‫الفرق بين المعجزة والكرامة‬

‫الغالبية من علماء أهل السنة يبرزون أن هن اك ع دة اختالف ات رئيس ية بين المعج زة‬
‫والكرامة‪ .‬أوًال‪ُ ،‬يلزم األنبياء أو رسل هللا تعالى بإظهار المعجزات أمام ش عوبهم‪ ،‬ل ذا إذا ق ام‬
‫نبي بإخفاء معجزته‪ ،‬فإن ه يخ الف ش ريعة هللا تع الى‪ .‬أم ا األولي اء ال ذين هم أيًض ا خاص ين‬
‫بوالية هللا‪ ،‬فإن عليهم إخفاء الكرامات التي حصلوا عليها أمام العامة‪ .‬ولذا‪ُ ،‬يعت برون م ذنبين‬
‫‪1‬‬
‫إذا قاموا بإظهار تلك الفضائل بهدف تحقيق مكانة بين البشر‪.‬‬
‫السبب الثاني ه و أن الن بي بمعجزت ه ُم ضَم ن الحف اظ على إيمان ه ومنع ه من الكف ر‪،‬‬
‫ويكون محفوًظا من حدوث فتنة في حقه‪ .‬بينم ا ال ولي ال ذي يمتل ك الكرام ة ال يضمن حف ظ‬
‫إيمانه‪ ،‬بل يخشى أن يتورط في فتنة وشهوات تجره نحو حدوث االستدراج‪ 2.‬سبب آخ ر ه و‬
‫أن الولي الذي ُينعم بالكرامة ال يفخر بها‪ ،‬بل على العكس يزداد إيمانه وخوفه من هللا تع الى‪،‬‬
‫مما يجعله أكثر طاعة ألوامر هللا وزيادة في الشكر ل ه‪ .‬ه ذا يختل ف عن معج زات األنبي اء‪،‬‬
‫حيث إذا زادت معجزة واحدة‪ ،‬فإنه ا س تكون أك ثر فعالي ة وتعزي ًز ا لقلب الن بي في ال دعوة‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وأيًض ا كحجة لترسيخ التوحيد‪.‬‬
‫توض ح النقط ة الثالث ة من قب ل علم اء ال دين الف ارق بين الكرام ة والمعج زة‪ ،‬حيث‬
‫ُيستخدم مصطلحان مختلفان لشرح األمور االستثنائية التي تحدث لعبيد هللا الص الحين‪ ،‬وهم ا‬
‫‪4‬‬
‫المعجزة والكرامة‪.‬‬
‫النظرة الشرعية لسعيد النورسي في ه ذه المس ألة متفق ة م ع رأي الغالبي ة من علم اء‬
‫أهل السنة الذين يقبلون حدوث الكرامات‪ .‬ولكنه يحذر فقط من سهولة إظهار أي ميزة أو قوة‬
‫استثنائية أمام اآلخرين‪.‬‬
‫أما الولي فكرامته إنما تدل على صدق النبي الذي آمن به هذا الولي‪ ،‬واتبعه في شريعته‪ ،‬وال‬
‫تدل بحال على عصمته هو من أن يخطئ في بعض أعماله أو عباداته أو توجيهاته ألنه لم‬
‫يرسل ويصطف من هللا لهذا الغرض كالنبي‪ ،‬وإنما هو مجتهد فيه‪ ،‬أما النبي فقد اصطفاه هللا‬
‫‪5‬‬
‫من عباده لهذا الغرض‪.‬‬
‫لذالك‪ ،‬يزيد هذا من قوة الرأي القائل بأن المعجزة هي خاص ة باألنبي اء أو رس ل هللا‪،‬‬
‫في حين يمكن أن تحدث الكرامة سواء للنبي أو للعبد الصالح الذي ليس نبًي ا‪ .‬وبالت الي‪ ،‬يمكن‬
‫استنتاج أن المعجزة تحدث مع ادع اء النب وة‪ ،‬بينم ا الكرام ة تح دث ب دون اع تراف برس الة‬
‫النبوة‪.‬‬

‫‪ 1‬القاسم القشيري‪ .2003 .‬الرسالة القشيرية في علم التصوف‪ .‬ص‪.126‬‬

‫‪ 2‬الاللكائي أبو القاسم‪ .2001 ،‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ .‬ص‪574‬‬
‫‪ 3‬الطوسي‪ .1960.‬اللمع في التصوف‪ .‬ص ‪.125‬‬
‫‪ 4‬الاللكائي أبو القاسم‪ .2001 ،‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ .‬ص‪578‬‬
‫‪ 5‬مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ َع لوي بن عبد القادر السقاف‪ .‬الموسوعة العقدية‪ .‬موقع الدرر السنية على اإلنترنت‪ .‬ج‪ .8‬ص‪.311‬‬
‫‪https://shamela.ws/book/38058/3819‬‬
 ‫المصادر‬

‫أبي القاسم هبة هللا بن الحسن بن منصور الطبري الاللكائي‪ .2005 .‬شرح أصول اعتقاد‬
‫أهل السنة والجماعة‪ .‬الناشر‪ :‬المكتبة اإلسالمية – القاهرة‪.‬‬

‫أبي نصر عبد هللا بن علي السراج الطوسيالطوسي‪ .1960.‬اللمع في التصوف‪ .‬دار الکتب‬
‫العلمية‪.‬‬

‫القاسم القشيري‪ .2003 .‬الرسالة القشيرية في علم التصوف‪ .‬وزارة األوقاف السعودية‪.‬‬

‫مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ َع لوي بن عبد القادر السقاف‪ .‬الموسوعة العقدية‪ .‬موقع‬
‫الدرر السنية على اإلنترنت‪ .‬ج‪ .8‬ص‪https://shamela.ws/book/38058/3819 .311‬‬