الفقرة الأولى ظروف التشديد في جريمة السرقة

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 5

‫‪ ‬الفقرة األولى الظروف المشددة في جريمة السرقة‬

‫األصل أن السرقة المرتكبة في الظروف العادية تكيف على أنها جنحة معاقب عليها بالحبس‬
‫من سنة إلى ‪ 5‬سنوات حسب ما نص عليه الفصل ‪ ،505‬لكن وصف هذه الجريمة يتغير‬
‫من جنحة إلى جناية إذا ما اقترنت بظرف من ظروف التشديد المنصوص عليها في القانون‬
‫الجنائي‬
‫أوال‪ :‬زمان ارتكاب السرقة‬
‫إن ظروف التشديد المرتبطة بزمان ارتكاب السرقة تنحصر في وقوع السرقة ليال و إما‬
‫وقوعها في أوقات الكوارث ‪:‬‬
‫‪_1‬وقوع السرقة ليال‬
‫شدد المشرع العقاب على السرقة المرتكبة ليال‪ ¹‬و جعلها من جنحة إلى جناية حيث عاقب‬
‫عليها من خمس إلى عشر سنوات بسبب ما تحدثه هذه الجريمة في هذا الوقت بالذات من‬
‫ازعاج و ضرب الطمأنينة التي ينبغي أن تسود في األنفس ‪ ،‬ناهيك عن كون السرقة ليال‬
‫تسهل أكثر مما لو ارتكبت نهارا ‪ ،‬بسبب ما تقدمه من فرص النجاة للجاني الذي يتمكن من‬
‫اإلختفاء في جنح الظالم ‪ ،‬و هكذا فالعديد من األجراء دائما ما يختارون هذا الوقت ليسهل‬
‫عليهم تنفيذ السرقة دون صعوبات‪².‬‬
‫‪_2‬وقوع السرقة وقت الكوارث‬
‫العلة من التشديد في هذه الصورة من الظروف واضحة ‪ ،‬و تبرز من خالل األمثلة‬ ‫‪.1‬‬
‫التي مثل بها المشرع للكوارت في الفقرة ما قبل األخير من الفصل ‪ 510‬من القانون‬
‫الجنائي ‪ ،‬حيث قرر تشديد العقوبة إذا وقعت أوقات الحريق أو اإلنفجار أو اإلنهدام‬
‫أو الفيضان ‪ ، ...‬حيث يسود الناس اإلضطراب و الخوف على حياتهم فيبحثون عن‬
‫سبيل إنقاذ حياتهم و حياة أبنائهم ‪ ،‬قبل التفكير في المال أو وسائل حمايته من‬
‫اللصوص ‪ ،‬و من ثم كانت خطورة الجاني في هذه الظروف واضحة‪ ،‬بسبب تحجر‬
‫عواطفه و شعوره وافتقاده للرحمة كاألجير الذي يستغل فرار المشغل و األجراء من‬
‫داخل المقاولة التي اندلع بها حريق إلختالس أمواله التي لم يستطع حمايتها ‪ ،‬هاربا‬
‫في سبيل النجاة بنفسه‪ ،‬أو أي كارثة تحل بالمقاولة ‪ ،‬وفي هذا الصدد نجد أن هناك‬
‫من يعتبر وباء كرونا من الظروف المشددة في جريمة السرقة و هنا نستحضر‬

‫‪- ¹‬لم يعرف المشرع المغربي إذ لم يحدد له فترة زمنية و لغياب تحديد تشريعي لمدلول الليل فإن الفقه يرى أنه ينبغي أن‬
‫يكون موافقا لما اصطلح عليه بالليل الطبيعي أو الفلكي و الذي يتحد بالفترة الزمنية الواقعة بين غروب الشمس و شروقها‪.‬‬
‫‪-²‬عبد الواحد العلمي مرجع سابق ص ‪361‬‬

‫حكما إلبتدائية القنيطرة صادر بتاريخ ‪ 2020-04-09‬عدد ‪ ، 495/2103/20‬قاضي‬


‫باعتبار وباء كورونا ظرفا مشددا في جريمة السرقة‬
‫حيث اتجهت المحكمة الى اعتبار هذا الوباء" كوفيد‪ "19‬كارثة ‪،‬و ان السرقة المرتكبة‬
‫في هذه الفترة تعتبر جناية و ليس جنحة تفسيرا و تأويال من الحكم لمقتضيات الفصل‬
‫‪ 510‬من القانون الجنائي‪ ،‬الذي يعتبر وقوع السرقة وقت الكارثة من أسباب التشديد‬
‫التي تؤثر على وصف السرقة و تحولها من سرقة عادية الى سرقة موصوفة ‪ .‬و بالتالي‬
‫انتقال وصف السرقة و تحولها من سرقة عادية الى سرقة موصوفة‪ ،‬و بالتالي انتقال‬
‫الفعل الجرمي من جنحة إلى جناية ‪.‬‬
‫و بالرجوع الى النص الفرنسي الذي جاء في فقرته ما قبل االخيرة مايلي‬
‫" ‪Si le vol a été commis au cours d'un incendie ou après une exposion,‬‬
‫‪in effondrement, une inondation, un naufrage, une révolte, une‬‬
‫‪;émeute ou tout autre trouble‬‬
‫نجد المشرع استعمل لفظ"‪ "tout autre trouble‬من أجل التعداد و الذي يعني " أي‬
‫اضطراب اخر" ما يعني الحاالت االخرى لتغيير وصف السرقة في هذه الفقرة للداللة على‬
‫معنى يفيد االضطراب و البلبلة و القالقل و عدم االستقرار‪ ...‬دون أن تحمل معنى الكارثة‬
‫بمضمونها اللغوي من حيث القوة و الخطورة و النتائج المترتبة عنه ‪.‬‬
‫بالعودة إلى مقتضيات الفصل ‪ 509‬من القانون الجنائي الذي ينص على أنه"يعاقب بالسجن‬
‫من ‪ 10‬إلى ‪ 20‬سنة على السرقات التي تقترن بظرفين على األقل من الظروف األتية ‪:‬‬
‫‪-‬استعمال العنف أو التهديد به أو التزيي بغير حق بزي نظامي أو انتحال وظيفة من وظائف‬
‫السلطة‬
‫‪-‬ارتكابها ليال‬
‫‪-‬ارتكابها بواسطة شخصين او أكثر‬
‫استعمال التسلق او الكسر من الخارج أو الداخل أو نفق تحت األرض أو مفاتيح مزورة أو‬
‫كسر األختام للسرقة من دار أو شقة أو غرفة أو منزل مسكون أو معد للسكن أو أحد‬
‫ملحقاته ‪ ،‬إذا استعمل السارقون ناقلة ذات محرك لتسهيل السرقة أو الهروب "‬
‫فإن وسائل ارتكاب السرقة عددها المشرع فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ارتكاب العنف أو التهديد به ‪.‬‬
‫العنف هو وسيلة قسرية يستعملها الجاني األجير في هذه الحالة ضد كل من يتعرض له‬
‫سواء كان مشغال أو زميله في الشغل أثناء ارتكاب جريمته كي يغل يده عن المقاومة و‬
‫يتمكن من إتمام جريمته و ال يشترط في العنف أن يبلغ درجة إصابة المجني عليه بجروح‬
‫أو ترك أوقعه أرضا ليتمكن بذلك من اإلستيالء على أمواله‪³.‬‬
‫وعموما فإنه يجب األخذ بعين اإلعتبار أن العنف الذي تشدد به عقوبة السرقة‪ ،‬يجب أن‬
‫يكون على عالقة واضحة بإنجاز السرقة ‪ ⁴،‬وذلك بإستعمال الجاني للعنف منذ شروعه في‬
‫السرقة إلى حين إتمامها و إخراج المال من حوزة المجني عليه و إدخال حوزته‪.‬‬
‫وعموما فاألجير الذي اختلس مال مشغله‪ ،‬عن طريق استعماله للتسلق‪ ، ⁵‬كأن يدخل إلى‬
‫المكان الذي يريد سرقته من غير األبواب و األماكن الطبيعية المستخدمة في دخولها ‪،‬‬
‫باستعمال سالليم أو الصعود على جدار منزل مشغله و من ثم المرور إلى غرفته و سرقة‬
‫خزانتها ‪ ،‬تشدد عليه عقوبة السرقة ‪،‬و نفس الحكم ينطبق عليه إذا ماقام بكسر او تحطيم قفل‬
‫الباب او الباب ذاته ‪ ،‬و يشار إلى أن الكسر في هذه الحالة قد يكون خارجيا ‪ ،‬مثل الكسور‬
‫التي يتم إحداثها في النوافذ أو األبواب الخارجية‪ ،‬كما قد يكون داخليا ‪ ،‬سيما إذا عمد األجير‬
‫بعد تمكنه من الدخول إلى غرفة المشغل او مكتبه إلى كسر خزانته السرية الموجودة فيها‬
‫النقوذ أو الجواهر‪ ،...‬كما أنه من جهة تانية قد يستعين األجير بمفاتيح مزورة ‪ ،‬سرقها من‬
‫المشغل محتفظا بها بدون وجه حق ‪ ،‬ليستعملها بكل بساطة في فتح خزانة المشغل السرية ‪.‬‬
‫تالثا‪ :‬استعمال السالح‪.‬‬
‫اعتبر المشرع المغربي في الفصل‪ 507‬من القانون الجنائي أن حمل السالح‪ ⁶‬من أخطر‬
‫الظروف المشددة ‪ ،‬لذلك رفع عقوبة السرقة المرفوقة بهذا الظرف من الحبس إلى السجن‬

‫‪ -³‬إحالة أبو المعاطي حافظ أبو الفتح ‪ ،‬شرح القانون الجنائي المغربي القسم ص ‪)208. 207‬‬
‫‪ -⁴‬إحالة عبد الواحد العلمي ‪ ،‬شرح القانون الجنائي المغربي القسم الخاص مرجع سابق ص ‪370‬‬
‫‪ ⁵-‬يعد تسلقا الدخول إلى منزل أو مبنى أو ساحة أو حظيرة أو أية بناية أو حديقة أو بستان أو مكان مسور‪ ،‬وذلك بطريق‬
‫تسور الحوائط أو األبواب أو السقوف أو الحواجز األخرى‬
‫‪⁶-‬عرفه المشرع في الفصل ‪ 303‬من القانون الجنائي " يعد سالحا في تطبيق هذا القانون‪ ،‬جميع األسلحة النارية‬
‫والمتفجرات وجميع األجهزة واألدوات أو األشياء الواخزة أو الراضة أو القاطعة أو الخانقة"‬

‫المؤبد ‪ ،‬و هو تشدد يجد مبرره في كون حمل السالح أتناء السرقة يؤدي إلى زرع الخوف‬
‫في قلب الضحية ‪ ،‬فال يبقى لها أية فرصة للمقاومة أو الدفاع الشرعي عن مالها‪ ،‬كالمشغل‬
‫الذي لم يدافع على أمواله التي استولى عليها األجير ‪ ،‬مخافة من ردة فعل خطيرة من هذا‬
‫األخير الحامل للسالح ‪ ،‬هذا و تجدر اإلشارة إلى أن واقعة حمل السالح تعدد سببا كافيا‬
‫لتشديد العقاب على صاحبه‪ ،‬بغض النظر عن صالحية استعماله أم ال ‪ ،‬ألن تخويف‬
‫األفراد و زرع الرعب في قلوبهم وارد بمجرد رأيتهم للسالح ‪،‬و الذي يقصد به المشرع‬
‫المغربي في الفصل ‪ 303‬من القانون الجنائي ‪ ،‬جميع أنواع األسلحة النارية و المتفجرات و‬
‫األجهزة و األدوات و األشياء الواخزة أو الخانقة أو الراضة أو القاطعة‬
‫رابعا‪ :‬ظروف التشديد العائدة لصفة الجاني‪.‬‬
‫تعرض المشرع المغربي للظروف المشددة العائدة لصفة شخصية الجاني في الفقرتين‬
‫األخيرتين من الفصل ‪ 509‬من القانون الجنائي‪ ، ⁷‬حينما اعتبر أن هاته الصفة تنحصر في‬
‫السرق عندما يكون إما‪:‬‬
‫أ‪ -‬خادما في المنزل أو مستخدما بأجر و لو وقعت السرقة على غير مخدومه ممن وجدوا‬
‫في منزل المخدوم أو في مكان آخر ذهب إليه صحبة مستخدمه ‪ ،‬كالعاملة المنزلية التي تقوم‬
‫بسرقة ‪ ،‬مجوهرات مشغلتها أو سرقة نقوذ أحد أقارب المشغلة ‪ ،‬أو إذا قامت بسرقة بعض‬
‫األموال العائدة إلى المشغلة ‪ ،‬في بيت الصديقة ‪ ،‬و جذير بالذكر إلى أن صفة الخادم أو‬
‫المستخدم التي تشدد بها العقوبة تقتضي قيام عالقة تبعية بين الخادم و المخدوم ‪ ،‬أما إن‬
‫كانت هذه العالقة منتفية فال محل للتشديد‪.‬‬
‫ب‪ -‬عامال أو متعلما لمهنة ما و ارتكب السرقة في مسكن مستخدمه أو معلمه‪ ،‬ونمثل هذه‬
‫الحالة بتلك السرقة التي يرتكبها أجير متعلم في مقر عمل او محل المقاولة التابعة للمشغل ‪،‬‬
‫والبد أن نشير في خضم هذه الفقرة إلى مسألة غاية في األهمية و هي أن الفصل ‪ 509‬في‬
‫فقرته األخيرة لم يشترط أن يكون المتعلم يتلقى أجرة من عند الذي يعلمه ‪ ،‬لتشديد عقوبة‬
‫السرقة عليه ‪ ،‬بل حتى و إن كان يشتغل مجانا وسرق تشدد عليه العقوبة ‪ ،‬ألن المشرع‬
‫المغربي في هذه الحالة أراد حماية رب العمل من السرقات التي قد تقع عليه من متعلميه ‪،‬‬

‫‪- ⁷‬ذا كان السارق خادما أو مستخدما بأجر‪ ،‬ولو وقعت السرقة على غير مخدومه ممن وجدوا في منزل المخدوم أو في‬
‫مكان آخر ذهب إليه صحبة مخدومه‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان السارق عامال أو متعلما لمهنة‪ ،‬وارتكب السرقة في مسكن مستخدمه أو معلمه أو محل عمله أو محل تجارته‪،‬‬
‫وكذلك إذا كان السارق ممن يعملون بصفة معتادة في المنزل الذي ارتكب فيه السرقة‪ -⁶‬إذا كان السارق خادما أو‬
‫مستخدما بأجر‪ ،‬ولو وقعت السرقة على غير مخدومه ممن وجدوا في منزل المخدوم أو في مكان آخر ذهب إليه صحبة‬
‫مخدومه‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان السارق عامال أو متعلما لمهنة‪ ،‬وارتكب السرقة في مسكن مستخدمه أو معلمه أو محل عمله أو محل تجارته‪،‬‬
‫وكذلك إذا كان السارق ممن يعملون بصفة معتادة في المنزل الذي ارتكب فيه السرقة‬

‫السيما ان هذه الفئة تعرف كل كبيرة و صغيرة عن األماكن التي من الممكن أن يخزن فيها‬
‫معلم الصنعة األموال ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الفئات التي تعمل بصفة معتادة في المنزل الذي ارتكبت فيه السرقة وهذه الفئة تتميز‬
‫عن فئات المستخدمة أو العاملة في المنزل ‪ ،‬في كون هاته األخيرة تعد خادما لدى المستخدم‬
‫في بيته كما أنها تخضع لرقابة مشغليهم ‪ ،‬أما التانية فال تعدو ان تكون مستخدما مؤقتا‬
‫يستعان بها إلعانة الخادم األصلي في أوقات استثنائية ‪.‬‬
‫و تجب اإلشارة في هذا الصدد إلى أن ظروف التشديد العائدة لصفة في الجاني ال تشدد‬
‫عقوبة السرقة عليها بمجرد توافرها في العامل ‪ ،‬و إنما يلزم أن تجتمع مع إحدى الظروف‬
‫األربعة األولى الواردة في الفصل ‪ 509‬من القانون الجنائي‪⁸‬‬

‫‪⁸-‬الدكتورة إلهام العلمي مرجع سابق الصفحة ‪380‬‬

You might also like