Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 168

‫المركز الجامعي قلعة السراغنة‬

‫شعبة الدراسات القانونية‬


‫الفصل الخامس‬

‫محاضرات مادة القانون الدولي االقتصادي‬


‫الموسم الجامعي ‪2021- 2020‬‬

‫إعداد األستاذ‪ :‬لحسن الحسناوي‬


‫تــقـــديـــم‬
‫• إن الحديث عن النظام االقتصادي الدولي المعاصر يتوقف على فهمن ا‬
‫للتطورات االقتصادية والمؤسساتية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية‪.‬‬
‫فعلى رغم أن التاريخ مستمر ال انقطاع فيه‪ ،‬كانت الحرب العالمية الثانية‬
‫فاصال رئيسيا بين مرحلة زائلة وبداية مرحلة جديدة لم تلبث هي األخرى‬
‫أن تعرضت لتغيرات عميقة في إثر انتهاء الحرب الباردة‪.‬‬

‫• يمكن القول بنوع من التعميم‪ ،‬وربما التبسيط‪ ،‬أن العالم عرف درجة‬
‫كبيرة من االستقرار والوضوح في عالقاته االقتصادية خالل القرن التاسع‬
‫عشر منذ سقوط نابليون وإبرام معاهدة فيينا (‪ )1815‬من ناحية‪ ،‬وحتى‬
‫قيام الحرب العالمية األولى (‪.)1914‬‬
‫تــقـــديـــم‬
‫هذه المرحلة تميزت‪:‬‬
‫‪ -1‬سيطرت اإلمبراطوريات االستعمارية على معظم أرجاء المعمور خارج‬
‫أوروبا؛‬
‫‪ -2‬االعتراف باألخذ بنظام حرية التجارة على أوضاع االقتصاد العالمي؛‬
‫‪ -3‬أخذ العالم بشكل عام في عالقاته التجارية بقاعدة الذهب وثبات أسعار‬
‫الصرف‪ ،‬مع قيام اإلسترليني بالدور الرئيسي في المعامالت التجارية‪،‬‬
‫والتي كانت لندن مركزا لها؛‬
‫وجاءت الحرب العالمية األولى‪ ،‬العام ‪ ، 1914‬تقويضا وهدما لهذه‬
‫األوضاع‪ - ،‬فبمجرد قيام الحرب اضطرت الدول المتحاربة إلى التخلي‬
‫عن قاعدة الذهب مع اإلسراف في إصدار النقود الورقية لمواجهة‬
‫احتياجات الحرب؛‬
‫تــقـــديـــم‬
‫• فرض القيود على التجارة الدولية التي توقفت تماما فيما بين المتحاربين؛‬

‫• وبعد انتهاء الحرب –بل قبل انتهائها‪ -‬ظهرت بوادر االنقالب على المفاهيم‬
‫السائدة قبال‪ ،‬فقامت الثورة البلشفية وخرجت روسيا من الحرب ضد ألمانيا‬
‫موقعة معها معاهدة برست –ليتفسك )‪ (Treaty of Brest-Litovsk‬العام‬
‫‪1918‬؛‬

‫• ثم لم تلبث الدول الغربية أن تدخلت في حرب غير معلنة ضد روسيا‬


‫االشتراكية الجديدة (‪.)1919‬‬

‫• وبعد استسالم ألمانيا تم إبرام اتفاقية فرساي (‪ ،)1919‬ووقعت هذه الدول‬


‫المنهزمة فريسة الضطرابات اقتصادية وسياسية متعددة‪.‬‬
‫تــقـــديـــم‬
‫• إذ فرضت عليها في إطار معاهدة فرساي (‪ )1919‬تعويضات‬
‫مالية قاسية كان الدافع إليها رغبة فرنسا في الثأر من ألمانيا‪.‬‬
‫• أما على الناحية األخرى‪ ،‬فقد حاولت بريطانيا المنتصرة في‬
‫الحرب إعادة عقارب الساعة والعودة إلى النظام االقتصادي لما‬
‫قبل الحرب العالمية األولى‪ ،‬واختار تشرشل وزير المالية حينذاك‬
‫العودة إلى قاعدة الذهب في العام ‪ ، 1925‬على أساس العودة‬
‫إلى سعر اإلسترليني بالنسبة للذهب وفقا للسعر السائد في فترة‬
‫ما قبل الحرب‪ ،‬ودون مراعاة لما أصاب االقتصاد البريطاني من‬
‫اختالالت بسبب الحرب‪.‬‬
‫تــقـــديـــم‬
‫• غير أن بريطانيا بعد هذا اإلجراء عرفت كسادا كبيرا اضطرت‬
‫معه للتخلي عن قاعدة الذهب في (‪ ،)1930‬في وقت شهد فيه‬
‫االقتصاد العالمي أكبر أزمة اقتصادية‪ ،‬انهارت فيها البورصات‪،‬‬
‫وتضخمت أعداد العاطلين في بريطانيا‪ ،‬والواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬وفي ألمانيا‪ ،‬فيما عُرف بالكساد العظيم‪.‬‬

‫• في هذا السياق توجهت الدول لألخذ بسياسات الحماية‬


‫الجمركية‪ ،‬وحروب تخفيض العمالت بقصد كسب األسواق‪،‬‬
‫وااللتجاء إلى اتفاقات المقاصة واتفاقات الدفع والتجارة الثنائية‪.‬‬
‫تــقـــديـــم‬
‫• وفي الوقت نفسه الذي بدأت تتخبط فيه االقتصادات الرأسمالية‬
‫الغربية‪ ،‬ظهر على الجانب اآلخر االتحاد السوفياتي في محاولة‬
‫لألخذ بنظام اقتصادي مناقض‪ ،‬وهو النظام الشيوعي‪.‬‬
‫• وهكذا‪ ،‬تكاثفت التناقضات الناجمة عن الحرب العالمية األولى‬
‫سواء على المستوى االقتصادي أو السياسي‪:‬‬
‫❑على المستوى االقتصادي‪:‬‬
‫انهيار نظام النقد القائم على الذهب؛‬ ‫▪‬
‫ظهور األزمة االقتصادية العالمية وفشل الدول الغربية في السيطرة عليها؛‬ ‫▪‬
‫قيام نظام اقتصادي معارض في روسيا؛‬ ‫▪‬
‫تراجع حرية التجارة الدولية بالتوجه نحو الحمائية التجارية؛‬ ‫▪‬
‫غلبت الرقابة والقيود على انتقاالت السلع واألموال‪.‬‬ ‫▪‬
‫تــقـــديـــم‬
‫❑على المستوى السياسي‪:‬‬
‫• ظهور نظام نازي بألمانيا معادي ومجروح في كرامته وبالتالي‬
‫راغب في الثأر؛‬
‫• انحصار الديمقراطيات‪ ،‬غلبت المد الفاشي والدكتاتوري؛‬
‫• فشل عصبة األمم في حل األزمات التي عرفها النظام الدولي‬
‫خالل هذه المرحلة‪.‬‬
‫النتيجة‪ :‬كان البد من وقوع األزمة‪ ،‬فكان أن قامت الحرب العالمية‬
‫الثانية كنتيجة منطقية لفترة من القلق واالضطراب عمت بعد‬
‫سقوط النظام العالمي السائد قبل الحرب العالمية األولى‪ ،‬وبدأ‬
‫العالم يتطلع إلى نظام جديد‪.‬‬
‫تــقـــديـــم‬
‫• قبل نهاية الحرب العالمية الثانية بدأ الحلفاء التفكير في وضع أسس لنظام‬
‫دولي جديد‪ ،‬يتفق مع تصوراتهم لعالم ما بعد الحرب‪ ،‬بعد استخالص دروس‬
‫الماضي‪ ،‬وخاصة ما ترتب على نهاية الحرب األولى من اضطرابات وعدم‬
‫استقرار أديا إلى قيام حرب جديدة‪.‬‬
‫• وقد تضمن اإلعداد لهذا النظام الدولي الجديد العمل على الجانبين السياسي‬
‫واالقتصادي‪:‬‬
‫❖على المستوى السياسي‪:‬‬
‫فيما يتعلق بقضايا السلم واألمن‪ ،‬فقد تبلور في ميثاق األمم المتحدة وإنشاء‬
‫منظمة عالمية جديدة تحل محل عصبة األمم‪ ،‬وهي منظمة األمم المتحدة سنة‬
‫‪.1945‬‬
‫ولقد ركز ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬باإلضافة إلى اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬
‫الصادر في ‪ ،1948‬على عدد من المبادئ والمقاصد الرئيسية‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫تــقـــديـــم‬
‫➢ استبعاد الحرب كوسيلة لتسوية النزاعات؛‬
‫➢ االعتراف بسيادة الدولة واستقاللها؛‬
‫➢ االعتراف بحق تقرير المصير؛‬
‫➢ ضرورة احترام حقوق اإلنسان وعدم التمييز بين األفراد؛‬
‫➢ تحقيق التعاون االقتصادي بين الدول‪.‬‬

‫ويقوم هذا النظام الدولي الجديد في الجانب السياسي على التوفيق بين‬
‫اعتبارين يجمعان بين المثالية والواقعية‪ ،‬فقد أخذ هذا النظام‪ ،‬من الناحية‬
‫النظرية‪ ،‬بمبدأ المساواة بين الدول‪ ،‬ولكن أكد في الوقت نفسه على‬
‫االعتراف‪ ،‬من الناحية العملية‪ ،‬بالوضع الخاص والمتميز للدول الكبرى‬
‫والمنتصرة‪ ،‬كيف ذلك؟‬
‫تــقـــديـــم‬
‫❑ أوال‪ :‬فجميع الدول األعضاء في األمم المتحدة تتمتع بالمساواة في الحقوق‪،‬‬
‫ولكل منها صوت واحد بصرف النظر عن حجمها أو ثروتها‪ ،‬وهي جميعها‬
‫أعضاء في الجمعية العامة لألمم المتحدة دون تمييز‪.‬‬

‫❑ ثانيا‪ :‬ومع ذلك فإن مجلس األمن‪ ،‬وهو الجهاز التنفيذي في أمور السلم‬
‫واألمن‪ ،‬تكون من نوعين من األعضاء‪ ،‬أعضاء دائمين يتمتعون بحق النقض‬
‫أو االعتراض‪« ،‬الفيتو»‪ ،‬وأعضاء غير دائمين ينتخبون لفترة سنتين من‬
‫بين أعضاء الجمعية العامة‪.‬‬

‫❑ ثالثا‪ :‬وعلى حين تصدر الجمعية العامة توصيات غير ملزمة‪ ،‬فإن مجلس‬
‫األمن‪ ،‬وحده‪ ،‬يتمتع بحق إصدار قرارات ملزمة للمجتمع الدولي‪ .‬ومراعاة‬
‫لألوضاع الواقعية واختالف موازين القوى العسكرية واالقتصادية‪ ،‬فقد‬
‫اعترف الميثاق بالوضع الخاص لألعضاء الدائمين لمجلس األمن‪ ،‬بحيث ال‬
‫يفرض عليهم أي قرار يعترضون عليه‪.‬‬

‫والدول الدائمة العضوية في مجلس األمن والتي تمتلك حق النقض هي‪:‬‬


‫(الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬االتحاد السوفياتي‪ ،‬المملكة المتحدة‪ ،‬فرنسا‪،‬‬
‫تــقـــديـــم‬
‫❖على المستوى االقتصادي‪:‬‬
‫لقد وضعت أسس النظام الدولي االقتصادي في مؤتمر بريتون وودز‬
‫المنعقد في يوليوز ‪ ، 1944‬حيث تمخض األمر عن إنشاء مؤسستين‪،‬‬
‫هما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي‪ ،‬وهما يتعامالن مع قضايا‬
‫التمويل والنقد على المستوى العالمي‪.‬‬
‫وأما قضايا التجارة‪ ،‬والتي تعرض لها ميثاق هافانا في ‪ ، 1947‬فإنها لم‬
‫تتبلور في شكل نتائج عملية حتى نهاية الحرب الباردة حين أنشئت‬
‫منظمة التجارة العالمية بعد انتهاء جولة أورجواي في ‪.1994‬‬
‫وإزاء الفشل في الوصول إلى نظام تجاري عالمي عند نهاية الحرب‬
‫العالمية الثانية‪ ،‬فقد تجمعت الدول الصناعية المتقدمة‪ ،‬بشكل أساسي‪ ،‬في‬
‫ترتيبات خاصة عرفت باسم «االتفاقية العامة للتعريفات والتجارة» الجات‬
‫)‪ (GATT‬منذ ‪.1947‬‬
‫تــقـــديـــم‬
‫• فيما لجأت الدول النامية إلى الدعوة لتشكيل ترتيب مقابل هو‬
‫مؤتمر «األمم المتحدة للتجارة والتنمية» المعروف باسم‬
‫(األونكتاد) )‪ ،1964 (UNCTAD‬األول نادي لألغنياء والثاني‬
‫تجمع للفقراء‪.‬‬

‫وإذا كانت نواة النظام االقتصادي الدولي الجديد قد وضعت قبل‬


‫نهاية الحرب‪ ،‬فما إن بدأت فترة ما بعد الحرب حتى خيم على‬
‫العالم شكل جديد من الحرب الباردة بين حلفاء األمس‪ ،‬الغرب‬
‫تحت قيادة الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬والشرق تحت قيادة االتحاد‬
‫السوفياتي‪.‬‬
‫تــقـــديـــم‬
‫وهكذا تكون النظام االقتصادي الدولي المقترح تحت مقتضيات هذه‬
‫الحرب‪ .‬ويمكن أن نشير إلى ثالث قضايا ظهرت بشكل واضح عندما‬
‫وضعت الحرب أوزارها‪ ،‬ولم تكن مطروحة في السابق أو على األقل لم‬
‫تكن مطروحة بالدرجة نفسها‪ .‬وهي قضايا كان لها تأثير عميق في‬
‫اتجاهات السياسات االقتصادية الالحقة والمؤسسات الدولية المنشأة‬
‫وهذه القضايا هي‪:‬‬

‫‪ (1‬إعادة تعمير أوروبا بعدما خلفته الحرب من تدمير وما ترتب عليها من‬
‫بزوغ مفهوم النمو االقتصادي واستخدامه معيارا للتقدم؛‬

‫‪ (2‬المواجهة بين النظم االقتصادية؛ نظام رأسمالي يقوم على أساس اقتصاد‬
‫السوق في الغرب‪ ،‬ونظام اشتراكي يقوم على مبدأ التخطيط المركزي في‬
‫الشرق؛‬
‫تــقـــديـــم‬
‫‪ )3‬ظهور قضية التنمية االقتصادية للعالم الثالث كواحدة من المشاكل الرئيسية‬
‫في عالم ما بعد الحرب‪ ،‬حيث انقسم العالم إلى شمال متقدم وجنوب متخلف‪.‬‬

‫في هذا السياق بصفة عامة أصبحنا نتحدث عن القانون الدولي االقتصادي‪،‬‬
‫ومن تم سنحاول في هذه المحاضرات الجواب عن التساؤالت التالية‪:‬‬

‫• ماهية القانون الدولي االقتصادي؟‬

‫• كيف تطور النظام االقتصادي الدولي؟‬

‫• ما هو دور األمم المتحدة في المجال االقتصادي الدولي؟‬


‫تــقـــديـــم‬
‫• وللجواب عن هذه التساؤالت سنعمل إلى تقسيم محاور‬
‫المادة وفق التقسيم التالي‪:‬‬
‫❖الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫▪ تعريف القانون الدولي االقتصادي وعالقته بالقانون الدولي العام؛‬
‫▪ أهم خصائص القانون الدولي االقتصادي؛‬
‫▪ الفاعلون في العالقات االقتصادية الدولية؛‬
‫❖الفصل الثاني‪ :‬النظام الدولي االقتصادي‬
‫▪ صندوق النقد الدولي؛‬
‫▪ مجموعة البنك الدولي؛‬
‫▪ االتفاقية العامة للتعريفة الجمركية (الغات)؛‬
‫▪ منظمة التجارة العالمية؛‬
‫❖الفصل الثالث‪ :‬دور منظمة األمم المتحدة في المجال االقتصادي‬
‫▪ تنسيق الجهود االقتصادية؛‬
‫تــقـــديـــم‬
‫• العروض‪:‬‬

‫• دور الشركات المتعددة الجنسيات في النظام االقتصادي الدولي‪.‬‬

‫• تأثير دول البريكس على النظام االقتصادي الدولي‪.‬‬

‫• العالقات االقتصادية المغربية اإلفريقية‪.‬‬


‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫لقد تطورت القاعدة القانونية المنظمة للعالقات بين أعضاء المجتمع‬
‫الدولي بشكل سريع‪ ،‬فلم يعد القانون الدولي مجرد قانون للتعايش بين‬
‫الدول فحسب‪ ،‬بل أصبح قانون غايات تؤطرها السياسات االقتصادية‪،‬‬
‫فأصبحت قواعد القانون الدولي االقتصادي تشكل جزءا مهما من قواعد‬
‫القانون الدولي‪.‬‬
‫لذلك سنحاول في هذا الفصل اإلجابة عن التساؤالت التالية‪:‬‬
‫▪ ما هو تعريف القانون الدولي االقتصادي؟ وما هي عالقته بالقانون الدولي‬
‫العام؟‬
‫▪ ما هي أهم خصائص القانون الدولي االقتصادي؟‬
‫▪ من هم الفاعلون في العالقات االقتصادية الدولية؟‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫المبحث األول‪:‬تعريف القانون الدولي االقتصادي وخصائصه‬
‫سنحاول في هذا المبحث تعريف القانون الدولي االقتصادي وتحديد عالقته‬
‫بالقانون الدولي العام (المطلب األول)‪ ،‬ثم نبين خصائصه (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف القانون الدولي االقتصادي وعالقته بالقانون‬


‫الدولي العام‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف القانون الدولي االقتصادي‬
‫ظهرت عدة محاوالت لتعريف القانون الدولي االقتصادي إال أنها تنصب كلها في‬
‫صنفين ‪ :‬التعريف الموسع والتعريف الضيق‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التعريف الموسع‬
‫يرى أصحاب االتجاه الموسع في تعريف القانون الدولي االقتصادي بأنه ‪″‬قانون‬
‫المعامالت الدولية االقتصادية‶‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫• لذلك فإن هذا التعريف يجعل من القانون الدولي االقتصادي مجموع القواعد التي تنظم‬
‫العمليات االقتصادية مهما كانت طبيعتها والتي تتجاوز إطار الدولة‪ ،‬أي تتجاوز الحدود‬
‫الوطنية‪.‬‬

‫• وهكذا عرف األستاذ ‪ Paul Reuter‬القانون الدولي االقتصادي بأنه‪« :‬جزء من‬
‫القانون الدولي الذي يهدف إلى تنظيم الجوانب القانونية الخاصة باإلنتاج واالستهالك‬
‫وتداول الثروات»‪.‬‬

‫• ثانيا‪ :‬التعريف الضيق‬


‫يعرف في هذا اإلطار القانون الدولي االقتصادي بأنه‪″ :‬أحد فروع القانون الدولي الذي‬
‫ينظم من ناحية انتقال عناصر اإلنتاج المختلفة ذات المصدر الخارجي إلى أقاليم الدول‪،‬‬
‫ومن ناحية أخرى المعامالت الدولية الواردة على الممتلكات والخدمات ورؤوس‬
‫األموال‶‪.‬‬
‫وإذا كان هذا التعريف نجح في تحديد المواضيع التي تدخل في نطاق القانون الدولي‬
‫االقتصادي‪ ،‬إال أن ما يعاب عليه هو عدم تحديده ألشخاص هذا القانون‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫• حيث أنه حسب هذا التعريف تدخل ضمن نطاق هذا القانون انتقال عناصر اإلنتاج التي‬
‫يقوم بها األفراد‪ ،‬وهذا غير صحيح ألن هذه األخيرة تدخل في نطاق القانون الدولي‬
‫الخاص الذي يهتم بالعالقات االقتصادية الدولية الخاصة‪.‬‬

‫وبصفة عامة يعرف القانون الدولي االقتصادي‪ ،‬بأنه القانون الذي يدرس‬
‫القواعد القانونية المنظمة للفاعلين االقتصاديين واألنشطة التي تعبر أو لها‬
‫تأثيرات تتجاوز حدود القانون الوطني والنظام االقتصادي‪ ،‬علما بأن هذه‬
‫األنشطة تؤثر في النسق االقتصادي العالمي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عالقة القانون الدولي االقتصادي بالقانون الدولي العام‬


‫يعتبر القانون الدولي االقتصادي فرع من فروع القانون الدولي العام‪ ،‬لذلك نجد عدة‬
‫مبادئ في هذا األخير كان مصدرها العالقات التجارية الدولية‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫• فمثال قاعدة الحد األدنى لمعاملة المواطن في الخارج مستمدة من االتفاقيات‬
‫المتعلقة بمعاملة التجار األجانب‪.‬‬
‫• كما أن مبدأ حسن الجوار الذي ورد في ميثاق األمم المتحدة بشكل غير واضح‪،‬‬
‫ترجم في نصوص واضحة في القانون الدولي االقتصادي بالخصوص في‬
‫اتفاقيات الجات‪.‬‬
‫• لذلك نجد حسب وايل ‪ :Prosper Well‬أنه ‪″‬إذا تناولنا القانون الدولي‬
‫االقتصادي من الجانب العلمي فهو ال يشكل سوى فصال من فصول القانون‬
‫الدولي العام‶‪.‬‬

‫• وحسب كارو وجوييارد ‪ ،CARREAU et JUILLARD‬فالقانون الدولي‬


‫االقتصادي وإن كان قانونا غير مندمج في القانون الدولي‪ ،‬نظرا لكونه مغاير له‬
‫في عناصره التكوينية‪ ،‬فهو ليس قانونا متميزا عنه ومستقال بذاته‪.‬‬

‫• وحسب كوك دين ‪ NGUYE QUOC DINH‬إذا كان القانون الدولي العام ينظم‬
‫جزءا من العالقات االقتصادية الدولية‪ ،‬فإن تلك العالقات ينظم جوانب أخرى‬
‫منها القانون الخاص التجاري الدولي والقوانين الداخلية للدول‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫ويعتبر أغلب الفقهاء أن القانون الدولي االقتصادي هو فرع من فروع القانون الدولي‬
‫العام بمفهومه الواسع بالنظر إلى ارتباط نشأتهما بقيام الدولة‪ ،‬إال أن له خصوصيات‬
‫معينة‪.‬‬
‫ويظل االختالف األساسي بينها في كون‪:‬‬

‫القانون الدولي‬
‫القانون الدولي العام‬
‫االقتصادي‬
‫القانون الدولي االقتصادي فهو قانون‬
‫توسعي يتأسس على فكرة أن إثراء‬ ‫القانون الدولي العام قانون حماية ‪:‬‬
‫الدول هو غاية مشروعة‪ ،‬ومن أجل ذلك‬ ‫إذ يتأسس على فكرة صيانة‬
‫يبدو منطقيا إقامة عالقات اقتصادية‬
‫ترابطية (عولمية) بين األمم‪ ،‬فالحدود‬
‫االستقالل السياسي للدول وحماية‬
‫تعرقل التعاون االقتصادي بين الدول‪.‬‬ ‫حدودها أي ضمان األمن السياسي‬
‫وبذلك يهدف القانون الدولي االقتصادي‬ ‫للدول‪.‬‬
‫إلى تجاوزه‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫• المطلب الثاني‪ :‬أهم خصائص القانون الدولي االقتصادي‬
‫• تتميز قواعد القانون الدولي االقتصادي بكونها قواعد واقعية ومرنة‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬كما أنها قواعد تخلت عن فكرة المساواة المطلقة بين‬
‫الدول (الفقرة الثانية)‪ ،‬وتتميز بجزاء من نوع خاص (الفقرة الثالثة)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مرونة وواقعية قواعد القانون الدولي االقتصادي‬
‫إن من بين خصوصيات القانون الدولي االقتصادي أن مصادره ليست قاصرة‬
‫على القواعد القانونية الدولية‪ ،‬فإذا كانت المادة ‪ 38‬من النظام األساسي‬
‫لمحكمة العدل الدولية حددت مصادر القانون الدولي العام في االتفاقيات‬
‫الدولية والعرف الدولي والمبادئ العامة للقانون‪ ...‬فإن مرونة وواقعية‬
‫القانون الدولي االقتصادي تخلت عن الشكليات التقليدية المعروفة في‬
‫خلق القاعدة القانونية‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫فالعرف مثال يتطلب وقتا طويال لكي يشكل لنا قاعدة قانونية‪ ،‬وهذا ما ال‬
‫يتناسب مع سرعة تطور العالقات االقتصادية‪ ،‬كما أن المعاهدات الدولية تأخذ‬
‫وقتا وتتطلب شكليات معينة تستغرق وقتا كبيرا‪.‬‬

‫لذلك نجد بعض قواعد القانون الدولي االقتصادي كان مصدرها مجرد برقيات‬
‫تتبادلها البنوك المركزية لتوقيع اتفاقيات مقايضة‪ ،‬كما ظهرت قواعد قانونية‬
‫كان مصدرها اتفاق بين الشركات عبر الوطنية‪ ،‬واألمثلة عديدة في هذا‬
‫اإلطار‪ ،‬لكن يبقى أبرزها االتفاقيات التي أبرمت بين كارتل الشركات البترولية‬
‫ودول األوبيك في السبعينيات‪.‬‬

‫كما ظهرت مصادر مستحدثة لقواعد القانون الدولي االقتصادي كقرارات‬


‫المنظمات الدولية االقتصادية‪ ،‬والتي أصبحت تلعب دورا كبيرا في تكوين‬
‫قواعد هذا القانون‪ ،‬وذلك للمرونة التي يتطلبها المجال االقتصادي‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التخلي عن مبدأ المساواة المطلقة بين الدول‬
‫ترتكز أغلب مؤسسات القانون الدولي على مبدأ المساواة بين الدول والذي‬
‫يترجم إلى قاعدة لكل دولة صوت واحد خالل عملية التصويت‪ ،‬إال أن هذا‬
‫المبدأ ال يتناسب مع طبيعة العالقات االقتصادية الدولية‪.‬‬
‫لذلك نجد أن القوة االقتصادية للدولة هي التي تحدد مركز الدولة ومكانتها في‬
‫المؤسسات االقتصادية الدولية‪.‬‬
‫وهذا ما يتجسد من خالل األخذ بفكرة الصوت الموزون الذي بموجبه تتمتع كل‬
‫دولة بعدد من األصوات يتناسب مع قوتها االقتصادية‪ ،‬وحجم مساهمتها ف ي‬
‫المنظمة االقتصادية‪ ،‬كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإلنشاء والتعمير‪،‬‬
‫وكلما كانت مساهمة الدولة أقل كلما قلت قوتها التصويتية‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬خصوصية الجزاء في القانون الدولي االقتصادي‬
‫إن قواعد القانون الدولي االقتصادي ليس لها نظرة نزاعية‪ ،‬لذلك ال تهتم‬
‫بمن يخالف قواعدها بقدر ما تهتم باستمرار روح التعاون بين األطراف‬
‫الذين اختلفوا مؤقتا مما جعل الجزاء ال يتعدى شكل الضغط السيكولوجي‬
‫في البداية ثم الضغط االقتصادي في مرحلة الحقة‪.‬‬
‫فتعاقب الدول في إطار المنظمات الدولية االقتصادية بالتوقيف المؤقت أو‬
‫الفصل النهائي منها‪ ،‬كما هو الحال في المنظمة العالمية للتجارة‪.‬‬
‫كما نصت االتفاقية المنشأة لصندوق النقد الدولي على حرمان الدولة‬
‫العضو من االستفادة من مزايا العضوية‪ ،‬كالحرمان من المساعدات‬
‫والخدمات التي يقدمها الصندوق‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫• إن تغليب أسلوب التشاور بين أطراف القانون الدولي االقتصادي‪ ،‬أدى‬
‫إلىى تجسيد طرق بديلة لحل النزاعات بينها كالوساطة والتوفيق والتحكيم‬
‫الدولي‪ ،‬وعادة ما يتم الفصل في هذه النزاعات دون اللجوء إلى القضاء‪،‬‬
‫مما جعل الجزاء في القانون الدولي االقتصادي يختلف عن الجزاء‬
‫التقليدي الذي يهدف إلى ردع ومعاقبة كل من يخالف القاعدة القانونية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬الفاعلون في العالقات االقتصادية الدولية‬

‫الفاعلون في العالقات الدولية االقتصادية هم الدولة والمنظمات الدولية‬


‫االقتصادية (المطلب األول)‪ ،‬والشركات المتعددة الجنسية‪ ،‬والمنظمات‬
‫غير الحكومية ذات األهداف االقتصادية (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫المطلب األول‪ :‬الدولة والمنظمات الدولية االقتصادية‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الدولة‬
‫تلعب الدولة دورا رئيسيا في العالقات االقتصادية الدولية خاصة بالنظر إلى أن أغلب‬
‫القوانين المنظمة للعالقات االقتصادية الدولية هي قوانين دولية‪ ،‬إال أن منافسة الفاعلين‬
‫اآلخرين ذات أهمية كبرى‪ ،‬فالدولة ال تحتكر التحكم في عمل المؤسسات الدولية سواء‬
‫منها التجارية أو المالية أو غيرها‪ ،‬كما أن المجال االقتصادي يتميز باستقاللية حركية‬
‫الفاعلين الخواص والتي ازدادت بشكل كبير مع ظاهرة العولمة‪ ،‬وهو ما يدل على أن‬
‫سيادة الدولة تأخذ أبعادا مختلفة في المجال االقتصادي‪.‬‬

‫ال يمكن اعتماد مبدأ سيادة الدولة بمفهومها القانوني الصرف في المجال االقتصادي‪ ،‬بل‬
‫يصبح األمر متعلقا بالسيادة االقتصادية‪ ،‬ويقصد بها ذلك الجانب من سيادة الدولة المرتبط‬
‫بخصوصيات المجال االقتصادي القائم أساسا على أهداف جلب الثراء للدول عن طريق‬
‫التعاون االقتصادي بينها والذي ال يمكن تحقيقه دون تجاوز لحدود الدولة‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫وقد عرف مفهوم السيادة االقتصادية تطورا كبيرا خالل سنوات الستينيات والسبعينيات‬
‫من القرن الماضي مع مطالبة دول العالم الثالث آنذاك بإقامة نظام اقتصادي دولي‬
‫جديد‪.‬‬

‫كما أن السيادة االقتصادية للدول –ومنذ ذلك الحين‪ -‬تتميز بالترابط بين اقتصاديات‬
‫الدول والتي قد تصل حد االندماج االقتصادي كما هو الحال عليه مع االتحاد األوروبي‪،‬‬
‫وهذا االندماج االقتصادي وما له من أثار على سيادة الدول يعطي للسيادة مفهوما‬
‫مختلفا كلما تعلق األمر بالمجال االقتصادي‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن قدرة الدول على المشاركة في العالقات االقتصادية الدولية هي‬
‫التي تعكس مدى أهمية سيادتها الخارجية بصفة عامة وسيادتها االقتصادية بصفة‬
‫خاصة‪ ،‬وكمثال على ذلك االستراتيجيات والمبادرات السياسية للقوى االقتصادية‬
‫الكبرى في العالم المجسدة في المؤتمرات الدبلوماسية لمجموعة السبعة ‪ G7‬والتي‬
‫تحدد مختلف التوجهات االقتصادية على الصعيدين العالمي والجهوي‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫• ويظل وضع الدول النامية متميزا بالضعف الكبير للسيادة بصفة عامة وللسيادة‬
‫االقتصادية بصفة خاصة‪ ،‬وهو ما جعل القانون الدولي االقتصادي يخصص قواعد‬
‫معامالت تفضيلية لتلك الدول من أجل مساعداتها على تدارك عدم المساواة في‬
‫التنمية‪.‬‬

‫• ولإلشارة فقد عرفت العديد من الدول النامية –خاصة منذ بداية عقد ثمانينات القرن‬
‫الماضي‪ -‬نهضة متميزة كما بالنسبة للدول الجديدة المصنعة‪.‬‬

‫• كما أحدثت ظاهرة العولمة انقالبا في االقتصاد الدولي وفي العالقات االقتصادية‬
‫الدولية مع تأثير كل ذلك في مفهوم السيادة االقتصادية للدول خاصة النامية‪ ،‬فهذه‬
‫األخيرة والتي كان من بين ما تسعى إلى تحقيقه تمكنها من فرض سيادتها على‬
‫ثرواتها االقتصادية‪ ،‬فإنها أصبحت حاليا تسعى حاليا لجلب االستثمار األجنبي الذي‬
‫أصبح ضروريا لتحقيق التنمية والنمو االقتصادي‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المنظمات الدولية االقتصادية‬
‫• تلعب المنظمات الدولية االقتصادية سواء منها ذات التوجه العالمي أو‬
‫المنظمات الدولية الجهوية دورا كبيرا في العالقات الدولية االقتصادية‪.‬‬
‫• لذلك نجد من األهداف المنصوص عليها في ميثاق األمم المتحدة العمل على‬
‫تطوير التعاون االقتصادي بين الدول‪ ،‬ولقد أنيطت هذه المهمة بالعديد من‬
‫أجهزة هذه المنظمة‪ ،‬كالمجلس االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وأيضا الجمعية‬
‫العامة‪.‬‬
‫• ومن بين أهم المنظمات االقتصادية الدولية صندوق النقد الدولي والبنك‬
‫الدولي لإلنشاء والتعمير‪ ،‬التي أنشئت بمقتضى اتفاقية بروتون وودز سنة‬
‫‪ ،1944‬والمنظمة العالمية للتجارة الدولية المنشأة بمقتضى اتفاقية مراكش‬
‫سنة ‪( 1995‬بعد أن ن ّظم االتفاق العام للتعريفات الجمركية والتجارة ‪-‬الكات‬
‫‪ -GATT‬جزءا من هذا المجال منذ ‪.)1947‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫• ومن بين أهم المنظمات االقتصادية الجهوية المجموعة األوربية (التي‬
‫أنشأت االتحاد االقتصادي والنقدي بمقتضى معاهدة ماسترخت ‪ 1992‬ثم‬
‫أمستردام ‪ ،)1997‬منتدى التعاون االقتصادي لدول أسيا والمحيط الهادي‬
‫‪ ،APEC‬والسوق الالتينية المشتركة ‪.MERCOSUR‬‬
‫• إن أهم ما يميز المنظمات الدولية االقتصادية –خاصة في إطار مقارنتها مع‬
‫المنظمات الدولية األخرى‪ -‬هو‪:‬‬
‫❑ تمتعها بقوة قانونية ذات أهمية كبرى‪ ،‬وسواء تعلق األمر بالمنظمات‬
‫االقتصادية ذات األهداف التعاونية أو االندماجية‪.‬‬
‫‪ (1‬تتمتع المنظمات الدولية االقتصادية حسب فقهاء القانون الدولي بسلطة‬
‫تشريعية فعلية (خاصة المؤسسات النقدية والمالية الدولية‪ ،‬كصندوق‬
‫النقد الدولي وإن كان األمر هنا ال ينطبق على المنظمة العالمية للتجارة)‪.‬‬
‫‪ (2‬امتالك سلطة قضائية فعلية (صندوق النقد الدولي والمنظمة العالمية‬
‫للتجارة الدولية)‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫❑ امتالك قدرة كبيرة عل تنفيذ قراراتها من خالل دورها المتمثل في المراقبة عن‬
‫طريق اإلشراف التقني مثال‪ ،‬وتوجيه السياسات االقتصادية الداخلية للدول‬
‫ومالءمتها مع قواعد القانون الدولي االقتصادي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الشركات المتعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية ذات‬
‫األهداف االقتصادية‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الشركات المتعددة الجنسية‬
‫الشركات عبر الوطنية أو متعددة الجنسيات؛ هي تلك التي تقوم في شكل‬
‫‪″‬مجموعة شركات‶ مستقرة في دول متعددة‪ ،‬ذلك أن مقرها االجتماعي يوجد‬
‫في دولة معينة وتتفرع عنها شركات تابعة لها والتي تمارس أنشطتها في دولة‬
‫أو مجموعة دول أخرى‪.‬‬
‫وبذلك فقد ع ّرف البعض الشركات المتعددة الجنسيات بشكل موسع باعتبارها‪″ ،‬كل‬
‫شركة لها أنشطة غير البيع في أكثر من بلد‶‪ .‬في حين حاول البعض اآلخر‬
‫إعطاء تعريف نوعا ما حصريا حيث اعتبرها كل شركة لها أنشطة مستقرة تحت‬
‫مراقبتها في عدد من الدول األجنبية‪ ،‬تحقق لها رقم معامالت معين‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫في حين عرفت األمم المتحدة هذه الشركات عام ‪ 1974‬وأطلقت عليها اسم‬
‫الشركات ‪″‬عابرة القوميات‶ بأنها كيان اقتصادي يزاول التجارة واإلنتاج عبر‬
‫القارات وله في دولتين أو أكثر شركات وليدة أو فروع تتحكم فيها الشركة األم‬
‫بصورة فعالة وتخطط لكل قراراتها تخطيطا شامال‪.‬‬

‫إال أن التعريف األكثر استعماال للشركات متعددة الجنسيات‪ ،‬هو أنها شركات‬
‫وطنية مؤسسة وفقا لقانون دولة معينة‪ ،‬لكنها تعمل كذلك في الخارج بواسطة‬
‫فروع وشركات أصغر تابعة لها‪ ،‬ومستقلة عنها استقاال شكليا‪.‬‬

‫وقد عرفها معهد القانون الدولي سنة ‪ ،1977‬بأنها ‪″‬تلك المشروعات المكونة‬
‫من مركز التخاذ القرار الموجود في بلد ما‪ ،‬وله مراكز نشاط توجد في بلد آخر‪،‬‬
‫أو عدة بلدان أخرى تشكل مشروعا متعدد الجنسيات‶‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫• وهذه الشركات قامت في بدايتها – أي منذ حوالي أواسط القرن ‪ -19‬في‬
‫دول أوروبا وشمال أمريكيا‪ ،‬بعد أن ضاقت األسواق الداخلية لتلك‬
‫الدول وارتفعت أسعار النقل والرسوم الجمركية؛ كما سوف تشكل المواد‬
‫األولية مصدر جلب لالستثمار خارج الدول األصلية بحيث سوف تظهر‬
‫أول الشركات (بايير ‪ Bayer‬األلمانية ونيسلي ‪ Nestlé‬السويسرية‬
‫والشركة األمريكية ‪ The Standart Oil Company‬التي أنشأها‬
‫روكفلير‪.‬‬

‫• وقد عرفت الشركات عبر الوطنية تطورات كبيرة خاصة منذ نهاية‬
‫الحرب العالمية الثانية حيث سوف تعمل على إعادة بناء الدمار الذي‬
‫لحق أوروبا وأيضا اليابان‪ ،‬مستفيدة من التطور التكنولوجي الهائل في‬
‫مجال المواصالت واالتصاالت الذي رافق تلك الحرب‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫• وإذا كانت ظاهرة الشركات المتعددة الجنسية مرتبطة بالدول الصناعية‪ ،‬فقد‬
‫عرفت العديد من الدول النامية كالبرازيل والمكسيك وكوريا الجنوبية قيام تلك‬
‫الشركات خاصة منذ سنوات سبعينيات القرن الماضي‪.‬‬
‫• ولقد تطورت الشركات المتعددة الجنسية وازدادت أنشطتها بشكل كبير بحيث‬
‫غطت جزءا كبيرا من االقتصاد الدولي والداخلي مستفيدة من النظام االقتصادي‬
‫الليبرالي القائم على المنافسة الحرة بين الفاعلين االقتصاديين‪.‬‬
‫• وقد أدى كل ذلك إلى ازدياد وزنها سواء بالنسبة لالقتصاد الدولي أو بالنسبة‬
‫للدول األصلية أو المستقبلة مع ما صاحب ذلك من آثار سلبية على سيادة‬
‫الدول‪.‬‬
‫• هكذا فقد تعرضت الشركات متعددة الجنسيات النتقادات شديدة ومعارضة من‬
‫دول العالم الثالث خاصة‪ ،‬إذ اعتبرت أن ما تقوم به من أنشطة هو استغالل‬
‫اقتصادي بل قد يصبح هيمنة سياسية كما العديد من الحاالت‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫• قلب الحكومة الوطنية اإليرانية بزعامة مصدق على إثر رفضها تجديد‬
‫اتفاقيات استغالل البترول اإليراني مع الشركة البترولية األنكل و‪-‬إيرانية‬
‫واتخاذها قرار تأميم البترول اإليراني؛‬

‫• االنقالبات العسكرية التي قامت بها شركة إلف (‪ )ELF‬الفرنسية في العديد‬


‫من الدول اإلفريقية خصوصا دول غرب ووسط إفريقيا‪.‬‬

‫• قلب حكومة الجنرال أالند في الشلي من طرف شركة ‪ ITT‬األمريكية‪.‬‬

‫• إال أنه ومنذ بداية عقد ثمانينات القرن الماضي‪ ،‬سوف يعرف المجتمع‬
‫الدولي االقتصادي تغيرات كبرى مع بروز ظاهرة العولمة‪ ،‬هذه الظاهرة‬
‫التي سوف تؤثر بشكل كبير على بنية الشركات المتعددة الجنسيات ولكن‬
‫أيضا على مواقف الدول اتجاه أنشطتها‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫• فهذه الشركات قد ساهمت من جهة في تبلور ظاهرة العولمة‪ ،‬فقد نهجت‬
‫استراتيجيات كونية للتوسع االقتصادي مطورة أشكاال جديدة من التسيير‬
‫الذاتي ألنشطتها‪ ،‬وبذلك فقد أصبحت من الفاعلين الرئيسيين المستفيدين‬
‫من االقتصاد المعولم‪.‬‬

‫• ومن جهة أخرى أدت عولمة االقتصاد إلى تراجع دور الدولة‪ ،‬والمس‬
‫بسيادتها‪ ،‬بحيث ينفلت من مراقبتها جانب كبير من األنشطة االقتصادية‬
‫الدائرة فوق ترابها‪.‬‬

‫• فقد أصبحت الدول مضطرة إلى فتح أسواقها الداخلية بإزالة الحواجز‬
‫أمام حرية المبادالت التجارية‪ ،‬والسعي وراء جلب االستثمار الخارجي‪،‬‬
‫بل وتجد دول الجنوب حاليا صعوبات قصوى في جلب استثمار الشركات‬
‫متعددة الجنسيات أمام المنافسة العالمية في هذا المجال‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المنظمات غير الحكومية ذات األهداف االقتصادية‬
‫• تلعب المنظمات غير الحكومية ذات األهداف االقتصادية دورا مهما في‬
‫المجتمع الدولي االقتصادية خاصة في الوقت الراهن‪ ،‬أي في زمن العولمة‪.‬‬
‫• فإذا كانت أنشطة المنظمات غير الحكومية تتميز بكونها غير ذات ربح‬
‫مادي‪ ،‬وهو ما يبدو متناقضا مع األهداف االقتصادية التي تقوم ألجلها‪ ،‬فهذا‬
‫التناقض يصبح ال محل له بالنظر إلى أن هذه المنظمات تقوم –حسب كارو‬
‫وجوييار‪ -‬بهدف الدفاع عن مصالح بعض األوساط الدولية االقتصادية في‬
‫مواجهة الدول والمنظمات الدولية‪.‬‬
‫• فهذه المنظمات هي عبارة عن مجموعات ضغط تتمتع بالقدرة على التأثير‬
‫مثال على المفاوضات الدولية االقتصادية‪ ،‬وذلك بقدرتها على تنظيم حمالت‬
‫تعبئة على الصعيد العالمي في مواجهة تجاوزات الليبرالية‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ماهية القانون الدولي االقتصادي‬
‫• وأبرز مثال تجمع عدد كبير من المنظمات غير الحكومية خالل مؤتمرات‬
‫المنظمة العالمية للتجارة بهدف مواجهة العولمة (أحداث سياتيل ‪Seattle‬‬
‫سنة ‪ 1999‬التي عرفت تجمع أزيد من ‪ 1200‬منظمة غير حكومية ونتج‬
‫عنها فشل هذا المؤتمر‪.‬‬
‫• وكمثال أخر فشل مفاوضات منظمة التعاون التنمية االقتصادية بخصوص‬
‫االتفاقية متعددة األطراف حول االستثمار ‪ AMI‬في أبريل ‪.1998‬‬
‫• كما للمنظمات غير الحكومية ذات األهداف االقتصادية دور في وضع قواعد‬
‫القانون الدولي االقتصادي‪ ،‬وكمثال على ذلك المفاوضات بين صندوق النقد‬
‫الدولي والمنظمات غير الحكومية بخصوص برامج إعادة هيكلة ديون الدول‬
‫الفقيرة‪ ،‬والتي تتضمن مقترحات يأخذها الصندوق بعين االعتبار في اتخاذ‬
‫قراراته وفي وضع مخططاته وإنجازه ألعماله‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬النظام النقدي والمالي الدولي‬
‫الفصل الثاني‪ :‬النظام النقدي والمالي الدولي‬
‫يقصد بالنظام االقتصادي الدولي مجموعة القواعد والترتيبات التي وضعت في أعقاب‬
‫الحرب العالمية الثانية لضبط قواعد السلوك في العالقات االقتصادية الدولية‪ ،‬وذلك‬
‫قصد ترتيب األوضاع االقتصادية في العالم على نحو معين‪ ،‬وهو مجموع القواعد‬
‫القانونية التي تنظم وتحيط العالقات االقتصادية الدولية وتحكم مجموعة المؤسسات‬
‫التي هدفها المساهمة في تنمية البلدان النامية‪.‬‬

‫وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية اعتمدت الدول سياسة إبرام معاهدات دولية‬
‫جماعية‪ ،‬تحظى بقبول أكبر عدد ممكن من الدول‪ ،‬وتضع قواعد سلوك الدول في‬
‫المسائل المتصلة بالتبادل االقتصادي‪ ،‬وتنشئ في الوقت نفسه منظمات اقتصادية‬
‫دولية متخصصة لمباشرة اإلشراف عل تطبيق تلك القواعد‪.‬‬

‫وهكذا تم إنشاء صندوق النقد الدولي الذي يشرف على تنظيم التعاون الدولي في‬
‫المجال النقدي‪( ،‬المبحث األول)‪ ،‬والبنك الدولي لإلنشاء والتعمير الذي يعنى أساسا‬
‫بتمويل التنمية في الدول الفقيرة (المبحث الثاني)‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬النظام النقدي والمالي الدولي‬
‫• المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫نتيجة للفوضى التي سادت نظام النقد الدولي قبل وخالل الحرب العالمية الثانية‪ ،‬فقد‬
‫اندفعت الدول إلى البحث عن نظام نقدي ومالي جديد يحقق لها أهدافها‪ ،‬والمتمثلة في‬
‫خلق تجارة دولية متعددة األطراف‪ ،‬وثبات أسعار الصرف‪ ،‬وإمكانية التحويل بين‬
‫العمالت‪ ،‬وتمويل عملية التنمية‪ ،‬على أن تحقق هذه األهداف دون العودة إلى نظام‬
‫الذهب‪ ،‬على أن يتمتع هذا النظام الجديد بمرونة كافية‪ ،‬فيكون بمقدور هذه الدول إتباع‬
‫السياسة النقدية المالية المالئمة لظروفها االقتصادية في الداخل‪ ،‬وبالتالي فقد أجمعت‬
‫الدول على تسليم أمرها لمؤسسات دولية تأخذ على عاتقها مهمة اإلشراف على النظام‬
‫النقدي والمالي الدولي ككل‪ ،‬وكان ذلك من خالل انعقاد مؤتمر بريتون وودز في العام‬
‫‪ 1944‬والذي انبثق عنه مشروع تأسيس صندوق النقد الدولي لإلشراف على النظام‬
‫النقدي الدولي‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫المطلب األول‪ :‬صندوق النقدي الدولي‪ :‬النشأة‪ ،‬األهداف والموارد‬
‫في هذا المطلب سنتطرق لنشأة صندوق النقد الدولي‪ ،‬وأهم االقتراحات التي تم طرحها‬
‫في هذا اإلطار (الفرع األول)‪ ،‬باإلضافة إلى التعريف بأهداف هذه المؤسسة ومواردها‬
‫المالية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬نشأة صندوق النقد الدولي‬

‫بدأت األفكار والمقترحات تتوالى خالل السنوات األولى من الحرب العالمية الثانية حول‬
‫إقامة مؤسسات متخصصة بالنقد الدولي‪ ،‬كان أهمها المقترح الذي قدمه اللورد كينز‬
‫والخاص بإنشاء اتحاد المقاصة الدولي‪ ،‬ومقترح الخبير هوايت والذي يعتبر المصمم‬
‫الحقيقي لصندوق النقد الدولي‪ ،‬وتم إنشاؤه بموجب اتفاقية برتن وودز‪،‬‬

‫احتلت المناقشات عند اإلعداد إلنشاء الصندوق قبل بريتون وودز مساجالت طويلة‪،‬‬
‫خاصة بين الفكر االقتصادي البريطاني وعلى رأسه كينز‪ ،‬والفكر االقتصادي األمريكي‬
‫ويمثله وايت‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬

‫والجدير بالذكر أن الفلسفة األساسية لكال المشروعين متشابهة تقريبا وتتصف بالليبرالية‬
‫في العالقات الدولية‪ ،‬وإقامة نظام دولي شامل يعتمد على أسعار صرف ثابتة مع حق‬
‫تعديلها بنسب مئوية بسيطة‪ ،‬بهدف تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات وكذلك تقديم‬
‫القروض للدول المتضررة‪ ،‬واالبتعاد عن وضع الحواجز والقيود أمام النقد األجنبي‪،‬‬
‫والمساواة والعدالة في التعامل مع الدول‪ ،‬واالمتناع عن التسابق في تخفيض أسعار‬
‫الصرف‪ ،‬بهدف الحفاظ على مستويات عالية للتوظيف (التشغيل) المحلي‪ ،‬ورغم هذا‬
‫التطابق في األسس فإن الخطتين تختلفان من حيث الجوهر ومن حيث التنظيم‬
‫التفصيلي لكل منها‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مشروع كينز‬
‫تقوم الفكرة األساسية عند كنز على إنشاء اتحاد دولي للمقاصة بحيث يدير النقود‬
‫الدولية‪ ،‬بحجم يتفق واحتياجات االقتصاد العالمي‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫وتتكون هذه النقود الدولية من وحدات أطلق عليها كينز اسم «بنكور ‪ »Bancor‬تتمثل في‬
‫مجموعة سحوبات الدول األعضاء في االتحاد الدولي للمقاصة‪ .‬وقد حدد حصة األعضاء في‬
‫السحب وفقا لقواعد معينة‪.‬‬
‫أما قيمة البنكور فقد حددها على أساس ربطها بقيمة معينة من الذهب‪ ،‬والمفروض أن تق بل‬
‫الدول األعضاء هذا البنكور في تسوية معاملتها الدولية‪ .‬ووفقا لهذا االقتراح تحتفظ البنوك‬
‫المركزية للدول األعضاء بحسابات لدى االتحاد تمثل نتيجة معامالتها مع الدول األخرى‪ .‬بحيث‬
‫إن دول الفائض يكون لها حساب دائن في االتحاد‪ ،‬ولدول العجز حساب مدين‪ .‬وتستخدم ك ل‬
‫دولة حصتها بالسحب من وحدات البنكور الستخدامها مع الذهب في تسوية مدفوعاتها‬
‫الدولية‪.‬‬
‫وفي مثل هذا النظام ال يحتاج االتحاد‪ ،‬لبدء عملياته‪ ،‬إلى أي ودائع من األعضاء في شكل ذهب أو‬
‫عمالت‪ ،‬فأصوله عبارة عن القيود الحسابية التي تقيد في حساب الدائن فيه باسم البنوك‬
‫المركزية للدول المختلفة‪.‬‬
‫وقد نظم كينز في اقتراحاته قواعد البنكور على النحو اآلتي‪ :‬يجوز لدولة العجز أن تسحب ربع‬
‫حصتها من البنك من دون قيود‪ .‬أما إذا زاد العجز على ذلك فإن االتحاد يجوز له أن يطلب م ن‬
‫هذه الدولة إما تخفيض عملتها وإما فرض رقابة على حركات رؤوس األموال وإما التنازل عن‬
‫جزء من احتياطياتها من الذهب والعمالت األجنبية‪ .‬وال يسمح لدولة في أي حال من األحوال‬
‫بأن تسحب ما يزيد على حصتها‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫وقد تضمنت اقتراحات كينز معاملة خاصة للدول التي تحقق فائضا بشكل مستمر‪ ،‬فإذا استمر‬
‫هذا الفائض قائما لمدة طويلة فإن الحقوق القابلة له باالتحاد تلغى‪.‬‬
‫وبذلك فإن كنز حاول أن يفرض نوعا من العقوبة على الدول التي يستمر ميزانها في حالة‬
‫فائض‪ .‬ويعكس هذا رؤية كينز في أن تحقيق التوازن في المعامالت الدولية هو مسؤولية‬
‫مشتركة بين دول العجز ودول الفائض‪ ،‬فإذا كانت دول العجز تضطر إلى فرض قيود على‬
‫حركتها‪ ،‬فإن دول الفائض أيضا عليها أن تعمل على إلغاء فوائضها‪ ،‬وبالتالي المساهمة في‬
‫عالج مشاكل العجز في الدول األخرى‪.‬‬
‫• كما تضمن مشروع كينز اقتراح قيام هذه المؤسسة الدولية بمنح القروض إلى الدول‬
‫األعضاء على غرار ما تقوم به البنوك التجارية عند تقديم القروض لعمالئها‪ ،‬أن يتم منح‬
‫هذه القروض حسب أهمية كل دولة في التجارة الخارجية‪.‬‬
‫• وبطبيعة الحال لم تقبل اقتراحات كينز خاصة من طرف الواليات المتحدة األمريكية التي رأت‬
‫فيها محاولة من بريطانيا لإلفادة من قدرة االقتصاد األمريكي بعد الحرب‪ ،‬مع الحيلولة دون‬
‫سيطرة الدوالر على المعامالت الدولية‪.‬‬
‫• ولذلك فقد قدمت اقتراحات مقابلة صاغها األمريكي وايت كانت األساس في تكوين صندوق‬
‫النقد الدولي‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مشروع وايت‬
‫تقوم خطة وايت على إنشاء صندوق دولي لتثبيت أسعار الصرف‪ ،‬وفي هذا السبيل تقوم الدول‬
‫األعضاء بإيداع حصص تتكون جزئيا من الذهب ومن عمالتها الوطنية ومن بعض أذونات‬
‫الخزانة‪.‬‬
‫وقد اقترح لذلك تكوين صندوق دولي لتثبيت قيمة العمالت للدول األعضاء المشتركة فيه‬
‫واقترح أن تكون وحدة التعامل الدولي هي اليونتاس والتي ترتبط قيمتها بوزن معين من‬
‫الذهب وعلى الدول أن تحدد قيمة عملتها بالذهب أو اليونيتاس‪ ،‬وليس لها الحق في تغيير‬
‫هذه القيمة إال بعد موافقة أربعة أخماس أصوات الدول األعضاء في الصندوق‪.‬‬

‫• وعلى عكس اقتراحات كينز فإن اقتراحات وايت لم تفرض أي جزاءات على الدولة إذا‬
‫استمر الفائض في ميزان مدفوعاتها لمدة طويلة‪ .‬فاالختالل في موازين المدفوعات هو‬
‫مسؤولية دول العجز‪ ،‬عل الرغم بالتصريح بعكس ذلك‪.‬‬
‫• ونالحظ أن مشروع وايت يقوم على أساس مبدأ اإليداع‪ ،‬في حين أن مشروع كينز كان‬
‫يقوم على فكرة فتح االعتمادات‪ .‬وقد اهتمت خطة وايت بضرورة حماية أسعار الصرف‬
‫والعمل على تثبيتها‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫• ولم تجد مقترحات كينز قبوال من الواليات المتحدة‪ ،‬لكونها كانت الدولة الوحيدة التي‬
‫يمكن أن تكون دائنة‪ ،‬وخشيت إذا ما اتبع نظام كينز أن يستخدم المدينون من الدول‬
‫األخرى البنكور في اإلقبال على الشراء من الواليات المتحدة األمريكية مما قد يهدد بقيام‬
‫التضخم فيها‪.‬‬
‫• وهكذا أصبحت مقترحات وايت هي أساس النظام الجديد الذي تم االتفاق عليه في بريتون‬
‫وودز في يوليو ‪ . 1947‬وقد أصبحت هذه االتفاقية نافدة اعتبارا من ‪ 27‬ديسمبر ‪1947‬‬
‫عندما قام ممثلو الدول التي تمثل ‪ 80‬بالمئة من موارد الصندوق بإيداع وثائق التصديق‬
‫على االتفاقية‪.‬‬
‫وقد انتهى مؤتمر بريتون وودز باالتفاق على مجموعة من المبادئ‪:‬‬ ‫•‬
‫‪ (1‬أن سعر الصرف يعتبر من المسائل ذات األهمية الدولية‪ ،‬وينبغي العمل على ضمان‬
‫ثبات أسعار الصرف‪ ،‬على األقل في المدة القصيرة‪ ،‬مع إمكان تعديلها في بعض‬
‫الظروف إذا ظهر ما يستوجب ذلك‪.‬‬
‫‪ (2‬من المصلحة زيادة االحتياطي من الذهب والعمالت الحرة في كل دولة‪ ،‬حتى ال تضطر‬
‫الدول إلى اتخاذ إجراءات وسياسات قد تضر بالتوازن الداخلي لمواجهة العجز في‬
‫ميزان مدفوعاتها‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬

‫‪ )3‬أن تحقيق المصلحة السياسية واالقتصادية للعالم يتطلب إيجاد نظام للتجارة متعددة‬
‫األطراف وتحقيق القابلية لتحويل العمالت؛‬
‫‪ )4‬أن أفضل الطرق لتحقيق هذا التعاون النقدي هو إنشاء منظمة دولية ذات وظائف محددة؛‬
‫‪ )5‬في كثير من األحوال‪ ،‬تكون االختالالت النقدية راجعة إلى أسباب غير نقدية‪ ،‬ومن هنا‬
‫يجب على المنظمات النقدية أن تتعاون مع المنظمات األخرى لعالج هذه االختالالت؛‬
‫‪ )6‬أن زيادة االستثمارات الدولية هي أمر حيوي لالقتصاد الدولي‪.‬‬
‫ويعتبر صندوق النقد الدولي أحد الوكاالت الحكومية المتخصصة بمقتضىى االتفاقية التي تم‬
‫إبرامها بين الصندوق ومنظمة األمم المتحدة‪ ،‬وقد بدأ الصندوق عملياته في ماي‬
‫‪ ، 1947‬وال يشترط للعضوية فيه أن تكون الدولة عضوا في منظمة األمم المتحدة‪.‬‬
‫وهذه المبادئ هي التي تحكمت في تحديد أهداف صندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أهداف صندوق النقد الدولي وموارده‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أهداف صندوق النقد الدولي‬
‫حددت المادة األولى من االتفاقية المنشئة للصندوق النقد الدولي أهداف هذا األخير في ما يلي ‪:‬‬

‫▪ تشجيع التعاون النقدي الدولي عن طريق هيئة دائمة تهيئ سبل التشاور والتعاون بشأن‬
‫المشكالت النقدية الدولية؛‬

‫▪ تيسير التوسع والنمو المتوازن في التجارة الدولية‪ ،‬مما يسهم في زيادة فرص العمل ورفع‬
‫مستوى الدخل الحقيقي بصفة مستمرة وتنمية الموارد اإلنتاجية لجميع البلدان األعضاء‬
‫باعتبارها أهداف أساسية للسياسة االقتصادية؛‬

‫▪ العمل على تحقيق استقرار أسعار الصرف‪ ،‬والحفاظ على ترتيبات منظمة للصرف بين‬
‫عمالت البلدان األعضاء‪ ،‬وتجنب التنافس في تخفيض قيمة العمالت؛‬

‫▪ المساعدة على إقامة نظام مدفوعات متعدد األطراف بالنسبة للمعامالت الجارية بين البلدان‪،‬‬
‫وإلغاء قيود الصرف األجنبي التي تعيق نمو التجارة العالمية؛‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫▪ توفير الثقة بين البلدان األعضاء عن طريق إتاحة موارد الصندوق العامة لها بصفة مؤقتة‬
‫وبضمانات كافية‪ ،‬ومن ثم إعطاؤها الفرصة لتصحيح االختالالت التي تصيب موازين‬
‫مدفوعاتها دون اللجوء إلى تدابير من شأنها اإلضرار بالرخاء على المستوى الوطني أو‬
‫الدولي؛‬

‫▪ تقصير أمد االختالل في موازين المدفوعات الدولية للبلدان األعضاء وتخفيف حدته‪ ،‬وفقا لما‬
‫ورد آنفا‪.‬‬

‫ويسترشد الصندوق في كافة سياساته وقراراته باألهداف التي تنص عليها هذه المادة‪.‬‬

‫ويتكون الصندوق من الدول المؤسسة التي اجتمعت في بريتون وودز بالواليات المتحدة عام‬
‫‪ ،1944‬وقبلت حكوماتها االنضمام إل الصندوق قبل ‪ 31‬ديسمبر ‪( 1945‬األعضاء األصليون‬
‫وكان عددها ‪ 29‬دولة)‪ ،‬واألعضاء اآلخرون الذين انضموا بعد هذا التاريخ‪ ،‬وقد بلغ عدد‬
‫الدول األعضاء للصندوق الدولي حاليا ‪. 190‬‬

‫ويرتبط التصويت في األجهزة الرئيسية للصندوق بمدى مساهمة كل عضو في رأس المال وهو‬
‫األمر الذي يتحدد باالتفاق مع الصندوق‪ ،‬وعلى ضوء األنصبة التي تحدد لكل عضو يستطيع‬
‫هذا العضو التأثير في القرارات الصادرة عن الصندوق‪ ،‬وحدود حقها في االقتراض منه‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الموارد المالية لصندوق النقد الدولي‬
‫تتألف موارد الصندوق من حصص الدول األعضاء التي تؤدى عند االنضمام‪ ،‬أو بعد‬
‫المراجعات الدورية التي تزاد فيها الحصص‪ ،‬كما يلجأ إلى اتفاقيات االقتراض الثنائية‬
‫ومتعددة األطراف‪ .‬يتوفر الصندوق على ثلث مخزون الذهب في العالم‪ ،‬للرفع من األصول‬
‫المالية‪ ،‬ولمواجهة االحتياجات الطارئة‪.‬‬
‫أ) نظام الحصص‪( :‬االكتتاب)‪.‬‬
‫يعتبر المصدر الرئيسي لموارد الصندوق‪ ،‬وهو اشتراكات الحصص (رأس المال) التي‬
‫تسددها البلدان عند االنضمام إلى عضوية الصندوق أو أعقاب المراجعات الدورية التي‬
‫تزيد في الحصص‪.‬‬
‫وتدفع البلدان ‪ %25‬من اشتراكات حصصها بحقوق السحب الخاصة ‪ SDRs‬أو بإحدى‬
‫العمالت الرئيسية‪ ،‬ويمكن للصندوق أن يطلب إتاحة المبلغ المتبقي الذي يدفعه البلد‬
‫العضو بعملته الوطنية ألغراض اإلقراض حسب الحاجة‪ ،‬وتحدد الحصص ليس فقط‬
‫مدفوعات االشتراك المطلوبة من البلد العضو إنما أيضا عدد أصواته وحجم التمويل‬
‫المتاح له من الصندوق‪ ،‬ونصيبه من حقوق السحب الخاصة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫والهدف من الحصص عموما هو أن تكون بمثابة مرآة لحجم البلد العضو في االقتصاد‬
‫العالمي‪ ،‬وتتم مراجعتها كل خمس سنوات على األقل‪ ،‬غير أنها لم تواكب التحوالت في‬
‫ميزان القوى االقتصادية‪ ،‬بالرغم من رفع حصص الدول النامية الكبرى‪ ،‬وعلى رأسها‬
‫الصين‪.‬‬
‫عموما‪ ،‬تستحوذ الواليات المتحدة‪ ،‬واليابان‪ ،‬وألمانيا‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬والمملكة المتحدة‪ ،‬والصين‪،‬‬
‫على نسبة ‪ %50‬من مجموع الحصص‪.‬‬
‫ب) االقتراض‪:‬‬
‫يجوز للصندوق االقتراض عند الضرورة من أجل تكميل الموارد المتاحة من حصصه‪ ،‬ولدى‬
‫الصندوق مجموعتان من اتفاقيات االقتراض الدائمة الستخدامها عند الحاجة لمواجهة أي‬
‫تهديد للنظام النقدي الدولي وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬االتفاقات العامة لالقتراض‪ :‬تم إنشاؤها عام ‪ 1962‬ويشارك فيها احد عشر مشتركا‬
‫حكومات البلدان الصناعية العشرة وسويسرا أو بنوكها المركزية‪.‬‬
‫ومنذ عام ‪ 1967‬تحصل الصندوق على تفويض باالتفاق مع الحكومات والبنوك لعدة دول‬
‫على فتح هذا االعتماد القابل للتجديد كل خمس (‪ )05‬سنوات ويبلغ مقداره ‪ 25‬مليار‬
‫دوالر يدفع الصندوق فوائد على ما يسحبه اقتراضا من هذا االعتماد‪ ،‬كذلك يتعهد بتسديد‬
‫القرض خالل مدة خمس سنوات‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫‪-‬االتفاقيات الجديدة لالقتراض‪ :‬تم استحداثها عام ‪ 1997‬ويشارك فيها ‪ 25‬بلدا ومؤسسة ‪.‬‬
‫وبموجب هاتين االتفاقيتين يتاح للصندوق اقتراض ما يصل إلى ‪ 34‬بليون وحدة‬
‫حقوق سحب خاصة (أي حوالي ‪ 46‬بليون دوالر أمريكي)‪.‬‬
‫ما هي حقوق السحب الخاصة؟‬
‫حقوق السحب الخاصة (‪ ) SDR‬هي أصل احتياطي دولي أنشأه صندوق النقد الدولي‬
‫عام ‪( 1969‬بموجب التعديل األول التفاقية تأسيسه) نتيجة لقلق البلدان األعضاء من‬
‫احتمال عدم كفاية المخزون المتوفر آنذاك والنمو المتوقع في االحتياجات الدولية‬
‫للسيولة المالية لدعم التوسع في التجارة العالمية‪.‬‬
‫ويطلق عليها ‪″‬الذهب الورقي‶ـ وتحدد قيمتها كل يوم على أساس سلة من العمالت‬
‫الصعبة األكثر تداوال (الدوالر‪ ،‬األورو‪ ،‬والين‪ ،‬والجنيه اإلسترليني‪ ،‬واعتبارا من ‪1‬‬
‫أكتوبر ‪ 2016‬انضم اليوان الصيني إلى سلة عمالت حقوق السحب الخاصة)‬
‫ويتم تخصيصها للبلدان األعضاء (في صورة قيود دفترية) كنسبة مئوية من حصصها‪.‬‬
‫وكان آخر تخصيص لحقوق السحب الخاصة سنة ‪ 2011‬بمقدار ‪ 203‬مليار وحدة سحب‬
‫خاصة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫المطلب األول‪ :‬الهيكل التنظيمي لصندوق النقد الدولي وسياساته وبرامجه‬
‫لمعاجلة هذا المطلب سيتم تخصيص (الفرع األول) لتوضيح التنظيم الهيكلي لصندوق النقد‬
‫الدولي‪ ،‬تم ننتقل (للفرع الثاني) لمناقشة برامج صندوق النقد الدولي وسياساته وأهم‬
‫االنتقادات الموجهة إليها‪.‬‬

‫الفرع األولى‪ :‬التنظيم الهيكلي لصندوق النقد الدولي‬


‫الفقرة األول‪ :‬مجلس المحافظين‬
‫يتألف مجلس المحافظين من محافظ ومحافظ مناوب يعينهما كل بلد عضو حسبما يتراءى له‪،‬‬
‫عادة ما يكون هو وزير المالية أو والي البنك المركزي في ذلك البلد‪.‬‬
‫المجلس هو صاحب السلطة العليا في إدارة صندوق النقد الدولي‪ ،‬ويهتم بقضايا السياسات‬
‫الكبرى‪ ،‬بما في ذلك الموافقة على رفع الحصص‪ ،‬توظيف حقوق السحب الخاصة‪ ،‬قبول‬
‫أعضاء جدد‪ ،‬تعديل االتفاقية‪ ،‬تعيين المدير العام‪...‬‬
‫يضم مجلس المحافظين اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية‪ ،‬باإلضافة إلى لجنة التنمية‪،‬‬
‫وهي لجنة مشتركة بين مجلس محافظي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫ولمجلس المحافظين التفويض في اختصاصاته لمجلس المديرين التنفيذيين في مباشرة‬
‫بعض اختصاصاته‪ ،‬وذلك باستثناء تلك المتعلقة بقبول األعضاء الجدد أو مراجعة‬
‫الحصص أو تعديل قيم العمالت‪ ،‬ويعقد المجلس اجتماعاته سنويا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المجلس التنفيذي‬

‫يتألف المجلس التنفيذي من ‪ 28‬مديرا تنفيذيا‪ ،‬ويرأسه المدير العام‪.‬‬

‫‪ 8‬مدراء يتم تعيينهم من طرف البلدان المساهمة الكبرى‪ :‬الواليات المتحدة األمريكية‪،‬‬
‫واليابان‪ ،‬وألمانيا‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬المملكة المتحدة‪ ،‬إلى جانب الصين وروسيا والمملكة‬
‫العربية السعودية‪ .‬أما المدراء الستة عشر الباقون يتم تعيينهم عن طريق االنتخابات‬
‫لمدة عامين‪.‬‬

‫يضطلع المجلس التنفيذي بمسؤولية تسيير أعمال الصندوق‪ ،‬ولهذا الغرض فإنه يمارس‬
‫كافة الصالحيات التي يفوضها إليه مجلس المحافظين‪.‬‬

‫(والذي استقرت العادة على أن يكون أوروبيا)‪.‬‬


‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬المدير العام والموظفين‬
‫يختار المجلس التنفيذي مديرا عاما للصندوق من غير المحافظين أو المديرين التنفيذيين‪.‬‬
‫ويتول المدير العام رئاسة المجلس التنفيذي‪ ،‬ولكنه ال يملك حق التصويت إال بالصوت‬
‫المرجح في حالة تساوي األصوات‪ .‬ويجوز له المشاركة في اجتماعات مجلس‬
‫المحافظين‪ ،‬ولكنه ال يصوت في تلك االجتماعات‪.‬‬
‫والمدير العام هو رئيس الموظفين العاملين في الصندوق وهو الذي يدير شؤون الصندوق‬
‫العادية تحت إشراف المجلس التنفيذي‪ ،‬وهو مسؤول عن تنظيم الهيكل الوظيفي للعاملين‬
‫وتعيينهم في الصندوق وفصلهم منه‪ ،‬بتوجه عام من المجلس التنفيذي‪.‬‬
‫واستقرت العادة أن يكون المدير العام أوروبيا‪ ،‬رغم أنه في سنة ‪ 2011‬طالبت دول البريك‬
‫‪( BRIC‬البرازيل‪ ،‬روسيا‪ ،‬الهند‪ ،‬الصين) بأن يكون تعيين المدير العام خاضع للكفاءة‬
‫وليس للجنسية األوروبية‪.‬‬
‫يعمل المدير العام والموظفون بوالء تام للصندوق وليس ألي سلطة أخرى‪ .‬ويحترم كل‬
‫من البلدان األعضاء الطابع الدولي لهذا الوالء ويمتنع عن ممارسة أي محاولة للتأثير‬
‫على أي موظف في سياق أدائه لعمله‪.‬‬
‫الهيكل التنظيمي لصندوق النقد الدولي حسب الوضع في ‪ 30‬أبريل ‪2016‬‬

‫المصدر‪:‬‬
‫‪https://www.imf.org/external/arabic/orgcharta.pdf‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫الفرع الثاني‪ :‬برامج صندوق النقد الدولي وسياساته‬
‫الفقرة األولى‪ :‬برامج الصندوق‬
‫شكلت بداية سبعينيات القرن الماضي تحول في سياسة الصندوق في تصميم البرامج‬
‫وآثارها عل المتغيرات األساسية في االقتصاد باستخدام النماذج االقتصادية‪ ،‬حيث اتجه‬
‫الصندوق بداية هذه الفترة نحو تحقيق االستقرار في األوضاع التي بدت مضطربة في ذلك‬
‫الحين بعدما كان اهتمامه في بداية النشأة على فرض بعض القيود الكمية على استخدام‬
‫موارده‪.‬‬
‫‪ (1‬برامج التثبيت االقتصادي ‪Stabilization Policy‬‬
‫يقصد به البرنامج الذي يهدف إلى استعادة التوازن في االقتصاديات الكلية في البلدان التي‬
‫تعاني من عجز في ميزان المدفوعات من خالل سياسة مالية‪ ،‬نقدية‪ ،‬وأسعار صرف‪.‬‬
‫تهدف إلى استعادة التوازن في األجل القصير‪ ،‬ولذلك فإن مدة برنامج التثبيت عادة ما تكون‬
‫بين عام وعامين‪ ،‬وهي تمثل مشروطية الصندوق التي يتم االتفاق عليها في خطاب‬
‫المدير مع الدولة المعنية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫• يرتبط تنفيذ هذه السياسة باالستمرار في السحب من شرائح االئتمان العليا في الصندوق‬
‫ووقف تنفيذ هذه السياسة يؤدي إلى وقف السحب من هذه الشرائح‪.‬‬
‫• والمالحظ أن الصندوق يسعى من وراء هذا البرنامج لتحقيق ثالثة أهداف وهي‪:‬‬

‫▪ تخفيض العجز في ميزان المدفوعات؛‬


‫▪ تخفيض معدالت التضخم؛‬

‫▪ زيادة معدالت النمو االقتصادي‪.‬‬


‫• ويتم تحقيق هذه األهداف من خالل مجموعة من اإلجراءات التقشفية التي تهدف إلى‬
‫التحكم في جانب الطلب ومنها‪:‬‬
‫• زيادة موارد الخزينة العامة من خالل تنشيط الجهاز الضريبي وتقليص الدور االجتماعي‬
‫للدولة؛‬

‫• تقليص االستثمارات الحكومية والحد من تدخلها في األمور االقتصادية (يترك األمر‬


‫للسوق)؛‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫• التركيز على إدارة الطلب بهدف التحكم في عملية اإلصدار النقدي واإلقالع عن اإلنفاق‬
‫الحكومي وإلغاء الدعم بمختلف أشكاله؛‬
‫• تخفيض مستويات األجور الحقيقية سواء بالتخفيض المباشر أو من خالل الضغط عليها‬
‫بمحرك القوى العاملة والتخلي عن التوظيف الحكومي‪.‬‬
‫‪ )2‬برامج التقويم الهيكلي ‪Adjustmet Policy‬‬
‫إن القضاء على مختلف االختالالت والتشوهات التي تشوب االقتصاد والتغلب على ظاهرة‬
‫الركود االقتصادي من أجل تحويل البنية التحتية لالقتصاد وإعادة هيكلته من أجل االندماج‬
‫في االقتصاد العالمي وإيجاد التوازن يتم بواسطة مجموعة من اإلجراءات الهيكلية‬
‫والتنظيمية تستمد من برامج التقويم الهيكلي‪.‬‬
‫يأتي تنفيذ هذه السياسات بعد البدء في سياسات التثبيت‪ ،‬وهي سياسات للمدى المتوسط‬
‫والطويل تركز على عناصر البناء االقتصادي للدولة عل المستوى القطاعي وتشمل إعادة‬
‫هيكلة القطاع العام من خالل عملية الخصخصة وتحرير السياسات السعرية وإزالة كافة‬
‫العوائق أمام القطاع الخاص؛ كتغيير القوانين واألنظمة المؤثرة في نمط األداء االقتصادي‪،‬‬
‫بحيث تتم مواءمة التحول الشامل نحو اقتصاد السوق‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫• ويتحدد جوهرها في تعديل أولويات اإلنفاق العام وإطالق آلية السوق للعمل بحرية في‬
‫شتى مجاالت االقتصاد‪ ،‬وتشير إحدى الدراسات أن نشأة التقويم الهيكلي كانت في‬
‫إفريقيا حيث ظهرت الفكرة أول األمر استجابة لألزمة االقتصادية في إفريقيا جنوب‬
‫الصحراء في السبعينات إبان أزمتي الطاقة والديون‪.‬‬

‫• تتميز قروض التصحيح الهيكلي بسرعة سحبها‪ ،‬ألنها تمنح في مقابل تغييرات كبيرة في‬
‫السياسات على المستوى الوطني‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬سياسات الصندوق‬

‫يقدم صندوق النقد الدولي قروضا بموجب مجموعة من السياسات أو التسهيالت التي‬
‫تبلورت بمرور السنين لمواجهة احتياجات البلدان‪ ،‬وتختلف مدة وشروط اإلقراض‬
‫والسداد في كل من التسهيالت‪ ،‬حسب أنواع المشكالت التي تواجه ميزان المدفوعات‬
‫والظروف التي يتعامل معها‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫يقدم الصندوق معظم التمويل إلى الدول األعضاء من خالل أدوات اإلقراض التالية‪:‬‬

‫❖ اتفاقات االستعداد االئتماني ‪ :1952‬تمثل جوهر عمل ومهام صندوق النقد الدولي‪،‬‬
‫وتعنى بمعالجة مشكالت ميزان المدفوعات قصيرة األجل‪ ،‬وتمنح للبلد العضو تأكيدا بأنه‬
‫يستطيع السحب من موارد الصندوق إلى حد معين‪ ،‬على مدى فترة تتراوح بين ‪12‬‬
‫و‪ 18‬شهرا في العادة‪ ،‬لمعالجة ما يواجهه من مشكالت قصيرة األجل في ميزان‬
‫المدفوعات‪.‬‬

‫❖ تسهيل التمويل التعويضي ‪ :1963‬وهي موجهة لمساعدة البلدان األعضاء التي تنتج‬
‫سلعا أولية على مواجهة أي نقص مؤقت في حصيلة الصادرات‪ ،‬أو مواجهة االرتفاعات‬
‫المؤقتة في تكليف استيراد الحبوب‪.‬‬

‫❖ االتفاقات الممتدة متوسطة األجل ‪ :1975‬وذلك لمساعدة البلدان التي تمر بمصاعب في‬
‫ميزان المدفوعات تتعلق بمشكالت هيكلية‪ ،‬في مقابل نهج سياسات تتعلق باإلصالحات‬
‫الضريبية وإصالحات القطاع المالي‪ ،‬وخصخصة المؤسسات العامة‪ ،‬وإجراءات تعزيز‬
‫المرونة في أسواق العمل‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫❖ تسهيل النمو والحد من الفقر‪ :‬بدأ العمل بها أواخر سبعينيات القرن الماضي‪ ،‬وتشمل‬
‫على أدوات اإلقراض الميسر لفائدة الدول األكثر فقرا‪.‬‬
‫❖ خطوط االئتمان الطارئ ‪ :1999‬مواجهة الفقدان المفاجئ لثقة األسواق‪ ،‬ومنع‬
‫عدوى األزمات المالية من االمتداد إلى البلدان ذات السياسات االقتصادية السليمة‪.‬‬
‫❖ مساعدة الطوارئ‪ :‬مواجهة مشكالت ميزان المدفوعات الخارجة عن نطاق سيطرتها‪،‬‬
‫والناتجة عن الكوارث الطبيعية واآلثار المترتبة على الصراعات المسلحة‪.‬‬
‫ولقد وجهت مجموعة من االنتقادات للسياسات صندوق النقد الدولي‪ ،‬وتركز هذه‬
‫االنتقادات بصورة خاصة إلى نظام التصويت المرجح الذي يتيح لبعض القوى‬
‫الكبرى‪ ،‬وعلى رأسها الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬التمتع بقوة تصويتية عالية‪ ،‬والتي‬
‫تستطيع من خاللها التأثير البالغ في بلورة اإليديولوجية االقتصادية العالمية‪.‬‬
‫في سياق أخر‪ ،‬خلصت بعض األبحاث إلى أن بعض الدول الحليفة للواليات المتحدة‬
‫تحصل على قروض أكبر بعدد أقل من الشروط‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬النظام النقدي الدولي‬
‫• من ضمن االنتقادات الموجهة لصندوق النقد الدولي عدم اكتراثه بتقليص الهوة بين‬
‫الدائنين (الدول المقرضة)‪ ،‬والتي تتكون أساسا من الدول الغنية‪ ،‬والمدينين (الدول‬
‫المقترضة) وهم في الغالب الدول النامية‪.‬‬

‫• وتذهب العديد من االنتقادات إلى وصفه أداة للهيمنة وفرض ضغط دولي على الدول‬
‫من أجل تطبيق سياسات اقتصادية توسعية دون مراعاة لالحتياجات الخاصة لكل بلد‪.‬‬

‫• عموما تقوم عقيدة الصندوق على أن القطاع الخاص أكفأ من القطاع العام في إدارة‬
‫النشاط االقتصادي وتوزيع وتخصيص الموارد‪ .‬وهو ما يطرح التوفيق بين مبدأ‬
‫تحقيق المصلحة العامة من جهة‪ ،‬والسعي وراء الربح المادي من جهة أخرى‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬


‫لقد تمخض عن اتفاق برتين وودز ‪ 1944‬إنشاء البنك الدولي الذي كانت فكرة تأسيسه‬
‫سابقة لتأسيس صندوق النقد الدولي‪ ،‬وكان عمله أشمل من عمل الصندوق‪.‬‬

‫وكانت فكرة إنشائه مرتبطة بالدمار الذي لحق البنى األساسية في القارة األوروبية نتيجة‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬لذلك توجه نحو إعطاء القروض لبناء الصناعات ومشروعات‬
‫التنمية وإقامة مشاريع البنى التحتية‪ ،‬ولم يكن اهتمامه بالدول الكبرى الغنية‬
‫والصناعية‪ ،‬وإنما كان اهتمامه منسحبا على الدول الغنية والنامية‪.‬‬

‫يقدم البنك الدولي للدول األعضاء فيه قروضا طويلة األجل لتمويل مشروعات استثمارية‬
‫معينة يتم االتفاق عليها بين الدول األعضاء وإدارة البنك الدولي‪ ،‬وعموما تقدم‬
‫القروض إلى الحكومات إال أنه يمكن أن تقدم القروض أيضا إلى الشركات‬
‫والمؤسسات الخاصة‪ ،‬ويكون ذلك بضمان من قبل حكومات تلك الدول‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫• غير أنه قبل البدء في معالجة هذا المبحث يجب توضيح الفرق بين البنك الدولي‬
‫ومجموعة البنك الدولي‪ ،‬فعبارة البنك الدولي تشير فقط إلى البنك الدولي لإلنشاء‬
‫والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية‪ .‬في حين تضم عبارة مجموعة البنك الدولي خمس‬
‫مؤسسات ترتبط إحداها باألخر بصورة وثيقة‪ ،‬وتتعاون معا لتحقيق الهدف المتعلق‬
‫بتخفيض أعداد الفقراء وتتمثل في‪ :‬البنك الدولي (البنك الدولي لإلنشاء والتعمير‬
‫والمؤسسة الدولية للتنمية)‪ ،‬ومؤسسة التمويل الدولية (‪ ،) IFC‬والوكالة الدولية لضمان‬
‫االستثمار (‪ ،) MIGA‬والمركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار (‪.) ICSID‬‬

‫• لذلك سنعالج هذا المبحث من خالل التطرق في (المطلب األول) لنشأة البنك الدولي‬
‫لإلنشاء والتعمير‪ ،‬وتعريفه وتحديد أهدافه‪ ،‬وهيكله التنظيمي وموارده المالية‪ ،‬ثم‬
‫نتطرق في (المطلب الثاني) للمؤسسات المساعدة للبنك الدولي للقيام بأدواره على‬
‫المستوى الدولي‪ ،‬مع توضيح أهم التطورات التي عرفتها سياسات هذا البنك‪ ،‬وما هي‬
‫أهم االنتقادات الموجهة إليها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬

‫المطلب األول‪ :‬البنك الدولي لإلنشاء والتعمير‬


‫لتحديد بدقة ماهية البنك الدولي لإلنشاء والتعمير‪ ،‬سنستعرض هذه المؤسسة من خالل‬
‫التطرق إلى نشأتها‪ ،‬تعريفها واألهداف التي تتوخى تحقيقيها (الفرع األول)‪ ،‬ثم هيكلها‬
‫التنظيمي ومواردها المالية في (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬النشأة والتعريف واألهداف‬
‫الفقرة األولى‪ :‬النشأة‬
‫في عام ‪ ،1941‬وضع هاري وايت‪ ،‬الذي رأينا أنه لعب دورا أساسيا في تصميم صندوق‬
‫النقد الدولي‪ ،‬مذكرة حول برنامج للدول المتحالفة في الشؤون النقدية والمصرفية‪،‬‬
‫وكان وايت يرى أن إنشاء بنك دولي يمكن أن يمثل حافزا للدول لالشتراك في نظام‬
‫لتثبيت أسعار الصرف فيما بينها‪.‬‬
‫وفي أبريل ‪ 1942‬أعلنت الواليات المتحدة األمريكية عن مشروع لهذا الصندوق والبنك‪،‬‬
‫وعلى إثر ذلك وجه الرئيس روزفلت وزير خزانته هنري مورجنتاو لبدء المشاورات‬
‫حول هذا البنك‪ .‬وهي المشاورات التي تمت أساسا مع الجانب البريطاني‪ ،‬الذي كان له‬
‫مع الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬الدور الكبير في وضع أسس النظام االقتصادي الدولي‬
‫الجديد‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫• أنشئ البنك‪ ،‬وفقا لما تقدم‪ ،‬باسم «البنك الدولي لإلنشاء والتعمير»‪ ،‬وترجمة التعمير‬
‫باصطالح (‪ ) Developement‬الذي استقرت ترجمته بعد ذلك بمصطلح ‪″‬التنمية‶‪.‬‬
‫وهكذا بدأ البنك تمويل الجهود الرامية إلى إعادة بناء االقتصادات المهدمة في أثناء‬
‫الحرب‪ ،‬ثم جهود التنمية‪.‬‬

‫• وقد عكست هذه التنمية نشاط البنك في السنوات الالحقة‪ ،‬حيث بدأ نشاطه بالمعاونة في‬
‫تعمير االقتصادات األوروبية المحطمة في أثناء الحرب‪ ،‬ثم ركز عملياته منذ نهاية‬
‫الخمسينيات على قضايا التنمية في دول العالم الثالث‪ ،‬وفي التسعينيات في دول الكتلة‬
‫االشتراكية أيضا‪.‬‬

‫• والسبب الذي استدعى إنشاء البنك الدولي لإلنشاء والتعمير هو أنه لم تكن محاولة تنظيم‬
‫الشؤون النقدية في عالم ما بعد الحرب عن طريق إنشاء صندوق النقد الدولي كافية لحل‬
‫المشكالت االقتصادية العالمية‪ ،‬وبصفة خاصة مشكالت إعادة بناء االقتصاديات األوروبية‬
‫التي خربتها الحرب‪ ،‬ثم مشكالت تعمير ذلك العدد الضخم من البلدان المتأخرة والفقيرة‬
‫وتنميتها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫• لذلك رأى مؤتمر بريتن وودز أن يكمل منظمته األولى العاملة في ميدان النقد وموازين‬
‫المدفوعات بمنظمة ثانية أطلق عليها تسمية البنك الدولي لإلنشاء والتعمير‪ ،‬تعمل في ميدان‬
‫القروض واالستثمارات طويلة األجل‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬تعريف البنك الدولي لإلنشاء والتعمير وأهدافه‬

‫أسفر المؤتمر المالي والنقدي الدولي الذي انعقد في بريتون وودز عام ‪ 1944‬عن اتفاقية خاصة‬
‫بإنشاء البنك الدولي لإلنشاء والتعمير وقد صاغها المؤتمر بعد اتفاقية صندوق النقد الدولي‪.‬‬

‫وتم إقرار هذه االتفاقية رسميا في ‪ 2‬ديسمبر ‪ 1945‬ويعتبر البنك منظمة دولية حكومية‬
‫متخصصة تتبع األمم المتحدة بعد أن تم الربط بينهما بموجب اتفاقية وصل في ‪ 15‬أبريل‬
‫‪. 1948‬‬

‫أما عن العضوية والتصويت داخل البنك فقد جعلت اتفاقية إنشاء البنك من عضوية صندوق النقد‬
‫الدولي شرطا لعضوية البنك‪ ،‬وجواز قبول أعضاء جدد بموافقة أغلبية مجلس المحافظي ن‬
‫بشرط سبق عضوية صندوق النقد الدولي‪ ،‬كذلك تفقد الدولة العضوية بطريقة أوتوماتيكية في‬
‫البنك إذا فقدت عضوية صندوق النقد الدولي أيضا‪.‬‬

‫ومقر البنك واشنطن بالواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬ويتمتع البنك بالشخصية القانونية الدولية‬
‫وبميزانية مستقلة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫• ويمكن تعريف البنك الدولي على أنه المؤسسة االقتصادية العالمية المسؤولة عن‬
‫إدارة النظام المالي الدولي واالهتمام بتطبيق السياسات االقتصادية الكفيلة بتحقيق‬
‫التنمية االقتصادية للدول األعضاء‪ ،‬ولذلك فإن مسؤوليته تنصب أساسا على سياسات‬
‫التنمية واالستثمار‪،‬وسياسات اإلصالح الهيكلي‪ ،‬وسياسات تخصيص الموارد في‬
‫القطاعين العام والخاص‪ ،‬وكذلك يهتم بصفة رئيسية بالجدارة االئتمانية ألنه يعتمد في‬
‫تمويله على االقتراض من أسواق المال‪.‬‬

‫• لذلك فقد تم إنشاء هذا البنك لتحقيق األهداف التالية‪:‬‬

‫‪ (1‬المساعدة في تعمير أقاليم الدول األعضاء وتنميتها عن طريق تسهيل استثمار‬


‫رؤوس األموال في األغراض اإلنتاجية‪ ،‬وبناء اقتصاديات الدول التي دمرتها الحرب‬
‫العالمية الثانية؛‬

‫‪ (2‬الحث على تشجيع االستثمارات األجنبية الخاصة عن طريق تقديم الضمانات االئتمانية‬
‫لها‪ ،‬وسد النقص فيها من موارد البنك الخاصة أو مما يحصل عليه من أموال؛‬

‫‪ (3‬تشجيع نمو التجارة الدولية والحفاظ على توازن موازين المدفوعات؛‬


‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫‪ ) 4‬التنسيق بين القروض التي يضمنها أو يقدمها وبين القروض الدولية في المجاالت‬
‫األخرى؛‬

‫‪ ) 5‬تقديم المعونات الفنية والدراسات االقتصادية لتطوير اقتصاديات الدول األعضاء‪ ،‬وقد‬
‫اتسع نشاط البنك في هذا الخصوص عن طريق تقديم المعونة الفنية والخبراء‬
‫االقتصاديين ليس فقط في المشروعات التي يمولها البنك‪ ،‬بل في كافة النواحي‬
‫االقتصادية للدول األعضاء؛‬

‫‪ ) 6‬فض المنازعات المالية بين الدول‪ ،‬فقد تدخل البنك مثال في الخالفات التي نشأت عن‬
‫طريق تأميم قناة السويس‪ ،‬إذ أستطاع أن يتفاوض في تسويتين ماليتين بخصوص‬
‫التعويضات الواجب دفعها إلى شركة قناة السويس‪ ،‬والمشكالت التي ترتبت على‬
‫العدوان الثالثي بين مصر وانجلترا‪ ،‬كما تدخل في النزاع الذي نشب بين الهند‬
‫وباكستان عام ‪ 1960‬بخصوص مياه حوض نهر السند؛‬

‫‪ ) 7‬تدريب موظفي حكومات الدول األعضاء على إدارة التنمية‪ ،‬ولذلك أنشئ معهد التنمية‬
‫االقتصادية في واشنطن عام ‪ 1955‬مستهدفا توفير خدمات التدريب لكبار موظفي‬
‫الحكومة في البلدان النامية على إدارة التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬

‫• ويتتبع البنك من أجل تحقيق أهدافه الوسائل التالية‪:‬‬

‫❖ تقديم أو ضمان قروض التنمية االقتصادية إلى الدول النامية من دول أخرى‪ ،‬كما‬
‫يقدم قروض طويلة األجل وبتسهيالت واسعة مثل منح فترة سداد قد تصل إلى ‪5‬‬
‫سنوات وتحديد سعر فائدة منخفض على قروضه؛‬

‫❖ تقديم المعونات الفنية واالستثمارية للدول النامية وخاصة في الحاالت التي تتوفر‬
‫فيها الخبرات المتخصصة لبعض مشاريع االستثمار؛‬

‫❖ استثمار األموال والودائع الدولية الموجودة لدى البنك في مشاريع اإلنتاج الصناعي‬
‫والزراعي في الدول المانحة من جهة‪ ،‬والدول المستفيدة من جهة أخرى‪ ،‬وخالل‬
‫العشرين السنة الماضية لوحظ أن البنك يلعب دورا مهما في مجال التمويل التعاوني‬
‫بين الدول أو بين المنظمات الدولية والدول المستفيدة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫الفرع األول‪ :‬البنك الدولي لإلنشاء والتعمير‪ :‬الهيكل التنظيمي والموارد‬
‫الفقرة األول‪ :‬الهيكل التنظيمي‬

‫يتكون البنك من األجهزة التالية‪:‬‬

‫أ) مجلس المحافظين‪ :‬ويتشكل من مندوبي الدول األعضاء‪ ،‬وتقوم كل دولة بتعيين محافظ‬
‫ونائب له‪ ،‬ويعتبر السلطة العليا في البنك الدولي‪ ،‬وتتركز في يده كل سلطاته‪.‬‬

‫وإن كان من المالحظ أن المجلس قد فوض عمليا المديرين التنفيذيين للبنك في مباشرة‬
‫كل سلطاته المتعلقة بتصريف الشؤون العامة للبنك‪ ،‬وذلك باستثناء تلك المسائل التي‬
‫ينص النظام األساسي للبنك على ضرورة احتفاظ المجلس بها لنفسه مثل قبول‬
‫األعضاء الجدد أو زيادة رأس المال‪ ،‬ويجتمع المجلس عادة مرة كل سنة‪.‬‬

‫ب) المديرون التنفيذيون‪ :‬وعددهم ‪ 25‬مديرا‪ ،‬يتم تعيين خمسة من المديرين التنفيذيين‬
‫من قبل البلدان الخمسة األعضاء التي تملك أكبر عدد من أسهم رأس المال (حاليا‪:‬‬
‫الواليات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة)‪ .‬كما تختار الصين‬
‫واالتحاد الروسي والمملكة العربية السعودية مديرا تنفيذيا ممثال لكل منها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫• أما الستة عشر اآلخرين فيجري انتخابهم عن طريق المحافظين الممثلين لألعضاء‬
‫الباقين‪ ،‬ويالحظ أن التصويت في مجلس المحافظين أو المديرين التنفيذيين يتم وفقا‬
‫لنظام التصويت المرتبط بمدى المساهمة في رأس مال البنك‪ ،‬بمعنى أن لكل دولة‬
‫‪ 250‬صوتا مضاف إليها صوت واحد عن كل سهم من حصة الدولة‪.‬‬

‫ج) الرئيس‪ :‬ويتم انتخابه بواسطة مجلس المديرين التنفيذيين لمدة خمس سنوات قابلة‬
‫للتجديد‪ ،‬وهو يرأس بحكم منصبه المجلس المذكور وهيئة موظفي البنك‪ ،‬والرئيس ال‬
‫يملك حق التصويت داخل المجلس إال للترجيح في حالة تساوي األصوات‪ ،‬كما أن له‬
‫حق حضور جلسات مجلس المحافظين‪ ،‬ولكن بدون االشتراك في التصويت‪ ،‬ويعتبر‬
‫الرئيس مسؤوال عن سير العمل داخل البنك‪ ،‬ويعاونه في ذلك عدد من الموظفين الذي‬
‫يعملون تحت رئاسته‪.‬‬

‫وقد جرت العادة أن يكون رئيس البنك من مواطني أكبر المساهمين في البنك الدولي‪ ،‬أي‬
‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬حيث يقوم المدير التنفيذي الممثل لها بترشيحه‪.‬‬

‫د) الموظفين‪ :‬يعمل بالبنك ما يزيد على ‪ 9300‬بما في ذلك خبراء االقتصاد والتربويون‬
‫وعلماء البيئة والمحللين الماليين والعلماء ينتمي هؤالء إلى نحو ‪ 16‬بلد‪ ،‬ويعمل ما‬
‫يزيد عن ‪ 3000‬شخص بالمكاتب القطرية‪.‬‬
‫الهيكل التنظيمي للبنك الدولي إلى غاية ‪ 20‬سبتمبر ‪2020‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬موارد البنك‬
‫• تأتي موارد البنك معظمها من الدول المتقدمة لكنه يجمع األموال أيضا عن طريق‪:‬‬
‫▪ حساب االكتتاب للدول األعضاء في رأسمال البنك‪ :‬هو اشتراكات الحصص (رأس‬
‫المال) التي تسددها البلدان عند االنضمام إلى عضوية البنك‪ ،‬ورأسمال البنك مقسم إلى‬
‫أسهم يحدد لكل دولة نصيب منها أو حصة على أساس قريب من توزيع حصص‬
‫صندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫تقسم حصة كل عضو إلى ثالثة أجزاء‪:‬‬
‫أ) ‪ ٪ 2‬من الحصة تدفع للبنك مباشرة ذهبا أو دوالرات أمريكية‪ ،‬وهذه تكون قابلة‬
‫لالقتراض؛‬
‫ب) ‪ ٪ 18‬من الحصة تدفع في شكل عموالت محلية للدولة العضو وهذه ال تكون قابلة‬
‫لالقتراض إال بموافقة العضو؛‬
‫ج) ‪ ٪ 80‬من الحصة الباقي ال يكون قابال لالقتراض‪ ،‬وإنما يخصص لضمان التزامات‬
‫البنك نفسه وما يضمنه من قروض‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫▪ االقتراض‪ :‬من الواضح أن الجزء المخصص من رأسمال البنك لالقتراض جزء‬
‫صغير‪ ،‬ولذلك فإن البنك يعتمد بصفة أساسية على االقتراض أو على ضمان قروض‬
‫الدول لتمويل العمليات التي يساهم فيها‪ ،‬فالبنك قد يتدخل ضمانا للدولة الراغبة في‬
‫االقتراض من سوق رأسمال‪ ،‬ومن الواضح أن هذه الضمان يسهل على هذه الدول‬
‫الحصول على القروض‪.‬‬

‫تتضمن القروض التي يحصل عليها البنك من األسواق المالية في أوروبا والواليات‬
‫المتحدة األمريكية واليابان إلى جانب القروض من البنوك المركزية والمؤسسات‬
‫الحكومية المختلفة بأسعار السوق‪ ،‬وقد كان البنك يعتمد في سنواته األولى على‬
‫السوق المالية للواليات المتحدة األمريكية لتدبير األموال الالزمة لتمويل نشاطه‪،‬‬
‫ولكنه تحول بعد ذلك إلى األسواق المالية األخرى بعد تزايد عجز الميزان الحسابي‬
‫األمريكي‪.‬‬

‫الفائض‪ :‬ويجتمع لدى البنك نتيجة لما يحصل عليه من عموالت على ما يقدمه أو يضمنه‬
‫من قروض بمعدالت تتراوح ما بين ‪ %1‬إلى ‪ %1,5‬من قيمة القروض‪ ،‬وكذلك من‬
‫فوائد القروض التي يمنحها والتي تتراوح ما بين ‪ %3,5‬و‪ %5‬سنويا بحسب مدة‬
‫القرض‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫المطلب األول‪ :‬المؤسسات المساعدة للبنك في إطار مجموعة البنك الدولي‬
‫وتطور سياساته‬
‫في هذا المطلب سنتطرق للمؤسسات المساعدة البنك الدولي ألداء مهامه على المستوى‬
‫الدولي (الفرع األول)‪ ،‬تم في (الفرع الثاني) سنعالج أهم التطورات التي عرفتها‬
‫سياسات البنك الدولي‪ ،‬وما هي االنتقادات الموجهة لهذه السياسات‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المؤسسات المساعدة للبنك في إطار مجموعة البنك الدولي‬

‫الفقرة األول‪ :‬المؤسسة الدولية للتنمية‬

‫تم إحداث المؤسسة الدولية للتنمية (‪ ) IDA‬في العام ‪ ،1960‬والخلفية األساسية التي أدت‬
‫إلى إنشاء هذه المؤسسة هي‪″ :‬التصدي لمطلب بلدان العالم الثالث بإيجاد وكالة أكثر‬
‫راديكالية لتقديم القروض الميسرة أو المنح تحت إشراف منظمة األمم المتحدة‪ ،‬وهو‬
‫مطلب كان الحافز عليه بدرجة كبيرة االستياء من سياسات اإلقراض المحافظة التي‬
‫ينتهجها البنك الدولي لإلنشاء والتعمير‶‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫• لكن المؤسسة الدولية للتنمية تصر على أن وظيفتها األساسية هي‪ ″:‬تخفيض الفقر‬
‫عن طريق منح القروض والمنح للبرامج التي تعزز النمو االقتصادي‪ ،‬وتساهم في الحد‬
‫من الفوارق‪ ،‬وتحسين األوضاع المعيشية‶‪.‬‬

‫• تعمل مساهمات المؤسسة اإلنمائية الدولية على تمكين البنك الدولي من توفير ‪6- 9‬‬
‫مليار دوالر سنويا في شكل تمويل بشروط ميسرة للبلدان الـ‪ 81‬التي تعتبر أشد بلدان‬
‫العالم فقرا‪ ،‬والتي يعيش معظم أفرادها على أقل من دوالرين في اليوم الواحد‪.‬‬

‫• وتعد ائتمانات المؤسسة معفاة الفائدة مصدرا حيويا للتمويل ألن هذه البلدان تملك قدرة‬
‫محدودة أو ال تملك القدرة من األساس على االقتراض بشروط السوق القائمة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الشركة المالية الدولية‬

‫تم إحداث الشركة المالية الدولية في العام ‪ ،1956‬وهي جزء أساسي من مجموعة البنك‬
‫الدولي‪ ،‬مهمتها األساسية هي تقديم القروض للقطاع الخاص‪.‬‬

‫تقدم قروضا طويلة األجل تتراوح مدتها ما بين ‪ 15- 5‬سنة وضمانات وخدمات إلدارة‬
‫المخاطر وخدمات استشارية للمتعاملين معها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الوكالة المتعددة األطراف بشأن ضمان االستثمارات (‪) MIGA‬‬

‫الوكالة المتعددة األطراف بشأن ضمان االستثمارات هي مؤسسة خاصة تابعة للبنك‬
‫الدولي‪ .‬مهمتها األساسية هي تشجيع االستثمارات الخاصة المنتجة وذلك عن طريق‬
‫توفير تغطية مخاطر بفضل الضمانات التي تتوفر عليها‪.‬‬

‫ويعود السبب في إنشائها إلى تفجر أزمة الديون الخارجية للدول النامية في مطلع‬
‫الثمانينات وانخفاض وثيرة تدفق األموال إلى الدول النامية‪.‬‬

‫تساعد الوكالة الدولية لضمان االستثمار على تشجيع االستثمار األجنبي المباشر في‬
‫البلدان النامية عن طريق تقديم ضمانات للمستثمرين ضد المخاطر غير التجارية‪ ،‬مثل‬
‫مصادرة الملكية وعدم قابلية تحويل العملة المحلية وقيود تحويل األموال والحروب‬
‫واالضطرابات األهلية ومخاطر خرق العقود‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬المركز الدولي لفض المنازعات المتعلقة باالستثمار (‪) ICSID‬‬

‫المركز الدولي لفض المنازعات المتعلقة باالستثمار هو مؤسسة تابعة للبنك الدولي‪،‬‬
‫تأسس في العام ‪ 1966‬من أجل فض المنازعات القانونية االستثمارية بين‬
‫المستثمرين األجانب من جهة‪ ،‬والدول المضيفة لهم من جهة ثانية‪.‬‬

‫ومن الشروط تدخل هذا المركز في فض النزاع أن يشير العقد بين الطرفين إلى قبول‬
‫تسوية المركز الدولي لفض المنازعات المتعلقة باالستثمار‪.‬‬

‫وعندما يتفق الطرفان للخضوع لتسوية المركز الدولي لفض المنازعات المتعلقة‬
‫باالستثمار في حالة نشوب نزاع بينهما‪ ،‬فال يجوز ألحد األطراف أن يسحب الموافقة‬
‫بإرادته المنفردة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬

‫الفرع األول‪ :‬تطور سياسات البنك الدولي وأهم االنتقادات الموجهة إليها‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تطور سياسات البنك الدولي‬


‫في البداية اتجه البنك الدولي لإلنشاء والتعمير (التنمية)إلى قضايا إعادة بناء وإعمار‬
‫أوروبا‪ ،‬ثم لم يلبث أن تخصص في قضايا التنمية‪ ،‬وبذلك أصبح هو المؤسسة الدولية‬
‫المهتمة بقضايا التنمية‪ ،‬في الوقت الذي كان فيه صندوق النقد الدولي مهتما بقضايا‬
‫االستقرار النقدي للدول الصناعية‪.‬‬
‫لذلك كان جل اهتمام البنك هو تمويل مشروعات البنية األساسية‪ ،‬وربما تأثر البنك‬
‫الدولي في هذا بتجربته في إعادة إعمار أوروبا‪ .‬وقد غلب على سياسة البنك الدولي‬
‫في هذه المرحلة االهتمام بالنمو االقتصادي باعتباره المؤشر الرئيسي للنجاح‪.‬‬
‫لكن منذ نهاية ستينيات القرن الماضي ومع تولي ‪″‬ماكنمارا‶ رئاسة البنك‪ ،‬بدأ البنك‬
‫يوجه عناية خاصة إلى قضايا التوزيع‪ ،‬وبذلك أصبح «النمو مع التوزيع» هو أحد‬
‫محددات مشروعات تمويل البنك‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬

‫• فلم يقتصر البنك على تمويل المشروعات الكبرى للبنية األساسية المادية مثل محطات‬
‫توليد الكهرباء‪ ،‬والطرق‪ ،‬وشبكات المياه والصرف‪ ،‬بل اتجه أيضا إلى تمويل‬
‫المشروعات الصحية والتعليمية ومشروعات التنمية الريفية‪.‬‬

‫• وقد ارتبط هذا التغير في اهتمامات البنك بتطوير مقابل في مفهوم البنك للتنمية‪ ،‬ففي‬
‫الفترة األولى التي سادت فيها مفاهيم النمو االقتصادي المرتبط بمعدل الدخل الفردي‪،‬‬
‫كان التركيز متجها إلى المشروعات االقتصادية ذات العائد االقتصادي على نمو الناتج‬
‫القومي‪.‬‬

‫• وفي مرحلة تالية دخل على مفهوم التنمية تطور مهم‪ ،‬وذلك بإعطاء مزيد من االهتمام‬
‫لرأس المال البشري‪ ،‬إلى جانب رأس المال المادي‪ ،‬وكان عدد من الكتاب وعلى‬
‫رأسهم شولتز (‪ ،) Schultz‬قد أشاروا في بداية ستينيات القرن الماضي‪ ،‬إلى أهمية‬
‫االستثمار في اإلنسان‪ ،‬وخاصة في مجاالت التعليم والصحة وتنظيم األسرة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫كذلك عاصر مفهوم التنمية في هذه المرحلة بداية االهتمام بقضايا التوزيع‪ ،‬فقد يزيد‬ ‫•‬
‫معدل النمو بشكل عام‪ ،‬ومع ذلك يزداد االختالل في توزيع الثروة والدخل‪ ،‬وبالتالي‬
‫يكون نمو االقتصاد القومي مصحوبا بتزايد فئات المهمشين في االقتصاد‪.‬‬
‫لذلك توجه سياسات البنك خالل هذه المرحلة بإعطاء وزن أكبر للتوازن في النمو بين‬ ‫•‬
‫المناطق الريفية والحضرية‪ ،‬وبين االهتمام بالمشروعات الكبرى وخلق البيئة‬
‫المناسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة‪.‬‬
‫ومع بداية ثمانينيات القرن الماضي اتجهت مشروعات البنك الدولي إلى ما عرف‬ ‫•‬
‫ببرامج التكيف الهيكلي‪ ،‬وهو ما بدأ يخرج من مجرد تمويل مشروعات محددة إلى‬
‫نوع من التمويل البرامجي‪ ،‬حيث يمول البنك قيام الدولة بسياسات معينة‪ ،‬قد تكون‬
‫سياسة إعادة هيكلة االقتصاد أو االنتقال إلى القطاع الخاص وتخصيص بعض‬
‫المشروعات العامة‪.‬‬
‫فمع تفاقم أزمة المديونية للدول النامية خالل ثمانينيات القرن الماضي‪ ،‬بدأت برامج‬ ‫•‬
‫البنك الدولي تتجه إلى ما عرف ببرامج التكيف الهيكلي‪ ،‬واستكمال سياسات التثبيت‬
‫النقدي التي يقترحها صندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫• وهكذا بدأ كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يعمالن في تعاون‪ ،‬بشكل ما‪،‬‬
‫لمواجهة أوضاع الدول النامية‪ ،‬حيث يقدم صندوق النقد الدولي برامج للتثبيت النقدي‬
‫تعتمد على إعادة التوازن في الكميات االقتصادية الكلية‪ ،‬وهي أمور تتحدد عادة‬
‫بمؤشرات ثالثة‪ :‬مواجهة عجز الموازنة‪ ،‬تحديد أسعار الصرف الواقعية‪ ،‬واألخذ‬
‫بأسعار الفائدة الحقيقية‪.‬‬
‫• لكن لوحظ أن هذه البرامج وحدها غير كافية على رغم أنها أساسية ألي إصالح‬
‫اقتصادي‪ .‬ومن هنا تأتي برامج البنك الدولي (وهي في العادة برامج أطول مدة)‪،‬‬
‫نظرا إلى أن تعديل عالقات اإلنتاج وتنظيم االقتصاد يحتاج إلى وقت طويل قبل أن‬
‫تظهر ثماره‪.‬‬
‫• كذلك نشير إلى إن توجهات البنك الدولي في قضايا التنمية كثيرا ما تصطدم‬
‫باالعتبارات السياسية للدول المتلقية (فساد النظم السياسية) ورغبة من البنك الدولي‬
‫في طرح هذه القضايا دون التعرض مباشرة لألمور السياسية‪ ،‬فقد سك تعبيرا جديدا‬
‫لمناقشة هذه األمور هو تعبير ‪″‬الحكم الصالح‶‪ ،‬ويقصد به كل أساليب استخدام‬
‫السلطة سواء من الحكومات أو من إدارات الحكم المحلي‪ ،‬أو في إدارة المشروعات أو‬
‫غير ذلك من الميادين‪ .‬ومن هنا جاءت صيحة البنك الدولي في ‪ 1989‬بأن أزمة‬
‫إفريقيا هي أزمة في الحكم الصالح‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬

‫• ومع توسع مفهوم التنمية‪ ،‬بدأ اإلدراك بأن الدولة لم تعد هي الالعب الرئيسي‪ ،‬وال‬
‫الوحيد في الساحة‪ ،‬وأن هناك مجال ألدوار أخرى للقطاع الخاص ومؤسسات‬
‫المجتمع المدني‪ .‬وقد صاحب ذلك ما أصاب االشتراكية والتنمية من أزمات أوضحت‬
‫فشل االعتماد الكامل على الدولة كالعب واحد‪ ،‬ومن هنا جاءت أهمية تدعيم نشاط‬
‫القطاع الخاص وقطاع المجتمع المدني في عملية التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫• ولعل من المفيد أن نسجل تطور نظرة البنك الدولي لنفسه كمؤسسة تمويلية تقدم‬
‫القروض للدول النامية‪ ،‬بقدر ما ينصب إلى تحويل البنك الدولي إلى مركز للمعرفة‬
‫والخبرة التي توضع تحت تصرف الدول النامية‪ .‬فما يقدمه البنك من توجهات‬
‫للسياسات االقتصادية يجاوز بكثير حجم التمويل الذي يضعه تحت تصرف الدول‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أهم االنتقادات الموجهة لسياسات البنك الدولي‬

‫من أهم االنتقادات التي تم توجهها ضد سياسات البنك الدولي تتجلى في‪:‬‬

‫❑ إن تطور الدور االقتصادي للبنك الدولي من خالل أنشطته في مجال إقراض‬


‫الدول األعضاء فيه‪ ،‬تعكس الرغبة الجامحة للنظام الرأسمالي في تعميم‬
‫إيديولوجيتيه على العالم‪ ،‬وتكريس لقواعد النظام االقتصادي الذي يريده‪ ،‬حيث‬
‫ترتبط القروض ببرامج التكييف الهيكلي التي تفرضها الدول الكبرى على الدول‬
‫النامية‪ ،‬لتقليص دور الحكومات وزيادة دور السوق ورفع القيود عن النشاط‬
‫االقتصادي‪.‬‬

‫❑ تطبيق نفس البرامج والسياسات على جميع الدول دون اعتبار للخصوصيات‬
‫كل دولة على حدى‪.‬‬

‫❑ ازدواجية التعامل مع الدول األعضاء‪ ،‬ولقد تجلى ذلك مثال في تصميم وتنفيذ‬
‫مشروعات بعينها تخدم مصالح الشركات الكبرى‪ ،‬دون اعتبار للنتائج‬
‫االجتماعية لهذه المشروعات مثال (كمشروع أنابيب النفط تشاد‪ -‬الكاميرون)‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام المالي الدولي‬
‫❑ بالرغم من كون اتفاقية البنك تقضي بكون االعتبارات االقتصادية وحدها هي التي‬
‫تحكم قراراته في ما يتعلق بتمويل المشروعات اإلنتاجية في دول العالم النامي‪ ،‬فإن‬
‫البنك يميل إلى التصرف في هذا اإلطار وفقا لرغبات بعض الدول األعضاء التي‬
‫تتحكم في قراراته لما تملكه من نسبة كبيرة من مجموع أصواته‪ ،‬وال أدل على ذلك‬
‫من الخطر الكامن وراء تصرفات البنك‪ ،‬حيث أن الواليات المتحدة والمملكة المتحدة‬
‫وفرنسا وألمانيا تمتلك ما يقرب ‪ %54‬من مجموع األصوات‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬النظام التجاري الدولي‬
‫• تتعلق التجارة الدولية بالقواعد المنظمة النتقال وتبادل السلع والخدمات فيما بين‬
‫الدول وفي نطاق األقاليم الجمركية والمناطق التجارية واإلقليمية‪.‬‬

‫• إن اإلشكالية القانونية للتبادل التجاري الدولي موجودة منذ أقدم العصور بين المدن‬
‫اليونانية وشعوب البحر األبيض المتوسط‪ .‬وقد عرفت التجارة الدولية تطورا تاريخيا‬
‫مهما إال أن أكبر تطور عرفته منذ الحرب العالمية الثانية هو إنشاء منظمة التجارة‬
‫العالمية في ‪ 1‬يناير ‪ ،1995‬غير أن النظام الدولي التجاري استغرق تطوره تقريبا‬
‫نصف قرن حتى أستقر على إنشاء هذه المنظمة في أخر المطاف‪.‬‬

‫• فبعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وتوقيع اتفاقية بريتون ووز‪ ،‬كان من الواضح اتجاه‬
‫الدول الكبرى نحو تأسيس النظام الدولي االقتصادي على قواعد اقتصاديات السوق‪،‬‬
‫وكان تحرير التجارة من العقبات الجمركية‪ ،‬هو الهدف من وراء إنشاء االتفاقية‬
‫العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (كات ‪General Agreement on ،) GATT‬‬
‫‪ Tariffs and Trade‬التي أصبحت فيما بعد منظمة التجارة العالمية‪ ،‬التي تمثل الضلع‬
‫الثالث لمثلث السيطرة الرأسمالية‪ ،‬بعد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬النظام التجاري الدولي‬
‫• وتهتم منظمة التجارة العالمية بالقواعد التي تنظم التجارة بين الدول على المستوى‬
‫العالمي أو شبه العالمي‪ .‬غير أن هذا ليس هو كل شيء‪ ،‬إذ هناك من الطرق للنظر‬
‫إلى المنظمة العالمية للتجارة‪ ،‬فهي تعمل على تحرير التجارة‪ ،‬وهي إطار تتفاوض‬
‫فيه الدول بشأن االتفاقيات التجارية‪ ،‬وهي المكان الذي تفصل فيه خالفتها التجارية‪،‬‬
‫كما تدير المنظمة نظاما من القواعد التجارية‪.‬‬

‫• فالمنظمة العالمية للتجارة هي قبل كل شيء إطار للتفاوض‪ ،‬فهي المكان الذي تلجأ‬
‫إليه الدول األعضاء لمحاولة حل المشاكل التجارية الموجودة بينها‪ ،‬وتكمن المرحلة‬
‫األولى في التشاور‪ ،‬في كون المنظمة هي ثمرة للمفاوضات‪ ،‬وكل ما تقوم به هو‬
‫نتيجة للمفاوضات‪.‬‬

‫• وهي أيضا مجموع القواعد القانونية األساسية للتجارة الدولية‪ ،‬فهي باألساس عقود‬
‫مادام أن الحكومات تلتزم بالحفاظ على سياسياتها التجارية داخل الحدود المتفق‬
‫عليها‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬النظام التجاري الدولي‬
‫• إن الهدف األساسي للمنظمة هو المساهمة في تشجيع أكثر ما يمكن حرية المبادالت‪،‬‬
‫مع تجنب اآلثار الجانبية غير المرغوب فيها‪ ،‬ألن ذلك مهم بالنسبة للتنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬ويتعلق األمر بإلغاء الحواجز وإعالم الخواص والمقاوالت والسلطات‬
‫العمومية بالقواعد التجارية الجاري بها العمل في العالم وطمأنتهم بأن ال يكون هناك‬
‫أي تغيير مفاجئ في السياسات المطبقة‪ .‬وبعبارة أخرى فإن القواعد يجب أن تكون‬
‫شفافة‪.‬‬

‫• كما تساعد المنظمة على حل الخالفات‪ ،‬وهذا هو الجناح الثالث من القواعد المنظمة‬
‫للتجارة الدولية‪ ،‬ألنه غالبا ما ينجم عن العالقات التجارية مصالح متناقضة‪ ،‬وغالبا‬
‫ما تكون االتفاقيات بما في ذلك حتى تلك المتفاوض بشأنها في حاجة إلى تفسير‪.‬‬
‫وأحسن طريقة لحل هذه النزاعات هو اللجوء إلى مسطرة محايدة على أساس قانوني‬
‫متفق عليه‪ ،‬وهذا هو هدف الجهاز المكلف بحل الخالفات المعلن عنه في اتفاقيات‬
‫المنظمة العالمية للتجارة‪ .‬كما تم وضع عدد من التدابير والعقوبات لضمان أمن‬
‫المشاركين واحترام تلك القواعد‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬النظام التجاري الدولي‬
‫• وبناء على كل ما سبق سنحاول في هذا الفصل لإلجابة عن التساؤالت‬
‫التالية‪:‬‬

‫• كيف نشأت الكات وكيف تحولت إلى منظمة التجارة العالمية؟‬

‫• ما هي القواعد القانونية التي تحكم تنظيم التجارة الدولية؟‬

‫• ما هي جزاءات عدم احترام هذه القواعد؟‬

‫إلجابة عن هذه التساؤالت سنعمل على تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين‬
‫أساسين‪ :‬في (المبحث األول) سنتناول نشأة االتفاقية العامة للتعريفات‬
‫الجمركية والتجارة (الكات) والتحول إلى منظمة التجارة العالمية‪ ،‬أما في‬
‫(المبحث الثاني) سنتطرق للقواعد المنظمة للتجارة الدولية وجزاءات‬
‫عدم احترامها‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫• حتى تاريخ إعالن تأسيس منظمة التجارة العالمية كانت االتفاقية العامة للتعريفات‬
‫الجمركية والتجارة (الكات ‪ ) 1947‬هي اتفاقية التجارة العالمية الوحيدة‪ ،‬وخالل‬
‫الفترة بين ‪ 1947‬و‪ 1994‬نظمت ثماني جوالت لالتفاقيات التجارية متعددة‬
‫األطراف‪.‬‬

‫• وتعد الجولة األخيرة (أورغواي ‪ ) 1994- 1986‬أهم وأعقد وأطول الجوالت بسبب‬
‫ازدهار العالقات االقتصادية العالمية بدرجة كبيرة جدا‪ ،‬إذ تزايدت الصادرات السلعية‬
‫واتسعت حركات رؤوس األموال وحدث تقدم تكنولوجي هائل وسريع في ميدان انتقال‬
‫وتبادل المعلومات‪.‬‬

‫• أضف إلى ذلك أن التنظيم التجاري العالمي الجديد لم يعد يقتصر على السلع بل أصبح‬
‫يشمل أيضا الخدمات التي باتت تشكل خمس المبادالت العالمية‪ ،‬وكذلك حقوق الملكية‬
‫الفكرية المتصلة بالتجارة‪ .‬كما تمخض عن هذه الجولة ظهور منظمة التجارة العالمية‬
‫التي أصبحت اإلطار الوحيد لتنفيذ النظام التجاري القائم على االتفاقيات متعددة‬
‫األطراف (‪ 29‬اتفاقية)‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫• وعليه سنتناول االتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (الكات) والتطور نح و إنشاء‬
‫منظمة التجارة العالمية (المطلب األول) بينما نتطرق في (المطلب الثاني) للهيكل التنظيمي‬
‫لمنظمة التجارة العالمية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اتفاقية الكات والتطور نحو منظمة التجارة العالمية (‪) WTO‬‬

‫الفرع األول‪ :‬االتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة‪ :‬النشأة واألهداف‬


‫شهدت التجارة الدولية عدة تطورات في القرن الماضي‪ ،‬كان أهمها انعقاد مؤتمر بريتون وودز‬
‫عام ‪ 1944‬في الواليات المتحدة األمريكية والذي من نتائجه ظهور اتفاقية الكات‪ ،‬والتي تم‬
‫التوقيع النهائي عليها في ‪ 30‬أكتوبر ‪ ،1947‬وأصبحت سارية المفعول منذ ‪ 1‬يناير ‪. 1948‬‬

‫وكان الهدف من هذه االتفاقية هو وضع قواعد عامة لتحرير التجارة الدولية وإزالة الحواجز‬
‫الجمركية وغير الجمركية التي تحد من حركتها‪ .‬وقد عرفت هذه االتفاقية تطورات مهمة عبر‬
‫سلسلة من الجوالت والمؤتمرات كان أخرها جولة األوروغواي في عام ‪ 1994‬التي أسفرت‬
‫عن إنشاء منظمة التجارة العالمية التي أصبحت األداة الرئيسية لتنظيم التجارة الدولة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫• الفقرة األول‪ :‬نشأة الكات‬

‫• كما وضحنا سابقا شهد النظام االقتصادي في الفترة التي تلت نهاية الحرب العالمية‬
‫الثانية اختالال شديدا‪ ،‬حيث خرجت معظم دول العالم من الحرب وهي تعاني من‬
‫أزمات اقتصادية شديدة ولم ينج من هذا المصير المظلم إال الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬التي تفوقت على بقية دول العالم اقتصاديا ومال الميزان التجاري مع‬
‫العالم لصالحها‪ ،‬وانتشرت الحروب التجارية وقضايا االحتكار والتحالفات‪ ،‬وهي‬
‫المظاهر التي هددت بإشاعة نوع من الفوضى الشاملة في العالم‪.‬‬

‫• ونتيجة لهذا اتفقت دول العالم على إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد يقوم على ثالثة‬
‫ركائز أساسية‪:‬‬

‫• استقرار أسعار الصرف وحرية تحويل العمالت من ناحية؛‬

‫• حرية انتقال رؤوس األموال وتوفير مناخ مناسب لالستثمار العالمي من ناحية ثانية؛‬

‫• ضمان حرية التجارة من ناحية ثالثة‪.‬‬


‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫• لتحقيق الضلعين األول والثاني من النظام االقتصادي العالمي تم إنشاء كل من‬
‫صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإلنشاء والتعمير‪ ،‬كما تم التطرق لهم سابقا‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالضلع الثالث من النظام االقتصادي العالمي –الذي يتمثل في ضمان حرية‬
‫التجارة العالمية‪ -‬فقد انعقد مؤتمر هافانا عام ‪ 1947‬وصدر عنه ما يعرف بميثاق‬
‫هافانا‪ ،‬لتأكيد مبدأ حرية التجارة وإنشاء منظمة التجارة العالمية‪.‬‬

‫وشارك أكثر من ‪ 50‬دولة في المفاوضات الهادفة إل إنشاء منظمة دولية للتجارة‪ .‬لقد‬
‫كان مشروع ميثاق هذه األخيرة طموحا جدا‪ ،‬فباإلضافة إلى مجاالت التجارة الدولية‬
‫كان يتضمن قواعد تخص العمل واتفاقية تخص المنتوجات والممارسات التجارية‬
‫التقييدية واالستثمارات الدولية والخدمات‪.‬‬

‫غير أن هذا الميثاق لم ير النور بعد رفض الواليات المتحدة األمريكية التصديق عليه‪.‬‬
‫ورأت الدول أن تضع آلية جديدة‪ ،‬مؤقتة‪ ،‬لضمان تنفيذ وحماية التنازالت التي تم‬
‫االتفاق عليها في هذا االجتماع‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫• ولذلك فقد اقتطع من هذا الميثاق الفصل الخاص بالسياسة التجارية‪ ،‬مع تحويله‪ ،‬بعد‬
‫إدخال بعض التعديالت الطفيفة‪ ،‬إلى االتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة‪.‬‬
‫ووضعت هذه االتفاقية في شكل بروتوكول مؤقت لوضع هذه الترتيبات موضع‬
‫التنفيذ‪ .‬تم التوقيع عليه في ‪ 30‬أكتوبر ‪ 1947‬من طرف ‪ 23‬دولة‪ ،‬ودخل حيز‬
‫التنفيذ في ‪ 01‬يناير ‪. 1948‬‬

‫• وهكذا حلت االتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة التي أطلق عليها أسم الكات‬
‫مؤقتا محل منظمة التجارة العالمية منذ ‪ 1947‬حتى عام ‪. 1995‬‬

‫• وقد نصت إحدى مقتضيات االتفاقية العامة حول التعريفات الجمركية والتجارة على‬
‫وجوب أن تقبل هذه الدول ببعض القواعد التي يتضمنها المشروع والعمل بها فورا‬
‫وبصفة مؤقتة لحماية االلتزامات الجمركية التي تم التفاوض بشأنها‪.‬‬

‫• فأصبحت الكات من ‪ 1948‬إلى غاية إنشاء المنظمة العالمية للتجارة في ‪1995‬‬


‫األداة الوحيدة المتعددة األطراف المنظمة للتجارة الدولية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫• الفقرة الثانية‪ :‬أهداف الكات‬
‫• تعرف الجات‪ ،‬بأنها معاهدة دولية متعددة األطراف تتضمن حقوقا والتزامات متبادلة‪ ،‬عقدت‬
‫بين حكومات الدول الموقعة عليها‪ ،‬بهدف تحرير العالقات التجارية الدولية السلعية‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل‪:‬‬
‫▪ إزالة العوائق التي تحول دون التبادل الحر؛‬
‫▪ تنشيط التبادل التجاري بين الدول األعضاء؛‬
‫▪ ضمان مناخ دولي مالئم لمنافسة وتوسيع التجارة الدولية؛‬
‫▪ تشجيع االستثمارات وخلق فرص عمل جديدة في القطاع الخاص؛‬
‫ألجل أن تحقق الكات أهدافها في تكوين نظام تجارة دولية حرة فإنها تبنت المبادئ التالية‪:‬‬
‫❑ إتباع مبدأ عدم التميز في المعاملة بين دولة وأخرى في التجارة الدولية من الدول المنظمة‬
‫لالتفاقية‪ ،‬ويخضع التعامل بين هذه المجموعات من الدول لقاعدة معاملة الدول األولى‬
‫بالرعاية؛‬
‫❑ العمل على منع القيود الكمية في التبادل التجاري بين الدول األعضاء في االتفاقية وهذه‬
‫السياسة يتم تحقيقها إلى أقصى قدر ممكن؛‬
‫❑ تحل الخالفات حول التجارة الدولية بين الدول األعضاء عن طريق التشاور‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تطور االتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة وانتهاؤها‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تطور االتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة‬


‫خالل حوالي نصف قرن بقيت المبادئ القانونية األساسية للكات كما كانت في ‪،1948‬‬
‫وكانت هناك إضافات تحت شكل فقرات بخصوص التنمية في الستينيات واتفاقيات‬
‫متعددة األطراف في السبعينيات‪ ،‬وتوبعت المجهودات لالستمرار في تقليص الرسوم‬
‫الجمركية‪ .‬وقد انعقدت في إطار الجات سلسلة من جوالت المفاوضات خصصت‬
‫لتنظيم عمليات التجارة الدولية وتخفيض التعريفة الجمركية‪ ،‬وتسهيل تبادل السلع‪،‬‬
‫واختلفت هذه الجوالت في طولها الزمني وفي النتائج التي حققتها‪.‬‬

‫❑ في الجولة األولى التي عقدت في جنيف سنة ‪ 1947‬تم تخفيض ‪ 45‬ألف تعريفة‬
‫جمركية تشمل قيمتها ‪ 10‬مليارات دوالر وتشكل ‪ %50‬من مجموع التجارة الدولية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫❑ في الجولة الثانية التي عقدت في فرنسا سنة ‪ 1949‬تم االتفاق على تخفيض خمسة‬
‫أالف تعريفة جمركية على السلع الصناعية‪.‬‬

‫❑ في الجولة الثالثة التي عقدت في انجلترا بين ‪ 1951- 1950‬تم تخفيض ‪800‬‬
‫تعريفة جمركية بما يعادل ‪ %55‬من مستوى التعريفة لسنة ‪. 1948‬‬

‫❑ في الجولة الرابعة التي عقدت في جنيف سنة ‪ 1956‬تم تخفيض التعريفة الجمركية‬
‫لسلع صناعية تبلغ قيمتها ما يعادل ‪ 2.5‬مليار دوالر‪.‬‬

‫❑ في الجولة الخامسة عام ‪ 1960‬في جنيف أيضا تم تخفيض التعريفة الجمركية لسلع‬
‫صناعية قيمتها ‪ 4.9‬مليار دوالر‪.‬‬

‫❑ الجولة السادسة المعروفة بجولة كنيدي (‪ ) 1967- 1964‬تمخض عنها اتفاق الكات‬
‫لمكافحة اإلغراق‪ .‬ورغم االتفاق خالل هذه الجولة على تخفيض التعريفات بنسبة‬
‫‪ %30‬تدريجيا خالل خمس سنوات لسلع صناعية تبلغ قيمتها ‪ 40‬مليار دوالر‪،‬لكنها‬
‫فشلت في االتفاق على القضايا الزراعية في أول محاولة للتفاوض على التدابير غير‬
‫الجمركية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫❑ الجولة السابعة جولة طوكيو (‪ ،) 1979- 1973‬تعتبر جولة طوكيو محاولة جادة‬
‫لتوسيع وتحسين نظام الكات‪ ،‬فقد صاغت أول مجموعة مبادئ غير جمركية إلدارة‬
‫تقديم الدعم والرسوم التعويضية والمشتريات الحكومية والتقييم الجمركي وتراخيص‬
‫االستيراد ورسوم مكافحة اإلغراق والطيران المدني ومنتجات األلبان واللحوم‪.‬‬

‫❑ الجولة الثامنة جولة األرغواي (‪ ) 1994- 1986‬تعتبر أهم الجوالت وأكثرها طموحا‬
‫إذ دشنت وألول مرة التفاوض حول السلع الزراعية‪ ،‬وأدخلت قطاع الخدمات‪،‬‬
‫وتحرير انتقال رؤوس األموال من دولة إلى أخرى‪ ،‬وحماية الملكية الفكرية‪ ،‬كما‬
‫أنها اختلفت عن سابقتها في أن النتائج يجب قبولها ككل أو رفضها ككل وال مجال‬
‫للقبول الجزئي فيها‪.‬‬

‫وبعد مفاوضات دامت سبع سنوات وقع ممثلو ‪ 117‬دولة في مراكش وبالتحديد في‬
‫‪ 15/04/1994‬اتفاقا عالميا للتجارة أصبح يعرف باتفاق مراكش‪ ،‬كما تم اإلعالن‬
‫عن إنشاء منظمة التجارة العالمية للتجارة التي بدأت أعمالها في ‪01/12/1995‬‬
‫لتحل محل اتفاقية الكات‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬انهاء االتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة‬
‫لقد كانت الكات جهاز مؤقتا‪ ،‬غير أنه دام حوالي نصف قرن‪ ،‬فمن ‪ 1948‬إلى ‪1994‬‬
‫شكلت االتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة القواعد المنظمة لجزء كبير من‬
‫التجارة الدولية‪ ،‬وخالل هذه المرحلة سجلت التجارة الدولية أحد النسب األكثر‬
‫ارتفاعا‪.‬‬
‫ورغم طابعها المؤقت ومجال عملها المحدود‪ ،‬فقد نجحت الكات خالل ‪ 47‬سنة في‬
‫تشجيع وضمان تحرير جزء كبير من التجارة الدولية‪ ،‬فقد ساهم التخفيض المستمر‬
‫للرسوم الجمركية وحده في تطوير كبير للمبادالت التجارية‪.‬‬
‫غير أنه لم يكن كل شيء كامال‪ ،‬فمع الوقت طرحت مشاكل جديدة‪ ،‬فقد دفع التخفيض‬
‫المهم للرسوم الجمركية الذي تم الحصول عليه في إطار الكات والذي اقترن بركود‬
‫اقتصادي في السبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي إلى وضع أشكال حمائية‬
‫أخر بالنسبة للقطاعات المعرضة للمنافسة األجنبية الحادة‪.‬‬
‫فقد توجهت الحكومات إلى إجراء مفاوضات بشأن اتفاقيات ثنائية القتسام األسواق مع‬
‫المنافسين‪ ،‬والدخول في سباق نحو تقديم الدعم والمساعدات للحفاظ على مكانته في‬
‫سوق المنتجات الفالحية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫• غير أن التجاهل األشد لروح اتفاقية الكات إن لم يكن لنصها‪ ،‬فهو ما لجأت إليه الدول‬
‫الصناعية‪ ،‬وخاصة الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬فيما عرف ‪″‬باإلجراءات الرمادية‶‪.‬‬
‫ومن أشهر هذه اإلجراءات ما أطلق «عليه التقييد االختياري»‪.‬‬

‫• فبدال من أن تفرض دولة ما قيودا كمية على وارداتها من دولة أخر‪ ،‬وفي ذلك مخالفة‬
‫صريحة لنصوص اتفاقية الكات‪ ،‬فإنها تتفق مع هذه الدول على أن تقبل ‪″‬باختيارها‶‬
‫تقييد صادراتها لها‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار سجلت سكرتارية الجات في ‪ 1989‬عدد الحاالت التي تم فيها االتفاق‬ ‫•‬
‫على نوع من هذا ‪″‬التقييد االختياري‶ للصادرات فبلغ حوالي ‪ 236‬حالة منها‪:‬‬
‫‪ 127‬حالة رتبتها المجموعة األوروبية؛‬ ‫•‬
‫‪ 97‬حالة للواليات المتحدة األمريكية على حرية التجارة؛‬ ‫•‬
‫‪ 12‬حالة لليابان؛‬ ‫•‬
‫‪ 12‬حالة لكندا؛‬ ‫•‬
‫‪ 6‬حاالت للسويد‪.‬‬ ‫•‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬

‫• وهكذا فقد كانت هذه الدول الصناعية هي أكثر من التجأ إلى هذه اإلجراءات الرمادية‪،‬‬
‫مما أدى إل فقدان الكات لمصداقيتها وفعاليتها‪.‬‬

‫• ولم يكن المشكل ينحصر في تدهور المناخ السياسي التجاري‪ ،‬ففي بداية ثمانينيات‬
‫القرن الماضي ظهر بجالء أن قواعد الكات غير كافية‪ .‬كما أن في المجال الفالحي مثال‬
‫تم استغالل ثغرات النظام المتعدد األطراف ولم تؤد جهود التحرير إال إلى نتائج‬
‫ضعيفة‪ ...‬كما كانت البنية المؤسسية للكات ونظامها المتعلق بحل الخالفات مصدر قلق‬
‫كبير‪.‬‬

‫• وقد جعلت كل هذه المعطيات المقترنة بعوامل أخرى أعضاء الكات يقتنعون بأنه قد‬
‫أصبح من الضروري القيام بمراجعة عميقة للنظام المتعدد األطراف المنظم للتجارة‬
‫الدولية وبذل جهد جديد لتدعيم وتوسيع النظام المتعدد األطراف‪ .‬وقد تجسد هذا‬
‫المجهود بواسطة جولة األوروغواي‪ ،‬وإعالن مراكش وإنشاء منظمة التجارة العالمية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫المطلب الثاني‪ :‬منظمة التجارة العالمية (‪) WTO‬‬

‫• يأتي إنشاء منظمة التجارة العالمية في ضوء استكمال النظام االقتصادي الدولي ألركانه‬
‫الرئيسية‪ ،‬فهي الركن الثالث من أركان هذا النظام إلى جانب صندوق النقد الدولي والبنك‬
‫الدولي‪ ،‬فهم يعملون على إقرار وتحديد معالم النظام االقتصادي الذي أصبح يتميز بوحدة‬
‫السوق العالمية ويخضع إلدارة وإشراف مؤسسات اقتصادية عالمية تعمل بصورة متناسقة‪،‬‬
‫لها صفة اإللزام ألعضائها فيما تم االتفاق عليه‪ ،‬وتملك فرض عقوبات كانت تعجز ع ن‬
‫فرضها الكات‪.‬‬

‫• وتقوم هذه المنظمة على أسس أهمها مبدأ الدولة األكثر رعاية‪ ،‬ومبدأ الحماية من خالل‬
‫التعريفة الجمركية‪ ،‬ومبدأ االلتزام بالتعريفات الجمركية وإعطاء امتيازات للدول النامية‪،‬‬
‫ومبدأ المشاورات والمفاوضات التجارية‪.‬‬

‫• تم التوقيع في مراكش بتاريخ ‪ 15‬أبريل ‪ 1994‬على اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية‬
‫في ختام مفاوضات أوروغواي بواسطة ‪ 122‬دولة (دخلت حيز النفاذ اعتبارا من أول يناير‬
‫‪ .) 1995‬والتي حددت الوثيقة الختامية لهذه الجولة نطاق عمل المنظمة‪ ،‬ومهامها‪ ،‬وهيكلها‬
‫التنظيمي‪ ،‬وعالقتها بالمنظمات األخرى‪ ،‬وطرق اكتساب العضوية ‪ .‬فما هي أجهزتها المسيرة‪،‬‬
‫وما هي شروط العضوية فيها؟‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫الفرع األول‪ :‬الهيكل التنظيمي لمنظمة التجارة العالمية‬
‫تتميز الهيكلة التنظيمية لمنظمة التجارة العالمية بتعدد األجهزة وتنوع اختصاصاتها‪،‬‬
‫وكان غرض واضعي اتفاقية مراكش من هذه الهيكلة تحقيق السرعة والفعالية في‬
‫اتخاذ القرارات‪ .‬وتتضمن هذه الهيكلة‪ ،‬أجهزة أساسية تشمل اختصاصاتها جميع‬
‫االتفاقيات‪ ،‬وأجهزة فرعية متخصصة تتكفل بتنظيم مجال معين من مجاالت التجارة‬
‫الدولية‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األجهزة األساسية‬
‫وهي تلك األجهزة التي نصت عليها اتفاقية مراكش‪ ،‬وتشمل المؤتمر الوزاري‪ ،‬المجلس‬
‫العام‪ ،‬األمانة العامة‪ ،‬وجهاز تسوية المنازعات‪ ،‬وآلية مراجعة سياسات التجارة‪.‬‬
‫أ) المؤتمر الوزاري‪ :‬يتألف من وزراء التجارة للدول األعضاء بمنظمة التجارة العالمية‪،‬‬
‫ويعتبر رأس السلطة في المنظمة‪ .‬ويجتمع المؤتمر الوزاري مرة كل عامين على‬
‫األقل‪.‬‬
‫وتتعدد مسؤوليات هذا المؤتمر الوزاري على النحو التالي‪:‬‬
‫اختصاصات المؤتمر‬
‫الوزاري‬

‫تفسير االتفاقيات الخاصة بالمنظمة‪:‬‬ ‫تعيين مدير عام المنظمة وتحديد‬ ‫إنشاء اللجان الفرعية والداخلية‪:‬‬
‫يكون للمؤتمر الوزاري والمجلس‬ ‫صالحياته ‪ :‬ويعتمد األنظمة التي‬ ‫▪ لجنة التجارة والتنمية‬
‫العام دون غيرهما سلطة اعتماد‬
‫تحدد سلطاته وواجباته وشروط‬ ‫▪ لجنة لقيود ميزان المدفوعات‬
‫تفسيرات االتفاقيات التجارية‬
‫المتعددة األطراف‪.‬‬
‫‪ .‬خدمته وفترة شغل المنصب‬ ‫▪ لجنة للميزانية والمالية واإلدارة‪.‬‬

‫الموافقة على إضافة اتفاقيات تجارية‬ ‫إعفاء األعضاء من بعض‬


‫اعتماد عضوية األعضاء‬ ‫أخرى‪ :‬للمؤتمر الوزاري بناء على‬ ‫االلتزامات‪ :‬يجوز للمؤتمر‬
‫الجدد‪ :‬يتخذ المؤتمر‬ ‫طلب األعضاء األطراف في أي اتفاق‬ ‫الوزاري في ظروف استثنائية‬
‫الوزاري قرارات االنضمام‪،‬‬ ‫تجاري أن يقرر بتوافق اآلراء فقط‬ ‫األعضاء من اآلن يقرر إعفاء‬
‫إضافة اتفاقيات أخرى إلى الملحق‬
‫ويوافق على شروط اتفاق‬ ‫أحد األعضاء من التزام‬
‫(‪ 4‬الخاص باالتفاقيات التجارية‬
‫االنضمام بأغلبية ثلثي‬ ‫المتعددة األطراف في مجال الطائرات‬ ‫مفروض عليه بموجب أي اتفاق‬
‫أعضاء المنظمة‪.‬‬ ‫المدنية‪ ،‬والمشتريات الحكومية‪،‬‬ ‫من االتفاقيات التجارية المتعددة‬
‫ومنتجات األلبان‪ ،‬ولحوم األبقار)‪.‬‬ ‫األطراف‪ ،‬شرط أن يكون هذا‬
‫القرار قد اتخذ بأغلبية ثالثة‬
‫الموافقة على استثناء بعض األعضاء من تطبيق اتفاقات تجارية متعددة‬ ‫أرباع األعضاء‬
‫األطراف‪ :‬للمؤتمر الوزاري أن يوافق على عدم تطبيق االتفاقات التجارية‬
‫متعددة األطراف بين أعضاء معينين في حالة خاصة‪ ،‬بناء على طلب أي‬
‫عضو وتقديم ما يراه من توصيات بشأنها‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫ب) المجلس العام‪ :‬يأتي المجلس العام في المرتبة التالية ويضم ممثلين عن الدول‬
‫األعضاء في المنظمة‪ ،‬ويقوم بمهام المؤتمر الوزاري في الفترات التي تفصل بين‬
‫اجتماعاته‪ ،‬وبالتالي فالمجلس العام له صفة االستمرارية ألنه قابل لالنعقاد في أي‬
‫وقت‪ ،‬ومن أهم اختصاصاته‪:‬‬

‫‪ o‬اختصاص إداري‪ :‬ويتمثل في اعتماد المجلس لألنظمة المالية وتقديرات الميزانية‬


‫السنوية؛‬

‫‪ o‬اختصاص رقابي‪ :‬حيث له صالحية القيام بمسؤوليات جهاز مراجعة السياسات‬


‫التجارية متى يكون ذلك مناسبا؛‬

‫‪ o‬اختصاص قضائي‪ :‬حيث يمكن للمجلس أيضا القيام بمسؤوليات جهاز تسوية‬
‫المنازعات متى يكون ذلك مناسبا‪.‬‬

‫كما يقوم المجلس باإلشراف العام على المجالس النوعية كمجلس التجارة في السلع‪،‬‬
‫مجلس التجارة في الخدمات‪ ،‬ومجلس حقوق الملكية الفكرية واإلطالع على أنشطة‬
‫مختلفة األجهزة‪ ،‬كما ينفرد المجلس بصالحية إقامة التعاون مع كل المنظمات الدولية‬
‫من أجل تحقيق التناسق في وضع السياسة االقتصادية العالمية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫ج) األمانة العامة‪ :‬ينشؤها المؤتمر الوزاري ويقوم بتعيين مدير عام يرأسها‪ ،‬كما يقوم‬
‫هذا األخير بتعيين موظفي األمانة وفقا للقواعد التي يعتمدها المؤتمر الوزاري‪ ،‬وتقوم‬
‫األمانة العامة بالمهام اإلدارية المتمثلة في الشؤون المالية ومسائل الميزانية‪ ،‬واألهم‬
‫من ذلك مساعدة األعضاء في تسوية المنازعات ومساعدة فرق التحكيم في الجوانب‬
‫القانونية واإلجرائية لألمور المعروضة‪.‬‬

‫د) جهاز تسوية النزاعات‪ :‬كانت األحكام التي تضمنتها الكات ‪ 1947‬بخصوص حل‬
‫النزاعات التجارية الدولية تتسم بالقصور وعدم الفعالية بسبب غياب الهيئة المؤسسة‬
‫المكلفة باإلشراف على تنفيذها‪ ،‬كما أنها لم تكن ملزمة بشكل كاف‪ .‬فقبل ظهور منظمة‬
‫التجارة العالمية سادت الفوضى في العالقات التجارية الدولية حيث كانت الدول تتبادل‬
‫العقوبات التجارية فيما بينها وفقا للقوانين التجارية المحلية لكل منها‪.‬‬

‫لذلك جاء نظام المنازعات في منظمة التجارة الدولية ليمثل عنصرا أساسيا لصيانة‬
‫حقوق األعضاء‪ ،‬فالمنظمة تسعى للبحث عن إمكانيات الحلول الودية قبل عرض‬
‫النزاع على جهاز حل الخالفات بغية إيجاد بيئة تسودها الثقة بالنظام التجاري المتعدد‬
‫األطراف‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫هـ) آلية استعراض السياسة التجارية‪ :‬يعتبر هذا الجهاز من األجهزة المستحدثة‪ ،‬فقد‬
‫كانت اجتماعات الدول األعضاء في الكات تمثل نوعا من االستعراض العام للسياسة‬
‫التجارية‪ ،‬إال أنه لم يكن هناك إطار تنظيمي محدد يحكم تلك االجتماعات ويحدد الهدف‬
‫منها وأسلوب عملها‪ ،‬لذلك نص الملحق ‪ 3‬التفاقية مراكش على إنشاء آلية استعراض‬
‫السياسة التجارية‪.‬‬

‫والهدف من إنشائها هو القيام بتقويم شامل للعالقة بين السياسات والممارسات من جهة‪،‬‬
‫والعالقة بين السياسات والنظام التجاري الدولي من جهة أخر‪ .‬ولتحقيق ذلك‪ ،‬فقد‬
‫أسندت هذه المهمة للمجلس العام للمنظمة الذي يضطلع بمسؤوليات جهاز مراجعة‬
‫السياسة التجارية متى كان ذلك مناسبا‪.‬‬

‫وللجهاز الحق في تعيين رئيس له وفي وضع إجراءاته حسب ما تقتضيه الضرورة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األجهزة الفرعية‬


‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫• من أجل تحقيق مبدأ التخصص وضعت اتفاقية مراكش نوعين من األجهزة الفرعية‬
‫المتخصصة‪:‬‬
‫اللجان‬ ‫المجالس‬
‫المتخصصة‬
‫وهي نوعان‪ :‬األول بينته اتفاقية مراكش‬
‫والثاني بينته اتفاقية تجارة السلع‪.‬‬ ‫وضعت عدة مبادئ تحكم هذه المجالس‪:‬‬
‫▪ بالنسبة للنوع األول‪ ،‬فقد جاء في اتفاقية‬ ‫▪ بالنسبة للعضوية فهي مفتوحة لممثلي‬
‫مراكش أنه يحق للمؤتمر الوزاري للمنظمة‬ ‫جميع الدول األعضاء‪ ،‬وذلك احتراما للمساواة‬
‫إنشاء لجان محددة أو أية لجان أخرى تكون‬ ‫القانونية بين الدول التي تعمل المنظمة على‬
‫عضويتها مفتوحة لممثلي جميع الدول‪ ،‬ومن‬ ‫تحقيقها‪ ،‬وتنعقد اجتماعاتها حسب الضرورة‬
‫بين هذه اللجان لجنة التجارة والتنمية‪ ،‬لجنة‬ ‫للقيام بمهامها‪.‬‬
‫ميزان المدفوعات‪ ،‬لجنة الميزانية والمالية‪،‬‬ ‫▪ أما فيما يخص نطاق االختصاص‪ ،‬فإن كل‬
‫وتقوم هذه اللجان بالمهام الموكولة إليها‪،‬‬ ‫مجلس يشرف على االتفاقية التي تدخل في‬
‫باإلضافة إلى المهام التي قد يكلفها به‬ ‫نطاق اختصاصه‪ ،‬فمجلس السلع يختص‬
‫المجلس العام‪.‬‬ ‫باإلشراف عل سير االتفاقية في مجال السلع‪،‬‬
‫▪ النوع الثاني‪ :‬فأهمها اللجنة المعنية بالقيود‬ ‫ومجلس الخدمات يختص بسير االتفاقية في‬
‫الفنية على التجارة‪ ،‬لجنة إجراءات االستثمار‬ ‫مجال الخدمات‪ ،‬ومجلس الملكية الفكرية‬
‫المتعلقة بالتجارة‪ ،‬لجنة الزراعة‪ ،‬لجنة قواعد‬ ‫يختص باإلشراف عل سير االتفاقية في مجال‬
‫المنشأ‪ ،‬لجنة الدعم واإلجراءات التعويضية‬ ‫حقوق الملكية الفكرية‪ .‬هذا باإلضافة للمهام‬
‫ولجنة مراقبة المنسوجات‪.‬‬ ‫التي قد يكلفهم بها المجلس العام‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروط العضوية في منظمة التجارة العالمية‬

‫تشترط منظمة التجارة العالمية على الدول الراغبة في االنضمام إليها عدة شروط‪ .‬كما‬
‫توجد بعض اإلجراءات الواجب إتباعها لالنضمام إلى المنظمة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط االنضمام لمنظمة التجارة العالمية‬

‫‪ ) 1‬تقديم تنازالت للرسوم الجمركية‪:‬‬

‫تشترط منظمة التجارة العالمية على الدول الراغبة في االنضمام إليها تقديم جدول‬
‫للتنازالت بشأن التخفيضات التي ستدخلها على الرسوم الجمركية‪ ،‬تشكل التزامات ال‬
‫يمكن رفعها من حيث المبدأ إال في حاالت خاصة‪.‬‬

‫‪ ) 2‬تقديم التزامات في الخدمات‪:‬‬

‫تقدم الدول جدوال بااللتزامات التي ستتبعها في قطاع الخدمات‪ ،‬يشتمل على قائمة‬
‫بالحواجز التي تعترض القطاعات والنشاطات المهنية الخدماتية‪ ،‬ووضع جدول زمني‬
‫إلزالتها‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫‪ )3‬االلتزام باتفاقيات منظمة التجارة العالمية‪:‬‬
‫تتعهد الدول الراغبة في االنضمام إلى منظمة التجارة العالمية بالتوقيع على بروتوكول‬
‫انضمام يشمل الموافقة على تطبيق وااللتزام بجميع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية‪،‬‬
‫(ما عدا اتفاقية المناقصات الحكومية‪ ،‬واتفاقية الطائرات المدنية‪ ،‬فإنها من االتفاقيات‬
‫االختيارية)‪ ،‬أي عليها أن توافق على اتفاقيات جولة أوروغواي‪.‬‬

‫فالدول ال تمتلك حرية االختيار بين االتفاقيات‪ ،‬بعكس ما كان سائدا أيام الكات‪ ،‬وخاصة‬
‫بعد جولة طوكيو؛ حيث لم توقع معظم الدول النامية على نتائجها التي تمثلت باتفاقيات‬
‫خاصة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إجراءات تقديم طلب العضوية وقبوله‬

‫يتم قبول دولة ما في عضوية منظمة التجارة العالمية بإحدى الطريقتين التاليتين‪ ،‬أو‬
‫كلتيهما‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬من الكات إلى منظمة التجارة العالمية‬
‫تتلقى الدولة المعنية من لجنة متخصصة للنظر في طلبات العضوية الجديدة‪،‬‬
‫قائمة بالسلع والخدمات التي ستشهد تخفيضات في رسومها الجمركية‪.‬‬
‫وتكون هذه اللجنة مكونة في الغالب من الدول الصناعية الكبرى‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫الطريقة‬
‫األولى‬
‫أهم الدول ذات العالقات التجارية مع الدول الراغبة في اكتساب عضوية‬
‫المنظمة‪.‬‬

‫تتقدم الدولة الراغبة في الحصول على عضوية منظمة التجارة العالمية‬ ‫الطريقة‬
‫بنفسها بقائمة تشمل تخفيضات في الرسوم الجمركية تكون أساسا للتفاوض‪.‬‬ ‫الثانية‬

‫• وفي بعض األحيان تتم الطريقتان معا‪ ،‬فتتقدم الدولة المعنية بقائمة لتخفيض الرسوم‬
‫الجمركية‪ ،‬وفي الوقت نفسه تتلقى قائمة بالتخفيضات المطلوبة من اللجنة المشكلة للنظر‬
‫في طلب الحصول على العضوية‪.‬‬
‫• وال تشترط مبادئ واتفاقيات منظمة التجارة العالمية التطبيع التجاري بين أعضاء المنظمة‪،‬‬
‫وذلك استنادا إلى االستثناء المذكور في المادة ‪ 13‬من اتفاقية مراكش لتأسيس منظمة‬
‫التجارة العالمية (المادة ‪ 33‬من اتفاقية الكات السابقة)‪ ،‬الذي يسمح لدولة ما بـ عدم تطبي ق‬
‫االتفاقية اتجاه دولة أخرى شرط إبالغها عن ذلك قبل موافقة المؤتمر الوزاري على‬
‫االنضمام‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫في هذا المبحث سنتطرق في (المطلب األول) لقواعد المتعلقة بتجارة السلع والخدمات‪،‬‬
‫وفي (المطلب الثاني) للقواعد المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية وبحل الخالفات‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬القواعد المتعلقة بتجارة السلع والخدمات‬
‫• سنتحدث في هذا اإلطار عن القواعد المتعلقة بتجارة السلع والخدمات (الفرع األول)‪ ،‬ثم‬
‫نتطرق في (الفرع الثاني) للقواعد المتعلقة بمحاربة الممارسة غير النزيهة‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القواعد المتعلقة بحرية التجارة وبأمن الدول والشفافية‬
‫نميز في هذا اإلطار بين القواعد المتعلقة بحرية التجارة‪ ،‬والقواعد المتعلقة بأمن الدو ل‬
‫األعضاء‪ ،‬والقواعد المتعلقة بالشفافية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬القواعد المتعلقة بحرية التجارة‬
‫أوال)‪ -‬مبدأ عدم التمييز‬
‫يعتبر مبدأ عدم التمييز ومبدأ حسن النية من المبادئ األساسية التي تحكم التجارة الدولية وتتفرع‬
‫عنها العديد من القواعد‪.‬‬
‫تبنت منظمة التجارة العالمية مبدأ عدم التمييز مع مستلزماته‪ ،‬فال يجب تمييز أية دولة ف ي‬
‫العالقات التجارية الدولية‪ ،‬وهو ما كان يطرح مشكل‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• يوجد اثنان من المبادئ تتعلق بعدم التمييز في قانون منظمة التجارة العالمية‪ :‬التزام‬
‫بمعاملة الدولة األكثر رعاية‪ ،‬والتزام المعاملة الوطنية‪.‬‬

‫❑ التزام بمعاملة الدول األكثر رعاية (‪ :) MFN‬يتطلب هذا االلتزام من عضو منظمة‬
‫التجارة العالمية الذي منح معاملة أكثر رعاية لدولة أخرى‪ ،‬أن يمنح نفس المعاملة‬
‫األكثر رعاية لكافة أعضاء منظمة التجارة العالمية‪.‬‬

‫بمعنى ال يسمح لعضو منظمة التجارة العالمية أن يفرق بين شركاءه في التجارة بإعطاء‬
‫بعض البلدان معاملة أكثر رعاية عن غيرهم‪ ،‬على سبيل المثال‪ :‬الوصول للسوق أو‬
‫تطبيق النظام المحلي)‪.‬‬

‫التزام بمعاملة الدول األكثر رعاية‪ ،‬هي أهم قاعدة منفردة في قانون منظمة التجارة‬
‫العالمية‪ .‬بدون هذه القاعدة لم ولن يمكن لنظام التجارة المتعددة األطراف أن يتواجد‪.‬‬
‫وهو ينطبق على كل من التجارة في السلع (المادة ‪ 1‬من االتفاق العام بشأن التعريفات‬
‫والتجارة اتفاقية الكات لعام ‪ ) 1994‬والتجارة في الخدمات (المادة ‪ 2‬من االتفاق العام‬
‫بشأن التجارة في الخدمات الجاتس)‪ .‬فإذا فتحت دولة ما قطاعا خدماتيا ما أمام‬
‫المنافسة األجنبية‪ ،‬فإنه يجب عليها أن تمنح إمكانيات متساوية في هذا القطاع‬
‫لمموني الخدمات في جميع الدول األعضاء في منظمة التجارة العالمية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫وهذا االلتزام يتميز بخاصيتين‪:‬‬

‫• فهو عام‪ :‬إذ ال يطبق فقط على الرسوم الجمركية‪ ،‬ولكنه يطبق على جميع التدابير‬
‫الخارجية أو المحلية المعتمدة من إحدى الدول من أجل تنظيم عمليات االستيراد‬
‫والتصدير (رسوم‪ ،‬أنظمة التوزيع‪)..‬؛‬

‫• وهو غير مشروط‪ :‬إذ ال يشكل تطبيقه موضوع مفاوضات بين الدول‪.‬‬

‫ومع ذلك يخضع شرط الدولة األولى بالرعاية لثالثة استثناءات مهمة‪:‬‬

‫االندماج االقتصادي الجهوي‪ :‬تمنح مجموعة من الدول لبعضها البعض بشكل متبادل‬
‫مزايا تجارية تفضيلية كتخفيض الرسوم الجمركية‪.‬‬

‫وتعتبر هذه المزايا محجوزة للدول األعضاء في االتفاق‪ ،‬وال تمنح للدول األخرى‪ .‬سواء‬
‫تعلق األمر بمنطقة للتبادل الحر‪ ،‬كاتفاقية التبادل الحر ألمريكا الشمالية الذي أنشئ في‬
‫‪( 1994‬الذي يضم كندا والواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬والمكسيك)‪ ،‬أو االتحاد‬
‫الجمركي (كاالتحاد األوروبي)‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• ويجب على هذه االتفاقيات أن تحترم بعض الشروط ليتم االعتراف بصالحياتها من‬
‫وجهة نظر قواعد منظمة التجارة العالمية‪.‬‬

‫األفضليات التجارية الممنوحة للبلدان النامية‪ :‬يتعلق األمر باألنظمة التجارية التي تهدف‬
‫إلى تشجيع التنمية في هذه البلدان المصدرة‪ .‬وهو الحال مثال بالنسبة التفاقية لومي‬
‫التي تضم أوروبا ودول مجموعة إفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي والتي تضمن‬
‫بالخصوص لهذه البلدان األخيرة غياب الرسوم الجمركية على صادراتها الصناعية‬
‫نحو االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫ويعتبر هذا النظام االستثنائي لشرط الدولة األولى بالرعاية نظاما معترفا به من طرف‬
‫اتفاقيات منظمة التجارة العالمية تحت مسمى نظام ‪″‬األفضليات المعممة‶‪.‬‬

‫االستثناءات الوطنية في مجال الخدمات‪ :‬فإذا كان شرط الدولة األكثر رعاية يطبق على‬
‫جميع الخدمات‪ ،‬غير أنه يتم السماح ببعض االستثناءات الخاصة‪ .‬ذلك أنه عندما‬
‫دخلت االتفاقية الخاصة بالخدمات حيز التنفيذ كانت بعض الدول قد وقعت م ع‬
‫شركائها التجاريين اتفاقيات تفضيلية حول الخدمات سواء على المستوى الثنائي أم‬
‫في إطار تجمع اقتصادي‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• وقد اعتبر أعضاء منظمة التجارة العالمية أنه من الضروري اإلبقاء على هذه‬
‫األفضليات خالل بعض الوقت‪ ،‬واالستمرار في منح معاملة خاصة لمصلحة هذا البلد‬
‫أو ذاك‪ ،‬ولهذه الخدمة أو تلك بتعداد االستثناءات الواردة عن شرط الدولة األكثر‬
‫رعاية موازاة مع التزاماتها األصلية‪.‬‬

‫• ولحماية شرط الدولة األكثر رعاية فقد تقرر أن االستثناءات ال يمكن منحها إال مرة‬
‫واحدة وأنه ال يمكن إضافة أي شيء للوائح‪ ،‬ويتم مراجعتها دوريا‪ ،‬ومدتها من‬
‫الناحية المبدئية محددة في عشر سنوات‪.‬‬

‫❑ التزام المعاملة الوطنية‪ :‬يتطلب من عضو منظمة التجارة العالمية أن يعامل بتماثل‬
‫المنتجات األجنبية والمحلية‪ ،‬الخدمات أو الخدمات التي يقدمها المورد بشكل‬
‫متساوي‪ .‬يجب إذن معاملة المنتوجات المستوردة ومنتجات التصنيع المحلي بطريقة‬
‫متساوية بمجرد قبوله أو خدمة أو عنصر الملكية الفكرية في السوق‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن المنتج المستورد يجب أن يعامل كالمنتج المحلي من زاوية الرسوم‬
‫والقوانين الصحية والتقنية‪ ...‬وكما هو الحال بالنسبة لشروط الدولة األولى‬
‫بالرعاية‪ ،‬فإن مبدأ المعاملة الوطنية هو مبدأ عام وغير شرطي‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• وتجدر اإلشارة إلى أنه فيما يخص الخدمات‪ ،‬فإن هذا المبدأ يطبق في القطاعات التي‬
‫التزمت فيها الدول األعضاء بفتح أسواقها‪ .‬فطبقا لمبدأ المعاملة الوطنية يمنع التمييز‬
‫بين الممونين الذين يجتازون الحدود (النقل‪ ،‬االتصاالت) وهو يطبق على كل الخدمات‬
‫كيفما كانت طريقة التموين‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬مبدأ حسن النية‬

‫هو مبدأ أساسي لكل عالقة تعاقدية‪ .‬ويشكل متطلب حسن النية ضمنيا أساس بعض‬
‫القواعد األكثر أهمية في منظمة التجارة العالمية‪ .‬وهي كالتي‪ :‬تثبيت االلتزامات بشأن‬
‫فتح السوق‪ ،‬والحماية بواسطة الرسوم الجمركية فقط‪.‬‬

‫‪ (1‬تثبيت االلتزامات بشأن فتح السوق‪ :‬بالنسبة لتجارة السلع والخدمات‪ ،‬فإن عروض‬
‫انفتاح السوق (تقليص الرسوم الجمركية‪ ،‬تفكيك الحصص‪ ،‬الترخيص لتأسيس‬
‫األنشطة الخدماتية‪ )....‬المقدمة بصفة فردية من طرف الدول المفاوضة في منظمة‬
‫التجارة العالمية يتم تسجيلها بصفة حازمة ونهائية بمجرد قبولها من طرف‬
‫المشاركين‪ ،‬ويتم إدماج هذه العروض في قانون منظمة التجارة العالمية‪ ،‬وتكتسب‬
‫القوة القانونية للمعاهدات الدولية‪ .‬وقد تسمى هذه العملية ‪″‬بالتثبيت‶ لتسجيل العبور‬
‫من نظام عرض التفاوض إلى نظام االلتزام المثبت‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• وعلى العكس‪ ،‬إذا كان التعديل يتم في اتجاه سلبي للشركاء التجاريين رفع مستوى‬
‫الحماية)‪ ،‬فإن الدولة المعنية يجب أن تمنح لشركائها وأن تتفاوض معهم بشأن‬
‫تعويضات تجارية مماثلة من حيث األهمية لاللتزامات المثبتة التي تم التراجع عنها‬
‫(مثال تخفيض الرسوم الجمركية عن منتج آخر)‪.‬‬

‫• وفي نهاية األمر‪ ،‬فإن مفهوم التثبيت يعكس القانون الكالسيكي للعقود ومبدأ حسن‬
‫النية‪ ،‬والذي حسبه ال يمكن تعديل االلتزامات بصفة انفرادية دون دفع تعويضات‪.‬‬

‫‪ ) 2‬الحماية بواسطة الرسوم الجمركية فقط‪ :‬حسب مبدأ أسس من طرف الكات منذ‬
‫إنشائها‪ ،‬فإن تنظيم تجارة البضائع يجب أن تؤسس أوال على اللجوء إلى أداة الرسم‬
‫الجمركي الذي يعتبر األكثر شفافية وسهل البلوغ من طرف المقاوالت‪ .‬فالكات كانت‬
‫تمنع إذن تحت تحفظ بعض االستثناءات العامة والعديد من االستثناءات القطاعية‪،‬‬
‫استعمال تدابير أخرى غير الرسوم الجمركية‪ ،‬خاصة القيود الكمية لضمان حماية‬
‫السوق الوطنية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• وبعبارة أخرى‪ ،‬إذا كان بلد ما يريد حماية سوقه الداخلي ضد استيراد منتج محدد‪ ،‬فإنه يجب‬
‫عليه أن يحدد رسما جمركيا مرتفعا أحسن من أن يحدد من الكميات المرخص باستيرادها‬
‫(مثال ‪ %85‬رسوم جمركية أحسن من تحديد حصص بـ ‪ 50000‬طن سنويا)‪.‬‬

‫• وقد شكل تحويل مختلف آليات حماية السوق إلى رسوم في القطاع الفالحي أحد النتائج‬
‫المهمة لجولة األوروغواي وال يزال يشكل الرهان األساسي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القواعد المتعلقة بأمن الدول األعضاء وبالشفافية‬

‫سنتناول أوال القواعد المتعلقة بأمن الدول األعضاء‪ ،‬ثم نتطرق للقواعد المتعلقة بالشفافية‪.‬‬

‫أوال)‪ -‬القواعد المتعلقة بأمن الدول األعضاء‪:‬‬

‫‪ ) 1‬القواعد المتعلقة بالحد مؤقتا من الواردات لحماية اإلنتاج الوطني‪ :‬يمكن لعضو منظمة‬
‫التجارة العالمية الحد مؤقتا من واردات منتج معين (اتخاذ تدابير حمائية) إذا تسبب ارتفاع‬
‫الواردات من هذا المنتج أو من شانه أن يتسبب في ضرر ألحد فروع اإلنتاج الوطني‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬

‫• تحدد األنظمة كيفية إجراء التحقيقات في مجال الحماية من طرف السلطات الوطنية‪.‬‬
‫ويتم التركيز على الشفافية واحترام القواعد والممارسات القائمة‪ ،‬وعلى ضرورة‬
‫تجنب المناهج التعسفية‪.‬‬

‫• ويحدد االتفاق المعاير الواجبة التطبيق لمعرفة ما إذا كان يوجد ضرر كبير أو تهديد‪،‬‬
‫ويشير إلى العوامل الواجب أخذها بعين االعتبار لتقييم أثر الواردات على فرع اإلنتاج‬
‫الوطني‪.‬‬

‫• وال يجب تطبيق أي تدبير حمائي إال إذا كان ضروريا للوقاية أو تعويض ضرر كبير‪،‬‬
‫وتسهيل تصحيح أحد فروع اإلنتاج الوطني المتضرر‪.‬‬

‫• عندما تفرض قيود كمية (حصص)‪ ،‬فال يجب من حيث المبدأ تقليص الكميات‬
‫المستوردة إلى ما تحت معدل السنوات الثالثة األخيرة التي تتوافر بشأنها‬
‫اإلحصائيات‪ ،‬ما عدا إذا تم إثبات أن مستوى آخر مختلف يعتبر ضروريا لمنع أو‬
‫تعويض الضرر الكبير‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• مبدئيا‪ ،‬فإن التدابير الحمائية ال يمكن أن تستهدف الواردات اآلتية من بلد بعينه‪ ،‬ومع‬
‫ذلك يشير االتفاق إلى كيفية توزيع الحصص بين البلدان الممونة بما في ذلك الحالة‬
‫االستثنائية التي ترتفع فيها الواردات اآلتية من بعض البلدان بطريقة سريعة‪.‬‬

‫• وال يجب تطبيق أي تدبير حمائي أكثر من أربع سنوات‪ ،‬ويمكن أن تصل هذه المدة إلى‬
‫ثمان سنوات إذا ما حددت السلطات الوطنية المختصة أن التدبير يعتبر ضروريا‪ ،‬وأن‬
‫هناك دالئل تشير إلى قيام الفرع الوطني بإصالحات‪.‬‬

‫‪ ) 2‬القواعد الصحية‪ :‬يحق ألي دولة منع استيراد بعض المواد ألسباب صحية شريطة أن‬
‫يسند هذا المنع على معطيات علمية وأال يطبق على سلعة دولة دون أخرى‪ .‬والمشكل‬
‫المطروح هنا‪ ،‬هو معرفة ما يجب فعله لضمان تموين المستهلك في بلد ما بالمنتجات‬
‫الغذائية التي يمكن استهالكها بكل أمن وسالمة؟ وفي الوقت نفسه ما يجب فعله لمنع‬
‫استعمال التشريعات الصحية كمبرر لحماية المنتجات الوطنية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• وتسمح االتفاقية للبلدان بإنشاء قواعدها الخاصة‪ ،‬كما تنص أيضا على أن التشريعات‬
‫يجب أن يكون لها أساس علمي‪ ،‬وال يجب تطبيق هذه األخيرة إال عند ضرورة حماية‬
‫الصحة وحياة األشخاص والحيوانات والحفاظ على النباتات‪ ،‬وال يجب أن تؤدي إلى‬
‫تمييز تعسفي أو غير مبرر بين البلدان التي توجد فيها شروط مماثلة أو مشابهة‪.‬‬

‫• وفي هذا السياق يأخذ االتفاق المتعلق بالتدابير الصحية بعين االعتبار القواعد التقنية‬
‫الدولية عن منظمات أخرى‪ :‬مثال يتم إعداد القواعد المتعلقة بالمنتجات الغذائية بشكل‬
‫أساسي في إطار لجنة تضم المنظمة العالمية للتغذية والزراعة وخبراء المنظمة‬
‫العالمية للصحة‪ .‬كما تم أيضا استشارة المنظمة العالمية لصحة الحيوانات‪ ،‬كما كان‬
‫الحال في أزمة أنفلونزا الطيور‪.‬‬

‫• ويتم تشجيع البلدان األعضاء على استعمال القواعد والتوجيهات والتوصيات الدولية‬
‫الموجودة‪ .‬ولن تواجه الدول التي تقوم بذلك أي احتمال لمنازعتها قانونيا في إطار‬
‫خالف يعرض على أنظار منظمة التجارة العالمية‪ .‬ومع ذلك فإنه يمكنها اعتماد قواعد‬
‫وطنية متشددة على أساس تقييم مالئم للمخاطر‪ ،‬لهذا فإن المقترب المتبع يجب أن‬
‫يكون متماسكا وغير تعسفي‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• وللحد من االستعمال الحمائي للقواعد الصحية‪ ،‬فإن المبدأ المحتفظ به هو الشفافية‪ ،‬إذ‬
‫يجب على كل الدول األطراف أن تنشر جميع القواعد المطبقة في هذا المجال‪ .‬ويجب‬
‫على الحكومات أن تبلغ المنظمة مقدما بالتشريعات الصحية الجديدة‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬القواعد المتعلقة بالشفافية‪:‬‬

‫يهدف االلتزام بالشفافية إلى ضمان ولوج سهل للمعلومات التنظيمية واإلدارية الوطنية‬
‫التي تؤثر على شروط المبادالت التجارية‪ .‬وهو يشكل مبدأ عام في إطار االتفاق العام‬
‫حول تجارة السلع والخدمات (‪ ) AGCS‬وحقوق الملكية الفكرية والعديد من الشروط‬
‫الخاصة في مختلف اتفاقيات منظمة التجارة العالمية‪ .‬وتعتبر هذه الشروط جد مهمة في‬
‫االتفاق الذي يعالج اللوائح التقنية واتفاق تسهيل المبادالت‪:‬‬

‫‪ -) 1‬االتفاق الذي يعالج اللوائح التقنية‪:‬‬

‫تلعب القواعد التقنية دورا مهما‪ ،‬غير أنها تختلف من دولة ألخر‪ .‬إن وجود كم هائل من‬
‫هذه القواعد المختلفة يجعل األمور جد صعبة بالنسبة للمنتجين والمصدرين‪ ،‬إذ يمكن‬
‫أن تصبح حواجز أمام التجارة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• ومع ذلك فإن هذه القواعد تبقى ضرورية للعديد من األسباب انطالقا من حماية البيئة‪،‬‬
‫إلى غاية إعالم المستهلك‪ ،‬مرورا بالحماية ضد المخاطر واألمن الوطني‪.‬‬

‫• مما يطرح معه السؤال‪ :‬كيف نجعل هذه القواعد ذات فائدة حقيقة بدون أن تكون تدابير‬
‫تعسفية أو مبرر للحماية؟‪.‬‬

‫• يهدف االتفاق العام حول الحواجز التقنية أمام التجارة إلى تجنب أن تنشئ اللوائح‬
‫والقواعد ومساطر االختبارات والتصديق حواجز غير ضرورية‪.‬‬

‫• ومع ذلك يعترف االتفاق بحق الدول في اعتماد القواعد التي تراها ضرورية لحماية‬
‫صحة وحياة األشخاص والحيوانات والحفاظ على النباتات وحماية البيئة أو الدفاع عن‬
‫مصالح أخرى للمستهلكين‪ ،‬واعتماد التدابير الضرورية لضمان احترام هذه القواعد‪.‬‬

‫• في جميع الحاالت‪ ،‬فإن اللوائح المعتمدة ال يجب أن يكون لها طابعا تمييزيا‪ .‬كما نص‬
‫االتفاق على أن مساطر تقييم مدى تطابق المنتجات مع القواعد يجب أن تكون منصفة‬
‫وعادلة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• وفي هذا السياق يشجع االتفاق على اعتماد قواعد دولية لتبسيط مساطر االختبارات‬
‫المستعملة لتقييم مدى تطابق منتج ما‪ .‬وفي حالة غياب مثل هذه االتفاقيات يجب القيام‬
‫باالختبار مرتين‪ :‬أوال في البلد المصدّر ثم من طرف البلد المستورد‪.‬‬

‫• إن المصنعين والمصدرين في حاجة لمعرفة القواعد الجاري بها العمل في األسواق‬


‫التي يريدون دخولها‪ .‬ولكي تكون هذه المعلومات متوفرة يجب على كل الحكومات‬
‫األعضاء في منظمة التجارة العالمية تبليغ هذه األخيرة بكل تغيير للقوانين واللوائح‬
‫الجاري بها العمل‪.‬‬

‫• وتعتبر لجنة الحواجز التقنية أمام التجارة بالنسبة لألعضاء‪ ،‬المركز الرئيسي لتبادل‬
‫المعلومات والمكان الذي يناقشون فيه انشغاالتهم المتعلقة بالقوانين وتطبيقها‪.‬‬

‫• ‪ -) 2‬اتفاق تسهيل المبادالت‪:‬‬

‫توجد في منظمة التجارة العالمية أربع اتفاقات أساسية تعالج مسألة تسهيل المبادالت‬
‫التجارية‪ :‬االتفاق حول رخص االستيراد‪ ،‬واالتفاق حول التقييم الجمركي‪ ،‬واالتفاق‬
‫حول المراقبة قبل اإلرسال‪ ،‬وقواعد المنشأ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫التقييم الجمركي‬ ‫نظام رخص‬
‫للبضائع‬ ‫االستيراد‬

‫تخضع أنظمة رخص االستيراد لقواعد منظمة‬


‫التجارة العالمية‪ ،‬إذ ينص االتفاق المتعلق‬
‫▪ يهدف اتفاق منظمة التجارة العالمية المتعلق بالتقييم‬ ‫بمساطر رخص االستيراد على أن هذه‬
‫الجمركي إلى وضع نظام عادل وموحد ومحايد لتقييم‬ ‫األنظمة ‪:‬‬
‫البضائع ألغراض جمركية‪ ،‬وأن يكون مطابقا للحقائق‬ ‫▪ يجب أن تكون بسيطة وشفافة‪.‬‬
‫التجارية بعيدا عن استعمال قيم تعسفية أو صورية‪.‬‬ ‫▪ يجب على الحكومات أن تنشر المعلومات الكافية‬
‫حتى يعرف المفاوضون كيف وألي أسباب تسلم هذه‬
‫▪ وحسب قرار وزاري اعتمد أثناء جولة األوروغواي‬
‫الرخص؛‬
‫حول هذا الموضوع‪ ،‬فإنه من حق إدارة الجمارك طلب‬
‫معلومات إضافية عندما تكون هناك أسباب للشك في‬ ‫▪ تبليغ منظمة التجارة العالمية بالمساطر الجديدة أو‬
‫حقيقة القيمة المصرح بها للبضائع المستوردة‪.‬‬ ‫التعديالت التي تم إدخالها على المساطر الموجودة‪.‬‬
‫ويسعى االتفاق المتعلق بمساطر االستيراد بصفة عامة إلى‬
‫▪ وإذا كانت هناك شكوك معقولة‪ ،‬يمكن بعد الحصول‬ ‫تقليص شكليات طلبات الحصول على الرخص إلى الحدود‬
‫على التبريرات اإلضافية اعتبار أن القيمة الجمركية‬ ‫الدنيا بالنسبة للمستورد حتى ال تساهم إدارة النظام نفسها‬
‫للبضائع المستوردة ال يمكن أن تحدد على أساس‬ ‫في الحد أو تشويه الواردات‪.‬‬
‫القيمة المصرح بها‪.‬‬ ‫وال يجب أن تتجاوز آجال دراسة الطلبات من طرف‬
‫األجهزة المسؤولة عن نظام الرخص ‪ 30‬يوما أو ‪60‬‬
‫يوما عندما يتم النظر في جميع الطلبات بشكل متزامن‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫قواعد المنشأ (صنع‬ ‫المراقبة قبل‬
‫في‪ ..‬أو صنع بـ‪..‬‬ ‫اإلرسال‬
‫• قواعد المنشأ هي المعايير المطبقة لتحديد المكان الذي‬ ‫• تعتبر المراقبة قبل اإلرسال ممارسة تكمن في‬
‫صنع فيه المنتج والمواد المستعملة في صنع‪ ،‬وه ي‬ ‫اللجوء إلى شركات خاصة متخصصة أو كيانات‬
‫عنصر أساسي للقواعد التجارية بسبب عدد من التدابير‬ ‫مستقلة لمراقبة السلع المرسلة إلى الخارج؛ خاصة ما‬
‫التي تؤدي إلى تمييز بين البلدان المصدرة‪ :‬حصص ‪،‬‬ ‫يتعلق بالثمن والكمية والجودة‪.‬‬
‫رسوم جمركية تفضيلية‪ ،‬تدابير لمناهضة اإلغراق‪،‬‬
‫رسوم تعويضية (يتم تحصيلها لموازنة المساعدات عند‬ ‫•ويهدف هذا النظام المستعمل من طرف حكومات الدول‬
‫النامية في الغالب إلى حماية المصالح الوطنية ومنع‬
‫التصدير)‪...‬‬
‫هروب رؤوس األموال والغش التجاري وعدم أداء‬
‫•ويلزم االتفاق المتعلق بقواعد المنشأ أعضاء منظمة‬ ‫الرسوم الجمركية وسد ثغرات البنيات اإلدارية‪.‬‬
‫التجارة العالمية بالعمل على أن تكون هذه القواعد‬
‫شفافة‪ ،‬وأال يكون من شأنها تقييد التجارة أو اإلخالل‬ ‫•ويجب أن تعمل الحكومات التي تلجأ إلى هذه الكيانات‬
‫بها‪ ،‬وأن يتم تدبيرها بطريقة منسجمة وموحدة وغي ر‬ ‫(المستعملون) على أن تمارس هذه األخيرة أنشطتها‬
‫متحيزة ومعقولة‪ ،‬وأن ترتكز على معيار إيجابي‪ ،‬أي‬ ‫بطريقة غير تمييزية وشفافة وتحمي المعلومات‬
‫بعبارة أخرى أن تبين ما يقابل فعال المنشأ وما ال يقابله‪.‬‬ ‫التجارية السرية‪ ،‬وإتباع توجهات خاصة في مجال‬
‫مراقبة األسعار‪ ،‬وأن تتجنب التأخير غير المعقول‬
‫•ويهدف االتفاق على المدى الطويل إلى إنشاء قواعد‬
‫والنزاعات المصلحية‪.‬‬
‫منشأ مشتركة (منسجمة) تطبق على جميع أعضاء‬
‫منظمة التجارة العالمية‪ ،‬باستثناء بعض التيارات‬ ‫• كما يلزم أيضا األعضاء المصدرين خاصة اتجاه‬
‫التبادلية ذات األفضلية‪.‬‬ ‫األعضاء المستعملين باالمتناع عن أي تمييز في تطبيق‬
‫•فمثال يسمح للدول المنشئة لمنطقة تبادل حر بتطبيق‬ ‫القوانين واللوائح الوطنية‪ ،‬ونشر بدون تأخير هذه‬
‫قواعد منشأ مختلفة بالنسبة للمنوجات التي تدخل في‬ ‫القوانين واللوائح وتقديم المساعدة التقنية عندما‬
‫مبادالته التجارية‪.‬‬ ‫يتم طلبها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫الفرع الثاني‪ :‬القواعد المتعلقة بمحاربة الممارسات غير النزيهة‬
‫أحرزت الجوالت التجارية متعددة األطراف تقدما كبيرا في تحرير المبادالت العالمية من الرسوم‬
‫الجمركية والقيود الكمية ‪ .‬لكن التحرير غير كامل ألنه يعاني من ممارسات تؤثر تأثيرا سلبيا‬
‫على التجارة الدولية‪ .‬وتعد سياسات مكافحة اإلغراق والمساعدات في مقدمة هذه‬
‫الممارسات‪ .‬لذلك تم وضع قواعد تحكم مثل هذه الممارسات‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬القواعد المتعلقة بمحاربة الممارسات غير النزيهة للمقاوالت‪ :‬اإلغراق‬

‫يعني اإلغراق وضعية تجارية يبدو فيها ثمن بيع منتج ما عند االستيراد منخفضا عن قيمته‬
‫العادية (يرتكز على العموم على ثمن بيع نفس المنتج في السوق الداخلية للمصدر)‪.‬‬

‫فاإلغراق يسمح إذن بإدخال سلعة معينة منتجة في دولة ما إلى سوق دولة أخرى بسعر أقل من‬
‫قيمتها العادية ‪ .‬هذا هو نص المادة السادسة من االتفاق العام للكات الذي اقتبسته اتفاقات‬
‫أوروغواي‪.‬‬

‫وعليه يمكن القول أن اإلغراق‪ ،‬هو أن يقوم مصدر ما ببيع سلعه إلى دولة أخرى بسعر يقل عن‬
‫سعرها في أسواقه الداخلية‪ ،‬أو بيع هذه السلع بأقل من تكاليف إنتاجها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫أوال)‪ -‬شروط مكافحة اإلغراق‪:‬‬
‫• حتى تكون سياسة مكافحة اإلغراق منسجمة من الناحية القانونية مع التنظيم‬
‫التجاري العالمي‪ ،‬يجب أن يتوفر فيها شرطان أساسيان‪:‬‬
‫• الشرط األول‪ :‬أن يكون حجم اإلغراق الذي يصيب الدولة المستوردة مهما‬
‫• ويمكن تطبيق العديد من مناهج الحساب المختلفة لمعرفة ما إذا كان اإلغراق الذي‬
‫يشكل منتوجا ما موضوعه مهما أم ال‪ .‬وينص االتفاق على االختيار بين ثالثة مناهج‬
‫لحساب القيمة العادية لمنتوج ما‪:‬‬
‫❖ يرتكز المنهج األساسي على الثمن المطبق في السوق الداخلي للمصدر‪ ،‬ويتم ذلك‬
‫بمقارنة السعر المحلي للسلعة مع سعرها المخصص للتصدير‪ ،‬ويجب أن يكون الثمن‬
‫الثاني أقل من األول‪.‬‬
‫❖ إذا كان هذا المنهج غير قابل للتطبيق‪ ،‬يمكن اللجوء إلى حلين آخرين‪ :‬إما اعتبار‬
‫الثمن المطبق من طرف المصدر في بلد آخر‪ ،‬وإما المقارنة بين كلفة إنتاج السلعة‬
‫في البلد المصدر مع سعر بيعها للخارج‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار التكاليف اإلدارية‪.‬‬
‫يوجد إغراق إذا كانت كلفة اإلنتاج أعلى من سعر البيع‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• الشرط الثاني‪ :‬على الدولة المستوردة إثبات الضرر الذي تتحمله نتيجة اإلغراق‬

‫ويقصد به ما يترتب عن اإلغراق من خسائر مادية‪ ،‬أي الضرر المادي الذي يخلفه اإلغرا ق‬
‫بالصناعة المحلية سواء كان هذا الضرر بسبب عدم التطور للصناعة المحلية‪ ،‬أو تهدي دا‬
‫ماديا لوجودها‪.‬‬

‫لذلك يجب القيام مقدما بتحقيق معمق طبقا لقواعد خاصة‪ ،‬يشمل تقييما لكل العوامل‬
‫االقتصادية التي لها تأثير على وضعية فرع اإلنتاج الوطني المعني باألمر‪.‬‬

‫• فالضرر هو الشرط األساسي لتحريم اإلغراق‪ ،‬ويبرر اإلجراءات التجارية ضده‪ .‬وعلى هذا‬
‫األساس ليست هناك أي حكمة أو فائدة من مكافحته عند عدم وجود الضرر‪.‬‬

‫• ثانيا)‪ -‬وضع رسوم لمحاربة اإلغراق‪:‬‬

‫• إذا توصل التحقيق إلى أن هناك إغراق وأن فرع اإلنتاج الوطني قد تضرر‪ ،‬فإنه يمكن فرض‬
‫رسم إضافي على استيراد المنتج المعني باألمر واآلتي من البلد المصدر المعني باألمر‪،‬‬
‫بهدف تقريب الثمن من ‪″‬القيمة العادية‶‪ ،‬أو إبعاد الضرر الذي لحق اإلنتاج الوطني للبلد‬
‫المستورد‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• كما يمكن للمقاولة المصدرة أن تلتزم بالرفع من سعرها لجعله في مستوى متفق‬
‫عليه لتجنب فرض رسم على االستيراد لمناهضة اإلغراق‪ .‬ويجب أال يكون مبلغ‬
‫الرسوم الجمركية المفروضة على السلعة محل اإلغراق أكبر من الفرق بين سعر‬
‫استهالك السلعة في الدولة المصدرة‪ ،‬وسعرها في البلد المستورد‪.‬‬
‫• كما أنه يجب أال تكون منحازة‪ ،‬إذ ال يجوز فرضها على سلعة دولة دون سلعة مماثلة‬
‫لدولة أخرى‪.‬‬
‫• هذا‪ ،‬وقد أنشأت مساطر مفصلة فيما يخص القضايا المتعلقة بمناهضة اإلغراق‬
‫والطريقة التي يجب بها إجراء التحقيقات والشروط الواجب احترامها إلعطاء كل‬
‫األطراف المعنية إمكانية تقديم أدلة‪ .‬ويجب أن تنتهي تدابير مناهضة اإلغراق خمس‬
‫سنوات بعد تاريخ فرضها‪ ،‬ماعدا إذا اثبت التحقيق أن إلغاءها يؤدي إلى ضرر‪.‬‬
‫• ويجب إنهاء التحقيقات بشأن مناهضة اإلغراق فورا‪ ،‬إذا أثبت السلطات أن هامش‬
‫اإلغراق ال معنى له‪ ،‬وينص االتفاق على أنه يجب على الدول األعضاء إبالغ لجنة‬
‫ممارسات مناهضة اإلغراق فورا‪ ،‬وبكل التفاصيل‪ ،‬وبجميع تدابير مناهضة اإلغراق‬
‫التمهيدية والنهائية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• كما يجب أن تقدم تقريرا بشأن كل التحقيقات مرتين كل سنة‪ .‬وفي حالة النزاع يتم‬
‫حث األطراف على إجراء مشاورات‪ ،‬كما يمكنهم اللجوء إلى مسطرة حل النزاعات‬
‫في منظمة التجارة العالمية كما سنرى الحقا‪.‬‬

‫• من الناحية المبدئية يجب محاربة اإلغراق عندما يقضي على القاعدة الرئيسية‬
‫للتجارة السليمة وهي المنافسة‪ ،‬لكن المشكلة تتعلق بكيفية حساب هوامش اإلغراق‪،‬‬
‫والجهة التي تحدد درجة الضرر‪ ،‬والتدابير المتبعة لمعالجته‪.‬‬

‫• هذه التقديرات متروكة لكل دولة بصورة انفرادية‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى اتخاذ‬
‫إجراءات تعسفية‪ ،‬فعلى سبيل المثال يستوجب التنظيم التجاري العالمي أن تزول‬
‫إجراءات مكافحة اإلغراق فورا عندما تكون قيمة استيراد السلعة محل اإلغراق‬
‫ضعيفة‪ ،‬وتم االتفاق على أن تكون هذه القيمة أقل من ‪ %3‬من مبلغ واردات السلع‬
‫المماثلة‪ .‬الدولة المستورة هي التي تتولى حساب هذه النسبة وتستطيع بالتالي‬
‫محاربة أي سلعة حال إثبات أن قيمتها تفوق تلك النسبة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• غير أن اإلشكالية التي أصبحت تطرح هي أن إجراءات مكافحة اإلغراق أصبحت‬
‫تستعملها الدول الصناعية الكبرى ضد المنتجين في البلدان النامية‪ ،‬خاصة في ميدان‬
‫المنسوجات والمالبس‪.‬‬
‫• فمناهضة اإلغراق أصبح سالحا تشتكي من شروط استعماله البلدان النامية‪ ،‬وتعتبر‬
‫هذه األخيرة نفسها ضحية لالستعمال التعسفي لتدابير مناهضة اإلغراق من طرف‬
‫الدول المتقدمة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬القواعد المتعلقة بمحاربة الممارسات غير النزيهة للحكومات‪ :‬المساعدات‬
‫إن ما يعاب بالخصوص على التدابير الهادفة إلى دعم األسعار الداخلية أو دعم اإلنتاج‬
‫بطريقة أخرى هو أنها تشجع الزيادة في اإلنتاج‪ ،‬مما يؤدي إلى إقصاء المنتجات‬
‫المستوردة من السوق‪ ،‬أو تؤدي إلى دعم الصادرات وممارسة اإلغراق على‬
‫األسواق العالمية‪.‬‬
‫أوال)‪ -‬تصنيف المساعدات‪:‬‬
‫يمكن التمييز بين برامج الدعم التي تؤثر على اإلنتاج‪ ،‬وبرامج الدعم التي ليس لها تأثير‬
‫على اإلنتاج‪:‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• بالنسبة لبرامج الدعم التي لها تأثير مباشر على اإلنتاج‪ ،‬فقد قبلت الدول المتقدمة‬
‫تخفيض هذا الدعم بـ ‪ %20‬في ظرف ست سنوات ابتداء من ‪ ،1995‬كما التزمت‬
‫البلدان النامية بالقيام بتخفيضات بـ ‪ %13‬خالل عشر سنوات‪ ،‬أما البلدان األكثر فقرا‬
‫فهي ليست ملزمة للقيام بأي تخفيض‪.‬‬

‫• أما بالنسبة لبرامج الدعم التي ليس لها تأثير أو لها تأثير ضعيف‪ ،‬فإنه يسمح‬
‫باتخاذها‪.‬‬

‫• ويخص هذا الدعم‪:‬‬


‫❑ الخدمات التي تقدمها السلطات العمومية كالبحث والصحة العمومية والبنية التحتية‬
‫واألمن الغذائي؛‬
‫❑ أداء مدفوعات مباشرة للفالحين والتي ليس من شأنها تحفيز اإلنتاج‪ ،‬كما هو الشأن‬
‫بالنسبة لبعض أشكال الدعم المباشر للدخول والمساعدات على إعادة هيكلة‬
‫اإلستغالالت الزراعية؛‬
‫❑ األداءات المباشرة المقدمة لحماية البيئة؛‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫❑ بعض األداءات المباشرة للفالحين بغية الحد من اإلنتاج؛‬
‫❑ بعض برامج المساعدة التي تقدمها الدول من أجل التنمية الفالحية والقروية في‬
‫البلدان النامية؛‬

‫❑ تدابير أخرى للدعم والتي يعتبر حجمها متواضعا جدا مقارنة مع القيمة اإلجمالية‬
‫للمنتوج أو المنتوجات المستفيدة (‪ %5‬أو أقل في البلدان المتقدمة‪ ،‬و‪ %10‬أو أقل‬
‫في الدول النامية)‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬اللجوء إلى الرسوم التعويضية‪:‬‬

‫يمكن أن يفتح تقديم الحكومات لمساعدات لدعم إنتاجها الوطني المجال أمام إنشاء رسوم‬
‫تعويضية‪ ،‬تهدف إلى تعويض الضرر بإعادة التوازن إلى المنافسة‪ .‬وكما هو الحال‬
‫في مجال مناهضة اإلغراق يجب أن ال تسبب هذه المساعدات في ضرر بالنسبة ألحد‬
‫فروع إنتاج األعضاء اآلخرين في منظمة التجارة العالمية‪ ،‬وأن تكون هناك عالقة‬
‫سببية واضحة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• فيجب على الدول المدعية هنا أن تثبت أن المساعدة لها آثار وخيمة على مصالحها‪،‬‬
‫وإال اعتبرت المساعدة مرخص بها‪.‬‬

‫• ويحدد االتفاق ثالثة أنواع من الضرر‪:‬‬


‫‪ o‬يمكن للمساعدات الممنوحة من طرف بلد ما أن تمس بفرع من فروع اإلنتاج الوطني‬
‫في البلد المستورد؛‬
‫‪ o‬يمكن أن تؤدي إلى اإلضرار بالمصدرين في بلد آخر عندما يتنافس كال البلدين على‬
‫أسواق الغير؛‬
‫‪ o‬يمكن للمساعدات الداخلية الممنوحة من طرف بلد ما أن تلحق ضررا بالمصدرين‬
‫الذي يدخلون في منافسة على السوق الداخلي لهذا البلد‪.‬‬

‫إذا أثبت جهاز حل النزاعات أن المساعدات لها فعال آثار وخيمة‪ ،‬فإنه يجب سحب‬
‫المساعدة‪ .‬وإذا تضرر منتجون وطنيون بواردات المنتوجات المدعمة‪ ،‬فإنه يمكن‬
‫فرض رسوم تعويضية‪ .‬كما يمكن للبلد المصدر المستفيد من الدعم أن يوافق على‬
‫الرفع من أسعاره عن التصدير لتجنب فرض رسم تعويضي على منتوجاته‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬

‫• وال يمكن تحصيل رسم تعويضي إال إذا قام البلد المستورد بتحقيق مفصل مشابه‬
‫للتحقيق الذي يتم إجراؤه بشأن مناهضة اإلغراق‪.‬‬

‫• وهناك قواعد مفصلة تنظم تحديد وجود المساعدة (الحساب ليس دائما سهال)‪،‬‬
‫والمعايير المطبقة لمعرفة ما إذا كانت الواردات من المنتوج المدعم تلحق ضررا‬
‫باإلنتاج الوطني‪ ،‬والمساطر المتبعة إلجراء التحقيقات‪ ،‬وتنفيذه‪ ،‬ومدة التدابير‬
‫التعويضية (المحددة عادة في خمس سنوات)‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القواعد المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية وحل الخالفات‬

‫الفرع األول‪ :‬القواعد المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية‬

‫أدخل اتفاق منظمة التجارة العالمية حول مظاهر حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة‬
‫(‪( ) ADPIC‬الذي تم التفاوض بشأنه أثناء جولة االوروغواي المنعقدة ما بين‬
‫‪ ) 1994- 1986‬ألول مرة قواعد متعلقة بالملكية الفكرية في النظام التجاري المتعدد‬
‫األطراف‪.‬‬

‫إذ أصبحت األفكار والمعارف تمثل جزءا مهما من التجارة‪ ،‬فقيمة األدوية الجديدة‬
‫والمنتوجات األخرى ذات التقنية العالية ترجع إلى جهود اإلبداع واالبتكار والبحوث‬
‫والتجارب الضرورية لصناعتها‪.‬‬

‫فاألفالم والتسجيالت الموسيقية والكتب والحبكات المعلوماتية (‪ ) Logiciels‬تباع‬


‫وتشترى من أجل المعلومات واإلبداع الذي تتضمنه‪ ،‬وليس من أجل المواد‬
‫البالستيكية أو المعدنية أو الورقية المستعملة في إنتاجها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• ويمكن للمؤلفين الحصول على حق منع اآلخرين الستعمال إبداعاتهم ورسوماتهم‬
‫ونماذجهم أو إبداعات أخرى‪ ،‬واستعمال هذا الحق للتفاوض بشأن أجر مقابل‬
‫استعمالها من طرف الغير‪.‬‬

‫• وتتخذ هذه الحقوق المسماة بالحقوق الفكرية عدة أشكال‪ :‬حقوق المؤلف بالنسبة‬
‫مثال للكتب واللوحات واألفالم وبراءات االختراع‪ ،‬وعالمات الصنع أو العالمات‬
‫التجارية‪ .‬وتخول الحكومات والبرلمانات هذه الحقوق للمبدعين لتحفيزهم على إنتاج‬
‫األفكار التي يستفيد منها المجتمع ككل‪.‬‬

‫• غير أن درجة حماية واحترام هذه الحقوق تختلف كثيرا من بلد آلخر‪ .‬وبما أن‬
‫الملكية الفكرية باتت تلعب دورا مهما في التجارة‪ ،‬فقد أصبحت هذه االختالفات مصدر‬
‫توترات في العالقات االقتصادية‪ ،‬فكان من الضروري إعداد قواعد تجارة جديدة متفق‬
‫عليها على المستوى الدولي بالنسبة لحقوق الملكية الفكرية‪ ،‬كوسيلة لتدعيم النظام‬
‫وحل الخالفات بشكل منظم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• وقد سمحت جولة األوروغواي بالحصول على هذه النتيجة‪ .‬ويهدف اتفاق منظمة‬
‫التجارة العالمية حول الملكية الفكرية بصفة عامة إلى الحد من الخالفات في الطرق‬
‫التي تتم بها حماية هذه الحقوق في العالم‪ ،‬وإخضاعها لقواعد دولية مشتركة‪ .‬فهو‬
‫يحدد مستويات دنيا لحماية الملكية الفكرية التي يجب على كل حكومة أن تضمنها‬
‫لألعضاء اآلخرين في المنظمة‪.‬‬
‫• وجذور حماية هذه الحقوق ال تعود إلى إنشاء منظمة التجارة العالمية التي تأسست‬
‫عام ‪ ،1995‬بل إلى اتفاقية باريس عام ‪ 1967‬الخاص بحقوق الملكية الصناعية‬
‫واتفاقية بيرن لعام ‪ 1971‬التي تناولت حقوق التأليف‪ ،‬كما توجد مؤسسة عالمية‬
‫متخصصة وهي المنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية التي أنشئت عام ‪1967‬‬
‫مهمتها تطبيق هاتين االتفاقيتين وتضم ‪ 157‬دولة‪.‬‬
‫• لكن إطارها القانوني ال يسمح باحترام تلك الحقوق بفعالية‪ ،‬ويقتصر على الجوانب‬
‫الفنية البحتة‪ ،‬وال يشمل عالقة هذه الحقوق بالتجارة العالمية‪ .‬وتحت ضغط الواليات‬
‫المتحدة األمريكية واالتحاد األوروبي‪ ،‬ورغم معارضة غالبية الدول النامية انتقلت‬
‫أحكام االتفاقيتين مع بعض التعديالت إلى جولة أوروغواي‪ ،‬فظهر االتفاق متعدد‬
‫األطراف حول حقوق الملكية الفكرية ذات العالقات بالتجارة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• وكما هو الحال في اتفاقية الكات‪ ،‬واالتفاقية العامة حول الخدمات ترتكز االتفاقية حول حقوق‬
‫الملكية الفكرية على مبادئ أساسية‪ ،‬إذ كما هو الحال في االتفاقيات األخرى‪ ،‬يتم التركيز على‬
‫عدم التمييز والمعاملة الوطنية (المساواة في معاملة األجانب والمواطنين) وشرط الدولة‬
‫األكثر رعاية‪.‬‬

‫• من خالل كل ما سبق نتساءل عن ما هي أنواع حقوق الملكية الفكرية؟ وما هي وسائل‬


‫حمايتها؟‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أنواع حقوق الملكية الفكرية‬

‫• نظرا لكثرة اإلنتاج الفكري في شتى مجاالت الحياة‪ ،‬فقد أصبح من المتفق عليه أن الملكية‬
‫الفكرية تنقسم إلى قسمين رئيسيين‪:‬‬

‫• القسم األول‪ :‬هو قسم الملكية الفكرية الصناعية‪ ،‬ويشتمل االختراعات والعالمات التجارية‬
‫والرسوم والنماذج الصناعية والمؤشرات الجغرافية والتصميمات‪.‬‬

‫• القسم الثاني‪ :‬هو قسم الملكية الفكرية األدبية والفنية‪ ،‬ويضم حقوق المؤلف والحقوق‬
‫المجاورة لها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫أوال)‪ -‬حقوق الملكية الفكرية الصناعية‪:‬‬
‫وتشمل االختراعات والعالقات التجارية والرسوم والنماذج الصناعية والمؤشرات‬
‫الجغرافية والتصميمات‪:‬‬
‫❑ العالمة التجارية‪:‬‬
‫هي إشارة مميزة توضع على بعض السلع أو الخدمات لبيان أن شخصا محددا أو شركة‬
‫محددة ينتجها أو يقدمها‪.‬‬
‫وتفيد العالمة التجارية في تمييز منتجات مؤسسة عن منتجات المؤسسات األخرى‪،‬‬
‫وليس من الضروري أن تكون العالمة التجارية اسما‪ ،‬بل يمكن أن تكون حرفا‪ ،‬أو‬
‫عددا‪ ،‬أو شكال‪ ،‬أو مجموعة ألوان أو لونا مميزا‪ ،‬أو رسما أو رمزا ثالثي األبعاد‪.‬‬
‫❑ المؤشر الجغرافي‪:‬‬
‫وهو مؤشر يحدد المكان الذي صنع فيه المنتج‪ ،‬والمميزات الخاصة به‪ ،‬مثال تستخدم‬
‫كلمة ‪ Suisse‬كمؤشر جغرافي للمنتجات المصنوعة في سويسرا‪ ،‬كالساعة على وجه‬
‫التحديد وهي تدل على اإلتقان في الصنع‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• ويمكن الستعمال اسم مكان في حين أن المنتوج تم صنعه في مكان آخر أو ليس له‬
‫المميزات المألوفة‪ ،‬أن يوقع بالمستهلكين في الخطأ‪ ،‬ويؤدي إلى منافسة غير نزيهة‪.‬‬
‫وينص االتفاق على أنه يجب على الدول أن تمنع االستعمال التعسفي ألسماء األماكن‪.‬‬

‫❑ الرسوم والنماذج الصناعية‪:‬‬

‫تجد الرسوم والنماذج الصناعية مجال تطبيقها في الصناعة والحرف اليدوية كصناعة‬
‫األجهزة التقنية والطبية والساعات والحلي واألجهزة المنزلية والكهربائية والسيارات‬
‫والرسوم الموضوعة على األقمشة‪.‬‬

‫وطبقا لالتفاق المتعلق بحقوق الملكية الفكرية يجب حماية الرسوم والنماذج الصناعية لمدة‬
‫عشر سنوات على األقل‪ ،‬ويجب أن يتمكن مالكو الرسوم المحمية من منع تصنيع وتوريد‬
‫أدوات تتضمن رسما منسوخا عن الرسم الحقيقي‪.‬‬

‫❑ براءات االختراع‪:‬‬

‫وهي حق استئثاري ُيمنح الختراع منتج أو طريقة صنع جديدة لفعل شيء ما أو إتاحة حل‬
‫جديد لمشكلة تقنية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• وتوفر البراءة المالكة حماية االختراع طوال مدة تصل إلى ‪ 20‬سنة‪ .‬وتتمثل الحماية‬
‫الممنوحة في منع الغير من تقليد العمل نفسه أو عرضه للبيع محليا أو استخدامه‬
‫ألغراض تجارية (استيرادا وتصديرا) أو أي غرض آخر دون الحصول على ترخيص‬
‫صاحب االختراع‪.‬‬

‫• وبمجرد انقضاء مدة الحماية تسقط الحقوق اإلستئثارية الممنوحة لالختراع‪ ،‬ويصبح‬
‫بإمكان أشخاص آخرين استغالله تجاريا‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬حقوق الملكية الفكرية األدبية والفنية‪:‬‬

‫وتشمل حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لها‪:‬‬

‫❑ حقوق المؤلف‪:‬‬

‫تضم حقوق المؤلف كافة أنواع المصنفات األدبية والفنية كالروايات والقصائد‬
‫والمسرحيات واألفالم واأللحان الموسيقية والرسوم واللوحات والصور الشمسية‬
‫والتماثيل والتصميمات الهندسية‪ ،‬إضافة إلى برامج الحاسوب وغير ذلك من األعمال‬
‫األدبية والفنية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• وقد مدد االتفاق مجال تطبيق القواعد الدولية المتعلقة بحقوق المؤلف لتشمل حقوق‬
‫الكراء‪ .‬فيجب أن يكون ألصحاب برامج الحاسوب ومنتجي التسجيالت الصوتية الحق‬
‫في منع اإليجار التجاري ألعمالهم للجمهور‪ ،‬ويطبق الحق نفسه على األعمال‬
‫السينمائية التي أدى اإليجار التجاري بشأنها إلى إنجاز نسخ ال تحصى‪ .‬وهو ما يمنع‬
‫حاملي حقوق التأليف من كل الموارد المالية الممكنة‪.‬‬

‫❑ الحقوق المجاورة لحق المؤلف‪:‬‬

‫• وهي حقوق فناني األداء المتعلقة بأدائهم وحقوق منتجي التسجيالت الصوتية‬
‫المرتبطة بتسجيالتهم وحقوق هيئات اإلذاعة المتصلة ببرامج اإلذاعة والتلفزيون‪.‬‬

‫• وينص االتفاق أيضا على أنه يجب أن يكون لمنتجي التسجيالت الصوتية والعازفين‬
‫والملحنين الحق في منع كل تسجيل أو إعادة إنتاج أو توزيع غير مرخص به‬
‫لخدماتهم خالل خمسين سنة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬وسائل ضمان احترام حقوق الملكية الفكرية‬

‫• ال يكفي أن تكون هناك قوانين حول حقوق الملكية الفكرية‪ ،‬بل يجب ضمان احترام هذ ه‬
‫القوانين ‪ .‬وقد تم تناول هذه المسألة في الجزء الثالث من االتفاقية حول حقوق الملك ية‬
‫الفكرية الذي ينص على أنه يجب على الحكومات أن تجعل قوانينها تحترم حقوق الملكية‬
‫الفكرية‪ ،‬وأن تكون العقوبات في حالة المخالفات كافية لكي تكون رادعة‪.‬‬

‫• يجب أن تكون إجراءات حماية حقوق الملكية الفكرية منصفة وعادلة‪ ،‬وال يجوز أن تكو ن‬
‫معقدة أو باهضة التكاليف بصورة غير ضرورية‪ ،‬وال تنطوي على آجال غير معقولة أو‬
‫تأخير غير مبرر‪.‬‬

‫• ويجب أن يتمكن المعنيون باألمر من أن يطلبوا من محكمة ما النظر في شرعية قرار إداري‬
‫أو أن يقدموا استئنافا ضد حكم محكمة دنيا‪ .‬ويجب أن تكون القرارات المتخذة بصدد م وضوع‬
‫أي من القضايا مكتوبة ومعللة‪.‬‬

‫• وأن تتم إتاحتها على األقل لألطراف المعنية بالقضية دون أي تأخير ال لزوم له‪ ،‬وأال تستند‬
‫تلك القرارات إال إلى األدلة التي أعطيت لألطراف المتخاصمة فرصة عرض وجهة نظرها‬
‫فيها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• ويصف االتفاق بكيفية مفصلة وسائل احترام هذه الحقوق‪ ،‬فما هي هذه الوسائل؟‬

‫• أوال)‪ -‬اإلجراءات والجزاءات المدنية واإلدارية والجنائية‪:‬‬

‫• ينص االتفاق حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية (‪ ) TRIPS‬على المبادئ‬
‫التوجيهية الخاصة باإلجراءات المدنية واإلدارية الواجب اتباعها لحماية حقوق الملكية‬
‫الفكرية‪.‬‬

‫• وتشتمل على األحكام الخاصة باإلجراءات العادلة والمنصفة واألدلة واألوامر القضائية‬
‫والتعويضات وجزاءات أخرى كصالحية األمر بالتخلص من المواد والمعدات التي‬
‫تستخدم في صنع السلع موضع التعدي وحق الحصول على المعلومات‪ ،‬كصالحية أن‬
‫تأمر السلطات المخالفة بإعالم صاحب الحق بهوية األطراف األخرى المشتركة في‬
‫إنتاج السلع أو الخدمات المزورة‪ ،‬وتوزيعها وقنوات التوزيع التي تستعملها وتعويض‬
‫المدعى عليه‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• كما ينص اتفاق تريبس أن تدرج الدول األعضاء في قوانينها إجراءات وعقوبات‬
‫جنائية تطبق على األقل في حالة التقليد المتعمد للعمالت التجارية المسجلة أو انتحال‬
‫حقوق المؤلف على نطاق تجاري‪ ،‬وأن تنص األعضاء في قوانينها أيضا على‬
‫الجزاءات كالحبس أو الغرامات المالية والحجز ومصادرة وإتالف السلع المتعدية أو‬
‫أية مواد ومعدات تستخدم بصورة رئيسية في ارتكاب الجرم‪.‬‬

‫ثانيا)‪ -‬التدابير المؤقتة والمتطلبات الخاصة بالتدابير الحدودية‪:‬‬

‫ينص اتفاق تريبس على مجموعة من التدابير المؤقتة للحيلولة دون حدوث تعد على أي‬
‫حق من حقوق الملكية الفكرية‪ ،‬وال سيما منها‪:‬‬

‫منع السلع المقرصنة من دخول القنوات التجارية القائمة في مناطق اختصاصاتها‪،‬‬


‫ويشمل ذلك السلع المستوردة فور تخليصها جمركيا‪.‬‬

‫حماية األدلة ذات الصلة فيما يتعلق بالقرصنة المزعومة‪ ،‬واتخاذ تدابير مؤقتة دون علم‬
‫الطرف اآلخر إذا كان من المرجح أن يسفر أي تأخير عن إلحاق أضرار يصعب‬
‫تعويضها أو حين يكون هناك احتمال إلتالف األدلة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ينص اتفاق تريبس على بعض اإلجراءات الخاصة بالتدابير‬
‫الحدودية لتمكين صاحب الحق الذي لديه أسباب مشروعة للظن بوجود احتمال‬
‫استيراد سلع فيها تزوير لعالمة تجارية أو انتحال لحق المؤلف من التقدم بالتماس‬
‫مكتوب بأن توقف السلطات الجمركية إجراءات اإلفراج عن تلك السلع وتداولها‬
‫بحرية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬قواعد حل الخالفات التجارية الدولية‬

‫ينشأ الخالف عندما تتخذ دولة ما تدبيرا من تدابير السياسة التجارية أو من طبيعة‬
‫أخرى‪ ،‬يعتبر من طرف أحد أو العديد من أعضاء منظمة التجارة العالمية على أنه‬
‫يخرق اتفاقيات هذه المنظمة‪ ،‬أو يخل بالتزامات معينة‪.‬‬

‫كانت توجد مسطرة لحل الخالفات في االتفاقية القديمة للكات‪ ،‬غير أنه لم يكن لها أي‬
‫جدول محدد‪ ،‬وكان من السهل تجميد القرارات وكانت آجال إنهاء العديد من القضايا‬
‫طويلة جدا دون أن تصل إلى حل (الفقرة األولى)‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• ولتجاوز ذلك وضعت مذكرة االتفاق المنبثقة عن جولة األوروغواي مسطرة مهيكلة‪،‬‬
‫ذات مراحل محددة بكل وضوح‪ ،‬وأنشأت نظاما صارما فيما يخص آجال حل قضية من‬
‫القضايا المتعلقة بالنزاعات التجارية الدولية‪( ،‬الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تسوية منازعات التجارة الدولية بين التراضي والتقاضي‬

‫• من المسلم به أنه ال يكفي تقرير الحقوق إذا لم يكن ثمة نظام يمكن صاحب الحق من‬
‫إرغام من ينتهك هذا الحق على احترامه‪ ،‬وإذا كان ذلك صحيحا بالنسبة لجميع‬
‫المعامالت اإلنسانية‪ ،‬فإنه يصدق –بصفة خاصة‪ -‬على العالقات التجارية الدولية‪ ،‬إذ‬
‫تتفاوت الدول فيما بينها تفاوتا كبيرا من حيث حجم أسواقها الداخلية بما تتمكن معه‬
‫الدول الكبرى صاحبة األسواق الكبرى من استخدام هذه الميزة كورقة ضغط على‬
‫شركائها التجاريين صاحبة األسواق التجارية الضعيفة‪ ،‬لكي تقبل بما هو أقل من‬
‫حقوقها المقررة في االتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫• ولعل ذلك كان يمثل نقطة الضعف الرئيسية في نظام الكات المتعلق بتسوية المنازعات‪،‬‬
‫فقد كان المبدأ الذي قام عليه هذا النظام هو فض الخالفات بالمفاوضات الدبلوماسية‪،‬‬
‫أي األخذ بمبدأ التراضي وليس التقاضي‪ ،‬وهو ما تعكسه بجالء أحكام المادتين ‪،22‬‬
‫‪ 23‬اللتان تمثالن كل ما ورد في النظام بخصوص تسوية المنازعات‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• فالمادة (‪ ) 22‬تقتصر على تأكيد ‪″‬حق أحد األطراف المتعاقدة في أن يطلب من طرف‬
‫آخر الدخول في مشاورات تتعلق بتنفيذ االتفاقية‶‪.‬‬

‫• أما المادة (‪ ) 23‬فتجيز ‪″‬تقديم اعتراض مكتوب إلى طرف آخر بهدف الوصول إلى‬
‫تسوية مقبولة من الطرفين‪ ،‬فإذا لم يتمكن الطرفان من الوصول خالل مدة معقولة إلى‬
‫تسوية مقبولة منهما‪ ،‬فللمشتكي أن يحيل شكواه إلى األطراف المتعاقدة التي تقوم‬
‫بالتحقيق وتقديم توصيات‪ ،‬فإذا لم يقم العضو المشتكى به بتنفيذ هذه التوصيات‪ ،‬جاز‬
‫لألطراف المتعاقدة في حالة المخالفات الجسيمة السماح للعضو المشتكي بوقف بعض‬
‫التنازالت التي كان قد سبق أن قدمها للطرف المشتكى به‪ ،‬الذي إن لم يقبل هذا الوقف‬
‫كان له حق االنسحاب من الكات‶‪.‬‬

‫جولة طوكيو وتطوير نظام الكات لتسوية المنازعات‬

‫• يتضح من أحكام المادتين ‪ 23 ،22‬سلفتا البيان أن نظام تسوية المنازعات في إطار‬


‫الكات‪ ،‬قام على الصفة االختيارية واألسلوب الدبلوماسي في حل تلك المنازعات‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• بيد أن الممارسة العملية أسفرت عن تطوير هذا النظام على نحو غلب ‪-‬إلى حد ما‪ -‬الصف ة‬
‫القضائية التحكيمية وخفض – بعض الشيء من الصفة االختيارية الدبلوماسية‪ ،‬إذ اتفقت‬
‫األطراف المتعاقدة سنة ‪ 1979‬خالل جولة طوكيو على ‪″‬التفاهم بخصوص اإلخطارات‬
‫والمشاورات وتسوية المنازعات والرقابة على التنفيذ‶‪.‬‬

‫• وإذا كان هذا التفاهم الذي يتضمن تدوين القواعد وإجراءات تسوية المنازعات التي تراكمت‬
‫من خالل الممارسة منذ إنشاء الكات يضيف كثيرا إلى ما تضمنته أحكام المادتين ‪ ،23 ،22‬إال‬
‫أنه ال يغير بشكل أساسي من الصفة االختيارية لنظام تسوية المنازعات في هذا اإلطار‪ ،‬إذ بقي‬
‫للطرف المشتكى به (حق الفيتو) ضد كل خطوة من خطوات تسوية المنازعات‪ ،‬فله أن يرفض‬
‫تشكيل فريق (‪ ) panel‬لتسوية النزاع‪ ،‬وله أن يرفض استمرار السير في إجراءات التسوية‪،‬‬
‫وله أخيرا أن يرفض التقرير الذي صدر عن فريق التسوية‪.‬‬

‫• جولة أورجواي وإنجاز نظام فعال لتسوية المنازعات‬


‫• عملت األطراف المتعاقدة في الجولة الثامنة من جوالت الكات ‪ .‬والتي جرت فعاليتها في‬
‫أورجواي على وضع نظام فعال لتسوية المنازعات لتجاوز العيوب الناشئة عن الصفة‬
‫االختيارية للنظام السابق‪ ،‬ومن ثم فقد جاء االتفاق في هذه الدورة للتفاهم على القواعد‬
‫واإلجراءات المتعلقة بتسوية المنازعات‪Understanding on Rules and ،‬‬
‫‪ ،Prucedeures Covering the SettIement of Disputes‬والذي يرمز له اختصارا‬
‫بمصطلح (‪.) D.S.U‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫وقد خطت األطراف المتعاقدة خطوات واسعة في سبيل سد الثغرات التي كان يعاني‬ ‫•‬
‫منها النظام السابق‪ ،‬وتجلى ذلك في اآلتي‪:‬‬
‫إزالة الصفة االختيارية إذ لم يعد ألية دولة حق الفيتو‪ ،‬وبعد أن كانت القاعدة وجوب‬ ‫‪(1‬‬
‫اإلجماع على قبول التقرير أصبحت القاعدة وجوب قبول التقرير إال إذا حصل إجماع‬
‫على رفضه‪ ،‬بعبارة أخرى أصبح اإلجماع شرطا لرفض التقرير وليس لقبوله (مبدأ‬
‫اإلجماع السلبي)؛‬
‫إخضاع كل اإلجراءات لمدة زمنية محددة واجبة االحترام‪ ،‬من األطراف المتنازعة‬ ‫‪(2‬‬
‫ومن أجهزة تسوية المنازعات؛‬
‫استحداث جهاز استئناف دائم يختص بالنظر في االستئناف المرفوع من أحد‬ ‫‪(3‬‬
‫األطراف المتنازعة ضد التقرير الصادر من فريق التسوية‪ ،‬يصدق على تقريره ما‬
‫يصدق على تقرير الفريق من حيث وجوب القبول‪ ،‬إال إذا كان هناك إجماع على‬
‫الرفض؛‬
‫وضع قواعد تفصيلية لضمان تنفيذ توصيات جهاز االستئناف وتوصيات الفريق في‬ ‫‪(4‬‬
‫حدود ما وافق عليه جهاز االستئناف‪ ،‬وذلك في مدة زمنية محددة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• وعلى ذلك يمكن القول أن نظام تسوية المنازعات (‪ ) D.S.U‬انتهى في جولة أورجواي إلى‬
‫أن أصبح نظاما تغلب عليه صفة اإللزامية بما يجوز معه وصفه بأنه أصبح نظام شب ه‬
‫قضائي ‪ .‬ما يجعنا نطرح سؤال كيف يعمل هذا النظام؟ وما هي المراحل التي تمر بها‬
‫المنازعة وصال إلى تسويتها في إطار هذا النظام؟‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬نظام تسوية المنازعات في إطار منظمة التجارة العالمية وآليات اشتغاله‬

‫أوال) إنشاء جهاز لتسوية المنازعات يسهر على تطبيق نظام التسوية‬

‫تخضع كافة المنازعات التي تنشأ بين الدول األعضاء في المنظمة‪ ،‬التي تتعلق بالحقوق‬
‫وااللتزامات المقررة في االتفاقات المشمولة‪ ،‬لقواعد وإجراءات تسوية المنازعات الواردة‬
‫في التفاهم سالف الذكر‪ ،‬والتي يرمز لها اختصارا بـ (‪) D.S.U‬‬

‫وقد نصت المادة (‪ ) 2‬من اتفاق التفاهم هذا‪ ،‬على إنشاء جهاز يدير القواعد واإلجراءات‬
‫والمشاورات وأحكام تسوية المنازعات الواردة في االتفاقيات المشمولة‪ ،‬يتمتع بسلطة إنشاء‬
‫فرق خاصة‪ ،‬واعتماد تقارير االستئناف‪ ،‬ومراقبة تنفيذ القرارات‪ ،‬والتوصيات‪ ،‬والترخيص‬
‫بتعليق التنازالت‪ ،‬وغيرها من االلتزامات التي تفرضها تلك االتفاقيات‪.‬‬

‫وقد أنشيء هذا الجهاز بالفعل تحت مسمى يرمز له اختصارا بــ (‪) DSB‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫ثانيا) المراحل التي يمر منها النزاع التجاري حتى انتهاء تسويته‬
‫❑ مرحلة المشاورات‪:‬‬
‫نصت الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من القواعد سالفة الذكر على أنه‪:‬‬
‫‪″‬إذا قدم طلب المشاورات عمال باتفاق مشمول‪ ،‬يجب على العضو الذي يقدم إليه‬
‫الطلب‪ ،‬ما لم يجر اتفاق متبادل على عكس ذلك‪ ،‬أن يجيب على الطلب في غضون‬
‫‪ 10‬أيام من تاريخ تسليمه وأن يدخل بحسن نية في مشاورات ضمن فترة ال تتجاوز‬
‫‪ 30‬يوما بعد تسلم الطلب‪ ،‬بهدف التوصل إلى حل مرض للطرفين‪.‬‬
‫وإذا لم يرسل العضو ردا في غضون ‪ 10‬أيام من تسلم الطلب‪ ،‬أو لم يدخل في‬
‫مشاورات ضمن فترة ال تتجاوز ‪ 30‬يوما بعد تسليم الطلب‪ ،‬حق للعضو الذي طلب‬
‫المشاورات أن ينتقل مباشرة إلى طلب إنشاء فريق لحسم النزاع‶‪.‬‬
‫وعلى العضو الطالب للمشاورات أن يخبر الجهاز والمجالس واللجان ذات الصلة بطلبه‬
‫المشاورات‪ .‬وتقديم طلبات عقد المشاورات كتابة وتدرج األسباب الداعية للطلب بما‬
‫فيها تحديد اإلجراءات المعترض عليها‪ ،‬مع ذكر األساس القانوني للشكوى (المادة ‪4‬‬
‫الفقرة ‪.) 4‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• ويجب على األعضاء أن يسعوا خالل سير المفاوضات إلى تسوية مرضية للنزاع‪ ،‬قبل‬
‫اللجوء إلى أي إجراء آخر (المادة ‪ 4‬فقرة ‪.) 5‬‬

‫• وتكون المفاوضات سرية‪ ،‬وينبغي أال تخل بحقوق عضو في أية إجراءات الحقة‬
‫(المادة ‪ 4‬فقرة ‪.) 6‬‬

‫• وإذا أخفقت المشاورات في تسوية نزاع ما في غضون ستين يوما بعد تاريخ تسليم‬
‫طلب إجراء المشاورات‪ ،‬جاز للطرف الشاكي أن يطلب إنشاء فريق لحسم النزاع‪.‬‬

‫• ويجوز للطرف المشتكي أن يطلب تشكيل الفريق قبل انقضاء الستين يوما إذا ما‬
‫اعتبر الطرفان المتشاوران معا أن المشاورات قد أخفقت في تسوية النزاع (المادة ‪4‬‬
‫فقرة )‪.‬‬

‫• ويجوز لألعضاء في الحاالت المستعجلة‪ ،‬بما فيها تلك المتعلقة بالسلع سريعة التلف‬
‫أن يدخلوا في مشاورات في غضون ما ال يزيد عن عشرة أيام من تاريخ تسلم الطلب‪.‬‬
‫وإذا أخفقت المشاورات في حل النزاع خالل عشرين يوما بعد تسلم الطلب‪ ،‬جاز‬
‫للطرف المشتكي أن يطلب إنشاء فريق (المادة ‪ 4‬فقرة ‪.) 8‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫❑ مرحلة حسم المنازعات عن طريق فريق خاص (‪) PANEL‬‬

‫في حالة إخفاق المشاورات على النحو المقدم‪ ،‬يجوز أن يطلب الطرف المشتكي تشكيل‬
‫فريق لحسم المنازعات‪ ،‬إال إذا قرر الجهاز في ذلك االجتماع بتوافق األراء عدم تشكيل‬
‫الفريق (المادة ‪ 6‬فقرة ‪.) 1‬‬

‫ويقدم الطلب بتكوين الفرق الخاصة مكتوبا‪ ،‬وينبغي أن يبين الطلب ما إذا كانت قد عقدت‬
‫مشاورات‪ ،‬وأن يحدد موضوع النزاع وأن يقدم ملخصا مختصرا لألساس القانوني‬
‫للشكوى كافيا لعرض المشكلة بوضوح (المادة‪ 6‬فقرة ‪.) 2‬‬

‫ينبغي اختيار أعضاء الفريق أو المجموعة بما يكفل استقاللهم وتوافر تنوع كاف في‬
‫مؤهالتهم وخبراتهم‪.‬‬

‫والمهمة األساسية والرسمية للمجموعة الخاصة أو الفريق هو مساعدة جهاز حل‬


‫النزاعات في إصدار قرارات أو توصيات‪ ،‬وبما أنه ال يمكن رفض تقريرها إال بواسطة‬
‫التراضي‪ ،‬فإنه من الصعب إلغاء استنتاجاتها‪ .‬ويجب أن ترتكز مالحظات المجموعة‬
‫حول االتفاقيات المثارة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• األجل المحدد إلنشاء مجموعة خاصة هو ‪ 45‬يوما‪ ،‬ويجب من الناحية المبدئية تبليغ‬
‫التقرير النهائي الذي توصلت إليه المجموعة الخاصة إلى أطراف النزاع داخل أجل‬
‫ستة أشهر‪ ،‬ويقلص هذا األجل إلى ثالثة أشهر في حالة االستعجال‪ ،‬خاصة عندما‬
‫يتعلق األمر بمنتجات تنتهي مدة صالحيتها‪ .‬تحدد مذكرة االتفاق بتفصيل مساطر عمل‬
‫المجموعات الخاصة‪ ،‬والمراحل األساسية هي كاآلتي‪:‬‬
‫▪ قبل االجتماع األول‪ :‬يعرض كل طرف من أطراف النزاع حججه كتابيا على المجموعة‬
‫الخاصة؛‬
‫▪ االجتماع األول‪ :‬يقدم البلد المشتكي‪ ،‬والبلد المشتكى به‪ ،‬والبلدان التي صرحت بأن‬
‫لها مصلحة في النزاع‪ ،‬حججها عند االجتماع األول للمجموعة الخاصة‪.‬‬
‫▪ االجتماع الثاني‪ :‬تقدم البلدان المعنية ردودا كتابية وحججها الشفوية في االجتماع‬
‫الثاني للمجموعة الخاصة‪.‬‬
‫▪ خبراء‪ :‬إذا ما أثار أحد األطراف مسائل ذات طابع علمي أو تقني‪ ،‬يمكن للمجموعة‬
‫الخاصة أن تستشير خبراء أو تعين مجموعة خبراء إلعداد تقرير استشاري‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• المشروع األولي للتقرير‪ :‬ترجع المجموعة الخاصة للطرفين األقسام الوصفية‬
‫(العناصر والحجج لمشروع تقريرها األولي)‪ ،‬وتعطي لهما أجل أسبوعين لتقديم‬
‫مالحظاتها‪ .‬وال يحتوي هذا التقرير على المالحظات واالستنتاجات‪.‬‬

‫• التقرير المؤقت‪ :‬تعرض المجموعة الخاصة تقريرا مؤقتا يتضمن مالحظاتها‬


‫واستنتاجاتها على الطرفين اللذان يتوافران على أجل أسبوع لطلب إعادة النظر‪.‬‬

‫• إعادة النظر‪ :‬ال يجب أن تتجاوز مرحلة إعادة النظر أسبوعين‪ ،‬وخالل هذه الفترة‬
‫يمكن للمجموعة الخاصة عقد اجتماعات أخرى مع الطرفين‪.‬‬

‫• التقرير النهائي‪ :‬يحال تقرير نهائي على الطرفين‪ ،‬وبعد ثالثة أسابيع‪ ،‬يوزع على‬
‫كل أعضاء منظمة التجارة العالمية‪ ،‬فإذا توصلت المجموعة الخاصة على أن التدبير‬
‫المطعون فيه هو فعال تدبير مخالف التفاقيات منظمة التجارة العالمية‪ ،‬أو ألي التزام‬
‫في إطار هذه األخيرة‪ ،‬توصي بجعل التدبير متطابقا مع قواعد منظمة التجارة‬
‫العالمية‪ ،‬ويمكن أن تقترح كيف يمكن الوصول إلى هذه الغاية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• التقرير يصبح قرارا‪ :‬يصبح التقرير داخل أجل ‪ 60‬يوما الموالية قرارا‬
‫أو توصية للجهاز المكلف بحل النزاعات‪ ،‬باستثناء إذا كان هناك تراضي‬
‫لرفضه‪ ،‬ويمكن للطرفين أن يتقدما باستئناف ضد القرار‪.‬‬
‫❑ مرحلة االستئناف‬
‫يقوم جهاز تسوية المنازعات بإنشاء جهاز دائم لالستئناف‪ .‬وينظر جهاز االستئناف في‬
‫القضايا المستأنفة من المجموعات الخاصة‪ ،‬ويتكون الجهاز من سبعة أشخاص‬
‫يخصص ثالثة منهم لكل قضية من القضايا‪ .‬ويعمل أعضاء جهاز االستئناف بالتناوب‪.‬‬

‫ويتألف جهاز االستئناف من أشخاص مشهود لهم بالمكانة الرفيعة‪ ،‬وبالخبرة الراسخة‬
‫في مجال القانون والتجارة الدولية وموضوع االتفاقيات المشمولة عموما‪ .‬ويجب أال‬
‫يكونوا تابعين ألية حكومة من الحكومات‪.‬‬

‫وينبغي أن تعكس عضوية جهاز االستئناف إلى حد كبير عضوية منظمة التجارة العالمية‬
‫في سعة تمثيلها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫• ويقتصر االستئناف على المسائل القانونية الواردة في تقرير المجموعة الخاصة وعلى‬
‫التفسيرات القانونية التي توصل إليها‪.‬‬

‫• ويعتمد جهاز تسوية المنازعات تقارير جهاز االستئناف وتقبلها أطراف النزاع دون شروط‬
‫ما لم يقرر جهاز تسوية المنازعات بتوافق اآلراء عدم اعتماد تقرير جهاز االستئناف ف ي‬
‫غضون ثالثين يوما بعد تعميمه على األعضاء‪.‬‬

‫• وإذا وجد فريق ما أو جهاز االستئناف أن إجراء ما يتعارض مع اتفاق مشمول‪ ،‬فإنه يوص ي‬
‫بأن يعدل العضو المعني اإلجراء بما يتوافق مع اتفاقات منظمة التجارة العالمية‪.‬‬

‫• وللمجموعة الخاصة أو جهاز االستئناف‪ ،‬أن يقترح إضافة إلى توصياته‪ ،‬السبل التي يستطيع‬
‫العضو المعني بمقتضاها تنفيذ التوصيات (المادة ‪.) 19‬‬

‫• وينبغي على العضو المعني أن يعلم جهاز تسوية المنازعات‪ ،‬في االجتماع الذي يعقده الجهاز‬
‫في غضون ثالثين يوما بعد تاريخ اعتماد تقرير الفريق أو جهاز االستئناف بنواياه فيما‬
‫يتصل بتنفيذ توصيات وقرارات جهاز تسوية المنازعات‪ .‬وإذا تعذر عمليا االمتثال فورا‬
‫للتوصيات والقرارات‪ ،‬أتيحت للعضو المعني فترة معقولة من الوقت لكي يفعل ذلك‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قواعد التجارة الدولية‬
‫❑ مرحلة تنفيذ التوصيات والقرارات‬
‫• هذا‪ ،‬ويراقب جهاز تسوية المنازعات تنفيذ التوصيات والقرارات (مادة ‪ ،) 21‬وإذا‬
‫أخفق العضو المعني في االمتثال للتوصيات والقرارات ضمن مدة زمنية معقولة تحدد‬
‫وفقا للفقرة الثالثة من المادة (‪ ،) 21‬يجب على هذا العضو‪ ،‬الدخول مع العضو‬
‫المشتكي في مفاوضات بهدف التوصل إلى تعويض مقبول‪.‬‬

‫• وإذا لم يمكن االتفاق على تعويض مرض خالل عشرين يوما بعد انقضاء الفترة‬
‫الزمنية المعقولة جاز للطرف المشتكي أن يطلب إلى جهاز تسوية المنازعات تعليق‬
‫تنفيذ الحقوق بالنسبة للعضو المذكور بموجب االتفاقات (المادة ‪.) 22‬‬

‫• هذا‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن الفقرة الثانية من المادة (‪ ) 21‬من القواعد تنص على‬
‫مراعاة مصالح الدول النامية بشكل خاص‪.‬‬
‫المراجع المعتمد عليها إلعداد هذه المحاضرات‬
‫حازم الببالوي‪ ،‬النظام االقتصادي الدولي المعاصر‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬العدد ‪257‬‬ ‫•‬
‫(الكويت‪ :‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪.) 2000 ،‬‬
‫الحسين الشكراني‪ ،‬تناقضات القانون الدولي مدخل تحليل‪( ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات‬ ‫•‬
‫الوحدة العربية‪.) 2019 ،‬‬
‫خويلدي السعيد‪″ ،‬أجهزة (آليات) النظام االقتصادي الدولي‶‪ ،‬دفاتر السياسة والقانون‪،‬‬ ‫•‬
‫العدد ‪) 20013( 9‬‬
‫مؤتمر األمم المتحدة حول التجارة والتنمية‪ ،‬تسوية النزاعات في منظمة التجارة‬ ‫•‬
‫العالمية‪( ،‬نيويورك وجنيف‪ :‬األمم المتحدة‪.) 2003 ،‬‬
‫نادية الهواس‪ ،‬محاضرات في القانون الدولي االقتصادي‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬ ‫•‬
‫واالقتصادية واالجتماعية فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 2010/2011‬‬
‫م‪.‬بوطريكي‪ ،‬محاضرات في قانون التجارة الدولية ‪ ،‬جامعة محمد األول بوجدة‪ ،‬السنة‬ ‫•‬
‫الجامعية ‪. 2009/2010‬‬

You might also like