية المطاف توافق السلوك اإلنساني مع ما حرمه اهلل تعالى‪.‬‬

‫فيظهر العدول عن التحريض في مرحلة التفكير والتصميم على فعل الجريمة أو في‬
‫مرحلة التحضير لها‪ ،‬التي ال يلحق بهما االثم والعقاب‪ ،‬م‪5‬ا دام أن فع‪5‬ل الج‪5‬اني لم يرتب‪5‬ط‬
‫بالمعصية المخالفة هلل عزو جل‪.‬‬

‫كم‪55‬ا س‪55‬بق تبيان‪55‬ه‪ ،‬واهلل ع‪55‬و وج‪55‬ل يعف‪55‬و على ذل‪55‬ك ويتج‪55‬اوز‪ ،‬فعن أبي هري‪55‬رة رض‪55‬ي‬
‫اهلل عنه عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ " :‬ان اهلل تجاوز عن أمتي ما حدثت به‬
‫أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم "‪. 2‬‬

‫‪1‬‬
‫محمود نجيب حسني ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪333‬‬
‫رواه البخاري‪(،‬باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطالقة)حديث رقم ‪،2528‬ج‪،3‬ص‪145‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪63‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫ف األفكار التي تراود اإلنسان والحوار الذي يدور داخل نفس‪55‬ه ال يتع‪55‬رض للمحاس‪55‬بة‬
‫أو العق ‪55‬اب‪ ،‬فهي تبقى ض ‪55‬من ح ‪55‬دود النفس وال تتجاوزه ‪55‬ا إلى الواق ‪55‬ع الملم ‪55‬وس‪ .‬وعن ‪55‬دما‬
‫يتعلق األمر بتنفيذ هذه األفكار‪ ،‬فإن العدول عن السير في طري‪5‬ق اإلثم والمعص‪5‬ية خش‪5‬ية‬
‫من اهلل تعالى يعتبر خطوة ُيثاب عليها العبد‪ .‬إن اهلل ع‪55‬ز وج‪55‬ل‪ ،‬في رحمت‪55‬ه ولطف‪55‬ه‪ ،‬يقب‪55‬ل‬
‫التوبة من عباده ويعد بتحويل الس‪5‬يئات إلى حس‪5‬نات كج‪5‬زاء لهم على ن‪55‬دمهم ورغبتهم في‬
‫التراجع عن األخطاء‪ ،‬هذا األمر يمثل حافًز ا قوًي ا لك‪55‬ل من ي‪55‬رغب في التوق‪55‬ف عن إتم‪55‬ام‬
‫األفع ‪55‬ال االجرامي ‪55‬ة‪ ،‬مم ‪55‬ا يع ‪55‬زز فيهم الرغب ‪55‬ة في كس ‪55‬ب األج ‪55‬ر والمثوب ‪55‬ة من اهلل س ‪55‬بحانه‬
‫وتع‪55 5‬الى‪ ،‬دال‪55 5‬ة على ذل‪55 5‬ك الح‪55 5‬ديث ال‪55 5‬ذي رواه عب‪55 5‬د اهلل بن عب‪55 5‬اس رض‪55 5‬ي اهلل عن‪55 5‬ه عن‬
‫الرس‪55‬ول علي‪55‬ه الص‪55‬الة والس‪55‬الم فيم‪55‬ا يروي‪55‬ه عن رب‪55‬ه تب‪55‬ارك وتع‪55‬الى ق‪55‬ال ‪ " :‬ان اهلل كتب‬
‫الحس‪55‬نات والس‪55‬يئات ثم بين ذل‪55‬ك‪ ،‬فمن هم بحس‪55‬نة فلم يعمله‪55‬ا كتبه‪55‬ا اهلل ل‪55‬ه حس‪55‬نة كامل‪55‬ة‪،‬‬
‫وان هم بحسنة فعملها كتبها اهلل عنده عش‪5‬ر حس‪5‬نات إلى س‪5‬بعة مائ‪5‬ة ض‪5‬عف إلى أض‪5‬عاف‬
‫كثيرة‪ ،‬وإ ن هم بالسيئة فلم يعملها كتبها اهلل عنده حسنة كامل‪5‬ة‪ ،‬وان هم وعمله‪5‬ا كتبه‪5‬ا اهلل‬
‫سيئة واحدة "‪.1‬‬

‫في مس‪55‬ار تط‪55‬ور الجريم‪55‬ة‪ ،‬ت‪55‬برز ع‪55‬دة مراح‪55‬ل يمكن خالله‪55‬ا للف‪55‬رد أن يع‪55‬دل عن‬
‫ارتكاب الفع‪5‬ل اإلج‪5‬رامي‪ ،‬وه‪5‬ذه المراح‪5‬ل محمل‪5‬ة بأبع‪5‬اد الث‪5‬واب والعق‪5‬اب‪ُ ،‬يث‪5‬اب الف‪5‬رد إذا‬
‫تراج‪55‬ع عن جريم‪55‬ة قب‪55‬ل تنفي‪55‬ذها‪ ،‬حيث يظه‪55‬ر خوف‪55‬ه من اهلل وتق‪55‬ديره ألوام‪55‬ره ونواهي‪55‬ه ‪،‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬عندما يتم تنفيذ الجريمة ويصل الفعل إلى مرحلة التنفيذ النهائي‪55‬ة‪ ،‬يفق‪55‬د الع‪55‬دول‬
‫عنها قيمته في منع وقوع الجريمة نفسها‪.‬‬

‫بع ‪55‬د ارتك ‪55‬اب الجريم ‪55‬ة‪ ،‬ي ‪55‬دخل الج ‪55‬اني في مرحل ‪55‬ة جدي ‪55‬دة تتعل ‪55‬ق بالتوب ‪55‬ة والن ‪55‬دم على م ‪55‬ا‬
‫اقترف‪55‬ه من معاص‪55‬ي أو تقص‪55‬ير في اتب‪55‬اع أوام‪55‬ر اهلل‪ .‬التوب‪55‬ة هن‪55‬ا تك‪55‬ون الطري‪55‬ق لمحاول‪55‬ة‬

‫صحيح مسلم‪( ،‬باب اذا هم العبد بحسنة كتبت‪ )...‬الحديث رقم ‪ ،207‬ج‪ ،1‬ص‪118‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪64‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫اس ‪55‬ترداد رحم ‪55‬ة اهلل ومغفرت ‪55‬ه‪ُ .‬يظه ‪55‬ر التوب ‪55‬ة الص ‪55‬ادقة ال ‪55‬تي تتض ‪55‬من الن ‪55‬دم على الفع ‪55‬ل‪،‬‬
‫والع‪55 5‬زم على ع‪55 5‬دم الع‪55 5‬ودة إلى مثل‪55 5‬ه‪ ،‬وإ ص‪55 5‬الح م‪55 5‬ا يمكن إص‪55 5‬الحه من ض‪55 5‬رر نتج عن‬
‫الجريم‪5‬ة‪ .‬في ه‪5‬ذه المرحل‪5‬ة‪ ،‬يك‪5‬ون الف‪5‬رد ق‪5‬د أدرك حجم الخط‪5‬أ ويس‪5‬عى إلى تق‪5‬ويم س‪5‬لوكه‬
‫‪1‬‬
‫وفًقا للمعايير الدينية التي يؤمن بها‪.‬‬

‫بالتالي‪ ،‬الدين اإلسالمي يوفر إطاًر ا يتيح الفرصة للعودة إلى الصواب ح‪55‬تى بع‪55‬د الوق‪55‬وع‬
‫في الخط‪55 5‬أ‪ ،‬مؤك ‪ً5 5‬د ا على أهمي‪55 5‬ة الن‪55 5‬دم والتوب‪55 5‬ة واإلص‪55 5‬الح كعناص‪55 5‬ر أساس‪55 5‬ية في تحقي‪55 5‬ق‬
‫التكفير عن الذنوب‪.‬‬

‫خالصة الفصل ‪:‬‬

‫تطرقن ‪55‬ا في ه ‪55‬ذا الفص ‪55‬ل إلى األحك ‪55‬ام العام ‪55‬ة للتح ‪55‬ريض على الجريم ‪55‬ة وذل ‪55‬ك من خالل‬
‫تبي‪55 5‬ان األرك‪55 5‬ان ال‪55 5‬تي تق‪55 5‬وم عليه‪55 5‬ا جريم‪55 5‬ة التح‪55 5‬ريض في التش‪55 5‬ريع الجزائ‪55 5‬ري ‪ ،‬نظ‪55 5‬را‬
‫لضرورة توفرها في كافة الجرائم واقتصرت دراستنا حول جريمة التح‪5‬ريض ال‪55‬تي تق‪55‬وم‬
‫على رك‪55 5‬نين أساس‪55 5‬يين أال وهم‪55 5‬ا ال‪55 5‬ركن الم‪55 5‬ادي وال‪55 5‬ذي نقص‪55 5‬د ب‪55 5‬ه التعب‪55 5‬ير عن الفع‪55 5‬ل‬
‫التحريضي من طرف المحرض بهدف التأثير على ذهن شخص آخر الرتك‪55‬اب الجريم‪55‬ة‬
‫‪ ،‬أم‪55‬ا ال‪55‬ركن الث‪55‬اني ه‪55‬و ال‪55‬ركن المعن‪55‬وي وال‪55‬ذي نقص‪55‬د ب‪55‬ه وعي المح‪55‬رض بج‪55‬وهر الفع‪55‬ل‬
‫الذي يهدف من خالله إلى دفع شخص آخر على ارتكاب الجريمة‪ ،‬باالضافة إلى توجي‪55‬ه‬
‫إرادته على العمل التحريضي‪.‬‬

‫كم‪55‬ا تطرقن‪55‬ا أيض‪55‬ا إلى المس‪55‬ؤولية الجنائي‪55‬ة للمح‪55‬رض في التش‪55‬ريع الجزائ‪55‬ري‬


‫والتي تثبت بعد التأكد من وقوع الجريمة وتوافر جميع أركانه‪55‬ا‪ ،‬وكن‪55‬ا ق‪5‬د أش‪5‬رنا في‬

‫تهاني جبايلي‪( ،‬التحريض على الجريمة في قانون العقوبات) مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫تخصص قانون جنائي وعلوم جنائية‪ ،‬جامعة العربي بن مهيدي‪ ،‬أم البواقي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية ‪ ،‬قسم‬
‫الحقوق‪ ، 2020-2019 ،‬ص ‪50‬‬

‫‪65‬‬
‫األحكام العامة للتحريض على‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الجريمة‬

‫ه‪55‬ذا الس‪55‬ياق إلى أرب‪55‬ع ح‪55‬االت للتح‪55‬ريض على الجريم‪55‬ة تتمث‪55‬ل في ‪ :‬التح‪55‬ريض ع‪55‬بر‬
‫مواقع التواص‪5‬ل االجتم‪5‬اعي‪ ،‬التح‪5‬ريض على العن‪5‬ف و خط‪5‬اب الكراهي‪5‬ة ‪ ،‬تح‪5‬ريض‬
‫العس‪55‬كريين لالنض‪55‬مام إلى الع‪55‬دو والحال‪55‬ة األخ‪55‬يرة تتمث‪55‬ل في جريم‪55‬ة التح‪55‬ريض على‬
‫تعاطي المخدرات‪.‬‬

‫في األخير تناولنا العقوبات التي يقررها القانون على المحرض في التش‪55‬ريع‬
‫الجزائ ‪55‬ري وذل ‪55‬ك في حال ‪55‬ة ارتك ‪55‬اب الجريم ‪55‬ة وفي حال ‪55‬ة ع ‪55‬دم إفض ‪55‬اء الجريم ‪55‬ة إلى‬
‫نتيجة ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫خ ــاتمة‪:‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫في نهاي ‪55 5 5‬ة ه ‪55 5 5‬ذه الم ‪55 5 5‬ذكرة ال يس ‪55 5 5‬عنا إال أن نش ‪55 5 5‬كر اهلل على توفيقن ‪55 5 5‬ا إلتم ‪55 5 5‬ام ه ‪55 5 5‬ذا‬
‫الموض ‪55 5‬وع ‪ ،‬وق ‪55 5‬د توص ‪55 5‬لنا من خالل دراس ‪55 5‬تنا للتح ‪55 5‬ريض على الجريم ‪55 5‬ة في التش ‪55 5‬ريع‬
‫الجزائ‪55‬ري إلى أن المش‪55‬رع لم يعطي تعريف‪55‬ا للتح‪55‬ريض ب‪55‬ل ق‪55‬ام فق‪55‬ط بتع‪55‬داد الوس‪55‬ائل ال‪55‬تي‬
‫يتم به ‪55 5‬ا النش ‪55 5‬اط االج ‪55 5‬رامي ‪ ،‬وذل ‪55 5‬ك عل ‪55 5‬ىى س ‪55 5‬بيل الحص ‪55 5‬ر باالض ‪55 5‬افة إلى أن المش ‪55 5‬رع‬
‫الجزائ‪55‬ري اتب‪55‬ع االتج‪55‬اه الجن‪55‬ائي الح‪55‬ديث وذل‪55‬ك بوص‪55‬فه للمح‪55‬رض على أس‪55‬اس أن‪55‬ه فاع‪55‬ل‬
‫أص‪55‬لي ليس ش‪55‬ريكا وذل‪55‬ك طبق‪55‬ا للق‪55‬انون ‪ 04/82‬الم‪55‬ؤرخ في ‪ 13/12/1982‬من ق‪55‬انون‬
‫العقوب ‪55 5‬ات الجزائ ‪55 5‬ري‪ ،‬وبالت ‪55 5‬الي ولك ‪55 5‬ون المح ‪55 5‬رض يعت ‪55 5‬بر ف ‪55 5‬اعال أص ‪55 5‬ليا فه ‪55 5‬و يس ‪55 5‬تقل‬
‫بمس‪55‬ؤولياته وجزائ‪55‬ه عن الفاع‪55‬ل الم‪55‬ادي وه‪55‬ذا م‪55‬ا نالحظ‪55‬ه ب‪55‬الرجوع إلى الم‪55‬ادة ‪ 46‬من‬
‫قانون العقوبات التي نصت على أنه ‪ « :‬اذا لم ترتكب الجريمة الم‪55‬زعم ارتكابه‪55‬ا لمج‪55‬رد‬
‫امتن ‪55‬اع من ك ‪55‬ان ين ‪55‬وي ارتكابه ‪55‬ا بإرادت ‪55‬ه وح‪55‬دها ف‪55‬إن المح‪55‬رض عليه ‪55‬ا يع ‪55‬اقب رغم ذل ‪55‬ك‬
‫بالعقوبات المقررة لهذه الجريمة‪».‬‬
‫في األخير توصلنا إلى مجموعة من النتائج نلخصها فيما يلي‪:‬‬
‫من الج ‪55‬وانب الب ‪55‬ارزة في التش ‪55‬ريع الجزائ ‪55‬ري‪ ،‬تكمن أهمي ‪55‬ة الفص ‪55‬ل بين المح ‪55‬رض‬
‫والفاع‪55‬ل الم‪55‬ادي للجريم‪55‬ة باعتب‪55‬ار أن الق‪55‬انون الجزائ‪55‬ري ينظ‪55‬ر إلى المح‪55‬رض كشخص‪55‬ية‬
‫مس‪55‬تقلة تم‪55‬ام‪ ،‬له‪55‬ا أركانه‪55‬ا وش‪55‬روطها المخصص‪55‬ة وك‪55‬ذلك العقوب‪55‬ات المرتبط‪55‬ة به‪55‬ا‪ ،‬ه‪55‬ذه‬
‫االس‪55‬تقاللية تتض‪55‬ح بش‪55‬كل خ‪55‬اص في الم‪55‬ادة ‪ 46‬حيث يع‪55‬اقب المح‪55‬رض ح‪55‬تى في ح‪55‬ال لم‬
‫يرتكب الجريمة التي كانت موضع التحريض‪.‬‬
‫اش ‪55‬تراط أن يك ‪55‬ون التح ‪55‬ريض س ‪55‬ابقا الرتك ‪55‬اب الجريم ‪55‬ة وأن يك ‪55‬ون منتج ‪55‬ا ألث ‪55‬ره‪،‬‬
‫وه‪55‬ذا يع‪55‬ني أن الت‪55‬أثير المباش‪55‬ر للتح‪55‬ريض يجب أن يك‪55‬ون كافي‪55‬ا ل‪55‬دفع الش‪55‬خص المح‪55‬رض‬
‫إلى التخطيط للجريمة أو البدء في تنفيذ أفعال تحضيرية لها‪.‬‬
‫في س‪55‬ياق التش‪55‬ريع‪ ،‬يع‪55‬د التح‪55‬ريض مكتمال ح‪55‬تى ول‪55‬و لم ت‪55‬رتكب الجريم‪55‬ة في نهاي‪55‬ة‬
‫المطاف‪ ،‬طالما أن الفاعل المحرض قد قام بدوره في تشكيل ني‪5‬ة الجريم‪5‬ة ل‪5‬دى الش‪5‬خص‬
‫اآلخر‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫خ ــاتمة‪:‬‬

‫يختل‪55 5‬ف المح‪55 5‬رض عن الفاع‪55 5‬ل المعن‪55 5‬وي‪ ،‬فه‪55 5‬ذا االخ‪55 5‬ير يق‪55 5‬وم ب‪55 5‬دفع ش‪55 5‬خص غ‪55 5‬ير‬
‫مسؤول لتنفيذ الجريمة ‪ ،‬أما المحرض يدفع شخص مسؤوال وعاقال الرتكاب الجريمة‬
‫أما النتيجة األخيرة التي يمكن استخالصها من جريمة التح‪55‬ريض هي العقوب‪55‬ة ال‪55‬تي‬
‫توق‪5‬ع على المح‪5‬رض ‪ ،‬بحيث يع‪5‬اقب ه‪5‬ذا األخ‪5‬ير على الش‪5‬روع واله‪5‬دف من العقوب‪5‬ة هن‪5‬ا‬
‫هي الردع والغرض من فرضها الحفاظ على النظام العام وحماية أفراد المجتمع‪.‬‬
‫التوصيات يمكن استخالصها فيما يلي ‪:‬‬
‫يتعين على المش‪55 5‬رع الجزائ‪55 5‬ري أن يض‪55 5‬ع تعريف‪55 5‬ا مح‪55 5‬دد للتح‪55 5‬ريض ض‪55 5‬من ق‪55 5‬انون‬
‫العقوبات الجزائري وذلك بهدف توضيح الموقف القانوني بشكل كبير ‪.‬‬
‫يجب على المش ‪55‬رع الجزائ ‪55‬ري أن ينص ص ‪55‬راحة على أن ‪55‬ه في ح ‪55‬االت التح ‪55‬ريض‬
‫على ارتكاب الجريمة لم تسفر عن تحقيق نتيج‪55‬ة ال يتم معاقب‪55‬ة المح‪55‬رض إال إذا ت‪55‬بين أن‬
‫هناك استجابة من الغير تمثلت في االتفاق والتفاهم المتبادل بين المحرض والغير‪.‬‬
‫يتعين على المش ‪55‬رع الجزائ ‪55‬ري نظ ‪55‬را لخط ‪55‬ورة بعض الج ‪55‬رائم أن يس ‪55‬تحدث نص ‪55‬ا‬
‫قانونيا يحدد فيه عقوبة المحرض ‪.‬‬
‫كان يجب على المشرع الجزائري أن ينص على تشديد العقوبة المق‪5‬ررة للمح‪5‬رض‬
‫مقارن‪5‬ة بالفاع‪5‬ل الم‪5‬ادي ال‪5‬ذي ق‪5‬د يك‪5‬ون ض‪5‬حية ظ‪5‬روف أو ض‪5‬غوط تجعل‪5‬ه أق‪5‬ل ق‪5‬درة على‬
‫المقاومة واالمتناع على ارتكاب الجريمة‪ ،‬بينما يتمت‪55‬ع المح‪5‬رض ب‪55‬دور أك‪55‬ثر خط‪55‬ورة في‬
‫التخطيط وتحريض اآلخرين على تنفيذ الفعل اإلجرامي‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫قائمة المصادر‬
‫والمراجع‬
‫المصادر والمراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المصادر‬
‫‪‬القوانين واالوامر‪:‬‬
‫‪ -1‬األم‪55‬ر ‪ ،05-06‬الم‪55‬ؤرخ في ‪23‬غش‪55‬ت ‪ ،2005‬المتعل‪55‬ق بمكافح‪55‬ة الته‪55‬ريب‪ ،‬جري‪55‬دة‬
‫رسمية رقم‪ 59‬سنة ‪2005‬‬

‫‪ -2‬األم‪55‬ر ‪ ،156-66‬الم‪55‬ؤرخ في ‪ 17‬يوني‪55‬و ‪ 1975‬المتض‪55‬من ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات المع‪55‬دل‬


‫بالقانون رقم ‪ 47-75‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 53‬سنة ‪1975‬‬

‫‪ -3‬األم‪55 5‬ر ‪ 18-04‬الم‪55 5‬ؤرخ في ‪ 25‬ديس‪55 5‬مبر ‪ 2004‬المتعل‪55 5‬ق بالوقاي‪55 5‬ة من المخ‪55 5‬درات‬
‫والمؤثرات العقلية وقمع االستعمال واالتجار غير المشروعين‪ ،‬جري‪55‬دة رس‪55‬مية رقم‪، 83‬‬
‫‪2004‬‬

‫‪ -4‬األم ‪55‬ر رقم ‪ ، 05-20‬المتعل ‪55‬ق بالوقاي ‪55‬ة من التمي ‪55‬يز وخط ‪55‬اب الكراهي ‪55‬ة ومكافحته ‪55‬ا‪،‬‬
‫المؤرخ في ‪ 28‬أفريل ‪ ،2020‬جريدة رسمية عدد‪ 25‬الصادرة في ‪ 29‬أفريل ‪.2020‬‬

‫‪ -5‬قانون القضاء العسكري ‪2007،‬‬

‫‪ -6‬القانون ‪ 04-82‬المؤرخ في ‪ 13‬فبراير ‪ ،1982‬جريدة رسمية ‪. 7‬‬

‫‪ -7‬القانون ‪ 14‬سنة ‪ ،1971‬بإصدار قانون العقوبات القطري‪.‬‬

‫‪ -8‬قانون العقوبات السوري رقم ‪ ،148‬لعام ‪ ، 1949‬المعدل بالمرسوم التش‪5‬ريعي ‪، 1‬‬


‫لعام ‪.2011‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراجع‬
‫القرآن الكريم‬ ‫أ‪.‬‬
‫‪ -1‬سورة النساء (اآلية ‪)84‬‬

‫‪ -2‬سورة االنفال (اآلية ‪)65‬‬

‫‪ -3‬رواه البخاري ‪ ،‬باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطالقة‪ ،‬حديث رقم ‪،2528‬ج‪،3‬‬

‫‪ -4‬صحيح مسلم‪ ،‬باب اذا هم العبد بحسنة كتبت‪ ،...‬الحديث رقم ‪ ،207‬ج‪1‬‬
‫الكتب‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫‪ -1‬أحمد بوسقيعة ‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام دار هومة للطباع‪55‬ة والنش‪55‬ر ‪ ،‬الجزائ‪55‬ر‬
‫‪.2003‬‬

‫‪ -2‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الوسيط في قانون العقوبات القسم العام ‪ ،‬دار النهضة العربي‪55‬ة ‪،‬‬
‫ط ‪.1996 ، 6‬‬

‫باسم شهاب ‪ ،‬مبادئ القسم العام لقانون العقوبات‪ ،‬جامع‪55‬ة عب‪55‬د الحمي‪55‬د ابن ب‪55‬اديس ‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬وهران‪2007 ،‬‬

‫‪ -4‬عي ‪55 5‬د الغ ‪55 5‬ريب محم ‪55 5‬د ‪ ،‬ش ‪55 5‬رح ق ‪55 5‬انون العقوب ‪55 5‬ات ‪ ،‬القس ‪55 5‬م الع ‪55 5‬ام ‪ ،‬النظري ‪55 5‬ة العام ‪55 5‬ة‬
‫للجريمة ‪ ،‬دون طبعة ‪ ،‬دون دار النشر ‪ ،‬المنصورة ‪2000 - 1999 ،‬‬

‫‪ -5‬عبد اهلل سليمان‪ ،‬شرح ق‪5‬انون العقوب‪5‬ات‪ ،‬القس‪5‬م الع‪5‬ام ج‪ 1‬الجريم‪5‬ة‪ ،‬الطبع‪5‬ة ‪ 6‬دي‪5‬وان‬
‫المطبوعات الجامعية ‪،‬الجزائر ‪. 2005 ،‬‬

‫‪ -6‬عب‪55‬د الق‪55‬ادر ع‪55‬دو‪ ،‬مب‪55‬ادئ ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات الجزائ‪55‬ري القس‪55‬م الع‪55‬ام ‪ ،‬نظري‪55‬ة الجريم‪55‬ة‬
‫نظرية الجزاء الجنائي ‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار هومة للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪.2010‬‬

‫‪ -7‬عب‪55‬د الق‪55‬ادر ع‪55‬ودة‪ ،‬التش‪55‬ريع الجن‪55‬ائي االس‪55‬المي مقارن‪55‬ا بالق‪55‬انون الوض‪55‬عي‪ ،‬مؤسس‪55‬ة‬
‫الرسالة‪ ،‬طبعة ‪ ، 5‬بيروت ‪.1968 ،‬‬

‫‪ -8‬عب‪55 5‬د الفت‪55 5‬اح خض‪55 5‬ر‪ ،‬الجريم‪55 5‬ة وأحكامه‪55 5‬ا العام‪55 5‬ة في االتجاه‪55 5‬ات المعاص‪55 5‬رة والفق‪55 5‬ه‬
‫االسالمي‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬ادارة البحوث ‪ ،‬السعودية ‪.1985 ،‬‬

‫‪ -9‬عمر خوري ‪ ،‬شرح قانون العقوبات ‪ ،‬القس‪55‬م الع‪55‬ام ‪ ،‬دي‪55‬وان المطبوع‪55‬ات الجامعي‪55‬ة ‪،‬‬
‫الجزائر‪2010 ،‬‬

‫‪ -10‬محمد هاني فرحات‪ ،‬نظرية المحرض على الجريمة‪ ،‬مكتبة زين الحقوقية‬
‫واألدبية‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬لبنان‪2013 ،‬‬
‫‪ -11‬محمود القبالوي‪ ،‬المسؤولية الجنائية للمحرض على الجريمة‪ ،‬طبعة ‪ ، 1‬دار‬
‫الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪2012 ،‬‬
‫‪ -12‬محم‪55 5 5‬ود نجيب حس‪55 5 5‬ني‪ ،‬ش‪55 5 5‬رح ق‪55 5 5‬انون العقوب‪55 5 5‬ات القس‪55 5 5‬م الع‪55 5 5‬ام النظري‪55 5 5‬ة العام‪55 5 5‬ة‬
‫للجريمة ‪،‬النظرية العام‪5‬ة للعقوب‪5‬ة والت‪5‬دبير االح‪5‬ترازي‪ ،‬الطبع‪5‬ة ‪ ،6‬دار النهض‪5‬ة العربي‪5‬ة‪،‬‬
‫القاهرة ‪.1989‬‬

‫‪ -‬محمود نجيب حس‪5‬ني‪ ،‬المس‪5‬اهمة الجنائي‪5‬ة في التش‪5‬ريعات العربي‪5‬ة‪ ،‬طب‪5‬ع ‪ ، 2‬دار النهض‪5‬ة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة ‪.1998 ،‬‬

‫‪ -13‬نظ‪55‬ام توفي‪55‬ق المج‪55‬اني ‪ ،‬ش‪55‬رح ق‪55‬انون العقوب‪55‬ات‪ ،‬دار الثقاف‪55‬ة للنش‪55‬ر و التوزي‪55‬ع‪ ،‬س‪55‬نة‬
‫‪2020‬‬

‫‪ -14‬محمد جمال مظلوم‪ ،‬االتجار بالمخدرات‪ ،‬مرك‪55‬ز الدراس‪5‬ات والبح‪5‬وث‪ ،‬الري‪55‬اض ‪،‬‬
‫جامعة نايف العربية للعلوم االمنية‪ ،‬طبعة ‪ ،1‬الرياض‪.2012 ،‬‬

‫‪ -15‬محم‪55 5 5‬د ع‪55 5 5‬وض ‪ ،‬ق‪55 5 5‬انون العقوب‪55 5 5‬ات القس‪55 5 5‬م الع‪55 5 5‬ام‪ ،‬دار المطبوع‪55 5 5‬ات الجامعي‪55 5 5‬ة‪،‬‬
‫االسكندرية‪. 1998 ،‬‬

‫‪ -16‬ه‪55 5‬اني مص‪55 5‬طفى محم‪55 5‬د ‪ ،‬االرادة في بن‪55 5‬اء القص‪55 5‬د الجن‪55 5‬ائي في الق‪55 5‬انون الوض‪55 5‬عي‬
‫واالسالمي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.2011‬‬

‫‪ -17‬نس ‪55 5‬رين عب ‪55 5‬د الحمي ‪55 5‬د‪ ،‬المح ‪55 5‬رض الص ‪55 5‬وري دراس ‪55 5‬ة ح ‪55 5‬ول المس ‪55 5‬اهمة الجنائي ‪55 5‬ة‬
‫بالتحريض الصوري‪ ،‬دار الجامعة ‪ ،‬االسكندرية ‪.2008 ،‬‬

‫‪ -18‬سمير عالية وهيثم س‪5‬مير عالي‪55‬ة ‪ ،‬الوس‪5‬يط في ش‪5‬رح ق‪5‬انون العقوب‪55‬ات‪ ،‬القس‪5‬م الع‪55‬ام‪،‬‬
‫طبعة ‪ ، 1‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت ‪2010 ،‬‬

‫المجالت‪:‬‬ ‫ت‪.‬‬
‫‪ -1‬أب‪55‬و الفض‪55‬ل جم‪55‬ال ال‪55‬دين محم‪55‬د ابن مك‪55‬رم ‪ ،‬ابن المنظ‪55‬ور االغ‪55‬ريقي لس‪55‬ان الع‪55‬رب‪،‬‬
‫المجلة ‪ ، 7‬بيروت‪. 1990 ،‬‬
‫‪ -2‬أحمد باي ‪ ،‬شعيب قماز ‪ ،‬الدعاية السياسية وأثرها على مسار خ‪5‬روج بريطاني‪5‬ا من‬
‫االتحاد األوروبي ‪ ،‬مجلة الدراسات القانونية والسياسية مجلد ‪ 4‬عدد ‪.2017 ، 6‬‬

‫‪ -3‬أحم‪55‬د حم‪55‬اد عب‪55‬د اهلل عب‪55‬د ال‪55‬رحيم النمش عب‪55‬د الرحم‪55‬ان محم‪55‬د يوس‪55‬ف أب‪55‬و علي عب‪55‬د‬
‫المجي‪55 5‬د أحم‪55 5‬د ‪ ،‬جريم‪55 5‬ة التح‪55 5‬ريض االلك‪55 5‬تروني على تف‪55 5‬ويض النظ‪55 5‬ام الدس‪55 5‬توري ع‪55 5‬بر‬
‫وسائل التواص‪5‬ل االجتم‪5‬اعي‪ ،‬مجل‪5‬ة العل‪5‬وم االقتص‪5‬ادية واالداري‪5‬ة والقانوني‪5‬ة ‪ ،‬مجل‪5‬د ‪، 1‬‬
‫عدد ‪.2017 6‬‬

‫‪ -4‬غني‪55‬ة ص‪55‬والحية‪ ،‬أك‪55‬رم بوط‪55‬ورة اعتم‪55‬اد األس‪55‬اتذة الجزائ‪55‬ريين على مواق‪55‬ع التواص‪55‬ل‬
‫االجتماعي كمصدر للمعلومات دراسة ميدانية بقسم العلوم االنسانية لجامع‪55‬ة تبس‪55‬ة‪ ،‬مجل‪55‬ة‬
‫العلوم االنسانية لجامعة أم البواقي مج‪ ، 2‬عدد ‪.2020 ، 2‬‬

‫‪ -5‬عمير سعاد‪ ،‬آليات الوقاي‪5‬ة من التمي‪5‬يز و خط‪5‬اب الكراهي‪5‬ة و مكافحتهم‪5‬ا في الجزائ‪5‬ر‬


‫قراءة في أحكام القانون رقم ‪ 05-20‬مجلة الحقوق والعلوم السياسية‪.2022 ،‬‬

‫‪ -6‬مخت ‪55‬اري حي ‪55‬اة ‪ ،‬حس ‪55‬اين عومري ‪55‬ة ‪،‬جريم ‪55‬ة التح ‪55‬ريض على خط ‪55‬اب الكراهي ‪55‬ة ع ‪55‬بر‬
‫وس ‪55‬ائل التواص ‪55‬ل االجتم ‪55‬اعي مجل ‪55‬ة البح ‪55‬وث القانوني ‪55‬ة و االقتص ‪55‬ادية‪ ،‬المجل ‪55‬د ‪ ،6‬الع ‪55‬دد‪:‬‬
‫خاص ‪.2023‬‬

‫المذكرات واألطروحات‪:‬‬ ‫ث‪.‬‬


‫‪ -‬الماستر‪:‬‬

‫‪ -1‬ق ‪55 5 5‬ادري أم ‪55 5 5‬يرة ‪ ،‬ملكي س ‪55 5 5‬مية ‪ ،‬التح ‪55 5 5‬ريض على الجريم ‪55 5 5‬ة في ق ‪55 5 5‬انون العقوب ‪55 5 5‬ات‬
‫الجزائري ‪ ،‬جامعة محمد بوضياف ‪ ،‬المسيلة ‪ ،‬كلي‪5‬ة الحق‪5‬وق والعل‪5‬وم السياس‪5‬ية ‪-2019‬‬
‫‪.2020‬‬

‫‪ -2‬مفي‪55‬دة عزي‪55‬ري‪ ،‬التح‪55‬ريض في التش‪55‬ريع الجزائ‪55‬ري ‪ ،‬م‪55‬ذكرة مكمل‪55‬ة لمقتض‪55‬يات ني‪55‬ل‬


‫ش‪55 5‬هادة الماس‪55 5‬تر في الحق‪55 5‬وق‪ ،‬تخص‪55 5‬ص ق‪55 5‬انون جن‪55 5‬ائي‪ ،‬كلي‪55 5‬ة الحق‪55 5‬وق‪ ،‬جامع‪55 5‬ة محم‪55 5‬د‬
‫بوضياف‪ ،‬المسيلة ‪.2014‬‬

‫‪ -3‬مزي ‪55‬ان عف ‪55‬اف ‪ ،‬جريم ‪55‬ة التح ‪55‬ريض في الق ‪55‬انون المق ‪55‬ارن‪ ،‬تخص ‪55‬ص ق ‪55‬انون خ ‪55‬اص‬
‫وعلوم جنائية ‪ ،‬الجزائر‪.1976 ،‬‬
‫‪ -4‬ش ‪55‬افعي ليلى ‪ ،‬ج ‪55‬رائم الخيان ‪55‬ة والتجس ‪55‬س في التش ‪55‬ريع الجزائ ‪55‬ري‪ ،‬م ‪55‬ذكرة ماس ‪55‬تر ‪،‬‬
‫قانون جنائي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تبسة ‪.2020-2019 ،‬‬

‫‪ -5‬احم ‪55‬د بن العب ‪55‬اس عب ‪55‬د الفت ‪55‬اح الح ‪55‬ازمي ‪ ،‬اس ‪55‬تدراج المتهم الثب ‪55‬ات الج ‪55‬رم ‪ ،‬دراس ‪55‬ة‬
‫تأص ‪55 5‬يلية تطبيقي ‪55 5‬ة‪ ،‬رس ‪55 5‬الة ماجس ‪55 5‬تير‪ ،‬قس ‪55 5‬م العدال ‪55 5‬ة الجنائي ‪55 5‬ة ‪ ،‬جامع ‪55 5‬ة ن ‪55 5‬ايف للعل ‪55 5‬وم‬
‫األمني ‪،‬الرياض‪2010 ،‬‬

‫‪ -6‬محمد عبد القادر محمود أبو عجالن‪ ،‬جريمة التحريض في التشريع الفلسطيني‪،‬‬
‫دراسة مقارنة بالشريعة االسالمية اشراف حسام الدين محمود الدن وسالم عبد اهلل أبو‬
‫مخدة‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬قسم القانون العام‪ ،‬كلية الشريعة والقانون‪،‬‬
‫الجامعة االسالمية بغزة‪. 2017 ،‬‬

‫‪ -7‬مالك أحمد إبراهيم الجدبة‪ ،‬التحريض الصوري على الجريمة في التشريع‬


‫الجزائي الفلسطيني دراسة مقارنة بالشريعة االسالمية والقوانين الوضعية ‪ ،‬إشراف‬
‫د‪.‬حسام الدين محمود زكريا الدن و د‪ .‬ياسر إسعيد حسين فوجو ‪ ،‬رسالة ماجيستير في‬
‫قسم القانون العام‪ ،‬كلية الشريعة والقانون‪ ،‬الجامعة االسالمية ‪ ،‬غزة ‪. 2018 ،‬‬

‫‪ -8‬تهاني جبايلي‪ ،‬التحريض على الجريمة في قانون العقوبات مذكرة مكملة لنيل‬
‫شهادة الماستر في الحقوق ‪ ،‬تخصص قانون جنائي وعلوم جنائية‪ ،‬جامعة العربي بن‬
‫مهيدي‪ ،‬أم البواقي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية ‪ ،‬قسم الحقوق‪. 2020-2019 ،‬‬

‫‪ -9‬ملكي سمية‪ ،‬قادري أميرة‪ ،‬التحريض على الجريمة في قانون العقوبات الجزائري‪،‬‬
‫مذكرة لنيل شهادة الماستر أكاديمي‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪ ،‬المسيلة ‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية ‪ ،‬سنة ‪2020-2019‬‬

‫‪ -10‬فهد بن مبارك العفرج ‪ ،‬التحريض على الجريمة في الفقه االسالمي والنظام‬


‫السعودي ‪ ،‬دراسة تأصيلية تطبيقية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الماجيستير‪ ،‬قسم‬
‫العدالة الجنائية‪ ،‬تخصص السياسة الجنائية ‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة نايف للعلوم‬
‫األمنية‪.2006 ،‬‬
‫‪ -11‬عثمان غازي صالح‪ ،‬أنواع التسليم المراقب وصلته بالتحريض الصوري‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة تكريت‪.2018 ،‬‬

‫المقاالت ‪:‬‬ ‫ج‪.‬‬


‫‪ -1‬أحم‪55‬د رض‪55‬ا معجم متن اللغ‪55‬ة العربي‪55‬ة المجل‪55‬د ‪ 3‬منش‪55‬ورات دار مكتب‪55‬ة الحي‪55‬اة د‪،‬د‪،‬ن‬
‫لبنان ‪1985‬‬

‫‪ -2‬فري ‪55‬د ص ‪55‬حراوي‪ ،‬مكافح ‪55‬ة خط ‪55‬اب الكراهي ‪55‬ة في البيئ ‪55‬ة الرقمي ‪55‬ة دراس ‪55‬ة على ض ‪55‬وء‬
‫الق‪55 5 5‬انون ‪ ،05-20‬كلي‪55 5 5‬ة العل‪55 5 5‬وم االس‪55 5 5‬المية‪ ،‬دائ‪55 5 5‬رة البح‪55 5 5‬وث والدراس‪55 5 5‬ات القانوني‪55 5 5‬ة‬
‫والسياسية ‪ ،‬المجلد ‪ 6‬العدد ‪ 01/2022‬جامعة الجزائر ‪ ، 1‬الجزائر ‪. 2022 ،‬‬

‫المحاضرات‪:‬‬ ‫ح‪.‬‬
‫‪ -1‬فريد روابح ‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي العام‪ ،‬جامعة محمد لمين دباغيم ‪،‬‬
‫سطيف ‪ ،‬كلية الحقوق مطبوعات الدروس لطلبة السنة الثانية ليسانس ‪،‬‬
‫‪. 2018.2019‬‬
‫‪ -2‬نصيرة تواتي‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي العام‪ ،‬سنة ثانية حقوق ل‪.‬م‪.‬د‬
‫جامعة عبد الرحمان ميرة بجاية كلية الحقوق ‪2015-2014‬‬
‫المراجع باللغة األجنبية‪:‬‬ ‫خ‪.‬‬

‫‪Halard w.renout – droit pénal géneral – deug droit 1998/.p.194‬‬

‫مواقع الكترونية‬ ‫د‪.‬‬

‫ش ‪55 5‬بكة ق ‪55 5‬وانين الش ‪55 5‬رق‪ ،‬فرنس ‪55 5‬ا‪ ،‬ق ‪55 5‬انون العقوب ‪55 5‬ات لس ‪55 5‬نة ‪ .1992‬الموق ‪55 5‬ع االلك ‪55 5‬تروني‬
‫‪https://www.easttaws.com‬‬
‫فهرس‬
‫المحتويات‬
‫فهرس املحتويات‪:‬‬

‫فهرس المحتويات‬
‫‪..........................‬شــــــــــــكـــــــــــ ـر‬
‫وعــــــــــــــــــــرفــــــــــــــــــــان‪.........................‬‬
‫‪..............................‬اإلهــــــــــــــــداء‪.................................‬‬
‫‪.......................................................................‬‬
‫‪..............................‬مـــــــــقــــــــــِّدمـــــــــــــــة‪...........................‬‬
‫‪07-02‬‬
‫‪........................................................................‬‬
‫الـــــــفــــصل األول‪ :‬االطــــــــــار الـــمـــــــــــــفاهيمي للتـــــــــــــحــريـــض عـــــــــــلى‬
‫الــجـــــــــــــــريــمــة‬
‫‪09‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫تمهيد الفصل‬
‫*المــــــبــــــــــحــــث األول‪ :‬م ـ ـ ـ ـــفهوم الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــتحريض عـ ـ ـ ـ ـــلى ال ـ ـ ـ ـ ـ ـج ـ ــري ـ ـمـــة‬
‫‪10‬‬
‫وأن ـ ـ ــواعه‬
‫‪24-11‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف التحريض على الجريمة و أنواعه وكيفية اثباته‬
‫‪16-11‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف التحريض‬
‫‪19-16‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬أنواع التحريض وكيفية اثباته‬
‫‪24-19‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل التحريض على الجريمة و شروطه‬
‫‪21-20‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬وسائل التحريض‬
‫‪24-21‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬شروط التحريض‬
‫‪25‬‬ ‫*المـــــبـــــــــــــحث الثاني‪ :‬تـ ـم ـ ــييـ ــز الت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحريض عن باقي مرتكبي الجريمة‬
‫‪26-28‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تمييز المحرض عن المحرض الصوري و الفاعل األصلي‬
‫‪26-26‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تمييز المحرض عن المحرض الصوري‬
‫‪26-28‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تمييز المحرض عن الفاعل األصلي‬
‫‪29-33‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تمييز المحرض عن الفاعل المعنوي و الشريك‬
‫‪30-31‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تمييز المحرض عن الفاعل المعنوي‬
‫فهرس املحتويات‪:‬‬

‫‪31-33‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تمييز المحرض عن الشريك‬


‫‪34‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ خــــــــــــــــــــالصـــــة الــــــــــــــــفــــصـــــــــــل ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الفصل الثاني‪ :‬األحكام العامة للتحريض على الجريمة‬
‫‪36‬‬ ‫تمهيد الفصل‬
‫‪37‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أركان التحريض على الجريمة‬
‫‪38-40‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الركن المادي‬
‫‪38-39‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬الفعل االجرامي للمحرض‬
‫‪39-39‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬النتيجة االجرامية‬
‫‪40-40‬‬ ‫الفرع الثالث ‪ :‬العالقة السببية بين الفعل والنتيجة‬
‫‪40-43‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الركن المعنوي‬
‫‪40-42‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬القصد الجنائي‬
‫‪42-43‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬المحرض الصوري‬
‫‪44‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المسؤولية الجزائية للمحرض في التشريع الجزائري‬
‫‪45-51‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬األساس القانوني للتحريض على الجريمة‬
‫‪45-46‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬المركز القانوني للمحرض‬
‫‪46-51‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬حاالت التحريض‬
‫‪51-63‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬العقوبات المقررة للمحرض‬
‫‪52-57‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬عقوبة المحرض في حالة ارتكاب الجريمة‬
‫‪57-63‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬عقوبة المحرض في حالة عدم افضاء التحريض إلى نتيجة‬
‫‪64‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــ خــــــــــــــــــــالصـــــة الــــــــــــــــفــــصـــــــــــل ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪65-66‬‬ ‫خاتمة‬
‫‪68-73‬‬ ‫قائمة المراجع‬
‫‪75-76‬‬ ‫الفهرس‬

You might also like