Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 1

‫مفهـــــوم‪ :‬الحق والعدالة‬

‫المحور الثالث ‪ :‬العدالة بين اإلنصاف والمساواة‬

‫ّ‬
‫عل خضوع الكل لسلطة القانون مع احتام‬ ‫‪،‬ف مقابل الظلم‪ .‬كما تدل العدالة ي‬
‫االشتقاف ما هو مطابق للحق ي‬
‫ي‬ ‫مفهوم العدالة ‪ : la justice‬تفيد يف معناها‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فه تحمل داللة قيمية أخالقية‪ ،‬إذ تتمثل يف فضيلة إعطاء كل ذي حق حقه‪ .‬مما‬ ‫كرامة كل فرد‪ .‬وقد اقتنت كلمة العدالة يف الفلسفة القديمة بالفضيلة‪ ،‬ي‬
‫يوكل إليها مهمة احتام حقوق اآلخرين‪ .‬ومن هنا تكون المصلحة العامة وتحق‬
‫ه المبدأ الذي يعتف لكل أفراد المجتمع ‪ ،‬بحق االشتاك يف الحكم ‪،‬وبحق التعيي يف الوظائف العامة‬ ‫السياس ي‬
‫ي‬ ‫المساواة ‪ :l’égalité‬يف معناها‬
‫الت يحددها القانون‪ ،‬دون تميت بي طبقاتهم وثرواتهم ‪ ،‬بحيث يكونون أمام القانون سواء ‪.‬‬ ‫ر‬
‫‪،‬وفقا للشوط ي‬
‫الحرف لها‪.‬‬
‫ي‬ ‫عل التطبيق‬‫عل الحكم العادل الصادر عن احتام روح القواني وليس ي‬ ‫‪:‬اإلنصاف ‪l’équité‬يدل ي‬

‫‪:‬‬

‫ه الغاية القصوى من الممارسة السياسة‪،‬فهل يمكن تطبيقها بالتساوي بي الناس ‪ ،‬بحيث يكون الجميع سواسية ‪ ،‬أم يجب‬ ‫إذا كانت العدالة ي‬
‫إنصاف كل واحد منهم بحسب تمته عن اآلخرين ؟ بعبارة أخرى هل العدالة تتطلب المساواة أم البد من اإلنصاف أم البد من االعتماد‬
‫عليهما معا؟‬

‫اليونان أفالطون(الجمهورية)‪:‬‬
‫ي‬ ‫الفيلسوف‬

‫فه تتحقق عل مستوى النفس حي تنسجم قواها الشهوانية والغضبية والعاقلة ‪ ،‬كما تتحقق عل‬ ‫أن العدالة فضيلة تقوم يف انسجام القوى المتعارضة وتناسبها ‪ ،‬ي‬
‫ينتم إليه فعال ‪،‬‬
‫ي‬ ‫ما‬ ‫المرء‬ ‫يمتلك‬ ‫أن‬ ‫ه‬
‫ي‬ ‫العدالة‬ ‫إن‬ ‫"‬ ‫أفالطون‬ ‫يقول‬ ‫وف‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫اآلخرين‬ ‫عمل‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫تدخل‬ ‫الت وهبته الطبيعة ‪ ،‬دون‬
‫صعيد المجتمع حي يؤدي كل فرد الوظيفة ي‬
‫الت يحتلها يف السلم‬
‫وف الدرجة ي‬ ‫ويؤدي الوظيفة الخاصة به " ‪.‬ها هنا ال يتمثل العدل يف تساوي الناس ‪،‬وال يف إنصافهم ‪،‬بل يف بقاء كل فرد يف ما أهلته الطبيعة إليه ‪ ،‬ي‬
‫الت تؤهله له طبيعته‬‫الت تضع كل شخص يف المكان المناسب ي‬ ‫ه ي‬ ‫االجتماع ‪،‬إنها عدالة انسجام وتناسب ‪،‬ليست عدالة إنصاف ومساواة ‪ .‬الدولة العدالة عند أفالطون ي‬
‫ي‬
‫ه صورة‬ ‫ي ي‬‫والت‬ ‫الحرفيون‬ ‫أو‬ ‫الصناع‬ ‫‪،‬وطبقة‬ ‫الجنود‬ ‫‪،‬وطبقة‬ ‫الحكام‬ ‫ه ‪ :‬طبقة الفالسفة أو‬ ‫الت ي‬
‫نزعاته وقدراته ‪،‬وتعمل عل فصل صارم بي طبقاته األساسية الثالث ي‬
‫ه "حكومة‬ ‫التوازن القائم بي المكونات الثالث للنفس اإلنسانية (النفس العاقلة والنفس الغاضبة والنفس الشهوانية )‪ .‬وعل ذلك فالحكومة المثل العادلة عند أفالطون ي‬
‫وف هذا يقول ‪":‬سوف ال تنعم المدن بأي خت ما لم يصبح الفالسفة ملوكا "‪.‬‬ ‫الفالسفة" ي‬

‫اليونان القديم ‪،‬وأيضا اعتبار العدالة فضيلة من الفضائل‪ ،‬فقد ظل‬


‫ي‬ ‫بالرغم من االتفاق الملموس بي أرسطو وأستاذه أفالطون حول وضعية العبيد يف المجتمع‬
‫ع المصالح العامة‪،‬أما النوع‬‫ي‬ ‫‪،‬حفاظا‬ ‫األخالف‬
‫ي‬ ‫وللضمت‬ ‫للقواني‬ ‫الخضوع‬ ‫تصوره للعدالة مخالفا ألستاذه ‪،‬فقد مت أرسطو بي نوعي من العدالة ‪:‬النوع األول ‪ ،‬ي‬
‫يعت‬
‫عل‬
‫‪،‬عت التوزي ع العادل للمناصب والمال والختات االقتصادية يف الدولة ي‬ ‫إل قسمي فهناك عدالة توزيعية ر‬ ‫وه تنقسم يف نظره ي‬
‫الثان فهو يقرن العدالة بالمساواة ي‬
‫ي‬
‫‪،‬عت معاقبة كل الذين ال يحتمون القواني و األنظمة‪ ،‬وهنا يجب أن تكون العقوبة مكافئة‬‫األفراد حسب كفاءتهم وطاقاتهم وأعمالهم ‪ ,‬وهناك عدالة تصحيحية ر‬
‫الجان‪ .‬ففكرة *المساواة المطلقة كأساس للعدالة * فكرة تنتج الظلم ‪..‬لذلك البد من استحضار مفهوم أخر بدونه ال يمكن أن تتجسد العدالة‬
‫ي‬ ‫للجريمة المقتفة من‬
‫إل اإلنصاف إذا شعر أن الظلم بعينه يتحقق لو طبق القانون بحذافته‪.‬‬ ‫فالقاض مثال قد يرجع ي‬
‫ي‬ ‫إذن فأرسطو يرى أن القواني نسبية الحقة ‪ ،‬وهو مفهوم اإلنصاف ‪،‬‬
‫إل ظاهرها أو‬ ‫إل روح القواني‪،‬ال ي‬
‫التحل يف هذه العدالة باإلنصاف ‪،‬الذي ينظر ي‬
‫ي‬ ‫فه مجردة وعامة ‪،‬قد ال تنطبق عل بعض الحاالت‪ ،‬ومن ثم وجب‬ ‫بطبيعتها ‪ ،‬ي‬
‫حرفية نصوصها‪.‬‬

‫اع الفروق بي األفراد ‪،‬فيما يخص الطبائع‬


‫األلمان ماكس شيلر أن المساواة المطلقة بي الناس تبدو فكرة طوباوية بل جائرة مادامت ال تر ي‬
‫ي‬ ‫فف نظر الفيلسوف‬
‫ي‬
‫اع اختالف الناس وتمايز طبائعهم ومؤهالتهم ومن الظلم أن نطالب بالمساواة المطلقة بي جميع‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫الت‬
‫ي ي‬ ‫ه‬ ‫المنصفة‬ ‫‪،‬فالعدالة‬ ‫يها‬ ‫عل‬ ‫يتوفرون‬ ‫الت‬
‫والمؤهالت ي‬
‫الناس‪ .‬يقول شيلر يف هذا الصدد يف كتابه* اإلنسان الحاقد* ”يبدو واضحا أن وراء هذه المساواة المنشودة ‪،‬رغبة يف خفض األشخاص األكفاء والعظماء‪..‬إل مستوى‬
‫األشخاص الذين هم يف أسفل درجات السلم ”‪.‬‬

‫يف كتابه نظرية العدالة يتساءل جون راولز هل باإلمكان تكوين مجتمع متكامل ومتناسب وفعال ومتكون من مواطني عقالنيي ومتساوين وأحرار‪،‬‬
‫لك يتحقق الهدف‬ ‫عل هذا السؤال ” ي‬
‫لك يتحقق ذلك الهدف ؟ ويجيب جون راولز ي‬ ‫بواسطة مفهوم كمفهوم العدالة؟ و كيف يجب أن تكون العدالة ي‬
‫ويعت بها عدالة‬
‫ي‬ ‫االجتماعية‬ ‫العدالة‬ ‫ه‬
‫ي‬ ‫اولز‬‫ر‬‫ل‬ ‫بالنسبة‬ ‫فالعدالة‬ ‫”‬ ‫جماع‬
‫ي‬ ‫كعمل‬ ‫المذكور يجب أن ال نتعامل مع العدالة كفضيلة أخالقية فردية بل‬
‫توزيعية سواء توزي ع الختات والفرص ر‬
‫والتوة والحرية وتوزي ع المناصب بي أفراد المجتمع العدالة لدى راولز تقوم عل مبدأين‪:‬‬
‫‪,‬مبدأ المساواة‪ :‬أي يكون الجميع سواسية يف الحقوق والواجبات‪.‬‬
‫مبدأ الفرق أو االختالف(الالمساواة االجتماعية واالقتصادية)‪ :‬عل سبيل المثال حاالت الالمساواة ف ر‬
‫التوة والسلطة‪ ،‬عادلة فقط إذا نتجت عنها‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫منافع تعويضية لكل شخص ‪ ،‬وخصوصا لألعضاء األقل انتفاعا يف المجتمع‪.‬‬
‫الت صاغها راولز جاءت كقيمة أخالقية وسياسية واجتماعية يف العرص الحديث وذلك لما تضمنته من مطالبة بالمساواة‬
‫وبذلك نتبي أن العدالة ي‬
‫واإلنصاف بي أفراد المجتمع‬

You might also like